Islamic Jurisprudence (ISLM 0102) - Fall 2024 - 2025 - PDF

Document Details

SteadiestChiasmus5791

Uploaded by SteadiestChiasmus5791

Fakeeh College of Medical Sciences

2024

Tags

Islamic Jurisprudence Islamic Studies Quran Sunnah

Summary

This document is a course outline for Islamic Jurisprudence (ISLM 0102) at the College of Medical Sciences, Al-Faqih University, Kingdom of Saudi Arabia, for the academic year 1446H / 2024-2025CE. It details the course's structure, including topics like the Quran, Sunnah, and Islamic legal principles. The course is designed for undergraduate students.

Full Transcript

‫المملكة العربية السعودية‬ ‫وزارة التعليم‬ ‫كلية فقيه للعلوم الطبية‬ ‫قسم العلوم األساسية والمواد العامة‬ ‫برنامج الصيدلة‬ ‫الدراسات ا...

‫المملكة العربية السعودية‬ ‫وزارة التعليم‬ ‫كلية فقيه للعلوم الطبية‬ ‫قسم العلوم األساسية والمواد العامة‬ ‫برنامج الصيدلة‬ ‫الدراسات اإلسالمية (‪)2‬‬ ‫)‪ISLM (0102‬‬ ‫التشريع اإلسالمي ومصادره‬ ‫الجزء األول‬ ‫العام األكاديمي‪:‬‬ ‫‪1446‬هـ‪2025-2024 /‬م‬ ‫‪1‬‬ ‫ساعات‬ ‫قائمة املوضوعات‬ ‫م‬ ‫االتصال‬ ‫‪ -1‬القسم األول‪ :‬التشريع اإلسالمي‪ :‬خصائصه ومقاصده‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫الوحدة األولى‪ :‬التشريع اإلسالمي وخصائصه‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫= الوحدة الثانية‪ :‬مقاصد الشريعة‪.‬‬ ‫‪ -2‬القسم الثاني‪ :‬مصادرالتشريع اإلسالمي‪:‬‬ ‫املصدراألول‪ :‬القرآن الكريم‪:‬‬ ‫الوحدة األولى‪ :‬مدخل إلى القرآن الكريم‪.‬‬ ‫= الوحدة الثانية‪ :‬ثبوت القرآن الكريم‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫وحكمه‪.‬‬ ‫أ‪ -‬نزول القرآن الكريم‪ :‬أنواعه ِ‬ ‫الحكمة من نزول القرآن الكريم مفرقا‪.‬‬ ‫ب‪ِ -‬‬ ‫ج‪ -‬أول وآخر ما نزل من القرآن الكريم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الوحي‪ :‬تعريفه وصوره‪.‬‬ ‫د‪-‬‬ ‫‪ -3‬تابع الوحدة الثانية‪ :‬ثبوت القرآن الكريم‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫هـ‪ -‬جوانب ثبوت القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫و‪ -‬تحريف الكتب السماوية السابقة‪.‬‬ ‫‪ -4‬الوحدة الثالثة‪ :‬واجب املسلم نحو القرآن الكريم‪:‬‬ ‫‪-2‬التالوة‪.‬‬ ‫‪ -1‬االيمان الصادق به‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪-4‬تعلم القرآن‪.‬‬ ‫‪ -3‬التجويد‪.‬‬ ‫‪ -5‬العمل بالقرآن‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫الوحدة الرابعة‪ :‬مفهوم إعجازالقرآن الكريم ووجوهه‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫مراجعة عامة‪.‬‬ ‫‪ -6‬القسم الثالث‪ :‬املصدرالثاني‪ :‬السنة النبوية‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫الوحدة األولى‪ :‬مدخل إلى السنة النبوية‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫= الوحدة الثانية‪ :‬ثبوت السنة ومنهج توثيقها‪.‬‬ ‫‪ -7‬الوحدة الثالثة‪ :‬مكانة الرسول‪ ،‬وأخالقه‪ ،‬وواجب املسلم نحوه‪ ،‬واإلعجازفي السنة النبوية‬ ‫الشريفة‪:‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬مكانة الرسول‪ ،‬وأخالقه‪ ،‬وواجب املسلم نحوه‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫‪7‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬اإلعجازفي السنة النبوية الشريفة‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬أنواع اإلعجازفي السنة النبوية الشريفة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اإلعجازالعلمي في السنة النبوية الشريفة‪.‬‬ ‫‪ -8‬القسم الرابع‪ :‬اإلجماع والقياس واالجتهاد والفتوى‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫= الوحدة األولى‪ :‬املصدرالثالث‪ :‬اإلجماع‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫= الوحدة الثانية‪ :‬املصدرالرابع‪ :‬القياس‪.‬‬ ‫‪ -9‬تابع القسم الرابع‪ :‬اإلجماع والقياس واالجتهاد والفتوى‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫‪9‬‬ ‫= الوحدة الثالثة‪ :‬االجتهاد‪.‬‬ ‫‪ -10‬تابع القسم الرابع‪ :‬اإلجماع والقياس واالجتهاد والفتوى‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫‪ = 10‬الوحدة الرابعة‪ :‬الفتوى‪.‬‬ ‫= مراجعة شاملة‪.‬‬ ‫(‪)30‬‬ ‫املجموع‬ ‫‪3‬‬ ‫القسم األول‪ :‬التشريع اإلسالمي‪ :‬خصائصه ومقاصده‬ ‫القسم الثاني‪ :‬المصدر األول‪ :‬القرآن الكريم‬ ‫القسم الثالث‪ :‬المصدر الثاني‪ :‬السنة النبوية‬ ‫القسم الرابع‪ :‬اإلجماع والقياس واالجتهاد والفتوى‬ ‫‪4‬‬ ‫القسم األول‪ :‬التشريع اإلسالمي‪ :‬خصائصه ومقاصده‬ ‫الوحـدة األولـى‪ :‬التشريع اإلسالمي وخصائصه‬ ‫الوحدة الثانيـة‪ :‬مقاصد الشريعة‬ ‫الوحدة األولى‪ :‬التشريع اإلسالمي وخصائصه‬ ‫تعريف التشريع اإلسالمي‬ ‫خصائص التشريع اإلسالمي‬ ‫‪5‬‬ ‫تعريف التشريع اإلسالمي‪:‬‬ ‫التشريع اإلسالمي‪ :‬هو ما َّ‬ ‫سنه هللا وافترضه على عباده من العبادات‪ ،‬واألخالق‪ ،‬والمعامالت‪ ،‬والنظم المختلفة في‬ ‫مجاالت الحياة‪.‬‬ ‫خصائص التشريع اإلسالمي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬ربانيته‪:‬‬ ‫والربانية تتضح بالتالي‪:‬‬ ‫‪ -1‬التشريع اإلسالمي هو التشريع الوحيد في العالم اليوم الذي مصدره كالم هللا المصون عن التحريف والتبديل‪﴿ ،‬‬ ‫صَل ْت ِمن َّل ُد ْن َح ِكي ٍم َخِبير ﴾‪.‬‬ ‫ِكتَاب أُح ِكم ْت ءاياتُه ثُ َّم ُف ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫ٌ ْ َ‬ ‫خالص هلل تعالى‪ ،‬وليس ألحد غيره أن يشاركه فيه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫حق‬ ‫‪ -2‬التشريع في اإلسالم ٌّ‬ ‫جعل هللا في التشريع اإلسالمي صالح الناس في دينهم ودنياهم‪ ،‬ونجاتهم من عذاب هللا في أخراهم‪ ,‬قال تعالى‪:‬‬ ‫‪َ -3‬‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ ون َّ ْزلنا عَليك اْل ِكتَ ِ‬ ‫اب ت ْب َي ًانا ل ُك ِل شيء َو ُه ًدى َوَر ْح َم ًة َوُب ْش َرى لْل ُم ْسلم َ‬ ‫ين ﴾‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ْ َ‬ ‫‪ -4‬والرضا والتسليم والقبول والطاعة واالنقياد للتشريع الرباني من أبرز دالئل اإليمان‪ ,‬قال تعالى‪:‬‬ ‫ض ْي َت َوُي َسلِ ُموْا تَ ْسلِيماً ﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫﴿ َفالَ وربِك الَ يؤ ِمنو َن حتَّى يح ِكموك ِفيما َشجر بينهم ثُ َّم الَ ي ِجدوْا ِفى أ ُ ِ‬ ‫َنفس ِه ْم َح َرجاً م َّما َق َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ ُ ْ ُ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ََْ ُ ْ‬ ‫ثانياً‪ :‬صالحيته لكل زمان ومكان‪:‬‬ ‫وصالحيته لكل زمان ومكان تتجلى في التالي‪:‬‬ ‫وصالح لكل زمان ومكان‪ ،‬وهي سمة خاصة به فقط‪ ،‬وال يمكن‬ ‫ٌ‬ ‫ثابت على َم ِر الدهور واأليام‪،‬‬ ‫‪ -1‬التشريع اإلسالمي ٌ‬ ‫أن يتصف بها أي تشري ٍع أو قانون بشري‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ -2‬القوانين والنظم البشرية محدودة بزمان أصحابها‪ ،‬ومرتبطة بمعارفهم وعلومهم؛ ولذلك فإنها ال تصلح لجميع‬ ‫البشر‪ ,‬وال لجميع األزمان واألماكن‪.‬‬ ‫‪ -3‬الشرائع اإللهية السابقة كانت تتمثل في رساالت محدودة زماناً ومكاناً‪.‬‬ ‫‪ -4‬جعل هللا تعالى رسالة النبي محمد صلى هللا عليه وسلم عامة إلى الناس أجمعين‪ :‬عربهم وعجمهم‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الناس ِإِنى رسول َّ ِ‬ ‫َّللا ِإَل ْي ُك ْم َجم ً‬ ‫يعا ﴾‪.‬‬ ‫َُ ُ‬ ‫ُّها َّ ُ‬ ‫﴿ ُق ْل يا أَي َ‬ ‫َس َوَد»‪.‬‬ ‫َح َم َر َوأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان ُك ُّل َنِب ٍي ُي ْب َع ُث ِإَلى َق ْو ِم ِه َخ َّ‬ ‫اص ًة‪َ ،‬وُبع ْث ُت ِإَلى ُكل أ ْ‬ ‫«ك َ‬ ‫وقال الرسول صلى هللا عليه وسلم‪َ :‬‬ ‫فشريعة رسالة اإلسالم عامة للبشرية كلها‪ ،‬وخاتمة للرساالت السماوية السابقة؛ ولذلك فإنها ملبية الحتياجات كل‬ ‫البشر‪ ،‬ومحققة لمصالح جميع الناس في كل عصر ومصر (زمان ومكان)‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬ثباته ومرونته‪:‬‬ ‫جمع التشريع اإلسالمي بين الثبات والمرونة‪ ،‬فهو ثابت في أصوله التشريعية المتعلقة بصفة العبادات‪ ،‬وما يتعلق بها‬ ‫من األحكام‪ ،‬وهذا جانب الثبات‪.‬‬ ‫وسلس في كل زمان ومكان‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ِن‬ ‫أما جانب المرونة فيه‪ ،‬فيتمثل في أنه تشريع غير جامد‪ ،‬وال متحجر‪ ،‬ولكنه تشريع مرٌ‬ ‫يستوعب كل جديد في حياة الناس‪ ،‬ويوضح حكمه الشرعي‪ ،‬فيحقق مصالحهم ومنافعهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حيث إنه‬ ‫وتنقسم األحكام في التشريع اإلسالمي إلى نوعين‪:‬‬ ‫النوع األول‪ :‬األحكام الثابتة‪:‬‬ ‫وهي التي ال تقبل التبديل وال التغيير‪ ،‬وهي التي جاءت مفصلة ومبينة في القرآن الكريم‪ ،‬أو في السنة النبوية المطهرة‬ ‫على سبيل التأكيد والقطع‪ ,‬كالتالي‪:‬‬ ‫‪ -1‬صفة العبادات‪ ,‬مثل‪ :‬صفة الوضوء‪ ،‬أو التيمم‪ ،‬وصفة الصالة‪ ،‬وتحديد مواقيتها‪ ،‬وصفة الحج‪ ،‬ووقته‪ ،‬وصفة‬ ‫الصوم ووقته‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫َّ‬ ‫المقدرات الشرعية‪ ,‬مثل‪ :‬عدد الركعات‪ ,‬أو أنصبة الزكاة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫النوع الثاني‪ :‬األحكام المتغيرة‪:‬‬ ‫وهي التي جاءت في القرآن الكريم والسنة المطهرة كمبادئ وقواعد عامة دون تفصيل‪ ,‬ومن األمثلة عليها ما يلي‪:‬‬ ‫َّللاِ ِإ َّن َّ‬ ‫َّللاَ‬ ‫‪ -1‬صور وتطبيقات مبدأ الشورى في الحكم‪ :‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َش ِاوْرُه ْم ِفي األ َْم ِر َفِإ َذا َع َزْم َت َفتََوَّك ْل َعَلى َّ‬ ‫ين ﴾‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ُيح ُّب اْل ُمتََوكل َ‬ ‫فقد جاءت النصوص الشرعية في تطبيق مبدأ الشورى على وجه العموم والمرونة‪ ،‬بحيث اثبتت مبدأ الشورى‪ ،‬وتركت‬ ‫كيفية ووسائل تطبيق هذا المبدأ الجتهاد الناس المالئم لحياتهم‪ ،‬وظروفهم حسب أزمنتهم وأماكنهم‪.‬‬ ‫‪ -2‬األحكام الشرعية المتعلقة بالقضايا المستجدة في الحياة‪ ،‬مثل‪ :‬القضايا الطبية المستجدة‪ ،‬والمسائل الفقهية‬ ‫المتعلقة بها‪ ،‬وكذلك األحكام الشرعية المتعلقة بالتعامالت التجارية الحديثة‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬كماله وشمـولـه‪:‬‬ ‫اجتمعت فيه األحكام الشرعية التي يحتاجها البشر في‬ ‫ْ‬ ‫التشريع اإلسالمي هو التشريع الكامل‪ ،‬الذي‬ ‫حياتهم كلها‪ ,‬والذي ال ُيصلِحهم غيره؛ وال يصلحون هم بدونه‪.‬‬ ‫فقد شرع هللا اإلسالم ديناً كامالً‪ ,‬شملت فيه تعاليم الكتاب والسنة جميع جوانب حياة اإلنسان‪ ،‬وما الناس محتاجون‬ ‫إليه في أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم‪.‬‬ ‫فالتشريع اإلسالمي شامل لكل ما تحتاجه األمة أفرادا وجماعات‪ ،‬ويتمثل ذلك في الجوانب التالية‪:‬‬ ‫األول‪ :‬جانب االعتقاد‪ :‬حيث بين الشارع األحكام المتعلقة بأركان اإليمان‪ ,‬وجميع ما يتعلق بذلك من نظرة اإلنسان‬ ‫إلى الكون والحياة والغاية من الوجود‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫الثاني‪ :‬جانب األخالق‪ :‬حيث بين الشارع مكارم األخالق‪ ,‬وحث عليها‪ ,‬ورغب فيها‪ ,‬وأمر بالتزامها‪ ,‬ونوه بثمراتها‬ ‫ومنافعها‪ ,‬وحذر من مساوئ األخالق ورذائلها‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬جانب األحكام العملية المتعلقة بأقوال اإلنسان وأفعاله‪ ،‬وتنقسم إلى قسمين‪:‬‬ ‫‪ -1‬أحكام العبادات‪ :‬التي تنظم عالقة اإلنسان بربه‪.‬‬ ‫‪ -2‬احكام المعامالت‪ :‬التي تنظم عالقة اإلنسان بغيره من الناس‪.‬‬ ‫إن كنتم ال تعلمون)‪.‬‬ ‫الذكر ْ‬ ‫وما َخف َي على الناس من أمور دينهم ودنياهم‪ ،‬فقد قال هللا تعالى فيه‪( :‬فاسألوا أهل ْ‬ ‫خامساً‪ :‬يسر أحكامه‪:‬‬ ‫الي ْسر‪:‬‬ ‫‪ -1‬السماحة والرحمة و ُ‬ ‫أ‪ -‬أحكام التشريع اإلسالمي سماحة ويسر‪ ،‬فال مشقة فيها‪ ،‬وال َحَر َج‪.‬‬ ‫ِن ْع َمتَ ُه َعَل ْي ُك ْم َل َعَّل ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن ﴾‪.‬‬ ‫ط ِه َرُك ْم َولِ ُيِت َّم‬ ‫َّللاُ لِ َي ْج َع َل َعَل ْي ُكم ِم ْن َح َرٍج َوَل ِكن ُي ِر ُيد لِ ُي َ‬ ‫﴿ما ُي ِر ُ‬ ‫يد َّ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬ ‫ب‪ -‬التشريع اإلسالمي لم ُتشدد في األحكام والتكاليف كما ُشددت في شرائع الرسل السابقين‪ ،‬كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬فِب ُ‬ ‫ظْل ٍم‬ ‫ُحَّل ْت َل ُه ْم﴾‪.‬‬ ‫طِيب ٍ‬ ‫ات أ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ين َه ُادوْا َح َّرْم َنا َعَل ْي ِه ْم َ َ‬ ‫م َن الذ َ‬ ‫جـ‪ -‬التشريع اإلسالمي رحمة ويسر وسعة للعالمين‪:‬‬ ‫الي ْسر والتخفيف ما كان مشددا لدى بني إسرائيل‪.‬‬ ‫كما أن أحكام شريعة اإلسالم فيها من الرحمة و ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫النِب َّى األُم َّى الذى َي ِج ُد َ‬ ‫ون ُه‬ ‫ول َّ‬ ‫ين َيتَِّب ُعو َن َّ‬ ‫الرُس َ‬ ‫يقول تعالى في وصف نبيه محمد صلى هللا عليه وسلم وشريعته‪﴿ :‬الذ َ‬ ‫ات َوُي َح ِرُم َعَل ْي ِه ُم اْل َخَب ِائ َث‬ ‫الطِيب ِ‬ ‫وف وي ْنهاهم ع ِن اْلم ْن َك ِر وي ِح ُّل َلهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ ِ ِ ِ‬ ‫م ْكتُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫َُ‬ ‫ْم ُرُهم باْل َم ْع ُر َ َ َ ُ ْ َ ُ‬ ‫وبا ع َند ُه ْم فى الت ْوَراة َواإلنجيل َيأ ُ‬ ‫َ ً‬ ‫الل َّالِتى َك َان ْت َعَل ْي ِه ْم﴾‪.‬‬ ‫األغ َ‬ ‫ص َرُه ْم َو ْ‬ ‫ِ‬ ‫ض ُع َع ْن ُه ْم إ ْ‬ ‫َوَي َ‬ ‫‪9‬‬ ‫قال البغوي‪« :‬واألغالل يعني‪ :‬األثقال التي كانت عليهم‪ ،‬وذلك مثل‪ :‬قتل النفس في التوراة‪ ،‬وقطع األعضاء‬ ‫الخاطئة‪ ،‬وقرض النجاسة عن الثوب بالمقراض‪ ،‬وتعيين القصاص في القتل‪ ،‬وتحريم أخذ الدية‪ ،‬وترك العمل في‬ ‫يوم السبت‪ ،‬وأن صالتهم ال تجوز إال في الكنائس‪ ،‬وغير ذلك من الشدائد‪ُ ،‬شبهت باألغالل التي تجمع اليد إلى‬ ‫العنق»‪.‬‬ ‫َّللاِ‬ ‫«ما ُخِي َر َرُس ُ‬ ‫ول َّ‬ ‫كما وصفت ُّأم المؤمنين عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬هدي النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقالت‪َ :‬‬ ‫ُّ‬ ‫صلى هللا عليه وسلم َب ْي َن أ َْم َرْي ِن َقط‪ِ ،‬إ َّال أ َ‬ ‫َخ َذ أ َْي َس َرُه َما‪َ ،‬ما َل ْم َي ُك ْن ِإ ْث ًما»‪.‬‬ ‫َّللاَ َل ْم َي ْب َع ْثِني ُم َعِنتًا َوَال ُمتَ َعِنتًا‪َ ،‬وَل ِك ْن َب َعثَِني ُم َعلِ ًما ُم َي ِس ًرا»‪.‬‬ ‫وقال صلى هللا عليه وسلم ‪ِ« :‬إ َّن َّ‬ ‫َح َداً ِم ْن أَص َحاِبه ِفي َب ْع ِ ِ‬ ‫ان َرُس ْو ُل هللا صلى هللا عليه وسلم ِإ َذا َب َع َث أ َ‬ ‫ض أ َْم ِره َق َ‬ ‫ال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وعن أبي موسى األشعري قال‪َ :‬ك َ‬ ‫«بش ُروا‪َ ،‬وَال تَُن ِف ُروا‪َ ،‬وَي ِس ُروا‪َ ،‬وَال تُ َع ِس ُروا»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ -2‬مظاهر السماحة واليسر في التشريع اإلسالمي‪:‬‬ ‫الناس بما ال يطيقون‪ ،‬أو بما يوقعهم في الحرج‪:‬‬ ‫َ‬ ‫يكَّلف‬ ‫= التشريع اإلسالمي لم َ‬ ‫ُمِتي‪ ،‬أ َْو َعَلى‬ ‫َش َّق َعَلى أ َّ‬ ‫َن أ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّللاُ َنْف ًسا ِإال ُو ْس َع َها ﴾‪.‬وقال صلى هللا عليه وسلم ‪َ« :‬ل ْوَال أ ْ‬ ‫ف َّ‬‫= قال تعالى‪ ﴿ :‬الَ ُي َكل ُ‬ ‫ص َال ٍة»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫الناس‪َ ،‬أل ََم ْرتُ ُه ْم بالس َواك َم َع ُكل َ‬ ‫فالتشريع اإلسالمي راعى الظروف التي قد تط أر على اإلنسان‪ :‬كالمرض‪ ،‬والسفر‪ ،‬والمطر‪ ،‬واإلكراه‪ ،‬والخطأ‪،‬‬ ‫والنسيان‪ ،‬فشرع أنواعاً من التخفيف‪ ،‬ومن ذلك ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬تخفيف اإلسقاط‪ ،‬مثل‪ :‬إسقاط فريضة الحج عن غير المستطيع‪ ،‬وإسقاط الصالة المفروضة عن المرأة‬ ‫الحائض‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪ -2‬تخفيف التنقيص‪:‬‬ ‫مثل‪ :‬قصر الصالة الرباعية للمسافر‪ ،‬وذلك إذا خرج من بلدته وفارق العمران‪.‬‬ ‫‪ -3‬تخفيف اإلبدال‪:‬‬ ‫مثل‪ :‬إبدال الوضوء بالتيمم عند فقد الماء‪ ،‬أو مشقة استعماله‪.‬‬ ‫‪ -4‬تخفيف التقديم‪:‬‬ ‫مثل‪ :‬تقديم زكاة الفطر قبل العيد بيوم‪ ،‬أو يومين‪ ،‬وتقديم صالة العصر؛ ُلتصلى جمعا عقب صالة الظهر‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫خطر‬ ‫تقديم صالة العشاء؛ لتصلى جمعا عقب صالة المغرب‪ ،‬وذلك في حالة المطر الشديد‪ ،‬أو الخوف من‬ ‫داهمٍ‪ ،‬أو لِ َم ْن يستعد للسفر‪ ،‬وهو ال يزال في بيته أو مدينته‪.‬‬ ‫‪ -5‬تخفيف التأخير‪:‬‬ ‫من يباشر إطفاء الحريق‪ ،‬أو تأخير صيام رمضان للمرأة‬ ‫مثل‪ :‬تأخير الصالة عن وقتها في حق المنقذ للغريق‪ ،‬أو ْ‬ ‫ُّ‬ ‫النفساء‪.‬‬ ‫‪ -6‬تخفيف الترخيص‪:‬‬ ‫الميتة‪ ،‬أو أكل لحم الخنزير‪ ،‬أو ُشرب الخمر عند الضرورة‪ ،‬واستعمال المواد المخدرة‬ ‫مثل‪ :‬جواز أكل ْ‬ ‫في المعالجات المرضية‪ ،‬وإجراء العمليات الجراحية‪.‬‬ ‫ومثل ذلك جواز لُ ْبس الكمامة في الصالة‪ ،‬وجواز التباعد بين المصلين في صالة الجماعة؛ بسبب‬ ‫جائحة كورونا‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫الم ْكره‪:‬‬ ‫المخطئ والناسي و ُ‬ ‫‪ -7‬التخفيف عن ُ‬ ‫سيان وما استُ ْك ِرهوا‬ ‫ِ‬ ‫فقد ورد في الحديث قوله – صلى هللا عليه وسلم ‪ُ " : -‬رِف َع عن أ َّ‬ ‫ُمتي الخطأَ والن َ‬ ‫ِ‬ ‫عليه"‪.‬‬ ‫ف ِفعلُه‬ ‫ِ‬ ‫سلم ِبفعلِه ً‬ ‫ِ‬ ‫قصد أو ُّ ٍ‬ ‫فـ (الخطأُ) هو‪ :‬ما يصدر عفوا ودون ٍ‬ ‫فيصاد َ‬ ‫شيئا‪ُ ،‬‬ ‫الم ُ‬ ‫أن َيقص َد ُ‬ ‫تعمد‪ ،‬وهو ْ‬ ‫ُ ًَ‬ ‫كافر‪ ،‬فيقع القتل على مسلم‪ ،‬وقيل‪ :‬الخطأُ عذر صالح لس ِ‬ ‫قوط َح ِق‬ ‫تل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫َ َ ُ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أن َيقص َد َق َ‬ ‫ثل ْ‬ ‫قص َده‪ ،‬م ُ‬ ‫غير ما َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ذر في ُحقو ِق العباد‪ ،‬وكذلك ْ‬ ‫من اجتهد فأخطأ‪.‬‬ ‫جع ْل ُع ًا‬ ‫حص َل عن اجتهاد‪ ،‬ولم ُي َ‬ ‫هللا تعالى إذا َ‬ ‫أن ينسى المصلِي كم عدد الركعات التي صالها‪ ،‬أو ْ‬ ‫أن ينسى صالة فريضة في‬ ‫و(الناسي) مثل ْ‬ ‫وقتها‪ ،‬أو صالة نافلة‪.‬‬ ‫عل م ٍ‬ ‫خالف َّ‬ ‫للشرِع دون ِرضاه‪ ،‬مع َعد ِم ُقدرِته على َدف ِع ذلك‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫جبر على َقول أو ف ُ‬ ‫و(المكره) مثل َم ْن ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫يس َّب الدين‪ ،‬أو يشرب الخمر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اإل ْكراه عن نفسه‪َ ،‬ك َم ْن ُيعذ ُب حتى ُ‬ ‫‪12‬‬ ‫الوحدة الثانية‪:‬‬ ‫مقاصد الشريعة اإلسالمية‪:‬‬ ‫تعريف المقاصد اإلسالمية‬ ‫مراتب مقاصد التشريع اإلسالمي‬ ‫حفظ الكليات الخمس الكبرى‬ ‫‪13‬‬ ‫أوال‪ :‬تعريف المقاصد اإلسالمية‪:‬‬ ‫الغايات والح َك ُم‪ ،‬التي وضعها الشارع الحكيم عند كل ُح ْك ٍم من أحكام الشريعة؛ لتحقيق‬ ‫ُ‬ ‫المقاصد اإلسالمية هي‪:‬‬ ‫مصلحة العباد‪.‬‬ ‫وتنقسم مقاصد التشريع اإلسالمي من حيث مدى حاجة البشر إليها إلى ثالث مراتب‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬مقاصد التشريع الضرورية‪:‬‬ ‫وهي المصالح التي ال بد منها في قيام أمور الدين والدنيا للمجتمعات واألفراد؛ بحيث إذا فقدها الفرد بلغ حد الهالك‪,‬‬ ‫أو قاربه‪ ،‬وإذا اختل ْت في مجتمع اختل نظامه‪ ,‬وعم فيه الفساد‪.‬‬ ‫الكليات الخمس‪ ،‬وهي‪ :‬حفظ الدين‪ ,‬والنفس‪ ,‬والعقل‪ ,‬والنسل‪ ,‬والمال‪.‬‬ ‫وتتمثل في حفظ ُ‬ ‫ثانياً‪ :‬مقاصد التشريع الحاجية‪:‬‬ ‫وهي المصالح التي يحتاج إليها الناس للتوسعة على أنفسهم‪ ،‬وإذا ما ُفقدت وقع الناس في الحرج والمشقة‪ ،‬ولكن ال‬ ‫يبلغ ذلك بالفرد منهم حد الهالك‪ ،‬وال يبلغ بالمجتمع إلى مستوى فساد نظامه‪.‬‬ ‫ومن أمثلتها‪ :‬ما ُشرع في العبادات من رخص تخفف المشقة في السفر‪ ،‬أو المرض‪ ،‬أو العوارض األخرى‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬مقاصد التشريع التحسينية‪:‬‬ ‫وهي المصالح التي تقتضيها مكارم األخالق‪ ،‬ومحاسن العادات‪ ،‬وإذا ُفقدت في المجتمع لم يختل نظامه‪ ،‬ولم يقع في‬ ‫حرج‪ ،‬غير أن حياته تكون مستنكرة في تقدير العقول السليمة والفطر المستقيمة‪.‬‬ ‫ومن أمثلتها‪ :‬األمر بالتطهر والتحرز من النجاسات‪ ،‬وستر العورة‪ ,‬وأخذ الزينة‪ ,‬والتقرب إلى هللا تعالى بنوافل‬ ‫الخيرات‪.‬‬ ‫‪14‬‬ ‫الكليات الخمس الكبرى‪:‬‬ ‫ثانيا‪ :‬من وسائل الحفاظ على ُ‬ ‫الكتب من أجل (الحفاظ على الكليات الخمس)‪ ،‬فحفظها أعظم مقاصد التشريع اإلسالمي؛ إذ‬ ‫َ‬ ‫الرسل‪ ،‬وأنزل‬ ‫َ‬ ‫أرسل هللا‬ ‫ما من حكم شرعي إال وهو يحقق مصلحة للناس‪ ،‬أساسها المحافظة على الدين‪ ،‬أو النفس‪ ،‬أو العقل‪ ،‬أو النسل‪ ،‬أو‬ ‫المال‪.‬‬ ‫وفيما يلي بيان حفظ هذه الكليات الخمس‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬حفظ الدين‪:‬‬ ‫ضيِع‬ ‫الدين هو أهم الضروريات الخمس‪ ,‬وهو أصل مقاصد التشريع اإلسالمي كلها‪ ,‬وال صالح للبشرية وال للدنيا متى ُ‬ ‫الدين فيهما‪.‬‬ ‫ومن األحكام التي شرعها اإلسالم لحفظ هذا المقصد ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬الحث على التعلم والتعليم‪ ,‬والدعوة إلى هللا‪ ,‬والجهاد في سبيله‪ ,‬واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬ ‫اَّللِ ﴾‪.‬‬ ‫اس تَأْمرو َن ِباْلمعر ِ‬ ‫وف َوتَ ْن َه ْو َن َع ِن اْل ُم ْن َك ِر َوتُ ْؤ ِم ُنو َن ِب َّ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ِ‬ ‫ُخ ِر َج ْت ل َّلن ِ ُ ُ‬ ‫قال تعالى‪ُ ﴿ :‬كنتم خير أ َّ ٍ‬ ‫ُمة أ ْ‬ ‫ُْ َ ْ َ‬ ‫النهي عن الشرك‪ ،‬والكفر‪ ,‬والفسق واإلثم‪ ،‬واألمر باالتباع‪ ,‬والتحذير من االبتداع‪ ,‬وتشريع الحدود والتعزيزات‬ ‫‪-2‬‬ ‫ُْ‬ ‫والكفارات؛ ردعاً لمن قارف شيئاً من ذلك‪:‬‬ ‫اَّللِ َف َكأََّن َما َخ َّر‬ ‫ين ِب ِه َو َمن ُي ْش ِر ْك ِب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ور حنفاء ََّّلل َغ ْي َر ُم ْش ِرِك َ‬ ‫اجتَِنُبوْا َق ْو َل ُّ‬ ‫الز ِ‬ ‫األوثَ ِ‬ ‫ان َو ْ‬ ‫ِ‬ ‫اجتَِنُبوْا ِ‬ ‫الر ْج َس م َن ْ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬ف ْ‬ ‫َّللاِ َفِإَّنها ِمن تَْقوى اْلُقُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان س ِح ٍ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫طُف ُه الط ْي ُر أ َْو تَ ْه ِوى ِبه ِ ُ‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب ﴾‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يق ذل َك َو َمن ُي َعظ ْم َش َعائ َر َّ َ‬ ‫يح فى َم َك ٍ َ‬ ‫آء َفتَ ْخ َ‬ ‫م َن َّ َ‬ ‫َّللا َش ِدي ُد اْل ِعَق ِ‬ ‫اب ﴾‪.‬‬ ‫َّللاَ ِإ َّن َّ َ‬ ‫اك ْم َع ْن ُه َفانتَ ُهوْا َواتَُّقوْا َّ‬ ‫ول َف ُخ ُذوهُ َو َما َن َه ُ‬ ‫الرُس ُ‬ ‫اك ُم َّ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َمآ َءاتَ ُ‬ ‫ثانياً‪ :‬حفظ َّ‬ ‫الن ْفس‪:‬‬ ‫السمو ِ‬ ‫ات َو َما ِفي‬ ‫ِ‬ ‫جعل اإلسالم كل ما في السماوات واألرض مسخ اًر لإلنسان‪ ,‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َس َّخ َر َل ُك ْم َما في َّ َ َ‬ ‫ض َج ِميعاً ِم ْن ُه ﴾‪.‬‬ ‫األ َْر ِ‬ ‫فالحفاظ على النفس من أكبر مقاصد التشريع اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪15‬‬ ‫األحكام التي شرعها اإلسالم لحفظ النفس‪:‬‬ ‫‪ -1‬أباح التشريع اإلسالمي ارتكاب المحظورات في سبيل حفظ النفس‪:‬‬ ‫فقد أباح أكل المحرمات‪ ,‬وشرب الخمر عند االضطرار إليها؛ حفظاً للنفس‪ ,‬قال تعالى‪ِ ﴿ :‬إَّن َما َح َّرم َعَل ْي ُكم اْل َم ْيتَ َة َو َّ‬ ‫الد َم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يم ﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ور َّرح ٌ‬ ‫ط َّر َغ ْي َر َبا ٍغ َوالَ َع ٍاد َفال ِإ ْث َم َعَل ْي ِه ِإ َّن َّ‬ ‫َّللاَ َغُف ٌ‬ ‫اض ُ‬ ‫ير ومآ أ ُِه َّل ِب ِه لِغي ِر َّ ِ‬ ‫َّللا َف َم ِن ْ‬ ‫َْ‬ ‫َوَل ْحم اْل ِخ ِ‬ ‫نز ِ َ َ‬ ‫َ‬ ‫حرم التشريع اإلسالمي قتل النفس‪ ،‬أو االعتداء عليها بغير حق‪ ,‬أو االنتحار‪:‬‬ ‫‪َّ -2‬‬ ‫النْف َس َّالِتي َح َّرَم َّ‬ ‫َّللاُ ِإالَّ ِباْل َح ِق ﴾‪.‬‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬والَ تَْقُتُلوْا َّ‬ ‫ان ِب ُك ْم َر ِحيماً ﴾‪.‬‬ ‫َنف َس ُك ْم ِإ َّن َّ‬ ‫َّللاَ َك َ‬ ‫وقال تعالى‪َ ﴿ :‬وال تَْقُتُلوا أ ُ‬ ‫وقال صلى هللا عليه وسلم‪« :‬لن ي َزال المؤمن في ُفسح ٍة من ِديِن ِه ما لم ي ِ‬ ‫ص ْب دماً َحراماً»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫«م ْن تَ َح َّسى ُس ًّما‪َ ،‬فَق َت َل َنْف َس ُه‪َ ،‬ف ُس ُّم ُه ِفي َي ِدِه َيتَ َح َّساهُ ِفي َن ِ‬ ‫ار َج َهَّن َم‪َ ،‬خال ًدا ُم َخل ًدا ف َ‬ ‫يها أ ََب ًدا ‪.»...‬‬ ‫وقال أيضا‪َ :‬‬ ‫وأما القصاص‪ ،‬فإن اإلسالم شرعه زج اًر لمن أراد التعدي على النفوس المعصومة‪ ,‬قال تعالى‪ ﴿ :‬وَل ُكم ِفي اْل ِقص ِ‬ ‫اص‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫اب َل َعَّل ُك ْم تَتَُّقو َن ﴾‪.‬‬ ‫ح َياةٌ َيا أُولِي األَْل َب ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ثالثاً‪ :‬حفظ العقل‪:‬‬ ‫جاء التشريع اإلسالمي بالمحافظة على العقل؛ ألنه الوسيلة إلى فهم وإدراك الحقوق والواجبات‪.‬‬ ‫وبتغييب العقل ينحدر اإلنسان إلى حالة أكثر انحطاطاً من البهائم‪ ,‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬وَلَق ْد َذ َأرَْنا لِ َج َهَّن َم َكِث ًا‬ ‫ير ِم َن اْل ِج ِن‬ ‫ِ‬ ‫صرو َن ِبها وَلهم ءا َذ َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ان ال َي ْس َم ُعو َن ِب َهآ أ ُْوَلئ َك َكاأل َْن َعا ِم َب ْل ُه ْم أ َ‬ ‫َض ُّل‬ ‫َ َ ُْ َ ٌ‬ ‫وب ال َيْفَق ُهو َن ِب َها َوَل ُه ْم أ ْ‬ ‫َعُي ٌن ال ُي ْب ُ‬ ‫س َل ُه ْم ُقلُ ٌ‬ ‫وِ‬ ‫اإل ْن ِ‬ ‫َ‬ ‫أ ُْوَلِئ َك ُه ُم اْل َغ ِافُلو َن ﴾‪.‬‬ ‫ومن األحكام التي جاءت في التشريع اإلسالمي للمحافظة على العقل ما يلي‪:‬‬ ‫‪َ -1‬ج ْعل العقل من أهم شروط التكليف‪:‬‬ ‫ين الَ َي ْع ِقُلو َن﴾‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّللاِ ُّ‬ ‫الص ُّم اْل ُب ْك ُم الذ َ‬ ‫اب ِع َند َّ‬ ‫الدو ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقد دعا هللا تعالى إلى إعمال العقل‪ ،‬وذم تعطيله‪ ,‬قال تعالى‪﴿ :‬إ َّن َش َّر َّ َ‬ ‫‪16‬‬ ‫قص هللا علينا مقالة الكافرين يوم القيامة حيث بين على لسانهم أن سبب خسرانهم هو تعطيلهم لعقولهم‪ ,‬فقال‬ ‫كما َّ‬ ‫الس ِع ِ‬ ‫ير ﴾‪.‬‬ ‫تعالى‪ ﴿ :‬وَقالُوْا َلو ُكَّنا َنسمع أَو َن ْع ِقل ما ُكَّنا ِفى أَصح ِ‬ ‫اب َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َُْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ -2‬تحريم الخمر‪:‬‬ ‫اجتَِنُبوهُ َل َعَّل ُك ْم‬ ‫طِ‬ ‫األزالَم ِر ْج ٌس ِم ْن َعم ِل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬يأَي َّ ِ‬ ‫ان َف ْ‬ ‫الش ْي َ‬ ‫َ‬ ‫اب َو ْ ُ‬ ‫آمُنوْا إَّن َما اْل َخ ْم ُر َواْل َم ْيس ُر َو َ‬ ‫األنص ُ‬ ‫ين َ‬ ‫ُّها الذ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّللاِ َو َع ِن َّ‬ ‫الصَلو ِاة‬ ‫ص َّد ُك ْم َعن ِذ ْك ِر َّ‬ ‫ِ‬ ‫طان أَن يوِقع بيَن ُكم اْلع َداوة واْلب ْغض ِ‬ ‫آء فى اْل َخ ْم ِر َواْل َم ْيس ِر َوَي ُ‬ ‫ُ َ َْ ُ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫الش ْي َ ُ‬ ‫تُْفلِ ُحو َن ِإَّن َما ُي ِر ُ‬ ‫يد َّ‬ ‫َف َه ْل أ َْنتُ ْم ُّمنتَ ُهو َن ﴾‪.‬‬ ‫«كل ُم ْس ِك ٍر‬ ‫حرم اإلسالم كل أنواع المسكرات والمخدرات التي تذهب العقل‪ ،‬أو تغيبه‪ ,‬قال صلى هللا عليه وسلم‪ُّ :‬‬ ‫وقد َّ‬ ‫اإلنسان بأخالقه وسلوكه إلى مستوى البهائم‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ينحط‬ ‫َح َرٌام»‪ ،‬وبتغييب العقل‬ ‫ُ‬ ‫رابعاً‪ :‬حفظ النسل‪:‬‬ ‫الخلف والعقب‪.‬‬ ‫المراد بالنسل‪ :‬الولد والذرية‪ ،‬أو َ‬ ‫فقد خلق هللا الناس كلهم من نفس واحدة‪ ,‬ثم خلق منها زوجها‪ ,‬ثم جعل البشر جميعاً من نسلهما‪ ،‬فكان النسل هو‬ ‫السبيل إلى بقاء العنصر البشري‪.‬‬ ‫األحكام التي شرعها اإلسالم لحفظ النسل‪:‬‬ ‫‪ -1‬شرع اإلسالم النكاح طريقاً للمحافظة على النسل‪:‬‬ ‫ضلِ ِه َو َّ‬ ‫َّللاُ َو ِاس ٌع‬ ‫مائ ُكم ِإن ي ُكونوْا ُفَقرآء ي ْغِن ِهم َّ ِ‬ ‫َّللاُ من َف ْ‬ ‫ِ‬ ‫الصالِ ِح ِ ِ ِ‬ ‫ين م ْن ع َباد ُك ْم َوإِ ْ َ ُ َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫امى ِم ْن ُك ْم َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬وأ َْنك ُحوْا األََي َ‬ ‫يم ﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َعل ٌ‬ ‫‪ -2‬تحريم الزنا‪:‬‬ ‫آء َسِبيالً ﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الزَنى ِإَّن ُه َك َ‬ ‫ان َفاح َش ًة َو َس َ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬والَ تَْق َرُبوْا ِ‬ ‫‪17‬‬ ‫اح ٍد ِم ْن ُه َما ِم َائ َة َجْل َد ٍة َوال‬ ‫الزِاني َفاجلِ ُدوا ُك َّل و ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الزِان َيةُ و َّ‬ ‫َ‬ ‫كما شرع اإلسالم حد الزنا في حق مرتكبه‪ ,‬فقال تعالى‪َّ ﴿ :‬‬ ‫ِ‬ ‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬ ‫اآلخ ِر وْلي ْشه ْد ع َذابهما َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين َّ ِ ِ‬ ‫ْخ ْذ ُك ْم ِب ِه َما َْأرَف ٌة ِفي ِد ِ‬ ‫طائَف ٌة م ْن اْل ُم ْؤ ِمن َ‬ ‫ين ﴾‪.‬‬ ‫َ َ َ َ َُ َ‬ ‫َّللا إ ْن ُكنتُ ْم تُ ْؤ ِم ُنو َن ب َّ َ َ ْ‬ ‫تَأ ُ‬ ‫خامساً‪ :‬حفظ المال‪:‬‬ ‫يعد حفظ المال من المقاصد الكبرى في التشريع اإلسالمي؛ ألنه ضرورة ال غنى لإلنسان عنها في حياته ومعاشه‪.‬‬ ‫ال َواْل َب ُنو َن ِز َين ُة اْل َح َي ِاة ُّ‬ ‫الد ْن َيا ﴾‪.‬‬ ‫وقد عده القرآن الكريم من زينة الحياة الدنيا‪ ,‬قال تعالى‪ ﴿ :‬اْل َم ُ‬ ‫اء أ َْم َواَل ُك ْم َّالِتي َج َع َل َّ‬ ‫َّللاُ َل ُك ْم ِق َياماً ﴾‪,‬‬ ‫السَف َه َ‬ ‫وللمال دور مهم في نهضة األمم أو انكسارها‪ ,‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬وال تُ ْؤتُوا ُّ‬ ‫تد عليه‪ ،‬وُي ْسنتَ ُد إليه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬جعلها مما يمسككم‪ ،‬ويثبتكم‪ ،‬فهي لحياتكم كالعماد والسناد الذي ُي ْع َم ُ‬ ‫األحكام التي شرعها اإلسالم لحفظ المال‪:‬‬ ‫حق‪:‬‬ ‫وحرم أكل مال الغير بغير ٍ‬ ‫‪ -1‬شرع اإلسالم تملك المال‪ ،‬وحث على تكسبه من الوجوه الطيبة المباحة‪َّ ،‬‬ ‫ْكُلوْا أَمواَل ُكم بين ُكم ِباْلب ِ‬ ‫اط ِل ِإالَّ أَن تَ ُكو َن ِت َج َارةً َعن تَ َر ٍ‬ ‫اض ِم ْن ُك ْم ﴾‪.‬‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬يا أَي َّ ِ‬ ‫ام ُنوْا الَ تَأ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬‫ين َء َ‬ ‫ُّها الذ َ‬ ‫َ َ‬ ‫اء َخ ْيٌر ِم ْن‬ ‫وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص – رضي هللا عنه ‪ِ« :-‬إَّنك إن تَدع ورثَتَك أ ْ ِ‬ ‫َغنَي َ‬ ‫َ ْ َ َ ََ َ‬ ‫الناس ِفي أَي ِدي ِهم‪.‬وِإَّنك مهما أ َْنَفْقت ِمن نَفَق ٍة َفِإَّنها صدَقةٌ؛ حتَّى ُّ‬ ‫اللْق َمةُ اَّلِتي تَ ْرَف ُع َها ِإَلى ِفي‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ْ ْ َ َ ََْ‬ ‫َن تََد َع ُه ْم َعاَل ًة‪َ ،‬يتَ َكفُفو َن َّ َ‬ ‫أْ‬ ‫ام َأرَِت َك»‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫‪ -2‬أمر اإلسالم بحفظ المال‪ ,‬ونهى عن إضاعته‪ ،‬أو اإلسراف في إنفاقه‪ ,‬أو التبذير والتقتير‪:‬‬ ‫الشي ِ‬ ‫يل َوالَ تَُب ِذ ْر تَ ْب ِذ ًا‬ ‫السِب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان‬ ‫اط ِ‬ ‫ين َوَك َ‬ ‫ان َّ َ‬ ‫ين َك ُانوْا ِإ ْخ َو َ‬ ‫ير ِإ َّن اْل ُم َب ِ‬ ‫ذر َ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬وَءات َذا اْلُق ْرَبى َحَّق ُه َواْلم ْسك َ‬ ‫ين َو ْاب َن َّ‬ ‫ور ﴾‪.‬‬ ‫طان لِرب ِ‬ ‫ِه َكُف ًا‬ ‫َّ‬ ‫الش ْي َ ُ َ‬ ‫وما َّم ْح ُسو اًر ﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬والَ تَ ْج َع ْل َي َد َك َم ْغُلوَل ًة ِإَلى ُع ُن ِق َك َوالَ تَْب ُس ْ‬ ‫ط َها ُك َّل اْل َب ْسط َفتَْق ُع َد َمُل ً‬ ‫‪18‬‬ ‫‪ -3‬شرع اإلسالم َّ‬ ‫حد الحرابة والسرقة؛ حفاظاً على أموال الناس‪:‬‬ ‫ط َع أ َْي ِدي ِه ْم‬ ‫ض َفساداً أَن يَقَّتلُوْا أَو يصَّلبوْا أَو تَُق َّ‬ ‫ْ َُ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ُي َح ِارُبو َن َّ‬ ‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه َوَي ْس َع ْو َن فى ْ‬ ‫قال تعالى‪ِ ﴿ :‬إَّنما جز َّ ِ‬ ‫آء الذ َ‬‫َ ََ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ذلِ َك َل ُه ْم ِخ ْزٌى ِفى ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫يم ﴾‪.‬‬ ‫الد ْن َيا َوَل ُه ْم فى اآلخ َرِة َع َذ ٌ‬ ‫اب َعظ ٌ‬ ‫األر ِ‬ ‫َوأ َْر ُجُل ُهم م ْن خالف أ َْو ُي َنف ْوْا م َن ْ‬ ‫َّللا ع ِز ٌ ِ‬ ‫طعوْا أَي ِديهما جزآء ِبما َكسبا ن َكاالً ِمن َّ ِ‬ ‫ِق َو َّ‬ ‫يم ﴾‪.‬‬ ‫يز َحك ٌ‬ ‫َّللا َو َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫الس ِارَق ُة َفا ْق َ ُ ْ َ ُ َ َ َ ً َ َ َ َ‬ ‫السار ُ‬ ‫وقال تعالى‪َ ﴿ :‬و َّ‬ ‫‪19‬‬ ‫القسم الثاني‪ :‬مصادر التشريع اإلسالمي‬ ‫المصدر األول‪ :‬القرآن الكريم‬ ‫الوحدة األولى‪ :‬مدخل إلى القرآن الكريم‬ ‫الوحدة الثانية‪ :‬ثبوت القرآن الكريم‬ ‫الوحدة الثالثة‪ :‬واجب المسلم نحو القرآن الكريم‬ ‫الوحدة الرابعة‪ :‬مفهوم إعجاز القرآن الكريم ووجوهه‬ ‫‪20‬‬ ‫المصدر األول‪ :‬القرآن الكريم‬ ‫الوحدة األولى‪ :‬مدخل إلى القرآن الكريم‬ ‫تعريف القرآن الكريم‬ ‫الفرق بين القرآن الكريم والحديث القدسي‬ ‫خصائص القرآن الكريم‬ ‫‪21‬‬ ‫أوالً‪ :‬أ‪ -‬تعريف القرآن الكريم‪:‬‬ ‫المتعبد بتالوته‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫القرآن الكريم هو‪ :‬كالم هللا‪ ،‬المنزل على نبيه محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬المعجز بلفظه‪،‬‬ ‫المنقول إلينا بالتواتر‪ ،‬المكتوب في المصاحف من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس‪.‬‬ ‫ب‪ -‬تعريف الحديث القدسي‪:‬‬ ‫الحديث القدسي هو‪ :‬ما أضافه النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬إلى هللا تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ويطلق على الحديث القدسي أيضاً مسمى‪ :‬الحديث اإللهي‪ ،‬أو الحديث الرباني‪.‬‬ ‫جـ ‪ -‬صفة الحديث القدسي‪:‬‬ ‫أن يقول الراوي فيه‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فيما يرويه عن ربه عز وجل‪.... :‬‬ ‫أو يقول الراوي‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ : -‬قال هللا تعالى‪ ،... :‬أو‪ :‬يقول هللا تعالى‪.... :‬‬ ‫س بين القرآن الكريم والحديث القدسي‪:‬‬ ‫د‪ -‬ال َل ْب َ‬ ‫يكن هناك َل ْب ٌس مطلقا بين القرآن الكريم والحديث القدسي؛ وذلك لألسباب التالية‪:‬‬ ‫ولم ْ‬ ‫النبي – صلى هللا عليه وسلم – شديد الحرص على حفظ القرآن الكريم لنفسه‪ ،‬وكان كذلك‬ ‫‪ -1‬كان ُّ‬ ‫لصحبه الكرام‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫شديد الحرص على تعليم كتاب هللا‬ ‫‪ -2‬كان الصحابة الكرام – رضوان هللا عليهم – حريصين أيضا َّ‬ ‫أشد الحرص على حفظ كتاب هللا‬ ‫تعالى‪.‬‬ ‫‪22‬‬ ‫النبي – صلى هللا عليه وسلم – ُيحدد مكان كل سورة في القرآن الكريم عند نزول الوحي‪،‬‬ ‫‪ -3‬كان ُّ‬ ‫الس َوَر‬ ‫فيقول – صلى هللا عليه وسلم – ضعوا هذه السورة بعد سورة كذا‪ ،‬وقبل السورة كذا‪ ،‬فيحد ُد ُّ‬ ‫بأسمائها‪.‬‬ ‫الس َور الكريمة‪ ،‬فيقول – صلى هللا‬ ‫النبي – صلى هللا عليه وسلم – ُيحدد مواضع اآليات في ُّ‬‫‪ -4‬كان ُّ‬ ‫عليه وسلم – ضعوا هذه اآلية أو اآليات في السورة كذا‪( ، ،‬فيحد ُدها باسمها) قبل اآلية كذا‪ ،‬وبعد اآلية‬ ‫كذا‪.‬‬ ‫فعلِ َم بهذا الفعل الفرق الواضح‬ ‫وهذا األمر لم يفعله – صلى هللا عليه وسلم – مع األحاديث القدسية‪ُ ،‬‬ ‫بين الحديث القدسي والقرآن الكريم‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الفرق بين القرآن الكريم والحديث القدسي‪:‬‬ ‫الحديث القدسي‬ ‫القرآن الكريم‬ ‫معناه من عند هللا‪ ،‬ولفظه من عند رسول هللا األمين‪.‬‬ ‫موحى بلفظه ومعناه من عند هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫تجوز روايته بالمعنى‪.‬‬ ‫ال تجوز روايته بالمعنى‪.‬‬ ‫ال تجوز الصالة به‪.‬‬ ‫ال تصح الصالة إال به‪.‬‬ ‫ال يتعبد بتالوته‪ ،‬وثوابه عام كغيره من األعمال الصالحة‪.‬‬ ‫متعبد بتالوته‪ ،‬ولقارئه بكل حرف حسنة‪.‬‬ ‫يجوز مسه وقراءته للمحدث والجنب‪.‬‬ ‫يحرم على المحدث مسه‪ ،‬وعلى الجنب تالوته‪.‬‬ ‫فيه قليل من المتواتر‪ ،‬وكثير منه من رواية اآلحاد‪.‬‬ ‫منقول إلينا بالتواتر‪.‬‬ ‫فيه الصحيح والضعيف‪ ،‬بل والموضوع‪.‬‬ ‫مقطوع بصحته‪ ،‬ومحفوظ من التحريف والتبديل‪.‬‬ ‫ُكتب مع السنة النبوية‪.‬‬ ‫مكتوب كله في المصاحف‪.‬‬ ‫‪23‬‬ ‫ثالثا‪ :‬خصائص القرآن الكريم‪:‬‬ ‫‪ -1‬خاتم الكتب والمهيمن عليها‪:‬‬ ‫القرآن الكريم آخر الكتب السماوية؛ ألنه أنزل على محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهو خاتم النبيين‪ ،‬ومن‬ ‫ثم اقتضت حكمة هللا أن يكون شامالً لجميع المحاسن في الكتب السابقة‪.‬‬ ‫اب َو ُم َه ْي ِمناً َعَل ْي ِه﴾‪.‬‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬وأ َْن َزْلَنا ِإَل ْي َك اْل ِكتَاب ِباْلح ِق مص ِدقاً لِما ب ْي َن ي َد ْي ِه ِم َن اْل ِكتَ ِ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫‪ُّ -2‬‬ ‫تكف ُل هللا بحفظه‪:‬‬ ‫خص هللا القرآن الكريم بالحفظ‪ ,‬وتكفل بذلك‪ ،‬فقال سبحانه‪ِ ﴿ :‬إَّنا نحن ن َّزْلنا ِ‬ ‫الذ ْك َر َوإَِّنا َل ُه َل َح ِاف ُ‬ ‫ظو َن﴾‪.‬‬ ‫َُْ َ َ‬ ‫وأما الكتب السماوية السابقة فكانت مهمة حفظها موكولة إلى األحبار والرهبان‪ ,‬ولكنهم ضيَّعوا األمانة‪،‬‬ ‫ورِه ْم‬ ‫ظ ُه ِ‬ ‫اء ُ‬ ‫اب َلتَُبِيُنَّن ُه لِ َّلن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا ِميثَ َّ ِ‬ ‫ون ُه َفَنَب ُذوهُ َوَر َ‬ ‫اس َوال تَ ْكتُ ُم َ‬ ‫ين أُوتُوا اْلكتَ َ‬ ‫اق الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َخ َذ َّ ُ‬ ‫﴿وإِ ْذ أ َ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬ ‫اشتَ َرْوا ِب ِه ثَ َمناً َقلِيالً َفِب ْئ َس َما َي ْشتَ ُرو َن﴾‪.‬‬ ‫َو ْ‬ ‫‪ -3‬شفاؤه للناس‪:‬‬ ‫اء َوَر ْح َم ٌة ﴾‪ ,‬ولم يقل هللا إنه دواء‪ ،‬بل وصفه بالشفاء؛ ألن‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬وُنَن ِزُل ِم َن اْلُق ْر ِ‬ ‫آن َما ُه َو شَف ٌ‬ ‫الشفاء ثمرة الدواء‪ ،‬ولم يعين نوع الشفاء‪ ،‬بل جعله عاماً؛ ليشمل شفاء األدواء المعنوية من علل‬ ‫َّللاِ تَ ْ‬ ‫ط َمِئ ُّن‬ ‫النفوس وأمراض القلوب‪ ,‬إضافة إلى علل األبدان‪ ,‬قال سبحانه وتعالى‪ ﴿ :‬أَال ِب ِذ ْك ِر َّ‬ ‫وب﴾‪.‬‬ ‫اْلُقلُ ُ‬ ‫‪24‬‬ ‫وهو عالج لألمراض الحسية كذلك‪ ,‬فعن عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬أن رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫ِب ِه َّن‪،‬‬ ‫ات؛ َفَل َّما ثَُق َل ُك ْن ُت أ َْن ِف ُث َعَل ْي ِه‬ ‫َُ‬ ‫ض َّال ِذي مات ِف ِ‬ ‫يه ِباْلمع ِوَذ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ان َي ْنُف ُث َعَلى َنْف ِس ِه ِفي اْلم َر ِ‬ ‫َ‬ ‫«ك َ‬ ‫وسلم َ‬ ‫َوأ َْم َس ُح ِبَي ِد َنْف ِس ِه لَِب َرَكِت َها»‪.‬‬ ‫شفاعته ألهله يوم القيامة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫‪-4‬‬ ‫َص َحاِب ِه»‪.‬‬ ‫يعا أل ْ‬ ‫يقول صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ا ْقرؤوا اْلُقرآن؛ َفِإَّنه يأِْتي يوم اْل ِقي ِ ِ‬ ‫امة َشف ً‬ ‫ُ َ َْ َ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َُ‬ ‫وأصحابه هم الذين يتلونه حق تالوته‪ ,‬ويقيمون حروفه وحدوده‪ ,‬ويشتغلون به تالوة وتدب اًر وعلماً وعمالً‪.‬‬ ‫َي َر ِب‪َ :‬م َن ْعتُ ُه‬ ‫ِ‬ ‫يوم اْل ِقي ِ‬ ‫ان لِْل َع ْب ِد‬ ‫آن َي ْشَف َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ام‪ :‬أ ْ‬ ‫ول الصَي ُ‬ ‫امة‪َ ،‬يُق ُ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫ام َواْلُق ْر ُ‬ ‫وقال صلى هللا عليه وسلم‪« :‬الصَي ُ‬ ‫ال‪:‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫آن‪ :‬م َنعتُ ُه َّ ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫الشهو ِ‬ ‫ات ِب َّ‬ ‫الن َه ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الن ْوَم باللْيل‪َ ،‬ف َشف ْعني فيه‪َ ،‬ق َ‬ ‫ول اْلُق ْر ُ َ ْ‬ ‫ار‪َ ،‬ف َشف ْعني فيه‪َ ،‬وَيُق ُ‬ ‫ام َو َ َ‬ ‫الط َع َ‬ ‫َف ُي َشَّف َع ِ‬ ‫ان»‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫الوحدة الثانية‪ :‬ثبوت القرآن الكريم‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬نزول القرآن الكريم‪ :‬أنواعه وح َكمه‪.‬‬ ‫وصوره‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الوحي‪ :‬تعريفه ُ‬ ‫ثالثا‪ :‬جوانب ثبوت القرآن الكريم‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬تحريف الكتب السماوية السابقة‪.‬‬ ‫‪26‬‬ ‫أوال‪ :‬نزول القرآن الكريم‪:‬‬ ‫‪ -1‬القرآن الكريم في اللوح المحفوظ‪:‬‬ ‫كان القرآن موجوداً في اللوح المحفوظ قبل نزوله على نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ,‬قال تعالى‪﴿ :‬‬ ‫بل هو ُقرآن م ِجيد ِفي َلو ٍح محُف ٍ‬ ‫وظ ﴾‪.‬‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ ْ َُ ْ ٌ َ ٌ‬ ‫كتب هللاُ فيه – في األزل – كل ما كان‪ ،‬وما سيكون إلى قيام‬ ‫واللوح المحفوظ‪ :‬هو ِ‬ ‫جل العام الذي َ‬ ‫الس ُّ‬ ‫ض وال ِفي أ َْنُف ِس ُكم ِإالَّ ِفي ِكتَ ٍ ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫الساعة‪ ,‬قال تعالى‪﴿ :‬ما أَص ِ‬ ‫اب م ْن َقْب ِل أ ْ‬ ‫َن َن ْب َأَر َها‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫اب م ْن ُمص َيبة في األ َْر َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َها) أي‪ :‬نخلقها‪.‬‬ ‫ِإ َّن َذلِك عَلى َّ ِ ِ‬ ‫َّللا َيس ٌير﴾‪ ،‬ومعنى ( َن ْب َأر َ‬ ‫َ َ‬ ‫وقد كتب هللا مقادير ِ‬ ‫كل شيء قبل أن يخلق السماوات واألرض بـ (‪ )50,000‬خمسين ألف سنة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫‪ -2‬إنزال القرآن الكريم‪:‬‬ ‫للقرآن الكريم نزوالن‪ ،‬وهما كالتالي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬النـزول األول‪:‬‬ ‫وهو نـزوله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا‪ ,‬في شهر رمضان‪ ,‬في ليلة القدر‪ ,‬جملة واحدة‪ ،‬وهي‬ ‫الليلة المباركة‪.‬‬ ‫اس وبِين ٍ‬ ‫ات ِم َن اْل ُه َدى َواْلُف ْرَق ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬شهر رمضان َّال ِذي أ ِ ِ ِ‬ ‫ان﴾ البقرة‬ ‫آن ُه ًدى لِ َّلن ِ َ َ َ‬ ‫ُنزَل فيه اْلُق ْر ُ‬ ‫ُْ َ َ َ َ‬ ‫(‪.)185‬‬ ‫َنزْلَناه ِفي َليَل ِة اْلَق ْد ِر (‪ )1‬ومآ أ َْدراك ما َليَل ُة اْلَق ْد ِر (‪َ )2‬ليَل ُة اْلَق ْد ِر َخير ِمن أَْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ٌْ ْ‬ ‫ْ‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser