مخطوطات عربية: نشأتها وتطورها، خصائصها وأهميتها PDF
Document Details
Uploaded by MindBlowingWeasel
Tags
Summary
This document explores the history and characteristics of Arabic manuscripts, from their origins and evolution to their importance in preserving cultural heritage. It examines factors like the materials used, writing styles, and decorative elements. The text discusses the significance of researching these manuscripts to understand the development of Arab civilizations.
Full Transcript
# المخطوطات العربية: نشأتها وتطورها، خصائصها وأهميتها ## **مقدمة** ظهر مصطلح المخطوط متأخرا تمييزا له عن الكتاب المطبوع، ويمكن تعريفه بأنه كل ما وصلنا من تراث خطه السابقون بأيديهم قبل عصر الطباعة على مواد مختلفة مثل ورق الكاغد أو قراطيس البردي ..، وذلك على شكل لفائف، أو كراريس، أو أوراق محفوظة بين...
# المخطوطات العربية: نشأتها وتطورها، خصائصها وأهميتها ## **مقدمة** ظهر مصطلح المخطوط متأخرا تمييزا له عن الكتاب المطبوع، ويمكن تعريفه بأنه كل ما وصلنا من تراث خطه السابقون بأيديهم قبل عصر الطباعة على مواد مختلفة مثل ورق الكاغد أو قراطيس البردي ..، وذلك على شكل لفائف، أو كراريس، أو أوراق محفوظة بين دفتين. وهناك من الدارسين من قصره على الكتاب المكتوب بخط اليد والذي تتعدد موضوعاته، تمييزا له عن الوثيقة التي لا تتناول سوى موضوعا واحدا. وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم المخطوط لا يقتصر فقط على الموضوعات الأدبية أو الفلسفية أو العلمية باللغة العربية، بل يتسع ليشمل مخطوطات الدول الإسلامية غير العربية كلغات إفريقيا السوداء واللغات الحامية كالأمازيغية واللغات الهندية الأوروبية كالفارسية والأفغانية والعثمانية والتركية وغيرها. ## **علم تحقيق المخطوطات** أما عن التحقيق *فمشتق لغة من الفعل حقق - يحقق - تحقيقا)*، ويعني إحكام الشيء وتصحيحه، فيقال: ثوب محقق إذا كان محكم النسج، ويقال: أحققت الأمر إحقاقا إذا أحكمته وصححته. ويأتي كذلك بمعنى التثبت فيقال حقه يحقه أحقه أي أثبته. وهذا المعنى اللغوي لا يبعد عن المعنى الاصطلاحي لما يسمى بـ "علم تحقيق المخطوطات"؛ حيث يقصد به مجموعة الأصول والقواعد التي يستعين بها المحقق من أجل إعادة كتابة المخطوط بصورة مطابقة للأصل الذي وضعه مؤلف الكتاب لفظا ومعنى، وتحريره من التصحيف، والتحريف، والخطأ، والنقص، والزيادة. ## **أهمية تحقيق المخطوطات وفوائده** ### _يكشف تحقيق المخطوطات عن إسهامات الأمة في الحضارة الإنسانية_ فمتى كانت الأمة تملك تراثاً ضخماً من المخطوطات في مختلف الحقول العلمية والفكرية، فإنما يدل ذلك على مقدار إسهامها في بناء الحضارات البشرية، ولولا تحقيق هذا التراث المخطوط ونشره لما عُرف مقدار إسهام أي أمة في الحضارات الإنسانية، أو مكانة حضارتها بين تلك الحضارات. ### _تحقيق المخطوطات ونشرها يفضي إلى ترجمتها إلى لغات عديدة_ مما يساعد في انتشارها والاستفادة منها لدى مختلف الشعوب. وإذا كانت حركة ترجمة العلوم والمعارف العربية قد بدأت في زمن مبكر إبان التواجد الإسلامي في الأندلس، إلا أنها شهدت نشاطا أوسع بعد ظهور الطباعة، حيث ترجمت كثير من عيون التراث العربي في القرن التاسع عشر إلى مختلف اللغات الأوروبية، نتيجة جهود المستشرقين في تحقيق هذا التراث. ### _يكشف تحقيق التراث عن صور التواصل الحضاري_ و مسارات التبادل العلمي بين الأمم، وكذا عن جوانب التأثر والتأثير في ما أنتجته العقول البشرية من مؤلفات، فما كان لنا أن نعرف مثلاً تأثر فلاسفة العرب القدماء بالفلسفة اليونانية لولا تحقيق النصوص الفلسفية العربية، وما كان لنا أن نعرف تأثير رسالة الغفران لأبي العلاء المعري في الكوميديا الإلهية لدانتي لولا تحقيق مخطوطات أبي العلاء. ### _توفير النصوص المحققة في مختلف ميادين المعرفة_ يتيح للباحثين ثروة إصطلاحية باللغة العربية في شتى العلوم كالطب والصيدلة الهندسة والفلك والرياضيات والفلاحة والكيمياء والفيزياء والتربية .. إلخ، يمكن الاستفادة منها في مجال التأليف والتعريب، ويقلل من الاعتماد على المصطلحات الأجنبية التي يحاول البعض الترويج لها تحت دعوى عدم توافر المصطلحات العلمية باللغة العربية. ### _تحقيق النصوص يفتح مجالات واسعة للبحث_ ويسترعي اهتمام الباحثين، لما يحمله من قضايا فكرية وتاريخية وأدبية ونقدية وفلسفية وعلمية، ما زال يرتبط كثير منها بالواقع الذي نعيشه. ### _التراث المحقق للأمة أهم راصد لما شهدته من تقلبات ومنعطفات_ في مسيرتها التاريخية والسياسية والفكرية والأدبية والعلمية والعمرانية وسواها، ومن ثم يستطيع الدارسون لهذا التراث تقويم هذه التطورات، وتحديد السبيل الأمثل لسير الأمة نحو المستقبل في كل مجال من هذه المجالات. ### _تحقيق التراث المخطوط يشكل باعثا قويا في الحفاظ على هوية الأمة_ و الاعتزاز بتاريخها، كونه كاشف لعظمة ما بذله الأجداد من جهود جليلة على الصعيد العلمي والمعرفي، رغم صعوبة التأليف، وشح أدوات الكتابة، وضعف وسائل الاتصال. ## **تاريخ الخط العربي** **اختلف المؤرخون حول نشأة الخط العربي**، فهناك من ذهب إلى أنه اشتق من الخط المسند الذي يعرف باسم الخط الحميري أو الجنوبي، والذي انتقل إلى بلاد الشام عن طريق القوافل. بينما ذهب فريق آخر إلى أن الخط العربي ما هو إلا نتاج تطور عن الخط النبطي. ** والحقيقة إن الرأي الأخير تؤكده بعض النقوش التي ترجع إلى ما قبل الإسلام والقرن الهجري الأول**، منها: النقش الذي وجد في منطقة تعرف بـ (أم الجمال) شرق الأردن، ويعود تاريخها إلى سنة (٢٥٠م). **[IMAGE DESCRIPTION] ** A photo of a stone tablet written in a language that looks a lot like Arabic. Above this drawing it says " "نقش نطي على فر عمر ، في أم الجمال . (تاريخها سنة ٢٥٠ بعد المسيح ." The writing in the drawing looks something like this: دنه نقشو قهرو بن علي ربر جدیمت ملك النوع (هذا غير غير) بن علي عربي جديمة ملك النوخ) **[End of Image Description]** ** ونقرأ النقش هكذا :** **دنه نقشو قهرو** **بن علي ربر جدیمت** **ملك النوع** **(هذا غير غير)** **بن علي عربي جديمة** **ملك النوخ)** **كما أن ثمة نقش آخر وجد في منطقة حوران)** إحدى ديار الأنباط يعود تاريخه إلى ۳۲۸م، وهو عبارة عن شاهد قبر امرؤ القيس الملك والشاعر الأشهر، ثم انتقل الخط من (حوران) إلى (الأنبار) و(الحيرة) ومنها عن طريق (دومة الجندل) إلى الحجاز، فأصبح يعرف بالخط الحجازي أو المكي. **[IMAGE DESCRIPTION]** A photo of a large stone tablet with writing on it, and a drawing below it. The tablet is a tombstone with text that says " نص المارة ، وهو شاهد قبر أمرئ القيس" The text in the drawing is much smaller and is arranged in lines, unlike the text on the tombstone. The text looks something like: كتابة عربية بطبة. سن ٤٢٨ انقلا من مجلسك ه موو لا١٩٩٢٦ ملك العرب كله دو اسر **[End of Image Description]** **ورا الكتابة هكذا :** **القيس بن** **و نردد و ملوکی** **مکدی و جا** **تجرن مدينة قمر وملك مو ونزل بنيه** **و عرب معمر** **فرسو فروم فلم بلغ ملك ملفه** **ولده** **أو انظر شرح الدن عند على جراد ۷-۱۲۳۷** **أما عن البداية الحقيقة لانتشار الخط العربي، فكانت مع ظهور الإسلام**؛ ففي عصر الرسالة اعتنى النبي بنشر التعليم بين المسلمين، بما فيهم النساء، وذلك لحاجته الملحة لإعداد فئة من الكتاب *كي يستعين بهم في* تدوين الوحي، فضلا عن كتابة رسائله إلى الملوك والأمراء، داخل الجزيرة العربية وخارجها، والرد على ما يرده منهم، أو من ولاته من الصحابة. ونتيجة لذلك تنافس الكتاب من الصحابة في تجويد الخط وتحسينه *لأن* النبي *كان يختار من يكتب رسائله للملوك من أجودهم خطا في الكتابة*. ** ويعد أبي بن كعب* له **أول من كتب للنبي ﷺ بعد هجرته**، وكان من كتابه كذلك علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وخالد بن سعيد بن العاص، وأبان بن سعيد بن العاص، وعمرو بن العاص، شرحبيل بن حسنة، وزيد بن ثابت، والعلاء بن الحضرمي، ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم، وحسب إحصاء بعض الدارسين فاق عدد كتابه ٤٠ كاتبا. **وقد عثر حتى الآن على ثلاث كتب من كتب النبي التي أرسلها إلى الملوك والأمراء داخل الجيرة العربية وخارجها هي:** - كتابه للمقوقس. - كتابه للنجاشي ملك الحبشة. - كتابه للمنذر بن ساوى أمير البحرين. **[IMAGE DESCRIPTION]** An image of a piece of paper with text on it. It looks like a letter that says: "بسم الله الرحم الرحم من محمد رسول الله ب الصدر ۲ ساوی سلام بند های حمد الله الت الذي لا اله عمره وست 1811 الله الله و الحمد کرو در ماه سل و ४ سكه وره يهما مدمالي او ر سر مدا سوا کلت در الله اومدم اند بابر - للمسلمير ما سلموا لله وقد اخبر مرعد الدوم ماری دیده و فاصله دار ما مر على لسنة وللها الكريم" **[End of Image Description]** **صورة كتاب النبي ﷺ إلى المنذر بن ساوى وهو بالخط الحجازي اللين ونطلق عليه اسم الخط المدني الملكي .** **نص صورة كتاب النبي الله إلى أمير البحرين المنذر بن ساوى مرتب حسب سطوره**، عثر على أصل هذا **ثم انتشر الخط العربي على نحو أكثر اتساعا بعد بناء مدينة الكوفة في خلافة عمر بن الخطاب ، حيث** تفنن الكوفيون في كتابته، وأحسنوا هندسة أشكاله حتى نُسب إليهم وأصبح ينعت بـ "الخط الكوفي"، حيث امتاز بشكله عن خط أهل الحجاز، الذي عُرف قبل ذلك كما أشرنا بالخط المكي أو الحجازي. **كما أصبح الخط الكوفي المعتمد في كتابة المصاحف**، وكان أولها مصحف الخليفة عثمان بن عفان لله الذي عُرف بـ"المصحف الإمام" أو "المصحف العثماني"، حيث أمر بنسخه وتوزيعه في البلدان والأمصار الإسلامية. **وحرصا على ضبط نص القرآن الكريم ضبطاً صحيحاً، تجنبا للوقوع في أخطاء التصحيف والتحريف**، كام أبو الأسود الدؤلي (ت ٦٩هـ) بنقط المصحف؛ للتمييز بين الحروف المتشابهة، كما كان يقرأ المصحف على كاتب فصيح اللغة، ثم يأمره بوضع نقطة فوق الحرف؛ للدلالة على الفتح، ونقطة تحته للدلالة على الكسر، ونقطة بين يدي الحرف للدلالة على الضم، ونقطتين على التنوين. **ثم جاء من بعده نصر بن عاصم الليثي (ت) (۸۹هـ) ويحيى بن يعمر (ت) (۱۲۹هـ ، فقاما بإتمام عمل أبي الأسود الدولي من بعده، ونشره وتعميمه على نطاق أوسع.** **ثم أبدع الخطاطون عبر العصور في أنواع الخطوط العربية، وتطوير أشكالها، مع وضع قواعد كتابة الخط العربي**، كل نوع على حدة، واستخدموا طرقا مبتكرة في المد، والاستدارة، والتشابك، والتداخل، والتركيب، كما اقترن بالخط العربي أيضا فن بالزخرفة العربية. **وارتبط تطور فن الخط العربي فعلياً بالإسلام**، حيث تناوله الخطاطون بالتحسين والتزويق والإبداع، خاصة في كتابة آيات القرآن الكريم في المصاحف، وكذا في تزيين المساجد، وكتابة الدواوين، ونشر الكتب والمخطوطات، ثم حديثاً في كتابة الصحف والجرائد. **ولم يتوقف إبداع الخطاط العربي عند حدود الخط الكوفي**، ولكنه ابتكر خطوطا جديدة مشتقة من خطوط، وجاء ذلك علي يد مجموعة من كبار الخطاطين، يأتي في صدارتهم شيخ الخطاطين أبو علي ابن مقلة البغدادي (ت ۳۲۸هـ) الذي يعتبر مهندس الخطوط العربية، فهو من ابتكر خط الثلث، والذي اشتقه من خطي الجليل والطومار. **ثم جاء بعده الخطاط ابن البواب (ت) ٤١٣هـ)**، فزاد خط الثلث جودة وجمالا، حتى قال عنه ويقول عنه الذهبي: " إنه ملك الكتابة". ولقبه المؤرخ ابن الفوطي بأنه "قلم الله في أرضه. ومن مشاهير الخطاطين الخطاط التركي ممتاز مصطفى بك الذي ابتكر خط الرقعة، والذي أسماه "خط همايون، وقد اشتقه من الخط الديواني وخط سياقت. **وسنجاول فيما يلي إلقاء مزيد من الضوء على الأنواع الأساسية للخطوط العربية متتمثلة في الخط الكوفي، وخط الثلث، وخط النسخ، والخط الفارسي، والخط المغربي، والخط الديواني، وخط الرقعة**، مصحوبة بنماذج من صور كل نوع منها: ## **أنواع الخطوط العربية** ### **الخط الكوفي: ** الخط الكوفي من أقدم الخطوط، وسمى بهذا الاسم نسبة إلى الكوفة حيث تبنته وأبدعت فيه، وأصل الخط الكوفي كما أشرنا مشتق من الخط النبطي الذي ينسب إلى الأنباط، وقد كتبت به المصاحف في الخمسة قرون الأولى من العام الهجري، كما اشتهر هذا الخط في العصر العباسي وظهرت زخارفه على المآذن والمساجد والمدارس. ويعد الخط الكوفي أفضل أنواع الخطوط العربية للفن والزخرفة، ومن أهم سماته استقامة حروفه التي تكتب باستعمال المسطرة، كما يعتمد رسم الخط على قواعد هندسية، مع إضافة وحدات زخرفية متصلة أو منفصلة الكلمات تعطي خلفية وجمال للخط. وقد تطور الخط الكوفي كثيرا حتى زادت أنواعه على سبعين نوعا، ولم يقتصر التطوير على جهد الخطاطين، بل أبدع فيه الفنانون والنقاشون والرسامون، بل وغير المهتمين بالخط، وابتكروا خطوطا كثيرة لها منها: الخط الكوفي البسيط، والخط الكوفي المسطّر أو المربع، والخط الكوفي المسطّر المرسوم، والخط الكوفي المسطر الفلسفي، والخط الكوفي المتشابك، والخط الكوفي المتلاصق، والخط الكوفي المورق. ### **خط الثلث:** خط الثلث هو أجمل الخطوط العربية وأصعبها، وكما أشرنا ابتكره الوزير وشيخ الخطاطين ابن مقلة، ثم جاء بعده ابن البواب علي بن هلال البغدادي، فأرسى قواعده وأضاف إليه وهذبه دون أن يتدخل في قواعد ابن مقلة. كما ابتكر منه ابن البواب خط التوقيع، ثم خط الرقاع، ثم خط الثلثين، وخط المسلسل، ثم خط الثلث العادي، وخط الثلث الجلي وخط الثلثي المحبوك، والخط الثلثي المرسوم، والخط الثلثي الهندسي، والخط الثلثي المتناظر. ويعد خط الثلث أكثر الخطوط إلهاما للخطاطين، وهو الميزان الذي يوزن به إبداع الخطاط، فلا يعد الخطاط فنانا مالم يتقن خط الثلث، فمن أتقنه أتقن غيره بسهولة ويسر. استخدم خط الثلث في تزيين الجوامع والمحاريب والقباب وبدايات المصاحف، كما استخدم في عناوين الكتب، وأسماء الصحف والمجلات. ### **خط النسخ :** خط النسخ ابتكره العباسيون وتفننوا في كتابته، فقد **حسنه ابن مقلة**، وجوده الأتابكيون، ونمقه العثمانيون، وهو مشتق من خط الثلث ويعد أحد فروعه، لكنه يتميز عنه بأنه أكثر قاعدية وأقل صعوبة منه، فحروفه أصغر من خط الثلث، وأبسط في طريقة كتابته، وأوضح في القراءة والكتابة. يعتبر خط النسخ هو الأكثر استخداما في عالمنا المعاصر، فكتبت المصاحف بخط النسخ، كما اعتمدته دور النشر في كتابة نصوص الكتب والمخطوطات والمطبوعات، والصحف والمجلات، والكتابة الرقمية عبر برامج الكمبيوتر والصفحات الإنترنت. ### **الخط الفارسي:** ظهر الخط الفارسي في بلاد فارس (إيران) في القرن السابع الهجري، ويسمى أيضاً بخط "التعليق"، استخلصه الخطاط حسن الفارسي من خطوط النسخ والرقاع والثلث ، وقد وضع أصوله وأبعاده الخطاط مير علي الهراوي التبريزي المتوفى سنة ۹۱۹هـ، ويتميز الخط الفارسي أو خط التعليق بأن خطوطه ليست مستقيمة، فكل الحروف بها انحناءات أو قيم متغيرة في سمك أجزاء الحرف الواحد، كما يمتاز هذا الخط بالامتداد والسهولة والوضوح، وهو خط مبدع وجمالي، ليس فيه تعقيد كما أنه لا يتحمل التشكيل. وقد طور الإيرانيون الخط الفارسي، وزادوه تجذرا وأصالة، واشتقوا منه خطوطاً فرعية مثل: الخط الفارسي المتناظر، والخط الفارسي المختزل. ### **الخط المغربي** نوع من الخطوط العربية ينتشر استخدامه في بلدان شمال إفريقيا، وموطنه عموم بلاد المغرب الكبير من ليبيا إلى المغرب، كما استخدم سابقا في الأندلس، وهو مشتق من الخط الكوفي، وكان يسمى "خط القيروان" نسبة إلى مدينة القيروان حاضرة المغرب، ونجده في نسخ القرآن المكتوبة في الأندلس وشمال إفريقيا، ويمتاز هذا الخط باستدارة حروفه استدارة كبيرة، إلا أن أهم ما يتميز به هذا الخط بإعجام حرفي الفاء والقاف، حيث ترسم الفاء بنقطة من أسفل، والقاف بنقطة واحدة من أعلى. ### **الخط الديواني:** ابتكر العثمانيون الخط الديواني، وتم اعتماده بوصفه الخط الرسمي لدولتهم بعد فتح السلطان محمد الفتح القسطنطينية عام ٨٥٧هـ ، وسمي بالخط الديواني نسبة إلى دواوين الحكومة العثمانية التي كانت يكتب فيها. وأول من وضع قواعده إبراهيم منيف الذي عاش في حقبة السلطان محمد الفاتح، يتميز الخط الديواني باستدارات حروفه، فكل حروفه مقوسة، كما يتميز الخط الديواني بمرونة التقاء الحروف وتلاصقها، فهو خط لين مطواع، وسهل الاستخدام. ### **خط الرقعة:** خط الرقعة من أحدث أنواع الخطوط العربية، ابتكره الخطاط التركي ممتاز بك، في عهد السلطان عبد المجيد خان عام ۱۲۸۰ هـ، حيث اشتقه من الخط الديواني وخط سياقت، ووضع قواعد حاكمة لضبط هذا الخط، وقد حافظ الخطاطون على هذا النوع من الخطوط العربية ولم يشتقوا منه نوعاً آخر. ويتميز خط الرقعة بالاستقامة والبساطة وسهولة الكتابة والقراءة والبعد عن التعقيد، كما يمتاز بحروفه القصيرة، فضلا عن أن الكتابة به تستهلك مساحة صغيرة مقارنة بأنواع الخطوط الأخرى. ونتيجة لهذه السمات فهو خط عملي، منتشر في كتابة اللافتات والدعاية والإعلانات، واستعمله الناشرون في كتابة عناوين الكتب والصحف والمجلات ووسائل الإعلان، وقد ابتكره العثمانيون ليكون الخط المستخدم في معاملات الدوائر الرسمية للدولة. ## **خصائص المخطوط العربي الإسلامي** يتميز المخطوط العربي الإسلامي ببعض الخصائص والسمات التي تجعله متفردا كوعاء فكري، سواء على صعيد الخصائص المادية المتمثلة في مواد صنعه وشكله وطريقة الكتابة عليه، أو على مستوى السمات ذات البعد الفني والجمالي ممثلة في جانب الزخارف والرسومات والتجليد... ### **أولا - الخصائص المادية للمخطوط** #### **صفحة العنوان:** يؤكد تراث المخطوطات العربية والاسلامية على أن العرب في أول عهدهم بصناعة الكتاب المخطوط لم يخصصوا صفحة مستقلة للعنوان، كما هو الحال اليوم بالنسبة للكتب الحديثة، وإنما كانا عنوان الكتاب واسم مؤلفه يردان إما في الصفحة الأولى للمخطوط أو في الصفحة الأخيرة منه، وقد لا يرد إطلاقا في أي منها، كما لوحظ في حالة ذكره في مقدمة المخطوط *عدم تميّزه عن النص من حيث الخط أو لون المداد*. إلا أن تطور حركة الكتابة والنسخ جعلت الوراقين يلجأون إلى إظهار العنوان بلون مميز، فكتبوه في أغلب الحالات باللون الأحمر، والملفت للنظر أنهم كانوا غالبا ما يتركون قبل بداية الكتاب ورقة بيضاء خالية من الكتابة، *ربما لحمايته من الرطوبة والتلوث*. إلا أن النساخ الذين يتولون نسخ الكتب عن أصولها، صاروا يطورون في هيئة هذه الورقة، ففي كثير من الأحيان كانوا يكتبون عنوان المخطوط ومؤلفه بخط بارز واضح، ثم جاء بعد فترة من الزمن من يضيف العناوين بخط مخالف لخط نسخه، كما هو الحال في كثير من المخطوطات القديمة. #### **بداية المخطوط:** حرص أغلب المؤلفون أن يستهلوا مخطوطاتهم بالبسملة والحمدلة والصلاة على النبي ، ثم يشرعون في توطئة لموضوع الكتاب في شكل مقدمة تشتمل على جملة من العناصر ممثلة غالبا في الآتي: عنوان المخطوط وإسم المؤلف، وأسباب تأليف الكتاب، ومحتوى الكتاب، ومنهج المؤلف حيال موضوعات الكتاب، والمصادر التي اعتمد عليها المؤلف في تأليف كتابه. #### **عناوين الأبواب والفصول** لم يكن هناك أي اختلاف بين عناوين الأبواب والفصول والعناوين الفرعية الواردة في متن المخطوط في القرون الهجرية الأولى، فجميعها كانت تكتب دون تمييز بينها وبين باقي نص الكتاب، سواء في لون الحبر أو حجم الخط و *غالبا ما تكتب في وسط الصفحة كلمة باب أو فصل*، ثم *يسرد المؤلف مادته العلمية*. أما في القرون التالية فقد لجأ النساخ إلى كتابة العناوين الرئيسة الفرعية في وسط السطر بحجم أكبر وبلون مغاير للون المداد الذي كتب به النص، وكان الأحمر، والبني، والأزرق من الألوان المفضلة في كتابة العناوين بينما كان الذهب هو المستحب عادة في كتابة أسماء السور القرآنية في المصاحف، وهو ما نقف عليه في أغلب المخطوطات المتأخرة . #### **الهوامش:** حرص النساخ منذ نشأة صناعة الكتاب المخطوط على ترك مساحات خالية من الكتابة تحيط بنص الكتاب من جهاته الأربعة، *تتناسب في حجمها مع حجم الورق المستعمل*، وكلما كان الكتاب كبيرا كانت الهوامش أكبر، كما كان النساخ يحرصون على تساوي الهوامش وألا تخرج السطور عن بعضها، حتى لا تشوه الهيئة العامة للكتاب، كما حرصوا أن تكون المسافات بين السطور متساوية. ثم بدأ قراء المخطوطات يعنون بتدوين بعض التعليقات، أو الإضافات، أو التصويبات على هذه الهوامش وقد أصطلح على تسمية ذلك بـ "الحواشي". *ومع مرور الوقت أصبحت الحواشي التي كتبت على هوامش بعض المخطوطات كتبا مستقلة بذاتها*، نذكر منها على سبيل مثال حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لمحمد بن أحمد بن عرفة (ت ۱۲۳۰ه) ، وحاشية الجرجاني على شرح المطول لسعد الدين التفتازاني (ت ۵۷۹۲). #### **تسطير المخطوط:** *يتسم المخطوط العربي باستقامة سطوره وتساويها من جميع الأطراف*، والسبب في ذلك أن الناسخ يستعين بأداة خشبية أو معدنية أو خيوط ليتمكن من ضبط استقامة الأسطر في الورقة الواحدة للمخطوط، إضافة إلى المحافظة على قدر كاف للهوامش أو الحواشي في جميع جوانب الورقة الأربعة. كما لوحظ أن العرب لم يعتمدوا معدا ثابتا لعدد السطور في الصفحة الواحدة، حيث كان عدد السطور يختلف في الورقة الواحدة باختلاف حجمها وحجم الخط المستعمل في الكتابة عليها، ولهذا كان معدل الأسطر في القطع الكبير من ٢٠ - ٢٥ سطرا ، وفي القطع المتوسط من ١٥ - ۲۰ سطرا ، وفي القطع الصغير من ١٢ - ١٥ سطرا. #### **علامات الترقيم** لم يعرف العرب من علامات الترقيم في القرون الأولى للهجرة سوى النقطة، أو ما يقوم مقامها كأداة للفصل بين الجمل، ويبدو أن النساخ قد استعاروا الدائرة التي توجد بأشكال مختلفة في المصاحف من المخطوطات البهلوية، كأن تأتي على صورة دائرة مجردة، أو دائرة منقوطة من الداخل، أو دائرتان متجاورتان أو دائرتان متماستان، أو دائرة يقطعها خط يخرج من داخلها إلى خارجها، أو دائرة يخرج منها خط منحن يتجه يسارا ثم ينعطف ناحية اليمين مكونا ما يشبه الميم المائلة. ويشير الحلوجي إلى أن الدائرة كانت أكثر استعمالا وأسبق وجودا *في المخطوطات العربية من النقطة*، مستشهدا على ذلك بتواجدها في مخطوطات القرون الإسلامية الأولى، ثم اختفت في المخطوطات المتأخرة ظهرت النقطة بدلا منها، ويرجح أن النقطة التي وجدت وسط الدائرة كانت من فعل القراء أو النساخ لتحديد المكان الذي وقفوا عنده. #### **الاختصارات:** يقصد بالاختصارات كتابة رموز مختصرة تدل على الكلمات التي يكثر تكرارها في النص المكتوب، فقد كان الكتاب العرب يختزلون صيغ الإخبار والتحديث، لتكرارها *في كتب الحديث والتاريخ على وجة الخصوص*، وسوف نولي هذا الجانب بالتفصيل في مقام الحديث عن الاختصارات والرموز. #### **التصويبات والاضافات** كان بعض النساخ يراجعون الكتب بعد الفراغ من نسخها، لتصحيح ما عساه أن يكون قد وقع فيه من سهو أو تكرار، وكانت الطريقة المثلى للتصحيح هي الضرب على الخطأ الشطب)* وكتابة الصواب فوقه، أو في موقعه الحقيقي إذا توفرت المسافة لذلك، وإذا نسي كلمة أو أكثر تضاف في مكانها بين السطور، وإن تعذر ذلك تضاف في الهامش، أما الحك أو القشط فكان مكروها لا سيما في كتب الحديث كونها تدل على التحريف والتبديل. #### **ترقيم أوراق المخطوط** لم تكن أوراق المخطوطات في أول عهدها تخضع لأي نوع من الترقيم حتى نهاية القرن الخامس الهجري / الحادي عشر ميلادي، ولكي لا يضطرب ترتيبها أو تختلط على القارئ، كانوا يكتبون الكلمة الأولى من كل ورقة في ذيل الورقة التي تسبقها، تحت آخر كلمة من السطر الأخير فيها، وتعرف هذه الطريقة بنظام " التعقيبة"، وتعني أن يثبت الناسخ في نهاية الورقة اليمني تحت أخر كلمة من السطر الأخير أول كلمة في الورقة التالية. #### **التمليكات، والإجازات، والسماعات والمعارضات (المقابلات):** التمليكات، والإجازات، والسماعات والمعارضات ليست سوى وسائل لتوثيق المخطوط، تذكر في أوائله أحيانا، أو أواخر صفحاته في أحيان أخرى. بالنسبة للتمليكات، يقصد بها إثبات صاحب المخطوط ملكيته له، أما إذا كانت ملكية المخطوط تعود لجامع أو مسجد، أو مكتبة ما، فيدون ذلك على المخطوط، ويكون ذلك غالبا على الصفحات الأولى منه، وفي كثير من الأحيان يدون أيضا تاريخ التملك. أما الإجازات فتعني إذن من الشيخ أو العالم لبعض طلابه أو غيرهم برواية، أو نسخ أو تدريس كتاب معين من كتبه التي ألفها. وتشمل الإجازة - عادة على معلومات منها اسم المجيز، واسم المجاز له، واسم الكتاب ونوع الإجازة وتاريخها، كما لابد من **إثبات هذه الإجازة على الكتاب نفسه بخط المجيز وتوقيعه.** أما بالنسبة للسماعات فهي إثبات أن صاحب المخطوط قد سمع نص المخطوط من مؤلفه الذي قرأه عليه من نسخته الأصلية الكتاب المخطوط، لتصحيحها واستدراك ما بها من أخطاء، ثم يثبت هذا السماع في نهاية المخطوط في أغلب الأحوال. وفيما يتعلق بالمقابلات أو المعارضات، فتعني أن تُراجع نسخة المخطوط على نسخة المؤلف الأصلية، لتثبت من صحتها وخلوها من الأخطاء، وفي الغالب كان يتم إثبات هذه المعارضة في آخر نسخة المخطوط. #### **وقف المخطوط:** وهي من صور الصدقة الجارية يبتغي بها واقف المخطوط وجه الله تعالى، وذلك بأن يجعله متاحا للمطالعة بين العلماء وطلاب العلم، *وغالبا ما يكون الوقف على المساجد والمدارس والزوايا*... إلخ، *وغالبا ما يثبت الوقف في نهاية المخطوط* حسب ما هو مبين في نموذج (أ)... #### **خاتمة المخطوط:** تميز نهاية المخطوط عادة بعبارة تفيد تمامه، أو اتباعه بأجزاء أخرى مثل: تم جزء كذا من كتاب كذا ويليه الجزء كذا وأوله كذا، أو تم بحمد الله الانتهاء من كتاب كذا، وبعد ذلك يأتي ذكر اسم الناسخ ومكان وتاريخ نسخه محدداً باليوم والشهر والسنة، وتعرف هذه الخاتمة بحرد المتن أو ما يعرف بـ" الكولوفون (۱) حسب ما هو مبين في نموذج (أ). (۱) " الكولوفون" أو ما يعرف باسم "حرد المتن"، هو عبارة عن توقيع الكاتب في نهاية نسخه لمخطوط ما. وهو ذو أهمية بالغة في المخطوط، حيث يثبت فيه اسم الناسخ، وتاريخ النسخ، وربما بيانات أخرى مثل: مكان النسخ، ومن تكلف ثمن النساخة، ومكان حفظ النسخة .. إلخ. ### **ثانيا - السمات الفنية و الجمالية للمخطوط** #### **أولا: الصور والرسوم** لجأ الوراقون العرب إلى تحلية ما يكتبونه من مخطوطات بالصور والرسوم التمثيلية الملونة بألوان شفافة *رغم إعتراض الفقهاء على هذه الظاهرة*،وقد بلغ هذا الفن تطورا كبيرا في أوائل القرنين الرابع والخامس الهجريين، حيث عنوا بمخطوطاتهم وكتبهم عناية فائقة، حتى أن بعض الوراقين استخدم فن التصوير عن قصد *الضرورة توضيح بعض النصوص والقضايا العلمية*، *والبعض الآخر استخدم هذا الفن لإضفاء نوع من الجمال والجاذبية على الكتب خاصة الأدبية منها*. ولعل من أشهر المخطوطات العربية التي تذخر بعديد من الرسوم والصور، *نسخة مخطوطة "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل لابن الرزاز الجزري المحفوظ بمتحف طوب قابو سراي*، والذي ألفه سنة ٦٠٣ هـ بطلب من السلطان نور الدين محمد بن قرا أرسلان أحد سلاطين بني أرتق في ديار بكر، ويشتمل الكتاب على وصف للآلات المختلفة من ضاغطة ورافعة وناقلة ومتحركة. كما تعد مخطوطة "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" للقزويني (ت ٦٨٢هـ) المحفوظة بالمكتبة الملكية بكوبنهاجن، من أهم مخطوطات الفلك والجغرافيا التي تحمل صورا ورسوما رائعة، لعديد من الظواهر الفلكية من كواكب وأبراج وحركاتها، وما ينتج عن ذلك من فصول السنة، وكذا عن الأرض وتضاريسها، والهواء وما فيه من رياح وأنواعها، والماء والبحار، والجزر، وكذا صورا عن الأشجار والكائنات الحية كالطيور، وللعالم الأرضي أي العناصر الأربعة والظواهر المناخية، والأقاليم السبعة والبحار والأنهار، وعالم المعادن، والنبات والمخلوقات الحية بدءا من الإنسان وانتهاء إلى الحيوان، كما تعرض للحديث عن الجن والمخلوقات الخيالية. لقيت كذلك *كتب الأدب عناية كبيرة بهذا الجانب*، لعل من أشهرها كتاب كليلة ودمنة" الذي ترجمه ابن المقفع (ت ١٤٢هـ) في أيام أبي جعفر المنصور حوالي سنة ۱۳۲هـ، وقد نبه ابن المقفع إلى ما فيه من صور توضيحية، حيث يقول عن أغراض الكتاب إظهار خيالات الحيوان بصنوف ومن الأصباغ والألوان ليكون أنسا لقلوب الملوك، ويكون حرصهم عليه أشد للنزهة في تلك الصور .. فيتخذه الملوك والسوقة فيكثر بذلك إنتساخه، ولا يبطل فيخلق على مرور الأيام، ولينتفع بذلك المصور والناسخ أبدا". أما على صعيد *المخطوطات الطبية*، فيعد مخطوط "منافع الحيوان" لمؤلفه ابن بختيشوع (ت٤٥٠هـ)، من أشهر المصنفات الطبية التي زينت بالرسوم والصور، حيث يحتوى على أربعة وتسعين صورة جمعت في طريقتها بين فن التصوير وطريقة العرض والتفسير . وفي جانب النباتات الطبية، يأتي كتاب "الترياق" لجالينوس والذي ترجمه محمد بن عبد الواحد بن أبي الحسن بن أحمد سنة ٥٩٥هـ، حيث يحتوي هذا المخطوط