فلسفة الاخلاق PDF
Document Details
Uploaded by BuoyantRomanArt
جامعة عين شمس
محمد تقی مصباح اليزدي
Tags
Summary
This book discusses ethical philosophy. It delves into different aspects of the subject and offers different perspectives from various philosophers. The book touches on issues concerning the source of morality, the nature of ethical judgments, and the concept of good acts and decisions.
Full Transcript
# كلمة حول فلسفة الأخلاق ## للاستاذ محمد تقی مصباح اليزدي ### مكتبة مؤمن قريش لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه ... الإمام الصادق (ع) moamenquraish.blogspot.com انتشارات در راه حق قم – صندوق پستی شماره د بسم الله الرحمن الرحيم ## مفهوم الاخل...
# كلمة حول فلسفة الأخلاق ## للاستاذ محمد تقی مصباح اليزدي ### مكتبة مؤمن قريش لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه ... الإمام الصادق (ع) moamenquraish.blogspot.com انتشارات در راه حق قم – صندوق پستی شماره د بسم الله الرحمن الرحيم ## مفهوم الاخلاق "الاخلاق" تستعمل تارة بمعنى الملكات الحاصلة للنفس والتي تغنيها عن التروي في الأفعال الارادية سواء كانت فاضلة أو رذيلة و تستعمل تارة بمعنى نفس الأفعال التي تستحق المدح أو الذم، كما انها قد تستعمل بمعنى الافعال التي تستحق المدح فقط. والمراد هنا هو الاصطلاح الثاني، و إن كان قد يراد بها كل من الاصطلاحين الآخرين لمسايره القوم في مصطلحاتهم. ## ماهي المسألة الاخلاقية؟ من مميزات المسألة الأخلاقية أن موضوعها لا يكون الا الفعل الارادي، كما أن محمولها يكون مفهوم "الواجب" أو "المحظور" أو ما يشابههما كقولنا ينبغى اولا ينبغى و يحسن او يقبح، و ما إلى ذلك. و من الواضح ان هذا الوجوب لايساوي الوجوب المستعمل في المنطق في مواد القضايا (الضرورة) والذى يستعمل في الفلسفة الأولى في مقابل الإمكان. كما أن الحسن والقبح و ما يشابههما أيضاً غير ما يقع صفة للأشياء الحسية و غير الحسية. فالوجوب مثلاً و ان كان مفهوماً اعتبارياً في جميع موارد استعماله الا انه كمفهوم أخلاقي له خصوصية هي طابعه القيمي، ولأجل ذلك لا يتصف به الا الفعل الارادي، و ليس هو مفاد الأمر الإنشائي الذى يجري في العلاقة بين الموالي والعبيد، او بين المشرعين والمواطنين. فقول القائل يجب تركيب عنصري الأكسجين والايدرجين بنسبة معينة و في ظروف خاصة من الحرارة والضغط ليحصل الماء» و ان كان بظاهره متعلقاً بالعمل الارادي إلا أنه ليس في الواقع إلا حكاية عن حقيقة كيمياوية تتمثل في شكل إنشائي بتفنّن من الذهن. فهو لا يزيد على ان الماء مركب من عنصرين كيمياويين، و ان تركبهما لأجل حصول الماء رهن لشروط خاصة، لاسيما بالنظر إلى أن لا دخل للفعل الانساني في تحقق الماء فضلاً عن إرادته و نيته. و كذا فإن قول القائل يجب أن تكون مقدمات البرهان يقينية» لا يزيد على أن النتيجة اليقينية إنما تحصل من مقدمات يقينية. و من هنا يظهر أن علم المنطق علم تقريري بقدر ما تكون الطبيعيات و الرياضيات تقريرية بل نقول: حتى القوانين الوضعية التي تلزم المواطنين بأعمال خاصة بوصفها قوانين وضعية ليست أحكاماً أخلاقية و إن كانت مختصة بالأفعال الارادية، فأنها لا تنطوي في صميمها على لون من القيمة الخلقية بما أنها قوانين موضوعة. نعم، يصح عد العمل بالقوانين الوضعية عملاً أخلاقياً اذا كان واجداً لشروط الفعل الأخلاقي - على ما يأتي بيانه - لكن مضمون القضيّة الخُلقية في موردها هو وجوب العمل بالقوانين الوضعية، و هذا أمر يختلف عن القول بكون نفس القانون الوضعي (۱) إشارة إلى ما زعمه «وونت» الألماني (Wundt) من كون المنطق علماً دستورياً كعلمي الجمال و الأخلاق. بل نقول إنه لا محصل لتقسيم العلوم إلى تقريرته و تقديرية، لعدم الفرق الجوهري بينهما. قانوناً اخلاقياً. و هذه نكتة لا ينبغي الغفلة عنها. و مما يجب التنبه له أن موضوع الحكم الأخلاقي ليس هو مطلق الفعل الارادي بما أنه مهيّة من المهيات و داخل تحت مقولة من المقولات الحقيقية، بل بما أنه مصداق لعنوان يعتبر زائداً على نفس المهية كالصدق والعدل، أو الكذب و الظلم. و سيأتي زيادة توضيح لمشخّصات الفعل الأخلاقي. ## مصدر الحكم الأخلاقي إذا كان الحكم الأخلاقي عبارة عن إيجاب قسم من الأفعال و تحريم قسم آخر منها أو إيجاب تركها فانه يثور التساؤل عن مصدر هذا الايجاب الذي ربما يعدّ رصيداً للحكم الأخلاقي فيستمد منه قيمته الخلقية - على ما زعم بعضهم ـ و تختلف المدارس الأخلاقية في الاجابة عليه كمايلي: (۱) ان مصدر الحكم الخلقي أو مصدر الأمر والنهي يحب أن يكون فوق الانسان وقواه الإدراكية حتى يكون جديراً بالأمر والنهي، ويستحق الاطاعة من الانسان. فمصدر الحكم الأخلاقي هو الله تعالى. وإن شئت قلت: الحد الأوسط الذي يثبت حكم الوجوب للموضوع الأخلاقي هو أمره عزاسمه - فالعدل إنما يجب لأنه مأمور به من قبل الله سجانه والظلم إنما يحرم لأنه منهي عنه من قبله. و هذا القول يلائم النزعة الأشعرية في مسألة الحسن والقبح. ويلاحظ عليه أولاً أنّ الحكم الأخلاقي لا يجب اعتباره كصيغة إنشائية، بل يمكن التعبير عنه بالحسن والقبح و وغيرها. و دعوى أنّ القيمة الخُلقية متوقفة على الأمر لاقيمة لها، كما سيجي، توضيحه. و ثانياً أنه بناءً على ذلك لا يبقى للمنكر للألوهية أو للشرائع والعياذ بالله تعالى مبرّر للبحث عن المسائل الأخلاقية و ثالثاً ان من الأحكام الخلقية بل رأسها و روحها هو وجوب إطاعة الله تبارك و تعالى والتعبدله. فاذا كان رصيد الوجوب الأخلاقي يكمن في أمره تعالى احتاج وجوب الاطاعة إلى أمر آخر، وهلم جرا. ورابعاً أن أمره تعالى لا يكون جزافياً البتة، بل إنما يتعلق بماهو خير في نفسه بصرف النظر عن تعلّق الأمر به. قال تعالى «قل إن الله لا يأمر بالسوء و الفحشاء» و قال «إنّ الله يأمر بالعدل والاحسان...». نعم، الوجوب الشرعي تيوقف على أمره تعالى، فيتعلق بموضوعه وجوب آخر أخلاقي من جهة امتثال ذلك الأمر و في طول مطلوبيته النفسية، بحيث إذا أتي به بنية إطاعة الأمر الالهي كان له مرتبة عليا من الفضيلة. (۲) ان مصدر الأخلاق هو الضمير الذي ي بعث الإنسان نحو الخيرات ويزجره عن الشرور والقبائح. و قد ركز عليه «جان جاك روسو الفرنسي» حيث قال: «إيها الضمير إيها الضمير الغريزة الالهية، الصوت الخالد السماوي، الدليل المحقق لموجود جاهل محدود». و قد اعترض عليه بأ أنّ الضمير ليس إلا انعكاساً للعادات التي يرضاها المجتمع، ولهذا يتطور وفقاً للتطورات الطارئة للشعوب. و يمكن دفعه بأنّ الضمير الفطري لجميع الناس واحد، وإنما يطرأ عليه ما يوجب انحرافه عن المجرى الفطري. فهو كفطرة التوحيد التي تطرأ عليها ألوان من النزعات الشركية، و تختلف في الناس من حيث درجة النباهة والرشد والحيويه و إن كان أصلها مشتركاً بين جميع الناس. لكن الكلام كله في إثبات الضمير كمبدأ مستقل عن العقل و سائر القوى النفسية. (۳) ان مصدر الحكم الأخلاقي هو العاطفة التي تدفع الإنسان إلى التضحية بمنافعه في سبيل منافع الآخرين و مصالح الانسانية، و التي يخضع العقل تجاهها، و هو الذي ذهب إليه كثير من الفلاسفة العربيين كشوبنهاور، و تبنّاه اغوست كُنت الفرنسي، الذي أسس «دين الانسانية و هو من أوضح التعبيرات عن الانسانية الغربية (اومانيسم) تلك النزعة التي تجعل من الإنسان مركزاً للمسائل الكونية و للقيم والمثل العليا. ويلاحظ عليه ان هذه العاطفة مما يوجد نظيرها في أنواع من الحيوان و شأنها شأن سائر الغرائز والعواطف المشتركة بين الانسان و الحيوان، فيجب أن يتحدّد نشاطها على ضوء العقل، لا أن يخضع العقل لها. فانّ من شأن العقل هداية سائر القوى. على أنه المبدأ الذي يعد فصلاً مميزاً للإنسان، و لا أقل من اختصاصه بدرجة فائقة منه. فاذا كان من اللازم خضوع قوة لقوة أخرى تعين خضوع سائر القوى للعقل دون العكس. أضف إلى ذلك أن مقتضى هذه النظرية انحصار الحكم الأخلاقي بما يتعلق بالعاطفة الاجتماعية مما يجري بين الانسان و بني نوعه، فلا يبقى مجال للحكم الأخلاقي في ما بينه و بين نفسه، و كذا في ما بينه و بين ربه. (۴) ان مصدر الحكم الخلقي هو المجتمع. ذلك أن الإنسان في زعم اصحاب هذا الرأي - إنما يكون موجوداً أخلاقياً لأنه يعيش في جماعة، و لا أخلاق إلا في مجتمع. فالخير ما يأمر به العقل الجمعي، والشر ما ينهى عنه العقل الجمعي، والشعور بالالزام هو وليد الضغط الذي تمارسه الجماعة على الفرد. و قد ذهب إلى هذا الرأي أصحاب المدرسة الاجتماعية كدور كهيم. ويلاحظ عليه - مضافاً إلى بطلان أساسه - أنّ الفرد ربما يشعر بلزوم التمرد على القوانين الاجتماعية والسعي وراء تعديل القيم السائدة او إبداع قيم جديدة. و قد يكون فعله هذا أخلاقياً، بل ربما يعد عملاً بطولياً مشكوراً. فكيف يكون مصدر الحكم الأخلاقي هو رأي المجتمع؟ أم كيف يكون الشعور بالواجب وليد الضغط الاجتماعي؟ و غير خفي أن هذا الرأي ينحدر بالأخلاق إلى مستوى المواضعات الاجتماعية، ولا يبقي فرقاً بين القانون الاجتماعي والحكم الأخلاقي. (۵) ان مصدر الحكم الأخلاقي هو الطبيعة بمالها من القوانين، و من جملتها قانون التطور والتوافق مع البيئة. فكما أن الطبيعة قد تحولت في ظل هذا القانون إلى كائن إنساني كذلك الانسان تحوّل من كائن أناني مستأثر إلى كائن ازدوج فيه الاستئثار والإيثار، و سوف يتطور بفضل نفس هذا القانون الطبيعي إلى كائن مزوّد بعاطفة الإيثار الخالص، و عندئذ يزول عنه الشعور بصعوبة الفعل الأخلاقي و كلفته، فلا يحتاج إلى إلزام و تكليف، بل تصدر عنه الأفعال الأخلاقية بسهولة بمقتضى تلك العاطفة البالغة. فمصدر الإلزام الخلقي في هذه الدورة المتوسطة التي يعيشها هو ضرورة التكيف مع الحياة و التوافق مع البيئة الاجتماعية. و هذا ما ذهب اليه هربرت سبنسر الانجليزي ويلاحظ عليه أن القانون الطبيعي الجبري لا يصلح رصيداً للحكم الأخلاقي المتعلق بالأفعال الإرادية بما هي كذلك. وليست الظاهرة الخلقية ظاهرة طبيعية ناتجة عن توافر الشروط الحيوية (البيولوجية) بل 1) E. Durkheim 2) H. Spencer هي ظاهرة إنسانية تتدخل فيها الخصائص الإنسانية بما فيها العقل و الارادة الحرة. هذا اضافة الى أنّ الحكم على هذا هو لعاطفة الإيثار لالقانون الطبيعة، ولوكان لقانون التطوّر دور في ذلك لكان في نمو تلك العاطفة وازدهارها، لافي نفس الحكم الأخلاقي، ثم يرد عليه ما أوردناه على القول الثالث. (۶) ان مصدر الحكم الأخلاقي هو العقل العملي بما له من البديهيات الخاصة به المستقلة عن معقولات العقل النظري، وهي الأحكام الأخلاقية العامة التي لا تقبل الاستثناء لأي شخص و لا في أي زمان أومكان كوجوب العدل والصدق. وقيمة الأفعال الأخلاقية إنما تكمن في إتيانها بداعي أداء التكليف من دون قصد لأي غاية تتوقع منها من اللذة و دفع الألم، أو إرضاء العواطف، أو السعادة، أوالكمال، و إن كانت تلك الغايات تترتب عليها لا محالة. وهذه نظرية «كانط» التي تعد من أروع منتوجات الفكر الغربي و هو القائل: «شيئان يملأنني إعجاباً: السماء ذات النجوم فوق رأسي، والقانون الخُلقي في نفسي» ويقول في «نقد العقل العملي معجباً بالواجب الخُلقي: «إيها الواجب إيها الاسم السامي ..... ! بيد أنها لا تكون سليمة من مناقشات جذرية، كمنع البديهيات العملية المستقلة عن النظريات - كما سيتضح وجهه ـ و منع عمومية القوانين الاخلاقية بحيث لا تقبل أي استثناء في مقام العمل، فإنّ هناك موارد كثيرة لا يجوز فيها الصدق مثلاً لما يترتب عليه من العواقب الوخيمة كما إذا أوجب قتل نفوس زكية . والسر في ذلك يكمن في أن ۱) و هذا ما استشكل به بنجامان کونستان ( Benjamin Constant) في الجدال الذي تاربینه و بین کانط. قيمة الأفعال الأخلاقية ليست ذاتية لنفس العناوين بل هي معللة بالغايات المترتبة عليها. و هذا بدوره يرجع إلى عدم استقلال الأحكام العملية عن النظريات. كما أنّ قصد الغايات المتعالية لا يقلل شيئاً من قيمة الفعل الأخلاقي، بل قصد نفس التكليف إنما ينشأ من داع أعمق هو الوصول إلى الكمال الانساني. فانّ القائل الذي يلتزم بالصدق في كلامه بقصد أداء التكليف إذا أمعن في الفحص عن جذورنيته في أعماق قلبه لوجد وراء هذا القصد داعي البلوغ إلى الكمال اللائق بالإنسان. و إذا لم يكن مثل هذا الداعي الطولي مضراً بأخلاقية الفعل فليمكن ذلك في بعض الدواعي الطولية الأخرى. إلى غير ذلك من المناقشات. (۷) ان مصدر الحكم الأخلاقي هو الطبيعة الإنسانية الآمرة بتحصيل اللذات العاجلة فإنّ اللذة هي صوت الطبيعة» فكل فعل يؤدي الى لذة فردية فهو خير، و كل فعل يؤدّي إلى ألم فردي فهو شر. و من الطريف ان هذا الاتجاه لا يعتني بشأن اللذات المستقبلة مهما بلغت من القوة والشدة، لا سيما إذا توقف حصولها على تحمل آلام و مصاعب، كما لا يعتني بشأن الماضي، ولا يعد التفكر فيه من الفعل الأخلاقي، لاسيما إذا أورث ذلك ندماً وحزناً، وإنما شعاره الوحيد هو: «اغتنم الحال، و استوف حظك منه». و غير خفي أن في هذا الاتجاه هلاك الأخلاق و ضياع القيمة الخُلقية من الأصل، وتبرير كل عمل لا أخلاقي إذا أوجب لذة عاجلة لعامله ! و إن تعجب فعجب أنّ المنادي به أريستبوس ) هو تلميذ سقراط، و قد فسر السعادة التي جعلها أستاذه غاية منشودة للانسان في أفعاله باللذة العاجلة، فسقط بالكرامة الإنسانية إلى ورطة سحيقة لامنجى وراءها. و نحن لانرى مبرراً لإضاعة الوقت في مناقشة هذا الاتجاه السخيف. (۸) ان مصدر الحكم الأخلاقي هو العقل الحاكم برجحان اللذات الباقية و حسن تحمل الآلام اليسيرة لأجل الحصول على تلك اللذات و اجتناب اللذات المستتبعة للآلام الطويلة أو المتوقفة عليها. و بعبارة أخرى: ملاك الخير هو السعادة الدنيوية التي تحصل من طريق اللذات الطبيعية الضرورية كالمأكل والمشرب و المنام، ومراعاة الاعتدال في اللذات الطبيعية غير الضرورية كالمنكح، و كف النفس عن اللذات غير الطبيعية و غير الضرورية كلذة الجاه و الثروة. و هذا ما ذهب إليه إبيقور. ويلا حظ على هذا الاتجاه أولاً: أنه أغفل اللذة الأخروية التي لا تقاس بها أية لذة دنيوية مهما كانت فأين المتناهي من اللامتناهي؟ وأين اللذات المشوبة بالآلام من اللذات الصافية التي لا ينقصها شي؟ و الآخرة خير و أبقى»؛ «لا يمسهم فيها نصب و لالغوب». و إذا أمكن الحصول على مثل هذه اللذات ولو كان بقيمة تضحية جميع اللذات الدنيوية كان المتعيّن ترجيحها بنفس الملاك الذي اعتبر في ترجيح اللذات الباقية نسبياً. و ثانياً أنّ هذا الاتجاه قاصر عن إراءة معيار لترجيح اللذات المتزاحمة إذا فرض تساويها من حيث البقاء و الدوام. فإذا تعارضت اللذة العقلية الحاصلة من التعلم مع اللذة النفسية الحاصلة من إرضاء العواطف المتعلقة بالأسرة و الجماعة مثلاً بحيث لم يتيسر الجمع بينهما 1) Epicure فما هو الملاك لترجيح إحداهما على الأخرى؟ و ثالثاً أنّ هذه النظرية قاصرة عن حكم ما إذا تزاحم التذاذ فرد مع التذاذ فرد آخر أو أفراد آخرين. فهل يجب تضحية لذة النفس في سبيل التذاذ الغير، أو يجب على كل فرد أن يسعى وراء الحصول على لذته نفسه و لوتم ذلك بقيمة حرمان الكثيرين؟ ورابعاً ان استثناء اللذات غير الطبيعية و غير الضرورية مما لا وجه له. ولا يكفي الاعتذار بأنها مستتبعة لآلام كثيرة أو متوقفة عليها، فان استلزام مثل هذه اللذات لآلام تزيد عليها من حيث المدة لا كلية له. و خامساً أنّ التركيز في الرجحان على عنصر الزمان خاصةً غير موجه، بل لابد من اعتبار الشدّة إلى جانب المدة كملاك لرجحان اللذات بعضها على بعض، أو لرجحان لذة على ألم أو بالعكس. فان العقل ربما يحكم برجحان لذة قصيرة على لذة هي أطول منها زماناً، لكون القصيرة أقوى و أشرف. و إذا وجب مقايسة اللذات والآلام من حيث الشدة و الشرف أيضاً احتيج إلى مقياس لذلك، فهل يكفي في الترجيح شعور الفرد نفسه؟ فيلزم اختلاف القيم باختلاف شعور الأفراد، بل باختلاف حالات الفرد الواحد، و يختل بذلك نظام التقييم الخلقي؛ أو يوجد هناك معيار آخر؟ فيبقى التساؤل عن ذلك المعيار. ٩) ان مصدر الحكم الأخلاقي هو العقل بمعونة التجربة التي أثبتت ضرورة الحياة الاجتماعية و توقف سعادة الفرد على سعادة المجتمع، فلا تكفي اللذة الفردية معياراً لمعرفة الخير، بل لابد من مراعاة لذة المجتمع. و بهذا يندفع بعض الإشكالات الواردة على النظرية السابقة. واشتهر هذا الاتجاه التجريبي بمذهب المنفعة العامة، و ذهب إليه «بنتام» و «جون ستوارت ميل» مع فرق يسير بينهما يتلخّص في أن السابق يعتبر منفعة المجتمع كذريعة لتحصيل اللذة الفردية بخلاف اللاحق الذي يعطي الأصالة للمنفعة العامة. و في أنّ «ميل» يعتبر الجانب النوعي والكيفي كمعيار أصيل لترجيح اللذات و الآلام، فيصرح بأنه ربما كان من الأفضل للفرد أن يكون إنساناً شقياً من أن يكون خنزيراً متلذذاً، أو أن يكون سقراطاً متبرماً من أن يكون غراً سعيداً أحمق». لكن مع ذلك كله و بعد التعديلات التي أجريت على نظرية اللذة حتى تبلورت في نظرية المنفعة العامة حسب ما قررها «ميل» فهي لا تخلو بعد من بعض المناقشات كإغفال جانب الحياة الأخروية في التقريرين جميعاً. و يختص التقرير الأول بالسؤال عن حكم صورة التزاحم بين لذة الفرد و لذة المجتمع التي لا يعود سهم منها إلى الفرد أصلاً، كما إذا توقف تحصيل سعادة المجتمع على تضحية النفس؛ و بإغفال جانب الكيفية بصدد ترجيح اللذات. و يختص التقرير الأخير بالسؤال عن الحاكم الذي يُلزم الفرد بتضحية لذاته في سبيل تلذذ الآخرين لاسيما في مورد تضحية النفس؛ و عن تعيين الضابط لترجيح اللذات المتعالية. ١٥) ان مصدر الحكم الأخلاقي هو العقل الحاكم بحسن الأفعال الموجبة لوصول الانسان إلى الكمال اللائق به، ذلك الكمال الذي هو الخير المطلوب، والذي يلازم السعادة المنشودة. يقول أفلاطون في ما نقل عنه: «لا ينبغي البتة أن يصغي المرء في نفسه إلا إلى صوت العقل، 1) Bentham 2) John. S. Mill لأن العقل المستقيم إنما هو صوت الله يخاطب به أنفسنا». و هذا الاتجاه العقلي اشترك فيه ثلة من حكماء یونان کسقراط و افلاطون و أرسطو، و تبعهم الكثيرون من حكماء المسلمين و عدة من متأخري الغربيين كما لبرانش ولايب نيتز و إن كان تفاسيرهم عن ذلك مختلفة بما لا يتسامح فيه. فبينما يؤكد سقراط على السعادة الأبدية و يجعل الحياة الطيبة الأخروية هي الغاية القصوى التي يجب على الانسان أن يبتغيها ويسلك سبيلاً يؤدي إليها، حين يجيب معارضيه بأنه «لا يسعكم أن تثبتوا لنا أنه يجب على الانسان أن يحيى حياة غير الحياة التي تنفعنا حين نكون في الآخرة، بل يلزمنا أن نسلك السبيل المؤدي للسعادة في الحياة و بعد الممات لا يكاد يوجد أي تأكيد من أرسطو على ذلك، بل يركز هو على السعادة الدنيوية الحاصلة من بلوغ كل قوة إلى كمالها في ضوء العقل، والتي تحصل بأسباب كثيرة بما فيها الأولاد والأصدقاء والثروة والجمال. وبينما يجعل سقراط و افلاطون الحكمة والمعرفة أم الفضائل ويعتبران الجهل و سوء الموازنة بين اللذة الحاضرة والآلام المستقبلة منشأ الخطايا، نرى أرسطو ينتقد عليهما أن العلم لا يكفي الصدور الأفعال الحسنة بل يشكل شرطاً من شروطه فقط . و بينما يؤكد افلاطون على أنّ للخير مثالاً عقلياً شاهدته الروح الانسانية قبل تعلّقها بالبدن والذي سوف تلحقه الروح بعد الممات اذا كان الشخص محسناً، و يرى أن مثال الخير الذي تتعلّق به الفضائل هوفوق مثال الحق (۱) راجع مقدمة الأخلاق إلى نيقوماخوس، لبارتلمی سانتهلير، ص ۳۴. 3) G. W. Leibniz (۴) راجع مقدمة الاخلاق الى نيقوماخوس، ص ۶۰. 2) N. Malebranche الذي تتعلق به العلوم والمعارف و فوق مثال الجمال الذي تتعلق به الفنون الجميلة، ينتقد عليه تلميذه بأن الخير ليس أمراً حقيقياً حتى يكون له مثال عقلي - مضافاً إلى إنكاره لكل المثل و لقدم الروح ـ و يؤكد هو على أن القوة العقلية هي فوق كل القوى الانسانية، و أن كمالها افضل الكمالات. إلى غير ذلك من الأمور التي لا يسعنا الخوض فيها ههنا. و يختص كل تقرير ببعض الملاحظات التي لا نطيل بذكرها. و مما اتفق عليه الحكيمان اعتبار الوسطية كمعيار لتمييز الفضائل من الرذائل، فكل فضيلة تكتنف برذيلتين في طرفي الافراط و التفريط. و قد نوقشت هذه النظرية ببعض مناقشات ربما تندفع بالتأمل في مختلف كلماتهما لاسيما كلمات أرسطو في كتابه إلى نيقوما خوس. ولعل أحسن ما توجه به هذه النظرية هو ضرورة التزاحم بين متطلبات الانسان المتنوعة. فينبغي تحديد كل قوة بما لا يزاحم كمال قوة أخرى، و تحديد الجميع بما لا يزاحم كمال القوة العقلية الحاكمة على الكل. فالإفراط في تحصيل ما تقتضيه قوة خاصة يوجب حرمان سائر القوى عن مقتضياتها، كما أن التفريط يوجب حرمان نفس القوة. و أما الإفراط بالنسبة إلى القوة العقلية فربما يوجب ضعف القوى البدنية المؤدي إلى قصور القوة العقلية في فعلها بل إلى موت الانسان. و يظهر بذلك معنى كون العدالة رأس الفضائل، إذ بها تنال كل قوة ما تستحقه. و مما ينبغي التنبيه عليه أنّ هذا الاتجاه العقلي لا ينفي ارتباط العقل العملي بالنظري و لا بالتجربة، فلا يتحاشى عن تعليل الفضائل بكونها مؤدية إلى الكمال النهائي للإنسان، بخلاف ما يبدو جلياً من نظرية «كانط» حيث يعتبر أحكام العقل العملي من 1) Apriori 3) Pantheism (۲) راجع مقدمة الاخلاق الى نيقوماخوس: ص ۳۹. الأحكام السابقة على التجربة. كما لا يرى تقطيباً بين الفضائل و بين اللذات العاجلة، بل يرى أنّ من الأفضل الجمع بينهما مادام لا يوجب. ترك الفضائل. يقول افلاطون في ما نقل عنه: «الخير الأكمل ليس كله في العقل ولا في اللذة، بل هو مزيج بينهما جميعاً» و هذا بخلاف ما سئلا حظه في الاتجاه التالي. ۱۱) ان مصدر الحكم الأخلاقي هو العقل الحاكم بوجوب مسايرة الطبيعة والرضا بالمقدرات التي تجري وفقاً لقوانين الطبيعة الجبرية التي تعبر عن مشية الله تعالى بل تتحدبها. وهذا هو كل ما نملكه من الاختيار الذي يتعلّق بما يوجد في نطاق وجودنا، و اما ماهو خارج عن هذا النطاق فهو يجري وفقاً للنظام المحتوم، سواء أرضينا أم كرهنا. فالخير هو الرضا و اطمئنان القلب و مجاهدة النفس و كفها عن مشتهياتها و عن مكافحة المقدرات، والشر هو الانهماك في اللذات و متابعة الأهواء مما يوجب التعلق بما هو خارج عن نطاق وجود الإنسان، فيؤدي إلى الاضطراب و القلق، ويقتضي النضال ضد الطبيعة في جربانها الذي هو خير في المجموع و بالنظر إلى ارتباط الحوادث بعضها ببعض. و هذا ما ذهب إليه الرواقيون بعد إجراء تعديل يسير على الطريقة الكلبية. و من الطريف أن جميع أفعال الخير متساوية بحسب درجة الفضيلة، و كذلك أفعال السوء، عند أصحاب هذا المذهب. ويلاحظ عليه أولاً أنّ هذا الاتجاه مبني على فرضية متافيزيقية مردودة، و هي فرضية وحدة الوجود بمعنى اعتبار العالم كواحد آلي و 1) Apriori 3) Pantheism (۲) راجع مقدمة الاخلاق الى نيقوماخوس: ص ۳۹. اعتبار الخالق كروحه وجوهره و اعتبار عقول الناس كأجزاء من العقل الإلهي - سبحانه و تعالى. و ثانياً انه مبني على تفسير خاطئ للقضاء الإلهي مما يوجب الجبر في خارج نطاق الروح الإنساني و ثالثاً أن اعتبار الخالق كروح أوجوهر للعالم مما ينبثق عنه اعتبار القوانين الحاكمة على العالم مشيّة له تعالى يقتضي شمول مشيته القاهرة وقضائه الحتمي لوجود الإنسان و شؤونه أيضاً. فاستثناء نطاق الوجود الإنساني عن دائرة القضاء الالهي المحتوم تناقض في صميم هذه الفرضية و رابعاً ان تسليم كون الإنسان مختاراً في نطاق وجوده الخاص به لا ينفك عن تسليم تأثيره في المواد الخارجية، فيسري أثر اختياره إلى ما حوله مما يتصرف فيه باختياره، كخير يسديه إلى الغير، أو حق يسلبه عنه ويوجب خروج مثل هذه الحوادث عن النظام المحتوم، و حينئذ فإما أن يعتبر الرضا بظلم الآخرين واجباً أخلاقياً فيلزم وجوب الرضا بأمر غير محتوم و خارج عن نظام الخير، و إما ان لا يعتبر واجباً فيلزم محذور القلق والاضطراب. و هذا بدوره أيضاً يؤدي إلى تناقض آخر. اللهم الا ان تعتبر الحركات البدنية كلها جبرية، فيسأل عن ملاك اعتبار الانهماك في اللذات شراً والكف عن المشتهيات خيراً. فهل يصح وضع أمر جبري موضع التكليف والحكم عليه بالخير والشر الاخلاقيين؟ وهل هذا الانفي الموضوع الأخلاق رأساً؟! و أخيراً فإنّ هذه النظرية الأخلاقية لمخالفتها للفطرة الإنسانية غير قابلة للعمل إلا في الشاذ النادر من أفراد المجتمع. (۱۲) ان مصدر الحكم الأخلاقي هو قانون الحياة يعني نمو القدرة في الكائن الحي. فإنّ الرغبة في الحياة تنبثق عنها الرغبة في القدرة و الإرادة المبدعة. فمنشأ الفضائل الخلقية هو القدرة و القوة، حتى أنّ حسن العفة يكمن في قوة الفرد على الكف عن الشهوات الجامحة، و قبح الخلاعة يكمن في ضعف الإرادة، كما أن قبح الكذب والرئاء والتدليس يكمن في ضعف النفس عن إظهار الواقع. و هذا ما ذهب إليه فردريك نيتشه الألماني. و هو الذي شنّ نضالاً عنيفاً ضد أخلاق المسيحية والرواقية، فصرّح بأن نظريته في الأخلاق تبتني على «تطوير القيم السائدة كما أنه مدح الرعونة والصلابة والغرور و اقتحام المخاطر تجاه ما كانت المسيحية تمدحه من الرفق والرحم والتواضع والرضا والتسليم. و هكذا أنكر تساوي الأجناس والشعوب، وأكد على لزوم تقدم الجنس القوي و سيادته و استخدامه للضعفاء، و كذلك أكد على تقدم الأبطال والأقوياء على سائر الأفراد في نطاق المجتمع. و قد كان لهذا الاتجاه أثره في ثقافة بعض الشعوب، و إيقاد نار الحروب، ونشوء النزعات العنصرية والقومية. فهذا الاتجاه يضاهي نظرية اللذة العاجلة في هدمه لأساس الأخلاق و إنكار المثل العليا، و ينحدر بالكرامة الانسانية إلى مستوى السباع كما كانت تنحدر في تلك النظرية إلى مستوى البهائم. و كذلك يشارك هذا الاتجاه نظرية سبنسر» في تدعيم الأخلاق بعلم الحياة ( البيولوجيا) و استمداد القيم الاخلاقية من قوانين الطبيعة. (۱۳) ان الأخلاق ظاهرة إنسانية فوقية تتطور وفقاً لتطور الوضع الاقتصادي و تحكم عليها أصول المادية الديالكتيكية 1) F. Nietzsche حاكمة على الطبيعة والإنسان والفكر و التاريخ والمجتمع على السواء. فليس هناك أصول اخلاقية خالدة، أو مثل عليا ثابتة، أو أحكام خلقية لا تنالها يد التطوّر. بل الفضيلة هي ما تقتضيه الظروف الخاصة للمجتمع الخاضعة لقوانين الديالكتيك الجبرية العمياء. فالسرقة مثلاً تعد مذمومة في المجتمع الإقطاعي والرأسمالي، الذي يسوده مبدأ الملكية، وتصير فضيلة إذا احتاجت إليها الثورة العمالية التقدمية، و تفقد موضوعها عند وصول المجتمع إلى قمة الشيوعية اللاطبقيّة. و هذا بالرغم مما ينادي به «ماركس» في دعوته إلى الكفاح ضد الرأسمالية، من أنها أهلكت القيم الانسانية» وصيّرت الانسان العامل كمتاع يباع و يشترى، حيث يشتري الرأسمالي عمله و هو حاصل حياته بثمن بخس و «يسرق منه حظه من عمله. فهو - كما يقول «شاندل» - كفيلسوف مادي يحطم تحت عجلات الجبر الديالكتيكي الأعمى نفس القيم التي يحمدها كقائد سياسي! وليت شعري ماذا يعني بـ «القيم الانسانية» من لا يرى الإنسان إلا كتلة من المادة تطوّرت بفضل القوانين الجبرية المادية و التضاد الداخلي إلى حيوان أعجم ثم إلى الشكل الفعلي، ولا يزال خاضعاً لتلك القوانين بوصفه جزء صغيراً من الطبيعة، و تنعكس فيه التفاعلات المادية في صورة الإدراكات المتنوّعة. و هذه الإدراكات عند تعقدها البالغ تبدو في صورة القوانين الاجتماعية و الآداب و الأخلاق التي تتطوّر بدورها تبعاً للتطورات الحاصلة في أدوات الإنتاج؟! و لماذا يرثي لضياع تلك القيم و هو لا يتم إلا بمقتضى القوانين الجبرية طبعاً، ولا يكون إلا من لوازم مرحلة من مراحل التكامل الاجتماعي ؟! و هناك آراء و مذاهب أخرى في المسألة لانطيل بذكرها. و مما يلاحظ على أكثر النظريات أنّ المسألة الأخلاقية قد فقدت خصيصتها و طابعها القيمي في ظل هذه المذاهب المتطرفة، واصبحت منصبغة بصبغة وضعية أو واقعية، فكأنها قانون وضعي أو طبيعي أو فلسفي في أفضل الصور و نحن لا ننكر علاقة الأخلاق بالفلسفة أو علم النفس مثلاً، بل تؤكد على المحافظة على طابعه الخاص. و بهذا الصدد نعالج مفهوم القيمة الخلقية. ## القيمة الخلقية لاشك ان الحكم الأخلاقي حكم قيمي أو تقديري، و يصح التعبير عنه بصيغة إنشائية ( افعل، أو لا تفعل). و من هنا زعم بعض الفلاسفة الأخلاقيين أن ميزة الحكم الأخلاقي هي كونه إنشائياً، و بها يمتاز عن الأحكام الواقعية أو التقريرية المتعلقة بسائر العلوم. فقاموا بالفحص عن منشئ الحكم فذهب بعضهم إلى أن منشيء الحكم هو الله تعالى، وذهب بعض آخر إلى أن الحاكم هو العقل العملي، وذهب ثالث إلى أنه هو العقل الجمعي. وقد عرفت من خلال ما ذكرناه أن الصيغة الإنشائية غير مقومة للحكم الخُلقي، بل يصح التعبير عنه بصيغة إخبارية كأن يقال: ينبغي أو لا ينبغي؛ يحسن أو يقبح... و هذا الاختلاف بين الصيغ يرجع في