التداوي بالصدقة وفعل المعروف PDF

Summary

هذه رسالة تتحدث عن التداوي بالصدقة وفعل المعروف، وتُوضّح أهمية الصدقة في دفع البلاء والأمراض، وتقدم أمثلة من أقوال العلماء والفقهاء السابقين.

Full Transcript

‫تصنيف‬ ‫عبد الرحمن بن نايف بن مطر األسلمي الشمري‬ ‫سلّمه اهلل‬ ‫مدينة حائل‬ ‫‪ 25‬حمرم ‪1445‬هـ‬ ‫‪j‬‬ ‫قال احلافظ ابن القيم ﵫ ‪ُّ ( :‬‬ ‫وكل طبيب ال‬ ‫يداوي العليل ‪ ،‬بتفقد قلبه وصالحه ‪ ،‬وتقوية روحه‬ ‫وقواه ‪ ،‬بالصدق...

‫تصنيف‬ ‫عبد الرحمن بن نايف بن مطر األسلمي الشمري‬ ‫سلّمه اهلل‬ ‫مدينة حائل‬ ‫‪ 25‬حمرم ‪1445‬هـ‬ ‫‪j‬‬ ‫قال احلافظ ابن القيم ﵫ ‪ُّ ( :‬‬ ‫وكل طبيب ال‬ ‫يداوي العليل ‪ ،‬بتفقد قلبه وصالحه ‪ ،‬وتقوية روحه‬ ‫وقواه ‪ ،‬بالصدقة وفعل اخلري واإلحسان ‪ ،‬واإلقبال عىل‬ ‫ـتـطـبـب قارص ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اهلل والدار اآلخرة ‪ ،‬فليس بطبيب ‪ ،‬بل ُم‬ ‫ومن أعظم عالجات املرض ‪ُ :‬‬ ‫فعل اخلري واإلحسان ‪.‬‬ ‫وهلذه األمور تأثري يف دفع ِ‬ ‫العلل ‪ ،‬وحصول الشفاء ‪،‬‬ ‫أعظم ِمن األدوية الطبيعية ‪ ،‬ولكن بحسب استعداد النفس‬ ‫وقبوهلا وعقيدهتا يف ذلك ونفعه )‪[.‬زاد املعاد ص ‪] 643‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫‪J‬‬ ‫احلمد هلل وبعد ‪ :‬فإن التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫بني اخللق من أنفع أنواع الدواء وأعظم ما ُيبعد عنك الداء ‪،‬‬ ‫تقر به أعني كل حمب بإذن اهلل ‪،‬‬ ‫ويف هذه الرسالة اللطيفة ما ّ‬ ‫فلنبدأ عىل بركة اهلل ‪.‬‬ ‫العالج بالصدقة‬ ‫يف قوله مالسلاو ةالصلا هيلع ‪ ( :‬داووا مرضاكم بالصدقة ) ‪،‬‬ ‫جــد ًا وليس حمصور ًا بالـامل فافهم ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وباب الصدقة واسع‬ ‫وأفضل أبـواب الصدقة « فيام أرى» يف زماننا هــذا هي ‪:‬‬ ‫العلم الرشعي الصحيح بني الناس ‪ ،‬لغلبة اجلهل‬‫بث ِ‬‫صدقـة ّ‬ ‫وانـتـشاره ‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫إن من‬ ‫قال اإلمام احلسن البرصي التابعي ﵫ ‪َّ ( :‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫تسمع بالفقه ف ُتحدِّ ث به )‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الصدقة أن‬ ‫وقال احلافظ ابن رجب ﵫ ‪ ( :‬أفضل الصدقة ‪:‬‬ ‫تعليم جاهل أو إيقاظ غافل ) ‪.‬‬ ‫وقال اإلمام ابن تيمية ﵫ ‪ ( :‬قال احلسن البرصي‬ ‫ﵫ يف قوله تعاىل ‪ :‬ﱹﭢ ﭣ ﭤ ﱸ [البقرة‪ ، ]3 :‬قــال ‪:‬‬ ‫إن من أعظم النفقة نفقة ِ‬ ‫العلم أو نحو هذا الكالم ‪ ،‬ويف أثـر‬ ‫آخـر قال ‪ :‬نعمت العطية ونعمت اهلدية الكلمة من اخلري‬ ‫يسمعها الرجل ُفيهدهيا إىل أخ له ُمسلم ‪ ،‬ويف أثـر آخـر عن‬ ‫أيب الدرداء ﵠ ‪ ،‬قال ‪ :‬ما تصدق عبد بصدقة أفضل‬ ‫من موعظة يعظ هبا إخوان ًا له مؤمنني فيتفرقون وقد نفعهم‬ ‫اهلل هبا أو ما يشبه هذا الكالم ‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫((( جزء اإلمام الرت ُقـفي برقم (‪ )34‬وسنده صحيح‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وعن كعب بن عجرة ﵠ قال ‪ :‬أال أهدي لك هدية‬ ‫فذكر الصالة عىل النبي ﷺ ‪ ،‬وروى ابن ماجه يف ُسننه عن‬ ‫أيب هريرة ﵠ ‪ ،‬عن النبي ﷺ قال ‪ :‬أفضل الصدقة‬ ‫أن يتعلم الرجل ِعل ًام ثم يع ّلمه أخاه ا ُملسلم ‪ ،‬وقال معاذ بن‬ ‫جبل ﵠ ‪ :‬عليكم ِ‬ ‫بالعلم فإن طلبه عبادة ‪ ،‬وتع ّلمه هلل‬ ‫حسنة ‪ ،‬وبـذله ألهله قربة ‪ ،‬وتعليمه ملن ال يعلمه صدقـة ‪،‬‬ ‫والبحث عنه جهاد ‪ ،‬ومذاكرتـه تسبيح ) ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬وجـاء يف األثـر ‪( :‬ما تصدق الناس بصدقة أفضل‬ ‫ُ‬ ‫من ِعلم ُيـنـشـر )‪.‬‬ ‫وقال التابعي مكحول الشامي ﵫ ‪ ( :‬ما تصدق‬ ‫رجل بصدقة أفضل من ِعلم ُيـفـشـيـه ) ‪.‬‬ ‫وقال العالمة الصنعاين ﵫ ‪ ( :‬وجه احلكمة من قوله ‪:‬‬ ‫‪7‬‬ ‫« داووا مرضاكم بالصدقة « أهنا تدفع عن الفقري أمل احلاجة‬ ‫املتصدق بدفع أمل املرض ) ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والفـقـر ‪ُ ،‬فيجازي‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫قلت ‪ :‬وقاعدة الرشيعة مجعاء عىل أن اجلزاء من جنس‬ ‫ُ‬ ‫العمل يف كل ٍ‬ ‫يشء ‪ ،‬وهذا من رمحة اهلل سبحانه باخللق ‪.‬‬ ‫قال فضالة بن زيد العدواين التابعي ﵫ ‪ ( :‬وال َدفع‬ ‫البالء واملصائب مثل إفادة الـامل )‪.‬‬ ‫وقال الفقيه إبراهيم النخعي التابعي ﵫ ‪ ( :‬كا ُنوا‬ ‫ٍ‬ ‫بيشء َد َف َع َعن ُه )‪.‬‬ ‫الر ُجل املظ ُلوم إذا َّ‬ ‫تصدق‬ ‫أن َّ‬ ‫يرون َّ‬ ‫قصص تأرخيية‬ ‫الس َلفي ﵫ ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫السفر للحافظ ِّ‬‫ويف ُمعجم َّ‬ ‫( سمعت أبا احلسن عيل بن أيب بكر أمحد بن عيل الكاتب‬ ‫املـينـزي ‪ -‬ومـيـنـز من قرى َنـسا وهي من ُمدن خراسان‬ ‫وإليها ينسب اإلمام النسائي رمحه الباري ‪ -‬بدمشق يقول‬ ‫سمعت أبا بكر اخلبازي بنيسابور يقول ‪ :‬مرضت مرض ًا‬ ‫خطر ًا فـرآين جار يل صالح فقال ‪ :‬استعمل قول رسول اهلل ‪:‬‬ ‫‪8‬‬ ‫داووا مرضاكم بالصدقة ‪ ،‬وكان الوقت ضيق ًا فاشرتيت‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫بطيخ ًا كثري ًا ‪ ،‬واجتمع مجاعة من الفقراء والصبـيان فأكلوا‬ ‫ورفعوا أيدهيم إىل اهلل لجو زع ودعوا يل بالشفاء ‪ ،‬فو اهلل ما‬ ‫أصبحت ّإاّل وأنا يف كل عافية من اهلل ىلاعتو كرابت ) ‪.‬‬ ‫ونقل البيهقي ﵫ يف ُ‬ ‫الش َعب ‪ ( :‬عن عيل بن احلسن‬ ‫ابن شقيق قال ‪ :‬سمعت ابن املبارك ﵫ وسأله رجل ‪:‬‬ ‫يا أبا عبد الرمحن ‪ :‬قرحة خرجت يف ركبتي منذ سبع سنني ‪،‬‬ ‫وقد عاجلت بأنواع العالج ‪ ،‬وسألت األطباء فلم أنـتـفـع به ‪.‬‬ ‫فقال ابن املبارك ﵫ ‪ :‬اذهب فانظر موضع ًا حيتاج‬ ‫الناس إىل املاء فاحفر هناك بئر ًا ‪ ،‬فإين أرجو أن تـنـبـع هناك‬ ‫عني ‪ ،‬ويمسك عنك الدم ‪ ،‬فـفعل الرجل فربأ )‪.‬‬ ‫ثم قال احلافظ البيهقي ﵫ ‪ ( :‬ويف هذا املعنى حكاية‬ ‫قرحة شيخنا احلاكم أيب عبد اهلل ﵫ ‪ -‬وهو صاحب‬ ‫ا ُملستدرك‪ : -‬فإنه قرح وجهه وعاجله بأنواع املعاجلة فلم‬ ‫‪9‬‬ ‫يذهب وبقي فيه قريـب ًا من سنة ‪ ،‬فسأل األستاذ اإلمام‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫أبو عثامن الصابوين ﵫ أن يدعو له يف جملسه يوم اجلمعة ‪،‬‬ ‫فدعا له وأكثر الناس التأمني ‪ ،‬فلام كان من اجلمعة األخرى‬ ‫أل َقت امرأة رقعة يف املجلس ‪ ،‬بأهنا عادت إىل بـيـتـها‬ ‫واجتهدت يف الدعاء للحاكم أيب عبد اهلل تلك الليلة ‪ ،‬فرأت‬ ‫يف منامها رسول اهلل ﷺ كأنه يقول هلا ‪ :‬قولوا أليب عبد اهلل‬ ‫يوسع املاء عىل املسلمني ‪ ،‬فجيئت بالرقعة إىل احلاكم أيب‬ ‫ّ‬ ‫عبد اهلل ‪ :‬فـأمر بسقاية املاء فيها وطرح احلمد يف املاء وأخذ‬ ‫الناس يف املاء ‪.‬‬ ‫فام مرت عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء ‪ ،‬وزالت تلك‬ ‫القروح وعاد وجهه إىل ما كان ‪ ،‬وعاش بعد ذلك سنني ) ‪.‬‬ ‫السـكري ( ت ‪167‬هــ ) ﵫ ‪:‬‬ ‫وكان احلافظ أبو محزة ُّ‬ ‫( إذا مرض الرجل من جريانه تصدق بمثل نفقة املريض بام‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ُرُصف عنه من ِ‬ ‫العلة )‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫((( وهذا من عزيز ِ‬ ‫الفقه وعظيم الفهم ومن شكر اهلل عىل مجيل سرته‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وقال كعب األحبار التابعي الكبري ﵫ ‪ ( :‬سبحان اهلل ‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ختفيف من العذاب )‪.‬‬ ‫تصحيح لتصحيف مشهور‬ ‫وأمـا مـا ُيـروى عن اإلمام الشافعي ﵫ أنـه قال ‪:‬‬ ‫لوباء ِمن ال َّتسبـيح ) ‪ ،‬فهذا ال يصح عـنـ ُه ‪،‬‬ ‫( َمَل أر أنـفـع لِ َ‬ ‫وقد حصل بالعبارة تصحيف وحتريف ‪ ،‬وصواهبا ‪:‬‬ ‫ـدهـن ِ‬ ‫بـه‬ ‫لوباء ِم َن الب َنفسج ‪ُ ،‬ي َ‬ ‫ـع لِ ِ‬ ‫( َمَل َأر شيئ ًا أنـ َف َ‬ ‫ـشـرب ) ‪ ،‬كام يف خامتة كتاب ‪ :‬آداب الشافعي ومناقبه‬ ‫و ُي َ‬ ‫للحافظ الكبري ابن أيب حاتم الرازي ﵫ ‪ ،‬والبنفسج‬ ‫نوع من النبات طيب الرائحة ‪.‬‬ ‫العالج بفعل املعروف‬ ‫كل معروف صدقة بال شك ‪ ،‬وفعل املعروف واإلحسان‬ ‫‪11‬‬ ‫إىل اخللق من أسباب الشفاء والعالج التام بإذن اهلل ‪ ،‬وعىل‬ ‫((( والتسبيح من الصدقة كام ثبت احلديث بذلك‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫العلامء ُ‬ ‫والفقهاء وأهل البصرية‬ ‫هذا املعنى تدور كلامت ُ‬ ‫واإليامن ‪.‬‬ ‫قال العالمة املحقق ابن امللقن ﵫ يف رشحه للبخاري‬ ‫عند حديث بدء الوحي ما نصه ‪:‬‬ ‫( قوله ﷺ‪ :‬زَ ِّم ُلوين زَ ِّم ُلوين‪ ،‬فيه‪ :‬إن مكارم األخالق‪،‬‬ ‫وخصال اخلري‪ ،‬سبب للسالمة من مصارع السوء واملكاره‪،‬‬ ‫ورجي َلـ ُه سالمة الدِّ ين‬ ‫فمن َكـ ُث َ‬ ‫ـر خريه حسنت عاقبته‪ُ ،‬‬ ‫والدنيا ) ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫وقال ابن القيم ﵫ يف عدة الصابرين ‪ ( :‬ويف الصدقة‬ ‫فوائد ومنافع ال ُحُيصيها إال اهلل ‪ ،‬فمنها ‪ :‬أهنا تقي مصارع‬ ‫السوء‪ ،‬وتدفع البالء‪ ،‬حتى إهنا لتدفع عن الظامل ‪ ،‬قال إبراهيم‬ ‫النخعي ﵫ ‪ :‬وكانوا يرون أن الصدقة تدفع عن الرجل‬ ‫املظلوم ‪ ،‬وتُطفئ اخلطيئة ‪ ،‬وحتفظ املال ‪ ،‬وجتلب الرزق ‪،‬‬ ‫‪12‬‬ ‫وحسن الظن بـه ‪ ،‬وتُرغم‬ ‫وتُـفـرح القلب ‪ ،‬وتوجب الثقة باهلل ُ‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫ُنميها ‪ُ ،‬‬ ‫وحُتبب العبد إىل اهلل وإىل‬ ‫الشيطان ‪ ،‬وت ّ‬ ‫ُزكي النفس وت ّ‬ ‫العمر ‪ ،‬وتستجلب‬ ‫خلقه ‪ ،‬وتسرت عليه كل عيب ‪ ،‬وتزيد يف ُ‬ ‫أدعية الناس وحمبتهم ‪ ،‬وتدفع عن صاحبها عذاب القرب ‪،‬‬ ‫ُـهـون‬ ‫وتكون عليه ِظ ً‬ ‫ال يوم القيامة ‪ ،‬وتشفع ل ُه عند اهلل ‪ ،‬وت ِّ‬ ‫الدنيا واآلخرة ‪ ،‬وتدعوه إىل سائر أعامل الـبِ ّ‬ ‫ـر ‪،‬‬ ‫عليه شدائد ُّ‬ ‫فال تستعيص عليه ‪ ،‬وفوائدها ومنافعها أضعاف ذلك ‪.‬‬ ‫قــــالــــوا ‪ :‬ولو مل يكن يف النفع واإلحسان إال أنه‬ ‫صفة اهلل ‪ ،‬وهو سبحانه ُحُيب من اتصف بموجب صفاته‬ ‫وآثارها ‪ُ ،‬فيحب العليم ‪ ،‬واجلواد ‪ ،‬واحليي ‪ ،‬والستري ‪،‬‬ ‫أحب إليه من املؤمن الضعيف ‪ُ ،‬‬ ‫وحُيب‬ ‫ُّ‬ ‫واملؤمن القوي‬ ‫العدل ‪ ،‬والعفو ‪ ،‬والرحيم ‪ ،‬والشكور‪ ،‬والرب ‪ ،‬والكريم‪،‬‬ ‫فصفته الغنى واجلود‪ُ ،‬‬ ‫وحُيب الغني اجلواد ‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫قـــالـــوا ‪ :‬ويكفي يف فضل النفع املتعدي بالـامل‪ ،‬أن‬ ‫العمل‪ ،‬فمن كسى مؤمن ًا كساه اهلل من‬ ‫اجلزاء عليه من جنس َ‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫ُحلل اجلنة‪ ،‬ومن أشبع جائع ًا أشبعه اهلل من ثامر اجلنة‪ ،‬ومن‬ ‫سقى ظمآن ًا سقاه اهلل من رشاب اجلنة‪ ،‬ومن أعتق رقبة أعتق‬ ‫اهلل بكل عضو منه عضو ًا من النار‪ ،‬حتى فرجه بفرجه‪ ،‬ومن‬ ‫الدنيا واآلخرة )‪.‬‬ ‫َي ّرّس عىل ُمعرس‪َ ،‬ي ّرّس اهلل عليه يف ُّ‬ ‫لع ِ‬ ‫بد‬ ‫األعامل ُجـنـدٌ لِ َ‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫وقال ﵫ يف زاد املعاد ‪ّ ( :‬‬ ‫وجـنـدٌ ع َليه وال ُب ّ‬ ‫ـد )‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وقال ﵫ يف بدائع الفوائد ‪ ( :‬فاملحسن املتصدق ‪:‬‬ ‫وعسكر ًا يقاتلون عنه وهو نائم عىل فراشه‪،‬‬ ‫يستخدم ُجند ًا َ‬ ‫فمن مل يكن له جند وال عسكر‪ ،‬ول ُه عدو‪ ،‬فإنه يوشك أن‬ ‫يظفر بـه عدوه‪ ،‬وإن تأخرت ُم ّدة الظفر واهلل املستعان )‪.‬‬ ‫وقال ﵫ يف طريق اهلجرتني ‪ ( :‬فإن اإلحسان يفرح‬ ‫القلب‪ ،‬ويرشح الصدر‪ ،‬وجيلب النِعم‪ ،‬ويدفع النِقم‪ ،‬وتركه‬ ‫‪14‬‬ ‫ُيوجب الغم والضيق‪ ،‬ويمنع وصول النِعم إليه )‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وقال ﵫ يف الزاد ‪ ( :‬وكان َهديه ﷺ يدعو إىل‬ ‫أرشح‬ ‫َ‬ ‫اإلحسان والصدقة واملعروف ‪ ،‬ولذلك كان ﷺ‬ ‫وأنعمهم قلباً‪ ،‬فإن لِلصدقة‬ ‫َ‬ ‫طيبهم نفساً‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اخللق صدر ًا ‪ ،‬وأ َ‬ ‫َو ِف ِ‬ ‫عل املعروف تأثري ًا عجيب ًا يف رشح الصدر )‪.‬‬ ‫وقال ﵫ يف حادي األرواح ‪ ( :‬ومفتاح حصول‬ ‫الرمحة ‪ :‬اإلحسان يف عبادة اخلالق ‪ ،‬والسعي يف نفع َعبيده )‪.‬‬ ‫وقال ابن سعدي ﵫ يف تفسريه ‪ ( :‬عنوان سعادة‬ ‫العبد ‪ :‬إخالصه للمعبود ‪ ،‬وسعيه يف نفع اخللق )‪.‬‬ ‫خللقَ ِع ُ‬ ‫يال‬ ‫إن ا َ‬‫وقال العالمة القرايف املالكي ﵫ ‪َّ ( :‬‬ ‫سيام يف أمـ ِر الدِّ ين وما‬ ‫اهلل ‪ ،‬وأقرهُبم إليه ُ ِ‬ ‫أنفعهم لعياله ‪ ،‬ال َّ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫رجع إىل العقائد )‪.‬‬ ‫َي ُ‬ ‫وقال اإلمام ابن تيمية ﵫ يف األصفهانية ‪ ( :‬ومن‬ ‫‪15‬‬ ‫ُمُجع فيه الصدق والعدل واإلحسان ‪ :‬مل ُ‬ ‫يكن مما خيزيه‬ ‫((( اإلحكام يف متييز الفتاوى عن األحكام ص‪.266‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫اهلل ‪ ،‬وصلة الرحم ‪ ،‬وقرى الضيف ‪ ،‬ومحل الكل ‪ ،‬وإعطاء‬ ‫املعدوم ‪ ،‬واإلعانة عىل نوائب احلق ‪ ،‬هي من أعظم أنواع‬ ‫الرب واإلحسان ‪ ،‬وقد ُعلم من ُسنة اهلل تعاىل ‪ :‬أن من جبله‬ ‫ّ‬ ‫ونزهه عن األخالق املذمومة ‪،‬‬ ‫اهلل عىل األخالق املحمودة ‪ّ ،‬‬ ‫فـإنـه ال ُيـخـزيـه ‪...........،‬ومن ُ‬ ‫عظم نفعه للخلق ‪،‬‬ ‫وإحسانه إليهم ‪ ،‬كانت عاقبته عاقبة خري )‪.‬‬ ‫وقال ﵫ يف جمموع الفتاوى ‪ ( :‬واملسلمون يف مشارق‬ ‫األرض ومغارهبا قلوهبم واحدة ‪ ،‬موالية هلل ولرسوله ولعباده‬ ‫املؤمنني ‪ ،‬معادية ألعداء اهلل ورسوله وأعداء عباده املؤمنني ‪،‬‬ ‫وقلوهبم الصادقة ‪ ،‬وأدعيتهم الصاحلة ‪ ،‬هي العسكر الذي‬ ‫ال يغلب ‪ ،‬واجلند الذي ال خيذل ‪ ،‬فإهنم هم الطائفة املنصورة‬ ‫إىل يوم القيامة )‪.‬‬ ‫وقال ابن القيم ﵫ يف الداء والدواء ‪ ( :‬وقد دل‬ ‫‪16‬‬ ‫العقل والنقل ِ‬ ‫والفطرة وجتارب األمم عىل اختالف أجناسها‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫رب العاملني وطلب‬ ‫التقرب إىل ّ‬ ‫ِ‬ ‫ومللها ونحلها ‪ ،‬عىل أن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫خلقه ‪ ،‬من أعظم األسباب‬ ‫والرب واإلحسان إىل‬ ‫مرضاته ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لكل خري ‪ ،‬وأضدادها من أكرب األسباب اجلالبة ُ‬ ‫لكل‬ ‫اجلالبة ُ‬ ‫دفعت نِقم ُة اهلل ‪ ،‬بمثل‬ ‫جلبت نِعم اهلل ‪ ،‬واس ُت ِ‬ ‫ُ‬ ‫رش ‪ ،‬فام اس ُت ِ‬ ‫والتقرب إليه ‪ ،‬واإلحسان إىل خلقه )‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫طاعته‬ ‫فعل املعروف حيقن الدماء‬ ‫ُـبـيـن بجالء أن صنائع‬ ‫ومن القصص اللطيفة التي ت ِّ‬ ‫املعروف تقي مصارع السوء واهللكات ‪ ( :‬ما ذكره القايض‬ ‫أبو النمر بن العنزي ﵫ قال ‪ :‬سافرت إىل اليمن‬ ‫فاتصلت ببعض سالطني اليمن‪ ،‬فأتاه اخلرب بعصيان أهل‬ ‫بلد من بالده‪ ،‬فركب وسار إليه‪ ،‬وأنا صحبته‪ ،‬وهو يف خلق‬ ‫‪17‬‬ ‫ليستبيحن دماءهم وأمواهلم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كثري عىل الركاب‪ ،‬وأقسم‬ ‫فرسنا حتى نزلنا عىل املدينة‪ ،‬وأمر بالتأهب لقتاهلم ‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫فـرأيـنـا امرأة قـد خرجت من املدينة‪ ،‬وجاءت تتخطى‬ ‫السلطان وأنا عنده‪ ،‬فسلمت عليه‬ ‫الناس حتى وصلت إىل ُّ‬ ‫فرحب هبا‪ ،‬وأكرمها وأجلسها‪ُ ،‬ثم قال هلا‪ :‬ما حاجتك؟‬ ‫قالت ‪ :‬جئتك أسألك أن هتب يل هذه املدينة وأهلها‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬هؤالء قد أظهروا العصيان والشقاق‪ ،‬وقد أقسمت‬ ‫أن استبيح دماءهم وأمواهلم‪ ،‬فقالت‪ :‬بل ترجع عن هذا إىل‬ ‫املعتاد من صفحك وكرم عفوك‪ ،‬وهتب يل ذنبهم ودماءهم‬ ‫وأمواهلم‪ ،‬فقال‪ :‬ما أفعل وال أفسد مملكتي‪ ،‬وأستدعي‬ ‫عصيان رعيتي بصفحي عن هؤالء املنافقني ‪.‬‬ ‫فغضبت‪ ،‬وقامت‪ ،‬وقالت‪ :‬نسيت حقي وحرمتي‬ ‫واطرحتني‪ ،‬حتى أين أسألك يف مدينة من مدائنك لتقيض‬ ‫هبا حقي‪ ،‬وال توجب سؤايل‪ ،‬ثم و ّلت‪ ،‬فأطرق‪ُ ،‬ثم قال‪:‬‬ ‫ردوها‪ ،‬فلام عادت اعتذر إليها وتلطفها‪ ،‬وقال‪ :‬قد وهبت‬ ‫ُّ‬ ‫لك البلد وأموال أهله ودماءهم‪ ،‬وها أنا راحل‪ُ ،‬ثم أمر‬ ‫‪18‬‬ ‫الناس بالرحيل وسار ‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫فسألت عن تلك املرأة‪ ،‬فقيل يل‪ :‬إن هذه امرأة كانت‬ ‫تُرضعه‪ ،‬وكان أبوه مالك هذه البالد‪ ،‬فقام عليه أخوه‬ ‫فقتله‪ ،‬وملك البالد‪ ،‬وهذا إذ ذاك طفل‪ ،‬فتط ّلبه عمه ليقتله‪،‬‬ ‫فخبته هذه املرأة بينها وبني ثياهبا‪ ،‬وأخفته‪ ،‬وخرجت به من‬ ‫فـربـتـه يف مخول‪ ،‬واختفى حتى كرب‪ ،‬وجار عمه عىل‬ ‫البلد َّ‬ ‫الرعية‪ ،‬وأساء إليهم‪ ،‬فوثبوا عليه قتلوه‪ ،‬ونفذوا أحرضوا‬ ‫هذا وم ّلكوه عليهم كام ترى‪ ،‬فهي ت ِّ‬ ‫ُـذكـره بام فعلته يف حقه‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫وهو َيرعى هلا ذلك الصنع )‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬ونظري هذه ما يف صحيح البخاري ‪ ،‬حني سقت‬ ‫ُ‬ ‫املرأة رسول اهلل ﷺ وأصحابه ﵤ وكانوا يف سف ٍر‬ ‫جهيد ‪ ( ،‬فكان املسلمون بعد ذلك ُيغريون عىل من حوهلا‬ ‫الرِّصم – اجلامعة من الناس‪-‬‬ ‫من املرشكني ‪ ،‬وال ُيصيبون ِّ‬ ‫‪19‬‬ ‫الذي هي منه ‪ ،‬فقالت يوم ًا لقومها ‪ :‬ما أرى أن هؤالء القوم‬ ‫((( من كتاب‪ :‬بغية الطلب من تأريخ حلب ‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫يدعونكم عمد ًا ‪ ،‬فهل لكم يف اإلسالم ؟! فأطاعوها فدخلوا‬ ‫(‪)1‬‬ ‫يف اإلسالم ) ‪.‬‬ ‫وقال أبو منصور الثعالبي ﵫ يف يتيمة الدهر ‪:‬‬ ‫(حدثني أبو بكر اخلوارزمي وأبو نرص بن سهل بن املرزبان‬ ‫وأبو احلسن املصييص‪ ،‬فدخل حديث بعضهم يف بعض فزاد‬ ‫ونقص‪ ،‬قالوا ‪ :‬كانت حالة املهلبي الوزير قبل االتصال‬ ‫بالسلطان حال ضعف وق ّلة‪ ،‬وكان يقايس منها قذى عينه‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫وشجى صدره‪ ،‬فبينام هو ذات يوم يف بعض أسفاره مع رفيق‬ ‫ل ُه من أصحاب اجلراب واملحراب ‪ ،‬إال أنه من أهل اآلداب‪،‬‬ ‫إذ لقي يف سفره نصباً‪ ،‬واشتهى اللحم‪ ،‬فلم يقدر عىل ثمنه‪،‬‬ ‫فقال ارجتاالً‪:‬‬ ‫فهذا العيش ما ال خري فيه‬ ‫أال موت ُيباع فأشرتيه‬ ‫خي ّلصني من العيش الكريه‬ ‫موت لذيذ الطعم يأيت‬ ‫أال ٌ‬ ‫‪20‬‬ ‫فنجاها فعلها للمعروف السابق مع الرسول وأصحابه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫(((‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وددت لو آنني ّمما يليه‬ ‫إذا أبرصت قرب ًا من بعيد‬ ‫تصدق بالوفاة عىل أخيه‬ ‫ّ‬ ‫حر‬ ‫أال رحم املهيمن نفس ٍّ‬ ‫فاشرتى له رفيقه بدرهم واحد حلامً‪ ،‬فأسكن به قرمه ‪،‬‬ ‫وحت ّفظ األبيات وتفارقا ‪.‬‬ ‫ورضب الدهر رضباته‪ ،‬حتى ترقت حالة املهلبي إىل‬ ‫أعظم درجة من الوزارة ‪...... ،‬وحصل الرفيق حتت كلكل‬ ‫من كالكل الدهر‪ ،‬ثقل عليه بركه وهاضه عركه فقصد‬ ‫حرضته ‪ ،‬وتوصل إىل إيصال رقعة تتضمن أبيات ًا منها ‪:‬‬ ‫مقال ّ‬ ‫مذكر ما قـد نسيه‬ ‫أال ُقل للوزير فدته نفيس‬ ‫موت يباع فأشرتيه ؟‬ ‫أال ٌ‬ ‫أتذكر إذ تقول لضنك ٍ‬ ‫عيش‬ ‫فلام نظر فيها ّ‬ ‫تذكره ‪ ،‬وهزته أرحيية الكرم‪ ،‬للحنني إليه‪،‬‬ ‫الصحبة فيه‪ ،‬واجلري عىل من قال ‪:‬‬ ‫ورعاية حق ُ‬ ‫‪21‬‬ ‫خل ِ‬ ‫شن‬ ‫ِ‬ ‫املنزل ا َ‬ ‫َمن كانَ ُ‬ ‫يألف ُهم يف‬ ‫أيرَسوا َذ َك ُروا‬ ‫َّ ِ‬ ‫إن الكرا َم إذا ما َ ُ‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وأمر ل ُه يف عاجل احلال بسبعامئة درهم‪ ،‬ووقع يف رقعته ‪:‬‬ ‫ﱹﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬ ‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﱸ [البقرة‪، ]261 :‬‬ ‫ُثم دعا به وخلع عليه وق ّلده عم ً‬ ‫ال يرتفق به ‪ ،‬ويرتزق منه )‪.‬‬ ‫اجلزاء من جنس عملك‬ ‫وقال ابن القيم ﵫ يف حادي األرواح ‪ ( :‬والعبد ُكلام‬ ‫وكلام ِ‬ ‫عمل خري ًا ‪،‬‬ ‫وسع ل ُه يف اجلنة ‪ُ ،‬‬ ‫الرب ‪ّ ،‬‬ ‫وسع يف أعامل ّ‬ ‫ّ‬ ‫بـه هناك غراس وبنى ل ُه بناء ‪ ،‬وأنيشء له من ِ‬ ‫عمله‬ ‫ُغرس له ِ‬ ‫أنواع مما يتمتع بـه )‪.‬‬ ‫وقال رسول اهلل ﷺ‪ ( :‬إن من الناس ناس ًا مفاتيح للخري‬ ‫مغاليق للرش‪ ،‬و إن من الناس ناس ًا مفاتيح للرش مغاليق‬ ‫للخري‪ ،‬فطوبى ملن جعل اهلل مفاتيح اخلري عىل يديه‪ ،‬وويل‬ ‫‪22‬‬ ‫ملن جعل اهلل مفاتيح الرش عىل يديه )‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وقال ابن بطال ﵫ يف رشحه عىل صحيح البخاري‪:‬‬ ‫( قول رسول اهلل ﷺ‪ :‬املالئكة ت ِّ‬ ‫ُصيِّل عىل أحدكم ما دام يف‬ ‫مصاله‪ ،‬ما مل حيدث‪ ،‬اللهم اغفر له اللهم ارمحه‪ ،‬ال يزال‬ ‫حتبسه‪ ،‬ال يمنعه أن‬ ‫أحدكم يف صالة‪ ،‬ما دامت الصالة ُ‬ ‫ينقلب إىل أهله إال الصالة‪ ،‬تفسري لقوله تعاىل ‪ :‬ﱹﯜ‬ ‫ﯝ ﯞﯟﱸ [غافر‪ُ ، ]7 :‬يريد املص ِّلني ‪ ،‬واملنتظرين للصالة ‪،‬‬ ‫ويدخل يف ذلك من أشبههم يف املعنى‪ّ ،‬ممن َحبس نفسه عىل‬ ‫أفعال الـبِ ِّ‬ ‫ـر ُك ّلها )‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ويف صحيح البخاري ُمع ّلق ًا جمزوم ًا به ‪ :‬قال أبو الدرداء‬ ‫ﵠ‪( :‬إنام تقاتلون بأعاملكم)‪.‬‬ ‫إن من أعظم األسلحة فتك ًا‬ ‫قلت‪ :‬وفيه من لطيف ِ‬ ‫الفقه‪َّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫بالعدو هي األعامل الصاحلة لإلنسان‪ ،‬وهي جيش املؤمن‬ ‫وجنده الذي ُيـقـاتِـل ِ‬ ‫بـه ومعه ‪ ،‬فحاول أن تُكثر من جنودك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪23‬‬ ‫((( وهبذا أيض ًا قال ابن امللقن ﵫ يف التوضيح لرشح اجلامع‬ ‫الصحيح‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫قال ابن تيمية ﵫ‪( :‬فإن الصدقة من جنس القتال‪،‬‬ ‫فاجلبان يرجف‪ ،‬والشجاع يثبت‪ ،‬وهلذا قال النبي ﷺ‪:‬‬ ‫وأما اخليالء التي حيبها اهلل‪ ،‬فاختيال الرجل بنفسه عند‬ ‫احلرب‪ ،‬واختياله بنفسه عند الصدقة‪ ،‬ألنه مقام ثبات وقوة‪،‬‬ ‫فاخليالء تناسبه‪ ،‬وإنام الذي ال حيبه اهلل‪ ،‬املختال الفخور‬ ‫البخيل اآلمر بالبخل‪ ،‬فأما املختال مع العطاء أو القتال‬ ‫ُفيحبه )‪.‬‬ ‫العالج بنية اخلري فقط‬ ‫وقال اإلمام اجلليل أمحد بن حنبل ﵫ ‪ :‬حدثنا عبد الرمحن‬ ‫سمعت‬ ‫ُ‬ ‫ابن مهدي ‪ ،‬عن جعفر ( ابن ُسليامن ُ‬ ‫الضبعي ) قال ‪:‬‬ ‫إن ُصدور املؤمنني تَغيل‬ ‫مالك بن دينار ( التابعي ) يقول ‪َّ ( :‬‬ ‫الفجور ‪ُ ،‬‬ ‫واهلل‬ ‫وإن ُصدور ُ‬ ‫الف ّجار تَغيل بأعامل ُ‬ ‫رب ‪َّ ،‬‬ ‫بأعامل ال ِّ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫مه ُ‬ ‫ومكم رمحكم اهلل )‪.‬‬ ‫تعاىل َيرى ُ‬ ‫‪24‬‬ ‫((( كتاب الزهد ٍ‬ ‫بسند برصي صحيح‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫قلت ‪ :‬ومصداق ذلك ما ثبت مرفوعاً‪ ( :‬إن اهلل ال ينظر‬ ‫ُ‬ ‫إىل أجسادكم وال إىل صوركم وأموالكم ‪ ،‬ولكن إنام ينظر‬ ‫(‪)1‬‬ ‫إىل قلوبكم ‪ -‬وأشار بأصابعه إىل صدره ‪ -‬وأعاملكم ) ‪.‬‬ ‫ﱹﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬ ‫وقال اهلل تعاىل ‪:‬‬ ‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﱸ [اإلرساء‪.]25 :‬‬ ‫وثبت مرفوع ًا ‪ ( :‬إنام ِ‬ ‫العلم بالتعلم ‪ ،‬وإنام احللم بالتحلم ‪،‬‬ ‫يتحر اخلري ُي َ‬ ‫عطه ‪ ،‬ومن يـ َّتـق الرشَّ ُيو َقه )‪.‬‬ ‫ومن َّ‬ ‫وقال ﷺ ‪ ( :‬إن اهلل كتب احلسنات والسيئات ثم ّبنّي‬ ‫هم بحسنة فلم يعملها كتبها اهلل له عنده حسنة‬ ‫فمن َّ‬ ‫ذلك ‪َ ،‬‬ ‫هم هبا وعملها كتبها اهلل له عنده عرش‬ ‫كاملة ‪ ،‬فإن هو َّ‬ ‫هم‬ ‫حسنات إىل سبعامئة ضعف إىل أضعاف كثرية ‪ ،‬و َمن َّ‬ ‫بسيئة فلم يعملها كتبها اهلل له عنده حسنة كاملة ‪ ،‬فإن هو‬ ‫‪25‬‬ ‫هم هبا فعملها كتبها اهلل له سيئة واحدة )‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫((( فــقـدَّ م النية عىل العمل ‪ ،‬والقلب حمل نظر الرب بال شك‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وقال ابن تيمية ﵫ ‪ ( :‬قاعدة الرشيعة ‪ :‬أن من كان‬ ‫عازم ًا عىل الفعل عزم ًا جازم ًا ‪ ،‬وفعل ما يقدر عليه منه كان‬ ‫بمنزلة الفاعل )‪.‬‬ ‫وقال الصنعاين ﵫ يف التنوير ‪َ ( :‬من كان صادق‬ ‫النية يف فعل أي خري ومنعه عنه مانع عدم االستطاعة ‪،‬‬ ‫أنه مثل من استطاع يف األجر ‪ ،‬وهذا مقتىض فضل اهلل‬ ‫وعدله ‪ ،‬ألنه ما عاق صادق النية ‪....‬وامتنع عنه إال لعائق‬ ‫القدر )‪.‬‬ ‫وقال احلافظ الكبري ابن كثري ﵫ يف تفسريه ‪ ( :‬و َمن‬ ‫ٍ‬ ‫بيشء وصدق مهَّه بفعله فهو يف احلقيقة كفاعله )‪.‬‬ ‫هم‬ ‫َّ‬ ‫ويف اآلداب الرشعية البن مفلح ﵫ ‪ ( :‬قال عبد اهلل‬ ‫ابن اإلمام أمحد بن حنبل رمحهام اهلل ألبيه يوم ًا أوصني‬ ‫يا أبت ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا ُبني انو اخلري ‪ ،‬فإنك ال تزال بخري ما نويت‬ ‫‪26‬‬ ‫اخلري )‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وقال اهلل تعاىل ‪ :‬ﱹﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﱸ‬ ‫[الفتح‪.]18 :‬فتأمل قوله ‪ :‬ﱹﮘ ﮙ ﮚ ﮛﱸ‪.‬‬ ‫ويف ُسنن ابن ماجة ﵫ ‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ ‪ُ ( :‬‬ ‫مثل‬ ‫اهلل ما ًال ِ‬ ‫وعل ًام ‪،‬‬ ‫رجل آتـاه ُ‬ ‫ٌ‬ ‫هذه ُ‬ ‫األمة كمثل أربعة نـفـر ‪:‬‬ ‫هلل‬ ‫ورجل آتـاه ا ُ‬ ‫ٌ‬ ‫فهو يعمل ِ‬ ‫بعلمه يف ماله ‪ُ ،‬ينفقه يف حقه ‪.‬‬ ‫لت‬ ‫ِعل ًام و مل ُيؤتِه ما ًال ‪ ،‬فهو يقول ‪ :‬لو كان يل مثل هذا ‪ِ ،‬‬ ‫عم ُ‬ ‫فيه مثل الذي يعمل ‪.‬‬ ‫سواء ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫قال رسول اهلل ﷺ ‪ُ :‬‬ ‫فهام يف األجـر‬ ‫اهلل ما ًال ومل ُيؤتِه ِعل ًام ‪ ،‬فهو ُ‬ ‫خيبط يف ماله ‪،‬‬ ‫ورجل آتـاه ُ‬ ‫ٌ‬ ‫اهلل ِعل ًام وال ما ًال ‪ ،‬فهو‬ ‫ورجل مل ُيؤته ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُينفقه يف غري حقه‪.‬‬ ‫لت فيه َ‬ ‫مثل الذي يعمل ‪.‬‬ ‫يقول ‪ :‬لو كان يل مثل هذا ‪ِ ،‬‬ ‫عم ُ‬ ‫‪27‬‬ ‫سواء )‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫فهام يف الوز ِر‬ ‫قال رسول اهلل ﷺ ‪ُ :‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وقال ابن تيمية ﵫ ‪ ( :‬املؤمن إذا كانت له نـيـة ُأثيب‬ ‫عىل عامة أفعاله ‪ ،‬وكانت املباحات من صالح أعاملِه لصالح‬ ‫قـلـبـه ونـيـتـه )‪.‬‬ ‫ولـمـا مات الصحايب اجلليل عبد اهلل بن ثابت ﵠ‬ ‫ّ‬ ‫ألرجو أن ُ‬ ‫تكون َشهيد ًا ‪ ،‬أما‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫قالت ابنته ‪ ( :‬واهلل إن ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ ‪َّ :‬‬ ‫إن اهلل‬ ‫َ‬ ‫جهازك ‪ ،‬فقال ُ‬ ‫نت َق َ‬ ‫ضيت‬ ‫إنَّك قد ُك َ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫َقـد أو َق َع أجر ُه عىل قـدر نـيـتِ ِ‬ ‫ـه )‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وحكى ُ‬ ‫القشريي أن أمري خراسان َعمرو بن الليث‬ ‫الصفار ﵫ (ت ‪289‬هـ) رئي يف املنام ‪ ،‬فقيل ل ُه ‪ :‬ما‬ ‫فعل اهلل بك ؟‬ ‫قال ‪ :‬أرشفت يوم ًا من جبل عىل جيويش ‪ ،‬فأعجبني‬ ‫كثرهتم ‪ ،‬فتم ّنيت أنني كنت حرضت مع رسول اهلل ﷺ ‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫فنرصته وأعنـته ‪ ،‬فشكر اهلل يل ‪ ،‬وغفر يل ‪.‬‬ ‫‪28‬‬ ‫((( من املسند لإلمام أمحد‪.‬‬ ‫((( ذكرها الذهبي يف النبالء ( ‪.) 517/12‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫فعل املعروف ينفع الكافر‬ ‫ويف اإلصابة البن حجر ﵫ‪ ( :‬عن سليم الضبي‬ ‫ﵠ ‪ ،‬قال‪ :‬قلت يا رسول اهلل‪ ،‬إن أيب كان ُيقري‬ ‫عدها‪ ،‬فقال ﷺ‪ :‬أدرك‬ ‫الضيف‪ ،‬ويفعل كذا وكذا‪ :‬األشياء ّ‬ ‫اإلسالم؟ قلت‪ :‬ال ‪ ،‬قال ﷺ‪ :‬ليس بنافعه‪ ،‬فلام رأى ما يب‪،‬‬ ‫قال ﷺ‪ :‬إنه ال يزال ذلك يف عقبة‪ ،‬ال ُيظلمون وال ُيستذ ّلون‬ ‫وال ُيفتقرون )‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬وهذا فيه دليل إن صنائع املعروف وفعل‬ ‫ُ‬ ‫صـح يف احلديث‬ ‫َّ‬ ‫الدنيا ‪ ،‬وقد‬ ‫اخلري تنفع حتى الكافر يف ُّ‬ ‫الدنيا ‪،‬‬ ‫بحسناتِ ِ‬ ‫ـه يف ُّ‬ ‫عنه ﷺ أنـه قال ‪( :‬وأما الكافر ُفي َ‬ ‫طعم َ‬ ‫حتى إذا أفىض إىل اآلخرة ‪ ،‬مل ُ‬ ‫يكن له َح ٌ‬ ‫سنة ُيعطى هبا‬ ‫‪29‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫خري ًا )‪.‬‬ ‫((( وهذا من عدل اهلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫رضبات استباقية عالجية‬ ‫وقال رسول اهلل ﷺ‪( :‬صنائع املعروف تقي مصارع‬ ‫السوء‪ ،‬والصدقة خفي ًا تطفئ غضب الرب‪ ،‬و صلة الرحم‬ ‫زيادة يف العمر‪ ،‬وكل معروف صدقة‪ ،‬وأهل املعروف يف‬ ‫الدنيا‪،‬‬ ‫الدنيا‪ ،‬هم أهل املعروف يف اآلخرة‪ ،‬وأهل املنكر يف ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫هم أهل املنكر يف اآلخرة‪ ،‬وأول من يدخل اجلنة‪ :‬أهل‬ ‫املعروف )‪.‬‬ ‫ويف صحيح ابن خزيمة ﵫ‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ـري من جن وال إنس وال‬ ‫(من حفر ماء مل يرشب منه كبد َح َّ‬ ‫طائر‪ ،‬إال آجـره اهلل يوم القيامة‪ ،‬ومن بنى مسجد ًا كمفحص‬ ‫قطاة أو أصغر‪ ،‬بنى اهلل له بيت ًا يف اجلنة )‪.‬‬ ‫ـب اإلحسان عىل ُك ِّ‬ ‫ـل يشء )‪.‬‬ ‫إن اهلل َكـ َت َ‬ ‫ويف قوله ﷺ‪َّ ( :‬‬ ‫قال احلافظ ابن امللقن ﵫ ‪ ( :‬ومن ذلك ‪ :‬اإلحسان‬ ‫‪30‬‬ ‫إىل اجلن ‪ ،‬مؤمنهم وكافرهم بدعائهم إىل اخلري ‪ ،‬وقد أكرمهم‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫َ‬ ‫والروث لدواهبم ‪،‬‬ ‫الشارع وأقراهم ‪ ،‬بأن جعل العظم زادهم ‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ولنا فيه أسو ٌة حسنة )‪.‬‬ ‫وقال ابن قتيبة ﵫ يف عيون األخبار‪( :‬وكان ابن‬ ‫عباس ﵠ يقول ‪ :‬صاحب املعروف ال يقع‪ ،‬فإن وقع‬ ‫ال أوليته معروفاً‪ّ ،‬إاّل‬ ‫وجـد ُمـــ ّتـــكـــأ ‪ ،‬وما رأيت رج ً‬ ‫ال أوليته سوءاً‪ّ ،‬إاّل أظلم‬ ‫أضاء ما بيني وبينه‪ ،‬وال رأيت رج ً‬ ‫ما بيني وبينه )‪.‬‬ ‫ﱹﭒﭓﭔ‬ ‫وأصل ذلك ُكله آيات من التنزيل منها ‪:‬‬ ‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ‬ ‫ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﱸ‬ ‫[النساء‪.]114 :‬‬ ‫ﱹﮕﮖﮗﮘﮙ‬ ‫وقوله سبحانه ‪:‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﱸ [احلج‪.]77 :‬‬ ‫((( من املعني عىل تفهم األربعني‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫ﱹﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ‬ ‫وقوله سبحانه ‪:‬‬ ‫ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﱸ [البقرة‪.]195 :‬‬ ‫وقـــولـــه ‪ :‬ﱹ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ‬ ‫ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﱸ [املائدة‪.]93 :‬‬ ‫فضل املعروف بمراحل القدر الثالثة‬ ‫وسبحان اهلل العظيم ‪ :‬مل َأر شيئ ًا ينفع اإلنسان يف مراحل‬ ‫ُ‬ ‫القدر الثالث مثل ُصنع املعروف للخلق ‪ ،‬وإليك األمثلة ‪:‬‬ ‫(قبل قدر اهلل) ‪ :‬ال شك أن من عقيدة املسلم اإليامن‬ ‫بالقضاء والقدر‪ ،‬وهذا القضاء هو غيب بالنسبة لإلنسان‬ ‫ال يعلم به ّإاّل إذا وقـع ‪ ،‬والقدر منه اخلري ومنه الرش‪ ،‬فقدر‬ ‫اخلري حمبوب وليس هو حديثنا ُهنا ‪ ،‬بينام قدر الرش مكروه‬ ‫‪32‬‬ ‫ال حيبه اإلنسان ‪ ،‬طيب كيف يتقيه وجيتنبه وال يقع عليه ؟!‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫بصنع املعروف ألن من أسباب الوقاية من‬ ‫اجلواب ‪ُ :‬‬ ‫تقدم‪.‬‬ ‫اآلفات واهللكات والطامات ‪ :‬صنائع اخلريات كام َّ‬ ‫(خالل قدر اهلل) ‪ :‬فإن ُكنت تُريد بقاء نِعم اهلل عليك‬ ‫ودوامها‪ ،‬ودفع ما تكره عنك‪ُ ،‬‬ ‫وحُتب أن يكون اهلل عىل ما‬ ‫تُريد‪ُ ،‬‬ ‫فكن ل ُه عىل ما ُيريد ‪ ،‬قال اإلمام أمحد ﵫ ‪ ( :‬إن‬ ‫بت أن َيدُ وم ُ‬ ‫اهلل لك عىل ما ُحُت ُّب فدُ م ل ُه عىل ما ُحُي ُّب )‪.‬‬ ‫أحب َ‬ ‫َ‬ ‫وكام قيل ‪ُ :‬‬ ‫الشكر يوجب املزيد من النعم ‪ ،‬واالستغفار‬ ‫يدفع النقم ‪ ،‬والشكر قيد املوجود‪ ،‬وصيد املفقود‪ ،‬والطاعة‬ ‫حتفظ املوجود‪ ،‬وجتلب املفقود ‪ ،‬وهذا ال يكون إاَّلَّ بصنائع‬ ‫املعروف واخلريات‪.‬‬ ‫و ُيـروى عن الشهيد عيل بن أيب طالب ﵠ أنه قال‬ ‫كر‬ ‫والش ُ‬ ‫بالشكر ‪ُّ ،‬‬‫إن ال ِّنعم َة ُم َو َّص ٌلة ُّ‬ ‫لرجل من مهدان ‪َّ ( :‬‬ ‫‪33‬‬ ‫ـق باملزيد ‪ ،‬ومها مقرونان يف َق ٍ‬ ‫رن ‪ ،‬ف َلن ينقطع املزيدُ‬ ‫ُمـعـ َّل ٌ‬ ‫كر ِمن العبد )‪.‬‬ ‫الش ُ‬ ‫من اهلل حتى ِ‬ ‫ينقطع ُّ‬ ‫وقال اهلل الكريم ‪ :‬ﱹ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﱸ‬ ‫[إبراهيم‪ُ ، ]7 :‬‬ ‫والشـكـر يكون باللسان والنية ويكون بالعمل ‪،‬‬ ‫ﱹﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫ومن العمل فعل املعروف ‪،‬‬ ‫قـرت ‪ ،‬وإذا ُك ِفرت‬ ‫ِ‬ ‫ﯶ ﯷ ﱸ [سبأ‪ ، ]13 :‬فالنعمة إذا ُشكرت َّ‬ ‫فـرت ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫(بعد قدر اهلل) ‪ :‬بفعل املعروف أيضاً‪ ،‬ألن البالء إذا‬ ‫نزل ال يرفعه إال فعل اخلري والطاعة ‪ ،‬قال ﷺ‪( :‬داووا‬ ‫مرضاكم بالصدقة) ‪ ،‬وأبواب الصدقة واسعة جـداً‪ ،‬وهذا‬ ‫احلديث يدل عىل أن البالء ال ُيدفع إال بالعمل الصالح ‪،‬‬ ‫بمعنى ‪ :‬أن األمور القدرية الكونية ال تُدفع وال تُرفع‬ ‫رد‬ ‫إال باألمور الرشعية ‪ ،‬وقد ثبت يف احلديث ‪ ( :‬ال َي ُ‬ ‫الدعاء ) ‪ ،‬فافهم هذا جيد ًا فإنه من جليل ِ‬ ‫العلم‬ ‫القضاء إال ُّ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ودقيقه ‪.‬‬ ‫((( وسيأيت بيان ذلك بالتفصيل بعد قليل‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫ﱹﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ‬ ‫وقال اهلل تعاىل ‪:‬‬ ‫ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ‬ ‫ﰊ ﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ‬ ‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ‬ ‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ‬ ‫ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ‬ ‫ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ‬ ‫ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ‬ ‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ‬ ‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﱸ‬ ‫‪35‬‬ ‫[القصص‪.]28-20 :‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫قلت ‪ :‬تأمل معي هذه القصة العجيبة والغريبة واخلامتة‬ ‫ُ‬ ‫اجلليلة ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬خرج نبي اهلل من بالد ِمرص وحـده خـائـف ًا يرتقب‬ ‫خشية أن يفتك األعداء به ‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬ذهب لبالد َمدين وهو أعزب فقري ‪.‬‬ ‫قال ابن عباس ﵠ‪ ( :‬سار موسى ﷺ من ِمرص‬ ‫إىل َمدين ‪ ،‬ليس له طعام إال البقل وورق الشجر ‪ ،‬وكان‬ ‫حافياً‪ ،‬فام وصل َمد َين ‪ ،‬حتى سقطت نعل قدمه ‪ ،‬وجلس‬ ‫يف ِ‬ ‫الظل ‪ ،‬وهو صفوة اهلل من خلقه ‪ ،‬وإن بطنه الصق بظهره‬ ‫من اجلوع ‪ ،‬وإن خرضة البقل ُلرُتى من داخل جوفه ‪ ،‬وإنه‬ ‫ملحتاج إىل ِشق مترة ﷺ )‪.‬‬ ‫جـ ‪َ -‬صنع اخلري واملعروف لنساء ال يعرفهن ‪.‬‬ ‫د ‪ -‬آل بـه ُصنع اخلري إىل أن ساقه اهلل سبحانه للرجل‬ ‫‪36‬‬ ‫الصالح ‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫ال يكسب من خالله الرزق‬ ‫س – تزوج ‪ ،‬ووجـد َعم ً‬ ‫احلالل ‪.‬‬ ‫ش ‪ -‬دخل َمدين فقرياً‪ ،‬وخرج منها غنياً‪.‬‬ ‫بم ٍ‬ ‫حنة عظيمة ‪ ،‬وانتهت‬ ‫ص ‪ -‬بعد هذه القصة التي بدأت ِ‬ ‫بمنح ٍة أعظم وأكرم أصبح فيها كليم اهلل ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قال اهلل تعاىل ‪ :‬ﱹ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ‬ ‫ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ‬ ‫ﮁ ﮂ ﱸ [القصص‪.]30-29 :‬‬ ‫قلب األقدار لصاحلك من العالج العظيم‬ ‫عالج الصدقة وفعل املعروف يف احلقيقة هـــو ‪ :‬من‬ ‫‪37‬‬ ‫ُمعاجلة األقدار الكونية باألقدار الرشعية ‪ ،‬عالج قدر‬ ‫بقدر مضاد ‪ ،‬وهذه مسألة جليلة تتع ّلق بالتوحيد وغريها‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫من أحكام الرشع املطهر ‪ ،‬وهي رد القضاء الكوين بالقدر‬ ‫الرشعي يف املايض واحلارض واملستقبل ‪ ،‬وهي من املسائل‬ ‫العظيمة الكبرية اخلطرية والتي ال تُغني هذه السطور اليسرية‬ ‫عمن أراد الزيادة منها ‪ ،‬وما يعقلها َّإاَّل العاملون ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ﱹﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ‬ ‫يف قوله تعاىل ‪:‬‬ ‫ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ‬ ‫ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﱸ‬ ‫[الصافات‪.]144-139 :‬‬ ‫ٍ‬ ‫بسند برصي عن قتادة بن دعامة السدويس التابعي‬ ‫صح‬ ‫َّ‬ ‫ﵫ ‪ ،‬يف قوله تعاىل ‪ :‬ﱹ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﱸ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫الرخاء ‪َّ ،‬‬ ‫فنجاه اهلل بذلك ‪.‬‬ ‫( كان كثري َّ ِ‬ ‫الصالة يف ّ‬ ‫وقال ‪ :‬وقد كان يقال يف احلكمة ‪ :‬إن العمل الصالح يرفع‬ ‫(‪)1‬‬ ‫صاحبه إذا ما َع َثر ‪ ،‬فإذا ُرُصع وجدَ ُمتكئ ًا )‪.‬‬ ‫‪38‬‬ ‫((( رواه ابن جرير يف التفسري ‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وصح عن الضحاك بن قيس ﵠ أنه قال ‪ ( :‬اذكروا‬ ‫َّ‬ ‫اهلل يف الرخاء يذكركم يف الشدة ‪ ،‬فإن يونس كان عبد ًا صاحل ًا‬ ‫ذاكر ًا هلل ‪ ،‬فلام وقع يف بطن احلوت ‪ ،‬قال اهلل تعاىل ‪ :‬فلوال أنه‬ ‫كان من املسبحني للبث يف بطنه إىل يوم يبعثون )‪.‬‬ ‫قدم‬ ‫وقال احلسن البرصي التابعي ﵫ ‪ ( :‬لوال أنه ّ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ال صاحل ًا للبث يف بطنه )‪.‬‬ ‫عم ً‬ ‫والدنيا ُمعاجلة‬ ‫ومن قواعد الرشيعة ُ‬ ‫الكربى يف الدِّ ين ُّ‬ ‫األمر بضده ‪ ،‬ونصوص الوحيني كثرية جد ًا بذلك ‪:‬‬ ‫ﱹﯓﯔﯕﯖ‬ ‫فمن الكتاب العزيز قوله تعاىل ‪:‬‬ ‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﱸ [البقرة‪.]104 :‬‬ ‫وقوله ‪ :‬ﱹ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﱸ [هود‪.]114 :‬‬ ‫‪39‬‬ ‫((( فصنائع املعروف املاضية تقي مصارع السوء املستقبلية‪.‬‬ ‫((( واحلسنات والسيئات كلها من األقدار‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫السنة حديث ‪( :‬أتبع السيئة احلسنة متحها)‪.‬‬ ‫ومن ُّ‬ ‫وحديث ‪( :‬من حلف منكم فقال يف حلفه‪ :‬والالت‬ ‫والعزى فليقل‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬ومن قال لصاحبه‪ :‬تعال‬ ‫أقامرك فليتصدق بيشء )‪.‬‬ ‫ألن القامر خطيئة والصدقة حسنة متحها ‪ ،‬وهكذا يف كل‬ ‫ذنب أو قدر مكروه ‪ :‬اتبعه بالصدقة مبارشة ‪ ،‬والصدقة‬ ‫أمرها واسع جد ًا ‪ ،‬وكل معروف صدقة ‪.‬‬ ‫وحديث ‪( :‬البصاق يف املسجد خطيئة وكفارهتا دفنها)‪.‬‬ ‫وحديث املجاهد مع الوالدين ‪( :‬فارجع إليهام فأضحكهام‬ ‫كام أبكيتهام)‪.‬‬ ‫ال التقطت‬ ‫وعن عبد اهلل بن َعمرو ﵠ ‪( :‬أن رج ً‬ ‫ديناراً‪ ،‬فقال عبد اهلل‪ :‬ال يؤوي الضالة إال ضال‪ ،‬قال‪ :‬فأهوى‬ ‫‪40‬‬ ‫به الرجل لريمي به‪ ،‬فقال‪ :‬ال تفعل‪ ،‬قال‪ :‬فام أصنع به؟‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫فرده إليه‪ ،‬وإال‬ ‫ُـعـرفـه فإن جاء صاحبه ُ‬ ‫قال عبد اهلل ‪ :‬ت ِّ‬ ‫فتصدق به )‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وصـح عن ُعمر بن اخلطاب ﵠ أنه قال ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ومَتعددوا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وانتضلوا‪َ ،‬‬ ‫(أخيفوا اهلوا َّم قبل أن تُـخـيـفـكم‪،‬‬ ‫وفـرقـوا عن‬ ‫وشنوا‪ ،‬واجعلوا الرأس رأسني‪،‬‬ ‫واخش ِ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫املنية‪ ،‬وال ت ِ‬ ‫ُـلـثُّـوا بدار َمعجزة‪ ،‬وأخيفوا احليات قبل أن‬ ‫تُـخـيـفـكم‪ ،‬وأصلحوا مثاويكم )‪.‬‬ ‫وقال ابن كثري ﵫ يف تفسريه ‪( :‬واليشء ُيداوى‬ ‫بضده)‪.‬‬ ‫وقال ابن اجلوزي ﵫ يف صيد اخلاطر‪( :‬وفصل‬ ‫اخلطاب يف هذا‪ :‬أنـه ينبغي أن ُيـقـاوم املرض بضده )‪.‬‬ ‫وقال ابن تيمية ﵫ يف الفتاوى ‪ ( :‬أنفع ما للخاصة‬ ‫والعامة ‪ِ :‬‬ ‫العلم بام خي ّلص النفوس مـن هـذه الورطات ‪،‬‬ ‫‪41‬‬ ‫وهو إتباع السيئات احلسنات )‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وقال أيض ًا ﵫ ‪ ( :‬إن الصحة ُحُتفظ باملثل ‪ ،‬واملرض‬ ‫بالضد ‪ ،‬فصحة القلب باإليامن ُحُتفظ باملثل ‪ ،‬وهو ما‬ ‫ّ‬ ‫ُيدفع‬ ‫العلم النافع والعمل الصالح ‪ ،‬فتلك‬ ‫يورث القلب إيامن ًا من ِ‬ ‫أغذية ل ُه )‪.‬‬ ‫وقال العالمة إبراهيم بن إسحاق احلريب (ت ‪ 285‬هـ)‬ ‫ﵫ ‪( :‬أمجع ُعقالء كل ِم ّلة أنـه من مل جير مع القدر مل‬ ‫(‪)1‬‬ ‫يتهنأ بعيشه )‪.‬‬ ‫وقـال العالمـة الصنعـاين ﵫ عنـد حديـث ‪:‬‬ ‫(والصدقـة تُطفـئ اخلطيئـة‪ ،‬كما ُيطفـئ الـماء النـار) ‪،‬‬ ‫نـصـه ‪:‬‬ ‫ما ّ‬ ‫تسببت من فعل اخلطيئة يف اآلخرة‪،‬‬ ‫(أي‪ :‬تُطفئ النار التي ّ‬ ‫أو أن اخلطيئة نار يف القلب ف ُتطفئها الصدقة‪ ،‬فينبغي ملن‬ ‫(‪)2‬‬ ‫التصدق عىل أثرها )‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫قارف خطيئة‪،‬‬ ‫((( وسيأيت كالم اإلمام السختياين بمعناه‪.‬‬ ‫‪42‬‬ ‫((( والصدقة من األمور الرشعية التي ُيعارض هبا القضاء الكوين‬ ‫الذي وقع‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫أن‬ ‫وقال ابن امللقن ﵫ ‪( :‬ومن ُل ِ‬ ‫طف اهلل تعاىل َّ‬ ‫ري عكسه‪:‬‬ ‫اد ٌر‪ ،‬والكث ُ‬ ‫انقالب الناس ِم َن َ‬ ‫الـخـيـر إىل الرَّشَّ َن ِ‬ ‫َ‬ ‫محتي َسب َقت َغضبِي )‪.‬‬ ‫إن ر َ‬ ‫َّ‬ ‫وقال العالمة ابن القيم ﵫ ‪( :‬الفقيه ُّ‬ ‫كـل الفقيه‪،‬‬ ‫الذي يـر ّد القدر بالقدر‪ ،‬ويدفع القدر بالقدر‪ ،‬و ُيعارض‬ ‫فإن‬ ‫اإلنسان يعيش إال بذلك‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫القدر بالقدر‪ ،‬بـل ال يمكن‬ ‫اجلوع والعطش والربد وأنـواع الـمخـاوف والـمـحـاذيـر‬ ‫والـخلـق ك ّلهم ساعون يف دفع هـذا القدر‬ ‫ُ‬ ‫هي من القدر‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫بالقدر )‪.‬‬ ‫وقال أيض ًا ﵫ يف شفاء العليل ‪ ( :‬اآلالم واملشاق ‪:‬‬ ‫إما إحسان ورمحة ‪ ،‬وإما عدل وحكمة ‪ ،‬وإما إصالح وهتيئة‬ ‫خلري حيصل بعدها ‪ ،‬وإما لدفع أمل هو أصعب منها ‪ ،‬وإما‬ ‫لتولدها عن لذات ونعم يولدها عنها أمر الزم لتلك اللذات ‪،‬‬ ‫‪43‬‬ ‫وإما أن يكون من لوازم العدل أو لوازم الفضل واإلحسان ‪،‬‬ ‫((( وهذا من أنفس الكلامت‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫فيكون من لوازم اخلري التي إن عطلت ملزوماهتا فات‬ ‫بتعطيلها خري أعظم من مفسدة تلك اآلالم )‪.‬‬ ‫وقال ابن تيمية ﵫ يف الفتاوى ‪ ( :‬وهلذا قال الشيخ‬ ‫عبد القادر ﵫ ‪ :‬كثري من الرجال إذا دخلوا إىل القضاء‬ ‫والقدر أمسكوا ‪ ،‬وأنا انفتحت يل فيه روزنة ‪ ،‬فنازعت أقدار‬ ‫يكون ُمنازع ًا للقدر ال من‬ ‫ُ‬ ‫احلق باحلق للحق ‪ ،‬والو ُّيل َمن‬ ‫يكون ُموافق ًا له ‪.‬‬ ‫وهذا الذي قاله الشيخ تكلم به عىل لسان املحمدية ‪،‬‬ ‫أي ‪ :‬أن املسـلم مأمـور أن يفعـل مـا أمـر اهلل بـه ويدفـع‬ ‫ما هنى اهلل عنه ‪ ،‬وإن كانت أسبا ُب ُه قد ُقـدِّ رت ‪ ،‬فيدفع قدر اهلل‬ ‫بقـدر اهلل ‪ ،‬كما جـاء يف احلديـث الـذي رواه الطبراين يف‬ ‫كتـاب الدعـاء عـن النبـي صلى اهلل تعـاىل عليـه وسـلم ‪:‬‬ ‫إن الدعـاء والبلاء ليلتقيـان بين السماء واألرض ‪ ،‬ويف‬ ‫‪44‬‬ ‫الرتمذي ‪ :‬قيل يا رسول اهلل ‪ ،‬أرأيت أدوية نتداوى هبا ورقى‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫نسرتقي هبا وتقى نتقيها ‪ ،‬هل ترد من قدر اهلل شيئ ًا ؟ فقال ‪:‬‬ ‫هن من قدر اهلل ‪.‬‬ ‫وإىل هذين املعنيني ‪ :‬أشار احلديث الذي رواه الطرباين‬ ‫أيض ًا عن النبي ﷺ أنه قال ‪ :‬يقول اهلل يا ابن آدم إنام هي أربع ‪:‬‬ ‫واحدة يل وواحدة لك وواحدة بيني وبينك وواحدة بينك‬ ‫وبني خلقي ؟ فأما التي يل ‪ :‬فتعبدين ال ترشك يب شيئ ًا ‪ ،‬وأما‬ ‫التي لك فعملك أجزيك به أحوج ما تكون إليه ‪ ،‬وأما التي‬ ‫الدعاء وع َّ‬ ‫يل اإلجابة ‪ ،‬وأما التي بينك‬ ‫هي بيني وبينك فمنك ُّ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫وبني خلقي فأت إىل الناس بام حتب أن يأتوه إليك )‪.‬‬ ‫وقال ابن قتيبة (ت ‪ 276‬هـ) ﵫ ‪ ( :‬ولن تكمل احلكمة‬ ‫ـعـرف كل واحد منهام‬ ‫ِ‬ ‫والقدرة إال بخلق اليشء وضده ‪ ،‬ل ُـي َ‬ ‫بصاحبه ‪ ،‬فالنور ُيعرف بالظلمة ‪ِ ،‬‬ ‫والعلم ُيعرف باجلهل ‪،‬‬ ‫واخلري ُيعرف بالرش ‪ ،‬والنفع ُيعرف بالرض ‪ ،‬واحللو ُيعرف‬ ‫‪45‬‬ ‫بـالـمـر ‪ ،‬لقول اهلل ىلاعتو كرابت ‪ :‬سبحان الذي خلق األزواج‬ ‫ُ‬ ‫((( وهذا كالم جليل ال يفقهه أكثر الناس‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫كلها مما تنبت األرض ومن أنفسهم ومما ال يعلمون ‪ ،‬واألزواج ‪:‬‬ ‫األضداد واألصناف ‪ ،‬كالذكر واألنثى ‪ ،‬واليابس والرطب ‪،‬‬ ‫وقال تعاىل ‪ :‬وأنه خلق الزوجني الذكر واألنثى )‪.‬‬ ‫وقال ابن مفلح ﵫ يف اآلداب ‪( :‬واعلم أن األصل‬ ‫يف العالج ويف ِحفظ الصحة وقوة البدن‪ ،‬دفع َرَضر يشء‬ ‫بمقابله ‪ ،‬كالبارد باحلار‪ ،‬والرطب باليابس وبالضد‪ ،‬لـام يف‬ ‫ذلك من التعديل ودفع َرَضر كل كيفية أو أكثر بام ُيقابلها‪،‬‬ ‫ومن هذا ما يف الصحيحني عن عبد اهلل بن جعفر قال‪ :‬رأيت‬ ‫رسول اهلل ﷺ يأكل الرطب بالقثاء‪ ،‬وعن عائشة ‬ ‫قالت‪ :‬أرادت أمي أن تُسمنني لدخويل عىل رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فلم أقبل عليها بيشء مما تريد حتى أطعمتني القثاء بالرطب‪،‬‬ ‫فسمنت عليه كأحسن السمن )‪.‬‬ ‫وقال ابن تيمية ﵫ يف الفتاوى ‪ ( :‬التوبة من أعظم‬ ‫‪46‬‬ ‫احلسنات ‪ ،‬واحلسنات كلها مرشوط فيها اإلخالص هلل‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وموافقة أمره باتباع رسوله ‪ ،‬واالستغفار من أكرب احلسنات‬ ‫وبابه واسع ‪.‬‬ ‫فمن أحس بتقصري يف قوله أو عمله أو حاله أو رزقه أو‬ ‫تق ّلب قلب ‪ :‬فعليه بالتوحيد واالستغفار ‪ ،‬ففيهام الشفاء إذا‬ ‫كانا بصدق وإخالص ‪.‬‬ ‫وكذلك إذا وجد العبد تقصري ًا يف حقوق القرابة واألهل‬ ‫بالدعاء هلم واالستغفار ‪.‬‬ ‫واألوالد واجلريان واإلخوان ‪ ،‬فعليه ُّ‬ ‫قال حذيفة بن اليامن ﵠ للنبي ﷺ ‪ :‬إن يل لسان ًا ذرب ًا‬ ‫عىل أهيل ‪.‬فقال له ‪ :‬أين أنت من االستغفار ؟ إين ألستغفر‬ ‫اهلل يف اليوم أكثر من سبعني مرة )‪.‬‬ ‫ـواء‬ ‫والشــاهد منــه هــو ‪ :‬التقصــر الواقــع مــن العبــد سـ ٌ‬ ‫يف حــق اخلالــق أو يف حــق املخلــوق ‪ :‬كــوين ال ُبـــد منــه وال‬ ‫يســلم منــه البــر أبــــد ًا ‪ ،‬والتوبــة واالســتغفار ونحومهــا‬ ‫‪47‬‬ ‫مــن األعــال الصاحلــة رشعــي ‪ ،‬فــر َّد القضــاء الكــوين بالقدر‬ ‫الرشعي املأمور بـــه ‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫الدعاء ) ‪،‬‬ ‫يرد القضاء إال ُّ‬ ‫صح احلديث ‪ ( :‬ال ُ‬ ‫قلت ‪ :‬وقد َّ‬ ‫ُ‬ ‫والدعاء رشعي فنعالج القدر بالرشع ‪.‬‬ ‫والقضاء كوين ُّ‬ ‫ومن معاين ذلك ‪ :‬أن األمور الكونية القدرية مما قضاها‬ ‫اهلل يف سابق ِعلمه ووقع بعضها وبعضها مل يقع ‪ ،‬قـد تُـر ّد‬ ‫الدعاء وصنائع املعروف ونوايا اخلري‬ ‫باألمور الرشعية من ُّ‬ ‫والصدقة و ُنرصة الدِّ ين وغري ذلك من األمور الرشعية‬ ‫املأمور هبا العبد ‪.‬‬ ‫والعكس بالعكس ‪ :‬فافهم وال ُ‬ ‫تكن من اجلاهلني ‪ ،‬فقدر‬ ‫السوء تستمطر به قدر السوء ‪ ،‬وقدر اخلري تستجلب به قدر‬ ‫اخلري ‪ ،‬ﱹ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﱸ [الصف‪ ، ]5 :‬ﱹ ﯱ ﯲ‬ ‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﱸ [حممد‪ ، ]17 :‬ﱹ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬ ‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﱸ [الرعد‪ ، ]11 :‬واهلل يف عون العبد مادام‬ ‫‪48‬‬ ‫يستمر يف عون أخيه ويداوم عىل ذلك ‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫بالء َّإاَّل بذنب ‪ ،‬وال ُر ِفـع وال ُد ِفع َّإاَّل بتوبة صادقة ‪،‬‬ ‫فام نزل ٌ‬ ‫وصح باحلديث ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫فتعرف عىل اهلل بالرخاء يعرفك بالشدة ‪،‬‬ ‫( من رسه أن يستجيب اهلل له عند الشدائد والكرب ‪ ،‬فليكثر‬ ‫والدعاء من األمور الرشعية ‪ ،‬والبالء‬ ‫الدعاء يف الرخاء ) ‪ُّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫بأنواعه من الكونيات فافهم ‪.‬‬ ‫وقد قال اهلل تعاىل ‪ :‬ﱹ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﱸ‬ ‫[احلجر‪.]99-97 :‬‬ ‫وقــال سبحانه ‪ :‬ﱹ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﱸ‬ ‫[طه‪.]130 :‬‬ ‫التحول‬ ‫ُّ‬ ‫والدنيا ‪:‬‬ ‫ومن القواعد الرشعية ُ‬ ‫الكربى يف الدِّ ين ُّ‬ ‫من األقدار السيئة واألحوال الكرهية إىل عكسها متام ًا ‪ ،‬وال‬ ‫‪49‬‬ ‫يكون هذا التحول والتغري َّإاَّل بعد وقوع األقدار الكونية ‪،‬‬ ‫ف ُنعارضها بالرشعيات ‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫واألمثلـة كثيرة ‪ :‬كتحول النائـم من رؤيـا يكرهها ‪ ،‬أو‬ ‫الناعس يف املسـجد والنعاس من الشيطان غالب ًا ‪ ،‬واالنتقال‬ ‫السـنة ‪،‬‬ ‫مـن دار الكفـر إىل دار اإلسلام ‪ ،‬ومـن البدعـة إىل ُّ‬ ‫ومـن املعصيـة للطاعـة ‪ ،‬ومـن الذنـب للتوبـة ‪ ،‬وهـذا‬ ‫يشـمل األسماء واهليئات واألوصاف القبيحة واجللسـات‬ ‫واألوضاع الكرهية وغري ذلك ‪ ،‬حتى يف العبادات كالصلوات‬ ‫ونحوها ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وأمرنا ‪ :‬عند اآليات الكونية من خسوف وكسوف‬ ‫وزالزل ونحومها بالصالة والصدقة واإلنابة ونحوها من‬ ‫الرشعيات ‪.‬‬ ‫وإذا كانت الصالة هي احلل والتغيري من احلال السيئة‬ ‫ُـغـيـر ما َّ‬ ‫حـل بك‬ ‫إىل احلال احلسنة يف األمور الكونية ‪ ،‬أال ت ِّ‬ ‫من اهلموم والغموم والقلق واألرق واملرض ونحوها من‬ ‫أمورك الشخصية !!! فتـأمـل قليالً‪ ،‬ﱹ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫‪50‬‬ ‫ﯡﯢﯣﯤﯥﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﱸ‬ ‫[الرشح‪.]8-1 :‬‬ ‫أثر سلفي عجيب‬ ‫قال الفقيه الكبري أيوب بن أيب َمَتيمة َّ‬ ‫السختياين التابعي‬ ‫(ت ‪ 131‬هـ ) ﵫ ‪ ( :‬إذا َمَل َي ُك ْن ما تُريدُ ‪َ ،‬فأ ِر ْد ما‬ ‫َي ُك ُ‬ ‫ون )‪.‬‬ ‫قال ُسليامن – ابن حرب بن َبجيل راوي اخلرب ‪ : -‬هذا يف‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ـل َيَش ٍء )‪.‬‬ ‫ُك ِّ‬ ‫وقال احلافظ ابن القيم ﵫ ‪ ( :‬فتبارك اهلل خالق هذا‬ ‫وهذا كام ظهرت هلم قدرته التامة يف خلق الليل والنهار ‪،‬‬ ‫والضياء والظالم ‪ ،‬والداء والدواء ‪ ،‬واحلياة واملوت ‪ ،‬واحلر‬ ‫والربد ‪ ،‬واحلسن والقبيح ‪ ،‬واألرض والسامء ‪ ،‬والذكر‬ ‫((( من كتاب ‪ :‬املعرفة والتاريخ للفسوي (‪ )233/2‬وسنده برصي‬ ‫‪51‬‬ ‫صحيح ‪ ،‬وهذه كلمة عميقة وجليلة وعظيمة وخالصتها ‪:‬‬ ‫رد القدر الكوين بالقدر الرشعي ‪ ،‬و ُمعاجلة القدر بقدر ُمضاد‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫واألنثى ‪ ،‬واملاء والنار ‪ ،‬واخلري والرش ‪ ،‬وذلك من أدل‬ ‫الدالئل عىل كامل قدرته وعزته وسلطانه وملكه ‪ ،‬فإنه خلق‬ ‫هذه املتضادات ‪ ،‬وقابل بعضها ببعض ‪ ،‬وس ّلط بعضها‬ ‫عىل بعض ‪ ،‬وجعلها حمال ترصفه وتدبريه وحكمته ‪ ،‬فخلو‬ ‫الوجود عن بعضها بالكلية ‪ ،‬تعطيل حلكمته وكامل ترصفه‬ ‫(‪)1‬‬ ‫وتدبري مملكته )‪.‬‬ ‫وقال العالمة ابن رجب احلنبيل ﵫ ‪ ( :‬املؤمن يميش‬ ‫مع البالء كيف ما مشى به‪ ،‬فيلني له فيق ّلبه البالء يمنة‬ ‫ويرسة‪ ،‬فك ّلام أداره استدار معه‪ ،‬فيكون عاقبته العافية من‬ ‫وحسن اخلامتة‪ ،‬وتوقي ميتة السوء ‪.‬‬ ‫البالء ُ‬ ‫فلهذا كان مثله كمثل السنبلة تفيئها الرياح يمنة ويرسة‪،‬‬ ‫فال ترضه الرياح كام يف أمثال العرب ‪ :‬إذا رأيت الريح عاصف ًا‬ ‫فتطامن ‪ ،‬أي ‪ :‬إذا رأيت األمر غالب ًا فاخضع له ‪.‬‬ ‫‪52‬‬ ‫((( من املدارج وهو كالم عظيم جد ًا ملن تأمله‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫وقال احلكامء ‪ :‬ال ُيرد العدو القوي بمثل اخلضوع له‪،‬‬ ‫ومثله مثل الريح العاصف يسلم منها الزرع لِلينه هلا ومعها‪،‬‬ ‫ويتقصف منها الشجر العظام النتصاهبا هلا ‪.‬‬ ‫فإن الفاجر لقوته وتعاظمه يتقاوى َع َىَل األقدار‪،‬‬ ‫ويستعيص عليها‪ ،‬كشجرة الصنوبر التي تستعيص َع َىَل‬ ‫الرياح‪ ،‬وال تتطامن معها‪ ،‬فتس ّلط عليه ريح عاصف ال‬ ‫(‪)1‬‬ ‫يقوى عليها ‪ ،‬فتقلعه من أصله بعروقه فتهلكه )‪.‬‬ ‫‪53‬‬ ‫((( من رسالته ‪ :‬غاية النفع ‪.‬‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫اخلامتة‬ ‫قلت ‪ :‬وال ختفى عليك قصة الفاروق ُعمر بن اخلطاب‬ ‫ُ‬ ‫ﵠ حني قال له السارق ‪ :‬رسقت بقدر اهلل !!‬ ‫فرد عليه بقوله ‪ :‬ونحن نقطع يدك بقدر اهلل ‪ ،‬واحلدود‬ ‫من الرشعيات ‪ ،‬ورسقته‪ -‬ال ُحجته الواهيه فـانـتـبـه ‪-‬‬ ‫ٌ‬ ‫وفرق بني من حيتج بالقدر عىل‬ ‫التي كانت من الكونيات ‪،‬‬ ‫باطله ‪ ،‬وبني من ُيعارضه باحلق ألجل احلق ‪.‬‬ ‫وكم من أبناء جلدتنا من حيتج عىل تقصريه وفتوره‬ ‫وخذالنه يف ُنرصة هذا الدِّ ين بحجة هذا السارق وأن احلقوق‬ ‫ُ‬ ‫كثرية !!‬ ‫فينبغي ملن قدر عليهم أن يفعل فعل ُعمر ﵠ فيهم ‪،‬‬ ‫ووقتها تكون من جزاء السيئة بسيئة مثلها ‪ ،‬وما ربك ّ‬ ‫بظاّلم‬ ‫للعبيد ‪.‬‬ ‫‪54‬‬ ‫رب العاملني‬ ‫تم واحلمد هلل ِّ‬ ‫التداوي بالصدقة وفعل املعروف‬ ‫الفهرس‬ ‫املقدمة ‪5.........................................................................................................‬‬ ‫العالج بالصدقة ‪5...................................................................................‬‬ ‫قصص تأرخيية ‪8.......................................................................................‬‬ ‫تصحيح لتصحيف مشهور‪11.....................................................‬‬ ‫العالج بفعل املعروف ‪11..................................................................‬‬ ‫فعل املعروف حيقن الدماء‪17.........................................................‬‬ ‫اجلزاء من جنس عملك ‪22..............................................................‬‬ ‫العالج بنية اخلري فقط ‪24...................................................................‬‬ ‫فعل املعروف ينفع الكافر ‪29..........................................................‬‬ ‫رضبات استباقية عالجية‪30...........................................................‬‬ ‫فضل املعروف بمراحل القدر الثالثة ‪32..............................‬‬ ‫قلب األقدار لصاحلك من العالج العظيم ‪37...................‬‬ ‫أثر سلفي عجيب ‪51.............................................................................‬‬ ‫اخلامتة‪54.........................................................................................................‬‬ ‫‪55‬‬ ‫الفهرس ‪55...................................................................................................‬‬ ‫تنسيق وإخراج فني‬ ‫^‪crK‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪00966 56 897 3136‬‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser