نصوص الأدب الجاهلي - معلقة زهير بن أبي سلمى PDF
Document Details
Uploaded by UnbiasedNovaculite9247
Al Wasl University
أحمد صلاح
Tags
Summary
This document is an analysis of an Arabic poem, likely a part of a larger work on Pre-Islamic poetry. It examines the poem's structure and themes, discussing the author's praise of specific individuals and the historical context of the work.
Full Transcript
نصوص الأدب الجاهلي المد حي في معلقة زهير بن ابي سميل د.احمد صلاح 1 متهيد تتكون معلقة زهري بن أيب سلمى – وفقا للرواية الواردة بكتاب املساق – من تسعة ومخسني بيتا،...
نصوص الأدب الجاهلي المد حي في معلقة زهير بن ابي سميل د.احمد صلاح 1 متهيد تتكون معلقة زهري بن أيب سلمى – وفقا للرواية الواردة بكتاب املساق – من تسعة ومخسني بيتا، على حبر الطويل ،بقافية امليم املكسورة. وتبدأ املعلقة بقول زهري: فَال ُْمتَ ثَلَّ ِم اج َّ الدر ِ ِِبَ ْومانَِة أ َِم ْن أُِم أ َْوىف ِد ْمنَةٌ ََلْ تَ َكلَّ ِم وعلى مدار أربعة عشر ( )14بيتا يستمر الشاعر يف مقدمته الطللية ووصف موكب احملبوبة الذي غادرت فيه ،ويتتبع مسري املوكب يف رحلته. وبعد هذه املقدمة ،ينتقل الشاعر فجأة لغرض املديح الذي يعد عماد هذه املعلقة وموضوعها األساسي ،حيث ميدح هرم بن سنان واحلارث بن عوف اللذين عمال على حقن دماء قبيليت عبس وذبيان من خالل دفع دايت القتلى ابلقبيلتني إلهناء احلرب بينهما: تَفانَ ْوا َو َدقوا بَ ْي نَ ُه ْم ِعطْ َر َم ْن ِش ِم ِ ساعيا غَْي ِظ بْ ِن ُم َّرةَ بَ ْع َدما َسعى وميتد هذا املوضوع ليشغل اثنني وثالثني ( )32بيتا؛ أي ما يزيد عن نصف عدد أبيات املعلقة. ويتخلل هذا احلديث تفاصيل بعض اخلالف الذي حدث بني القبيلتني ،وكذلك عدد من احلكم اليت وجهها للفريقني. وبعد أن يستشعر زهري أبنه قد كفَّى وو ََّّف يف مدحيه وعرضه قضية احلرب ،ينتقل ليقدم عددا وافرا من احلكم ،بدءا من قوله: ََثانِ َ ني َح ْواًل ًل أ اًَب لك يَ ْسأَِم ش ِ ت تَكالِ َ يف احلَياة َوَم ْن يَِع ْ َسئِ ْم ُ وهي ِحك ٌم امتدت على مدى ثالثة عشر ( )13بيتا ،ختم هبا الشاعر معلقته. 2 مدح َه ِرم بن سنان واحلارث بن عوف لدِم ًِب َّ تَب َّز َل ما ب ْني الع ِشريةِ ساعيا غَْي ِظ بْ ِن ُم َّرةَ بَ ْع َدما ِ َسعى 15 َ َ ََ َ ش َو ُج ْرُه ِم جال بَنَ ْوهُ ِم ْن قُ َريْ ٍ ِر ٌ طاف َح ْولَهَُ ت الَّذي ت ًِبلب ْي ِ ْس ْم ُ َ فَأَق َ 16 ْبِم يل َوُم ْ َ حال ِم ْن َس ِح ٍ ٍ َعلى ُك ِل ُو ِجد ُمتا السيِ ِ دان َّ لَنِ ْع َم ََييناا 17 تَفانَ ْوا َو َدقوا بَ ْي نَ ُه ْم ِعط َْر َم ْن ِش ِم َع ْب اسا َوذُبْيا َن بَ ْع َدما دارْكتُما تَ َ 18 وف ِم َن ال َق ْو ِل نَ ْسلَ ِم ال ومعر ٍ ََ ُْ ِِب ٍ السلْم ِ واس اعا َ وقَ ْد قُلْتُما إِ ْن نُ ْد ِر ِك ِ َ 19 وق َوَمأ َِْث ب ِعي َديْ ِن فِيها ِمن عُ ُق ٍ َصبَ ْحتُما ِم ْنها َعلى َخ ِْري َم ْو ِط ٍن فَأ ْ 20 ْ َ َوَم ْن يَ ْستَبِ ْح َك ْن ازا ِم َن ال َْم ْج ِد يَ ْعظُِم ني يف عُلْيا َم َع ٍد َوغَ ِْريها يم ْ ِ ِ َعظ َ 21 3 شرح مدح َه ِرم بن سنان واحلارث بن عوف لدِم ًِب َّ تَب َّز َل ما ب ْني الع ِشريةِ ساعيا غَْي ِظ بْ ِن ُم َّرةَ بَ ْع َدما ِ َسعى 15 َ َ ََ َ ش َو ُج ْرُه ِم جال بَنَ ْوهُ ِم ْن قُ َريْ ٍ ِر ٌ طاف َح ْولَهَُ ت الَّذي ت ًِبلب ْي ِ ْس ْم ُ َ فَأَق َ 16 ْبِم يل َوُم ْ َ حال ِم ْن َس ِح ٍ ٍ َعلى ُك ِل ُو ِجد ُمتا السيِ ِ دان َّ لَنِ ْع َم ََييناا 17 تَفانَ ْوا َو َدقوا بَ ْي نَ ُه ْم ِعط َْر َم ْن ِش ِم َع ْب اسا َوذُبْيا َن بَ ْع َدما دارْكتُما تَ َ 18 وف ِم َن األ َْم ِر نَ ْسلَ ِم ال ومعر ٍ ََ ُْ ِِب ٍ السلْم ِ واس اعا َ وقَ ْد قُلْتُما إِ ْن نُ ْد ِر ِك ِ َ 19 وق َوَمأ َِْث ب ِعي َديْ ِن فِيها ِمن عُ ُق ٍ َصبَ ْحتُما ِم ْنها َعلى َخ ِْري َم ْو ِط ٍن فَأ ْ 20 ْ َ َوَم ْن يَ ْستَبِ ْح َك ْن ازا ِم َن ال َْم ْج ِد يَ ْعظُِم ني يف عُلْيا َم َع ٍد َوغَ ِْريها يم ْ ِ ِ َعظ َ 21 معاين مفردات األبيات (:)21-15 سعى :دعا للصلح.ساعيا غيظ بن مرة :ه ِرم بن سنان واحلارث بن عوف ،وغيظ بن مرة :قبيلة من الع ِشرية :بنو األب األقربون أو األهلَّ. ًبلدِم: ِ ِ قبائل العرب.تَ بَ َّز َل :تش َّقق؛ أي قطعت األ ْرحامَ. وج ْرُهم :قبيلتانَ.ييناا: ت :حل ْفتً.بلبيت :ابلكعبة أو ابملسجد احلرام.قُ َريْش ُ بكثرة القتل.أَقْ َس ْم ُ ْبِم :أيوم ْ َ ْبم :احلبل املفتول من خيطني.من َس ِح ٍ يل ُ السحيل :احلبل من خيط واحد.الْ ُم ْ َ قسماِ َّ. ً يف حاليت الرخاء والشدة.تَفانَ ْوا :قتل بعضهم بعضا؛ حىت كادوا ي ْفن ْون.تداركتما :تالف ْيتماِ.عطْر أيدي هم وتعاهدوا على احل ْرب ،فدخلوا احلرب ف قتِلوا مجيعا، م ْن ِشم :عطر وضع فيه أبناء بعض القبائل ِ َ الس ْلم :السالم الناشئ عن الصلح.واسعا :متمكنا دائما.موطن: فض ِرب بذلك املثل على التشاؤمِ. ِ ِ مكانة.عُ ُقوق :قطيعة الرحمَ.مأْث :إمث.عُ ْليا :أ ْشرافَ.م َعد :اسم قبيلة.يَ ْستَبح :جيعله م ً باحا. شرح األبيات (:)21-15 يبدأ الشاعر مدح هرم بن سنان واحلارث بن عوف مباشرة ببيان حمور استحقاقهما املدح ،فقد سعيا يف سبيل حقن الدماء وإيقاف احلرب بني قبِيل ْيت عبس وذبيان ،وذلك بعد أن طالت احلرب بينهما، 4 وتقطع ما بينهما من وشائج و ِصالت رِحم.وبناء على ما قاما به ،ي ْق ِسم الشاعر على أهنما خري سيِديْن على وجه البسيطة يف أي حال كان؛ إذ إهنما أنقذا القبيلتني من اندفاعهما صوب الفناء والتالشي بعد أن تعاهدات على شؤم احلرب والقتال.فقد رأى كال املمدوحني أن إبمكاهنما الرتسيخ حلالة الصلح والسالم من خالل دفع ِد ِ ايت القْتلى وت ْر ِضي ِة القبيلتني ابلقول احلسن ،ففعال ذلك دون تردد.وبذلك صارا يف خري مكانة بني القبائل بعِيديْ ِن عن أي قطيعة رحم أو إمث ،فهما – من جانب – مل يشرتكا يف احلرب ومل ي ْدفعا الناس إليها ،ومها – من جانب آخر – دفعا كل غال ونفيس يف سبيل ترسيخ دعائم الصلح بني القبيلتني.وبذلك فقد ب نيا ألنفسهما مكانة عظيمة بني أشراف أصل قبيلتهما ( َم َع ٍد) ،ومتلكا كنزا من العال والس ْؤدد. 5 حتليل مدح هرم بن سنان واحلارث بن عوف لدِم ًِب َّ تَب َّز َل ما ب ْني الع ِشريةِ ساعيا غَْي ِظ بْ ِن ُم َّرةَ بَ ْع َدما ِ َسعى 15 َ َ ََ َ ش َو ُج ْرُه ِم جال بَنَ ْوهُ ِم ْن قُ َريْ ٍ ِر ٌ طاف َح ْولَهَُ ت الَّذي ت ًِبلب ْي ِ ْس ْم ُ َ فَأَق َ 16 ْبِم يل َوُم ْ َ حال ِم ْن َس ِح ٍ ٍ َعلى ُك ِل ُو ِجد ُمتا السيِ ِ دان َّ لَنِ ْع َم ََييناا 17 تَفانَ ْوا َو َدقوا بَ ْي نَ ُه ْم ِعط َْر َم ْن ِش ِم َع ْب اسا َوذُبْيا َن بَ ْع َدما دارْكتُما تَ َ 18 وف ِم َن األ َْم ِر نَ ْسلَ ِم ال ومعر ٍ ََ ُْ ِِب ٍ السلْم ِ واس اعا َ وقَ ْد قُلْتُما إِ ْن نُ ْد ِر ِك ِ َ 19 وق َوَمأ َِْث ب ِعي َديْ ِن فِيها ِمن عُ ُق ٍ َصبَ ْحتُما ِم ْنها َعلى َخ ِْري َم ْو ِط ٍن فَأ ْ 20 ْ َ َوَم ْن يَ ْستَبِ ْح َك ْن ازا ِم َن ال َْم ْج ِد يَ ْعظُِم ني يف عُلْيا َم َع ٍد َوغَ ِْريها يم ْ ِ ِ َعظ َ 21 يبدأ الشاعر مدحه بقوله: لدِم ًِب َّ تَب َّز َل ما ب ْني الع ِشريةِ ِ ساعيا غَْي ِظ بْ ِن ُم َّرةَ بَ ْع َدما َ 15سعى َ َ ََ َ ومتثل (ألف) املد املكررة أربع مرات يف صدر البيت طريقة أداء زهري له ،فكأنه ميد به صوته ويعليه إشارة النتقاله إىل الغرض الرئيسي للقصيدة وصدحا مبدحه للس ِ اعي ْني اللَّذيْن حققا الصلح بني القبيلتني.كما أن احلرفني احللقيني (العني ،الغني) الْمكَّرريْن بصدر البيت جيسدان بصعوبة نطقهما مشقة ما قام به االثنان يف سبيل إثنائهما القبيلتني عن استكمال احلرب وامليل هبما جتاه الصلح والسالم. واملالحظ يف مطلع هذا املديح أن الشاعر مل يصرح ابسم املمدوحني ،وإمنا أشار إليهما بذكر القبيلة اليت ينتميان إليها؛ وذلك ليقيم مدحيا متبادال بني املمدوحني وقبيلتهما.فمدحه هلما يتسع ليصري مدحا للقبيلة اليت أحسنت تنشئتهما ،كما أن نسبة املمدوحني لقبيلة عظيمة يزيد من تعظيمهما؛ فهما عظيمان من أصل عظيم. 6 ريةِ) ،وهو ما وكذلك فإن الشاعر مل يصرح ابسم قبِيليت عبس وذبيان ،وإمنا ع َّّب عنهما بلفظة ( ِ العش َ َ ْ ميثل ل ْوًما مبطَّنًا مؤَّد ًاب من الشاعر لكلتا القبيلتني املتحاربتني ،فما كان هلما أن تتحاراب ومها ابنتا عم تنتميان ألصل واحد. وبعد هذا التقرير التارخيي ،ي ْق ِسم الشاعر قس ًما مغلَّظًا: ش َو ُج ْرُه ِم جال بَنَ ْوهُ ِم ْن قُ َريْ ٍِر ٌ طاف َح ْولَهَُ ت ًِبلب ْي ِ ت الَّذي ْس ْم ُ َ 16فَأَق َ ْبِم يل َوُم ْ َ حال ِم ْن َس ِح ٍ ٍ َعلى ُك ِل ُو ِجد ُمتا السيِ ِ دان َّ لَنِ ْع َم ََ 17ييناا وقد كان الشاعر حباجة هلذا القسم ليؤكد مدحه ملا حواه هذا املدح من غلو ومبالغة ،فهو مل يفضل املمدوحني على سوامها يف قبيلته وال القبائل اجملاورة ،وال العرب مجيعا ،وإمنا فضلهما على اخللق مجيعا دان ُو ِجد ُمتا). السيِ ِ (ََييناا لَنِ ْع َم َّ استحقا عليه الثناء: ِ وبعد هذا القسم ،ي فصل الشاعر ما قام به املمدوحان من إجناز ْ تَفانَ ْوا َو َدقوا بَ ْي نَ ُه ْم ِعط َْر َم ْن ِش ِم َع ْب اسا َوذُبْيا َن بَ ْع َدما دارْكتُما 18تَ َ وف ِم َن األ َْم ِر نَ ْسلَ ِم ال ومعر ٍ ََ ُْ ِِب ٍ السلْم ِ واس اعا َ 19وقَ ْد قُلْتُما إِ ْن نُ ْد ِر ِك ِ َ داركا) القبيلتني بصيغة (تفاعل) الدالة هنا على امتداد احلرب فرتة من الزمن قبل أن يستطيع فقد (تَ َ االثنان حقن الدماء وترسيخ الصلح بني القبيلتني.وكذلك استخدم صيغة (تفاعل) مرة أخرى يف قوله (تَفانَ ْوا) الستمراره يف لوم القبيلتني ،فقد كانت كلتا القبيلتني مشرتكتني يف الرغبة والعمل على إفناء األخرى واستئصال وجودها. مث كانت نتيجة صنيعهما: وق َوَمأ َِْث ب ِعي َديْ ِن فِيها ِمن عُ ُق ٍ َصبَ ْحتُما ِم ْنها َعلى َخ ِْري َم ْو ِط ٍن 20فَأ ْ ْ َ َوَم ْن يَ ْستَبِ ْح َك ْن ازا ِم َن ال َْم ْج ِد يَ ْعظُِم ني يف عُلْيا َم َع ٍد َوغَ ِْريها يم ْ ِ ِ َ 21عظ َ 7 ويظهر يف البيت العشرين أثر حروف املد الثمانية به ،فهي جتسيد يف صدر البيت ملدى عل ِو مكانة املمدوحني ،وإشارة يف عجز البيت لِب ْع ِدمها التام عن خطيئة قطيعة األرحام واإلمث. مث يصوغ عجز البيت احلادي والعشرين حكمة يف أسلوب شرط قاطع حازم جيسده اخللو التام من حروف املد ،ابستثناء ما ينتج عن إشباع حركة الروي.أما ما حتويه عناصر أسلوب الشرط من دالالت ،فإننا جند صيغة (استفعل) يف قوله (يَ ْستَبِ ْح) ،وهو ما يدل على صعوبة حتقيق املطلب املتمثل يف التمكن من كنز اجملد وجعله مباحا ،فليس كل أحد متمكنا جبميل خصاله وأفعاله من استباحة كنز اجملد.وكذلك فإن (الكنز) املستباح حيوي يف مكنونه دالالت تتجاوز الدالالت املعجمية ،فالكنز ابهظ الثمن غايل القيمة ،كما أن موضعه يعد سرا ال يعرفه كل الناس ،وإذا كان موضعه سرا ،فإن الوصول إليه صعب عسري غري يسري ،وهو اإلجناز الذي استطاعه املمدوحان دون غريمها. 8