محاضرات في مقياس الأسلوبيات PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
Tags
Summary
هذه المحاضرات في مقياس الأسلوبيات تُقدم دراسةً شاملةً حول مفهوم الأسلوب ومكوناته، كما تقدم مقارنةً بين الأسلوبية والبلاغة واللسانيات، وتناقش الفرق بين النص والخطاب، إضافةً إلى مكونات ومحددات الأسلوبية المختلفة.
Full Transcript
**محاضرات في مقياس الأسلوبيات** **1/- المدخل: الأسلوب والأسلوبيات / البلاغة والأسلوبيات / اللسانيات والأسلوبيات / الفرق بين النص والخطاب/ محددات الأسلوبية/ تعريف الأسلوبية / نشأة الأسلوبية.** 1. **الفرق بين البلاغة والأسلوبيات:** ويتمثل الفرق بينهما في الأمور الآتية: 1. **-** البلاغة علم قد...
**محاضرات في مقياس الأسلوبيات** **1/- المدخل: الأسلوب والأسلوبيات / البلاغة والأسلوبيات / اللسانيات والأسلوبيات / الفرق بين النص والخطاب/ محددات الأسلوبية/ تعريف الأسلوبية / نشأة الأسلوبية.** 1. **الفرق بين البلاغة والأسلوبيات:** ويتمثل الفرق بينهما في الأمور الآتية: 1. **-** البلاغة علم قديم أرسى معالمه النظرية والتطبيقية علماء البلاغة العربية منذ القرن الثاني للهجرة، أما الأسلوبيات فهي علم جديد أرسى مقولاته النظرية وإجراءاته التطبيقية العالم شارل بالي سنة 1909م في كتابه \"بحث في الأسلوبية الفرنسية\". 2. **-** البلاغة علم معياري يعتمد على القياس والأحكام النقدية، وأما الأسلوبيات فهي علم وصفي، يصف طبيعة الأسلوب الذي يتمتع به الأديب. 3. **-** أفق الدراسة الأسلوبية أوسع من أفق الدراسة البلاغية، وذلك لأن البلاغة تقتصر على دراسة المعنى فقط، في حين نجد الأسلوبية تدرس اللغة في جميع مستوياتها، من مستوى الصوت وصولا إلى جانب الدلالة. 4. **-** البلاغة تقرر أن الكلام ينبغي أن يطابق مقتضى الحال (السياق)، وأما الأسلوبيات فتقرر أن طبيعة الكلام تتأثر بالموقف الذي يُقالُ فيه. 5. **-** تعود المتغيرات النظرية في مفهوم \"الأسلوب\" إلى المقولات الأساسية التي تستند إليها الظاهرة الأدبية (المُنشِئ، والنص، والقارئ)، وأما المتغيرات النظرية في مفهوم \"البلاغة\" فتستند إلى ( القارئ، والنص). 6. **-** علم البلاغة غايته تعليمية، وأما الأسلوبيات فغايتها تتمثل في تشخيص الظواهر الفنية ووصفها. غير أنه لا يخفى أن كلًّا من البلاغة والأسلوبيات تهتمان بأمر مهم، وهو **[\"بلاغة النص وخصائصه الجمالية\"]**. 2. **الفرق بين اللسانيات والأسلوبيات:** والفرق بينهما يتمثل في الآتي: 1. **--** اللسانيات تُعنى بدراسة الجملة باعتبار الوحدة الكبرى، وفي حين تدرس الأسلوبيات الإنتاج الأدبي. 2. **--** اللسانيات تُعنى بتنظير اللغة من حيث كونها من أشكال الحدوث المفترضة، في حين تُعنى الأسلوبيات بالمُحدِث للإنتاج الأدبي. 3. **--** اللسانيات تُعنى بدراسة اللغة من حيث هي نظام مجرد، وفي حين نجد الأسلوبيات تُعنى بدراسة اللغة من حيث الأثر الذي تتركه في المتلقي. 3. **الفرق بين النص والخطاب:** ويتمثل الفرق بينهما في الآتي: 1. **--** الخطاب هو نشاط توصلي يُؤسس على اللغة الشفوية، وأما النص فهو يعتمد على مدونة مكتوبة. 2. **--** الخطاب مرتبط بلحظة إنتاجه، في حين نجد النص يتمتع بديمومة الكتابة، فهو يُقرَأ في كل زمان ومكان. والعلاقة بينهما تتمثل في أن **[\"النص يُشكِّلُ الخطاب، والخطاب يُحَقِّقُ النص\"]**؛ أي أن النص هو مجموع البنيات النسقية التي تتضمن الخطاب وتستوعبه، وأما الخطاب هو النص في حالة الفعل \"المُجَسَّد\" أمامنا كفعل. 4. **الفرق بين الأسلوبية والأسلوب:** ويتضح الفرق بينهما في الآتي: 1. \- الأسلوب وصف للكلام، وأما الأسلوبية فهي العلم الذي له أسس وقواعد ومجال محدد. 2. \- الأسلوب إنزال القيمة التأثرية منزلة خاصة في السياق، وأما الأسلوبية فتُعنى بالكشف عن هذه القيمة التأثرية من ناحية نفسية وجمالية وعاطفية. 3. \- الأسلوب هو التعبير اللساني، وأما الأسلوبية فهي دراسة هذا التعبير اللساني. 5. **محددات الأسلوبية:** الأسلوبيات هي مجموعة من الإجراءات التي ترتبط فيما بينها أو المحددات، حيث تؤلّف نظامًا استشعاريًّا يتحسَّس البنى الأسلوبية في النص الذي يبني أسلوبه على ثلاثة مرتكزات؛ وهي محدداته، فتتعاضد لتُشَكِّلَ خطابًا أدبيًّا تتقاطع بداخله مستويات التحليل الخطابي في المستويات الأربعة، وهذه المحددات هي ثلاثة: 1. **-- الاختيار:** إذا كان النص هو عبارة عن نظام لغوي يخضع لقواعد اللغة الصوتية والصرفية والدلالية، وإذا كانت هذه الأنظمة اللغوية قد لا تساعد على إظهار إمكانياته الإبداعية، فإن الاختيار هو أحد مقومات بناء المتتالية اللسانية عبر تصور متجدد من خلال ما تختاره من هُنَى نصيَّة تكون أكثر انسجامًا مع رؤيته الإبداعية وأعمق تأثيرًا في القارئ. وعليه فالنص يختار نموذجه الخاص الذي يتشكل من اختياراته مُؤلِّفِهِ. 2. **-- التركيب:** إن نظام اللغة قد يخرج في مرحلة ما عن التركيب المألوف، إذ الكاتب لا يتسنّى له الإفصاح عن شعوره إلا انطلاقًا من التركيب اللغوي الذي يسمح بإفراز الصورة المنشودة والانفعال المقصود. 3. **-- الانزياح:** لا شكَّ أن خروج الخطاب من نسقه الأدبي إلى ظاهرة الانزياح كونه حدثًا لغويًّا يظهر في تشكيل الكلام وصياغته، وهو رؤية إبداعية تتجاوز النمطية المألوفة للغة ومُنتهكة صيغَ التراكيب الجاهزة بهدف شحن الخطاب بطاقات أسلوبية وجمالية تُحدِث تأثيرًا في المتلقي. 6. **تعريف الأسلوبية:** هي الدراسة العلمية للأسلوب في الأعمال الأدبية، وهي الجسر الرابط بين اللسانيات والنقد الأدبي، ويمكن تسميتها أيضا أسلوبية القُدَامى وبلاغة حديثة. 7. **نشأة الأسلوبية:** نشأت الدراسات الأسلوبية على يدي شارل بالي (1865م-1947م) في كتابه الذي جاء بعنوان \"مبحث في الأسلوبية الفرنسية\" عام 1909م. **المحاضرة الأولى: الأسلوبيات واتجاهاتها العلمية** **1/- [الأسلوبية التعبيرية ( الوصفية ):]** ويُمَثِّلها شارل بالي، وهي بديل لعلم الدلالة، إن اللغة العاطفية تبرز من خلال عمليات التواصل الاجتماعي في مستوياته المختلفة من نصوص مختارة، وهذا ما جعل شارل بالي يقول:\" إن الأسلوبية هو العلم يدرس وقائع التعبير اللغوي من ناحية محتواها العاطفي؛ أي التعبير عن واضع الحساسية الشعورية من خلال اللغة وواقع اللغة عير هذه الحساسية\"، وعليه فنجد أن بالي قد أقصى اللغة الأدبية وأولى التركيز على اللغة الاعتيادية على أنها تأتي من غير وعي؛ أي تأتي من المتكلم ارتجالا، فتتشكل بنى لسانية ذات تعبير وجداني تدفعنا إلى البحث في القيم الوجداني، ولكن هذا التصور الذي وضعه شارل بالي بقي قاصرا عن خدمة الدراسة الأسلوبية، ممّا دفع بالدراسات الأسلوبية التي جاءت بعده إلى تجاوز هذا التصور، والسعي إلى البحث عن جماليات النص الأدبي وضبط تصورات جديدة تسهم في بعث الدراسات الأدبية وفق رؤى تساير التطور الحاصل في كل الميادين، وهذا ما تمخض عنه بروز تصور جديد أُطلِقَ عليه \"الأسلوبية النفسية\". **2/- [الأسلوبية النفسية: ]**وقد تبلور هذا الاتجاه مع \" سيبتزر \"، الذي رفض المعادلات التقليدية بين الأدب، ووضع نفسه داخل التعبير الأدبي، مُتَّكِئًا على الحدث لتقصي الشكل اللغوي، الذي لا يمكن أن نصل إليه إلا بالإحاطة بدلالاته الإبداعية وارتباطه بنظرة المبدع، الذي لا يتأتي إلا بفهم تتبع تفاصيل النص، لاستخراج مكنوناته ( البُنَى الأسلوبية )، ومن هنا فالأسلوبية النفسية هي أسلوبية الكاتب؛ لأنها تدرس التعبير في علاقتها بظروف الكاتب، والهدف منها الكشف عن شخصية المؤلف من خلال تفحص أسلوبه في النص الأدبي، إلا أنه لم يُبعِدْ وحداته البنائية التي ظهر الاهتمام بها من خلال فكرة \" الأنساق اللغوية ، وهذا ما فتح لاتجاه جديد بالظهور في مجال الدراسات الأسلوبية عُرِفَ بـ\"الأسلوبية البنوية\". **3/- [الأسلوبية البنوية:]** وهي تهدف إلى معالجة النص من تلك العلاقات الموجودة بين مستويات النص الأدبي، وذلك أن هذه العلاقات اللغوية تُعَدُّ الأساس لتحليل الخطاب، ورائد هذه الاتجاه \" تودورف\"، وهو ما جعل هذا الأخير يقول:\" إن العمل الأدبي لم يعد إلا كأي منطوق لغوي آخر مصنوع من الكلمات، بل إنه مصنوع من جُمَلٍ، وهذه الجمل خاضعة لمستويات متعددة من الكلام\". **4/- [الأسلوبية الإحصائية:]** تأثرت النظريات الأسلوبية المختلفة التي تحدد الأسلوب بوصفه انزياحاً بشارل بالي وسيبتزر، وأما الاسلوبية الإحصائية فحاولت استخدام الإحصاء لإضفاء الموضوعية على الدراسة بإظهار الفروق الموجودة بين المبدعين، وتصنيف مختلف الظواهر الأسلوبية والمقارنة بين الأسلوبين، فظهر عدد من الأسلوبيين يحاولون دراسته الإحصاء مستخدمين التحليل الإحصائي. **5/- [أسلوبية الانزياح: ]** 1. **[الانزياح:]** في اللغة هو الميل والتباعد، وأما في الاصطلاح فهو استعمال المبدع للغة استعمالا يخرج عن المألوف والمعتاد، بحيث يؤدي ما ينبغي له أن يتصف به من تفرد وإبداع وقوة جذب وأسر. ومصطلحاته كثيرة، وهي: الانزياح، التجاوز، الانحراف، الاختلال، الإطاحة، المخالفة، المناعة، الانتهاك، خرق السن، اللحن، العصيان، التحريف، العدول، الكسر، الجَسَارَةُ اللُّغَويَّةُ، الغرابة، الابتكار،\...إلخ. 2. **[المفارقة:]** 1. **- لغة:** نستمد تعريفها اللغوي من الجذر الثلاثي \[ ف ر ق \]، وهي مصدر الفعل فارق، وفارق الشيء مفارقة؛ أي باينه. 2. **- اصطلاحا:** هي لعبة لغوية ومهارة ذكية بين طرفين، وهما:\"صانع المفارقة\"، و\"قارئها\"، وهي انحراف لغوي يؤدي بالبنية اللغوية إلى تكون مراوغة ومتعددة الدلالات.