مهنة التدريس PDF
Document Details
Uploaded by WellBeingGoshenite9527
كلية التربية النوعية
Tags
Summary
يقدم هذا المستند لمحة عامة عن مهنة التدريس. يغطي النص تاريخ التدريس ومصطلحات التربية والتعليم، ويوضح الفرق بين التدريس والتعليم. بالإضافة إلى ذلك، يسلط الضوء على أهمية مهنة التدريس وأخلاقياتها.
Full Transcript
# الفصل الأول ## مهنة التدريس ### أولاً - مصطلحات التربية و التعليم . " التربية " و " التعليم " مصطلحان يشيران في معناهما الواسع _إلى الطرائق التي_ يكتسب بها الناس المهارات والمعارف ويتوصلان بها إلى الفهم الصحيح للدنيا ولأنفسهم. والتربية والتعليم ليستا كلمتين مترادفتين ، بل بينهما عموم وخصوص. فال...
# الفصل الأول ## مهنة التدريس ### أولاً - مصطلحات التربية و التعليم . " التربية " و " التعليم " مصطلحان يشيران في معناهما الواسع _إلى الطرائق التي_ يكتسب بها الناس المهارات والمعارف ويتوصلان بها إلى الفهم الصحيح للدنيا ولأنفسهم. والتربية والتعليم ليستا كلمتين مترادفتين ، بل بينهما عموم وخصوص. فالتربية أشمل من التعليم الذي هو جزء من التربية . وبينما يكون التعليم محدوداً بما يقدمه المعلم من معلومات ومهارات واتجاهات داخل الصف ، فإن التربية تأخذ مكانها داخل الصف وخارجه ويقوم بها المعلم وغير المعلم . ولعل أفضل طريقة لمناقشة مفهوم التربية والتعليم _هي تقسيم أساليب التعليم هذه إلى_ ثلاثة أنواع : نظامي ، وتلقائي ، وغير رسمي . ### التعليم النظامي : هو ذلك التعليم الذي يتلقاه المتعلمون في المدرسة ، وغالباً ما يعرف بالتعليم المدرسي. وفي معظم الأحوال يلتحق الناس بشكل من أشكال التعليم النظامي خلال مرحلة الطفولة. وفي هذا النوع من التعليم يتولى المسئولون عن المدرسة ما ينبغي تدريسه ، وعلى المتعلمين أن يدرسوا ما حدده المسئولون تحت إشراف المعلمين. وعلى المتعلم أن يأتي إلى المدرسة بانتظام وفي الوقت المحدد . ويبذل جهدا يوازي الجهد الذي يبذله زملاؤه في الصف ، وفي التعليم النظامي تعقد اختبارات لقياس مدى تحصيل الطلاب وتقدمهم في الدراسة . وفي نهاية العام ينتقل الناجحون إلى مستويات متقدمة كالانتقال من صف إلى صف أو مستوى أو مرحلة . وفي نهاية الأمر يحصلون على دبلوم أو شهادة إكمال ، أو درجة محددة للدلالة على نجاحهم خلال فترة الدراسة . ### التعليم الذاتي ( أو التلقائي ) : يشير إلى ما يتعلمه الناس من خلال ممارستهم لحياتهم اليومية ، فالأطفال الصغار _في بعض المجتمعات مثل_ الصين ، ونيكاراجوا والمكسيك وكوبا والهند _يتعلمون اللغة بالاستماع إلى الآخرين ، وهم يتحدثون ثم يحاولون التحدث كما يفعل الآخرون_ . ويتعلمون كيفية ارتداء ملابسهم أو آداب الطعام أو ركوب الدراجات أو إجراء الاتصالات الهاتفية أو تشغيل جهاز التلفاز . ويمكن أن تكون التربية تلقائية عندما يحاول الناس الحصول على معلومات أو اكتساب مهارة بمبادرة شخصية بدون معلم . وذلك عن طريق زيارة محل لبيع الكتب أو مكتبة أو متحف . _وقد يشاهدون برنامجاً في التلفاز أو شريط فيديو أو يستمعون إلى برنامج إذاعي._ وفي هذه الحالة لا يطلب منهم النجاح في الامتحان. ### التعليم غير الرسمي : يحتل مكانة وسطاً بين النوعين السابقين ، _النظامي والتلقائي._ وعلى الرغم من أن له برامج مخططة ومنظمة ، كما هو الحال في التعليم النظامي ، فإن الإجراءات المتعلقة بالتعليم غير الرسمي أقل انضباطاً من إجراءات التعليم النظامي . فمثلاً جمعيات تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في المملكة والعالم الإسلامي تعتبر نوعاً من التعليم غير الرسمي حيث تشرف عليها مؤسسات رسمية وفيها معلمين وطلبة مسجلين _وأنظمة تحكم عملها_. _وأيضاً في الأقطار التي يوجد بين سكانها من لا يعرفون القراءة والكتابة ، اشتهرت طريقة كل متعلم يعلم أمياً بوصفها أسلوباً لمحاربة الأمية._ في هذه الطريقة يقوم قادة التربية و التعليم بإعداد مادة مبسطة لتعليم القراءة _ويقوم كل متعلم بتعليمها لواحد ممن لا يعرفون القران الكتابة_. ### ثانياً - الفرق بين التدريس والتعليم _إنه بالنظر إلى العملية التعليمية نجد أنها لا تخرج عن ثلاثة عناصر أساسية هي_ المعلم ، والمتعلم ، والمنهج الدراسي . _فإذا بذل المعلم جهدا أكبر في عملية التعليم وأصبح أكثر فاعلية ونشاطاً من المتعلم_ فإن هذه العملية تسمى باسم " التعليم " _أما إذا بذل نشاطاً أكبر وارتفعت فعاليته وتحققت فيه نتائج عملية التعليم فإن هذه العملية تسمى " التعلم "_. _أما إذا كان التفاعل إيجابياً وكبيرا بين العناصر الثلاثة : المعلم والمتعلم والمنهج الدراسي ، وتطلب هذا التفاعل نشاطاً عقلياً راقياً من قبل المعلم والمتعلم على حد سواء_ فإن هذه العملية تسمى " التدريس " . _ويتضح من العرض السابق أن التعليم اتصال منظم ، ومستمر ، وهادف بين المعلم والمتعلم ويراد منه إحداث التعلم لدى المتعلم ، ويقصد بمنظم : أن الاتصال بين المعلم والمتعلم مخطط في شكل تتابع فيه المقررات والأنشطة ضمن نظام معين ، تخططه هيئة معينة ، وينفذه معلمون_. _ويقصد بالتعليم الهادف : أي الذي تحدد فيه الأغراض التعليمية بالنسبة إلى كل مرحلة ، وبالنسبة إلى كل مادة ، والمعلم يسعى من وراء التعليم إلى إحداث تغيرات عقلية ووجدانية وسلوكية ومهارية لدى التلاميذ_. وفي نهاية " التعليم " يحصل " التعلم " _أي الرقي في سلوك المتعلم وتغيره نحو الأفضل سواء في مجال المعارف والمعلومات والقدرات العقلية ، أو في مجال الميول والتذوق والاتجاهات والقيم ، أو في مجال العادات والمهارات والخبرات العملية_. ### ثالثاً : مهنة التدريس إن وصف التدريس بأنه مهنة ، يشير إلى _أنه من جملة العلوم والصنائع إلى لا بد لها من مبادئ وأصول وقواعد ، وأن من يقوم بهذه المهنة لا بد له من الإحاطة بتلك المبادئ والأصول حتى تتكون لديه المهارة والملكة للنجاح في تلك المهنة_. _والملكة في صناعة - ما - أو مهنة - ما ، كما ذكر ابن خلدون في مقدمته هي : " صفه راسخه تحصل عند استعمال ذلك الفعل ، وتكرره ، مره بعد _أخرى_ ، حتى ترسخ صورته ، وعلى نسبة الأصل تكون الملكة ، ... وعلى قدر جودة التعليم، وملكة المعلم يكون حذق المتعلم في الصناعة، وحصول ملكته."_ _والتقرير بأن التعليم مهنة Profession يعني أن التعليم تنطبق عليه معايير المهنة ، ومن أهمها:_ 1. أن لها دوراً حيوياً في المجتمع ، يستهدف الخير والمصلحة العامة . 2. أن ممارسة المهنة تتطلب اكتساب مهارات قائمة على معرفة نظرية تتيح معرفة أعمق لفهم وتحليل مشكلات المهنة ، وتحديد الحلول المناسبة لها . 3. أن ممارسة المهنة تتطلب تأهيلاً مهنياً وإعداداً منظماً _يؤهل_ الإنسان للممارسة _المهنة_. 4. أن المهنة تتطور ، وتنمو من يوم لآخر ، _وهذا يستدعي برامج تدريبية لممارسي المهنة ليلحقوا بالتطورات المستجدة_. _أن لها أخلاقيات خاصة بها ، فلكل مهنة قيم خلقية وآداب خاصة تنبع من المهنة ذاتها ، وتمثل الأساس القيمي للمهنة يجب أن يلتزم به جميع الممارسين لها ..._ _وكون التعليم " مهنة " لا يلغي الجانب الفطري لدى بعض العاملين في هذه المهنة ، فقد يوجد لدى بعض الناس موهبة فطرية في التعليم ، فيكفيه أن يتفوق في مادته العلمية ليكون مدرساً ناجحاً ، نتيجة للثراء العلمي المعرفي لديه ، وموهبته الفطرية ، كما أن المعلم يمكن أن يظهر – من خلال تدريسه - قدراته الابتكارية وذوقه الجمالي في التفكير والحركة التعبيرية ، والتعامل الإنساني والقدرة العالية لإثارة عقول تلاميذه لإنتاج حلول ونظريات ، ولكن_ مثل _هذا المعلم الموهوب نادر الوجود_. _له_ _والحديث عن الموهبة في التعليم يقود إلى الحديث عن الفن في التدريس_. _فعملية التدريس لا يكفي فيها الموهبة ، أو التمكن من المادة العلمية أو الإلمام بالجوانب النظرية للتخصص المراد تدريسه فقط ، بل لا بد أن يصطحب ذلك الإعداد التربوي القائم على التدريب والممارسة العملية والمشاهدة النظرية في البيئة الطبيعية والتدريس الفوري بعد الحصول على الشهادة العلمية المتخصصة دون المرور بالإعداد والتدريب التربوي فكرة غير مقبولة ، ونتائجها العاجلة والآجلة على التلاميذ والعملية التعليمية غير جيدة_. _وبالمقابل ، فإن مهنة التدريس ليست حرفة لا تحتاج لإعداد ذي شأن ولا لدراسات وتدريبات ، وإنما يكتفي فيها بالتقليد ، بل لا بد أن يصحب ذلك معرفة متخصصة وإلماماً بالأسس العلمية والنفسية والاجتماعية للتدريس_. _ومن هذا العرض يتضح أن مهنة التدريس تقوم على العلم والفن في آن واحد ، وتكاملهما يزيد من مستوى النجاح في هذه المهنة_. ### رابعاً : أهمية مهنة التدريس إن نظرة تأملية في _أسباب قيام الحضارات ونموها ، وما تبرزه من إنتاج فكري وحضاري عظيم ، تبرز الأهمية المتنامية لمهنة التدريس ووظيفتها لصناعة التقدم الإنساني عبر عصور التاريخ ، فالأمم جميعاً لا تستغني عن التعليم والتدريس فهو_ : ضرورة من ضرورات الاجتماع البشري ، وأداة لا بد منها ، لتمكين المجتمع من تربية الوليد البشري ، وتنشئته إنسانياً ، ولتمكين المجتمع من الوصول إلى الرفاهية من خلال الخبرات والصنائع التي تناله المجتمعات بالتعليم ، _فكل الصنائع العملية إنما تكتسب بالتعليم ، ولا بد لها من معلم_ ، النجارة والبناء والطب والوراقة والخياطة وتعليم العلم ، وغيرها . " ### خامساً : مهنة التدريس قديمة قدم التاريخ _لقد عرفت الإنسانية مهنة التدريس منذ عصور بعيدة غابرة ، وفي كل عصر من هذه العصور تكتسب هذه المهنة أهمية ورسالة أكبر عما كان عليها في العصر الذي مضى ، كما يكتسب فيها المعلم أهمية وخبرة ومهارة_. _وقد نشأت هذه المهنة مع نشأة المجتمعات البدائية - تلك المجتمعات التي تعيش حياتها على الفطرة أو الطبيعة دون أن ينالها حظ من التمدن أو التحضر - حين كان الأبوان يدربان الأطفال على صناعة الأدوات الضرورية والصيد وحمل السلاح ، للحفاظ على الحياة ، ومواجهة الأخطار المحتملة_. _ثم تطورت مهنة التدريس بعض الشيء حين _أخذت اعتباراً دينياً تمثل في قيام الكهان أو البراهمانيين في الحضارة الهندية القديمة على التربية ، وفي تدريس التلاميذ والآداب المقدسة في التربية الصينية ، ثم في قيام الكهنة في المجتمع المصري القديم على تدريس الأدب والدين والعلوم والرياضيات._ _وإذا كانت مهنة التدريس هي المهنة الأم فإن من يقوم بهذه المهنة ( وهو المعلم ، أو المعلمة ) ذو شأن ومكانة ودور كبير في المجتمع_. _فالدور الذي يقوم به المعلم يفوق الدور الذي يقوم به العاملون في المهن الأخرى_. _فالطبيب مثلا يعالج أفراداً معدودين ، وتأثيره يكون على أجزاء محدودة من البدن ، أم المعلم فتأثيره كبير ليس على أبدان التلاميذ فحسب ، بل على عقولهم وقلوبهم وشخصياتهم_. _وفي الحضارة اليونانية ، اهتم الأثينيون بالتربية واعتبروا أن مكانة التربية هي أسمى مكانة في البلاد_. _كما بدأت مهنة التدريس تأخذ جانباً من التنظيم والعناية من القائمين عليها ، وذلك حين بدأت المدارس تنتشر في أوائل القرن السادس ، وقد وضع المشرع " صولون " قوانين لضبط التعليم وحفظ كرامة المعلم ، ومنها : عدم فتح المدارس قبل الشروق ، وضرورة إغلاقها قبل الغروب_. _وعدم دخول الرجال في مباريات رياضية مع الأولاد ، وعدم دخول غرفة الدراسة والأولاد بها إلا كان الداخل ابن المعلم أو شقيقه أو زوج بنته_. _وكان هناك ثلاثة أنواع من المعلمين :_ معلم اللغة ، ومعلم الموسيقى ، ومعلم الألعاب الرياضية. _وفي المجتمع اليوناني انتشر مجموعة من المعلمين الذين ظهروا بعد تزايد الحقوق السياسية وقوة الطبقات الدنيا في المجتمع الأثيني ، وقد عاشوا في القرنين الخامس والرابع_ _يكونوا يعلمون الاثنين في _مدارس نظامية بل في الشوارع والساحات الرياضية ، وكانوا أحيانا يستأجرون غرفا فيها طلابهم_. _وقد علم السفسطائيون الشباب الأثيني كل ما يحتاج إليه من علوم وسياسة ورياضة ومنطق وفلك ، ولكن تركيزهم كان بشكل أكبر على فن الخطابة والإلقاء_. _وفي الحضارة الرومانية_ انتشرت المدارس الأولية والثانوية والعالية ، ودرست الفنون السبعة وركز عليها حيث اعتبرت _أساسية لتربية الإنسان الحرة ، وهي :_ النحو والخطابة والمنطق والحساب والهندسة والفلك والموسيقى . _كما تميزت بالتركيز على العقل الذي هو أساس الروح كما ذكر شيشرون أحد أشهر فلاسفة الرومان_. _وكان الآباء الأغنياء من الرومان يضعون أبنائهم في رعاية عبد ( بيداجوج) منذ دخولهم مدارس " اللودس " حتى سن السادسة عشرة ، وكان على البيداجوج أن يوجه تعليم الطفل في الدراسة ، وكان يعاقبه إذا لزم الأمر ، وكان المعلم في مدارس اللودس يسمى ( المؤدب )._ _ولم يكن المعلم في تلك المدارس يحظى باحترام كبير ، كما أن مرتبه صغير يعادل تقريباً مرتب المدرس في مدارس النحو ، وخمس مرتب المعلم في مدرسة الخطابة_. _وفي العام ۱۳۸۰ م أنت المسيحية كدين رسمي بعد أن كانت التربية الوثنية في اليونان والرومان لا تلبي حاجات الإنسان النفسية ولا تنظم سلوكه وتزوده بالمثل العليا في الحياة ، أنت المسيحية واستطاعت أن تهب للتربية معنى جديداً فجعلت هدفها الأول تعلم المذهب المسيحي والتمرس بالطقوس الكنسية_. _ولم يكن التركيز على التربية العقلية كبيراً وإنما الاهتمام بالتربية الخلقية وتهذيب النفس التي ترمي إلى الزهد في الدنيا وارتقاب الحياة الأخرى الخالدة_. _وكان رجل الدين الأول هو المعلم ، أما المنهج فكان الكتاب المقدس مع تعاليم ومثاليات المسيحية_. ### سادساً : مهنة التدريس في التربية الإسلامية _منذ أن بزغت شمس الإسلام وظهر النور الرباني يبشر بميلاد أمة جديدة تقوم على أساس التوحيد الخالص لله وحده لا شريك له وأن محمداً عبد الله ورسوله ، منذ أن ظهرت هذه الدعوة وهي تدعو إلى العلم ، وتحث على طلبه ، وترتب الثواب الجزيل لمن يقوم بتعليم الناس أمور دينهم ودنياهم_ وقد بدأ الله عز وجل بالقراءة أمر الدعوة حين وجه الخطاب إلى نبيه محمد ص بأن يقرأ فقال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) . _ولعظم شأن العلم وأهمية دور العلماء ، فقد جعلهم ورثة الأنبياء_ ورفعه درجات على باقي الناس : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) . _ولأن العلم نور ، والذي يعبد الله على بصيرة خير من الذي يعبده على جهل وضلالة_ " من سلك طريقا يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة ، وقال : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " ، وقال : نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلاغها ، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " وغير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة التي تحث على طلب العلم وتعليم الناس مما هو جدير بأن تكون التربية الإسلامية أعظم التربيات وأنفعها للناس. _القرآن_. _وقد يفصل - أحيانا - بين نوعين من الكتاب :_ الكتاب الخاص بتعليم القراءة والكتابة ، وكان يقوم غالباً في منازل المعلمين ، _والكتاب لتعليم القرآن الكريم ومبادئ الدين ، وكان مكانه في المسجد_. _وقد كان رسول الله ص بحق هو المعلم الأول في الإسلام ، وأعظم المعلمين أثراً وأكثرهم بركة على مر التاريخ ، قال تعالى : " هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آيته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين "_. _والتزكية المشار إليها في الآية تعني تربية المسلمين وتنشئتهم على فكر الإسلام ومسلكه وأما الكتاب المشار إليه فهو القرآن العظيم ، وأما الحكمة فهي السنة المطهرة وما يفيد من العلوم المفيدة_. ### ٢ - المسجد : _ارتبط المسجد بالتربية الإسلامية_ _ارتباطاً وثيقاً ، فهو المركز والمنطلق للأمور السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية_ وكان دور المسجد يتجاوز المكان الذي تؤدي فيه الصلوات الخمس إلى أدوار تربوية وتعليمية رائدة ، _مثل أن يكون معهداً لتعليم الناشئين أصول الدين واللغة والأدب وكان فيه حلقات للعلماء للدراسة والتباحث ، كما كان مركزاً لتصريف شؤون الدولة ، واستقبال السفراء ، وتجهيز الجيوش ، وغير ذلك من الرسالة العظيمة التي يقوم بها_. _ولم يكن هدف المسلمين من التربية دنيوياً محضاً كما كان عند اليونان والرومان مثلا ، ولم يكن دينياً كما كان عند اليهود في الصدر الأول ، وإنما كان غرضهم دينياً ودنيوياً معاً ، وكانوا يرمون إلى إعداد المرء لخير الدنيا والآخرة ، يقول الله تعالى : " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا "_. _وكان النبي ص أول من اتخذ المسجد مكاناً للدعوة والتعليم ، ثم تتابع بعد ذلك الصحابة والتابعون ومن تبعهم من العلماء والمشايخ لتبليغ الناس الدعوة وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم_. _وإلى وقتنا هذا والمسجد مستمر بأداء رسالته الربانية ، فهو مدرسة وجامعة وكلية تدرس فيها العلوم الشرعية واللغوية وغيرها ويقوم بالتعليم في المسجد عادة أحد الشيوخ أو العلماء الموثوقين بدينهم وعلمهم وكان الشيخ قديماً يجلس على الأرض ، وأحيانا كان يجلس على كرسي مرتفع حتى يسمعه ويراه الحاضرون فيما يجلس الطلاب حول الشيخ على شكل حلقات تتفاوت في حجمها حسب مكانة الشيخ العلمية وطبيعة الدرس الملقى_. ### سابعاً : أخلاقيات مهنة التدريس _لا بد لأي مهنة من المهن من أخلاق تربط العاملين في تلك المهنة ببعضهم البعض ، وتميزهم عن غيرهم ، وتنظم سلوكياتهم ، وترفع من مستوى مهنتهم_. _وكما أن هناك أخلاقاً لمهنة القضاء ، وأخرى للطب ، وثالثة للشرطة ، فإن هناك أخلاقاً عالية لمهنة التعليم_. _ولأن المعلمين يختلفون فيما بينهم - شأنهم شأن العاملين في باقي المهن الأخرى - كان من المفيد وضع ضوابط لهذا الاختلاف تحول بينهم وبين التطرف في الأساليب التي يتخذونها أو المناهج التي يتبعونها لأداء مهامهم_. _ولكي تمكن أجهزة التطوير والمتابعة من وضع خططها وأداء رسالتها في ضوء واجبات وحقوق محددة ، ومهام تناط بالعاملين في الحقل التربوي_. _وقد صدر في عام ١٤٠٥ هـ " لدول الخليج لأخلاق مهنة التعليم " ، ويتكون هذا الإعلان من تسعة عشر خلقاً من أخلاق مهنة التعليم ، في حين كان البند العشرون يبين صدور هذا الإعلان عن مكتب التربية العربي لدول الخليج ، وإقراره من مؤتمره العام الثامن الذي انعقد في الدولة بدولة قطر_. _كما صدرت الموافقة من المقام السامي الكريم سنة ١٤٢٦هـ على ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم في مدارس التعليم العام بالمملكة العربية السعودية كما يلي :_ ### ثامنا : ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم _المادة الأولى : يقصد بالمصطلحات الآتية المعاني الموضحة قرين كل منها_. #### أخلاقيات مهنة التعليم : السلوكيات الفاضلة التي يتعين أن يتحلى بها العاملون في _حقل التعليم العام فكراً وسلوكاً أمام الله ثم أمام ولاة الأمر وأمام أنفسهم والآخرين ، وترتب عليهم واجبات أخلاقية_. #### المعلم : المعلم والمعلمة والقائمون والقائمات على العملية التربوية من مشرفين ومشرفات ومديرين ومديرات ومرشدين ومرشدات ونحوهم . #### الطالب : الطالب والطالبة في _مدارس التعليم العام_ وما في مستواها _..._. _المادة الثانية : أهداف الميثاق:_ 1. _يهدف الميثاق إلى تعزيز انتماء المعلم لرسالته ومهنته ، والارتقاء بها والإسهام في تطوير المجتمع الذي يعيش فيه وتقدمه ، وتحبيبه لطلابه وشدهم إليه ، والإفادة منه وذلك من:_ - _توعية المعلم بأهمية المهنة ودورها في بناء مستقبل وطنه_. - _الإسهام في تعزيز مكانة المعلم العلمية والاجتماعية._ - _حفز المعلم على أن يتمثل قيم مهنته وأخلاقها سلوكا في حياته_. _المادة الثالثة : رسالة التعليم :_ 1. _التعليم رسالة تستمد أخلاقياتها من هدي شريعتنا ومبادئ حضارتنا ، وتوجب على القائمين بها أداء حق الإنتماء إليها أخلاقياً في العمل ، وصدقا مع النفس والناس ، وعطاء مستمرا لنشر العلم وفضائله_. 2. _المعلم صاحب رسالة يستشعر عظمتها ويؤمن بأهميتها ، ويؤدي حقها بمهنية عالية_. 3. _اعتزاز المعلم بمهنته وإدراكه المستمر لرسالته يدعوانه إلى الحرص على نقاء السيرة وطهارة السريرة ، حفاظاً على شرف مهنة التعليم_. _المادة الرابعة : المعلم وأداؤه المهني :_ 1. _المعلم يدرك أن النمو المهني واجب أساس ، والثقافة الذاتية المستمرة منهج في حياته_. _يطور نفسه وينمي معارفه منتفعا بكل جديد في مجال تخصصه ، وفنون التدريس ومهاراته_. 2. _المعلم مثال للمسلم المعتز بدينه المتأسي برسول الله ص في جميع أقواله ، وسطياً في تعاملاته وأحكامه_. 3. _يدرك المعلم أن الاستقامة والصدق ، والأمانة ، والحلم ، والحزم ، والانضباط ، والتسامح ، وحسن المظهر ، وبشاشة الوجه ، سمات رئيسية في تكوين شخصيته_. _المادة الخامسة : المعلم وطلابه :_ 1. _العلاقة بين المعلم وطلابه ، والمعلمة وطالباتها لحمتها الرغبة في نفعهم ، وسداها الشفقة عليهم والبر بهم - }أساسها المودة الحانية ، وحارسها الحزم الضروري ، وهدفها تحقيق خيري الدنيا والآخرة للجيل المأمول للنهضة والتقدم_. 2. _يحسن المعلم الظن بطلابه ويعلمهم أن يكونوا كذلك في حياتهم العامة والخاصة ليلتمسوا العذر لغيرهم قبل التماس الخطأ ويروا عيوب أنفسهم قبل رؤية عيوب الآخرين_. 3. _المعلم أحرص الناس على نفع طلابه ، ببذل جهده كله في تعليمهم ، وتربيتهم وتوجيههم ، يدلهم على طريق الخير ويرغبهم فيه ويبين لهم الشر ويذودهم عنه ، في رعاية متكاملة لنموهم دينيا وعلميا وخلقياً ونفسياً واجتماعيا وصحيا_. 4. _المعلم يعدل بين طلابه في عطائه وتعامله ورقابته وتقويمه لأدائهم ، ويصون كرامتهم ويعي حقوقهم ، ويستثمر أوقاتهم بكل مفيد وهو بذلك لا يسمح باتخاذ دروسه ساحة لغير ما يُعني بتعليمه ، في مجال تخصصه_. 5. _المعلم أمين على كيان الوطن ووحدته وتعاون أبنائه ، يعمل جاهداً لتسود المحبة المثمرة والاحترام الصادق بين المواطنين جميعاً وبينهم وبين أولي الأمر منهم ، تحقيقاً لأمن الوطن واستقراره ، وتمكيناً لنمائه وازدهاره ، وحرصاً على سمعته ومكانته بين المجتمعات الإنسانية الراقية_. 6. _المعلم موضع تقدير المجتمع ، واحترامه ، وثقته ، وهو لذلك حريص على أن يكون في مستوى هذه الثقة ، وذلك لتقدير والإحترام ، ويحرص على ألا يؤثر عنه إلا ما يؤكد ثقة المجتمع واحترامه له_. 7. _المعلم عضو مؤثر في مجتمعه ، تعلق عليه الآمال في التقدم المعرفي والارتقاء العلمي والإبداع الفكري والإسهام الحضاري ونشر الشمائل الحميدة بين طلابه_. 8. _المعلم صورة صادقة للمثقف المنتمي إلى دينه ووطنه ، الأمر الذي يلزمه توسيع ل نطاق ثقافته ، وتنويع مصادرها ، ليكون قادرا على تكوين رأي ناضج مبني على العلم والمعرفة والخبرة الواسعة ، يُعين به طلابه على سعة الأفق ورؤية وجهات النظر المتباينة باعتبارها مكونات ثقافية تتكامل وتتعاون في بناء الحضارة الإنسانية_. _المادة السابعة : المعلم والمجتمع المدرسي :_ 1. _الثقة المتبادلة والعمل بروح الفريق الواحد هي أساي العلاقة بين المعلم وزملائه ، وبين المعلمين والإدارة التربوية_. 2. _يدرك المعلم أن احترام قواعد السلوك الوظيفي والالتزام بالأنظمة والتعليمات وتنفيذها والمشاركة الإيجابية في نشاطات المدرسة وفعالياتها المختلفة ، أركان أساسية في تحقيق أهداف المؤسسة التعليمية_. _المادة الثامنة : المعلم والأسرة ._ 1. _المعلم شريك الوالدين في التربية والتنشئة فهو حريص على توطيد أواصر الثقة بين البيت والمدرسة_. 2. _إن مهنة التدريس هي مهنة الأنبياء والمرسلين ، فهذا _نوح عليه السلام_ يقول لقومه : ( أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون )_. 3. _وهذا هود عليه السلام_ يقول لقومه : ( أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين )_. 4. _وهذا النبي محمد ص يجتهد في دعوة الناس لإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن الظلمات إلى النور ، ومن الجهل إلى العلم : ( يا أيها المدثر ، قم فأنذر )_. 5. _وكل من علم الناس الخير وحذرهم من الشر فهو شبيه بالأنبياء والمرسلين ، وهو ورثهم في العلم والعمل ، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ص يقول: " من سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له طريقاً إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر "_. _قال ابن القيم رحمه الله : والطريق التي يسلكها إلى الجنة جزاء على سلوكه في الدنيا طريق العلم الموصلة إلى رضى ربه ، ووضع الملائكة أجنحتها له تواضعاً له ، وتوفيرا وإكراماً لما يحمله من ميراث النبوة ، وهو يدل على المحبة والتعظيم ، فمن محبة الملائكة له وتعظيمه تضع أجنحتها له لأن طالب لما به حياة العالم ونجاته ، ففيه شبه من الملائكة وبينة وبينهم تناسب ، فإن الملائكة أنصح خلق الله وأنفعهم لبني آدم ، وعلى أيديهم حصل لهم كل سعادة وعلم وهدى ، فإذا طلب العبد العلم وقام بتعليم الناس فقد سعى في أعظم ما ينصح به عباد الله ، فلذلك تحبه الملائكة وتعظمه حتى تضع أجنحتها له رضى ومحبة وتعظيماً_. 6. _وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ص مر بمجلسين في مسجده ، فقال : " كلاهما على خير ، وأحد هما أفضل من صاحبه ، أما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه فإن شاء أعطاهم ، وإن شاء منعهم ، وأما هؤلاء فيتعلمون الفقه أو العلم ، ويعلمون الجاهل ، فهم أفضل ، _وإنما بعثت معلماً"_ قال : ثم جلس فيهم_. 7. _وعن أبي موسى رضي الله عنه ، قال : رسول الله ص: إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً ، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء ، وأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكان منها أحادب أمسكت الماء ، فنفع الله بها الناس ، فشربوا منها وسقوا ورعوا ، وأصاب طائفة منها إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلاً ، فذلك مثل من فقه في دين الله تعالى ، ونفعه ما بعثني الله به ، _فعلم وعلم_ ، _ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به_ " ، وقد أوضح ابن القيم رحمه الله أن هذا الحديث العظيم قد اشتمل على التنبيه على شرف العلم والتعليم ، وعظم موقعه ، وشقاء من ليس من أهله وذكر أقسام بني آدم بالنسبة فيه إلى شقيهم وسعيدهم ، وقسم سعيدهم إلى سابق مقرب ، وصاحب يمين مقتصد . وفيه دلالة على أن حاجة العباد إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب ، لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين ، والعلم يحتاج إليه بعدد الأنفاس_. ## المراجع - أحمد شلبي شلبي : تاريخ التربية الإسلامية ، القاهرة ، دار الكشف للنشر والطباعة والتوزيع ، ۱۹۹۹. - عبد الله عبد الدايم : التربية عبر التاريخ ، بيروا ، دار العلم للملايين، ۱۹۹۷. - عرفات عبد العزيز سليمان : اتجاهات التربية عبر العصور ، القاهرة ، مكتبة الأنجلو المصرية ، ۱۹۹۷. - فتيحة حسن سليمان : التربية في_ المجتمعين اليوناني والروماني ، القاهرة ، دار الهنا للطباعة ، ۲۰۰۸. - محمد منير مرسي : تاريخ التربية في الشرق والغرب ، القاهرة : ، عالم الكتب ، ۱۹۹۹.