Summary

This document discusses various learning theories. It covers behavioural, Gestalt, constructivist, sociocultural, cognitive, and psychodynamic perspectives. The document also touches upon multiple intelligences and social-emotional development theories.

Full Transcript

‫نظريات التعلم‬ ‫نقصد بنظريات التعلم تلك التفسيرات والتعليالت والمبادئ والمفاهيم التي يقدمها‬ ‫المختصون في علم النفس التربوي‪ ،‬وتحاول أن تجيب عن سؤال‪ :‬كيف يحدث التعلم ؟ أو كيف‬ ‫يتعلم المتعلمون؟ وهذه النظريات تختلف ألسباب منها‪:‬‬...

‫نظريات التعلم‬ ‫نقصد بنظريات التعلم تلك التفسيرات والتعليالت والمبادئ والمفاهيم التي يقدمها‬ ‫المختصون في علم النفس التربوي‪ ،‬وتحاول أن تجيب عن سؤال‪ :‬كيف يحدث التعلم ؟ أو كيف‬ ‫يتعلم المتعلمون؟ وهذه النظريات تختلف ألسباب منها‪:‬‬ ‫اختالف الطريقة والمنهج في كل نظرية ؛ ‪-‬‬ ‫ـ اختالف النظريات في تفسير سؤال‪ :‬لماذا التعلم ؟‬ ‫اختالف الهدف من كل نظرية‪.‬ـ‬ ‫النظرية السلوكية‬ ‫❖‬ ‫تعد السلوكية أول مدرسة في العصر الحديث تحدثت عن كيفية حصول التعلم لدى‬ ‫المتعلم‪ ،‬وهي تعتمد على التجربة والتطبيق‪ ،‬حيث ال استجابة وال تعلم دون مثير‪ ،‬وقد جاءت‬ ‫هذه النظريات لتنقل علم النفس من المنهج االستنباطي إلى المنهج التجريبي‪ ،‬وترى أن التعلم‬ ‫تغيير في السلوك نتيجة لمثيرات خارجية‪.‬وتتمثل في ثالثة نماذج هي‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ نموذج المحاولة والخطأ‬ ‫ينسب هذا النموذج للعالم األمريكي إدوارد ثورندايك (‪ 1874‬ـ ‪1949‬م)‪ ،‬والذي اشتغل‬ ‫على الذكاء الحيواني عن طريق التجربة‪ ،‬حيث وضع قطا في قفص وأغلق عليه‪ ،‬ثم وضع‬ ‫طعاما خارج القفص‪ ،‬وبعد محاوالت عديدة استطاع هذا القط أن يفتح باب القفص ويخرج‪.‬ثم‬ ‫أعاد ثورندايك هذه التجربة؛ فكان القط ينجح في فتح باب القفص في مدة أقل من المدة التي‬ ‫استغرقها في التجربة األولى‪.‬وحينها استخلص أن المحاولة والخطأ وسيلتان للتعلم من خالل‬ ‫ثالثة قوانين هي‪:‬‬ ‫أ ـ قانون االستعداد ‪ :‬أي وجود دافع للقيام بالفعل ‪ ،‬بمعنى أخر ال بد من مثير يدفعنا‬ ‫للتعلم ‪.‬‬ ‫ب ـ قانون التكرار أو قانون المران والممارسة‪ :‬فالتعلم يقوى بالتدريب والتكرار ‪ ،‬فالقط‬ ‫حاول عدة مرات‪ ،‬ثم تعلم‪ ،‬فأصبح يستغرق وقتا أقل من الوقت الذي كان يستغرقه في بداية‬ ‫التجربة‪ ،‬إذ تعلم من كثرة التكرار؛‬ ‫ج ـ قانون األثر‪ :‬ومعناه أن الرابطة بين المثير واالستجابة تقوى إذا كانت متبوعة بحالة‬ ‫الرضى واالطمئنان‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ نموذج اإلشراط الكالسيكي‬ ‫استفاد هذا النموذج من تجارب العالم الروسي إيفان بافلوف (‪ 1849‬ـ ‪1936‬م) حول‬ ‫ي المثير واالستجابة‪ ،‬حيث أجرى تجربة على‬ ‫الهضم واإلفرازات‪.‬والتعلم هنا يقوم على مبدأ ْ‬ ‫الكلب‪ ،‬والحظ أن لعاب هذا الكلب يسيل لمجرد رؤيته الطعام وسمعه للجرس‪ ،‬فالطعام أثار‬ ‫الكلب فاستجاب له بسيالن لعابه‪ ،‬ألن الطعام هنا مثير‪ ،‬واالستجابة هنا هي سيالن لعاب الكلب‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ويبقى الجرس مثيرا محايدا‪.‬ومن ثمة يتحقق التعلم عن طريق المثيرات الخارجية‪ ،‬سواء كانت‬ ‫مادية أم اجتماعية‪.‬‬ ‫وأهم القوانين التي استخرجها بافلوف من هذه التجربة هي‪:‬‬ ‫ـ قانون االنطفاء أو مبدأ االنطفاء‪ :‬هو ظاهرة سلوكية أو مثير يجعلك تتوقف على فعل‬ ‫شيء؛‬ ‫ـ مبدأ التعميم‪ :‬هو استعمال مثيرات متشابهة تعطينا االستجابة نفسها؛‬ ‫ـ مبدأ التمييز‪ :‬هواستعمال مثيرات متشابهة تعطينا استجابات مختلفة‪.‬‬ ‫غيَّب خصائص الذات المتعلمة‪ ،‬والفروقات الفردية بين المتعلمين‪،‬‬ ‫لكن هذا النموذج َ‬ ‫وأغفل السيرورات العليا للدماغ‪ ،‬ألنها ال تقع تحت الرصد والمالحظة‪ ،‬بل إن واطسون (‪1878‬‬ ‫ـ ‪1958‬م) ذاته كان يسمي العقل بالعلبة السوداء‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ نموذج اإلشراط اإلجرائي‬ ‫صاحب هذا النموذج هو العالم األمريكي بروس فريدريك سكينر (‪ 1904‬ـ ‪1990‬م)‪،‬‬ ‫وهو الذي نقل المدرسة السلوكية من مدرسة تجري تجاربها على الحيوان إلى مدرسة تجري‬ ‫تجاربها على اإلنسان‪ ،‬واألطفال على وجه الخصوص‪.‬وقد ركز في نموذجه على مفهوم‬ ‫التعزيز الذي يقع بعد االستجابة األولى‪ ،‬وهذا ما أضافه إلى نموذج بافلوف الذي حصر التعلم‬ ‫في المثير واالستجابة‪ ،‬ويتمثل هذا التعزيز في تدخل المعلم للتحفيز والتشجيع عندما يجيب‬ ‫المتعلم إجابة صحيحة‪.‬فإذا تم تحفيزه وتشجيعه بسبب هذه اإلجابة الصحيحة‪ ،‬فإن ذلك يؤدي به‬ ‫إلى استجابة ثانية غير منتظرة‪ ،‬وقد يستجيب أكثر من مرة بسبب التحفيز المادي والمعنوي‪.‬‬ ‫وكمثال على ذلك‪ :‬إذا كلف المدرس المتعلمين بعمل ما‪ ،‬فأنجزه المتعلم‪ ،‬ثم وجد تشجيعا من‬ ‫أستاذه‪ ،‬سيكون ذلك حافزا له على مزيد من االجتهاد‪ ،‬وسيقدم أعماال وإنتاجات لم تطلب منه‬ ‫بسبب التشجيع األول‪.‬‬ ‫النظرية الجشطلتية‬ ‫❖‬ ‫الجشطلت هو كل مترابط األجزاء على نحو منظم ومتسق‪ ،‬حيث يكون لكل جزء فيه‬ ‫مكانته الخاصة التي يفرضها عليه هذا الكل‪ ،‬فهو بهذا االعتبار اهتمام بالكل عوض الجزء‪.‬وقد‬ ‫ظهرت هذه النظرية سنة ‪ 1924‬في ألمانيا على يد مؤسسها ماكس فيرتمر(‪ 1880‬ـ ‪1943‬م)‪،‬‬ ‫وقد أكدت النظرية الجشطالتية أن الكل ليس مجرد مجموع أجزاء‪ ،‬وإنما هو مجال منتظم‬ ‫تتسق فيه المكونات في ترابط وانسجام‪.‬‬ ‫يقوم التعلم في هذه المدرسة على اإلدراك الكلي لعناصر الجشطلت أو بنية الشيء عن‬ ‫طريق االستبصار ؛ وهو الفهم الدقيق للجشطلت‪.‬والبنية قد تكون كلمة أو جملة أو صورة أو أي‬ ‫شيء آخر يتعلمه المتعلم‪.‬والتعلم في هذه المدرسة هو تعلم نسقي؛ يدركه المتعلم عن طريق‬ ‫العالقة النسقية بين عناصر البنية‪ ،‬لذلك نجد أن التعلم في هذه المدرسة ينطلق من الكلمة إلى‬ ‫الحرف وليس العكس‪ ،‬ألن الحرف في الكلمة يحمل معنى‪ ،‬وإدراك هذا المعنى يعين على التعلم‪.‬‬ ‫كما أن التعلم ال يتحقق بدون فهم‪ ،‬وال يتم الفهم بدون تأمل وتدبر (الفهم ‪ +‬االستبصار = التعلم)‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫وال يدوم التعلم دون حوافز داخلية تنطلق من الذات؛ ال من خارجها كما كان عند السلوكيين‪.‬‬ ‫ذلك أن التعلم القائم على الرغبة الداخلية مستمر وطويل األمد‪ ،‬بخالف التعلم القائم على التحفيز‬ ‫الخارجي الذي يبقى أثره قصير المدى‪.‬‬ ‫من أهم المبادئ التي يقوم عليها التعلم في هذه المدرسة ما يلي‪:‬‬ ‫ـ يقوم التعلم على فهم دقيق لبنية الشيء الذي نود فهمه؛‬ ‫ـ االستبصار قائم على إعادة تنظيم بنية الشيء الذي نود فهمه؛‬ ‫ـ التعلم مرتبط بالنتائج التي يتوصل إليها المتعلم؛‬ ‫ـ يتحقق التعلم من خالل قدرة المتعلم على توظيف تعلماته في وضعيات مختلفة‪.‬‬ ‫النظرية البنائية‬ ‫❖‬ ‫مؤسس هذه النظرية هو جون بياجيه (‪ 1896‬ـ ‪1980‬م)‪ ،‬الذي أعاد االعتبار للذات‬ ‫المتعلمة؛ من خالل التركيز على (التمثالت)‪.‬فالمتعلم عند بياجيه ال يلج المدرسة وهو صفحة‬ ‫بيضاء كما كانت تدعي السلوكية‪ ،‬بل يلج إليها وهو محمل بمجموعة من التمثالت والتصورات‬ ‫المنبثقة عن محيطه‪.‬والمثير في هذه المدرسة ال يؤدي دائما إلى نفس االستجابة‪ ،‬بل قد يؤدي‬ ‫المثير الواحد إلى استجابات مختلفة باختالف خصائص المستجيب‪.‬‬ ‫باختصار هذه ال نظرية تقوم على مبدأ أن التعلم فعل نشيط ‪ ،‬وأن بناء المعارف يتم‬ ‫استنادا إلى المعارف السابقة‪ ،‬أي أن المتعلم محور العملية التعليمية التعلمية؛ فهو يبني المعرفة‬ ‫اعتمادا على ذاته فقط‪ ،‬ينفي‪ ،‬يالحظ‪ ،‬ويصوغ فرضيات‪ ،‬ويحلل ‪ ،‬ويتخذ قرارات ‪،‬وينظم‪،‬‬ ‫ويستنتج ‪...‬وفي هذا إشارة إلى قدرة المتعلم على بناء معارفه انطالقا من مكتسباته السابقة‪.‬‬ ‫وقد ربط بياجيه التعلم بالنضج‪ ،‬حيث تؤدي كل مرحلة من مراحل النمو عند الطفل إلى‬ ‫نوع من التعلمات حسب اآلتي‪:‬‬ ‫ـ المرحلة األولى‪ :‬مرحلة الحس حركية أو النشاط الحس حركي ( من الميالد إلى‬ ‫سنتين)‪ ،‬ويميز فيها الطفل نفسه عن باقي الموضوعات‪ ،‬ويصبح تدريجيا على وعي بالعالقة بين‬ ‫أفعاله ونتائجها على البيئة‪ ،‬إذ يصبح قادرا على التعرف‪ ،‬حيث يكتسب ثبات الموضوعات‪،‬‬ ‫ويتعلم أنها تستمر في بقائها حتى ولو لم ت ُ َر‪.‬‬ ‫ـ المرحلة الثانية‪ :‬مرحلة ما قبل العمليات أو النشاط المحسوس (من السنة الثانية إلى‬ ‫السنة السابعة)‪ ،‬يتعلم الطفل اللغة ويستخدمها‪ ،‬ويتمكن من تمثيل الموضوعات عن طريق‬ ‫الخياالت والكلمات‪.‬وال يزال متمركزا حول الذات والعالم يدور حوله‪.‬كما ال يستطيع تصور‬ ‫وجهة نظر اآلخرين‪ ،‬ألنه يصنف الموضوعات بناء على بُ ْعد واحد‪.‬وفي نهاية هذه الفترة يبدأ‬ ‫في استخدام األعداد وتنمية مفاهيم الحفظ‪.‬‬ ‫ـ المرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة العمليات المادية أو المشخصة أو النشاط ما قبل المفاهيم (من‬ ‫السنة السابعة إلى السنة الثانية عشرة)‪ ،‬حيث يصبح الطفل قادرا على التفكير المنطقي‪ ،‬وترتيب‬ ‫األشياء كالكتلة والوزن واألعداد من الصغير إلى الكبير‪ ،‬ويصنف الموضوعات‪ ،‬ويرتبها في‬ ‫سالسل على أساس أبعاد‪ ،‬كما يفهم مفردات العالقة بأن (أ) أطول من (ب)‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ـ المرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة العمليات المجردة أو النشاط الصوري (‪ 12‬سنة فما فوق)‪،‬‬ ‫حيث يكون الفرد قادرا على التصور والتخيل وممارسة الحقول بالطرق العقلية‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫التفكير بالمجردات‪ ،‬وتتبع افتراضات منطقية‪ ،‬وتعليل بناء فرضيات‪ ،‬وعزل عناصر المشكلة‪،‬‬ ‫ومعالجة كل الحلول الممكنة بانتظام‪.‬‬ ‫لكن كيف يحدث التعلم في هذه المدرسة؟‬ ‫يحدث التعلم في هذه المدرسة من خالل (االستيعاب)‪ ،‬بمعنى استيعاب معلومات جديدة‬ ‫من المحيط الخارجي؛ عن طريق الفهم والتنظيم والتخزين‪.‬ثم يقع (التالؤم) بين الذات المتعلمة‬ ‫بتغيير في استجابات الذات بعد استيعابها لمعطيات الموقف أو الموضوع‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫والمعارف الجديدة‪،‬‬ ‫باتجاه تحقيق التوازن‪.‬ثم يتحقق بعد ذلك هذا (التوازن)‪ ،‬وهو وضعية التناغم واالنسجام‬ ‫التفاعلي مع المحيط‪ ،‬ثم (التكيف)‪ ،‬وهو اندماج الفرد مع محيطه الخارجي‪.‬‬ ‫لكن هناك مآخذ على هذه المدرسة تتجلى في كونها نمطت المراحل العمرية في عالقتها‬ ‫بالتعلُّمات المكتسبة‪ ،‬إذ جعلت األطفال في مرحلة ما يتعلمون التعلم ذاته‪ ،‬وهذا فيه إقصاء‬ ‫للفروقات الفردية والذكاءات المتعددة‪.‬وهذا ما تنبه إليه علماؤنا قديما‪ ،‬حيث اعتبروا التعلم‬ ‫رهينا بالفهم وليس بالنضج كما قال بياجيه‪.‬‬ ‫من أهم المبادئ التي يقوم عليها التعلم في هذه المدرسة ما يلي‪:‬‬ ‫ـ التعلم ال ينفصل عن التطور النمائي للعالقة بين الذات والموضوع؛‬ ‫ـ التعلم يقترن باشتغال الذات على الموضوع؛‬ ‫ـ المعارف السابقة شرط لبناء المعرفة؛‬ ‫ـ االستدالل شرط لبناء المفهوم؛‬ ‫ـ الخطأ شرط للتعلم؛‬ ‫ـ الفهم شرط للتعلم؛‬ ‫ـ التعلم يقترن بالتجربة وليس بالتلقين؛‬ ‫ـ التعلم هو التجاوز ونفي لالضطراب؛‬ ‫ـ المعرفة عملية لتفسير الواقع وليست نتيجة‪.‬‬ ‫❖ النظرية السوسيوبنائية‬ ‫تُعد هذه النظرية فرعا من فروع النظرية البنائية وتطويرا لها‪ ،‬ورائدها هو فيجوتسكي‬ ‫(‪ 1896‬ـ ‪1934‬م) الذي يرى أن النمو المعرفي للطفل ال يحدث تلقائيا‪ ،‬وإنما يتم من خالل‬ ‫التفاعل مع اآلخرين واألقران خصوصا‪ ،‬حيث يطور نفسه وكفاياته من خالل مقارنة إنجازاته‬ ‫بإنجازات غيره‪ ،‬فضال عن المحاكاة والتقليد‪ ،‬وذلك بمساعدة الراشدين وتشجيعاتهم‪.‬وهو بهذا‬ ‫يؤكد أن التطور المعرفي لألطفال ينطلق من الوسط االجتماعي ويعتمد عليه‪ ،‬وليس باستقالل‬ ‫عنه‪.‬ومن ثم فهو يناقض رأي بياجيه في البنائية الذي يقول بأن الطفل يصبح بالتدريج أقل‬ ‫تركيزا على الذات وأكثر اجتماعية‪.‬وعلى هذا يحدد فيجوتسكي العوامل المسؤولة عن حدوث‬ ‫التعلم في ثالث نقط هي‪( :‬التفاعل االجتماعي ـ النشاط ـ تدخل الراشد)‪.‬أما إذا كان الفرد منعزال‬ ‫‪4‬‬ ‫فال يمكنه التعلم‪ ،‬ألن البنيات المعرفية في أصلها عمليات اجتماعية تتحول إلى عمليات‬ ‫سيكولوجية ذاتية وشخصية‪ ،‬من خالل الفعل والمشاركة في نشاط الجماعة‪.‬‬ ‫ترى هذه النظرية أن المعارف تبنى اجتماعيا؛ من لدن المتعلم ولفائدته؛ فهو يبني معارفه‬ ‫بكيفية نشيطة ومتدرجة‪ ،‬من خالل سياق قائم على التفاوض والتفاعل وإعطاء المعنى‪.‬لذلك ال‬ ‫بد من استناد التعلم إلى مجموعة من القواعد مثل‪ :‬العمل بالمجموعات‪ ،‬ومعرفة الفوارق بين‬ ‫المتعلمين‪ ،‬وتوفير بيئة مناسبة وسليمة للتعلم الذاتي‪ ،‬وإشراك المتعلمين في بناء التعلمات‪ ،‬وجعل‬ ‫المتعلم يبني تعلماته بذاته‪ ،‬ألن التعلم والنمو المعرفي ال يتم إال في إطار التواصل مع الراشدين‬ ‫(المعلمين) والتعاون مع األقران‪.‬فهي نظرية نفسية ترى أن المعارف تبنى بشكل تبادلي‪ ،‬أي‬ ‫ذلك التفاعل مع المحيط السوسيولوجي ‪.‬حيث تنطلق في تعلماتها من الجزء إلى الكل‪ ،‬بخالف‬ ‫النظرية الجشطلتية‪.‬‬ ‫من أبرز مبادئ هذه النظرية السوسيوبنائية ما يلي‪:‬‬ ‫ـ تبنى المعارف اجتماعيا من لدن المتعلم(التعلم الذاتي)‪ ،‬حيث يكون النمو ذا طبيعة‬ ‫اجتماعية وليست بيولوجية؛‬ ‫ـ يتم التعلم عبر صراع معرفي بين التمثالت السابقة والمعارف الجديدة داخل الجماعة؛‬ ‫ـ التعلم االجتماعي أكثر إيجابية من التعلم الفردي‪ ،‬فالفرد يتعلم أحسن في وسط‬ ‫الجماعة؛‬ ‫ـ بناء المعارف والمهارات يكون ضعيفا في التعلم الفردي‪ ،‬عما هو عليه في التعلم‬ ‫المبني على التفاعل االجتماعي؛‬ ‫ـ يحدث التعلم من خالل التفاعل بين السلوك وظروف الشخص المحيطة به؛‬ ‫ـ عوامل التعلم هي‪ :‬االنتباه والدافعية واإلنتاجية والتخزين؛‬ ‫ـ عندما يواجه المتعلم وضعية مشكلة‪ ،‬فإنه يقع بين تأثيرين‪ :‬داخلي (الذات) وخارجي‬ ‫(جماعة القسم)‪ ،‬الشيء الذي يحتم عليه ضرورة تعبئة قدراته إليجاد الحل‪.‬‬ ‫❖ النظرية المعرفية‬ ‫هذه النظرية من أحدث النظريات السيكولوجية‪ ،‬وقد استفادت من التطورات الحديثة في‬ ‫علوم البيولوجيا واألعصاب واألنثروبولوجيا‪ ،‬محاولة بذلك تجاوز التصورات السلوكية والبنائية‬ ‫والجشطلتية والتحليل النفسي في النظر إلى حدوث التعلم عند المتعلمين‪.‬ومؤسسها هو األمريكي‬ ‫جيروم برونر (‪ 1915‬ـ ‪2016‬م) الذي ركز على ما يحدث داخل ذهن المتعلم‪ ،‬وعلى دراسة‬ ‫المعرفة‪ ،‬ووصف الطريقة التي يلج بها المتعلم تلك المعرفة‪ ،‬وهي الفهم‪ ،‬وكيفية التخزين في‬ ‫الذاكرة‪ ،‬ومعالجة المعلومات‪.‬ويمر التعلم في هذه النظرية بأربع مراحل هي‪:‬‬ ‫ـ المرحلة األولى ‪ :‬مرحلة االستقبال‪ ،‬وتعني استقبال المعلومات وإدخالها؛‬ ‫ـ المرحلة الثانية ‪ :‬مرحلة استقبال هذه المعلومات وترميزها ومعالجتها؛‬ ‫ـ المرحلة الثالثة ‪ :‬مرحلة تخزين المعلومات؛‬ ‫‪5‬‬ ‫ـ المرحلة الرابعة ‪ :‬مرحلة استرجاع هذه المعلومات؛‬ ‫ومن أهم مبادئ هذه النظرية المعرفية ما يلي‪:‬‬ ‫ـ التعلم نتاج ألنشطة معالجة المعلومات؛‬ ‫ـ التعلم سيرورة معالجة المعلومة؛‬ ‫ـ التعلم هو تغيير للمعارف عوض تغير السلوك؛‬ ‫ـ إحالل المعرفة محل السلوك في عملية التعلم؛‬ ‫ـ المعرفة ظاهرة سيكولوجية بامتياز؛‬ ‫ـ المتعلم عنصر أساسي في عملية التعلم ؛‬ ‫ـ اعتبار الكائن البشري في كليته عدة أو جهازا لمعالجة المعلومات وتخزينها؛‬ ‫ـ االهتمام بالتمثالت الذهنية الفردية وبدراسات اإلستراتيجية المعرفية والميتا معرفية‬ ‫للمتعلم أثناء التعلم‪.‬‬ ‫❖ نظرية الذكاءات المتعددة‬ ‫تُن َ‬ ‫سب هذه النظرية للعالم األمريكي هاوارد جاردنر (‪ 1943‬ـ ‪ ،)...‬والذي قدمها سنة‬ ‫"‪ ،‬وقد تجاوزت هذه النظرية المفهوم القديم للذكاء‪1983frames of mind ،‬م في‬ ‫كتابه"‬ ‫والذي كان يعتقد أن الذكاء مفهوم واحد يُقاس بالعامل العقلي‪ ،‬إذ كان يقسم الناس ثالثة‬ ‫أصناف‪ :‬صنف األذكياء‪ ،‬وصنف المتوسطين‪ ،‬وصنف األغبياء‪.‬والواقع أن الذكاء في هذه‬ ‫النظرية عبارة عن مهارات و قدرات تختلف بحسب المجاالت‪ ،‬تُمكن الفرد من حل المشكالت‬ ‫التي تصادفه في الحياة‪ ،‬وتجعله قادرا على التكيف مع الوضعيات وإيجاد حلول مناسبة لها‪.‬‬ ‫فالذكي في هذه المدرسة هو القادر على التكيف في أي مجال كان‪.‬ومن ثَم فال وجود فيها‬ ‫للمتعلم الغبي‪ ،‬ألن كل مخلوق وهبه هللا تعالى نوعا أو أكثر من الذكاء‪ ،‬سواء التي ستُذكر أم‬ ‫التي ما زالت تحت التجربة‪.‬ومن أهم أصناف الذكاءات التي تحدث عنها جاردنر ما يلي‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ الذكاء اللغوي‪ :‬يتجسد في القدرة على توظيف اللغة شفهيا وكتابيا بطريقة واضحة‬ ‫ودقيقة‪ ،‬ويعد الشعراء وال ُكتاب أكثر موهبة في هذا النوع من الذكاء‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ الذكاء المنطقي الرياضي‪ :‬يتجلى في توظيف التفكير المنطقي‪ ،‬والقيام بالعمليات‬ ‫االستقرائية واالستنباطية؛ عن طريق التجريد والتخييل واالحتمال‪ ،‬فيُستخدم في حل المشكالت‬ ‫المتعلقة بالرياضيات والمنطق والهندسة‪...‬‬ ‫‪ 3‬ـ الذكاء الحس حركي‪ :‬يتمثل في ضبط حركات الجسم ومالمح الوجه بطريقة دقيقة‬ ‫وفق نظام معين‪ ،‬ويتميز به كل من الرياضيين والراقصين والفنانين الممثلين‪...‬ويلعب دورا‬ ‫بارزا في نمو شخصية المتعلم‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ الذكاء الموسيقي‪ :‬المقصود به فهم الرموز والمفاهيم الموسيقية‪.‬وتوجد بالجهة‬ ‫اليمنى من الدماغ مناطق خاصة بهذا النوع من الذكاء؛ الذي نجده أكثر حدة عند الموسيقيين‪،‬‬ ‫وحتى عند بعض األطفال االنطوائيين على أنفسهم‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ 5‬ـ الذكاء الذاتي‪ :‬يهتم بفهم مشاعر وأحاسيس الذات ومعرفتها وتحليلها‪ ،‬والقدرة على‬ ‫تطويرها‪.‬ويتميز به الفالسفة والمفكرون‪...‬‬ ‫‪ 6‬ـ الذكاء االجتماعي‪ :‬ويسمى الذكاء التفاعلي أيضا‪ ،‬وهو القدرة على االنسجام مع‬ ‫اآلخرين‪ ،‬بعد فهم مشاعرهم وأحاسيسهم‪.‬‬ ‫‪ 7‬ـ الذكاء الفضائي‪ :‬ويسمى بالذكاء البصري أيضا‪ ،‬يعني القدرة على التعامل مع‬ ‫األمكنة والمواقع والمواضع‪ ،‬وهو يقع في المناطق الجدارية للدماغ‪ ،‬لذلك يهتم بالتعرف على‬ ‫األلوان واألشكال‪ ،‬ويتميز بالقدرة على الرسم والنحت والتصوير‪.‬ويتميز به النحاتون والفنانون‬ ‫والرسامون‪...‬‬ ‫‪ 8‬ـ الذكاء الطبيعي‪ :‬يتميز بالقدرة على فهم المحيط البيئي بكل مكوناته‪ ،‬ومعرفة مختلف‬ ‫خصائص األنواع النباتية والحيوانية واألشياء المعدنية‪...‬من خالل مظاهرها وأصواتها ونمط‬ ‫حياتها ونشاطها وسلوكها‪ ،‬والتمييز بينها‪.‬‬ ‫‪ 9‬ـ الذكاء الوجودي‪ :‬هو قدرة اإلنسان على وضع أسئلة حول قضايا أساسية في‬ ‫الوجود‪.‬‬ ‫❖ نظرية التحليل النفسي‬ ‫صاحب هذا االتجاه هو سيغموند فرويد (‪ 1856‬ـ ‪1939‬م)‪ ،‬الذي شبه شخصية األفراد‬ ‫بالجبل الجليدي‪ ،‬فسمى الجزء الذي يطفو من الجبل الجليدي (الشعور)‪ ،‬وهو الجزء الذي يراه‬ ‫الجميع‪ ،‬أما الجزء الغاطس من الجبل الذي ال يمكن مشاهدته فسماه (الالشعور)‪.‬فالشعور‬ ‫يتضمن جزءا يسيرا من أفكارنا وأحاسيسنا وذكرياتنا‪ ،‬بينما يتضمن الالشعور كل رغباتنا‬ ‫وغرائزنا والخبرات المكبوتة التي توجه سلوكنا وتحدده‪.‬كما ذكر قسما ثالثا وهو ما قبل‬ ‫الشعور‪ ،‬و َيقصد به تلك الخبرات التي ال تكون حاضرة في الشعور والخبرات التي تكون في‬ ‫طريقها إلى الكبت‪ ،‬لكن يمكن استرجاعها بشيء من الجهد‪.‬‬ ‫أما مكونات الشخصية عنده ثالثة هي‪( :‬الهو ـ األنا ـ األنا األعلى)‪ ،‬وإليك بيان كل‬ ‫عنصر منها‪:‬‬ ‫ـ الهو‪ :‬يمثل مستودع الطاقة الغريزية‪ ،‬وهو كل فعل غريزي ال شعوري؛ يسعى إلشباع‬ ‫مباشر دون النظر إلى الواقع أو مراعاته أخالقيا وسلوكيا‪.‬وهو يستمر حسب فرويد من الميالد‬ ‫إلى عامين‪ ،‬حيث ينشأ األنا‪.‬‬ ‫ـ األنا‪ :‬يتمتع بالواقع وقدرة الفرد على إدراك البيئة بطريقة عقالنية وواقعية‪ ،‬وينشأ هذا‬ ‫المكون عند الطفل من (سنتين إلى أربع سنوات)‪ ،‬وفيه يبدأ الطفل مثال في تأجيل فعل التبول إلى‬ ‫أن يذهب إلى المرحاض‪.‬وهذا المكون شعوري يشبع فيه الطفل حاجاته وفقا للواقع والبيئة‬ ‫المحيطة به‪.‬‬ ‫ـ األنا األعلى‪ :‬يمثل هذا المكون الجانب األخالقي (الضمير) الذي يبدأ في التشكل لدى‬ ‫األطفال في عمر خمس سنوات أو ست‪ ،‬حيث يبدأ الوالدان في معاقبة الطفل على سلوكاته‬ ‫الخاطئة‪ ،‬ويثيبونه على سلوكات صحيحة‪ ،‬وحينها سيميز بين الصواب والخطأ‪.‬ويستمر تشكيل‬ ‫الضمير من خالل المدرسة والمجتمع‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫هذه العناصر الثالثة دائما في صراع مستمر‪ ،‬ألن الضمير (األنا األعلى) قد يرفض فعال‬ ‫غريزيا ينطلق من (الهو)‪ ،‬وقد يرى األنا(الواقع) أنه مقبول وفق متطلبات الواقع فيظهر للعيان‪.‬‬ ‫وكل السلوكيات التي يقوم بها الناس تنطلق وتمر بهذه المعادلة حسب فرويد‪.‬‬ ‫أما عن مراحل النمو النفسي عند فرويد‪ ،‬فتتمثل في خمس مراحل هي‪:‬‬ ‫ـ المرحلة الفمية‪ :‬تمتد من الوالدة إلى بداية السنة الثانية تقريبا‪ ،‬وخالل هذه الفترة يكون‬ ‫الفم مصدر اللذة الرئيس‪ ،‬إذ يحصل الطفل على اللذة عن طريق اللمس والمص والعض والتهام‬ ‫األشياء الغريبة‪.‬‬ ‫ـ المرحلة الشرجية‪ :‬تبدأ هذه المرحلة في السنة الثانية‪ ،‬وفيها يُطلَب من الطفل التدرب‬ ‫على استخدام المرحاض‪ ،‬وتزويده بهذه الخبرة مهم في تكوين شخصيته بالشكل الصحيح‪ ،‬وإذا‬ ‫س َو الوالد َين عليه‪ ،‬فسيستجيب ألمرين حسب فرويد هما‪:‬‬ ‫لم يتم تدريبه بشكل صحيح أو أن يق ُ‬ ‫(شخصية عدوانية تتصف بالقسوة والتخريب والغضب)‪ ،‬و(شخصية متحفظة تتصف بالعناد‬ ‫والبخل واألناقة إلى درجة الهلوسة)‪.‬‬ ‫ـ المرحلة القضيبية‪ :‬وتسمى األوديبية أيضا‪ ،‬وتمتد من نهاية السنة الثالثة إلى بداية السنة‬ ‫السادسة‪ ،‬وفيها يواجه الطفل مشكالت تتعلق بأعضائه التناسلية‪ ،‬ويتركز الصراع هنا حول‬ ‫الحب الشديد لألم‪ ،‬والرغبة في االلصاق بها‪ ،‬ويرى االبن أن األب يشكل منافسا له في حب‬ ‫األم‪ ،‬وبسبب ذلك يصبح الطفل غيورا وعدائيا تجاه والده‪ ،‬وهذه الحالة سماها فرويد (عقدة‬ ‫أوديب)‪.‬واألمر ذاته للفتاة التي تتجه نحو والدها‪ ،‬وتعتقد أن األم تنافسها في حب األب‪ ،‬وهذه‬ ‫الحالة سماها فرويد (عقدة إلكترا)‪.‬‬ ‫ـ مرحلة الكمون‪ :‬تمتد هذه المرحلة من دخول الطفل إلى المدرسة في ست سنوات إلى‬ ‫حدود تخرجه منها في الثانية عشرة سنة‪ ،‬وتُعد هذه المرحلة فترة سبات للغريزة الجنسية‪ ،‬إذ‬ ‫ينشغل الطفل باألنشطة المدرسية في كل مكوناتها وتجلياتها‪.‬‬ ‫ـ المرحلة التناسلية‪ :‬تبدأ من الثانية عشرة سنة‪ ،‬مع بداية البلوغ الجنسي‪ ،‬والصراع الذي‬ ‫يواجهه المراهق في هذه المرحلة يكون أقل من الصراع الذي واجهه في المرحلة األولى‬ ‫والثانية (الفمية والشرجية)‪ ،‬ألن المراهق في هذه المرحلة يكون تحت تأثير األنظمة والعادات‬ ‫والتقاليد اإلجتماعية التي تحرم اإلفصاح والتعبير عن الطاقة الجنسية‪ ،‬ويعمل على تجاوزها‬ ‫بالتسامي عن طريق تحويل التعابير غير المقبولة عن هذه الغريزة إلى صيغ مقبولة اجتماعيا‪.‬‬ ‫❖ نظرية النمو االجتماعي (الوجداني)‬ ‫ع ِرف بنظريته في‬ ‫صاحب هذا النموذج هو إيريك إيركسون (‪ 1902‬ـ ‪1994‬م)‪ ،‬الذي ُ‬ ‫التطور االجتماعي لإلنسان‪ ،‬حيث اهتم بالتفاعل الذي يحصل بين الذات واآلخر في سياق‬ ‫اجتماعي‪.‬فهو يرى أن للسياق االجتماعي الذي ينشأ فيه الفرد تأثير جلي في تكوين شخصيته‪،‬‬ ‫لذلك نجده يؤكد على دور التنشئة والمشكالت االجتماعية التي يواجهها الفرد خالل عملية نموه‪،‬‬ ‫والتي قد تنعكس إيجابا أو سلبا على تطوره النفسي واالجتماعي‪.‬‬ ‫كما اقترح إيركسون ثمان مراحل يمر بها الفرد خالل عملية نموه‪ ،‬وهي التي سماها‬ ‫بالمراحل النفسية االجتماعية‪ ،‬حيث يواجه الفرد في كل مرحلة أزمة تنطوي على صراع يتطلب‬ ‫‪8‬‬ ‫الحل والتوافق معه؛ لكي يستطيع الفرد االنتقال بسالم إلى المرحلة الالحقة‪ ،‬ألنها مراحل متتالية‬ ‫ومترابطة في نظره‪.‬وكلها مرتبطة بخبرات التعلم االجتماعي التي يتعرض لها الفرد أثناء‬ ‫حياته‪.‬وفيما يلي عرض موجز لهذه المراحل‪:‬‬ ‫ـ المرحلة األولى‪ :‬الثقة مقابل عدم الثقة‪ ،‬وتمتد خالل السنتين األولى والثانية من عمر‬ ‫الطفل‪ ،‬وفيها يحتاج إلى الرعاية والعطف والحب والحنان والغذاء المناسب‪ ،‬حتى ينمي الثقة‬ ‫بالبيئة المحيطة‪ ،‬ويشعر باألمان واالستقرار‪.‬وعدم توفير هذه المطالب قد يؤدي به إلى الشعور‬ ‫بعدم األمان وفقدان الثقة بالبيئة المحيطة‪.‬‬ ‫ـ المرحلة الثانية‪ :‬االستقاللية مقابل الشك‪ ،‬وتمتد هذه المرحلة من نهاية السنة الثانية إلى‬ ‫بداية السنة الرابعة‪ ،‬وفيها يحتاج الطفل إلى تأكيد ذاتيته واستقالليته‪ ،‬من خالل السيطرة على‬ ‫عملية اإلخراج والعناية بنفسه‪ ،‬فهو بحاجة إلى تدريب وعناية وإشراف من اآلخرين‪ ،‬ومساعدته‬ ‫للسيطرة على البيئة المحيطة به‪.‬وعدم توفير هذا اإلشراف والدعم من لدن الوالدين؛ قد يؤدي‬ ‫إلى شعوره بالخجل والعار والشك‪.‬‬ ‫ـ المرحلة الثالثة‪ :‬المبادرة مقابل الخجل أو اإلحساس بالذنب‪ ،‬وتمتد هذه المرحلة من‬ ‫السنة الرابعة حتى السنة السادسة تقريبا‪ ،‬وفيها يطور الطفل إحساسه بالشعور والقدرة على‬ ‫المبادرة والمسؤولية الذاتية‪ ،‬ويصبح قادرا على تحديد بعض األهداف والتخطيط لمواجهة‬ ‫الصعاب‪ ،‬ثم التمييز بين الصحيح والخطأ‪ ،‬واكتشاف أنواع النشاطات الممنوعة أو المحرجة‪.‬‬ ‫والمبالغة في التأديب والردع والعقاب من المربين قد يولد الشعور بالذنب لدى هذا الطفل‪.‬‬ ‫ـ المرحلة الرابعة‪ :‬االجتهاد مقابل النقص‪ ،‬وتمتد من السنة السابعة إلى الثانية عشرة من‬ ‫عمر الطفل‪ ،‬وفيها يحتاج لتعلم المهارات الالزمة لإلسهام في األنشطة الرسمية للحياة؛ كتعلم‬ ‫قواعد السلوك العامة‪ ،‬وتنمية الشعور بالعطاء واإلنتاج والتحصيل والنجاح‪.‬وفي غياب فرص‬ ‫النجاح وعدم تعلم بعض المهارات الالزمة للتفاعل االجتماعي‪ ،‬قد يؤدي بالطفل إلى الشعور‬ ‫بالنقص والعجز‪.‬‬ ‫ـ المرحلة الخامسة‪ :‬الهوية مقابل غموض الهوية‪ ،‬وهي تمتد من السنة الثالثة عشرة حتى‬ ‫سن العشرين‪ ،‬وهي مرحلة المراهقة التي يسعى فيها األفراد جاهدين إلى تأكيد هويتهم‪ ،‬وإبراز‬ ‫أدوارهم وطاقاتهم وإمكانياتهم‪.‬وهي مرحلة تتميز بتغيرات جسدية وعقلية وانفعالية واجتماعية‬ ‫واضحة‪ ،‬مما قد يؤدي أحيانا إلى التمرد والعصيان والخجل لتأكيد هوية المراهق‪.‬لذلك فهو‬ ‫بحاجة إلى اإلشراف والتوجيه من الوالدين والمعلمين؛ التخاذه األدوار واالتجاهات السليمة‪،‬‬ ‫وكذا مساعدته على تنظيم هواياته وقدراته ومعتقداته واختياراته‪.‬وفشل المراهق في التوفيق بين‬ ‫اختياراته‪ ،‬قد يؤدي به إلى الشعور بغموض الهوية‪.‬‬ ‫ـ المرحلة السادسة‪ :‬األُلفة مقابل العزلة‪ ،‬وتبدأ من العقد الثاني تقريبا‪ ،‬وتستمر إلى غاية‬ ‫الخامسة والثالثين‪ ،‬وتتطلب هذه المرحلة تحقيق الشعور باالستقرار العائلي والمهني؛ بعد إيجاد‬ ‫شريك الحياة المناسب‪ ،‬والحصول على مهنة أو وظيفة مناسبة‪.‬كما يسعى األفراد في هذه‬ ‫المرحلة إلى إقامة عالقات اجتماعية‪ ،‬وتكوين صداقات متوازية ومستديمة‪.‬والفشل في تحقيق‬ ‫االستقرار العائلي أو المهني أو تكوين الصداقات‪ ،‬قد يؤدي إلى الشعور بالعزلة والوحدة‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫ـ المرحلة السابعة‪ :‬اإلنتاجية مقابل استغراق الذات‪ ،‬وتمتد من سن الخامسة والثالثين إلى‬ ‫سن التقاعد‪ ،‬وتتطلب شعور الفرد بالقدرة على اإلنتاج والعطاء‪ ،‬سواء على مستوى المهنة أم‬ ‫العمل أم إنجاب األطفال‪.‬والفشل في أداء األدوار المتعلقة بإنجاب األطفال‪ ،‬والقيام بدور األبوة‪،‬‬ ‫واإلبداع في مجال العمل‪ ،‬يؤدي إلى انكباب الفرد على ذاته‪ ،‬واالستغراق في أنانيته‪ ،‬واالنغماس‬ ‫في اللذات‪.‬‬ ‫ـ المرحلة الثامنة‪ :‬التكامل مقابل اإلحساس باليأس‪ ،‬وهي مرحلة ما بعد سن التقاعد‪،‬‬ ‫حيث يتوقف الشعور بالتكامل والثقة بالنفس واالعتزاز باإلنجازات على مدى نجاح الفرد على‬ ‫اجتياز أزمات المراحل السابقة‪.‬فنجاح الفرد في تحقيق مطالب المراحل السابقة؛ ينمي الشعور‬ ‫لدى الفرد بالثقة والتكامل والتحرر من اليأس‪.‬‬ ‫❖ نظرية النمو األخالقي‬ ‫للعامل األخالقي دور بارز في وجود المجتمع وبقائه‪ ،‬ذلك أن األخالق وما تنطوي عليه‬ ‫من قيم ومبادئ؛ تسهم في تنظيم العالقات بين أفراد المجتمع الواحد‪.‬ومن هنا اهتم العلماء‬ ‫بدراسة النمو األخالقي؛ على اعتباره جزءا من عملية النضج‪ ،‬كما هو شأن النمو العقلي والنمو‬ ‫المعرفي‪.‬ومن أهم العلماء في هذا المجال لورنس كولبرج (‪ 1927‬ـ ‪1987‬م) الذي استفاد من‬ ‫الدراسات والتجارب التي سبقته في الموضوع‪ ،‬ووصل إلى نتيجة مفادها أن العدل هو المفهوم‬ ‫األساس للنمو الخلقي‪ ،‬ألنه يسعى إلى تحقيق االتزان االجتماعي بين أفراد البيئة الواحدة‪.‬ويقول‬ ‫أيضا بوجود مفاهيم أخالقية في كل الثقافات مثل‪ :‬الحب والعدل والحرية والسلطة‪...‬وأن جميع‬ ‫أفراد البشر مهما تنوعت ثقافاتهم ومجتمعاتهم يمرون بمراحل التعقل حول هذه المفاهيم‪.‬‬ ‫ولفهم معنى المرحلة في النمو الخلقي حسب كولبرج؛ ال بد من وضعها في إطار تتابع‬ ‫مراحل النمو داخل الشخصية‪ ،‬وأن إصدار أي حكم خلقي عن اإلنسان؛ ال بد أن يكون معتمدا‬ ‫على أساس نمو معرفي وعقلي‪.‬ويعتقد كولبرج بوجود ثالث مستويات للحكم العقلي تتمثل في‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ مستوى ما قبل العرف والقانون‪ :‬هو مستوى معظم األطفال قبل سن التاسعة‪ ،‬وكذلك‬ ‫بعض المراهقين وبعض األحداث الجانحين؛‬ ‫‪ 2‬ـ مستوى العرف والقانون‪ :‬هو مستوى معظم المراهقين والراشدين في المجتمع؛‬ ‫‪ 3‬ـ مستوى ما بعد العرف والقانون‪ :‬هو المستوى الذي يصل إليه قلة من الراشدين‪.‬‬ ‫والمقصود بالعرف والقانون مسايرة قواعد المجتمع وتوقعاته وتقاليده وقوانينه والتمسك‬ ‫بها‪.‬كما يعتقد أن النمو في األحكام األخالقية يسير وفق تسلسل هرمي عبر ثالث مستويات‬ ‫رئيسة‪ ،‬يتضمن كل منها مرحلتين أخالقيتين‪ ،‬ومن ثم يسير النمو األخالقي عبر ست مراحل‬ ‫أخالقية تبدأ من مرحلة التوجه نحو العقاب والطاعة‪ ،‬وتنتهي بمرحلة التوجه المبدئي األخالقي‬ ‫العالمي‪.‬ولكن ليس من الضروري أن يصل الناس جميعهم إلى المرحلة األخالقية الخامسة أو‬ ‫السادسة‪ ،‬ألنه قد يتوقف النمو األخالقي عند المستوى األول عند بعض الناس‪ ،‬أو ربما المستوى‬ ‫الثاني‪...‬‬ ‫‪10‬‬ ‫وفيما يلي عرض موجز لمراحل النمو األخالقي كما وضعها لورنس كولبرج‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ المستوى ما قبل التقليدي‪ :‬يمتد هذا المستوى من الوالدة إلى سن التاسعة‪ ،‬ويعتمد‬ ‫حكم الطفل فيه على النتائج المادية المترتبة على السلوك كالثواب والعقاب‪ ،‬ويتضمن هذا‬ ‫المستوى مرحلتين أخالقيتين هما‪:‬‬ ‫أ ـ مرحلة التوجه نحو العقاب والطاعة‪ :‬إذ يتأثر حكم الطفل األخالقي في هذه المرحلة‬ ‫بالنتائج المادية المترتبة على السلوك‪ ،‬حيث يعتبر األفعال التي يتم تعزيزها أفعاال حسنة‪ ،‬والتي‬ ‫لم يتم تعزيزها أفعاال سيئة‪.‬ويحترم األمر األخالقي تجنبا وخوفا من العقاب‪ ،‬وإذعانا للسلطة‬ ‫التي تدعم هذا األمر‪.‬‬ ‫ب ـ مرحلة التوجه النسبي الذرائعي‪ :‬يعتبر الطفل األفعال حسنة في هذه المرحلة إذا‬ ‫أشبعت حاجاته وحاجات اآلخرين‪ ،‬وتكون محاكمته للفعل األخالقي بناء على المنفعة الشخصية‬ ‫وليس على القيمة اإلنسانية ذاتها‪ ،‬ويطيع ويخضع ألوامر والديه أو من يمثل السلطة للحصول‬ ‫على الثواب والمكافأة‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ المستوى التقليدي‪ :‬ويستمر من تسع سنوات إلى خمسة عشر سنة‪ ،‬ويحترم الطفل‬ ‫فيه توقعات األسرة والجماعة واألمة؛ كأمور قائمة بحد ذاتها بغض النظر عما قد يترتب عليها‬ ‫من نتائج مباشرة‪ ،‬ويسلك بطريقة تنسجم مع هذه التوقعات‪ ،‬ويحترم القوانين ويحافظ عليها من‬ ‫خالل تمثل األشخاص القائمين على تطبيقها‪.‬ويتضمن هذا المستوى هو اآلخر مرحلتين‬ ‫أخالقيتين هما‪:‬‬ ‫أ ـ مرحلة توافق العالقات الشخصية المتبادلة‪ ،‬أو الصبي الطيب أو البنت الطيبة‪ :‬يقوم‬ ‫طفل هذه المرحلة بأفعال يعتقد أنها تسعد اآلخرين وتنال رضاهم‪ ،‬كما أن حكمه األخالقي ال‬ ‫يتأثر بالنتائج المادية المترتبة عن الفعل‪ ،‬بل ب ِنية الفاعل‪ ،‬وينزع طفل هذه المرحلة إلى إقامة‬ ‫عالقات طيبة مع اآلخرين‪.‬‬ ‫ب ـ مرحلة التوجه نحو النظام والقانون‪ :‬يعتبر طفل هذه المرحلة أن السلوك الصحيح‬ ‫هو االلتزام والقيام بالواجب‪ ،‬لذا فهو ينزع إلى الحفاظ على القوانين واألنظمة‪ ،‬ويطيعها طاعة‬ ‫عمياء دون التفكير فيما تنطوي عليه‪ ،‬ويكون التزامه بهذا ذاتيا داخليا‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ المستوى ما بعد التقليدي (المبدئي)‪ :‬يبدأ من خمسة عشر سنة فما فوق‪ ،‬حيث‬ ‫تصبح المبادئ والقوانين جزءا من ذات الفرد‪ ،‬وينزع إلى تحديد المبادئ والقيم األخالقية ذات‬ ‫النزعة التطبيقية‪ ،‬بغض النظر عن سلطة األفراد أو الجماعة الذين يؤمنون بها‪.‬كما ينزع في‬ ‫هذا المستوى إلى تكوين مفاهيم ومبادئ خاصة به‪.‬ويتتضمن هو اآلخر مرحلتين أخالقيتين هما‪:‬‬ ‫أ ـ مرحلة التوجه نحو العقد والقانوني‪ :‬االجتماعي حيث يدرك المراهق أن القانون‬ ‫عبارة عن عقد اجتماعي تم االتفاق عليه؛ لتلبية ظروف ومطالب اجتماعية معينة‪ ،‬وأنه قابل‬ ‫للتغيير والتبديل في ضوء تغير هذه الظروف‪ ،‬وهو يميل إلى التأكد من روح هذا القانون وليس‬ ‫نصه الحرفي‪.‬ويتحدد السلوك األخالقي في هذه المرحلة بالحقوق والمعايير العامة التي وافق‬ ‫عليها أفراد المجتمع جميعهم‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ب ـ مرحلة التوجه نحو المبدأ األخالقي العالمي‪ :‬هذه المرحلة أعلى مراحل النمو‬ ‫األخالقي عند الفرد‪ ،‬حيث يعتمد الحكم األخالقي على المعايير والمبادئ الداخلية الذاتية للفرد‪،‬‬ ‫كما أن الصواب والخطأ في هذه المرحلة ُيبْنى على حكم أخالقي يعتمد على إمالءات الضمير‪،‬‬ ‫انطالقا من اختبار مبدئي يحتكم إلى المنطق‪ ،‬ويدعم بالثبات على المبدأ‪.‬وتمتاز هذه المرحلة‬ ‫بالشمولية والثبات والعالمية‪.‬‬ ‫انطالقا مما سبق؛ يتضح أن الطفل ينتقل تدريجيا من االهتمامات الشخصية األنانية إلى‬ ‫المسؤوليات االجتماعية‪ ،‬ومن االعتماد على معايير ومبادئ خارجية إلى االعتماد على معايير‬ ‫ومبادئ داخلية‪ ،‬ومن التفكير في النتائج المادية إلى التفكير في القيم المجردة والمبادئ اإلنسانية‬ ‫المطلقة‪.‬‬ ‫‪12‬‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser