علوم القرآن الدوس الأول-1-3.pdf

‫علوم القرآن‬ ‫الفصل السابع‬ ‫السنة الدراسية الرابعة‬ ‫الدرس (‪)1‬‬ ‫الدّ رس (‪)1‬‬ ‫مقدمة عن علوم القرآن‬ ‫أوال‪ :‬تعريف علوم القرآن الكريم‪.‬‬ ‫تعريف هذا العلم يكون بطريقتني‪ :‬بالنظر إىل جزئيه املرتاكبني من مضاف ومضاف إليه‪ ،‬أو بالنظر إىل‬ ‫كونه َع َل ًم عىل ِعلم من العلوم‪.‬‬ ‫‪ -1‬املعنى ا...

‫علوم القرآن‬ ‫الفصل السابع‬ ‫السنة الدراسية الرابعة‬ ‫الدرس (‪)1‬‬ ‫الدّ رس (‪)1‬‬ ‫مقدمة عن علوم القرآن‬ ‫أوال‪ :‬تعريف علوم القرآن الكريم‪.‬‬ ‫تعريف هذا العلم يكون بطريقتني‪ :‬بالنظر إىل جزئيه املرتاكبني من مضاف ومضاف إليه‪ ،‬أو بالنظر إىل‬ ‫كونه َع َل ًم عىل ِعلم من العلوم‪.‬‬ ‫‪ -1‬املعنى اإلضايف‪:‬‬ ‫‪ ‬تعريف (علوم)‪:‬‬ ‫ لغ ًة‪ :‬مجع ِعلم‪ ،‬وهو مصدر للفعل َعلِم يع َلم‪ .‬ويرى ابن فارس َّ‬‫أن «العني والالم وامليم أصل‬ ‫صحيح واحد ّ‬ ‫بالّشء يتم ّيز به عن غريه»(‪ ،)1‬فاملتّصف بالعلم يتم ّيز به عن غريه‪ ،‬مثل‬ ‫يدل عىل أثر ّ‬ ‫ال َع َلم الذي هو الراية أو اجلبل‪ ،‬ومثل العالمة‪.‬‬ ‫ من أشهر معاين العلم‪:‬‬‫‪ ‬الفهم واملعرفة واإلدراك‪ :‬تقول‪ :‬علمت أركان الصالة‪ ،‬أي‪ :‬فهمتها وعرفتها‪.‬‬ ‫‪ ‬اجلزم واليقني‪ :‬تقول‪ :‬علمت َّ‬ ‫أن اهلل ليس كمثله يشء‪ ،‬أي تي ّقنت يقينا جاز ًما‬ ‫بذلك‪.‬‬ ‫اصطالحا‪ :‬له تعريفات كثرية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‬‫ً‬ ‫‪« ‬إدراك الّشء بحقيقته»(‪.)2‬‬ ‫‪« ‬املعلومات املنضبطة بجهة واحدة»(‪ ،)3‬فعلم النحو مثال ما هو إال مسائل ومعلومات‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫الفاعل مرفوع‪ ،‬واملضاف إليه جمرور وهكذا‪ ،‬وتلك املسائل جيمعها جامع واحد أو جهة‬ ‫واحدة‪ ،‬وهو كوهنا تتعلق بحركات أواخر الكلمت يف اللغة العربية‪.‬‬ ‫)‪ (1‬ابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪.109‬‬ ‫)‪ (2‬الراغب األصفهاين‪ ،‬املفردات يف غريب القرآن‪ .‬ص ‪.580‬‬ ‫بترصف‪.‬‬ ‫)‪ (3‬حممد عبد العظيم الزرقاين‪ ،‬مناهل العرفان يف علوم القرآن‪ .‬ج ‪ ،1‬ص ‪ّ 15‬‬ ‫‪2‬‬ ‫علوم القرآن‬ ‫الفصل السابع‬ ‫السنة الدراسية الرابعة‬ ‫الدرس (‪)1‬‬ ‫‪« ‬صفة تنكشف هبا األشياء ملن قامت به»‪.‬‬ ‫‪ ‬العلم هو‪« :‬صورة الّشء احلاصلة يف العقل»‪ ،‬وعىل كل حال فتعدّ د التعريفات ينبني عىل‬ ‫املعرف‪.‬‬ ‫يتعرض له ّ‬ ‫العلم الذي ّ‬ ‫‪ ‬تعريف (القرآن)‪:‬‬ ‫يقرأ‪ ،‬أي‪ :‬تال تالوة‪.‬‬ ‫قر َأ َ‬ ‫‪ -‬لغة‪ :‬املشهور أنه مصدر للفعل َ‬ ‫مثال الستخدام القرآن الكريم للفظ (قرآن) باملعنى اللغوي‪ :‬يقول ‪َ ﴿ :‬ال ح َُت ِّر ْك بِ ِه ل ِ َسان ََك ل ِ َت ْع َج َل‬ ‫ّبي‬ ‫بِ ِه إِ َّن َع َل ْينَا َ ْ‬ ‫مج َع حه َو حق ْرآ َن حه َفإِ َذا َق َر ْأنَا حه َفاتَّبِ ْع حق ْرآ َن حه حث َّم إِ َّن َع َل ْينَا َب َيا َن حه﴾ [القيامة‪« .]19 -1٦ :‬فاخلطاب للن ّ‬ ‫ُترك به) للقرآن ولو مل ِ‬ ‫جير له ذكر‪ ،‬لداللة احلال عليه»(‪ ،)1‬وقرآنه هنا أي‪:‬‬ ‫‪ ،‬واهلاء يف قوله‪( :‬ال ّ‬ ‫قراءته‪ ،‬وهو باملعنى اللغوي كم سلف‪.‬‬ ‫حرك بالقرآن‬ ‫نبي اهلل تعاىل إذا نزل عليه الوحي من القرآن ّ‬ ‫‪ ‬مناسبة نزول هذه اآليات‪« :‬كان ّ‬ ‫لسانه خمافة أن ينساه»(‪ ،)2‬فكأنّه يسابق جربيل ‪ ‬بالقراءة‪ ،‬وما ذلك إال حرصا منه عليه‬ ‫رّب وسالمه عىل حفظ ّ‬ ‫كل حرف منه‪ ،‬وتبليغه للنّاس كم أوحي إليه‪.‬‬ ‫صلوات ّ‬ ‫حيرك‬ ‫السابقة أصبح «يصغي وال ّ‬ ‫‪ ‬استجابته ‪ ‬ملدلول هذه اآليات‪ :‬بعد أن نزلت اآلية ّ‬ ‫لسانه‪ ،‬فإِذا فرغ جربيل وجد يف نفسه ما نزل عليه بال عالج وال زيادة وال نقص‪ ،‬فمعنى‪:‬‬ ‫( َفاتَّبِ ْع حق ْرآ َن حه) فاقرأ القرآن بعد جربيل ‪ ،‬وال تقرأه جمار ًيا له حني يقرأ»(‪.)3‬‬ ‫)‪ (1‬حممد بن يوسف أطفيش‪ ،‬تيسري التفسري‪ ،‬تح‪ :‬إبراهيم طالي‪ ،‬املطبعة العرب ّية‪ ،‬غرداية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ج‬ ‫بترصف‪.‬‬ ‫‪ ،15‬ص ‪ّ 425 – 424‬‬ ‫بترصف‪.‬‬ ‫)‪ (2‬حممد بن جرير الطربي‪ ،‬جامع البيان ‪ ،‬ج ‪ ،24‬ص ‪ّ ٦7‬‬ ‫)‪ (3‬حممد بن يوسف أطفيش‪ ،‬تيسري التفسري‪ ،‬تح‪ :‬إبراهيم طالي‪ ،‬املطبعة العرب ّية‪ ،‬غرداية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ج‬ ‫بترصف‪.‬‬ ‫‪ ،15‬ص ‪ّ 425 – 424‬‬ ‫‪3‬‬ ‫علوم القرآن‬ ‫الفصل السابع‬ ‫السنة الدراسية الرابعة‬ ‫الدرس (‪)1‬‬ ‫مج َع حه) أي‪ :‬إثباته يف صدرك‬ ‫‪ ‬األمور ال ّثالثة التي تك ّفل اهلل هبا لعبده ‪( -1« :‬إِ َّن َع َل ْينَا َ ْ‬ ‫بحيث ال ينفلت عنك منه يشء‪َ ( -2 .‬و حق ْرآ َن حه) أي‪ :‬إِثبات قراءته عىل لسانك متى شئت‪،‬‬ ‫وحيث شئت‪ ( -3 .‬حث َّم إِ َّن َع ْل ْينَا َب َيا َن حه) بيان ما أشكل من معانيه وأحكامه»(‪.)1‬‬ ‫‪ ‬من اإلعجاز يف هذه اآليات‪ :‬شموهلا جلميع أنواع علوم القرآن‪ ،‬فهي ال ختلو من جوانب‬ ‫ثالثة‪:‬‬ ‫ّص كم أنزله اهلل تعاىل‪ ،‬وقد أشار إليها ربنا ‪‬‬ ‫‪ -1‬العلوم التي تعتني باملحافظة عىل الن ّ‬ ‫بقوله‪( :‬مجعه)‪ ،‬وتنقسم إىل قسمني‪:‬‬ ‫الصدور‪ ،‬وهي العلوم املتع ّلقة بدراسة طرائق واسرتاتيجيات‬ ‫أ‪ .‬مجعه وحفظه يف ّ‬ ‫حفظ القرآن الكريم‪.‬‬ ‫العثمين‪ ،‬وأرسار رسمه عىل تلك‬ ‫الرسم‬ ‫السطور‪ ،‬مثل علم ّ‬ ‫ب‪ .‬مجعه وحفظه يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫اهليئة‪.‬‬ ‫‪ -2‬العلوم التي تعتني بطريقة النطق هبذا القرآن‪ ،‬مثل علم التجويد‪ ،‬وأشار إليه القرآن‬ ‫الكريم بقوله‪( :‬وقرآنه)‪.‬‬ ‫‪ -3‬العلوم التي تعتني بفهم معانيه‪ ،‬مثل علم التفسري‪ ،‬وأشري إىل هذا اجلانب بقوله ‪:‬‬ ‫(بيانه)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫املصدر بمعنى اسم‬ ‫‪ ‬فائدة‪ :‬إطالق لفظ (قرآن) عىل هذا الكتاب العزيز هو من باب إطالق‬ ‫املفعول‪ ،‬أي‪( :‬مقروء)‪.‬‬ ‫عم سواه‪،‬‬ ‫عرفه العلمء بتعريفات عديدة‪ ،‬يذكرون فيها بعض األوصاف التي مت ّيزه ّ‬ ‫ اصطالحا‪ :‬فقد ّ‬‫ّبي ‪ ،‬وإعجازه‪ ،‬ونقله بالتواتر‪ ،‬وكتابته يف املصاحف‪ ،‬والتع ّبد بتالوته‪ ،‬والبدء‬ ‫مثل‪ :‬إنزاله عىل الن ّ‬ ‫بسورة الفاُتة واخلتم بسورة النّاس وغري ذلك‪.‬‬ ‫)‪ (1‬حممد بن يوسف أطفيش‪ ،‬تيسري التفسري‪ ،‬تح‪ :‬إبراهيم طالي‪ ،‬املطبعة العرب ّية‪ ،‬غرداية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ج‬ ‫بترصف‪.‬‬ ‫‪ ،15‬ص ‪ّ 425 – 424‬‬ ‫‪4‬‬