محاضرة حول تاريخ مصر في العصرين البطلمي والروماني PDF

Document Details

PleasedZombie2006

Uploaded by PleasedZombie2006

كلية البنات للآداب والعلوم والتربية

Tags

تاريخ مصر اإلمبراطورية اإلغريقية البطالمة تاريخ

Summary

يُقدم هذا النص دراسةً تلخيصيةً لتاريخ مصر في عهدي البطالمة والرومان، مُركزًا على سياق الفتوحات اإلغريقية، واألحداث السياسية، واالجتماعية في تلك الفترة. يُشير النص إلى دور اإلسكندر األكبر في التاريخ المصري، وفتوحاته واألحداث الهامّة التي تلتها .

Full Transcript

‫المحاضرة األولى‬ ‫يتناول هذا الكتاب تاريخ مصر في عصري البطالمة والرومان‪ ،‬وهو عصر يمتد ما بين عام ‪ ۳۳۲‬ق‪.‬م‪.‬وحتى‬ ‫عام ‪ ٢٨٤‬ميالدية‪ ،‬ويعد من أخصب عصور التاريخ المصري‪.‬ففي عام ‪ ۳۳۲‬ق‪.‬م تمكن اإلسكندر األكبر‬ ‫من فتح مصر‪ ،‬وكانت آنذاك إحدى واليات اإلمبراطورية الفارسية‪ ،‬ثم أعقب ذلك بإسق...

‫المحاضرة األولى‬ ‫يتناول هذا الكتاب تاريخ مصر في عصري البطالمة والرومان‪ ،‬وهو عصر يمتد ما بين عام ‪ ۳۳۲‬ق‪.‬م‪.‬وحتى‬ ‫عام ‪ ٢٨٤‬ميالدية‪ ،‬ويعد من أخصب عصور التاريخ المصري‪.‬ففي عام ‪ ۳۳۲‬ق‪.‬م تمكن اإلسكندر األكبر‬ ‫من فتح مصر‪ ،‬وكانت آنذاك إحدى واليات اإلمبراطورية الفارسية‪ ،‬ثم أعقب ذلك بإسقاط اإلمبراطورية الفارسية‬ ‫ذاتها‪ ،‬واالستيالء على كافة ممتلكاتها‪ ،‬وقد واصل هذا الفاتح المقدوني تقدمه في قلب القارة اآلسيوية‪ ،‬حتى‬ ‫وصل إلى وادي نهر السند‪ ،‬حيث قرر العودة‪ ،‬وفي مدينة بابل العريقة وافته المنية في عام ‪ ٣٢٣‬ق‪.‬م‪.‬يطلق‬ ‫المؤرخون على العصر الذي أعقب وفاة اإلسكندر األكبر اسم العصر الهللينيستی‪.‬وهو عصر ذو مالمح‬ ‫محددة تختلف عن مالمح العصر السابق عليه‪ ،‬فقد انصهرت الحضارات الشرقية مع الحضارة اإلفريقية في‬ ‫بوتقة واحدة‪ ،‬وتولدت حضارة جديدة هي الحضارة الهللينيستية‪ ،‬وهي حضارة ليست غربية وال شرقية‪ ،‬بل إنها‬ ‫جمعت ما بين الشرق والغرب في تناغم جميل‪ ،‬يعكس أفكار اإلسكندر األكبر‪ ،‬الذي كان يؤمن بالمساواة بين‬ ‫البشر‪ ،‬وبذل جهوداً مضنية للتقريب بين الشرق والغرب‪.‬‬ ‫ومن الناحية السياسية فإن إمبراطورية اإلسكندر لم تلبث أن إنهارت‪ ،‬وقاومت على أنقاضها ثالث ممالك كبرى‪،‬‬ ‫هي مملكة مقدونيا في بالد اليونان‪ ،‬والدولة السلوقية التي كانت قاعدتها الرئيسية هي سوريا وبالد الرافدين‪،‬‬ ‫ولكنها شملت مناطق أخرى في بعض األحيان‪ ،‬أما المملكة الثالثة فهي مملكة البطالمة في مصر‪ ،‬التي تمكنت‬ ‫من بسط سيطرتها على مناطق أخرى خارج مصر‪ ،‬لعل أشهرها إقليم جوف سوريا‪.‬‬ ‫مقدمات العصر الهللينيستی‬ ‫تعد فتوحات اإلسكندر األكبر للشرق؛ بداية لذلك العصر‪ :‬الذي اصطلح المؤرخون على تسميته بالعصر‬ ‫الهللينيستى‪ ،‬وهو عصر ذو مالمح حضارية متميزة‪ ،‬سوف نعود إلى مناقشتها الحقا‪.‬واإلسكندر الذي عرف‬ ‫باألكبر فيما بعد‪ ،‬هو اإلسكندر الثالث ملك مقدونيا‪ ،‬التي تقع شمال بالد اليونان‪ ،‬وهذا يقتضي منا إلقاء نظرة‬ ‫سريعة على أحوال هذه البالد‪ ،‬في الفترة السابقة على عصر اإلسكندر‪ ،‬لكي نتعرف على األسباب التي دفعت‬ ‫هذا القائد إلى فتح بلدان المشرق‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫لعبت طبيعة بالد اليونان الجبلية‪ ،‬دو ار مهما في الحيلولة دون قيام كيان سياسي موحد؛ فقد قسمت السالسل‬ ‫الجبلية هذه البالد إلى أقاليم منفصلة‪ ،‬وأدى ذلك إلى قيام كيانات سياسية مستقلة‪ ،‬في كل من هذه األقاليم‪،‬‬ ‫عرفت باسم دويالت المدن‪ ،‬أو ما يعرف بال‪ Polis‬ويعد هذا النظام هو محور الحضارة اإلغريقية‪ ،‬وكان‬ ‫اإلغريق يرون أن نظام دولة المدينة‪ ،‬هو النظام األمثل‪ ،‬الذي ينبغي لإلنسان الحر أن يعيش في كنفه‪ ،‬وكانوا‬ ‫ينظرون إلى من يعيشون في ظل أنظمة أخرى‪.‬نظرة ال تخلو من اإلحساس بالتعالي ويطلقون عليهم لفظ‬ ‫‪ Barbaros‬وتعد مدينة أثينا؛ من أشهر دويالت المدن‪ ،‬وتشغل إقليم أتيكا‪ ،‬الذي يتمتع بمكانة متميزة‪ ،‬وكذلك‬ ‫مدينة إسبرطة‪ ، Sparta‬التي تقع في شبه جزيرة البليبونيز‪ Peloponnese‬جنوب بالد اليونان‪ ،‬أما مدينة‬ ‫طبية ‪ Thebes‬فإنها تقع في قلب بالد اليونان‪.‬كما وجدت أيضا دول أخرى‪ ،‬سواء في بالد اليونان القارية‪.‬‬ ‫أو في الجزر التي تحيط بها‪.‬‬ ‫وقد شهدت دويالت المدن‪ ،‬تطورات مستمرة في أنظمتها السياسية‪.‬وكان لكل دويلة منها تجربتها السياسية‬ ‫المستقلة‪.‬وتراوحت هذه النظم ما بين الملكية‪ ،‬واألرستقراطية والديمقراطية‪.‬وفي شمال بالد اليونان كانت تقبع‬ ‫دولة مقدونيا‪ ،‬وبينما شهدت باقي اليونان تحوالت سياسية وحضارية مهمة؛ ظلت مقدونيا ذات طابع محافظ‪.‬‬ ‫لذا فقد ظلت نظرة اإلغريق إلى سكان مقدونيا نظرتهم إلى قوم بدائيين‪.‬وقد سعى بعض ملوك مقدونيا‪ ،‬إلى‬ ‫األخذ مظاهر الحضارة اإلغريقية‪ ،‬مثل اإلسكندر األول الذي كان يستضيف في بالطه بعض الكتاب اإلغريق‬ ‫من أمثال هيرودوت‪ ،‬كما كان الملك أرخيالوس (‪ ۳۹۹ -413‬ق‪.‬م) ‪ Archelaus-‬شديد اإلعجاب بالحضارة‬ ‫اإلغريقية‪ ،‬وكان بالطه يعج بالكتاب اإلغريق‪ ،‬ويناله إن شاعر التراجيديا المعروف يوربيديس ‪Euripides‬؛‬ ‫كتب إحدى مسرحياته في قصر الملك أرخيالوس‪ ،‬وأنه راح يمجد هذا الملك‪ ،‬في تلك المسرحية‪.‬إال أن الكثيرين‬ ‫من ملوك مقدونيا‪ :‬على الرغم من إعجابهم بالحضارة اإلغريقية‪ ،‬كانوا يرون أن اإلغريق من الناحية السياسية‪،‬‬ ‫مجرد دويالت متناحرة‪ ،‬وكانوا ينظرون بإعجاب إلى اإلمبراطورية الفارسية‪.‬وليس أدل على ذلك من تحالف‬ ‫اإلسكندر األول مع الفرس‪ ،‬خالل الحروب الفارسية وسماحه لقواتهم خالل الحملة األولى عام ‪ 490‬ق‪.‬م‪ ،‬على‬ ‫بالد اليونان‪ ،‬بالمرور عبر أراضي مقدونيا؛ بل ومشاركته في الحملة الثانية في عام‪ 480‬ق‪.‬م‪ ،‬إلى جانب‬ ‫الفرس‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الفرس واإلغريق‪:‬‬ ‫شهد الشرق األدنى في حوالي عام ‪ 44.‬ق‪.‬م‪ ،‬قيام قورش أول ملوك الفرس بتأسيس اإلمبراطورية اإلخمينية‪،‬‬ ‫تهديدا لجيرانها‪ ،‬لما يقرب من سبعين عاما متواصلة‪.‬وامتدت‬ ‫ً‬ ‫ومنذ عام ‪ 547‬ق‪.‬م‪ ،‬أخذت هذه الدولة تشكل‬ ‫حدود إمبراطورية قورش؛ من بحر إيجة غرًبا حتی جبال هندكوش في الشرق‪ ،‬ومن بحر قزوين شماالً حتی‬ ‫جنوبا‪ ،‬وكانت المدن اإلغريقية التي تقع على ساحل إيونيا(إيونيا هي مدينة إغريقية قديمة‬ ‫صحراء بالد العرب ً‬ ‫تقع على الساحل الغربي آلسيا الصغرى على البحر األبيض المتوسط)‪ ،‬من المناطق التي خضعت للسيطرة‬ ‫الفارسية‪.‬‬ ‫وبعد وفاة قورش خلفه على العرش قمبيز ‪ 522-530‬ق‪.‬م‪ :‬الذي سار على نهج سلفه‪ ،‬ولم تقتصر فتوحاته‬ ‫على القارة اآلسيوية فقط‪ ،‬بل امتدت إلى تارة أفريقيا أيضا بسبب رغبته في االستيالء على مصر وقورينی‪ ،‬لما‬ ‫يمثله هذان البلدان من أهمية قصوى لإلغريق؛ حيث كانوا يعتمدون عليها في الحصول على حاجتهم من‬ ‫الغالل‪ ،‬فأراد قمبيز حرمان اإلغريق من هذه السلعة الحيوية‪ ،‬ويأتي ذلك في إطار الرغبة في محاربة اإلغريق‬ ‫باعتبارهم يشكلون عقبة أمام انفراد الفرس بالسيادة البحرية على شرق المتوسط‪.‬‬ ‫وبعد وفاة قمبيز ارتقى عرش اإلمبراطورية الفارسية ابنه دارا والذي يطلق عليه اإلغريق داريسوس ‪،Duarius‬‬ ‫وحكم فيما بين عامي ‪ 486-521‬ق‪.‬م‪ ،‬وعمل على إعادة بناء اإلمبراطورية‪ ،‬على أسس راسخة‪.‬وقد حدثنا‬ ‫المؤرخ هيرودوت عن تنظيمات دارا؛ فذكر أنه قسم اإلمبراطورية إلى عدد من الواليات‪ ،‬على رأس كل منها‬ ‫احدا من‬ ‫حاكم يحمل لقب سترب ‪( satrap‬كلمة فارسية تعنى حامى المملكة)‪ ،‬وقد جعلت هذه التنظيمات دا ار و ً‬ ‫أعظم رجال اإلمبراطورية الفارسية‪.‬وعلى الرغم من الجوانب البراقة في تنظيمات دا ار فقد وجد جانب سلبي‪،‬‬ ‫أخذ ينمو في عصر هذا الملك‪ ،‬ويتمثل في اإلحساس بالتفوق‪ ،‬واالستعالم‪ ،‬والجدارة بالسيادة على سائر رعايا‬ ‫اإلمبراطورية الفارسية‪ ،‬من الشعوب األخرى‪.‬كما أن األساس النظري الذي قامت عليه فكرة الملكية الفارسية‬ ‫عبيدا له‪.‬وهو مفهوم البد وأن يتصادم مع ما ُجبل عليه‬ ‫كان يقوم على النظر إلى كافة رعايا الملك باعتبارهم ً‬ ‫اإلغريق من نزوع إلى الحرية واالستقالل السياسي‪.‬‬ ‫وبالنسبة للمدن اإلغريقية في آسيا الصغرى‪ ،‬التي وجدت نفسها خاضعة للسيادة الفارسية؛ فإنها على الرغم من‬ ‫تمتعها بالحرية في إدارة شئونها الداخلية وكانت مضطرة لإلذعان لمفهوم السيادة الفارسية‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫وفي أثينا التي كانت تعد واحدة من أكبر دويالت اإلغريق‪ ،‬التي أخذت نظام الحكم يتجه نحو الديمقراطية‪،‬‬ ‫وراحت أثينا تروج لهذا النظام وتحاول نشره في باقي المدن اإلغريقية‪.‬وترتب على ذلك أن األثينيين راحوا‬ ‫ينظرون إلى الفرس نظرتهم إلى طغاة برابرة ال ينبغي الخضوع لهم؛ ومن ثم نقد راحوا يحرضون إغريق آسيا‬ ‫الصغرى على الثورة ضدهم‪.‬‬ ‫لم تلبث الدعاية األثينية أن أتت ثمارها‪ ،‬فانفجرت ثورة المدن األيونية ضد الفرس‪ ،‬في ‪ 499‬ق‪.‬م‪ ،‬وقام الثوار‬ ‫بإضرام النار في مدينة ساردیس ‪ ،Sardis‬عاصمة إقليم ليدیا‪.‬وتمكن الفرس من إخماد هذا التمرد‪ ،‬ولم ينس‬ ‫الملك دا ار أن أثينا كانت في السبب في إشعال هذه الفتنة؛ فقرر أن يعاقبها‪ ،‬فأرسل حملة عسكرية في عام‬ ‫‪ 494‬ق‪.‬م‪.‬إال أن سوء األحوال الجوية حال دون إتمام الحملة‪.‬ولم يلبث أن أعاد الكرة في عام ‪490‬ق‪.‬م وفي‬ ‫هذه المرة نجحت القوات الفارسية في النزول في سهل ماراثون ‪ ،Marathon‬الذي يقع بالقرب من أثينا‪ ،‬ولكن‬ ‫األثينيين تمكنوا من إنزال هزيمة بالفرس عند هذا السهل‪.‬‬ ‫اإلغريق في القرن الخامس ق‪.‬م‬ ‫بعد انسحاب الفرس من بالد اإلغريق‪ ،‬سيطر الخوف من عودتهم مرة أخرى‪ ،‬فأثينا فكانت أكثر إحساسا‬ ‫بالخوف؛ لذا راحت تدعو إلى قيام حلف دفاعی‪ ،‬من أجل التصدي للفرس‪ ،‬وسارعت العديد من المدن األيونية‪،‬‬ ‫وجزر بحر إيجة إلى تلبية الدعوة‪ ،‬وتقرر إقامة حلف عسکری بزعامة أثينا‪ ،‬ووقع االختيار على جزيرة ديلوس‬ ‫‪Delos‬؛ لكي تكون ًا‬ ‫مقر لخزانة الخلف؛ لذا عرف هذا الحلف باسم حلفه ديلوس‪.‬‬ ‫ولم يلبث الحلفي أن تحول إلى أداة للهيمنة األثينية‪ ،‬وراحت أثينا تمارس سياسة تقوم على التسلط‪ ،‬واالستيالء‬ ‫على سائر أعضاء الحلف‪ ،‬وتعاملت بقسوة متناهية مع المدن التي فكرت في الخروج على سياستها‪ ،‬كما راحت‬ ‫تتدخل في الشئون الداخلية لتلك المدن‪ ،‬و ً‬ ‫إمعانا في إظهار تسلطها؛ قامت السلطات األثينية بنقل خزانة الحلف‪.‬‬ ‫إلى أثينا ذاتها‪.‬مما أدى إلى إثارة امتعاض باقي األعضاء‪.‬‬ ‫أما إسبرطة فقد انكفأت على نفسها في البليونيز‪ ،‬بعد أن تعرضت لزلزال مدمر أدى إلى إلحاق أضرار مادية‬ ‫جسيمة بها‪ ،‬ما شجع األرقاء (الهيلوتس ‪ ) Helots‬على الثورة‪ ،‬من أجل التخلص من نير اإلسبرطيين‪ ،‬إال أن‬ ‫إسبرطة تمكنت من إخماد هذه الثروة‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫مقدونيا واإلغريق‬ ‫كان للموقف المحايد الذي التزمت به مقدونيا‪.‬خالل هذه الحروب‪ ،‬أبعد األثر في المحافظة على قوتها‪.‬وقد‬ ‫ساعدها على تحقيق المزيد من االستقالل في سياستها وحالة الضعف التي سيطرته على اإلمبراطورية الفارسية‬ ‫وفي النصف الثاني من القرن الخامس‪ ،‬فلم تجد صعوبة في التخلي عن صداقة الفرس‪.‬‬ ‫بعد وفاة أرخيالوس‪ ،‬ملك مقدونيا القوي في عام ‪ ۳۹۹‬ق‪.‬م‪ ،‬سيطر الضعف على هذه المملكة‪.‬مما شجع ملك‬ ‫طيبة على مهاجمة مقدونيا عام ‪367‬ق‪.‬م‪ ،‬وأخذ معه األمير فيليب ‪.Philip‬وقد أتاح البقاء في طيبة لهذا‬ ‫األمير الفرصة أن يتعلم في مدرسة طيبة العسكرية التي كانت أفضل المدارس في بالد اليونان‪.‬وبعد أن شب‬ ‫فيليب عاد إلى مقدونيا‪ ،‬ونجح في ارتقاء العرش في عام ‪ ۳۵۹‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫كان فيليب قد بلغ الثالثة والعشرين من العمر‪ ،‬عندما تربع على عرش مقدونيا‪ ،‬فأخذ يعمل على تقوية بالده في‬ ‫شتى المجاالت‪ ،‬وتحمس لنشر الحضارة اإلغريقية في سائر أرجاء المملكة‪.‬واستطاع أن يبسط سيطرته على‬ ‫الكثير من األقاليم المجاورة‪.‬وقد أحس الملك فيليب بأن خطر الفرس ما يزال يلوح في األفق؛ فدعا اإلغريق‬ ‫خطر على حرية اإلغريق‪،‬‬ ‫إلى االتحاد‪ ،‬إال أنهم أصموا آذانهم عن هذه الدعوة‪ ،‬ورأى البعض منهم أن فليب مثل ًا‬ ‫ال يقل بأي حال من األحوال عن خطر الفرس‪ ،‬وأخذ خطباء أثينا في إلقاء مجموعة من الخطب النارية‪،‬‬ ‫لتحريض اإلغريق ضد فيليب‪ ،‬ووصل به األمر إلى اقتراح طلب المعونة من الفرس‪ ،‬لردء خطر مقدونيا‪.‬وعند‬ ‫هذا الحد وجد فيليب أنه ال مناص من فرض الوحدة على اإلغريق‪ ،‬فحاربهم بعد أن اجتمعوا ضده‪ ،‬وأنزل بهم‬ ‫الهزيمة في موقعة خايرونيا ‪ Chaeronea‬في عام‪ 338‬ق‪.‬م‪.‬وأجبرهم على تكوين حلف عسکری بزعامة‬ ‫مقدونيا‪ ،‬من أجل محاربة الفرس‪ ،‬واالنتقام منهم ألنهم دنسوا مقدسات اليونان‪ ،‬وأعلن فيليب عزمه على قيادة‬ ‫اإلغريق لحرب الفرس‪.‬وفي عام ‪ ۳۳۸‬ق‪.‬م‪.‬عبرت طالئع القوات المقدونية مضيق الهلسبونت‪ ،‬وكان من‬ ‫المقرر أن يبدأ الزحف الكامل في عام ‪ 336‬ق‪.‬م‪.‬إال أن اغتياله فيليب في هذا العام أوقف هذا المشروع‪.‬‬ ‫اإلسكندر األكبر‪:‬‬ ‫على االسكندر الثالث‪ ،‬الذي عرفه باألكبر فيما بعد‪ ،‬عرش مقدونيا‪ ،‬وكان يبلغ من العمر عشرين عاما‪ ،‬وكان‬ ‫حاكما قدي ارً‪.‬وتلقى العلم على يد الفيلسوف المشهور‬ ‫ً‬ ‫نبوغا‪ ،‬يدل على أنه سيصبح‬ ‫قد أظهر منذ صباه المبكر ً‬ ‫‪5‬‬ ‫أرسطو‪ ،‬وظل شديد العرفان لهذا األستاذ‪ ،‬وأشاد به قائالً " أن أبی هو الذي وهبني الحياة‪ ،‬لكن أرسطو هو‬ ‫الذي علمني كيف أحيا"‪.‬‬ ‫وقد أظهر اإلسكندر منذ صباه شجاعة وثقة كبيرة في النفس‪.‬وكان على ثقة من أنه سيرتقی عرش مقدونيا‪،‬‬ ‫ويروى عنه أنه عندما كان في عامه الثاني عشر‪ ،‬وافته األنباء بأن فيليب انتصر في معركة كبيرة‪ ،‬فتضايق‬ ‫قائالً " إذا ظل أبی يکسب مز ًيدا من المعارك‪ ،‬فلن يتبقى لي بالد أفتحها‪.‬وعندما بلغ السابعة عشرة؛ قرر‬ ‫فيليب أن الوقت قد حان التدريب ابنه على الحكم‪.‬فأسند إليه مهمة تصريف األمور في مقدونيا‪ ،‬عندما اضطر‬ ‫إلى التوجه جنوبا في بالد اليونان‪ ،‬وفي تلك األثناء انتهزت إحدى القبائل الفرصة‪ ،‬وأعلنت التمرد مستغلة حداثة‬ ‫سن اإلسكندر‪ ،‬إال أن ه قمع هذا التمرد بعنف‪.‬واستولي على أكبر المدن التي تقع في أرض هذه القبيلة‪ ،‬وأطلق‬ ‫عليها اسم " مدينة اإلسكندر " ‪Alexandropolis‬‬ ‫االسكندر االكبر‬ ‫وفي معركة خايرونيا عام ‪ ۳۳۸‬ق‪.‬م‪.‬كان اإلسكندر يتولى قيادة الفرسان‪ ،‬وكان عمره ثمانية عشر عاما‪،‬‬ ‫وأظهر بسالة نادرة خالل المعركة‪ ،‬إال أن العالقة بين اإلسكندر ووالده كانت متوترة‪ ،‬ويرجع سبب هذا التوتر‬ ‫إلى أوليمپياس ‪ ، Olympias‬والدة اإلسكندر‪ ،‬وعلى الرغم من أنها كانت سيدة شرسة‪ ،‬غريبة األطوار‪ ،‬إال‬ ‫أنها كانت عظيمة األثر على ابنها‪.‬وكان فيليب قد ضاق بها ذرًعا؛ واتخذ لنفسه زوجة أخرى تدعى كليوباترا‪،‬‬ ‫وكانت مقدونية‪ ،‬بينما كانت أوليمبياس من منطقة إيبسروس ‪ ، Eperus‬التي تقع غرب بالد اليونان‪ :‬لذا فقد‬ ‫‪6‬‬ ‫خالصا‪ ،‬مما يعني إزاحة‬ ‫ً‬ ‫مقدونيا‬ ‫ً‬ ‫راحت األقاويل تتناثر حول رغبة فيليب في إنجاب وريث للعرش‪ ،‬يكون‬ ‫اإلسكندر عن والية العهد‪.‬‬ ‫وعندما بلغ التوتر في العالقة بين فيليب وزوجته‪ ،‬درجة عالية‪ ،‬قرر فيليب نفي هذه السيدة المشاكسة إلى بلدها‪.‬‬ ‫وقد رافق اإلسكندر والدته إلى المنفى‪.‬وبعد برهة أرسل فيليب إلى اإلسكندر‪ ،‬طالبا منه العودة إلى مقدونيا‪،‬‬ ‫وقد استجاب االبن وعاد إلى مدينة بيال "‪ ،Pella‬عاصمة مقدونيا‪ ،‬وعلى الرغم من محاوالت فيليب للتقرب‬ ‫من ابنه إال أن اإلسكندر ظل فات ار تجاه أبيه‪.‬وعندما أنجبت العروس المقدونية ابناً لفيليب‪ ،‬أستبد القلق‬ ‫باإلسكندر ووالدته‪ ،‬وساورهم الخوف من أن تتحقق األقاويل التي أثيرت من قبل‪ ،‬في جنابات القصر‪.‬وفي عام‬ ‫‪ 336‬ق‪.‬م تم اغتيال فيليب ‪ ،‬فكان من الطبيعي أن تشير أصابع االتهام إلى اإلسكندر ووالدته‪.‬وهو اتهام لم‬ ‫تثبت صحته‪.‬وعندما أصبح اإلسكندر ملكا؛ كان أول عمل أقدمت عليه أوليمبياس هو قتل كليوباترة وابنها‪،‬‬ ‫وهو عمل أثار استباء اإلسكندر‪.‬‬ ‫تربع اإلسكندر على عرش مقدونيا في عام ‪ 336‬ق‪.‬م‪ ،.‬وعمره عشرين عاما‪ ،‬وما أن ترامي إلى المدن اإلغريقية‬ ‫نبأ وفاة فيليب حتى هبت ثائرة‪ ،‬رغبة في التخلص من نير مقدونيا‪ ،‬وكان اإلغريق يعتقدون أن اإلسكندر شاب‬ ‫صغير ال تتوفر لديه قوة فيليب وال خبرته‪.‬تزعمت مدينة طيبة ثورة اإلغريق ضد مقدونيا‪ ،‬فسار إليها اإلسكندر‪،‬‬ ‫واستولی عليها‪ ،‬وأمر بتسوية المدينة باألرض‪ ،‬وبيع ثالثين ألفا من أهلها في أسواق العبيد‪ ،‬إضافة إلى قتل‬ ‫ستة آالف آخرين منهم‪.‬وقد أراد اإلسكندر أن يجعل من طيبة أمثولة‪ ،‬حتی يتعظ باقي اإلغريق‪ ،‬ويبدو أنهم‬ ‫قد استوعبوا الدرس جيدا‪ ،‬فلم يسببوا متاعب تذكر اإلسكندر بعد ذلك‪.‬‬ ‫بعد أن اطمأن اإلسكندر إلى هدوء األحوال‪ ،‬في بالد اليونان‪ ،‬شرع في القيام بالحملة‪ ،‬التي كان يتأهب أبوه‬ ‫فيليب للقيام بها‪ ،‬ضد اإلمبراطورية الفارسية‪.‬وبعد عامين من اعتالئه العرش‪ ،‬أي في عام ‪334‬ق‪.‬م‪ ،‬عبر‬ ‫بقواته مضيق الهلسبونت‪ ،‬وقام بزيارة سهل طروادة‪ ،‬وهو المكان الذي شهد أحداث حرب طروادة‪ ،‬وربما حملت‬ ‫هذه الزيارة مغزی مهم‪ ،‬فباإلضافة إلى اإلعجاب الشديد الذي يكنه اإلسكندر ألخيل بطل ملحمة اإللياذة‪ ،‬التي‬ ‫تناولت أحداث حرب طروادة‪ ،‬فإن هذه الحرب نظر إليها البعض على إنها مرحلة من مراحل الصراع بين الشرق‬ ‫والغرب‪ ،‬وهي مرحلة انتهت بانتصار الغرب ممثالً في أجداد اإلغريق‪ ،‬الذين هزموا طروادة‪ ،‬القوة الشرقية‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫توغل اإلسكندر بعد ذلك في آسيا الصغرى‪ ،‬وكانت من ممتلكات اإلمبراطورية الفارسية‪.‬وكان جيشه يبلغ‬ ‫ثالثين ألف من المشاة‪ ،‬وأربعة آالف من الفرسان‪.‬وهو جيش صغير‪ ،‬إذا ما أخذنا في االعتبار ما كانت تتمتع‬ ‫به اإلمبراطورية الفارسية‪ ،‬من قدرة على إعداد قوات كبيرة‪.‬وأحرز اإلسكندر أول انتصاراته على الفرس‪ ،‬عند‬ ‫نهر صغير يسمى جرانيکوس ‪ Granicos‬مما أتاح له فرصة االستيالء على باقي أقاليم آسيا الصغرى‪ ،‬وكذلك‬ ‫الجزر المتاخمة للشاطئ‪.‬‬ ‫واصل اإلسكندر سيوه‪ ،‬متجها صوب الجنوب‪ ،‬فوصل إلى إسوس ‪( Issos‬طرسوس الحالية)‪.‬وفي هذا الموقع‬ ‫دارت رحى معركة كبيرة؛ حيث كان الجيش الفارس‪ ،‬بقيادة الملك دارا الثالث مرابطا عند هذا المكان‪ ،‬وأحرز‬ ‫تاركا والدته وزوجته وبناته‪ ،‬الالتي وقعن في أمر‬ ‫باهرا‪ ،‬فر على أثره الملك دا ار الثالث‪ً ،‬‬ ‫اإلسكندر نص اًر ً‬ ‫اإلسكندر فأكرمهن وعاملهن معاملة طيبة‪.‬وأمر اإلسكندر ببناء مدينة في هذا الموقع احتفاال بالنصر‪ ،‬حملت‬ ‫اسم اإلسكندرية (اإلسكندرونة) فيما بعد‪.‬‬ ‫عقب الهزيمة فر دا ار إلى الشرق‪ ،‬وكان من المتوقع أن يسير اإلسكندر في إثره؛ إال أنه رأى أنه من األصوب‬ ‫أن يقوم باالستيالء على قواعد األسطول الفارسي في البحر المتوسط أوال‪ ،‬لذلك قرر السير إلى الجنوب‪.‬ويرى‬ ‫بعض الدارسين أن المؤرخين قد بالغوا في اإلشادة بعبقرية اإلسكندر‪.‬عند إشارتهم إلى هذه الخطوة‪ ،‬وأن األمر‬ ‫ال يعدو رغبة اإلسكندر في االستيالء على مصر؛ وذلك لما كانت تتمتع به من شهرة‪.‬باعتبارها من أهم‬ ‫مصادر الغالل في العالم القدیم ‪ ،‬وأنه كان يحتاج إلى مصدر لتمويل جيشه‪ ،‬قبل اإلقدام على االتجاه إلى‬ ‫الشرق‪.‬‬ ‫اجتاح اإلسكندر ساحل فينيقيا‪ ،‬وراحت المدن تستسلم وأحدة تلو األخرى‪.‬إال أن مدينة صور استعصت عليه‪،‬‬ ‫وأغلقت أبوابها دونه‪.‬فحاصرها لمدة سبعة شهور‪.‬واضطرت لالستسالم بعد مقاومة عنيدة‪ ،‬فأنزل اإلسكندر‬ ‫بأهلها عقابا أشبه بما فعله مع طيبة من قبل‪.‬وفي أثناء حصاره لمدينة صور‪ ،‬تلقي اإلسكندر رسالة من الملك‬ ‫ملك‪ ،‬وأن يتنازل له عن األراضي التي‬ ‫دارا‪ ،‬حملت عرضا من الملك الفارسي‪ ،‬يقضی باالعت ارف باإلسكندر ً‬ ‫تقع غربي نهر الفرات‪ ،‬كما عرض أن يزوجه ابنته‪ ،‬إال أن اإلسكندر رفض هذا العرض‪.‬‬ ‫فتح مصر‪:‬‬ ‫‪8‬‬ ‫في خريف عام ‪ ۳۳۲‬ق‪.‬م‪.‬تقدم اإلسكندر نحو مدينة غزة‪ ،‬فسلمت له بعد أن حاصرها لمدة شهرين‪ ،‬وأصبح‬ ‫على مشارف مصر‪ ،‬فبلغ مدينة بيلوزيون ‪( Pelosion‬تل الفرمة الحاليا) شرقی بورسعيد‪ ،‬وهي بوابة مصر‬ ‫الشرقية ‪ ،‬وكانت أنباء انتصارات اإلسكندر قد سبقته؛ فسارع الوالي الفارسي باالستسالم للفاتح المقدونی‪.‬كما‬ ‫رحب به المصريون ترحيباً ً‬ ‫حارا‪.‬فقد راجت شائعات حول ارتباط اإلسكندر باإلله آمون‪ ،‬وانحداره من صلب‬ ‫آخر فراعنة مصر‪ ،‬وأنه جاء لكي يحرر مصر من االحتالل الفارسي‪.‬ولما كان المصريون يحلمون بالتخلص‬ ‫من الفرس؛ فقد سرتهم هذه األنباء‪ ،‬وما هو جدير بالذكر أن المصريين كانوا قد ثاروا أكثر من مرة‪ ،‬وذلك من‬ ‫أجل استخالص حريتهم من الفرس‪ ،‬إال أن الفرس تمكنوا من إخماد هذه الثورات وإبقاء مصر تحت سيادتهم‪،‬‬ ‫ولما كان اإلغريق قد مدوا يد العون للمصريين خالل هذه الثورات؛ فإن المصريين تصوروا أن اإلسكندر قادم‬ ‫في هذه المرة على رأس اإلغريق لتحريرهم‪.‬‬ ‫مصر قبيل الفتح المقدوني‪:‬‬ ‫شهد عصر األسرة السادسة والعشرين طفرة في العالقات بين مصر وبالد اإلغريق‪ ،‬وذكر المؤرخ اإلغريقي‬ ‫هيرودوت أن المرتزقة اإلغريق ساعدوا إبسماتيك األول في اعتالء العرش منذ ذلك الحين ازدادت أهمية اإلغريق‬ ‫في مصر؛ فأنزل ملوك العصر الصاوي جنودهم اإلغريق في مستعمرات خاصة‪ ،‬مثل مستعمرة دافنی ‪Daphne‬‬ ‫في شمال شرق الدلتا‪ ،‬وذلك من أجل الدفاع عن المدخل الشرقي لمصر‪ ،‬الذي ظل يمثل الخطر األكبر على‬ ‫مصر دوما كما استخدم الفرعون نخاو الثاني (‪ 595-610‬ق‪.‬م)المرتزقة اإلغريق في حمالته اآلسيوية‪ ،‬وهي‬ ‫الحمالت التي تمكن من خاللها هذا الفرعون م ن تحقيق السيادة المصرية‪ ،‬على أجزاء من بالد الشام فيما بين‬ ‫عامي ‪ 605-608‬ق‪.‬م ‪ ،‬إلى أن تمكن الملك البابلي نبوخذ نصر من إلحاق الهزيمة به في موقعة " قرقميش‬ ‫" عام ‪ 605‬ق‪.‬م‪.‬ومن األعمال الهامة التي تنسب إلي الفرعون نخاو قيامه بحفر قناة تصل ما بين الفرع‬ ‫البلوزي للنيل والبحر األحمر‪.‬‬ ‫وقد استمر فراعنة المصر الصاوي في استخدام المرتزقة اإلغريق في جيوشهم‪ ،‬وشارك هؤالء المرتزقة في‬ ‫حمالت الملك إبسماتيك الثاني على النوية في عام ‪ 593‬ق‪.‬م‪ ،‬وفي عهد الفرعون أبريس ‪-588( Apris‬‬ ‫‪ 568‬ق‪.‬م) استأثر المرتزقة اإلغريق بمكانة رفيعة في مصر‪ ،‬ما أدى إلى إثارة حتى الجنود المصريين‪ ،‬فثاروا‬ ‫بقيادة أحمس (أمازيس ‪ ،) Amasis‬وأعقب ذلك اعتالء أحمس للعرش‪ ،‬وعلى الرغم من أن هذا القائد تزعم ثورة‬ ‫‪9‬‬ ‫ضد النفوذ اإلغريقي؛ فإنه عندما تولى العرش رأى أنه من األفضل أن يعمل علی کسب صداقة اإلغريق‪.‬‬ ‫طا فريدا من تشجيع اإلغريق على االستقرار في‬ ‫وشهد عهده الذي امتد ما بين عامي ‪ 525 ،568‬ق‪.‬م‪.‬نم ً‬ ‫مصر‪.‬لذا أطلقت المصادر اإلغريقية على الفرعون أحمس الثاني لقب صديق اإلغريق‪.‬واستمر وجود المرتزقة‬ ‫اإلغريق في صفوف القوات المصرية‪ ،‬فقاتلوا إلى جانب هذه القوات في عهد الفرعون إبسماتيك الثالث في‬ ‫بيلوزيون عام ‪535‬ق‪.‬م‪.‬وهي المعركة التي لقى فيها الفرعون هزيمة على يد الملك الفارسی قمبيز‪ ،‬وكانت‬ ‫بداية لالحتالل الفارسي لمصر‬ ‫وال يفوتنا أن تذكر أن الوجود اإلغريقي في مصر‪ :‬لم يقتصر على الجنود المرتزقة فقط‪ ،‬بلي شمل إلى جانب‬ ‫هؤالء فئات أخرى‪ ،‬مثل التجار‪ ،‬وكان الفرعون إبسماتيك األول‪ ،‬قد بادر بفتح أبواب مصر أمام التجار األجانب‪،‬‬ ‫ومنهم اإلغريق‪.‬بعد ازدياد النشاط التجاري لإلغريق في مصر‪ ،‬قام التجار اإلغريق بإنشاء مدينة تقراطيس‬ ‫مهما‪ ،‬إلى أن‬ ‫مركز تجارًيا وحضارًيا ً‬ ‫ًا‬ ‫‪ Naucratis‬موقعها في محافظة البحيرة حاليا)‪.‬وظلت هذه المدينة‬ ‫احتلت اإلسكندرية هذه المكانة فيما بعد‪ ،‬وإلى جانب المرتزقة والتجار توافدت على مصر أعداد من ذوي الخبرة‬ ‫في بعض المجاالت‪ ،‬مثل رجال البحرية الذين ساعدوا الفرعون نخاو في بناء األسطول‪ ،‬كما ذكر المؤرخ‬ ‫مثار الهتمام رجال العلم والفالسفة اإلغريق‪ ،‬فأخذوا في التوافد إليها‪.‬ومن أشهر‬ ‫هيرودوت‪.‬وكانت مصر أيضا ًا‬ ‫هؤالء الفيلسوف طاليس وأفالطون‪ ،‬أما هيرودوت أبو التاريخ فقد زارها في عام ‪ 450‬ق‪.‬م‪ ،‬إبان الحكم الفارسي‪.‬‬ ‫وخصص الكتاب الثاني من مؤلفه للحديث عن مصر‪.‬‬ ‫ولم تقتصر العالقات بين مصر وبالد اإلغريق قبيل الفتح المقدوني على األفراد؛ بل تعدی ذلك لكي تشمل‬ ‫العالقات بين مصر ودويالت المدن اإلغريقية‪ ،‬وما هو جدير بالذكر أنه في أعقاب االحتالل الفارسي لمصر‪.‬‬ ‫ورغبت مصر في التخلص من الحكم الفارسي‪ ،‬وكانت من بين الواليات التي شقت عصا الطاعة‪.‬وقاد التمرد‬ ‫حينها امير ليبی يدعی ايناروس ‪. Inaros‬الذي نجح في السيطرة على منطقة غرب الدلتا‪ ،‬وهرع إلى مدينة‬ ‫أثينا طالبا مساعدتها في ثورته ضد الفرس‪.‬وتلقت اثينا هذا الطلب‪ ،‬وأبدت رغبتها في مساعدة هذا الثائر‪ ،‬ألن‬ ‫هذا الموقف يخدم السياسة األثيني ة التي كانت على الدوام ترمي إلى بث القالئل في أرجاء اإلمبراطورية الفارسية‪،‬‬ ‫العدو التقليدي لإلغريق وقد أرسلت أثينا أسطوال لمؤازرة الثائر‪.‬‬ ‫اإلسكندر األكبر في مصر‬ ‫‪10‬‬ ‫أبحر اإلسكندر في الفرع البلوزی لنهر النيل (‪ ،)1‬ووصل إلى مدينة منف مقر عبادة اإلله بتاح‪ ،‬وحرص على‬ ‫إظهار احترامه للديانة المصرية‪ ،‬فقدم القرابين لإلله‪ ،‬وحرص على إبداء احترامه للكهنة‪ ،‬ومن المرجح أنه توج‬ ‫فرعون طبقاً للطقوس المصرية‪.‬ومن ناحية أخرى فإنه أراد أن يؤكد كونه رسول الحضارة اإلغريقية إلى الشرق؛‬ ‫وموسيقيا في منف‪ ،‬على الطريقة اإلغريقية‪.‬وبعد أن فرغ اإلسكندر من كل ذلك؛ أبحر‬ ‫ً‬ ‫ياضيا‬ ‫مهرجانا ر ً‬ ‫ً‬ ‫فأقام‬ ‫بر‬ ‫في الفرع الكانوبي لنهر النيل ‪ ،2‬حتی مصب هذا الفرع عند مدينة كانوب (أبو قير المالية)‪ ،‬وسار بعد ذلك ًا‬ ‫قاصدا مدينة قورينی ‪ ، Cyrene‬وهي مستعمرة بناها اإلغريق على ساحل ليبيا (مكانها الحالي قرية شحات‬ ‫ً‬ ‫بمحافظة الجبل األخضر)‪.‬وكانت تابعة للفرس‪.‬وفي أثناء سير اإلسكندر بمحاذاة شاطئ البحر المتوسط‪ ،‬لفت‬ ‫انتباهه موقع قرية صغيرة يسكنها الصيادون المصريون‪ ،‬تدعى راقودة ‪ ،Rhacotis‬وتقع قبالتها في البحر‬ ‫جزيرة صغيرة تسمى فاروس ‪ ،Pharos‬فقرر إقامة مدينة في هذا الموقع‪ ،‬ويأتي ذلك في إطار رغبته في‬ ‫تخليد اسمه من خالل إقامة المدن‪ ،‬ومن ناحية أخرى فقد أراد إقامة ميناء يكون ًا‬ ‫قادر على أن يسلب مدينة‬ ‫صور األهمية التي تتمتع بها من الناحية التجارية‪.‬وعهد إلي مهندس يدعی دينوکراتيس ‪ Deinocratis‬بأن‬ ‫يقوم بتخطيط المدينة‪.‬وتم إقامة جسر يصل ما بين اليابسة وجزيرة فاروس‪ ،‬وقد حملت المدينة الجديدة اسم‬ ‫اإلسكندرية‪.‬‬ ‫وبعد أن قام اإلسكندر بوضع حجر األساس لمدينته الجديدة‪ ،‬واصل سير في اتجاه الغرب‪.‬وعندما بلغ مدينة‬ ‫برايتونيون ‪( Paraetonion‬مرسى مطروح الحالية)؛ التقى ً‬ ‫وفدا من مدينة قورينی جاء لمبايعته وتقديم الهدايا‬ ‫له‪.‬فلم يعد هناك ما يدعوه إلى مواصلة السير إلى قورينی‪ ،‬وقرر أن يخترق الصحراء ً‬ ‫جنوبا إلى واحة سيوة؛‬ ‫حيث يوجد معبد اإلله آمون‪ ،‬وهو معبد نال شهرة عالمية باعتباره من أشهر معابد الوحي في العالم‪ ،‬وقد أراد‬ ‫اإلسكندر من خالل هذه الرحلة أن يحقق عدة أهداف‪ ،‬أولها إثبات انتسابه لإلله آمون‪ ،‬كما أراد من ناحية‬ ‫أخرى أن يسال الوحي عن مدى نجاح خططه المستقبلية‪.‬وكانت رحلة اإلسكندر ورفاقه إلى واحة سيوة محفوفة‬ ‫بالمخاط‪ ،‬فلم تكن لدي اإلغريق خبرة بالسير في دروب الصحراء‪.‬ومن الجدير بالذكر أن بعض المصادر‬ ‫القديمة بالغت في الحديث عن المعجزات الي صاحب هذه الرحلة‪.‬عندما بلغ الركب نهاية الرحلة‪ ،‬تقدم اإلسكندر‬ ‫‪1‬‬ ‫الفرع البيلوزى من النيل‪ :‬هو واحد من فروع دلتا نهر النيل المندثرة وكان يقع عند نهاية مدينة بيلوزيوم شرق مدينة بورفؤاد الحالية‪ ،‬اللي سماها العرب‬ ‫الفرما‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫كان الفرع الغربي األقصى من فروع النيل ويصب عند كانوب –بالقرب من ضاحية أبي قير الحالية‪ -‬ويعتبر هذا الفرع هو الحد الغربي للدلتا أو‬ ‫مصر السفلى وقد أطلق عليه إسم الفرع الكانوبي نسبة الى هذه المدينة‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫نحو معبد اإلله آمون فاستقبله كبير الكهنة قائال " أهال بابن آمون" أهال بابن آمون"‪ ،‬ودعاه إلى دخول قدس‬ ‫األقداس‪.‬وكان اإلسكندر يرغب في سماع هذا االعتراف من كبير الكهنة‪.‬ثم دلف بعد ذلك إلى قاعة قدس‬ ‫األقداس بمفرده‪.‬‬ ‫بعد أن فرغ اإلسكندر من زيارة سيوه‪ ،‬عاد إلى وادي النيل‪ ،‬وحرص على أن يعلن للجميع عن دخول الحضارة‬ ‫اإلغريقية إلى مصر‪ ،‬لكي تكون توأما للحضارة المصرية‪.‬ولكنه حرص على اإلبقاء على النظم اإلدارية‬ ‫المصرية القديمة‪ ،‬أما اإلدارة المالية فقد عهد بها إلى اإلغريق‪ ،‬وجعل على رأس هذه اإلدارة مواطن إغريقي من‬ ‫مدينة نقراطيس‪ ،‬ويدعي کليومينيس ‪.cleonenes‬وأبقى على منف عاصمة لمصر‪.‬ومن الناحية اإلدارية‬ ‫قسم مصر إلى قسمين هما الوجه البحري‪ ،‬والوجه القبلي‪.‬وجعل على كل قسم منها حاكما من أبناء البالد‬ ‫اإلسكندر في الشرق‪:‬‬ ‫متجها إلى مدينة صور‪ ،‬تمهيدا‬ ‫ً‬ ‫بعد أن فرغ اإلسكندر من تنظيم أحوال مصر؛ غادرها في عام ‪ ۳۳۱‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫للزحف إلى قلب اإلمبراطورية الفارسية‪ ،‬ولم يكن أمام الملك الفارسي بعد أن رفض اإلسكندر عرضه السخي‪،‬‬ ‫سوى أن يستعد للمواجهة العسكرية‪ ،‬وقد التقى جيش اإلسكندر مع الجيش الفارسي في عام ‪ ۳۳۱‬ق‪.‬م‪.‬عند‬ ‫چاوجميال ‪ Gaugamela‬بالقرب من أربيل عند الموصل الحالية)‪ ،‬وفي هذه المعركة أحرز اإلسكندر نصر‬ ‫باهرة على الملك دا ار الثالث‪ ،‬الذي ولي األدبار صوب الشرق‪ ،‬ويعتبر المؤرخون هذه المعركة واحدة من أهم‬ ‫المعارك في تاريخ البشرية‪.‬ودخل اإلسكندر مدن الفرس العظيمة مثل سوسة ويرسبوليس ‪.Perspolis‬وهكذا‬ ‫سقطت اإلمبراطورية الفارسية‪.‬وصار االسكندر وهو في سن السادسة والعشرين سيدا على العالم‪،‬‬ ‫واصل اإلسكندر تقدمه في اإلمبراطورية الفارسية‪ ،‬التي كانت حدودها تمتد إلى الهند شرًقا‪.‬وفي إقليم باكتريا‬ ‫(أفغانستان الحالية) تزوج من روكسانا ‪ Roxana‬أبنة حاكم هذا اإلقليم‪.‬ثم واصل سيره حتى وصل إلى إقليم‬ ‫البنجاب ووادي نهر السند‪ ،‬وعند هذا الحد أدركت رجاله حالة من الملل واإلعياء‪ :‬فرفضوا أن يطبعوا قائدهم‪،‬‬ ‫وطالبوه بالعودة إلى بالدهم‪ ،‬وعلى الرغم من حالة اإلحباط التي سيطرت على اإلسكندر من جراء طلب رجاله؛‬ ‫فإن ه اضطر إلى اإلذعان لهم‪.‬وقرر تقسيم قواته في طريق العودة إلى قسمين‪ ،‬يعود أحدهما عن طريق البر‬ ‫تحت قيادته‪ ،‬بينما ي عود القسم اآلخر بحرا‪ ،‬وعهد إلى أحد رجاله ويدعي نيارخوس ‪ Nearchos‬مهمة قيادة‬ ‫‪12‬‬ ‫األسطول الذي أعد لهذا الغرض‪.‬وجعل الهدف الرئيسي لهذه المهمة اكتشاف طريق للربط بين الغرب والشرق‬ ‫عن طريق البحر‪.‬‬ ‫ولم تكن أهدف اإلسكندر تقتصر على إيجاد طرق االتصال بين الشرق والغريب فقط؛ بل كان يهدف إلى إقامة‬ ‫جسر المحبة والتفاهم بين الشعوب‪.‬فتزوج من سيدة شرقية‪.‬وأمر رجاله بالزواج من سيدات فارسيات‪ ،‬وأقيم‬ ‫لهذا الغرض حفل كبير تزوج فيه تسعة آالف من المقدونيين من سيدات أسيويات‪.‬ومكث اإلسكندر في بابل‬ ‫التي كان يخطط لجعلها عاصمة اإلمبراطورية‪ ،‬وأخذ يتطلع إلى سماع أخبار األسطول‪ ،‬وكانت االتصاالت مع‬ ‫نيارخوس ورجاله قد انقطعت تماما‪ ،‬وظن اإلسكندر أن األسطول قد هلك في مياه المحيط الهندي‪ ،‬ولكنه‬ ‫فوجئ‪ ،‬بوصول نيارخوس إلى بابل‪.‬وفرح بهذا النبأ فرحا غامر‪ ،‬واستقبل نبارخوس بحفاوة بالغة‪ ،‬وراح يستمع‬ ‫باهتمام إلى المعلومات التي جمعها األسطول خالل الرحلة‪.‬وشجعه ذلك على االستمرار في استكشاف المزيد‬ ‫من المناطق‪.‬وكانت بالد العرب على رأس البالد التي حظيت باهتمام اإلسكندر‪.‬فقد أسهبت بعض المصادر‬ ‫في الحديث عن ثروة هذه البالد‪.‬‬ ‫اإلسكندر األكبر بالد العرب‪:‬‬ ‫على الرغم من أن الخليج العربي جاء ذكره عند هكتيوس (هو مؤرخ يوناني‪ ،‬من أهل القرن السادس قبل الميالد‪،‬‬ ‫ُينسب إلى مدينة ميليتوس في آسيا الصغرى) في حوالي ‪ 500‬ق‪.‬م‪.‬إال أن فكرة اإلغريق عن هذا الخليج ظلت‬ ‫محدودة‪ ،‬وكانوا يطلقون عليه اسم الخليج الفارسي ًا‬ ‫نظر لخضوع هذا الخليج للنفوذ الفارسي في تلك اآلونة‪.‬‬ ‫انفق اإلسكندر الشطر األكبر من عامه األخير في اإلعداد لخطة اكتشاف بالد العرب؛ فأمر ببناء أسطوله في‬ ‫قبرص وفينيقيا لهذا الغرض‪ ،‬وتم نقل السفن ب ار إلى ثايساكوس ‪ ( Thapsacus-‬بالقريبه من دير الزور‬ ‫الحالية‪ ،‬في طريقها إلى بابل)‪ ،‬ويذكر أن اإلسكندر أمر بإقامة ميناء في بابل التخاذه قاعدة للعمليات‪ ،‬وكان‬ ‫هذا الميناء من الضخامة بحيث أنه كان يتسع لما يقرب من الف سفينة‪.‬‬ ‫وفي إطار االستعداد إلرسال الحملة الكبرى؛ بادر اإلسكندر بإيفاد ثالث حمالت استكشافية في عام‪ 324‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫وكان هدف هذه الحمالت جمع المعلومات عن شواطئ بالد العرب والجزر المتاخمة لها‪.‬وتولى قيادة البعثة‬ ‫‪13‬‬ ‫األولى أرخياس ‪ ، Archias‬وهو أحد رجال حملة نيارخوس ‪.‬ويذكر أن أرخپاس وصل حتى جزيرة تيلوس‬ ‫‪( Tylos‬البحرين) أما البعثة الثانية فقد تولى قيادتها أندرو‬ ‫ستشينز ‪ Androthenes‬من ثامسوس ‪ ، Thasos‬وقطعت هذه البعثة شوطا أطول من سابقتها‪ ،‬فوصلت‬ ‫إل تيلوس‪ ،‬وأصدر قائدها كتابا ظل بشكل مرجعا أساسيا للبحارة على نطاق واسع‪ ،‬وتولي هيرون ‪Frieron‬‬ ‫قيادة البعثة الثالثة ‪ ،‬التي بدأت رحلتها من جنوب بابل‪ ،‬وتمكنت من الطواف حول الجزيرة العربية‪ ،‬والوصول‬ ‫إلى ميناء هيروبوليس ‪ Heroopolis‬في مصر‪ ،‬حيث استدارت عائدة لتقديم التقارير إلى اإلسكندر وبينما‬ ‫انطلقت هذه البعثات الثالث من بابل‪ ،‬قامت في نفس الوقت بعثة من االتجاه المقابل‪.‬فقد أمر اإلسكندر بقيام‬ ‫حملة من ميناء هيروبوليس في مصر‪ ،‬للدوران حول بالد العرب‪ ،‬إال أن هذه الحملة لم تتجاوز باب المندب‬ ‫في مدخل البحر األحمر‪.‬وعلى الرغم من ذلك فقد تمكنت من جمع معلومات طيبة عن الشواطئ الغريبة لبالد‬ ‫العرب‪.‬‬ ‫وما هو جدير بالذكر أن اإلسكندر كان يؤمن ايمانا راسخا بأهمية بناء المدن والمستعمرات‪ ،‬وكان يخطط إلقامة‬ ‫العديد من المستعمرات على شاطئ الخليج العربي‪.‬ويوجد دليل على قيام اإلسكندر بإنشاء مستعمرة في شمال‬ ‫شرق الجزيرة العربية‪ ،‬على حدود بالد الرافدين‪ ،‬وذكر اثنان من الكتاب القدماء أن اإلسكندر دخل إلى بالد‬ ‫العربية‪ ،‬وأقام مدينة حصينة أعدها لسکنی جنوده الذين انتهت مدة خدمتهم‪.‬إال أننا ال نستطيع تحديد موقع‬ ‫هذه المدينة ومن المرجح أنه أطلق عليها اسم اإلسكندرية‪.‬‬ ‫وربما كان اإلسكندر يرمی من خالل إقامة هذه المدينة‪ ،‬إلى تحقيق عدة أهداف‪ ،‬أولها إقامة مركز دفاعی ضد‬ ‫غارات العرب‪ ،‬وثانيها إقامة ميناء يمكن اتخاذه قاعدة للعمليات لألسطول الكبير‪ ،‬الذي كان يجري بناؤه لغزي‬ ‫بالد العرب‪ ،‬أما الهدف الثالث فهو خلق مركز تجاري على رأس الخليج العربي الستقبال البضائع الوافدة من‬ ‫الشرق‪.‬‬ ‫وبينما كانت االستعدادات إلرسال الحملة الكبرى لبالد العرب تجرى على قدم وساق‪ ،‬جری إقامة حفل كبير في‬ ‫شهر يونية من عام ‪ ۳2۳‬ق‪.‬م‪.‬على شرف نيارخوس والذي تقرر اسناد قيادة الحملة إليه‪ ،‬وفي اليوم التالي‬ ‫للحفل أصيب اإلسكندر بالحمى‪ ،‬وعلى الرغم من هذا لم تتوقف االستعدادات إلرسال الحملة‪ ،‬وحرص اإلسكندر‬ ‫على الرغم من مرضه على مناقشة تفاصيل الخطة مع نيارخوس‪.‬وفي مساء اليوم العاشر من شهر يونية عام‬ ‫‪14‬‬ ‫‪ ۳۲3‬ق‪.‬م‪.‬توفى اإلسكندر‪ ،‬ولم يكن قد بلغ الثالثة والثالثين من عمره‪ ،‬بعد أن حكم مدة إثني عشر عاما‬ ‫ونصف‪ ،‬تعد بحق من أخصب سنوات تاريخ البشرية‪.‬‬ ‫‪15‬‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser