محاضرات في الميتافيزيقا PDF

Document Details

AmpleBinomial

Uploaded by AmpleBinomial

جامعة عين شمس – كلية البنات

نادية محمد باشا

Tags

فلسفة ميتافيزيقا أرسطو فلسفة ما بعد الطبيعة

Summary

هذه المحاضرات في الميتافيزيقا، وهي دراسة حول الميتافيزيقا لدى أرسطو. تُقدم المحاضرات لمحة عامة عن أفكار أرسطو حول الميتافيزيقا، بالاعتماد على مصادر أكاديمية.

Full Transcript

‫كلية البنات‬ ‫قسم الدراسات الفلسفية‬ ‫محاضرات في امليتافيزيقا‬ ‫إعداد‬ ‫أ‪.‬م‪.‬د‪ /.‬نادية محمد باشا‬ ‫الفرقة الرابعة ‪ :‬فلسفة ‪ /‬إنتظام ‪/‬إنتساب‬ ‫أرسطو (‪ 322- 384‬ق‪.‬م)‬...

‫كلية البنات‬ ‫قسم الدراسات الفلسفية‬ ‫محاضرات في امليتافيزيقا‬ ‫إعداد‬ ‫أ‪.‬م‪.‬د‪ /.‬نادية محمد باشا‬ ‫الفرقة الرابعة ‪ :‬فلسفة ‪ /‬إنتظام ‪/‬إنتساب‬ ‫أرسطو (‪ 322- 384‬ق‪.‬م)‬ ‫الفلسفة االولي ‪ ،‬فلسفة مابعد الطبيعة ‪:‬‬ ‫لقد عالج أرسطو موضوعات امليتافيزيقا أو مابعد الطبيعة تحت إسم الفلسفة االولي أو العلم اإللهي‬ ‫فهو يعد املصدرغيراملباشر لكلمة امليتافيزيقا أو مابعد الطبيعة التي أطلقها أندرونيقوس الرودس ي ‪ -‬في‬ ‫ثنايا تصنيفه ملؤلفات أرسطو ‪ -‬علي مجموعة أبحاثه عن الوجود بوجه عام والتي جاء ترتيبها بعد‬ ‫املؤلفات التي تعالج الفيزيقا أو علم الطبيعة حيث أحتارأندرو نيقوس علي تسميتها فأطلق عليها مؤقتا‬ ‫" ميتا " أي بعد " و فيزيقا " أي علم الطبيعة ‪.‬أي أنها البحوث التي تلي كتب الطبيعة في ترتيب‬ ‫املؤلفات األرسطية ‪.‬فكلمة ميتافيزيقا هنا التحمل أي إشارة إلي مضمون هذه البحوث بل هي ما بعد‬ ‫طبيعة أرسطو فحسب ‪.‬وهكذا جاءت التسمية عرضا أو مصادفة ولكنها مع تطوراملصطلح أصبحت‬ ‫وصفا للموضوعات التي يدرسها هذا العلم أي العلم الذي يدرس موضوعات تتجاوزالظواهر‬ ‫املحسوسة فهي تعني دراسة الوجود بصفة عامة وملحقاته أي املقوالت التي تعبرعن خصائص‬ ‫أساسية لهذا الوجود كالجوهروالعرض والتغيروالزمان واملكان والعالقات ‪....‬الخ باإلضافة إلي‬ ‫الوجود اإللهي وصفاته والنفس والروح ‪.‬ولكننا نشهد بعد ذلك أن امليتافيزيقا أصبحت إسما لعلم ال‬ ‫كتابا باملعني الواسع الذي يدل علي مجموعة من االفكاراملنظمة واملنسقة التي تدورحول موضوع‬ ‫معين ‪.‬وكما كان أرسطو أيضا مصدرا لقائمة نسبية من املوضوعات امليتافيزيقية ‪-‬وبلغة فنية‬ ‫اصطالحية‪ -‬صيغت فيها هذه املوضوعات وملذهب ميتافيزيقي مازال له أتباع حتي يومنا الراهن ‪.1‬‬ ‫لم يطلق أرسطو إذن علي أي كتاب من كتبه امليتافيزيقا لكنها كانت من وضع تلميذه وناشرمؤلفاته ‪،‬‬ ‫فماذا كان يطلق أرسطو علي مادة البحث التي وردت في الفصول التي أطلق عليها فيما بعد كلمة‬ ‫امليتافيزيقا ؟‬ ‫_________________________________‬ ‫‪1) The Encyclopeadia of Philosophy, Vol. 5‬‬ ‫‪-1-‬‬ ‫كان ارسطو يستخدم ثالثة أسماء مختلفة ‪:‬‬ ‫‪-1‬فهو أحيانا كان يسميها العلم االول أو الفلسفة االولي‬ ‫‪ -2‬وهوأحيانا يسميها الحكمة‪.‬‬ ‫‪-3‬وأحيانا أخري يسميها بالالهوت أو االلهيات أو العلم الذي يشرح طبيعة هللا ‪..‬‬ ‫ولبيان هذه املعاني يقول أرسطو ‪:‬‬ ‫ ( أعلى العلوم النظرية «الحكمة» لالعتبارات عينها فهي علم يدرس الوجود بما هو وجود‬ ‫ومحموالته الجوهرية‪ ،‬بينا سائرالعلوم يقتطع كل منها ً‬ ‫جزءا من الوجود ويبحث في محموالت‬ ‫هذا الجزء فقط‪ ،‬وملا كنا نطلب املبادئ األولى وأعلى العلل‪ ،‬فهناك بالضرورة موجود ترجع‬ ‫إليه بالذات هذه العلل واملبادئ) ‪.1‬‬ ‫ إن الفحص عن جميع املوجودات بما هي موجودات يرجع لعلم واحد‪ ،‬وملا كان الجوهرهو‬ ‫النحو األول من أنحاء الوجود كان موضوع هذا العلم الفحص عن مبادئ الجوهروعلله‬ ‫ولواحقه الكلية‪2.‬‬ ‫ وإذا كانت الفلسفة حكمة فهذا العلم (امليتافيزيقا )أحق أقسامها باسم الحكمة؛ ألنه ينظرفي‬ ‫العلل األولى باإلطالق بينما األقسام األخرى تنظرفي العلل التي هي األولى في جنس ما‪ ،‬وهى‬ ‫الفلسفة األولى لنفس السبب‪ ،‬يشبه أن يكون ً‬ ‫جنسا لسائرالعلوم‪ ،‬والفلسفة الثانية هي‬ ‫العلم الطبيعي‪ ،‬وموضوعها الجواهراملختلفة‪،‬‬ ‫____________________________________________________________‬ ‫‪-1‬م ‪4‬ف‪(1‬املقالة الرابعة ف‪ 1‬ارسطو طاليس ‪:‬امليتافيزيقا "مابعد الطبيعة " ترجمة من اليونانية القديمة أ‪.‬د محي الدين محمد‬ ‫مطاوع تقديم أ‪.‬د‪.‬مصطفي النشار ‪:‬دارصفصافة للنشر‪.).2022‬‬ ‫‪-2‬م ‪4‬ف‪(2‬املقالة الرابعة ف‪ 2‬ارسطو طاليس ‪:‬امليتافيزيقا "مابعد الطبيعة)‪.‬‬ ‫‪-2-‬‬ ‫ وهى العلم اإللهي؛ ألنها تبحث في هللا املوجود األول والعلة األولى‪ ،‬وألن دراسة هللا عبارة عن‬ ‫دراسة املوجود من حيث هو كذلك؛ إذ إن الطبيعة الحقة للوجود إنما تتجلى فيما هو دائم ال‬ ‫فيما هو حادث‪1.‬‬ ‫ ويرجع للفلسفة األولى ً‬ ‫أيضا النظرفي املبادئ الكلية التي تعم جميع املوجودات‪ ،‬نعم إن‬ ‫الناس يستخدمونها ولكن بالقدرالذي يالئم موضوع … وال يعرض أحد من أصحاب العلوم‬ ‫الجزئية للخوض في صدقها أو كذبها بعين هذا الخوض على الفيلسوف الذي يدرس الكلي‬ ‫والجوهراألول‪ ،‬وأوكد هذه املبادئ يجب أن تتوفرفيه شروط‪ :‬يجب أن يكون بحيث يمتنع‬ ‫ً‬ ‫ثابتا في العقل» وأن يكون ًّ‬ ‫الخطأ فيه «وإال لم َ‬ ‫أوليا بذاته أي غيرصادرعن آخرأوليا‬ ‫يبق ش يء‬ ‫ً‬ ‫باالضافة إلينا أي حاصال لنا قبل كل اكتساب «وإال لم يكن مبدأ و افتقرهو و افتقرنا نحن‬ ‫إلى مبدإ سابق عليه»‪ ،‬هذا املبدأ هو‪« :‬يمتنع أن يحصل نفس املحمول وأن ال يحصل في نفس‬ ‫الوقت لنفس املوضوع ومن نفس الجهة»‪2‬‬ ‫‪ -1‬م ‪ 6‬ف‪( 1‬املقالة السادسة ف‪ 1‬ارسطو طاليس ‪:‬امليتافيزيقا "مابعد الطبيعة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬م ‪7‬ف‪( 3‬املقالة السابعة ف‪ 3‬ارسطو طاليس ‪:‬امليتافيزيقا "مابعد الطبيعة ‪-‬‬ ‫‪-3-‬‬ ‫ ميتافيزيقا أرسطو ‪:‬‬ ‫كتاب امليتافيزيقا ألرسطو يمثل قمة فلسفة مابعد الطبيعة عنده فمقالة "الالمدا أو الالم "من‬ ‫كتاب امليتافيزيقا * تمثل أوجهه كتاب امليتافيزيقا وقد أطلق ارسطو الثيولوجيا أو علم الالهوت‬ ‫علي هذا العلم الرفيع "امليتافيزيقا ‪".‬‬ ‫لقد رأ ى أرسطو ينبغي أن تقص ي زيروس و آثينا وكل االلهة املجسمة في مجمع األلهة املقدس‬ ‫اليوناني بوصفهم مجرد ابتداعات إسطورية إبتدعتها مخيلة اليونانيين ‪.‬وهذا يمثل الجانب‬ ‫النقدى السلبي في فلسفة أرسطو الالهوتية ‪ ،‬وهوجانب لم يقف أرسطو عنده كثيرا مثلما فعل‬ ‫أكسينوفان و أفالطون ‪،‬بل سيتجه أرسطو إلي بناء مذهبه الخاص املؤسس علي العلم وحده من‬ ‫خالل بحث أرسطو للحركة وهو بحث فيزيقي ‪ ،‬بحث في علم الطبيعة توصل إلي فكرته عن املحرك‬ ‫االول وهو بحث ميتافيزيقي‪.‬ففي هذا البحث الوارد في مقالة الالمدا سيتالش ي الحد الفاصل بين‬ ‫ماهو طبيعي أو فيزيقي ‪ ،‬وبين ماهو ورائي أو ميتافيزيقي ‪.‬‬ ‫__________________________________________________________________‬ ‫*وتجدراالشارة هنا إلي أن كتاب أرسطو عن امليتافيزيقا يتضمن أربعة عشر مقالة (‪* )14‬مسماة باألحرف اليونانية من ألفا إلي نو‬ ‫ولهذا أطلق العرب علي هذا الكتاب اسم" كتاب الحروف " أما االسم االصلي الذي كان يطلقه أرسطو نفسه علي الكتاب هو‬ ‫"الفلسفة االولي"‬ ‫املقالة االولي "مقالة األلفا الكبري " تعرف الحكمة بأنها علم العلل األولى وتعرض مذاهب الفالسفة في هذه العلل‪ ،‬ثم‬ ‫تنقدها على مثل ما هو وارد في السماع الطبيعي بإضافة كالم في نظرية المثل األفالطونية‪.‬‬ ‫املقالة الثانية (ألفا الصغرى) موجزة ويشك في صحة نسبتها للكتاب بل وإلى أرسطو نفسه‪.‬وفيه يكررنفس ما جاء في املقالة األولى من‬ ‫أن الفلسفة هي البحث عن العلل النهائية‪.‬‬ ‫املقالة الثالثة (بيتا) يتناول فيها ‪ 14‬مسألة ميتافيزيقية ويبين الحجج املؤيدة واملعارضة‪.‬منها مثال (‪ )2‬هل مبادئ البرهان موضوع علم‬ ‫واحد أم عدة علوم؟ و (‪ )5‬هل علم ما بعد الطبيعة ال يشمل غيرالجواهر‪ ،‬أو يشمل أيضا األعراض الخاصة بالجواهر؟ و (‪ )14‬هل‬ ‫األعداد واألجسام والسطوح والنقط جواهر أم ال؟‬ ‫‪.‬‬ ‫‪-4-‬‬ ‫ الحركةعند أرسطو ‪:‬‬ ‫ مفهوم الحركة ‪:‬‬ ‫الحركة لها معاني أوسع مما تدل عليه الكلمة عادة فأرسطو يضم تحت مفهوم الحركة كل العمليات‬ ‫التي بها تصبح األشياء علي ماهي عليه أو تفني وينتهي ماكانت عليه ‪.‬وهكذا فإن أرسطو يميز من أنواع‬ ‫الحركة اربعة أنواع ‪1.‬‬ ‫_________________________________________________________________________________‬ ‫= املقالة الرابعة (الجما) موضوع علم ما بعد الطبيعة هو البحث في املوجود بما هو موجود‪ ،‬أي من حيث وجوده فقط‪ ،‬كما يبحث في‬ ‫البديهيات وفي مبدأ التناقض‬ ‫وموضوع الرسالة تقرير وجود محرك أزلي أبدي غيرمتحرك للكون وطبيعة هذا الحراك‪.‬‬ ‫املقالة الخامسة ‪( :‬الدلتا) هذه مقالة عبارة عن قاموس فلسفي‪.‬ويميل الباحثون إلى القول بأن املقالة أدمجت في الكتاب فيما بعد‪،‬‬ ‫خصوصا أن ديوجانس الالئرس ي يذكر من بين تصانيف أرسطو رسالة بعنوان‪« :‬في األمورالتي تقال بعدة ٍ‬ ‫معان»‪.‬املقالة السادسة‬ ‫(االبسلون) يتناول الشك األول الذي وضعه في مقالة البيتا‪.‬كما يناقش املعاني املختلفة للوجود ويبين معنى الحق والباطل‪.‬‬ ‫املقالة السابعة (الزيتا) يأخذ في دراسة املوضوع األهم في امليتافيزيقا وهو مشكلة الجوهر‪.‬‬ ‫املقالة الثامنة (اإليتا) تبحث في الجوهر من ناحية الصورة والهيولى‪ ،‬وتحلل طبيعة هاتين‪.‬‬ ‫= املقالة التاسعة (الثيتا) تبحث عن الجوهرمنظورا إليه في وجوده وتغيره حسب مبدأي الفعل والقوة‪.‬‬ ‫املقالة العاشرة (االيوتا) وفيه يختم البحث عن مبادئ الجوهر‪.‬‬ ‫املقالة الحادية عشر (الكبا) تنقسم إلى قسمين متباينين‪ :‬األول تكرارملا سبق في املقاالت الثالثة والرابعة والسادسة‪ ،‬والقسم الثاني‬ ‫مقتبس من كتاب «السماع الطبيعي»‪ ،‬وهذه املقتبسات قد تكون من أعمال أحد تالميذ أرسطو‬ ‫= املقالة الثانية عشر (الالمدا) واملعروفة بـ «مقالة الالم» تحتل املركز الريئس ي في الكتاب‪ ،‬ويرى باحثون وعلى رأسهم بونتس ورص وبيجر‬ ‫أن هذه املقالة تؤلف رسالة مستقلة عن باقي الكتاب‪.‬وقد اشتهرت مقالة الالم عند الفالسفة املسلمين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫= املقالتان الثالثة عشرة والرابعة عشرة ‪( :‬املو والنو) تنتقدان بالتفصيل املذاهب التي تضع مبدأ الحقيقة خارجا عنها‪ ،‬أي التي تقول‬ ‫ًّ‬ ‫بالصور(املثل األفالطونية) أو األعداد (الفيثاغوريون) وهما يؤلفان كال واحدا في نقد نظرية الصورونظرية األعداد‪1.‬‬ ‫‪--1‬انظر ‪:‬ارسطو طاليس ‪:‬امليتافيزيقا "مابعد الطبيعة " ترجمة من اليونانية القديمة أ‪.‬د محي الدين محمد مطاوع تقديم أ‪.‬د‪.‬مصطفي‬ ‫النشار‪:‬دارصفصافة للنشر‪.2022‬‬ ‫‪ ) 1‬أحمد فؤاد األهوانى ‪ ،‬فى عالم الفلسفة‪ ،‬مؤسسة هنداوى‪ ،‬القاهرة ‪ ، 2023 ،‬ص‪. 48 :‬‬ ‫‪-5-‬‬ ‫‪ -1‬حركة الكون والفساد‪ :‬الكون انتقال من الالوجود الى الوجود‪.‬أي ظهور ش ئ جزئي إلى الوجود‬ ‫وضده الفساد وهو انتقال من الوجود الى الالوجود أي نهاية وجود ش ئ ‪.‬فالكون والفساد أي‬ ‫الوجود والعدم ‪.‬‬ ‫‪ -2‬حركةاالستحالة ‪ :‬حدوث تحول في كيفية الش ئ كتحول الشيئ من كيفية اللون األبيض إلي‬ ‫كيفية اللون الرمادي مثال ‪.‬‬ ‫‪ -3‬حركة النمو والنقصان ‪:‬وهي حدوث تغير في كم الش ئ ‪ (.‬كأن يكبر الصغير أو يصغر الش ئ الذى‬ ‫كان كبيرا ‪.‬‬ ‫‪ -4‬حركة النقلة وهي حركة توضح االنتقال من مكان إلي مكان آخر‪1.‬‬ ‫ القوة والفعل ‪:‬‬ ‫القوة والفعل مفهومان ميتافيزيقيان يحاول أرسطو من خاللهما أن ينفذ إلي ماهية الصيرورة أو‬ ‫الحركة ‪.‬فإذا وضعنا في إعتبارنا وقررنا أن الفعل هو مبدأ الكمال الذي يصبح ماهو بالقوة من‬ ‫جراءه شيئا ما بالفعل إن كيفيا حركة االستحالة وإن كميا حركة الزيادة والنقصان أم جوهرا حركة‬ ‫الكون والفساد ‪،‬كان البحث عن طبيعة الفعل او املحرك الذي يخرج ماهو بالقوة من القوة إلي‬ ‫الفعل من أهم بنود العلم اإللهي االرسطي في اإلله من حيث هو الوجود الخالد الذي اليتغيرولكنه‬ ‫مع ذلك منبع كل تغيروحركة في الكون ‪.‬‬ ‫يؤكد أرسطو علي أن كل حركة تتطلب محركا لها وهذا املحرك ينبغي له أن يكون بالفعل واليكون‬ ‫بالقوة من حيث هو فاعل وإال استحال عليه الحركة ‪.‬وملا كانت املوجودات عند ارسطو تنقسم الي‬ ‫قسمين ‪ :‬قسم بالفعل وهي املوجودات االزلية والضرورية وعلي رأسها اإلله ‪.‬وقسم بالقوة حينا‬ ‫وبالفعل حينا آخر وهي املوجودات الحادثة أو الجائزة حق لنا أن نتساءل ‪ :‬من أين يستمد املحرك‬ ‫الجائز أو الحادث قدرته علي الحركة ما دامت حركته التنبثق عن ذاته ؟ فالبد وأن يستمدها من‬ ‫فاعل آخر او محرك آخر وهذا املحرك إما أن يستمد حركته من محرك آخر فيكون محركا يتحرك‬ ‫وإما أن يستمدها من محرك آخر اليتحرك ‪.‬وعند أرسطو أن سلسلة املحركات يجب أن تنتهي آخر‬ ‫االمر عند محركيين أوليين ‪:‬املحرك االول الذي يتحرك وهو السماء االولي أو الفلك املحيط الذي‬ ‫يحيط بالعام ‪.‬ثم املحرك االول الذي اليتحرك وهو اإلله ‪.‬‬ ‫________________________________________‬ ‫‪ ) 1‬سليمان الضاهر‪ ،‬إشكالية الفيزيقا وامليتافيزيقا عند أرسطو‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬املجلد ‪ ،33‬العدد الثانى‪ ،2017. ،‬ص‪173 :‬‬ ‫‪-6-‬‬ ‫ اإلستدالل علي وجود اإلله من ظاهرتي الزمان والحركة عند أرسطو ‪:‬‬ ‫ أزلية الزمان والحركة ‪:‬‬ ‫متحرك بالفعل أو‬ ‫ِّ‬ ‫ويذهب أرسطو إلى أن حركة العالم أزلية‪ ،‬وليس لها أول وال آخر‪ ،‬وكل جسم فهو‬ ‫بالقوة‪.‬‬ ‫وكل حركة فيه في زمان‪ ،‬فال حركة بغيرزمان‪ ،‬والزمان مقياس الحركة‪.‬‬ ‫فإذا كانت الحركة أزلية‪ ،‬فإنها ناشئة عن ارتباطها بالزمان‪ ،‬والزمان أزلي‪.‬‬ ‫ُ ْ‬ ‫فإن قلت‪ :‬وما الدليل على أزلية الزمان؟ أجاب أرسطو‪ :‬خذ أي ُمدة أو لحظة‪ ،‬تجد أنها وسط بين‬ ‫ُ‬ ‫املاض ي واملستقبل؛ فالزمان آنات متصلة‪ ،‬ولو وقفنا عند أي ُمدة‪ ،‬فهذه املدة جزء من الزمن‬ ‫املتصل من املاض ي إلى املستقبل‪.‬وإذن فال أول للزمان؛ ألن أول الزمان حاضرله ٍ‬ ‫ماض ويتبعه‬ ‫مستقبل‪ ،‬فالزمان ٌّ‬ ‫أزلي ال أول له وال آخر‪1.‬‬ ‫أزليا‪ ،‬فالحركة إذن أزلية بالضرورة‪.‬‬‫وملَّا كان الزمان عدد الحركة أو مقدارها‪ ،‬وكان الزمان ًّ‬ ‫َ‬ ‫ومن هذا الوجه َّ‬ ‫يتبين أنه من التناقض قبول فكرة الحركة على أنها ذات بداية وذات نهاية؛ إذ‬ ‫ُ‬ ‫يقتض ي ذلك القول بوجود «قبل» على مبدأ الحركة‪ ،‬و«بعد» على نهاية الحركة‪ ،‬وهذا خلف‬ ‫يتضمنان فكرة‬‫َّ‬ ‫وتناقض؛ ألن «القبل»‪ ،‬وهو الحالة السابقة‪ ،‬و«البعد» وهو الحالة الالحقة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫سلم‬ ‫الحركة‪.‬نبغي إذن أن ن ِّ‬ ‫ً َّ‬ ‫— كما يقول أرسطو — بأزلية الحركة‪.‬وال يمكن أن تكون أزلية إال إذا كانت دائرية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وهذه الحركة األزلية الدائرية هي الحركة األولى املتصلة للعالم‪ ،‬وجميع الحركات األخرى ُمترتبة‬ ‫ومتعلقة بها‪.‬الحركة الدائرية فقط هي الحركة املتصلة؛ ألنها تنتهي من حيث بدأت‪.‬وكذلك‬ ‫ِّ‬ ‫عليها‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫الحركة األزلية املتصلة إلى ما ال نهاية دون انقطاع‪ ،‬ليست إال للحركة الدائرية‪.‬‬ ‫هذه الحركة الدائرية األزلية هي على التحقيق هي حركة «السماء األولى»‪َّ.‬أما إنها دائرية فال تحتاج‬ ‫إلى برهان؛ ألنها واضحة لنا باملشاهدة املحسوسة‪ ،‬وما دامت دائرية‪ ،‬فهي أزلية‪.‬‬ ‫_____________________________________________‬ ‫‪-‬ما بعد الطبيعة م‪ ١٢‬ف‪ ٨‬ص‪ ١٠٧٤‬ع ا س‪ ٣١‬إلى نهاية الصفحة‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫كذلك انظر ‪ :‬د‪.‬صطفى النشار‪ ،‬فلسفة أرسطو واملدارس املتأخرة ‪ ،‬دارالثقافة العربية ‪ ،‬القاهرة‪ ،2006 ،‬ص‪. 206 :‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-7-‬‬ ‫فما علة حركة «السماء األولى»‪ ،‬وما علة أزليتها؟‬ ‫محرك؛ لذهبنا مع سلسلة املحركات إلى ما ال نهاية‪.‬فال بد أن نضع‬ ‫املتحرك ال بد له من ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫لو قلنا إن‬ ‫َّ َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫حدا يكون أصال‪ ،‬أو مبدأ للحركة‪ ،‬وهذا الحد ال يتوقف إال على ذاته‪ ،‬فهو علة حركة ذاته‪.‬غيرأن‬ ‫َ ْ‬ ‫وجزءا محر ًكا ال َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جزأين؛ ً‬‫َ‬ ‫املحرك الذي َّ‬ ‫يتحرك‪.‬إذن‬ ‫ِّ‬ ‫ا‪،‬‬‫ك‬ ‫متحر‬ ‫ِّ‬ ‫ا‬ ‫جزء‬ ‫يتحرك بذاته يقتض ي بالضرورة‬ ‫ِّ‬ ‫يتحرك هو أصل الحركة في الكون ويكون علة جميع العلل‬ ‫فالعلة األولى للحركة األزلية محرك ال َّ‬ ‫ِّ‬ ‫وهو اإلله األرسطي ‪.‬‬ ‫ويجدراالشارة إلي ان كلمة األول التفهم هنا بطريقة زمنية أي االول في الزمان ‪-‬مادامت الحركة‬ ‫بالضرورة أزلية ‪ -‬لكن تعني األعلي أو األقص ي ‪.‬‬ ‫ والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يحرك املحرك االول العالم وهونفسه غيرمتحرك ؟‬ ‫يقول أرسطو "هذا املحرك يحرك علي هذا الوجه أي كما يحرك املعشوق واملعقول دون أن يتحرك‬ ‫وتحريكه أنه معشوق ومعقول فاالشياء املحركة علي هذه الجهة تحرك من غيرأن تتحرك ‪1".‬‬ ‫ إله أفالطون وإله أرسطو ‪:‬‬ ‫إله أفالطون مصمم نماذج ومثل العالم أما إله أرسطو فهو محرك أفعال العالم ‪.‬‬ ‫إله أفالطون متحرك أما إله أرسطو فهو غيرمتحرك‪.‬إله أرسطو يحرك العالم كما يحرك املعشوق من‬ ‫يعشقه وهي الفكرة الجديدة التي أضافها أرسطو علي إله أكسينوفان الذي اليتحرك ‪.‬لنفترض كمثال‬ ‫يوضح مقصود أرسطو باملحرك االول الذي اليتحرك ‪:‬‬ ‫لنفترض أن سيدة جميلة تجلس في غرفة االستقبال وقد استغرقت إستغر اقا كامال في أفكارها فال‬ ‫تلتفت إلي أحد والتنظرإلي أحد في حين يوجه الجميع أنظارهم إليها فإن جمال السيدة في الحجرة قد‬ ‫لفت االنظار ودفع القلوب لتخفق والعقول لتفكر ‪....‬هذه طبقا لرأي أرسطو هي طبيعة اإلله فمن‬ ‫غيرأن يتحرك هو بشخصه فإن حبنا له وشوقنا إليه يدفعنا جميعا من الداخل إلي الحركة فالعالم‬ ‫يتحرك شوقا إلي اإلله و إندفاعا نحوه حبا له اإلله ‪.‬هو العقل الذي يفكرفي نفسه ويحرك العالم كما‬ ‫يحرك املعشوق العالم ‪.‬‬ ‫______________________________‬ ‫‪-1‬ما بعد الطبيعة م‪ ١٢‬ف‪ ٧‬ص‪ ١٠٧٢‬ع ب س‪٣–١٥‬‬ ‫‪-8-‬‬ ‫وعندما نعود إلي املحرك األول لنتعرف علي ماهيته نجد عند أرسطو ثالث قضايا هي‪ :‬أن املحرك‬ ‫كغاية‪ ،‬و أنه معقول ومعشوق‪.‬فلننظرفي كل منها‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ًّ‬ ‫جسميا‪ ،‬و أنه يحرك‬ ‫األول ليس‬ ‫ً‬ ‫متناهيا‬ ‫ً‬ ‫جسما فال يخلو أن يكون إما ال‬ ‫ًّ‬ ‫جسميا؛ ألنه إن كان‬ ‫القضية األولى ‪:‬ليس املحرك األول‬ ‫ً‬ ‫متناهيا (‪–٥٧‬ب) وال يمكن أن يكون املحرك األول‬ ‫ً‬ ‫متناهيا‪ ،‬وال يمكن أن يكون جسما ال‬ ‫وإما‬ ‫ً‬ ‫متناهيا؛ ألنه يمتنع أن قوة متناهية تحرك حركة ال متناهية منذ األزل وإلى األبد‪ 1،‬ونحن‬ ‫ً‬ ‫جسما‬ ‫ً‬ ‫نفضل على هذا الدليل دليال أعمق يذكره في موضع آخرهو أن املادة قوة ونحن نطلب جواهر‬ ‫ً‬ ‫دائمة ال تكون بالقوة بل تكون فعال ليس غير؛ فهي إذن مفارقة للمادة‪2.‬‬ ‫القضية الثانية« ‪:‬املحرك األول يحرك دون أن يتحرك‪ ،‬وهذا شأن املعشوق واملعقول» أي شأن‬ ‫ًّ‬ ‫طبيعيا (‪–٥٧‬أ)‪ ،‬واملحرك اإلرادي ينفعل بالغاية وهي ال‬ ‫العلة الغائية؛ ألن املحرك الطبيعي ينفعل‬ ‫تنفعل به‪« ،‬هو الخيربالذات فهو مبدأ الحركة‪ ،‬هو املبدأ املتعلقة به السماء والطبيعة»‪3،‬‬ ‫ً‬ ‫موجودا غيرمادي يبعث حركة‬ ‫وبهذا القول يتفادى أرسطو صعوبة عاتية هي‪ :‬كيف يمكن أن‬ ‫مادية والتحريك عنده بالجذب أو بالدفع؟ وقد كان عرض لهذه املسألة غيرمرة فارتأى مرة أن هللا‬ ‫عند محيط العالم ‪.‬‬ ‫القضية الثالثة ‪:‬إن هللا يحرك كمعقول ومعشوق‪ ،‬هو معقول؛ ألنه فعل محض وفعله التعقل‬ ‫فهو التعقل القائم بذاته‪ ،‬والتعقل بالذات تعقل األحسن بالذات أي الخيراألعظم‪ ،‬والتعقل فيه‬ ‫قصارا‪ ،‬أما هو فيحياها ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫دائما‬ ‫عين املعقول‪ ،‬فحياته تحقق أعلى كمال ونحن ال نحياها إال أوقاتا‬ ‫ً‬ ‫أبدا وعلى نحو أعظم بكثيرمما يتفق لنا‪4،‬‬ ‫________________________________________________________‬ ‫‪- 1‬ما بعد الطبيعة م‪ ١٢‬ف‪ ٨‬ص‪ ١٠٧٤‬ع ا س‪ ٣١‬إلى نهاية الصفحة‪.‬‬ ‫‪-2‬ما بعد الطبيعة م‪ ١٢‬ف‪ ٧‬ص‪ ١٠٧٣‬ع ا س‪ ،١٢–٥‬والسماع الطبيعي م‪ ٨‬ف‪ ١٠‬ص‪ ٢٦٧‬ع ب س‪ ١٩‬إلى نهاية الفصل‪.‬‬ ‫‪-3‬ما بعد الطبيعة م‪ ١٢‬ف‪ ٦‬ص‪ ١٠٧١‬ع ب س‪.٢٢–٢٠‬‬ ‫‪ -4‬ا لسماع الطبيعي م‪ ٣‬ف‪ ٢‬ص‪ ٢٠٢‬ع ا س‪ ٧‬وم ‪ ٨‬ف‪ ١٠‬ص‪ ٢٦٦‬ع ب س‪.٢٨‬‬ ‫‪-9-‬‬ ‫ومعقوله ذاته ال ش يء آخر فإنه فعل محض ال يتأثرعن غيره‪ ،‬فإذا عقل غيره فقد عقل أقل من‬ ‫ذاته و انحطت قيمة فعله‪ ،‬فإن من األشياء ما عدم رؤيته خيرمن رؤيته … فالعاقل فيه واملعقول‬ ‫والعقل واحد‪1،‬‬ ‫خالصة القول ‪:‬فيما يتعلق بصفات املحرك االول ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫من صفاته أنه ال يعقل موجودات العالم ألنها احط شأنا منه ويجب أن يعقل ذاته النها أكمل‬ ‫ً‬ ‫الذوات‪،‬ال يعرف شيئا عن العالم سوى أنه أعطاه الدفعة االولى‪ ،‬فهو ليس علة فاعلة للعالم ألنه‬ ‫ال يشمله بعنايته وال ينظم وال يدبرشئوونه لكونه أخس وأدنى مرتبة من ذاته املفارقة‪ ،‬واالنسجام‬ ‫ً ً‬ ‫والتنظيم املوجود فى الطبيعة مصدره الطبيعة وحدها التى ال تفعل شيئا عبثا (‪.)2‬‬ ‫تبحث الفلسفة االولي في الوجود بما هو موجود أي أنها تبحث في الوجود من ناحية املبادئ األولية‬ ‫ ‬ ‫والكلية التي تعم املوجودات والتي تجعل املوجود موجودا وبالتالي قد بدأ أرسطو ‪-‬إذن ‪-‬دراسته‬ ‫للفلسفة االولي من املوجودات ومن العلل أي أنها بدأت باملتناهي وليس بدراسة الالمتناهي الذي‬ ‫تهتم به امليتافيزيقا فحتي حديثه عن االهتمام بالبحث في العلة االولي أو هللا ليس بحثا ميتافيزيقيا‬ ‫علي أساس أن هللا في الفلسفة االرسطية ليس خالقا للكون واليمثل علة فاعلة له بل علة ذاتية له‬ ‫فحسب بمعني أن املوجودات كلها تتجه إليه في حركتها ألنها عاشقة له وهو معشوقها الكبير وعن‬ ‫طريق العشق املوجه تصبح املوجودات كلها منجزبة نحو هللا‬ ‫‪-1‬الكون والفساد م‪ ١‬ف‪ ٦‬ص‪ ٣٢٣‬ع ا س‪ ٣٣–٣١‬وف‪ ٧‬ص‪ ١٠٢٤‬ع ب س‪.١٣‬‬ ‫‪-2‬أحمد فؤاد االهواني ‪:‬في عالم الفلسفة ص ‪48‬‬ ‫‪- 10 -‬‬ \ - 11 - - 12 -

Use Quizgecko on...
Browser
Browser