إطار نظري للتربية المقارنة PDF

Summary

يقدم هذا الفصل نظرة عامة حول إطار نظري للتربية المقارنة، مناقشاً ماهية التربية المقارنة، أهدافها، تطوراتها، مصادرها، ومنهجياتها المختلفة. يهدف الفصل إلى إعطاء الطالب فهمًا شاملاً للمجال، وكيفية دراسة أنظمة التعليم المختلفة في مختلف البلدان.

Full Transcript

‫الرتبية املقارنة‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬مجال حممد أبو الوفا‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬سالمه عبد العظيم حسي‬ ‫أستاذ الرتبية املقارنة اإلدارة التعليمية‬ ‫أستاذ ورئيس قسم الرتبية املقارنة اإلدارة‬ ‫التعليمية‬ ‫د‪ /‬نسمة عبد الرسول عبد الب‬...

‫الرتبية املقارنة‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬مجال حممد أبو الوفا‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬سالمه عبد العظيم حسي‬ ‫أستاذ الرتبية املقارنة اإلدارة التعليمية‬ ‫أستاذ ورئيس قسم الرتبية املقارنة اإلدارة‬ ‫التعليمية‬ ‫د‪ /‬نسمة عبد الرسول عبد الب‬ ‫أ‪.‬م‪.‬د‪ /‬فاطمة امحد ذكي‬ ‫مدرس الرتبية املقارنة واإلدارة‬ ‫أستاذ مساعد الرتبية املقارنة‬ ‫التعليمية‬ ‫واإلدارة التعليمية‬ ‫كلية الرتبية ‪ -‬جامعة بنها‬ ‫‪2023‬م‬ ‫‪3‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫الفصل الول‬ ‫اإلطار النظري الرتبية املقارنة (*)‬ ‫المحتويات‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬ماهي التربية المقارنة؟‬ ‫ثانياً‪ :‬أهداف وغايات التربية المقارنة‬ ‫‪ -1‬أهداف التربية المقارنة‬ ‫‪ -2‬استخدامات التربية المقارنة‬ ‫‪ -3‬أسباب مهمة لدراسة التربية المقارنة‬ ‫ثال ًثا‪ :‬مراحل تطور التربية المقارنة‬ ‫‪ -1‬مرحلة الوصف‬ ‫‪ -2‬مرحلة النقل أو االستعارة الثقافية‬ ‫‪ -3‬مرحلة القوى والعوامل الثقافية‬ ‫(التربية المقارنة والدولية في النصف الثاني من القرن العشرين)‬ ‫مرحلة المنهجية العلمية‬ ‫‪-4‬‬ ‫ابعا‪ :‬مصادر البحث في التربية المقارنة‬ ‫رً‬ ‫خامسا‪ :‬مجاالت وطرق البحث في التربية المقارنة‪:‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬خطوات المنهج العلمي‪:‬‬ ‫‪ -2‬مجاالت البحث في التربية المقارنة‪:‬‬ ‫‪ -3‬طرق البحث في التربية المقارنة‬ ‫سادسا‪ :‬الساليب المنهجية للتربية المقارنة‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬أسلوب جورج بريداي المنهجي ‪George Bereday‬‬ ‫‪ -2‬أسلوب براين هولمز المنهجي ‪Brian Holmes‬‬ ‫سابعا‪ :‬صعوبات البحث في التربية المقارنة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫(*) إعداد أ‪.‬د‪ /‬سالمه عبد العظيم حسني‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪4‬‬ ‫الهداف التعليمية‪ :‬يجب أن يكون الطالب ًا‬ ‫قادر على القيام بما يلي‪:‬‬ ‫إرشاديا للتربية المقارنة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬ذكر تعر ًيفا‬ ‫‪ -2‬شرح نطاق التربية المقارنة‪.‬‬ ‫‪ -3‬مناقشة الغرض من دراسة التربية المقارنة‪.‬‬ ‫‪ -4‬شرح أسباب دراسة التربية المقارنة‪.‬‬ ‫‪ -5‬شرح التطور التاريخي التربية المقارنة‪.‬‬ ‫‪ -6‬ذكر ومناقشة بعض مناهج البحث في التربية المقارنة‪.‬‬ ‫‪ -7‬تحديد ومناقشة العوامل التي يمكن أن تدعم التربية المقارنة‪.‬‬ ‫‪ -8‬إبراز األساس المنطقي لدراسة التربية المقارنة من قبل الممارسين التربويين‪.‬‬ ‫‪ -9‬تحديد بعض التحديات التي يواجهها باحث التربية المقارنة في القرن الحادي‬ ‫والعشرين‪.‬‬ ‫مخرجات التعلم‪ :‬بعد االنتهاء من هذا الفصل‪ ،‬سيتمكن الطالب المعلمون من‪:‬‬ ‫شرح مفهوم التربية المقارنة‬ ‫✓‬ ‫مناقشة أغراض دراسة التربية المقارنة‪.‬‬ ‫✓‬ ‫مراجعة نقدية للتطور التاريخي للتعليم المقارن كنظام‪.‬‬ ‫✓‬ ‫تحليل األساليب المستخدمة في التربية المقارنة‪.‬‬ ‫✓‬ ‫✓ تصنيف مناهج دراسة التربية المقارنة‬ ‫✓ معرفة سمات الباحث الجيد في التربية المقارنة‪.‬‬ ‫أساليب التعليم والتعلم‪:‬‬ ‫✓ المناقشة المفتوحة‪.‬‬ ‫✓ المحاضرة‬ ‫✓ العمل في مجموعات‬ ‫✓ العصف الذهني‪.‬‬ ‫✓ التعلم الذاتي‬ ‫✓ التدريب والممارسة‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫الفصل الول‬ ‫اإلطار النظري الرتبية املقارنة‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫هنا مجموعة من التساؤالت التي البد أن ننطلق منها في هذا الفصل هي‪ :‬ما التربية‬ ‫المقارنة ولماذا ندرسها؟ ولإلجابات على ذلك هو ما نأمل أن تكتشفها من خالل هذا الفصل‬ ‫وهو ما يمكن أن نطلق عليه الدافع المقارن "‪ ،"comparative" impulse‬وال توجد إجابة‬ ‫واحدة لسؤال ما هي التربية المقارنة‪ ،‬على رغم ذلك حاول كثير من العلماء تحديد المجال‬ ‫ببعض التعريفات البسيطة للغاية‪ ،‬حيث تطورت التربية المقارنة كمجال متخصص على‬ ‫نطاق واسع لدراسة التعليم في البلدان األخرى‪ ،‬وركزت على عنصر التغيير واستخدام‬ ‫ناء على الدروس المستفادة من الخرين‬ ‫المقارنة لفهم وتعديل سياساتنا وممارساتنا التعليمية ب ً‬ ‫واألنظمة األخرى‪.‬‬ ‫منهجيا للثقافات األخرى وأنظمة‬ ‫ً‬ ‫فحصا‬ ‫ومن خالل "دراسة التربية المقارنة" نعني بذلك ً‬ ‫التعليم األخرى المشتقة من تلك الثقافات من أجل اكتشاف أوجه التشابه واالختالف‪ ،‬ولماذا‬ ‫غالبا ما تكون مشتركة بين الجميع‪ ،‬وفي أبسط‬ ‫تمت محاولة حلول مختلفة للمشكالت التي ً‬ ‫صورها‪ ،‬تكون التربية المقارنة نقطة انطالق لتحسين أنظمتنا التعليمية وممارساتنا الصفية‪.‬‬ ‫كما أن التربية المقارنة تحثنا على التفكير على نطاق واسع في الصلة بين‬ ‫الممارسات المحلية والقضايا العالمية‪ ،‬واستكشاف القيم واألنظمة من التربية المتداخلة التي‬ ‫تقوم عليها المؤسسة التعليمية نفسها‪ ،‬فإن فهم أدبيات التربية المقارنة يساعدهم على التفكير‬ ‫في القضايا ذات االهتمام بالتعليم‪ ،‬والغرض من التربية المقارنة هو تعريفك باألفكار الرئيسي‬ ‫للمجال‪ ،‬وإعطائك لمحة عن التحليل التربوي المقارن‪.‬‬ ‫في هذا الفصل‪ ،‬سنبدأ بلمحة عامة عن التربية المقارنة‪ ،‬ثم ننظر في كيفية تطورت‬ ‫جنبا إلى جنب مع العلوم االجتماعية األخرى مثل علم االجتماع وعلم النفس‪،‬‬ ‫التربية المقارنة ً‬ ‫أيضا أن التغييرات والعمليات االجتماعية والثقافية‬ ‫وكيف توسع ليشمل التعليم الدولي‪ ،‬ونقترح ً‬ ‫واالقتصادية والتكنولوجية والسياسية المرتبطة بالعولمة التي أثرت على أبحاث وممارسات‬ ‫أخير‪ ،‬ننظر إلى الطرق التي ساهم بها العلماء في تطوير المجال‪ ،‬وعالقاته‬ ‫التعليم المقارن‪ ،‬و ًا‬ ‫الوثيقة بالمنظمات الدولية مثل اليونسكو والبنك الدولي‪ ،‬وفي النهاية نصل الى الصورة التي‬ ‫نؤكد على نضج التربية المقارنة‪ ،‬وماذا عن مستقبل التربية المقارنة؟‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪6‬‬ ‫?‪What is Comparative Education‬‬ ‫أوالً‪ :‬ماهي التربية المقارنة؟‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬فإن البشر معتادون على إجراء مقارنة بين األشياء الموجودة حولهم‬ ‫خاصة عندما توجد مثل هذه األشياء في أماكن مختلفة‪ ،‬قد يتم ذلك نتيجة رغبة اإلنسان في‬ ‫أيضا‬ ‫معرفة العالقة القائمة بين األشياء التي تتم مقارنتها أو فيما بينها‪ ،‬قد يشارك اإلنسان ً‬ ‫في هذا النوع من األعمال عندما يريد االختيار بين شيئين‪ ،‬وفكرة المقارنة ليست خاصة‬ ‫باألشخاص العاملين في مجال التعليم فقط‪ ،‬وكذلك ال يقتصر األمر على دراسة النظم‬ ‫التعليمية في البلدان األخرى أو يقتصر على تعريف واحد صارم ألنها تغطي تخصصات‪،‬‬ ‫مثل‪ :‬علم االجتماع والعلوم السياسية وعلم النفس واألنثروبولوجيا في مختلف البلدان‪.‬‬ ‫يمكننا القول إن الوصول إلى تعريف واحد محدد للتربية المقارنة أمر بالغ الصعوبة‪،‬‬ ‫وليس هناك تعريف جامع مانع متفق عليه للتربية المقارنة وهذا االلتباس يكمن في حقيقة أن‬ ‫العديد من الدراسات المقارنة‪ ،‬إن لم يكن معظمها‪ ،‬تتجاوز الحدود الوطنية وتكون ذات نطاق‬ ‫دولي أو عالمي‪ ،‬إذا كان هذا هو الحال‪ ،‬فكيف يمكننا تحديد ما هي التربية المقارنة؟‪ ،‬ولذلك‬ ‫سنحاول هنا استعراض بعض هذه التعريفات لنستخلص منها ما يمكن اعتباره من وجهة‬ ‫نظرنا أفضل التعريفات‪:‬‬ ‫‪ )1‬تعريف انطوان جوليان ‪:Jullien Antoine‬‬ ‫عرف جوليان التربية المقارنة بأنها "الدراسة التحليلية في البالد المختلفة وذلك بهدف‬ ‫الوصول إلى استنتاج المب ادئ والقواعد العامة السائدة بينها" وبذلك يمكن أن يكون للتربية‬ ‫المقارنة هدف إيجابي يساعد في تطوير الهوية القومية للتعليم وتعديلها بما يتمشى مع‬ ‫الظروف المحلية‪ ،‬ويبدو من هذا التعريف اهتمام جوليان بالجانب التحليلي في دراسة التربية‬ ‫المقارنة بهدف إصالحي حيث يقوم الدارس باإلصالح لنظم التعليم القومية‪ ،‬بعد إجراء‬ ‫التعديالت والتغيرات التي تتطلبها الظروف المحلية‪.‬‬ ‫‪ )2‬تعريف سادلر ‪:Sadler‬‬ ‫يرررى سررادلر أن قيم رة الت ري نحص رل عليهررا مررن د ارسررتنا لل رنظم التعليميررة األجنبيررة هرري أن‬ ‫تكون أكثر قدرة على دراسة نظامنا التعليمي وفهمه‪ ،‬ويتسرراءل‪ :‬ألرريس مررن المحتمررل إننررا إذا مررا‬ ‫‪7‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫حاولنا بروح ودية فهم نظاماً تعليمياً أجنبيراً أن نصرربو برردورنا أكثررر قرردرة علررى فهررم روح نظامنررا‬ ‫التعليمي القومي وتقاليده وأن نصبو أكثر إحساساً بخصائصه غير المكتوبة‪.‬‬ ‫وقد أكد سادلر على أن الوعي والفهم لنظررام تعليمرري معررين سرروف يؤهررل المرردارس للتنبررؤ‪،‬‬ ‫وكررذا إمكانيررات التحليررل للنظررام التعليمرري الكررائن ف ري بلررده وكررذلك فررإن االبتعرراد عررن التعصررب‬ ‫الشخص رري عن ررد د ارس ررتنا لر رنظم التعل رريم األجنب رري وتجن ررب االنحي رراز الثق ررافي يعتب ررر مر رن األش ررياء‬ ‫الهامة عند دراسة النظم التعليمية‪.‬‬ ‫‪ )3‬تعريف كاندل ‪:Kandel‬‬ ‫يعرف كاندل التربية المقارنة من منظورها التاريخي بأنها الفترة الراهنة من تاريخ التربية‪،‬‬ ‫أو أنها‪ :‬االمتداد بتاريخ التربية إلى الوقت الحاضر‪ ،‬وينظر إليها على أنها مقارنة بين‬ ‫أيضا على الممارسات‬ ‫فلسفات التعليم المختلفة التي ال تعتمد فقط على النظريات‪ ،‬ولكن ً‬ ‫الفعلية للتعليم في الدول المختلفة‪.‬‬ ‫تصور كاندل أن دراسة التربية المقارنة هي دراسة متعددة التخصصات و"مثل تاريخ‬ ‫التعليم‪ ،‬قد تركز في الواقع على الدراسات اإلضافية أكثر من التركيز على التعليم‪ ،‬على هذا‬ ‫النحو‪..." ،‬فيما يتعلق بالمنهجية‪ ،‬يمكن اعتبار التربية المقارن استمرًا‬ ‫ار لدراسة تاريخ التعليم‬ ‫في الوقت الحاضر‪.‬‬ ‫وقد أشار كاندل إلى أن الهدف من التربية المقارنة هو‪ :‬الكشف عن أوجه االختالف‬ ‫في القوى واألسباب التي يترتب عليها فروق في النظم التعليمية وذلك للتوصل إلى المبادئ‬ ‫الكامنة وراءه والتي تتحكم في تطور جميع النظم القومية للتعليم‪.‬‬ ‫وأشار كاندل في دراسته عام ‪ 1933‬إن التربية المقارنة ال معنى لها‪ ،‬إال إذا سعت إلى‬ ‫اكتشاف معنى القومية ألنها توفر أساس النظم التعليمية‪ ،‬وكل نظام تعليمي وطني هو سمة‬ ‫مميزة لألمة التي خلقته ويعبر عن شيء خاص باألمة التي أنشأته؛ وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن كل‬ ‫أمة لديها النظام التعليمي الذي ترغب فيه أو تستحقه‪.‬‬ ‫‪ )4‬تعريف الواريز ‪:Lauwerys‬‬ ‫يرى الواريز أن على دارس التربية المقارنة أال يكتفي بوصف النظم التعليمية وإنما‬ ‫عليه أن يحلل هذه النظم ويفسرها‪ ،‬فالهدف من دارسة الوقائع التعليمية يجب أن يتضمن فهم‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪8‬‬ ‫أسباب وجود نظم تعليمية في بلد بالصورة التي هي عليها‪ ،‬وهو يرى أن الغرض من التربية‬ ‫المقارنة نظري وعملي معاً فهي توفر لدارسها المتعة العقلية الناتجة عن التأمل في النظم‬ ‫التعليمية إلى جانب أنها تكشف له عن العوامل التي تؤثر في تلك النظم‪ ،‬فالهدف من دراسة‬ ‫التربية المقارنة عند الواريز له جانبان‪:‬‬ ‫‪ -‬نظري‪ :‬يقصد به المتعة العقلية أو الفلسفية المترتبة على نفاذ البصيرة‪ ،‬فالدارس في‬ ‫مجال التربية المقارنة عندما يق أر في التربية يحس ويفكر ويتأمل فيما يق أره بعقله‪.‬‬ ‫‪ -‬عملي‪ :‬يقصد به فهم العوامل المختلفة المؤثرة في النظم التعليمية‪ ،‬ومن ثم التحكم فيها‬ ‫والوصول إلى حلول وعالج المشكالت التربوية التي تواجه النظام التعليمي‪.‬‬ ‫‪ )5‬تعريف ما ثير أرنولد ‪Mathear Arnold‬‬ ‫يري أرنولد أن التربية المقارنة هي استخدام أسلوب المقارنة في مناقشة نظم التعليم أو‬ ‫تناول مشكالته‪ ،‬وأن دراسة التربية المقارنة ليست فقط محاولة للتعرف على النظم التربوية‬ ‫المختلفة ومحاولة تحليلها وكشف خصائصها‪ ،‬وإنما يجب فهم وتحليل هذه النظم داخل‬ ‫األطر الثقافية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية التي توجد فيها تلك النظم‪.‬‬ ‫كما يؤكد أرنولد على أن دراسة النظم التعليمية المختلفة ليس هدف في حد ذاته وإنما‬ ‫الهدف األساسي هو استخدام هذه الدراسة المقارنة في محاولة إصالح نظم التعليم في ضوء‬ ‫فهم االختالفات القومية من عادات وتقاليد ثقافية وظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية‬ ‫المحيطة بالنظام التعليمي‪ ،‬وبالتالي يؤكد على معرفة الطابع القومي أو الشخصية للمجتمع‪،‬‬ ‫ويعارض بشدة محاولة نقل النظم أو اإلصالحات التعليمية دون محاولة تعديلها وتكيفها بما‬ ‫يتالءم مع ظروف المجتمع الجديد الذي ستطبق فيه‪.‬‬ ‫‪ )6‬تعريف مالينسون ‪:Mallinson‬‬ ‫عرف مالينسون التربية المقارنة على أنها‪ :‬فحص منهجي للثقافات األخرى وأنظمة‬ ‫ُي ِّ‬ ‫التعليم األخرى المشتقة من تلك الثقافات الكتشاف أوجه التشابه واالختالف‪ ،‬ولماذا تمت‬ ‫محاولة حلول مختلفة للمشكالت الشائعة التي تكون عامة ومشتركة للجميع‪ ،‬وهو يشير إلى‬ ‫أن التعرف على مشكالت التربية في الدول األخرى يعتبر من أهم الواجبات األولية ألي‬ ‫باحث في هذا الميدان وأنه على أي دارس جاد ألمور التربية في عصرنا الراهن أن يكون‬ ‫‪9‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫على ألفة بما يجرى في البالد األخرى وبهذه الطريقة يستطيع أن يدرس وأن يفهم نظام بلده‬ ‫وأن يخطط لمستقبل تطوره بذكاء ووعى‪.‬‬ ‫وهنا نجد تأكيد مالينسون لدراسة اإلطار الثقافي لألنظمة التعليمية وما يترتب على‬ ‫ذلك من أوجه التشابه واالختالف وذلك بهدف نفعي إصالحي أيضاً يمكن اإلفادة منه في‬ ‫إصالح النظم القومية وتطويرها‪.‬‬ ‫‪ )7‬تعريف بيريداى ‪:Beredey‬‬ ‫يعرف بيريداى التربية المقارنة بأنها "المسو التحليلي للنظم التعليمية األجنبية ‪the‬‬ ‫‪ ،"Analytical Survey of Foreign Educational Systems‬وفى عبارة أخرى‬ ‫يعرفها بأنها‪ :‬الجغرافيا السياسية للمدارس من حيث عنايتها بالتنظيمات السياسية واالجتماعية‬ ‫من منظور عالمي ومهمتها هي التوصل إلى الدروس التي يمكن استخالصها من المفارقات‬ ‫أو التباين في الممارسات التربوية في المجتمعات المختلفة كوسيلة لتقويم النظم القومية‬ ‫والمحلية‪ ،‬وعلى الرغم من تعريفه من خالل منهجه‪ ،‬أقر بيريداي بأن التربية المقارنة كان‬ ‫عليها أن تعتمد على مجموعة من األساليب من التخصصات األخرى‪ ،‬ويؤكد على ذلك‬ ‫توسكيتس ‪ )1969( Tusquets‬أن التربية المقارنة هي في األساس طريقة"‪ ،‬ويشير‬ ‫فيكسليارد ‪ )1970(Vexliard‬كذلك إلى أن "علم أصول التدريس المقارن هو نظام يدرس‬ ‫ويحاول اكتساب معرفة جديدة‪ ،‬نظرية وعملية على حد سواء‪ ،‬عن طريق التوفيق بين نظامين‬ ‫تعليميين أو أكثر في بلدان أو مناطق مختلفة أو فترات تاريخية مختلفة"‬ ‫ويؤكد بيريداى أن التربية المقارنة ال يمكن أن يطلق عليها الفترة المعاصرة من‬ ‫تاريخ التربية كما يظن البعض – وهو بذلك يشير إلى كاندل‪ -‬ألنها دراسة ذات طابع‬ ‫تتداخل فيه ميادين مختلفة‪ ،‬وهو يرى أنه إذا كان على التربية المقارنة أن تنشد شيئاً ذا قيمة‬ ‫من دراسة أوجه الشبه واالختالف في النظم التعليمية فإن ذلك ال يتحقق تماماً إال باعتمادها‬ ‫على ميادين متعددة كعلم االجتماع والتاريخ واالقتصاد والسياسة وغيرها ومعنى هذا أن دارس‬ ‫التربية المقارنة يحتاج إلى مهارات أخرى غير المعلومات التربوية‪.‬‬ ‫‪ )8‬كارتر ف جود ‪:Carter V. Good‬‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪10‬‬ ‫التربية المقارنة وفًقا لر ‪ )1962( Good‬هو مجال دراسة يتعامل مع المقارنة بين‬ ‫النظرية والممارسة التعليمية الحالية في بالد مختلفة بهدف توسيع وتعميق فهم المشكالت‬ ‫التعليمية في بالدنا وكذلك في البالد األخرى تسمو دراسة التربية المقارنة للباحث الحصول‬ ‫على فهم أفضل لنظام التعليم خارج بلده‪ ،‬وأكد أوسكويا ‪ )1992( Osokoya‬على أن‬ ‫المقارنة تتم بين النظرية والممارسة داخل مجتمع ودولة وإقليم وأمة‪ ،‬بحيث يمكن للباحث‬ ‫المشاركة في مقارنة البرامج والنظريات والممارسات التعليمية حتى داخل مجتمع واحد‪،‬‬ ‫وكذلك يمكن أن تكون هناك ا‬ ‫درسة مقارنة للبرامج التعليمية داخل الحكومات المحلية للدولة‪،‬‬ ‫وبين دول الدولة وبين دول القارة‪ ،‬ومن الواضو أن فكرة مقارنة األنظمة التعليمية ليست‬ ‫أيضا داخل بلد أو مجتمع‪.‬‬ ‫خاصة بالبلدان أو المجتمعات وحدها‪ ،‬ولكنها يمكن أن تحدث ً‬ ‫وعلى نفس المنوال‬ ‫‪ )9‬نيكوالس هانز‪:‬‬ ‫اعتبر التربية المقارنة تتمثل في دراسة النظام القومي في إطاره التاريخي الثقافي‪،‬‬ ‫وأشار إلى أن هذا اإلطار القومي هو الذي يؤدى إلى االختالف بين الشعوب والقوميات‬ ‫وإلى اختالف نظم التعليم القومية‪ ،‬ويخلص هانز إلى أن‪ :‬الدراسة التحليلية لهذه العوامل من‬ ‫منظور تاريخي ومقارنة ومحاوالت حل المشكالت الناتجة هي الهدف الرئيسي للتعليم‬ ‫المقارن‪ ،‬ويمكن أن نستنتج مما سبق أن التربية المقارنة تحاول مقارنة المشاكل التعليمية‬ ‫وكذلك الحلول المطبقة على مثل هذه المشاكل بهدف مساعدة الممارسات التعليمية للفرد‪.‬‬ ‫ومعععع تععععدد التعريفعععات‪ ،‬إال أنن ررا يمكنن ررا الق ررول ب ررأن التربي ررة المقارن ررة مج ررال واس ررع للد ارسر رة‪ ،‬ال‬ ‫يقتصررر األمررر علررى د ارسررة الررنظم التعليميررة فرري البل ردان األخرررى أو يقتصررر علررى تعريررف واحرد‬ ‫صر ر ررارم ألنه ر ر را تغطر ر رري تخصصر ر ررات مثر ر ررل علر ر ررم االجتمر ر رراع والعلر ر رروم السياسر ر ررية وعلر ر ررم الر ر ررنفس‬ ‫واألنثروبولوجيا في مختلف البالد‪" ،‬فالتربية المقارنررة هرري الد ارسررة التفصرريلية لألنظمررة التعليميررة‬ ‫لمعرفة كيف تؤثر قيم ومعتقدات الناس علررى نظررامهم التعليمرري وكيفيررة تروفير التعلرريم المناسرب‬ ‫لهرؤالء األشرخاص‪ ،‬وهنرراك عالقررة وثيقررة بررين التربيررة المقارنررة والعلرروم االجتماعيررة األخرررى؛ إنرره‬ ‫النظام الذي تتقاطع فيه المعلومات حول التعليم والعلوم االجتماعية األخرى‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫ونود أن نشير هنا أن التعريفات السابقة تمثل في الواقع أراء رواد التربية المقارنة في‬ ‫مختلف مراحل تطورها ألنها تعبر عن وجهة نظر كل من (مارك أنطوان جوليان‪،‬‬ ‫ومالينسون‪ ،‬وسادلر‪ ،‬والورايز‪ ،‬وبيريداى وغيرهم) في مفهوم التربية المقارنة وما تسعى إليه‬ ‫من أهداف‪ ،‬ولذلك فهي توضو لنا التطور الذي حدث في مفهوم هذا العلم‪ ،‬كما تحدد لنا‬ ‫أهميتها في ضوء أهدافها المتعددة‪.‬‬ ‫دائما التعريف الذي قدمه نوح وإكشتاين(‪ ،)1969‬اللذين وصفا التربية‬ ‫ولقد فضلت ً‬ ‫المقارنة بأنه "تقاطع بين العلوم االجتماعية والتعليم والدراسة عبر الوطنية التي تحاول‬ ‫استخدام البيانات العابرة للحدود الوطنية الختبار المقترحات حول العالقة بين التعليم‬ ‫والمجتمع وبين ممارسات التدريس ونتائج التعلم"‪.‬‬ ‫وهكذا يتضو من استعراض التعريفات السابقة أنه يصعب وجود تعريف قاطع لهذا‬ ‫النوع من علوم التربية متفق عليه من قبل جميع المشتغلين في الد ارسات التربوية المقارنة‪،‬‬ ‫غير أننا إذا حاولنا تحليل ما كتبوه يمكن أن نستخلص األمور التية‪:‬‬ ‫ أن التربية المقارنة تبحث في العوامل التي تتأثر بها نظم التعليم المختلفة والتي يكررون لهررا‬ ‫األثر الكبير في اختالف هذه النظم بعضها عن بعض‪.‬‬ ‫ أن الدراسة المقارنة ليست مجرد جمع معلومات وبيانات عن النظم التعليمية إذ أنها‬ ‫تتطلب القيام بتحليل هذه المعلومات والبيانات‪.‬‬ ‫ ليست التربية المقارنة في جوهره معيارًيا‪ :‬فهي ال تحدد قواعد السلوك الجيد للمدارس‬ ‫والتعليم‪ ،‬وال تقدم وجهات نظر حول ما يجب أن يكون عليه التعليم‪ ،‬إنها تحاول فقط فهم‬ ‫ما يتم فعله ولماذا‪.‬‬ ‫ويتضو أيضاً من استعراض التعريفات السابقة أن التربية المقارنة موضوع مستقل‬ ‫بذاته فهي تهتم بالتربية في كل أنحاء العالم أي أنها تعنى بالتربية من منظور عالمي وهى‬ ‫لدرسة التحليلية للقوى الثقافية بهدف التوصل إلى فهم معقول لجوانب التشابه‬ ‫كذلك تعنى با ا‬ ‫واالختالف بين األنظمة القومية للتعليم ومشكالتها المختلفة‪ ،‬وأن للتربية المقارنة مناهج‬ ‫مستقلة خاصة بها شأنها في ذلك شأن القانون واألدب المقارن‪ ،‬وهي في سبيل ذلك تعنى‬ ‫رحلة سياحية حول النظم التعليمية في بلدان العالم المختلفة من أجل التعرف على أوجه‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪12‬‬ ‫التشابه واالختالف بينها ومحاولة االستفادة منها إلصالح أمراض نظامنا التعليمي في ضوء‬ ‫ظروف مجتمعنا‪.‬‬ ‫نستخلص هنا أن التربية المقارنة هي في األساس "جغرافيا التعليم ‪Geography of‬‬ ‫‪ ،"education‬أو "التاريخ المقارن للتعليم المعاصر ‪Comparative History of‬‬ ‫‪ ،"Contemporary Education‬أو دراسة مقارنة للنظم التعليمية في عالم اليوم‪ ،‬وأن‬ ‫العناصر التي تحددها التربية المقارنة هي‪ :‬النظم التعليمية‪ ،‬والسياسة التعليمية‪ ،‬والمشكالت‬ ‫التعليمية‪ ،‬والعمليات التعليمية‪ ،‬وتتجاوز حدود التعليم في أمة واحدة أو مجتمع أو مجموعة‬ ‫واحدة‪ ،‬وتستخدم أساليب وتقنيات عابرة للحدود الوطنية أو بين الثقافات"‪.‬‬ ‫ولكي تكون الدراسة التربوية المقارنة صحيحة وشاملة ينبغي أن تبني على كل ما‬ ‫يتعلق بالنظم التعليمية في البالد موضوع الدارسة من فلسفة التربية والمناهج وطرق التدريس‪،‬‬ ‫واإلدارة التعليمية والمدرسية‪ ،‬وإعداد المعلمين في معاهدها‪ ،‬باإلضافة إلى التمويل واألبنية‬ ‫المدرسية‪ ،‬وكذلك التوجيه واإلشراف الفني والمهني واإلداري للتعليم‪ ،‬وكل ما يتصل بالجهاز‬ ‫التعليمي القائم في هذه البالد‪ ،‬وبأسلوب تحليلي مقارن يتضو من خالله أوجه الشبة‬ ‫واالختالف لإلفادة من هذه الدراسة لتطوير النظام المحلي من منظور قومي وعالمي‪ ،‬ال‬ ‫يمكن أن يكون موضوع التربية المقارنة التعليم بشكل عام‪ ،‬ولكن المشكلة تكمن في فهم ما‬ ‫يعنيه النظام التعليمي ‪But the problem lies in understanding what‬‬ ‫‪."‘Educational System’ means‬‬ ‫ثانًيا‪ :‬أهداف وغايات التربية المقارنة‬ ‫‪Aims and Objectives of Comparative Education‬‬ ‫اجتماعيا إنها “علم إنساني” بالمعنى الواسع لمصطلو‬ ‫ً‬ ‫إن التربية المقارنة ليست علما‬ ‫علم وهي نظرية معرفية تفسيرية تهدف إلى "فهم" و"تفسير" كيفية تطور أنظمة التعليم الوطنية‬ ‫لتكون على ما هي عليه‪ ،‬إن التربية المقارنة مثل التخصصات األخرى التي يتم تقديمها في‬ ‫المؤسسات التعليمية‪ ،‬ليس موضو ًعا بال هدف‪ ،‬بعبارة أخرى‪ ،‬للموضوع بعض األهداف التي‬ ‫يهدف إلى تحقيقها‪ ،‬مع إعطاء الغرض من التربية المقارنة‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫‪ -1‬أهداف التربية المقارنة‪:‬‬ ‫قدم مالينسون (‪ )1975‬الغرض من التربية المقارنة‪ :‬هو التعرف على ما يتم القيام‬ ‫به في بعض البالد‪ ،‬ولماذا يتم ذلك‪ ،‬ويعد ذلك جزء ضروري من تدريب جميع الطالب على‬ ‫القضايا التعليمية المعاصرة‪ ،‬وبهذه الطريقة سيتم تجهيزهم بشكل صحيو لدراسة وفهم‬ ‫أنظمتهم الخاصة والتخطيط بذكاء للمستقبل‪ ،‬حيث يتم وضعهم في اتصال وثيق مع الشعوب‬ ‫والثقافات األخرى‪ ،‬مما سبق يتضو أن د ارسة التعليم المقارن تساعد المتعلمين على فهم‬ ‫أنظمتهم التعليمية بشكل أفضل‪.‬‬ ‫وقد أشار مارك أنطوان جوليان دي باريس إلى أن‪ :‬الغرض من التربية المقارنة هو‬ ‫تحسين النظم الوطنية مع التعديالت والتغييرات التي تتطلبها الظروف المحلية‪-‬مثل غيره من‬ ‫خبراء مقارنة التعليم‪ -‬فإن الغرض المذكور أعاله هو مؤشر على حقيقة أن دراسة التربية‬ ‫المقارنة تساعد في مرونة النظم التعليمية في بلدك‪ ،‬وعلى نفس المنوال أكد كاندل على أن‬ ‫الغرض األساسي من التعليم المقارن هو اكتشاف ليس فقط االختالفات الموجودة في أنظمة‬ ‫أيضا العوامل التي تؤدي إلى مثل هذه االختالفات في النظام‬ ‫التعليم في بلدين‪ ،‬ولكن ً‬ ‫التعليمي‪ ،‬وبالنسبة لهانز فإن الغرض من التعليم المقارن هو اكتشاف المبادئ األساسية التي‬ ‫تحكم تطوير جميع أنظمة التعليم الوطنية‪ ،‬ولذلك فأن للدراسة المقارنة فائدتين‪:‬‬ ‫ تساعد الدارس على تحصيل نوع من المتعة العقلية وتأتى نتيجة لما يقوم به من التأمل‬ ‫والبحث والتفكير‬ ‫ كما أن دراسته للعوامل المؤثرة في النظم التعليمية األجنبية ومشكالت هذه النظم وكيفية‬ ‫معالجتها تزيد من فهمه وتقديره لنظام التعليم في بلده والمشكالت المتعلقة به‪.‬‬ ‫ويشير بيريداي (‪ )1964‬إلى أن المبرر الرئيسي للتربية المقارنة هو مبرر فكري‪ :‬المعرفة‬ ‫في حد ذاتها‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬بعد هذا الوصف مباشرة‪ ،‬فإنه يستشهد بالهدفين العمليين وهما‪:‬‬ ‫ أوالً‪ ،‬أن يستنتجوا من إنجازات وأخطاء األنظمة المدرسية غير تلك الخاصة بهم‪،‬‬ ‫دروساً لمدارسهم…؛‬ ‫وثانيا‪ ،‬تقييم القضايا التعليمية من منظور عالمي وليس من منظور محلي‪ ،‬أو بعبارة‬ ‫ً‬ ‫ ‬ ‫أخرى‪ ،‬أن نكون ً‬ ‫دائما على دراية بوجهات نظر الدول األخرى‪.‬‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪14‬‬ ‫ومن الممكن تفسير هذين الهدفين العمليين باعتبارهما تحسيناً للسياسات وتفاهماً دولياً‪.‬‬ ‫ويردد هولمز (‪ )1971‬أهدا ًفا مماثلة ذات شقين‪" :‬أحد أهداف التربية المقارنة هو هدف‬ ‫نظري وهو تحسين فهمنا للتعليم في حد ذاته؛ وخاصة مشاكلنا الوطنية في مجال التعليم‪،‬‬ ‫أيضا حيث ينبغي أن تساعد اإلداريين على إصالح‬ ‫والتربية المقارنة لها غرض عملي ً‬ ‫مدارسهم بشكل أكثر فعالية وكفاءة‪.‬‬ ‫وبذلك يكون الغرض من دراسة التربية المقارنة واسعة ومتنوعة‪ ،‬وهناك الكثير ممن يقوم‬ ‫بالمقارنة تحت أي ظروف فعلى سبيل المثال‪:‬‬ ‫ أولياء األمور‪ :‬عندما يقارن بين المدارس وأنظمة التعليم بحثًا عن المؤسسات التي ستخدم‬ ‫احتياجات أطفالهم بشكل أكثر فاعلية‪.‬‬ ‫ صانعو السياسات على المستوى الفردي‪ :‬اهتم الكثير من مجاالت التربية المقارنة بنسخ‬ ‫النماذج التعليمية‪ ،‬ويسعى صانعو السياسات إلى الحصول على معلومات حول النماذج‬ ‫في مكان آخر‪ ،‬وبعد ذلك قد يقلدون تلك النماذج بدون تكيف‪ ،‬تم وصف هذه الممارسة‬ ‫بأنها "استعارة السياسة التعليمية ‪ ،" Educational Policy Borrowing‬ومع ذلك قد‬ ‫يكون االقتراض تسمية خاطئة ألنه يعني أنه سيتم إرجاع النماذج بعد االستخدام وهو أمر‬ ‫جدا‪ ،‬وتقوم بفحص أنظمة التعليم في البلدان األخرى من أجل التعرف على طرق‬‫نادر ً‬ ‫تحقيق األهداف السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬ ‫ الوكاالت الدولية‪ :‬مقارنة األنماط في البلدان المختلفة من أجل تحسين المشورة التي تقدمها‬ ‫للحكومات الوطنية وغيرها‪.‬‬ ‫ الممارسين‪ :‬بما في ذلك مديري المدارس والمعلمين‪ ،‬يمكنهم إجراء مقارنات من أجل‬ ‫تحسين إدارة مؤسساتهم‪.‬‬ ‫ األكاديميون‪ :‬تتم المقارنة من أجل تطوير النماذج النظرية التي تعزز فهم القوى التي تشكل‬ ‫التدريس والتعلم في بيئات مختلفة‪.‬‬ ‫وتتلخص أهداف التربية المقارنة فيما يلي‪:‬‬ ‫‪.1‬التعرف على نظام التعليم الخاص بنا‪ ،‬ونظام التعليم الخاص بالخرين‪.‬‬ ‫‪.2‬التعرف بشكل أفضل على نظام التعليم في البلدان األخرى‪.‬‬ ‫‪15‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫‪.3‬لوصف النظم أو العمليات أو النتائج التعليمية‪.‬‬ ‫‪.4‬أن تصبو أكثر دراية بالطرق التي يستخدمها الناس في الثقافات األخرى‪.‬‬ ‫‪.5‬المساعدة في تطوير المؤسسات والممارسات التعليمية‪.‬‬ ‫‪.6‬إبراز العالقات بين التعليم والمجتمع‪.‬‬ ‫‪.7‬التعرف بشكل أفضل على الجذور التاريخية ألنشطة معينة‪ ،‬واستخدام ذلك في‬ ‫تطوير معايير التقييم واختبار النتائج المحتملة‬ ‫‪.8‬لفهم األشكال واألنظمة التعليمية التي تعمل في بلده بشكل أفضل‬ ‫‪.9‬إلنشاء بيانات معممة حول التعليم قد تكون صالحة في أكثر من بلد واحد‪.‬‬ ‫‪.10‬تحسين المؤسسات التعليمية‪.‬محتواها وعملياتها وطرقه‬ ‫‪.11‬إليجاد الحلول الممكنة للقضايا التربوية‬ ‫‪.12‬تعزيز التفاهم الدولي‬ ‫‪ -2‬استخدامات التربية المقارنة‪:‬‬ ‫أن ال رردارس ف رري مج ررال التربي ررة المقارن ررة يش ررعر باس ررتمرار بازدير راد حص رريلته المعرفي ررة‬ ‫التربويررة والمتعررة فرري العمررل فرري هررذا المجررال‪ ،‬ألنهررا تعطرري العقررل البشررري الحريررة الواس رعة فرري‬ ‫الد ارسرة والمالحظررة واالسررتنتاج والتحليررل ممررا يكسرب الد ارسررة المقارنررة قيمرة أكاديميررة كنرروع مررن‬ ‫فروع المعرفة بصرف النظر عن أهميتها النفعية والتطبيقيررة‪ ،‬ويمكررن تنرراول اسرتخدامات التربيررة‬ ‫المقارنة فيما يلي‪:‬‬ ‫‪.1‬المزيد من المعرفة‪ :‬حيث يدرس الناس أنظمة التعليم األجنبية لمجرد أنهم يريدون أن‬ ‫يعرفوا‪ ،‬فالمبرر األول للدراسات في التربية المقارنة هو فكري‪.‬‬ ‫‪.2‬المزيد من الفهم‪ :‬من خالل دراسة أنظمة التعليم األجنبية‪ ،‬يمكن للمرء أن يفهم نظامه‬ ‫بشكل أفضل‪.‬‬ ‫‪.3‬المزيد من االستعداد المقارن‪ :‬تساعد دراسة التربية المقارنة على تطوير "الجاهزية المقارنة"‪.‬‬ ‫‪.4‬مزيد من المعلومات‪ :‬تهدف هذه الدراسة إلى الحصول على معلومات موسوعية حول‬ ‫النظام التعليمي والمشكالت المتعلقة بالدول األجنبية‪.‬‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪16‬‬ ‫‪.5‬مزيد من االستعارة‪ :‬يتم تناول الدراسة للبحث عن أشكال وممارسات مؤسسية للزرع‬ ‫‪ transplantation‬يتم تناول الدراسة من أجل االستعارة الثقافية االنتقائية‪.‬‬ ‫‪.6‬المزيد من اإلصالح‪ :‬يتم تناول الدراسة بهدف إصالح النظام التعليمي للفرد‪.‬‬ ‫‪.7‬قيادة أفضل‪ :‬تهدف الدراسة إلى تنمية القدرة القائمة على معرفة الغايات والوسائل على‬ ‫ممارسة القيادة الذكية في المؤسسة التعليمية‪.‬‬ ‫‪.8‬النظريات العالمية‪ :‬قد تؤدي الدراسة إلى إنشاء نظريات عامة يكون لها تطبيق عالمي‪.‬‬ ‫وعلما وعملية ثقافية‬ ‫‪.9‬إثراء التعليم‪ :‬من المتوقع أن تؤدي الدراسة إلى إثراء التعليم باعتباره فلسفة ً‬ ‫‪.10‬اكتشاف االختالفات‪ :‬قد تمكننا الدراسة من اكتشاف الفروق في القوى والعوامل التي‬ ‫تؤدي الى االختالفات في النظم التعليمية‪.‬‬ ‫‪.11‬منظور عالمي‪ :‬تمكننا الدراسة من تقدير القضايا التعليمية من منظور عالمي‪.‬‬ ‫‪.12‬النماذج اإلنسانية‪ :‬تساعدنا الدراسة على تعزيز النماذج والممارسات اإلنسانية‪.‬‬ ‫‪.13‬التنبؤ القائم على دليل‪ :‬قد تمكننا الدراسة من تقديم تنبؤات موثوق بها لحلول المشكالت‬ ‫السائدة‪.‬‬ ‫ تتعدد جوانب النفع والتطبيق العملي لنتائج الدراسات التربوية المقارنة في‪:‬‬ ‫‪ -‬إصر ررالح نظر ررم التعلر رريم وتطويرهر ررا أو تحر ررديثها مر ررن خر ررالل اإلفر ررادة مر ررن نتر ررائج د ارس ر رة الر ررنظم‬ ‫التعليمية األجنبية‪ ،‬والمشكالت التربوية " دراسة مقارنة"‪.‬‬ ‫‪ -‬فهم القضايا التربوية والتعليمية‪.‬‬ ‫‪ -‬تنمية االتجاهات الموضوعية في دراسة نظم التعليم المختلفة‪.‬‬ ‫‪ -‬التع رررف عل ررى العوام ررل الم ررؤثرة عل ررى التعلر ريم كنظ ررام اجتم رراعي‪ ،‬ف ررالتعليم نظ ررام م ررن ال ررنظم‬ ‫االجتماعية يتفاعل مع النظم االجتماعية األخرى يؤثر فيها ويتأثر بها‪.‬‬ ‫‪ -‬إثراء الفكر التربوي والنظرية التربوية‪ ،‬من خالل تطوير األطر النظرية للفلسفات التربوية‪.‬‬ ‫‪ -‬تقويم النظم التعليمية‪ ،‬تقويم موضوعي علمي شامل في ضرروء د ارسرة نظرم التعلرريم األجنبيررة‪،‬‬ ‫واألهداف التعليمية‪ ،‬وكذلك في ضوء التشريعات الرسمية من دستور وقوانين‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫في التربية المقارنة يدرس المرء أنظمة التعليم األجنبيررة‪ ،‬وينصررب التركيررز علررى الررنظم‬ ‫الوطنيررة وعلررى التعلرريم الرروطني‪ ،‬وتعررد "القيمررة العمليررة" للد ارسررة العلميررة ألنظمررة التعلرريم الوطنيررة‬ ‫األخرى هي أنها ستساعدنا "على دراسة وفهم أنظمة التعليم الخاصة بنا"‪.‬‬ ‫ وتعمل دراسات التربية المقارنة على‪:‬‬ ‫ تحقيق تكافؤ الفرص التعليمية للجميع‪.‬‬ ‫ نمو كل فرد ألقصى حد ممكن حسب قد ارته واستعداداته وميوله‪.‬‬ ‫ وضع الضمانات الكاملة لتحقيق ما يسمى بديمقراطية التعليم‪.‬‬ ‫وهررذه ليسررت إال مبررادئ إنسررانية يسررعى إلررى تحقيقهررا وتوفيرهررا مررن أجررل اإلنسرران نفسرره‬ ‫كفرد قبل أن تكون من أجل المجتمع‪.‬‬ ‫ يتمثل الهدف النفعي للتربية المقارنة في ناحيتين‪:‬‬ ‫‪ −‬االستفادة من خبرة الدول األخرى في رسم السياسة التعليمية المحلية‪.‬‬ ‫‪ −‬فهررم النظرام التعليمرري المحلررى والتعمررق فرري فهرم أبعرراده ومشرركالته والتعرررف علررى مررا اتبعتره‬ ‫الدول األخرى من حلول لها‪.‬‬ ‫وعلى كل حال فإن للتربية المقارنة فوائد قد تتفق فيها مع بعض العلوم األخرى من بينها‪:‬‬ ‫‪ −‬تكوين أفراد متفهمين التجاهات ومسار البحوث في دول العالم األخرى‪.‬‬ ‫‪ −‬تنمية الموضوعية وعدم التحيز لدى الباحث‪.‬‬ ‫‪ −‬زيادة التفاهم العالمي والقيام بدور هام في تدعيمه مع الحفاظ على السالم العالمي‪.‬‬ ‫‪ −‬يمكن القول أيضا أنه من خالل جعلنا أكثر قدرة على فهم نظامنا التعليمي‪ ،‬فإن دراسة‬ ‫التعليم األجنبي سيكون لها قيمة مضافة تتمثل في مساعدتنا على تحسينه‪.‬‬ ‫‪ -3‬أسباب مهمة لدراسة التربية المقارنة‪:‬‬ ‫‪Important Reasons for Studying Comparative Education‬‬ ‫‪ -‬للمساعدة في فهم المؤسسات التعليمية وكذلك الممارسات التعليمية‪.‬‬ ‫‪ -‬للمساعدة في فهم العوامل المسؤولة عن التغييرات التعليمية المختلفة‪.‬‬ ‫‪ -‬توعية الطالب والمعلمين باإلجراء الذي تحدث من خالله التغييرات التربوية‪.‬‬ ‫‪ -‬المساهمة ليس فقط في التنمية التربوية للمجتمع‪ ،‬ولكن أيضا في التنمية العامة للمجتمع‪.‬‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪18‬‬ ‫‪ -‬ليكون بمثابة نظام أكاديمي‪.‬‬ ‫‪ -‬المساعدة في حل المشاكل التربوية‪.‬‬ ‫‪ -‬فتو أعين المرء على الفلسفات والنظريات والممارسات التربوية في البلدان األخرى‪.‬‬ ‫‪ -‬لمساعدة كل من الطالب والمعلمين من االنضباط في جمع معلومات موثوقة بشأن‬ ‫النظام التعليمي‪.‬‬ ‫‪ -‬للمساعدة في تعزيز العالقات الدولية‪.‬‬ ‫‪ -‬المساهمة في صياغة النظم التعليمية للبلد‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ثال ًثا‪ :‬مراحل تطور التربية المقارنة‪:‬‬ ‫يتنرراول هررذا ا الجررزء تأمالتنررا حررول تطررور مجررال التربيررة المقارنررة‪ ،‬ونطرررح ثالثررة أسررئلة‬ ‫رئيسية‪ ،‬ما هي بداياته؟ أين ذهبت؟ أين هي ذاهبه؟‬ ‫بدأت التربية المقارنرة خررالل فتررة غامضررة مررن العصررور القديمررة‪ ،‬ومررن الناحيررة التاريخيررة يمكررن‬ ‫أن يقال إن كتابات التربية المقارنة ومناهج الدراسة والبحث فيها قد مرررت خرالل تلررك العصررور‬ ‫بأربع مراحل هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬مرحلة وصف نظم التعليم‪:‬‬ ‫كر رران هر رردف البر رراحثين فيه ر را جمر ررع البيانر ررات الوصر ررفية عر ررن الر ررنظم التعليمير ررة األجنبير ررة‪،‬‬ ‫ود ارسررتها بغ ررض إصررالح الررنظم التعليميررة القوميررة‪ ،‬وتظهررر بوضرروح فرري كتابررات القرردماء مررن‬ ‫رحال ررة ومكتش ررفين وأدب رراء ورج ررال دي ررن وفالس ررفة وعلم رراء‪ ،‬وغالبر را م ررا تتع رردد الكتاب ررات التربوير رة‬ ‫المقارن ررة ف رري ه ررذه المرحل ررة عملي ررة الوص ررف الع ررام أو الوصر رف ال رردقيق المفص ررل لم ررا رأوه عن ررد‬ ‫زيارتهم لبلدان أخرى غير بالدهم األصلية‪.‬‬ ‫وعمومررا اتسررمت هررذه المرحلررة بالوصرف العررام ألشرركال الحيرراة‪ ،‬حيررث إن الد ارسررات الترري‬ ‫درس ررات مباشر ررة ف رري نظ ررم التعل رريم‪ ،‬ب ررل ج رراءت إش ررارات ضر رمن كتاب ررات تناولر رت‬ ‫تم ررت ل ررم تك ررن ا‬ ‫وصف الحياة االجتماعية والعمرانية للشعوب التي زارها الرحالة والتجار وغيرهم‪.‬‬ ‫وتتطرررق الوصررف فرري هررذه المرحلررة إل رى إعطرراء فكررة عررن نظررم التعلرريم القائمررة فرري ذلررك‬ ‫الوقت‪ ،‬وطرق تربية األطفال وتنشررئتهم وعنايررة الكبررار بالصررغار أو األجيررال الالحقررة‪ ،‬وقررد أخررذ‬ ‫الوصف أشكاالً مختلفرة فمنهررا مررا كران إجماليراً أو جرراء عرضرياً وسررط عمليررات الوصررف ومنهررا‬ ‫‪19‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫م ررا خصص ررت ل رره أج ر ازء كامل ررة ومنفص ررلة م ررن إب ررداء ال ر أري فيه ررا وإمكاني ررة االس ررتفادة منه ررا ف رري‬ ‫تحسين أحوال التربية والتعليم في أوطانهم واألمثلة علررى ذلررك كثيررة ومنهررا الفيلسرروف اإلغريقرري‬ ‫أفالط ررون وكي ررف ت ررأثرت أ ارءه التربوي رة ودعوت رره إل ررى إص ررالح التربي ررة األثني ررة ب رنظم التعل رريم ف رري‬ ‫اسرربرطة وبمررا شرراهده فرري مص رر م رن اسررتخدام للوسررائل التعليميررة وط ررق قرردماء المص رريين فرري‬ ‫تعليم القراءة والعد ألطفالهم وفنون الحرب والقتال لشبابهم‪.‬‬ ‫ففرري حررديث ابررن حبيررر عررن مفرراخر اإلسرركندرية يشررير إلررى مررا بهررا م رن مرردارس وأم راكن‬ ‫إليواء الدارسررين والزهرراد ومررن أتروا إليهررا مرن أقطررار نائيررة مررع تخصرريص مرتبررات لهررم ومدرسرين‬ ‫لتعليمهم ما يريدون‪ ،‬ثم بين عندما جاء إلى القاهرة كيف أمر ابن طولررون ببنرراء مرردارس لتعلرريم‬ ‫الفق رراء واأليتررام وترروفير الطع رام لهررم‪ ،‬كمررا أعطررى وصررفاً لمجررالس العلررم ببغررداد ومدارسررها الت ري‬ ‫كان من أشهرها المدرسة النظامية عندما ازرها آن ذلك‪.‬‬ ‫أمررا ابررن بطوطررة فقررد تحرردث فيمررا رآه وسررجله بعررد عودترره إلررى تررونس مرن رحلترره للحررج‬ ‫والشرررق األقصررى‪ ،‬عررن الم ردارس ونظررم التعلرريم فرري الرربالد الترري مررر بهررا ففرري وصررفه للمدرس رة‬ ‫المستنص ررية ببغررداد وبررين كيررف كرران يرردرس بهررا للم رذاهب األربع رة‪ ،‬وأن لكررل م رذهب أي روان برره‬ ‫مسجد‪ ،‬وموضع التدريس الذي يجلس فيه المدرس وعليه السكينة والوقار‪.‬‬ ‫وقررد مهرردت كتابررات هرؤالء الرحالررة الغرربيين والمستشرررقين ووصررفهم للمجتمعررات ونظررم‬ ‫التعلرريم فيمررا ذهب روا عليرره مررن بررالد مثررل مصررر وسرروريا وتركيررا والسررودان والنوبررة واإلمبراطوريررة‬ ‫العثمانيرة الطري رق لفت ررة مررن االس رتعمار الغربرري لكثيررر م رن دول المشرررق ومررع أن هررذه الكتابررات‬ ‫ف رري "التربي ررة المقارن ررة" ق ررد أعط ررت ص ررو ار واض ررحة ودقيق ررة ع ررن المجتمع ررات ونظ ررم التعل رريم الت رري‬ ‫وص ررفتها‪ ،‬إال أنر رره مر ررع هر ررذا ال تعر ررد د ارسر ررات مقارنر ررة بر ررالمعنى الصر ررحيو لقلر ررة الجانر ررب العلمر رري‬ ‫التحليلي فيها وهي وصفية في أغلب – إن لم يكن كل – محتواها‪.‬‬ ‫‪ -2‬مرحلة النقل أو االستعارة الثقافية‪:‬‬ ‫تمتد هذه الفترة من نهايات القرن الثامن عشر حتى أواخر القرن التاسع عشر‬ ‫)‪ ،(Comparative Education in the 19th Century‬وفيها بدأت تنفصل الكتابة عن‬ ‫نظم التعليم عن غيرها من الكتابات األخرى‪ ،‬وكان الهدف منها هو جمع المعلومات‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪20‬‬ ‫الوصفية عن نظم التعليم األجنبية‪ ،‬واستعارة ما هو حسن منها ونقله من أجل إصالح النظم‬ ‫المحلية أو القومية‪.‬‬ ‫وقررد برردأت الكتابررة فرري هررذا المجررال بطريقررة مقتضرربة وسرريعة وفررى صررورة مقرراالت تنشررر‬ ‫فرري بع رض المجررالت مث ررل مقرراالت فري رردريك أو جس رت هش ررت (‪ )1795‬عررن نظ رم التعلرريم ف رري‬ ‫انجلت ار وألمانيا‪ ،‬وسيزار باست (‪ )1808‬عن فائدة مالحظة نظم التعليم وما بينها من اختالفات‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن التاريخ العلمي للتربية المقارنة يرجع إلي النصف األول من القرن‬ ‫التاسع عشر وبالتحديد بصدور كتاب مارك أنطوان جوليان الفرنسي ‪Marc Antoine‬‬ ‫‪ Jullien‬عام ‪1817‬م "مخططات ونظريات أولية لدراسة التربية المقارنة"‪ ،‬دعا إلى وضع‬ ‫"إرشادات بحثية مفصلة وقوائم مراجعة للد ارسات األجنبية في مجال التعليم"‬ ‫‪“detailed research guidelines and checklists for foreign studies in‬‬ ‫"‪Education‬‬ ‫غالبا ما ُينظر إليه على‬ ‫ولد مارك أنطوان جوليان ‪ ، Marc Antoine Jullien‬الذي ً‬ ‫أنه مؤسس مجال التربية المقارنة‪ ،‬في عام ‪ 1775‬وشهد الثورة الفرنسية عندما كان مراهًقا‪،‬‬ ‫اطيا في الروح والتوجه‪ ،‬وكانت أفكاره الليبرالية غير مقبولة لنابليون‪ ،‬ويعتبر‬ ‫دائما ديمقر ً‬ ‫كان ً‬ ‫الكثيرون مقاالت مارك أنطوان جوليان التي كتبها في صحيفة التربية بفرنسا تحت عنوان‬ ‫"مقاالت وأراء أولية عن التربية المقارنة" أو كتابات أو د ارسات علمية في التربية المقارنة‪،‬‬ ‫فهم يلقبونه بأبو التربية المقارنة ومؤسسها '‪،"'Father of Comparative Education‬‬ ‫حيث إنه أول من وضع أسس علمية لدراسة التربية المقارنة في بدايات القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫حينما قدم دراسته الشهيرة بعنوان "خطة وأفكار مبدئية للعمل في التربية المقارنة‪ ،‬وذلك بعد‬ ‫سنوات من السفر والمالحظة والكتابة فهو أول من وضع خطة شاملة للتعليم المقارن عام‬ ‫مبنيا على استخدام االستفتاءات كوسيلة‬ ‫منظما ً‬ ‫ً‬ ‫تحليليا‬ ‫ً‬ ‫هجا‬ ‫‪ ،1816‬وتم نشرها وحدد فيها من ً‬ ‫لجمع المعلومات عن نظم التعليم‪ ،‬وكان من المقرر تطوير التعليم نفسه إلى "علم إيجابي"‬ ‫من خالل جمع الحقائق والمالحظات من مختلف البلدان وترتيبها في المخططات التحليلية‪،‬‬ ‫والتي "تتيو ربطها ومقارنتها‪ ،‬واستنباط مبادئ معينة منها‪ ،‬وتوفي جوليان عام ‪ ،1848‬عن‬ ‫عاما‪ ،‬ولم تكن قادرة على تحقيق حلم إنشاء مؤسسة دولية للتربية المقارنة‪.‬‬ ‫عمر يناهز ‪ً 73‬‬ ‫‪21‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫قام هوراس مان ‪ ،Horace Mann‬الذي كان السكرتير األول لمجلس التعليم في‬ ‫ير يقارن بين‬ ‫ماساتشوستس‪ ،‬بجولة لمدة ستة أشهر إلى أوروبا في عام ‪ 1843‬وكتب تقر ًا‬ ‫األنظمة التعليمية في اسكتلندا وأيرلندا وفرنسا وألمانيا وهولندا وإنجلت ار‪ ،‬أثر هذا التقرير بشكل‬ ‫كبير على تطوير المدارس المشتركة لجميع األطفال في الواليات المتحدة‪.‬‬ ‫عاش ك‪.‬د‪.‬أوشينسكي ‪ K. D. Ushinsky‬من عام ‪ 1824‬إلى عام ‪ ،1870‬وكتب‬ ‫عيا إلى تحديد‬ ‫بإسهاب عن الممارسات التعليمية في الدول األوروبية والواليات المتحدة‪ ،‬سا ً‬ ‫المبادئ التي من شأنها تسهيل اإلصالح التعليمي‪ ،‬ورغم ما قامت به بالده من نقل من نظم‬ ‫التعليم األوربية‪ ،‬فكان أول من عرض أفكاره بطريقة مقارنة‪ ،‬ورغم أن كتاباته تتصف في‬ ‫اغلب أجزائها بالنقل واالستعارة‪ ،‬إال أنه تمكن باستخدام عمليات المقارنة في تحديد بعض‬ ‫العوامل المؤثرة في التربية والتعليم ونظر إليها على أنها في األساس نظماً قومية‪.‬‬ ‫بينما كان المعلمون األوروبيون واألمريكيون والروس يتمتعون بدرجة من الحرية في‬ ‫بحثهم عن األفكار التعليمية خارج مجتمعاتهم‪ ،‬عمل المعلمون اليابانيون والصينيون على‬ ‫إنشاء أنظمة تعليم حديثة في ظل شعور هائل بالتهديد والضغط‪ ،‬لقد أروا التعليم الحديث‬ ‫ضرورًيا لتقوية دولهم من الداخل حتى يتمكنوا من مقاومة أشكال الهيمنة والسيطرة‬ ‫االستعمارية التي رأوها مفروضة على العديد من المناطق األخرى من العالم‪ ،‬في عام‬ ‫‪ ،1870‬صاغت الحكومة اليابانية سياسة إلرسال الطالب إلى الخارج‪ ،‬والتي حددت‬ ‫مجاالت القوة التي ترغب اليابان في محاكاة الهندسة والتجارة من بريطانيا؛ الطب واالقتصاد‬ ‫وبعض العلوم األساسية من ألمانيا؛ الرياضيات والعلوم األساسية من فرنسا؛ الهندسة‬ ‫المعمارية وبناء السفن من هولندا‪ ،‬والزراعة من الواليات المتحدة‪ ،‬وضع هذا الشكل العملي‬ ‫سليما للتنمية االقتصادية لليابان مع الحفاظ على الجوانب‬ ‫أساسا‬ ‫من التعليم المقارن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫األساسية للروح اليابانية والهوية الثقافية‪.‬‬ ‫بعد بضعة عقود‪ ،‬حاول المفكرون والمعلمون الصينيون ً‬ ‫أيضا دراسة النظم التعليمية‬ ‫للبلدان التي قد يحاكيونها واختيار تلك األنماط التي من شأنها أن تساعدهم في إقامة دولة‬ ‫حديثة قوية‪ ،‬لسوء الحظ أعاقت اإلمبريالية اليابانية والغربية تقدمهم السياسي واالقتصادي‪،‬‬ ‫ومع ذلك فقد أتيحت لهم الفرصة لتجربة األنماط التعليمية من أوروبا واليابان والواليات المتحدة‪،‬‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪22‬‬ ‫على النقيض من ذلك‪ ،‬كانت أماكن مثل الهند وفيتنام والفلبين ومعظم إفريقيا لديها أنظمة تعليم‬ ‫حديثة فرضها المستعمرون الغربيون‪ ،‬ظهر جانب مظلم للتعليم المقارن من خالل االستخدام المتزايد‬ ‫للبحوث المقارنة في تصميم وإصالح التعليم االستعماري في أوائل القرن العشرين‪.‬‬ ‫وتوالت الكتابات في التربية المقارنة بعد ذلك وزادت حتى تحولت إلى دراسة‬ ‫تفصيلية قام بها األوربيون عن نظمهم التعليمية وعن النظم القائمة في البالد المحيطة بهم‬ ‫بهدف االستعارة أو االستفادة منها‪.‬‬ ‫ورغم تعدد الكتابات في هذه الفترة لدرجة يصعب معها حصرها‪ ،‬إال أنها اتصفت بما يأتي‪:‬‬ ‫‪ −‬دار اهتمام معظم الدارسين حول جمع المعلومات من أجل إصالح نظم تعليمهم المحلية‪.‬‬ ‫نظما اجتماعية قائمة بررذاتها‪ ،‬ولرريس‬ ‫‪ −‬ونظروا في نفس الوقت إلى النظم التعليمية باعتبارها ً‬ ‫لها عالقة بباقي المؤسسات االجتماعية القائمة في المجتمع‪ ،‬أو أن لها عالقة ضعيفة بها‪.‬‬ ‫وعلى العموم يمكن أن يوجه إلى كتابات هذه الفترة النقد التالي فقد كانت‪:‬‬ ‫‪ −‬أنها كانت وصفية في معظمها تعتمد على دراسة الحالة‪.‬‬ ‫‪ −‬أنها كانت ال تحتوي علررى النقررد أو الد ارسررة العلميررة للررنظم التعليميررة بقرردر مررا كانررت تمترردح‬ ‫النظم التعليمية التي أرادوا النقل أو االستعارة منها‪.‬‬ ‫نفعيا ويهدف إلى إصالح نظم التعليم المحلية‪.‬‬ ‫‪ −‬كان غرضها ً‬ ‫‪ −‬كانت تتم في ضرروء افت ارضررات مسرربقة وهري أن الررنظم التعليميررة فرري الرردول األخرررى أفضررل‬ ‫صحيحا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫من تلك التي في دولهم األصلية في حين أن العكس قد يكون‬ ‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن أهم مبدأ يمكن اشتقاقه من دراسة تاريخ االقتراض واإلقراض التعليمي‬ ‫‪ Educational Borrowing and Lending‬هو أنه ال يوجد نظام واحد أفضل‪ ،‬وأن‬ ‫جميع األنظمة بها نقاط قوة ونقاط ضعف‪.‬‬ ‫‪ -3‬مرحلة القوى والعوامل الثقافية‪:‬‬ ‫وتمتد هذه الفترة من نهايات القرن التاسع إلى منتصف القرن العشرين‪ ،‬ويعتبر مايكل‬ ‫سادلر رائد هذه المرحلة التي انتقلت فيها الكتابات التربوية المقارنة من مجرد جمع البيانات‬ ‫والمعلومات الوصفية عن النظم التعليمية إلى االهتمام بما يؤثر فيها من قوى وعوامل ثقافية‬ ‫سائدة في المجتمع الذي يحيط بها ويعطيها شكالً معيناً‪.‬‬ ‫‪23‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫كان السير مايكل سادلر ‪ Sir Michael Sadler‬العالم والمعلم البريطاني‪ ،‬الذي عاش من‬ ‫ال عن مكتب التقارير الخاصة للحكومة البريطانية بين عامي‬ ‫عام ‪ 1861‬إلى عام ‪ ،1943‬مسؤو ً‬ ‫‪ 1897‬و‪ ،1903‬والذي نشر دراسات عن التعليم في ألمانيا والهند والعديد من البلدان األخرى‪،‬‬ ‫اشتهر سادلر بتحذيره من استعارة األنماط التعليمية من مجتمع إلى آخر‪ ،‬وإص ارره على ضرورة فهم‬ ‫ال فيما يتعلق بالثقافة والمجتمع الذي توجد فيه‪.‬‬ ‫المؤسسات التعليمية أو ً‬ ‫وفى الوقت الذي أشار فيه سادلر إلى أن نظم التعليم هي نظم قومية ال يمكن نقلها كما‬ ‫هي من مكان لمكان أخر‪ ،‬وضو أن الهدف من التربية المقارنة هو فهم النظم التعليمية‬ ‫األخرى مما يجعلنا أكثر قدرة وصالحية لفهم نظامنا التعليمي القائم كما نادى بأنه ينبغي أال‬ ‫ننسى عند د ارسة نظم التعليم األجنبية أن األشياء الموجودة خارج المدرسة قد تكون أكثر‬ ‫أهمية من األشياء التي بداخلها وأنها تتحكم فيها وتفسرها‪.‬‬ ‫"ال يمكننا أن نتجول في متعة بين أنظمة التعليم في العالم‪ ،‬مثل طفل يتجول في حديقة‪،‬‬ ‫ويقطف زهرة من شجيرة وبعض الوراق من أخرى‪ ،‬ثم نتوقع أنه إذا تم لصق ما جمعناه‬ ‫في التربة‪ ،‬فسيكون لدينا نبات حي"‬ ‫‪"We cannot wander at pleasure among the educational systems of‬‬ ‫‪the world, like a child strolling through a garden, and pick off a‬‬ ‫‪flower from one bush and some leaves from another, and then‬‬ ‫‪expect that if we stick what we have gathered into the soil, we‬‬ ‫‪shall have a living plant".‬‬ ‫وأطلق على هذه المرحلة في التربية المقارنة فترة "االقتراض ‪ "borrowing‬ألن الغرض‬ ‫من المقارنة كان حول أخذ أفضل الممارسات من بلد وزرعها في بلد آخر ‪from one‬‬ ‫‪ ،country and transplanting them to another‬وكان يعتقدون أن زرع نموذج‬ ‫إيجابي من بلد ما يمكن أن يخدم النظام التعليمي نفسه‪ ،‬وقصد العلماء في ذلك الوقت‬ ‫استعارة الممارسات التي كانت أكثر إيجابية‪ ،‬والجدير بالذكر هنا أنه يجب مراعاة الحذر عند‬ ‫األخذ بعمليات النقل أو االستعارة المباشرة دون وعى بما يحيط بها في بلدها األصلي من‬ ‫عوامل وما سوف تزرع فيه من ثقافات جديدة قد ‪ -‬بل وغالباً – ما يكون مآلها إلى الفشل‬ ‫وتشويه عمليات تطبيقها‪.‬‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪24‬‬ ‫أي البد من إجراء عملية تحضيرية قبل السماح بأي عملية زرع" (أي التجهيز قبل‬ ‫البدء في عملية الزراعة)‬ ‫”‪“interposed a preparatory process before permitting any transplantation‬‬ ‫ومن األمثلة على فشل محاوالت نقل النظم التعليمية كما هي من بلد إلى بلد أخر‪،‬‬ ‫المحاولة التي قام بها الهولنديون في القرن الثامن عشر لنقل نظم التعليم المتبعة في بالدهم‬ ‫إلى اندونيسيا وصيغ الجو المدرسي بالصيغة الهولندية‪ ،‬وكانت محاولة فاشلة مما أضطر‬ ‫الهولنديون في نهاية القرن التاسع عشر إلى إدخال كثير من التعديالت على نظم التعليم في‬ ‫إندونيسيا بعد ما أتضو لهم فشل التجربة واإلحجام المتزايد على التعليم الهولندي من قبل‬ ‫اإلندونيسيين‪.‬‬ ‫وكان لراء سادلر التي أظهرت أهمية القوى والعوامل الثقافية والتاريخية في توجيه‬ ‫وتشكيل النظم التعليمية أثرها على كثيرين من رواد التربية المقارنة في النصف األول من‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬ويتسأل سادلر‪" :‬إلى أي مدى يمكننا تعلم أي شيء ذو قيمة عملية من‬ ‫خالل دراسة أنظمة التعليم الجنبية" “ ‪how far can we learn anything of‬‬ ‫‪”practical value from the study of foreign systems of education‬‬ ‫زخما في ثالثينيات القرن الماضي وفي سنوات ما بين الحربين‪ ،‬والتي‬ ‫واكتسبت هذه المرحلة ً‬ ‫أيضا حفزتها‬ ‫حفزت بال شك النزعة القومية في رواج السياسة العالمية في هذه المرحلة و ً‬ ‫أعمال تحديد المسار للثالثي في التربية المقارنة إسحاق كاندل (‪ ،)1965-1881‬ونيكوالس‬ ‫هانز (‪ ،)1969-1888‬وفريدريك شنايدر (‪ ،)1969-1881‬هؤالء العلماء الالحقون عن‬ ‫المرحلة‪ ،‬مثل آرثر مويلمان وفيرنون مالينسون وفيل إيدنبورغ‪ ،‬صمم كل منهم مخططه‬ ‫الخاص لتحليل القوى المجتمعية التي تشكل أنظمة التعليم الوطنية‪ ،‬تضمنت هذه‬ ‫عادة الجغرافيا والديموغرافيا والوضع االجتماعي والثقافي واالقتصاد والسياسة‬ ‫ً‬ ‫المخططات‬ ‫والدين والحياة وفلسفة العالم‪.‬‬ ‫في القرن العشرين‪ ،‬بدأ تدريس التربية المقارنة في الجامعات كمجال أكاديمي للدراسة‪،‬‬ ‫أساسا لهذا المجال حتى قبل عمل أوغست كونت‬ ‫على الرغم من حقيقة أن جوليان قد وضع ً‬ ‫‪ Auguste Comte's‬في تأسيس علم االجتماع كنظام‪.‬‬ ‫وكان العديد من رواد التربية المقارنة إما الجئين أو مهاجرين لديهم خبرة شخصية في‬ ‫التعليم في عدة مجتمعات مختلفة‪ ،‬في إنجلت ار كتب نيكوالس هانز‪ Nicholas Hans‬أحد‬ ‫الكتب المدرسية المبكرة‪ ،‬حيث أكد على أهمية فهم عوامل مثل الدين واللغة والجغرافيا‬ ‫‪25‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫واالقتصاد‪ ،‬والتي شكلت األنماط التعليمية لكل أمة بشكل مختلف‪ ،‬كان هانز قد غادر روسيا‬ ‫وانتقل إلى انجلت ار في وقت الثورة الروسية عام ‪ ،1917‬وحافظ على اهتمامه الكبير بالتعليم‬ ‫والمجتمع السوفييتي‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فقد شمل تحليله المقارن ألنظمة التعليم الوطنية إنجلت ار‬ ‫وفرنسا واالتحاد السوفيتي و الواليات المتحدة‪.‬‬ ‫اعترف نيكوالس هانز بانه يدين فكرًيا لكل من سادلر وكاندل‪ ،‬ولكنه من بين جميع رواد‬ ‫الفلسفة اإلنسانية التاريخية والليبرالية "المنسيين" في التربية المقارنة‪ ،‬كان أكثر رواد الفلسفة‬ ‫اإلنسانية وكان األكثر منهجية في كتاباته التاريخية المعترف بها‪.‬منهج دراسة المشكالت‬ ‫التعليمية في مختلف البلدان‪ ،‬وعلى عكس سادلر وكاندل وروبرت أوليتش‪ ،‬وسعى هانز إلى‬ ‫شرح وإلقاء الضوء على الظواهر واألنظمة التعليمية من منظور إطار مفاهيمي محدد‪.‬‬ ‫ويتناول هانز في كتابه "التربية المقارنة" موضع تلك العوامل بالتفصيل وهو يشبه نمو‬ ‫األمم أو تكوينها بنمو أو تكوين الفرد البالغ الذي تنمو شخصيته تحت تأثير عوامل ثالثة‬ ‫هي‪ :‬الوراثة‪ ،‬البيئة الطبيعية واالجتماعية‪ ،‬ما يناله من إعداد وتدريب لممارسة العمل‬ ‫واإلنتاج في المجتمع ويتم ذلك داخل المؤسسات التربوية المختلفة من مدارس ومعاهد‬ ‫ومؤسسات دينية … الخ‪.‬‬ ‫ويعد أحد المفاهيم األساسية في إطار عمل هانز هو مصطلو "العامل"‪ ،‬وبالتالي يمكن‬ ‫للمرء أن يصف منهجه بأنه "التحليل العاملي ‪ ،"’Factorial Analysis‬جوهر المقارنة‪،‬‬ ‫وفقا لهانز‪ ،‬هو‬ ‫(أ) تحديد مجموعة من العوامل التي تشكل "مالمو" أو "شخصية" الدولة القومية‬ ‫(ب) التحليل المقارن للعالقة الوظيفية بين هذه العوامل والتعليم أو تأثير هذه العوامل في‬ ‫"إنشاء" النظم التعليمية الوطنية‪ ،‬والغرض الرئيسي من التربية المقارنة هو "الدراسة‬ ‫التحليلية لهذه العوامل من منظور تاريخي ومقارنة الحلول المحتملة للمشكالت‬ ‫الناتجة"‬ ‫ويؤكد هانز أن الغرض من التربية المقارنة ليس فقط مقارنة األنظمة القائمة‪ ،‬ولكن‬ ‫تصور اإلصالح األكثر مالءمة للظروف االجتماعية واالقتصادية الجديدة‪...‬وبالتالي فإن‬ ‫موضوعنا له طابع ديناميكي ذو غرض نفعي‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فقد ذهب إلى القول بأن كونه‬ ‫تطبيقيا فإنه يعتمد إلى حد كبير على “مفاهيم وأهداف التعليم التي توفرها فلسفة‬‫ً‬ ‫موضوعا‬ ‫ً‬ ‫التعليم وعلى البيانات التي يوفرها تاريخ التعليم وعلم االجتماع واالقتصاد‪.‬‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪26‬‬ ‫كان نظير هانز في الواليات المتحدة هو إسحاق كانديل ‪ ،Isaac Kandel‬الذي كان‬ ‫رائد المقارنة في كلية المعلمين بجامعة كولومبيا‪ ،‬من عام ‪ 1921‬إلى أوائل الخمسينيات من‬ ‫القرن الماضي‪ ،‬ولد كانديل في رومانيا وحصل على درجة الماجستير في جامعة مانشستر‬ ‫في إنجلت ار‪ ،‬ثم هاجر إلى الواليات المتحدة وحصل على الدكتوراه تحت إشراف جون ديوي‬ ‫في جامعة كولومبيا‪.‬‬ ‫ويأمل كانديل أن يرى التربية المقارنة تتطور كعلم إيجابي‪ ،‬مع االستخدام المناسب‬ ‫للبيانات اإلحصائية حول التعليم في مختلف دول العالم‪ ،‬وشدد على أهمية فهم سياقات‬ ‫التعليم في المجتمعات المختلفة‪ ،‬وخاصة تأثير النظم السياسية المختلفة على تطوير التعليم‪،‬‬ ‫ولقد شعر بالتمييز بين أنظمة التعليم شديدة المركزية‪ ،‬مثل‪ :‬نظام االتحاد السوفيتي‪،‬‬ ‫واألنظمة الالمركزية‪ ،‬مثل‪ :‬نظام الواليات المتحدة‪ ،‬واظهر ذلك في كتابه دراسات في التربية‬ ‫المقارنة والذي ُنشر ألول مرة في عام ‪ ،1933‬وتناول التعليم في إنجلت ار وفرنسا وإيطاليا‬ ‫أساسيا في النظرية المعرفية التربوية‬ ‫ً‬ ‫كتابا‬ ‫وألمانيا واالتحاد السوفيتي والواليات المتحدة‪ ،‬وكان ً‬ ‫الجديدة‪ ،‬سعى فيه كاندل إلى تحديد الخطوط المعرفية والمنهجية واأليديولوجية للتربية‬ ‫المقارنة‪ ،‬وتحديد موضوعها‪ ،‬وتحديد معالمها‪ ،‬مناقشة قيمتها في العالم الحديث‪ ،‬كان من‬ ‫المقرر أن تصبو التربية المقارنة عالمة بارزة‪ ،‬وفي السنوات التالية أصبو كاندل شخصية‬ ‫مهيمنة في هذا النظام التعليمي الجديد‪ ،‬في منتصف الخمسينيات نشر كاندل تكملة لهذه‬ ‫الدراسة الرائدة بعنوان العصر الجديد في التعليم ‪(1955) The New Era in Education‬‬ ‫حيث أعاد تكرار منهجه في التربية المقارنة باإلضافة إلى موضوعاتها وقيمتها‪.‬‬ ‫ويلفت كاندل النظر إلى أن العوامل الخفية (روحية وثقافية) الموجودة خارج المدرسة قد‬ ‫تكون أهم مما يدور بداخلها كما بين أن القيمة الحقيقية للمعالجة المقارنة للمشكالت‬ ‫التعليمية تظهر في‪:‬‬ ‫‪ −‬تحليل األسباب التي أوجدت هذه المشكالت‪.‬‬ ‫‪ −‬مقارنة الفروق بين النظم التعليمية المختلفة والعوامل التي سببت هذه الفروق‪.‬‬ ‫‪ −‬دراسة الحلول التي حاولتها الدول األخرى لحل مشكالتها التعليمية‪.‬‬ ‫وعلى هذا يبنى منهجه في المعالجة المقارنة للمشكالت التعليمية على ثالثة جوانب رئيسية‪:‬‬ ‫‪ −‬الجانععععب الوصععععفي‪ :‬وهر رري الر ررذي يتنر رراول جمر ررع الحقر ررائق والمقومر ررات عر ررن ال ر رنظم التعليمير ررة‬ ‫باعتبارها خطوة أساسية للحكم عليها وعقد المقارنات بينها‪.‬‬ ‫‪27‬‬ ‫اإلطار النظري للرتبية املقارنة‬ ‫‪ −‬الجانععب التععاريخي والثقععافي‪ :‬وفيرره يجرررى البحررث ع رن تفسررير لهررذه الحقررائق وعررن األسررباب‬ ‫التي أدت إلى إيجادها ويرى كاندل أنه ينبغي أن ينظررر إلررى النظررام التعليمرري فرري عالقترره‬ ‫بالخلفية الثقافية وبما تحتويرره مررن عوام

Use Quizgecko on...
Browser
Browser