البنيوية: منهج فكري وتحليل اجتماعي PDF
Document Details
Uploaded by InspiringBanshee958
Tags
Summary
يُقدم هذا النص لمحة عامة عن مفهوم البنيوية، منهج فكري وتحليلي في العلوم الاجتماعية والإنسانية. يُلقي الضوء على خصائصها وأهميتها في دراسة الظواهر الإنسانية، مع التركيز على جذورها التاريخية وتطورها. يغطي هذه الجوانب من خلال دراسات الحالة والحوارات مع المنظرين.
Full Transcript
تمهيد :مع بداية الخمسينات من القرن الماضي برز الى وجود استخدام مصطلح البنيوية في مجال العلوم االجتماعية و اإلنسانية وخاصة االنثروبولوجيا و علم االجتماع الفرنسي تحديدا حيث برزت كنظرية ذات طابع شمولي كالني اشتركت فيه مع المداخل النظرية السابقة اال انها ارتبطت في بداياتها بالدراسات األدبية...
تمهيد :مع بداية الخمسينات من القرن الماضي برز الى وجود استخدام مصطلح البنيوية في مجال العلوم االجتماعية و اإلنسانية وخاصة االنثروبولوجيا و علم االجتماع الفرنسي تحديدا حيث برزت كنظرية ذات طابع شمولي كالني اشتركت فيه مع المداخل النظرية السابقة اال انها ارتبطت في بداياتها بالدراسات األدبية ولكن سرعان ما امتد تأثيرها الى حقول معرفية عدة وخاصة االنثروبولوجيا و علم االجتماع . -1ما المقصود بالبنيوية : البنيوية هي منهج فكري و أداة تحليل اكثر منها نظرية تفسيرية ،حيث تقوم على فكرة الكلية اوالمجموع المنتظم ،اشتق لفظ البنيوية من البنية لتشتمل على كل ظاهرة إنسانية كانت او أدبية تتشكل كبنية ،وهي نسق من العالقات الباطنة المدركة وفقا لمبدا األولوية المطلقة للكل على األجزاء في اطار نسق يتصف بالوحدة الداخلية واالنتظام الذاتي.لدراستها نتجه الى تحليل العناصر وتفكيكها الى العناصر المؤلفة لها دون النظر الى العوامل الخارجية عنها ،حيث تركز على تراتب العناصر المشكلة لها والعالقات التي تحكمها لتشكل ذلك البناء الكلي .يعرفها جان بياجي ":بانها نسق من التحوالت له قوانينه الخاصة باعتبراه نسقا ،ان هذه البنية تتسم بخصائص ثالث :الكلية ،التحوالت ،الضبط الذاتي. -2النظرية البنيوية النشأة و التطور : اشتهرت البنيوية في بداياتها في مجال علم اللغة ،اللسانيات و النقد االدبي لهذا يعرفها القاموس اللغوي :بأنها نظرية في اللسانيات تعتبر اللسان مجموعا مبنيا حيث العالقات هي ما يسمح لنا بتعريف الحدود " ،ثم امتد تأثيرها إلى مجاالت عدة كالعمران ،الرياضيات ،االقتصاد ،علم النفس ،إال ان استعماالتها األقرب في العلوم االجتماعية كان متصال باألنثروبولوجيا خاصة بفضل تناوالت كلود ليفي ستورس الذي حدد مفهوم البنية انطالقا من أربع شروط أساسية وهي : البنية نسق اذا تغير احد عناصره تغيرت باقي عناصره بالضرورة . يعتبر كل نموذج بمثابة عنصر داخل مجموعة محكومة بقوانين محددة تتيح إمكانية التحول الى نموذج آخر. تسمح الخصائص المشار اليها سلفا بتوقع النحو الذي يصير عليه النموذج حالما يتعرض عنصر من عناصره الى تغير ما . يجب بناء النمو بطريقة تسمح لعمله بان يأخذ في اعتباره كل الوقائع المالحظة ،لهذا سعى كلود ليفي ستروس الى توظيف التحليل البنيوي للكشف عن األبنية األساسية للقرابة عبر تحليل بنية العالقات االجتماعية المتجسدة في االبنية الرمزية المميزة لها. ثم انتقل صداها الى علم االجتماع وتحديدا علم االجتماع الفرنسي بفضل اسهامات لويس ألتوسير ، بيار بورديو ،ميشيل فوكو ،روالن بارث و ادغار موران وغيرهم حيث سعى هؤالء الى تطوير تناوالتهم النظرية وظفوا فيها التحليل البنيوي لدراسة الوقائع االجتماعية.وبذلك صارت البنيوية تضم عدة تيارات فكرية تتطلب اإلحاطة بمبادئها ومرتكزاتها النظرية خاصة انها صارت تيار قائم بذاته في علم االجتماع طور اطروحاتها علماء االجتماع المعاصرين حاول من خالل تجاوز مأزق الثنائية بين البناء و الفعل واليعي للتوفيق بينهما من أمثال بيار بورديو من خالل البنيوية التوليدية ( structuralisme ، )génétiqueوبيتر بلو علم االجتماع البنيوي ،وانطوني جيدنز البنيوية الهيكلية او كما تعرف أيضا بنظرية التشكيل البنائي او االنعكاسية االجتماعية ،يضاف اليهم اسهامات نوررت الياس حول الماكروسوسيولوجيا من خالل فكرة أنه ال يمكن الفصل بين الفرد والمجتمع ،فال يوجد مجتمع بدون أفراد، وليس الفرد شيئا بدون مجتمع ،فهما وجهان لبنية واحدة ،كما أن العالقة بينهما هي عالقة تأثير وتأثر، بحيث أن المجتمع يمارس مفعوله في تكوين شخصية الفرد الذي من شأنه أن يكون فاعال وليس مجرد مفعول به وعليه ساهم في تطوير علم االجتماع التشكيلي . -3اهم المرتكزات التي تقوم عليها البنيوية : انطالقا من اللغة فقد اعتبرت البنيوية أن الظواهر الثقافية هي أنظمة لغوية ال بد أن تحلل باتساق بواسطة تقنيات ومناهج مستقاة ومشتقة من األلسنية كالتركيب اللغوي ،الصوت اللفظي ،وحدة األصوات ،التضاد الثنائي ،االستعارة ،الكتابة … ،إلخ كل ظاهرة ثقافية ينبغي أن يتم التعامل معها كما يتم التعامل مع اللغة.أي أن لها دال ومدلول، وبالتالي البد من عالقة تظهر الكوامن بمجرد تسليط الضوء على األول من المفترض أن ينصب التحليل البنيوي على الجانب التزامني وليس التعاقبي( التاريخي ) أو التطوري. التحليل البنيوي يتعامل مع القطيعة المعرفية والالستم اررية.إذ أن مختلف التحوالت التاريخية تعكس نماذج من القطيعة المعرفية والالاستم اررية ،فكل مرحلة أو حقبة زمنية لها هوسها وهواجسها المركزية التي تعكسها النصوص التاريخية التي تسميها. ال تعطي البنيوية لإلنسان مكانة خاصة في العاَلم االجتماعي فال معنى له خارج نطاق البنية والتفاعل البنيوي. يالحظ في التحليل البنيوي ارتباط الظواهر الثقافية عن قرب بالسلطة.إذ كيف يمكن مالحظة بنية أو دراستها خارج نطاق السلطة؟ إذا ما أخذنا بعين االعتبار أن االنضباط ،العقاب ،الخطاب األيديولوجي … ،موجودة أصال ضمن نطاق ممارسة السلطة؟ تنظر البنيوية إلى عالمية ( او وحدة) المعايير التي تتحكم في دراسة المظاهر الثقافية.إذ أن تنوع الثقافات يؤدي إلى تنوع التعبير عنها ،لكن البنى التي تتحكم في هذه المعايير متماثلة. البحث البنيوي يقوم على مالحظات إمبريقية تشكل خطوة مركزية الكتشاف البنى الالشعورية للمظاهر الثقافية.