الدين و القضايا المعاصرة - ثالثة انجليزي أساسي - عجمية السيد PDF

Summary

هذا الكتاب يتناول الدين و القضايا المعاصرة، و يقدم لمحة عن أهمية الدين في حياة الإنسان. يُناقش الكتاب بعض القضايا من عدة جوانب، ويستعرض كيفية معالجتها من قبل العلماء، بالإضافة إلى فهرس شامل للمحتويات.

Full Transcript

‫كلية التربية‬ ‫قسم اللغة اإلنجليزية " أساسي "‬ ‫مقرر الدين و القضايا المعاصرة‬ ‫الفرقة الثالثة قسم اللغة اإلنجليزية ‪ -‬أساسي‬ ‫د‪.‬عجميه السيد محمد برايه‬ ‫مدرس الدراسات اإلسالمية بقسم اللغة العربية‬ ‫كلية اآلداب ‪ -‬جامعة حلوان‬ ...

‫كلية التربية‬ ‫قسم اللغة اإلنجليزية " أساسي "‬ ‫مقرر الدين و القضايا المعاصرة‬ ‫الفرقة الثالثة قسم اللغة اإلنجليزية ‪ -‬أساسي‬ ‫د‪.‬عجميه السيد محمد برايه‬ ‫مدرس الدراسات اإلسالمية بقسم اللغة العربية‬ ‫كلية اآلداب ‪ -‬جامعة حلوان‬ ‫‪2-‬‬ ‫الناشر‪ :‬جهاز نشر وتوزيع الكتاب الجامعي‬ ‫جامعة حلوان‬ ‫حقوق النشر اإللكتروني حصرية لصالح الجهاز‬ ‫حقوق التأليف محفوظة للمؤلف‬ ‫‪2222/2222‬‬ ‫شهر التعاقد‪ :‬أغسطس‬ ‫‪2-‬‬ ‫المقدمة‬ ‫أحمد الله رب العالمين‪ ،‬و أصلي و أسلم على سيدنا وموالنا محمد النبي‬ ‫األمي األمين‪ ،‬وعلى آله وصحبه و أزواجه و ذريه ‪ ،‬و على جميع آبائه‬ ‫وإخوانه من األنبياء و المرسلين‪ ،‬وبعد ‪.‬‬ ‫فإن الله ‪ ‬أرسل الرسل ‪ ‬و أنزل الكتب ؛ إرشادًا للبشر إلى ما فيه‬ ‫خيرهم و صالحهم في الدنيا و اآلخرة ‪ ،‬و إقامةً للحجة عليهم يقول ‪: ‬‬ ‫{رُّسُلاً مُّبَشِّرِّينَ وَمُنذِرِّينَ لِئَلاَّ يَكُّونَ لِلنَاسِّ عَلَى اللّهِ حُجَةٌ بَعْدَ الرُّسُلِّ وَكَانَ اللّهُ عَزِّيزًا‬ ‫حَكِيمًا}‪ 1‬ثم ختم الله ‪ ‬الرسل بسيدنا محمد ‪ ‬و ختم الكتب بالقرآن الكريم‬ ‫و هو المعجزة القائمة منذ نزل إلى أن يرث الله األرض و من عليها ‪ ،‬و قد‬ ‫َاب اللَّ ِه فِي ِه َخ َب ُر َما َق ْبلَ َك ْم‪َ ،‬ونَ َبأ ُ َما َب ْعدَ ُك ْم‪،‬‬ ‫أخبر عنه الرسول ‪ ‬بقوله ‪ِ  :‬كت ُ‬ ‫ْس بِ ْال َه ْز ِل‪ُ ،‬ه َو الَّذِي َال ت َِزي ُغ ِب ِه ْاأل َ ْه َوا ُء‪َ ،‬و َال‬ ‫َو ُح ْك ُم َما َب ْينَ ُك ْم‪ُ ،‬ه َو ْالفَ ْ‬ ‫ص ُل َلي َ‬ ‫‪2‬‬ ‫ع َجائِبُهُ ‪...‬‬ ‫ضي َ‬ ‫َي ْشبَ ُع ِم ْنهُ ْالعُلَ َما ُء‪َ ،‬و َال َي ْخلَ ُق َ‬ ‫ع ْن َكثْ َر ِة َردٍّ‪َ ،‬و َال ت َ ْنقَ ِ‬ ‫و إلى جانب القرآن الكريم كانت سنة الرسول ‪ ، ‬و منهما دائ ًما يستنبط‬ ‫العلماء األحكام ‪.‬و من ذلك الحين تتوالى القضايا و تتجدد المسائل الفكرية‬ ‫حتى العصر الراهن ؛ لذا تم وضع هذا الكتاب لمناقشة بعض القضايا كيف‬ ‫عالجها العلماء و استنبطوا أحكامها بما يصلح زمانًا و مكانًا ‪.‬و الله ‪‬‬ ‫أسأل أن ينفعكم بمحاضرات هذا المقرر ‪.‬و الحمد لله رب العالمين ‪.‬‬ ‫‪ 1‬سورة النساء ‪. 561‬‬ ‫‪ 2‬مصنف ابن أبي شيبة (‪)521 /6‬‬ ‫‪2-‬‬ ‫فهرس المحتويات‬ ‫الصفحة‬ ‫الفصل‬ ‫م‬ ‫‪2‬‬ ‫المقدمة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪7‬‬ ‫أهمية الدين في حياة اإلنسان‬ ‫‪5‬‬ ‫‪56‬‬ ‫من الديانات السماوية السابقة‬ ‫‪2‬‬ ‫‪21‬‬ ‫من الديانات الوضعية الشرقية‬ ‫‪2‬‬ ‫‪21‬‬ ‫الثقافة الدينية اإلسالمية‬ ‫‪2‬‬ ‫‪24‬‬ ‫من تحديات الثقافة الدينية‬ ‫‪1‬‬ ‫اإلسالمية‬ ‫‪62‬‬ ‫الحضارة اإلسالمية‬ ‫‪6‬‬ ‫‪72‬‬ ‫اإلنسان و القيم‬ ‫‪7‬‬ ‫‪74‬‬ ‫التسامح و السماحة‬ ‫‪8‬‬ ‫‪82‬‬ ‫الوفاء بالعهد‬ ‫‪4‬‬ ‫‪45‬‬ ‫حقوق اإلنسان‬ ‫‪52‬‬ ‫‪44‬‬ ‫العدل‬ ‫‪55‬‬ ‫‪522‬‬ ‫المساواة‬ ‫‪52‬‬ ‫‪1-‬‬ ‫‪527‬‬ ‫الشباب بين االنحراف السلوكي‬ ‫‪52‬‬ ‫و االنحراف الفكري‬ ‫‪562‬‬ ‫العالقات الدولية الخارجية للدولة‬ ‫‪52‬‬ ‫اإلسالمية في السلم و الحرب‬ ‫‪575‬‬ ‫حوار الحضارات‬ ‫‪51‬‬ ‫‪587‬‬ ‫الخاتمة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪588‬‬ ‫المصادر و المراجع‬ ‫‪-‬‬ 6- ‫‪7-‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬أهمية الدين في حياة اإلنسان‬ ‫يعد الدين أحد المكونات الرئيسة للحضارات اإلنسانية التي أقامها اإلنسان‬ ‫على مدى تاريخه ‪.‬و إذا تجنبنا طائفة اإللحاد االستثنائية التي ظهرت عند‬ ‫بعض البشر ‪ ،‬وجدنا اإليمان فطرة أصلية في أعماق اإلنسان ‪ ،‬بما يعني أن‬ ‫اإلنسان متدين بطبعه ‪ ،‬يقول الحق ‪{ : ‬فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِّ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي‬ ‫‪3‬‬ ‫فَطَرَ النَاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِّ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ولَكِنَ أَكْثَرَ النَاسِّ لاَ يَعْلَمُون}‬ ‫و في الوقت الراهن ‪ ،‬نالحظ الفقر الروحي و الديني الذي يعاني العالم منه‬ ‫– عامةً – و الغرب – خاصة ‪ -‬على الرغم من الحضارة المادية الكبيرة‬ ‫التي وصل إليها ‪ ،‬و الخطر الذي نعانيه يتمثل في انبهار الشباب بالمادية‬ ‫الغربية ‪ ،‬و ما يأتي من جانبها من موضا ٍّ‬ ‫ت في المجاالت الحياتية المختلفة ؛‬ ‫ب آخر ؛ و لذا علينا أن نبين أهمية‬ ‫وذلك يعني ابتعادهم عن الدين من جان ٍّ‬ ‫الدين في حياة اإلنسان ‪ ،‬و نعرضها في النقاط اآلتية ‪:‬‬ ‫‪ 3‬سورة الروم اآلية رقم ‪. 22‬‬ ‫‪8-‬‬ ‫أوالً ‪ :‬مفهوم الدين ‪.‬‬ ‫* في اللغة ‪:‬‬ ‫يدل الدين – لغةً ‪ -‬على الطاعة و العبودية و الملك و السلطان و الجزاء‬ ‫و الحساب و العقيدة و الملة و الطريقة والمنهاج ‪.‬و جاء في القرآن ما يشير‬ ‫إلى هذه المعاني ‪ ،‬يقول الحق ‪: ‬‬ ‫‪4‬‬ ‫{مَـالِكِ يَوْمِّ الدِّين}‬ ‫‪5‬‬ ‫{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِّالْهُدَى وَدِينِّ الْحَقِّ لِيُظْهِّرَهُ عَلَى الدِّينِّ كُّلِّّهِ ولَوْ كَرِّهَ الْمُشْرِّكُّون}‬ ‫خذُّوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِّلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِّلَى اللَّهِ زُّلْفَى إِّنَ‬ ‫{أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَا َّلذِينَ اتَّ َ‬ ‫‪6‬‬ ‫اللَّهَ يَحْكُّمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُّونَ إِّنَ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّار}‬ ‫{شَرَعَ لَكُّم مِّنَ الدِّينِّ مَا وَصَى بِّهِ نُّوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِّلَيْكَ وَمَا وَصَيْنَا بِّهِ إِّبْرَاهِيمَ وَمُوسَى‬ ‫وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَقُّوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِّكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِّلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِّي إِّلَيْهِ‬ ‫‪7‬‬ ‫مَن يَشَاء ويَهْدِي إِّلَيْهِ مَن يُنِيب}‬ ‫‪ 4‬سورة الفاتحة ‪ ،‬اآلية رقم ‪. 2‬‬ ‫‪ 5‬سورة التوبة اآلية رقم ‪. 22‬‬ ‫‪ 6‬سورة الزمر ‪ ،‬اآلية رقم ‪. 2‬‬ ‫‪ 7‬سورة الشورى ‪ ،‬اآلية رقم ‪. 52‬‬ ‫‪4-‬‬ ‫{فَبَدَأَ بِّأَوْعِيَتِهِّمْ قَبْلَ وِّعَاء أَخِيهِ ثُّمَ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِّعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ‬ ‫لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِّ الْمَلِكِ إِّلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُّلِّّ ذِي عِلْمٍ‬ ‫‪8‬‬ ‫عَلِيم}‬ ‫* الدين في االصطالح العام ‪ :‬الدين هو ما يعتنقه اإلنسان و يؤمن به من‬ ‫أمور الغيب و الشهادة ‪.‬‬ ‫* الدين في االصطالح االجتماعي ‪ :‬هناك ارتباط وثيق بين طبيعة النظام‬ ‫االجتماعي ‪ ،‬و طبيعة التصور االعتقادي ‪ ،‬بل إن النظام االجتماعي ينبع من‬ ‫التصور االعتقادي ؛ و لهذا فإن منهج الحياة لكل دولة أو أمة هو دينها ؛ ألنه‬ ‫ماض في ظالله و أضوائه ‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫صادر عن تصورها االعتقادي ومتأثر به و‬ ‫وعليه يمكن القول ‪:‬‬ ‫إذا كان منهج الحياة للمجتمع من صنع الله ‪ ،‬وصادر من عقيدةٍّ ربانية فهذا‬ ‫المجتمع في دين الله ‪.‬وإذا كان المجتمع يسير حسب منهجٍّ الشعب أو األمير‬ ‫أو القبيلة ‪ ،‬فهو بذلك صادر عن تصور أو فلسف ٍّة بشرية ‪ ،‬و هي قاصرة‬ ‫بالطبع ‪.‬‬ ‫* الدين في االصطالح السياسي و االقتصادي ‪ :‬ال يبتعد األمر – هنا –‬ ‫كثيرا عما ذكرناه آنفًا كالشيوعية و العلمانية مثالً ‪ ،‬فاألولى ليست مجرد‬ ‫ً‬ ‫ضا ‪ ،‬فالشيوعية تقوم على‬ ‫ب اقتصادي ‪ ،‬بل تعبر عن تصور اعتقادي أي ً‬ ‫مذه ٍّ‬ ‫‪ 8‬سورة يوسف اآلية رقم ‪. 76‬‬ ‫‪52-‬‬ ‫فكر ينكر وجود اإلله و يقر بمادية الكون البحتة ‪ ،‬و يفسر تاريخ البشرية‬ ‫كنظام سياسي ‪ ،‬صادرة عن‬ ‫ٍّ‬ ‫تفسيرا اقتصاديًّا بحتًا ‪.‬و كذلك العلمانية ‪ ،‬فهي‬ ‫ً‬ ‫تصور اعتقادي بأن الدين أمر يتعلق باإلنسان تفسه ‪ ،‬و ال ضرورة لتدخل‬ ‫ٍّ‬ ‫الدين في شئون المجتمع المختلفة ‪.‬‬ ‫‪ ‬الدين في اصطالح الفالسفة و علماء االجتماع ‪.‬‬ ‫يرى الفالسفة و علماء االجتماع أن الدين " قوة ما سماوية أو وثنية أو‬ ‫معنوية تعبد و تسيد و تطاع "‬ ‫* الدين في االصطالح اإلسالمي ‪.‬‬ ‫عرف العلماء المسلمون الدين بأنه وضع إلهي يرشد إلى الحق في‬ ‫االعتقادات و إلى الخير في السلوك والمعامالت ‪.‬و عليه بينوا أن اإلسالم‬ ‫هو االستسالم لله بالتوحيد و االنقياد له بالطاعة و البراءة من الشرك و أهله‬ ‫و هو الدين بمعناه األخص للمسلمين ‪ ،‬دون غيرهم من أهل الديانات‬ ‫والمناهج ‪.‬و الدين بهذا المعنى هو ملة اإلسالم وعقيدة التوحيد التي هي دين‬ ‫{و َمن يَ ْبت َغِ َ‬ ‫غي َْر‬ ‫جميع المرسلين من لدن آدم ‪ ‬إلى محم ٍّد ‪. ‬يقول ‪َ : ‬‬ ‫‪9‬‬ ‫اآلخ َرةِ ِمنَ ْالخَا ِس ِرين}‬ ‫اإل ْسالَ ِم دِينًا فَلَن يُ ْقبَ َل ِم ْنهُ َو ُه َو فِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإنَّكَ أَنتَ‬ ‫ت َو ِإ ْس َما ِعي ُل َربَّنَا تَقَب َّْل ِمنَّا‬ ‫{و ِإ ْذ يَ ْرفَ ُع ِإب َْراهِي ُم ْالقَ َوا ِعدَ ِمنَ ْالبَ ْي ِ‬‫َ‬ ‫لَّكَ َوأ َ ِرنَا‬ ‫س ِمي ُع ْال َع ِليم ‪َ.‬ربَّنَا َواجْ َع ْلنَا ُم ْس ِل َمي ِْن لَكَ َو ِمن ذُ ِريَّتِنَا أ ُ َّمةً ُّم ْس ِل َمةً‬ ‫ال َّ‬ ‫‪10‬‬ ‫الر ِحيم}‬ ‫علَ ْينَآ ِإنَّكَ أَنتَ الت َّ َّو ُ‬ ‫اب َّ‬ ‫َمنَا ِس َكنَا َوتُبْ َ‬ ‫و من النظرة اإلجمالية السابقة عن الدين ‪ ،‬يمكن القول ‪ :‬إن المناهج الدينية‬ ‫على األرض ال تخرج عما يوجد في الشكل التالي ‪:‬‬ ‫‪ 9‬سورة آل عمران اآلية ‪. 81‬‬ ‫‪ 10‬سورة البقرة اآليتان ‪. 528 ، 527‬‬ ‫‪55-‬‬ ‫ثانيًا ‪ :‬نشأة العقيدة اإللهية ‪.‬‬ ‫الدين و التدين قضية كونية كبرى‪ ،‬و مع أن اإليمان بالله ‪ ‬فطرة إنسانية‪،‬‬ ‫فإن علماء األديان أرادوا أن يصلوا إلى اإلجابة عن سؤالين في العقيدة‬ ‫اإللهية ‪:‬‬ ‫األول ‪ :‬متى بدأ الدين ؟ و متى نشأت العقيدة ؟‬ ‫الثاني ‪ :‬على أية صورةٍّ كانت هذه البداية الدينية للعقيدة اإللهية ؟‬ ‫و هناك تفسيران لإلجابة عن هذين السؤالين‬ ‫‪ -5‬التفسير التطوري ‪ :‬نشأ هذا التفسير على أثر انتشار النظرية‬ ‫الداروينية في أصل األنواع ‪ ،‬فحاول فريق من علماء األديان‬ ‫والفلسفة تطبيقها على نشأة العقيدة اإللهية ‪.‬و خالصة ما يرون فيها‬ ‫أن اإلنسان المعاصر‪ ،‬مر في عصور سابقة بمرحلة كان يعيش فيها‬ ‫قردًا أو إنسانًا أوليًّا وسط الغابات و داخل الكهوف يأكل األعشاب‬ ‫واللحوم النيئة ويعيش على طريقة بدائية‪ ،‬و مع مرور آالف السنين‬ ‫و ماليينها تطور هذا اإلنسان القديم‪ ،‬فهجر الغابات و سكن البيوت‬ ‫‪52-‬‬ ‫الحجرية وأنشأ المدن و القرى و كون اللغة‪ ،‬فانتقل بهذا إلى مرحل ٍّة‬ ‫جديدةٍّ من المدنية و التفكير‪.‬و في هذه المرحلة الجديدة من حياة‬ ‫اإلنسان الجديد‪ ،‬نشأت فكرة العقيدة اإللهية ألول مرةٍّ في التاريخ‬ ‫البشري؛ حيث بدأ اإلنسان يتطلع إلى البحث عن الدين و اإلله‬ ‫بالتفكير و التأمل ‪.‬و دفع اإلنسان لذلك ‪:‬‬ ‫‪ -‬مبررات طبيعية ‪ :‬الظواهر الطبيعية التي لفتت انتباهه ‪ ،‬مثل‬ ‫األفالك و األعاصير و البرق و الرعد و الطوفان و الزالزل ‪.‬‬ ‫‪ -‬مبررات روحية ‪ :‬كالخوف و الغيوب كاألشباح و األرواح ‪.‬‬ ‫‪ -‬مبررات أخالقية ‪ :‬كالميل الطبيعي للحق و الخير و الجمال‬ ‫والفطرة ‪.‬‬ ‫‪ -‬مبررات نفسية ‪ :‬كالضعف اإلنساني و إحساس اإلنسان بالنقص‬ ‫و التوجه نحو الخالق ‪.‬‬ ‫أما السؤال الثاني عن نشأة العقيدة ‪ ،‬فقد اختلف أصحاب هذا التفسير فيه على‬ ‫مذهبين ‪:‬‬ ‫األول ‪ :‬المذهب الخرافي ‪.‬و يرى أصحابه أن العقيدة في بدايتها تمثلت‬ ‫بصور من‬ ‫ٍّ‬ ‫في الخرافات الساذجة و الوثنية المتعددة و تجسدت فيها اآللهة‬ ‫الجمادات و الكائنات البسيطة‬ ‫ثم تطورت العقيدة نحو الكمال بطريق ٍّة تصاعدية مع تطور علوم اإلنسان‬ ‫ولغته و حضارته و حياته إلى أن انتهت إلى فكرة اإليمان بالخالق الواحد‬ ‫واإلله األعلى ‪.‬‬ ‫‪52-‬‬ ‫الثاني ‪ :‬المذهب الفطري ‪.‬و يرى أصحابه أن العقيدة قامت على صورة‬ ‫اإلله األكبر الذي يمثل القاسم المشترك األعلى بين الشعوب و األمم ‪ ،‬فهي‬ ‫عقيدة لم تنفك عنها أمة من األمم في القديم و الحديث ‪ ،‬و عليه فإن عبادة‬ ‫األصنام و الخرافات – عندهم – ليس إال تجسيدًا رمزيًّا في الداللة على اإلله‬ ‫األكبر ‪ ،‬و هذا التوحد في فكرة اإلله األكبر يعني أن اإلله األعلى فطرة‬ ‫جامعة في األنفس اإلنسانية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬التفسير الديني ‪ :‬يقوم هذا التفسير على أن نشأة العقيدة اإللهية‬ ‫بدأت مع بداية الحياة اإلنسانية ‪ ،‬منذ وجد سيدنا آدم ‪ ، ‬و عليه فقد‬ ‫عرفت البشرية منذ وجدت اإلله الواحد و اجتمعت عليه ‪ ،‬أما‬ ‫العبادات الخرافية و الوثنية ‪ ،‬فهي أعراض طارئة على الدين‬ ‫الصحيح أصيبت بها بعض الجماعات البشرية بسبب الغفلة و الكسل‬ ‫العقلي و سيطرة الطغيان ‪.‬‬ ‫و يرى أصحاب هذا التفسير أن هذه القضية خارجة عن حدود العلوم‬ ‫التجريبية أو الدراسات الكشفية و االجتماعية ‪ ،‬و أنها داخلة في نطاق الغيب‬ ‫الذي ال يمكن معرفته إال بطريق الوحي السماوي ‪ ،‬و رغم أن الكتب‬ ‫السماوية جميعها عرضت لتلك العقيدة ‪ ،‬فإن أصح هذه الكتب القرآن الكريم‬ ‫؛ لتعرض الكتب السابقة للتحريف ‪ ،‬و القرآن الكريم عرض لها عن طريق ‪:‬‬ ‫‪ -‬معرفة الخالق من آياته المنظورة و المسطورة ‪.‬‬ ‫‪ -‬الحديث عن خلق الكون و اإلنسان ‪.‬‬ ‫‪ -‬الحديث عن بداية العقيدة اإللهية األولى ‪ ،‬ثم تحريفها على يد‬ ‫بعض أصحاب الكتب السماوية و غيرهم ‪.‬‬ ‫‪52-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ثالثًا ‪ :‬حاجة اإلنسان إلى الدين ‪.‬‬ ‫الدين عنصر ضروري ؛ لتكميل الفطرة في اإلنسان ‪ ،‬فبه وحده يجد العقل‬ ‫تحقيق مصالحه العليا ‪ ،‬كما يجد الوجدان في التدين ضالته المنشودة ؛‬ ‫لتحقيق عواطفه النبيلة عن الحب و الشوق و الشكر و األمل ‪ ،‬و هو عنصر‬ ‫ضروري لتكميل قوة اإلرادة ؛ إذ يمدها بأعظم الدوافع و البواعث و يدركها‬ ‫بأكبر وسائل المقاومة لعوامل اليأس و القنوط ‪ ،‬و عليه يمكن القول ‪ :‬إن‬ ‫اإلنسان متدين بطبعه ‪ ،‬و هناك أمثلة كثيرة تدل على اإليمان بالفطرة ‪ ،‬و‬ ‫تركد على أهمية الدين بالنسبة لألفراد و المجتمعات ‪.‬‬ ‫‪ -‬لألفراد ‪ :‬تحقق النزعة الدينية لألفراد الغذاء العقلي و النظري‬ ‫– اإلشباع النفسي و الوجداني – بناء الشخصية القوية و اإلرادة‬ ‫الثابتة – تحقيق األهداف و الغايات ‪.‬‬ ‫‪ -‬للمجتمعات ‪ :‬يحقق الدين للمجتمعات بناء المجتمع الفاضل‬ ‫الصحيح – تحقيق الوحدة االجتماعية – تحقيق األمن و التفاعل‬ ‫االجتماعي – بناء مجتمع الدنيا و مجتمع اآلخرة ‪.‬‬ 51- ‫‪56-‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬من الديانات السماوية السابقة‬ ‫من الديانات السماوية السابقة‬ ‫اليهودية‬ ‫أرسل الله ‪ ‬رسالً و أنزل عليهم كتبًا ؛ لهداية البشر و إقامة الحجة عليهم‬ ‫لئال يقولوا يوم القيامة ‪ :‬إنا كنا عن هذا غافلين ‪ ،‬كما قال رسول الله ‪: ‬‬ ‫{رُّسُلاً مُّبَشِّرِّينَ وَمُنذِرِّينَ لِئَلاَّ يَكُّونَ لِلنَاسِّ عَلَى اللّهِ حُجَةٌ بَعْدَ الرُّسُلِّ وَكَانَ اللّهُ عَزِّيزًا‬ ‫‪11‬‬ ‫حَكِيمًا}‬ ‫وإذا كان اإلسالم خاتم الرساالت السماوية ؛ إذ صدق ما فيها من الحق ‪،‬‬ ‫وبَيَّن ما وضع فيها البشر من الباطل و هيمن عليها ‪ ،‬فنذكر هنا نموذ ًجا من‬ ‫الديانات السماوية الموجودة على األرض اآلن مع اإلسالم ؛ ليتضح مع‬ ‫دراستها قدر التحريف الذي لحق بها من قبل البشر‪.‬‬ ‫أوالً ‪ :‬اليهودية ‪.‬‬ ‫تعريف بها‬ ‫هي الرسالة التي أنزلت على سيدنا موسى ‪ ، ‬و هي ديانة العبرانيين‬ ‫المنحدرين من نسل سيدنا إبراهيم ‪ ‬و المعروفين بأسباط بني إسرائيل‬ ‫الذين أرسل إليهم موسى ‪‬مؤيدًا بالتوراة ؛ ليكون لهم نبيًّا ‪.‬و في نسبتها ‪،‬‬ ‫‪ 11‬سورة النساء ‪. 561‬‬ ‫‪57-‬‬ ‫قيل ‪ :‬إنها منسوبة إلى شعب اليهود ‪.‬و قيل ‪ :‬بل منسوبة إلى يهوذا أحد أبناء‬ ‫يعقوب ‪ ، ‬و عممت على الشعب على سبيل التغليب ‪.‬‬ ‫أهم الشخصيات‬ ‫‪ -‬موسى ‪ : ‬ولد في مصر أيام الفرعون المذكور في القرآن الكريم‬ ‫‪ ،‬تربى في قصره بعد أن وجدته امراته في اليم داخل التابوت ‪ ،‬كما‬ ‫قص القرآن علينا ‪ ،‬خرج إلى مدين في شبابه ؛ هاربًا من بطش‬ ‫فرعون ؛ ألنه قتل مصريًّا اعتدى على رج ٍّل من بني إسرائيل –‬ ‫دون قص ٍّد – و عاد بعد ذلك نبيًّا يدعوه إلى الله ‪ ،‬و أن يخرج معه‬ ‫بني إسرائيل ‪.‬أتعبه بنو إسرائيل في سيناء حتى إنهم رفضوا دخول‬ ‫األرض المقدسة التي كتب الله لهم و عبدوا العجل الذي صنعه لهم‬ ‫السامري ‪ ،‬فغضب الله عليهم وجعلهم يتيهون في الصحراء أربعين‬ ‫سنةً مات خاللها موسى ‪ ‬و دُفِنَ في كثي ٍّ‬ ‫ب أحمر دون أن يدخل‬ ‫فلسطين ‪.‬‬ ‫‪ -‬يوشع بن نون ‪ :‬تولى قيادة بني إسرائيل بعد موسى ‪ ، ‬و مع‬ ‫ْ‬ ‫ظهرت بوادر دخولهم األرض المقدسة ؛ إذ وصل بهم إلى‬ ‫قيادته‬ ‫أريحا شرقي األردن ‪.‬‬ ‫‪ -‬صموئيل شاءول " طالوت المذكور في القرآن " ‪ :‬ظهر في أواخر‬ ‫عصر القضاة الذين حكموا عشائريًّا قبائل بني إسرائيل االثني عشر‬ ‫‪ ،‬فكان آخر القضاة و أول الملوك عندهم ‪ ،‬واجه جالوت " ملك‬ ‫الفلسطنيين الكافر " في المعركة التي ذُ ِك َر ْ‬ ‫ت في سورة البقرة‬ ‫‪58-‬‬ ‫‪ -‬داوود ‪ : ‬كان أحد الجنود في جيش طالوت ‪ ،‬و هو الذي قتل‬ ‫جالوت الملك ‪ ،‬فأصبح الملك بعد طالوت ‪ ،‬و اتخذ من القدس‬ ‫عاصمة لمملكته " أورشليم " ‪ ،‬و كان الملك وراثيًّا في أوالده ‪.‬‬ ‫‪ -‬سليمان بن داوود ‪ :‬خلف أباه النبي – عليهما السالم – عال نجمه‬ ‫حتى صاهر فرعون مصر و تزوج ملكة سبأ بعد أن دانت له و‬ ‫اتبعت دينه ‪ ،‬لكن ملكه انكمش بعد مماته فاقتصر على غرب‬ ‫األردن ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫يحظ بمبايعة بني إسرائيل‬ ‫‪ -‬رحبعام ‪ :‬أحد ملوك بني إسرائيل ‪ ،‬لم‬ ‫جميعًا فمال بعضهم إلى أخيه يربعام ‪ ،‬فانقسمت مملكة بني إسرائيل‬ ‫في عصره إلى قسمين ‪ :‬شمالية اسمها إسرائيل و عاصمتها شكيم ‪.‬‬ ‫وجنوبية اسمها يهوذا و عاصمتها أورشليم ‪.‬‬ ‫‪ -‬عاموس ‪ :‬نب ٌّ‬ ‫ي من أقدم أنبياء العهد القديم الذين وردت أقوالهم‬ ‫مكتوبةً فيه ‪.‬‬ ‫‪ -‬أرميا ‪ :‬ندد بأخطاء بني إسرائيل و تنبأ بسقوط أورشليم على يد‬ ‫البابليين ‪.‬‬ ‫‪ -‬حزقيال ‪ :‬قال بالبعث و الحساب و تنبأ بالمسيح – عيسى ‪- ‬الذي‬ ‫يجئ من نسل داوود ‪‬‬ ‫مشتهرا بالمنامات و الرؤى الرمزية ‪ ،‬ووعد شعبه‬ ‫ً‬ ‫‪ -‬دانيال ‪ :‬كان‬ ‫بالخالص على يد المسيح ‪. ‬‬ ‫‪54-‬‬ ‫المراحل التاريخية لبني إسرائيل‬ ‫المرحلة األولى ‪ :‬خياتهم مع بني كنعان العرب الذين أنشأوا القدس أو إيلياء ‪.‬‬ ‫المرحلة الثانية ‪ :‬خروجهم من إيلياء إلى مصر أوان حكم يوسف ‪ ‬لها‬ ‫بعد دعوة قدمها ‪ ‬ألبيه يعقوب ‪ ‬و إخوته للقدوم ؛ للعيش في مصر ‪.‬‬ ‫المرحلة الثالثة ‪ :‬عبوديتهم في مصر أوان الفرعون المذكور في القرآن‬ ‫الكريم ‪.‬‬ ‫المرحلة الرابعة ‪ :‬خروجهم من مصر مع موسى ‪ ‬و مرحلة التيه في‬ ‫الصحراء ‪.‬‬ ‫المرحلة الخامسة ‪ :‬خروجهم من التيه و الحكم العشائري على يد القضاة ‪.‬‬ ‫المرحلة السادسة ‪ :‬الممالك اإلسرائيلية التي بدأت بملك طالوت ‪.‬‬ ‫المرحلة السابعة ‪ :‬مرحلة المتنبئين باالحتالل البابلي – على يد بختنصر –‬ ‫والخالص على يد المسيح ‪ ‬من األسر البابلي ‪.‬‬ ‫المرحلة الثامنة ‪ :‬احتالل قورش ملك فارس لبابل و السماح ألسرى بني‬ ‫إسرائيل بالعودة منه ‪.‬‬ ‫المرحلة التاسعة ‪ :‬وقوع بني إسرائيل تحت حكم اإلسكندر األكبر و البطالمة‬ ‫من بعده ‪.‬‬ ‫المرحلة العاشرة ‪ :‬اكتساح الرومان لفلسطين و استيالئهم على القدس تحت‬ ‫قيادة بامبيوس ‪.‬‬ ‫المرحلة الحادية عشرة ‪ :‬الحكم اإلسالمي فيها بعد فتح فلسطين في عهد عمر‬ ‫‪ ، ‬و إجالء الرومان منها شريطة أال يدخلها أحد من اليهود ‪.‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫المرحلة الثانية عشرة ‪ :‬الحركة الجديدة لليهود تحت اسم الصهيونية لبناء‬ ‫دولة إسرائيل على أرض فلسطين ‪ ،‬باعتبارها مركز دولتهم التي تبدأ من‬ ‫النيل وتنتهي عند الفرات ؛ لتجمع تاريخهم كله ‪.‬‬ ‫المعتقدات و اآلراء‬ ‫اإلله عند اليهود ‪:‬‬ ‫كثيرا ما كانوا يعمدون إلى التعدد‬ ‫ً‬ ‫اليهود موحدون في األصل ‪ ،‬و لكنهم‬ ‫والتجسيد ؛ لذا كثر فيهم األنبياء لردهم إلى جادة التوحيد كلما ضلوا ‪،‬‬ ‫واتخذوا العجل إل ًها على يد السامري بعد خروجهم من مصر ‪ ،‬و اسم إلههم‬ ‫يهوه ‪ ،‬و ليس معصو ًما عندهم ‪ ،‬بل يخطئ و يثور و يندم ‪ ،‬كما أنه إله‬ ‫قاس مدمر لشعبه ‪ ،‬وهو إلههم فقط و عدو لآلخرين ‪ ،‬و عزرا‬ ‫متعصب ٍّ‬ ‫عندهم – عزير عندنا – ابن الله ؛ ألنه أوجد التوراة بعد ضياعها ‪.‬‬ ‫كتب اليهود ‪:‬‬ ‫‪ -‬العهد القديم ‪ :‬مقدس لدى اليهود ‪ ،‬و ينقسم قسمين ‪:‬‬ ‫التوراة ‪ :‬و فيها خمسة أسفار – أسفار موسى ‪ : - ‬التكوين – الخروج –‬ ‫األخبار – العدد – التثنية ‪.‬‬ ‫أسفار األنبياء ‪ :‬المتقدمين و المتأخرين ‪ ،‬كيوشع بن نون و الملوك األول‬ ‫والثاني ‪ ،‬و يونس و ميخا و زكريا ‪.‬‬ ‫‪ -‬الكتابات ‪ :‬و فيها خمسة كتابات ‪ ،‬هي ‪:‬‬ ‫‪25-‬‬ ‫‪ ‬الكتابات العظيمة كالمزامير و الزبور و أمثال سليمان و أيوب ‪.‬‬ ‫‪ ‬المجالت الخمس ‪ :‬كنشيد اإلنشاد و أرميا ‪.‬‬ ‫‪ ‬الكتب ‪ :‬مثل دانيال و عزرا و أخبار األيام األول و أخبار األيام‬ ‫الثاني ‪.‬‬ ‫‪ ‬أستير و يهوديت ‪ :‬و ك ٌّل منهما أسطورة تحكي قصة امرأة تحت‬ ‫حاكم من غير بني إسرائيل ‪ ،‬واستخدمت جمالها في سبيل رفع‬ ‫ٍّ‬ ‫الظلم عن اليهود ‪.‬‬ ‫‪ ‬التلمود ‪ :‬و هو روايات شفوية تناقلتها الحاخامات حتى جمعها‬ ‫ب أسماه المشنا – إيضاح الشريعة و‬ ‫أحدهم " يوضاس " في كتا ٍّ‬ ‫ت و روايا ٍّ‬ ‫ت شفوية‬ ‫تفسيرها – و قد أتم الراباي يهوذا تدوين زيادا ٍّ‬ ‫ب آخر هو " جمارا " و من المشنا و الجمارا يتكون التلمود ‪.‬‬ ‫في كتا ٍّ‬ ‫و يحتل التلمود عند اليهود مكانةً كبيرة تزيد على مكانة التوراة ‪.‬‬ ‫الفرق اليهودية ‪ :‬و هي ‪:‬‬ ‫‪ -‬الفريسيون " متصوفة رهبانيون – األحبار الربانيون " ‪ :‬يحافظون‬ ‫على مذهبهم عن طريق التبني ويؤمنون بالبعث و المالئكة و العالم‬ ‫اآلخر ‪.‬‬ ‫‪ -‬المتعصبون " السفاكون " ‪ :‬هم قريبون من الفريسيين ‪ ،‬و لكنهم‬ ‫اتسموا بالعدوانية و سفك الدماء وعدم التسامح مع من اضطهدوا‬ ‫اليهود و غيرهم ‪ ،‬قاموا في مطلع القرن الميالدي األول بثورةٍّ قتلوا‬ ‫فيها الرومان و من عاونهم من اليهود ‪.‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫‪ -‬الصدقيون ‪ :‬رغم اسمهم هذا ‪ ،‬فقد اشتهروا باإلنكار و التكذيب‬ ‫بالبعث و الحساب و الجنة و النار و المالئكة و المسيح ‪ ،‬و سموا‬ ‫بهذا االسم نسبةً إلى كاهن اسمه صادوق ‪.‬‬ ‫‪ -‬الكتبة " السادة و الحكماء " ‪ :‬عرفوا شريعة اليهود من خالل عملهم‬ ‫بفحش على‬ ‫ٍّ‬ ‫بالنسخ ‪ ،‬فاتخذوا الوعظ مهنةً لهم ‪ ،‬و أثروا من خاللها‬ ‫حساب مريديهم ‪.‬‬ ‫‪ -‬القراءون ‪ :‬من قراءة التوراة ‪ ،‬و هم قلة من أتباع أحبار الفريسيين ‪،‬‬ ‫ال يعترفون إال بالتوراة و ينكرون التلمود بدعوى حريتهم في قراءة‬ ‫التوراة و شرحها ‪.‬‬ ‫‪ -‬السامريون ‪ :‬طائفة من المتهودين – يهود من غير بني إسرائيل –‬ ‫سكنوا جبال بيت المقدس ‪ ،‬أثبتوا نبوة موسى و هارون و يوشع بن‬ ‫نون دون من بعدهم من أنبياء بني إسرائيل ‪.‬‬ ‫‪ -‬السبئية ‪ :‬فرقة من اليهود من أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي ‪ ،‬دخلوا‬ ‫اإلسالم لتدميره و تفريق المسلمين ‪ ،‬فأشعلوا الثورة ضد عثمان بن‬ ‫عفان ‪ ‬و دسوا األحاديث الموضوعة على الرسول ‪ ، ‬و‬ ‫زعيمهم هو رائد الفتن السياسية و الدينية في اإلسالم ‪.‬‬ ‫أعياد اليهود ‪:‬‬ ‫‪ -‬عيد الفصح ‪ :‬و هو يوم خروجهم من مصر ‪.‬‬ ‫‪ -‬يوم التكفير ‪ :‬و هي ‪ 4‬أيام ‪ ،‬و تسمى أيام التوبة ‪.‬‬ ‫‪ -‬زيارة بيت المقدس ‪ :‬و هو واجب عليهم مرتين في العام ‪.‬‬ ‫‪ -‬الهالل الجديد ‪ :‬يحتفلون به كل شهر ‪.‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫‪ -‬يوم السبت ‪ :‬من أهم أيامهم ؛ ألنه عندهم اليوم الذي استراح فيه‬ ‫الرب بعد فراغه من خلق السموات و األرض ‪.‬‬ ‫الجذور العقائدية‬ ‫‪ -‬أخذ اليهود من الشعوب التي عاشوا معها ‪ ،‬فأخذوا من المصريين‬ ‫عبادة العجل ‪ ،‬و أخذوا من البابليين تشريع حمورابي ‪ ،‬كما أخذوا‬ ‫القول التناسخ من بابل التي أخذته بدورها من الهند ‪.‬‬ ‫‪ -‬أخذوا من النصرانية اعتقادهم البنوة لله ‪ ،‬فاعتقدوا بنوة عزير لله ‪،‬‬ ‫كما يقولون في أناشيدهم " تسبب يا أبانا في أن نعود لشريعتك " ‪.‬‬ ‫‪ -‬أخذوا عن الفلسطينيين القدماء بعض اآللهة ‪ ،‬كآلهة البلعيم‬ ‫والعشتارت و آرام و صيروم و مؤاب ‪.‬‬ ‫االنتشار و مواقع‬ ‫النفوذ‬ ‫عاش العبريون في األصل في عهد أبيهم يعقوب ‪ ‬في منطقة األردن‬ ‫وفلسطين ‪ ،‬ثم انتقلوا إلى مصر في عهد يوسف ‪ ، ‬ثم رحلوا إلى فلسطين‬ ‫نظرا النعزالهم ‪ ،‬تفرقوا في دول العالم ومنذ القرن العشرين ‪ ،‬و هم‬ ‫ً‬ ‫‪،‬و‬ ‫يجمعون شتاتهم في أرض فلسطين ‪ ،‬تشجعهم الصليبية األوروبية‬ ‫والصهيونية على الرغم من أنهم حاليًا أخالط متعددة ال تمت للعبرانيين‬ ‫األصليين بأي صلة ‪.‬‬ 22- ‫‪21-‬‬ ‫الفصل الثالث ‪ :‬من الديانات الوضعية‬ ‫من الديانات الوضعية الشرقية‬ ‫و نعرض في هذه المحاضرة لثالث ديانات وضعية ظهرت في شعوب‬ ‫الشرق ‪ ،‬و ال زال لها أتباع ‪ ،‬و هذه الديانات هي ‪ :‬الصابئة المندائية –‬ ‫الهندوسية البرهمية – المجوسية الزرادشتية ‪.‬‬ ‫أوالً ‪ :‬الصابئة المندائية‬ ‫تعريفها‬ ‫الصابئة تالمندائية إحدى الديانات الشرقية ‪ ،‬يعتقد أصحابها وحدانية الله ‪،‬‬ ‫و أن نبيهم يحيى ‪ ، ‬و لكنهم وقعوا في الوثنية لعبادتهم الكواكب و‬ ‫المالئكة و الروحانيات العلوية ‪ ،‬ويتجهون للقطب الشمالي ( قبلتهم ) ‪.‬كما‬ ‫يعتقد بعضهم أن ديانتهم موجودة قبل إبراهيم ‪ ‬؛ و لذا فهم حنفاء‬ ‫متمسكون باإلسالم المشترك بينهم و بين المسلمين ‪ ،‬مثل عبادة الله ‪ ‬و‬ ‫تحريم الفواحش و الظلم ‪.‬‬ ‫أبرز الشخصيات عند‬ ‫الصابئة‬ ‫‪ -‬آدم ‪ ‬إذ يزعمون انتسابهم إليه ؛ ألن دينهم يصل إلى سام بن نوح‬ ‫‪‬‬ ‫‪ -‬يحيى ‪ ، ‬فهم يزعمون أنه أرسل إليهم بهذا الدين ‪.‬‬ ‫‪26-‬‬ ‫‪ -‬الشيخ عبد الله بن الشيخ سام " الكنزبرا" ‪ ،‬فهو الرئيس الروحي‬ ‫لهم و كان يعيش بالكرخ في بغداد ‪. 5412‬‬ ‫معتقدات الصابئة‬ ‫اإلله عندهم ‪ :‬هو الله الواحد األزلي الخالق ‪ ،‬و لكنهم يعتقدون أنه خلق ‪262‬‬ ‫مخلوقًا يفعلون أفعاله و يعلمون الغيب ‪ ،‬و ٍّ‬ ‫لكل منهم مملكة في عالم األنوار‬ ‫‪ ،‬و هم ليسوا مالئكةً و ال آلهة ‪ ،‬و ال مخلوقا ٍّ‬ ‫ت كبقية الكائنات الحية ‪ ،‬و لكن‬ ‫الله ناداهم بأسمائهم ‪ ،‬ف ُخ ِلقُوا و تزوجوا بنساءٍّ من جنسهم و يتناسلون منهم‬ ‫فورا و تلد واحدًا منهم ‪.‬إضافةً إلى أنهم‬ ‫بالكلمة منهم ‪ ،‬فتحمل امرأته ً‬ ‫يقدسون الكواكب ألنهم يعتقدون أنها مساكن المالئكة ‪.‬‬ ‫كتبهم ‪ :‬كتبهم متعددة ‪ ،‬و من أهمها ‪:‬‬ ‫‪ -‬يعتقدون أنه صحف آدم ‪ ، ‬و توجد منها نسخة في خزانة‬ ‫المتحف العراقي ‪.‬‬ ‫‪ -‬دراشة إديهيا ‪ :‬يشتمل على تعاليم يحيى ‪ ‬و حياته ‪.‬‬ ‫‪ -‬الفلستا ‪ :‬كتابهم المتعلق بالزواج و الخطبة و النكاح و احتفاالتها ‪.‬‬ ‫صور لهم ‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫‪ -‬الديونان ‪ :‬و هو قصص و سير بعض الروحانيين مع‬ ‫‪ -‬سفر ملواشة " سفر البروج أو التنجيم " ‪ :‬يعرفون منه حوادث‬ ‫السنة المقبلة ‪.‬س مصطلح‬ ‫‪ -‬النياني ‪ :‬يشتمل على أناشيدهم و أذكارهم الدينية ‪ ،‬و منه نسخة في‬ ‫المتحف العراقي ‪.‬‬ ‫‪27-‬‬ ‫رجال الدين عندهم ‪ :‬و هم طبقا ٍّ‬ ‫ت ‪ ،‬منها ‪:‬‬ ‫‪ -‬الحاللي " الشماس " ‪ :‬و هو الذي يسير في الجنازات و يقيم سنن‬ ‫الذبح ‪.‬‬ ‫‪ -‬الترميدة ‪ :‬هو الشماس إذا فقه كتابين من كتبهم المقدسة " إنشماثا و‬ ‫النياني "‬ ‫‪ -‬األبيسق ‪ :‬الترميدة الذي يختص في العقد على األرامل ‪.‬‬ ‫‪ -‬الكنزبرا ‪ :‬الترميدة الذي لم يتزوج ثيبًا أبدًا ‪ ،‬و حفظ الكنزاربا ‪.‬‬ ‫يشترط في الكنزبرا عند الصابئة ‪....... ،......‬‬ ‫‪ -‬الريش أمه ‪ :‬هو رئيس األمة المطاع و صاحب الكلمة النافذة ‪.‬‬ ‫‪ -‬الرباني ‪ :‬و هي منزلة لم يصل لها عندهم إال يحيى ‪. ‬‬ ‫معبدهم ‪ :‬يسمى المندي ‪ ،‬و فيه كتبهم المقدسة ‪ ،‬كما يتم فيه تعميد رجال‬ ‫دينهم ؛ و لذا يقام على ضفاف األنهار اليمنى ‪ ،‬له باب واحد يقابل الجنوب‬ ‫حتى يتوجه القطب الشمالي الذي يعتبر قبلتهم ‪.‬‬ ‫عباداتهم ‪:‬‬ ‫‪ -‬الصالة عندهم ثالث عند الشروق و الزوال و الغروب ‪ ،‬ويجعلونها‬ ‫جماعةً في أيام األعياد و اآلحاد فيها وقوف و ركوع و جلوس دون‬ ‫سجود ‪.‬‬ ‫‪ -‬الصوم ‪ :‬و هم يحرمونه حاليًا ؛ ألنه عندهم من باب تحريم ما أحل‬ ‫الله ‪ ،‬و لكنه عند أسالفهم كان نوعين كبير و صغير ‪ ،‬فالكبير ما‬ ‫كان عن كبائر الذنوب و اآلثام ‪.‬و الصغير لمدة من ‪ 22 – 22‬يوم‬ ‫متفرقة في السنة عن اللحوم المباحة ‪.‬‬ ‫‪28-‬‬ ‫‪ -‬الطهارة ‪ :‬مفروضة على الذكر و األنثى بال تمييز ‪ ،‬و البد أن تكون‬ ‫في الماء الجاري الحي غير المنقطع عن مجراه الطبيعي ‪.‬‬ ‫‪ -‬من مفسدات وضوئهم و طهارتهم ‪ :‬البول و الغائط و الريح و لمس‬ ‫الحائض و النفساء ‪.‬‬ ‫‪ -‬التعميد ‪ :‬يعني الوضع في الماء الحي ‪ ،‬و هو من أبرز عقائدهم ‪ ،‬و‬ ‫له أنواع ‪ :‬تعميد الوالدة و تعميد الزواج ‪ ،‬و عماد الجماعة في كل‬ ‫عيد – عماد األعياد الكبير و الصغير و عيد يحيى ‪ ‬و تعميد‬ ‫المحتضر و دفنه ‪.‬‬ ‫جذورهم الفكرية و العقائدية‬ ‫‪ -‬أخذ الصابئة المندائيين عن فرق الصابئة القديمة ‪ ،‬كأصحاب الروحانيات‬ ‫وأصحاب الهياكل و الحلولية ‪.‬‬ ‫‪ -‬كما تأثروا باليهودية و المسيحية و المجوسية لمجاورتهم المكانية ‪.‬‬ ‫‪ -‬تأثر الصابئة باألفالطونية الحديثة التي كانت موجودة ً في سوريا ‪ ،‬كما‬ ‫ْ‬ ‫ظهرت أيام إبراهيم ‪ ، ‬و كذا الفلسفة اليونانية‬ ‫تأثروا بالفلسفة التي‬ ‫بوثنيتها ‪.‬‬ ‫االنتشار و أماكن النفوذ‬ ‫ينتشر الصابئة في العراق على ضفاف دجلة و الفرات ‪ ،‬و منطقة األهوار ‪،‬‬ ‫و لهم معبدان في قلعة صالح بالعراق ‪.‬كما يوجدون في إيران على ضفاف‬ ‫نهر الكارون و الدز ‪ ،‬و كذا في مدن إيران الساحلية ‪.‬‬ ‫‪24-‬‬ ‫ثانيًا ‪ :‬الهندوسية البرهمية‬ ‫هي إحدى الديانات الوثنية الشرقية ‪ ،‬يعتنقها معظم أهل الهند ‪ ،‬و هي‬ ‫ْ‬ ‫تشكلت عبر مسيرةٍّ طويل ٍّة من‬ ‫مجموعة من العقائد و العادات و التقاليد التي‬ ‫القرن ‪ 51‬ق ‪.‬م حتى اآلن ‪ ،‬و تضم قي ًما روحيةً و خلقية إلى جانب مبادئ‬ ‫قانونية و تنظيمية ‪ ،‬متخذة ً عدة آلهة بحسب األعمال و المناطق ‪.‬‬ ‫أبرز الشخصيات‬ ‫ليس للهندوسية مؤسس معين معروف ‪ ،‬و لكن من أهم من ساهم في وضعها‬ ‫على مر العصور ‪ :‬اآلريون الغزاة ‪ ،‬و كهنة البراهمة الذين يزعمون أن في‬ ‫عنصرا إلهيًّا ‪ ،‬و كذا قوانين منوشاستر ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫طبائعهم‬ ‫األفكار و المعتقدات‬ ‫‪-‬اإلله في عقيدة الهندوس ‪ :‬ليس لديهم توحيد ‪ ،‬و لكن أحدهم إذا أقبل على‬ ‫أحد اآللهة ‪ ،‬أقبل عليه بالكلية ‪ ،‬حتى تختفي عنه باقي اآللهة ‪ ،‬فيدعوه رب‬ ‫األرباب ‪.‬و عندهم عقيدة التعدد و التثليث في اآللهة منذ القرن ‪ 4‬ق‪.‬م ‪ ،‬في‬ ‫إيمانهم بثالثة آلهة ‪ ،‬هم ‪ :‬براهما و فشنو و سيفا ‪.‬‬ ‫‪ -‬كما يلتقي الهندوس على تقديس البقرة و أنواعٍّ من الزواحف و الحيوان ‪،‬‬ ‫كاألفعى و القرد ‪ ،‬كما يؤلهون بعض البشر مثل " كرشنا " الذي يعتقدون أن‬ ‫اآللهة تحل فيه ‪.‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫‪ -‬كتبهم المقدسة ‪ :‬هي كثيرة و غريبة اللغة عسيرة الفهم شرحت عدة مرا ٍّ‬ ‫ت‬ ‫‪ ،‬فقدسوها و شروحها جميعًا ‪ ،‬ومنها ‪ :‬الفيدا – رج فيدا – بجور فيدا – سم‬ ‫فيدا – سمهتا – البراهمن – آرنياك – مها بهارتا – كيتا – رامايانا – يوجا‬ ‫واسستها ‪.‬‬ ‫‪ -‬أهم الطبقات في المجتمع الهندوسي ‪:‬‬ ‫الكاستر ‪ :‬خلقوا من ذراعي اإلله‬ ‫البراهمة ‪ :‬و فيهم صفات اآللهة ‪.‬‬ ‫الشودر ‪ :‬خلقهم اإلله من رجليه‬ ‫الويش ‪ :‬خلقهم اإلله من فخذه‬ ‫جذورها العقائدية‬ ‫تأثر الهندوس باآلريين غزاة الهند في القرن ‪ 51‬ق ‪.‬م ‪ ،‬فتمازجت عقائد‬ ‫الجانبين ‪ ،‬كما دخلت البوذية و الجينية على الهندوسية فأثرت فيها ‪ ،‬كما‬ ‫تأثرت بقوانين منوشاستر ‪.‬إلى جانب ذلك أثرت الهندوسية في النصارى‬ ‫بعقيدة التثليث ‪ ،‬و في المسلمين بعقيدة التناسخ و الحلول ووحدة الوجود التي‬ ‫ظهرت في بعض فرق الصوفية و الشيعة " اإلسماعيلية "‬ ‫االنتشار و مواقع النفوذ‬ ‫توجد الهندوسية في شبه القارة الهندية ؛ و لذا انفصلت الباكستان عن الهند ؛‬ ‫الختالف ديانتها " اإلسالم " عن عقيدة الهند و ديانته " الهندوسية " ‪.‬‬ ‫‪25-‬‬ ‫ثالثًا ‪ :‬المجوسية الزرادشتية‬ ‫تعريفها ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫تأسست في بالد فارس " إيران " في القرن ‪ 6‬ق‪.‬م‬ ‫هي ديانة وضعية شرقية‬ ‫على يدي زرادشت بن يورشب ‪ ،‬و تسمى المجوسية ؛ ألن قبيلة المجوس‬ ‫الفارسية أول من آمن بها ‪ ،‬ثم كانت الدين الرسمي لفارس قديما في عهد‬ ‫اإلمبراطوريات اإلخمينية و البارثية و الساسانية ‪.‬‬ ‫أهم الشخصيات‬ ‫من أهم الشخصيات زرادشت ‪ ،‬و هو مفكر دين ظهر في فارس ‪ ،‬و تنسب‬ ‫إليه هذه الديانة ‪.‬‬ ‫األفكار و المعتقدات‬ ‫‪-‬اإلله في المجوسية ‪ :‬المجوسية عقيدة وثنية ثنوية " تقول بإلهين اثنين إله‬ ‫للخير و إله للشر" فاألصل هو إله الخير " إله النور أهورا مزدا " وال‬ ‫نظرا لوجود الشر ‪ ،‬جعلوا له إل ًها ‪ ،‬هو " إله‬ ‫ً‬ ‫يصدر عنه إال الخير ‪ ،‬و‬ ‫الظالم أهرمان " تصدر عنه الشرور ‪ ،‬و الصراع بين االثنين مستمر ‪،‬‬ ‫فاألشرار ينسبون إلله الظلمة والصالحون ينسبون إلله النور ‪.‬‬ ‫‪ -‬نبوة زرادشت ‪ :‬فهو نبي من عند إله النور أهورا مزدا ‪.‬‬ ‫‪ -‬الحساب بعد الموت ‪ :‬يؤمنون به ‪ ،‬و بأن الزرادشتي الصالح يلتحق‬ ‫بزرادشت في الجنة ‪ ،‬أما الفاسق ‪ ،‬فيخلد في النار مع الشاطين ‪.‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫‪ -‬نهاية العالم ‪ :‬يؤمنون بأن العالم ينتهي بانتصار إله الخير على إله الشر ‪،‬‬ ‫فتنتهي من العالم الشرور و الشقاء‬ ‫‪ -‬تقديس النار ‪ :‬ألنها مصدر النور الذي يجب عليهم االتجاه إليه ؛ ألنه قبس‬ ‫من نور اإلله ‪.‬‬ ‫بدن مات صاحبه إلى بدن‬ ‫‪ -‬تناسخ األرواح ‪ :‬و يعني ذلك انتقال الروح من ٍّ‬ ‫ق حي ٍّ آخر ‪.‬‬ ‫مخلو ٍّ‬ ‫‪ -‬الرجعة ‪ :‬و هي فكرة تنص على ظهور من ينشر العدل ‪ ،‬و يُ ْد َ‬ ‫عى صاحب‬ ‫العودة " أشيزريكا " أي الرجل العالم الذي يحيي العدل و يميت الجور‬ ‫وتنقاد له الملوك ‪.‬‬ ‫الجذور العقائدية و الفكرية‬ ‫تأثرت المجوسية بالصابئة عبدة الكواكب في القول بوجود الخير و الشر معًا‬ ‫ْ‬ ‫تأثرت بالديانات الهندية في القول بالتناسخ ‪.‬إلى جانب ذلك أثرت في‬ ‫‪ ،‬كما‬ ‫ْ‬ ‫تسترت بحب آل البيت لهدم‬ ‫بعض الحركات الباطنية " الشيعية" التي‬ ‫اإلسالم ‪ ،‬و منهم عبد الله بن سبأ و هو يهودي مجوسي األصل ‪ ،‬و كذا أبو‬ ‫لؤلؤة المجوسي الذي قتل عمر بن الخطاب ‪. ‬‬ ‫االنتشار و مواقع النفوذ‬ ‫أكثر المجوس في إيران في مدن طهران و كرمان و أصفهان ‪ ،‬و يوجدون‬ ‫في الهند ‪ ،‬و منهم أقلية في الباكستان و دول أوروبا و أفريقيا و أمريكا ‪،‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫وعددهم الحقيقي غير معروف ؛ ألن بعضهم يخفي انتماءه الديني الحقيقي ‪،‬‬ ‫بدين آخر ‪.‬‬ ‫و يتظاهر بالتدين ٍّ‬ 22- ‫‪21-‬‬ ‫الفصل الرابع ‪ :‬الثقافة الدينية اإلسالمية‬ ‫تبين من قبل أن الدين من الجوانب األساسية التي ال يجوز إهمالها في حياة‬ ‫اإلنسان ؛ ألن الدين يغذي الجانب الروحي و الذي " يشمل كل القوى‬ ‫‪ ،‬وهو الذي عبر عنه‬ ‫‪12‬‬ ‫ب و روح "‬ ‫المعنوية في اإلنسان من عق ٍّل و قل ٍّ‬ ‫اإلمام الغزالي بـ " الحس السادس الذي يعبر عنه بالعقل أو بالنور أو بالقلب‬ ‫‪13‬‬ ‫"‪.‬‬ ‫و أيًّا ما كان هذا الجانب الروحي ‪ ،‬فإن من أهم وسائل تغذيته و تنميته‬ ‫الثقافة الدينية أو الثقافة اإلسالمية ‪ ،‬و فيما يلي بيان تعريفها لغةً و اصطال ًحا‬ ‫أوالً ‪ :‬الثقافة في اللغة ‪.‬‬ ‫وردت مادة " ثقف " في لغة العرب ‪ ،‬فدلت على معان حسية و أخرى‬ ‫معنوية ‪ ،‬من المعاني الحسية تثقيف الرمح ‪ ،‬أي تسويته و تهذيبه ‪ ،‬و من‬ ‫الدالالت المعنوية‪ :‬تثقيف العقل ‪ ،‬و كذا الحذق و الفطنة والذكاء و سرعة‬ ‫التعلم والضبط و التقويم والتهذيب ‪.‬‬ ‫ثانيًا ‪ :‬الثقافة في االصطالح ‪.‬‬ ‫لم يستعمل العرب قدي ًما مادة الثقافة بالمعنى الذي ندركه حاليًا من اللفظ ‪ ،‬و‬ ‫لكن اللغويين بعد اإلسالم أدرجوا في معاني اللفظ و دالالته التهذيب ‪ ،‬جاء‬ ‫في ذلك قول الزمخشري ‪ " :‬ثقف القناة‪ ،‬وعض بها الثقاف‪ ،‬وطلبناه فثقفناه‬ ‫في مكان كذا‪ :‬أي أدركناه‪.‬وثقفت العلم أو الصناعة في أوهى مدة‪ :‬إذا‬ ‫أسرعت أخذه‪ ،‬ومن المجاز‪ :‬أدَّبه وثقفه‪ ،‬ولوال تثقيفك وتوقيفك لما كنت شيئًا‪.‬‬ ‫‪ 12‬اإلنسان و القيم في التصور اإلسالمي ‪ ،‬د‪.‬محمود حمدي زقزوق ‪ ،‬ص‪. 12‬‬ ‫‪ 13‬إحياء علوم الدين للغزالي ج‪ 2‬ص‪. 284‬‬ ‫‪26-‬‬ ‫وهل تهذبت وتثقفت إال على يدك"‪ 14.‬كما نجد ابن سالم الجمحي يشير إليها‬ ‫مستقلةً بقوله ‪ " :‬وللشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف‬ ‫‪15‬‬ ‫العلم والصناعات " ‪.‬‬ ‫نظرا الختالف األشخاص الذين‬ ‫ً‬ ‫و قد تعددت التعريفات االصطالحية‬ ‫نظرا لتنوع القضايا التي تندرج ضمن الثقافة ‪.‬‬ ‫يعرفونها و تخصصاتهم ‪ ،‬و ً‬ ‫عرفها بعض رجال الغرب ‪ ،‬فرأوا أنها " الكل المركب الذي يتضمن‬ ‫‪16‬‬ ‫المعارف والعقائد والفنون واألخالق والقوانين"‬ ‫و عرفها مجمع اللغة العربية بأنها جملة " ْالعُلُوم والمعارف والفنون الَّتِي‬ ‫‪17‬‬ ‫ْ‬ ‫يطلب الحذق ِفي َها "‬ ‫و عرفها د‪.‬أحمد شلبي بأنها ‪ " :‬الرقي في األفكار النظرية ‪ ،‬وذلك يشمل‬ ‫الرقي في القانون والسياسة واإلحاطة بقضايا التاريخ المهمة ‪ ،‬والرقي كذلك‬ ‫‪18‬‬ ‫في األخالق أو السلوك‪ ،‬وأمثال ذلك من االتجاهات النظرية"‪.‬‬ ‫و قد فرق د‪.‬أحمد شلبي في هذا التعريف بين العلوم اإلنسانية التي تحدد‬ ‫الطابع المميز لكل أمة‪ ،‬وبين العلوم التجريبية التطبيقية ‪ ،‬فال يعتبرها داخلة‬ ‫ضمن نطاق الثقافة ؛ وذلك ألن الثقافة تتناول العقيدة والنشاط اإلنساني في‬ ‫شتى مجاالت اآلداب والعلوم والفنون والعادات واألدب الشعبي وأدب‬ ‫الخاصة‪ ،‬والنظم السياسية واالقتصادية واالجتماعية كنظم الحكم واإلدارة‬ ‫ونظم األسرة ‪ ،‬بينما يخرج عن هذه الدائرة تخطيط المدن وتطوير القرى‬ ‫ووسائل النقل ‪...‬الخ ‪.‬‬ ‫‪ 14‬أساس البالغة للزمخشري ‪.‬‬ ‫‪ 15‬طبقات الشعراء البن سالم الجمحي ‪ ،‬ص‪. 6‬‬ ‫‪ 16‬ركائز علم االجتماع ص‪. 562‬‬ ‫‪ 17‬المعجم الوسيط (‪)48 /5‬‬ ‫‪ 18‬موسوعة "النظم والحضارة اإلسالمية" د‪.‬أحمد شلبي ‪.‬‬ ‫‪27-‬‬ ‫ثالثًا ‪ :‬العالقة بين الثقافة و مصطلحي العلم و الحضارة ‪.‬‬ ‫أ‪ -‬العالقة بين الثقافة و العلم ‪.‬‬ ‫األمر السابق يأخذنا ؛ الستكشاف العالقة بين الثقافة و بعض المفاهيم التي قد‬ ‫تختلط بها عند البعض ‪ ،‬كالعلم ‪ ،‬و يمكن توضيح العالقة بينهما في الشكل‬ ‫التالي ‪:‬‬ ‫العلم‬ ‫الثقافة‬ ‫وجه‬ ‫المناقشة‬ ‫جملة من العلوم و الفنون جملة من المعارف المتنوعة‬ ‫التعريف‬ ‫يطلب العلم بها ( في جوانب التي يحصل عليها المتعلم في‬ ‫ب معين ‪.‬‬ ‫جان ٍّ‬ ‫متعددة )‬ ‫تتميز بالتنوع ؛ فهي كما يتميز بالتخصص؛ ألنه يشير‬ ‫شئ عن عدة إلى التعمق في مجا ٍّل ما بعينه ؛‬ ‫نقول معرفة ٍّ‬ ‫أشياء ‪ ،‬فاإلنسان إذا أخذ لنتعرف جميع معارفه و‬ ‫الخصائص‬ ‫معرفة من عدة مجاال ٍّ‬ ‫ت معلوماته تقريبًا ‪ ،‬و لذا يقال‬ ‫عن صاحبه ‪ :‬عال ًما ‪.‬‬ ‫أصبح مثقفًا‬ ‫تتميز بالذاتية و الشخصية ‪ ،‬يتميز بالعالمية و الموضوعية‬ ‫إذا‬ ‫العلمية‬ ‫فالمعارف‬ ‫و لذا تختلف ثقافات األمم ‪،‬‬ ‫استقرت علميًّا ال يختلف عليها‬ ‫فيما بينها‬ ‫البشر على اختالف بالدهم و‬ ‫أديانهم ‪.‬‬ ‫‪28-‬‬ ‫ب‪ -‬العالقة بين الثقافة والحضارة ‪.‬‬ ‫يرى بعض العلماء أن الثقافة تختلف عن الحضارة بينما يرى البعض‬ ‫تالزمهما ‪ ،‬و نبين ذلك في الشكل التالي ‪:‬‬ ‫الحضارة‬ ‫الثقافة‬ ‫وجه‬ ‫المناقشة‬ ‫جملة من العلوم و الفنون مظاهر الرقي العلمي والفني‬ ‫التعريف‬ ‫يطلب العلم بها ( في جوانب واألدبي واالجتماعي التي تنتقل‬ ‫من جب ٍّل آلخر‪ ،‬ومن أمة‬ ‫متعددة )‬ ‫ألخرى في جوانب الحياة‬ ‫المادية‬ ‫تختص بالجوانب المعنوية تختص بالوسائل والمخترعات‬ ‫وصل‬ ‫التي‬ ‫واالبتكارات‬ ‫و المعرفية و الروحية‬ ‫المجتمع اإلنساني بها إلى آفاق‬ ‫بعيدة من الرقي والتنظيم‬ ‫‪19‬‬ ‫المادي و الرفاه في الحياة ‪.‬‬ ‫العقلي هي المظهر المادي للثقافة‬ ‫المظهر‬ ‫هي‬ ‫للحضارة‬ ‫‪ 19‬لمحات في الثقافة اإلسالمية (ص‪)22 :‬‬ ‫‪24-‬‬ ‫األمر السابق يعني تالزمهما و تقاربهما ؛ ألن ثقافة كل أمة "‬ ‫الخصائص‬ ‫أساس حضارتها‪ ،‬فهي فكرها وحركتها وأسلوب حياتها " ‪، 20‬‬ ‫هي الوقود المعتمد عليه في قيام الحضارة ‪ ،‬و هي الموجه‬ ‫األول للحضارة للسير في اتجا ٍّه معين دون اتجا ٍّه آخر ‪.‬‬ ‫إذا كانت الحضارة " هي التطبيق المادي للتراث الثقافي؛ فهي‬ ‫‪-‬من ناحية أخرى‪ -‬وليدة هذا التراث في البيئة التي تقوم فيها؛‬ ‫ثم إنها كذلك المرآة التي تعكس لنا مقومات ثقافة المجتمع‬ ‫و عليه فال ضير إذا أطلقنا الكلمتين‬ ‫‪21‬‬ ‫وخصائصها العامة "‬ ‫ثقافة و حضارة على مفاهيم واحدة ‪.‬‬ ‫و بنا ًء على ما سبق ‪ ،‬يمكن القول ‪ :‬إن الحضارة نوعان مادية‬ ‫و معنوية ‪ ،‬و قد يكون المجتمع متحضر ماديًّا متخلف معنويًّا‬ ‫أو روحيا ‪ ،‬و العكس صحيح ‪.‬‬ ‫‪ 20‬أضواء على الثقافة االسالمية (ص‪)56 :‬‬ ‫‪ 21‬لمحات في الثقافة اإلسالمية (ص‪)22 :‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫رابعًا ‪ :‬أهمية الثقافة الدينية و اإلسالمية في المجتمعات‬ ‫اإلسالمية‬ ‫‪ -5‬ذكرنا من قبل أن الثقافة مجموعة من العلوم و المعارف يكتسبها‬ ‫اإلنسان ‪ ،‬وعليه فالثقافة الدينية توسع دائرة المعارف اإلنسانية لدى‬ ‫صاحبها ‪.‬‬ ‫‪ -2‬تمد الثقافة الدينية و اإلسالمية اإلنسان بالتصور الصحيح عن الحياة‬ ‫و الكون و اإلنسان ‪ ،‬و تمده بالمعارف المتعلقة بالغيبيات ‪ ،‬مثل‬ ‫المالئكة و الجنة و النار ‪...‬الخ ‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬وتوجهه‬ ‫‪ -2‬تربط الثقافة اإلنسان بتراثه من جانب ‪ ،‬وواقعه من جان ٍّ‬ ‫للتعامل األمثل مع مستقبله ‪.‬‬ ‫‪ -2‬الثقافة الدينية زاد ضروري لمن يريد أن يعيش حياة متدينة في‬ ‫مواجهة التحديات المعاصرة ‪ ،‬و ثقافة المسلم حينئ ٍّذ خير زاد‬ ‫لإلنسان المسلم الواعي‪ ،‬فثقافته اإلسالمية تحصن عقله ونفسه‬ ‫‪22‬‬ ‫وأسرته‪ ،‬ليتقدم في ركب الحياة ويعايش أحداث العصر‪.‬‬ ‫سا ‪ :‬مصادر الثقافة الدينية و اإلسالمية ‪.‬‬ ‫خام ً‬ ‫‪ -5‬تعتبر النصوص الدينية النقلية المصدر األول للثقافة الدينية ‪،‬‬ ‫فالقرآن و السنة المصدر األول للثقافة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬التاريخ من أهم مصادر ثقافتنا الدينية و اإلسالمية ؛ ألنه يغرس في‬ ‫نفس اإلنسان الفخر و االنتماء لدينه ووطنه و تاريخه ‪.‬‬ ‫‪ 22‬أضواء على الثقافة االسالمية (ص‪)12 :‬‬ ‫‪25-‬‬ ‫‪ -2‬اللغة العربية ‪ ،‬و هي من أهم المصادر ؛ ألنها تشكل هويتنا الدينية‬ ‫و اإلسالمية ؛ ألنها لغة القرآن و السنة و علوم التراث كلها سواء‬ ‫‪24‬‬ ‫كانت علوم دين‪ 23‬أو علوم دنيا ‪.‬‬ ‫سا ‪ :‬أهم التحديات التي تواجه الثقافة الدينية و اإلسالمية ‪.‬‬ ‫ساد ً‬ ‫يعتبر الغزو الغربي من أهم التحديات التي تواجه الثقافة بشكل عام ؛ ألن‬ ‫الغزو يأتي بفرض نموذجه األجنبي من الثقافة على ثقافة البلد التي يحتل ‪.‬‬ ‫خطرا من األول‬ ‫ً‬ ‫و إذا كان للغزو نوعان عسكري و فكري ‪ ،‬فإن الثاني أشد‬ ‫لتنوع أساليبه و خفائها ‪.‬و فيما يلي نبين كالً منهما ‪.‬‬ ‫أ‪ -‬الغزو العسكري ‪ :‬و يمثل الهجمات العسكرية الظالمة التي عانت منها البالد‬ ‫اإلسالمية ؛ ألنها استهدفت وجودها منذ القدم ‪.‬ومنها ‪:‬‬ ‫‪ -5‬الحروب الصليبية الشرسة (‪ )645_242‬التي استهدفت الشام ومصر وأدت إلى‬ ‫انشغال األمة بها قرنين من الزمان ‪.‬‬ ‫‪ -2‬الهجوم التتري علي العراق والشام وإسقاط الخالفة العباسية وتدمير الكتب وقتل‬ ‫العلماء في القرن السابع الهجري ‪.‬‬ ‫‪ -2‬االستعمار األوربي للبلدان اإلسالمية طوال قرنين (‪ ، )5462_5748‬وما حاول‬ ‫فيه من مسخ الثقافة اإلسالمية واستنزاف خيرات األمة ‪.‬‬ ‫‪ 23‬كالتفسير و الفقه و الحديث ‪.‬‬ ‫‪ 24‬كالطب و الهندسة و الصيدلة و الجغرافيا ‪.‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫‪ -2‬الهجمة الصهيونيه الشرسة التي زرعها الغرب في قلب العالم اإلسالمي لليهود ؛‬ ‫إذ اجتمعوا من أنحاء العالم باختالف لغاتهم وعرقياتهم في هجرات متتابعة إلى‬ ‫فلسطين ‪.‬‬ ‫‪ -1‬ومايجرى – حاليًا ‪ -‬من احتالل ألكثر من بلد إسالمي بحجج وهمية " كالعراق‬ ‫و سوريا "‬ ‫ب‪ -‬الغزو الفكري ‪ " :‬هو إغارة األعداء على أمة من األمم بأساليب مختلفة‬ ‫ووسائل عديدة لتدمير قواها الداخلية واألخالقية " وهذا المصطلح ظهر في بداية‬ ‫القرن العشرين ‪ ،‬لكنه موجود بأساليبه من قبل ذلك بكثير ‪.‬‬ ‫والفرق بينه وبين الغزو العسكري أن الغزو العسكري يأتي للقهر وتحقيق‬ ‫أهداف استعمارية دون رغبة الشعوب و رضوخهم له‪ ،‬أما الغزو الفكري فهو‬ ‫ي‬ ‫س ِم َ‬ ‫لتصفية العقول واألفهام لتكون تابعة للمحتل ‪ ،‬و هو غزو غير مسلح ‪ ،‬و ُ‬ ‫فكريًّا ؛ ألنه غزو لألفكار والعقول بعد أن أدرك األعداء أن الغزو المسلح ال‬ ‫يكفي إلضعاف األمم المراد احتاللها ‪ ،‬فعمدوا إلى غزو العقول واألفكار عند‬ ‫أصحاب تلك البالد ‪.‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫‪25‬‬ ‫وسائل الغزو الفكري‬ ‫‪ -5‬اإلعالم‪ :‬من أقوى أسلحة الغزو الفكري‪ ،‬و هو يؤدي دور كبير في تشويه‬ ‫اإلسالم و المسلمين ؛ إذ يسمي األسماء بغير مسمياتها ‪ ،‬فالمدافع عن أرضه‬ ‫وبلده إرهابي ‪ ،‬والمحتل مدافع عن نفسه ‪ ،‬و يسئ إلى معتقداتنا وشعائرنا وسلفنا‬ ‫وعلمائنا إلى جانب ما يقدمه من الشبهات التي تشكك في الدين وأحكامه ‪ ،‬وقد‬ ‫ازداد خطر هذه الوسيلة مع انتشار الفضائيات وتنامي الشبكة العنكبوتية‬ ‫(اإلنترنت) حيث نجد المواقع التي تثير الشبهات وتشكك في العقائد وتنشر‬ ‫المذاهب و األفكار الباطلة ‪ ،‬كما تنشر اإللحاد ‪.‬‬ ‫‪ -2‬االستشراق‪ :‬في االصطالح هو " دراسة الغربيين للشرق وعلومه وأديانه –‬ ‫خاصة اإلسالم –ألهداف مختلفة علمي ٍّة واستعمارية و دينية تقوم في أغلبها ؛‬ ‫لتشويه اإلسالم وإضعاف المسلمين " و هذا من مظاهر الغزو الفكري الغربي‬ ‫للمسلمين ‪ ،‬فالمستشرقون درسوا اإلسالم من كافة مجاالته – القرآن و السنة ‪،‬‬ ‫الفقه و الشريعة ‪ ،‬اللغة و األدب واألخالق – وكان لعملهم نتاج كبير ‪ ،‬من أهمه‬ ‫في القرن العشرين " دائرة المعارف اإلسالمية " التي صدرت بثالث لغات‬ ‫"اإلنجليزية والفرنسية واأللمانية " وترجمت إلى عدة لغات ‪ ،‬و اشترك في‬ ‫تألفيها أكثر من (‪)222‬مستشرق ‪ ،‬واحتوت على معلومات مهمة عن الشرق‬ ‫واإلسالم ‪ ،‬كما اشتملت على شب ٍّه ومطاعن حول القران والعقيدة والشريعة‬ ‫اإلسالمية وأعالم المسلمين بلغت أكثر من (‪ )222‬مطعن وانتقاص للعقيدة‬ ‫اإلسالمية ‪.‬‬ ‫‪ 25‬المدخل إلى الثقافة اإلسالمية ‪ ،‬ص‪ ، 25‬و ما بعدها ‪.‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫‪ -2‬العلمانية ‪ :‬التي تعمل على إقصاء اإلسالم من شتى شؤون الحياة السياسية‬ ‫واالقتصادية والتعليمية واالجتماعية‪.‬‬ ‫‪ -2‬محاربة الدعوة اإلسالمية‪ :‬بحجة أن اإلسالم دين اإلرهاب و اإلرهابيين ‪،‬‬ ‫مبررا لمحاربة الدعوة‬ ‫ً‬ ‫ودليلهم االعتداء على برجي نيويورك‪ ، 26‬فيجعلون ذلك‬ ‫اإلسالمية و الجمعيات الخيرية اإلسالمية والزج بها في تلك األحداث واتهامها‬ ‫بدعم اإلرهاب ومصادرة ممتلكاتها‪.‬‬ ‫‪ -6‬التغريب والعولمة الثقافية‪ :‬وهي باختصار فرض الثقافة الغربية عن طريق‬ ‫المنظمات والمؤتمرات الدولية ووسائل اإلعالم المختلفة‪.‬‬ ‫نتائج الغزو الفكري " آثاره "‬ ‫‪ -5‬تشويه اإلسالم وإثارة الشبهات حول القرآن الكريم والسنة النبوية وعقيدة اإلسالم‬ ‫وشريعته وما يحدث اآلن من محاول ٍّة لربط اإلسالم باإلرهاب هو جزء من هذه‬ ‫الحملة‬ ‫‪ -2‬تفريق المسلمين وإزالة الوحدة اإلسالمية والدعوة إلى القوميات المتنوعة وقد‬ ‫كانت الرابطة التي تجمع الشعوب اإلسالمية هي الرابطة اإلسالمية فشجع‬ ‫الغرب الشعوب المختلفة على المناداة بالقوميات التي تنتسب إليها األمم المختلفة‬ ‫فنادى العرب بالقومية العربية واألتراك بالتركية الطورانيه ونادى األكراد‬ ‫بالكردية وبذلك تفسخت عرى الرابطة الواحدة التي كانت تجمع هذه األمة‬ ‫وتوحدها ‪.‬وقد أغرق البعض في دعوتهم عندما أحيوا الحضارات القديمة إليجاد‬ ‫‪ 26‬اللذين دمرا في ‪. 2225‬‬ ‫‪21-‬‬ ‫مزيد من االنقسام والفرقة ‪ ،‬فرأينا الدعوة إلى الفرعونية والدعوة إلى البابلية‬ ‫واآلشورية ‪.‬‬ ‫و إذا ما أردنا تبين موقف اإلسالم ‪ ،‬فإن اإلسالم يشجع الوطنية الحقة والقومية‬ ‫الهادفة القائمة على التعاون على البر والتقوى ‪ ،‬و لكنه في الوقت نفسه يحارب‬ ‫العصبيات ‪ ،‬و يجعل الرابطة الحقيقية بين المسلمين هي رابطة العقيدة وجميع‬ ‫الروابط األخرى هي فرع منها مثل رابط الجوار والقرابة والوطن‪.‬‬ ‫‪ -2‬الجهل باإلسالم وعقائده وأحكامه في كثير من بالد اإلسالم وانتشار البدع‬ ‫والخرافات والمذاهب الباطلة كالقاديانية والبهائية وانتشار األفكار العلمانية‬ ‫المتطرفة والتكفيرية الغالية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬الهزيمة النفسية لدى بعض المسلمين واهتزاز الثوابت لديهم ونشوء طبقة من‬ ‫المثقفين المستغربين المنبهرين بالغرب وثقافته ‪.‬‬ ‫‪ -1‬إضعاف اللغة العربية التي اختارها الله لكتابه وانتشار اللهجات المحلية‪.‬‬ ‫‪ -6‬إفساد التعليم وإضعاف التعليم اإلسالمي ‪.‬‬ ‫‪ -7‬إفساد المرأة‪ :‬حرص الغرب على هذا ؛ ألن فسادها يفسد المجتمع كله ‪ ،‬فهي‬ ‫نصف المجتمع ‪ ،‬و تنتج النصف اآلخر ‪ ،‬فحرصوا على إفسادها و تغريب‬ ‫أفكارها بالدعوات الخداعة إلى الحرية و المساواة بالرجل ‪.‬‬ ‫‪26-‬‬ ‫كيف نواجه الغزو الفكري‬ ‫‪ -1‬تعزيز الهوية بأقوى سالح بالعودة إلى أصولنا و منابعها األصلية‬ ‫الصافية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬العناية بالثقافة اإلسالمية واللغة العربية في وسائل اإلعالم ومناهج‬ ‫التعليم وتسهيل تدريسها وتحبيبها للطالب‪ ،‬ومن العناية باللغة‬ ‫العربية تفعيل التعريب والترجمة والتقليص من التعلق باللغات‬ ‫األخرى إال في حدود الحاجة الالزمة‪.‬‬ ‫‪ -3‬إبراز إيجابيات اإلسالم وعالميته وعدالته وحضارته وتاريخه‬ ‫للمسلمين قبل غيرهم‪ ،‬ليستلهموا أمجادهم ويعتزوا بهويتهم‬ ‫‪ -4‬العمل على نهوض األمة في شتى الميادين دينيا ً وثقافيا ً وسياسيا ً‬ ‫وعسكريا ً واقتصاديا ً وتقنياً‪ ،‬ومحاربة أسباب التخلف والفساد‪،‬‬ ‫‪ -5‬تقليص الخالفات بين المسلمين حكومات وشعوبا ً وجماعات‬ ‫‪ -6‬ضمان الحرية الثقافية وتدعيمها‪ ،‬حيث إن حرية الثقافة‪ ،‬وإن كانت‬ ‫تنبع من العدالة في توزيع اإلمكانات واإلبداعات اإلنسانية على‬ ‫األفراد‪ ،‬فإنها في الوقت نفسه عامل أساسي في إغناء الحياة الثقافية‬ ‫وزيادة عطائها ‪.‬و في هذه النقطة البد من التأكيد على أن الحرية‬ ‫هنا تعني الحرية المنضبطة التي نرجع إلى معايير ثابتة ‪ ،‬ال تلك‬ ‫الحرية التي تجيز لصاجبها انتقاد أي شيء أو رفضه ‪ ،‬و لو كان‬ ‫دينه ‪.‬‬ ‫‪27-‬‬ ‫‪ -7‬أن نتعرف اآلخرين وثقافاتهم‪ ،‬والكشف على مواطن القوة والضعف‬ ‫في الثقافات المختلفة ال سيما الغربية‪ ،‬ودراسة سلبياتها وإيجابياتها‬ ‫برؤية متفتحة‪ ،‬غايتها البحث والدراسة العلمية ‪،‬وفي الوقت نفسه‬ ‫نعرف تلك الثقافات ما لنا من عقيدة وقيم وتراث وتقاليد اجتماعية‬ ‫عريقة وأن يواكب ذلك عملية التخلص من اإلحساس بمركزية‬ ‫الغرب ونزع صفة العالمية والعلمية والمطلقية عن حضارته ‪.‬‬ ‫‪ -8‬أن نقوم وسائل اإلعالم بواجباتها في الحفاظ على الهوية ودعمها‪،‬‬ ‫فضالً عن منع استيراد البرامج التي تهدم الهوية دون نظر‪.‬‬ 28- ‫‪24-‬‬ ‫الفصل الخامس ‪ :‬من تحديات الثقافة الدينية اإلسالمية‬ ‫المبحث األول ‪ :‬العولمة‬ ‫أوالً ‪ :‬التعريف ‪.‬‬ ‫هي سيادة النمط الغربي في الثقافة و االقتصاد و الحكم و السياسة في‬ ‫المجتمعات البشرية – عامةً – و العالم اإلسالمي بغرض إخضاعه والقضاء‬ ‫على ميزاته ‪.‬‬ ‫ثانيًا ‪ :‬المؤتمرات ‪ :‬تتعدد المؤتمرات التي تتبنى فكر العولمة و تدعو إليه ‪،‬‬ ‫و من أهمها ‪ :‬المؤتمرات الدولية للسكان التي عقدت في عدة عواصم عالمية‬ ‫‪ ،‬مثل القاهرة و استانبول و نيويورك و بكين و نيروبي ‪.‬و تركز هذه‬ ‫المؤتمرات عل إفساد المرأة و األسرة و تدعو إلى الحرية الجنسية واإلباحية‬ ‫و منه تعدد الزوجات ‪.‬‬ ‫ثالثًا ‪ :‬الوسائل ‪ :‬من أهم وسائل الفكر العولمي ‪:‬‬ ‫‪ -5‬اإلعالم‬ ‫‪ -2‬صندوق النقد الدولي‬ ‫‪ -2‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬ ‫‪ -2‬منظمة التجارة العالمية‬ ‫‪ -1‬الشركات العمالقة متعددة الجنسيات في منطقة اليورو و منطقة الين‬ ‫‪ ،‬مثل شركة ميتسوبيشي – شركة جنرال موتورز ‪.‬‬ ‫رابعًا ‪ :‬األفكار و المعتقدات ‪:‬‬ ‫‪ -5‬أفضلية الثقافة الغربية على الثقافة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫‪12-‬‬ ‫‪ -2‬إهمال األساسيات الدينية " العقائد " و تذويب االنتماء للدين و مسخ‬ ‫شخصية المسلم المستقلة ؛ ليذوب في منظومة العولمة الثقا

Use Quizgecko on...
Browser
Browser