شرح كتاب التوحيد من الدرس 1 إلى 4 PDF
Document Details
Uploaded by DiversifiedBandura
1441
عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
Tags
Summary
شرح كتاب التوحيد من الدرس الأول إلى الدرس الرابع للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. شرحه الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر حفظهما الله تعالى. يقدم هذا الكتاب شرحاً وتوضيحات حول مبادئ التوحيد في الإسلام.
Full Transcript
ﺷﺮﺡ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻣﻦ اﻟﺪرس ١إﱃ اﻟﺪرس ٤ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﶈﺴﻦ ﺍﻟﺒﺪﺭ ﺣﻔﻈﻬﻤﺎ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ١٤٤١/٠٣/١٠ﻫـ ١ ...
ﺷﺮﺡ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻣﻦ اﻟﺪرس ١إﱃ اﻟﺪرس ٤ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﶈﺴﻦ ﺍﻟﺒﺪﺭ ﺣﻔﻈﻬﻤﺎ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ١٤٤١/٠٣/١٠ﻫـ ١ اﻟﺪرس اﻷول اﳊﻤــﺪ رب اﻟﻌــﺎﳌﲔ ،وأﺷــﻬﺪ أن ﻻ إﻟــﻪ إﻻ ﷲ وﺣــﺪﻩ ﻻ ﺷ ـﺮﻳﻚ ﻟــﻪ ،وأﺷــﻬﺪ أ ﱠن ﳏﻤــﺪاً ﻋﺒــﺪﻩ ورﺳ ـﻮﻟﻪ ﺻــﻠﻰ ﷲ وﺳﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وأﺻﺤﺎﺑﻪ أﲨﻌﲔ .أﻣﺎ ﺑﻌـﺪ :ﻓﻨﺴـﺄل ﷲ ﻋـﺰ وﺟـﻞ اﻟﻌﻈـﻴﻢ رب اﻟﻌـﺮش اﻟﻌﻈـﻴﻢ ﲰﺎﺋـﻪ اﳊﺴـﲎ وﺻﻔﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ أن ﻳﻜﺘﺐ ﳎﻠﺴﻨﺎ ﻫﺬا ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮﺿﻴﻪ ﻋﺰ وﺟـﻞ ،وأن ﳚﻌﻠـﻪ ﻟﻮﺟﻬـﻪ ﺧﺎﻟﺼـﺎ ،وأن ﻳﻨﻔﻌﻨـﺎ ﺑـﻪ ،وأن ﳚﻌﻠـﻪ ـﻼﺣﺎ وﻋﺎﻓﻴـﺔ ،وأن ﻳﺼـﻠﺢ ﻟﻨـﺎ ﺷـﺄﻧﻨﺎ ﻛﻠـﻪ ،وأن ﻻ ﻳﻜﻠﻨـﺎ ﺣﺠﺔً ﻟﻨﺎ ﻻ ﻋﻠﻴﻨﺎ ،وأن ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ ﻫ ًـﺪى وﺗ ًﻘـﻰ وﺻ ً إﱃ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻃﺮﻓﺔ ﻋﲔ . ﰒ أﻳﻬـﺎ اﻹﺧـﻮة اﻟﻜـﺮام :ﻫـﺬا ا ﻠــﺲ اﻷول ﰲ ﳎـﺎﻟﺲ -ﻧﺴـﺄل ﷲ ﻋــﺰ وﺟـﻞ أن ﻳﺒــﺎرك ﻓﻴﻬـﺎ -ﻧﻘـﺮأ ﻓﻴﻬــﺎ ﻛﺘـﺎ ً ﻣﺒﺎرﻛـﺎً وﻣﺆﻟﱠﻔﺎً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﰲ أﻋﻈﻢ اﻷﻣﻮر وأﺟﻠّﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق؛ أﻻ وﻫﻮ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ وإﺧﻼص اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻪ . واﻟﻜﺘﺎب ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ا ـﺎﻟﺲ » :ﻛﺘـﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ « ﻟﻺﻣـﺎم ﺷـﻴﺦ اﻹﺳـﻼم ﳏﻤـﺪ ﺑـﻦ ﻋﺒـﺪ اﻟﻮﻫـﺎب رﲪـﻪ وﻧﺴـ ِﺠﻪ ـﺎب ﻣﺒــﺎرك وﻓﺮﻳـ ٌﺪ ﰲ ﺑــﻪ ،ﺑــﻞ ﱂ ﻳﺆﻟﱠـﻒ ﻋﻠــﻰ ﻣﻨﻮاﻟـﻪ ْ ﷲ ﺗﻌــﺎﱃ وﻏﻔــﺮ ﻟــﻪ وﺟـﺰاﻩ اﻟﻔــﺮدوس اﻷﻋﻠــﻰ ،وﻫــﻮ ﻛﺘـ ٌ ﻛﺘﺎب أﻓﺮدﻩ رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻟﺒﻴﺎن اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺣﻖ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﻴـﺪ ، وﰲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻣﺜﻠَﻪ ،وﻫﻮ ٌ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ » ﻗﺎل ﷲ ﻗﺎل رﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻮات ﷲ وﺳـﻼﻣﻪ ﻛﺘﺎب ٌ و َﺞ ﰲ ﻟﻴﻔﻪ ﺞ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ وﺳﻠَﻚ ﻣﺴﻠﻜﻬﻢ ،وﻫﻮ ٌ ﻋﻠﻴﻪ« ،ﻓﻠﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺷﻲء إﻻ وﻫﻮ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻛﻼم ﷲ وﻛﻼم رﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻮات ﷲ وﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ . وإذا ﻗـﺮأت ﻛﺘﺎﺑــﻪ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ وﻗـﺮأت ﻛﺘــﺐ أﺋﻤــﺔ اﻟﺴــﻠﻒ اﳌﺆﻟﻔــﺔ ﰲ اﻹﳝــﺎن أو ﰲ أﺻــﻮل اﻟﺪ ﻧــﺔ أو ﰲ اﻻﻋﺘﻘــﺎد أو ﰲ ﻧﺴـ ٍﻖ واﺣـﺪ و ٍـﺞ واﺣـﺪ وﻃﺮﻳﻘ ٍـﺔ واﺣـﺪة ؛ ﻓﻬـﻢ وإن ﺗﺒﺎﻋـﺪت ـﻢ اﻷزﻣـﺎن وﺗﺒﺎﻋـﺪت اﻷوﻃـﺎن اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﲡﺪ أ ـﺎ ﻋﻠـﻰ َ ـﻮرد واﺣـﺪ؛ وﻫـﻮ ﻛﺘـﺎب ﷲ وﺳـﻨﺔ ﲔ واﺣـﺪ وﻳﺼـﺪرون ﻋـﻦ ﻣ ٍ واﺧﺘﻠﻔﺖ اﻷﻟﺴﻦ ﺠﻬﻢ واﺣـﺪ ،ﻷ ـﻢ ﻳﻨﻬﻠـﻮن ﻣـﻦ ﻣﻌـ ٍ ﻣﺘﻔ ٌﻖ ﻟﻴﺲ ﳐﺘﻠﻒ ،ﻷﻧﻪ ﻣﺴﺘﻤ ٌﺪ ﻣﻦ وﺣﻲ ﷲ ؛ ﻛﻼﻣﻪ وﻛـﻼم رﺳـﻮﻟﻪ ﻧﺒﻴﻪ ﺻﻠﻮات ﷲ وﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ ؛ ﻓﻘﻮﳍﻢ ﲨﻴﻌﺎً ِ ﻋﻠﻴــﻪ اﻟﺼــﻼة واﻟﺴــﻼم ،ﲞــﻼف اﻟﻌﻘﺎﺋــﺪ اﻷﺧــﺮى ﻓﺈ ــﺎ ﻣﻀــﻄﺮﺑﺔ وﳐﺘﻠﻔــﺔ وﻣﺘﻨﺎﻗﻀــﺔ ﻷ ــﺎ ﻣﺒﻨﻴــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻌﻘــﻮل واﻵراء وﻓﻬﻮم اﻟﻨﺎس وأذواﻗﻬﻢ ،وﷲ ﺟﻞ وﻋﻼ ﻳﻘﻮل } :ﻭﻟَﻮ ﻛَﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻏَﻴﺮِ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻟَﻮﺟﺪﻭﺍ ﻓﻴﻪ ﺍﺧﺘﻠَﺎﻓًﺎ ﻛَﺜﲑﺍ{]اﻟﻨﺴﺎء.[٨٢: ﳉﻤﻊ ﻫﺬا اﳌﺼﻨﻒ و ﻟﻴـﻒ ﻫـﺬا اﻟﻜﺘـﺎب، وﻗﺪ وﻓﱠﻖ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ اﻹﻣﺎم ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ْ وﺟﻌــﻞ ﷲ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ ﰲ ﻫــﺬا اﻟﻜﺘــﺎب ﺑﺮﻛ ـﺔً ﻋﻈﻴﻤــﺔ وﻧﻔﻌ ـﺎً ﻛﺒ ـﲑاً ؛ ﻓﻬــﺪى ﷲ ﺑــﻪ ﺧﻠﻘ ـﺎً ﻻ ﳛﺼــﻴﻬﻢ إﻻ ﷲ إﱃ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ واﻹﺧﻼص واﻟﺒُﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺸﺮك ﺻﻐﲑﻩ وﻛﺒﲑﻩ دﻗﻴﻘﻪ وﺟﻠﻴﻠﻪ ﲟﺎ أﻛﺮم ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﻫﺬا اﻹﻣﺎم ﻣﻦ ُﺣﺴﻦ ﺗﻴﺐ وﲨـﻊ ؛ وﳍـﺬا ﻋﻈﻤـﺖ ﻋﻨﺎﻳـﺔ أﻫـﻞ اﻟﻌﻠـﻢ وﻃﻼﺑـﻪ ـﺬا اﻟﻜﺘـﺎب؛ ﺣﻔﻈـﺎً ﺐ وﺗﺮ ٍ وﺣﺴﻦ ﺗﺒﻮﻳ ٍ ٍ وﺣﺴﻦ اﺳﺘﺪﻻل ُ ﺑﻴﺎن ُ وﻣﺪارﺳﺔ ،وﻛﺜﺮت ﻣﺼﻨﻔﺎت أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﺑﺪءً ﲟﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺣﻔﻴﺪﻩ ﺳـﻠﻴﻤﺎن ﺑـﻦ ﻋﺒـﺪ ﷲ ﺑـﻦ ﳏﻤـﺪ ﺑـﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﰲ ﻣﺼﻨﻔﻪ اﳊﺎﻓﻞ وﻛﺘﺎﺑﻪ اﳉﺎﻣﻊ »ﺗﻴﺴﲑ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﳊﻤﻴﺪ« ،ﻣﺮوراً ﺑﺘﻬـﺬﻳﺐ واﺧﺘﺼـﺎر وﺗﺘﻤـﻴﻢ أﻳﻀـﺎً ﺣﻔﻴـﺪ ٢ اﻟﺸــﻴﺦ ﻋﺒــﺪ اﻟــﺮﲪﻦ ﺑــﻦ ﺣﺴــﻦ ﺑــﻦ ﳏﻤــﺪ ﺑــﻦ ﻋﺒــﺪ اﻟﻮﻫــﺎب ﰲ ﻛﺘﺎﺑــﻪ »ﻓــﺘﺢ ا ﻴــﺪ« ،ﰒ ﻓﻴﻤــﺎ ﺑﻌــﺪ ﺗﻮاﻟــﺖ اﻟﻜﺘــﺐ وﺗﻌﺪدت اﳌﺆﻟﻔﺎت ﺷﺮﺣﺎً وإﻳﻀﺎﺣﺎً وﺑﻴﺎ ً ﳍﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﻈﻴﻢ اﳌﺒﺎرك »ﻛﺘﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ« . وأﻗـﻮل أﻳﻬـﺎ اﻹﺧـﻮة اﻟﻜـﺮام :وﷲ ﰒ وﷲ ﰒ وﷲ ؛ إ ـﺎ ﻧﻌﻤـﺔ ﻣــﻦ أﻛـﱪ اﻟـﻨﻌﻢ أن ﻳﻮﻓﱠـﻖ اﳌﺴـﻠﻢ ﻟﻘـﺮاءة ﻫـﺬا اﻟﻜﺘــﺎب ، ـﺎب أُﺧﻠــﺺ ﻷﺟـ ِّـﻞ وﷲ إ ــﺎ ﻧﻌﻤــﺔ ﻋﻈﻴﻤــﺔ أن ﻳﻮﻓــﻖ ﻟﻘ ـﺮاءة ﻫــﺬا اﻟﻜﺘــﺎب ،وأن ﳚﻠــﺲ ﻟﻔﻬﻤــﻪ وﻣﺪارﺳــﺘﻪ ،ﻷﻧــﻪ ﻛﺘـ ٌ اﻷﻣــﻮر وأﻋﻈــﻢ اﳌﻘﺎﺻــﺪ وأﻧﺒــﻞ اﻷﻫــﺪاف ،أُﺧﻠِـﺺ ﻟﺒﻴــﺎن اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ اﻟــﺬي ُﺧﻠﻘﻨــﺎ ﻷﺟﻠــﻪ وأوﺟــﺪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘــﻪ ،أﺧﻠــﺺ ﻟﺒﻴــﺎن أﻣـ ٍﺮ ﺿــﻞ ﻓﻴــﻪ ﻛﺜــﲑ ﻣــﻦ اﻟﻨــﺎس ،ﺣــﱴ ﻣــﻨﻬﻢ ﻣــﻦ ﻳﻨﺘﺴــﺐ إﱃ اﻹﺳــﻼم وﻳﻨﺘﺴــﺐ إﱃ اﻟــﺪﻳﻦ! ﰲ ﺿـ ٍ ـﻴﺎع ﻻ ﻳﻌﻠــﻢ ﻣــﺪاﻩ إﻻ ﷲ ﺳ ـﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ ،وذﻟــﻚ ﺑﺴــﺒﺐ اﻟﺘﻔ ـﺮﻳﻂ ﰲ دراﺳــﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ،واﻟﺘﻔ ـﺮﻳﻂ ﰲ دراﺳــﺔ اﻻﻋﺘﻘــﺎد اﻟــﺬي ﻫــﻮ ـﻼل ﻟـﺪﻳﻦ ﻛﻠـﻪ ﻛﻤـﺎ ﻗـﺎل ﷲ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ ﺗﻌـﺎﱃ : اﻷﺳﺎس اﻟـﺬي ﻳُﺒـﲎ ﻋﻠﻴـﻪ اﻟـﺪﻳﻦ وﺗﻘـﺎم ﻋﻠﻴـﻪ اﳌﻠـﺔ ،واﻹﺧـﻼل ﺑـﻪ إﺧ ٌ }ﻭﻣﻦ ﻳﻜْﻔُﺮ ﺑِﺎﻟْﺈِﳝﺎﻥِ ﻓَﻘَﺪ ﺣﺒِﻂَ ﻋﻤﻠُﻪ ﻭﻫـﻮ ﻓـﻲ ﺍﻟْـﺂﺧﺮﺓ ﻣـﻦ ﺍﻟْﺨَﺎﺳـﺮِﻳﻦ]{ اﳌﺎﺋـﺪة ،[٥:ﻛﻤـﺎ ﻗـﺎل ﷲ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ: }ﻭﻟَﻘَـ ـﺪ ﺃُﻭﺣـ ـﻲ ﺇِﻟَﻴـ ـﻚ ﻭﺇِﻟَـــﻰ ﺍﻟﱠـ ـﺬﻳﻦ ﻣـ ـﻦ ﻗَﺒﻠـ ـﻚ ﻟَـ ـﺌﻦ ﺃَﺷـ ـﺮﻛْﺖ ﻟَﻴﺤـ ـﺒﻄَﻦ ﻋﻤﻠُـ ـﻚ ﻭﻟَﺘَﻜُـ ـﻮﻧَﻦ ﻣـ ـﻦ ﺍﻟْﺨَﺎﺳﺮِﻳﻦ (٦٥) ﺑﻞِ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻓَﺎﻋﺒﺪ ﻭﻛُﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻛﺮِﻳﻦ (٦٦) ﻭﻣﺎ ﻗَﺪﺭﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﺣﻖ ﻗَـﺪﺭِﻩ ﻭﺍﻟْـﺄَﺭﺽ ﺟﻤﻴﻌـﺎ ﻗَﺒﻀَـﺘُﻪ ﻳـﻮﻡ ﺍﻟْﻘﻴﺎﻣـﺔ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻣﻄْﻮِﻳﺎﺕ ﺑِﻴﻤﻴﻨﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧَﻪ ﻭﺗَﻌﺎﻟَﻰ ﻋﻤﺎ ﻳﺸﺮِﻛُﻮﻥ]{ اﻟﺰﻣﺮ.[٦٧-٦٥: وﻟـﺌﻦ ﻛــﺎن ﺧﺼــﻮم ﻫــﺬﻩ اﻟــﺪﻋﻮة اﳌﺒﺎرﻛــﺔ ﺣــﺎوﻟﻮا ﺑﺸــﱴ اﻟﻮﺳــﺎﺋﻞ أن ﳛﺠﺒـﻮا ﻋــﻦ اﻟﻨــﺎس ﻫــﺬا اﻟﻀــﻴﺎء وأن ﳛُﻮﻟـﻮا ﺑﻴــﻨﻬﻢ وﺑﲔ ﻫﺬا اﻟﻨﻮر؛ إﻻ أ ﱠن ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﰉ إﻻ أن ﻳﺘﻢ ﻧﻮرﻩ ،وﳍﺬا ﻻ ﻳﺰال ﻫـﺬا اﳋـﲑ وﻫـﺬﻩ اﻟـﺪﻋﻮة اﳌﺒﺎرﻛـﺔ ﺗـﺆﰐ ﲔ ذن ر ــﺎ ،وﻻ ﻳ ـﺰال اﻟﻨــﺎس ﻳﻘﺒِﻠــﻮن ﻋﻠــﻰ ﻫــﺬا اﳋــﲑ وﻳﻘﺒِﻠــﻮن ﻋﻠــﻰ ﻫــﺬا اﻟﻨﻔــﻊ اﻟﻌﻈــﻴﻢ ﻣــﻊ ﻛﺜــﺮة أ ُﻛﻠﻬــﺎ ﻛــﻞ ﺣ ـ ٍ اﻟــﺪﻋﺎ ت اﳌﻐ ِﺮﺿــﺔ ﺿــﺪ دﻋﻮﺗــﻪ رﲪــﻪ ﷲ ﺗﻌــﺎﱃ اﳌﺒﺎرﻛــﺔ .وﻣــﻦ أﻛﺮﻣــﻪ ﷲ ﻋــﺰ وﺟــﻞ ﺑــﺰوال ﻏــﺒﺶ ﻫــﺬﻩ اﻟــﺪﻋﺎ ت ﻋــﻦ وﺟﻬ ــﻪ رأى اﳊﻘﻴﻘ ــﺔ ﺟﻠﻴﱠ ـﺔ ،ورأى اﳊ ــﻖ ﺳ ــﺎﻃﻌﺎً ﻇ ــﺎﻫﺮاً ﺑﻴِّﻨ ــﺎ ،ﲞ ــﻼف ﻣ ــﻦ أﺳ ــﻠﻢ ﻧﻔﺴ ــﻪ ﻟﻠﻤﻐﺮﺿ ــﲔ وأﻫ ــﻞ اﻟﻀ ــﻼل واﻟﺒﺎﻃﻞ وأﺻﻐﻰ ﻷﻛﺎذﻳﺒﻬﻢ وﺗﺮوﳚﺎ ﻢ اﻟﺰاﺋﻔﺔ اﻟﺒﺎﻃﻠﺔ . واﲰﻌـﻮا -رﻋــﺎﻛﻢ ﷲ -ﻫــﺬﻩ اﻟﻘﺼــﺔ ﻓﻔﻴﻬــﺎ ﻋﻈــﺔ وﻋــﱪة ،وﻗــﺪ ذﻛﺮﻫــﺎ اﻹﻣــﺎم اﻟﺸــﻴﺦ ﳏﻤــﺪ ﺑــﻦ إﺑـﺮاﻫﻴﻢ رﲪــﻪ ﷲ ﺗﻌــﺎﱃ ﻣﻔﱵ ﻫﺬﻩ اﻟﺪ ر ﻛﻤﺎ ﰲ ﳎﻤﻮع ﻓﺘﺎواﻩ ؛ ﻋﻦ رﺟﻞ ﻓﺎﺿﻞ ﻳﻘﺎل ﻟﻪ :ﻋﺒﺪ اﻟﺮﲪﻦ اﻟﺒﻜﺮي ،وﻗـﺪ أﻛﺮﻣـﻪ ﷲ ﻋـﺰ وﺟـﻞ ﺑﺪارﺳﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﻓﻬﻤﻪ ،وﻛﺎن ﻋﻨﺪﻩ ﲡﺎرة ﻓﻴﺤﺘﺎج ﻣﻦ أﺟﻞ ﲡﺎرﺗﻪ أن ﻳﺬﻫﺐ إﱃ اﳍﻨﺪ وﻳﻘﻴﻢ ﺎ اﻟﺸـﻬﻮر اﻟﻌﺪﻳـﺪة ، ـﺪرس اﻟﻄـﻼب وﳚﺘﻤـﻊ ﺣﻮﻟـﻪ اﻟﻄـﻼب وﻛـﺎن ﻳﺒـﺪأ ﻛـﻞ ﻓﻜﺎن إﱃ ﺟﻮار اﳌﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﺴﻜﻦ ﻓﻴﻪ أﺣﺪ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻫﻨـﺎك ﻳ ِّ درس ﻣﻦ دروﺳﻪ وﻳﻔﺘﺘﺤﻪ ﺑﻠﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب .ﰒ إن ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻋﺒﺪ اﻟـﺮﲪﻦ اﻟﺒﻜـﺮي أراد أن ﻳﻮﻗـﻒ ﻫـﺬا اﻟﺮﺟـﻞ ٍ ﻋﻠــﻰ اﳊﻘﻴﻘــﺔ ﺑﻌﻴــﺪاً ﻋــﻦ اﻟــﺪﻋﺎ ت اﻟــﱵ وﺻــﻠﺖ إﻟﻴــﻪ ؛ ﻓﺠــﺎء إﱃ ﻫــﺬا اﻟﻜﺘــﺎب » ﻛﺘــﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ « وﻧــﺰع اﻟﻐــﻼف اﻟﺬي ﻳﺘﻀـﺢ ﻣﻨـﻪ اﺳـﻢ اﳌﺆﻟـﻒ ،ﻓﻤـﺮ ﺑـﻪ ذﻟـﻚ اﻟﻌـﺎﱂ ﻓـﺪﻋﺎﻩ ور ﱠﺣـﺐ ﺑـﻪ وﺿـﻴﱠﻔﻪ وأﻛﺮﻣـﻪ وﺗـﺮك اﻟﻜﺘـﺎب ﰲ ﳎﻠـﺲ ﻗﺮﻳﺒـﺎً ﻣﻦ اﳌﻜﺎن اﻟﺬي أﺟﻠﺴﻪ ﻓﻴﻪ ﰒ ﻏﺎب ﻋﻨﻪ ﻟﻴُﺤﻀﺮ ﺷﻴﺌﺎً ،ورﺟﻊ إﻟﻴﻪ واﻟﻜﺘﺎب ﺑﻴﺪ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎﱂ ﻳﻘﺮأ ،وإذا ﻟﻴﺲ أﻣﺎﻣﻪ ٣ إﻻ آ ت وأﺣﺎدﻳــﺚ وﺗﺒﻮﻳﺒــﺎت ﻋﻈﻴﻤــﺔ وﻧ َﻔـﺲ ﻣﺒــﺎرك ﰲ ﺗﻮﺿــﻴﺢ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ وﺑﻴــﺎن اﳊــﻖ واﳍــﺪى !! رأى ﺷــﻴﺌﺎً واﺿــﺤﺎً ﻇﺎﻫﺮاً ،رأى ﻧﻮراً ،ﻓﺄُﻋﺠﺐ ﻟﻜﺘﺎب ؛ ﻓﻠﻤﺎ رﺟﻊ إﻟﻴﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﲪﻦ ﻗﺎل :ﳌﻦ ﻫـﺬا اﻟﻜﺘـﺎب ؟ -ﻓﻤـﺎ أﺣـﺐ أن ﳜـﱪﻩ ﲟــﺎ ﺻــﻨﻊ -ﻗــﺎل ﻟــﻪ :ﻟﻌﻠﻨــﺎ ﻧــﺬﻫﺐ إﱃ ﻓــﻼن اﻟ ُﻜﺘُــﱯ -ﺻــﺎﺣﺐ ﻣﻜﺘﺒــﺔ -ﻧﻌــﺮض ﻋﻠﻴــﻪ اﻟﻜﺘــﺎب ﻟﻌﻠــﻪ ﻳﻔﻴــﺪ ﻣــﻦ ﻫــﻮ ﺻﺎﺣﺒﻪ ؟ ﻓﺬﻫﺒﺎ ﻣﻌﺎً إﻟﻴﻪ ،ﻓﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﻜﺘﺎب وﺟﺎء ﲟﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﻗﺎل :ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﶈﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫـﺎب ، ﻗــﺎل ﻫــﺬا اﻟﻌــﺎﱂ :اﻟﻜــﺎﻓﺮ ؟! ،ﰒ أﻋــﺎد اﻟﻨﻈــﺮ ﻣــﺮة ﻧﻴــﺔ وﺗﻨﺒﱠـﻪ أن اﻟﻠﻌــﻦ اﻟــﺬي ﻛــﺎن ﻳﻔﻌﻠــﻪ وﻛــﺬﻟﻚ اﻟﺘﻜﻔــﲑ -واﻟﻌﻴــﺎذ -اﻟﺬي ﻳﻘﻮﻟﻪ ﰲ ﺣﻖ ﻫﺬا اﻹﻣﺎم ﻛﻠﻪ ﻣﺒﲏ ﻋﻠﻰ دﻋﺎ ت ﻣﺎ أﻧﺰل ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌـﺎﱃ ـﺎ ﻣـﻦ ﺳـﻠﻄﺎن ،ﻓﺘﺤـ ﱠﻮل ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﱵ رأى ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻮر واﻟﻀﻴﺎء ﻻ ﻳﻔﺘﺘﺢ درﺳﺎً ﻣﻦ دروﺳﻪ إﻻ ﻟﺪﻋﺎء ﻟﻠﺸﻴﺦ رﲪﻪ ﷲ ؛ ﻫﺬﻩ واﺣﺪة . أﻟﺘﻘﻴﺖ رﺟﻼً ودار ﺑﻴﲏ وﺑﻴﻨﻪ ﺣﻮ ٌار ﻳﻄﻮل ُ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ -وﻫﻲ أﻳﻀﺎً ﻋﺠﻴﺒﺔ -ﺣﺼﻠﺖ ﱄ أ ﺷﺨﺼﻴﺎً ﰲ إﺣﺪى اﻟﺪول ؛ ـﺖ ﻟــﻪ :ﻛﺘــﺐ ﺷــﺮﺣﻪ ﻟﻜﻨــﻪ ﻗــﺎل ﱄ :إن ﳏﻤــﺪ ﺑــﻦ ﻋﺒــﺪ اﻟﻮﻫــﺎب ﻳﻜــﺮﻩ آل اﻟﺒﻴــﺖ وﻳﺴــﺐ آل اﻟﺒﻴــﺖ و..و..إﱁ ،ﻗﻠـ ُ ﻛﺘﺎب واﺣﺪ ﺷـﻴﺌﺎً ﻣـﻦ ﻫـﺬا اﻟـﺬي ﺗﻘـﻮل ﺷﻴﺦ اﻹﺳﻼم ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب أﻛﺜﺮﻫﺎ ﻗﺪ ﻗﺮأ ﺎ ﻛﺘﺎ ً ﻛﺘﺎ ً وﱂ أر ﰲ ٍ َ ؛ ﻓﻬﻞ ﺗﺴﻤﻲ ﱄ ﻛﺘﺎ ً واﺣﺪاً ﻣﻌﻴﱠﻨﺎً ﻓﻴﻪ ﻫﺬا اﻟﺬي ﺗﻘﻮل ؟ ﻗﺎل ﱄ :ﻳﻌﲏ ﻣـﺎ ﰲ ؟ ﻗﻠـﺖ :أﻧـﺖ ﲡـﺰم اﻵن ﺟـﺰم ن اﻟﺸــﻴﺦ ﻛﻴــﺖ وﻛﻴــﺖ وﻛﻴــﺖ واﻵن ﺗﺴــﺄﻟﲏ !! ﻗﻠــﺖ :أﺧــﻲ ﳚــﺐ أن ﺗﺘﻘ ـﻲ ﷲ ،ﻗﺒــﻞ أن ﺗــﺘﻜﻠﻢ اﻧﻈــﺮ ﰲ ﺣﻘﻴﻘــﺔ اﻷﻣــﺮ وﻻ ﺗﻨﺴــﺎق ﻣــﻊ ﻫــﺬﻩ اﻟــﺪﻋﻴﺎت اﻟﻜﺎذﺑــﺔ اﳌﻐﺮﺿــﺔ ،وﷲ ﺳــﺘﻘﻒ أﻣــﺎم ﷲ ﻋــﺰ وﺟــﻞ ﺧﺼــﻤﺎً ﳍــﺬا اﻹﻣــﺎم وأﻧــﺖ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﻣﻌﻪ ﻃﻮﻳﻼً وﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ :ﻛﻢ أوﻻدك وﻣﺎ أﲰﺎء أوﻻدك؟ وﻫﻮ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ُ ﺗﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺑﻐﲑ ﻋﻠﻢ ؛ ﺳﺆاﱄ ،ﻗﻠﺖ ﻟﻪ :اﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب رﲪﻪ ﷲ أﺗﻌﺮف ﻣﻦ ﻫﻢ أوﻻدﻩ وﻣﺎ ﻫﻲ أﲰﺎؤﻫﻢ؛ وﻗﺪ ﻗﻠـﺖ ﻓﻴـﻪ ﻣـﺎ ﻗﻠﺖ ؟ أوﻻدﻩ :ﻋﻠﻲ ،وﻟﻪ ﺑﻨﺖ واﺣﺪﻩ اﲰﻬﺎ ﻓﺎﻃﻤـﺔ ،واﳊﺴـﻦ ،واﳊﺴـﲔ ،وﻋﺒـﺪ ﷲ ،وإﺑـﺮاﻫﻴﻢ ؛ وﻫـﺆﻻء ﻛﻠﻬـﻢ آل اﻟﺒﻴــﺖ ،وﻋﺒــﺪ اﻟﻌﺰﻳــﺰ ﻫــﺬا اﻻﺳــﻢ اﻟــﺬي ﻋﺒﱠـﺪﻩ ﻻﺳــﻢ ﷲ اﻟﻌﺰﻳــﺰ ،وﺑﻘﻴــﺔ أوﻻدﻩ وﺑﻨــﺖ واﺣــﺪﻩ ﻛﻠﻬــﻢ ﲰــﺎء آل ﻋﻤﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺪﻋﺎ ت اﻟﻜﺎذﺑﺔ . اﻟﺒﻴﺖ.ﺗﻌﺠﺐ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﱵ ِ ﺣﺠﺒَﺖ اﻟﺪﻋﺎ ت اﻟﻜﺎذﺑﺔ اﳌﻐﺮﺿﺔ اﳊﻘﻴﻘـﺔ وﺣﺎﻟـﺖ ﺑـﲔ اﻟﻌـﻮام وﺑـﲔ ﺷـﻬﻮدﻫﺎ ،واﻟﺴـﺒﺐ ﰲ وﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﻛﺜﲑ ﺟﺪاً ؛ َ ِ ـﺎف َﻋﻠَـﻰ أ َُﻣـ ِـﱵ َﺧ ُف َﻣـﺎ أ َ ذﻟـﻚ أﺋﻤـﺔ اﻟﻀـﻼل ودﻋـﺎة اﻟﺒﺎﻃـﻞ ،ﻛﻤـﺎ ﻗـﺎل اﻟﻨـﱯ ﻋﻠﻴــﻪ اﻟﺼـﻼة واﻟﺴـﻼم )) :إِ ﱠن ﻣ ْـﻦ أ ْ َﺧ َـﻮ ُ ﻀﻠِّﲔ(( ؛ واﻟﺴﺒﺐ :أ ﻢ ﳛﺠﺒﻮن ﻋﻦ اﻟﻨﺎس اﳊﻘﻴﻘﺔ . اﻷَﺋِ ﱠﻤﺔَ اﻟْﻤ ِ ُ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻗـﺎل ﷲ ﻗـﺎل رﺳـﻮﻟﻪ ﺻـﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴـﻪ وﺳـﻠﻢ ،ﺣـﱴ ﻛﺘﺎب ٌ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﺑﲔ أﻳﺪﻳﻨﺎ » ﻛﺘﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ « ٌ إﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﺠﻴﺐ ﺻـﻨﻴﻊ اﳌﺼـﻨﻒ -ﺑـﻞ ﻣـﻦ ﺑـﺪﻳﻊ ﺗﺼـﻨﻴﻔﻪ رﲪـﻪ ﷲ ﳍـﺬا اﻟﻜﺘـﺎب -أﻧـﻪ دﺧـﻞ ﰲ اﻵ ت ﻣﺒﺎﺷـﺮة دون أن ﻳﻜﺘﺐ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﻟﻌﺎدة ﻟﻠﻤﺼﻨﻔﲔ واﳌﺆﻟﻔﲔ ،أﻟﻴﺴﺖ ﻋﺎدة ﻣـﻦ ﻳﺼـﻨﻒ ﻛﺘـﺎ ً أن ﻳﺒـﺪأ ﲟﻘﺪﻣـﺔ ﻳـﺬﻛﺮ ﻓﻴﻬـﺎ أﳘﻴﺔ اﻟﻜﺘﺎب وﻣﻮﺿﻮع اﻟﻜﺘﺎب وﺳﺒﺐ ﻟﻴـﻒ اﻟﻜﺘـﺎب وأﻣـﻮر أﺧـﺮى ﻃﻮﻳﻠـﺔ ﺗُـﺬﻛﺮ ﰲ ﻛﺜـﲑ ﻣـﻦ اﳌﺼـﻨﻔﺎت ؟ اﻟﺸـﻴﺦ رﲪ ــﻪ ﷲ ﺗﻌ ــﺎﱃ ﺑ ــﺪأ اﻟﻜﺘ ــﺎب ﺑﻘﻮﻟ ــﻪ )) :ﺑﺴ ــﻢ ﷲ اﻟ ــﺮﲪﻦ اﻟ ــﺮﺣﻴﻢ ﻛﺘ ــﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴ ــﺪ وﻗ ــﻮل ﷲ ﺗﻌ ــﺎﱃ } :ﻭﻣـــﺎ ﺧﻠَﻘْـ ـﺖ ٤ ﺍﻟْﺠِﻦ ﻭﺍﻟْﺈِﻧْﺲ ﺇِﻟﱠﺎ ﻟﻴﻌﺒﺪﻭﻥِ {]اﻟﺬار ت (([٥٦:؛ ﻣﺒﺎﺷﺮة دﺧـﻞ ﰲ اﻵ ت ،وﻛﺄﻧـﻪ ﻳﻮﺻـﻞ ﺑـﺬﻟﻚ رﺳـﺎﻟﺔ إﱃ ﻛـﻞ ﻣـﻦ ﻳﻘـﺮأ ﻛﺘﺎﺑــﻪ أن اﻹﳝــﺎن واﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ واﻟــﺪﻳﻦ ﻳُﺒــﲎ ﻋﻠــﻰ ﻗــﺎل ﷲ ﻗــﺎل رﺳـﻮﻟﻪ ﺻــﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴــﻪ وﺳــﻠﻢ .ﻓﺠﻌــﻞ اﻵﻳــﺔ واﻵ ت اﻟــﱵ ﺗﺘﺒﻌﻬــﺎ أﻗﺎﻣﻬــﺎ ﻣﻘــﺎم اﳋﻄﺒــﺔ اﻟــﱵ ﻳﺼـ ﱠﺪر ﻓﻴﻬــﺎ اﻟﻜﺘــﺎب وﻳﺒـ ﱠـﲔ ﻣــﻦ ﺧﻼﳍــﺎ اﻟﻐــﺮض ﻣــﻦ ﻟﻴﻔــﻪ ،وﻓﻌـﻼً إذا ﻓﺘﺤــﺖ اﻟﻜﺘــﺎب »ﻛﺘــﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ « وﻗ ـﺮأت اﻵ ت اﻟــﱵ ﺻ ـ ﱠﺪر ــﺎ اﻟﻜﺘــﺎب ﺗﻐﻨﻴــﻚ ﻋــﻦ ﺧﻄﺒــﺔ ﻳُﺸـ َـﺮح ﻟــﻚ ﻓﻴﻬــﺎ ﻣﻘﺼــﻮد اﻟﻜﺘـﺎب واﳌـﺮاد ﻣﻨـﻪ ،إذ ﻣــﻦ ﺧﻼﳍـﺎ ــﺪﻳﻚ إﱃ ﻣـﺮاد اﻟﻜﺘــﺎب واﻟﻐـﺮض ﻣﻨــﻪ ؛ ﻓﺎﺳـﺘﻐﲎ ــﺎ رﲪـﻪ ﷲ -وﻫــﺬا ﻣـﻦ دﻗــﺔ ٍ ﳝﻬﺪ ﺎ ﻟﻜﺘﺎﺑﻪ وﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺒﺐ ﺗﺼﻨﻴﻔﻪ ﻟﻪ . ﻋﻠﻤﻪ -ﻋﻦ ﺧﻄﺒﺔ ِّ وﺟﻬﺪﻩ وﺟﻬﺎدﻩ ،وأن ﻳُﻌﻠﻲ درﺟﺘﻪ ﻓﻨﺴﺄل ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ أن ﳚﺰي ﻫﺬا اﻹﻣﺎم ﺧﲑ اﳉﺰاء ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻫﺬا وﻛﺘﺒﻪ ﻛﻠﻬﺎ ُ ﰲ اﻟﻔﺮدوس اﻷﻋﻠﻰ ،وأن ﻳﻨﻔﻌﻨﺎ ﲨﻴﻌﺎً ﲟﺎ ﺣﻮاﻩ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ ﻋﻠ ٍﻢ ﻋﻈﻴﻢ وﺗﻘﺮﻳ ٍﺮ ﻓﻊ وﲨ ٍﻊ ﻣﺒﺎرك ﰲ أﻫﻢ اﻷﻣـﻮر وأﻋﻈﻤﻬﺎ ؛ أﻻ وﻫﻮ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺣﻖ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﻴﺪ . وﻗﺪ ﺟﻌﻞ رﲪﻪ ﷲ ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎﺑـﻪ ﻫـﺬا » :اﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ اﻟـﺬي ﻫـﻮ ﺣـﻖ ﷲ ﻋﻠـﻰ اﻟﻌﺒﻴـﺪ « ؛ واﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ :ﻣﺼـﺪر ﻟﻠﻔﻌـﻞ ِ ﻳﻮﺣـﺪ ﺗﻮﺣﻴــﺪاً ،وﻫــﻮ أﺻـ ٌـﻞ ﻳــﺪل ﻋﻠــﻰ اﻹﻓـﺮاد .وﺗﻮﺣﻴــﺪ ﷲ ﻋــﺰ وﺟــﻞ :ﻫــﻮ إﻓـﺮادﻩ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ ﲞﺼﺎﺋﺼــﻪ و ﱠﺣـﺪ ّ وﺣﻘﻮﻗــﻪ ﻋــﺰ وﺟــﻞ ؛ إﻓ ـﺮادﻩ ﲞﺼﺎﺋﺼــﻪ :ﻛــﺎﳋﻠﻖ واﻟ ـﱠﺮزق واﻹﻧﻌــﺎم واﻟﺘﺼــﺮف واﳌﻠــﻚ واﻟﺘــﺪﺑﲑ وﻏــﲑ ذﻟﻜــﻢ ﻣــﻦ أﻓﻌﺎﻟــﻪ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ ،وأﻳﻀ ـﺎً إﻓ ـﺮادﻩ ﲰﺎﺋــﻪ اﳊﺴــﲎ وﺻــﻔﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻴــﺎ واﻹﳝــﺎن ــﺎ ﻛﻤــﺎ وردت وإﻣﺮارﻫــﺎ ﻛﻤــﺎ ﺟــﺎءت ﺑــﻼ ـﻒ وﻻ ﲤﺜﻴــﻞ ،و ﻓـﺮادﻩ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ ﻟﻌﺒــﺎدة وإﺧــﻼص اﻟــﺪﻳﻦ ﻟــﻪ ؛ وﳍــﺬا ﻗــﺎل أﻫــﻞ ـﻒ وﻻ ﺗﻌﻄﻴــﻞ وﺑــﻼ ﺗﻜﻴـ ٍ ﲢﺮﻳـ ٍ اﻟﻌﻠﻢ :اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم :ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ،وﺗﻮﺣﻴﺪ اﻷﲰﺎء اﻟﺼﻔﺎت ،وﺗﻮﺣﻴﺪ اﻷﻟﻮﻫﻴﺔ . اﻟﺮزق واﳌﻠﻚ واﻟﺘﺪﺑﲑ وﻏﲑ ذﻟﻜﻢ ﻣﻦ أﻓﻌﺎﻟﻪ ﺟﻞ وﻋﻼ أﻣﺎ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ :ﻓﻬﻮ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﳋﻠﻖ و َ . وأﻣﺎ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻷﲰﺎء واﻟﺼﻔﺎت :ﻓﺒﺈﺛﺒﺎ ـﺎ واﻹﳝـﺎن ـﺎ ﰲ ﺿـﻮء ﻣـﺎ ﺟـﺎء ﰲ ﻛﺘـﺎب ﷲ وﺳـﻨﺔ ﻧﺒﻴـﻪ ﺻـﻠﻮات ﷲ وﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ . وأﻣﺎ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻷﻟﻮﻫﻴﺔ :ﻓﺒﺈﻓﺮاد ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﻟﻌﺒﺎدة وإﺧﻼص اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻪ . وﳌــﺎ ﻛــﺎن ﺗﻮﺣﻴــﺪ اﻟﻌﺒــﺎدة ﻫــﻮ ﻣﻮﺿــﻊ اﳋﺼــﻮﻣﺔ وﺑــﲔ اﻷﻧﺒﻴــﺎء وأﻗ ـﻮاﻣﻬﻢ ﻛﺘــﺐ رﲪــﻪ ﷲ ﻛﺘﺎﺑــﻪ ﻫــﺬا ﰲ ﻫــﺬا اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ﻳﺞ ﻋﻠـﻰ ﺧﺎﺻﺔ »ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﻌﺒﺎدة« ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﻮﺿﻊ اﳋﻠﻞ ﻟﺪى ﻛﺜـﲑ ﻣـﻦ اﻟﻨـﺎس ﰲ ﻗـﺪﱘ اﻟﺰﻣـﺎن وﺣﺪﻳﺜـﻪ ،ﻣـﻊ أﻳﻀـﺎ ﺗﻌـﺮ ٍ اﻟﻨــﻮﻋﲔ اﻵﺧ ـﺮﻳﻦ ﲝﺴــﺐ ﻣــﺎ ﻳﻘﺘﻀــﻴﻪ اﳌﻘــﺎم ﰲ ﺗﺒﻮﻳﺒــﺎت ﻫــﺬا اﻟﻜﺘــﺎب اﳌﺒــﺎرك ؛ وﳍــﺬا ﻓــﺈ ﱠن ﻫــﺬا اﻟﻜﺘــﺎب أُﻓــﺮد ﻟﺒﻴــﺎن وذﻛــﺮ دﻻﺋﻠــﻪ وﺷـﻮاﻫﺪﻩ وﺑﺮاﻫﻴﻨــﻪ ،وأﻳﻀـﺎً اﻟﺘﺤــﺬﻳﺮ ﳑــﺎ ﻳﻀــﺎد اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ﻣــﻦ أﺻــﻠﻪ أو ﻳﻀــﺎد ﻛﻤﺎﻟــﻪ اﻟﻮاﺟــﺐ ؛ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ِ ﻷن اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻟﻪ ﻧﻮاﻗﺾ وﻟﻪ ﻧﻮاﻗﺺ ؛ ﻟﻪ ﻧـﻮاﻗﺾ إن وﺟـﺪت أذﻫﺒـﺖ ﺑـﻪ ﻣـﻦ أﺻـﻠﻪ ،وﻟـﻪ ﻧـﻮاﻗﺺ إن وﺟـﺪت أذﻫﺒـﺖ ٥ ﺑﻜﻤﺎﻟــﻪ اﻟﻮاﺟــﺐ ،وﰲ ﻫــﺬا اﻟﻜﺘــﺎب ﺑـ ﱠـﲔ ذﻟــﻚ رﲪــﻪ ﷲ ،ﻓـﺬﻛﺮ ﻣــﺎ ﻳﻨــﺘﻘﺾ ﺑــﻪ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ وذﻛــﺮ أﻳﻀـﺎً ﻧـﻮاﻗﺺ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ﳏ ِّﺬراً ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ؛ ﺻﻴﺎﻧﺔً ﻟﻠﺘﻮﺣﻴﺪ وﲢﻘﻴﻘﺎً ﻟﻪ وﺗﺘﻤﻴﻤﺎً وﺗﻜﻤﻴﻼ . وﻗﻮﻟﻪ رﲪﻪ ﷲ ﰲ اﻟﻌﻨﻮان » :اﻟﺬي ﻫﻮ ﺣﻖ ﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﻴﺪ « ؛ أﺧﺬ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺣـﺪﻳﺚ ﻣﻌـﺎذ رﺿـﻲ ﷲ ﻋﻨـﻪ اﻟـﺬي أوردﻩ ﰲ اﻟﺒﺎب اﻷول -ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﰐ ﻣﻌﻨﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب -ﻗﺎل )) :أَﺗَ ْﺪ ِري َﻣﺎ َﺣ ﱡﻖ ﷲِ َﻋﻠَﻰ اﻟْﻌِﺒَ ِﺎد ؟ َوَﻣﺎ َﺣ ﱡﻖ اﻟْﻌِﺒَ ِﺎد َﻋﻠَﻰ ﷲِِ؟(( ،ﻓﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺣﻖ ﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺎد ؛ ﻷﺟﻠﻪ ﺧﻠﻘﻬﻢ ،وﻷﺟﻠﻪ أرﺳـﻞ اﻟﺮﺳـﻞ وأﻧـﺰل اﻟﻜﺘـﺐ ،وﻷﺟﻠـﻪ اﻧﻘﺴـﻢ اﻟﻨــﺎس إﱃ ﻓ ـﺮﻳﻘﲔ :ﻓﺮﻳـ ٌـﻖ ﺣﻘﻘ ـﻮا اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ وﻗــﺎﻣﻮا ﺑــﻪ ﻓﻔــﺎزوا ﺑﺮﺿ ـﺎ ﷲ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ وﺛﻮاﺑــﻪ ،وآﺧــﺮون ﻧﻘﻀ ـﻮا ﻫــﺬا اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﺨﺴﺮوا اﳋﺴﺮان اﳌﺒﲔ . وﻧﺸﺮع ﰲ ﻗﺮاءة ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﳌﺒﺎرك ،وﻣﻦ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﻧﺴﺘﻤﺪ اﻟﻌﻮن وﻧﺴﺘﻤﻨﺢ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ . ﻳﻘــﻮل اﻹﻣ ــﺎم ا ــﺪد ﺷ ــﻴﺦ اﻹﺳــﻼم ﳏﻤ ــﺪ ﺑ ــﻦ ﻋﺒ ــﺪ اﻟﻮﻫــﺎب ﺑ ــﻦ ﺳ ــﻠﻴﻤﺎن اﻟﺘﻤﻴﻤ ــﻲ رﲪــﻪ ﷲ رﲪ ــﺔ واﺳ ــﻌﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺑ ــﻪ »اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺣﻖ ﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﻴﺪ «: ﺑﺴﻢ ﷲ اﻟﺮﲪﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ اﳊﻤﺪ وﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻰ ﳏﻤﺪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ وﺳﻠﻢ . ﻧﺲ إِﱠﻻ ﻟِﻴَـ ْﻌﺒُ ُﺪون{ . ﻛﺘﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﻗﻮل ﷲ ﺗﻌﺎﱃَ } :ﻣﺎ َﺧﻠَ ْﻘ ُ ِ ِ ﺖ ا ْﳉ ﱠﻦ َو ْاﻹ َ *************** ﺑﺪأ رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﳌﺒﺎرك ﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ))ﺑﺴﻢ ﷲ اﻟﺮﲪﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ(( ﺳﻴﺎً ﺑﻜﺘﺎب ﷲ ﺟﻞ وﻋﻼ و ﺳﻴﺎً ﻟﺮﺳﻮل ـﺐ ﳌـ ِّﺪﻩ ـﱪك ﺑـﺬﻛﺮ اﲰـﻪ ،وﻃﻠ ٌ اﻟﻜﺮﱘ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﰲ ﻣﻜﺎﺗﺒﺎﺗـﻪ وﻣﺮاﺳـﻼﺗﻪ .واﻟﺒﺴـﻤﻠﺔ اﺳـﺘﻌﺎﻧﺔ وﺗـﻴ ﱡﻤ ٌﻦ وﺗ ٌ وﻋﻮﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ وﺗﻮﻓﻴﻘﻪ ؛ وﳍﺬا ﻳﺴﺘﺤﺐ أن ﻳُﺒﺪأ ﺎ وأن ﺗﺴﺘﻬﻞ ﺎ اﻷﻣﻮر .ﻓﺈذا أﻛﻞ اﳌﺴﻠﻢ ﻳﺒﺴﻤﻞ ،وإذا دﺧﻞ ﺑﻴﺘﻪ ﻳﺒﺴﻤﻞ ،وإذا ﺧﺮج ﻳﺒﺴﻤﻞ ،وإذا ﻗﺮأ ﻳﺒﺴﻤﻞ ،وإذا ﻛﺘﺐ أﻳﻀﺎ ﻳﺒﺴﻤﻞ ،وﻫﻜﺬا .. واﻟﺒــﺎء ﰲ »ﺑﺴــﻢ ﷲ« ﻟﻼﺳــﺘﻌﺎﻧﺔ .وﻣﻌــﲎ »ﺑﺴــﻢ ﷲ« ﻫﻨــﺎ :أي ﺑﺴــﻢ ﷲ أﻛﺘــﺐ .إذ إ ﱠن ﻟﻠﺠــﺎر وا ـﺮور ﰲ »ﺑﺴــﻢ ﷲ« ﳏﺬوف ﻣﻘ ﱠﺪر ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺣﺎل ِ اﳌﺒﺴﻤﻞ ؛ ﻓﺈن ﻛﺎن ﻛﺘﺎﺑـﺔً ﻓـﺎﳌﻌﲎ :ﺑﺴـﻢ ﷲ أﻛﺘـﺐ ،وإن ﻛـﺎن ﻗـﺮاء ًة ﻓـﺎﳌﻌﲎ : ُ ﺑﺴﻢ ﷲ أﻗﺮأ ،وإن ﻛﺎن دﺧﻮﻻً ﻓﺎﳌﻌﲎ :ﺑﺴﻢ ﷲ أدﺧﻞ ،وﻫﻜﺬا . وﲨـﻊ ﰲ اﻟﺒﺴـﻤﻠﺔ ﺛﻼﺛـﺔ أﲰـﺎء ﺣﺴـﲎ ﺗﺒـﺎرك وﺗﻌـﺎﱃ ؛ أﻣـﺎ »ﷲ« ﻓﻬـﻮ ﻛﻤـﺎ ﻳﻘـﻮل ))ﺑﺴﻢ ﷲ اﻟﺮﲪﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ(( ؛ ُ اﺑــﻦ ﻋﺒــﺎس رﺿــﻲ ﷲ ﻋﻨﻬﻤــﺎ ﰲ ﺑﻴــﺎن ﻣﻌﻨــﺎﻩ :ذو اﻷﻟﻮﻫﻴــﺔ واﻟﻌﺒﻮدﻳ ـﺔ ﻋﻠــﻰ ﺧﻠﻘــﻪ أﲨﻌــﲔ ،أي أن ﻫــﺬا اﻻﺳــﻢ ﻳــﺪل ﻋﻠﻰ اﻷﻟﻮﻫﻴﺔ اﻟﱵ ﻫﻲ وﺻﻒ اﻟﺮب اﻟﱵ ﻫﻲ أوﺻﺎف اﳉﻼل واﻟﻜﻤﺎل واﻟﻌﻈﻤﺔ اﻟﱵ اﺳـﺘﺤﻖ ـﺎ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌـﺎﱃ أن ﻳﺆﻟَ ـﻪ وأن ُﳜﻀــﻊ ﻟــﻪ وﻳــﺬل ،وﺗــﺪل ﻋﻠــﻰ اﻟﻌﺒﻮدﻳــﺔ اﻟــﱵ ﻫــﻲ اﻟﻌﻤــﻞ اﻟــﺬي ﻳﻘﺘﻀــﻴﻪ إﳝــﺎن اﻟﻌﺒــﺪ ﻟﻮﻫﻴــﺔ ﷲ ﻣــﻦ ٍ ذل ُ ُ ـﻮع واﻧﻜﺴـﺎ ٍر وﻃﺎﻋ ٍـﺔ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌـﺎﱃ .وإﱃ ﻫـﺬا اﻻﺳـﻢ ﺗﺮﺟـﻊ ﲨﻴـﻊ اﻷﲰـﺎء ،وﻫـﺬا واﺿـﺢ ﻣـﻦ ﺗﻔﺴـﲑ اﺑــﻦ وﺧﻀ ٍ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ ﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﳍﺬا اﻻﺳﻢ ﻗﺎل » :ذو اﻷﻟﻮﻫﻴﺔ واﻟﻌﺒﻮدﻳﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻪ أﲨﻌﲔ« ؛ ذو اﻷﻟﻮﻫﻴﺔ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﻣﻌﻨﺎﻩ أي ٦ اﻟﺬي ﻟﻪ أوﺻﺎف اﻟﻜﻤـﺎل واﳉـﻼل واﻟﻌﻈﻤـﺔ اﻟـﱵ اﺳـﺘﺤﻖ ـﺎ أن ﻳُﺆﻟـﻪ وأن ﻳُﻌﺒَـﺪ ،ﻓـﺪﺧﻠﺖ اﻷﲰـﺎء واﻟﺼـﻔﺎت ﻛﻠﻬـﺎ وذل وﺧﻀﻮع واﻧﻜﺴﺎر . ٍ وﻃﺎﻋﺔ ٍ ٍ ﻋﺒﻮدﻳﺔ ﲢﺖ ﻫﺬا اﳌﻌﲎ .وذو اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ :أي ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ اﻹﳝﺎن ﺬا اﻻﺳﻢ ﻣﻦ ﻋﺰ وﺟﻞ داﻻن ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮت اﻟﺮﲪﺔ .وﻗﻴﻞ ﰲ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ :أن »اﻟﺮﲪﻦ« دﻻﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ و»اﻟﺮﲪﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ« اﲰﺎن دال ﻋﻠ ــﻰ ﺗﻌﻠ ــﻖ ﻫ ــﺬا اﻟﻮﺻ ــﻒ ﳌﺮﺣ ــﻮم ﻋ ــﺰ وﺟ ــﻞ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬا اﻟﻮﺻ ــﻒ اﻟ ــﺬي ﻫ ــﻮ اﻟﺮﲪ ــﺔ ،و»اﻟ ــﺮﺣﻴﻢ« ٌ ﻣ ــﺎ ﻗ ــﺎم ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ }ﻭﻛَﺎﻥ ﺑِﺎﻟْﻤﺆﻣﻨﲔ ﺭﺣﻴﻤـﺎ {]اﻷﺣـﺰاب ، [٤٣:وﻗﻴـﻞ ﻏـﲑ ذﻟـﻚ ؛ ﻓﻬﻤـﺎ اﲰـﺎن داﻻن ﻋﻠـﻰ ﺛﺒـﻮت اﻟﺮﲪـﺔ ﺺ ﺎ ﻋﺒﺎدﻩ اﳌﺆﻣﻨﲔ وأوﻟﻴﺎؤﻩ اﳌﺘﻘﲔ . وﺗﻌﺎﱃ ؛ اﻟﺮﲪﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﱵ وﺳﻌﺖ ﻛﻞ ﺷﻲء ،واﻟﺮﲪﺔ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﱵ ﺧ ﱠ وﺻــﻠﻰ ﷲ ﻋﻠــﻰ ﻧﺒﻴﻨــﺎ ﳏﻤــﺪ وآﻟــﻪ وﺳ ـﻠﱠﻢ(( ؛ وﻫــﺬا اﳊﻤــﺪ واﻟﺼــﻼة واﻟﺴــﻼم ﻋﻠــﻰ ﰒ ﻗــﺎل رﲪــﻪ ﷲ )) :اﳊﻤــﺪ رﺳـﻮل ﷲ ﺻــﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴــﻪ وﺳـﻠﻢ ﺑــﺖ ﰲ ﻧﺴــﺦ ﻣﻌﺘﻤـﺪة ﻣـﻦ ﻛﺘــﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ ﻛﻤــﺎ ﺑـ ﱠـﲔ ذﻟـﻚ ﺣﻔﻴــﺪ اﳌﺼــﻨﻒ اﻟﺸــﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﲪﻦ ﺑﻦ ﺣﺴﻦ رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻓﺘﺢ ا ﻴـﺪ« ،ﻓﻬـﺬا اﳊﻤـﺪ واﻟﺼـﻼة واﻟﺴـﻼم ﻋﻠـﻰ رﺳـﻮل ﷲ ﺻـﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺑﺖ وﻳﻘﻮل اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒـﺪاﻟﺮﲪﻦ ﺑـﻦ ﺣﺴـﻦ أﻧـﻪ وﻗـﻒ ﻋﻠﻴـﻪ ﰲ ﻧﺴـﺨﺔ ﻣﻌﺘﻤـﺪة ﲞـﻂ اﻟﺸـﻴﺦ رﲪـﻪ ﷲ ، ـﺖ ﲞــﻂ اﳌﺼــﻨﻒ رﲪــﻪ ﷲ ﺗﻌــﺎﱃ ﰲ ﻧﺴــﺦ ﻓــﻼ ﻳــﺆﺛﺮ ﻋــﺪم وﺟــﻮدﻩ ﰲ ﺑﻌــﺾ اﻟﻨﺴــﺦ أوﰲ ﺑﻌــﺾ اﻟﻄﺒﻌــﺎت ؛ إذ ﻫــﻮ ﺑـ ٌ ﻣﻌﺘﻤﺪة ﳍﺬا اﻟﻜﺘـﺎب .وﻋﻠـﻰ ﻓـﺮض ﻋـﺪم وﺟـﻮد اﳊﻤـﺪ واﻟﺜﻨـﺎء ﻓﺎﻻﻛﺘﻔـﺎء ﻟﺒﺴـﻤﻠﺔ ﺳـﺎﺋﻎ وﻻ ﺣـﺮج ﰲ ذﻟـﻚ ؛ ﻟﻜـﻦ اﻟﺸﻴﺦ رﲪﻪ ﷲ ﺻ ﱠﺪر اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ،وﲪﺪ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌـﺎﱃ ،واﻟﺼـﻼة واﻟﺴـﻼم ﻋﻠـﻰ رﺳـﻮﻟﻪ ﺻـﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴـﻪ وﺳﻠﻢ . واﳊﻤﺪ :ﻫﻮ اﻟﺜﻨﺎء ﻣﻊ اﳊﺐ ،ﲪﺪ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻫﻮ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﷲ ﻣـﻊ ﺣﺒـﻪ ﺟـﻞ وﻋـﻼ ؛ ﻷن اﳊﻤـﺪ إذا ﻋـﺮي ﻣـﻦ اﳊــﺐ ﻳﺴــﻤﻰ ﻣــﺪﺣﺎً ،ﻓﺤﻤــﺪ ﷲ ﻫــﻮ اﻟﺜﻨــﺎء ﻋﻠﻴــﻪ ﻣــﻊ ﺣﺒــﻪ وإﺟﻼﻟــﻪ وﺗﻌﻈﻴﻤــﻪ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ ،وﷲ ُﳛ َﻤ ـﺪ ﻋﻠــﻰ أﲰﺎﺋــﻪ وﳛﻤﺪ ﺟﻞ وﻋﻼ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻪ وآﻻﺋﻪ وأﻓﻀﺎﻟﻪ . وﺻﻔﺎﺗﻪ ُ ، واﻟﺼ ــﻼة ﻋﻠ ــﻰ اﻟﺮﺳ ــﻮل ﺻ ــﻠﻮات ﷲ وﺳ ــﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴ ــﻪ :ﺛﻨ ــﺎء ﷲ ﻋﻠﻴ ــﻪ ﰲ اﳌ ــﻸ اﻷﻋﻠ ــﻰ ،وﻗ ــﺪ ﻗ ــﺎل ﷲ ﰲ اﻟﻘ ــﺮآن : }ﺇِﻥ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻭﻣﻠَﺎﺋﻜَﺘَﻪ ﻳﺼﻠﱡﻮﻥ ﻋﻠَﻰ ﺍﻟﻨﺒِﻲ ﻳـﺎ ﺃَﻳﻬـﺎ ﺍﻟﱠـﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨـﻮﺍ ﺻـﻠﱡﻮﺍ ﻋﻠَﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﱢﻤﻮﺍ ﺗَﺴـﻠﻴﻤﺎ{]اﻷﺣـﺰاب [٥٦:ﺻـﻠﻮات ﷲ وﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ . وﻗﻮﻟــﻪ رﲪــﻪ ﷲ )) :ﻛﺘــﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ(( ؛ ﻛﺘــﺎب :ﻣﺼــﺪر ﲟﻌــﲎ ﻣﻜﺘــﻮب ،وأﺻــﻞ ﻫــﺬا اﻟﻠﻔــﻆ ﻣــﻦ اﳉﻤــﻊ ،وﳍــﺬا ﻳﻘﺎل :ﺗﻜﺘﱠﺐ اﻟﻨﺎس أي :ﲡ ﱠﻤﻌﻮا ،واﻟﻜﺘﻴﺒﺔ :اﳉﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس .ف»ﻛﺘـﺎب« :ﻣﺼـﺪر ﲟﻌـﲎ ﻣﻜﺘـﻮب .ﻓﻘﻮﻟـﻪ : ﻣﻜﺘﻮب ﺟﺎﻣﻊ ﰲ أﻣﻮر اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ . ٌ )) ﻛﺘﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ(( أي ﻫﺬا دال ﻋﻠـﻰ اﻹﻓـﺮاد .وﺗﻮﺣﻴـﺪ ﷲ ﻋـﺰ وﺟـﻞ :أي إﻓـﺮادﻩ ِ ﻳﻮﺣـﺪ ﺗﻮﺣﻴـﺪاً ،وﻫـﻮ ٌ واﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻛﻤـﺎ ﻋﺮﻓﻨـﺎ ﻣﺼـﺪر ﻟﻠﻔﻌـﻞ و ﱠﺣـﺪ ّ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﲞﺼﺎﺋﺼﻪ وﺣﻘﻮﻗﻪ ﺟﻞ وﻋﻼ . ٧ ـﻮل« ﻣﻌﻄﻮﻓ ـﺎً ﻋﻠــﻰ »اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ« ،وﳚــﻮز اﻟﺮﻓــﻊ ﻋﻠــﻰ ـﻮل ﷲ ﺗﻌــﺎﱃ(( ؛ ﳋﻔــﺾ ﰲ »ﻗـ ِ ـﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴـ ِـﺪ وﻗـ ِ ﻗــﺎل)) :ﻛﺘـ ُ اﻹﻧﺲ إِﱠﻻ ﻟِﻴـ ْﻌﺒ ُﺪ ِ وﻗﻮل ﷲ ﺗﻌﺎﱃ}:وﻣﺎ َﺧﻠَ ْﻘ ُ ِ ون{« . ﺖ ا ْﳉ ﱠﻦ َو ِْ َ َ ُ ََ اﻻﺳﺘﺌﻨﺎف » ُ ﺻ ﱠﺪر ﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻟﺒﻴﺎن ﻋﻈﻤﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وأﳘﻴﺘﻪ وﻣﻜﺎﻧﺘﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ وأﻧﻪ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﱵ ُﺧﻠﻖ اﳋﻠﻖ ﻷﺟﻠﻬﺎ وأُوﺟﺪوا ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ، وﱂ ﻳﻀﻊ ً -رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌـﺎﱃ -ﳍـﺬﻩ اﻵ ت ﻛﻤـﺎ ﺳـﻴﺄﰐ ﰲ اﻷﺑـﻮاب اﻟـﱵ ﺑﻌـﺪﻩ ،وإﳕـﺎ دﺧـﻞ ﻣﺒﺎﺷـﺮة دون أن ﻳﻀـﻊ ب ﰲ ﻋﻈﻤــﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ أو ﳓــﻮ ذﻟــﻚ ، ب ﰲ ﻣﻜﺎﻧــﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ،أو ٌ ب ﰲ أﳘﻴــﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ،أو ٌ ً ﻛــﺄن ﻳﻘــﻮل ٌ : وإﳕــﺎ دﺧــﻞ ﻣﺒﺎﺷــﺮًة ﰲ ﺳــﺮد ﻫــﺬﻩ اﻵ ت .وﳓــﻦ ﻧﻌﻠــﻢ أن اﻟﻜﺘــﺐ ﲢﺘﻬــﺎ أﺑـﻮاب ،ﻟﻜـ ﱠﻦ ﻣــﺎ ﺻـ ﱠﺪر ﺑــﻪ رﲪــﻪ ﷲ ﺗﻌــﺎﱃ ﻛﺘــﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ﻣــﻦ آ ت ﱂ ﻳﻀــﻊ ً !! وذﻟــﻚ أن ﻣــﻦ ﻳﻘـﺮأ ﻫــﺬﻩ اﻵ ت اﻟــﱵ أﻗﺎﻣﻬــﺎ رﲪــﻪ ﷲ ﺗﻌــﺎﱃ ﻛﻤــﺎ ﻗـ ﱠﺪﻣﺖ ﻣﻘــﺎم اﳋﻄﺒــﺔ ﻟﻠﻜﺘــﺎب اﻟــﱵ ﻣــﻦ ﺧﻼﳍــﺎ ﻳﺘﻀــﺢ ﻣ ـﺮادﻩ ،وﻛﺄﻧــﻪ -ﻛﻤــﺎ ﻗــﺪﻣﺖ -ﻳﺮﻳــﺪ اﻟﻘــﺎرئ أن ﻳﻘــﻒ ﻋﻠــﻰ ﻣﻮﺿــﻮع اﻟﻜﺘﺎب وﻣﻀﻤﻮن اﻟﻜﺘﺎب وﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ ﺧﻼل اﻵ ت اﻟﱵ ﻳﺴﻮﻗﻬﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮة .وﻫﺬا ﻓﻌﻼً ﻇﺎﻫﺮ ﻣﻦ ﺻﻨﻴﻌﻪ ﰲ اﻧﺘﻘﺎء ﻫﺬﻩ اﻵ ت اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﱵ ﺗﺒﲔ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ وﻣﻨﺰﻟﺘﻪ اﻟﻌﻠﻴﺔ . واﻵ ت اﻟــﱵ ﺳ ــﺎﻗﻬﺎ رﲪــﻪ ﷲ -ﻛﻤ ــﺎ ﺳ ــﻴﺄﰐ إﻳﻀــﺎح ذﻟ ــﻚ ﰲ ﻛ ـ ِّـﻞ ﻣﻮﺿــﻊ -ﲨﻌ ــﺖ ﺑﻴ ــﺎن أﳘﻴــﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴ ــﺪ وﻣﻜﺎﻧﺘ ــﻪ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل : أوﻻً :ﺑﻴﺎن أﻧﻪ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﱵ ُﺧﻠﻖ اﳋﻠﻖ ﻷﺟﻠﻬﺎ وأُوﺟﺪوا ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ؛ ﻛﻤﺎ ﰲ اﻵﻳﺔ اﻷوﱃ . وﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻴﺎن أﻧﻪ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻷﺟﻠﻪ أرﺳﻞ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ اﻟﺮﺳﻞ وﻷﺟﻠﻪ ﺑﻌﺜﻬﻢ ؛ ﻛﻤﺎ ﰲ اﻵﻳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ . وﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻴﺎن أﻧﻪ أوﺟﺐ اﻟﻮاﺟﺒﺎت وأﻋﻈﻢ اﻟﻔﺮاﺋﺾ وأﺟﻠﱡﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق وأﻧـﻪ ﻳُﺒـﺪأ ﺑـﻪ وﻳُﻘـ ﱠﺪم ﻋﻠـﻰ ﻏـﲑﻩ ؛ ﻛﻤﺎ ﰲ اﻵ ت اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ واﻟﺮاﺑﻌﺔ واﳋﺎﻣﺴﺔ . وﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻴﺎن أن ﺿﺪﻩ وﻫﻮ اﻟﺸﺮك أﻋﻈﻢ اﻟﻨﻮاﻫﻲ وأﺧﻄﺮ اﻵ م ؛ ﻛﻤﺎ ﰲ اﻵﻳﺔ اﳋﺎﻣﺴﺔ . وﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻴﺎن أﻧﻪ ﺣﻖ ﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺎد ؛ ﻛﻤﺎ ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﻌﺎذ . ﻓﺠﻤﻌﺖ ﻫﺬﻩ اﻵ ت ﺑﻴﺎن ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ وﻣﻨﺰﻟﺘﻪ اﻟﻌﻠﻴﺔ وأﻧﻪ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﱵ ُﺧﻠﻖ ﻷﺟﻠﻬﺎ اﳋﻠـﻖ وﻷﺟﻠﻬـﺎ أرﺳـﻞ اﻟﺮﺳ ــﻞ ،وأﻧ ــﻪ أوﺟ ــﺐ اﻟﻮاﺟﺒ ــﺎت وأﻋﻈ ــﻢ اﻟﻔ ـﺮاﺋﺾ ،وأن ﺿ ــﺪﻩ وﻫ ــﻮ اﻟﺸ ــﺮك أﺧﻄ ــﺮ اﻵ م وأﻋﻈ ــﻢ اﻟﻈﻠ ــﻢ ،وأن اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ ﺣﻖ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﻴﺪ ؛ وﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﳑﺎ ﻳﺒـﲔ ﻣﻜﺎﻧـﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ اﻟﻌﻈﻴﻤـﺔ وﻣﻨﺰﻟﺘـﻪ اﻟﻌﻠﻴـﺔ .وﻫـﺬا ﻫــﻮ اﻟﻐــﺮض إﲨــﺎﻻً ﻣــﻦ ﺳــﻴﺎق اﳌﺼــﻨﻒ رﲪــﻪ ﷲ ﺗﻌــﺎﱃ ﳍــﺬﻩ اﻵ ت واﻟــﱵ ﺑــﺪأﻫﺎ ﺑﻘــﻮل ﷲ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ } :ﻭﻣــﺎ ﺧﻠَﻘْﺖ ﺍﻟْﺠِﻦ ﻭﺍﻟْﺈِﻧﺲ ﺇِﻟﱠﺎ ﻟﻴﻌﺒﺪﻭﻥِ { . ٨ وﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﺮﳝﺔ وﻫﻲ ﰲ أواﺧﺮ اﻟﺬار ت ﻓﻴﻬﺎ أن اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﱵ ﺧﻠﻖ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ اﳋﻠﻖ ﻷﺟﻠﻬﺎ وأوﺟﺪﻫﻢ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬـﺎ ﻫــﻲ ﻋﺒــﺎدة ﷲ وإﺧــﻼص اﻟــﺪﻳﻦ ﻟــﻪ ،ﻓــﺄﺧﱪ ﻋــﺰ وﺟــﻞ أﻧــﻪ ﻓﻌــﻞ اﻷول -اﻟــﺬي ﻫــﻮ اﳋﻠــﻖ }:ﻭﻣــﺎ ﺧﻠَﻘْ ـﺖ ﺍﻟْﺠِ ـﻦ ﻭﺍﻟْﺈِﻧﺲ - {ﻟﻴﻔﻌﻠﻮا ﻫﻢ اﻟﺜﺎﱐ وﻫﻮ اﻟﻌﺒﺎدة ﻛﻤﺎ ﻗﺎل }:ﺇِﻟﱠﺎ ﻟﻴﻌﺒﺪﻭﻥِ { ،واﻷﺳﻠﻮب ﻫﻨﺎ أﺳﻠﻮب ﺣﺼـ ٍﺮ وﻗﺼـﺮ ؛ }ﻭﻣﺎ ﺧﻠَﻘْﺖ ﺍﻟْﺠِﻦ ﻭﺍﻟْﺈِﻧﺲ ﺇِﻟﱠﺎ{ﻟﻐﺎﻳﺔ واﺣﺪة وﻣﻘﺼﺪ واﺣـﺪ وﻫـﻮ أن ﻳﻌﺒـﺪوا ﷲ ،ﱂ ُﳜﻠﻘـﻮا ﻟﺸـﻲء آﺧـﺮ ،إﳕـﺎ ُﺧﻠﻘـﻮا ﻟﻴﻘﻮﻣﻮا ﺑﻌﺒﺎدة ﷲ . ِ وﻗﻮﻟــﻪ } :ﺇِﻟﱠــﺎ ﻟﻴﻌﺒ ـﺪﻭﻥِ{ أي :إﻻ ّ ﻟﻴﻮﺣـﺪون ،وﻛـ ﱡـﻞ أﻣــﺮ ﻟﻌﺒــﺎدة ﰲ اﻟﻘــﺮآن أﻣـٌـﺮ ﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ،ﻷن اﻟﻌﺒــﺎدة ﺑــﺪون اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻬــﺎ ﷲ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ ،ﻛﺎﻟﺸــﺄن ﰲ اﻟﺼــﻼة إذا ﻛﺎﻧــﺖ ﻋﻠــﻰ ﻏــﲑ ﻃﻬــﺎرة ؛ اﻟﺼــﻼة ﺑــﺪون ﻃﻬــﺎرة ﻻ ﺗُﻘﺒﻞ ،واﻟﻌﺒﺎدة ﺑـﺪون ﺗﻮﺣﻴـﺪ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻬـﺎ ﷲ وإن ﻛﺜـﺮت وﺗﻌـ ﱠﺪدت وﺗﻨﻮﻋـﺖ .ﻗـﺪ ﻣـﺮ ﻣﻌﻨـﺎ ﻗـﻮل ﷲ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌـﺎﱃ : }ﻭﻟَﻘَـ ـﺪ ﺃُﻭﺣـ ـﻲ ﺇِﻟَﻴـ ـﻚ ﻭﺇِﻟَـــﻰ ﺍﻟﱠـ ـﺬﻳﻦ ﻣـ ـﻦ ﻗَﺒﻠـ ـﻚ ﻟَـ ـﺌﻦ ﺃَﺷـ ـﺮﻛْﺖ ﻟَﻴﺤـ ـﺒﻄَﻦ ﻋﻤﻠُـ ـﻚ ﻭﻟَﺘَﻜُـ ـﻮﻧَﻦ ﻣـ ـﻦ ﻣـﺎ ﻋﺒَـﺪ ﷲ ، ﺍﻟْﺨَﺎﺳﺮِﻳﻦ (٦٥)ﺑﻞِ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻓَﺎﻋﺒﺪ ﻭﻛُـﻦ ﻣـﻦ ﺍﻟﺸـﺎﻛﺮِﻳﻦ]{ اﻟﺰﻣـﺮ ، [٦٦-٦٥:ﻓﻤـﻦ ﱂ ﳜﻠـﺺ اﻟﻌﺒـﺎدة ﻷن اﻟﻌﺒ ــﺎدة ﻻ ﺗﻜ ــﻮن ﻋﺒ ــﺎدةً إﻻ ﻟﺘﻮﺣﻴ ــﺪ ؛ وﻋﻠﻴ ــﻪ ﻓ ـ ـﺈن ﻗﻮﻟ ــﻪ ﺳ ــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌ ــﺎﱃ } :ﺇِﻟﱠــــﺎ ﻟﻴﻌﺒــ ـﺪﻭﻥِ{ أي :إﻻ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﱂ ﻳﻘﻢ ﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﱵ ُﺧﻠـﻖ ﻷﺟﻠﻬـﺎ ﻟﻴﻮﺣﺪوﱐ ﻟﻌﺒﺎدة ،ﻟﻴﺨﻠﺼﻮا اﻟﻌﺒﺎدة ﱄ .ﻓﻤﻦ ﱂ ﳜﻠﺺ اﻟﻌﺒﺎدة وأوﺟﺪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ . واﳌﺸﺮﻛﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﺗﻠﻬﻢ اﻟﻨﱯ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻛـﺎﻧﻮا ﻳﻌﺒـﺪون ﷲ وﻳﻌﺒـﺪون ﻣﻌـﻪ اﻷﺻـﻨﺎم ،ﺑـﻞ ﻳﻘﻮﻟـﻮن ﰲ ﺳـﺒﺐ ﻋﺒﺎد ﻢ ﻟﻸﺻﻨﺎم }ﻣﺎ ﻧَﻌﺒـﺪﻫﻢ ﺇِﻟﱠـﺎ ﻟﻴﻘَﺮﺑﻮﻧَـﺎ ﺇِﻟَـﻰ ﺍﻟﻠﱠـﻪ ﺯُﻟْﻔَـﻰ{ ﻓﻬـﻢ ﻛـﺎﻧﻮا ﻳﻌﺒـﺪون ﷲ ،وﻣـﻊ أ ـﻢ ﻛـﺎﻧﻮا ﻳﻌﺒـﺪون ﷲ ﻣﺎذا ﻗﺎل ﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﰲ ﺳﻮرة اﻟﻜﺎﻓﺮون ؟ }ﻗُﻞْ ﻳﺎ ﺃَﻳﻬﺎ ﺍﻟْﻜَـﺎﻓﺮﻭﻥ (١) ﻟَـﺎ ﺃَﻋﺒـﺪ ﻣـﺎ ﺗَﻌﺒـﺪﻭﻥ (٢) ﻭﻟَـﺎ ﺃَﻧْـﺘُﻢ ﻋﺎﺑِـﺪﻭﻥ ﻣـﺎ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ ﻟﻴﺴــﺖ ﺧﺎﻟﺼــﺔ ﺑــﻞ أﺷــﺮﻛﻮا ﻣــﻊ ﷲ ﺃَﻋﺒـﺪ {ﻣــﻊ أ ــﻢ ﻛــﺎﻧﻮا ﻳﻌﺒــﺪون ﷲ! ﻟﻜــﻦ ﳌــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﻋﺒــﺎد ﻢ ﻏــﲑﻩ ﱂ ﻳﻜﻮﻧ ـﻮا ﰲ اﳊﻘﻴﻘــﺔ ﻳﻌﺒــﺪون ﷲ ؛ ﻷﻧــﻪ ﻻ ﻳُﻌﺒــﺪ ﷲ إﻻ ﻹﺧــﻼص ،وﻻ ﻳﻜــﻮن اﳌــﺮء ﻋﺒــﺪاً إﻻ إذا أﺧﻠــﺺ اﻟﺪﻳﻦ .أﻣﺎ اﻟﺬي ﳚﻌﻞ ﻣﻊ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﺷﺮﻳﻜﺎً ﰲ اﻟﻌﺒﺎدة أو ﰲ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدة ﻟﻴﺲ ﻋﺒﺪاً . ﻓﺎﻧﺘﺒﻪ ﳍﺬﻩ اﻟﻔﺎﺋﺪة واﻟﺸﻴﺦ رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻧﺒـﻪ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﰲ اﳌﺴـﺎﺋﻞ ؛ }ﻭﻟَـﺎ ﺃَﻧْـﺘُﻢ ﻋﺎﺑِـﺪﻭﻥ ﻣـﺎ ﺃَﻋﺒـﺪ {ﻣـﻊ أن اﳌﺸـﺮﻛﲔ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺒﺪون ﷲ ﻣﻊ اﻷﺷﻴﺎء اﻷﺧﺮى اﻟﱵ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺒﺪو ﺎ ،ﺑﻞ إن ﻛﻠﻤـﺔ »ﺷـﺮك« اﻟـﱵ ﻫـﻲ ﺻـﻔﺘﻬﻢ ﺗـﺪل ﻋﻠـﻰ أ ـﻢ } ،ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺒﺪون ﷲ ﻣﻊ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﱵ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺒﺪو ﺎ ،ﻷن اﻟﺸﺮك ﻣﺎ ﻫﻮ ؟ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ؛ ﻓﺴ ﱠﻮوا ﻏﲑ ﷲ ﺍﻟﻨــﺎﺱِ{ اﳌـﺮاد اﳌﺸــﺮﻛﲔ } ﻣـﻦ ﻳﺘﱠﺨـﺬُ ﻣـﻦ ﺩﻭﻥِ ﺍﻟﻠﱠـﻪ ﺃَﻧْـﺪﺍﺩﺍ ﻳﺤﺒـﻮﻧَﻬﻢ ﻛَﺤـﺐ ﺍﻟﻠﱠـﻪ] {اﻟﺒﻘـﺮة [١٦٥:ﺳـ ﱠﻮوا ﺑــﲔ اﻷﺻــﻨﺎم ٩ ﻓﻴﻬــﺎ .ﻓــﺈذاً ﻻ ﻳﻜــﻮن اﻟﻌﺒــﺪ ﳏﻘﻘـﺎً اﻟﻐﺎﻳــﺔ اﻟــﱵ وﺑــﲔ ﷲ ﰲ اﶈﺒــﺔ ،ﳏﺒــﺔ اﻟﻌﺒﻮدﻳــﺔ واﻟــﺬل واﳋﻀــﻮع ﺳـ ﱠﻮوا ﻏــﲑ ﷲ ُﺧﻠﻖ ﻷﺟﻠﻬﺎ ووﺟـﺪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬـﺎ إﻻ ﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ ،ﻓﻤﻌـﲎ } ﺇِﻟﱠـﺎ ﻟﻴﻌﺒـﺪﻭﻥِ { :أي إﻻ ﻟﻴﻮﺣـﺪوﱐ ﻟﻌﺒـﺎدة ،ﻓﻴﺨﻠﺼـﻮا ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ . اﻟﺪﻳﻦ ﻗﺎل اﳌﺼﻨﻒ رﲪﻪ ﷲ : ﻮت { ]اﻟﻨﺤﻞ. [٣٦:اﺟﺘَﻨِﺒُﻮا اﻟﻄﱠﺎﻏُ َ َن اُ ْﻋﺒُ ُﺪوا ا ﱠَ َو ْ وﻗﻮﻟﻪ َ } :وﻟََﻘ ْﺪ ﺑَـ َﻌﺜْـﻨَﺎ ِﰲ ُﻛ ِّﻞ أُﱠﻣ ٍﺔ َر ُﺳ ً ﻮﻻ أ ِ ************* ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﺳﺎﻗﻬﺎ رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻟﺒﻴﺎن أ ﱠن اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺣـﻖ ﷲ ﻋﻠـﻰ اﻟﻌﺒﻴـﺪ ﻫـﻮ اﻟﻐﺎﻳـﺔ ﻣـﻦ ﺑﻌﺜـﺖ اﻟﺮﺳـﻞ ،وأ ﱠن اﻟﺮﺳــﻞ ﻣــﻦ أوﳍــﻢ إﱃ آﺧــﺮﻫﻢ دﻋــﻮ ﻢ واﺣــﺪة إﱃ ﺗﻮﺣﻴــﺪ وإﺧــﻼص اﻟــﺪﻳﻦ ﻟــﻪ ،وأول ﻣــﺎ ﻳﺒــﺪأ ﺑــﻪ اﻷﻧﺒﻴــﺎء أﻗ ـﻮاﻣﻬﻢ اﻟﺪﻋﻮة إﱃ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﷲ }ﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻣﺎ ﻟَﻜُـﻢ ﻣـﻦ ﺇِﻟَـﻪ ﻏَﻴـﺮﻩ] {اﻷﻋـﺮاف ، [٥٩:أول ﻛﻠﻤـﺔ ﺗﻘـﺮع ﲰـﻊ اﻷﻗـﻮام ﻣـﻦ أﻧﺒﻴـﺎءﻫﻢ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ }ﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻣﺎ ﻟَﻜُﻢ ﻣﻦ ﺇِﻟَﻪ ﻏَﻴﺮﻩ. { واﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ زﺑﺪة دﻋﻮة اﳌﺮﺳﻠﲔ وﺧﻼﺻﺔ رﺳﺎﻟﺘﻬﻢ وﺻ ْﻔﻮ دﻋﻮ ﻢ ،وﳍﺬﻩ اﻵ ت ﻧﻈﺎﺋﺮ ﰲ اﻟﻘـﺮآن؛ ﻛﻘﻮﻟـﻪ ﺗﻌـﺎﱃ : }ﻭﻣــﺎ ﺃَﺭﺳـﻠْﻨﺎ ﻣـﻦ ﻗَﺒﻠـﻚ ﻣـﻦ ﺭﺳــﻮﻝٍ ﺇِﻟﱠــﺎ ﻧُــﻮﺣﻲ ﺇِﻟَﻴـﻪ ﺃَﻧﱠـﻪ ﻟَــﺎ ﺇِﻟَـﻪ ﺇِﻟﱠــﺎ ﺃﻧَــﺎ ﻓَﺎﻋﺒـﺪﻭﻥِ {]اﻷﻧﺒﻴـﺎء [٢٥:وﻗــﻮل ﷲ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ} :ﻭﺍﺳ ـﺄَﻝْ ﻣ ـﻦ ﺃَﺭﺳ ـﻠْﻨﺎ ﻣ ـﻦ ﻗَﺒﻠ ـﻚ ﻣ ـﻦ ﺭﺳ ـﻠﻨﺎ ﺃَﺟﻌﻠْﻨــﺎ ﻣ ـﻦ ﺩﻭﻥِ ﺍﻟ ـﺮﺣﻤﻦِ ﺁﻟﻬ ـﺔً ﻳﻌﺒ ـﺪﻭﻥ{ ]اﻟﺰﺧـﺮف ، [٤٥:وﻗﻮل ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ } :ﻭﺍﺫْﻛُﺮ ﺃَﺧﺎ ﻋﺎﺩ ﺇِﺫْ ﺃَﻧْﺬَﺭ ﻗَﻮﻣﻪ ﺑِﺎﻟْﺄَﺣﻘَـﺎﻑ ﻭﻗَـﺪ ﺧﻠَـﺖ ﺍﻟﻨـﺬُﺭ{ أي اﻟﺮﺳـﻞ}ﻣـﻦ ﺑﻴﻦِ ﻳﺪﻳﻪ ﻭﻣﻦ ﺧﻠْﻔﻪ ﺃَﻟﱠﺎ ﺗَﻌﺒـﺪﻭﺍ ﺇِﻟﱠـﺎ ﺍﻟﻠﱠـﻪ]{اﻷﺣﻘـﺎف ، [٢١:ﻓﺎﻟﺮﺳـﻞ ﻣـﻦ أوﳍـﻢ إﱃ آﺧـﺮﻫﻢ ﺑُﻌﺜـﻮا ﳍـﺬﻩ اﻟﻐﺎﻳـﺔ وأُرﺳـﻠﻮا ﳍـﺬا اﳌﻘﺼﺪ }ﺃَﻥِ ﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻭﺍﺟﺘَﻨﺒﻮﺍ ﺍﻟﻄﱠﺎﻏُﻮﺕ.{ وﻗﻮﻟﻪ }ﻭﻟَﻘَﺪ {ﻓﻴﻪ ﻛﻴﺪان :ﻟﻼم ،وﻗﺪ . }ﻭﻟَﻘَﺪ ﺑﻌﺜْﻨﺎ ﻓﻲ ﻛُﻞﱢ ﺃُﻣـﺔ ﺭﺳـﻮﻟًﺎ{ وﻫـﺬا ﻓﻴـﻪ ﻗﻴـﺎم اﳊﺠـﺔ ﺑﺒﻌﺜـﺔ اﳌﺮﺳـﻠﲔ }ﻟﺌَﻠﱠـﺎ ﻳﻜُـﻮﻥ ﻟﻠﻨـﺎﺱِ ﻋﻠَـﻰ ﺍﻟﻠﱠـﻪ ﺣﺠـﺔٌ ﺑﻌـﺪ ﺍﻟﺮﺳ ـﻞِ{]اﻟﻨﺴــﺎء [١٦٥:؛ ﻓﺒَـ َﻌـﺚ اﻟﺮﺳــﻞ ﺗ ـﱰا وواﱃ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ ﺑــﲔ اﻟﺮﺳــﻞ وﺑﻌــﺚ ﰲ ﻛــﻞ أﻣــﺔ رﺳــﻮﻻً ﻹﻗﺎﻣــﺔ اﳊﺠــﺔ وإزاﻟﺔ اﳌﻌﺬرة وإ ﻧﺔ اﻟﺴﺒﻴﻞ ،وﻗﺪ ﺑﻠﱠﻎ اﻟﺮﺳﻞ اﻟﺒﻼغ اﳌﺒﲔ . }ﻭﻟَﻘَ ـﺪ ﺑﻌﺜْﻨــﺎ ﻓــﻲ ﻛُ ـﻞﱢ ﺃُﻣ ـﺔ ﺭﺳ ـﻮﻟًﺎ{ ؛ ﳌــﺎذا؟ ﻣــﺎ اﳌﻘﺼــﺪ ﻣــﻦ ذﻟــﻚ؟ ﻣــﺎ اﻟﻐــﺮض ﻣــﻦ ذﻟــﻚ ؟ ﻣــﺎ اﻟﻐﺎﻳــﺔ ﻣــﻦ ذﻟــﻚ ؟ }ﺃَﻥِ ﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻭﺍﺟﺘَﻨﺒﻮﺍ ﺍﻟﻄﱠﺎﻏُﻮﺕ {؛ وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ :اﻟﻨﻔﻲ واﻹﺛﺒﺎت . ١٠ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﱃ } :ﺃَﻥِ ﺍﻋﺒـﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠـﻪ ﻭﺍﺟﺘَﻨﺒـﻮﺍ ﺍﻟﻄﱠـﺎﻏُﻮﺕ {ﻫـﺬا ﻫـﻮ اﻟﻐﺎﻳـﺔ اﻟـﱵ ﻷﺟﻠﻬـﺎ أرﺳـﻞ اﻟﺮﺳـﻞ ،وﻫـﻮ ﻣﻌـﲎ »ﻻ إﻟ ــﻪ إﻻ ﷲ« ،ﻷﻧ ــﻪ ﻗﻮﻟ ــﻪ } :ﺍﻋﺒـ ـﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠـ ـﻪ { ﻫ ــﻮ ﻣ ــﺪﻟﻮل اﻹﺛﺒــﺎت ﰲ ﻗﻮﻟ ــﻪ» :إﻻ ﷲ« ،وﻗﻮﻟ ــﻪ } :ﻭﺍﺟﺘَﻨﺒـــﻮﺍ ﺍﻟﻄﱠــﺎﻏُﻮﺕ {ﻫــﻮ ﻣــﺪﻟﻮل اﻟﻨﻔــﻲ ﰲ ﻗﻮﻟــﻪ» :ﻻ إﻟــﻪ« .ﻓﻘﻮﻟــﻪ } :ﺍﻋﺒ ـﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠ ـﻪ ﻭﺍﺟﺘَﻨﺒــﻮﺍ ﺍﻟﻄﱠــﺎﻏُﻮﺕ {ﻫــﺬا ﻣــﺪﻟﻮل ﻛﻠﻤــﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ »ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﷲ« .وﻗﺪ ﻣﺮ ﻣﻌﻨﺎ ﰲ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﺮﳝﺔ ﻗﻮل ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ } :ﻭﻣﺎ ﺃَﺭﺳـﻠْﻨﺎ ﻣـﻦ ﻗَﺒﻠـﻚ ﻣـﻦ ﺭﺳـﻮﻝٍ ﺇِﻟﱠﺎ ﻧُﻮﺣﻲ ﺇِﻟَﻴـﻪ ﺃَﻧﱠـﻪ ﻟَـﺎ ﺇِﻟَـﻪ ﺇِﻟﱠـﺎ ﺃَﻧَـﺎ ﻓَﺎﻋﺒـﺪﻭﻥِ { ﻫـﺬا ﻫـﻮ اﳌﻔ ﱠﺴـﺮ ﻫﻨـﺎ ﺑﻘﻮﻟـﻪ }ﺃَﻥِ ﺍﻋﺒـﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠـﻪ ﻭﺍﺟﺘَﻨﺒـﻮﺍ ﺍﻟﻄﱠـﺎﻏُﻮﺕ، { ﻓﻬﻨــﺎك ذُﻛــﺮت ﻛﻠﻤــﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ﺑﻠﻔﻈﻬــﺎ وﻫﻨــﺎ ذُﻛــﺮت ﻛﻠﻤــﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ﲟﻌﻨﺎﻫــﺎ ،ﻓ ـ »ﻻ إﻟــﻪ إﻻ ﷲ« ﻣﻌﻨﺎﻫــﺎ} :ﺃَﻥِ ﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻭﺍﺟﺘَﻨﺒﻮﺍ ﺍﻟﻄﱠﺎﻏُﻮﺕ.{ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌـﺎﱃ ﻓـﺄﻓﺮدوﻩ ـﺎ ،واﻟﻌﺒـﺎدة ﻻ ﺗﻜـﻮن ﻋﺒـﺎدةً إﻻ ﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ وﻗﻮﻟﻪ } ﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠﻪ : { أي أﺧﻠﺼﻮا اﻟﻌﺒـﺎدة ﻛﻤﺎ ﻣﺮ ،وﻫﺬا ﻳُﻨﻘﻞ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ ﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻳﻘﻮل » :ﻛﻞ أﻣﺮ ﻟﻌﺒﺎدة أﻣﺮ ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ« . وﻗﻮﻟﻪ }ﺍﺟﺘَﻨﺒـﻮﺍ ﺍﻟﻄﱠـﺎﻏُﻮﺕ {أﺑﻠـﻎ ﻣـﻦ ﻗـﻮل "اﺗﺮﻛـﻮا ﻋﺒـﺎدة اﻟﻄـﺎﻏﻮت" ،ﻷن »اﺟﺘﻨﺒـﻮا« ﻓﻴﻬـﺎ ﻗـﺪر زاﺋـﺪ ﻋﻠـﻰ اﻟـﱰك أﻻ وﻫﻮ :اﳌﺒﺎﻋﺪة واﳌﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ اﻻﺑﺘﻌﺎد واﳊﺬر اﻟﺸﺪﻳﺪ ؛ وﻫﺬا ﻫﻮ اﳌﻄﻠﻮب ﻣﻦ اﳌﺴﻠﻢ أن ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻏﺎﻳﺔ اﻻﺑﺘﻌﺎد وأن ﳛﺬر ﻏﺎﻳ ــﺔ اﳊ ــﺬر ﻣ ــﻦ ﻋﺒ ــﺎدة اﻟﻄ ــﺎﻏﻮت .و ﻣ ــﻞ ﻫ ــﺬا اﳌﻌ ــﲎ ﰲ دﻋ ــﻮة إﺑ ـﺮاﻫﻴﻢ اﳋﻠﻴ ــﻞ ﻋﻠﻴ ــﻪ اﻟﺴ ــﻼم إﻣ ــﺎم اﳊﻨﻔ ــﺎء ﻗ ــﺎل: }ﻭﺍﺟﻨﺒﻨـﻲ ﻭﺑﻨـﻲ ﺃَﻥ ﻧَﻌﺒـﺪ ﺍﻟْﺄَﺻـﻨﺎﻡ]{إﺑـﺮاﻫﻴﻢ [٣٥:؛ أي اﺟﻌﻠـﲏ ﰲ ﺟﺎﻧـ ٍ ـﺐ ﺑﻌﻴـﺪ ﻋـﻦ اﻷﺻــﻨﺎم وﻋـﻦ ﻋﺒﺎد ــﺎ ، وﻫــﺬا ﻫــﻮ اﻟﻮاﺟــﺐ ﻋﻠــﻰ اﳌﺴــﻠﻢ ﲡــﺎﻩ ﻫــﺬﻩ اﻟﻜﺒــﲑة اﻟــﱵ ﻫــﻲ أﻋﻈــﻢ اﻟﻜﺒــﺎﺋﺮ .واﳌﻌــﲎ ﻫــﺬا أﻳﻀ ـﺎً ﺟــﺎء ﰲ ﻗﻮﻟــﻪ ﻋﻠﻴــﻪ ـﺎت(( وﺻ ـ ﱠﺪرﻫﺎ ﺑﻜﺒــﲑة اﻟﺸــﺮك اﻟــﱵ ﻫــﻲ أﻋﻈــﻢ اﻟﻜﺒــﺎﺋﺮ وأﺷــﺪ اﻟﻈﻠــﻢ اﻟﺼــﻼة واﻟﺴــﻼم )) :اﺟﺘَﻨِﺒ ـﻮا اﻟ ﱠﺴــﺒﻊ اﻟْﻤﻮﺑَِﻘـ ِ َْ ُ ْ ُ وأﻛﱪ اﳉﺮاﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق . ـﻮع أو ﻣﻄـﺎع .واﻟﺴـﻠﻒ رﲪﻬـﻢ ﷲ ـﻮد أو ﻣﺘﺒ ٍ واﻟﻄﺎﻏﻮت :ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ اﻟﻄﻐﻴﺎن ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﲡﺎوز ﺑﻪ اﻟﻌﺒﺪ ﺣ ﱠﺪﻩ ﻣﻦ ﻣﻌﺒ ٍ ﰲ ﻛﺘ ــﺐ اﻟﺘﻔﺴ ــﲑ ﳍ ــﻢ ﻋﺒ ــﺎرات وأﻟﻔ ــﺎظ ﻛﺜ ــﲑة ﰲ ﺷ ــﺮح ﻣﻌ ــﲎ اﻟﻄ ــﺎﻏﻮت واﳌ ـﺮاد ﺑ ــﻪ ،ﻟﻜﻨﻬ ــﺎ ﻛﻠﻬ ــﺎ ﲡﺘﻤ ــﻊ ﰲ ﻫ ــﺬﻩ ﻣﻠﺨﺼـﺎً ﻓﻴﻬــﺎ ﻋﺒــﺎرات اﻟﺴــﻠﻒ ﰲ ﺗﻔﺴــﲑ اﻟﻄــﺎﻏﻮت ﺑﻘﻮﻟــﻪ » :ﻣــﺎ ﲡــﺎوز ﺑـﻪ ِ اﳋﻼﺻــﺔ اﻟــﱵ ذﻛﺮﻫــﺎ اﺑــﻦ اﻟﻘــﻴﻢ رﲪــﻪ ﷲ ّ اﻟﻌﺒﺪ ﺣ ﱠﺪﻩ ﻣﻦ ﻣﻌﺒﻮد أو ﻣﺘﺒﻮع أو ﻣﻄﺎع« ؛ ﻣﻦ اﻟﻄﻐﻴﺎن وﻫﻮ ﲡﺎوز اﳊﺪ. اض ﻛﺎﻷﻧﺒﻴ ــﺎء واﳌﻼﺋﻜ ــﺔ اض ﻓﻬ ــﻮ ﻃ ــﺎﻏﻮت ،وﻣ ــﻦ ﻋُﺒِـ ـﺪ ﻣ ــﻦ دون ﷲ وﻫ ــﻮ ﻏ ــﲑ ر ٍ وﻣ ــﻦ ﻋُﺒِـ ـﺪ ﻣ ــﻦ دون ﷲ وﻫ ــﻮ ر ٍ واﻟﺼﺎﳊﲔ ﻣﻦ ﻋﺒﺎد ﷲ ﻻ ﻳﻀﺮﻫﻢ ذﻟﻚ ،واﻟﻄﺎﻏﻮت ﻫﻨـﺎ ﻫـﻮ اﻟﺸـﻴﻄﺎن ﻷﻧـﻪ ﻫـﻮ اﻟـﺬي دﻋـﺎ اﻟﻨـﺎس إﱃ ﻋﺒـﺎدة ﻫـﺆﻻء ﻓﺄﻃﺎﻋﻮﻩ ،وأﻣﺎ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻷوﻟﻴﺎء واﻟﺼﺎﳊﲔ ﻣﻦ ﻋﺒﺎد ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﻓﻼ ﻳﻀـﺮﻫﻢ ذﻟـﻚ ،ﺑـﻞ إ ـﻢ ﻳـﱪؤون إﱃ ﷲ ١١ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ وﻳﺘﱪؤون ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وﻫـﺬا ﻻ ﻳﻀـﺮﻫﻢ .واﻟﻄـﺎﻏﻮت ﻫﻨـﺎ :اﻟﺸـﻴﻄﺎن اﻟـﺬي دﻋـﺎﻫﻢ إﱃ ﻋﺒـﺎدة ﻏـﲑ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﻓﺄﻃﺎﻋﻮﻩ . ﰒ واﺻﻞ اﻟﺸـﻴﺦ رﲪـﻪ ﷲ ﺗﻌـﺎﱃ ﰲ ذﻛـﺮ اﻵ ت ﰲ ﺑﻴـﺎن ﻣﻜﺎﻧـﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ وﻋﻈـﻴﻢ ﺷـﺄﻧﻪ وﺟﻠﻴـﻞ ﻣﻘﺎﻣـﻪ وﻧﺆﺟـﻞ اﻟﻜـﻼم ﻋﻠﻴﻬﺎ إﱃ اﻟﻠﻘﺎء اﻟﻘﺎدم ذن ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ . ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﻬﻢ وﲝﻤﺪك ،أﺷﻬﺪ أن ﻻ إﻟﻪ إﻻ أﻧﺖ ،أﺳﺘﻐﻔﺮك وأﺗﻮب إﻟﻴﻚ . اﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞ وﺳﻠِّﻢ و رك ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪك ورﺳﻮﻟﻚ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﳏﻤﺪ وآﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﲨﻌﲔ . اﻟﺪرس اﻟﺜﺎﱐ اﳊﻤﺪ رب اﻟﻌﺎﳌﲔ وأﺷﻬﺪ أن ﻻ إﻟـﻪ إﻻ ﷲ وﺣـﺪﻩ ﻻ ﺷـﺮﻳﻚ ﻟـﻪ وأﺷـﻬﺪ أ ﱠن ﳏﻤـﺪاً ﻋﺒـﺪﻩ ورﺳـﻮﻟﻪ ﺻـﻠﻰ ﷲ وﺳـﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وأﺻﺤﺎﺑﻪ أﲨﻌﲔ .أﻣﺎ ﺑﻌﺪ : ﻳﻘﻮل اﻹﻣﺎم ا ﺪد ﺷﻴﺦ اﻹﺳﻼم ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺘﻤﻴﻤـﻲ ﰲ ﻛﺘﺎﺑـﻪ »اﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ اﻟـﺬي ﻫـﻮ ﺣـﻖ ﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﻴﺪ« :ﻗﺎل ﻛﺘﺎب اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وذﻛﺮ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ : ِ ِ ِ ِ ِ ﻚ أَﻻﱠ ﺗَـ ْﻌﺒُ ُﺪواْ إﻻﱠ إ ﱠ ﻩُ َو ﻟ َْﻮاﻟ َﺪﻳْ ِﻦ إ ْﺣ َ ﺴﺎ ً { اﻵﻳﺔ ]اﻹﺳﺮاء. [٢٣: ﻀﻰ َرﺑﱡ َ وﻗﻮﻟﻪَ } :وﻗَ َ ************** ﻓﻬﺬا اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﳑﺎ ﺳﺎﻗﻪ اﻹﻣﺎم ﺷﻴﺦ اﻹﺳﻼم ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﺻﺪر ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ، ﻗــﻮل ﷲ ﻋــﺰ وﺟــﻞ ﰲ ﺳــﻮرة اﻹﺳ ـﺮاء } :ﻭﻗَﻀَـــﻰ ﺭﺑــﻚ ﺃَﻻﱠ ﺗَﻌﺒــﺪﻭﺍْ ﺇِﻻﱠ ﺇِﻳـــﺎﻩ ﻭﺑِﺎﻟْﻮﺍﻟــﺪﻳﻦِ ﺇِﺣﺴــﺎﻧًﺎ{ ،ﻗــﺎل ﺑﻌــﺪﻫﺎ : ))اﻵﻳﺔ(( أي :إﱃ آﺧﺮ اﻵﻳﺔ ،أو اﻗﺮأ اﻵﻳﺔ ،أو ﳓﻮ ذﻟﻚ. وﻣﻮﺿﻊ اﻟﺸﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﺮﳝﺔ ﻟﻠﱰﲨﺔ :ﺑﺪء ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻫﻮ أﻋﻈﻢ اﳌﻄﺎﻟﺐ وأﺟ ﱡـﻞ اﻟﻐـﺎ ت. ﻗﺎل } :ﻭﻗَﻀَﻰ ﺭﺑﻚ ﺃَﻻﱠ ﺗَﻌﺒﺪﻭﺍْ ﺇِﻻﱠ ﺇِﻳﺎﻩ { ؛ واﻟﻘﻀﺎء ﻫﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﻘﻀـﺎء اﻟﺸـﺮﻋﻲ ،ﻷن اﻟﻘﻀـﺎء ﻳـ ِﺮد ﰲ اﻟﻘـﺮآن رةً ﻳـﺮاد ﺑــﻪ اﻟﻘﻀــﺎء اﻟﻜــﻮﱐ ﻛﻘﻮﻟـﻪ ﺗﻌــﺎﱃ} :ﻓَﻘَﻀَــﺎﻫﻦ ﺳ ـﺒﻊ ﺳ ـﻤﺎﻭﺍﺕ] {ﻓﺼــﻠﺖ ، [١٢:و رًة ﻳـﺮاد ﺑــﻪ اﻟﻘﻀــﺎء اﻟﺸــﺮﻋﻲ اﻟــﺪﻳﲏ ﻛﻤﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ؛ وﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ }ﻭﻗَﻀَﻰ ﺭﺑﻚ { أي :أﻣﺮ ووﺻﻰ وﺷﺮع وأوﺟﺐ . }ﺃَﻻﱠ ﺗَﻌﺒﺪﻭﺍْ ﺇِﻻﱠ ﺇِﻳﺎﻩ :{أي وﺻﻰ ﺑﺬﻟﻚ وﻗﻀﻰ ﺑﺬﻟﻚ ﺷﺮﻋﺎ ودﻳﻨﺎً ؛ أﻻ ﺗﻌﺒﺪوا إﻻ إ ﻩ . ١٢ وﻗﻮﻟﻪ } :ﺃَﻻﱠ ﺗَﻌﺒﺪﻭﺍْ ﺇِﻻﱠ ﺇِﻳﺎﻩ {ﻫﻮ ﻣﻌـﲎ وﻣـﺪﻟﻮل ﻛﻠﻤـﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ »ﻻ إﻟـﻪ إﻻ ﷲ« ،وﻫـﻲ ﻗﺎﺋﻤـﺔ ﻛﻤـﺎ ﻋﺮﻓﻨـﺎ ﻋﻠـﻰ اﻟﻨﻔـﻲ ِ ِ ِ ﻣﻮﺣ ـﺪا ؛ ﻣﻮﺣ ـﺪاً ،وﻣــﻦ أﺛﺒــﺖ وﱂ ﻳﻨــﻒ ﻻ ﻳﻜــﻮن ّ واﻹﺛﺒــﺎت ،وﻻ ﺗﻮﺣﻴــﺪ إﻻ ﻤــﺎ ؛ ﻣــﻦ ﻧﻔــﻰ وﱂ ﻳﺜﺒِ ـﺖ ﻻ ﻳﻜــﻮن ّ ﻧﻔﻲ وإﺛﺒﺎت »ﻻ إﻟﻪ« » ،إﻻ ﷲ« .ﻣﺪﻟﻮل ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤـﺔ ﻫـﻮ } ﺃَﻻﱠ ﺗَﻌﺒـﺪﻭﺍْ ﺇِﻻﱠ ﺇِﻳـﺎﻩ { ؛ } ﺃَﻻﱠ ﺗَﻌﺒـﺪﻭﺍ{ ﻫـﺬا ﻓﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ٌ ﻣــﺪﻟﻮل »ﻻ إﻟــﻪ« } ،ﺇِﻻﱠ ﺇِﻳـــﺎﻩ {ﻫــﺬا ﻣــﺪﻟﻮل »إﻻ ﷲ« ،ﻓﻨﻔــﻰ وأﺛﺒــﺖ وﻫــﺬا ﻫــﻮ اﻟﺘﻮﺣﻴــﺪ ِ. وﻣﺜْﻠــﻪ ﻣــﺎ ﻣ ـﱠﺮ ﰲ ﻗﻮﻟــﻪ: }ﺃَﻥِ ﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻭﺍﺟﺘَﻨﺒـﻮﺍ ﺍﻟﻄﱠـﺎﻏُﻮﺕ {ﻓﻴﻬـﺎ اﻟﻨﻔـﻲ واﻹﺛﺒـﺎت ؛ اﻹﺛﺒـﺎت ﰲ } ﺍﻋﺒـﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠـﻪ ، {واﻟﻨﻔـﻲ ﰲ }ﻭﺍﺟﺘَﻨﺒـﻮﺍ ﺍﻟﻄﱠﺎﻏُﻮﺕ. { }ﻭﻗَﻀَــﻰ ﺭﺑـﻚ ﺃَﻻﱠ ﺗَﻌﺒـﺪﻭﺍْ ﺇِﻻﱠ ﺇِﻳــﺎﻩ : {أي ﺷــﺮع ووﺻــﻰ وأﻣــﺮ وأوﺟــﺐ أن ُﳜﻠَـﺺ ﻟــﻪ اﻟــﺪﻳﻦ وأن ﻳُﻔـَـﺮد وﺣــﺪﻩ ﻟﻌﺒــﺎدة وأن ﻻ ُﳚﻌــﻞ ﻣﻌ ـﻪ ﺷ ـﺮﻳﻚ ﰲ ﺷــﻲء ﻣﻨﻬــﺎ ،وذﻛــﺮ ﺑﻌــﺪ ﻫــﺬا ﲨﻠ ـﺔً ﻣــﻦ اﻷواﻣــﺮ ،وﺳــﻴﺄﰐ ﺗﻨﺒﻴــﻪ اﳌﺼــﻨﻒ رﲪــﻪ ﷲ ﰲ اﳌﺴﺎﺋﻞ اﻟﱵ ﺳﺎﻗﻬﺎ ﰲ ﺧﺎﲤﺔ ﻫﺬﻩ اﻟﱰﲨﺔ ،وﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ رﲪﻪ ﷲ أن ﻳـُْﺘﺒﻊ ﻛﻞ ﺗﺮﲨـﺔ ﲟﺴـﺎﺋﻞ ﻳﺒـﲔ ﻣـﺎ ﻳﻨﺒﻐـﻲ أن ﻳﺘﻨﺒﱠـﻪ ـﺘﻔﺎد ﻣـﻦ اﻵ ت واﻷﺣﺎدﻳـﺚ اﻟـﱵ ﺳـﺎﻗﻬﺎ .وﺳـﻨﻘﺮأ ذن ﷲ ﺗﺒـﺎرك وﺗﻌـﺎﱃ وﳛَﺮص ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻪ ﳑﺎ ﻫـﻮ ﻣﺴ ٌ ﻟﻪ ُ ﰲ ﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﺗﺮﲨﺔ اﳌﺴﺎﺋﻞ اﻟﱵ أوردﻫﺎ رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ. ﺑﺪأ ﻫﺬﻩ اﻷواﻣﺮ ﻷﻣـﺮ ﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ وإﺧـﻼص اﻟـﺪﻳﻦ ﻟـﻪ ،وﻫـﻲ أواﻣـﺮ ﻛﺜـﲑة أﺷـﺎر رﲪـﻪ ﷲ ﺗﻌـﺎﱃ إﱃ أن ﻋـﺪدﻫﺎ ﲦﺎﻧﻴـﺔ ﻋﺸﺮة أﻣﺮاً و ﻴﺎً -وﺳﻴﺄﰐ ذﻛﺮ ذﻟﻚ ﰲ اﳌﺴﺎﺋﻞ -ﺻﺪﱠرﻫﺎ أو ﺑـُﺪﺋﺖ ﻷﻣـﺮ ﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ }ﻭﻗَﻀَـﻰ ﺭﺑـﻚ ﺃَﻻﱠ ﺗَﻌﺒـﺪﻭﺍْ ﺇِﻻﱠ ﺇِﻳﺎﻩ ، { واﻵﻳﺔ اﻟﱵ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻫﻲ ﻗﻮﻟـﻪ }:ﻟَـﺎ ﺗَﺠﻌـﻞْ ﻣـﻊ ﺍﻟﻠﱠـﻪ ﺇِﻟَﻬـﺎ ﺁﺧـﺮ ﻓَﺘَﻘْﻌـﺪ ﻣـﺬْﻣﻮﻣﺎ ﻣﺨْـﺬُﻭﻟًﺎ ) (٢٢ﻭﻗَﻀَـﻰ ﺭﺑـﻚ ﺃَﻟﱠـﺎ ﻓﺼ ِّﺪرت ﻫﺬﻩ اﻷواﻣﺮ واﻟﻨﻮاﻫﻲ ﻟﻨﻬـﻲ ﻋـﻦ اﻟﺸـﺮك واﻷﻣـﺮ ﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ ؛ ﻓﺄﻓـﺎد ذﻟﻜـﻢ أن اﻷﻣـﺮ ﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ ﺗَﻌﺒﺪﻭﺍ ﺇِﻟﱠﺎ ﺇِﻳﺎﻩُ { واﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺿﺪﻩ وﻫﻮ اﻟﺸﺮك ﻫﻮ أﻋﻈﻢ اﳌﻄﺎﻟﺐ وأﺟﻠﱡﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ،وﳍﺬا ﺑﻪ ﻳُﺒﺪأ ﻛﻤﺎ ﰲ ﻫـﺬﻩ اﻵﻳـﺔ وﰲ آ ت ﻋﺪﻳﺪة ﺳﺎﻗﻬﺎ رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ . ذُﻛﺮ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﳊـﻖ اﻟﻌﻈـﻴﻢ ﺣـﻖ ﷲ ﻋﻠـﻰ اﻟﻌﺒـﺎد؛ ﺣـﻖ اﻟﻮاﻟـﺪﻳﻦ ،ﻗـﺎل } :ﻭﺑِﺎﻟْﻮﺍﻟـﺪﻳﻦِ ﺇِﺣﺴـﺎﻧًﺎ{ ؛ ﻓـ َﺬ َﻛﺮ ﺣﻘﻬﻤـﺎ ﻋﻘـﺐ ﺣﻘــﻪ وﺑﻌــﺪﻩ ،وﰲ ﻫــﺬا دﻻﻟــﺔ أن ﺣــﻖ اﻟﻮاﻟــﺪﻳﻦ أﻋﻈــﻢ اﳊﻘـﻮق ﺑﻌــﺪ ﺣــﻖ ﷲ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ وﳍــﺬا ﻗ ﱠﺪﻣــﻪ ﻋﻠــﻰ ﻏــﲑﻩ ﻣــﻦ اﳊﻘــﻮق واﻟﻮاﺟﺒــﺎت اﻟــﱵ ذُﻛــﺮت ﰲ اﻵﻳــﺔ ،وﻛﺜ ـﲑاً ﻣــﺎ ﰐ ﰲ اﻟﻘــﺮآن اﻟﻜــﺮﱘ وﻛــﺬﻟﻜﻢ ﰲ أﺣﺎدﻳــﺚ اﻟﺮﺳــﻮل اﻟﻜﺮﱘ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺮن ﺣﻖ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ ﲝﻖ ﷲ ،ﻛﻬﺬﻩ اﻵﻳﺔ وﻛـﺬﻟﻜﻢ اﻵ ت اﻟـﱵ ﺳـﺎﻗﻬﺎ ﺑﻌـﺪﻫﺎ }ﻗُـﻞْ ﺗَﻌـﺎﻟَﻮﺍ ﺃَﺗْـﻞُ ﻣــﺎ ﺣـﺮﻡ ﺭﺑﻜُـﻢ ﻋﻠَـﻴﻜُﻢ ﺃَﻟﱠــﺎ ﺗُﺸـﺮِﻛُﻮﺍ ﺑِـﻪ ﺷـﻴﺌًﺎ ﻭﺑِﺎﻟْﻮﺍﻟـﺪﻳﻦِ{]اﻷﻧﻌــﺎم} ، [١٥١:ﻭﺍﻋﺒـﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﱠـﻪ ﻭﻟَــﺎ ﺗُﺸـﺮِﻛُﻮﺍ ﺑِـﻪ ﺷـﻴﺌًﺎ ﻭﺑِﺎﻟْﻮﺍﻟـﺪﻳﻦِ ﺇِﺣﺴـﺎﻧًﺎ{ ]اﻟﻨﺴــﺎء} ، [٣٦:ﺃَﻥِ ﺍﺷـﻜُﺮ ﻟــﻲ ﻭﻟﻮﺍﻟـﺪﻳﻚ] {ﻟﻘﻤــﺎن [١٤:واﻵ ت ﰲ ﻫــﺬا اﳌﻌــﲎ ﻛﺜــﲑة وﻛــﺬﻟﻜﻢ اﻷﺣﺎدﻳــﺚ ﻋﻦ اﻟﻨﱯ اﻟﻜﺮﱘ ﺻﻠﻮات ﷲ وﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ . ١٣ وﻗﻮﻟــﻪ}ﻭﺑِﺎﻟْﻮﺍﻟ ـﺪﻳﻦِ ﺇِﺣﺴــﺎﻧًﺎ{ أﻃﻠــﻖ وﱂ ﻳﻌـ ِـﲔ ﻧﻮﻋـﺎً ﻣــﻦ اﻹﺣﺴــﺎن ؛ ﻟﻴﺘﻨــﺎول اﻟﻠﻔــﻆ ﻃﻼﻗــﻪ وﻋﻤﻮﻣــﻪ ﻛــﻞ إﺣﺴـ ٍ ـﺎن ّ ﳑﻜــﻦ وﻣﻘــﺪوٍر ﻋﻠﻴــﻪ ﻗــﻮﱄ أو ﻓﻌﻠــﻲ ،وﻫــﺬا ﻣــﻦ ﻛﻤــﺎل اﳋﻄــﺎب وﻋﻈــﻢ أﻳﻀ ـﺎً دﻻﻻﺗــﻪ وﴰﻮﻟــﻪ ﻟﻜــﻞ وﺟــﻮﻩ اﻹﺣﺴــﺎن أﺣﺴﻦ ﳍﻤﺎ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺖ ﰲ ﻛﻞ ﳎـ ٍﺎل وﺑﻜـﻞ ﻃﺮﻳﻘ ٍـﺔ وﺑﻜـﻞ أﺳ ٍ ـﻠﻮب اﳌﻘﺪور ﻋﻠﻴﻬﺎ }.ﻭﺑِﺎﻟْﻮﺍﻟﺪﻳﻦِ ﺇِﺣﺴﺎﻧًﺎ{ :أي ِ ﻣﻘﺪور ﻋﻠﻴﻪ أﺣﺴﻦ إﻟﻴﻬﻤﺎ . ﺣﻖ أﻋﻈﻢ ﻟﻠﻮاﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ ﺑﻠﻮﻏﻬﻤﺎ أو أﺣﺪﳘﺎ اﻟﻜـﱪ }ﺇِﻣﺎ ﻳﺒﻠُﻐَﻦ ﻋﻨﺪﻙَ ﺍﻟْﻜﺒﺮ ﺃَﺣﺪﻫﻤﺎ ﺃَﻭ ﻛﻠَﺎﻫﻤﺎ ﻓَﻠَﺎ ﺗَﻘُﻞْ ﻟَﻬﻤﺎ ﺃُﻑﱟ ﻭﻟَﺎ وﰐ ٌ ﺗَﻨﻬﺮﻫﻤـﺎ{ ،وﺑﻠـﻮغ اﻟﻜـﱪ ﻓﻴــﻪ اﻟﻀـﻌﻒ ووﻫـﻦ اﻟﻘـﻮى واﳊﺎﺟــﺔ أﻳﻀـﺎً إﱃ اﻟﻌـﻮن واﳌﺴـﺎﻋﺪة ،وﳍــﺬا ﺟـﺎء اﻟﺘﺄﻛﻴـﺪ ﻋﻠــﻰ ﺣﻖ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ واﻹﺣﺴﺎن إﱃ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ وﻻﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﻫﺬا اﳊﺎﻟـﺔ ﺑﻠـﻮغ اﻟﻜـﱪ .وﺣﻘﻴﻘـﺔً وﺟـﻮد اﻷﺑـﻮﻳﻦ أو واﻟـﺪ اﻷﺑـﻮﻳﻦ ، وﺟــﻮد ﻛﺒــﺎر اﻟﺴــﻦ ﰲ اﻟﺒﻴــﻮت وﺗﻮﻓﻴــﻖ ﷲ ﺳــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﱃ ﻟﻌﺒــﺪﻩ ﻟﻠﻘﻴــﺎم ﲝﻘﻬﻤــﺎ وﻋﻨﺎﻳﺘــﻪ ــﺬا اﻷﻣ ـﺮ ﻫــﺬا ﻣــﻦ أﻋﻈــﻢ اﳌﻮاﻫﺐ وﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﻄﺎ واﳌﻨﻦ اﻟﱵ ﻳﻜﺮم ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﺎ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء ﻣﻦ ﻋﺒﺎدﻩ ،وآ ر ذﻟﻚ وﲦﺎرﻩ ﻻ ﺣﺼـﺮ ﳍﺎ وﻻ ﻋﺪ . }ﺇِﻣﺎ ﻳﺒﻠُﻐَﻦ ﻋﻨﺪﻙَ ﺍﻟْﻜﺒﺮ ﺃَﺣﺪﻫﻤﺎ ﺃَﻭ ﻛﻠَﺎﻫﻤﺎ ﻓَﻠَﺎ ﺗَﻘُﻞْ ﻟَﻬﻤﺎ ﺃُﻑﱟ{ ؛ ﻻﺣـﻆ ﻫـﺬا اﻟﺘﻨﺒﻴـﻪ وﻻﺳـﻴﻤﺎ ﰲ ﺣـﺎل اﻟﻜـﱪ ،ﻷن ﻛﺒـﲑ اﻟﺴﻦ ﰲ ﺣﺎل ﺿﻌﻔﻪ ﰲ ﺣﺎل أﻳﻀﺎً أﺣﻴﺎ ً ﺿﻌﻒ ﻗﻮاﻩ وﺗﻔﻜـﲑﻩ وﺗﻌﺎﻣﻠـﻪ ،ﺷـﺪة ﻣـﺎ ﻳﻜـﻮن ﻣـﺎ ﻳﻌـﺎﱐ ﻣﻨـﻪ ﻣـﻦ أﻣـﺮاض أو ﳓﻮ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﺗﻔﻀﻲ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻨﺎس إﱃ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻀﺠﺮ أو اﳌﻠﻞ ﻣﻦ اﻟﻮاﻟﺪ أو اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ أو ﳓـﻮ ذﻟـﻚ ؛ ﻓﺠـﺎء ﻫـﺬا اﻟﺘﻨﺒﻴــﻪ اﻟﻌﻈــﻴﻢ }ﻓَﻠَــﺎ ﺗَﻘُ ـﻞْ ﻟَﻬﻤــﺎ ﺃُﻑﱟ ﻭﻟَــﺎ ﺗَﻨﻬﺮﻫﻤــﺎ{ ،و»أف« ﻫــﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤــﺔ ﻧـُﺒِّــﻪَ ــﺎ -وﻫــﻲ أﻗــﻞ ﻣــﺎ ﻳﻜــﻮن ﻣــﻦ اﻹﺳــﺎءة اﻟﻘﻮﻟﻴﺔ -ﻋﻠﻰ ﻣـﺎ ﻫـﻮ أﻋﻈـﻢ ﻣـﻦ ذﻟـﻚ ،إذا ﻛـﺎن ﰲ اﻵﻳـﺔ ـﻲ ﻋـﻦ اﻟﺘـﺄﻓﱡﻒ ﻣـﻦ اﻟﻮاﻟـﺪﻳﻦ أو ﻣـﻦ أﺣـﺪﳘﺎ ﻓﻜﻴـﻒ ﲟـﺎ إﻏﻼظ ﰲ اﻟﻜﻼم أو ٍ رﻋﻮﻧﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ أو ﳓﻮ ذﻟـﻚ ؛}ﻓَﻠَﺎ ﺗَﻘُـﻞْ ﻟَﻬﻤـﺎ ٍ ﻫﻮ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻓﻒ !! ﻣﻦ إﺳﺎءةٍ ﰲ اﻟﻘﻮل أو ﺃُﻑﱟ ﻭﻟَﺎ ﺗَﻨﻬﺮﻫﻤﺎ{ واﻟﻨﻬﺮ :ﻫﻮ اﻟﺰﺟﺮ اﻹﻏﻼظ ﰲ اﻟﻘﻮل واﻹﺳﺎءة ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ . }ﻭﻗُﻞْ ﻟَﻬﻤﺎ ﻗَﻮﻟًﺎ ﻛَﺮِﳝﺎ{ :أي ﻋﻨـﺪﻣﺎ ﺗﺘﺤـﺪث ﻣـﻊ اﻟﻮاﻟـﺪﻳﻦ ﲢـﺪﱠث ﻟﻘـﻮل اﻟﻜـﺮﱘ .وﻗﻮﻟـﻪ }ﻭﻗُـﻞْ ﻟَﻬﻤـﺎ ﻗَﻮﻟًـﺎ ﻛَﺮِﳝـﺎ{ ﻫـﺬا ﻣﻘــﺎم ﻣﻨﺎﻓﺴــﺔ ﰲ ﲣـ ﱡـﲑ أﻃﻴــﺐ اﻷﻟﻔــﺎظ وأﺣﺴــﻦ اﻟﻌﺒــﺎرات وأﲨــﻞ اﻷﺳــﺎﻟﻴﺐ ﰲ ﳐﺎﻃﺒــﺔ اﻟﻮاﻟــﺪﻳﻦ .ﻛﺜــﲑ ﻣــﻦ اﻟﻨــﺎس إذا ﻟﻘــﻲ أﺣــﺪ أﺻــﺪﻗﺎﺋﻪ أو زﻣﻼﺋــﻪ ﳚﺘﻬــﺪ اﺟﺘﻬــﺎداً ﻛﺒ ـﲑاً ﻟﻴﺨﺘــﺎر ﻟــﻪ اﻟﻌﺒــﺎرة اﳉﻤﻴﻠــﺔ " أﺧــﻲ اﻟﻔﺎﺿــﻞ ،زﻣﻴﻠــﻲ اﻟﻌﺰﻳــﺰ ، ﺻــﺪﻳﻘﻲ اﻟﻜــﺮﱘ ،ﻟــﻚ ﻋﻨــﺪي ﻛــﺬا ،وﰲ ﻗﻠــﱯ ﻛــﺬا "..إﱃ آﺧــﺮﻩ ،وإذا دﺧــﻞ ﻋﻠــﻰ أﻣــﻪ وﲨﻴﻠﻬــﺎ ﻋﻠﻴــﻪ أﻋﻈــﻢ ﲨﻴــﻞ ات ﻃﻴﺒــﺔ أو ﻛﻠﻤـ ٍ ـﺎت ﲨﻴﻠــﺔ أو ﻗـ ٍ ـﻮل ﻛــﺮﱘ . وإﺣﺴــﺎ ﺎ إﻟﻴــﻪ أﺣﺴــﻦ إﺣﺴــﺎن ﻣــﺎ ﳛﺴــﻦ أن ﳜﺘــﺎر ﳍــﺎ أو ﻳﻨﺘﻘــﻲ ﳍــﺎ ﻋﺒــﺎر ٍ ورﲟــﺎ ﻟــﻮ أ ﱠن أﺣــﺪاً ﻣــﻦ اﻟﻨــﺎس ﻟــﻮ ﺻــﻨﻊ ﻟــﻪ ﻣﻌﺮوﻓًــﺎ ﻣــﺎ َ أﺳـ َـﺮﻩ ﲟﻌﺮوﻓــﻪ وإﺣﺴــﺎﻧﻪ وأﺻــﺒﺢ ﻛﻠﻤــﺎ ﻟﻘﻴــﻪ ذﻛــﺮ ذﻟــﻚ اﳌﻌــﺮوف واﻹﺣﺴــﺎن ﻓﺄﺣﺴــﻦ اﳋﻄــﺎب وأﺟــﺎد ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣــﻞ ،وإﺣﺴــﺎن اﻷم إﱃ وﻟــﺪﻫﺎ ﻣــﺎ ﻳﻘــﺎرن وﻻ ﻳ ـﻮازى وﻻ ﻳُﻠﺤــﻖ ﻓﻜﻴــﻒ ١٤ ﻳﻨﺴﻰ ذﻟﻚ اﳉﻤﻴﻞ !! وﻛﻴﻒ ﻳﻨﺴﻰ ذﻟﻚ اﻹﺣﺴﺎن !! وﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮن اﻟﻘﻮل اﻟﻜﺮﱘ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ وﻻ ﻳﻜـﻮن ﳍـﺎ ﺣـﻆ ﻣﻨـﻪ وﻻ ﻧﺼﻴﺐ !! . وﻣﻦ ﻟﻄﻴﻒ وﲨﻴﻞ ﺻﻨﻴﻊ اﻹﻣﺎم اﻟﺒﺨﺎري رﲪﻪ ﷲ ﺗﻌـﺎﱃ ﰲ ﻛﺘﺎﺑـﻪ اﳌﺒـﺎرك اﻷدب اﳌﻔـﺮد -وﻫـﻮ ﻛﺘـﺎب ﻋﻈـﻴﻢ ﰲ ﺑـﻪ ـﺪﻳﺚ أوردﻩ ﰲ ﻫــﺬا اﻟﺒــﺎب ﺣــﺪﻳﺚ ﻋﺒــﺪ ب اﻷدب واﻷﺧـﻼق -ﺻـﺪﱠر ﻫــﺬا اﻟﻜﺘــﺎب ﺑﺒــﺎب ﺑــﺮ اﻟﻮاﻟــﺪﻳﻦ ،وأول ﺣـ ٍ ـﺐ إِ َﱃ ا ﱠِ َﻋ ـﱠﺰ َو َﺟـ ﱠـﻞ؟ ﻗَـ َ ـﺎل: َﺣـ ﱡ ﺻـﻠﱠﻰ ﷲُ َﻋﻠَْﻴـ ِـﻪ َو َﺳـﻠﱠ َﻢ أَ ﱡ ي اﻟْ َﻌ َﻤـ ِـﻞ أ َ ﺖ اﻟﻨﱠـِ ﱠ ـﱯ َ ـﺎل َ :ﺳـﺄَﻟْ ُﷲ ﺑــﻦ ﻣﺴــﻌﻮد رﺿــﻲ ﷲ ﻋﻨــﻪ ﻗَـ َ ـﺎل )ﰒُﱠ ﺑِـﱡﺮ اﻟْ َﻮاﻟِـ َـﺪﻳْ ِﻦ( إﱃ آﺧــﺮ اﳊــﺪﻳﺚ ؛ ﻣﻨﺒِّﻬـﺎً ﺑــﺬﻟﻚ رﲪــﻪ ﷲ ﺗﻌــﺎﱃ أن ﻫــﺬﻩ ـﺖ ﰒُﱠ أَ ﱞ ي؟ ﻗَـ َ ِ ﺼـ َـﻼةُ َﻋﻠَــﻰ َوﻗْﺘ َﻬــﺎ( ﻗُـ ْﻠـ ُ )اﻟ ﱠ اﻵداب اﳌﺒﺜﻮﺛﺔ ﰲ اﻟﻜﺘﺎب واﻷﺧﻼق اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﱵ ذُﻛﺮت ﰲ اﻟﻜﺘﺎب أﺣﻖ ﻣﻦ ﻳﻜﻮن ﺎ اﻟﻮاﻟﺪان . }ﻭﻗُﻞْ ﻟَﻬﻤﺎ ﻗَﻮﻟًﺎ ﻛَﺮِﳝﺎ ) (٢٣ﻭﺍﺧﻔﺾ ﻟَﻬﻤﺎ ﺟﻨﺎﺡ ﺍﻟﺬﱡﻝﱢ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ { أي أ ﱠن اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﲞﻔﺾ اﳉﻨﺎح وﻟــﲔ اﳉﺎﻧــﺐ واﻟﻠﻄــﻒ ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣــﻞ واﻟﺒﺸﺎﺷــﺔ إﱃ ﻏــﲑ ذﻟﻜــﻢ ﻣــﻦ اﳌﻌــﺎﱐ اﻟﻌﻈﻴﻤــﺔ .ﰒ اﻟﻌﻨﺎﻳــﺔ ﻟــﺪﻋﺎء } ﻭﻗُـ ـﻞْ ﺭﺏ ﱳ ﺬﻩ اﻟﺪﻋﻮة } ﻭﻗُﻞْ ﺭﺏ ﺍﺭﺣﻤﻬﻤﺎ ﻛَﻤﺎ ﺭﺑﻴﺎﻧﻲ ﺻـﻐﲑﺍ{ ،اِﺳـﺄل ﷲ ﺍﺭﺣﻤﻬﻤﺎ ﻛَﻤﺎ ﺭﺑﻴﺎﻧﻲ ﺻﻐﲑﺍ{ أي ﺣﺎﻓﻆ واﻋ ِ ﻋﺰ وﺟﻞ ﳍﻤﺎ اﻟﺮﲪﺔ أﺣﻴﺎءً ﻛﺎﻧﻮا أو أﻣﻮا ً ،وأﻛﺜِﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺪﻋﺎء اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﺬي أﻣﺮ ﷲ ﺑـﻪ } ﻭﻗُﻞْ ﺭﺏ ﺍﺭﺣﻤﻬﻤـﺎ{ ، ﻓﺎﻋ ِ ﱳ ﺬا اﻟﺪﻋﺎء اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﺬي أﻣﺮ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﺑﻪ ﰲ ﻫﺬا اﳌﻘﺎم ؛ ﻣﻘﺎم ﺑﺮ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ واﻹﺣﺴﺎن إﻟﻴﻬﻤﺎ . } ﻭﻗُﻞْ ﺭﺏ ﺍﺭﺣﻤﻬﻤﺎ ﻛَﻤﺎ ﺭﺑﻴﺎﻧﻲ ﺻﻐﲑﺍ{ ؛ »ﻛﻤـﺎ رﺑﻴـﺎﱐ« ﺗـﺬ ُﻛٌﺮ ﻟﻺﺣﺴـﺎن واﳉﻤﻴـﻞ اﻟﺴـﺎﺑﻖ ،وﻫـﺬا -أﻳﻬـﺎ اﻹﺧـﻮة اﻟﻜﺮام -أﻋﻈﻢ ﻋﻮن ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﱪ ،وإذا ﻏﻔﻞ اﻹﻧﺴـﺎن ﻋﻨـﻪ ﺿـﻌﻒ ﺑـﺮﻩ وﺿـﻌُﻒ إﺣﺴـﺎﻧﻪ ،وﻛﻠﻤـﺎ ﻛـﺎن ﻣﺴﺘﺤﻀـ?