مقال PDF - توازن العمل والعبادة في الإسلام
Document Details
Uploaded by VividNirvana7477
الكلية التقنية بمكة المكرمة
Tags
Summary
يُناقش هذا المقال أهمية التوازن بين العمل والعبادة في الإسلام، مؤكدًا على ضرورة تحقيق هذا التوازن للوصول الى السعادة في الدنيا والآخرة. يوضح المقال أهمية الوسطية في الإسلام، وكيفية تحقيق هذا التوازن من خلال التزام المسلم بأوقات الصلاة، والبعد عن الإفراط أو التفريط في أي من الجانبين.
Full Transcript
في البداية نريد أن نؤكد على أن التوازن بين العمل والعبادة في اإلسالم أساس السعادة في الدنيا واآلخرة ،فما أجمل أن يسعد المسلم في دنياه وآخرته! ولكن كي نحقق تلك السعادة علينا أن نوازن بين العمل والعبادة ،فماذا نعني بر التوازن بين العمل والعبادة) ؟ وهل يمكن أن...
في البداية نريد أن نؤكد على أن التوازن بين العمل والعبادة في اإلسالم أساس السعادة في الدنيا واآلخرة ،فما أجمل أن يسعد المسلم في دنياه وآخرته! ولكن كي نحقق تلك السعادة علينا أن نوازن بين العمل والعبادة ،فماذا نعني بر التوازن بين العمل والعبادة) ؟ وهل يمكن أن يتعارض كل منهما مع اآلخر ؟ وهل حدد اإلسالم أوقات للعمل وأوقاتا للعبادة ؟ وكيف نوازن بينهما لتنال السعادة في الدنيا واآلخرة ؟ ومتى يجب أن نترك العمل ألداء العبادات :وهل يمكن أن نترك العيادة لنتوجه إلى العمل والسعي من أجل الرزق كلها تساؤالت تكشف إجاباتها عن عظمة اإلسالم ووسطيته في الموازنة بين العمل والعبادة. يرى الكثير من الناس أنه يمكن التعبير عن مفهوم التوازن بين العمل والعبادة في اإلسالم يكلمة واحدة اال وهي :الوسطية.فاإلسالم دين الوسطية كما قال تعالى ( ،وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) ،ومن أشكال الوسطية في اإلسالم تحقيق التوازن بين العمل والعبادة ،وعند تحقيق هذا التوازن ينجح المسلم في دنياه فتنمو تجارته ويزدهر عمله ويزيد ماله ،كما ينجح في أخرته فينال رضا ربه تعالى ورحمته يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى هللا بقلب سليم ولكن إذا تسائلنا ،كيف يحقق المسلم هذا التوازن في حياته :فإننا نجد الجواب في قوله تعالى( :يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصالة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر هللا وذروا البيع لكم خير لكم إن كنتم تعلمون ،فإذا قضيت الصالة فانتشروا في األرض وابتغوا من فضل هللا واذكروا هللا كثيرا لعلكم تفلحون ) ،فاآليتان السابقتان تقرران بما ال يدع مجاال للشك أنه على المسلم أن يتوجه إلى الصالة متى سمع النداء للصالة ،وأن يهجر كل ما يشغله من أدائها حتى وإن كان عمال يسترزق منه ،كما قررت األيتان أنه على المسلم أن يعود إلى العمل والسعي فور انتهائه من صالته ، فال يرك للراحة في المسجد في غير أوقات العبادة بحجة التعبد والذكر. ولذلك وجدنا اإلسالم يحدد أوقاتا للعبادة يجب االلتزام بها.فقد قال تعالى (إن الصالة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا )وقال أيضا (يا أيها الذين امنوا ال تلهكم أموالكم وال أوالدكم عن ذكر هللا ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون )..وعندما سئل النبي صلى هللا عليه وسلم عن أي العمل أفضل قال (الصالة في وقتها ) ،أما إذا انتهى المسلم من صالته فعليه أن يتوجه إلى العمل والكد والسعي وراء الرزاق غير متكاسل أو متهاون ، فمن غير المقبول أن يترك المسلم الصالة بحجة العمل ،وليس من المقبول أيضا أن يترك المسلم عمله بحجة التعبد في المسجد :كما سأل عمر بن الخطاب -رضي هللا عنه العابد الناسك الذي يالزم المسجد وال يغادره :من ينفق عليك ؟ ،قال :أخي فقال عمر :أخوك أفضل منك. إن من واجب مؤسسات الدولة أن تتضافر لنشر الوعي بأهمية التوفيق بين العمل والعبادة وترسيخ هذا المفهوم في النفوس عن طريق المسجد وما يقدمه األئمة والدعاة من خطب وندوات.وفي المدرسة بما يقدمه المعلم من قدوة لطالبه في احترام الصالة وااللتزام بها ،وتقديس العمل وعدم إهماله ،كما أن لوسائل اإلعالم من صحف وإذاعة وتلفاز الدور القوي في توجيه حياة الفرد والمجتمع إلى إحداث هذا التناغم بين احترام أوقات الصالة والحرص على العمل والنجاح في الدنيا واآلخرة. وأنت أيها المسلم ،عليك أن تدرك أن التوازن بين عملك وعبادتك سبيلك إلى السعادة في الدارين ،فاهتمامك بعملك وتجارتك سر سعادتك في الدنيا ،ولكن حرصت على أداء العبادة في وقتها هو سر سعادتك في اآلخرة.فاجتهد حتى تكون من الذين قال هللا تعالى فيهم (رجال ال تلهيهم تجارة وال بيع عن ذكر هللا وإقام الصالة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب واألبصار ( )۳۷ليجزيهم هللا أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله وهللا يرزق من يشاء بغير حساب ( )).۲۸ وختاما نؤكد على أن نجاح المسلم في دنياه وآخرته مرهون بالموازنة بين حاجاته المادية من عمل وتجارة.وحاجاته الروحية من عبادة ونسك ،وأن عليه أال يهمل جانبا لحساب اآلخر ،وأن يسير على هدى القرآن وهدي النبي صلى هللا عليه وسلم في ذلك األمر ،وأن على مؤسسات الدولة جميعها أن تتكاتف لنشر الوعي بين أفراد المجتمع بخطورة إهمال العبادة بحجة العمل ،أو التخاذل في العمل بحجة العبادة ،فال إفراط ،وال تفريط.