الفصل األول: الذاكرة (PDF)

‫الفصل األول‬ ‫الذاكرة‬ ‫د‪ /‬نادر مسعد محمد‬ ‫مقدمة‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫الت أجريت يف مجال الذاكرة ‪ memory‬خالل‬...

‫الفصل األول‬ ‫الذاكرة‬ ‫د‪ /‬نادر مسعد محمد‬ ‫مقدمة‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫الت أجريت يف مجال الذاكرة ‪ memory‬خالل‬ ‫إن النمو المتايد يف البحوث والدراسات ي‬ ‫ز‬ ‫ً‬ ‫تعبتا عن ظهور توجهات متعددة يف هذا المجال‪ ،‬أدت إىل بناء نماذج‬ ‫األختة كان ر‬ ‫ر‬ ‫العقود‬ ‫نظرية يعالج كل منها دور الذاكرة ز يف أداء المهام المعرفية المختلفة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وقد بدأت بحوث الذاكرة تاريخيا عام ‪ ،1890‬عندما قدم الطبيب والفيلسوف وعالم‬ ‫ثنائ التقسيم‬ ‫األمريك وليم جيمس ‪ William James‬فكرته عن الذاكرة كنظام ي‬ ‫ي‬ ‫النفس‬ ‫رز‬ ‫الت يحتفظ بها‬ ‫وه تحتوي عىل المعلومات ي‬ ‫مكوني‪ :‬يسىم األول بالذاكرة األولية‪ ،‬ي‬ ‫يتضمن‬ ‫الت‬ ‫الفرد لفتة زمنية محدودة‪ ،‬ويعرف ز‬ ‫وه تحتوي عىل المعلومات ي‬ ‫الثائ بالذاكرة الثانوية‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫يحتفظ بها الفرد لفتة زمنية طويلة‪ ،‬ولم تكن فكرة وليم جيمس عن نظام الذاكرة إال فروضا‬ ‫نظرية بحتة‪ ،‬تفتقر إىل أدلة تجريبية مستمدة من بحوث معملية‪ ،‬بيد أنها مثلت نقطة البدء‬ ‫باحثي ز يف مجال الذاكرة‪.‬‬ ‫رز‬ ‫لكثت من ال‬ ‫ر‬ ‫األلمائ إبنجهاوس ‪ Ebbinghaus‬نقلة‬ ‫ز‬ ‫الت قام بها عالم النفس‬ ‫ي‬ ‫وقد أحدثت الدراسات ي‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫الفلسف اىل الدراسة‬ ‫ي‬ ‫نوعية وعلمية يف بحوث الذاكرة‪ ،‬حيث انتقل بدراسة الذاكرة من التأمل‬ ‫ز‬ ‫التجريت الذي ُيعتد بنتائجه‪ ،‬وقد اعتمد إبنجهاوس يف دراسة‬ ‫ي‬ ‫الموضوعية من خالل المنهج‬ ‫ز‬ ‫المعت‬ ‫الت يحتوى كل منها عىل كلمات معينة عديمة‬ ‫الذاكرة عىل "القوائم المتسلسلة" ي‬ ‫ومتساوية ز يف عدد الحروف‪ ،‬بحيث ُيطلب من األفراد حفظها‪ ،‬ثم استجاعها بنفس التسلسل‪.‬‬ ‫متغتات (مثل‪ :‬حجم المعلومات المطلوب‬ ‫تأثت بعض ال ر‬ ‫كما اهتم إبنجهاوس بدراسة ر‬ ‫ز‬ ‫حفظها‪ ،‬ودرجة وضوح هذه المعلومات‪ ،‬وأسلوب عرضها) عىل الذاكرة‪ ،‬األمر الذي ساهم يف‬ ‫التجريت ز يف مجال الذاكرة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ازدهار البحث‬ ‫‪1‬‬  ‫عمليات الذاكرة‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫المعرف عىل أن الذاكرة كمستودع يخزن فيه الفرد ما مر‬ ‫ي‬ ‫منحت علم النفس‬ ‫يتفق أصحاب‬ ‫به من ختات تعتت عملية عقلية مركبة‪ ،‬تتضمن عمليات عقلية أبسط منها‪ ،‬ومن هذه‬ ‫يىل‪:‬‬ ‫العمليات ما ي‬ ‫‪ -1‬عملية االكتساب ‪Acquisition Process‬‬ ‫المثتات الحسية المختلفة (السمعية‪ ،‬والبرصية‪،‬‬‫ر‬ ‫ه عملية معرفية تبدأ باستقبال‬‫ي‬ ‫والشمية‪ ،‬والتذوقية‪ ،‬واللمسية) من خالل أعضاء الحس (األذن‪ ،‬و ر ز‬ ‫العي‪ ،‬واألنف‪ ،‬واللسان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫المثتات الحسية‪ ،‬أي تحويلها إىل تمثيالت‬ ‫ر‬ ‫فت ‪ encoding‬هذه‬ ‫والجلد)‪ ،‬ومن ثم يتم تش ر‬ ‫ً‬ ‫‪ representations‬يمكن معالجتها تمهيدا لتخزينها‪.‬‬ ‫يىل‪:‬‬ ‫ويمت الباحثون زف مجال الذاكرة ر ز‬ ‫هذا ر ز‬ ‫والت تتمثل فيما ي‬ ‫التشفت‪ ،‬ي‬‫ر‬ ‫بي عدة أشكال من‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫التشفي البرصي ‪ ،Visual code‬وفيه يتم تمثيل المعلومات يف الذاكرة عىل نحو برصي‬‫ر‬ ‫أ‪-‬‬ ‫من خالل الصور أو األشكال‪.‬‬ ‫ز‬ ‫ب‪ -‬التشف ري السمع ‪ ،Acoustic code‬وفيه يتم تمثيل المعلومات يف الذاكرة عىل نحو‬ ‫سمع من خالل األصداء الصوتية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫التشفي الدالل ‪ ،Semantic code‬وفيه يتم تمثيل المعلومات يف الذاكرة من خالل‬ ‫ر‬ ‫ج‪-‬‬ ‫المعت الذي تدل عليه هذه المعلومات‪.‬‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫التشفي اللمس ‪ ،Haptic code‬وفيه يتم تمثيل المعلومات يف الذاكرة من خالل‬ ‫ر‬ ‫د‪-‬‬ ‫االنطباعات اللمسية‪.‬‬ ‫‪ -2‬عملية التخزين ‪Storage Process‬‬ ‫ز‬ ‫تشفتها‪ ،‬وبذلك تصبح هذه‬‫ر‬ ‫وه عملية االحتفاظ بالمعلومات يف الذاكرة بعد أن تم‬ ‫ي‬ ‫المعلومات متاحة لدى الفرد زف الذاكرة ر ز‬ ‫لحي استجاعها عند ز‬ ‫الرصورة‪ ،‬وتعد عملية التسميع‬ ‫ي‬ ‫ً ز‬ ‫ً‬ ‫الت تؤدي دورا إيجابيا يف تخزين الفرد للمعلومات‬ ‫‪ rehearsal‬من أهم العمليات المعرفية ي‬ ‫رز‬ ‫شكلي وهما‪:‬‬ ‫الجديدة‪ ،‬ويأخذ التسميع أحد‬ ‫ه دون‬ ‫‪ -‬التسميع المحافظ ‪ Maintenance rehearsal‬وهو مجرد تكرار المعلومات كما ي‬ ‫ربطها بمعلومات سابقة‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ -‬التسميع الموسع ‪ Elaborative rehearsal‬ويتضمن معالجة المعلومات الجديدة وربطها‬ ‫بالمعلومات القديمة‪.‬‬ ‫ز‬ ‫ُ‬ ‫الت تؤدي إىل استبقاء المعلومات يف الذاكرة لفتة‬ ‫ويعد التسميع الموسع هو العملية ي‬ ‫طويلة‪ ،‬زف ر ز‬ ‫حي أن التسميع المحافظ قد ال يؤدي إىل ذلك‪.‬‬ ‫ي‬ ‫االسيجاع ‪Retrieval Process‬‬ ‫ر‬ ‫‪ -3‬عملية‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫وف هذذذه العمليذذة يذذتم اسذذتعادة المعلومذذات المخزنذذة يف الذذذاكرة مذذرة أخذذرى وقذذت الحاجذذة‬ ‫ي‬ ‫رز‬ ‫صورتي‪:‬‬ ‫إليها‪ ،‬وتأخذ عملية االستجاع إحدى‬ ‫أ‪ -‬االستدعاء ‪Recall‬‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫الت سبق تخزينها يف الذاكرة‪ ،‬وذلك كما هو الحال عند‬ ‫ويعت استعادة المعلومات ي‬ ‫ز‬ ‫ز ز‬ ‫معي‪ ،‬و يف هذا النوع من االستجاع يبذل الفرد جهدا يف‬ ‫مقاىل ضمن اختبار ر‬ ‫ي‬ ‫اإلجابة عن سؤال‬ ‫استحضار المعلومات المطلوبة‪ ،‬وهناك نوعان شائعان لعملية االستدعاء وهما‪:‬‬ ‫‪ ‬االستدعاء المتسلسل ‪ serial recall‬ويعتمد عىل تذكر المعلومات بنفس التتيب ي‬ ‫الت‬ ‫سبق تخزينها به‪ ،‬مثل استدعاء أرقام الهاتف الخاص بشخص ر ز‬ ‫معي‪.‬‬ ‫ز‬ ‫‪ ‬االستدعاء الحر ‪ free recall‬ويعتمد عىل تذكر المعلومات ي‬ ‫الت سبق تخزينها يف الذاكرة‬ ‫برصف النظر عن ترتيب هذه المعلومات‪.‬‬ ‫ب‪ -‬التعرف ‪Recognition‬‬ ‫الت سبق أن عرضت عىل الفرد عندما تختلط بمعلومات‬ ‫وه عملية تحديد المعلومات ي‬ ‫ي‬ ‫أخرى جديدة لم يسبق عرضها عليه‪ ،‬وذلك كما هو الحال عند اإلجابة عن سؤال من نمط‬ ‫ا‬ ‫االختيار من متعدد‪ ،‬حيث يقدم للفرد سؤال له مجموعة من البدائل ويطلب منه التعرف عىل‬ ‫ز‬ ‫رز‬ ‫وتميته من ر ز‬ ‫بي البدائل الخاطئة‪ ،‬ويتوقف نجاح الفرد يف عملية التعرف عىل‬ ‫البديل الصحيح‬ ‫ويشت‬ ‫ر‬ ‫الت سبق عرضها عىل الفرد عن تلك المعلومات الجديدة‪،‬‬ ‫مدى اختالف المعلومات ي‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫الباحثون إىل أن الجهد الذي يبذله الفرد يف عملية التعرف أقل من الجهد المبذول يف عملية‬ ‫االستدعاء‪ ،‬ألن المعلومات المطلوب تذكرها تكون متوفرة بالفعل ز يف عملية التعرف‪.‬‬ ‫ز‬ ‫الت يمكن إجمالها يف‬ ‫وتتأثر عملية االستجاع (االستدعاء‪ ،‬أو التعرف) ببعض العوامل ي‬ ‫رز‬ ‫مجموعتي من العوامل هما‪:‬‬ ‫‪3‬‬  ‫‪ ‬عوامل ترتبط بالفرد‬ ‫ز‬ ‫وتتمثل هذه العوامل يف مستوى نضج الفرد وعمره‪ ،‬وقدراته العقلية مثل االنتباه‬ ‫وغتها‪ ،‬وكذلك حالته االنفعالية وتوقعاته‪ ،‬إضافة إىل ميوله واهتماماته ودوافعه‬ ‫واإلدراك ر‬ ‫وختاته السابقة‪.‬‬ ‫‪ ‬عوامل ترتبط بالمعلومات‬ ‫ز‬ ‫وتتمثل يف درجة وضوح المعلومات المطلوب تذكرها ومدى ترابطها‪ ،‬وكذلك درجة‬ ‫ز‬ ‫الت يمتلكها الفرد يف بنيته‬ ‫مألوفية هذه المعلومات للفرد‪ ،‬واتساقها مع المعلومات األخرى ي‬ ‫المعرفية‪.‬‬ ‫‪4‬‬