علم البديع PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
جامعة طنطا
2014
أسامة محمد البحيري
Tags
Summary
This is a tutorial book on the art of eloquence (علم البديع). It explains the aesthetic and linguistic aspects of enhancing language, using examples from the Quran, hadiths, and classical and modern poetry. Written by Dr. Osama Muhammad Al-Bahri, a professor of literary criticism in the Faculty of Arts at Tanta University.
Full Transcript
See discussions, stats, and author profiles for this publication at: https://www.researchgate.net/publication/340189655 ﻛﺘﺎب ﺗﻴﺴﻴﺮ اﻟﺒﻼﻏﺔ ) ﻋﻠﻢ اﻟﺒﺪﻳﻊ ( ﻛﺘﺎب ﺗﻌﻠﻴﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺒﺪﻳﻌﻴﺔ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ واﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻣﻊ ﺷﺮح وﻗﺪ ﺻﺪر ﻓﻲ دار اﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﻓﻲ، ﻣﺒﺴﻂ وأﻣﺜﻠﺔ وﻓﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن واﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﺸﻌﺮ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ...
See discussions, stats, and author profiles for this publication at: https://www.researchgate.net/publication/340189655 ﻛﺘﺎب ﺗﻴﺴﻴﺮ اﻟﺒﻼﻏﺔ ) ﻋﻠﻢ اﻟﺒﺪﻳﻊ ( ﻛﺘﺎب ﺗﻌﻠﻴﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺒﺪﻳﻌﻴﺔ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ واﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻣﻊ ﺷﺮح وﻗﺪ ﺻﺪر ﻓﻲ دار اﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﻓﻲ، ﻣﺒﺴﻂ وأﻣﺜﻠﺔ وﻓﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن واﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﺸﻌﺮ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ...ﻣﺼﺮ Book · March 2020 CITATIONS READS 0 4,906 1 author: اﺳﺎﻣﺔ اﻟﺒﺤﻴﺮي Tanta University- faculty of arts 32 PUBLICATIONS 0 CITATIONS SEE PROFILE All content following this page was uploaded by اﺳﺎﻣﺔ اﻟﺒﺤﻴﺮيon 26 March 2020. The user has requested enhancement of the downloaded file. السلسلة تيسير العلوم ( ) 3 تيسير البالغة علم البديع تأليف أ .د أسامة محمد البحيري أستاذ النقد األدبي والبالغة كلية اآلداب -جامعة طنطا سلسلة تيسير العلوم ( ) 3 تيسير البالغة علم البديع د .أسامة محمد البحيري دار النابغة للنشر والتوزيع الطبعة األولى 1435ه ۲۰۱4 -م رقم اإليداع ۲۰۱4 / ۱۹۵۹۷ : الترقيم الدولي 978 - 977 - 6475 - 35 - 9 : حقوق الطبع محفوظة للناشر ال يجوز نشر هذا الكتاب أو أي جزء منه بأي شكل من األشكال أو حفظه أو نسخه في أي نظام ميكانيكی أو إلكتروني يمكن من استرجاع الكتاب أو ترجمته إلى أي لغة أخرى إال بعد الحصول على إذن خطي مسبق من الناشر . دار النابغة للنشر والتوزيع [email protected] الصفحة الفهرس اإلهداء المقدمة علم البديع الباب األول :المحسنات المعنوية الفصل األول :فنون التضاد الطباق المقابلة بالغة الطباق والمقابلة الفصل الثاني :فنون التماسك النصي مراعاة النظير اإلرصاد حسن االبتداء براعة االستهالل حسن التخلص حسن الختام الجمع التفريق الجمع مع التقسيم الجمع مع التفريق الجمع مع التفريق والتقسيم اللف والنشر المزواجة الفصل الثالث :فنون اإلبهام التورية االستخدام التوجيه الفصل الرابع :فنون التهكم والسخرية التهكم الهزل المراد به الجد الفصل الخامس :فنون التداخل الداللي االلتفات التجريد الفصل السادس :فنون المهارة العقلية واللفظية المذهب الكالمي حسن التعليل األسلوب الحكيم القول بالموجب الفصل السابع :فنون التأكيد تأكيد المدح بما يشبه الذم تأكيد الذم بما يشبه المدح تدريبات عام على المحسنات المعنوية الباب الثاني :المحسنات اللفظية الفصل األول :فن الجناس الفصل الثاني :فن رد العجز على الصدر الفصل الثالث :فن السجع الفصل الرابع :فن التشريع ( التوأم ) الفصل الخامس :فن المشاكلة الفصل السادس :فنون التناص االقتباس التضمين التلميح العقد الحل تدريبات على المحسنات اللفظية . المصادر والمراجع بسم هللا الرحمن الرحيم المقدمة الحمد هلل رب العالمين ،حمدا يوافي نعمه ،ويكافئ مزيده ،والصالة السالم على أشرف المرسلين ،وخاتم النبيين ،ورحمة هللا للعالمين سيدنا محمد ،وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فهذا هو الجزء الثالث من الكتاب التعليمي “ تيسير البالغة “ في “ علم البديع “ ،سرت فيه على النهج الذي اخترته في تيسير الفنون البالغية ،وشرحها شرحا وافيا ميس ار ،مع البعد عن كل ما هو دخيل على علوم البالغة العربية من علوم الفلسفة ،وعلم الكالم ،وتعقيدات المنطق ،وأصول الفقه ، وغير ذلك من اآلراء الدخيلة المبثوثة في كثير من المؤلفات والشروح البالغية السابقة . ولم أتعرض للتأريخ لعلم البديع ،أو دراسة تطور الفنون البديعية ،أو الترجمة ألشهر البالغيين والمؤلفين الذين درسوا فنون البديع وألفوا فيها كتبا ،ألن تاريخ علوم البالغة ،ودراسة تطور فنونها ، والترجمة ألشهر البالغيين أفردت له كتب مستقلة متداولة ،يرجع إليها الطالب إذا أراد معرفة تاريخ البالغة العربية ،وتطور فنونها وعلومها . وأنطلق في هذا الكتاب من قاعدة أساسية هي أن المحسنات البديعية ليست لغوا من القول ،أو زينة زائدة على الكالم يمكن حذفها واالستغناء عنها ،ولكن الفنون البديعية لها دور مهم في تشكيل النص األدبي ،وإكمال بنيته الجمالية بما يسهم في حسن توصيل النص إلى المتلقي ،وزيادة انفعاله بمفردات التشكيل اللغوي والتصويري والجمالي في النص األدبي . ولهذا فإن دور الفنون البديعية ال يقل عن الفنون البالغية األخرى التي تدرس في علمي المعاني والبيان . وقد أخرجت الكتاب في بابين : الباب األول :المحسنات البديعية المعنوية . وقسمته إلى سبعة فصول ،كل فصل يجمع عدداً من الفنون البديعية التي تتقارب تشكيالتها اللغوية والجمالية . وختمت الباب بتدريبات وافية على المحسنات المعنوية تجمع ما بين آيات قرآنية وأحاديث نبوية ، وكالم البلغاء ،وأشعار الفحول من المشاهير . الباب الثاني :المحسنات البديعية اللفظية : وقسمته إلى ستة فصول ،كل فصل مخصص لفن بديعی لفظی بأقسامه المختلفة . وختمت الباب بتدريبات عامة على المحسنات اللفظية ليتمكن الطالب من التعرف على كل فن بديعي ،ومعرفة تشكيل بنيته ،وإدراك قيمته البالغية . وراعيت في هذا الكتاب ربط كل فن بديعي باألمثلة البالغية المتنوعة ليتدرب الطالب على استخراج الفنون البديعية وتحليلها ،وإدراك أسرار بالغتها وجمالها ،وذلك يؤكد المعلومات البالغية في أذهان الطالب ،فيتقنون معرفة بنية كل فن بديعي ،والفروق الدقيقة التي تميزه عن الفنون البديعية األخرى فيزيد الوعي النقدي واألدبي بين الطالب ،ويتمكنون من تذوق النصوص األدبية ،وتمييز جيدها من رديئها ،ويطلعون على بعض أسرار اإلعجاز القرآنی ،فتثبت جذور اإليمان ،وتترسخ في قلوبهم . وذلك هدف عظيم ونبيل ،يطمح هذا الكتاب إلى تحقيقه وآخر ا والحمد هلل أوالً د أسامة محمد البحيري كلية اآلداب جامعة طنطا علم البديع البديع في اللغة الجديد والمحدث والمخترع على غير مثال سابق . وعلم البديع في االصطالح البالغي :هو العلم الذي يعرف به وجوه تحسين الكالم ،بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال ( علم المعاني ) ،ورعاية وضوح الداللة على ما يراد التعبير عنه ( علم البيان ) أي أن المحسنات البديعية تؤتي ثمارها البالغية ،وتؤثر في بالغة الكالم تأثي ار جميال ،وتقع من نفس المتلقي موقعا حسنا ،إذا تكاملت مع مباحث علم المعاني ،وطابقت مقتضى الحال ،وانسجمت مع الصور البيانية في وضوح الداللة على المعنى المقصود توصيله إلى المتلقي ،وبدون هذا التكامل واالنسجام تصبح المحسنات البديعية عبثا ولغوا وزينة فارغة ال معنى لها . والمحسنات البديعية قسمان : القسم األول :المحسنات المعنوية : هي التي يكون التحسين بها راجعا إلى المعنى في المقام األول ،وإن كان بعض هذه المحسنات يفيد تحسين اللفظ أيضا . والعالمة المميزة لهذا القسم أننا لو غيرنا اللفظ في المحسن البديعي المعنوي ،وأتينا بلفظ آخر مرادف له ،فإن التأثير الجمالي والبالغي للمحسن البديعي المعنوي يبقى وال يتغير . كالطباق بين الفعلين ( نساء ) و ( نسر ) في قول الشاعر ( :من المتقارب ) ويوم نساء ويوم نسر فيوم علينا ،ويوم لنا فلو غيرنا الفعلين إلى ما يرادفهما ( نحزن ) و ( نبتهج ) ،لبقي الطباق على حاله ،ولم يذهب تأثيره البالغي . القسم الثاني :المحسنات اللفظية : هي التي يكون التحسين بها راجعا إلى اللفظ في المقام األول ،وإن كان بعضها يفيد تحسين المعنى أيضا . والعالمة المميزة لهذا القسم ،أننا لو غيرنا اللفظ في المحسن البديعي اللفظي ،وأتينا بلفظ يرادفه ، لزال المحسن اللفظي ،وذهب أثره الجمالي والبالغي ،كالجناس في قول البحتري ( :من الطويل ) فليس بسر ما تسر األضالع إذا العين باحت وهي عين على الجوى الجناس التام في البيت بين ( العين ) أداة اإلبصار ،و ( عين ) بمعنى الجاسوس ،ولو غيرنا اللفظ ،فقلنا :إذا العين باحت وهي جاسوس على الجوى ،لم يعد في الكالم جناس تام ،وذهب تأثيره البالغي والجمالي في البيت كله . ويستحسن في المحسنات البديعية وبخاصة ( المحسنات اللفظية ) أال تشيع وتكثر في النص حتى تهيمن عليه ،وتكون عبئا ثقيال عليه ،وتصبح عالمة على التكلف واالفتعال . قال أبو جعفر األندلسي “ :أنواع البديع كالملح في الطعام ،وكالخال في الوجنات ،إذا كثر قبح ، وخرج عن باب االستحسان ،فكذلك البديع ،إذا كثر وتكلف مجته الطباع ،وإنما يحسن إذا وقع في الكالم سهال ،مستعذبا ،عارية عن التكلف ،فإذا أفرط في الزيادة خاطبته الطباع بقول أبي العالء ( من البسيط ) المعری : والعذب يهجر لإلفراط في الخصر لو اختصرتم من اإلحسان زرتكم وقد أفرط البالغيون المتأخرون في رصد المحسنات البديعية المعنوية واللفظية ،وجعلوا ذلك مدعاة للمفاخرة والمباهاة بسعة العلم واالطالع ،وجمعوا في ذلك بين الغث الذي ال دور له في اإلبداع إال التكلف والعبث ،وبين الثمين الذي له دور جمالي وبالغي مهم في النص األدبي . وسوف نقتصر على أشهر الفنون البديعية .وأكثرها فائدة في إثراء اإلبداع وتجميله ،وهي المحسنات البديعية التي لها شواهد مأثورة من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ،وكالم البلغاء والفصحاء ،وأشعار الفحول المشاهير . الباب األول المحسنات المعنوية الفصل األول فنون التضاد الطباق المقابلة الباب األول المحسنات المعنوية - 1الطباق المطابقة ،والتطبيق والطباق ،والتطابق ،والتضاد ،مصطلحات لمسمى واحد هو :الجمع في الكالم الواحد بين الشيء وضده أو مقابله ،سواء أكان هذا الجمع ظاهر أم خفيا ،وسواء أكان اللفظان المتضادان حقيقيين أم مجازيين ،أو كان أحدهما حقيقة واآلخر مجا از . ينقسم الطباق بالنظر إلى نوع طرفي الطباق إلى أربعة أقسام : القسم األول :ما كان فيه الطباق بين اسمين : ورد الطباق كثيرة في القرآن الكريم ،ومن ذلك : ات ات اْل َي ِم ِ ين َوَذ َ ِ ود ۚ َونَقلبه ْم َذ َ ظا َوه ْم رق ٌ قول هللا تعالى في أصحاب الكهف َ { :وتَ ْح َسبه ْم أ َْيَقا ً ال ِشم ِ ال } (.الكهف . ) ۱۸ : َ الطباق بين لفظي ( :أيقاظاً ) xو ( رقود ) ،وهما اسمان . ولفظي ( :اليمين ) xو ( الشمال ) ،وهما اسمان . النور وال ِ الظ ُّل َوال اْل َحرور وقوله تعالى { :وما يستَ ِوي األعمى واْلب ِ صير وال ُّ الظلمات َوال ُّ َ َ َ َْ َ َ َ َ َْ األم َوات } ( فاطر . ) ۲۲ - ۱۹ : َو َما َي ْستَ ِوي ْ األح َياء َوال ْ ( :األعمى ) xو ( البصير ) ،وهما اسمان . الطباق بين لفظي ( :الظلمات ) xو ( النور ) ،وهما اسمان ولفظي ( :الظل ) xو ( الحرور ) ،وهما اسمان . ولفظي ( :األحياء ) xو ( األموات ) ،وهما اسمان . ولفظي ال } ( الرعد . ) ۱۲ : ِ اب الثَق َ الس َح َ طمعا وي ِ نشئ َّ ق َّ ِ ِ وقوله تعالى { :ه َو الذي يريكم اْل َب ْر َ َخ ْوًفا َو َ َ ً َ الطباق بين لفظي ( :خوفا ) xو ( طمعا ) ،وهما اسمان وورد الطباق في الحديث النبوي الشريف كثيرة ،ومنه : قول الرسول صلى هللا عليه وسلم “ :أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في اآلخرة ،وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في اآلخرة “ . الطباق بين لفظي ( :الدنيا ) xواألخرة ) ،وهما اسمان . وبين لفظي ( :المعروف ) xو ( المنكر ) ،وهما اسمان . وقوله صلى هللا عليه وسلم “ :فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ،ومن دنياه آلخرته ،ومن الشبيبة للكبر ،ومن الحياة للممات ،والذي نفسي بيده ما بعد الحياة من مستعتب ،وما بعد الدنيا إال الجنة أو النار “ . الطباق بين لفظي ( :الدنيا ) xواآلخرة ) ،وهما اسمان . وبين لفظي ( :الشبيبة ( الشباب ) xوالكبر ) ،وهما اسمان . وبين لفظی ( :الحياة ) xو ( الممات ) وهما اسمان . وبين لفظي ( :الجنة ) xو ( النار ) ،وهما اسمان . ومما جاء في الوصايا النبوية “ :العدل في الرضا والغضب ،والقصد في الغني والفقر “ . الطباق بين لفظي ( :الرضا ) xو ( الغضب ) ،وهما اسمان وبين لفظي ( :الغني ) xو ( الفقر ) ،وهما اسمان وجاء الطباق بكثرة في الشعر العربي قديما وحديثا ،كقول الشاعر الجاهلي امرئ القيس في معلقته المشهورة ( :من الطويل ) صخر حطه السيل من ِ ٍ كج ِ ٍِ ِ ِم ٍ ِ عل لمود كر مَف ٍر مقبل م ْدب ٍر ً معا الطباق بين لفظي :مكر xومفر ،وهما اسمان . الطباق بين لفظي :مقبل xومدبر ،وهما اسمان . ( من الطويل ) وقول السموأل بن عادياء : اء عالِ ٌم َو َجهول ِ ِ ِ يس َسو ً َفَل َ الناس َعنا َو َعنهم َسلي إن َجهلت َ الطباق بين لفظي :عالم xوجهول ،وهما اسمان . ( من الكامل ) وقول أحمد شوقي في رثاء الزعيم مصطفى كامل : قاصيهما في مأتم والداني المشرقان عليك ينتحبان الطباق بين لفظي :قاصيهما ( البعيد ) والداني ( القريب ) ،وهما اسمان . القسم الثاني :الطباق بين فعلين : الله َّم َمالِ َك اْلمْل ِك ت ْؤِتي اْلمْل َك َمن تَ َشاء قد ورد هذا النوع في القرآن الكريم ،كقول هللا تعالى { :ق ِل َّ نزع اْلمْل َك ِم َّمن تَ َشاء َوت ِع ُّز َمن تَ َشاء َوتِذ ُّل َمن تَ َشاء ۖ ِب َيِد َك اْل َخ ْير ۖ ِإَّن َك َعَل ٰى ك ِل َشي ٍء َقِد ٌير } ( آل وتَ ِ َ ْ عمران ) ۲6 : الطباق بين لفظي :تؤتي xوتنزع ،وهما فعالن مضارعان . وبين لفظي :تعز xوتذل ،وهما فعالن مضارعان . والطباق في اآلية الكريمة يؤكد طالقة القدرة اإللهية ،وتجدد دالئلها باستمرار في أنحاء الكون كله ،ودل على ذلك مجيء الطباق باألفعال المضارعة الدالة على التجدد واالستمرار . َح َيا } ( النجم . ) 44 ، 43 : ات َوأ ْ َم َ َّ وقوله تعالى َ { :وأََّنه ه َو أ ْ َض َح َك َوأ َْب َكى َ.وأَنه ه َو أ َ الطباق بين لفظي :أضحك xوأبكى ،وهما فعالن ماضيان . وبين لفظي :أمات xوأحيا ،وهما فعالن ماضيان . ونك ْم ِإ ْذ تَ ْدعو َن ال َه ْل َي ْس َمع َ وقول هللا تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السالم في مواجهة الكفار َ { :ق َ ونك ْم أ َْو َيض ُّرو َن } ( الشعراء . ) ۷۲ ، ۷۳ : ﴿. ﴾٧٢أ َْو َي َنفع َ الطباق بين لفظي :ينفع xويضر ،وهما فعالن مضارعان . وقد أكد الطباق عجز األصنام التي يعبدها الكفار ،حيث ال تضر أحدا ،وال تنفع أحدا ،ولذلك فهي ال تستحق أن تعبد . وورد الطباق بين الفعلين في الحديث النبوي الشريف ،كقول الرسول هللا صلى هللا عليه وسلم في دعائه “ :رحمن الدنيا واآلخرة ورحيمهما تعطي من تشاء .وتمنع من تشاء ،ارحمنا رحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك “ . الطباق بين لفظي :تعطي وتمنع ،وهما فعالن مضارعان . وقوله صلى هللا عليه وسمل “ :ما نهيتكم عنه فاجتبوه ،وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم “ . الطباق بين لفظي :نهي xوأمر ،وهما فعالن ماضيان . والطباق يؤكد حرص الرسول صلى هللا عليه وسلم على سالمة المسلمين وراحتهم في دنياهم وأخراهم ،ولذلك نهاهم عن كل شر وأمرهم بكل خير في دينهم ودنياهم . ومن الوصايا النبوية “ :أن أصل من قطعني ،وأعطى من حرمني وأعفو عمن ظلمني “ . الطباق بين لفظي :أصل xوقطع ،وهما فعالن . الطباق بين لفظي :أعطى xوحرم ،وهما فعالن . الطباق في الحديث النبوي يبين الخير وضده ( الصلة والقطع ) . ( واإلعطاء والحرمان ) ،ليرشد المسلم إلى فعل الخير والبعد عن الشر . ( من الطويل ) وورد الطباق بين الفعلين في الشعر ،كقول الحصين بن الحمام المري : ثل أَن أَتََقَّدما . لِنفسي ح ِ ياة َفَلم أَ ِجد تَأ َّ ياة م َ َ ً َ الح َ َخرت أَستَبقي َ الطباق بين لفظي :تأخرت xوأتقدم ،وهما فعالن . والطباق يوضح التردد الذي وقع فيه الشاعر لفترة قصيرة بين الفرار لينجو ،والبقاء ليقاتل ،فاختار الثبات واإلقدام ليحقق لنفسه الحياة الكريمة إذا عاش ،ويكتسب المجد وحسن الذكر إذا قتل ( من الكامل ) وقول الفرزدق في هجاء بني كليب : وتنام أعينهم عن األوتار يستيقظون إلى نهيق حمارهم الطباق بين لفظي :يستيقظ . xوتنام ،وهما فعالن . وأسهم الطباق في بيان خسة المهجوين ودناءتهم ،حيث ينتبهون إلى الصغائر ويحافظون عليها ( نهيق حمارهم ) ،ويغفلون األشياء المهمة مثل الدفاع عن كرامتهم ،والقصاص ممن اعتدى عليهم . ( من الطويل ) وقول عبد هللا بن الدمينة في حبيبته أميمة : ببالك لقد سرني أني خطرت ٍ بمساءة أن نلتني َ لئن ساءني ْ الطباق بين لفظي :ساء xوسر ،وهما فعالن ماضيان . ويوضح الطباق رضا المحب بكل ما يفعله محبوبه .. القسم الثالث :الطباق بين معني حرفين : الحروف ال معاني ثابتة لها ،ولكنها في سياق الكالم تحمل معاني متضادة قد تستخدم في تشكيل الطباق ،كما في قول هللا تعالى َ { :ال ي َكلِف َّ َّللا َنْف ًسا ِإ َّال و ْس َع َها ۚ َل َها َما َك َس َب ْت َو َعَل ْي َها َما ا ْكتَ َس َب ْت } ( البقرة . ) ۲۸6 : الطباق بين لفظي :لها xوعليها ،وهما حرفان . أي يحسب لهم ثواب الخير الذي كسبوه ،ويكتب عليهم وزر السيئات التي عملوها .. وقول هللا تعالى في تقرير حقوق النساء وواجباتهن { :وَله َّن ِمثل َّالِذي َعَل ِ يه َّن ِبالمعر ِ وف } َ َ ( البقرة . ) ۲۲۸ : الطباق بين لفظی :لهن xوعليهن ،وهما حرفان تقرر اآلية أن للزوجات حقوقاً مقررة على أزواجهن ،وعليهن واجبات تجاه ازواجهن ،تحدد حسب العرف والعادات في كل بيئة حسب عاداتها وتقاليدها ( بالمعروف ) . ومن المطابقة بين معنيي الحرفين ،قول قيس بن الملوح ( مجنون ليلى ) ( :من الطويل ) واخلص منه ال علي وال ليا على انني ر ٍ اض بان احمل الهوى و الطباق بين لفظي :علي xلي ،وهما يؤكد الطباق رضا مجنون ليلى وتقبله لكل ما يصدر من ليلى ،سواء باإلساءة ( عليه ) ،أو باإلحسان ( له ) ،فكل شيء في الحب يرضيه ويقبله . ( من الوافر ) وقول الشاعر : لنا ما قد ركبنا أو علينا خطر فإما اً ركبنا في الهوى الطباق بين لفظي :لنا xوعلينا ،وهما حرفان . يبين الطباق في البيت ذهول المحب .وعدم تحكمه في كل ما يصدر منه من أفعال ،ولذلك فهو ال يدري أتحسب له هذه األفعال عند حبيبه او عليه . ( من المتقارب ) وقول الشاعر : ويوم نساء ويوم نسر فيوم علينا ،ويوم لنا الطباق بين لفظي :علينا xولنا ،وهما حرفان . الطباق بين لفظي :نساء xونسر ،وهما فعالن . ويؤكد الطباق أن الدنيا ال تدوم على حال واحدة ،فأحيانا تقيل عليهم وتبتسم لهم ،فيبتهجون ويفرحون ،وأحيانا تعرض عنهم ،فيحزنون وهكذا األيام دول القسم الرابع :الطباق بين لفظين مختلفين : يحدث الطباق أحيانا بين لفظين مختلفين اسم وفعل ،أو فعل واسم كقول هللا تعالى حكاية عن َّللاِ } ( آل عمران ) 49 : ص َوأ ْحِيي اْل َم ْوتَ ٰى ِبِإ ْذ ِن َّ عيسى عليه السالم َ { :وأ ْب ِرئ ْاألَ ْك َم َه َو ْاأل َْب َر َ الطباق بين لفظي :أحيي xوالموتى ،وهما فعل واسم . والطباق يؤكد قوة المعجزات التي أيد بها عيسى عليه السالم إلثبات رسالته ،وصدق تبليغه عن هللا ،ووصلت إلى ما يعجز عنه الطب في كل زمان ومكان ،وهو إحياء الموتى بإذن هللا . ( من الطويل ) وقول أبي تمام : فاصبح يدعي حازماً حين يجزع وقد كان يدعى البس الصبر حازماً الطباق بين لفظين :الصبر xويجزع ،وهما اسم وفعل . أكد الطباق عظم المصيبة التي ألمت بهم ،فبدلت صبرهم جزعا ،وأصبح الجزع لعظم المصيبة شائعا ال يخفيه وال ينكره أحد . تقسيم الطباق بالنظر إلى نفي طرفي الطباق أو إثباتهما . ينقسم الطباق بالنظر إلى إثبات طرفيه أو نفيهما إلى قسمين : القسم األول :طباق اإليجاب هو ما كان فيه طرفا الطباق كالهما مثبت غير منفي كما في أمثلة الطباق السابقة كلها . القسم الثاني :طباق السلب واإليجاب هو ما كان فيه أحد طرفي الطباق فعال مثبتا واألخر فعال منفيا ،أو كان أحد طرفي الطباق فعل أمر ،واآلخر فعال منهيا عنه ب ( ال ) الناهية ،بشرط أن يكون الفعالن من مصدر واحد . الد ْنيا وهم ع ِن ِ اآلخ َ ِرة ِ اس ال يعَلمون .يعَلمون َ ِ ِ كقول هللا تعالى َ { :وَل ِك َّن أَ ْكثَ َر َّ ظاه ًار م َن اْل َح َياة ُّ َ َ ْ َ َْ َ الن ِ َ ْ َ ه ْم َغ ِافلو َن } ( الروم . ) 6 ، 5 : الطباق بين لفظي :ال يعلمون ويعلمون ،وهما فعالن مضارعان أولهما منفي ،واآلخر مثبت ، ومصدرهما واحد هو ( علم ) . وقول هللا تعالى ( :فال تخشوا الناس واخشون ) ( المائدة ) 44 : الطباق بين لفظي :ال تخشوا xواخشوا ،ومصدرهما واحد ( الخشية ) ،منهي عنه إذا تعلق بمراعاة جانب الناس ،وإهمال حق هللا ( ال تخشوا الناس ) ومأمور به لمراقبة هللا ،وخشيته في السر والعالنية ( واخشوني ) . وقوله تعالى في توجيه المؤمنين ليحسنوا التأدب في مخاطبة الرسول صلى هللا عليه وسلم َ { :يا يم } ( البقرة . ) ۱۰4 : ِ اع َنا وقولوا انظرَنا واسمعوا ۗ وِلْل َك ِاف ِرين ع َذ ِ أَي َّ ِ اب أَل ٌ َ َ ٌ َ ْ َ َْ آمنوا َال تَقولوا َر َ ين َ ُّها الذ َ َ الطباق بين :ال تقولوا وقولوا ،مصدرهما واحد ( القول ) ،منهيا عنه حين يوهم إساءة األدب مع الرسول صلى هللا عليه وسلم ( ال تقولوا راعنا ) (و كان اليهود يخاطبون الرسول صلى هللا عليه وسلم بهذا اللفظ يقصدون به الرعونة ) ،وأمر المسلمون بقول :انظرنا ،ليكون معناه واحد ال يوحي بأي معنى آخر سيئ . وقول الرسول صلى هللا عليه وسلم :كونوا للعلم وعاة ،وال تكونوا له رواة “ (.وعاة :جمع واع أي حافظ فاهم ،رواة :جمع راو أي ناقل وحامل ) الطباق بين :كونوا xوال تكونوا ،مصدرهما واحد ،أمر به ليكونوا للعلم فاهمين مستوعبين حافظين ،ونهي عنه حين يكون هم العالم نقل العلم وحمله إلى غيره فقط ،دون العمل بهن واالستفادة منه . وورد طباق السلب واإليجاب في الشعر كثي ار ،كقول السموأل بن عادياء ( :من الطويل ) وال ينكرون القول حين نقول وتنكر إن شئنا على الناس قولهم الطباق بين :ننكر xوال ينكرون ،مصدرهما واحد ،جاء مثبتا في بداية صدر البيت ( ننكر ) ، ومنفيا في بداية عجزه ( وال ينكرون ) لتأكيد عزتهم ،وقوتهم ،وسيادتهم على غيرهم من القبائل . ( من الطويل ) وقول البحتري : ويسرى إلى الشوق من حيث أعلم يقيض لي من حيث ال أعلم النوى الطباق بين :ال أعلم xوأعلم ،مصدرها واحد ( العلم ) ،جاء منفيا في صدر البيت ليوحي بعجز الشاعر وحزنه أمام فراق األحبة الذي ال يدري له سيبا ،وجاء مثبتا في عجز البيت ليوحي بتمسكه بحبه ومحافظته على استم ارره ،وتقويته ،لعلمه بمصدره . ( من الكامل ) وقول الشاعر في الهجاء : فكأنهم خلقوا وما خلقوا خلقوا ،وما خلقوا لمكرمة فكأنهم رزقوا وما رزقوا رزقوا ،وما رزقوا سماح يد الطباق بين :خلقوا xوما خلقوا ،وزرقوا ما رزقوا ،ومصدرهما واحد ( الخلق والرزق ) ،جاء مثبتا في البداية ،ثم جاء منفيا في النهاية ،ليؤكد أن الحياة الحقيقية أن يكون اإلنسان في خدمة غيره إذا كان محتاجا ،وإذا فقد نعمة منفعة الناس ومساعدة المحتاجين منهم ،كان ميتا معدوما ،ال ينفع أحدا بحياته وال بماله . تقسيم الطباق بالنظر إلى حقيقة طرفيه أو مجازهما : ينقسم الطباق بالنظر إلى المعنى الحقيقي أو المجازي لكل طرف إلى : - 1الطباق الحقيقي : هو ما كان فيه طرفا الطباق حقيقيين ،يستعمالن في معينيهما األصليين كما في أمثلة الطباق السابقة كلها . - ٢الطباق المجازي : هو ما كان فيه طرفا الطباق مجازين ،يستعمالن في غير معنييهما األصليين ،كقول هللا تعالى : الظلم ِ ات َل ْي َس ِب َخ ِارٍج ِم ْن َها } اس َكمن مَثله ِفي ُّ ور َي ْم ِشي ِب ِه ِفي َّ الن ِ َح َي ْي َناه َو َج َعْل َنا َله ن ًا ان َم ْيتًا َفأ ْ { أ ََو َم ْن َك َ َ َْ َ ( األنعام . ) ۱۲۲ : الطباق بين :ميتا xوأحييناه ،وهما اسم وفعل مجازيان . والمعنى الحقيقي :ضاال فهديناه ،شبه الضال بالميت ،وحذف المشبه وصرح بالمشبه به ، وشبهت هداية الضال باإلحياء ،وحذف المشبه ،وصرح بالمشبه به على سبيل االستعارة التصريحية . ض َب ْع َد َم ْوِت َها ۚ ِإ َّن ِفي َٰذلِ َك َآل َي ًة لَِق ْو ٍم ِ َح َيا ِبه ْاأل َْر َ اء َفأ ْ َنزل ِمن َّ ِ الس َماء َم ً َّللا أ َ َ َ وقوله تعالى َ { :و َّ َي ْس َمعو َن } ( النحل ) 65 : الطباق بين :أحيا xوموتها ،وهما فعل واسم مجازيان . والمعنى الحقيقي :فأنبتت األرض واخضرت بعد جفافها ويبسها ،شبه إنبات األرض واخضرارها باإلحياء ،وحذف المشبه ،وصرح بالمشبه به ،وشبه جفاف األرض ويبسها بالموت ،وحذف المشبه ، وصرح بالمشبه به على سبيل االستعارة التصريحية . ( من الكامل ) وقول الشاعر : ِ يحمي الذما َر صبيح َة اإلر ِ هاق باسل ِ مر ٌ وهو ٌّ حلو الشمائل َ ، الطباق بين :حلو xومر ،وهما اسمان مجازيان ،والمعنى الحقيقي نبيل األخالق وفي نفس الوقت حازم حاسم شجاع ،شبه نبل أخالقه بالحالوة ،وحذف المشبه ،وصرح بالمشبه به ،وشبه قوته وبسالته في الدفاع عن قومه في المعارك بالم اررة ،وحذف المشبه ،وصرح بالمشبه به على سبيل االستعارة التصريحية . ( من الطويل ) وقول الشاعر : تحرك يقظان التراب ونائمه إذا نحن سرنا بين شرق ومغرب الطباق بين :يقظان xونائم ،وهما اسمان مجازيان . والمعنى الحقيقي :الدواب المتحركة على التراب والدواب الساكنة شبه حركة الدواب على التراب وسكونها ،باليقظة والنوم ،وحذف المشبه وصرح بالمشبه به ،على سبيل االستعارة التصريحية . وقد أطلق بعض البالغيين كقدامة بن جعفر وابن أبي اإلصبع المصري ،والسيوطي على الطباق المجازي مصطلح التكافؤ أو المتكافئ - 3الطباق الذي يجمع بين طرف حقيقي وطرف مجازي : كقول الشاعر العباسي دعبل بن علي الخزاعي ( :من الكامل ) برسه فبكى ضحك المشيب أ ال تعجبي يا سلم من رجل الطباق بين :ضحك xوبكى ،وهما فعالن أولهما مجازي والثاني حقيقي ،شبه ظهور الشيب وكثرته بالضحك بجامع البياص -وحذف المشبه ،وصرح بالمشبه به على سبيل االستعارة التصريحية . ويمكن اعتبارها استعارة مكنية ،حيث شبه الشيب بإنسان يضحك ،وحذف المشبه به ،ورمز إليه بأحد لوازمه ( الضحك ) على سبيل االستعارة المكنية . تقسيم الطباق بالنظر إلى ظهور التضاد وخفائه ينقسم الطباق بالنظر إلى ظهور التضاد بين طرفيه وخفائه إلى قسمين : القسم األول :الطباق الظاهر : وهو ما كان فيه التضاد بين طرفي الطباق ظاه ار واضحا ،كاألمثلة السابقة كلها . القسم الثاني :الطباق الخفي : هو ما كان فيه التضاد بين طرفي الطباق خفيا يحتاج إلى تأمل وتفكير إلدراكه ،بسبب كون أحد طرفي الطباق ليس مضادا مباش ار للطرف اآلخر ،ولكنه يرتبط بعالقة ما بالمضاد المباشر . كقول هللا تعالى عن قوم نوح ِ { :م َّما َخ ِط َيئ ِات ِه ْم أ ْغ ِرقوا َفأ ْد ِخلوا َن ًا ار } ( نوح ) ۲۵ : إدخال النار ليس مضادا في المعنى لإلغراق ،ولكنه يستلزم مضاد اإلغراق وهو اإلحراق . إذا فالطباق بين :اإلغراق xواإلحراق . ين َم َعه أ َِشَّداء َعَلى اْلكَّف ِار ر َح َماء َب ْي َنه ْم } ( الفتح ) ۲۹ : وقوله تعالى ُّ { :مح َّمد َّرسول َّ ِ َّ ِ َّللا ۚ َوالذ َ َ ٌ اشداء على الكفار ليس مضاد في المعنى ل ( رحماء ) ،ولكن الرحمة تقتضي اللين وهو المضاد للشدة .فالطباق بين :أشداء xولينون النه ِار وابِتغاؤكم ِمن َفضلِ ِه ۚ ِإ َّن ِفي َٰذلِك َآلي ٍ ِِ ات لَِق ْو ٍم َ َ ْ وقول هللا تعالى { َو ِم ْن َآياته َم َنامكم ِباللَّْي ِل َو َّ َ َ ْ َ َي ْس َمعو َن } ( الروم . ) ۲۳ : النوم ليس مضادا لالبتغاء من فضل هللا في المعنى ،ولكن االبتغاء من فضل هللا يقتضي اليقظة والحركة لتحصيل الرزق ،فالطباق بين :المنام xواليقظة . ( من الطويل ) وقول أبي تمام في الغزل قتا الخط إال أن تلك ذوابل مها الوحش إال أن هاتا أوانس شبه البنات الحسان ببقر الوحش في جمال عيونهن واتساعها ،وشبه قوامهن بالرماح الذابلة في االستقامة واالعتدال ،وطابق طباقاً خفيا بين ( هاتا ) التي تدل على القرب ،وتلك التي تدل على البعد . فالطباق بين معنى القرب في ( هاتا ) xوبين معنى البعد في ( تلك ) . ويطلق بعض البالغيين على هذا القسم الطباق الخفي ) ،وعلى الطباق الذي يكون أحد طرفيه حقيقة واآلخر مجاز ،يطلقون عليهما معا مصطلح “ إيهام الطباق “ ،أو “ الملحق بالطباق “ . - ٢المقابلة تعد المقابلة نوعا خاصا من الطباق ،وهي :أن يؤتي في الكالم بلفظين متواليين أو أكثر ،ويؤتى بأضدادها على الترتيب . وتنقسم المقابلة بالنظر إلى عدد األلفاظ المتضادة إلى خمسة اقسام : القسم األول :مقابلة اثنين باثنين اء ِب َما َكانوا َي ْك ِسبو َن } ( التوبة : ض َحكوا َقلِيال َوْل َي ْبكوا َكِث ًا ير َج َز ً كقول هللا تعالى في المنافقين َ { :فْل َي ْ . ) ۸۲ المقابلة بين :الضحك والقلة xوبين البكاء والكثرة . ضحك المنافقين قليل قصير ألنه مرهون بحياتهم القصيرة الفانية ،أما بكاؤهم فكثير وطويل ألنه مرهون بخلودهم في الدرك األسفل من النار . وقوله تعالى في بيان صفات الرسول صلى هللا عليه وسلم { :يأْمرهم ِباْلمعر ِ وف َوَي ْن َهاه ْم َع ِن َْ َ نك ِر } ( األعراف . ) ۱۵۷ : اْلم َ المقابلة بين :األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وهي توضح منهج الرسول في إرشاد المؤمنين إلى كل خير ،وتحذيرهم من كل شر . ص ْد َره إلس َال ِم ۖ ومن ي ِرْد أ ِ َّ ِِ ِ وقول هللا تعالى َ { :ف َم ْن ي ِرِد َّ َن يضله َي ْج َع ْل َ ْ ََْ ص ْد َره ل ْ ْ َن َي ْهد َيه َي ْش َرْح َ َّللا أ ْ السم ِ اء } ( األنعام . ) ۱۲۵ : ضيًِقا حرجا َكأََّنما ي َّ ِ ص َّعد في َّ َ َ َ ََ ً َ المقابلة بين :الهداية وشرح الصدر xوبين الضالل وضيق الصدر . ألن المسلم المهتدي يطمئن قلبه وينشرح بذكر هللا ،أما الضال فإنه يحس بالضيق وعدم االطمئنان لبعده عن طريق هللا . ومن المقابلة في الحديث النبوي قول الرسول صلى هللا عليه وسلم “ :من تأني أصاب أو كاد ، ومن عجل أخطأ أو كاد “ المقابلة بين التأني واإلصابة xوبين العجلة والخطأ ،للتنبيه على فضل التمهل والتأني وأن فيه الصواب ،والتحذير من العجلة والتسرع ،ألنها تؤدي إلى الخطأ . وقوله صلى هللا عليه وسلم “ :من اقتراب الساعة أن ترفع األشرار وتوضع األخيار ،ويفتح القول ،ويحبس العمل “ . المقابلة بين رفعة األشرار وعلو مكانتهم xوانخفاض مكانة األخيار ،وكذلك المقابلة بين كثرة الفول وانفتاحه xوبين قلة العمل وحبسه ،وهذه أمارات سوء تدل على اقتراب يوم القيامة ،كما أخبر الرسول صلى هللا عليه وسلم “ :ال تقوم الساعة إال على شرار الناس “ . وقول الرسول صلى هللا عليه وسلم “ :إن هلل عبادا جعلهم مفاتيح للخير مغاليق للشر “ . المقابلة بين مفاتيح الخير xوبين مغاليق الشر . وهي تبين صفات األخيار من الناس بأنهم يجلبون المصلحة للناس ( مفاتيح للخير ) ،ويدرءون المفسدة عنهم ( مغاليق للشر ) . ( من الطويل ) ووردت المقابلة الثنائية في الشعر ،كقول النابغة الجعدي : على أن فيه ما يسوء األعاديا فتئ ثم فيه ما يسر صديقه المقابلة بين سرور الصديق xوإساءة العدو ،وهذه المقابلة أكدت المدح بصفات المودة الموجهة لألصدقاء فتسرهم ،وبصفات الشدة الموجهة لألعداء فتسوؤهم . ( من الطويل ) وقول الشاعر : وفي ،ومطوي على الغل غادر فوا عجبا كيف اتفقنا ،فناصح المقابلة بين النصح والوفاء xوبين الغل والغدر ،وهي توضح اختالف أخالق الرفاق بين النصح والوضوح والوفاء وبين م اررة الغل والغدر ،ولذلك فمصيرهما الفراق ( من السريع ) وقول أبي العالء المعري في الشكوى : ومخلف المأمول من وعده يا دهر يا منجز إيعاده المقابلة بين :إنجاز اإلبعاد ( الوعيد ) xوبين إخالف الوعد ،لبيان تعرضه البتالءات كثيرة ، فالدهر بنجر وعيده بالشر دائما معه ويخف وعده المأمول فيه الخير . القسم الثاني :مقابلة ثالثة بثالثة : ِ َّ ِ ِ ورد منها في القرآن الكريم قول هللا تعالى َ { :ويح ُّل َلهم الطِي َبات َوي َح ِرم َعَل ْي ِهم اْل َخ َبائ َث َوَي َ ضع َع ْنه ْم َغ َال َل َّالِتي َك َان ْت َعَل ْي ِه ْم } ( األعراف . ) ۱۵۷ : ص َره ْم َو ْاأل ْ إْ ِ المقابلة بين :إحالل الطيبات للمؤمنين xوتحريم الخبائث عليهم وهي توضح منهج الرسول صلى هللا عليه وسلم في توجيه المجتمع المسلم وتطهيره ،بإرشاد المسلمين إلى كل طيب من األكل والشرب ، وتحذيرهم من كل خبيث في المأكل والمشرب . وقول علي بن أبي طالب :إن الحق ثقيل ويئ ،وإن الباطل خفيف مرئ . المقابلة بين :ثقل الحق وم اررته xوبين خفة الباطل وحالوته عند من ال يراعي حق هللا .ويرى أن الحق يثقل عليه ويظلمه ،وأن الباطل طريق سهل إلى الغنى والجاه . ( من الخفيف ) وردت المقابلة الثالثية في الشعر كثي ار ،كقول البحتري : وإذا سالموا أعزوا ذليال فإذا حاربوا أذلوا عزي از المقابلة بين :حاربوا وأذلوا عزي از xوبين سالموا ،وأعزوا ذليال لتبين قوة الممدوحين ومكانتهم ،ففي الحرب ينتصرون على األعزة ويذلونهم ،وفي السلم يساعدون الضعفاء األذالء حتى يصبحوا أعزة . ( من البسيط ) وقول أبي دالمة : وأقبح الكفر واإلفالس بالرجل ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا المقابلة بين :حسن الدين والدنيا ( المال ) إذا اجتمعا للرجل xوبين قبح الكفر واإلفالس إذا اجتمعا معا عليه ،وهي توضح قيمة المال في يد الرجل المؤمن ،ألنه يوجهه في منفعة نفسه ومجتمعه ،أما إذا كان الرجل كاف ار مفلسا ،فقد خسر دنياه وآخرته معا . ( من الطويل ) وقول المتنبي : وال البخل يبقى المال والجد مدبر فال الجود يفني المال والجد مقبل المقابلة بين :الجود ،وإفتاء المال ،وإقبال الجد “ الحظ “ xوبين البخل ،وإبقاء المال .وإدبار الحظ ،وهي توضح أثر الحظ والنصيب في إسعاد اإلنسان ،فإذا كان حظه مقبال وصاعدا ،فمهما أنفق من المال فلن يفنى ماله ،وإذا كان حظه مدب ار هابطا ،فمهما بخل وأمسك ماله ،فلن يبقيه . القسم الثالث :المقابلة بين أربعة وأربعة : صَّد َق ِباْلح ْس َنى َف َسن َي ِسره َّ طى َواتَقى َو َ َع َ َما َم ْن أ ْ وردت المقابلة الرباعية في قول هللا تعالى َ { :فأ َّ استَ ْغ َنى َوَك َّذ َب ِباْلح ْس َنى َف َسن َي ِسره لِْلع ْس َرى } ( الليل . ) ۱۰ - 5 : ِ لِْلي ْس َرى َوأ َّ َما َم ْن َبخ َل َو ْ المقابلة بين :أعطى ،واتقي ،وصدق ،واليسرى وبين بخل ،واستغنی ،وكذب ،والعسري . وهي توضح مصير صنفين من الناس :صنف كريم يعطي الفقراء ويتقي هللا ،ويصدق بيوم القيامة والجنة ،فذلك مصيره الجنة ( اليسرى ) ،وصنف بخيل ،استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الجنة فلم يتق هللا ،وكذب بيوم القيامة والجنة ،فذلك مصيره النار ( العسری ) . وقول أبي بكر الصديق رضي هللا عنه في وصيته قبل موته :هذا ما أوصى به أبو بكر عند آخر عهده بالدنيا خارجا منها ،وأول عهده باآلخرة داخال فيها “ . المقابلة بين :آخر ،والدنيا ،وخارجا منها xوبين أول واآلخرة ،وداخال فيها . وهي تصور إحساس أبي بكر الصديق بدنو أجله وانتهاء رحلته في الدنيا وخروجه منها ،وإقباله على اآلخرة ،ودخوله في مراحلها التي تبدأ بخروج الروح ،ودخول القبر . ( من الطويل ) وقول الشاعر األموي جرير مفتخ ار : وقابض شر عنكم بشماليا وباسط خير فيكم بيمينه المقابلة بين ( :باسط xوقابض ) و ( وخير xوشر ) و ( وفيكم xوعنكم ) و ( ويمين x وشمال ) .وهي توضح مكانة جرير في قومه ،حيث يجلب إليهم الخير ويوزعه عليهم ،ويبعد عنهم الشر ،ويدافع عنهم بشعره . ( من البسيط ) وقول البحتري في مدح أحد الخلفاء العباسيين : دهر ،فأصبح حسن العدل يرضيها اً يا امة كان قبح الجور يسخطها المقابلة بين ( :كان xوأصبح ) و ( وقبح xوحسن ) و ( الجور xوالعدل ) و ( ويسخطها x ويرضيها ) ،وهي تبين عدل الخليفة وحسن سيرته في الرعية بالمقارنة بين حال األمة اإلسالمية قبل توليه الخالفة ( قبح ،وجور ،وسخط ) ،وحالها بعد توليه الخالفة ( حسن ،وعدل ،ورضا ) ( من البسيط ) وقول ابن حجة الحموي : ولوا غضاباً فوا حربي لغيظهم قابلتهم بالرضا والسلم منشرحاً المقابلة بين ( :قابلتهم xولوا ) و ( الرضا xوغضابا ) و ( السلم xوالحرب ) و ( االنشراح x والغيظ ) . القسم الرابع :المقابلة بين خمسة وخمسة ( من البسيط ) كقول المتنبي في الغزل : وانثنى وبياض الصبح يغري بي أزورهم وسواد الليل يشفع لي المقابلة بين ( :أزورهم xوأنثنى ) و ( سواد xوبياض ) و ( الليل xوالصبح ) و ( يشفع x يغري ) ( ولي xوبي ) . توضح المقابلة الوقت المناسب لزيارة األحبة ،وهو الليل ،ألن سواده وظلمته يستر وال يفضح ، وإذا استمرت الزيارة طول الليل ،فإن الصبح يكشف المحب حين عودته ،ألن الرقباء والعذال يرونه وقد يفتكون به . ( من البسيط ) وقول صفي الدين الجلي : فصار سخطي لبعدي عن جوارهم كان الرضا بدنوي من خواطرهم المقابلة بين ( :كان xوصار ) و ( الرضا xوالسخط ) و ( الدنو xوالبعد ) و ( من xوعن ) و ( خواطرهم xوجوارهم ) . وهي توضح عمق المفارقة بين حال المحب حينما يكون قريبا من حبيبه ،ويشغل تفكيره دائما ،في هذه الحال يكون راضيا تمام الرضا .وحينما يتبدل حاله ،ويبتعد عن حبيبه ويفترقان ،يحل السخط مكان الرضا . ( من البسيط ) وقول الشاعر : وطائر تحت ذيل الليل مكتتم بواطئ فوق خد الصبح مشتهر المقابلة بين ( :واطئ xوطائر ) و ( فوق xوتحت ) و ( خد xوذيل ) و ( الصبح xوالليل ) و ( مشتهر xومكتتم ) . القسم الخامس :المقابلة بين ستة وستة : ليس لهذا القسم في كتب البالغة إال مثال واحد ،مما يدل على تكلفه وافتعاله ،وهو قول شرف ( من الطويل ) الدين األربلي . وفي ِر ْج ِل حر قيد ذ ٍل َيشينه أس ٍ عبد تاج ِع ٍز يزينه على ر ِ المقابلة بين ( :على xوفي ) و ( رأس xورجل ) و ( عبد xوحر ) و ( تاج xوقيد ) و ( عز xوذل ) و ( يزينه xويشينه ) . وهي تدل على سوء العواقب حين تنقلب األحوال فيحتل العبيد ذروة المناصب والعز والزينة ،ويقيد األحرار بأغالل الذل والعار . بالغة الطباق والمقابلة - ١تسهم المقابلة والطباق في توضيح المعاني وتوكيدها ،ألن األضداد حينما تجتمع تتضح معانيها في الذهن تمام الوضوح عن طريق المقارنة بينها ،كما يقول الشاعر ( :من السريع ) . والشفر مثل الليل سود الوجه مثل الصبح مبيض والضد يظهر حسنه الضد ضدان لما استجمعا حسنا - ۲تؤدي المقابلة والمطابقة إلى تداعي المعاني في ذهن المتلقي ،فالضد او المقابل يجلب إلى الذهن ضده أو مقابله ،ألنهما متضايفان ،فإذا ورد أحد أطراف المقابلة أو الطباق في النص األدبي تداعي إلى ذهن المتلقي الطرف اآلخر قبل أن يسمعه أو يقرأه ،وبذلك يحدث التفاعل بين المتلقي والنص األدبي وهذا التفاعل اإليجابي عامل مهم في قياس جودة العملية اإلبداعية . الفصل الثاني فنون التماسك النصي مراعاة النظير . اإلرصاد . حسن االبتداء . براعة االستهالل . حسن التخلص . حسن الختام . الجمع . التفريق . التقسيم . الجمع مع التقسيم . الجمع مع التفريق . الجمع مع التفريق والتقسيم . اللف والنشر . المزاوجة . - 1مراعاة النظير مراعاة النظير ،والتناسب ،والتوفيق ،واالئتالف ،والمؤاخاة ،مصطلحات متعددة لفن بديعي معنوي واحد ،هو :أن يجمع البليغ في كالمه بين أمور متناسبة منسجمة ،مبتعدا عن التضاد . وهذا الفن البديعي ( مراعاة النظير ) على ثالثة أقسام : القسم األول :مناسبة اللفظ للمعنى . وهو أن تكون األلفاظ سهلة عذبة رقيقة في مواضع الرقة واللين ،وتكون جزلة قوية شديدة في مواضع الشدة ،كقول الرسول صلى هللا عليه وسلم في الحديث الشريف الوارد في الصحيحين “ :أال أخبركم بأهل الجنة ،كل ضعيف ،متضعف ،أغبر ،ذي طمرين ،ال يؤبه له لو أقسم على هللا ألبره .أال أخبركم بأهل النار ،كل عتل ،جواظ ،مستكبر “ وفي رواية اإلمام أحمد “ :أهل النار كل جعظري ،جواظ " . وفي رواية أبي نعيم “ :أهل النار كل شديد ،قعبري مستكبر “ العتل والجواظ :الغليظ الجافي ،والجعظر والجعظري ،الضخم ،والعظيم المستكبر في نفسه ، والقعبري :الضخم الغليظ . أتى الرسول صلى هللا عليه وسلم في صفات أهل الجنة بألفاظ عذبة سهلة رقيقة ،لتناسب البشارة بنعيم الجنة وطيبها ولذائذها ،وتناسب صفات أهل الجنة من التواضع ،واللين ،والرقة .وجاء في صفات أهل النار بألفاظ شديدة صعبة قوية ،لتناسب اإلنذار بما في النار من العذاب والقسوة ، وتناسب صفات أهل النار من التجبر ،والتكبر ،والقسوة . ( من الطويل ) وقول زهير بن أبي سلمي في المقطع الطللي من معلقته : ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم أثافي سفعا في معرس مرجل أال عم صباحا أيها الربع واسلم فلما عرفت الدار قلت لربعها ( األثافي :الحجارة التي توضع عليها القدور للطبخ ،سفعا :سودا ،معرس مرجل :مكان القدر ) جاء الشاعر في البيت األول بألفاظ غريبة صعبة ألنه يعدد أدوات المعيشة والطبخ عند األعراب في حياتهم البدوية الصعبة الخشنة . وجاء في البيت الثاني بألفاظ مستعملة سهلة ،ليبين حنينه ورقته تجاه أطالل ديار أحبته . القسم الثاني :مناسبة اللفظ للفظ : هو أن تكون األلفاظ من مجال داللي واحد ،وهو ما يعرف في علم اللغة الحديث بنظرية الحقول الداللية . ( من الخفيف ) كقول البحتري في وصف اإلبل التي أضناها السفر ،وأنحلها السير : مبرية ،بل األوتار كالقسي المعطفات بل األسهم ( م ) لما شبه الشاعر اإلبل في هزالها ورقتها ونحولها باألقواس ،وأراد تكرير التشبيه ليؤكد معنى الهزال والنحول من كثرة السير ،كان يمكنه تشبيه اإلبل بالعراجين ،أو أي مشبه به آخر ،في الرقة واالنحناء ولكنه آثر تشبيهها باألسهم واألوتار لمناسبة لفظ القسي ،حيث يجمعها كلها مجال داللي واحد ،وهو أدوات القتال والرمي . ( من الطويل ) وقول أسيد الفزاري في المدح : وفي خده الشعري ،وفي وجهه القمر كان الثريا علقت في جبينه شبه جبين الممدوح في بريقه وتألقه بنجم الثريا الالمع ،وشبه خده في احم ارره ولمعانه بنجم الشعرى الالمع البراق ،وشبه وجهه بالقمر في الحسن والوضاءة ،والمشبهات بها في البيت كلها متناسبة ألنها تنتمي إلى داللي واحد هو األجرام السماوية النيرة . ( من الطويل ) وقول أبي القاسم الزاهي متغزال : ومسنن غصونا ،والتفتن جآذ ار سفرن بدورة ،وانتقبن أهلة شبه وجوه النساء في سفورها وظهورها بالبدور في الجمال والوضاءة ،وشبه ما يظهر من وجوههن وهن منتقبات بالهالل في االستدارة والبريق ،وشبه قوامهن في االعتدال والليونة بالغصون ،وشبه جمال التفاتاتهن بتلفت الجآذر ،وهي الظباء الصغيرة الجميلة ،والمشبهات بها متناسبة في الشطر األول ،ألنها تنتمي إلى األجرام السماوية الجميلة ،ومتناسبة في الشطر الثاني ،ألنها تنتمي إلى العناصر األرضية الجميلة ،وكل المشبهات بها تنتمي إلى عالم الجمال السماوي واألرضي ،وهو مجال داللي واحد . ( من الطويل ) وقول ابن رشيق القيرواني : من الخبر المأثور منذ قديم أصح وأقوى ما سمعناه في الندى عن البحر عن كف األمير تميم أحاديث ترويها السيول عن الحيا ناسب الشاعر بين الصحة ،والقوة ،والسماع ،والخبر المأثور ،واألحاديث والرواية ،وكلها مصطلحات تنتمي إلى مجال معرفي واحد ،وهو علم مصطلح الحديث . ثم ناسب بين السيول ،والحيا ( المطر ) ،والبحر ،وكف األمير تميم .وأبدع في ترتيب البيت الثاني في الرواية والعنعنة ،حيث جعل الرواية من الصغير عن الكبير كما يقع في سند األحاديث النبوية ،فإن السيول أصلها المطر ،والمطر أصله البحر عن طريق بخر الماء ،وقد جعل الشاعر كف األمير تميم أصال يأخذ البحر منه ويروي عنه ،مبالغة في إثبات كرمه وجوده . القسم الثالث :مناسبة المعنى للمعنى ( تشابه األطراف ) : يسمى هذا القسم عند البالغيين بتشابه األطراف ،وهو أن يؤتي في اخر الكالم بما يتناسب مع الل ِطيف اْل َخِبير } أوله في المعنى .كقول هللا تعالى َّ { :ال ت ْد ِركه ْاألَبصار وهو ي ْد ِرك ْاألَبصار ۖ وهو َّ َْ َ َ َ َْ َ َ