الاقطاع وظهور النهضة في أوربا PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
Tags
Summary
هذا نص كتاب يتناول موضوع الاقطاع وظهور النهضة في أوربا. يغطي التاريخ المبسط للظاهرة الاجتماعية في أوربا، و يركز على الطبقات الاجتماعية المختلفة، والحكم الارستقراطى.
Full Transcript
# الاقطاع وظهور النهضة في أوربا ## مقدمة هي نتيجة تفاعلات في المجتمع عاش هذة الحياة التي سيطر عليها إناس قليلوا العدد من السادة ملاك الارض تحكموا في مصدر الثروة من انتاج الارض وكل ما يتبعها من نشاط ، والاغلبية العظمى يعمل في خدمة هؤلاء السادة وهم فى اكثرهم عبيدا واقلية منهم في اعمال خدمية ا...
# الاقطاع وظهور النهضة في أوربا ## مقدمة هي نتيجة تفاعلات في المجتمع عاش هذة الحياة التي سيطر عليها إناس قليلوا العدد من السادة ملاك الارض تحكموا في مصدر الثروة من انتاج الارض وكل ما يتبعها من نشاط ، والاغلبية العظمى يعمل في خدمة هؤلاء السادة وهم فى اكثرهم عبيدا واقلية منهم في اعمال خدمية اخرى تقترب بشكل أو باخر من العبودية والخضوع الكامل لسادتهم أصحاب الأرض. وفي كل عصر من العصور لابد من ظهور افراد لهم صفات خاصة وتفوق ذاتى قد يكون بسبب احساس زائد ومشاعر دافقة وفكر مركز وعميق في النظر مع موهبة عقل راجع وتفكير سليم قادر على الملاحظة والمتابعة والتحصيل والتعمق فى شكل المجتمع ومظاهرة وبالتالي يتوهج العقل عند هؤلاء الرواد المميزين والذين كانت على يديهم احداث التطوير والتعبير عن افكارهم بجراة وحرية وفقد تعفهم ثمنا لتلك الجراة والاصرار على التغير بسبب منتهى امتناعهم بظلم حياة الانسان في تلك الحقبة التارخية وتسيد وفساد وتسلط ملاك الاراضي و عدم تقديرهم للانسان الذى خلقة الله مكرما إلا أنهم جعلوا منهم عبداً ذليلاً. ## الطبقات الاجتماعية يتكون هذا المجتمع الاقطاعي الذي شرحنا بعضا من علاقاته يتكون من طبقات على راسها السيد الاقطاعي صاحب الارض الواسعة في مساحتها و المحيطة فى حدودها والسيد الاقطاعي يراس في مزارعة فئات من البشر يمكن ترثهم في طبقات حسب وصفهم الاجتماعي وعلاقتهم السيد صاحب الارض. ### الطبقة الأولى وهذه يطلق عليها التابعين للسيد الاقطاعي وهذه الطبقة التابعة تنتسب الى الطبقة المميزة من الاستقراطية مثل السيد الاقطاعي ولهم ارضيهم التي اصبحت تابعة الاراضى السيد الاعلى والذي تمتد تبعية تلك الارض الى ارضى السيد الاقطاعي صاحب الارض الأكثر مساهمة والنفوذ الأكثر أتساع وبالطبع فان للتابعين كيان مميز في حكم ارضيهم التابعة وتحت نفوذهم عبيد ارض يزرعون ويتابعون تربية الحيوان وانما يأتمرون بامر سيدهم التابع ولهم حق الحياة وسط مزارعة ويسكنون في بيوتة ويعيشون من زراعاته وللسيد التابع فئة اخرى غير العبيد هولاء هم الرجال الاحرار وليس معنى احرار أنهم يشقون عصا الطاعة على سيدهم ولكن لهم وظيفة مميزة بعض الشئ عن العبيد فهم يعملون بخدمات اخرى مختلفة في ادارة الارض وأعمال الخدمات والتجارة والتسويق وغير ذلك ومن حق هؤلاء الاحرار التابعين للسيد التابع الاقطاعي الاكبر لهم حق الاجارة والمنفعة العامة والتعيش عن الارض يجدون السكن والمأوى في أرض سيدهم التابع. كانت سلطة السيد الاقطاعي الأكبر الأعلى على تابعية هي سلطة رئيس الدولة على رعاياه وهذه السلطة مؤكدة تماما بقواعد ونظم وعلاقات واوامر وتكاليف ثابتة استمدت من استمرارها ودوامها صفة الثبات ولا شرعية وقوانين ملزمة فى العلاقة بين الطرفين وان اختلف درجة الخضوع من شخص لاخر حسب وضعة وصفتة الاانهم جميعا تابعين وعليهم الطاعة والاستماع الى التكاليف وتنفيذ ذلك بكل حرية وصرامة خاصة اذا كانت هناك حالة حرب بين السيد الاقطاعي الاكبر وجهة اخرى مجاوره أو قريبه فعلى التابع ان ينظم بسرعه حاملا سلاحة الى سيدة الاكبر وان يستمع الى نداء السيد وينضم للصفوف للدفاع عن حقوق السيد الاعلى والتي هي بالتالي استمرار لمعاشهم وحياتهم والدفاع عن اراضيهم كما ان بعض التابعين كانوا يدفعون ايضا اموالا ونقودا للسيد الاعلى وهذة تختلف في كمياتها واعدادها من شخص لآخر وحسب الخدمة والتبعية والوضع الخاص. ### الطبقة الثانية هؤلاء هم العبيد المعدمين غير الاحرار ومعهم فئة اخرى من المستأجرين. أما العبيد فهم المقيمون في الارض تلك الاقطاعيات الكثيرة فكانوا لا يملكون الانتقال من مكان الاخر الا بأذن سيدهم ويثبتون فى الاماكن الزراعية المحددة لهم حريتهم فيها ولهم مساكنهم يتعايشون من زرع الارض وكانت تلك هي حقوقهم المسكن والمعيشة ويعمل هؤلاء ليل ونهار في مزارع ومساكن السيد الاقطاعي في زرع الارض وحصد المحصول وعمل المساكن ورعاية الزرع وتربية الحيوانات والطيور وكل ما يصدر لهم من تكاليف دون نقاش لأو رأى فعليهم التنفيذ فقط والاسوأ من ذلك ان هؤلاء العبيد كانوا اول من اهملوا في تلك التكاليف كانوا يعذبون اسوا عذاب وبتدرح من الجنس والحرمان الى الضرب المبرح والقتل احيانا ولا احد يحاسب هؤلاء السادة فهم الحكام والقضاة والمنوط بهم التنفيذ فان ولذلك كانت حياة هؤلاء العبيد كانت مأساة حقيقية في الارض الاقطاع وكان منهم الزنوج وهم اكثرية ومنهم البيض ايضا وقد كتب بعض اصحاب الفكر القائم في تلك الفترة عن هؤلاء العبيد وحياتهم بشكل آثار وحرك احاسيس من قلوبهم شفقة واستتبع ذلك ظهور منظمات حقوقية وانسانية بدات بالتتدرج تتحدث عنهم واخذت شكل منظم مع بداية ظهور بوادر تفكك هذا النظام الاقطاعى وان حدث ذلك بعد قرون طويلة من عذاب هؤلاء العبيد وبعد ان اخذ عذاب الانسان لاخية الانسان المذلة والهوان ولكن لابد من ظهور شمس الحرية وكانت شمس الحرية هي حركة النهضة هي الفكر الجديد ، الرأي الحر العمل الاخلاقي الاستمتاع بالحياة ، قراءة التراث القديم ابتداع الفن وتألقه. ## الحكومة الإرستقراطية إن النظام السياسى الذى يتطابق مع نظام الاقطاع في اوربا هي الحكومة الارستقراطية او الحكومة الملكية. فإن الواقع الذي ذكرناه يمتثل فيه أن المجتمع يسود ويسيطر عليه سادة إقطاعين ، أرستقراطين وكل سيد تكون قوتة او ضعفة حسب مساحة إقطاعه وعدد عبيده وتابعيه وليس هناك سادة إقطاعين متساويين تماما في درجات القوة بل هناك تفاوت بينهم ومن ثم يتدرجون من الاقل فالذي يليه في درجة القوة. وهكذا حتى يكون على راسهم سيد اقطاعي واحد هو السيد الاعلى الذى يسيطر على عدد كبير من السادة الاقطاعين وكلهم يخضعون لسيادتة العليا ، وهذا السيد الاعلى هو الملك أو الامبراطور وليس بعد سلطانة سلطان الاسلطان الله الخالق لكل البشر فلا نخضع الا للة ولو تعمقنا فى العلاقة بين هذا السيد الاعلى والسادة الاقطاعين التابعين لوجدناة تختلف بين القوة والضعف والنفوذ فليست العلاقة بينهما اى بين السيد الاعلى والملك او الامبراطور والسادة الاقطاعين التابعين ليست علاقة امر ونهى او علاقة نفوذ مطلق بل علاقة يربطها مصالح لكل منهم ويتضح ذلك ولو عرفنا ان كل سيد اقطاعي تابع للسيد الاعلى تعتبر اقطاعية دولة داخل الدولة أو دولة صغيرة لها ما للدولة من كل اشكال التنظيم وقواعد السيادة ويمكنها القيام بكل الوظائف الاساسية لدولة كبرى فللسيد الأقطاعي جيش هذا الجيش يأتمر بأمر هو الجيش له نظامه وهيكله وصورة وعادتة وهم منظم تماما ويتقاضى افراده رواتب ولهم درجاتهم العسكرية وارتباطهم بالسيد الاقطاعي على تلك المزايا التي يحصلون عليها من هذا السيد. كما ان للسيد الاقطاعى قصر عدالة اى وزارة عدل منوط بها الفصل فى القضايا والنزعات وحل المشاكل ولها سلطان كبير وقواعد ونظم وقانونية وتصبح أساس التعامل وقواعد الفصل في النزاع والأمر المؤكد ان السيادة في هذا العدل المطبق انما هي لأصحاب الأرض والنفوذ والعدل مبنى على ان يكرس العبيد ومن هم على شاكلتهم وان يكرسوا جهودهم وكل نشاطهم في الخدمة العامة وطاعة السيد واتباعه طاعة كاملة والاتعرضوا للعقاب الصارم وللسيد الاقطاعي ايضا مجلس حكومة وعلى شاكله رئيس وزارة ووزراء يتتدرج تحتهم وظائف مسلسلة تصل باختصاصاتهم الى كل شي في الاقطاعية حتى تكون السيطرة كاملة الموارد والارض ومتابعة كل شئ بنظام كامل و دفاتر مسجلة بها كل شئ وبالطبع فان الاقطاعية لها موارد وبالتالي خزانة الموارد مشكلة أو تكون أساسا من ريع الارض وانتاج المحصول وما يدخل الخزانة ايضا من تربية الحيوانات والطيور كما تدخل موارد الخزانة الجزية السنوية التي تقرر على التابعين ومن يضعون أنفسهم تحت حماية السيد الاقطاعي. والجزية أحد الموارد الهامة للخزانة او هي ايضا تدفع من هؤلاء التابعين بدرجة أكبر من موارد الارض والخدمات المختلفة التى تقدم للتابعين والحرفين الذين يدفعون بالتالي للسيد الاقطاعي. ## مفاسد النظام الاقطاعي أحد أسباب ظهور النهضة كان للنظام الاقطاعى مفاسد كثيرة تشكل في أغلبها صورة النظام الاقطاعى وكيانه، وإن كانت هناك مزايا فإنها تكون مركزة فقط عند السادة الإقطاعين والنبلاء وأسرهم ومن يدور في فلكهم فهم يجنون كل الثمار وتتكرس في أياديهم الثروة والمناصب والوجاهة الإجتماعية ولم تستفيد الطبقات الدنيا من هذا النظام إلا الأمن أي بعدهم عن مخاطر الصراع والحروب التي تحصد الأرواح وإن كان أمن يدميه مشقة العمل وذل السادة وأما الأمن المذكور فإنه يحقق كل العزة والكرامة والاستقلال للطبقات الحاكمة ومن يتبعهم هؤلاء السادة مع قلتهم وكثرة العبيد فإن هؤلاء كانوا يشكلون هما وعبنا وضغطا لاحدود له على العبيد ومن يدور في فلكهم فهم يعا يشون كل يوم الإضطهاد والتعالى والذل والظلم الاجتماعي وليست لديهم أية حقوق أو قدرة على رد ودفع تلك المظالم ومع الاستمرار وزيادة الضغط وطول ايامه وسنواته وتكاتف هؤلاء المضطهدين فيما بينهم وكان هذا التاكتف والإتحاد بدايته لغة الصمت والمشاعر الظاهرة في وجوههم وأجسادهم النحيلة التي أعياها وأرهاقها مشقة العمل بدون مقابل كبير حتى طعام وشراب كافي لهم ولمن يعولوهم ومن العيوب أيضا كساد التجارة التى كانت قليلة الحركة والدوران بل كانت تجارة محدودة وأسواق تقام فى ايام معينة بضائعها قليلة ومن يتعيشون منهم ليست لديهم الاسواق الكافية والبضائع المطلوبة للإستهلاك والأهم من ذلك ان القوة الشرائية وضعفها كانت من أهم أسباب ضعف الأسواق التجارية وركودها ولذلك كانت المدن على درجة كبيرة من التخلف وعدم النمو. وعلى شاكلة التجارة كانت الحرف والصناعات التي كانت هي الأخرى من التخلف وعدم تطور الحرف والصناعات وعدم البحث في وسائل تجديدها لتساير التطور العام بل كانت صناعات وحرف بدائية تفى بالمطلوب وعلى الأكثر لا تفى بهذا المطلوب. وأصبح الضغط والضعف العام والقهر الاجتماعي أحد أهم مظاهر المجتمعات الإقطاعية وخاصة قبل ظهور عصر النهضة. نتيجة لذلك حدث أن الفلاحين أخذوا في الفرار من المزارع وكان فرارهم بشكل عذاب لاحدود له لأنه إذ إستطاع الإقطاعي أن يعيده فإنه يقابل عقاب قد يصل إلى حد الموت ولذلك فإن حروب هؤلاء العبيد كان يشكل مغامرة كبيرة وهم حتى فى هذه المغامرة كانوا لا يبالون بالعواقب لأنه فى كل الأحوال ذل وعذاب وبالتالي فإنه يمكن أن تقول أن هؤلاء العبيد والطبقات الدنيا على شاكلتهم كانوا من أهم اسباب ظهور روح التمرد والخروج على هؤلاء السادة مهما كانت النتائج وألهب حركة هؤلاء الضعفاء والمطهدين وألهب حماس وفكر المفكرين وأشعل نار الثورة والبحث عن وسائل العلاج وهذا حد ذاته أدى إلى توهج العقل والبحث والتفكير وكل همهم الحرية و التطور والأخذ بأسباب العلم والعمل به ، ومن ثم إنتهى الأمر بهؤلاء الرواد الذين فجروا عصر النهضة لتنتقل أوربا من حياة ذلك الإقطاع لنعمة الحرية والإستمتاع بكل جديد فى الفن والعلوم والأدب. ## ثانياً : ظهور بعض المفكرين والمصلحيين الدينين لتشجيع النهضة ومسايرتها: كانت محاكم التفتيش فى كل أوربا هما ثقيلا ومبدأ على الفكر وإرهابا لكل من يحاول أن يطلق العنان لأفكاره وإستمرت تلك المحاكم بعض الوقت حتى ظهر بعض المفكريين والمصلحين الدينين الذين درسوا أصول العقيدة والكتاب المقدس ومن هؤلاء جان ويكلف الإنجليزي وهو من جامعة أكسفورد وكانت له دراساته وعلى علم كبير بحياة رجال الكنيسة والقديسين وتفقهه في الكتاب المقدس ولذلك فإن فكره يستند إلى منهج ويستمد ينابيعه من الكتاب المقدس دون إعتبار لرأى رجال الكنيسة وباباوايها ، أخذ ويكلف موقفا واضحا عام ١٣٦٦ م وأخذ يتحدث في المنتديات والمجتمعات العامة والجامعات وفتحت المناقشات من أوسع الأبواب بين الرأى العام الإنجليزى وبلاط روما وأخذ ويكلف يخلط بين الدين والحياة العامة والسياسة وتحدث عن تعريف السلطة وكانت جرأة ويكلف كبيرة عندما أكد في كل أحاديثه أن السلطة على الأرض الله وحده وليست للباباوات وأن الله وزع تلك السلطة على كل من يحكمون في الأرض وإنسحب في حديثه الى الإقلال من قيمة السلطة الروحية التى كان الباباوات يجعلونها فوق كل السلطات وذكر فى ذلك أن السلطة الزمنية هي أيضا لها قيمتها الكبيرة ولا تقل عن سلطة الباباوات وإذا كانت سلطة الباباوات مقدسة فإن السلطة الزمنية للحكام والملوك مقدسة أيضا فهم يشاركون في تسيير رفعة الأمور وإعياء الحكم وتصريف أمور الرعايا ومعاشهم وقضاياهم ولذلك فإنهم لهم مكانتهم المباشرة والمؤكدة عند القوى فى كل مكان بالأرض وأكد ويكلف أن الباباوات على خطأ عندما قاموا بتضخيم مكانتهم وأنهم هم الأكثر قداسة وإتهم ويكلف الباباوات بإرتكاب الخطيئة حينما يفعلون ذلك وعلى الملوك والشعوب رفض ذلك والإجماح على أخطاء الباباوات وسلوكياتهم كان ويكلف فى انجلترا من الروم الذين أكدوا التحرر من الكنيسة وعاصروا النهضة فى أوربا وجاء بعده من أكمل مسيرة هذا الإصلاح الدينى فى أوربا والذي بدون هذا الإصلاح كان لا يمكن للنهضة الأوربية أن تؤتى ثمارها من هؤلاء مارتن لوثر فى ألمانيا وكان ذلك في بداية القرن السادس عشر وحد لوثر مبادىء حركته الأخلاقية في ضرورة إخضاع رجال الدين للسلطة الزمنية والأهم من ذلك أنه أكد على ضرورة عدم إحتكار البابا لتفسير الكتاب المقدس. وثار لوثر على تقاليد الكنيسة العالية وعاكس أفكارفم وطالب بإباحة زواج القسس وإباحة الطلاق وإلغاء الحج إلى روما بتصفية الأديرة لما فيها من فكر خاطىء وسلوك يشوبه عدم فهم صلب العقيدة. وجاء في سويسرا مصلح آخر معاصر لمارتن لوثر وسار على خطاه ذلك هو الريك زونجلي الذي هاجم صكوك الغفران وهاجم تحريم الزواج وعهود الرهينة وزاد زونجلی من نشاطه و هجوميته على الكنيسة وأصبح أكثر من لوثر تنورا باحثا عن الحرية والتجديد وأكثر منه أيضا تطرفا في الإفراط في الهجوم على الكنيسة وأفكارها البالية التى أعاقت الحرية والنهضة في أوربا على إمتداد سنوات طويلة كما ظهر غير هؤلاء المصلحين في عموم أوربا نعم أن بعضهم قد ظهر مع عصر النهضة وكان ذلك تأكيدا وتشجيعا لها وكان لابد من رواد وقواد عن هؤلاء المصلحين الدينين الذين عرفوا الدين بشكل صحيح وكان ذلك أمر هام لأن العقيدة كانت تمثل نسيج المجتمع وكان لابد من شرح أن العقيدة لا تتعارض مع الإصلاح ولا تتعارض مع الحرية والتفكير المطلق والبحث عن الجديد حتى تستقيم أمور الحياة وتطوير المجتمع ونهضته. ## ثالثاً : تحرر إيطاليا من كل إعتبار ديني وأخلاقي خاطيء كانت إيطاليا أسبق من دول أوربا في التحرر من قيود الكنيسة وطرحوا الكثير من أفكارها جانبا خاصة مع التأكيد من شطط القساوسة والباباوات ورجال الدين وكثرة خطاياهم وإعتباراتهم الدينية والأخلاقية الخاطئة والبعيدة كل البعد عن فهم صلب العقيدة المسيحية فهما صحيحا وساعد إيطاليا على ذلك تاريخها القديم وقت أن كانت إمبراطورية كبرى تحكم حوض البحر المتوسط ووقت أن كانت ايطاليا تستنير فى سياستها بمفكرين تقاه وفلاسفة عظام ورجال حكم أقوياء وكذلك بناة إقتصاد ونهضة وكان ذلك أساس متين جعل ايطياليا تقف قبل غيرها من دول أوربا تنفض غبار العصور الوسطى وتفكك الإطار العام لتلك الفترة التاريخية الطويلة وتمهد بالمناقشات الحرة لعصر النهضة. وظهر في ايطاليا حكام أقوياء وإن كان بعضهم من الطغاه وأنشأوا حكومات ملكية مطلقة ولكن هذا المطلق ليس معناه الظلم بل كان للضرب بشدة على من يخالف قضايا ومصالح عموم المجتمع حتى تتحقق الموارد والثروة التى تعطى للشعوب حقها في الحياة الكريمة والآمنة وظهرت نظرية الدولة والأفكار والنظم التي تحدد ذلك وتشجع عليه واستندت نظريات الدولة على القانون الروماني الذى كان يطالب بتضحية الفرد من أجل الدولة. وأصبح هناك تنظيم في الإدارة يبدأ برأس الدولة. الحاكم أو الأمير أو الملك ويليه تنظيم دقيق محكم في الإدارة وشئون الحكم وكان ذلك إستبدالا بنظم إقطاعية أعاقت عملية التطور وأصبحت هذه الدول الحديثة تشكل أملا وسلوكا حقيقيا لدفع الشعوب نحو التجديد وزيادة الموارد والحريات العامة. ## رابعاً : التطور الثقافي : أعاقت الكنيسة حركة الفكر والثقافة ولم يكن هناك إلا أفكار الكنيسة وثقافتها ومن يجرأ على تبنى أفكار وثقافة غير ذلك فإنه خارج عن تعاليم الكنيسة ويأتي التجديد بطرح هذه الأفكار جانبا والبحث عن حياة ثقافية تعطى للشعوب حريتها وأملها في البحث والتجريب وكانت اللغة الاتينية هي لغة التخاطب والتعامل وكانت الجامعات في العصور الوسطى تشدد على ذلك إلا أنه مع نقد الكنيسة والخروج عليها بدأت الجامعات في أوربا لا تتشدد في موضوع اللغة الاتينية وأخذت تبحث عن اللغات القومية التى تعطى للشعوب تراثها وتاريخها وحريتها في التعبير ذلك أن اللغة هي الهوية الحقيقية للشعوب وحضارتها. وأعقب ذلك أن الجامعت الأوربية تقيدت السيادة الكنيسة في أوربا على كل كنائس أوربا وطالبت بإستقلال تلك الكنائس وكان على رأس الجامعات المطالبة بالإستقلال للكنائس في أوربا جامعة باريس وذلك لأن جامعة باريس كانت من أهم الجامعات الأوربية التي قطعت شوطا كبيرا فى البحث العلمي الجاد وحلقات الدراسة التي أخذت تنافس كل تفاصيل الحياة في أوربا وأخذ هؤلاء الطلاب في جامعة باريس يطالبون بفرنسا الجديدة وأوربا الجديدة التى تطرح عصور الظلام جانبا وتفتح نوافذ وأبواب الفكر صوب التجديد والإصلاح والبحث عن حياة الشعوب الكريمة وحريتها وأملها في المستقبل. ## خامساً: ظهور المدن في أوربا المدن موجودة فى أوربا منذ أواخر العصور الوسطى الا أنها لم تكن على قاعدة صحيحة من الحركة والتطور ولكن منذ أوائل القرن الحادى عشر أخذت المدن نورا جديد من الحركة والتغير واجتمع فيها أعداد من المفكرين والمثقفين ورجال التجارة والصناعة ويرجع التطور الحقيقى للمدن إلى نمو التجارة والصناعة التي أخذت شكل تدريجى منذ القرن الحادي عشر والقرون التي تليه وترتب على ذلك زيادة الموارد ورؤوس الأموال التي تركزت مع سكان المدن وتجارها وحرفيها وساهمت الأموال في توسيع الحركة والنشاط وبناء مساكن وبنيه غيرت ملامح المدن خاصة بداية بإيطاليا والمانيا ثم يلى ذلك إنجلترا وفرنسا ووجد هؤلاء الأثرياء الجدد أنهم يواجهون مجتمعات عقيمة في أفكارها وهي مجتمعات الإقطاع الزراعى بسادتها وكبار النبلاء فيها ، فكان إصطدام تدريجى فى شكل رفض المدن ومن فيها رفضهم لسياسة الإقطاع وإشرافه وإتجه أثرياء المدن للتعاون مع الملك وساعدت الملكية حتى تكون مطلقة في موافقة الأشراف والسادة والنبلاء وكان نشاط بعض المن في ذلك سريعا وملحوظا وأصبحت تكون ما يشبه جمهوريات حرة مستقلة فى ألمانيا وإيطاليا وبالفعل حققت ذلك مع الإصرار والعناد في مواجهة فساد الأشراف والإقطاع الزراعى وأصبحت لتلك المدن قاعدة قوية من المعاملات الإقتصادية والتجارية والسياسية ونظمت أمورها في أمور الحكم والسياسة والعلاقات مع المدن المجاورة والقوى الأخرى الكثيرة والمتعددة وفي فرنسا وإنجلترا ساعدت المدن الملكية لتكون مطلقة في مواجهة النبلاء والسادة الأشراف وكانت أفكار وسياسة رواد المدن الجديدة مبنية على الإقتناع الكامل بأن المجتمعات الإقطاعية بمن فيها من أشراف وسادة إنما هي حريصة على عرقلة حركة المدن ولذلك كان وقوف المدن وبإصرار فى مواجهة هذه المجتمعات الإقطاعية العقيمة التي لا تقبل أى تجديد أو تطوير أو أفكار جديدة ويحافظون على القديم بكل ما فيه من أخطاء وسياسة بالية وفساد فى التعامل وعدم الإحساس بحركة المجتمع النامي وأصبحت المدن مركزا من مراكز الإشعاع الفكرى والثقافي الحر بسبب أن هؤلاء المثقفين وأصحاب الفكر كانوا على درجة كبيرة من الحرص في ممارسة نشاطهم في الحوار المستمر مع كافة أفراد المجتمع ونشر فكرة الحرية والدعوة الى الأخذ والنقل من ينابيع الثقافة والتراث من كل مكان في أوربا بل والعالم والمدن ومفكريها بذلك يبتعدون كل البعد عن تقاليد المجتمعات الإقطاعية وحواجزها وركود حركتها وهذا أمر كان لابد من حدوثه لإختلاف الثقافة والمصالح والتوجيهات الدينية المبنية على العقل وتحكم المنطق وذلك بالأخذ عن المصادر الحقيقية للعقيدة من الكتاب المقدس ومن يتبنون منهج النقل عنه دون تخريف أو مزايدات فالدين في الأصل وفى فلسفته تقديم حلول عاجلة وآجلة للإنسان لتكون حياته حرة وآمنة وبالتالي سعيدة ومن ثم حل مشاكل الإنسان بشكل عملي ومتحرر من كل القيود غير السليمة ، ومن ثم يمكن إيجاز ذلك أن المدن في توجهاتها وفلسفتها مختلفة كل الإختلاف عن فلسفة المجتمعات الإقطاعية وبالذات مختلفة عن فلسفة هؤلاء السادة الأشراف الذين جمدت أفكارهم وباتت علاقتهم مبنية على أن الحياة سادة وعبيد وهذا هو الظلم والجمود وعدم الحركة وعدم فهم جوهر رسالة الدين التي تدعوا إلى تكريم الإنسان وإحترام حريته مع إرشاده إلى السلوك القويم . وإستمرت المدن في هذه السياسة والتوجه العملي والفعلي لتنمو وتزدهر بإستمرار وتكون لها سياستها مع ما يلي ذلك من قرون وذلك فى تطور المجتمع وزيادة فعاليته والأكثر من ذلك تغيير النظر الى الأشياء وتذوق الحياة والإستمتاع بكل ما فيها من عناصر وبالتالي السعادة التى ينشدها الإنسان الحر والآمن والمستقل. ## سادساً: نشاط التجارة وتقدم الحرف والصناعات: يعتبر النشاط التجاري من أهم ملامح الدخول إلى عصر النهضة فالتجارة حركة وإنتقال وزيادة تعامل وتكوين ثروة وهذه كلها أسس تكوين فكر حر ونظرة إلى الأمام مع بعد عن تقاليد بالية . كانت المدن الإيطالية هى الأسبق للأخذ بالتقدم التجاري السريع والملحوظ ذلك أن إيطاليا كانت مشتعدة لذلك بفعل موقعها الجغرافي المتميز في وسط جنوب القارة الأوربية وشكلها الجغرافي الذي ساهم في توسيع شواطئها وبالتالي إتصالاتها وهذه التوجهات التجارية لإيطاليا كانت موجودة منذ فترة قديمة ، وذلك أيام الإمبراطورية الرومانية وما يلى ذلك وقد ساعد الإيطاليين أنهم يجاورون شعوبا على درجة كبيرة من التقدم التجارى والحضاري في ذلك الوقت من نهاية العصور الوسطى مثل الشعوب الإسلامية والعربية فى ساحل الشام ومصر والجزر العربية وإتجهت السفن الإيطالية الى حيفا وعكا وبابل والإسكندرية وحتى إلى سواحل الخليج والهند وفي هذه الأماكن كان نشاط السفن الإيطالية كثيرا حيث نقلوا منهم بضائع مطلوبة فى كل أوربا مثل الحرير والكتان والفراء والصوف والبهارات والتوابل والبن والأسماك المملحة والعود وسن الفيل وهذه كلها تجارة رائجة في كل أوربا ونقلت هذه البضائع إلى إيطاليا ومنها إلى أوربا عبر جبال الألب وحطت التجارة رحالها في مدن شمال شبه الجزيرة الإيطالية وكانت سببا فى رواج مدن ذاع صيتها وإشتهرت مثل مدن ميلان وجنوة وبادوا وفيرونيا وغيرهم من محطات الترحل التى أوجدت أسواق يومية وأسبوعية وكانت أحد أهم أسباب تطور وزيادة الثروة في تلك المناطق من شبه الجزيرة الإيطالية وأصبح السكن أكثر تقدما وظهر ذلك فى أزيائهم ومساكنهم وحركتهم وإقدامهم على المشاركة في النشاط والعمل وقبول الإنتقال مع سفن التجارة والعمل والمساهمة لزيادة دخولهم هذه البضائع إنتقلت من شمال إيطاليا، وكما ذكرنا عبر جبال الألب إلى أوربا وإلى فرنسا وألمانيا وشمال القارة الأوربية وكانت تنقل عبر قوافل إستعدت بالحراسة ودواب النقل وأدواته وإستتبع ذلك ظهور إستراحات ومجال إقامة وساهمت في تغيير ملامح تلك المناطق التي كانت تعانى من التخلف والركود إلا عن حركة الحيوان والطير ، أصبحت هذه الممرات وجناينها ووديانها تكد تكون أسواقا دائما في في مناطق الحل والترحال وإنتقلت البضائع لتساهم في رواج مدن أخرى كثيرة فى جنوب فرنسا وشمالها في في وادي الرون ووادى السين ووادى المارن أما في ألمانيا فكان النقل التجارى ومحلات البيع تشمل طول نهر الراين وإستتبع ذلك النشاط عملية نقل أخرى من ألمانيا وفرنسا إلى مدن شمال أوربا وأقاليمها وغير ذلك من المناطق المجاورة . ومع تقدم النقل البحرى فى عصر النهضة إنتقلت البضائع الإيطالية عبر جبل طارق في البحر المتوسط لتدخل إلى بحر الشمال وتحط رحالها في الجزر البريطانية التي إستفادت هي الأخرى من هذا النمو التجارى والمضطرد وأخذت بالتدريج تشارك فيه وكان التعامل التجارى بين إيطاليا والشرق وأوربا يأخذ أشكال متعددة فالدفع أحيانا يكون بالعملات الذهبية أو الفضية وفى أحيان أخرى يكون بالتبادل التجاري أي تبادل سلعة بسلعة أخرى وكان هذا التبادل بالسلع قد وفرته المدن الإيطالية التى إشتغلت بالحرف والصناعات فقامت صناعات على نسيج الكتان والحرير والصوف وصناعات جلدية ومنزلية وأدوات زينة وحلى وهذه راجت كثيرا فى بلاد الشرق ونقلت في رحلة الذهاب مع البعثة الإيطالية إلى شواطىء الشام ومصر والجزيرة العربية والهند وأصبحت سلع رائجة تقدم مقابل سلعة أخرى من نفس تلك المناطق وقد ذكرناها قبلاً. وقد إستتبع هذا التقدم فى التعامل النقدى والتبادل ظهور شركات مالية ومصرفية إيطالية ومع التقدم <start_of_image>ीय