المبحث األول - تمييز عقد البيع عن غيره من العقود
Document Details
Uploaded by SignificantMendelevium
Badr University in Assiut
Tags
Summary
هذا نص قانوني يتناول تمييز عقد البيع عن غيره من العقود الناقلة للملكية، مثل الهبة والمقايضة، في القانون المدني. يُناقش المطلب الأول الفرق بين البيع والهبة، ويشرح كيفية التمييز بينهما بناءً على وجود أو عدم وجود عوض. المطلب الثاني يتطرق للتمييز بين البيع والمقايضة، مع التركيز على المقابل في كل عقد.
Full Transcript
المبحث األول تمييز عقد البيع عن غيره من العقود والتصرفات الناقلة للملكية تعتبر الهبة ،والمقايضة ،والوصية من التصرفات الناقلة للملكية ،ومع ذلك يتميز عقد البيع عنها، وسنتناو...
المبحث األول تمييز عقد البيع عن غيره من العقود والتصرفات الناقلة للملكية تعتبر الهبة ،والمقايضة ،والوصية من التصرفات الناقلة للملكية ،ومع ذلك يتميز عقد البيع عنها، وسنتناول ذلك في عدة مطالب. المطلب األول البيع والهبة طبقا لنص المادة 486مدني ،الهبة La donationهي" عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض ،ويجوز للواهب دون أن يتجرد عن نية التبرع أن يفرض علي الموهوب له القيام بإلتزام معين". والهبة كالبيع ،فهي عقد ناقل للملكية ()1لكنها تفترق عنه في أن نقل الملكية يتم من الواهب إلى الموهوب له دون عوض مع وجود نية التبرع لدى الواهب.الهبة تصـرف ناقل للملكية حال حياة الواهب ،حتى ولو ترتب عليها حرمان بعض الورثة أو التقليل من أنصـبتهم الشرعية ،وقد قضت محكمة النقض «بان التصـرف المنجز حال حياة المتصـرف حتى لو كان بغير عوض ومقصـودا به حرمان بعض الورثة هو تصـرف صـحيح متى استوفى شكله القانوني فإذا كان من المسلم به أن عقد البيع المتنازع عليه قد صـدر منج از ممن هو أهل للتصـرف ومستوفيا لكل اإلجراءات التي يقتضها القانون في مثله وسجل قبل وفاة المتصـرف بزمن طويل ،فهو صـحيح سواء اعتبر عقد بيع حقيقي أو هبة يسترها عقد البيع » تبعا له ملكية مال من شخص إلى آخر بدون عوض مقابل وبمعنى آخر ،إذا تم التصرف ،وانتقلت ً للشخص األول حال الحياة ومع وجود نية التبرع لدى معطي هذا المال كان العقد هبة ،أما إذا تم التصرف بعوض ،فهنا قد يختلط األمر ويرجع ذلك الي المادة ٤8٦مدني أجازت للواهب دون أن يتجرد من نية التبرع، أن يفرض على الموهوب له القيام بإلتزام معين ،فمن الجائز إذا أن تكون الهبة بعوض ،يلتزم الموهوب له بان يؤديه ،وقد يكون مبلغا من النقود كألف جنيه مصري مثالً ،وهذا معناه أن المتصرف إليه -الموهوب له -يلتزم بأداء المبلغ المطلوب ،فهل يتحول العقد من هبة إلى بيع؟ ( - )1الطعن رقم ۲۳سنة ٨ق جلسة 1938/6/22م ،قضاء النقض المدني في عقد البيع المرجع السابق بند :١٥وفي نفس المعنى انظر الطعن رقم ۳٩٤ لسنة ۳٥ق جلسة 1970/4/30م س ۲١صـ ،٧۳٥الطعن رقم ۳٨لسنة ۳٦ق جلسـة 1970/3/31م س ۲١صـ ،٥۳١نفس المرجع صـ ٦٠بند ٤٤ ،٤٥ ،الطعن رقم 634لسنة61ق -جلسة 1995/7/6م – س – 46صـ - 952مجموعة القوانين والمباديء المرجع السابق – صـ.279 وقد يختلط األمر أكثر إذا كان العوض المطلوب من الموهوب له مساويا لقيمة الشيء الموهوب أو مقاربا له. ذهب رأي إلى ،أن المعول عليه في التمييز بين عقدي البيع والهبة هو نية التبرع ،فإذا توافرت لدى الواهب ،كان العقد هبة ولو كان العوض المطلوب من الموهوب له كبي ار ،أما إذا إنعدمت نية التبرع لدى يسير. بيعا ولو كان العوض المطلوب من الموهوب له ًاالواهب ،كان العقد ً مبلغا من وذهب رأي إلى ،أن وجود العوض يجعل العقد معاوضة ال تبرًعا ،فإذا كان هذا العوض ً مساويا في القيمة للمال الموهوب ،وباألولى إذا ً بيعا ،وحسب هذا الرأي.فإن العوض إذا كان النقود كان العقد ً بيعا ،وتطبق عليهزاد عنه ،وهو فرض ال يتحقق إال إذا كان العاقدان على غير بينة من أمرهما ،يجعل العقد ً كل قواعده ،أيا كان الوصف الذي أطلق على العقد ،وأيا كانت نية طرفيه في إبرامه ،فالمجانية قوام الهبة(.)2 ونحن نعتقد ،أن الرأي الذي يذهب إلى أن وجود العوض ،ال ينفى عن العقد وصف الهبة يؤيده -في رأينا :-المادة ٤٧٦مدني ،حيث أجازت للواهب أن يفرض على الموهوب له القيام بإلتزام معين دون تحديد، بشرط أال يتجرد عن نية التبرع ،فيجب -من ثم – أن نعول على وجود نية التبرع لدى المتصرف للتمييز بين الهبة والبيع مع مراعاة حكم المادة ٤٩٨مدني فقد نصت على أنه «إذا تبين أن الشيء الموهوب أقل في القيمة من العوض المشترط فال يكون الموهوب له ً ملزما بأن يؤدي من هذا العوض إال بقدر قيمة الشيء الموهوب». ويؤخذ من هذا النص ،أن زيادة العوض المشترط عن قيمة الشيء ال يخرج الهبة عن كونها هبة، طالما أن نية التبرع موجودة لدى المتصرف ،كل ما في األمر أن الموهوب له غير ملزم بأن يؤدي من هذا العوض المشترط إال بقدر قيمة الشيء الموهوب ،فإذا كانت الزيادة في العوض المشترط ال تخرج الهبة عن مساويا لقيمة الشيء الموهوب. ً كونها هبة ،فمن باب أولى يكون العقد هبة ولو كان العوض المشترط ولذلك قضت محكمة النقض :بأنه « إذا كان الظاهر من عقد البيع أنه وقع مقابل ثمن معين وكان منصوصا فيه على أن البائع متبرع لولده المشتري بهذا الثمن وعلى أن المشتري التزم بتجهيز أختيه وباإلنفاق عليهما وعلى أمه بعد وفاة أبيه ،واعتبرت المحكمة هذا العقد هبة مكشوفة فإنها ال تكون أخطأت في تكييفه ، فإن مجرد النص على أن الوالد تبرع بالثمن يكفي إلعتبار العقد هبة مكشوفة أما ما التزم به الموهوب له في هذا العقد من تجهيز أختيه ومن اإلنفاق عليهما وعلى والدته بعد وفاة أبيه ،فال يعدو أن يكون مقابالً لهبة وال يخرج عقدها عن طبيعته» (.)3 ( - )2محمود جمال الدين زكي :مرجع سابق صـ ١۲ ، ١١فقرة ٦ ( - )3نقض مدني ۲۳يناير 1946م فهرس أحكام النقض في ۲٥سنة ،ج ۲صـ ،١١٩۲كلمة هبة ،نبذة ،٧الطعن رقم ٨٨سنة ١٥ق جلسة 1946/5/22م، الطعن رقم ١۲١سنة ١٩ق جلسة 1950/4/20م ،قضاء النقض المدني في عقد البيع ،المرجع السابق صـ ١٥بند ،١٦صـ ١٦بند .١٨سليمان مرقس: عقد البيع المرجع السابق صـ .20 وقد يكون العقد في ظاهره ً بيعا وفي حقيقته هبة ،وتسمى بالهبة المستترة.وال تقع الهبة التي تتم تحت ستار عقد بيع باطلة ،فقد أجازها المشرع بنص المادة ٤٨٨مدني ،وقد نصت على أنه «يجب أن تكون الهبة بورقة رسمية وإال وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر(.»)4 ولذلك قضي بأنه « إذا كان الظاهر من صريح نصوص العقد المسجل ومالبساته أنه عقد تمليك فور إلى المتصرف إليه فإن إتفاق البائع والمشتري على بقاء قطعي منجز -وان الملكية قد انتقلت بموجبه ًا العين المبيعة تحت يد البائع لينتفع بها هو طول حياته ال يمنع من أن تكون ملكية الرقبة قد انتقلت ً فورا ،ومن الخطأ الحكم بإعتبار هذا العقد وصية وإذا كان المستخلص من كافة ظروف الدعوى أن المشتري وهو حفيد البائع ،لم يكن في حالة تمكنه من دفع الثمن المبين في العقد وأن هذا الثمن لم يكن إال صورًيا ،فإن العقد يكون في الحقيقة عقد تبرع ولكنه منجز ،أي هبة مستترة في عقد البيع وهي صحيحة ولو لم تكن بعقد رسمي طبقا لنص المادة ٤٨٨من القانون المدني». ويشترط في هذه الحالة أن يكون للعقد مظهر عقد البيع فعالً حتى ال يسهل استخالص الهبة المستترة من مظهره ،وهذه الحالة -ال شك -تنطوي على صورية ،فنحن أمام عقدين ،العقد الظاهر وهو البيع هو عقد صوري ،أما العقد المستتر ،فهو العقد الحقيقي ،ألنه يعبر عن إرادة المتعاقدين وهو هنا الهبة (.)5 المطلب الثاني البيع والمقايضة المقايضة ، L’echangeوفًقا لنص المادة 482مدني هي «عقد يلتزم به كل من المتعاقدين ،أن ينقل إلى اآلخر ،على سبيل التبادل ملكية مال ليس من النقود» والمقايضة تشبه البيع في أنها من عقود المعاوضات ومن عقود التمليك حيث يترتب عليها نقل ملكية مال من شخص إلى آخر وعلى سبيل التبادل ومع ذلك تسري ( - )4طعن رقم ٥١لسنة ٨ق -الجلسة 1939/4/13م ،قضاء النقض المدني المرجع السابق بند ،١١وقد قضي بأنه« :متى كان الحكم قد قرر أن العقد الصـادر من المورث لزوجته هو عقد بيع عين فيه المبيع والثمن وأن ال عبرة بعدم ذكر قبض الثمن في العقد بعد تعيينه ،فإن الحكم ال يكون قد أخطا في القانون ،ألن مطلق البيع يفيد التزام المشتري بدفع الثمن المسمى وألن المادة ٤٨٨مدني تجيز أن يكون العقد المشتمل على الهبة موصـوفا بعقد آخر وتجعل مناط صـحة الهبة المستترة أن يكون العقد الذي يسترها مستوفي األركان والشرائط القانونية ،فإن كان العقد السائر بيغا ولم ينصـ فيه على ثمن ما أو أبرئ المشتري من الثمن أو وهب له فالعقد هبة ال تصـح قانونا إال إذا كانت حاصـلة بعقد رسمي ( الطعن رقم ۲٥لسنة ٨ق جلسة 1938/2/9م ،الطعن رقم ٩١سنة ١٧ق جلسة 1948/12/23م ،والطعن رقم ١٧٧لسنة ١٨ق جلسة 1951/4/5م ،والطعن رقم ١٧٤سنة ۲۲ق جلسة 1956/1/5م .راجع قضاء النقض المدني في عقد البيع.المرجع السابق بند ٤١ ،٤ ،۲۲ ،١٩انظر أيضا األحكام المشار إليها في السنهوري ج ٤ هامش ۳صـ .۲٤ ( - )5ويجب تطبيق القواعد العامة في الصـورية مواد ( ۲٤٥ ، ۲٤٤مدني) فيسري العقد الحقيقي -الهبة -بين المتعاقدين أو خلفهما العام (مادة ۲٤٥ (مدني أما الغير كدائني المتعاقدين أو خلفهما الخاص فلهم أن يتمسكوا بالعقد الصـوري (عقد البيع) إذا كانوا حسنى النية ،كما أن لهم أن يتمسكوا بالعقد المستتر (الهبة) إذا كان لهم مصـلحة في ذلك ،وأهم الحق في إثبات صـورية العقد الظاهر بكافة طرق اإلثبات بما في ذلك البيئة والقرائن مادة( )1/244 مدني وعند التعارض ....ذو الشان يفضل منن يتمسك منهم بالعقد الظاهر حماية الستقرار المعامالت ،راجع في الصورية محمد سعد خليفة ،الوجيز في أحكام االلتزام واالثبات ،طبعة جامعة بدر كلية القانون بأسيوط – صـ 38ومابعدها. على المقايضة أحكام البيع بالقدر الذي تسمح به طبيعة المقايضة()6يمكن التمييز بين عقد البيع وعقد المقايضة بالرجوع إلى طبيعة المقابل ،فالبيع تمليك لمال مقابل ثمن نقدي ،والمقايضة تمليك مال بمال ليس من النقود. وقد يختلط األمر بين العقدين ،عندما يكون المقابل في المقايضة من طبيعة مزدوجة ،كأن تتم مقابل مال غير نقدي ،مضافا إليه مبلغ من النقود ،أو أن يكون المقابل من طبيعة نقدية ،لكن يختلف في خصائصه عن الثمن ووفًقا للرأي الراجح في الفقه ،فإن وجود المعدل النقدي ال ينفي عن العقد صفة المقايضة ،بشرط أن ال يكون هذا المقابل النقدي الذي اتفق عليه المتعاقدان قد بلغ من األهمية ًا قدر يجعله هو العنصر الغالب في العقد. وتجدر اإلشارة إلى أن القانون المدني يجيز أن يكون في المقايضة معدل من النقود ،فالمادة ٤٨3 تنص على أنه « إذا كان لألشياء المتقايض فيها قيم مختلفة في تقدير المتعاقدين جاز تعويض الفرق بمبلغ من النقود يكون معدالً». وبناء على ذلك ،إذا اتفق المتعاقدان على أن يعطي أحدهما لآلخر شقة تساوي مليون جنيه ،مقابل سيارة ومبلغ من النقود فإنه يجب التعويل – في هذه الحالة -على نسبة النقود إلى قيمة السيارة ،فإذا زادت قيمة السيارة عن مقدار النقود كان العقد مقايضة ،كأن تكون قيمة السيارة في حدود تسعمائة ألف جنيهاً ،ويدفع الباقي نقدا. كثير عن مقدار النقود ،كان تكون قيمة السيارة مائتي ألف جنيه ،ويدفع أما إذا كانت قيمة السيارة أقل ًا نقدا ،فالعقد يكون بيعا ال مقايضة ،ألن المقابل النقدي هو العنصر الغالب.ولذلك مبلغ ثمانمائة ألف جنيه ً قضي بأنه « إذا اعتبرت محكمة االستئناف العقد المتنازع على تكييفه وهو عقد فيه إعطاء منزل من طرف وإعطاء أطيان من طرف (آخر) أنه عقد بيع للمنزل ال عقد بدل ،لما رأته من أن العقد ذاته مصـرح فيه أنه عقد بيع للمنزل وعقد بيع لألطيان ،وأن الثمن المقدر لألطيان مع استنزاله من الثمن المقدر للمنزل يكون كبير يزيد على ثمن األطيان وأن العقد الذي يكون بهذه الكيفية التي الباقي الواجب دفعه من ثمن المنزل مبلغا ًا نقدا عما يدفع منه عينا هو أقرب إلى البيع منه إلى البدل فإن تفسير المحكمة هذا يزيد فيها ما يدفع من الثمن ً المنتزع من الواقع بغير تشويه وتكييفها لهذا الواقع بأنه عقد بيع ال بدل هو تفسير تملكه وتكييف ال غبار عليه (. »)7 ( - )6مادة 485مدني ،ونقض مدني – طعن رقم 4770لسنة61ق – جلسة 1997/10/30م – س-48صـ – 1156مجموعة القوانين والمباديء المرجع السابق -صـ -264طعن رقم -1702لسنة56ق -جلسة 1989/5/18م – س – 40صـ – 310المرجع السابق صـ.265 ( - )7وقد نقض مدني 1935/5/30م – مجموعة القواعد القانونية . ۲۳٧ -٨١٤ - ١سليمان مرقس :صـ ١٦٠وما بعدها فقرة ،٩۳السنهوري :المرجع السابق صـ ۳٦٥ وقد يكون المقابل ذا طبيعة غير نقدية ،لكن مما يمكن تحويله إلى نقود ،كان يكون هذا المقابل أوراقا مالية أو سبائك ذهبية ،ذهب رأي إلى ،أن العقد يعتبر بيعا لسهولة تقدير المقابل وإمكان تحويله إلى نقود بالرجوع إلى سعر السوق ،كان يعطي شخص آخر سيارة مقابل كيلو من الذهب الخالص(.)8وذهب رأي آخر، ()9 . استنادا إلى طبيعة المقابل عند التعاقد ً إلى أن العقد مقايضة وإذا كان المقابل من طبيعة نقدية ،لكن يختلف في خصائصه عن الثمن كأن يكون المقابل إيرًادا مرتبا مدى الحياة ،ذهب رأي إلى ،أن العقد مقايضة تأسيسا على أن الثمن النقدي في البيع ،يجب أن يكون محدد المقدار عند التعاقد ولو كان مقسطا(.)10 أما اإليراد المرتب مدى الحياة ،فال يمكن معرفة مقداره عند التعاقد ،والرأي الغالب على أن.العقد بيعا على إعتبار أن اإليراد المرتب مدى الحياة صورة من صور الثمن النقدي كالثمن المقسط (.)11 يعتبر ً وتبدو أهمية التمييز بين عقد البيع وعقد المقايضة ،في مسألة الشفعة بصفة خاصة ( ،)12فيجوز بيعا ،وال يجوز األخذ بها إذا كان العقد مقايضة. المطالبة بالشفعة متى أعتبر العقد ً المطلب الثالث البيع والوصية الوصية Le testamentتمليك مضاف إلى ما بعد الموت بدون عوض( ،)13وتشترك الوصية مع البيع في أنها تصرف ناقل للملكية ،لكنها تتميز عن البيع في أن التمليك في الوصية مضاف إلى ما بعد الموت ،في حين أن التمليك في البيع يتم بالعقد حال الحياة ،ولذلك قضي بأنه « إذا كان قد صـدر عقد من مورث لبناته سالما أبقى العقد لديه ولم في اليوم السابق ليوم سفره للحجاز ألداء فريضة الحج ،ثم لما عاد من الحجاز ً يظهره ولم يسجله ،واستمر واضغا يده على العقارات موضوع العقد حتى توفي ،ولم يذكر هذا العقد في محضر التركة الذي حرر بحضور أم بناته الصـادر لهن العقد ،فاعتبرت المحكمة هذا العقد بيعاً منج از ال وصـية مقيمة ذلك على أسباب ردت بها القرائن المسوقة للتدليل على نية التبرع المضاف إلى ما بعد الموت وكانت هذه األسباب من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه حكم المحكمة ،فال وجه للنعي على هذا الحكم بالخطأ في ( - )8سليمان مرقس ،صـ ١٦۲فقرة ٩٤ ( - )9السنهوري :المرجع السابق صـ ،۳٦٤ ،۲٩سليمان مرقس صـ ١٦١ ( - )10سليمان مرقس صـ ١٦۲فقرة ٩٥ ( -)11السنهوري :المرجع السابق ،صـ ۳٦٦فقرة ۲٠٥ ( - )12راجع حكم المحكمة الدستورية العليا ،طعن رقم ۲٦لسنة ۲۲ق في2007/7/1م. ( - )13انظر :أحمد إبراهيم :التزام التبرعات ،مجلة القانون واالقتصـاد -مجلة تصـدر عن كلية الحقوق – جامعة القاهرة – السنة الثالثة -العدد الرابع - ٧٧ تكييف العقد قانونا(.»)14ويتم إنتقال الملكية -كما سبق القول -مقابل ثمن نقدي ،في حين أن إنتقال ملكية المال الموصى به يتم بدون مقابل ،فالوصية تصرف باإلرادة المنفردة ،ومقصود بها التبرع ،وهي تنصب على مملوكا للموصي طيلة حياته ،وال تنفذ الوصية ً تركة الموصي أو على جزء منها ،ويبقى الشيء الموصى به إال بعد وفاته وبشروط معينة وقد يوصف التصرف بأنه بيع ،ومع ذلك ال يأخذ القاضي بهذا الوصف ألن للقاضي سلطة تقديرية ،فقد قضي بأنه إذا اشترط البائع في عقد البيع االحتفاظ لنفسه مدة حياته بحق االنتفاع بالعقار المبيع ومنع المشتري طول تلك المدة من التصـرف في العين المبيعة ورأت محكمة االستئناف أن هذا العقد ،.مع األخذ بظاهر الشرط الوارد فيه ،قد قصـد به التمليك المنجز ال التمليك المؤجل إلى وفاة البائع بانية رأيها على أسباب مسوغة له مستخلصـة من ظروف الدعوى ومالبساتها -فال سلطان لمحكمة النقض ()16 ()15 غالبا -بقصد التهرب من بعض األحكام عليها في ذلك» وتطبق عليه أحكام الوصية ،ويحدث -هذا ً القانونية اآلمرة ،خاصة تلك القواعد التي ال تجيز الوصية فيما يجاوز ثلث التركة إال إذا أقرها الورثة ،وإما للتخلص من بعض األعباء المالية كالضرائب على التركات ،وفي هذه الحالة نكون أمام عقد بيع صوري يستر حقيقيا معب ار عن إرادة الموصي وهو الوصية ،فيجب أعمال القواعد المتعلقة بالصورية ( ،)17ومن ثم، ً تصرًفا يجوز لكل من أضر به التصرف الصوري أن يتمسك بالتصرف الحقيقي ،وله الحق في إثبات الصورية بكافة طرق اإلثبات بما فيها البينة والقرائن» ولذلك قضي بأنه إذا كان البيع الصـادر من المورث ألحد الورثة يمس حق وارث آخر في التركة ،وقصـد به االحتيال على أحكام اإلرث المقررة شرعاً ،كان لهذا األخير أن يطعن في هذا التصـرف ،وأن يثبت بكافة طرق اإلثبات القانونية أن عقد البيع في حقيقته يستر تبرغا مضافا إلى ما بعد الموت فهو وصـية ال تنفذ في حقه متى كان هو لم يجزها ( ،)18وقد تأكد هذا المعنى بنص المادة ٩١٦من القانون المدني ،حيث نصت على «أن كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت ويكون مقصوداً به التبرع يعتبر تصرًفا مضاًفا إلى ما بعد الموت ،وتسري عليه أحكام الوصية أيا كانت التسمية التي تعطى لهذا التصرف. ( - )14الطعن رقم ١۳سنة ١٨ق جلسة 1949/4/28م ،قضاء النقض المدني -المرجع السابق ،رقم .۳انظر في نفس المرجع األحكام اآلتية :الطعن ٤٥سنة ١۲ق جلسة 1945/1/2م ،فقرة ،۲الطعن ۳٥٦سنة ۲٠ق جلسة 1953/6/4م فقرة ،٤الطعن ۳٤سنة ١٩ق جلسة 1951/1/18م فقرة ،٥ الطعن ٤٩سنة ١٧ق جلسة 1949/5/٤م ،فقرة .٦ ( - )15الطعن رقم ١۳سنة ٨ق جلسة 1938/6/22م،فقرة - ٩قضاء النقض المدني -المرجع السابق ،وقضي بأنه إذا حصـلت محكمة الموضوع من ظروف الدعوى ومالبساتها وسائر ما أوردته في حكمها من القرائن السالفة أن العقد الذي أفرغ في صـيغة عقد بيع دفع فيه الثمن وسلم المبيع إنما يستر تبرعا مضافا إلى ما بعد الموت فال شان لمحكمة النقض معها إذ أن ذلك ليس إال تحصـيالً لفهم الواقع في الدعوى من دليل مقبول ،وإذن إذا استظهرت المحكمة أن العقد موضوع النزاع وأن كان بيغا في ظاهره فإنه في حقيقته وصـية ،واستدلت على صـدق نظرها بأدلة أوردتها في حكمها من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها ،فال تقبل المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض طعن رقم ٤۳سنة ١٠ق جلسة 1940/12/26م ،قضاء النقض المدني : المرجع السابق -فقرة ۳۳طعن رقم ٥٦سنة ١۲ق جلسة 1943/4/1م نمرة .٤٦سليمان مرقس :المرجع السابق صـ ۳٩نمرة ۲٩مكرر. ( - )16القانون رقم 1لسنة ١٩٤٦انظر :محمد علي عمران :الحقوق العينية األصـلية في القانون المدني المصـري ١٩٧٩دار النهضة العربية ،صـ ٦١ وما بعدها. ( - )17مادة ۲٤٥ - ۲٤٤مدني. ( - )18الطعن رقم ١١سنة ۲١ق جلسة ۲٦/۲/١٩٥۲نمرة .۳٦ ثم جاءت المادة ۹۱۷مدني لتقرر أنه إذا تصرف شخص ألحد ورثته واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها ،وبحقه في اإلنتفاع بها مدى حياته أعتبر التصرف مضافا إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك (.)19 نخلص إلى ،أن المشرع قد وضع قرينة قانونية على أن البيع الصادر من المورث هو بيع صوري حقيقيا هو الوصية ،فصدور التصرف من المورث وهو في مرض الموت قرينة على أن التصرف ً يخفي تصرًفا الذي أراده وصية ،كما أن صدور التصرف ألحد الورثة مع احتفاظ المتصرف بحيازة العين محل التصرف واإلنتفاع بها مدى حياته قرينة على أن التصرف مضاف إلى ما بعد الموت ،فيأخذ حكم الوصية وتطبق عليه أحكامها (.)20 ( - )19سليمان مرقس صـ ۳۲وما بعدها واألحكام المشار إليها بالهامش ،وراجع حكم المحكمة الدستورية ،طعن رقم ١٩لسنة ۲٦ق ،في 2015/12/5م. ( - )20وقضي بأن « العبرة في تعرف طبيعة التصـرف هي بقصـد المتعاقدين على ما يستخلصـ من المالبسات وظروف الحال وعلى ذلك فإذا قضت المحكمة باعتبار عقد البيع ساترا لوصـية وكان ما استخلصـته م نه نية إضافة التمليك إلى ما بعد الموت أن البائع بقي منتفعا باألطيان التي تصـرف فيها فال مخالفة في ذلك للقانون «طعن رقم ٥٠السنة ١٧ق جلسة 1948/4/29م ،فقرة ،٥١الطعن رقم ١٨٩لسنة ۲٠ق جلسة 1952/5/22م ،فقرة ٦٤ ،طعن رقم ١٦٧لسنة ۲٩ق جلسة 1964/5/14م ،فقرة ، ٧٩ ،طعن رقم ٩٧لسنة ٥۳ق جلسة 1986/6/15م ،فقرة .٨١ المبحث الثاني تمييز عقد البيع عن العقود الواردة على المنفعة قد ال يكون صعباً التمييز بين البيع واإليجار ،ومع ذلك إختلف الفقه في تحديد طبيعة البيع بالتقسيط (البيع اإليجاري) ونخصص لكل مسألة مطلبا مستقالً. المطلب األول البيع واإليجار اإليجار( contrat de louage)21وفًقا لنص المادة ٥٥٨مدني هو «عقد يلتزم المؤجر Le premeurبمقتضاه أن يمكن المستأجر من اإلنتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم ،يقصد إذاً باإليجار ،تمكين المستأجر من اإلنتفاع بالشيء المؤجر فترة معينة لقاء أجر معلوم».فهو عقد يرد على منفعة الشيء ،أما البيع – كما قلنا – فهو عقد ناقل للملكية(.)22 ومع ذلك ،فقد إختلف الفقه حول طبيعة العقد الذي ينزل بمقتضاه مالك األرض لشخص آخر ،عن حقه في أخذ ثمار أرضه أو منتجاتها مقابل مبلغ من النقود ( ،)23وهنا يفرق بين حالتين: حالة ما إذا ورد العقد على الثمار ،فإن الفقه يتجه إلى وضع ضوابط معينة يستعان بها للتفرقة بين عقد اإليجار وعقد البيع ،فيشترط لكي يكون العقد بيعاً ،عدم النزول عن إستعمال األرض ،وعدم قيام المتنازل إليه بتعهدها وفلحها ،وإقتصاره على جمع المحصول. ( - )21ينظم عقد اإليجار عدة تشريعات ،فالقانون المدني خصـصـ له المواد من ٦۳٤ :٥٥٨وهي بمثابة القواعد العامة ،وبجانب ذلك هناك تشريعات خاصـة منها قوانين إيجار األماكن وقوانين اإلصـالح الزراعي. ( - )22وعقد اإليجار من العقود الزمنية ،كما أنه ال ينشئ إال التزامات شخصـية بين طرفيه المؤجر والمستأجر ،انظر في ذلك السنهوري :الوسيط ،ج ٦ صـفحة ٦۳٠وما بعدها ،عبد المنعم البدراوي :اإليجار والتامين سنة ،١٩٦٨صـ . ١٠٨وراجع ،الطعن رقم – 129لسنة72ق – جلسة 2005/6/8م، طعن رقم – 8821لسنة 64ق – جلسة 2005/3/28م ،طعن رقم -739لسنة72ق – جلسة 2003/3/24م ،طعن رقم - 1414لسنة68ق – جلسة 2000/10/16م – س – 51ج – 932- 2مجموعة القوانين والمباديء – المرجع السابق – صـ463ومابعدها. Cass civ. Soe. ١٦ mai ١٩٠٨.. ٤٦٤٠ - ١٩٥٨ ( - )23الثمار هي ما تغله األرض بصـفة دورية متجددة دون أن تنقصـ شيئا من األرض ذاتها كالمحاصـيل الزراعية والفاكهة والخضروات ،أما المنتجات فهي ما ينتج عن الشيء بصـفة غير دورية مع تناقصـها شيئا فشيئا حتى تنفذ كالمعادن والبترول واألحجار التي تستخرج من باطن األرض.انظر: السنهوري :البيع :المرجع السابق صـ .۲٧ وإذا قام المتنازل إليه بفالحة األرض وتعهدها بالري والتسميد ورش المبيدات الحشرية إلى غير ذلك، فإن العقد يعتبر إيجا اًر حتى ولو لم يكن للمتنازل إليه إال الحق في بعض الثمار أو الحق في نوع منها فقط. حالة إذا ورد العقد على المنتجات ،فالرأى الراجح أن العقد يعتبر بيعا لمنقول بحسب المآل ،وذلك متى كان النزول عنها في مقابل ثمن(.)24وفي الفقه اإلسالمي فإن العقد في هذه الحاالت هو عقد بيع ألن اإليجار ال يرد إال على المنفعة ال على الشيء ذاته ،ولذلك ال يجوز إجارة غابة لقطع أشجارها أو بستان لقطف ثماره فالمعقود عليه في هذه الفروض ليس المنفعة ،بل العين ذاتها(.)25 المطلب الثاني البيع اإليجاري ()Location Vente قد تدق التفرقة بين عقد اإليجار وعقد البيع ،وذلك في حالة البيع بالتقسيط وعلى وجه الخصوص في بيع المنقوالت ،كأن يتفق التاجر مع المشتري على أن يؤجر األول للثاني جها از مرئيا مدة سنة بأجرة شهرية قدرها مائة جنيه ،على أن يتملك المشتري الجهاز في نهاية السنة إذا وفئ بإلتزامه كامالً ،ويلجأ التجار - غالبا -لهذه الطريقة حماية لمصالحهم ،وحتى يتجنبوا آثار تصرفات المشتري أو إفالسه وعجزه عن السداد، ولذلك يوصف العقد بأنه إيجار للشيء المبيع في مقابل مبلغ نقدي يدفع على أقساط ،وهذا يؤدي إلى إحتفاظ البائع بالحق في إسترداد الشيء المبيع حتى إستيفائه الثمن كامالً ،ومن ثم ال يكون العقد ً بيعا إال إذا سدد المشتري القسط األخير. وقد إختلفت اآلراء في تكييف العقد ( ،)26هل هو إيجار أم بيع ،إلى أن حسم المشرع المصري هذا بيعا ،وفي ذلك تنص المادة ٤٣٠على أن: الخالف حيث اعتبر العقد ً .1إذا كان البيع مؤجل الثمن ،جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفا على استيفاء الثمن كله ولو تم تسليم المبيع. .2فإذا كان الثمن يدفع أقساطا جاز للمتعاقدين أن يتفقا على أن يستبقى البائع جزءا منه تعويضا له عن فسخ البيع إذا لم توف جميع األقساط. ( - )24وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصـت من أوراق الدعوى أن الطاعن قد تعاقد مع وزارة المالية على أن يقوم باستخدام النطرون الجاف بمستنقعات منطقتين رسا مزادهما عليه مقابل ثمن معين ،وعلى أن يدفع لوزارة المالية عالوة على هذا الثمن أتاوة كذا جنيها عن كل طن ،كما استخلصـت في حدود سلطتها الموضوعية أن وزارة المالية لم تتفق مع الطاعن على =حد أدنى لكمية النطرون الذي يقوم باستخراجه مقابل الثمن الذي رسا به المزاد عليه فهذا العقد موضوعه محصـول طبيعي غير متجدد وليس ثمرة أو ريعا للمستنقعات المذكورة ،لكونها جزءا منه البد من نفاذه يوما ما ،وحقيقته مهما كان قد ورد فيه من ألفاظ المؤجرة واإليجار والمستأجر -أنه عقد بيع للنطرون ال عقد إيجار للمستنقعات ،والمبيع بموجبه هو عين معينة هي كل النطرون الموجود بالمستنقعات بال حاجة إلى وزن ،وثمنه قد حدد دون توقف على وزن قيما عدا مبلغ األتاوة ،ويبنى على ذلك اعتباره بيعا ً جزافًا فهو يقع الزما مهما كان مقدار المبيع مما أمله المشتري.نقض ٦ديسمبر ،١٩٥١مجموعة احكام النقصـ ۳رقم ،۳١صـ ١٦١السنهوري :المرجع السابق صـ ۲٧هامش رقم ،۲سليمان مرقس :المرجع السابق صـ ۲۲وما بعدها وهامش رقم صـ .۲۳ ( - )25راجع الكاساني :بدائع الصـنائع ج ٤صـ ،١٧۵وجمال زكي :المرجع السابق ١۳فقرة ٨ ( - )26السنهوري ج ٤صـ ١٧٧وما بعدها فقرة .٩۳ جميعا ،فإن إنتقال الملكية إلى المشتري يعتبر مستندا إلى وقت البيع. ً .3وإذا وفيت األقساط .4وتسري أحكام الفقرات الثالث السابقة ولو سمي المتعاقدان البيع إيجاار. ويؤخذ من النص ،أن البيع مع االحتفاظ بحق الملكية هو بيع بات وتام وإن تراخي تنفيذ اإللتزام بنقل الملكية إلي حين سداد كامل الثمن ،فهو ليس بيعاً موقوفاً علي شرط سداد الثمن وإنما المعلق علي هذا الشرط هو انتقال الملكية فقط ،ومن ثم ينتج العقد كافة آثاره ،فإذا تم سداد كامل الثمن تحقق الشرط الموقوف عليه تنفيذ اإللتزام بنقل الملكية ،ومن ثم إنتقلت إلي المشتري بأثر رجعي من وقت البيع(.)27 المبحث الثالث تمييز عقد البيع عن العقود الواردة على العمل قد يختلط عقد البيع بعقد المقاولة ،أو العمل ،أو الوكالة ،رغم أنها تصرفات واردة على العمل، مطلبا. ً ونخصص لكل منها المطلب األول البيع والمقاولة المقاولة( ، Contrat d’entreprise)28وفًقا لنص المادة ٦٤٦مدني هي «عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عمالً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد اآلخر». المقاولة إذا ،عقد يرد على العمل أما البيع فيرد على الملكية ،وال نجد صعوبة في التمييز بين العقدين خاصة إذا تعهد المقاول بتقديم عمله على أن يقدم رب العمل المادة التي يستخدمها أو يستعين بها المقاول في القيام بعمله(.)29 وتدق التفرقة بين عقد المقاولة وعقد البيع ،في الحالة التي ال يقتصر فيها دور المقاول على تصنيع الشيء المطلوب منه صنعه أو أداء العمل المطلوب منه ،وإنما يتعهد -فضالً عن ذلك -بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها( ،)30في هذه الحالة يلتزم المقاول بتقديم العمل والمادة األولية التي يصنع منها الشيء أو التي يرد عليها العمل ،كأن يتعهد نجار بأن يصنع أثاثا على أن يقدم الخشب من عنده ،ومن هنا يثور التساؤل هل بيعا ألشياء مستقبلية؟ بمعنى آخر ،هل يعتبر العقد مقاولة على إعتبار أن النجار - نعتبر العقد مقاولة أم ً (- )27طعن رقم – 4609لسنة61ق – جلسة 1999/7/5م ،طعن رقم 1196لسنة53ق – جلسة1990/2/1م -س 41صـ – 410مجموعة القوانين والمباديء القانونية – المرجع السابق – صـ77ومابعدها. ( - )28يعرف الفقه اإلسالمي عقد المقاولة ،ويطلق عليه عقد االستصـناع ،وهو التعاقد على صـنع شيء معين.انظر في ذلك :محمد مصـطفى شلبي :المدخل في التعريف بالفقه اإلسالمي وقواعد الملكية ،١٩٥٩الشيخ أحمد أبو الفتح :المعامالت في الشريعة اإلسالمية والقوانين المصـرية ،۲/۳٨٨السنهوري :مصـادر الحق في الفقه اإلسالمي ١ -١٩٥٤صـ .٨١ ( - )29مادة .1/٦٤٧ ( - )30مادة .2/ ٦٤٧ في المثال المتقدم -يلتزم بتصنيع شيء هو األثاث؟ أم أنه بيع ألشياء مستقبلية هي الخشب الذي قدمه لصناعة األثاث؟ ذهب رأي إلى ،أن العقد مقاولة ألن المادة التي قدمها المقاول ليست إال تابعة للعمل ،فالعمل هو العنصر الغالب وهو جوهر اإللتزام ،ذلك ألن المقاول -في األصل -يلتزم بصنع الشيء المطلوب منه وإذا تملك رب العمل الشيء المصنوع فإن ذلك ليس إال نتيجة ضرورية للقيام بالعمل الذي التزم به فالعقد هنا يرد على العمل. وذهب رأي ثان إلى ،أن العقد ال يعتبر مقاولة خالصة لكنه يختلط بعقد بيع ،فالمقاول يلتزم بعمل أو بصناعة شيء ،وما يرد على هذا العمل فهو عقد مقاولة ،أما ما يرد على المادة المقدمة فهو عقد بيع. وذهب رأي ثالث إلى ،أنه يجب حساب نسبة قيمة المواد المقدمة إلى قيمة العمل ،فإن كان الدافع للتعاقد هو العمل وهو العنصر الغالب الذي يعول عليه الطرفان في العقد كان العقد مقاولة ،وما المادة المقدمة إال شيء ثانوي تابع للعمل المطلوب ،أما إذا كانت قيمة المادة تفوق قيمة العمل ،كان العقد ً بيعا ،كأن يتعهد شخص بتوريد آلة آلخر بعد أن يقوم بإجراء بعض اإلصالحات الطفيفة لها ( ،)31ولكي يتضح األمر أكثر إليك المثال التالي: إذا تعهد مقاول بإقامة مبنى آلخر ،فإننا نكون أمام أحد فرضين: - ١إما أن يقدم رب العمل األرض التي يقوم عليها المبنى فهنا يكون العقد مقاولة مهما كانت قيمة مواد البناء التي يلتزم بتقديمها المقاول -رمل -زلط – طوب ...إلخ ،فالعمل المطلوب منه هو الدافع للتعاقد وهو العنصر الغالب. -2وإما أن يلتزم المقاول بالبناء على أرض يقدمها هو وبأدوات بناء من عنده ،فهنا يكون العقد ً بيعا ،وهو يعتبر بيع لشيء مستقبل ،أي بيع لألرض في حالتها المستقبلية بعد أن يقام عليها البناء. اعتمادا على المعيار السابق ال تبدو سهلة ،فال بد من دراسة ً ونحن نعتقد ،أن التفرقة بين العقدين، كل حالة على حده ،فإذا التزم فنان مثالً بصناعة تمثال بمواد من عنده ،فهل يعتبر العقد مقاولة على إعتبار أن قيمة العمل أكبر من قيمة المواد المستخدمة مهما كانت ،أم أنه عقد بيع إذا ثبت أن قيمة المواد المقدمة أكبر من قيمة العمل كما لو صنع التمثال من ذهب؟ وإذا التزم حائك بصنع ثوب على أن يقدم القماش من عنده ،فهل يعول على قيمة العمل فيكون العقد مقاولة ،أم يعول على القماش خاصة إذا كان من نوع جيد ويسعر مرتفع ،فيكون العقد بيعاً؟ ،إننا ال نستطيع أن نضع تكييفا موحدا للعقود المتشابهة -لكن -كما قلنا، يجب دراسة كل عقد على حده ،وحساب نسبة قيمة المواد المقدمة إلى قيمة العمل ،وسوف يختلف التكييف ( - )31السنهوري ج ٤المرجع السابق صـ ۳١ ،۳٠فقرة .١١ حتى في النوع الواحد من العقود ،وذلك تبعا للظروف واألسعار وخبرة من يقوم بالعمل ...إلخ ( ،)32ويترك األمر لقاضي الموضوع. وتبدو أهمية التفرقة بين كون العقد بيعاً لشيء مستقبل ام مقاولة في اآلتي: القوة الملزمة للعقد. بيعا فهو ملزم ،فالعقد شريعة المتعاقدين فال يجوز نقضه وال تعديله إال بإرادة الطرفين إذا كان العقد ً ( ،)33أما إذا كان العقد مقاولة ،فإنه يجوز لرب العمل أن يتحلل من إلتزامه الناتج من عقد المقاولة أو يقف تنفيذ العقد إذا لم يكن قد تم تنفيذه بشرط أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات ،وما أنجزه من اإلعمال ،وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل(.)34 سريان الفوائد. وطبقا للمادة 1/458مدني ،ال يستحق البائع فوائد عن الثمن إال من وقد إعذار المدين -المشتري - أو من يوم تسليم المبيع إذا كان هذا الشيء قابالً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى. أما إذا اعتبر العقد مقاولة ،فال تسري الفوائد إال من وقت المطالبة القضائية ،تطبيقا للقواعد العامة حق اإلمتياز. ويتقرر للبائع حق إمتياز على المبيع ،وسواء أكان المبيع منقوالً ()35أو عقا ار ( ،)36أما إذا كان العقد مقاولة ،فإن المبالغ المستحقة للمقاولين الذين عهد إليهم في تشييد ابنية أو منشآت أخرى ،أو في إعادة تشييدها أو في ترميمها أو في صيانتها ،يكون لها إمتياز على هذه المنشآت ،ولكن بقدر ما يكون زائدا ،بسبب هذه اإلعمال في قيمة العقار وقت بيعه(.)37 المقابل في العقد: عقد البيع هو عقد ناقل للملكية مقابل ثمن نقدي ،فإذا لم يتم اإلتفاق على الثمن أو بيان األسس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد أعتبر العقد باطالً ،أما إذا كان العقد مقاولة ،فهو عقد يرد على العمل ،فإذا لم يحدد األجر سلفا وجب الرجوع في تحديده إلى قيمة العمل ونفقات المقاول(.)38 ( - )32انظر سليمان مرقس :المرجع السابق صـ ۲٦فقرة ،۳٤والمراجع المشار إليها هامش رقم ۲من نفس الصـفحة. ( - )33راجع حكم المحكمة الدستورية ،طعن رقم ٧٨لسنة ۳۳ق ،في .١٤/۲/۲٠١٥ ( - )34مادة ٦٦۳مدني ( - )35مادة ١١٤٥مدني. ( - )36مادة ١١٤٧مدني. ( - )37مادة1/ ١١٤٨مدني. ( - )38مادة ٦٥٩مدني. المطلب الثاني البيع والعمل تنص المادة 674مدني على أن " عقد العمل هو الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد اآلخر وتحت إداراته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد اآلخر" (.)39 ويفهم من نص المادة السابقة أن عقد العمل من العقود التي ترد على عمل اإلنسان ،أما البيع ،فهو من العقود التي ترد على الملكية ،ومع ذلك قد يختلط عقد العمل بعقد البيع ،فإذا التزم العامل بأن يعمل في خدمة رب العمل ،فالعقد عقد عمل ،لكن إذا التزم -فضالً عن ذلك -بتقديم األدوات الالزمة الضرورية للقيام بيعا لهذه األدوات ؟ بالعمل المطلوب منه ،فهنا يقع الخلط ،فهل يعتبر العقد عمالً أم ً لقد ثار هذا التساؤل -من قبل -بمناسبة عقد المقاولة وإستعرضنا اآلراء المختلفة ،وقلنا وفًقا للرأي الراجح ،أن القاضي يعول في تكييفه للعقد على ما يقدمه المقاول من عمل ،فإن كان العمل هو العنصر الغالب كان العقد مقاولة ،وإال فالعقد بيع.هذا المعيار أيضا يمكن األخذ به للتمييز بين عقد البيع وعقد العمل ،فإن كان العمل الذي التزم به العامل هو األصل كان العقد عمالً وال يغير من هذا التكييف كون العامل قدم بعض األدوات إلتمام العمل المطلوب منه ()40أما إذا كانت األدوات التي قدمت إلتمام العمل -تمثل القيمة األصلية بيعا. للعمل ،فالعقد يعتبر ً وقد يقع الخلط بين عقد العمل وعقد المقاولة ،وقد اختلف الفقه في وضع معيار للتفرقة بين عقد المقاولة وقضاءا ،أن الذي يميز عقد المقاولة عن عقد العمل هو أن المقاول ً وعقد العمل ويبدو أن المستقر عليه فقها يؤدي عمله مستقالً عن رب العمل ،بمعنى أنه ال يخضع لرقابته وإشرافه ،وعلى العكس فالعامل يلتزم بأن يعمل في خدمة رب العمل وتحت إدارته وإشرافه(.)41 وخالصـة ذلك ،فإن النقاش أو النجار أو السباك مثالً قد يكون مقاوالً إذا مع صـاحب العمل على صـنع شيء معين يقوم به وفقا للتعاقد المبرم مستقالً عن رب العمل ،أما إذا قام بعمله تحت إدارة وإشراف صـاحب العمل كان عامالً يخضع ألحكام قانون العمل كذلك العقد المبرم بين صـاحب الجريدة والصـحفي هو عقد عمل، شأ َ ُك ْم مِ نَ ْاأل َ ْر ِ ض َوا ْست َغ َم َر ُك ْم فِي َها) (سورة هود آية ( )٦١ويقول () :أن هللا يحب إذا ( - )39لقد حض اإلسالم على العمل يقول تعالى :ه َُو أ َ ْن َ عمِ لُوا ) ( سورة األنعام آية . ) ١۳۲ويقول الرسول الكريم« :ما أكل أحد عمل أحدكم عمالً أن يتقنه» ،وقوله تعالى َ ( :و ِل ُك ٍّل َد َر َجاتٌ مِ ما َ طعا ًما قط خير من أن يأكل من عمل يده» عن اهمية العمل.انظر :عبد الناصـر العطار :شرح احكام قانون العمل ١٤٠٩هـ ١٩٨٩ -م صـ ٦فقرة ،۲وقد أشرنا من قبل إلى أن القانون المدني ينظم عقد العمل في المواد من ٦٧٤وما بعدها ،وهذه تعتبر بمثابة القواعد العامة وال تسري على عالقات العمل إال بالقدر الذي ال تتعارض فيه صـراحة أو ضمنا مع التشريعات الخاصـة التي تتعلق بالعمل مادة (.٦٧٥/١ انظر عبد الناصـر العطار :المرجع السابق صـ ١٦وما بعدها. ( - )40انظر :محمد علي عمران :الوسيط في شرح أحكام قانون العمل الجديد ،الطبعة التالية ،١٩٨۵صـ ٦٩وما بعدها وكذلك األحكام المشار إليها صـ ٧٠بالهامش. ( - )41طعن رقم ۳٨لسنة ۳۳ق جلسة 1977/2/23م مجموعة أحكام النقض س - ۲۳العدد األول صـ .۲۳۲ إذا كان الصـحفي يخضع إلدارة وإشراف صـاحب الجريدة والعكس يكون العقد مقاولة إذا التزم الصـحفي بكتابة مقال للجريدة في موضوع معين ولقاء أجر ما دام ال يخضع إلدارة وإشراف صـاحب الجريدة ...إلخ.ولذلك يكون رب العمل مسئوالً عن العامل مسئولية المتبوع وال يكون األمر كذلك بالنسبة للمقاول لكونه يعمل مستقالً عن رب العمل ،ووفقا األحكام العقد المبرم بينهما(.)42 المطلب الثالث البيع والوكالة إذا كان األصل أن يجري اإلنسان بنفسه -في سبيل إشباع حاجاته ورغباته -كافة أنواع التصرفات القانونية رغم تعقدها واتصالها بكافة شئون الحياة ،إال أنه قد ال يستطيع في بعض الحاالت أن يؤديها وحده إما النعدام خبرته ،أو النشغاله أو إلصابته بمرض أو بضعف ...إلخ ،ولذلك يجد نفسه في حاجة إلى مساعدة اآلخرين ،ومن هنا تظهر أهمية الوكالة. والوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب تعاقد الموكل( ،)43وفي الفقه اإلسالمي( ،)44تعرف الوكالة بأنها إقامة الشخص غيره مقام نفسه في تصرف جائز معلوم على أن يكون الموكل ممن يملك التصرف ،ويقصد بتصرف جائز أن الصبي إذا وكل شخصـا في هبة ماله فإن تصـرف ضرر محققا ،ويقصـد بالمعلوم أن ال يكون التصـرف ًا الصـبي بالهبة غير جائز ،ألنها من التصـرفات الضارة به مجهوالً ،كما لو قال شخص آلخر أنت وكيلي في كل شيء ،فان هذه الصـيغة ال تعطي للوكيل حق التصـرف ولكن تثبت له حق حفظ المال -أنظر المادة 6/701مدني حيث جاء فيها ما يطابق ذلك فقد نصـت على أن «الوكالة الواردة في ألفاظ عامة ال تخصـيصـ فيها حتى لنوع العمل القانوني الحاصـل فيه التوكيل ال يخول الوكيل صـفة إال في اعمال اإلدارة ،ويقصـد بان يكون الموكل ممن يملك التصـرف ،عدم جواز الوكالة في شيء ال يملك الموكل التصـرف فيه ،وقد قضي أيضا بأنه « إذا كانت الوكالة المراد إثباتها ،صـريحة كانت أو ضمنية ال تخول الوكيل صـفة إال في اعمال اإلدارة ،وكان قطع القطن أو نقله إلى إستحقاق تال ال يعتبر أيهما من بين هذه اإلعمال ،والبد لمن يجريهما نيابة عن صـاحب الشان من أن يكون لديه وكالة خاصـة ()45 ».... بالمبيع ألن هذين األمرين هما من مقتضيات البيع وتوابعه الضرورية والوكالة كالمقاولة ،من العقود التي ترد على العمل ،فإذا كان المقاول ملتزم -كما قلنا -بالقيام بعمل لمصلحة رب العمل ،فالوكيل كذلك ملتزم بالقيام بعمل لمصلحة الموكل. (- )42نقض مدني في – 1939/12/14مجموعة عمر – جـ – 3رقم – 13صـ.25 (- )43مادة ٦٩٩مدني. ( - )44فتح القدير ج ۲صـ ،١٠١الهداية ج ۲صـ ،١٠٩المادة ٩١٥وما بعدها من مرشد الحيران ،عبد الحميد محمود البعلي :المرجع السابق صـ ١٩٤هامش رقم ،۲أحمد إبراهيم بك :األعمال الكاملة اإللتزامات في الشرع اإلسالمي صـ ١٠٨وما بعدها. ( - )45طعن رقم ۳۲۳سنة ۳٥ق جلسة ،١٩/٦/٦٩س ۲٠صـ ١٠١قضاء النقض -المرجع السابق صـ .٥٩ ومع ذلك توجد فورق بينهما: - ١طبيعة العمل مختلفة ،ففي المقاولة ،العمل المطلوب هو عمل مادي act materialحيث ينوب الوكيل عن الموكل (األصـيل) ولذلك فإن آثار التصـرف تنصـرف إلى األصـيل ال إلى الموكل. - ٢األصـل أن عقد الوكالة من عقود التبرع إال إذا اشترط المقابل ،فالمادة ۷۰۹/۱مدني تنص على أن "الوكالة تبرعية ما لم يتفق على غير ذلك صـراحة أو يستخلصـ ضمنا من حالة الوكيل" ،أما المقاولة فهي دائما بأجر ،ويالحظ أنه إذا اتفق على مقابل في عقد الوكالة ،كان للقاضي سلطة تقديرية في تعديل المقابل (مادة ۲ /۷۰۹مدني) وهذه السلطة ال وجود لها في عقد المقاولة. -3المقاولة عقد ملزم للجانبين ،أما الوكالة -فهي كقاعدة عامة -عقد ملزم لجانب واحد. -4ال تنتهي المقاولة بالموت سواء موت رب العمل أو موت المقاول ،إال إذا كانت شخصـيته محل إعتبار مادة (٦٦٦مدني) أما الوكالة فتنتهي بالموت سواء موت الموكل أو موت الوكيل (مادة ٧١٤مدني). ماديا ،فإن األهلية ليست شرطا - 5تختلف األهلية المطلوبة في العقدين فالن المقاول مطالب بأن يؤدي عمالً ً لصـحة العقد أما بالنسبة للوكيل ،فإن المطلوب منه إجراء تصـرفات قانونية ولذلك فالبد من توافر األهلية طبقا للقواعد العامة. والوكالة ال تختلط بالبيع ،فالوكالة -كما قلنا عقد يرد على العمل أما البيع فعقد ناقل للملكية ،ومع ()46 ،إذا أدعى من يقوم بعمل قانوني لحساب الغير ،حًقا ذلك قد يقع الخلط بينهما خاصة وكما يقول الفقه لنفسه على المال محل هذا العمل القانوني ،كان يحيل الدائن حقه إلى شخص آخر ليتولى مطالبة المدين أو أن يقوم صاحب مصنع بتسليم بعضا من السلع التي ينتجها إلى شخص آخر ليتصرف فيها هذا األخير إلى الغير. وقد يبدو التمييز بينهما سهالً ،إذا رجعنا إلى نصوص العقد ،فإن كان القصد منذ البداية هو نقل ملكية هذه السلع من صاحب المصنع إلى هذا الشخص األخير فالعقد بيع ،أما إذا كانت الملكية ما زالت لصاحب المصنع ،فهنا يثور التساؤل عن دور هذا الشخص ،فهو ال يعتبر مشترًيا ألن غاية عقد البيع نقل الملكية من البائع -الصانع -إلى -المشتري -وهذا غير واضح ،فهل يعتبر وكيالً؟ يجب -في هذه الحالة -أن نعول على قصد المتعاقدين ،فإن كانت نية الطرفين قد اتجهت إلى أن بيعا ،وإال فالعقد وكالة ،هذا إذا كانت عبارات العقد واضحة ،فإذا لم ينقل أحدهما حقه إلى اآلخر كان العقد ً يستطع القاضي إستخالص هذه النية من عبارات العقد كان عليه أن يستعين بظروف التعاقد ومالبساته. وتطبيقا لذلك لو إتفق الصانع -في المثال المتقدم -مع الغير على أن يقوم هذا األخير الذي تسلم السلعة ببيعها ،على أن يأخذ لنفسه نسبة معينة من الثمن المتحصل عليه نظير بيع السلع إلى آخرين ،فإن ( - )46سليمان مرقس :صـ ۲٧فقرة ۲٥ بيعا ،خاصة إذا كان هذا الوسيط ممن يحترف القيام بمثل هذه اإلعمال ذلك يرجح أن يكون العقد وكالة ال ً محددا للمالك دون األخذ ً كوكيل بالعمولة.وعلى العكس ،إذا تم اإلتفاق على أن يدفع من يتسلم السلعة مبلغا في اإلعتبار الثمن الذي يبيع به لآلخرين ،فإن ذلك يرجح أن يكون العقد ً بيعا ال وكالة ،حتى ولو اشترط في العقد أن يكون من حقه رد الشيء دون دفع الثمن المتفق عليه إذا لم يتمكن من بيعه ،فهذا الشرط أن وجد ال يخرج العقد عن كونه عقد بيع ،والبيع في هذه الحالة يكون بيعاً موصوًفا ألنه مقترن بشرط فاسخ هو عدم تمكن المشتري من بيع السلعة إلى الغير(.)47 وتبدو أهمية التفرقة بين العقدين في إختالف القواعد المنظمة لكل منهما مع ما يستتبع ذلك من اختالف في األحكام القانونية ،هذا من جهة.ومن جهة ثانية ،فعقد الوكالة من عقود األمانة ،فإذا تصرف الوكيل فيما عهد به إليه -على خالف ما تقضي به الوكالة -اعتبر مرتكبا لجريمة خيانة األمانة مما يستتبع معه تطبيق الجزاءات المقررة في القانون الجنائي لهذه الجريمة ( ،)48ومن ثم فإن القانون الجنائي يلعب ًا دور هاما في حماية الموكل ،بجانب القانون المدني أيضا ،أما إذا كان العقد بيعاً ،فالبيع ال يعتبر من عقود األمانة، ً ومن ثم ال مجال إلعمال قواعد القانون الجنائي. الفصل الثالث أركان عقد البيع يلزم إلنعقاد البيع ،توافر أركان ثالثة ،تراضي أطراف العقد البائع والمشتري والمحل والسبب ،ولم يتطلب المشرع شكالً معينا إلنعقاد البيع ،فعقد البيع – كما قلنا -من العقود الرضائية وإذا تخلف ركن من هذه األركان -وتسمى بشروط اإلنعقاد كان الجزاء هو بطالن العقد بطالنا مطلقا.ولما كان البيع من العقود الدائرة بين النفع والضرر كان البد وأن يتوافر في طرفيه -البائع والمشتري -أهلية أداء كاملة ،وأن تكون اإلرادة خالية من العيوب -الغلط ،التدليس ،اإلكراه ،االستغالل -والجزاء المترتب على تخلف أحد هذه الشروط -وتسمى بشروط صحة العقد هو قابلية العقد لإلبطال. ( - )47سليمان مرقس صـ ۲٨ ،۲٧فقرة ۲٥والمراجع المشار إليها هامش رقم .1 ( - )48انظر :المادة ۳٤١جنائي. وقد اختص المشرع المصري ركني التراضي والمحل في عقد البيع ببعض األحكام الخاصة ،أما ركن السبب ،فال جديد يقال ،ونحيل في ذلك إلى القواعد العامة ،وليس معنى ذلك أننا لن نتعرض للقواعد العامة عند دراسة ركني التراضي والمحل ولكن تعرضنا لها سيكون في أضيق الحدود وبالقدر الالزم لدراستنا هذه. ومن هنا فإننا سوف نتناول في هذا الفصل ركني التراضي والمحل مخصصين لكل منهما مبحثاً مستقالً. خطة البحث: المبحث األول :التراضي في عقد البيع. المبحث الثاني :محل عقد البيع. المبحث األول التراضي في عقد البيع يوجد التراضي Consentementبإقت ارن إرادتي البائع والمشتري وتوافقهما ،فعقد البيع بإعتباره من العقود الرضائية ،يتم بمجرد أن يتبادل طرفان -البائع والمشتري -التعبير عن إرادتين متطابقتين(.)49 والتراضي ركن جوهري في عقد البيع ،ال يتصور وجود العقد بدونه ،وال يكفي وجود التراضي ،بل يلزم أن يكون صحيحا ،وصحته تقتضي صدوره ممن يتمتع بأهلية التعاقد ،وأن يستند إلى إرادة صحيحة خالية من العيوب ،وقد يقترن التراضي ببعض األوصاف التي تعدل من أحكامه. ( - )49مادة ٨٩مدني. ومما سبق ،يتبين أن دراسة ركن التراضي في عقد البيع ،تستلزم التعرض لوجوده وصحته ،وبيان مطلبا مستقالً. ً أوصافه وصوره ،ونخصص لكل منها المطلب األول وجود التراضي وصحته يتوافر رضا البائع والمشتري عندما يتطابق اإليجاب L'offreوالقبول L'acceptationفيجب أن تتجه اإلرادتان إلى البيع والشراء ،أما إذا قصد أحد المتعاقدين البيع وقصد الثاني اإليجار مثالً ،فال ينعقد البيع وال اإليجار ،ألن اإليجاب والقبول لم يتطابقا ال على البيع وال على اإليجار( ،)50يجب -أيضا -أن تتفق إرادة البائع والمشتري على الشيء المبيع ذاته ،فإذا قصد أحدهما بيع شيء معين ،وقصد اآلخر شراء شيء آخر، لم ينعقد البيع. يجب -أخي ار -أن تتالقي اإلرادتان على ثمن معين ،فإذا قال البائع للمشتري بعتك سيارتي بمائة ألف جنيه مصري ،فقال المشتري اشتريت بتسعين ألف ،لم ينعقد العقد ،ألن ما صدر من المشتري ال يعد قبوالً لإليجاب الموجه إليه من البائع ،وإنما هو إيجاب جديد ،فال بد من قبول هذا األخير له حتى ينعقد البيع ،وفي هذا المعنى تنص المادة ٩٦مدني على أنه "إذا اقترن القبول بما يزيد في اإليجاب أو يقيد منه أو يعدل فيه جديدا". إيجابا ً ً اعتبر رفضا يتضمن ويعتبر اإلتفاق على ماهية العقد وعلى المبيع والثمن ،إتفاق على مسائل جوهرية في عقد البيع(، )51 أما باقي المسائل التفصيلية األخرى ،كمكان تسليم المبيع و زمانه وميعاد دفع الثمن ،فال يلزم إلنعقاد البيع اإلتفاق عليها ،وإذا اتفق عليها أطراف العقد طبق اإلتفاق ،وفي حالة عدم اإلتفاق عليها يترك تنظيمها للقواعد المنظمة لعقد البيع ،وهي قواعد مكملة إلرادة المتعاقدين ،وواجبة التطبيق إذا لم يتفق المتعاقدان على ما يخالفها ،وإذا اتفق الطرفان على جمع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما ( - )50وقد قضي بان « اإليجاب هو الغرض الذي يعبر به الشخصـ الصـادر منه على وجه حازم عن إرادته في إبرام عقد معين ،بحيث إذا اقترن به قبول مطابق انعقد العقد» طعن رقم ۳۲۳سنة ۳٥في 1969/6/19م مجموعة أحكام النقض س 20قاعدة ،١٥٩انظر :السنهوري /المرجع السابق صـ ٤۲وما بعدها فقرة ۲٠واألحكام المشار إليها هامش رقم ١صـ.44 ( - )51وقد قضي بانه متى كان اإلقرار المتنازع على تكييفه صـري ًحا في اإلفصـاح عن قبول المقر البيع بالشروط التي ارتضاها ،وكان المتمسك بهذا اإلقرار ينازع في انعقاد البيع على أساس هذه الشروط فال يمكن مع هذا القول بتالقي اإليجاب والقبول الالزمين إلنعقاد البيع ،واختالف الطرفين على مساحة المبيع وحدوده بجعل البيع غير منعقد لعدم االتفاق على العين المبيعة.نقض مدني ١٩يناير ، ١٩٥٠مجموعة أحكام النقض ١ ،رقم ٥٦صـ وقد قضي بان الحكم المطعون فيه إذا اعتبر االتفاق بين الطرفين على األرض المبيعة والثمن مع إرجاء تحرير عقد البيع النهائي إلى أن تقوم به اإلدارة القانونية للجنة اإلصـالح الزراعي التي تراها فيه ،أنه ال يعدو أن يكون مشروعًا لعقد بيع ،دون أن يبحث فيما إذا كان الشروط المرجاة جوهرية ام قانونية ،فإنه يكون متسما بالقصـور مما يتعين معه نقضه » طعن رقم ۳٥۲سنة ۳٩ق في 1957/1/16م ،مجموعة احكام النقض س ۲٦صـ ١٨۳ قاعدة ،٤۳وقضي أيضا أن الحكم الذي يقام على أن بيعا بين طرفي الخصـومة يجب أن يعني بإثبات توافر جميع أركان البيع من رضا ومبيع وثمن فإذا اكتفى الحكم بإثبات توافر الركنين األولين واغفل الركن األخير بمقولة أن أمره خارج عن نطاق الدعوى كان قضاؤه مخالفا للقانون طعن رقم ۲١سنة ١٨ق جلسة 1949/6/9م ،قضاء النقض المدني ،المرجع السابق 1 بعد ولم يشترطا أن العقد ال يتم عند عدم اإلتفاق عليها ،فإن المحكمة تقضي فيها طبقا لطبيعة المعاملة . ()52 وألحكام القانون والعرف والعدالة وقيل تبري ار لهذا الحكم ،أن البائع والمشتري ،بإتفاقهما على المسائل الجوهرية في العقد -ماهية العقد والمبيع والثمن -وعلى أرجاء المسائل التفصيلية إلى إتفاق الحق -مع عدم النص على أن العقد ال ينعقد إال منعقدا ،وأن هذه المسائل التفصيلية ليست من األهمية بدرجة ً باإلتفاق على هذه المسائل -أنهما اعتب ار العقد تحول دون إبرام العقد ،ويترك من ثم للقاضي أمر الحكم فيها في حالة النزاع بين الطرفين. واألصل أن يتم التعاقد بين أصحاب الشأن أنفسهم -البائع والمشتري -لكن ليس هناك ما يمنع أن ()53 يتم التعاقد بطريق النيابة أي يتولى شخص -يسمى النائب – إبرام عقد البيع ،نيابة عن أحد األطراف ولذلك قضي بأن"التعاقد علي البيع طبقاً لنص المادة 418من القانون المدني ال يعتبر تاماً وملزماً إال إذا تالقت إرادة المتعاقدين علي قيام االلتزام بالبيع ونفاذه ،مما يقتضي ايجاباً يعبر به المتعاقد الصادر منه علي وجه جازم عن ارادته في ابرام عقد يلتزم به المتعاقد اآلخر أن ينقل اليه ملكية الشيء المبيع في مقابل ثمن نقدي وأن يقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا األخير والمقصود بالمتعاقد هو األصيل بشخصه أو بمن ينوب عنه قانوناً،وعلي ذلك فإذا صدر التعبير عن إرادة إنشاء االلتزام بالبيع ممن اليملك التعاقد أصال فال ()54 ينتج العقد أث اًر" وفي هذه الحالة تحل إرادة النائب محل إرادة األصيل -صاحب الشأن -وتم التعاقد هنا باسم ولحساب األصيل ،فتنصرف آثار العقد إليه(.)55 وال يكف -كما قلنا -وجود التراضي بل يجب أن يكون خاليا من العيوب ،ويكون الرضا معينا إذا وقع المتعاقد في غلط أو دلس عليه أو تعاقد تحت تأثير اإلكراه أو كان ضحية استغالل ،أو لم يصدر عن مهددا بالزوال إذا موجودا لكنه معيب ،مما يجعل العقد ً ً شخص كامل األهلية ،وفي هذه الحاالت يكون الرضاء ما تمسك من كانت إرادته معيبة بالحق في إبطال العقد ( ، )56ونحن نحيل في كل ما سبق إلى القواعد العامة في نظرية اإللتزام ،لكن ما يهمنا هنا هو أن نتعرض بشيء من التفصيل ألهلية التعاقد. ( - )52المادة ٩٥مدني. ( - )53انظر :جمال مرسي بدر :النيابة في التصـرفات القانونية -رسالة جامعة اإلسكندرية سنة ،١٩٥٤السنهوري :المرجع السابق صـ ٩۳وما بعدها، عبد الفتاح عبد الباقي :المرجع السابق صـ ۲١٦وما بعدها. (- )54نقض مدني – الطعن رقم – 918لسنة53ق – جلسة 1990/2/1م س -41صـ – 421مجموعة القوانين والمباديء – جـ – 2صـ.6 ( - )55وقد قضي بأنه ما دامت المحكمة قد استخلصـت استخالصـا سائغًا من عبارة عقد شراء أ رض لكنيسة ومن ظروف الدعوى ومالبسا?