اوروبا في القرنين 19 و 20.pdf · version 1.pdf

‫جامعة ابن طفيل‬ ‫كليــة اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫شعبة التاريخ والحضارة‬ ‫الفصل‪ :‬الرابع‬ ‫وحدة‪ :‬أوروبا في القرنين ‪ 19‬و‪20‬‬ ‫األستاذ‪ :‬محمد حبيدة‬ ‫السنة الجامعية‬ ‫‪2020-2019‬‬ ‫نابوليون ومحاولة السي...

‫جامعة ابن طفيل‬ ‫كليــة اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫شعبة التاريخ والحضارة‬ ‫الفصل‪ :‬الرابع‬ ‫وحدة‪ :‬أوروبا في القرنين ‪ 19‬و‪20‬‬ ‫األستاذ‪ :‬محمد حبيدة‬ ‫السنة الجامعية‬ ‫‪2020-2019‬‬ ‫نابوليون ومحاولة السيطرة على أوروبا‬ ‫المحتويات‬ ‫مقدمة عامة‬ ‫مراجع‬ ‫‪.1‬نابوليون‪ :‬من الهامش إلى المركز‬ ‫‪.2‬الحروب النابوليونية‬ ‫‪ -‬مالحظات أولية‬ ‫‪ -‬الطرف الأغأر ‪1805‬‬ ‫‪ -‬احتالل ألمانيا ‪1807-1806‬‬ ‫‪ -‬الحملة على روسيا ‪1812‬‬ ‫‪ -‬واتيرلو ومؤتمر فيينا ‪1815‬‬ ‫‪.3‬السياسة الداخلية‪ :‬مدونة نابوليون‬ ‫‪1‬‬  ‫مقدمة عامة‬ ‫يعترب املؤرخون القرن التاسع عشر قرن احلداثة بامتياز‪ ،‬قرن احلداثة الكرب‪،‬ى‪ ،‬بعد مرلةة م الارام‬ ‫ٍ‬ ‫مشوفات‬ ‫ٍ‬ ‫جتديد أسيب وفكري‪ ،‬و‬ ‫التارخيي املتمتد ي المم ‪ ،‬م القرن الااس عشر ععرر الهضةة وما رافقضا م‬ ‫مانتيةية‪ ،‬وسو ٍلة قومية) إىل القرن الثام عشر ععرر األنوار)‪.‬وقد متيمت مرلةة الارام هذه بتطورات‬ ‫جغرافية‪ ،‬ومري ٍ‬ ‫ ي ثالثة اجتاهات ريياية‬ ‫‪ -‬احلرية اليت انطةقت م لرية العقيدة مع اإلصالح الديين أو ما ياتمى بالربوتاتانتية‪ ،‬وامتدت فيتما‬ ‫بعد لتشتمل لرية التعبري الاياسي الذي أس‪،‬ى ي هناية املطاف إىل تغريات سياسية مبرية ي شكل‬ ‫إصاللات عالثورة اجلةيةة ي إجنةارا عام ‪ )1689‬أو ثورات لقيقية عالثورة الفرناية عام ‪.)1789‬‬ ‫‪ -‬العقل الذي صار ي عرر األنوار مقياسا رييايا ي مياسي اآلساب والفهون‪ ،‬و ي الهقاش الفكري مع‬ ‫الكهياة‪ ،‬إذ أخذت أمور الفكر والثقافة تهقةب شيئا فشيئا مع متدس التفكري العقالين وتراجع التفكري‬ ‫الديين‪.‬‬ ‫‪ -‬التقهية أو ما يعرف بالثورة الرهاعية‪ ،‬ليث مكهت التقهيات واملاتحدثات اليت جتادت ي خمتةف‬ ‫اآلالت اليت صارت تهتجضا املعامل واملرانع بكربيات املدن األوروبية‪ ،‬واليت غريت منط عيش اجملتتمع‬ ‫وسةومياته رأسا عةى عقب‪.‬‬ ‫وقد عاش األوروبيون هذه التحوالت بديهامية مبرية‪ ،‬ليث مانوا عةى وع ٍي ن ٍ‬ ‫بِّي بالدخول ي لقبة‬ ‫جديدة مفتولة عةى املاتقبل‪.‬وهذا املاتقبل هو الذي مثةه القرن التاسع عشر قرن امتداس األنوار‪ ،‬قرن انتشار‬ ‫التقهيات‪ ،‬قرن سياسة قي الثورة الفرناية‪ ،‬م مااواة مدنية ولرية سياسية ومباسئ لقوق اإلناان‪.‬والقرن التاسع‬ ‫عشر هو أي ةا قرن العوملة ليث ما مان حيرل ي أوروبا م تطورات مان جيد صد‪،‬ى ي بقاع أخر‪،‬ى م العامل‪،‬‬ ‫وخاصة ي الواليات املتحدة األمريكية عالتحوالت الرهاعية والاكك احلديدية) و ي اليابان عثورة امليجي)‪.‬ويبقى‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬م زاوية العوملة هذه قرن االستعتمار‪.‬ففي القرن التاسع عشر استطاع األوروبيون‪ ،‬و ي‬ ‫مقدمتض الربيطانيون والفرنايون‪ ،‬باط سيطرهت عةى العامل عآسيا وإفريقيا) وتردير ليس فقط تقهياهت بل أيةا‬ ‫أفكاره وطرق عيشض ‪.‬‬ ‫‪2‬‬  ‫وميك تهاول القرن التاسع عشر م مداخل متعدسة‪ ،‬مهضا‬ ‫المدخل االجتماعي‬ ‫يرتبط املدخل االجتتماعي‪ ،‬ي القرن التاسع عشر‪ ،‬بعدس م التطورات اليت لرةت ي أوروبا‪ ،‬مهضا باخلروص‬ ‫ٍ‬ ‫التتمايم االجتتماعي الطبقي‪ ،‬والثورات‪.‬م جضة‪ ،‬أست الثورة الرهاعية وما رافقضا م تكاث ٍر ي املرانع‪ ،‬و‬ ‫استغالل‬ ‫مثيف ملهاج الفح احلجري‪ ،‬إىل نشأة طبقة اجتتماعية عتمالية عالربوليتاريا) عاشت ظروفا معيشية قاسية بفعل ما‬ ‫ات ي‬ ‫مارسته عةيضا طبقة البورجوازيِّي الرأمساليِّي م استغالل فالش‪.‬وم جضة أخر‪،‬ى مانت قد اندلعت ثور ٌ‬ ‫خمتةف بةدان أوروبا تعرف لد‪،‬ى املؤرخِّي بِـ "ربيع الشعوب" الذي انطةق م ثورة ‪ 23‬و‪ 24‬و‪ 25‬فرباير ‪1848‬‬ ‫مات اجتتماعية قاسها عدس م الاياسيِّي ي مدن بالريمو اإليطالية‪ ،‬وبرلِّي‪ ،‬وفييها‪،‬‬ ‫بباريس‪ ،‬ليث تفجرت لر ٌ‬ ‫وبراغ‪.‬‬ ‫المدخل الصناعي‬ ‫إذا مانت الثورة الرهاعية قد ظضرت ي إجنةارا ي القرن الثام عشر‪ ،‬فإن امتداسها وانتشارها عةى الرعيد األورويب‬ ‫مل حيرل إال ي القرن التاسع عشر‪ ،‬أوال ي فرناا مث ي أملانيا وباقي البةدان األوروبية بعد ذلك‪.‬وأه ما ميَّم هذا‬ ‫التحول الرهاعي تكاثر مرانع الهايج واحلديد والرةب واستغالل مهاج الفح احلجري‪ ،‬ومد الاكة احلديدية‪،‬‬ ‫وما صالب ذلك م تطور ي وسايل املواصالت وخاصة القطار والباخرة‪.‬م جضة‪ ،‬مكهت املرانع م إمثار‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬وم جضة أخر‪،‬ى أتالت وسايل الهقل م تاويق هذا اإلنتاج‪ ،‬وذلك ليس فقط عةى الرعيد الداخةي‪،‬‬ ‫بل اخلارجي أيةا‪ ،‬مما يفار لرمة االستعتمار ي القرن التاسع عشر‪ ،‬ليث مانت املرانع املذمورة حباجة إىل‬ ‫أسواق خارجية لتاويق اإلنتاج‪ ،‬وإىل مواس أولية لتمويد اآلالت ومتكيهضا م المياسة ي اإلنتاج‪.‬‬ ‫المدخل الجيو‪-‬سياسي‬ ‫ميك الهظر إىل القرن التاسع عشر األورويب انطالقا م ثالث مرالل ريياية‬ ‫مرلةة أوىل هيتمهت فيضا فرناا عةى الاالة األوروبية‪ ،‬مع نابوليون ع‪ )Napoléon‬الذي خاض لروبا مدمرة‪،‬‬ ‫عرفت ي تاريخ أوروبا بِـ "احلروب الهابوليونية" استطاع خالهلا اهليتمهةَ عةى إيطاليا والهاماا وأملانيا‪ ،‬والوصول لىت‬ ‫وفرض لرار اقتراسي عةى بريطانيا‪.‬وهذه املرلةة انتضت هبممية نابوليون ي معرمة واتريلو ع‪،)1815‬‬ ‫َ‬ ‫إىل روسيا‪،‬‬ ‫‪3‬‬ ‫وانعقاس مؤمتر فييها ي نفس الاهة‪ ،‬والذي فرض واقعا سياسيا جديدا ساخل أوروبا‪ ،‬متيم هبيتمهة بريطانيا هيتمهة بينهة‪.‬‬ ‫املقرر‪.‬‬ ‫وهذه املرلةة هي اليت سهفرل فيضا القول ي هذا َّ‬ ‫مرلةة ثانية هيتمهت فيضا بريطانيا عقب ‪ 1815‬عهممية نابوليون ي معرمة واتريلو‪ ،‬ومؤمتر فييها)‪.‬هذه املرلةة هي‬ ‫اليت توافق اعتالء املةكة فيكتوريا ع‪ )Victoria‬عرش بريطانيا ما بِّي ‪ 1837‬و‪.1901‬ي هذه املرلةة‪ ،‬صارت‬ ‫بريطانيا بالتعبري الشضري "اإلمرباطورية اليت ال تغيب عهضا الشتمس"‪ ،‬ليث حتكتمت‪ ،‬بفةل قوهتا املاللية‬ ‫والعاكرية والرهاعية والتجارية‪ ،‬ي أطراف شاسعة م العامل‪ ،‬م الرِّي واهلهد إىل مهدا‪ ،‬مرورا مباتعتمرات‬ ‫إفريقيا‪.‬‬ ‫مرلةة ثالثة صعدت فيضا أملانيا مقوة حياب هلا ألف لااب‪.‬مانت البداية مع الولدة الاياسية ع‪ )1871‬اليت‬ ‫لعب فيضا بياتمارك ع‪ )Bismarck‬سورا مبريا‪ ،‬إذ مان م وراء التحول م "بْروسيا إىل أملانيا"‪.‬ي هذه املرلةة‬ ‫استطاعت أملانيا أن تطور بهياهتا الرهاعية عةى حنو مبري باستغالل مهاج الفح احلجري‪ ،‬والارميم عةى صهاعة‬ ‫وب ع‪ )Krupp‬اليت جادت الثورة الرهاعية األملانية ليث امتدت الاكة‬ ‫مر ْ‬ ‫احلديد والرةب اليت ارتبطت مبرانع ُ‬ ‫احلديدية عرب أرجاء البالس‪ ،‬وتطورت صهاعة األسةحة اليت خاضت هبا أملانيا لروهبا ضد فرناا وبريطانيا‪.‬‬ ‫وأخريا ‪ ،‬البد م مةتمة خبروص التحقيب‪.‬يتعامل املؤرخون مع القرن التاسع عشر مبفضوم املدة‬ ‫الطويةة‪.‬ومعىن ذلك أن هذا ال قرن جيد جذوره ي هناية القرن الثام عشر‪ ،‬وميتد لىت مطةع القرن العشري ‪ ،‬م‬ ‫‪ 1789‬إىل ‪.1914‬و ي واقع األمر لكل سهة م الاهتِّي املذمورتِّي ما يربرمها‪.‬تشري سهة ‪ 1789‬إىل اندالع‬ ‫الثورة الفرناية وما ترتب عهضا م ألداث مان هلا مبري األثر عةى القارة األوروبية ي القرن التاسع عشر‪.‬ويتجةى‬ ‫ذلك ي مالباات جمريات األمور اليت مكهت م صعوس نابوليون إىل سدة احلك ‪ ،‬وسعيه إىل اهليتمهة عةى أوروبا‪،‬‬ ‫وذلك ي سياق الرراع مع بريطانيا ي بداية القرن املذمور‪.‬أما سهة ‪ 1914‬فتشري إىل اندالع احلرب العاملية‬ ‫األوىل أو ما ياتمى أيةا بِـ "احلرب الكرب‪،‬ى"‪.‬وبطبيعة احلال‪ ،‬ال ميك فض اندالع هذه احلرب م سون الرجوع‬ ‫إىل هناية القرن التاسع عشر ليث صعد جن أملانيا صهاعيا وعاكريا‪ ،‬ملا لققت ولدهتا الاياسية‪ ،‬وهممت فرناا‬ ‫ ي لرب ‪ ،1870‬وسخةت ي التهافس اإلمربيايل مع الدولتِّي االستعتماريتِّي املضيتمهتِّي عةى الاالة‪ ،‬أي فرناا‬ ‫وبريطانيا‪.‬بل إن بعض املؤرخِّي يذهبون إىل القول بامتداس القرن التاسع عشر لىت قيام الثورة الروسية عام ‪1917‬‬ ‫اليت سشهت لتغيري وتأثري مبريي استتمرا طيةة القرن العشري ليس فقط عةى ماتو‪،‬ى أوروبا‪ ،‬بل العامل أيةا‪.‬‬ ‫‪4‬‬  :‫مراجع خاصة بالمدخل الجيوسياسي‬ - 2018 : Fauquier (Michel), Histoire de l’Europe. - 2017 : Singaravélou (Pierre) et Venayre (Silvain), (dir.), Histoire du monde au 19e siècle. - 2017 : Boucheron (Patrick), (dir.), Histoire mondiale de la France. - 2015 : Soutou (Georges-Henri), L'Europe de 1815 à nos jours. - 2012 Lentz (Thierry), Le Congrès de Vienne. Une refondation de l’Europe (1814-1815). - 2010 : Bell (David A.), The First Total War : Napoleon's Europe and the birth of warfare as we know it, traduction française par Christophe Jaquet: La première guerre totale : l'Europe de Napoléon et la naissance de la guerre moderne. - 2009 : Burns (William E.), Brief History of Great Britain. - 2007 : Bayly (Christopher), La naissance du monde moderne, 1780- 1914, traduction française de M. Cordillot. - 2006 : Sassoon (Donald), The Culture of the Europeans from 1800 to the Present. - 2006 : Adkins (Roy), Trafalgar : The Battle that Changed the World. - 2006 : Roberts (Andrew), Waterloo. 18 juin 1815. Le dernier pari de Napoléon, traduction française de Jean Bourdier. - 2005 : Bled (Jean Paul), Bismarck. De la Prusse à l’Allemagne. - 2000 : Korner (Axel), (dir), 1848, a European revolution. International Memories of 1848. - 1996 : Girault (René) et Borne (Dominique), Peuples et Nations d’Europe au 19e siècle. - 1995 : Bernstein (Serge) et Milza (Pierre), (dir.,), Histoire du 19e siècle. - 1992 : Marshall (Dorothy), The Life and Times of Queen Victoria. - 1983 : Miquel (Pierre), La Grande Guerre. - 1954 : Tulard (Jean), Napoléon. 5  ‫‪.1‬نابوليون‪ :‬من الهامش إلى المركز‬ ‫يعد نابوليون ع‪ )1821-1769‬م الشخريات الكرب‪،‬ى اليت أثرت ي جمر‪،‬ى تاريخ القرن التاسع‬ ‫عشر‪ ،‬باعتباره فاعال سياسيا مبريا‪.‬ي الواقع‪ ،‬ال يتعةق األمر بتاريخ سياسي تقةيدي يةع ي الواجضة األشخاص‬ ‫وتفاصيل األلداث‪ ،‬وال بتاريخ بهيوي يتجاهل سور الفرس ي الهايج التارخيي‪.‬ي سراسة هامة حتت عهوان "هل‬ ‫يأخذ التاريخ الفاعةِّي مأخذ اجلد؟" صاسرة عام ‪ ،1995‬مان املؤرخ الفرناي برينار لوبويت قد ناقش جمتموعة م‬ ‫األعتمال اليت غيَّبت سور األفراس‪ ،‬وأمد عةى ضرورة توسيع الرؤية وفض الواقع التارخيي فضتما تتعدس فيه ماتويات‬ ‫التحةيل‪ ،‬ألن الوقايع يااه ي صهعضا فاعةون اجتتماعيون وسياسيون‪ ،‬ملٌّ م موقعه ي ٍ‬ ‫ناق م التتمفرالت‬ ‫والعالقات‪.‬ومعىن ذلك أن جمريات مثرية تظضر فيضا قدرة األفراس عةى الفعل والتغيري‪ ،‬ألن هؤالء‪ ،‬متما يقول هذا‬ ‫املؤرخ "لياوا مرات حمبوسة ساخل صهاسيق"‪ ،‬وإمنا فاعةِّي سياسيِّي واجتتماعيِّي تقاطعت أعتماهل مع التحوالت‬ ‫االجتتماعية واالقتراسية والاياسية اليت محةتض لةعب أسوار تارخيية طاليعية‪.‬هذا ما يهطبق عةى نابوليون الذي‬ ‫محةته ألداث الثورة الفرناية ومالبااهتا‪ ،‬وقد توفر عةى مؤهالت فوق العاسة‪ ،‬لياري بفرناا وأوروبا عةى حنو عام‬ ‫باالجتاه الذي سهتحدث عهه‪.‬فتم أجامايو جبميرة مورسيكا ي جهوب فرناا إىل العاصتمة باريس‪ ،‬وإىل فييها‬ ‫وبرلِّي وموسكو‪ ،‬استطاع هذا الرجل القاسم م اجلهوب املطل عةى البحر األبيض املتوسط أن يفرض رؤيته‬ ‫الاياسية والقانونية عةى اجلتميع‪ ،‬وأن "ميةك العامل"‪ ،‬وفق العبارة الوارسة ي "مذمرات ما وراء القرب" لألسيب‬ ‫الفرناي شاتوبريان‪.‬‬ ‫عام ‪ ،1921‬ومبهاسبة مرور ماية سهة عةى وفاته‪ ،‬تعدست لوله الشضاسات والدراسات‪ ،‬ي شكل‬ ‫مؤلفات وأعداس خاصة ي جمالت متخررة‪ ،‬بدء باإلشاسة اليت أسىل هبا املارشال فريسيهاند فوش املهترر عةى‬ ‫أملانيا ي احلرب العاملية األوىل‪ ،‬وهو يهحين أمام قرب نابوليون ي حمفل رمسي مضيب‪ ،‬ومرروا مبختةف املقاالت‬ ‫الراسرة هها وههاك‪ ،‬وخاصة "جمةة الدراسات الهابوليونية"‪ ،‬وانتضاء بكتاب املؤرخ واألماسميي جورج المور غايْت‬ ‫الذي ألَّف‪ ،‬ي الاهة املذمورة‪ ،‬متابا حتت عهوان "نابوليون" قدم فيه لريةة ما ُمتب عهه معمزا برور فريدة‬ ‫وناسرة‪.‬‬ ‫مانت الةحظة مواتية‪ ،‬آنذاك‪ ،‬لةحديث ع نابوليون ليس فقط م زاوية أعتماله الاياسية والقانونية‬ ‫والعاكرية‪ ،‬بل أيةا م جانب لياته اليومية وعالقاته مع املقربِّي مهه‪ ،‬عايةيا ومضهيا‪ ،‬فردرت متب ذات‬ ‫‪6‬‬ ‫معربة "نابوليون الوجه احلقيقي"‪" ،‬نابوليون بأعِّي معاصريه"‪ ،‬أو أيةا "نابوليون احلتميتمي" ألرتري ليفي‪.‬‬ ‫عهاوي ن‬ ‫يرس هذا املؤرخ صورة سقيقة ع نابوليون بااطةُ لرماته ولغته‪ ،‬لرارةُ عالقاته مع أسرته‪ ،‬طريقةُ اشتغاله ي البيت‬ ‫لرصه الشديد عةى االستخبار عةى مل مبرية وصغرية‪ ،‬صرامتُه ي تهاول األمور وإصدار القرارات‪،‬‬ ‫و ي العتمل‪ُ ،‬‬ ‫بعد نظره‪.‬ي فرل حتت عهوان "صوت التاريخ"‪ ،‬يهتقل أرتري ليفي م احلياة اخلاصة إىل احلياة العامة بهظرة ترميبية‬ ‫ُ‬ ‫بديعة تةع القارئ ي صورةٍ يظضر فيضا نابوليون عةى رأ أوروبا استتباب األم ي فرناا عقب الثورة الفرناية‪،‬‬ ‫الفوز عةى اجليش الهامااوي‪ ،‬الايطرة عةى مشال إيطاليا‪ ،‬التالل أملانيا وتغيري وجضضا الارايب والقانوين‪ ،‬العالقات‬ ‫مع اإلسكهدر األول‪ ،‬قيرر روسيا‪ ،‬الدخول إىل موسكو‪ ،‬وأيةا صورة "هذا الغول الكورسيكي عنابة جلميرة‬ ‫مورسيكا) الذي مل يـ َتمل م الغمو‪ ،‬هذا املد نمر الرهيب لةبشر‪ ،‬هذا األناين الهابغة الذي ضحى مباليِّي البشر لتةبية‬ ‫رغباته الدموية وحتقيق تروراته الومهية"‪.‬‬ ‫تكون هذا الرجل تكويها عاكريا ي جهوب فرناا ما بِّي ‪ 1779‬و‪ ،1784‬مث واصل هذا التكوي‬ ‫ ي باريس‪ ،‬ليث خترص ي املدفعية‪ ،‬وتدرج ي املراتب العاكرية‪.‬وعهدما اندلعت الثورة الفرناية سهة ‪،1789‬‬ ‫حترل عةى رتبة مالزم‪.‬لكهه ما لبث أن ارتقى إىل رتبة عقيد‪.‬‬ ‫وعتمره ال يتجاوز العشري سهة‪ ،‬مان قد َّ‬ ‫ومانت مالباات الثورة الفرناية‪ ،‬اليت استتمرت م ‪ 1789‬إىل ‪ ،1794‬املرتبطة بالتخةص م لويس‬ ‫الااس عشر ي مرلةة أوىل ع‪ )1793‬وم روبيابيار ي مرلةة ثانية ع‪ ،)1794‬هي اليت مكهته م الربوز‬ ‫مشخرية فاعةة ي جمر‪،‬ى األلداث‪.‬فقد سطع جن نابوليون عام ‪ 1795‬عهدما مةَّفه بول بارا ‪ ،‬رييس جمةس‬ ‫املتمول م طرف‬ ‫احلك الفرناي عالديريكتوار ‪ ،)Directoire /‬باحق التتمرس املوايل لةويس الااس عشر‪َّ ،‬‬ ‫بريطانيا العظتمى‪ ،‬واملعاسي لةثورة‪.‬ومان انتراره ي هذه العتمةية هو الذي أهةه لالرتقاء إىل رتبة جهرال‪ ،‬مث إىل‬ ‫قايد عام لةجيش الفرناي‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬انتقل نابوليون إىل مرلةة اهلجوم عةى عدس م األقطار األوروبية ي سياق الرراع مع‬ ‫بريطانيا‪ ،‬أظضر فيضا مضارات وقدرات خارقة ي ميدان املدفعية‪ ،‬استطاع هبا سهيت ‪ 1796‬و‪ 1797‬الايطرة عةى‬ ‫تدر اليوم ي‬ ‫مهاطق شاسعة ي إيطاليا الشتمالية‪ ،‬بعد التغةب عةى اجليش الهتمااوي ي معارك ما زالت َّ‬ ‫األماسمييات العاكرية‪.‬‬ ‫وقد زاست هذه االنترارات م شضرته ليث استقبةه الباريايون مبطل مبري‪ ،‬لىت أصبح يظضر‬ ‫مأقو‪،‬ى رجل ي البالس‪.‬وتةختمت هذه الشضرة بفةل محةته العاكرية عةى مرر عام ‪ ،1798‬اليت مانت تدخل‬ ‫ضتم خطة تقةي مبةايقة اإلجنةيم‪ ،‬وبفتح آفاق جتارية أمام البورجوازية الفرناية بالتجارة مع الشرق العريب‪،‬‬ ‫‪7‬‬ ‫والتفكري ي فتح قهاة تربط بِّي البحر األبيض املتوسط والبحر األمحر لةتجارة مع اهلهد والشرق األقرى ومهافاة‬ ‫التجار الربيطانيِّي‪.‬‬ ‫ ي هذه املرلةة املبكرة م عتمةه الاياسي والعاكري‪ ،‬مانت رؤية نابوليون تاعى اللتةان العامل‬ ‫برمته‪.‬مل تك احلتمةة عةى مرر سو‪،‬ى مكون م مكونات هذه الرؤية العاملية اليت فشةت ي هناية املطاف‪.‬فقد‬ ‫امتدت هذه الاياسة التوسعية إىل الشام واهلهد وأساراليا وجمر الكارييب‪.‬لك سياسة مثل هذه مانت تاتةمم‬ ‫اهليتمهة عةى البحار واحمليطات مشرط أساسي لتطوير مشروع استعتماري واسع الهطاق عةى الهحو الذي استأثرت‬ ‫به بريطانيا العظتمى‪.‬‬ ‫‪8‬‬  ‫‪.2‬الحروب النابوليونية‬ ‫‪ -‬مالحظات أولية‬ ‫مالحظة أولى أفرزت احلروب الهابوليونية سراسات مثرية مبختةف الةغات‪ ،‬مجعت بِّي التاريخ‬ ‫الاياسي والتاريخ االجتتماعي جليش نابوليون‪.‬وقد استهدت هذه الدراسات إىل قراءة جديدة ي األرشيف‪،‬‬ ‫ومهاهج مهفتحة عةى عةوم مثرية‪ ،‬سياسية واجتتماعية ولاانية‪ ،‬إذ قدمت تأويالت جديدة لأللداث والوقايع‪.‬‬ ‫وم هذه الدراسات‪ ،‬ميك ذمر هذا الكتاب اجلتماعي‬ ‫‪Hervé Drévillon, Bertrand Fonck, Michel Roucaud, Guerres et armées‬‬ ‫)‪napoléoniennes (2013‬‬ ‫ ي هذا الكتاب‪ ،‬الذي اطةع فيه البالثون عةى وثايق وزارة الدفاع الفرناية‪ ،‬يةتمس القارئ سعي املؤرخ إىل متابة‬ ‫تاريخ شامل جيتمع بِّي التاريخ الاياسي والتاريخ االجتتماعي‪ ،‬وأيةا ما تعةق بالتتمثالت‪.‬ولذلك‪ ،‬ياةط هذا‬ ‫الكتاب الةوء عةى جوانب مثرية حميطة هبذه احلروب اليت خاضضا نابوليون عةى الاالة األوروبية‪ ،‬مهضا االقتراس‬ ‫والقانون والعالقات االجتتماعية والفهون واملعيش اليومي لةجهوس واألسر‪،‬ى واملعطوبِّي‪ ،‬مما ميهح هلذه احلروب وجضا‬ ‫اجتتماعيا لقيقيا‪ ،‬ولكتابة التاريخ مسة جتديدية لقيقية‪.‬‬ ‫مالحظة ثانية تعترب احلروب الهابوليونية أضخ لروب عرفتضا البشرية ي العرر احلديث قبل احلرب‬ ‫بيل ي متاب حتت عهوان‬ ‫العاملية األوىل‪.‬مانت لربا مدمرة‪.‬مانت "لربا شامةة" متما قال املؤرخ األمريكي سافيد ْ‬ ‫"أوروبا حتت لك نابوليون نشأة احلرب احلديثة" ع‪.)2007‬فقد مانت اجليوش ضختمة عةى ماتو‪،‬ى العدس‪ ،‬إذ‬ ‫يقدر البالثون عدس اجلهوس الفرنايِّي بِـ ‪ ،1.500.000‬واجلهوس الربيطانيِّي بِـ ‪.750.000‬هذا ي الوقت الذي‬ ‫مان فيه عدس الاكان ي فرناا يهاهم ‪ 27‬مةيون ناتمة‪ ،‬و ي بريطانيا ‪ 12‬مةيون ناتمة‪.‬متما أن هذه اجليوش‬ ‫توفرت عةى تكوي أماسميي خمروص‪ ،‬واستعتمةت مدفعية مثيفة ومتطورة بفعل ما وفرته التقهيات املرتبطة بالثورة‬ ‫الرهاعية‪.‬‬ ‫مالحظة ثالثة اخلااير البشرية‪ ،‬م قتةى وجرلى ومرضى‪ ،‬مانت ثقيةة جدا مةيونان عةى الرعيد‬ ‫األورويب‪.‬وهذا رق مبري جدا بالقيا إىل عدس الاكان ي بداية القرن التاسع عشر‪.‬وهذه بعض األرقام‬ ‫‪ 800.000‬قتيل م جراء الثةوج الروسية‬ ‫‪ 600.000‬قتيل مدين‬ ‫‪9‬‬  ‫‪ 400.000‬قتيل عاكري‬ ‫ويذهب بعض الدارسِّي هلذا املوضوع هبذه األرقام الرمسية‪ ،‬الهابعة م أرشيفات وزارات الدفاع األوروبية‪،‬‬ ‫إىل مخاة ماليِّي م الةحايا‪ ،‬باالستهاس إىل خمتةف املؤشرات اليت متهحضا مذمرات ومراسالت الةباط واجلهوس‬ ‫الذي شارموا ي هذه احلروب‪.‬‬ ‫مالحظة رابعة انطةقت هذه احلروب ي سياق الرراع بِّي فرناا وبريطانيا سهة ‪ 1805‬مع معرمة‬ ‫الطرف األغر‪.‬مان الطرفان قد وقَّعا عةى معاهدة أميان ع‪ )Traité d’Amiens‬ي اخلامس والعشري م مار‬ ‫عام ‪ 1802‬اليت وضعت لدا لهفوذ فرناا ي مهطقة الشرق العريب عقب اهلجتمة عةى مرر‪.‬لك ‪ ،‬ي واقع األمر‪،‬‬ ‫مل تك هذه املعاهدة سو‪،‬ى هدنة مؤقتة لتضدية التهافس االستعتماري الذي انطةق بِّي األم األوروبية‪ ،‬ذلك أن‬ ‫الرغبة ي باط اهليتمهة عةى العامل جعةت أطراف املعاهدة خترج ع مقتةياهتا وإعالن احلرب‪.‬‬ ‫‪ -‬الطرف الأغأر )‪1805 (Trafalgar‬‬ ‫أست الرراعات بِّي فرناا وبريطانيا إىل نقض معاهدة أميان‪ ،‬وسخول الطرفِّي ي لرب ماللية‬ ‫جهوب إسبانيا‪ ،‬بِّي مديهيت قاس وطريفة‪ ،‬عةى مقربة م مةيق جبل طارق‪.‬مان األسطول الفرناي‪ ،‬بقياسة‬ ‫األمريال فيةهوف ع‪ ،)Villeneuve‬الذي انةتمت إليه البحرية اإلسبانية‪ ،‬يتوفر عةى ‪ 33‬سفيهة لربية‪ ،‬بيهتما مل‬ ‫يك لألسطول الربيطاين سو‪،‬ى ‪ 27‬بارجة‪.‬لك باملقابل‪ ،‬مانت البحرية املةكية الربيطانية تتوفر عةى جتربة مبرية ي‬ ‫إىل هذا التفوق العدسي‪ ،‬تقةي باهلجوم عةى إجنةارا‬ ‫جمال احلروب املاللية‪.‬مانت خطة نابوليون‪ ،‬بالقيا‬ ‫وإخةاعضا لاةطته‪ ،‬غري أن القدرة التكتيكية الربيطانية تفوقت مثريا عةى هذه اخلطة‪ ،‬إذ مت استدراج األسطول‬ ‫الفرناي إىل جهوب إسبانيا‪ ،‬ومباغتته‪ ،‬وتدمري نرف سفهه‪ ،‬وذلك يوم ‪ 21‬أمتوبر ‪ ،1805‬ي لِّي مل يفقد‬ ‫األسطول الربيطاين‪ ،‬بقياسة األمريال نيةاون ع‪ )Nelson‬الذي مات ي املعرمة‪ ،‬ولو سفيهة لربية والدة‪.‬‬ ‫يتبِّي إىل أي لد مل ياتاغ نابوليون هذه اهلممية‪ ،‬إذ عتمل ما‬ ‫وباالستهاس إىل وثايق البحرية الفرناية‪َّ ،‬‬ ‫بوسعه لطتمس ذمرها عةى لاان الرحافة الفرناية‪.‬عقب اهلممية‪ ،‬ملا مان عةى أبواب مديهة فييها قال لوزير‬ ‫البحرية "عةى الرحف أال تتكة ع معرمة الطرف األغر‪..‬فاألمر يتعةق مبعرمة طايشة َّ‬ ‫عذبتها فيضا العاصفة‬ ‫أمثر مما قضرنا فيضا العدو"‪.‬وسفعت هذه اهلممية نابوليون إىل إعاسة الهظر ي البحرية الفرناية‪ ،‬بالعتمل عةى‬ ‫تطويرها‪.‬فقد أمر باالستتمرار ي بهاء الاف ‪ ،‬وحتاِّي املوانئ‪ ،‬وإنشاء مدار خاصة لةتكوي ي ميدان املاللة‬ ‫‪10‬‬ ‫العاكرية ي مديهيت بريات بالشتمال الغريب عةى احمليط األطةهيت‪ ،‬وتولون باجلهوب عةى سالل البحر األبيض‬ ‫املتوسط‪.‬‬ ‫م اجلانب الربيطاين‪ ،‬ألَّف املؤرخون والاياسيون واألسباء الكثري ع هذه املعرمة‪.‬لك اإلجنةيم‪،‬‬ ‫الذي التفةوا هبذا الهرر التفاال مبريا عام ‪ 1905‬مبهاسبة مرور ماية سهة عةى احلدث‪ ،‬ولىت عام ‪ 2005‬حبةور‬ ‫املةكة إليمابيث الثانية ي استعراض ماللي مبري‪ ،‬غالبا ما ياتحةرون هذا احلدث بااللتفاء بةولة زيتية م‬ ‫احلج الكبري مان قد رمسضا وليام براسي ُهول ي الهرف الثاين م القرن التاسع عشر متثل موت األمريال نيةاون‬ ‫ ي املعرمة وختةد ذمره باعتباره "بطال م أبطال البحرية املةكية"‪ ،‬ليس فقط ي أعِّي الربيطانيِّي‪ ،‬بل لىت بالهابة‬ ‫إىل وزير املاللة واملاتعتمرات الفرناي سونيس‬ ‫لةفرنايِّي‪ ،‬متما جاء ي التقرير الذي رفعه القبطان لوما‬ ‫سيكريس‪.‬‬ ‫مان م نتايج "مارثة الطرف األغر"‪ ،‬متما يقول املؤرخون الفرنايون‪ ،‬أن عجمت فرناا ع الةحاق‬ ‫بِـ "البحرية املةكية" الربيطانية‪ ،‬عةى الرغ م جضوس نابوليون املاللية‪ ،‬فخةعت الاوالل الفرناية حلرار م‬ ‫طرف سف بريطانيا‪ ،‬مما أضر مثريا بالتجارة املاللية الفرناية‪ ،‬وأجرب نابوليون عةى االحنرار ساخل القارة‪.‬أما‬ ‫بريطانيا‪ ،‬فأمدت سياسهتا الكامةة عةى البحار واحمليطات‪ ،‬باعتبارها أقو‪،‬ى أمة ماللية ي أوروبا‪ ،‬و ي العامل بأسره‬ ‫وي أسميهس‪ ،‬إىل‬ ‫طيةة القرن التاسع عشر‪.‬هذا ما سفع الكثري م البالثِّي‪ ،‬و ي مقدمتض البالث الربيطاين ُر ْ‬ ‫القول بأن هذه املعرمة مانت فاصةة ي الهالية التارخيية‪ ،‬بل إهنا "غريت وجه العامل"‪.‬‬ ‫ويعقد عدس م املؤرخون مقارنة بِّي معرميت الطرف األغر وواتريلو الةتِّي اهنمم فيضتما نابوليون‪ ،‬األوىل‬ ‫ ي البحر والثانية ي الرب‪.‬فكالمها مانت أمام بريطانيا‪ ،‬ومالمها مرستا هيتمهة هذه األخرية عةى البحر والرب عةى‬ ‫الاواء‪.‬وم أه الدراسات اليت سارت ي هذا االجتاه تةك اليت قام هبا روين مايْ عام ‪ ،1955‬ونعت فيضا‬ ‫الطرف األغر بِـ "واتريلو املاللية"‪ ،‬اليت مانت آخر أمرب معرمة حبرية تقام باألشرعة‪ ،‬ذلك أن احلروب املاللية‬ ‫تطورت بعد ذلك تطورا مبريا‪.‬‬ ‫‪ -‬احتالل ألمانيا ‪1807-1806‬‬ ‫عقب هممية الطرف األغر‪ ،‬وجه نابوليون أنظاره م جديد إىل القارة‪ ،‬وخاصة إىل أملانيا‪ ،‬مرنمما‬ ‫جضوسه عةى حماربة بريطانيا اقتراسيا‪ ،‬بفرض لرار جتاري عةيضا‪ ،‬إذ مهع عةى البةدان األوروبية اخلاضعة له م‬ ‫نتايج هذا احلرار املعروف تارخييا بِـ "احلرار القاري" ع ‪Blocus‬‬ ‫التعامل التجاري معضا‪.‬ومان م‬ ‫‪)continental‬‬ ‫‪11‬‬  ‫‪ -‬رموس التجارة ي بريطانيا‬ ‫‪ -‬رموس املعامالت البهكية‬ ‫‪ -‬رموس الرهاعة‬ ‫مانت أملانيا ي بداية القرن التاسع عشر مشتتة إىل إمارات ومهاطق ماتقةة بعةضا ع بعض‪،‬‬ ‫لدرجة أن الفرنايِّي مانوا يتحدثون ع أملانيا بريغة اجلتمع ع‪.)Les Allemagnes‬وم أه هذه اإلمارات‬ ‫واملهاطق بْروسيا‪ ،‬وبافاريا‪ ،‬وريهانيا‪ ،‬وويافاليا‪ ،‬والاامس‪ ،‬واليت مل تعرف الولدة الاياسية إال مع بياتمارك عام‬ ‫‪.1871‬لك ‪ ،‬رغ هذا الشتات‪ ،‬اشارك األملان مهذ القرن الااس عشر‪ ،‬قرن الهضةة واإلصالح الديين‪ ،‬ي الةغة‬ ‫عاألملانية)‪ ،‬و ي قي مثرية‪ ،‬ي طةيعتضا املذهب الربوتاتانيت عالةوثريية) وإعتمال العقل واالبتكار والتجديد‪.‬وهذه‬ ‫القي هي اليت أهةتض لِةَعِب أسوار طاليعية ي وقت اللق‪.‬‬ ‫ ي مرلةة أوىل‪ ،‬سيطر جيش نابوليون عةى جمتموعة م املهاطق‪ ،‬خاصة مهطقة بافاريا‪،‬‬ ‫وعاصتمتضا ميونيخ‪ ،‬مث ي مرلةة ثانية هج عةى ممةكة بْروسيا ع‪ )La Prusse‬ي اجلضة الشرقية عةى احلدوس مع‬ ‫بولهدا‪.‬ي البداية‪ ،‬قاوم مةك بْروسيا فريديريك غةيوم الثالث املد الهابوليوين‪ ،‬لك الفوز مان م نريب فرناا‪ ،‬إذ‬ ‫جيش فريديريك ي ‪ 14‬أمتوبر ‪.1806‬و ي ‪ 27‬م نفس الشضر سخل نابوليون مديهة‬ ‫جيش نابوليون َ‬ ‫سحق ُ‬ ‫َ‬ ‫برلِّي‪.‬‬ ‫ومان م اإلجراءات اليت اختذها نابوليون مهع التجارة مع بريطانيا‪ ،‬ي إطار احلرار القاري الذي‬ ‫عوضه اقتراسيا‪.‬‬ ‫انةتمت إليه البةدان الاكهدنافية‪.‬فتما عجم عهه نابوليون ي صراعه مع بريطانيا عاكريا‪َّ ،‬‬ ‫وم جضة أخر‪،‬ى‪ ،‬عتمل نابوليون عةى إعاسة هيكةة خريطة أوروبا‪ ،‬إذ مجع شتات بولهدا لول إمارة‬ ‫فارسوفيا‪ ،‬وجعل م بةجيكا بةدا قايتما بذاته بعدما مان جمءا م أراضي هولهدا‪.‬لك أثر نابوليون يظضر أمثر ي‬ ‫أملانيا اليت عرفت تغريات ترابية شامةة‪.‬فقد مجع أملانيا ي ‪ 39‬إقةيتما بعدما مانت مشتتة ي ‪ 350‬إقةي ‪ ،‬ليث‬ ‫قةى عةى ما يعرف بِـ "اإلمرباطورية اجلرمانية املقدسة" وتعويةضا بِـ "مونفيدرالية الراي " اليت صارت حتت "احلتماية‬ ‫مدونته القانونية اليت عوضت القوانِّي املتعدسة اليت مانت تاوس ي خمتةف األرجاء‪،‬‬ ‫الفرناية"‪ ،‬وفرض عةى البالس َّ‬ ‫ماتمى "القانون النريهاين"‪ ،‬متما يقول ميشال مريوتريت ي سراسة حتت عهوان "إمارات أملانيا حتت لك‬ ‫حتت َّ‬ ‫نابوليون"‪.‬ورغ مل شيء‪ ،‬فإن بْروسيا استفاست مثريا م هذه اهليكةة الارابية اجلديدة‪ ،‬إذ ضتمت إليضا عدسا م‬ ‫اإلمارات الرغرية اليت ظضرت عةيضا البرتمة القانونية الفرناية‪ ،‬ولفمت بورجوازيتضا وأرستقراطيتضا املاتهرية عةى‬ ‫االستثتمار ي العة والرهاعة‪ ،‬مما أهةضا لتكون فيتما بعد عةى رأ أملانيا برمتضا‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫مان األملان‪ ،‬الذي عانوا م الشتات الاياسي‪ ،‬معجبِّي بالدولة القومية الفرناية وبعظتمة هذه‬ ‫الدولة اليت جادها نابوليون‪.‬األملان الذي عرفوا الربوتاتانتية مع لوثر‪ ،‬وعرفوا التهوير مع مانط‪ ،‬مل يعرفوا الدولة‬ ‫القومية املةتفَّة لول لام مو نلد وقوي‪.‬ويعرب هيجل تعبريا واضحا ع هذا األمر‪.‬ي هذا الردس‪ ،‬غالبا ما يذمر‬ ‫البالثون ما متبه هذا الفيةاوف ي رسالة موجضة إىل صديقه نياهتامر بتاريخ ‪ 13‬أمتوبر ‪ ،1806‬ي وقت مان‬ ‫قد أمتَّ فيه مؤلَّفه "فيهوميهولوجيا الروح" "رأيت اإلمرباطور عنابوليون) روح العامل هذه‪ ،‬ي برلِّي يتفقد األلوال‪.‬إنه‬ ‫إللاا رايع أن ير‪،‬ى املرء شخرا مثل نابوليون ي مكان بعيهه وهو عةى صضوة جواسه‪ ،‬ياوس عةى العامل "‪.‬ي‬ ‫سراسة حتت عهوان "نابوليون بطل هيجةي"‪ ،‬يقول نيكوال بروسار‬ ‫"ما معىن ذلك م زاوية فةافة التاريخ؟‪...‬أن يُتِ فيةاوف احلداثة الكبري حترير "فيهوميهولوجيا الروح" عشية‬ ‫سخول نابوليون املديهة ‪ ،‬هذا احلدث الذي ال يتكرر إال مل ماية أو ألف سهة‪ ،‬معهاه أن األمر يرتبط‪ ،‬م مهظور‬ ‫هيجةي‪ ،‬بطارية تارخيية‪ ،‬التقى فيضا التاريخ الاياسي بالفةافة أجنم نابوليون عةى ماتو‪،‬ى الفعل الاياسي ما‬ ‫لققه هيجل عةى ماتو‪،‬ى الفكر‪ ،‬إذ أسرك نابوليون‪ ،‬فعةيا‪ ،‬ذلك املطةق الذي عرضه هيجل معرفيا ي‬ ‫"فيهوميهولوجيا الروح"‪.‬‬ ‫ماذا ميك أن ناتهتج م هذه الرورة اليت رمسضا هيجل؟ ي ذلك اليوم‪ ،‬مل يك عةى هيجل أن يقرأ‬ ‫الرحف متما مانت عاسته‪ ،‬ألن احلدث التارخيي‪ ،‬ذلك الراه املطةق ي التاريخ‪ ،‬مان جيري أمام أعيهه مباشرة‪.‬‬ ‫واألمثر م ذلك‪ ،‬رأ‪،‬ى هيجل نابوليون وهو خيرج م املديهة لتفقد األلوال‪ ،‬لك نابوليون مل ير هيجل‪.‬مان‬ ‫هيجل يعرف ما يفعةه نابوليون‪ ،‬ي لِّي مان نابوليون جيضل ما مان يعرفه هيجل‪.‬ولذلك‪ ،‬مان نابوليون حيقق م‬ ‫ليث ال يدري فةافة التاريخ اهليجةية‪.‬مان نابوليون‪ ،‬باعتباره أساة لةتمطةق عةى مارح العامل‪ ،‬قد صار بطال‬ ‫لةتاريخ احلديث‪.‬وأخريا‪ ،‬إذا مانت لرمة نابوليون تقةي بتحي ٍ‬ ‫ِّي مةتمو لةتمطةق‪ ،‬فإهنا مانت ذات مسة مجالية‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬متب هيجل إىل صديقه نياهتامر "إنه إللاا رايع أن ير‪،‬ى املرء شخرا مثل نابوليون"‪.‬لقد مانت‬ ‫لرمة نابوليون بالفعل فوق العاسة وعجيبة‪.‬‬ ‫‪ -‬الحملة على روسيا ‪1812‬‬ ‫اعترب نابوليون الايطرة عةى أملانيا‪ ،‬وعةى ممةكة بْروسيا‪ ،‬متضيدا لةذهاب بعيدا باجتاه الشرق‬ ‫لةضجوم عةى روسيا‪.‬عةى ماتو‪،‬ى القارة‪ ،‬خةعت مل البةدان لفرناا‪ ،‬م إسبانيا إىل أملانيا‪ ،‬وم إيطاليا إىل‬ ‫بةجيكا‪ ،‬وم هولهدا إىل الهاماا وبولهدا‪ ،‬إذ مل تبق سو‪،‬ى روسيا اليت مان حيكتمضا اإلسكهدر األول‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫الرو ختوفوا‬ ‫مان نابوليون ياعى إىل إقهاع قيرر روسيا بقطع صالته التجارية مع بريطانيا‪.‬لك ُّ‬ ‫م الاياسة التوسعية الفرناية‪ ،‬فاستتمروا ي التعامل مع الربيطانيِّي إذ فتحوا موانئض لةتجارة معض ‪.‬هذا ما سفع‬ ‫نابوليون إىل اختاذ قرار اهلجوم عةى روسيا‪ ،‬بالرغ م حتذيرات الدبةوماسيِّي الفرنايِّي العارفِّي بشؤون روسيا‪.‬‬ ‫جضم نابوليون جيشا م ‪ 450.000‬جهدي‪ ،‬مكون م خمتةف اجلهايات‪ ،‬عُرف باس "اجليش‬ ‫العظي "‪ ،‬استعداسا لش لرب عةى روسيا‪ ،‬مانت م أشد احلروب سمارا وسموية ي التاريخ األورويب‪ ،‬وذلك سهة‬ ‫‪.1812‬وقد اختذت املعرمة اليت جرت بِّي الطرفِّي تاتميتِّي خمتةفتِّي‬ ‫معرمة موسكوفا ع‪ )Moscova‬بالهابة لةفرنايِّي‬ ‫لةرو‬ ‫معرمة بوروسيهو ع‪ )Borodino‬بالهابة ُّ‬ ‫الرو‬ ‫همم جيش اإلسكهدر األول‪ ،‬والدخول إىل موسكو‪.‬ومان رس فعل ُّ‬ ‫استطاع جيش نابوليون َ‬ ‫أن هجروا مديهتض وألرقوها وترموا نابوليون ي لرية م أمره ال يعرف ما يرهع ي موسكو‪.‬فكل القياسة الروسية‬ ‫الرو يراههون عةى جميء فرل الثةوج لش‬ ‫انتقةت إىل مديهة سان بيارسبورغ‪.‬مان الشضر شضر أمتوبر‪ ،‬ومان ُّ‬ ‫الرو بقياسة اجلهرال ميخاييل موتوزوف الذي‬ ‫هجوم مةاس عةى جيش نابوليون‪.‬و ي انتظار حلظة احلا ‪ ،‬انتظ ُّ‬ ‫محل اس جهرال الثةج واجلةيد‪ ،‬وشهُّوا هجوما عةى الفرنايِّي وقت تااقط الثةوج‪ ،‬فتمات مهض الهرف‪ ،‬أي ما‬ ‫يفوق ‪ 200.000‬جهدي بابب قطع اإلمداسات وتفشي الربس القار ‪.‬‬ ‫اهنمم اجليش الفرناي ي هناية املطاف‪.‬مان موتوزوف يرغب ي إلقاء القبض عةى نابوليون‪ ،‬لك‬ ‫هذا األخري متك م اهلرب صحبة ضباطه الكبار‪ ،‬والرجوع إىل باريس‪.‬لك األه مان قد حتقق‪ ،‬إذ شكةت‬ ‫هذه اهلممية بداية لاراجع قوة نابوليون ي أوروبا‪.‬و ي املقابل‪ ،‬امتابت روسيا قيتمة مبرية ي املهتظ األورويب‪ ،‬إيذانا‬ ‫بالتالهلا لواجضة التحوالت اليت عرفتضا القارة فيتما بعد‪.‬‬ ‫مانت احلرب الفرناية‪-‬الروسية فظيعة ال توازيضا سو‪،‬ى احلرب عةى هيتةر إبان احلرب العاملية الثانية‪،‬‬ ‫عهدما تكرر سيهاريو اجلوع واملوت م شدة الربس‪.‬هذا ما تذمره الوثايق احملفوظة ي ماتوسعات الوثايق بباريس‬ ‫وموسكو‪ ،‬وأيةا الرسايل واملذمرات اليت تبقى مردرا رييايا لفض املآسي الكثرية اليت تاببت فيضا هذه احلرب‬ ‫بالهابة لةعاكريِّي واملدنيِّي عةى الاواء‪.‬ي البداية‪ ،‬مان ضباط "اجليش العظي " عةى قهاعة مبرية جبدو‪،‬ى هذه‬ ‫احلرب اليت مان م شأهنا‪ ،‬ي نظره ‪ ،‬أن جتةب إليض اجملد‪.‬يقول ضابط بولهدي شارك ي هذه احلرب‪ ،‬ي‬ ‫مذمراته‬ ‫‪14‬‬ ‫هيا يا‬ ‫"مهذ األلداث العاكرية األخرية‪ ،‬استعاس الةباط الشباب الثقة ي جنتمة نابوليون‪.‬لىت لو قال هل‬ ‫ضباط‪ ،‬عةيك بغمو القتمر‪ ،‬استجابوا‪ ،‬وقالوا مسعا وطاعة! مل نك حنة سو‪،‬ى باملعارك واالنترارات‪..‬مل نك‬ ‫الرو لةاة وتفاسي القتال"‪.‬‬ ‫خنشى إال مباسرة ُّ‬ ‫مان ذلك جم رس لة ‪ ،‬ألن الواقع مان أقو‪،‬ى وأشد‪ ،‬ومانت املآسي أمثر مما تروره هؤالء الةباط‪ ،‬إذ‬ ‫سرعان ما واجه اجلهوس تةاريس خميفة وطرقات وعرة وأجواء مهاخية قاسية‪ ،‬وخي العياء عةى األجاام م شدة‬ ‫املشي وقةة الهوم‪.‬مث إن األقوات صارت تقل مع مرور الوقت‪ ،‬ففار احلتما ‪ ،‬والح املوت ي األفق‪ ،‬لىت أن بعض‬ ‫اجلهوس بكوا م الغ ن الذي خي عةى احلرب‪.‬هذا ما ترويه املذمرات‪.‬نقرأ ي مذمرة ألد لر نابوليون "مانت‬ ‫األرض غارقة ي الدم‪ ،‬ومها منشي فوق اجلثث"‪.‬‬ ‫وإىل جانب املذمرات‪ ،‬أسالت هذه احلرب مداسا مثريا بقة مؤرخِّي وسياسيِّي وصحفيِّي متبوا ع‬ ‫هذه احلرب وتفاصيةضا ونتايجضا‪.‬نذمر م هذه الدراسات مؤلَّفِّي‪ ،‬والد مالسيكي ألَّفه عام ‪ 1949‬لويس‬ ‫ماسالن حتت عهوان "مارثة روسيا"‪ ،‬والثاين لديث الردور ع‪ )2012‬ملاري بيار ري‪" ،‬املأساة املخيفة قراءة‬ ‫جديدة ي تاريخ احلتمةة عةى روسيا"‪.‬‬ ‫‪Louis Madelin, La Catastrophe de Russie, Hachette, 1949.‬‬ ‫‪Marie-Pierre Rey, L’Effroyable Tragédie : Une nouvelle histoire de la campagne de Russie,‬‬ ‫‪Paris, Flammarion, 2012.‬‬ ‫ ي متاب املؤرخة الفرناية املتخررة ي تاريخ روسيا‪ ،‬ماري بيار ري‪ ،‬الذي صدر مبهاسبة مرور‬ ‫قرنِّي عةى احلدث‪ ،‬والذي استهد إىل وثايق مثيفة‪ ،‬روسية وفرناية‪ ،‬وتهاول املوضوع مبقاربة جديدة تقةي بتقاطع‬ ‫الرؤ‪،‬ى‪ ،‬الروسية والفرناية‪ ،‬ولىت رؤ‪،‬ى األوروبيِّي اآلخري الذي شارموا ي املعرمة‪ ،‬جيد القارئ ضالته‪.‬تتبعت‬ ‫البالثة فرول احلتمةة عالدخ ول إىل الاراب الروسي‪ ،‬معرمة بوروسيهو‪ ،‬التالل موسكو‪ ،‬إلراق املديهة‪ ،‬باالة‬ ‫الرو ‪ ،‬الاراجع‪ ،‬اهلممية)‪ ،‬لتخةُص إىل أ ن هذه احلرب شكةت "مأساة بشرية ضختمة"‪.‬وم جضة أخر‪،‬ى‪ ،‬شدست‬ ‫ُّ‬ ‫البالثة عةى "نشأة الشعور الوطين الروسي"‪ ،‬مون أن ألداث شتهرب‪-‬أمتوبر ‪ 1812‬مانت حبق مهطةقا لألمة‬ ‫الروسية‪.‬‬ ‫وباإلضافة إىل املذمرات والدراسات أغرت احلتمةة عةى روسيا قة وريشة األسباء والفهانِّي م خمتةف‬ ‫األقطار‪.‬وتبقى رواية األسيب الروسي ليون تولاتوي "لرب وسة "‪ ،‬الراسرة أول األمر ي شكل فرول بِّي‬ ‫عامي ‪ 1865‬و‪ ،1869‬م أه ما ُمتب ي هذا الشأن‪ ،‬إذ يعتربها األسباء والهقاس م أروع الروايات ي تاريخ‬ ‫األسب العاملي بفةل غىن املشاهد وواقعيتضا والتوصيفات الهفاية اهلايةة اليت ميمت فقرات مثرية م هذا العتمل‬ ‫األسيب‪.‬‬ ‫‪15‬‬  ‫‪ -‬واتيرلو ومؤتمر فيينا ‪1815‬‬ ‫ياتمي الفرنايون املعرمة اليت اهنمم فيضا نابوليون‪ ،‬يوم ‪ 18‬يونيو م عام ‪ ،1815‬بِـ معرمة "مون‬ ‫سان جون" ع‪ ،)Mont Saint Jean‬وهو موقع ي بةجيكا عجهوب برومايل)‪ ،‬فيتما يهعتضا األملان بِـ "التحالف‬ ‫اجلتميل"‪.‬أما الربيطانيون فياتموهنا "واتريلو" ع‪ )Waterloo‬وهو اس القاعدة العاكرية اليت مان يرابط هبا جيش‬ ‫التحالف املكون م بريطانيا وبْروسيا وهولهدا وبةجيكا‪ ،‬بقياسة اجلهرال الربيطاين أرتري ويةهغتون ع‪.)Wellington‬‬ ‫تكون مبقتةى اتفاق لرل ي مؤمتر فييها ي مار ‪.1815‬‬ ‫عةتما بأن هذا التحالف قد َّ‬ ‫وبغض الهظر ع تفاصيل املعرمة اليت اهنمم فيضا جيش نابوليون‪ ،‬خبطة حمكتمة م جيوش التحالف‬ ‫املذمور ‪ ،‬ميك القول إهنا أهنت سةاةة احلروب الطويةة واملدمرة اليت جرت ببةدان عديدة م القارة األوروبية‪،‬‬ ‫وأوقعت نابوليون ي قبةة الربيطانيِّي الذي لباوه ي جميرة سانت هيةِّي الربمانية بعرض احمليط األطةهيت بِّي‬ ‫إفريقيا والربازيل‪.‬‬ ‫أسالت معرمة واتريلو الكثري م املداس خالل القرن التاسع عشر‪ ،‬ليس فقط م طرف الفاعةِّي‬ ‫املباشري عمذمرات)‪ ،‬واملؤرخِّي عمؤلفات ي شكل سراسات توصيفية أو حتةيةية)‪ ،‬بل أيةا بريشة عدس م الفهانِّي‬ ‫وقة أسباء مشضوري ‪ ،‬ي مقدمتض فيكتور هوغو الذي أبدع أشعارا ي سيوانه "العقوبات" ع‪ )1853‬أثار فيضا هذا‬ ‫احلدث‪ ،‬وإميل إريكتمان الذي متب عام ‪ 1865‬رواية بعهوان "واتريلو" جمَّد فيضا "الواجب الوطين"‪.‬‬ ‫أما الدراسات اجلامعية اليت تهاولت موضوع واتريلو فال تعد وال حترى‪ ،‬سواء تةك اليت أجنمها‬ ‫الفرنايون أو الربيطانيون أو األملان ولىت األمريكيِّي‪.‬وقد أشرنا إىل بعةضا ي اليحة املراجع‪.‬وبرأيها تبقى سراسة‬ ‫املؤرخ الربيطاين أندرو روبريتس عواتريلو رهان نابوليون األخري) م أه هذه الدراسات م ليث الهظرة إىل‬ ‫األمور‪.‬ير‪،‬ى روبريتس أن واتريلو هي اليت فتحت الباب أمام القرن التاسع عشر مع الهظام األورويب اجلديد الذي‬ ‫فرضه مؤمتر فييها‪ ،‬والذي سضرت عةيه بريطانيا‪.‬ومعىن ذلك‪ ،‬وفق مقاربته األجنةوساماونية الررفة‪ ،‬أن هممية‬ ‫نابوليون وضعت لدا لةقرن الثام عشر الطويل املتمتد ما بِّي الثورة اجلةيةة اإلجنةيمية ع‪ )1689‬ولدث ‪،1815‬‬ ‫ليث مانت قي الفروسية ما تمال حتافظ عةى أمهيتضا ي سةوك اجلهوس عةى الرغ م التقدم احلاصل آنذاك ي‬ ‫ميدان املدفعية‪.‬‬ ‫وم اجلانب الفرناي‪ ،‬ميك االلتفاظ هبذه املعرمة م زاوية الذامرة متما أبانت ع ذلك سراسات‬ ‫مثرية‪ ،‬انطالقا م مفضوم "موقع الذامرة" عةى الهحو الذي يظضر ي املؤلَّف الةخ الذي أشرف عةيه بيار نورا‬ ‫"مواقع الذامرة" ع‪.)1992-1984‬ميف تشكةت ذامرة واتريلو م خالل رصد ما خةفه الفاعةون الاياسيون‬ ‫‪16‬‬ ‫واالجتتماعيون املرتبطون باحلدث؟ وميف غذ‪،‬ى هذا احلدث هوية الفرنايِّي بتأويةه عةى طريقتض اخلاصة؟ م هذا‬ ‫املهظور‪ ،‬تظضر فايدة سراسة احلرب ليس م باب تفاصيل سالة الوغى‪ ،‬بل باأللر‪،‬ى بالارميم عةى وظيفة‬ ‫التتمثالت عوض الوقايع‪.‬ولذلك‪ ،‬تبدو اهلممية ومأهنا تربر تااؤالت تكتميةية ذات صةة بالتعبري ع ما ياتميه‬ ‫البالث الفرناي جون مارك الرجو ي سراسته "واتريلو ي ذامرة الفرنايِّي ‪ "1914-1815‬ع‪ )2001‬بِـ "اهلممية‬ ‫اجمليدة" باحلفر ي العالقات املوجوسة بِّي اهلممية واملخيال االجتتماعي‪ ،‬ونشأة وتطور املشاعر املوصوفة بِـ "الوطهية"‪.‬‬ ‫وم الوجضة اجليوسياسية‪ ،‬مان لدث واتريلو حمطة جديدة ي تاريخ أوروبا‪.‬فقد باسرت الدول‬ ‫األوروبية املعاسية لفرناا بالدعوة إىل مؤمتر أورويب لةبحث ي سبل طي صفحة نابوليون وفتح صفحة جديدة متبت‬ ‫بريطانيا عهاويهضا حبروف بارزة‪.‬هذا ما لرل ي مديهة فييها ما بِّي شضري شتهرب ‪ 1814‬ويونيو ‪.1815‬مان‬ ‫مؤمتر فييها لدثا سياسيا غري مابوق ي تاريخ القارة األوروبية‪ ،‬مونه أمرب جتتمع سياسي وسبةوماسي م نوعه إىل‬ ‫ذلك احلِّي‪.‬مانت الغاية اليت سطرهتا بريطانيا هي العوسة بأوروبا إىل وضع ما قبل الثورة الفرناية ع‪ )1789‬وتثبيت‬ ‫سعاي األنظتمة املةكية بالتأميد عةى شرعية الاالالت احلامتمة‪ ،‬وإلالل الاالم ي أرجاء القارة‪.‬‬ ‫هيتم عةى املؤمتر ما يعرف بالتحالف الرباعي املهترر عةى نابوليون بريطانيا وممثةضا اجلهرال‬ ‫ويةهغتون‪ ،‬وروسيا وقيررها اإلسكهدر األول‪ ،‬وبْروسيا ووزير خارجيتضا مارل هارسنبريغ‪ ،‬والهاماا ووزير خارجيتضا‬ ‫ميارنيخ‪.‬وم اجلانب الفرناي لةر وزير اخلارجية شارل موريس تالرياند‪.‬عةى الرغ م هيتمهة التحالف الرباعي‬ ‫عةى املؤمتر ورغبة الدول األوروبية إخةاع فرناا‪ ،‬فإن هذه األخرية خرجت بأخف األضرار م هذا املؤمتر بفةل‬ ‫لهكة تالرياند الذي عرف ميف ميتص غةب هذه الدول لفاظا عةى ولدة بالسه الارابية‪.‬وحتكي املذمرات اليت‬ ‫متبضا املشارمون ي املؤمتر ميف أن وزير اخلارجية الفرناي استطاع‪ ،‬م خالل املوايد اليت مان ياضر عةى حتةريها‬ ‫ألد الطباخِّي املضرة‪ ،‬وهو أنطوان مارمي‪ ،‬تةطيف األجواء وحتقيق مكاسب هامة ي وجه الدبةوماسية "الشرسة"‬ ‫قاتموا بولهدا فيتما بيهض ‪.‬مان تالرياند قد استخدم سحر الطبخ الفرناي "ساللا‬ ‫الرو الذي َّ‬ ‫ل ْةربوسينِّي و ُّ‬ ‫مك م تفاسي "سالم‬‫سبةوماسيا هايال"‪ ،‬بتعبري املؤرخ روبريت فرانك املختص ي تاريخ العالقات الدولية‪ ،‬مما َّ‬ ‫مضِّي"‪.‬‬ ‫وبرفة عامة‪ ،‬مر املؤمتر هيتمهة بريطانيا عةى أوروبا والعامل‪ ،‬لكهه ضتم سةتما نابيا خالل‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬مل خيتل اختالال مبريا إال مع اندالع احلرب العاملية األوىل ي مطةع القرن العشري ‪.‬فقد‬ ‫استغةت بريطانيا ظروف الاة الهايب هذه ملواصةة إقالعضا االقتراسي وتقوية أسطوهلا املاللي والتجاري‬ ‫وإلكام قبةتضا عةى بقاع شاسعة م العامل عمهدا وأساراليا واهلهد وإفريقيا اجلهوبية)‪.‬وبذلك‪ ،‬صارت اإلمرباطورية‬ ‫‪17‬‬ ‫الربيطانية تتوفر عةى أمرب جيش ي العامل‪ ،‬وأمرب أسطول ماللي‪ ،‬وأمرب شبكة لديدية ع‪ 11.000‬مة )‪ ،‬وأمرب‬ ‫اقتراس بالتكار ‪ 90‬باملاية م اإلنتاج العاملي م الهايج و‪ 75‬باملاية م إنتاج الفح احلجري‪.‬متما صار بهكضا‬ ‫القومي‪ ،‬الذي مان قد رأ‪،‬ى الهور عام ‪ ،1694‬يتوفر عةى أعةى املدخرات ي العامل ويشرف عةى ‪ 700‬مؤساة‬ ‫مررفية و‪ 600‬شرمة‪.‬لرل هذا بامل وازاة مع الهتمو املتراعد لةتمدن‪ ،‬وخاصة مديهة لهدن اليت بةغ عدس سكاهنا‬ ‫مةيوين ناتمة لتكون أمرب مديهة ي العامل خالل القرن التاسع عشر‪.‬لك ما ميَّم التتمدُّن ي بريطانيا ي هذا القرن‬ ‫هو ظضور ما يعرف بِـ "الكومتاونم" عاملدن الاوساء اآلالت واملداخ العالية) اليت متب عهضا الكثري م الكتاب‪،‬‬ ‫أبرزه الروايي اإلجنةيمي تشارلم سيكهم ي روايته "أوقات عريبة" ع‪ ،)1854‬ليث تظضر مالمح الهظام الرأمسايل‬ ‫القاي عةى استغالل العتمال استغالال فالشا‪ ،‬وتةويث البيئة تةويثا مفرطا‪ ،‬عةى الهحو الذي يظضر ي مديهة‬ ‫مانشياار ومدن أخر‪،‬ى مثرية‪.‬‬ ‫‪18‬‬  ‫‪.3‬السياسة الداخلية‪ :‬مدونة نابوليون‬ ‫ ي بداية القرن التاسع عشر‪ ،‬شكةت فرناا مارلا مبريا لأللداث بالهابة ألوروبا‪.‬وقد جاد‬ ‫نابوليون هذا املارح الكبري‪ ،‬ليث مهح هلذه األلداث وجضا أوروبيا‪.‬يقول فيكتور هوغو ي خطاب باألماسميية‬ ‫الفرناية عام ‪ ،1841‬أي بعد وفاة نابوليون بعشري سهة‬ ‫مون سولة قوية ي قةب أوروبا وجعةضا ماحلر املهيع احلاض ملهاطق‬ ‫"سيطر نابوليون عةى جبال األلب والربانس‪ ،‬و َّ‬ ‫أوروبية عدة‪.‬مل شيء مان هايال ورايعا ي هذا الرجل ألنه مان فوق أوروبا متمهظر فوق املعتاس"‪.‬‬ ‫عقب سحقه لةتتمرسات املعاسية لةثورة وسيطرته عةى مشال إيطاليا وهجتمته عةى مرر‪ ،‬فرض‬ ‫نابول يون نفاه عةى فرناا مأقو‪،‬ى رجل ي البالس‪ ،‬فاستطاع إزالة مل الشخريات الاياسية واهليتمهة عةى احلك‬ ‫هيتمهة تامة‪.‬عةى املاتو‪،‬ى الداخةي‪ ،‬شرع ي إصاللات مبرية ابتداء م عام ‪.1800‬م أمهضا‬ ‫عوض املهتخبِّي ي األقالي واجلضات مبوظفِّي تابعِّي لةاةطة املرممية‬ ‫إساريا‪ْ ،‬مرَمم الاةطةَ بشدة‪ ،‬إذ َّ‬ ‫ ي باريس‪ ،‬ليفرضوا عةى الشعب الفرناي قوانِّي صارمة م شأهنا ضبط األمور‪.‬متما أعاس تهظي جضاز املالية‬ ‫العتمومية فيتما يتعةق بالةرايب‪ ،‬واخلروصية أيةا‪ ،‬خاصة األبهاك وعالقاهتا ببهك فرناا املرممي الذي أنشأه‬ ‫نابوليون عام ‪ ،1800‬والذي انطةق بقدر مايل مبري جدا بالقيا إىل هذه املرلةة عثالثِّي مةيون فرنك) ليث‬ ‫صار م اختراصه إصدار األوراق البهكية‪.‬وم جضة أخر‪،‬ى‪ ،‬أعاس تهظي احملام بفرض تر ٍ‬ ‫اتبية مةممة بِّي رجال‬ ‫وزي خاص بالقةاة واحملامِّي‪.‬ولذلك‪ ،‬ميك القول إن الدولة املرممية ي فرناا‪ ،‬اليوم‪ ،‬موروثة ع سولة‬ ‫القانون‪ٍّ ،‬‬ ‫نابوليون‪.‬‬ ‫صهاعيا وعتمرانيا‪ ،‬لفَّم الطبقة البورجوازية املهتررة ي الثورة الفرناية عةى االستثتمار ي االخاراعات‬ ‫التقهية القاسمة م إجنةارا‪ ،‬وإنشاء املرانع‪ ،‬السيتما مرانع احلديد والهايج‪ ،‬وتطوير صهاعة الاف ‪ ،‬وتهشيط‬ ‫ال تجارة اليت انتظتمت ي غرف جتارية وحمام لةتجارة لةفرل ي اخلالفات والهماعات‪.‬ففي مديهة باريس ولدها‪،‬‬ ‫مانت غرفة التجارة قد سةَّتمت‪ ،‬ي عضد نابوليون ‪ 30.000‬م العقوس التجارية ع‪.)patentes‬وم جضة أخر‪،‬ى‪،‬‬ ‫اهت نابوليون بتضيئة املدن الكرب‪،‬ى م ليث اإلنارة والارصيف وتاتمية الشوارع واألزقة‪ ،‬وتهظي لرمة الاري‬ ‫واجلوالن‪.‬هذا باإلضافة إىل االعتهاء بالطرق اليت تعد شريان االقتراس‪ ،‬إذ أنشأ مديرية لةطرق والقهاطر ضتمت‬ ‫‪19‬‬ ‫‪ 440‬مضهدسا اشتغةوا حتت إمرة املضهد لويس ماتيو ُمويل الذي "مان يةع أمام نابوليون ميمانية األشغال‬ ‫الكرب‪،‬ى املتعةقة بالطرقات اجلديدة وإصالح الطرقات القدمية والقهاطر والقهوات املاللية"‪.‬‬ ‫عةى ماتو‪،‬ى املعرفة والتعةي والبحث العةتمي‪ ،‬أسس عام ‪" 1808‬الوثايق الوطهية الفرناية"‪ ،‬بعد‬ ‫ليازة قرر سوبيم بباريس وختريره إليواء األرشيف‪ ،‬وأنشأ ي نفس الاهة "اجلامعة اإلمرباطورية" ع‪université‬‬ ‫‪ ،)impériale‬اليت متيمت بررامة األساتذة واإلساريِّي وانةباط الطالب‪ ،‬ليس فقط م ليث التكوي ‪ ،‬بل أيةا‬ ‫عةى ماتويات أخر‪،‬ى‪ ،‬مثل ضرورة ارتداء المي املولد‪ ،‬وإصدار العقوبات القاسية ي لق الطالب‪ ،‬واليت مانت‬ ‫تذهب إىل لد احلبس ملدة سهة مامةة‪.‬وعةى ماتو‪،‬ى القاعدة‪ ،‬اهت املاؤولون الفرنايون‪ ،‬وفاء ملباسئ الثورة‬ ‫بومرول‪ ،‬ألد اإلساريِّي‬ ‫الفرناية‪ ،‬بالتعةي وحمو األمية‪ ،‬خاصة ي البواسي واملهاطق الهايية‪.‬هذا ما قام به فراناوا ُ‬ ‫احملهكِّي الذي اعتتمد عةيض نابوليون‪ ،‬إذ تعضد بإنشاء املدار االبتدايية ي مل مقاطعات البالس‪.‬‬ ‫ففي ظرف عشر سهوات‪ ،‬أي إىل لدوس عام ‪ ،1810‬تغري وجه فرناا تغريا شامال لىت أصبحت‬ ‫منوذجا يقتد‪،‬ى به ي عدس م بةدان أوروبا الغربية‪ ،‬ليس فقط ي جماالت اإلسارة والقةاء واملالية والتعةي والعتمران‪،‬‬ ‫بل أ يةا ي مياسي الثقافة والفهون‪ ،‬وذلك بتشجيع املارح واملوسيقى والرس ‪ ،‬وتقدير إبداعات األسباء والشعراء‪،‬‬ ‫اليت واصةت ما أنتجه فالسفة األنوار ي القرن الثام عشر‪.‬فاملارح‪ ،‬مثال‪ ،‬صار مدرسة لقيقية لتعةُّ املدنية‪،‬‬ ‫وإسماج عتموم الها ي األخالقيات اجلديدة اليت أجنبتضا الطبقة البورجوازية‪.‬‬ ‫"املدونة املدنية" ع‪.)le code civil des Français‬وضعت‬ ‫ويبقى أه إجناز ترمه نابوليون هو َّ‬ ‫املدونة‪ ،‬اليت ُشنرعت ي ‪ 21‬مار ‪ ،1804‬قوانِّي واضحة وحمدَّسة لتهظي احلياة القانونية والفرل ي الهماعات‬ ‫هذه َّ‬ ‫بِّي األفراس واملؤساات‪.‬وقد مهَّت قانون األشخاص‪ ،‬وقانون األمالك‪ ،‬وقانون العالقات بِّي الها ‪.‬ومةضا قوانِّي‬ ‫املدونة بقوانِّي أخر‪،‬ى‪ ،‬مثل‬ ‫خةعت لةتمحام م خالل رؤساء هذه احملام والقةاة واحملامِّي‪.‬وامتتمةت هذه َّ‬ ‫"مدونة نابوليون" ع ‪Le code‬‬ ‫َّ‬ ‫املدونة املدنية حتتمل اس‬ ‫مدونة التجارة ع‪.)1807‬ففي هذه الاهة‪ ،‬أصبحت َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪.)Napoléon‬‬ ‫األسر‬ ‫املدونة‪ ،‬ووعيا مهه بأمهيتضا‪ ،‬ما قاله نابوليون ي هناية لياته‪ ،‬وهو ي ْ‬ ‫ومما يدل عةى أمهية هذه َّ‬ ‫لد‪،‬ى الربيطانيِّي جبميرة سانت هيةِّي‬ ‫انتررت فيضا‪ ،‬ألن هذه االنترارات ستتمحوها هممية‬ ‫ُ‬ ‫"اجملد احلقيقي الذي لققتُه‪ ،‬ال يكتم ي األربعِّي معرمة اليت‬ ‫مدونيت املدنية"‪.‬‬ ‫واتريلو‪ ،‬وإمنا فيتما سيظل خالدا‪ ،‬أال وهي َّ‬ ‫‪20‬‬ ‫ما قاله نابوليون لرل بالفعل‪.‬ملا تو ي ي ‪ 5‬مايو ‪" ،1821‬تالشت ذمر‪،‬ى اإلمرباطور الذي غما أوروبا‬ ‫خمةنفا مئات اآلالف م الةحايا" وفق تعبري جاك أوليفيي ُ‬ ‫بوسون‪ ،‬وبقيت أعتماله‪.‬لىت الربيطانيِّي اعارفوا بذلك‪.‬‬ ‫وي هوسسون‪ ،‬لام جميرة سانت هيةِّي‬ ‫عقب وفاته‪ ،‬صرح لُ ْ‬ ‫"لقد مان أمرب عدو إلجنةارا‪ ،‬ويل أنا أيةا ‪ ،‬لكهين أغفر له مل شيء‪ ،‬إذ ما عةى املرء إال أن يشعر باحلارة عةى‬ ‫وفاة رجل عظي مثةه"‪.‬‬ ‫ومثة مةتمة أخرية‪.‬ملدة ست سهوات عاش نابوليون ي عملة باجلميرة املذمورة وسط احمليط األطةهيت‪ ،‬لكهه‬ ‫استطاع‪ ،‬بالرغ م ذلك‪ ،‬أن يتتبع ما حيرل م ألداث ي العامل م خالل الكتب والرحف اليت مانت ترس‬ ‫إىل اجلميرة ‪ ،‬وأيةا بواسطة الشخريات اليت مانت تموره م لِّي آلخر‪ ،‬وخاصة الةباط الربيطانيِّي العايدي م‬ ‫الرِّي واهلهد‪ ،‬والذي مانوا يكهنون له التوقري وااللارام‪.‬لقد قبع نابوليون ي الاج ‪" ،‬اب الثورة الفرناية" هذا‪،‬‬ ‫متما مان حيةو له أن يهعت نفاه‪ ،‬لك ظةه الثوري بقي فاعال ي أوروبا ولىت ي أمريكا‪ ،‬إذ غاسر عدس م‬ ‫الةباط الفرنايِّي‪ ،‬الذي ظةوا أوفياء ملباسيه وسياسته‪ ،‬فرناا وانتشروا ي إيطاليا وإسبانيا واليونان ماامهِّي ي‬ ‫املعارك التحررية والقومية‪ ،‬و ي أمريكا أيةا‪ ،‬ليث اخنرطوا متمرتمقة ي جيوش أمريكا الالتيهية‪ ،‬وشارموا ي لروب‬ ‫االستقالل ضد املاتعتمري األوروبيِّي‪.‬‬ ‫‪21‬‬