مقدمة في الجغرافيا السياسية PDF
Document Details
Tags
Summary
مقدمة في الجغرافيا السياسية هي دراسة الصراع على السيطرة الجغرافية على الصعيد العالمي. يقدم المقرر إطارًا لفهم ديناميكيات السياسة العالمية، ومحاولة التعاطف مع التنوع في السياقات السياسية والجهات الفاعلة في جميع أنحاء العالم. يتناول هذا المقرر تاريخ الجغرافيا السياسية، مع التركيز على التغيرات المتعلقة بالعولمة.
Full Transcript
جغر ٢٠٧مقدمة في الجغرافيا السياسية ١ أوال مقدمة ما الذي يقودك إلى الجغرافيا السياسية؟...
جغر ٢٠٧مقدمة في الجغرافيا السياسية ١ أوال مقدمة ما الذي يقودك إلى الجغرافيا السياسية؟ هل تراها وسيلة لشرح العالم؟ قد يبدو هذا معقوال، ولكن على مدى الستين عاما الماضية.أو نحو ذلك ،نأى العلماء ،والجغرافيون على وجه الخصوص ،بأنفسهم عن هذا الموضوع بسبب تاريخ العلم وارتباطة بالحقبة االستعمارية من خالل النظريات الجيوسياسية الكالسيكية ( الواقعية التقليدية ) ،ال سيما مدرسة الجيبولتيك األلمانية . اآلن تخصص الجغرافيا قادرا على توفير إطار فعال للحكومات و للطالب ولعامة الناس لفهم ديناميكيات السياسة العالمية ،أو ما يمكن أن نطلق عليه الجغرافيا السياسية تحديدا الجيوسياسية ( الجيوسياسية فرع من الجغرافيا السياسية ). إن ما دفع الكثير من الناس إلى دراسة الجغرافيا السياسية على األقل منذ أواخر القرن التاسع عشر ،وما زال يفعل ذلك هو قدرتها الواضحة على أن تشرح بعبارات بسيطة عالما معقدًا، ومهددا وغير مؤكد بالنسبة للبعض ،ومن خالل تقديم تفسيرات بسيطة.من الممكن أن تكون الجغرافيا السياسية مطمئنة ،إذ تقدم تفسيرات وحلوالً أحادية البعد.مثل هذه التفسيرات مطمئنة ألنها تخلق الوهم بالقدرة على معرفة العالم وبالتالي فهمه ،وإذا فهمنا شيئًا ما ،فهذا يعني وجود عالقة سيطرة ،إن الوعود المطمئنة بالتفاهم والسيطرة يتم تعزيزها من خالل وعد آخر للجغرافيا السياسية التنبؤ لقد ادعت النظريات الجيوسياسية دائما قدرتها على إخبارنا كيف سيكون العالم - ماذا وأين ستكون التهديدات المستقبلية -وبالتالي تقدم وصفات أو مضامين سياسية . الهدف األساسي من هذا المقرر هو تقديم الجغرافيا السياسية كإطار لفهم العالم في تعقيداته ،أو كطريق لمحاولة االستكشاف والتعاطف مع تنوع السياقات السياسية والجهات الفاعلة في جميع أنحاء العالم ،وينصب التركيز على التحقيق والتعلم المستمر ،مع العلم أننا ال نستطيع أن نفهم 1 موقف اآلخرين وأهدافهم إال جزئيا ،بدال من تحديد نموذج جيوسياسي مبسط يستخدمه األقوياء كأداة إلعالن ما هو صواب. بد ًءا من السؤال "ما الذي دفعك إلى الجغرافيا السياسية؟" يتضمن هذا ارتباطا جديدا وهادفا بموضوع أكاديمي ،وهو التحاقك بهذا المقرر كفصل جامعي اخترته. بحلول نهاية المقرر ستتعلم كيف تفهم التفسيرات الجيوسياسية التي يقدمها المعلقون ،ووسائل اإلعالم والثقافة الشعبية ،ونأمل أيضا أن يكون لديك مجموعة أدوات خاصة بك الستكشاف الموضوع الرائع والمهم للجغرافيا السياسية ،بمعنى آخر ،يهدف المقرر إلى تزويدك بالقدرة على التفكير وتطوير فهمك الخاص للجغرافيا السياسية. إذن ما هي الجغرافيا السياسية؟ :يتعلق األمر بممارسة السلطة ،يتعلق األمر بالجغرافيا.يتعلق األمر باألفعال يتعلق األمر بكيفية تصوير تلك التصرفات أو تمثيلها.الجغرافيا السياسية تدور حول كيفية خلق الفاعلين السياسيين في الساحة الدولية للعوالم.فهو يدور حول كيفية مقاومة الفاعل السياسي األضعف لمثل هذه الجهود ،وفي بعض السياقات ،كيف قاموا ببناء عوالمهم الخاصة جزئيا.يتعلق األمر بعدد كبير من اإلجراءات والجهات الفاعلة سياسيا (خصوصا الدول ) المترابطة والمناطق الجغرافية التي يصنعونها ويغيرونها ويدمرونها ويحافظون عليها. وسيشرح المقرر هذه األجزاء المكونة للجغرافيا السياسية ويربط بينها.للبدء ،سيتم شرح العالقة بين الجغرافيا السياسية والجغرافيا.وسيتم تقديم تاريخ موجز للجغرافيا السياسية إلعطائك إطارا لفهم التاريخ المضطرب للجغرافيا السياسية والتغيرات األخيرة التي سمحت لها بالظهور مرة أخرى كموضوع أساسي للدراسة ،ولكن الذي يحاول المضي قد ًما مع تجنب مخاطر الماضي. بحلول ذلك الوقت ،سنكون مستعدين لتقديم تعريفنا الخاص للجغرافيا السياسية إلرشادك خالل بقية هذا المقرر. 2 ثانيا :الجغرافيا السياسية :أحد مكونات الجغرافيا البشرية الجغرافيا السياسية هي أحد مكونات الجغرافيا البشرية.لفهم الجغرافيا السياسية ،يجب علينا أو ً ال أن نفهم ما هي الجغرافيا البشرية.إن القول أسهل من الفعل ،وذلك على وجه التحديد ألن الجغرافيا هي فرع متنوع ومتنازع عليه في الواقع التعريف األسهل واألكثر دقة على نحو متزايد هو أن الجغرافيا البشرية هي ما يفعله الجغرافيون البشريون دقيق ،ولكنه ليس مفيدا ً للغاية. الجغرافيا هي نظام خاص ألنه ال يضع مطالبة فكرية ألي موضوع معين.يدرس علماء السياسة السياسة ،ويدرس علماء االجتماع المجتمع ،وما إلى ذلك.ومع ذلك من المرجح أن يضم قسم الجغرافيا بالجامعة مجموعة منتقاة من األكاديميين الذين يدرسون أي شيء بد ًءا من األنهار الجليدية وتغير المناخ العالمي إلى العولمة أو التحضر أو سياسات الهوية السمة المشتركة هي المنظور المستخدم لتحليل الموضوع ،وليس الموضوع نفسه.يفحص الجغرافيون العالم من خالل منظور جغرافي /مكاني) ،ويقدمون رؤية جديدة للتخصصات "الشقيقة".تنقسم الجغرافيا البشرية إلى تخصصات فرعية على سبيل المثال ،ينظر الجغرافيون االقتصاديون إلى القضايا االقتصادية ،وينظر الجغرافيون السياسيون إلى القضايا السياسية ،وما إلى ذلك.وقد يدرس الجغرافي السياسي االنتخابات أو الحروب كما يفعل عالم السياسة أو الباحث في العالقات الدولية، ولكنه يختلف بانه يرى علميا أن الفهم الكامل متاح فقط من منظور جغرافي. إذن ما هو المنظور الجغرافي /المكاني؟ في التاريخ الحديث لهذا التخصص جاءت واختفت وجهات النظر السائدة حول ما ينبغي أن يكون عليه المنظور الخاص في منتصف القرن العشرين كان هناك تركيز على الجغرافيا باعتبارها وصفا وتوليفا للجوانب المادية ( البيئة والطبيعة ) واالجتماعية للمنطقة.وفي وقت الحق ،اعتمد العديد من الجغرافيين فهما رياضيا للعالقات المكانية مثل الموقع الجغرافي للمدن وتفاعلها.اليوم.ال تهيمن على الجغرافيا البشرية رؤية مرورا ً واحدة معينة ،بل تهيمن عليها نظريات عديدة ،بد ًءا من االقتصاد الكالسيكي الجديد و بالماركسية والنسوية وحتى ما بعد االستعمار وأشكال مختلفة من ما بعد الحداثة.عالوة على ذلك ،سيكون من الصعب أيضًا التفكير في قضية اجتماعية أو مادية لم تعالجها الجغرافيا المعاصرة . الموضوع المشترك للمنظور الجغرافي هو أن الجغرافيا والمجتمع مبنيان بشكل متبادل.بالنسبة للجغرافيين السياسيين ،هذا يعني أن السياسة تصنع جغرافيات ،وأن الجغرافيات التي يتم إنشاؤها ليست محايدة سياسيًا. 3 إذا كانت الجغرافيا السياسية هي البناء المتبادل للسياسة والجغرافيا والكيانات الجغرافية ،فماذا نعني بـ "الجغرافيا" و"الكيان الجغرافي"؟ أركز في هذا المقرر على المفاهيم األساسية التي تمثل تعبيرات جغرافية مختلفة يمكن تناولها من خالل أطر نظرية مختلفة.سيتم استخدام مفاهيم المكان والفضاء المكاني و المقياس المكاني (النطاق او الحجم) والمنطقة واإلقليم والشبكة الستكشاف الجغرافيا السياسية ،ولربط األفكار التي قدمتها النظريات المختلفة حسب االقتضاء.يتم استخدام كل هذه المفاهيم ،إلى حد ما ،من قبل وجهة النظر البنائية داخل الجغرافيا البشرية ( البنائية تعتبراالطار الفكري األكبر في الجغرافيا السياسية الذي يضم بداخلة العديد من لمداخل /المناهج الفكرية النظرية).حيث توفر المفاهيم نظرة ثاقبة للتفاعل بين عالقات السلطة (القوة ) والجغرافيا. فهل تختلف الجيوسياسية عن الجغرافيا السياسية؟ سؤال جيد وليس له إجابة سهلة أو واضحة الجيوسياسية هي شكل من أشكال الجغرافيا السياسية -فكالهما يأخذ في االعتبار البناء المتبادل للجغرافيا والسياسة.وفي ما نشير إليه باسم "الجيوسياسية الكالسيكية" ،كان نوع السياسة ،وال يزال في كثير من األحيان يقتصر على العالقات الدولية ،أو التفاعالت بين البلدان كانت الجغرافيا السياسية في األصل تتعلق بالسياسة الداخلية مثل االنتخابات ،كانت الجيوسياسية تدور حول المنافسة والصراع بين الدول ويمكن اعتبارها مجموعة فرعية من الجغرافيا السياسية.لقد جعلت األساليب المعاصرة الصورة أكثر تعقيدًا ،حيث من المعروف أن الجغرافيا السياسية تشمل جهات فاعلة أكثر من الدول فقط.على سبيل المثال ،نرى في هذا المقرر المنظمات الدولية ،والشركات العابرة للوطنية والجماعات اإلرهابية تمارس الجغرافيا السياسية.كان التعريف الكالسيكي للجغرافيا السياسية يقتصرعلى أنواع المناطق الجغرافية التي تشمل الدول مثل الحروب بين الدول ،والصراعات الحدودية ،وبناء اإلمبراطوريات اآلن يمكننا أن نتحدث عن الجغرافيا السياسية للفضاء السيبراني حيث ترى الحكومات ومجموعات القراصنة أن الفضاء الوطني غير ذي صلة ألنهم يتجسسون على خوادم الكمبيوتر الحكومية والخاصة ويتسببون في إتالقها.سيكون من غير المناسب عدم إدراج اإلرهاب والهجمات السيبرانية وغيرها من الجهات التي لها تاثير على السياسة العالمية ( سواء كان تاثيرا ً ضارا ال ترغب فيه الدول كالقرصنة واالرهاب ،او تاثيرا ً ايجابيا ً ترغب فيه الدول مثل استثمار الشركات متعددة الجنسيات ( العابرة للوطنية) ) ، في فهمنا المعاصر للجغرافيا السياسية. ولكن هل كل أشكال الجغرافيا السياسية هي جيوسياسية؟ قد يكون هذا هو الحال.يمكننا أن نحاول قصر تعريف الجيوسياسية على تلك التفاعالت بين الجغرافيا والسياسة التي لها بعد دولي أو عالمي.ولكن مع وجود الكثير من الروابط السياسية واالقتصادية والثقافية في جميع أنحاء العالم، 4 فمن الصعب التفكير في عمل سياسي في أي مكان في العالم ليس له أي ارتباط بجزء آخر من العالم. لذا سيتم استخدام الجغرافيا السياسية في المقرر كبديل ودال على الجيوسياسية في الكثير من المواضيع في هذا المقرر منعا لاللتباس. لذا تعريف الجغرافيا السياسية يعترف بتعقيد العالم ،ويهدف إليجاد طريقة لفهم سبب وجود الكثير من الالعبين الجهات الفاعلة الجيوسياسية المتنوعة (سيكون التركيز األساسي في هذا المقرر على الدول باعتبارها الجهات الفاعلة األساسية في الساحة السياسية العالمية ) وكيف ولماذا تتعاون أو تتعارض. ثالثا :النهج ( المقاربات ) الجيوسياسية يتم استخدام تصنيف مبسط األبعاد للمناهج الجيوسياسية لمساعدة القارئ عبر تاريخ الجغرافيا السياسية ،وتنوع الجغرافيا السياسية المعاصرة ،وفكرة أن ماهو جغرافيا سياسية محل نزاع مستمر ،اآلن أكثر من أي وقت مضى. يمكن تصنيف المقاربات الجيوسياسية بشكل اساسي على أنها كالسيكية او بنائية ( البنائية يوجد تداخل بينها وبين بعض افكار ما بعد البنيوية ( النقدية ) والنسوية .وال ينبغي لنا أن نفسر الجغرافيا السياسية الكالسيكية باعتبارها تاريخية وماضيا ً وبالتالي زائدة عن الحاجة.إنه على قيد الحياة وبصحة جيدة.تم إنشاء أسس الجغرافيا السياسية الكالسيكية في عصر االستكشاف األوروبي وما يرتبط به من رغبة وحاجة إلى رؤية العالم ككل مترابط ،يتكون من أجزاء أعطيت تسميات مثل "همجي" بالنسبة للغرب الذي كان يفترض أنه «متحضر» و «متقدم».لقد نظرت إلى الساحة السياسة باعتبارها ساحة تنافس على التفوق بين الدول.ومن ثم ،فقد كان يعتقد في الفكر الكالسيكي أن العالم يمكن تفسيره وفهمه.ونتيجة لذلك يمكن التحكم فيه (وهذا يعرف بمفهوم الخيال الجيوسياسي الحديث).كان هذا الفهم هو األساس للسياسة اإلمبراطورية واالستعمار.لقد صنفت أجزاء من العالم على أنها "همجية" أو "متوحشة" وبالتالي بحاجة للسيطرة االستعمارية من أجل "تطوير" أو "حضارة" سكانها.لقد سارت مثل هذه السياسات الثقافية جنبا إلى جنب مع رسم خريطة للعالم التي صنفت العالم من حيث الموارد القابلة لالستغالل الذهب ،واألخشاب ،والعاج ،واألراضي الصالحة للزراعة ،والقهوة ،والمطاط ،وال تنسى العمالة المحلية الرخيصة أو الناس. 5 في نهاية القرن التاسع عشر ،وصلت المنافسة االستعمارية إلى ذروتها.تم تحدي سيادة اإلمبراطورية البريطانية ،وسعت دول أخرى خاصة ألمانيا واليابان والواليات المتحدة إلى توسيع وجودها االستعماري في جميع أنحاء العالم.في هذه الفترة تم تطوير النظريات "الكالسيكية" ألشخاص مثل السير هالفورد ماكيندر وألفريد ثاير ماهان والجنرال كارل هوسوفر. وتناقش هذه بمزيد من التفصيل الحقا.ومع ذلك ،فإن المناهج /المداخل النظرية للجيوسياسية الكالسيكية عاشت في الحسابات العالمية للحرب الباردة.عالوة على ذلك ،فهي منتشرة اليوم. في الثمانينات ،نشأت الجغرافيا السياسية البنائية ( النظرية االجتماعية ) والتي استخدمت مناهج فكرية مثل الهيكلة ونظرية النظم العالمية كأدوات تحليل في الجغرافيا السياسية ،وفي التسعينات ولدت الجغرافيا ما بعد البنيوية (النقدية) من جسد الفكر المعروف باسم ما بعد الحداثة استخدمت الجغرافيا السياسية النقدية أدوات تحليل الخطاب. جميع المناهج /المداخل النظرية الفكرية في الجغرافيا السياسية منتعشة و في حالة تعافي ،ولكن في هذا المقرر سيتم استخدام منظورين /مدخلين فكريين هما :الهيكلة ( البنية او الهيكل / الفاعل ،وذلك من النظرية البنائية ) ،تحليل الخطاب ( من أفكار ما بعد البنيوية بما فيها دراسات ما بعد االستعمار ) رابعا :تاريخ موجز للجغرافيا السياسية فكرا وممارسة ،بتأسيس الدول القومية باعتبارها المؤسسات السياسية ترتبط الجغرافيا السياسيةً ، المهيمنة.ترتبط الجغرافيا السياسية بشكل خاص بنهاية القرن التاسع عشر وهي فترة المنافسة المتزايدة بين أقوى الدول والنظريات التي تم إنشاؤها في هذا الوقت هي التي سنسميها الجغرافيا السياسية الكالسيكية ( النظريات الجيوسياسية الكالسيكية ).كان ينظر إلى الجغرافيا السياسية في البداية على أنها مجال للصراع بين الدول مع افتراض هادئ مفاده أن الدول الوحيدة التي تجري مناقشتها هي الدول الغربية القوية وبعبارة أخرى كانت هناك محاولة نظرية لفصل الجغرافيا السياسية عن اإلمبريالية -هيمنة الدول القوية على الدول األضعف. ربما يكون السير هالفورد ماكيندر ( )1861-1947هو األكثر شهرة وتأثيرا بين السياسيين الجيوسياسيين الذين ظهروا في نهاية القرن التاسع عشر .وقد استخدم جوهر فكرته في تبرير السياسة النووية للرئيس األمريكي األسبق ريغان ،ويواصل األكاديميون وصناع السياسات 6 مناقشة مزايا نظريته "هارتالند" قلب األرض (العالم ).كان السياق السياسي الذي كتب منه ماكيندر متعدد الطبقات على المستوى الدولي.كان يشعر بالقلق إزاء التراجع النسبي في قوة بريطانيا العظمى عندما واجهت التحدي المتمثل في ألمانيا ،داخل بريطانيا شعرت نزعته المحافظة بالفزع من تدمير أنماط الحياة الزراعية واألرستقراطية التقليدية في أعقاب التصنيع، وخاصة ظهور الطبقة العاملة المنظمة التي قدمت مطالبات بالتغيير االجتماعي.كان هدفه هو الحفاظ على قوة بريطانيا وطبقة النبالء من خالل كتلة إمبراطورية قوية يمكنها مقاومة المنافسين مع الحفاظ على الثروة والبنية االجتماعية األرستقراطية. متأثرا بعمل الفريد تاير ماهان ( )1840-1914رأى ماكيندر أن السياسة العالمية هي نظام مغلق" مما يعني أن تصرفات البلدان المختلفة كانت مترابطة بالضرورة ،وأن المحور الرئيسي للصراع كان بين قوى البر (األراضي) والقوى البحرية.لقد درس جغرافيا وتاريخ القوة البرية من خالل تحديد جوهر أوراسيا في عام 1904باسم "المنطقة المحورية" /االرتكاز ،والتي أعاد تسميتها في عام 1919بـ "قلب األرض".الشكل ( )١سميت هذه المنطقة بالمنطقة المحورية ( االرتكاز ) ألنه في نظرته األوروبية ،كان تاريخ العالم يتمحور حول سلسلة الغزوات من هذه المنطقة إلى المناطق المحيطة التي كانت أكثر توجها ً نحو البحر في الماضي ،اعتقد ماكيندر أن القوى البحرية حافظت على أفضليتها ،ولكن مع ظهور السكك الحديدية ،تحولت الميزة إلى القوى البرية ،خاصة إذا تمكنت دولة واحدة من السيطرة على منطقة هارتالند التي يتعذر الوصول إليها وتنظيمها.ومن هنا جاءت مقولة ماكيندر الشهيرة ،أو "التغريدة" باللغة المعاصرة من يحكم أوروبا الشرقية يسيطر على قلب األرض من يحكم قلب األرض يسيطر على الجزيرة العالمية من يحكم الجزيرة العالمية يسيطر على العالم. 7 الشكل ١ مصطلح ماكيندر "الجزيرة العالمية" كان لإلشارة إلى األرض األوراسية واألفريقية مجتمعة. كان لدى ماكيندر هدفان منفصالن ولكنهما مرتبطان ( )1الحفاظ على التفوق العالمي البريطاني في مواجهة التحدي المتمثل في ألمانيا ،الدولة األكثر احتماالً "لحكم" أوروبا الشرقية ( )2في هذه العملية ،مقاومة التغييرات في المجتمع البريطاني .بعد استبعاد دور الواليات المتحدة في البداية ،اقترح في عام 1943تحالف المحيط األوسط مع الواليات المتحدة لمواجهة التحالف المحتمل بين ألمانيا واالتحاد السوفييتي (اتحاد الجمهوريات االشتراكية السوفياتية). كان ماكيندر هو األساس الفكري الستراتيجيي للحرب الباردة وأنصار منظمة حلف شمال األطلسي.إن تحديده للقلب ،الذي يمثل تقريبا النواة اإلقليمية لالتحاد السوفييتي.باإلضافة إلى تركيزه على التحالفات قد وفر مناقشة نظرية مفيدة لسياسات الحرب الباردة في الدول الغربية. الفريد تاير ماهان ( )1840-1914شارك أيضًا في األوساط األكاديمية والسياسية.ارتقى إلى سا ،في أوقات مختلفة لكل من كلية نيوبورت الحربية رتبة أميرال في البحرية األمريكية وكان رئي ً والكلية الحربية البحرية.كان لكتابية تأثير القوة البحرية على التاريخ ( )1890واهتمام أمريكا بالقوة البحرية ( )1897تأثير مهم على الرئيسين ويليام ماكينلي وثيودور روزفلت ،وكذلك 8 القيصر األلماني فيلهلم الثاني.وقد قام ماهان بالتمييز التاريخي بين القوى البرية والبحرية ،وهو التمييز الذي كان له تأثير على المفكرين الجيوسياسيين طوال فترة الحرب الباردة. كان يعتقد أن القوى العظمى هي تلك البلدان التي توفر عزلتها ،إلى جانب خط ساحلي يمكن الدفاع عنه بسهولة ،قاعدة آمنة يمكن من خاللها ،بمساعدة شبكة من القواعد البرية تطوير القوة البحرية وتحقيق القوة الوطنية والعالمية وتعزيزها.باإلضافة إلى ذلك ،دعا ماهان إلى التحالف مع بريطانيا لموازنة القوى البرية األوراسية.تأثيره على ماكيندر واضح ،لكن هدف ماهان كان زيادة النفوذ العالمي للواليات المتحدة وإبراز قوتها مع تجنب الصراع مع البحرية البريطانية المهيمنة.اليوم ،يشير العديد من العلماء الصينيين إلى ماهان للدفاع عن توسيع البحرية الصينية. لم تكن الواليات المتحدة الدولة الوحيدة التي كانت تتطلع إلى سيادة بريطانيا العظمى وفي ألمانيا، كان الساسة والمثقفون ينظرون إلى بريطانيا باعتبارها أمة متعجرفة ليس لها "حق إلهى" في قوتها العالمية.وعلى حد تعبير المستشار بسمارك فإن ألمانيا تستحق مكانها "تحت الشمس".تم تعريف الجغرافيا السياسية "األلمانية" من خالل عمل شخصين رئيسيين :فريدريش راتزل ( )1844-1904ورودولف كيلين ( )1864-1922على غرار نظيره اإلنجليزي ماكيندر ،كان لراتزل دور فعال في تأسيس الجغرافيا كنظام أكاديمي عالوة على ذلك ،فإن كتابه ()1897 Politische Geographieالجغرافيا السياسية ،وورقته البحثية "قوانين النمو المكاني للدول" وضعا أسس الجغرافيا السياسية.ومع ذلك ،كان األكاديمي والبرلماني السويدي كيلين هو الذي طور فكرة راتزل وصقل النظرة العضوية للدولة.باتباع مفاهيم راتزل المتعلقة بعلم الحيوان ،روج كيلين لفكرة أن الدول هي كيانات ديناميكية تنمو بشكل طبيعي وبقوة أكبر.وكان محرك النمو هو "الثقافة".كلما كانت الثقافة أكثر نشاطا و تقد ًما ،كان من حقها توسيع "مجالها " أو السيطرة على المزيد من األراضي.وكما كان بإمكان مجموعة قوية من الذئاب أن تطالب بأراضي الصيد لمجموعة مجاورة ولكن أضعف ،أكدت النظرية العضوية للدولة أنه كان أكثر كفاءة وطبيعية للثقافات المتقدمة أن تتوسع في أراضي الثقافات األقل.وبطبيعة الحال ،وبالنظر إلى الفكرة القائمة بأن الثقافات كانت محتواة داخل البلدان أو الدول ،فإن هذا يعني أن الحدود كانت قابلة للتحرك أو قابلة للتوسيع.كان شعار هذه األفكار هو "المجال الحيوي" لراتزل ،أو مساحة المعيشة ،مما يعني أن الثقافات المتفوقة" في نظر الناظر تستحق المزيد من األراضي ألنها ستستخدم األرض بطريقة أفضل من الناحية العملية ،كانت أفكار راتزل وكيلين تهدف إلى 9 زيادة حجم الدولة األلمانية شرقا إلنشاء دولة كبيرة تضمنها الثقافة األلمانية "المتقدمة" ،في أذهانهم ،على حساب السالف ،الذين اعتبروا أقل شأنا ثقافيا . يوضح المثال األلماني سمة أساسية للجغرافيا السياسية الكالسيكية تصنيف األرض وشعوبها إلى تسلسل هرمي يبرر بعد ذلك اإلجراءات السياسية مثل اإلمبراطورية ،أو الحرب ،أو التحالف، أو اإلهمال.تعمل عملية التصنيف االجتماعي هذه بالتوازي مع أقلمة العالم إلى مناطق جيدة / سيئة ،آمنة /خطيرة ،ذات قيمة غير مهمة سلمية /مناطق صراع.يتم استخدام "النظريات" المشكوك فيها حول تاريخ العالم وكيفية تغيره "الرؤية" ديناميكيات الجغرافيا السياسية كما لو كانت من موقع موضوعي "فوق" الصراع ، :وبطبيعة الحال ،ينبغي أن نالحظ المواقف المؤثرة لهؤالء الجيوسياسيين.إن المنظرين الجيوسياسيين بعيدون كل البعد عن الحياد والموضوعية. قبل أن ننتقل إلى فترة الحرب الباردة ،يجب أن نعود بإيجاز إلى المدرسة األلمانية للجغرافيا السياسية لطرح بضع نقاط أخرى حول الجغرافيا السياسية الكالسيكية بشكل عام.عندما بدأ أدولف هتلر والحزب النازي في الصعود إلى السلطة في عشرينيات القرن العشرين ،بدأ الجنرال كارل هاوسهوفر ( )1869-1946في نشر األفكار الجيوسياسية للجمهور األلماني من خالل مجلة /مجلة بعنوان Zeitschrift für Geopolitikمجلة الحوبولتيك ( الجيوسياسية ماهرا في خلق رؤية جيوسياسية وحدت ً )وبرنامج إذاعي أسبوعي.كان كارل هاوسهوفر معسکرين سياسيين متنافسين في ألمانيا في فترة ما بين الحربين األرستقراطيون من مالك األراضي الذين أرادوا توسيع حدود ألمانيا شرقا نحو روسيا وأصحاب الصناعات الجديدة مثل المواد الكيميائية والهندسة ،الذين رغبوا في إنشاء مستعمرات ألمانية خارج أوروبا للوصول إلى المواد الخام واألسواق جاءت هذه الفكرة م ًعا في تعريفه للمناطق الشاملة مناطق كبيرة متعددة خطوط العرض كانت تهيمن عليها قوة "أساسية" معينة.في هذا السيناريو ،سيطرت الواليات المتحدة على األمريكتين وسيطرت ألمانيا على أوراسيا ،بينما سيطرت بريطانيا على أفريقيا. سمحت رؤية هاوسهوفر لكل من النمو اإلقليمي واالستحواذ االستعماري أللمانيا ،دون بدء صراع مع بريطانيا. مزج كارل هاوسهوفر السياسة ،وجعل الجمهور األلماني على دراية بمناقشات السياسة الخارجية التي كانت تتوازى مع زيادة شعبية هتلر ورؤيته لدولة ألمانيا "قوية".ومع ذلك ،لم يكن هاوسهوفر "فيلسوف النازية" لهتلر ،مثل ما أعلنت اليف المجلة الشهيرة في عام 1939في 10 الواقع ،كان هناك اختالف كبير بين وجهة نظر هاوسهوفر -مع تأكيده على العالقات الجغرافية أو المكانية ،وهتلر الذي شكلت نظرته العنصرية للعالم استراتيجيته الجيوسياسية.لكن النقطة المهمة هي أن كارل هاوسهوفر استخدم صعود هتلر إلى السلطة كوسيلة للنهوض بمسيرته المهنية.قصة هوسيوفر المأساوية ،حيث انتحر في نهاية المطاف بعد استجوابه من قبل الواليات المتحدة بعد الحرب فيما يتعلق بدوره كمجرم حرب كان لها صدى في جميع أنحاء مجتمع الجغرافيين السياسيين منذ ذلك الحين.إن مساواة "الجغرافيا السياسية بالنازيين شوهت التخصص الفرعي للجغرافيا السياسية.وقد اختفى عمليا كمجال للبحث األكاديمي بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة. في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية كانت هناك مفارقة مثيرة لالهتمام فقد أدى تشويه سمعة الجغرافيا السياسية" باعتبارها مشروعا ً نازيا ً إلى اختفائها فعليا ً من المشهد األكاديمي.من ناحية أخرى ،عندما بدأت الواليات المتحدة في تطوير دورها كقوة عالمية في فترة ما بعد الحرب، أنتجت وجهات نظر استراتيجية جيوسياسية ( جيوستراتيجية ) وجهت وبررت أفعالها.قبل الحرب العالمية الثانية ،قدم أشعيا بومان ( )1878-1956الذي كان رئيسا لجمعية الجغرافيين األمريكيين.نهجا عمليا لدور الواليات المتحدة العالمي ،وكان مستشارا رئيسيا للحكومة ،وال سيما في معاهدة مفاوضات فرساي في نهاية الحرب العالمية األولى.أشار نيكوالس سبيكمان ( )1893-1943أستاذ العالقات الدولية في جامعة ييل ،إلى صعود الواليات المتحدة إلى السلطة وجادل بأنها بحاجة اآلن إلى ممارسة دبلوماسية توازن القوى ،كما فعلت القوى األوروبية تقليديا ،على غرار الجغرافيين السياسيين السابقين عرض سبيكمان تقسيما عظي ًما للعالم ،العالم القديم الذي يتكون من القارة األوراسية ،وإفريقيا ،وأستراليا والعالم الجديد لألمريكتين.وهيمنت الواليات المتحدة على المجال األخير ،في حين كان بوسع العالم القديم المقسم تقليديا ً بين القوى. أن يتحدى الواليات المتحدة إذا اتحد.اقترح سبيكمان سياسة خارجية أمريكية نشطة وغير انعزالية لبناء توازن القوى والحفاظ عليه في العالم القديم من أجل منع أي تحدي للواليات المتحدة.وقد حدد سبيكمان "ريمالند" ( النطاق الساحلي ) التي تتبع اقليم الهالل الداخلي لماكيندر، باعتبارها الساحة الجيوسياسية الرئيسية. وعلى النقيض من الدعوات إلى مزيد من التدخل العالمي ،اقترح الرائد ألكسندر ب.دي سيفيرسكي ( )1894-1974موقفًا أكثر انعزالية ودفاعية.تتميز نظريته بتركيزها على المناطق القطبية كمنطقة صراع جديدة ،وذلك باستخدام خرائط ذات إسقاط قطبي إلظهار القرب الجغرافي بين الواليات المتحدة واالتحاد السوفيتي ،وأهمية القوة الجوية. 11 وعلى نحو متزايد اتخذت وجهات النظر الجيوسياسية األميركية هيئة بيانات سياسية حكومية، والتي اكتسبت في غياب المساعي األكاديمية ،مكانة "النظريات" ،ففي البداية جاءت دعوة جورج کينان ( )1904-2005إلى االحتواء ( احتواء المد الشيوعي ) ،ثم دعوة مجلس األمن القومي إلى صراع عالمي ضد الشيوعية ،بدعم من نظرية "الدومينو".وفي ظل الغياب النسبي للمشاركة األكاديمية في هذا الموضوع ،تم بناء نظريات جيوسياسية داخل دوائر السياسة ،وعلى الرغم من الدور العالمي للواليات المتحدة.بقي منظور الجغرافيا السياسية محدود .باستثناء محاولة شاول كوهين تقسيم الكرة األرضية تقسيما جيوسياسيا عالميا حيث حدد ثالثة مجاالت جيوستراتيجية ( )١المجال البحري للمحيطين األطلسي والهادئ المعتمد على التجارة؛ ( )۲مجال قلب األرض الروسي في النطاق القاري ألوراسيا ؛ ( )۳ومجال شرق آسيا البحري القاري المختلط. خامسا :التغيرات التي سمحت ببروز الجغرافيا السياسية شهدت العلوم االجتماعية واإلنسانية بما فيها الجغرافيا تحولين األول مكاني ،والثاني ثقافي ، السبب فيها التغيرات الجوهرية في النظام الدولي ،خاصة ما تعلق بظاهرة العولمة وما ترتب عنها من ارتباط العالم بشكل اكثر كثافة ( ما يعرف بضغط الزمان والمكان ) في جميع المجاالت السياسية واالقتصادية والثقافية ،وهذا ترتب عليه عدد من القضايا : أصبحت المقاربات الفكرية التقليدية غير قادرة على تفسير الظواهر التي ترتبت .1 على العولمة بأبعادها المختلفة وقضايا التكنولوجيا ،وقضايا البيئة ،واإلعالم العالمي ، لذا برزت النظرية البنائية التي طورت من قبل علماء االجتماع ،كذلك نظريات ما بعد البنيوية النقدية بما فيها دراسات ما بعد االستعمار . توسع ( مجاالت االمن ) لكي يشمل االمن البيئي والمجتمعي واالقتصادي بجانب .2 االمن العسكري والسياسي وتعميق ( مرجعية ) مفهوم االمن لكي يشمل بجانب الدولة الفرد والمجتمع مع إعطاء األهمية للدولة كفاعل مركزي تعدد الجهات الفاعلة في السياسة الدولية بجانب الدول .3 التدفقات وظهور مجتمع الشبكة .4 النزعة العابرة للوطنية ….الخ .5 12 سادسا :تعريف أولي للجغرافيا السياسية ويمكن تعريف الجغرافيا السياسية ألغراض هذا المقرر بأنها الصراع من أجل السيطرة على كيانات جغرافية ذات بعد دولي وعالمي واستخدام هذه الكيانات الجغرافية لتحقيق مكاسب سياسية. أقدم هذا التعريف للحفاظ على تركيز هذا المقرر على أشكال معينة من الصراعات الجيوسياسية ومناطق جغرافية معينة، وسوف نركز على الجوانب الدولية والعالمية للجغرافيا السياسية.وعلى الرغم من أن هذا أمر حصري بالضرورة ،إال أنني أشجعك أيضًا على استكشاف أشكال أخرى من الجغرافيا السياسية. على وجه التحديد ،سوف ننظر الطريقة التي تتفاعل بها البلدان (سنسميها الحقا ً بالدول) مع بعضها البعض. سابعا :ملخص بعد هذه العرض سوف تكون قادرا على ❖ تعريف الجغرافيا السياسية ( تعريف اولي ). ❖ فهم العالقة بين الجغرافيا السياسية والجغرافيا البشرية. ❖ النظر في تاريخ الجغرافيا السياسية. ❖ التغيرات المساهمة في بروز الجغرافيا السياسية من جديد. 13