مذكرة الصحة النفسية الفرقة الرابعة PDF

Summary

هذه مذكرة عن الصحة النفسية للفرقة الرابعة. تشمل المذكرة محاضرات عن المفاهيم الأساسية في الصحة النفسية، والتو افق النفسي، والخصائص الشخصية، وأنواع االضطرابات النفسية. تتناول المذكرة كذلك األمراض النفسية والعقلية، ومظاهر السلوك الصحي، والسلوك غير الصحي.

Full Transcript

‫قسم الصحة النفسية‬ ‫محاض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرات في‬ ‫الصح ـ ـ ـ ـ ـ ـة النفسيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة‬ ‫الفرقة الرابعة‬ ‫جميع شعب التعليم األساس ي‬ ‫فهرس املوضوعات‬ ‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬ ‫الفصل‬ ‫‪7‬‬ ‫مقدمة فى الصحة ا...

‫قسم الصحة النفسية‬ ‫محاض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرات في‬ ‫الصح ـ ـ ـ ـ ـ ـة النفسيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة‬ ‫الفرقة الرابعة‬ ‫جميع شعب التعليم األساس ي‬ ‫فهرس املوضوعات‬ ‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬ ‫الفصل‬ ‫‪7‬‬ ‫مقدمة فى الصحة النفسية والتو افق النفس ى‬ ‫األول‬ ‫‪37‬‬ ‫الشخصية ونظرياتها‬ ‫الثانى‬ ‫األمرض النفسية والعقلية ‪:‬‬ ‫‪64‬‬ ‫الثالث‬ ‫التصنيف واألسباب واألعراض‬ ‫ُ‬ ‫نماذج من ااألمرض ُ‬ ‫‪95‬‬ ‫العصابية والذهانية‬ ‫الرابع‬ ‫‪-6-‬‬ ‫الفصل األول‬ ‫مقدمة في الصحة النفسية‬ ‫والتوافق النفسي‬ ‫ً‬ ‫في نهاية هذا الفصل ينبغي أن يكون الطالب قادرا على أن ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬يتعرف على املفاهيم واملصطلحات الخاصة بالصحة النفسية والتو افق‬ ‫النفس ي‪.‬‬ ‫‪ -2‬يعي أهمية دراسة علم الصحة النفسية خاصة في الوقت الحاضر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -3‬يتعرف على املظاهرالتي تميزاألفراد األصحاء نفسيا ‪.‬‬ ‫‪ - 4‬يميزبين السلوك السوى والسلوك الغيرسوى ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -5‬يدرك أن كل من الصحة النفسية واملرض النفس ي أمرا نسبيا ‪.‬‬ ‫‪ -6‬يصحح مفهومه حول العمل في ميدان الصحة النفسية ‪.‬‬ ‫‪ - 7‬يتعرف على مفهوم التو افق النفس ي والعوامل املؤثرة فيه‪.‬‬ ‫‪ -8‬يميزبين الدو افع االولية والدو افع الثانوية ‪.‬‬ ‫‪ – 9‬يتعرف على حيل الدفاع النفس ي املختلفة‪.‬‬ ‫‪ -10‬يميزبين حيل الدفاع النفس ي السوية والالسوية ‪.‬‬ ‫‪ -11‬يفهم شخصيته وشخصيات اآلخرين من خالل ما سبق‪.‬‬ ‫‪-7-‬‬ ‫علم الصحة النفسية ‪Mental Health‬‬ ‫يعنى علم الصحة النفسية بالدراسة العلمية للشخصية فى حاالتها النفسية‬ ‫ً‬ ‫العامة املختلفة سواء العادية أوغيرالعادية سعيا إلى تمكينها من بلوغ حالة السالمة‬ ‫النفسية والعقلية ‪ ،‬والتو افق النفس ى والفاعلية االجتماعية ‪ ،‬والحياة اآلمنة‬ ‫املطمئنة السعيدة فى مجتمعها‪ 0‬كما ُيعنى بوقايتها من التعرض لالضطرابات‬ ‫النفسية والعقلية ‪ ،‬ويعالجها منها‪0‬‬ ‫وتتوزع اهتمامات علم الصحة النفسية بين مجالين ‪ :‬أحدهما نظرى معرفى ‪،‬‬ ‫واآلخر عملى تطبيقى ‪ 0‬أما الجانب النظرى‪ ،‬فهو يتمثل فى دراسة وتحليل وفهم‬ ‫مختلف العوامل النفسية‪ ،‬والظروف البيئية االجتماعية التى تمكن الفرد من النمو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫النفس ى نموا سليما‪ ،‬ومن اكتساب مقومات الصحة النفسية اإليجابية‪ ،‬والكشف‬ ‫عن املبادئ والقوانين املحددة لنشأة وتطور كل من السلوك العادى أو الصحى ‪،‬‬ ‫والسلوك املضطرب أو الالتو افقى‪0‬‬ ‫أما الجانب العملى أوالتطبيقى‪ ،‬فيتمثل فى تطبيق ما تسفرعنه املعرفة النظرية‬ ‫فى هذا امليدان وغيره من ميادين علم النفس األخرى من مبادئ وقوانين فى اتخاذ‬ ‫التدابير واإلجراءات الالزمة ملساعدة الفرد على تنمية طاقاته وإمكاناته واستثمارها‬ ‫إلى أقص ى ما يمكنها بلوغه‪ ،‬ومساعدته على تحقيق تو افقه النفس ى فى مختلف‬ ‫املجاالت التى يمارس فيها نشاطه‪ ،‬وعلى مواجهة ما قد يعترضه من صعوبات‬ ‫ومشكالت بكفاءة ‪ ،‬وتحصينه أو وقايته من االنحر افات السلوكية واالضطرابات‬ ‫السيكوسوماتية والنفسية والعقلية‪ ،‬والحد من انتشارها ‪ ،‬وتشخصيها وعالجها‬ ‫لدى وقوعها‪0‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬فإن لعلم الصحة النفسية اهتمامات معرفية تختص بالدراسة‬ ‫والبحث العلمى فى موضوعات بعينهعا ‪ ،‬كما أن له اهتمامات أخرى تطبيقية تنصب‬ ‫على تحقيق أهداف تنموية ووقائية لألصحاء والعاديين من الناس‪ ،‬وأخرى عالجية‬ ‫بالنسبة للمضطربين منهم‪0‬‬ ‫ً‬ ‫وجدير بالتنوية أن هذه االهتمامات تنحصر أساسا فى العوامل النفسية‬ ‫والظروف البيئية االجتماعية‪ ،‬وليس العوامل العضوية أو الفسيولوجية والعصبية‬ ‫التى ُيعنى بها األطباء النفسيون فى إطارميدان آخروثيق الصلة بالصحة النفسية هو‬ ‫الطب النفس ى ‪0psychiatry‬‬ ‫‪-8-‬‬ ‫أوال ‪ :‬االتجاهات املختلفة فى تعريف الصحة النفسية‬ ‫ً‬ ‫يمكن تصنيف تعريفات الصحة النفسية عموما فى فئتين هما ‪ :‬التعريفات‬ ‫السلبية‪ ،‬التعريفات االيجابية‪0‬‬ ‫أ – التعريفات السلبية ‪:‬‬ ‫هى تلك التعريفات التى عنى أصحابها باستبعاد صور السلوك غيرالعادى كما‬ ‫تتمثل فى االضطرابات أو االنحر افات أو األمراض النفسية والعقلية‬ ‫والسيكولوماتية وغيرها من أشكال اختالل الصحة النفسية وتعنى الصحة النفسية‬ ‫ً‬ ‫طبقا لهذه التعريفات "خلو املرء من األمراض النفسية والعقلية ‪ ،‬أو غياب املرض أو‬ ‫العجزأو الوهن‪0‬‬ ‫وعلى الرغم من أن حالة الصحة أو السالمة ال يمكن فهمها إال بالرجوع إلى حالة‬ ‫ً‬ ‫املرض نظرا ألن األشياء تتميز بأضدادها‪ ،‬أو معكوسها‪ ،‬ومن أن هذه التعريفات لها‬ ‫قيمتها العملية ‪ ،‬إال أنها تعريفات ناقصة وربما تكون مضللة‪ 0‬فمجرد الخلو من‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫االضطرابات قد يكون شرطا ضروريا فى تعريفنا للصحة النفسية النه يمنع ماال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ينتمى إليها‪ ،‬وماال ينفق مع طبيعة حالة السالمة النفسية‪ ،‬لكنه ليس شرطا كافيا‬ ‫حيث ال يجمع كل مظاهرها وخصائصها اإليجابية ‪0‬‬ ‫ومن زاوية أخرى ‪ ،‬فإن الصحة النفسية ليست ما هو عكس املرض النفس ى‬ ‫والعقلى‪ ،‬وقد سبقت اإلشارة إلى أن الشخص كامل الصحة املتو افق تمام التو افق‪،‬‬ ‫والشخص كامل املرض تام االضطراب يكادان يكونان ال وجود لهما ‪ ،‬و إنما هناك‬ ‫درجات متفاوتة من الصحة سواء الجسمية أم النفسية‪0‬‬ ‫ً‬ ‫كما أن اإلنسان قد يكون معافا من األعراض املرضية‪ ،‬لكن ذلك ال يعنى‬ ‫بالضرورة أن لديه مقدرة على الوفاء بمسئولياته الشخصية واالجتماعية ‪ ،‬أو على‬ ‫مواجهة ما يتعين عليه مواجهته من مشكالت أو أزمات بكفاءة ونجاح‪ ،‬كما ال يحتم‬ ‫رضاه عن دراسته‪ ،‬أو نجاحه فى عمله وعالقاته أو الشعور بالطمأنينة أو باإلشباع أو‬ ‫بالسعادة فى حياته‪0‬‬ ‫ب – التعريفات اإليجابية ‪:‬‬ ‫ُعنى أصحابها – على العكس من أصحاب التعريفات السابقة – بالتأكيد على‬ ‫بعض املظاهراإليجابية ‪ :‬كالتو افق النفس ى والنضج والثبات االنفعالى ‪ ،‬والرضا عن‬ ‫ً‬ ‫الذات وتحقيقها ‪ ،‬وغيرها مما سيرد ذكره تباعا‪ ،‬إضافة على الخلو النسبى من‬ ‫األعراض املرضية‪ ،‬وذلك فى تعريفاتهم للصحة النفسية‪0‬‬ ‫‪-9-‬‬ ‫ومن نماذج هذه التعريفات ‪ :‬تعريف منظمة الصحة العاملية (‪ )WHO‬للصحة‬ ‫بكونها "حالة من تمام الشعور بالسعادة أو الراحة الجسمية والعقلية واالجتماعية‪،‬‬ ‫وليس مجرد غياب املرض أو انتفاء العجزوالضعف"‪0‬‬ ‫ً‬ ‫وتختلف هذه التعريفات اإليجابية للصحة النفسية تبعا الختالف واضع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫التعريف من حيث ما يراه الزما ومحددا للصحة النفسية السليمة واإلطار النظرى‬ ‫الذى يتبناه وينطلق منه‪0‬‬ ‫فاملحللون النفسيون الكالسيكيون – على سبيل املثال – وعلى رأسهم "فرويد"‬ ‫يتحدثون عن الصحة النفسية السليمة فى ضوء مقدرة األنا وتمكنها من حسم‬ ‫الصراع الدائر فيما بينها وكل من الهو "البهيمية" "واألنا األعلى" "املثالية" والتوفيق‬ ‫بين هاتين املنظمتين ومطالب الو اقع‪ ،‬وعلى كبح جماح الهى وضبط غرائزها‬ ‫ودو افعها ‪ ،‬وكذلك على عدم اإلغراق فى القيم املثالية بحيث ال ينفصل الفرد ع‬ ‫الو اقع‪ 0‬كما أعطوا أهمية بالغة للخبرات الطفولية ال سيما فى السنوات الخمس‬ ‫األولى من عمرالفرد فى إرساء دعائم شخصيته وبنائها إما على أساس متين‪ ،‬وإما على‬ ‫أساس متصدع‪ ،‬وأكدوا على دور عدم النضج والتثبيت خالل مراحل النمو‬ ‫النفسجنس ى فى تكوين االنحر افات واالضطرابات النفسية‪0‬‬ ‫وقد ظهرت اتجاهات تحليلية نفسية حديثة ربط أصحابها بين الصحة النفسية‬ ‫السليمة أو الشخصية "السوية" ومظاهر ومفاهيم أخرى ‪ :‬كاملقدرة على الحب‪،‬‬ ‫والشعور بالتوحد واالرتباط الوثيق باألهل والوطن عند "إريك فروم" واإلبداعية‬ ‫عند "أوتور انك" والعالقات البينشخصية املتبادلة عند "سوليفان" وإدراك الذات‬ ‫وتحقيقها ‪ ،‬واملقدرة على إضفاء التكامل بين معظم الحاجات العصابية عند‬ ‫"هورنى"‪0‬‬ ‫أما أصحاب التياراإلنسانى من أمثال "أبراهام ماسلو" ‪ ،‬و"كارل روجرز"؛ فقد‬ ‫نظروا إلى اإلنسان إلى أنه كائن خير بطبيعته حر فى حدود معينة‪ ،‬له وحدته وإرادته‬ ‫وقواه الفكرية واإلبداعية الخالقة‪ ،‬ومشاعره اإلنسانية وطموحاته‪ ،‬و أنه يستطيع‬ ‫أن يحقق ذاته ووجوه الشخص ى إذا ما أتيحت له الظروف التى تمكنه من ذلك ‪0‬‬ ‫ورأوا أن من أهم مظاهر الصحة النفسية السليمة ما يلى ‪ :‬املحافظة على الذات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتنميتها وتحقيقها‪ ،‬وتحقيق الفرد إلنسانيته تحقيقا كامال من خالل احتضانه‬ ‫ملجموعة من القيم العليا‪ ،‬منها الحق والخيروالجمال‪ ،‬والصدق مع النفس واآلخرين‬ ‫‪ ،‬والشجاعة والتفانى فى أداء العمل‪ ،‬من خالل ممارسته لحريته ومقدرته على الحب‬ ‫والسمو‪ ،‬وعدم اللجوء إلى حيل دفاعية يقصد بها تشويه الحقيقة‪0‬‬ ‫ومن أمثلة التعريفات اإليجابية للصحة النفسية ‪:‬‬ ‫‪- 10 -‬‬ ‫تعريف "عبد العزيز القوس ى" (‪ )1975‬حيث عرفها بأنها ‪ " :‬التو افق أو التكامل‬ ‫بين الوظائف النفسية املختلفة مع املقدرة على مواجهة األزمات العادية التى تطرأ‬ ‫عادة على اإلنسان‪ ،‬ومع اإلحساس اإليجابى بالسعادة والكفاية"‪0‬‬ ‫ويحدد "القوص ى" فى هذا التعريف ثالثة شروط تتمثل فى كل من ‪:‬‬ ‫التو افق التام بين الوظائف النفسية‪ ،‬ومقدرة املرء على مواجهة األزمات‬ ‫وتكيفه مع ظروف بيئته املادية واالجتماعية املتجددة‪ ،‬وإحساسه بالسعادة‬ ‫والكفاية‪ 0‬وهو يقصد بالتو افق التام خلوء املرء من النزاع الداخلى‪ ،‬وما يترتب عليه‬ ‫من توتر نفس ى‪ ،‬وتردد‪ ،‬ومقدرته على حسم هذا النزاع حال وقوعه‪ ،‬ويمكن تحقيق‬ ‫ذلك بتبنى فلسفة دينية أو اجتماعية أو خلقية ‪ 0‬ويستطرد "القوص ى" فى شرح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تعريفه مؤكدا على بعض االعتبارات اإلنسانية واالجتماعية مشيرا إلى ان الصحة‬ ‫النفسية ليست هى ما يترتب عليه الكفاية والسعادة الفردية فقط دون مباالة‬ ‫بصالح املجتمع واآلخرين أو العكس فاألهداف الفردية يجب أن تؤدى إلى تحقيق‬ ‫األهداف االجتماعية‪ ،‬كما أن األهداف االجتماعية يجب أن تؤدى بدورها إلى ضمان‬ ‫تحقيق األهداف الفردية فى الوقت ذاته كما يشير "القوص ى" إلى أن التكيف‬ ‫الصحيح يتطلب أال يقوم األفراد بمجرد التلبية للمجتمع كما هو ‪ ،‬و إنما محاولة‬ ‫القيام بأنصبتهم فى إحداث تغيرفيه ينقله إلى حالة أحسن مما هو فيها‪0‬‬ ‫ومن بين التعريفات التى تركز بصفة أساسية على مظاهر تحقيق الوجود أو‬ ‫تحقيق اإلنسانية باعتبارها من أهم مظاهرالصحة النفسية السليمة للفرد ‪.‬‬ ‫تعريف "عبد السالم عبد الغفار" (‪ )1976‬للصحة النفسية للفرد بأنها ‪" :‬حالته‬ ‫النفسية العامة‪ ،‬والصحة النفسية السليمة هى حالة تكامل طاقات الفرد املختلفة‬ ‫بما يؤدى إلى حسن استثمارة لها‪ ،‬ومما يؤدى إلى تحقيق إنسانيته"‪0‬‬ ‫ويحتوى هذا التعريف على شقين ‪ :‬األول منها ينص على حالة تكامل طاقات‬ ‫الفرد وهى طاقاته النفسية األساسية التى تمكنه من مباشرة وظائفه النفسية‬ ‫املختلفة‪ ،‬وهى الطاقات العقلية املعرفية‪ ،‬واالنفعالية‪ ،‬والدافعية‪ ،‬بمعنى أن‬ ‫الصحة النفسية هنا ال تتوقف على طاقة معينة دون غيرها ‪ ،‬و إنما على تمايز هذه‬ ‫ً‬ ‫الطاقات بفعل عوامل النضج والتعلم ثم تكاملها معا ‪ 0‬أما الشق اآلخرمن التعريف‬ ‫السابق‪ ،‬فيتضمن حسن استثمار هذه الطاقات مما يؤدى إلى تحقيق وجود الفرد‪،‬‬ ‫أى إنسانيته‪ 0‬ويشير هذا الشق إلى مدى فاعلية الفرد و إنتاجيته من جانب‪ ،‬وإلى‬ ‫تحقيق إنسانيته أى الصفات التى تميزه كإنسان من جانب آخر‪ 0‬ومن ثم ‪ ،‬يحدد‬ ‫"عبد السالم عبد الغفار" أربعة مظاهر أساسية للتحقق من مدى تحقيق الفرد‬ ‫‪- 11 -‬‬ ‫لوجوده ‪ ،‬وبالتالى صحته النفسية هى ‪ :‬الرضا عن النفس‪ ،‬السمو وااللتزام‪،‬‬ ‫الوسطية‪ ،‬والعطاء‪0‬‬ ‫ً‬ ‫وعرف "حامد زهران" (‪ )2005‬الصحة النفسية بأنها ‪" :‬حالة دائمة نسبيا يكون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فيها الفرد متو افقا نفسيا (شخصيا و انفعاليا واجتماعيا أى مع نفسه ومع بيئته)‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ويشعر بالسعادة مع نفسه‪ ،‬ومع اآلخرين‪ ،‬ويكون قادرا على تحقيق ذاته واستغالل‬ ‫ً‬ ‫قدراته وإمكاناته إلى أقص ى حد ممكن ‪ ،‬ويكون قادرا على مواجهة مطالب الحياة‬ ‫ً‬ ‫وتكون شخصيته متكاملة سوية‪ ،‬ويكون سلوكه عاديا‪ ،‬ويكون حسن الخلق بحيث‬ ‫يعيش فى سالمة وسالم"‪0‬‬ ‫ً‬ ‫ويتضمن هذا التعريف مزيدا من املظاهر السلوكية والصفات اإليجابية‬ ‫للشخص املتمتع بصحة نفسية سليمة ‪ ،‬والتى يمكن أن تتخذ كأهداف نسعى إلى‬ ‫تنميتها وتأصيلها فى سلوك النشء من خالل عمليات التنشئة والتطبيع االجتماعى‬ ‫والتربية ‪ ،‬والتوجيه واإلرشاد النفس ى والرعاية االجتماعية بغية تحسين صحتهم‬ ‫النفسية واالرتقاء بها ‪0‬‬ ‫ويمكن تعريف الصحة النفسية السليمة بأنها ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫"حالة عقلية انفعالية إيجابية ‪ ،‬مستقرة نسبيا‪ ،‬تعبر عن تكامل طاقات الفرد‬ ‫ووظائفه املختلفة‪ ،‬وتوازن القوى الداخلية والخارجية املوجهة لسلوكه فى مجتمع‬ ‫ووقت ما ومرحلة نمو معينة‪ ،‬وتمتعه بالعافية النفسية والفاعلية االجتماعية"‪0‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫والصحة النفسية السليمة وفقا لهذا التعريف هى "حالة مستقرة نسبيا أى‬ ‫تتسم بالدوام النسبى يمكن أن يبلغها املرء بدرجة ما‪ ،‬وقد ال يبلغها ‪ ،‬كما أنها "حالة‬ ‫عقلية انفعالية" مما يعنى أنها ترتبط بالناحيتين العقلية واالنفعالية أكثرمما ترتبط‬ ‫بالجوانب األخرى ؛ كالجانب الجسمى ‪ ،‬وهذا ال يعنى انتفاء العالقة بين النفس‬ ‫ً‬ ‫والجسم فكالهما يتفاعل مع اآلخر ‪ ،‬يؤثر فيه ويتأثر ب‪ ،‬مثلما يتضح ذلك جليا فى‬ ‫إحدى فئات االضطرابات النفسية‪ ،‬وهى االضطرابات السيكوسوماتية التى تبدو‬ ‫فى بعض األمراض الجسمية الناشئة عن عوامل نفسية‪0‬‬ ‫والصحة النفسية السليمة "حالة إيجابية" فهى تنتمى إلى قطب الصحة بدرجة‬ ‫ما أكثر مما تنتمى إلى قطب املرض‪ ،‬كما أن هذه الحالة اإليجابية تعبر عن "تكامل"‬ ‫طاقات الفرد وإمكاناته ووظائفه املختلفة االنفعالية والعقلية ‪ ،‬والدافعية‪ ،‬بما‬ ‫ً‬ ‫تنطوى عليه هذه الطاقات والوظائف من تنوع لتعمل معا فى انتظام و اتساق‬ ‫و انسجام دونما تعارض من خالل بنية الشخصية املتماسكة املوحدة‪0‬‬ ‫ً‬ ‫كما أن حالة الصحة النفسية السليمة تعبر أيضا عن "التوازن" أو عدم‬ ‫االختالل بين جانبين هما قوى الفرد الداخلية؛ كدو افعه واحتياجاته‪ ،‬وطبيعة قيمة‬ ‫‪- 12 -‬‬ ‫و اتجاهاته ومستوى طموحه ورؤيته الشخصية ‪ ،‬وغيرها مما ينبع من داخل الفرد‬ ‫من ناحية‪ ،‬والقوى الخارجية ؛ كاملعاييروالضوابط واملتطلبات االجتماعية ‪ ،‬وغيرها‬ ‫مما ينتمى إلى املجتمع الخارجى ‪ ،‬بحيث ال ينحرف املرء فى تيار إحدى القوتين دون‬ ‫اعتبارلألخرى‪0‬‬ ‫على أن هذا التكامل بين الطاقات ‪ ،‬والتوازن بين القوى ال يتمان فى فراغ‪ ،‬و إنما‬ ‫فى مجتمع معين ‪ ،‬وزمان بعينه‪ ،‬ومرحلة نمومحددة ‪ 0‬وهوما يضفى على تلك "الحالة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اإليجابية املستقرة نسبيا دينامية ومالءمة وتفاعال ‪ ،‬ذلك أنها تتبلور وترتقى وتبلغ‬ ‫مداها الذى تتوجه إليه من االزدهار واالستقرار فى إطار مكانى وزمانى – بذاته –‬ ‫يعيش فيه الفرد ‪ ،‬وكذلك خالل مرحلة تطور أو نمو محددة يمربها ‪0‬‬ ‫وتتمثل مظاهر هذه "الحالة اإليجابية" التى قوامها التوازن بين القوى ‪،‬‬ ‫والتكامل بين الطاقات فى فئتين مترابطتين أثرنا أن نطلق عليها العافية النفسية ‪،‬‬ ‫والفاعلية االجتماعية‪0‬‬ ‫أ – العافية النفسية‪ ،‬ومظاهرها هى ‪:‬‬ ‫‪ – 1‬التكامل النفس ى ‪0‬‬ ‫‪ – 2‬ضبط النفس والتحكم فى الذات‪0‬‬ ‫‪ – 3‬السلوك العادى والخلو النسبى من األعراض املرضية‪0‬‬ ‫‪ – 4‬الشعور بالسعادة مع النفس واآلخرين‪0‬‬ ‫‪ – 5‬تبنى إطارقيمى إنسانى وأخالقى‪0‬‬ ‫‪ – 6‬الرضا عن الذات وتقبلها وتحقيقها ‪0‬‬ ‫ب – الفاعلية اإلجتماعية ومظاهرها هى ‪:‬‬ ‫‪ – 1‬التو افق االجتماعى مع اآلخرين فى املجاالت التى يمارس فيها الفرد نشاطه ‪0‬‬ ‫‪ – 2‬اإليجابية وتحمل املسئولية‪0‬‬ ‫‪ – 3‬نجاح املرء فى عمله ورضاه عنه ‪0‬‬ ‫ً‬ ‫ثانيا ‪ :‬الحاجة إلى دراسة الصحة النفسية‬ ‫تتسم الحضارة اإلنسانية فى هذا القرن بزيادة معدالت اإلصابة باالضطرابات‬ ‫النفسية‪ ،‬واألمراض العقلية ‪ ،‬و انحر افات السلوك‪ ،‬وغيرها من أنواع السلوك‬ ‫ُ‬ ‫السلبى‪ ،‬واألسباب التى يمكن أن تعزى إليها هذه الزيادة فى مختلف أنواع السلوك‬ ‫السلبي عديدة ومتباينة ‪ ،‬نذكر منها مايلى‪:‬‬ ‫‪- 13 -‬‬ ‫‪ – 1‬عدم االستقرارالدولى‪ ،‬حيث شهد العالم حروب مختلفة وصراعات‪ ،‬وترتب‬ ‫عليها مشكالت اقتصادية وسياسية واجتماعية ونفسية شتى عانى منها العالم مدة‬ ‫ً‬ ‫طويلة ‪ ،‬وكذلك أيضا الصراعات السياسية وما يهدد فيها باستخدام االسلحة‬ ‫املتطورة كالحروب الذرية والهيدروجينية والكيماوية وامليكروبية‪0‬‬ ‫‪ – 2‬كما اتسم العالم وخاصة دول العالم الثالث بسمات خاصة ‪ ،‬إذ شاعت‬ ‫القالقل السياسية واالنقالبات العسكرية وتغير نظام الحكم مما أدى إلى استنزاف‬ ‫ثرواتها وتبديد طاقاتها ‪0‬‬ ‫‪ – 3‬أن عدم االستقرارنجم عنه وصاحبه تغيراجتماعى ذو معدل سريع‪ ،‬وترتب‬ ‫على هذا التغير تعديل فى الحضارة املادية والعادات واملعتقدات واالتجاهات وطرق‬ ‫السلوك‪ ،‬كما أن معدالت التغير االجتماعى السريع يمكن أن تتحدى الطاقات‬ ‫التو افقية لإلنسان من كثرة ما هو مطلوب منه فى إقامة توازنات وتقديم حلول‬ ‫وتبديل فى سلوك‪ ،‬وذلك لكى يتو افق مع البيئة الجديدة واملتغيرة من حوله ويتوائم‬ ‫معها‪ ،‬وليس من املتوقع أن تكون القدرات التو افقية لكل إنسان مرتفعة إلى الدرجة‬ ‫التى يمكن أن تواجه فى كل حال مثل هذه التغيرات السريعة‪0‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ – 4‬لقد عاش اإلنسان فى زمن كان للقيم الروحية والدينية فى سلوكه مكانا عاليا‬ ‫ً‬ ‫كما كان أيضا االعتقاد واإليمان والخلق العظيم والعالقات االجتماعية بين الفرد‬ ‫وغيره من الناس‪ ،‬أو بين الفرد وخالقة‪ ،‬خصال ذات أهمية بالغة بالنسبة للغالبية‬ ‫العظمى من الناس فى ذلك الزمن الذى مض ى ‪ 0‬ومع التطور التكنولوجى الحادث‬ ‫تبدل الحال ‪ ،‬حيث أصبحت السمة املادية فى الزمن الحالى هى السمة الغالبة نتاج‬ ‫الحضارة املادية الصناعية‪ ،‬فأصبح الناس يتكالبون بطريقة شرهة‪ ،‬ومسعورة‪،‬‬ ‫وزاد التنافس للحصول على هذه املادة‪ ،‬مما أدى ذلك إلى قلة التعاون وزيادة‬ ‫العدوان فى شتى صورة‪ ،‬وأصبحت أمور كثيرة توزن بميزان املادة وتحسب على أساس‬ ‫املكسب أو الخسارة فانكمشت العالقات االجتماعية ‪ ،‬ووهنت الرو ابط األسرية‬ ‫ً‬ ‫وشعر اإلنسان بعزلة باردة واغتراب شديد‪ ،‬فليس بدعا إذن أن نقول إن التقدم‬ ‫املادى أصبح وباال على اإلنسان ‪ ،‬وعبأه بكثير من الدو افع النفسية واالجتماعية‬ ‫ً‬ ‫الجمة والتى تحول قدراته وإمكاناته عن إشباعها مجتمعة معا مما يبعده عن‬ ‫التو افق والتأقلم مع نفسه ومع البيئة‪0‬‬ ‫‪- 14 -‬‬ ‫‪ – 5‬أن الوسط الفيزيقى االجتماعى النفس ى غير الصحى الذى يعيشه اإلنسان‬ ‫فى بيئة صناعية مفتعله ‪ ،‬وتلوث بيئى وتفجيرات نووية وثقوب طبقة األوزون ‪ ،‬كل‬ ‫ذلك قد أصاب اإلنسان بأنواع العلل البدنية وصاحبها العديد من االضطرابات‬ ‫واألمراض النفسية والعقلية‪0‬‬ ‫‪ – 6‬قلة ظروف العمل فى العصرالحديث‪ ،‬والتى جعلت الفرد يقبل على أى عمل‬ ‫ال تتناسب قيم هذا العمل مع القيم املرغوبة لدى الفرد‪ ،‬وكذا مع ميوله وإمكانياته‬ ‫ورغباته و اتجاهاته ‪ ،‬ومما ال يشبع لديه العديد من الدو افع ‪ ،‬وبالتالى يؤدى هذا‬ ‫العمل إلى حالة من سوء التو افق‪ ،‬وإلى جو من السأم وامللل ‪ ،‬مما يصيبه بالعديد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من صنوف اإلحباط والصراع‪ ،‬والتى تؤثر فى حالته النفسية تأثيرا سيئا‪0‬‬ ‫‪ – 7‬التطور السريع واملتالحق فى ضروب الحياة املختلفة مما أدى إلى تعقد‬ ‫الحياة وتشابكها‪ ،‬مما أدى بالضرورة إلى تعقد العالقات االجتماعية وتنوعها مع‬ ‫أفراد مختلفون عن الفرد فى اللون والفكر والثقافة والطباع والدين‪ ،‬كما أن هذا‬ ‫التطور السريع واملتالحق قد أدى إلى تعدد أدوار الفرد فى الحياة الحديثة دوره‬ ‫كرئيس ومرؤوس‪ ،‬ودوره كقائد وتابعه‪ ،‬ومعلم ومتعلم‪ ،‬ودوره فى األسرة ودوره فى‬ ‫جماعة األصدقاء ودوره فى النادى‪ ،‬والعمل‪ ،‬وغيره من األدوار املعقدة واملتشابكة‬ ‫ً‬ ‫والتى فرضت عليه أنماط عديدة من السلوك ‪ ،‬مما شكل عبئا نفسيا ثقيال على‬ ‫كاهله لكى يرض ى جميع األطراف التى يتعامل معه‪0‬‬ ‫‪ – 8‬اإلنفجارالسكانى الهائل الذى أصبح يجتاح العالم وخاصة الدول النامية‬ ‫مما أدى إلى عدم حدوث توازن بين املوارد واملصروف والذى أدى إلى حدوث العديد‬ ‫من املشاكل االقتصادية‪ ،‬والتى أصابت اإلنسان بالقلق والتوتر باإلضافة إلى التوقع‬ ‫لحدوث مجاعة فى الكثيرمن دول العالم‪0‬‬ ‫‪ – 9‬التقدم التكنولوجى واالعتماد على اآللة مما أدى إلى زيادة البطالة‪ ،‬وأدى‬ ‫بالتالى إلى تهديد أمن الفرد‪ ،‬وجعله يفقد إحساسه بقيمته‪ ،‬ويعيش فى خوف وقلق‬ ‫مستمر‪0‬‬ ‫‪ – 10‬جهل اإلنسان وعدم معرفته باألسباب التى تؤدى إلى كثيرمن االضطرابات‬ ‫واألمراض النفسية والعقلية حتى يمكن تجنبها ‪ ،‬وحتى يمكن تقليل املصابين بها‪0‬‬ ‫‪- 15 -‬‬ ‫ولكل هذه األسباب ومن أجلها ظهرت األهمية الفائقة لعلم الصحة النفسية‬ ‫بمناهجه وأهدافه الوقائية والعالجية واإلنسانية كما أصبحت الحاجة ماسة إلى‬ ‫نشرمبادئ الصحة النفسية وتوعيه الجماهيروتنويرهم فى هذا العالم املتأزم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثالثا ‪ :‬نسبية الصحة النفسية‬ ‫من املعروف أن التعريفات املقترحة للصحة النفسية كحالة‪ ،‬تشير إلى أن‬ ‫ً‬ ‫الصحة النفسية "حالة دائمة نسبيا" ‪ 0‬وهذا يعنى أن الصحة النفسية ليست حالة‬ ‫إستاتيكية ثابتة‪ ،‬إما أن تتحقق أو ال تتحقق ‪ ،‬بل إنها حالة ديناميكية متحركة ‪،‬‬ ‫نشطة ونسبية‪ ،‬تتغير من فرد إلى فرد كما تتابين صفات عديدة كالطول والذكاء‬ ‫واالندفاع والسيطرة وحسن العشرة ‪ ،‬كما يمكن أن تتغيرمن وقت إلى آخرلدى الفرد‬ ‫الواحد‪ ،‬وإن كان ذلك فى حدود ضيقة‪ ،‬فمن الخصائص املهمة التى تميز الصحة‬ ‫ً‬ ‫النفسية أنها ذات دوام نسبى‪ ،‬وأن مؤشراتها تتغيرتبعا لعدد من املتغيرات‪0‬‬ ‫وتفصيل ذلك‪ ،‬أن مستوى الصحة النفسية يختلف بين األفراد ‪ ،‬ولدى الفرد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الواحد من وقت إلى آخر كما تختلف معاييرها تبعا ملراحل النمو ‪ ،‬وتتغير كذلك تبعا‬ ‫ً‬ ‫الختالف الزمان واملجتمع ‪ 0‬هذا ما نعرض له تفصيال فى الفقرات التالية (عبد‬ ‫الحميد الشاذلى‪2001 ،‬م) ‪:‬‬ ‫أ – نسبية الصحة النفسية من فرد إلى آخر‪:‬‬ ‫كما يختلف الناس بعضهم عن بعض فى كل من الطول والوزن وضغط الدم‬ ‫ً‬ ‫وتوترالعضالت‪ ،‬الذكاء والعبقرية‪ ،‬االتزان والقلق ‪ ،‬وغيرذلك‪ ،‬فإنهم يختلفون أيضا‬ ‫فى الدرجة التى يحوزونها فى الصحة النفسية‪ 0‬فالصحة النفسية نسبية غيرمطلقة‪،‬‬ ‫فهى ال تتبع قانون "الكل أو ال ش ىء"‪ ،‬كما أن كمالها التام أمرغير موجود ‪ ،‬و انتفائها‬ ‫ً‬ ‫الكمى هو أيضا غيرمتوقع‪0‬‬ ‫وتفصيل ذلك‪ ،‬أنه ال يكاد يوجد شخص كامل فى صحته النفسية ( الحظ أن‬ ‫األمرذاته ينسحب على الصحة الجسمية) ‪ ،‬وال يكاد يوجد شخص تنتفى لديه جميع‬ ‫عالمات الصحة النفسية‪ ،‬فمن املمكن أن نالحظ بعض الجوانب السوية لدى أشد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الناس اضطرابا ‪ ،‬وليس من املتوقع غالبا أن تضطرب جميع الوظائف النفسية‬ ‫لدى الفرد دفعة واحدة‪0‬‬ ‫ب – نسبية الصحة النفسية لدى الفرد الواحد من وقت إلى آخر‬ ‫إن الفرد الذى يشعربالسعادة والنشوة والحبور فى كل لحظة من لحظات حياته‬ ‫ً‬ ‫هو شخص غير موجود ‪ 0‬كما يصح نقيض ذلك أيضا ‪ ،‬فالفرد الذى يشعر طوال‬ ‫ً‬ ‫سنين حياته بالتعاسة أو الحزن أو القلق أو غيرذلك من االنفعاالت السلبية هو أيضا‬ ‫‪- 16 -‬‬ ‫شخص ال وجود له ‪ 0‬والحق أن كل إنسان يشعر خالل حياته كلها بمو اقف سارة‬ ‫أخرى غيرسارة ‪ 0‬كيف يمكن أذن أن نحدد درجة الصحة النفسية أو املرض النفس ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لدى شخص ما دمنا نمرجميعا بكل املو اقف على اختالفها صعودا وهبوطا ؟‬ ‫ال شك أن مثل هذه املو اقف أو الخبرات السارة وغير السارة يمكن أن تحص ى‬ ‫وتعد ولو على وجه التقريب ‪ 0‬كما زاد عدد املو اقف أو الخبرات االيجابية وشعور‬ ‫الفرد بالسعادة بالنسبة إلى املو اقف السلبية وشعور الفرد بالتعاسة يعد على درجة‬ ‫ً‬ ‫مرتفعة من الصحة النفسية‪ ،‬وعكس ذلك صحيح أيضا‪0‬‬ ‫ويمكن أن يثار سؤال مهم فى هذا املجال ‪ :‬كيف يمكن تحديد الخبرات أو‬ ‫املو اقف اإليجابية والسلبية فى حياة كل منا؟ وتكون اإلجابة كما يلى ‪:‬‬ ‫يمكن تحديدها بطرق عدة أهمها ‪ :‬االختبارات النفسية التى تقيس درجة‬ ‫ً‬ ‫الصحة النفسية‪0‬وتأسيسا على هذه النظرة الكمية التى تعتمد على إحصاء كل من‬ ‫املو اقف اإليجابية والسلبية عن طريق املنحنى القياس ى (االختبارات النفسية فى‬ ‫ً‬ ‫املقام األول) يمكن أن نحدد للفرد درجة ومركزا على بعد الصحة النفسية فى مقابل‬ ‫الشذوذ النفس ى‪0‬‬ ‫وال بد من االعتراف بأن مثل هذه النظرة التى قدمناها فى السطور السابقة فيها‬ ‫ً‬ ‫من التبسيط ‪ ،‬والذى قد يصل إلى حد اإلخالل ‪ ،‬وذلك نظرا للمشكالت غير الهينة‬ ‫ً‬ ‫التى تواجه قياس الصحة النفسية‪ ،‬وهذا فضال عن املشكالت السيكومترية‬ ‫ً‬ ‫(القياسية النفسية) فى املقاييس ذاتها‪ ،‬وأخيرا ‪ ،‬فإن الحد الفاصل بين الصحة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫النفسية والشذوذ النفس ى ليس نقطة ثابتة أو خطا فاصال كالفرق بين األبيض‬ ‫واألسود و إنما التحديد بأسره تغلفه النسبية‪ ،‬وتشوبه الذاتية‪ ،‬وإذا تؤثر فى الصحة‬ ‫النفسية مو اقف الحياة املتغيرة‪0‬‬ ‫ومع ذلك ‪ ،‬تجب اإلشارة إلى ان ذوى الدرجة املرتفعة من الصحة النفسية لديهم‬ ‫درجة مرتفعة من الثبات النسبى‪ ،‬على حين يتسم ذوو الدرجة املنخفضة من الصحة‬ ‫النفسية بالتغييروالتذبذب والتقلب من وقت إلى أخر‪0‬‬ ‫ً‬ ‫ج – نسبية الصحة النفسية تبعا ملراحل النمو ‪:‬‬ ‫يتأثر تحديد الصحة النفسية بمراحل النمو التى يمر بها اإلنسان ويتصل ذلك‬ ‫بما يسمى باملعاييرالعامة للنمو أو املعاييرالشائعة له‪0‬‬ ‫فإذا فهمنا الصحة النفسية على ضوء مفهوم السلوك السوى (العادى) ‪ ،‬فإن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إطالقنا لوصف "سوى" يحمل فى طياته حكما نسبيا‪ ،‬فقد يعد سلوك ما سويا فى‬ ‫مرحلة عمرية معينة‪ ،‬كرضاعة الطفل لثدى أمه حتى سن الثانية‪ ،‬على حين هذا‬ ‫السلوك غيرسوى إن حدث فى سن الخامسة‪ ،‬ومص األصابع سلوك سوى فى الشهور‬ ‫‪- 17 -‬‬ ‫ً‬ ‫األولى من عمر الطفل ‪ ،‬ولكنه يعد مشكلة سلوكية إن حدث مثال فى عمر السابعة ‪0‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كما يعد التبول الالإرادى الليلى أمرا سويا طبيعيا فى العام األول من عمر الطفل ‪،‬‬ ‫ولكنه يعد مشكلة سلوكية إن حدث فى عمرالسادسة ‪ 0‬وأن الزيادة املفرطة للنشاط‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الجسمى فى املراهقة تعد أمرا طبيعيا متوقعا‪ ،‬ولكنها غير طبيعية إن حدثت فى‬ ‫ً‬ ‫الستين مثال ‪0‬‬ ‫وصفوة القول‪ ،‬إن الحكم على سلوك معين بأنه عالمة على الصحة النفسية أو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مؤشرا للشذوذ النفس ى يرتبط ارتباطا وثيقا بمرحلة النمو التى يمربها الفرد‪ 0‬ولذا ‪،‬‬ ‫فإن الصحة النفسية من هذا املنظور أمرنسبى‪0‬‬ ‫ً‬ ‫د – نسبية الصحة تبعا لتغيرالزمان ‪:‬‬ ‫يعتمد تعيين السلوك الدال على الصحة النفسية على الزمان الذى حدث فيه‬ ‫هذا السلوك‪ ،‬ونقصد بالزمان هنا الحقبة التاريخية‪ 0‬واألمثلة على ذلك كثيرة؛ فقد‬ ‫ً‬ ‫كان اللص مثال فى إسبرطة ال يعاقب إذ كان ينظر إلى سلوكه هذا على أنه دليل ذكاء‬ ‫وفطنه‪ ،‬فقد نجح فى ان يكون أذكى من شخص آخر لم يتخذ الحيطة الكافية‪،‬‬ ‫فاستغفله وتفوق عليه‪ ،‬وقد كان لذلك االعتقاد ظروف ومالبسات خاصة فى هذا‬ ‫املجتمع فى هذا الزمن‪ ،‬ولكن فطرة هللا التى فطر الناس عليها تحرم على اإلنسان أن‬ ‫يسرق‪ ،‬ومن ثم تعد جميع الشرائع السماوية والوضعية السرقة جريمة يتعين عقاب‬ ‫مقترفها‬ ‫ومثال آخرمن العصرالعباس ى اإلسالمى لقد أجازبعض املثقفين فى هذا العصر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الزاهرسرقة الكتب‪ ،‬ولم يعدوها فعال مشينا ألن مقترفها يسرق شيئا شريفا‪ ،‬ولكن‬ ‫املعيارالعام يجب أن يكون مدى إلحاق الضرر بالفرد أو املجتمع من جراء أى فعل‬ ‫يرتكب‪ 0‬ولذا ‪ ،‬فإن (السرقة وفساد مقولة هؤالء)‪0‬‬ ‫وإليك مثال أخير ‪ :‬لقد شاعت الجنسية املثلية فى قوم لوط‪ ،‬ولذا سميت‬ ‫ً‬ ‫باللوطية فكانوا يأتون الرجال شهوة فأنزل هللا عليهم عذابا من السماء‪ 0‬وسوغ‬ ‫اللوطية كذلك عدد من الشعراء الصعاليك املاجنين فى بالد العرب فى عصر مض ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫و انقض ى ‪ ،‬كما شاعت فى الغرب فى هذا القرن شيوعا كبيرا‪ 0‬ولكن الو اقع أن هذا‬ ‫االنحراف نقل أخطرأمراض القرن العشرين‪ ،‬وهواإليدز (أوزملة األعراض املكتسبة‬ ‫ً‬ ‫لنقص املناعة)‪ ،‬وخفض كثيرا من معدالت انتشارالجنسية املثلية‪0‬‬ ‫وصفوة القول ‪ ،‬إن الحكم على السلوك ‪ :‬هل هو سوى أو غيرسوى ؟ ومن ثم ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫هل هو دال على الصحة النفسية أو ال ؟ يختلف تبعا الختالف العصور واألزمان‬ ‫وتجدراإلشارة – على كل حال – إن االتجاه فى مجال الصحة النفسية اآلن غالب فى‬ ‫النظرإلى السلوك بمنظور أخالقى‪0‬‬ ‫‪- 18 -‬‬ ‫ً‬ ‫هـ ‪ -‬نسبية الصحة النفسية تبعا لتغيراملجتمعات ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تختلف العادات والتقاليد من مجتمع إلى آخراعتمادا على تغييرهما فضال عن‬ ‫عوامل أخرى ‪ 0‬وبطبيعة الحال‪ ،‬تختلف معاييرالسلوك الدال على الصحة النفسية‬ ‫أو الشذوذ النفس ى‪ ،‬واألمثلة على ذلك كثيرة نوجزبعضها فيما يلى ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مثال علي ذلك يعد أكل القمامة نشاطا مقبوال تماما فى بعض مناطق سيبيريا‬ ‫والصين واليابان واملكسيك والواليات املتحدة وعلى حين يعد االتجاه إلى أكل‬ ‫القمامة لدى الراشدات غير الحوامل فى بعض قبائل أفريقيا عالمة على االنحراف‬ ‫الخلقى‪ ،‬مع ارتباطه بالعار والقلق والتعويذات السحرية واألنيميا و انتفاخ املعدة‬ ‫وضيق التنفس‪0‬‬ ‫ومن ناحية أخرى نالحظ أن للقيم املادية واالقتصادية أهمية قصوى فى املجتمع‬ ‫الصناعى الغربى فى العصر الحالى‪ ،‬على حين ما يزال يوجد اهتمام بالقيم الروحية‬ ‫ً‬ ‫والدينية لدى عدد أكبر من سكان املجتمعات الشرقية حاليا‪ ،‬باملقارنة إلى‬ ‫املجتمعات الغربية‪ ،‬وجلى أن اختالف نسق القيم يؤثر فى السلوك الذى يعد عالمة‬ ‫على الصحة النفسية‪0‬‬ ‫والدرس الذى نخرج به من كل هذه النماذج وغيرها هو أن الحكم على الصحة‬ ‫ً‬ ‫النفسية يختلف تبعا لعوامل شتى ‪ ،‬أهمها ‪ :‬الزمان واملكان ومراحل النمو ‪ ،‬ولذا‬ ‫تجب الروية ويتعين الحذر عند إصدار أحكام على أنماط السلوك الدالة على‬ ‫التو افق أو سوء التو افق أى التى تشيرإلى الصحة النفسية أو الشذوذ النفس ى‪ ،‬إذ‬ ‫يتعين أن تراعى مثل هذه األحكام مختلف املتغيرات التى تؤثر فى الصحة النفسية‬ ‫والتى تعد – إلى حد كبير– نسبية‪0‬‬ ‫ً‬ ‫رابعا ‪ :‬مناهج الصحة النفسية‬ ‫هناك ثالثة مناهج أساسية فى الصحة النفسية (حامد زهران‪: )2005 ،‬‬ ‫‪ – 1‬املنهج اإلنمائى ‪:‬‬ ‫وهو منهج إنشائى يتضمن زيادة السعادة والكفاية والتو افق لدى األسوياء‬ ‫والعاديين خالل رحلة نموهم حتى يتحقق الوصول بهم إلى أعلى مستوى ممكن من‬ ‫الصحة النفسية‪0‬‬ ‫ويتحقق ذلك عن طريق دراسة إمكانيات وقدرات األفراد والجماعات وتوجيهها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫التوجيه السليم ( نفسيا وتربويا ومهنيا) ومن خالل رعاية مظاهر النمو جسميا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعقليا واجتماعيا و انفعاليا بما يضمن إتاحة الفرص أمام املواطنين للنمو السوى‬ ‫تحقيقا للنضج والتو افق والصحة النفسية‪0‬‬ ‫‪- 19 -‬‬ ‫‪ – 2‬املنهج الوقائى ‪:‬‬ ‫ويتضمن الوقاية من الوقوع فى املشكالت واالضطرابات واألمراض النفسية‪،‬‬ ‫ويهتم باألسوياء واألصحاء قبل اهتمامه باملرض ى ليقيهم من أسباب األمراض‬ ‫النفسية بتعريفهم بها وإزالتها‪ ،‬ويرعى نموهم النفس ى السوى وييهئ الظروف التى‬ ‫تحقق الصحة النفسية‪ ،‬وللمنهج الوقائى مستويات ثالثة تبدأ بمحاولة منع حدوث‬ ‫املرض ثم محاولة تشخيصه فى مراحله األولى بقدر اإلمكان‪ ،‬ثم محاولة تقليل أثر‬ ‫إعاقته وإزمان املرض‪0‬‬ ‫وتتركز الخطوط العريضة للمنهج الوقائى فى اإلجراءات الوقائية الحيوية‬ ‫الخاصة بالصحة العامة والنواحى التناسلية‪ ،‬واإلجراءات الوقائية النفسية‬ ‫الخاصة بالنمو النفس ى السوى ونمو املهارات األساسية والتو افق املنهى واملساندة‬ ‫أثناء الفترات الحرجة والتنشئة االجتماعية السليمة‪ ،‬واإلجراءات الوقائية‬ ‫االجتماعية الخاصة بالدراسات والبحوث العلمية والتقييم واملتابعة ‪ ،‬والتخطيط‬ ‫العلمى لإلجراءات الوقائية‪ 0‬ويطلق البعض على املنهج الوقائى اسم "التحصين‬ ‫النفس ى"‪0‬‬ ‫‪ – 3‬املنهج العالجى ‪:‬‬ ‫ويتضمن عالج املشكالت واالضطرابات واألمراض النفسية حتى العودة إلى‬ ‫حالة التو افق والصحة النفسية‪ ،‬ويهتم هذا املنهج بنظريات املرض النفس ى وأسبابه‬ ‫وتشخيصه وطرق عالجه وتوفيراملعالجين والعيادات واملستشفيات النفسية‪0‬‬ ‫ً‬ ‫خامسا ‪ :‬مظاهرالصحة النفسية لدى األفراد‬ ‫يبدو على األفراد املتمتعين بالصحة النفسية عدد من املظاهروالسلوكيات من‬ ‫أبرزها ما يلى ‪:‬‬ ‫‪ – 1‬اإليجابية ‪:‬‬ ‫إن الفرد الذى يتمتع بالصحة النفسية عادة ما يتمكن من بذل الجهد املوجه‬ ‫البناء فى مختلف االتجاهات كما انه ال يقف عاجزا أمام العقبات وال يشعر أمامها‬ ‫بالعجزوقلة الحيلة بل هو دائم الكفاح والسعى فى الحياة‪0‬‬ ‫‪ – 2‬التفاؤل ‪:‬‬ ‫يتصف الشخص الذى يتمتع بالصحة النفسية بالتفاؤل لكن دون مغاالة أو‬ ‫إفراط ألن اإلسراف فى التفاؤل قد يدفع الفرد إلى املقامرة وعدم أخذ الحيطة والحذر‬ ‫ً‬ ‫فى مو اقف حياته ‪ ،‬ويعتبر التشاؤم فى الوقت نفسه مظهرا من مظاهر انخفاض‬ ‫‪- 20 -‬‬ ‫الصحة النفسية للفرد ألنه يستنزف طاقة الفرد ويقلل من نشاطه ويضعف من‬ ‫دو افعه‪ ،‬ومن هنا كان التفاؤل املعتدل أحد مظاهرالصحة النفسية‪0‬‬ ‫‪ – 3‬تقبل الفرد الو اقعى لحدود إمكانياته ‪:‬‬ ‫ليس جميع األفراد متساويين فى قدراتهم واستعداداتهم وإمكانياتهم الشخصية‬ ‫املختلفة وإحدى التعرف على مدى ما يتمتع به فرد من األفراد من صحة نفسية هى‬ ‫إدراك هذا الفرد لوجود الفروق الفردية بين الناس ورؤيته الو اقعية لنفسه‬ ‫باملقارنة مع اآلخرين ومعرفته ملميزاته الخاصة ولحدود قدرته‪ ،‬أن تمتع بعض الناس‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بهذه البصيرة وفهمهم لذواتهم فهما و اقعيا أو قريبا جدا من الو اقع يجنبهم الكثير‬ ‫من اإلحباط والفشل ويساعدهم على اإلنجازوالتو افق السليم‪0‬‬ ‫ولكن هناك كثيرون يبالغون فى تصور قدراتهم ويتوهمون فى أنفسهم أكثر مما‬ ‫يستطيعون فعال‪ ،‬كما أن هناك من يهونون من شأن أنفسهم ويركزون على عيوبهم‬ ‫بسبب ما يعانونه من مشاعرالنقض ‪ 0‬إن تصور الفرد الخاطئ لنفسه وعدم تقبله‬ ‫ً‬ ‫للحقائق املوضوعية املتعلقة بشخصه ال يساعد كثيرا على تو افقه النفس ى أو على‬ ‫التعامل الناجح مع الناس‪0‬‬ ‫‪ – 4‬اتخاذ أهداف و اقعية ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫يضع الفرد أمام نفسه مثال ومستويات وأهداف يسعى للوصول إليها‪ ،‬على أال‬ ‫ً‬ ‫يكون الفرق كبيرا بين فكرة الفرد عن نفسه وبين ما يتخذه لنفسه من أهداف وكون‬ ‫األهداف و اقعية يعنى أن الفرد يمكنه تحقيقها مع بذل جهد إضافى مستطاع على‬ ‫أن تكون هذه األهداف محققه لبعض النفع والخير للفرد وملجتمعه الذى يعيش‬ ‫فيه‪0‬‬ ‫‪ – 5‬القدرة على إقامة عالقات اجتماعية ناجحة ‪:‬‬ ‫بعض األفراد أقدر من غيرهم على إنشاء عالقات اجتماعية وعلى االحتفاظ‬ ‫بالصداقات والرو ابط املتينة فى الجماعات التى يتصلون بها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتعتبرهذه العالقات سندا وجدانيا مهما ومقوما أساسيا من مقومات الصحة‬ ‫النفسية‪ ،‬أما إذا كانت عالقات الفرد االجتماعية متدهورة سيئة‪ ،‬فإن ذلك من‬ ‫شأنه أن يؤثر على معنوياته العامة وعلى تو افقه النفس ى‪ ،‬ومعنى هذا أن النجاح أو‬ ‫الفشل فى إقامة عالقات اجتماعية مشبعة فى مجال األسرة والزمالة والصداقة هو‬ ‫واحد من املعايير املهمة التى تحكم بها على مدى ما يتمتع به الفرد من الصحة‬ ‫النفسية‪0‬‬ ‫‪- 21 -‬‬ ‫‪ – 6‬احترام الفرد لثقافة املجتمع مع تحقيق قدر من االستقالل عن هذا‬ ‫املجتمع ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من مظاهر الصحة النفسية للفرد أن يسلك سلوكا مناسبا يتقبله املجتمع‬ ‫ويتمش ى مع العرف والقيم واملعاييرالسائدة فى املجتمع‪ ،‬وأال يصدرعن الفرد سلوك‬ ‫شاذ ال يرض ى عنه املجتمع‪ ،‬وال يعنى هذا أن يكون الفرد إمعة ليست له شخصية‬ ‫ً‬ ‫مستقلة؛ فاملفروض أن يكون الفرد الذى يتمتع بالصحة النفسية قادرا على العطاء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الفكرى ملجتمعه وقادرا على أن يكون لنفسه رأيا مستقال بالنسبة ملختلف القضايا‬ ‫املهمة واملسائل األساسية التى تعرض عليه مع عدم املغاالة فى التملق والنفاق‬ ‫االجتماعى أو محاولة الحصول على مو افقة الجماعة التى يعيش فيها بأى ثمن وفى‬ ‫الوقت نفسه يجب أن يكون لدى الفرد قدر من التسامح بالنسبة للفروق الثقافية‬ ‫القائمة بين األفراد الذين ينتمون للطبقات االجتماعية املختلفة‪0‬‬ ‫‪ – 7‬إشباع الفرد لدو افعه وحاجاته ‪:‬‬ ‫إن إشباع الفرد لحاجاته األساسية (الفسيولوجية والنفسية) وطريقة‬ ‫مواجهته لتلك الحاجات يحدد مدى تمتعه بالصحة النفسية‪ ،‬واإلنسان فى كل عمر‬ ‫تحركه دو افع وحاجات أساسية ‪ ،‬منها ‪ :‬الحاجات الفسيولوجية مثل الحاجة إلى‬ ‫الطعام واملاء واإلخراج والتنفس ودرجة الحرارة املالئمة وغيرها‪ ،‬ومنها حاجات‬ ‫نفسية واجتماعية مثل الحاجة إلى األمن والحاجة إلى االنتماء والقبول والحاجة إلى‬ ‫التقدير واملكانة‪ ،‬ولحرمان الفرد من هذه الحاجات أو املبالغة فى إشباعها أثره على‬ ‫النمو النفس ى والصحة النفسية‪0‬‬ ‫‪ – 8‬القدرة على ضبط الذات ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫إن الشخص السوى هو الذى يستطيع أن يتحكم فى رغباته ويكون قادرا على‬ ‫إرجاء إشباع بعض حاجاته وأن يتنازل عن لذات قريبة عاجلة فى سبيل ثواب أجل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫و أبعد أثرا وأكثردواما ألن لديه القدرة على ضبط ذاته وعلى إدراك عو اقب األمور‪،‬‬ ‫وهو يستحضر فى ذهنه جميع النتائج التى يحتمل أن تترتب على أفعاله فى املدى‬ ‫البعيد ويبنى سلوكه وتصرفاته على أساس ما يتوقعه من نجاح وتوفيق ألفعاله فى‬ ‫املستقبل ومثل هذا الشخص يستمد قدرته على ضبط ذاته والتحكم فى سلوكه من‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تقديره لألمور تقديرا قائما على موازنة النتائج وتمحيصها‪ ،‬وكلما زادت القدرة على‬ ‫ضبط الذات كلما قلت الحاجة إلى الضبط الصادر من سلطة أخرى خارجة عن‬ ‫الذات‪0‬‬ ‫‪ – 9‬نجاح الفرد فى عمله ورضاه عنه ‪:‬‬ ‫‪- 22 -‬‬ ‫ً‬ ‫هناك بعض األفراد الذين يؤدون أعمالهم كارهين لها أو أعماال ال تتناسب مع‬ ‫ً‬ ‫قدراتهم وإمكانياتهم ‪ ،‬فقد تكون أعلى من هذه القدرات وقد تكون اقل منها فمثال قد‬ ‫يكون ألحد األشخاص قدرات إبداعية ولكنه يقوم بعمل روتينى فيصبح لذلك غير‬ ‫راض عن هذا العمل‪ ،‬وعلى العكس إذا كان العمل الذى يقوم به فرد من األفراد‬ ‫ً‬ ‫أعظم من قدراته‪ ،‬فإن ذلك يشعره بالعجزوعدم املالءمة‪ ،‬أما إذا كان العمل مشبعا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لحاجات الفرد املادية والنفسية ‪ ،‬فإن ذلك يجعله سعيدا راضيا ويساعد على تمتعه‬ ‫بالصحة النفسية‪0‬‬ ‫‪ – 10‬القدرة على تحمل املسئولية ‪:‬‬ ‫ال شك أن قدرة الفرد على تحمل مسئولية افعاله وما يتخذه من قرارات هو‬ ‫إحدى عالمات الصحة النفسية كما أن الهروب من املسئولية هو داللة واضحة‬ ‫أكيدة على االفتقارإلى السواء‪0‬‬ ‫ومن املعروف أن الطفل الصغير يعتمد اعتمادا كبيرا على اآلخرين الذين‬ ‫يتحملون مسئولية سد أحتياجاته املختلفة ويتخذون نيابة عنه القرارات املتعلقة‬ ‫بأغلب أموره فإذا ما دخل الفرد مرحلة الرشد فأننا نفترض فيه القدرة على التحمل‬ ‫ً ً‬ ‫الكامل للمسئولية ومعنى ذلك أن تحمل املسئولية يرتبط ارتباطا تاما بالرشد‬ ‫والنضج‪0‬‬ ‫‪ – 11‬ارتفاع مستوى االحتمال النفس ى ‪:‬‬ ‫حياة اإلنسان مليئة باألزمات واملشاكل والشدائد وضروب اإلحباط والحرمان‬ ‫املختلفة لكن الفرد الذى يتمتع بالصحة النفسية تكون لديه القدرة على الصمود‬ ‫أمام هذه الظروف ومواجهتها دون أن يختل ميزانه‪ ،‬فينهار ودون أن يشوه تفكيره أو‬ ‫يلجأ إلى أساليب شاذة أو ملتوية لحل أزمته التهور أو العدوان أو التراجع واالستسالم‬ ‫أو اإلسراف فى استدرارالعطف من الناس أو الرثاء للذات واالستسالم ألحالم اليقظة‬ ‫وتكون هذه املواجهة باستخدام املوضوعية والعقالنية‪0‬‬ ‫‪ – 12‬النضج االنفعالي ‪:‬‬ ‫يقصد به قدرة الفرد على ضبط النفس فى املو اقف التى تثير االنفعال وبعده‬ ‫عن التهور واالندفاع وتناسب انفعاالته مع مثيراتها‪ ،‬وأن تكون االنفعاالت معتدلة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وسطا ال هى ضعيفة تجعله متلبدا وال هى جامحة ‪ ،‬وأن تكون حياته االنفعالية ثابتة‬ ‫فال تكون عرضه للتقلب ألسباب تافهة‪ ،‬وأن يكون تعبيره عن انفعاالته بصورة متزنة‬ ‫بعيدة عن الصبيانية التى تالحظ عند الطفل واإلنسان البدائى‪ ،‬ومن مظاهرالنضج‬ ‫االنفعالى االعتماد على النفس والثقة بها‪ ،‬وأن يرى الفرد فيما يعترضه من عقبات‬ ‫‪- 23 -‬‬ ‫ً‬ ‫مشاكل تستدعى الفهم والحل ال فرصا لالنفعال ‪ ،‬ومن عالماتها أيضا أن يكون الفرد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫و اقعيا موضوعيا فى مواجهته ملشاكل الحياة‪ ،‬وأال يكون ذاتيا يرى العالم كما‬ ‫تصوره له أفكاره وخياالته ‪ ،‬فالفجاجة االنفعالية من أظهر سمات الشخصية‬ ‫املضطربة‪0‬‬ ‫‪ – 13‬ثبات اتجاهات الفرد ‪:‬‬ ‫إن ثبات اتجاهات ومو اقف الفرد أمر ال يأتى إال مع وجود خط فكرى واضح‬ ‫وخلفية فلسفية رصينة تصدرعنها أحكام الفرد وتصرفاته املختلفة مما ييسر عليه‬ ‫أن يتصرف بصورة تلقائية تقريبا ألغلب املوضوعات والقضايا ‪ ،‬وتكوين فلسفة‬ ‫واضحة فى الحياة ليس باألمر السهل أو الهين بل هو عملية تدريجية تتأثر بما نكونه‬ ‫من قيم خالل الحياة وخالل خبراتنا املنوعة فى األسرة وفى املجموعات االجتماعية‬ ‫ً‬ ‫األخرى كما تتأثر أيضا بثقافة الفرد واجتهاداته الشخصية‪0‬‬ ‫وال نعنى بثبات االتجاهات أن تكون جامدة غير قابلة للتعديل بل أن املرونة‬ ‫مطلوبة وهى دليل على النمووالتقدم واملقصود أال تتصف اتجاهات الفرد بالتذبذب‬ ‫والتناقض على املدى القصير‪ ،‬ومن الواضح أن ثبات اتجاهات الفرد ينم عن تكامل‬ ‫الشخصية كما ينم كذلك عن االستقراراالنفعالى إلى حد كبير‪0‬‬ ‫‪ – 14‬اتساع أفق الحياة النفسية ‪:‬‬ ‫يقصر بعض الناس اهتمامه على جانب واحد من جوانب نموه كأن يركز على‬ ‫تنمية قواه العضلية أو على الدراسة والتحصيل دون العناية بجوانب النمو األخرى‬ ‫لكن االستمتاع بالحياة والتجاوب الواسع معها يتطلب العناية بأنواع متعددة من‬ ‫املهارات واملعارف ويقتض ى الحرص على النمو املتكامل املتوازن الذى ال يهمل ناحية‬ ‫من نواحى النمو وال يسمح لجانب واحد أن يطغى على سائر الجوانب‪0‬‬ ‫إننا نحتاج إلى تنمية معارفنا ومداركنا ونحتاج إلى تنمية كثير من املهارات‬ ‫ً‬ ‫الحركية والفنية والعلمية كما نحتاج إلى العناية بنمونا الجسمى ونحتاج أيضا إلى‬ ‫االهتمام بصداقاتنا وعالقاتنا االجتماعية ‪ ،‬إلى غير ذلك من أبعاد النمو املتلفة‬ ‫وبعبارة أخرى ينبغى أن يتسع أفق حياتنا النفسية مع تحقيق قدر مناسب من‬ ‫التوازن واالنسجام بين نمونا البدنى واملعرفى والوجدانى واالجتماعى‪ ،‬إن على الفرد‬ ‫ً‬ ‫أن يتخذ لحياته أهدافا واهتمامات متنوعة حتى إذا فشل فى إحداها عوض ذلك عن‬ ‫طريق االهتمام باألهداف واالهتمامات األخرى‪0‬‬ ‫‪ – 15‬الصحة الجسمية ‪:‬‬ ‫‪- 24 -‬‬ ‫ً‬ ‫إن وجود عاهة جسمية يحدد مجال حياة الفرد كما تصبح العاهة عائقا يحول‬ ‫دون تحقيق أهدافه‪ ،‬وتتضمن الصحة الجسمية سالمة الجهاز العصبى إذ هو‬ ‫املسئول عن تحقيق التكامل داخل البدن فهو املسيطر على حركة العضالت وعلى‬ ‫ً‬ ‫الدورة الدموية وعلى إفرازات الغدد املختلفة‪ 0‬وتتضمن الصحة الجسمية أيضا‬ ‫سالمة الجهازالغدى إذ إنه املسئول عن تحقيق التوازن الكيميائى داخل الجسم‪0‬‬ ‫سادسا ‪ :‬العاملون فى ميدان الصحة النفسية ‪:‬‬ ‫يجب أن يكون العمل فى ميدان الصحة النفسية فى شكل فريق يضم ‪:‬‬ ‫‪ – 1‬املعالج النفس ى ‪:‬‬ ‫يتخرج املعالج النفس ى من أحد أقسام علم النفس ‪ ،‬ويتخصص فى الصحة‬ ‫النفسية والعالج النفس ى ‪ ،‬ويجب أن يزود بالقدر الكافى من املعلومات الطبية التى‬ ‫يحتاج إلى معرفتها فى العالج النفس ى ‪ ،‬ويحصل على درجة عليا فى تخصص الصحة‬ ‫النفسية والعالج النفس ى ( فى مصر ال تقل هذه الدرجة عن الدكتوراه)‪ ،‬ويختص‬ ‫بالتشخيص والعالج النفس ى‪0‬‬ ‫‪ – 2‬اإلخصائى النفس ى ‪:‬‬ ‫يتخرج اإلخصائى النفس ى من أحد أقسام علم النفس بالجامعة‪ ،‬ويختص‬ ‫بالقياس النفس ى ‪ ،‬وأجراء االختبارات ودراسة سلوك العميل‪ ،‬و اتجاهه العام‬ ‫ومساعدة املعالج النفس ى‪0‬‬ ‫‪ – 3‬الطبيب النفس ى ‪:‬‬ ‫يتخرج الطبيب النفس ى من كلية الطب ثم يدرس علم النفس وعالج األمراض‬ ‫النفسية وقد يتخصص فى األمراض النفسية والعصبية ‪ ،‬ويهتم أكثر من غيره‬ ‫بالتشخيص الطبى النفس ى وبالعالج الجسمى والعالج باألدوية والعالج الجراحى‪0‬‬ ‫‪ – 4‬اإلخصائى االجتماعى النفس ى ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يتخرج من أحد أقسام أو معاهد الخدمة االجتماعية ‪ ،‬ويؤهل تأهيال خاصا فى‬ ‫علم النفس ‪ ،‬ويختص بإجراء املقابلة األولى مع املريض وأسرته ومحل عمله‬ ‫واملؤسسات االجتماعية املختلفة وبالبحث االجتماعى وينظم معظم أوجه نشاط‬ ‫العيادة النفسية وقد يساهم فى العالج النفس ى‪0‬‬ ‫‪ – 5‬املساعدون النفسيون ‪:‬‬ ‫مثل إخصائى القياس النفس ى‪ ،‬والتدريب على الكالم‪ ،‬وإخصائى العالج بالعمل‬ ‫والعالج باللعب ‪ 00‬إلخ‪0‬‬ ‫‪- 25 -‬‬ ‫‪ – 6‬املمرضون النفسيون ‪:‬‬ ‫يتخرجون من معاهد التمريض ‪ ،‬ويدرسون ويتدربون على التمريض النفس ى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ويلعبون دورا مهما فى العالج النفس ى‪ ،‬حيث يقضون أكبر وقت مع املريض‪،‬‬ ‫ويختصون بتسجيل السلوك اليومى وسيرالعالج وتقدمه واملشاركة فى بعض أشكال‬ ‫العالج مثل العالج بالصدمات والعالج النفس ى الجماعى وتهيئة الجو النفس ى املواتى‬ ‫للصحة النفسية والشفاء‪0‬‬ ‫‪ – 7‬آخرون ‪:‬‬ ‫باإلضافة إلى هؤالء نجد املربين والوالدين ورجال الدين وغيرهم يستطيعون‬ ‫اإلسهام فى الصحة النفسية على املستويين الوقائى واإلنشائى‪ 0‬ويجب أن يكون كل‬ ‫ً‬ ‫العاملين فى ميدان الصحة النفسية متمتعين هم أنفسهم أوال بالصحة النفسية‬ ‫والتو افق النفس ى ؛ ففاقد الش ىء ال يعطيه‪ ،‬ويجب أن يكون اإلخصائى قدوة حسنة‬ ‫للمريض من الناحية السلوكية‪ ،‬ويجب أال يقول له افعل كما أقول‪ ،‬بل يقول افعل‬ ‫كما افعل‪0‬‬ ‫ً‬ ‫سابعا ‪ :‬التخصصات والعلوم املتصلة بالصحة النفسية‬ ‫يفيد ميدان الصحة النفسية من املبادئ والقوانين واألسس النظرية ونتائج‬ ‫البحوث واملممارسات املهنية والتطبيقية لبعض العلوم والتخصصات األخرى‬ ‫وثيقة الصلة بهذا امليدان‪0‬‬ ‫ومن بين هذه التخصصات والعلوم ما يلى ‪:‬‬ ‫‪ – 1‬علم نفس النمو ‪0‬‬ ‫‪ – 2‬علم النفس االجتماعى‪0‬‬ ‫‪ – 3‬علم النفس املرض ى‪0‬‬ ‫‪ – 4‬علم النفس اإلرشادى‪0‬‬ ‫‪ – 5‬علم النفس اإلكلينيكى‪0‬‬ ‫‪ – 6‬الطب النفس ى أو العقلى‪0‬‬ ‫‪ – 5‬الخدمة االجتماعية‪0‬‬ ‫ً‬ ‫ثامنا ‪ :‬التو افق النفس ى‬ ‫(أ ) ‪ -‬تعريف التو افق النفس ى ‪:‬‬ ‫التو افق النفس ى عملية دينامية مستمرة تتناول السلوك والبيئة الطبيعية‬ ‫واالجتماعية بالتغييروالتعديل حتى يحدث توازن بين الفرد وبيئته وينظرالبعض إلى‬ ‫ً‬ ‫الصحة النفسية باعتبارها عملية تو افق نفس ى‪ ،‬ويتحدد ما إذا كان التو افق سليما‬ ‫‪- 26 -‬‬ ‫ً‬ ‫أو غيرسليم تبعا ملدى نجاح األساليب التى يتبعها الفرد للوصول إلى حالة التوازن‬ ‫النسبى مع بيئته‪0‬‬ ‫(ب) ‪ -‬أبعاد التو افق ‪:‬‬ ‫‪ – 1‬التو افق الشخص ى ‪:‬‬ ‫يتضمن السعادة مع النفس والرضا عنها وإشباع الدو افع والحاجات الداخلية‬ ‫األولية الفطرية والعضوية والفسيولوجية والثانوية املكتسبة‪ ،‬ويعبر عن سالم‬ ‫داخلى حيث ال صراع داخلى ‪ ،‬ويتضمن كذلك التو افق ملطالب النمو فى مراحله‬ ‫املتتابعة‪0‬‬ ‫‪ – 2‬التو افق االجتماعى ‪:‬‬ ‫يتضمن السعادة مع اآلخرين وااللتزام بأخالقيات املجتمع ومسايرة املعايير‬ ‫االجتماعية واالمتثال لقواعد الضبط االجتماعى وتقبل التغيراالجتماعى ‪ ،‬والتفاعل‬ ‫االجتماعى السليم والعمل لخيرالجماعة ‪ ،‬والسعادة الزوجية ‪ ،‬مما يؤدى إلى تحقيق‬ ‫"الصحة االجتماعية"‪0‬‬ ‫‪ – 3‬التو افق املنهى ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫يتضمن االختيار املناسب للمهنة واالستعداد علما وتدريبا لها والدخول فيها‬ ‫واإلنجازوالكفاءة واإلنتاج والشعور بالرضا والنجاح‪0‬‬ ‫(ج)‪-‬عوامل التو افق النفس ى ‪:‬‬ ‫يعمل الفرد دائما على تحقيق التو افق النفس ى ‪ ،‬ويلجأ فى ذلك إلى أساليب‬ ‫مباشرة وغيرمباشرة تتمثل فيما يلى ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أوال ‪ :‬التو افق النفس ى وتحقيق مطالب النمو ‪:‬‬ ‫من أهم عوامل أحداث التو افق النفس ى املباشرة‪ ،‬تحقيق مطالب النمو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫النفس ى السوى فى جميع مراحله وبكافة مظاهرة (جسميا وعقليا و انفعاليا‬ ‫ً‬ ‫واجتماعيا) ومطالب النمو هى األشياء التى يتطلبها النمو النفس ى للفرد والتى يجب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أن يتعلمها حتى يصبح سعيدا وناجحا فى حياته ‪ ،‬أى أنها عبارة عن املستويات‬ ‫الضرورية التى تحدد خطوات النمو السوى للفرد‪0‬‬ ‫ويؤدى تحقيق مطالب النمو إلى سعادة الفرد ‪ ،‬ويسهل تحقيق مطالب النمو‬ ‫األخرى فى نفس املرحلة وفى املراحل التالية‪ ،‬ويؤدى عدم تحقيق مطالب النمو إلى‬ ‫شقاء الفرد وفشله‪ ،‬وصعوبة تحقيق مطالب النمو األخرى فى نفس املرحلة‪ ،‬ويمكن‬ ‫بيان مطالب النمو بصورة عامة فى كل املراحل العمرية فيما يلى ‪:‬‬ ‫‪- 27 -‬‬ ‫‪ -‬نمو واستغالل اإلمكانيات الجسمية إلى أقص ى حد ممكن‪ ،‬وتحقيق الصحة‬ ‫الجسمية‪ ،‬وتكوين عادات سليمة فى الغذاء والنوم والتريض والوقاية الصحية ‪،‬‬ ‫وتعلم املهارات الجسمية الضرورية للنمو السليم ‪ ،‬وحسن املظهر الجسمى العام‪0‬‬ ‫‪ -‬النمو العقلى املعرفة واستغالل اإلمكانيات العقلية إلى أقص ى الحدود‬ ‫املمكنة‪ ،‬وتحصيل اكبر قدر ممكن من املعرفة والثقافة العامة وعادات التفكير‬ ‫الواضح‪ ،‬ونمو اللغة وسالمة التعبيرعن النفس وتنمية االبتكار‪0‬‬ ‫‪ -‬النمو االجتماعى املتو افق إلى أقص ى حد مستطاع ‪ ،‬وتقبل الذات والثقة‬ ‫بالذات وتقبل الو اقع وتكوين اتجاهات وقيم سليمة‪ ،‬والتقدم املستمرنحو السلوك‬ ‫ً‬ ‫األكثر نضجا‪ ،‬واملشاركة الخالقة املسئولة فى األسرة والجماعات األخرى‪ ،‬واالتصال‬ ‫والتفاعل السليم فى حدود البيئة‪ ،‬واالستمتاع بالحياة التى يستمتع بها اآلخروة‪،‬‬ ‫وتنمية املهارات االجتماعية التى تحقق التو افق االجتماعى السوى‪ ،‬وتحقيق النمو‬ ‫األخالقى والدينى القويم‪0‬‬ ‫‪ -‬النمو االنفعالى إلى أقص ى درجة ممكنة ‪ ،‬وتحقيق الصحة النفسية بكافة‬ ‫الوسائل ‪ ،‬وإشباع الدو افع الجنسية والوالدية وامليل إلى االجتماع ‪ 000‬إلخ‪،‬‬ ‫وتحقيق الدو افع للتحصيل والنبوغ والتفوق‪ 000‬إلخ ‪ ،‬وإشباع الحاجات مثل‬ ‫الحاجة إلى األمن واالنتماء واملكانة والتقدير والحب واملحبة والتو افق واملعرفة‬ ‫وتنمية القدرات والنجاح والدفاع عن النفس والضبط والتوجيه والحري‪ 000‬إلخ‪0‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬التو افق النفس ي وإشباع دو افع السلوك ‪:‬‬ ‫من أهم الشروط التى تحقق التو افق النفس ى أن يتحقق إشباع دو افع‬ ‫السلوك وحاجات الفرد ‪ 0‬وهذه من أهم العوامل املباشرة إلحداث التو افق‬ ‫النفس ى‪ ،‬ولذلك سنوليها عناية خاصة‪0‬‬ ‫يعتبرموضوع الدو افع أو القوى الدافعة للسلوك بصفة عامة من املوضوعات‬ ‫املهمة فى علم النفس ألن دو افع السلوك بطبيعة الحال تفسره أن املعالج النفس ى‬ ‫يريد أن يعرف الدو افع وراء املرض النفس ى‪ ،‬ورجل القانون يود أن يضع يده على‬ ‫الدو افع وراء السلوك الجانح‪ ،‬واملربى ال بد أن يضع دو افع وميول التالميذ‬ ‫وحاجاتهم فى حسابه‪ ،‬والقائد مطالب والفرد نفسه ينبغى أن يفهم دو افع سلوكه‬ ‫السوى أو املنحرف ‪ 0‬وهكذا‪0‬‬ ‫ويتحدث البعض عن موضوع الدو افع باسم الغرائزأو باسم الحاجات‪ ،‬ويعتبر‬ ‫السلوك نتاج عملية تفاعل فيها العوامل الحيوية‪ ،‬ومن أمثلتها الحاجات الحيوية‬ ‫(الحشوية والجسمية ‪00‬إلخ) ‪ ،‬وإشباعها ضرورى لحياة الفرد‪ ،‬والعوامل النفسية‬ ‫‪- 28 -‬‬ ‫واالجتماعية مثل الحاجات النفسية االجتماعية( إلى األمن واالجتماع وتأكيد الذات)‬ ‫وإشباعها ضرورى لتحقيق التو افق النفس ى واالجتماعى‪0‬‬ ‫الدو افع ‪:‬‬ ‫اتجه فريق من علماء النفس املحدثين إلى الحديث عن الدو افع والحو افز‬ ‫والرغبات وامليول والحاجات ‪ ،‬كل هذه املصطلحات تحمل معنى الدافع والتحريك‪،‬‬ ‫وأصبح من املصطلح عليه أن مصطلح الدافع والتحريك ‪ ،‬وأصبح من املصطلح عليه‬ ‫أن مصطلح الدافع هو الشائع استعماله اآلن ‪0‬‬ ‫ً‬ ‫وإذا كانت األنظار تتجه غالبا نحو مصادر الطاقات الحيوية التى تدفع إلى‬ ‫ً‬ ‫السلوك فإنها يجب أن تتجه أيضا إلى الطرق التى تتعدل بها هذه الطاقات وتنمو‬ ‫لتصبح دو افع اجتماعية ‪ ،‬ونحن اآلن لم نعد نرجع السلوك البشرى إلى الغرائز‬ ‫فحسب‪ ،‬بل إننا نصف السلوك فى ضوء تكامل أهدافه وضرورة سعى الفرد إلشباع‬ ‫الحاجات وتحقيق األهداف وخفض التوتر‪0‬‬ ‫ونحن نرى أن التعليم االجتماعى يعدل الغرائز والحو افز‪ ،‬بل ويحولها إلى‬ ‫دو افع للسلوك االجتماعى ويبرز دو افع اجتماعية جديدة‪ ،‬ويالحظ أن املجتمع يوجه‬ ‫الغرائزوالحو افزويحدد طريقة إشباعها ويحولها إلى سلوك مقبول ومرغوب فيه‪0‬‬ ‫واإلنسان يسعى دائما إلشباع حاجاته إلى األمن وتحقيق الذات والنجاح والحب ‪00‬‬ ‫إلخ ‪ ،‬بطريقة الكائن االجتماعى اإلنسان الذى يستجيب التجاهات وقيم أخيه‬ ‫اإلنسان ‪ ،‬وإذا كنا نقول إن السلوك البشرى يمكن التنبؤ به‪ ،‬فإن ذلك ممكن فقط‬ ‫فى حالة معرفتنا لدو افع السلوك البشرى واإلطار االجتماعى الذى يحدث فيه‬ ‫السلوك‪ ،‬وهكذا يفضل علماء النفس اآلن مصطلح الدو افع أكثر من مصطلح‬ ‫الغرائز‪0‬‬ ‫ويمكن تعريف الدافع بأنه " حالة جسمية أو نفسية داخلية (تكوين فرض ى)‬ ‫يؤدى إلى توجيه الكائن الحى تجاه أهداف معينة‪ ،‬ومن شأنه أن يقوى استجابات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫محددة من بين عدة استجابات يمكن أن تقابل مثيرا محددا‪0‬‬ ‫هذا وال يمكن إخضاع الدو افع للمالحظة املباشرة ‪ ،‬و إنما نالحظها عن طريق‬ ‫السلوك الناتج عنها ‪ 0‬ومما نالحظه أنه يمكن أن يقال إن هناك دو افع متعددة بقدر‬ ‫ما هنالك أوجه النشاط أو السلوك البشرى‪0‬‬ ‫هذا ويمكن التحدث عن الدو افع بالنسبة للحاجات األساسية التى تشبعها‬ ‫هذه الدو افع ‪ ،‬ويهمنا هنا أن نفرق بين نوعين رئيسيين من الدو افع ‪:‬‬ ‫الدو افع األولية أو الدو افع الفطرية ‪:‬‬ ‫‪- 29 -‬‬ ‫ً‬ ‫وهذه يولد الفرد مزودا بها‪ ،‬وهى التى يلزم تحقيقها أو إشباعها لحفظ بقاء‬ ‫الكائن الحى مثل الحاجة إلى الغذاء (الجوع) والحاجة إلى النوم والراحة‪ ،‬ويعتبر‬ ‫الدافع الجنس ى من الدو افع األولية التى تعمل على بقاء النوع‪ ،‬واإلنسان هنا يشترك‬ ‫مع الحيوان فيما يختص بالدو افع األولية‪0‬‬ ‫الدو افع الثانوية أو الدو افع املكتسبة ‪:‬‬ ‫وهى التى تضبط سلوكنا االجتماعى وهى مكتسبة أو متعلمة ‪ ،‬وتأتى الدو افع‬ ‫االجتماعية هنا على رأس القائمة مثل الحاجة إلى االنتماء إلى جماعة والحاجة إلى‬ ‫املشاركة االجتماعية والتفاعل االجتماعى والحاجة إلى إثارة انتباه اآلخرين والحاجة‬ ‫إلى األمن والتقديروامليل إلى السيطرة‪0‬‬ ‫والدافع االجتماعى عبارة عن دافع يثيره ويشبعه‪ ،‬ولو جزئيا أشخاص آخرون‬ ‫على العكس من الدافع الفسيولوجى الذى يثيره ويشبعه تغير فى الوظائف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الفسيولوجية ولكننا غالبا ما نجد تداخال بين هذين النوعين من الدو افع‪0‬‬ ‫وتأتى الدو افع الذاتية أو الدو افع الشخصية ضمن الدو افع الثانوية ومن‬ ‫أمثلتها الحاجة إلى النجاح والحاجة إلى االستقالل وامليل إلى التملك‬ ‫وفيما يلى بعض املالحظات على الدو افع (حامد زهران‪)2005 ،‬‬ ‫‪ -‬وراء كل سلوك دافع ‪0‬‬ ‫‪ -‬الدافع الواحد يؤدى إلى ألوان من السلوك تختلف باختالف األفراد‪0‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -‬الدافع الواحد يؤدى إلى ألوان مختلفة من السلوك لدى الفرد نفسه تبعا‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser