أثر الروابط الأسرية على تحديد المسئولية الجزائية في التشريع العُماني - دراسة أكاديمية PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
جامعة الشرقية
محمد المحروقي
Tags
Summary
هذه دراسة أكاديمية حول أثر الروابط الأسرية على تحديد المسؤولية الجزائية في التشريع العُماني. تتناول الدراسة منهجًا تحليليًا لدراسة درجات القرابة وقواعد المسؤولية الجزائية، وتسعى لفهم الآثار التي تُحدثها الروابط الأسرية على التجريم والعقاب والإجراءات الجزائية في التشريع العُماني.
Full Transcript
أثر الروابط الأسرية على تحديد المسئولية الجزائية في التشريع العماني **اعداد الباحث/ محمد المحروقي** دراسة مقدمة لنيل درجة الماجستير في القانون العام تخصص قانون الجزاء تحت إشراف الدكتور/ نزار قشطه **\ المقدمة:** **عندما تقع الجريمة وتكتمل أركانها المادية والمعنوية يكون المسار الطبيعي والأثر...
أثر الروابط الأسرية على تحديد المسئولية الجزائية في التشريع العماني **اعداد الباحث/ محمد المحروقي** دراسة مقدمة لنيل درجة الماجستير في القانون العام تخصص قانون الجزاء تحت إشراف الدكتور/ نزار قشطه **\ المقدمة:** **عندما تقع الجريمة وتكتمل أركانها المادية والمعنوية يكون المسار الطبيعي والأثر المترتب على ذلك هو ترتيب العقوبة التي نص عليها المشرع الجزائي دون تمييز إعمالا لمقتضيات مبدأ الشرعية، والذي يهدف الى تجريم فعل معين والعقاب عليه بعقوبة معينة، والأصل ان مبدأ الشرعية لا يميز بين الجاني من حيث صفته وذلك لأن القواعد القانونية هي قواعد عامة مجردة لا تعتبر أي صفات للأشخاص طالما اقترف الجاني الفعل المجرم الذي يدخله تحت طائلة النص التشريعي لتنفذ عليه العقوبة التي نص عليها المشرع.** **الا أن ذلك المسار القانوني قد تعترضه بعض العوامل التي تنحرف به عما رسمه المشرع وذلك نظرا لبعض الصفات التي تتوفر في الجاني أو بعض العلاقات التي تربط الجاني بالمجني عليه، ومن أهم تلك العلاقات الروابط الأسرية أو ما يسمى بعلاقات القرابة، بحيث إذا ربطت الجاني بالمجني عليه احدى الروابط الأسرية، فما آثار تلك الروابط على المسار القانوني الذي رسمه المشرع في التجريم والعقاب، وترتيب المسئولية الجزائية على الجاني.** **فقد تؤثر تلك الروابط على تحديد المسئولية الجزائية للجاني، ليتدخل المشرع ويعتبر صلة القرابة للجاني بالمجني عليه سببا من أسباب الإباحة والذي يرد الفعل المجرم من قبل المشرع الى الأصل وهو الاباحة في الأفعال، وقد يعتبر المشرع تلك القرابة مانعا من موانع المسئولية بحيث لا يمكن مساءلة الجاني جزائيا عند توفر صفة القرابة تلك وتربطه بالمجني عليه كل هذا في مرحلة التجريم، أما في مرحلة العقاب فقد تدور صلة القرابة بين عذر مخفف للعقوبة وبين عذر مشدد لها حسب ظروف وملابسات الفعل الإجرامي كل هذه التأثيرات تعتبر من الناحية الموضوعية.** **كما تؤثر صلة القرابة على الناحية الإجرائية لسير الدعوى الجزائية سواء قبل تحريكها أو أثناء سيرها وأيضا بعد صدور الحكم فيها، فقد قيد المشرع سلطة الادعاء العام كونه المختص بتحريك الدعوى الجزائية وذلك في الدعاوى الجزائية التي تربط الجاني بالمجني عليه صلة قرابة، وذلك لإعمال التوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة ورعاية للأسرة باعتبارها نواة المجتمع، فقد ربط المشرع تحريك بعض الدعاوى الجزائية بالشكوى من المجني عليه وهي ما اصطلح على تسميته دعاوى الشكاوى.** **حتى أثناء السير في الدعوى الجزائية فقد ترتبت بعض النتائج على كون الجاني أحد أقرباء المجني عليه من حيث أدلة الاثبات في ذلك النوع من الدعاوى الجزائية، وحتى بعد صدور الحكم الجزائي فقد خص المشرع الحكم الجزائي الذي صدر على الجاني في ذلك النوع من القضايا ببعض إجراءات التنفيذ وبعض الاستثناءات التي لم تتاح للأنواع الأخرى من الدعاوى العمومية.** **\ ** **منهج الدراسة:** **واعتمدتْ الدراسة على المنهج التحليلي لاستطلاع درجات القرابة في القانون العماني، وكذلك قواعد المسئولية الجزائية وبيان الوصف الدقيق لأساس تلك المسئولية عن طريق الاطلاع على الفقه النظري والدارسات السابقة التي تناولت هذه القواعد، كما اهتدت الدراسة الى تحديد تلك المسئولية في الجناة بعد التعرف على ماهية الجاني في نظر قانون الجزاء، وبيان موانع المسئولية الجزائية وأسباب الإباحة، لتصل بعد ذلك لمعرفة التأثير الذي تُحدِثه الروابط الأسرية على تحديد المسؤوليَّة الجزائيَّة، وما اعتبره المشرع العماني موضوعيا من حيث التجريم والعقاب وإجرائيا في الدعوى العمومية.** **أهمية الدراسة:** **تتجلى أهمية هذه الدراسة في تبيان كيفية تأثر التشريع الجزائي العماني بالروابط الأسرية التي تجمع الجاني والمجني عليه؟ حيث أن صفة المجني عليه في الجريمة معتبرة عند المشرع الجزائي إذا ربطته بالجاني علاقة قرابة من درجة معينة يشترطها المشرع عند تجريم الفعل بين موانع المسئولية وأسباب الاباحة، ومعتبرة أيضا عند تحديد العقاب فتدور الروابط الاسرية بين عذر مخفف وبين عذر مشدد في العقوبة المقررة للفعل المادي للجريمة.** **أهداف الدراسة:** 1. **تعريف الروابط الاسرية ودرجات القرابة في القانون.** 2. **بيان النظرية العامة للمسئولية الجزائية.** 3. **بيان علاقة الروابط الأسرية بأحكام التشريع الجزائي.** 4. **تعريف العذر المخفف والعذر المشدد للعقوبة الجزائية.** 5. **بيان أثر الروابط الأسرية في التشريع من الناحيتين الاجرائية والموضوعية.** **إشكالية الدراسة:** **تؤدي الروابط الأسرية ودرجات القرابة الى آثار مباشرة على الجاني والمجني عليه في الجريمة الجزائية، وحيث أن وقوع الجريمة يستتبع المساءلة الجزائية عنها الا أن آثار الروابط الأسرية قد يعترض سير الخصومة القضائية أمام القضاء أو تؤثر عليها، وبالتالي تستلزم تلك الآثار التدخل من المشرع للنظر في علاقة أثار القرابة عند التجريم والعقاب، فتارة تكون الروابط الأسرية سببا من اسباب اباحة الفعل الاجرامي وتارة أخرى تمثل احدى موانع المسئولية.** **فكيف يمكن التمييز بين تلك الحالات وكيف راعى المشرع العماني التوازن بين مقتضيات المسئولية الجزائية حفاظاً على النظام العام بالمجتمع كهدف من أهداف التشريع الجزائي وبين مقتضيات الروابط الأسرية، للحفاظ على توازن المجتمع العماني وما يستلزمه هذا التوازن من ضرورة مراعاة تلك الروابط في التشريع سواء في التجريم أو العقاب ومن حيث الإجراءات الجزائية.** **تساؤلات الدراسة:** 1. **ماهي النظرية العامة للمسئولية الجزائية؟** 2. **وما مدى تأثير القرابة على التشريع الجزائي من حيث التجريم والعقاب؟** 3. **ما هي أهم التطبيقات على مراعاة المشرع العماني للروابط الأسرية في التجريم والعقاب؟** 4. **وفي مجال الإجراءات الجزائية كيف أثرت تلك الروابط على الخصومة سواء قبل تحريك الدعوى أو أثناء نظرها أو بعد صدور الحكم؟** **\ ** **خطة الدراسة:** **حيث تنقسم الدراسة إلى فصلين على النحو التالي:** **الفصل الاول: تأثير القرابة من الناحية الاجرائية على مبحثين:** **[-المبحث الأول: تأثير القرابة على إجراءات الدعوى الجزائية:]** - **المطلب الأول: أثر القرابة على تحريك الدعوى.** - **المطلب الثاني: أثر القرابة أثناء الخصومة الجزائية.** **[-المبحث الثاني: تأثير القرابة على الاثبات وتنفيذ الحكم الجزائي:]** - **المطلب الأول: أثر القرابة على إثبات الدعوى الجزائية** - **المطلب الثاني: أثر القرابة على تنفيذ الأحكام الجزائية** **الفصل الثاني: تأثير القرابة من الناحية الموضوعية ويتضمَّن مبحثين:** **[-المبحث الأوَّل:]** **[تأثير القرابة في مجال التجريم:]** ** المطلب الأول: أثر القرابة على التجريم.** ** المطلب الثاني: صور لمراعاة المشرع للقرابة في التجريم.** **[-المبحث الثَّاني تأثير القرابة في مجال العقاب:]** ** المطلب الأول: أثر القرابة على العقاب.** ** المطلب الثاني: صور لمراعاة المشرع للقرابة في العقاب.** **\ ** **الدراسات السابقة:** 1. **[في دراسة أعدت عام 2018 أعدها الباحث سليمان أسامة أبو سلامة، جامعة الاسراء فلسطين بعنوان أثر علاقة القرابة على قانون العقوبات الفلسطيني-"دراسة مقارنة بين قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936م وقانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960م"] وتتطرق هذه الدراسة إلى مفهوم القرابة وأنواعها وكيفية حسابها لما لها من أهمية في تحديد ماهية القرابة ذات الاعتبار في قانوني العقوبات الفلسطينيين (قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936م وقانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960م).** 2. **[نصار محمد الحلالمة، أثر القرابة والروابط الاسرية في التشريع الجزائي عام 2020]، وموضوع هذه الدراسة يتركز على إبراز الأحكام الخاصة بالقرابة والروابط الأسرية في مجال التجريم والتبرير والعقاب والإجراءات الجزائية، مقصوراً على تناول أحكام التشريع الأردني حول أثر القرابة والروابط الأسرية في التشريع الجزائي الأردني.** 3. **[وبدراسة أخرى عام 2021 أعدتها الباحثة صبرينة حافي بعنوان القرابة وأثرها على المسائل الجنائية]، والتي عرفت القرابة على أنها الصلة التي تربط شخصين أو أكثر يجمعهم أصل مشترك من ذوي القربى سواء نشأة عن ولادة أو زواج، ولقد اهتم كل من المشرع والشريعة الإسلامية بالقرابة اهتماما كبيرا، وذلك بوضع العديد من الاستثناءات من ناحية التجريم ومن ناحية العقاب.** 4. **[تناولت إحدى الدراسات السابقة بالجزائر والتي أعدها الباحث حاج طيب زوان عام 2020 بعنوان القرابة وأثرها على التجريم والعقاب في القانون الجزائري]، والتي تضمنت شرح تأثير القرابة على الجريمة والعقوبة، فمن ناحية تأثير القرابة على الجرائم، فإن المشرع الجزائري قد أولى اهتماما كبيرا للعلاقات الزوجية، وما يترتب عليها من التزامات متبادلة.** **تتشابه الدراسات المشار اليها مع الدراسة الماثلة في بيان مدى تأثر التشريعات الجزائية بدرجات القرابة التي يتصف بها الجاني بالجريمة الجزائية والتي تجمعه بالمجني عليه.** **ولكن تميزت الدراسة الماثلة عن الدراسات المشار اليها بالنظر في التشريع الجزائي العماني لبيان كيفية تحقيق المشرع العماني التوازن بين المصلحة العامة وبين الروابط الأسرية في التشريع الجزائي العماني سواء في قانون الجزاء الصادر بالمرسوم رقم 7/2018 أو في قانون الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 97 / 99 وتوضيح تأثير تلك الروابط على الأحكام التي نص عليها المشرع [من الناحية الإجرائية في تحريك الدعوى العمومية أو أثناء نظرها وبعد صدور الحكم أو من الناحية الموضوعية في مجالي التجريم والعقاب.]** **[تمهيد]** **تعد المسؤولية الجنائية أحد المفاهيم الأساسية في النظام القانوني، حيث تحظى بأهمية كبيرة في حفظ النظام وتعزيز العدالة، وتشير المسؤولية الجنائية إلى القدرة على محاسبة الأفراد عن أفعالهم التي يجرمها القانون وتتسبب في إلحاق الضرر بالآخرين أو المجتمع بشكل عام، وتعد المسؤولية الجنائية أحد أهم الركائز التي تحافظ على النظام العام.** **تتألف المسؤولية الجنائية من عدة عناصر أساسية يجب توفرها لإقامة الدعوى الجنائية. أحد هذه العناصر هو العمل الجرمي ذاته، والذي يتعلق بارتكاب عمل يتنافى مع القانون المنصوص عليه، بالاضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك نية خاصة من قبل المتهم لارتكاب الجريمة، حيث يعتبر العمل الجنائي غير قابل للمسؤولية في حالة الجهل أو القوة القاهرة.** **بالإضافة إلى ذلك، تنطوي المسؤولية الجنائية على مفهوم العقاب والعدالة، حيث يتم تحديد العقوبة المناسبة وفقًا للجريمة المرتكبة وظروفها. يعزز العقاب الجنائي ردع الأفراد عن ارتكاب الجرائم، ويعمل على تأمين العدالة للضحايا والمجتمع. وعلى الرغم من أن العقاب الجنائي يعتبر جزءًا أساسيًا في المسؤولية الجنائية، إلا أنه يجب أن يكون متوازنًا ومنصفًا، وأن يأخذ في الاعتبار حقوق المتهم وضماناته القانونية.** **إن المسؤولية الجنائية تعد أحد أساسيات النظام القانوني، حيث تحمل الأفراد المسؤولية عن أفعالهم ذات الطابع الجنائي وتضمن العدالة للضحايا والمجتمع. يجب أن يكون النظام القانوني قويًا وفعالًا في تطبيق المسؤولية الجنائية بمنتهى العدالة والموضوعية. وعليه، يجب أن يكون هناك توازن بين حقوق المتهم وحماية المجتمع، وأن تكون العقوبات متناسبة مع الجريمة المرتكبة. المسؤولية الجنائية تعد أحد الأساسيات التي تحقق النظام والعدالة في المجتمع.** **تعتبر القرابة من أبرز العوامل التي تؤثر على تعاملات الإنسان في البيئة الاجتماعية، حيث تنطوي العلاقات الأسرية والقبلية على روابط عاطفية وثقافية تشكل أساسًا للتفاعلات الاجتماعية. فالارتباط بالعائلة والأقارب يمنح الإنسان شعورًا بالانتماء والتبعية، مما يؤثر بشكل كبير على سلوكه وتفكيره ومواقفه تجاه الآخرين. إذ يتجلى هذا التأثير في الدعم العاطفي والاجتماعي الذي يحصل عليه الفرد من أفراد عائلته وأقربائه، والذي يؤثر بدوره على طريقة تفكيره وتصرفاته في مختلف مجالات حياته اليومية.** **\ ** **الفصل الاول** **تأثير القرابة من الناحية الاجرائية** اذا وقعت الجريمة من الجاني وكانت تربطه بالمجنى عليه صلة قرابة تؤثر القرابة على تحريك الدعوى الجزائية من الناحية الإجرائية في بعض الجرائم، فقد راعى المشرع صلات القرابة التي تربط بين الجاني والمجني عليه في الجرائم الجزائية، لذا سنبدأ ببحث القاعدة العامة في تحريك الدعوى العمومية والتعريف بجهة الاختصاص وهي الادعاء العام. **المبحث الأول** **تأثير القرابة على إجراءات الدعوى العمومية** تفرض رابطة القرابة بعض القيود التي فرضها المشرع على الادعاء العام في مجال ممارسة صلاحياته وتأثير علاقة القرابة في هذه المسألة، وذلك في الجرائم التي توجد بها رابطة أسرية بين أطرافها ، حيث يتوجب على الادعاء العام تقديم شكوى من المجني عليه الذي يكون له علاقة قرابة بالجاني. هذا يعني أن الادعاء العام مقيد بعدم تحريك الدعوى العمومية في حال وجدت هذه الروابط وذلك للحفاظ على الروابط الاجتماعية. **المطلب الأول** **أثر القرابة على تحريك الدعوى الجزائية** نصت المادة 4 من قانون الاجراءات الجزائية العماني \" يختص الادعاء العام برفع الدعوى العمومية ومباشرتها أمام المحكمة المختصة، ولا يجوز التنازل عن الدعوى العمومية أو وقف أو تعطيل سيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون. ويجوز للادعاء العام في الجنح والمخالفات إذا رأى أن الدعوي صالحة لرفعها بناء على الاستدلالات التي جمعت أن يكلف المتهم الحضور أمام المحكمة المختصة. ولجهات الأمن العام بالتنسيق مع الادعاء العام التحقيق في الجرائم الواقعة على أمن الدولة والجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب.\"^(^[^1^](#fn1){#fnref1.footnote-ref}^)^. **الفرع الأول** **سلطة الادعاء العام في تحريك الدعوى العمومية** **1.نشأة الادعاء العام بسلطنة عمان:** تأسيس الادعاء العام في سلطنة عمان يرجع إلى عام 1973، حيث صدر المرسوم السلطاني رقم 5/1973 الذي جعل الشرطة مسؤولة عن تمثيل الاتهام أمام المحاكم. في عام 1974، تأسست محكمة الشرطة الجنائية لمعالجة الجرائم في السلطنة. تلا ذلك سلسلة من التشريعات والمراسيم التي شملت صدور المرسوم السلطاني رقم 25 لسنة 1984 لتنظيم القضاء الجزائي، والذي نص على تكليف شرطة عمان السلطانية بصلاحيات الادعاء العام وتنفيذ الأحكام الجزائية. بالتوازي مع هذا التطور، تم إنشاء قسم الادعاء العام الجزائي، وفي عام 1987، رُفع إلى مستوى إدارة. في عام 1990، تم فصل إدارة الادعاء العام الجزائي عن الإدارة العامة للتحريات والتحقيقات الجنائية، وأصبحت إدارة مستقلة. وفي عام 1991، تم ترقية إدارة الادعاء العام الجزائي إلى إدارة عامة. تواجه الادعاء العام الجزائي تحديات متزايدة، ولذا صدر القرار رقم 1 لسنة 1992 لاعتماد الهيكل التنظيمي للادعاء العام الجزائي، وتم إنشاء الإدارة العامة للادعاء العام الجزائي لتولي مهام التحقيق وجمع الأدلة والمرافعة أمام المحاكم. في عام 1999، تم إصدار المرسوم السلطاني رقم 92 الذي أنشأ الادعاء العام وصدر قانونه، مما جعل الادعاء العام يدخل مرحلة جديدة ومهمة في التنظيم القضائي بالسلطنة. وفي عام 2001، صدر المرسوم السلطاني رقم 24 الذي أعطى الإطار القانوني لمباشرة مهام الادعاء العام وتحديد اختصاصاته. وفي عام 2011، صدر المرسوم السلطاني رقم 25 الذي أكد استقلالية الادعاء العام، ومنح المدعى العام صلاحيات المفتش العام للشرطة والجمارك. هذه التطورات تهدف إلى تعزيز استقلالية وكفاءة الادعاء العام في تنفيذ وظائفه بفعالية. **2.التعريف بالادعاء العام:** الادعاء العام هو الجهاز الذي يمثل المجتمع في ملاحقة المجرمين وبالمطالبة في اقتضاء الحق من الجاني بالجريمة وقد تعددت التعاريف التي نادى بها الفقه الجنائي للادعاء العام نختار منها \"الادعاء العام هو محامي المجتمع وهو الطرف العام في الخصومة الجنائية وهو سيد الدعوى العمومية وهو في أثناء قيامه بذلك لا يملك الدعوى بل يباشرها نيابة عن المجتمع.\" ^(^[^2^](#fn2){#fnref2.footnote-ref}^)^ وعرفه آخر بأنه \"هيئة إجرائية تنوب عن الدولة مهمتها رفع ومباشرة الدعوى العمومية باسم المجتمع والمطالبة بإنزال حكم القانون فيها\" ^(^[^3^](#fn3){#fnref3.footnote-ref}^)^ ويختص الادعاء العام وحده بتحريك الدعوى العمومية ومباشرة إجراءاتها والتحقيقات بها وتقرير مصيرها بعد ذلك بين الحفظ بنوعيه المؤقت أو النهائي أو الاحالة للمحكمة المختصة للفصل في النزاع، ودون أن يكون له الحق في التنازل عن الدعوى العمومية فهو بمثابة الحارس الأمين على الدعوى العمومية وممثل المجتمع بها وعليه فلا يمكنه التنازل عن هذه الوظيفة أو وقفها أو تعطيل سيرها إلا بمسوغ قانوني. حتى أن بعض فقهاء القانون قد عرف الدعوى العمومية بأنها \"تعرف الدعوى الجزائية بأنها مطالبة النيابة العمومية للقضاء الجزائي بالبت في خبر جريمة وقعت منسوبة الى شخص ما والحكم بإدانة هذا الشخص عند ثبوت صلته بهذه الجريمة او ببراءته حالة انتفاء صلته بها\"^(^[^4^](#fn4){#fnref4.footnote-ref}^)^ يعد الادعاء العام هو الجهة المختصة بتحريك الدعوى الجزائية في التشريع الجزائي الإجرائي العُماني، باعتباره القائم على الدعوى العمومية وفقا لما تقضى به المادة 4 من قانون الإجراءات الجزائية بنصها على أنه يختص الادعاء العام برفع الدعوى العمومية ومباشرتها لتحري أمام المحكمة المختصة، ولا يجوز التنازل عن الدعوى العمومية أو وقف أو تعطيل سيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون\". وإن كان يشاركه في بعض الأحيان جهات أخرى في حالات محددة تشريعياً كما في حالة التصدي وجرائم الجلسات والادعاء المدني المباشر. ورغما عن ذلك، فإن الادعاء العام هو الجهة الوحيدة المنوط بها مباشرة الدعوى الجزائية. ويستند ذلك إلى أن تحريك الدعوى يختلف عن مباشرتها. فمن ناحية، فإن تحريك الدعوى الجزائية يعني طرحها أمام القضاء الجزائي أو عرضها عليه للفصل فيها. ويقصد بمباشرة الدعوى من ناحية أخرى المرافعة فيها وإبداء الطلبات والدفوع، ثم الطعن في الحكم الصادر فيها، ومتابعة السير فيها إلى حين صدور حكم بات منهي للخصومة الجزائية. **3. النظام الإجرائي المتبع في سلطنة عمان:** يتضح من مجموع هذه النصوص، إن الادعاء العام هو ممثل الهيئة الاجتماعية في تولي الدعوى العمومية إذ ينوب عن المجتمع في اقتضاء حقه في عقاب من يرتكب أي فعل مخالف للقانون. كما يشرف على شئون الضبط القضائي ويسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام حسب ما ورد في المادة (64) من النظام الأساسي للدولة. وفي سبيل تحقيق تلك المهام اسند إليه القانون كافة الإجراءات المقررة قانونيا في سبيل كشف الحقيقة سواء بإجراء التحقيق أو اتخاذ الإجراءات التحفظية التي تفيد القانون. كما ينفذ هذه الاختصاصات في الدعوى العمومية بالتصرف المناسب في الدعوى سواء بالإحالة إلى القضاء للفصل فيها أو الحفظ أو إصدار أمراً جزائياً في الدعوى العمومية. ومن أهم ما يتميز به قانون الادعاء العام اسباغه صفة الاستقلالية على هيئة الادعاء العام بمقتضى المادة الأولى منه بنصها على أن \"تنشأ بموجب هذا المرسوم هيئة مستقلة تسمى الادعاء العام تتبع المفتش العام للشرطة والجمارك إلى حين تأهيل الكوادر اللازمة لممارسة صلاحيات الادعاء العام المقررة قانوناً\". ومن ناحية أخرى، تكشف هذه النصوص أيضا عن اقتباس المشرع العماني لنظام الادعاء العام من القانون الفرنسي، حيث جعل تحريك الدعوى العمومية من صلاحيات الادعاء العام بصفة أساسية مع الاعتراف بحق للمجنى عليه أو المضرور من الجريمة في إتخاذ هذا الإجراء وفقا لما تقضى به المادة 4 من قانون الإجراءات الجزائية بنصها على أن \"يختص الادعاء العام برفع الدعوى العمومية ومباشرتها أمام المحكمة المختصة، ولا يجوز التنازل عن الدعوى العمومية أو وقف أو تعطيل سيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون\". بالإضافة إلى ما تقضى به المادة 4 مكرر من ذات القانون بنصها على أنه \"استثناء من أحكام المادتين (4) و (5) من هذا القانون لمن أصابه ضرر من الجريمة المنصوص عليه في المادة (163) من قانون الجزاء العماني أن يلجأ مباشرة بالحضور أمام محكمة الجنح، ويتم إعلان المتهم طبقا للإجراءات المنصوص عليها في المادتين (163)، (164) وعلى أمانة سر المحكمة إخطار الادعاء العام بنسخة من صحيفة الدعوى المباشرة الدعوى العمومية \"(1). كما أعطى المشرع العماني للمضرور من الجريمة حق التدخل الانضمامي في الدعوى الجنائية بمقتضى المادة 20 من قانون الإجراءات الجزائية بنصها على أن لكل من اصابه ضرر شخصي مباشر بسبب الجريمة أن يرفع دعوى بحقه المدني أمام المحكمة التي تنظر الدعوى العمومية في أية حالة كانت عليها إلى أن يقفل باب المرافعة بوصفه مدعيا منضما في الدعوى العمومية، وذلك بعد سداد الرسوم المقررة، ولا يقبل منه ذلك أمام محكمة الطعن، ويجوز للمدعى بالحق المدني أن طالب بحقه أثناء التحقيق الإبتدائي بطلب يقدمه لعضو الادعاء العام، كما يجوز له أن يدخل المسئول عن الحق المدني في الدعوى التي يرفعها أو في التحقيق الإبتدائي\". وفى منح المشرع العُماني للادعاء العام حق تحريك الدعوى الجزائية يفيد تبنيه للنظام التنقيبي، ومنحه المضرور من الجريمة الحق في تحريك الدعوى الجنائية والتدخل به يعد تطبيقا النظام الاتهامي. وهو ما يؤدى بنا إلى القول بأن المشرع العُماني قد تبنى النظام المختلط الذى يقوم على الدمج بين النظام الاتهامي والتنقيبي. وتكمن العلة من ذلك بما يوفره هذا النظام الأخير من تحقيق توازن عادل ومستقر بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع. **الفرع الثاني** **القيود التي ترد على سلطة الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية** يعتبر الادعاء العام كوكيل للمجتمع، حيث يتولى مسؤولية مطالبة المجتمع بمحاسبة المجرمين وتطبيق العقوبات لضمان عدم حدوث الفوضى في المجتمع. ويحرك الادعاء العام الدعوى العمومية لأي جريمة تحدث، ما لم يكن هناك استثناءات محددة في القانون تتضمن بعض القيود على سلطات الادعاء العام، وهي الحالات التي تقيد الادعاء العام بعدم تحريك الدعوى العمومية رغم وقوع الجريمة بجميع تفاصيلها. تتمثل هذه القيود في وجود علاقة قرابة، حيث لا يمكن للادعاء العام المطالبة بمحاسبة من يكون له علاقة قرابة بالجاني هذه القيود تعتبر انتهاكًا لحقوق الأفراد في المطالبة بتطبيق العقاب، ولذا فقد قام المشرع بتحديد نطاق تلك القيود لتكون واضحة ومحددة. في بعض الجرائم قد ألزم القانون الادعاء العام بعدم تحريك الدعوى العمومية الا بعد تقديم شكوى من المضرور أو المجني عليه ولا يمكنه بدأ التحقيق فيها الا بعد تقديم الشكوى أو الاذن أو الطلب وبالتالي في هذه الحالة تكوى الدعوى الجزائية معلقة على شرط ألا وهو تقديم الشكوى من المجني عليه، وجدير بالذكر أن الجرائم التي قيد فيها المشرع سلطات الادعاء العام في تحريك الدعوى وهو الحال في جميع الاستثناءات محددة على سبيل الحصر ولا يمكن التوسع فيها أو القياس عليها. **[أولاً: الشكوى:]** يمكن تعريف الشكوى بكونها إجراء يعبر به المجنى عليه أو وكيله الخاص في جرائم محددة عن إتجاه إرادته إلى تحريك الدعوى الجزائية بإبلاغ رغبته إلى السلطات العامة بوقوع جريمة عليه. وتختلف الشكوى بهذا المعنى عن البلاغ، والذي يمكن تعريفه بأنه مجرد اخطار السلطات العامة الممثلة في الادعاء العام أو رجال الضبطية القضائية بوقوع جريمة معينة، وهو واجب على كل من علم بارتكاب جريمة لا يتطلب المشرع في تحريك الدعوى الجزائية عنها تقديم شكوى أو طلب أو إذن. يتعلق نطاق الشكوى بتحديد الجرائم التي يتوقف تحريك الدعوى العمومية عنها عن شكوى مقدمة من الفريق المتضرر. وفى الواقع، فلم يرد بقانون الإجراءات الجزائية العماني تحديدا للجرائم التي يشترط القانون لتحريك الدعوى العمومية عنها تقديم شكوى، ومن ثم كان واجبا الرجوع إلى قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7 لسنة 1974 لبيان هذه الجرائم الواردة به على سبيل الحصر، وقد يثير هذا الرجوع تعجبا مبعثه أن قانون الجزاء كان أسبق من قانون الإجراءات الجزائية في الظهور والتنظيم التشريعي. وفي حقيقة الأمر فإن هذا التساؤل لا مبعث له بالنظر لأن المشرع حدد الجرائم التي يتوقف تحريك الدعوى العمومية عنها على شكوى تحديدا حصريا مانعا بقانون الجزاء، وأوضح الإجراءات التي ينبغي إتخاذها لتقديم هذه الشكوى وما يترتب عليها من أثر بقانون الإجراءات الجزائية. **ثانياً: [الجرائم التي يتوقف تحريك الدعوى الجزائية فيها على الشكوى:]** 1- جريمة إهانة رؤساء الدول الاجنبية وممثليها المعتمدين لدى السلطنة أو إهانة أعلام هذه الدول علنا أو بالنشر وفى هذا تنص المادة 153 على أنه \"تلاحق تلقائيا أو بناء على الشكوى الشخصية حسبما يكون معمولاً به في الدول المعنية للحالات المماثلة أو أفعال الإهانة الواقعة علنا أو بالنشر ضد رؤساء الدول الاجنبية أو ضد ممثليها المعتمدين لدى السلطنة أو ضد أعلامها\". 2- جريمة استيفاء الحق بالذات وفى هذا تنص المادة 190 من قانون الجزاء على أن \"يعاقب بالغرامة من ريالا واحد إلى خمسين ريالا كل من أقدم بذاته على نزع حق له عند الغير وهو قادر على مراجعة السلطة المختصة. إذا أرتكب الفعل بواسطة العنف على الأشخاص أو باللجوء إلى إكراه معنوي عوقب الفاعل بالسجن ستة أشهر على الأكثر فضلا عن الغرامة المحددة أعلاه. ويكون العقاب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من عشر ريالات إلى ثلاثمائة إذا كان الفاعل مسلحا واستعمل العنف أو الإكراه وكان جماعة من من ثلاثة أشخاص فأكثر ولو غير مسلحين. وتتوقف الملاحقة على شكور المتضرر إذا لم تقترن الجنحة المذكورة بجريمة أخرى تجوز ملاحقتها بلا شكوى\". 3- جريمة اللواط والسحاق: وفي هذا تنص المادة 223 على أنه \"يعاقب بالسجن من من أشهر إلى ثلاث سنوات كل من ارتكب مع شخص من نفس الجنس أفعالا شهوانية. يلاحق فاعلا اللواط أو السحاق بدون شكوى إذا أدى الأمر إلى الفضيحة. ولا تلاح مرتكبات السحاق بين الأصول أو الفروع أو بين الأخوات إلا بناء على شكوى قريب أو صهر لأحداهن حتى الدرجة الرابعة\". 4-جريمة الزنا وفي هذا تنص الفقرة الأولى من المادة 227 من قانون الجزاء على أنه \"لا تقام الدعوى الجزائية على الزاني، رجلا كان أو امرأة، إلا بناء على الشكوى الشخصية المقدمة من زوجه أو زوجته\". 5-جربمة ايذاء الأشخاص وفي هذا تنص المادة 247 على أنه \"يعاقب بالسجن حتى سنة أشهر أو بغرامة من ريالا واحد إلى عشرين ريالا أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أقدم على ضرب شخص أو جرح أو ايذائه دون أن ينجم عن هذه الأفعال مرض أو تعطيل عن العمل لمدة تزيد على عشرة أيام تتوقف الملاحقة على شكوى المتضرر وتسقط دعوى الحق العام بتنازل الشاكي عن دعواه وإذا كان قد حكم بالدعوى فتسقط العقوبة\". 6 - جريمة الايذاء عن غير قصد وفى هذا تنص المادة 255 من قانون الجزاء على أنه \" يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز السنة أو بغرامة لا تتجاوز الخمسين ريالا من تسبب في الايذاء عن اهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة الانظمة. إلا إنه تعلق الملاحقة على شكوى المتضرر إذا لم ينجم عن الايذاء مرض أو تعطيل عن العمل لمدة لا تزيد عن إذا كان قد حكم بالدعوى\". عشر أيام فما دون، كما أن تنازل الشاكي عن دعواه يسقط الحق العام، ويسقط العقوبة 7- جريمة انتهاك حرمة المساكن وفى هذا تنص المادة 262 على أنه \"يعاقب بالسجن من شهر إلى سنتين وبالغرامة من عشر ريالات إلى مئة ريالا كل من دخل بيتا مسكونا أو مكانا معدا للسكن الشخصي بغير رضا من له الحق في منعه من الدخول أو دخل إلى هذا المكان خلسة أو بالاحتيال. تطبق العقوبة نفسها على من يبقى في الأماكن المذكورة رغم أمره بالخروج منها ممن له الحق في منعه، أو من يبقى فيها خلسة أو احتيالاً. تتوقف لملاحقة على شكوى الفريق المتضرر\". 8- جريمة التهديد والوعيد وفى هذا تنص المادة 264 من قانون الجزاء على أنه \"يعاقب بالسجن من عشرة أيام إلى سنة وبالغرامة من خمس ريالات إلى خمسين أو بإحدى هاتين العقوبتين من هدد آخر بالسلاح لأي سبب كان. كما تنص المادة 265 على أنه \"تتوقف الملاحقة في الحالات السابقة المنصوص عليها في المادة السابقة على الشكوى الشخصية\". 9- جريمة التوعد بجنحة وفى هذا تنص المادة 267 على أنه \"من توعد آخر بجنحة بالوسائل المشار إليها في المادة السابقة يعاقب بالسجن من عشرة أيام إلى ستة أشهر وبالغرامة من خمسة ريالات إلى عشرين أو بإحداهما فقط بناء على الشكوى الشخصية\". 10- جريمة التهديد بإنزال ضرر غير محق: وفى هذا تنص المادة 268 على أن \"كل تهديد اخر بإنزال ضرر غير محق إذا حصل بالقول المجرد أو بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 34 من هذا القانون وكان من شأنه التأثير في نفس المهدد يعاقب عليه بغرامة لا تتجاوز العشر ريالات وتتوقف الملاحقة على الشكوى الشخصية \". 11- جريمة اهانة الكرامة وفى هذا تنص المادة 269 من قانون الجزاء على أنه \"يعاقب بالسجن من عشرة أيام إلى ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز عشرة ريالات كل من أهان كرامة أحد الناس بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 34 من هذا القانون. وتتوقف الملاحقة على إتخاذ المعتدى عليه، أو أقربائه حتى الدرجة الرابعة إذا كانت الإهانة موجهه إلى ميت، صفة الادعاء الشخصي. وللقاضي أن يعفى الفريقين أو أحداهما من العقوبة إذا كان المعتدى عليه قد تسبب الإهانة بعمل غير محق أو كانت الإهانة متبادلة\". 12- جريمة السرقة وفى هذا تنص المادة 281 على أنه \"يعاقب على السرقة بالسجن من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر أو بغرامة من ريالين إلى عشرين، بناء على شكوى المتضرر: 1- إذا حصلت لاستعمال شيء ورد مالا بعد استعماله. -2- إذا حصلت على اشياء ذات قيمة تافهة بما في ذلك الاثمار أو المحصولات الزراعية قبل قطفها أو حصادها\". 13- جريمة التهديد بإلحاق الأذى وفى هذا تنص الفقرة الثانية من المادة 287 من قانون الجزاء على أنه يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من عشرة **[ثالثاً: صاحب الحق في تقديم الشكوى:]** 1\. تحديد صاحب الحق في الشكوى حددت الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون الإجراءات الجزائية صاحب الحوفي تقديم الشكوى بنصها على أنه \"لا ترفع الدعوى العمومية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه أو وكيله الخاص في الجرائم التي يشترط فيها القانون ذلك\". وقد حدد ناحية أولى صاحب الحق في تقديم الشكوى المشرع بمقتضى هذا النص من : والمتمثل في المجنى عليه من الجريمة أو وكيله الخاص. وفي خصوص تحديد المجنى عليه، فمن المتفق إختلاف هذا الأخير عن المضرور من الجريمة بالنظر إلى ان المجنى عليه هو الطرق الأساسي في الجريمة وهو الشخص الذى تم الاعتداء على حق له مشمول بالحماية الجنائية أو مجرد التهديد بإلحاق الضرر بهذا الحق. أما المضرور من الجريمة فله معنى أكثر اتساعا ويعنى كل شخص اصابه ضرر مادى أو معنوي من اقتراف الجريمة ولو لم يكن طرفا أساسيا فيها. وعلى هذا فقد يتحد المجنى عليه والمضرور من الجريمة فى شخص واحد، فالمجنى عليه في جريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة هو ذاته المضرور الذي أصابه ضرر مادي من جراء الجريمة يتمثل في الإنتقاص من سلامه جسده وقدرته على الكسب وغيرها من الأضرار ولذلك يحق لهذا الشخص الحصول على تعويض مدنى نظير الضرر المرتكب. وقد يختلفان، ما إذا كان ان ففى جريمة القتل مثلا، فإن المجنى عليه والذى تم ازهاق روحه لم يعد موجودا، أما المضرور من الجريمة فهو كل شخص أصابته هذه الجريمة بضرر، وهم أسرة هذا الشخص الذين يملكون الادعاء مدنيا للحصول على تعويض مالي. وعليه وفي خصوص تحديد صاحب الحق في الشكوى، فلا يجوز تقديم الشكوى من المضرور من الجريمة إذا لم يكن هو المجنى عليه فيها، استناداً إلى أن المضرور من الجريمة يثبت له فحسب الحق في التعويض عن الجريمة بغض النظر عن عقاب الجاني من عدمه. ومن ناحية ثانية، فقد أعطى المشرع العُماني لوكيل المجنى عليه الخاص الحق في تقديم الشكوى إلى الجهات المختصة، ويشترط في هذا الخصوص أن يكون التوكيل صريحا وصادرا عن واقعة معينة سابقة على صدوره، وبمعنى آخر أن يكون متعلقا بالجريمة المقترفة ولاحقا على ارتكابها. ويتعلق هذا الشرط بالنظام العام لأن كافة شروط تحريك الدعاوى الجزائية تعد من النظام العام. وتطبيقا لذلك قضت المحكمة العليا إنه يبين من الأوراق ومن المفردات المضمومة ومن محضر الشرطة أن المدعية بالحق المدني هي شركة \... للتجارة وأن من تقدم بالشكوى ضد المطعون ضده هو \... بصفته مديرا لشئون الموظفين بالشركة ودونت أقواله في محضر الشرطة بهذه الصفة ولم يكن ضمن قائمة الشهود، وقد جاء في المادة (5) من قانون الإجراءات الجزائية إنه \"لا ترفع الدعوى العمومية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه أو من وكيله الخاص في الجرائم التي يشترط فيها القانون ذلك\". ولما كان الاتهام الموجه للمطعون ضده يتعلق بجنحة إساءة الأمانة المعاقب عليها بموجب المادة (296) من قانون الجزاء وهى من الجرائم التي ينشأ حق الشكوى فيها للمجنى عليه - صاحب الحق الذي يحميه القانون - وهو في هذه الحالة (شركة \... للتجارة والنيابة عنها في رفع الشكوى تقتضى توكيلاً خاصاً، ولا يجوز تقديم الشكوى استناداً إلى الفضالة ولا تجدى الإجازة اللاحقة في تصحيح شكوى قدمت دون استناد إلى نيابة صحيحة، ولا يماري أحد في أن من تقدم بالشكوى ليس وكيلاً للشركة، كما أن من أشير إليه بمدير الشركة ليس هو الآخر وكيلاً عنها في تقديم الشكاوي أمام الجهات المختصة إذ خلت الأوراق من توكيل خاص من الشركة لأي موظف فيها ولا حتى المحامي\... مستشارها القانوني - وعلى ذلك تكون الشكوى التي بموجبها رفعت بها الدعوى قد قدمت من غير ذي صفة، وهذا ما خلص إليه الحكم المطعون فيه ويكون وافق صحيح القانون\" **المطلب الثاني** **أثر القرابة أثناء سير الخصومة الجزائية** **[الفرع الاول]** **[أثر القرابة على إثبات الدعوى الجزائية:]** **1.ماهيَّة الإثبات الجنائي في التشريع العُماني** أن مصطلح الإثبات إحدى المصطلحات المستخدمة يومياً في خدمة العدالة كونها محور أي دعوى جنائية، وهو الوسيلة الفعالة للوصول للحقيقة، ومن ثم تحقيق العدالة، ولقد مرت نظم الإثبات بمجموعة من المراحل، والتي ارتبطت كل مرحلة فيها ارتباط وثيق بأوضاع المجتمعات البشرية من كل النواحي، وذلك ما جعل أنظمة الإثبات تتأثر بالعوامل الاقتصادية والسياسية والثقافية، وحتى بالقيم السائدة بتلك المجتمعات، ومدى التحضر الذي وصلت إليه، وإن العرض لتاريخ تلك المراحل بشيء من التفصيل يعد دراسة معقدة كون موضوع الإثبات واسع جدا، ويرتبط بتاريخ البشرية وتطورها سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية[^5^](#fn5){#fnref5.footnote-ref}، ولذلك فإنَّنا قد رأينا أنَّه لابد من التطرُّق لتعريف مفهوم في اللغة والاصطلاح والقانون. **مفهوم الإثبات الجنائي في اللُّغة والاصطلاح، والقانون:** تعد نظرية الإثبات الجنائي هي المحور الرئيسي الذي تدور حوله قواعد الإجراءات الجنائية من لحظة وقوع الجريمة لغاية صدور الحكم النهائي بشأنها، ولذلك فإننا قد رأينا أنه لابد من التطرق لتعريف الإثبات الجنائي في اللغة والاصطلاح والقانون. **تعريف الإثبات الجنائي لُغة:** إنَّ مصطلح الإثبات الجنائي مصطلح مركَّب من مفردتين، الإثبات، والجنائي. **تعريف الإثبات لُغةً:** ثبت الشيء ويثبِّت ثباتاً وثبوتاً فهو ثابت، ويقال: ثبت فلان في المكان يثبت ثبوتاً، فهو ثابت لو قام به، والثبت، بالتحريك: الحُجة والبيِّنة،[^6^](#fn6){#fnref6.footnote-ref} وقول ثابت: صحيح؛ وكله من الثبات. والثابت العقل، وثابته وأثبته: عرفه حق المعرفة، والإثبات الثقات.[^7^](#fn7){#fnref7.footnote-ref} وبناءً عليه فإنَّ الإثبات لُغةً هو تأكيد الحقِّ أو الأمر بالبينة أو الحُجة.[^8^](#fn8){#fnref8.footnote-ref} **تعريف الجنائي لُغةً:** كلمة الجنائي مشتقة من الجناية، والجناية هي مصدر جني، والجناية: هي الذنب أو الجرم، وما يفعله الإنسان مَّما يوجب عليه العقاب أو القصاص في الدينا والآخرة. وجنى على قومه جنايةً أي أذنب ذنباً يؤاخذ به، وغبت الجناية في ألسنة الفقهاء على الجرح والقطاع، والجمع جنايات.[^9^](#fn9){#fnref9.footnote-ref} **تعريف الإثبات الجنائي اصطلاحاً:** يُعرف الإثبات الجنائي اصطلاحياً \"هو \"تأكيد حقٍّ متنازع فيه له أثر قانوني بالدليل الذي أباحه القانون لإثبات ذلك الحقِّ، لأنَّ الشارع لم يبح التمسُّك بأي دليل، وحتَّم توفُّر الأدِلَّة دون الأخرى لإثبات بعض الحقوق.[^10^](#fn10){#fnref10.footnote-ref} ويُعرف الإثبات في المواد الجزائية بأنَّه الحصول على الأدِلَّة التي تثبت وقوع الجريمة ونسبتها لشخص مُحدَّد، وتقديمها أمام هيئة القضاء وفقاً للكيفيات والطرق التي يقرَّها القانون، أي أنَّه لابد من إثبات جنائي ودليل ملموس، وهو وقوع الفعل أو الامتناع، نسبته لشخص مُحدَّد، وتقديم ذلك الدليل أمام قاضي الحكم وفقاً لإجراءات مُحدَّدة.[^11^](#fn11){#fnref11.footnote-ref} **3.تعريف الإثبات الجنائي قانونا:** ويُعرف الإثبات الجنائي بأنَّه \"البينة أو الحُجة وإقامة الدليل من طرف السلطة القضائية المختصَّة بالإجراءات الجنائية في البحث، عن قيام الجريمة بطرق مشروعة، وذلك أثناء مراحل الدعوى الجنائية الثلاثة، وهي مرحلة جمع الاستدلالات، ومرحلة التحقيق القضائي، ومرحلة المحاكمة.[^12^](#fn12){#fnref12.footnote-ref} ولقد عُرف الإثبات القضائي في التشريع العُماني \"بأنَّه إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي يحدِّدها القانون لإثبات واقعة يرتِّب عليها القانون ثبوت حقٍّ متنازع فيه. وبهذا المعنى يمكن لنا أنْ نميِّز بين الإثبات القضائي والإثبات بالمعنى العام وهو ما يُعرف بالإثبات العلمي أو التأريخي والذي يهدف إلى إثبات حقيقة ما يقوم البرهان عليها بأيَّة وسيلة ومن أي طريق ويساهم في ذلك كل من يريد من الأفراد وتظلُّ الحقيقة أيّاً كان نوعها علمية أو تأريخية تظلُّ بعد هذا الإثبات قابلة للنظر والنقاش على وجه الدوام\".[^13^](#fn13){#fnref13.footnote-ref} **[الفرع الثاني]** **[مراحل تطوُّر الإثبات الجنائي في القانون الوضعي.]** يُعدُّ الإثبات الجنائي أحد الوسائل الرئيسية في التحقيق الجنائي حيث يُعدُّ تأكيداً لحقٍّ متنازع فيه له أثر قانوني بالدليل الذي أباحه القانون لإثبات ذلك الحقِّ، ولذلك لأنَّ الشارع لم يبح التمسُّك بأي دليل، وحتمَّ توفُّر أدِلَّة مُحدَّدة بدون أخرى لإثبات بعض الحقوق. ولقد تبنى التشريع العُماني الإثبات الجنائي عند صدور سلطان البلاد \"قابوس بن سعيد\"إصدار قانون الجزاء العُماني بمرسوم سلطاني رقم 7 لسنة 1974؛ وذلك في أوَّل أبريل عام 1974م، وذلك لاحتياج البلاد في ذلك الوقت لجزاء يرتب علاقات الأفراد فيما بينهم، ويُحدِّد واجباتهم تجاه المجتمع، والحقِّ العام، والذي اعتدَّ بأدِلَّة الإثبات الجنائي المختلفة في البتِّ والحكم بالجرائم، وهو يُعدُّ أوَّل قانون جزائي لسلطنة عُمان اعتمد بشكلٍ واضحٍ على أدِلَّة الإثبات الجنائي المختلفة.[^14^](#fn14){#fnref14.footnote-ref} وفي عام 2008م حيث أصدر مرسوم سلطاني رقم ٦٨/٢٠٠٨ بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، والذي حدَّد فيه وسائل الإثبات القانونية، واعتبر الإثبات الجنائي بأنَّه يمثِّل الحصول على الأدِلَّة التي تثبت وقوع الجريمة ونسبتها لشخص مُحدَّدٍ، وتقديمها أمام القضاء وفقاً للطرق والكيفيات والتي قرَّرها القانون؛ أي لابد من إثبات وقوع الفعل أو الامتناع؛ نسبته لشخصٍ مُحدَّدٍ، وتقديم ذلك الدليل أمام قاضي الحكم وفقاً لإجراءاتٍ مُحدَّدةٍ.[^15^](#fn15){#fnref15.footnote-ref} والإثبات الجنائي في القانون العُماني يمثِّل البيِّنة والحُجة وإقامة السلطة القضائية المختصَّة بالإجراءات الجنائية في البحث، عن قيام الجريمة بالطرق المشروعة، وذلك أثناء مراحل الدعوى الجنائية الثلاثة، والتي تتمثَّل في مرحلة جمع الاستدلالات، ومرحلة التحقيق القضائي، ومرحلة المحاكمة. ويمثِّل الإثبات الجنائي بناءً على ذلك في التشريع الوسائل التي يتضرع بها أطراف الرابطة الإجرائية للوصول للدليل بالخبرة والمعاينة، أو الشهادة، أو الكتابة، أو القرائن، وغيرها.[^16^](#fn16){#fnref16.footnote-ref} **[أولا: طرق ووسائل الإثبات في التشريع العُماني. ]** تمثِّل وسائل الإثبات، أو إجراءات الإثبات في القانون العُماني كل نشاط يتجه نحو كشف حالة أو واقعة أو شخص أو أي شيء يفيد في إثبات الحقيقة، ومن أجل إثبات الوقائع، وكشف الحقائق يلجأ القاضي لاستعمال وسائل وطرق مُتعدِّدة ومختلفة للإثبات.[^17^](#fn17){#fnref17.footnote-ref} ولقد بدأ الاعتماد على وسائل الإثبات قانون الجزاء العُماني بمرسوم سلطاني رقم 7 لسنة 1974 ثمَّ تطوَّر الاعتماد عليها في المرسوم السلطاني رقم 97 / 99 لسنة 1991 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية، والذي اعتمد فيه المُشرِّعُ على وسائل الإثبات المختلفة، من الشهود، والأدِلَّة، والخبراء، والقرائن، وغيرها من وسائل الإثبات. حيث استند التشريع في سلطنة عُمان على نظام الإثبات الحرِّ، ويقوم ذلك المبدأ على حريَّة الإثبات بكافة وسائله بدون التقيُّد باي وسيلة مُحدَّده يحصرها القانون، وذلك يتفق مع طبيعة مسائل الإثبات الجزائي.[^18^](#fn18){#fnref18.footnote-ref} فنجد في المسائل الجزائية أنَّه قد ينصب الإثبات على وقائع مادية، وأخرى نفسية تحتاج لخصوصيتها لعدم التقيُّد، بحيث يكون إثباتها متاحاُ بكل وسائل وطرق الإثبات. فلا يحكم على برئ، ولا يفلت مجرم من عقاب، ولو أنَّ الادِلَّة كانت مقيَّدة أو مُحدَّدة لقيِّدت صلاحيات كلاً من القاضي، والنيابة العامة من ناحية الأخذ بالأدِلَّة، مَّما يضطر القاضي للحكم بالبراءة على شخص متهم قد قام بارتكاب الجريمة، وذلك نظراً لتقيُّد القاضي بأدلة مقننة قانوناً.[^19^](#fn19){#fnref19.footnote-ref} ثمَّ شهدتْ القوانين في تطوُّرٍ كبيرٍ حتى اعتمدتْ بشكل قانوني وضع وتقنين قانون الإثبات لسلطنة عُمان رقم 68/2008 والذي تناول طرق الإثبات للأدِلَّة الجنائية لكافة التعاملات المدنية والتجارية، حيث أقرَّ في المواد (1،2،3) بضرورة إثبات الالتزام على المدعي[^20^](#fn20){#fnref20.footnote-ref}، ووجوب المدعى عليه إثبات التخلص منه، وعدم صلاحية القاضي في الحكم بمعلمه الشخصي، بل يلزم أنْ تكون الوقائع المراد إثباتها تتعلَّق بالدعوى، ومنتجة فيها، ويجوز قبولها.[^21^](#fn21){#fnref21.footnote-ref} ومن تلك الأدِلَّة التي وردتْ كوسائل للإثبات في التشريع العُماني: الأدِلَّة الكتابية. المُحررات العُرفية. شهادة الشهود. القرائن وحُجيَّة الأمر المقضي. **[القرائن القانونية: ]** تمثِّل القرائن إحدى وسائل الإثبات القانونية، والتي نصَّ عليها القانون صراحة بموجب نصوص قانونية، ألزم القاضي الجنائي بالأخذ بها، وتنقسم لنوعين: **[القرائن القاطعة]**: وهي التي لا تقبل إثبات عكسها بأي طريقة من طرق الإثبات، مثل الحكم البات الذي يُعدُّ قرينةً قاطعة، ولا يمكن إثبات عكسه. **[قرائن بسيطة:]** وهي التي تنهض دليل حتى يثبت ما يعاكسها.[^22^](#fn22){#fnref22.footnote-ref} **[القرائن القضائية: ]** وهي القرائن الموضوعية التي يتمُّ استنباطها من الوقائع المعروضة على القاضي، ويلزم أنْ يراعى فيها التحري والدقَّة حتى تكون النتيجة منطقية، وتلك القرائن يعمل القاضي فيها على استخلاصها من الوقائع المعروضة؛ أي استنتاجه لواقعة مجهولة من واقعة معلومة مستخدم في ذلك سلطته التقديريَّة التي منحه إياها القانون، والقاضي هو المصدر الوحيد لتلك الوسيلة لأنْ يحقِّقها عن طريق اقتناعه الشخصي؛ وقد تكون تلك القرائن وثائق القناعة مثل الأدوات التي اُرتكبتْ بها الجريمة، والأسلحة، وبقع الدم، والبصمة الوراثية، ورغم أنَّ المُشرِّعَ لم يشملها بالتنصيص إلَّا أنَّها تدخل في صحَّة إدراك وفهم القاضي لظروف وملابسات الجريمة، وبالتالي فإنَّه لا حصر لها، وإنَّما تتعدَّد وفق وقائع وظروف الجريمة.[^23^](#fn23){#fnref23.footnote-ref} الإقرار واستجواب الخصوم، والاعتراف. اليمين الحاسمة، والمتمِّمة. المعاينة ودعوى إثبات الحالة. الخبرة. **[ثانيا: اختيارية القضاء للاستعانة بالخبرة الفنية: ]** أشار المُشرِّعُ الجنائي في قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية العُماني الصادر بمرسوم سلطاني رقم (68/ 2008) في المادة رقم (82) أنَّه يحقُّ للمحكمة أنْ تقوم من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد الخصوم بالاستعانة بأهل الخبرة، وذلك بهدف التحقيق في واقعة محدَّدة في الدعوى الجزائية المقامة، وإظهار رأيهم فيما تحتاجه الجهة القضائية من مسائل متخصِّصة أو فنية دون المسائل القانونية، وهو ما يشير لمنح المُشرِّعُ العُماني حريَّة اختيار المحكمة للاستعانة بأهل الخبرة من عدمه، وذلك وفق الآتي: أنْ يقوم القاضي بطلب الاستعانة بخبير فني محدَّد للاستشارة الفنية، وتقديم معلومات بناءً على خبراتهم، والتي يعجز القضاء عن معرفتها بنفسه. أنْ يقوم أحد الخصوم بتقديم طلب لهيئة المحكمة بالاستعانة بخبير فني مختصِّ، وذلك للمحكمة الحقُّ في قبول أو رفض طلب الخصوم، فهي المسئولة عن تقدير مدى الاحتياج لخبير فني في تلك المسألة الفنية. كما أكَّد المُشرِّعُ العُماني في نصِّ المادة (43) من نفس القانون على حريَّة اختيار الخبير الفني في حالة موافقة المحكمة، واختيار أكثر من خبير لو أقرَّتْ هيئة المحكمة، وإلَّا فإنَّ المحكمة لها الحقُّ في اختيار الخبراء الفنيين المقبولين أمامها، ما لم تقض بغير ذلك أي ظروف استثنائية خاصة. [^24^](#fn24){#fnref24.footnote-ref} **[ثالثا: شروط الاستعانة بالخبراء الفنيين: ]** أشار المُشرِّعُ العُماني في قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية في المادة رقم (82) أنَّه يلزم تضمين الحكم الصادر بالاستعانة بالخبير، وبيان المهمة المكلَّف بها، والأمانة التي يلزم إيداعها لحساب مصروفاته، كما أشار أنَّ الخصم هو المكلَّف بإيداع تلك الأمانة، والوقت الذي يلزم فيه الأجل، والوقت المُحدَّد لإيداع تقرير الخبير، وتأريخ الجلسة المؤجل إليها الدعوى للمرافعة، وذلك في حالة إيداع الأمانة، بالإضافة لجلسة أخرى أقرب لنظرها في حالة عدم إيداعها.[^25^](#fn25){#fnref25.footnote-ref} **ومن أبرز الشروط التي حدَّدها المُشرِّعُ العُماني كلاً من:** أشار المُشرِّعُ العُماني في نصِّ المادة (85) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية أنَّه \"في حالة عدم توديع الأمانة من الخصم الذي تمَّ تكليفه بإيداعها، فإنَّ الخبير غير مُلزَم بأداء المهمة المكلَّف بها، كما أنْ المحكمة تقرِّر سقوط حقَّ الخصم، والذي لم يقم بدفع الأمانة في التمسُّك بالحكم الصادر بتعيين الخبير لو وجدتْ هيئة المحكمة عدم اقتناعها بالأعذار المقدَّمة إليها\". أشار المُشرِّعُ العُماني في المواد (86، 87، 88) إلى أنَّه تقوم أمانة سرِّ المحكمة في اليومين التاليين لإيداع الخصوم للأمانة باستدعاء الخبير من خلال كتاب مسجَّل ليطلع على الأوراق المودعة ملف الدعوى، بغير تسلمها، ما لم تأذن له المحكمة أو الخصوم بذلك، ويتمُّ تسليمه صورة من الحكم الفني. ويحقُّ للخبير الفني أنْ يطلب إعفاءه خلال أوَّل خمسة أيام من تسلمه صورة الحكم من أمانة سرِّ المحكمة من أداء المهمة التي كُلِّف بها، وللمحكمة التي عينته أنْ تعفيه منها لو رأت أنَّ أسبابه التي أظهرها مقنعة ومقبولة، ويجوز لها نقص ميعاد تأكيد الخبير في حالة الدعاوي المستعجلة. وإذا لم يؤد الخبير مهمته فإنَّه يجوز للمحكمة أنْ تقوم بالحكم عليه بكافة المصروفات التي تسبب في إنفاقها، وبالتعويضات، والمساءلة تأديبياً.[^26^](#fn26){#fnref26.footnote-ref} ولقد أشار المرسوم السلطاني رقم 97/99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية في سلطنة عُمان أنَّه \"يُقدِّم الخبير تقريره كتابة ويحدِّد عضو الإدعاء العام للخبير ميعاداً لتقديم تقريره، وله أنْ يستند به خبيراً آخر إذا لم يقدِّم التقرير في الميعاد المحدَّد، وللمتهم أنْ يستعين بخبير استشاري على حسابه الخاص، وأنْ يطلب تمكينه من الاطلاع على الأوراق وما سبق تقديمه للخبير المعيَّن من قبل الإدعاء العام، على ألََّا يترتَّب على ذلك التأخير في السير بالدعوى. وللخبير صلاحية ممارسة مهمته تحت إشراف وتوجيه عضو الإدعاء العام، ويجوز للخبير القيام بالإجراءات الضرورية التي يراها لازمة لإنجاز مهمته، وذلك بعد الرجوع لعضو الإدعاء العام كلما أمكن ذلك. [^27^](#fn27){#fnref27.footnote-ref} ::: {.section.footnotes} ------------------------------------------------------------------------ 1. ::: {#fn1} () المرسوم السلطاني رقم ٩٧ / ٩٩ بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العماني.[↩](#fnref1){.footnote-back} ::: 2. ::: {#fn2} () د. محمد محمود سعيد، حق المجني عليه في تحريك الدعوى العمومية، دار الكتاب الحديث، عام 1982 ، ص 117.[↩](#fnref2){.footnote-back} ::: 3. ::: {#fn3} () د. طارق أحمد ماهر زغلول، شرح قانون الاجراءات الجزائية العماني الجزء الأول، دار الكتاب الجامعي، الامارات 2015.[↩](#fnref3){.footnote-back} ::: 4. ::: {#fn4} () د. رمسيس بهنام، الاجراءات الجزائية تأصيلا وتحليلا، منشأة المعارف، ص 232[↩](#fnref4){.footnote-back} ::: 5. ::: {#fn5} مبروك نصر الدين، محاضرات في الإثبات الجنائي، ج1، دار هومة للنشر، الجزائر، 2004، ص 168.[↩](#fnref5){.footnote-back} ::: 6. ::: {#fn6} محمد بن محمد عبد الرازق الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس، دار الهداية، ج4، الأردن، ص470.[↩](#fnref6){.footnote-back} ::: 7. ::: {#fn7} العكري عباس، التلي مريم، دور المعاينة والخبرة الفنية في الإثبات الجنائي، رسالة ماجستير، جامع عمار ثليجي الأغواط، 2022، ص7[↩](#fnref7){.footnote-back} ::: 8. ::: {#fn8} ماروك نصر ادلين، محاضرات في الإثبات الجنائي، ج1، ط3، دار هومة، الجزائر، 2009، ص 66[↩](#fnref8){.footnote-back} ::: 9. ::: {#fn9} نجيمي جمال، إثبات الجريمة على ضوء الاجتهاد القضائي (دراسة مقارنة)، دار هومه، ط2، الجزائر، 2014، ص 23[↩](#fnref9){.footnote-back} ::: 10. ::: {#fn10} أحمد أبو القاسم، الدليل الجنائي المادي ودوره في إثبات جرائم الحدود والقصاص، ج1، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، ط1، 1993، ص39.[↩](#fnref10){.footnote-back} ::: 11. ::: {#fn11} مبروك نصر الدين، مرجع سبق ذكره، ً 44[↩](#fnref11){.footnote-back} ::: 12. ::: {#fn12} حفصة عماري، دور المعاينة والخبرة في الإثبات الجنائي، جامعة الشهيد حمه لخضر، الوادي، 2017، ص4[↩](#fnref12){.footnote-back} ::: 13. ::: {#fn13} فوزية خربوش، الأدلَّة العلمية ودورها في إثبات الجريمة، رسالة ماجستير، كُليَّة الحقوق، جامعة الجزائر، 2002م، ص18.[↩](#fnref13){.footnote-back} ::: 14. ::: {#fn14} قانون الجزاء العُماني بمرسوم سلطاني رقم 7 لسنة 1974م.[↩](#fnref14){.footnote-back} ::: 15. ::: {#fn15} مرسوم سلطاني رقم ٦٨ / ٢٠٠٨ بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية.[↩](#fnref15){.footnote-back} ::: 16. ::: {#fn16} مفلح القضاة، قواعد البيانات في المواد المدنية والتجارية جمعية المطابع التعاونية عمان 1990، ص 59.[↩](#fnref16){.footnote-back} ::: 17. ::: {#fn17} عباس العبودي، شرح أحكام قانون البينات الجديد، دار الثقافة، عمان، 2005، ص98[↩](#fnref17){.footnote-back} ::: 18. ::: {#fn18} المرسوم السلطاني رقم 97 / 99 لسنة 1991 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية، 1991، سلطنة عُمان.[↩](#fnref18){.footnote-back} ::: 19. ::: {#fn19} مرسوم سلطاني رقم ٦٨ / ٢٠٠٨ بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، سلطنة عُمان، 2008.[↩](#fnref19){.footnote-back} ::: 20. ::: {#fn20} أمجد محمد منصور، النظرية العامة للالتزامات، دار الثقافة، عمان، 2001، ص38[↩](#fnref20){.footnote-back} ::: 21. ::: {#fn21} قانون الإثبات في المعاملات المدنية، والتجارية، الجريدة الرسمية لسلطنة عُمان، العدد 1506، 13 أغسطس 2023، [↩](#fnref21){.footnote-back} ::: 22. ::: {#fn22} فوزية خربوش، الأدلَّة العلمية ودورها في إثبات الجريمة، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، الجزائر، 2002، ص24[↩](#fnref22){.footnote-back} ::: 23. ::: {#fn23} حفصة عماري، مرجع سبق ذكره، ص 11[↩](#fnref23){.footnote-back} ::: 24. ::: {#fn24} مرسوم سلطاني رقم ٦٨ / ٢٠٠٨ بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، 2008، الجريدة الرسمية، عُمان.[↩](#fnref24){.footnote-back} ::: 25. ::: {#fn25} محمد واصل وحسين بن علي الهلالي، الخبرة الفنية أمام القضاء) دراسة مقارنة،(د ن: مسقط-سلطنة عُمان، 2004، ص71[↩](#fnref25){.footnote-back} ::: 26. ::: {#fn26} مرسوم سلطاني رقم ٦٨ / ٢٠٠٨ بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، 2008، الجريدة الرسمية، عُمان.[↩](#fnref26){.footnote-back} ::: 27. ::: {#fn27} المرسوم السلطاني رقم 97 / 99 لسنة 1991 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية، 1991، سلطنة عُمان.[↩](#fnref27){.footnote-back} ::: :::