الاتجاه القيمي في تدريس التربية الاسلامية PDF
Document Details
Tags
Summary
This document discusses the value approach in teaching Islamic education. It explores the concept of values, different approaches to values education, and the characteristics of the value approach within the context of Islamic education.
Full Transcript
**الاتجاه القيمي** نتناول فيما يلي : الاتجاه القيمي من حيث مفهومه، واتجاهاته وخصائصه وتطبيقاته في تدريس التربية الإسلامية. ويمكننا إيجاز ذلك على النحو التالي: **مفهوم الاتجاه القيمي** تشكل القيم أساساً مهماً وجانباً جوهريا في التربية ؛ فالقيم والتربية توأمان لا ينفصلان ؛ بل إن التربية ذاتها ما هي...
**الاتجاه القيمي** نتناول فيما يلي : الاتجاه القيمي من حيث مفهومه، واتجاهاته وخصائصه وتطبيقاته في تدريس التربية الإسلامية. ويمكننا إيجاز ذلك على النحو التالي: **مفهوم الاتجاه القيمي** تشكل القيم أساساً مهماً وجانباً جوهريا في التربية ؛ فالقيم والتربية توأمان لا ينفصلان ؛ بل إن التربية ذاتها ما هي إلا قيمة مهمة من القيم التي تؤمن بها الشعوب والمجتمعات. إن نشأة القيم واهتمام التربية بها قديم قدم التربية ذاتها ؛ فالقيم أيا كان نوعها ومستواها وحجم تأثيرها لا يمكن أن نتصور عملية تربوية تتم بدونها ؛ فهذا أمر مسلم به دون أدنى نقاش. إن الأهمية الكبرى التي تحتلها القيم؛ والتي تنبع مما تؤدي إليه من آثار على الأفراد والمجتمعات تجعل للتربية والمربين وقفة خاصة نحوها. إن الأزمة الحقيقية التي تعاني منها شعوب العالم اليوم ليست في الواقع أزمة في السكن والمأوى، وليست أزمة في الغذاء والكساء، ولا أزمة في اختلاف اللغات أو تعدد اللهجات، أو تنوع ،الطبقات، أو اتساع المجتمعات ؛ بقدر ما تكون أزمة في القيم التي تنشدها هذه الشعوب وتهفو إليها، وتنشد من خلالها نجاحها ورقيها وتقدمها (المالكي، ٢٠٠٩ ، ص ١٠٥). إن جوهر عملية التدريس عموما وتدريس التربية الإسلامية على وجه الخصوص وناتج هذه العملية ومحور ومرتكز ما تهدف إليه هو القيم التي يكتسبها الطالب ؛ والتي تنسجم مع أهداف التعليم وقيم مجتمعه الذي ينتمي إليه إن مسألة إكساب الطالب في أي مرحلة من المراحل التعليمية لعدد من القيم هي مسألة مفروغ منها ؛ وليس في ذلك أدنى شك؛ ولكن الأهم من ذلك كله : ما مستوى النجاح الذي يمكننا أن ننشده من تعليمنا هذا؟ ما مدى قدرتنا في إشباع طلابنا بالقيم وفق أولوياتها ومستوياتها وبالقدر الذي نطمح إليه من النجاح؟ وهل القيم التي يتبناها نظامنا التعليمي تتفق مع هويتنا الإسلامية من جهة وتمنحنا نفس القدر المطلوب من التعايش مع المجتمعات الأخرى؟ إن مثل هذه الأسئلة وغيرها تجعلنا نكتشف أن لدى التربويين والمهتمين بعملية فحواها، ولا تتبع أهميتها وجدواها فحسب؛ ولكن لبناء الواقع التربوي برمته على والباحثين والمراقبين للواقع التربوي هاجسًا أكيداً نحو القيم : ليس لدراسة أساسها، والتعويل عليها من خلال العمل على تبنيها وقياس نجاح التعليم ومراقبته على أساسها. إن كل ذلك يشير إلى أننا أمام ما يمكن أن نطلق عليه (الاتجاه القيمي). فالمقصود بالاتجاه القيمي إذن : تجارب المربين وخبراتهم وتوجهاتهم واهتماماتهم التي تجعل من عملية تدريس التربية الإسلامية عملية تهتم بالقيم في أهدافها وتنص عليها في مضمونها وتسير على منوالها في طرائقها وآلياتها وتجعل الحكم بالنجاح أو الفشل على أساسها.. ويشير (نشوانی ۲۰۰۲ ، ص ٤٨٨) [إلى أن هناك ثلاث اتجاهات للباحثين تتعلق بالاتجاه القيمي :] **- الاتجاه التلقيني:** ويتناول القيم التي تتخذ صفة الثبات والدوام، ويتم تعليمها للطلاب بشكل مباشر كأن تطرح مباشرة في المقررات الدراسية، أو بشكل غير مباشر كتعليمها من خلال الأنشطة التي يمارسها الطلاب وأنظمة المدرسة. **- الاتجاه المعرفي:** وبرز هذا الاتجاه نتيجة اعتراض بعض الباحثين على الاتجاه التلقيني ومن أمثلتهم بياجيه وكولبرج وآخرون؛ حيث يرون أن الاتجاه التلقيني يتجاهل خصائص النمو المعرفي للطفل، وأن تنمية القيم يتم عبر نمط منطقي منظم ومتسلسل على نحو هرمي ويرتبط ارتباطاً وثيقا بمراحل النمو عند المتعلم ؛ وعليه فإنه لا يمكن تعليم القيم بصورة مباشرة، وتوصلت أبحاث كولبرج أن تعليم القيم وفق هذا الاتجاه يمر بالمراحل التالية: أ - تعريض الأطفال لمشكلات تتجاوز في طبيعتها نموهم القيمي الراهن. ب - إظهار جوانب التناقض في الأحكام التي يطلقها الأطفال تجاه المشكلات؛ لتوجيه الشعور بعدم القناعة بمستوى نموهم القيمي. ج - إيجاد مناخ حواري متسامح يتيح للطفل مقارنة وجهات النظر القيمية المتناقضة واختيار البديل الأفضل الذي يتجاوز مستوى نموه القيمي ويمكن من تعديل بناء المعرفة القيمية **الاتجاه التوضيحي** ویری أصحاب هذا الاتجاه أن تعليم القيم يجب أن يقوم على استثارة وعي المتعلمين بالقيم وعدم فرض وجهات نظر معينة على المتعلمين، وأن العديد من القيم يكتنفها كثير من الغموض ولا سبيل لتعلمها إلا بتوضيحها وبيان أبعادها المختلفة بالحوار والمناقشة وترك الحرية للمتعلم لاختيار الأفضل منها ، ويرفضون فكرة القيم المطلقة ويرون أن جميع القيم نسبية. وتعليقاً على هذه الاتجاهات الثلاثة نقول إن القيم في تدريس التربية الإسلامية ذات منطلقات ثابتة ؛ فجميع القيم التي يمكن تنميتها للمتعلمين من خلال تدريس التربية الإسلامية ذات منطلقات ثابتة ؛ فالإسلام الإيمان، والإحسان، والعبادات والمعاملات، والأخلاق كلها ذات منطلقات ثابتة ؛ فهذه القيم لا يجوز المساس بها ، و تعلم كما جاءت للطلاب، وما يندرج تحت هذه القيم من قيم فرعية تتعلق بحياة الناس مثل استخدام الإنترنت اتباع استراتيجيات حديثة في البحث العلمي أو التعليم أو المعاملات في شتى شئون الحياة، فما ينشأ عنها من قيم إذا كانت تخدم المسلم ونختصر وقته وجهده وماله ولا تعارض أصلاً في القرآن أو السنة فلا عضاضة من تعلمها وإكسابها للطلاب. **خصائص الاتجاه القيمي في تدريس التربية الإسلامية:** يتسم الاتجاه القيمي بعدد من الخصائص التي تميزه عن غيره من الاتجاهات، ويمكننا إيجاز خصائص الاتجاه القيمي على النحو التالي : **١ - الاتجاه القيمي إنساني النزعة:** مما لا شك فيه أن نشأة القيم مرتبط بوجود الإنسان ؛ فالقيم بمختلف مستوياتها ومجالاتها وأنواعها مرتبطة بالإنسان. إن القيم ترتبط ارتباطا بالإنسان فهي معه وله أينما كانت تحفظ حقوقه، وتقوم سلوكه، وتساعده على النهوض والتقدم في حياته المالكي، ۲۰۰۹، ص١٢٦ ). فالقيم في كنهها وهدفها تختص بالإنسان ؛ تنير له طريقه، وتقيم له سلوكه، وتنظم له حياته، وتخاطب شخصه وتتعمق في خباياه. وعندما نتأمل الكثير من القيم نجد أنها تصب في مصلحة الإنسان، فـقـيـم العدل والإحسان والسلام، والإنفاق، والبر، والأمن والتعاون، والرحمة،والعطف.. جميعها قيم تهدف إلى تحقيق الخير والرفاهية للإنسان. لذا فإنه لا يمكن القول بإمكانية حصر القيم وتحديدها، ولا يمكن القول إنه يمكن الحكم على الإنسان في ضوء عــدد مـعـيـن ومـحـدد من القيم، ولا يمكن الادعاء بحال من الأحول أن هناك منظومة قيمية واحدة محددة تفي بالغرض لجميع بني البشر، ولا يمكن القول بسهولة قياس القيم وبخاصة في مجال التربية الإسلامية؛ حيث يقول الجلاد ( ٢٠٠٤) : «أما في مجال التربية الإسلامية فإن مقاييس القيم والاتجاهات تعد نادرة ص ٤٢٩. وهكذا طالما أن القيم ترتبط بالإنسان ذلك الكائن المعقد. **٢ - الاتجاه القيمي ينطلق من منطلقات ثابتة ويتسع لكل ما فيه مصلحة للإنسان:** يتميز الاتجاه القيمي في تدريس التربية الإسلامية أنه ينبثق من منطلقات ثابتة؛ فمنطلقة الأساس كما أسلفنا هو كتاب الله عز وجل، فالقيم الربانية العظيمة صادرة من الله عز وجل ؛ وفي ذات الوقت فإن هذه القيم تتسع لتشمل كل ما فيه مصلحة للفرد المسلم؛ فالدين الإسلامي الحنيف صالح لكل زمان ومكان، كما يقول الحق جل شأنه (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فَلَن يَقبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ \[آل عمران : ٨٥\]، وقال تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ﴾ \[آل عمران : ١٩\]. **3- الاتجاه القيمي يتناول القيم عند مستواها الفردي ومستواها المجتمعي:** القيم التي تجسد المصلحة للفرد عموما وللمتعلم على وجه الخصوص؛ ليست بالضرورة ان تكون جميعها ضمن النسق الفردي؛ فقد تكون القيمة على مستوى الفرد، وقد تكون على مستوى المجتمع ؛ حيث يشير الكيلاني (١٤١٩هـ:ص 346) إلى أن القيم توجد على المستوى الفردي والمستوى الاجتماعي وعلى مستوى الممارسات والمواقف الكلية الناجمة عن تفاعل هذه العناصر كلها) **4- الاتجاه القيمي يشمل القيم المتعلقة بشخصية المتعلم والقيم المتعلقة بكيفية تنمية الشخصية المتعلم :** اهتم المربون بإيضاح أنواع القيم التي يمكن تنميتها لدى المتعلم من خلال دراسته لمواد التربية الإسلامية، ولعل من أبرز التصنيفات التي وردت في هذا الصدد، ما اورده المالكي (۲۰۰۹ ، ص ١٤١) من أن القيم التربوية في تدريس التربية الإسلامية تصنف على أربعة أنواع : القيم الروحية والقيم العقلية، والقيم الاجتماعية، والقيم الجسمية. وهناك من صنف القيم إلى أكثر من هذه الأنواع. فأي تصنيف اتخذ للقيم فإن الاتجاه القيمي يكون شاملاً لجميع أنواع القيم المتعلقة بجوانب شخصية المتعلم، وأيضا بالطريقة التي يمكن اتخاذها في تنمية هذه الجوانب. على سبيل المثال لو قلنا إن من أنواع القيم التي يلزم أن يتعلمها الطالب في التربية الإسلامية : الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم \... فإن الاتجاه القيمي لا يقتصر فقط على مجرده جرد هذه الأنواع فحسب ولكن يشمل أيضا القيم المرتبطة بالكيفية التي تمكن الطالب من تعلم هذه القيم والحفاظ عليها. **تطبيقات الاتجاه القيمي في تدريس التربية الإسلامية** يمكن تصنيف تطبيقات الاتجاه القيمي في تدريس التربية الإسلامية على النحو التالي: **۱ - تطبيقات تتعلق بالقيم ذاتها :** تناولت اهتمامات المربين فيما يتعلق بهذا الجانب دراسة القيم التربوية في تدريس التربية الإسلامية من حيث مفهومها ومقارنته بالمفاهيم ذات العلاقة، ودراسة خصائص القيم، ومستوياتها وأنواعها وما يلتزم به مختصو التربية الإسلامية حيالها. **2- تطبيقات تتعلق بالمعلم:** وتتضمن تطبيقات الاتجاه القيمي المتعلقة بالمعلم التطبيقات التالية : \- دور المعلم ومسئولياته تجاه القيم. \- تقويم أداء المعلم في ضوء بعض المواثيق القيمية. \- تصورات المعلمين حول القيم وكيفية تنميتها من خلال عملية التدريس. \- القيم الصفية التي يمارسها معلمو التربية الإسلامية داخل الصف. **3- تطبيقات تتعلق بالمنهج :** ويمكن تصنيف تطبيقات الاتجاه القيمي المتعلقة بالمنهج على النحو التالي: [أ - تطبيقات تتعلق بدور مناهج التربية الإسلامية تجاه القيم:] وتناولت هذه التطبيقات دور مناهج التربية الإسلامية نحو تعزيز وتنمية بعض القيم مثل : قيم حقوق الإنسان، والقيم الخلقية ومن أبرز مناهج التربية الإسلامية التي نالت اهتمام المربين في هذا الجانب مناهج الحديث والثقافة الإسلامية، وهناك اهتمامات تناولت التربية الإسلامية عموماً. [ب - تطبيقات تتعلق بتحليل محتوى كتب التربية الإسلامية:] وتناولت التطبيقات المتعلقة بهذا الجانب: \- تحليل كتب التربية الإسلامية من حيث تضمنها لبعض أنواع القيم مثل : القيم الاجتماعية، والقيم الاخلاقية، وقيم السلام، والتسامح والتعاون \... وغيرها من القيم. \- دراسة التوجهات القيمية في كتب التربية الإسلامية. \- دراسة أهمية القيم في كتب التربية الإسلامية وعلاقتها ببعض المتغيرات. \- دراسة تتابع القيم في كتب التربية الإسلامية. [ج - تطبيقات تتعلق بتقويم القيم في مناهج التربية الإسلامية:] ومن أبرز التطبيقات المتعلقة بهذا الجانب \- تقويم مشروع مجتمع القيم النبوية في ضوء أهداف مواد التربية الإسلامية. \- قياس القيم في مناهج التربية الإسلامية وتقويمها. [د تطبيقات تتعلق بتصميم وتجريب برامج تعليمية لبناء القيم لدى الطلاب:] ومن أبرز التطبيقات المتعلقة بهذا الجانب: \- وضع تصورات مقترحة لتضمين القيم في مناهج التربية الإسلامية. \- تجريب بعض البرامج التعليمية لبناء القيم، ومن أبرزها : البرنامج التكاملي، وبرنامج النشاط، وبرنامج الثقافة الإسلامية. **٤ - تطبيقات تتعلق بالطالب** ومن أبرز تطبيقات المربين المتعلقة بهذا الجانب دراسة القيم اللازمة للطلاب مثل : قيم التربية الإسلامية اللازمة لطلاب المرحلة الثانوية **الاتجاه البنائي** **النظرية البنائية:** \"أنها تنظيم عملية التعلم بالشكل الذي يتيح للمتعلم تكوين بنيته المعرفية السابقة، وتحفيزه لبذل نشاط مقصود للمواءمة بين المعرفة السابقة والمعرفة الجديدة في موقف التعلم\". وتؤكد البنائية على أن المعرفة تتولد لدى الفرد من خلال تفكيره ونشاطه، ويتم تعديل المعرفة بشكل مستمر كل يوم في ضوء خبرات الفرد الجديدة (الزعبي، 2011). **التدريس البنائي:** تجدر الإشارة أنه لا يوجد نموذج تدريسي يسمى بنموذج التدريس البنائي، لأن البنائية نظرية في التعلم، انبثقت عنها مجموعة من النماذج والاستراتيجيات التدريسية المتعددة، ولكن من باب تجاوز أزمة المفاهيم والمصطلحات، يعرف التدريس البنائي بأنه: مجموعة الإجراءات التي تمكن الطالب من القيام بالعديد من المناشط التعليمية في أثناء تعلمه، وتؤكد على مشاركته الفعلية في تلك المناشط، بحيث يستنتج المعرفة بنفسه، ويحدث عنده التعلم القائم عن الفهم وبمستويات متقدمة، تؤدي إلى إعادة تنظيم البنية المعرفية للطالب وما فيها من معلومات(الميهي،2003،15). **بناء الدروس في مواد التربية الاسلامية وفق المنظور البنائي** يتم بناء الدروس في المواد وفق المنظور البنائي باتباع الخطوات التالية: عرار،رقية(2020) نقلا عن: الهاشمي والدليمي، (2008): 1. مرحلة الدعوة (عرض المشكلة): حيث ينطلق الدرس من مشكلة متصلة بالمتعلمين، أو بعض الأسئلة التي تدعو الطلبة للتفكير 2. مرحلة الاستكشاف: في هذه المرحلة يقارن الطلبة أفكارهم ويكون العمل في مجموعات، بحيث تقوم كل مجموعة بأنشطة مختلفة، وفى هذه المرحلة يتم المزج بين العلم والتكنولوجيا، حتى يبرز استخدام العلم في خدمة المجتمع وحل مشاكله 3. مرحلة اقتراح التفسيرات والحلول وتقديمها: وفى هذه المرحلة يقدم المتعلمين اقتراحاتهم للتفسيرات والحلول، ويعمل المعلم على تشجيع المتعلمين على صياغة ما توصلوا إليه من خلال الملاحظة والتجريب، ويجب إعطاء المتعلمين الوقت الكافي لإعداد اقتراحاتهم للتفسيرات والحلول قبل مناقشتها 4. مرحلة اتخاذ القرار (حل المشكلة): ويتم في هذه الخطوة الوصول إلى الحل المناسب للمشكلة وتنفيذه، أي انتقال أثر التعلم إلى مواقف جديدة. **نقد مبادئ النظرية البنائية لجان بياجيه من وجهة نظر التربية الإسلامية.** من شأن أي نتاج بشري فكري أن تكون له إيجابيات وسلبيات؛ لكونه جزئياً في معالجته ورؤيته العقلية غير قادر على الوفاء بالتكامل في إدراك الحقائق خاصة ما تعلق بالجوانب الإنسانية التي تمثل محوراً معرفياً معقد التركيب تؤثر فيه عوامل عديدة بشكل لا يتهيأ معه الانضباط في عملية الاستدلال على سلوكيات إنسانية متعددة.الدوافع. ونظرية جان بياجيه البنائية فلسفة تربوية من نتاج عقلي بشري تضم رؤى صائبة في أثرها وتأثيرها على الكيان الإنساني، وأخرى غير ذلك تبعاً لآثارها السلبية المترتبة عليها، وتوضيح ذلك يسهم في توجيه عملية التطبيق الوجهة التي ترتقي بالتربية الإنسانية بتغذيتها بالنظريات الحديثة، كما يوجه عمل مصممي المناهج والمنفذين لها لانتقاء مبادئها التربوية السليمة، وتجنب تفعيل المبادئ السلبية بما يكفل حفظ الكيان الإنساني من أخطاء التنظير، كما يكفل حفظ جهود المنظرين بتفعيلها بشكل صحيح يحفظ لها مكانتها التي تعلو كلما سلمت نتائجها التطبيقية. **مقابلة مبادئ النظرية البنائية بمبادئ التعلم في الفكر التربوي الإسلامي** لقد مثل الفكر التربوي لدى المسلمين أوجه النضج التربوي للعملية التربوية حيث ساهم العلماء والمربون المسلمون بإرساء مبادئ تعليمية جاءت نظريات التربية الغربية الحديثة تنادي بها وتعتمد عليها في عملية التنظير لنظريات التعلم. ويمكن مقابلة مبادئ نظرية جان بياجيه البنائية بمبادئ التربية الإسلامية في الفكر التربوي الإسلامي وفق ما يلي: **المبدأ الأول: مبدأ التعلم عملية بناء عقلي:** يقابل مبدأ كون التعلم عملية بناء عقلي متطور مستمر مبدأ العالم التربوي أبو حسن على القابسي الذي يقوم على ضرورة مراعاة المنهج التعليمي لاستعداد المتعلم للتطور والتغير ومراعاة تعديل سلوك المتعلم وفق نظام يتناسب مع قدراته ومراحل نموه التي تفترق فيها احتياجاته ويتسع فيها أفقه العقلي تبعاً لاتساع تطلعاته ونظره للكون بما يلبي احتياجاته. فهو يقترب بفلسفته التربوية وفق هذا المبدأ من فلسفة جان بياجيه التي شكلت نظريته البنائية، حيث يدعو لأهمية مراعاة المنهج التربوي لمراحل النمو والتطور العقلي التي تقابلها نمو وتطور في احتياجات المتعلم الفطرية والاجتماعية، وكون النمو العقلي يزداد اتساعاً في آفاق المتعلم تبعاً لاتساع تطلعاته ونظرته للكون، وبذلك يقترب من النظرية البنائية التي ترى أن عملية التعلم إنما تحدث على هيئة بنيات معرفية تتسع كلما زاد اتساع خبرة الإنسان بتفاعله مع موضوع المعرفة وفق نشاط يتمثل في مشكلة يتعرض لها أو تساؤل لا يجد له توازناً مع الخبرات السابقة، فحاجته لإمكانية وجود التوازن بين ما طرأ عليه في واقعه يدفعه إلى إحداث تغير أو تعديل للأبنية المعرفية لديه كي يصل للتوازن، فالتعلم لا يكون ذا معنى إلا إذا حقق للمتعلم تقدما معرفياً يوافق احتياجاته. كما يدعم العالم المسلم ابن مسكويه هذا المبدأ بمبدأ الذي نادى إلى أهميته في التربية حيث يدعو إلى ضرورة مراعاة نمو المعرفة وفق نمو الاحتياجات الإنسانية، ويرى أن في الإنسان قوتين: أ- قوة عالمة يشتاق بها إلى المعارف والعلوم. ب - قوة عاملة يشتاق بها إلى نظم الأمور وترتيبها. فالقوة العالمة التي يشتاق بها إلى المعارف والعلوم تمثل كون المعرفة بناء يتناسب مع احتياجات الإنسان التي تثير تفاعله مع بيئته وواقعه؛ لكون هذه القوة هي الدافع لاكتساب المعارف والعلوم التي تثيرها احتياجاته. كما أن القوة العاملة التي يشتاق بها إلى نظم الأمور وترتيبها تتوافق مع مبدأ البنائية القائم على كون أهم مراحل التعلم مرحلة التنظيم للمعارف الجديدة في بنيات الخبرات السابقة وفق عمليتي التمثل والمواءمة إلا أن ابن مسكويه يضفي لمبدئه بعدا يصل بالمتعلم لمعرفة الحقيقة التي تلغي البنائية قدرة المتعلم في الوصول لها، حيث يرى أن كمال القوة العاملة أن يبلغ الإنسان في العلم منزلة يصدق فيها نظره وتصح بصيرته، فلا يغلط في اعتقاد ولا يخطئ في حقيقة، وتتحقق هذه القوة من العلم بالموجودات من خلال الوحي الرباني لعباده وهذه المرتبة من البناء العقلي والتنظيم المعرفي يعتبر أخر مراتب العلوم التي يطمئن به قلب المتعلم وتذهب معها حيرته فالبعد الذي يضفيه ابن مسكويه للمعرفة الإنسانية يتمثل في جعل العلم الإلهي المستمد من كتاب الله المقروء وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مصدرا للعلم يهيئ للإنسان معارف لا تدرك بعقله المجرد وهي أعلى مراتب العلوم والمعارف التي تصل بناءه العقلي بالمعارف اليقينية. وهنا فصل التميز والإيجابية التي عالجت سلبية النظرية البنائية في نظرتها لمعيارية المعرفة، فالمعرفة لدى البنائية وسيلة وليست غاية، ومعيار الحقيقة مدى تحقيقها للمنفعة الإنسانية، فالحقيقة المطلقة غير ممكنة التحقق بل نسبية تفترق من إنسان لأخر تبعاً لافتراق المنفعة وافتراق الخبرات الإنسانية. بينما يجعل ابن مسكويه المعرفة الحقيقية ممكنة ويصل إليها الإنسان تبعاً لتنظيمه العقلي للمعارف محققاً التكيف، فيغذي نظرته العقلية المستمدة من تفاعله مع بيئته بالنظرة الإلهية فيصل للحقيقة اليقينية، ولعل افتقار جان بياجيه وأتباعه من المنظرين لمصدر المعرفة الإلهي وقصر المعرفة على ما يصل إليها الإنسان بعقله المجرد وفق تفاعله مع بيئته هي التي ولدت السلبية في بناء نظريته والتي انعكست أثارها على قصور المعرفة عن بلوغ الحقيقة المطلقة. **المبدأ الثاني: يتمثل العمود الفقري لعملية التعلم في نشاط ذات المتعلم وتفاعلها مع الخبرة** **السابقة:** إن المبدأ الذي نادت به النظرية البنائية في كون التعلم ذاتياً يعتمد على الذات العارفة ونشاطها يقابله مبدأ أحمد الخطيب البغدادي الذي يرى أن القاعدة الأساسية في التعلم ترتكز على أن يطلب المتعلم العلم ويشتاق له وأن ينبع من ذاته ولا يفرض عليه من الخارج، ولكن هذا التعلم الذاتي لا يتم إلا إذا توافر الجو الملائم للتعلم، وهو أمر يقتضي مراعاة عدة مبادئ تتمثل فيما يلي: أ- مراعاة الاستعدادات والفروق الفردية مما يقتضي الوقوف على درجة الاستعداد الذاتي، وهذا يشير إلى كون العلم يتكون من عدة بنيات معرفية كل بنية تنبع وتقابل استعدادات معرفية لدى المتعلم. ب أهمية تعزيز المعلم بثنائه وتزكيته للمتعلم حال وصوله للصواب وإظهار تميزه في تكوين الدافع للمتعلم لمواصلة العلم ورغبته فيه، أما المخطئ فعلى المعلم أن يأخذ بيده برفق ولين ليدفعه لمزيد من التحليل العقلي للمعرفة، وهذا المبدأ يفترق مع مبدأ التعزيز في النظرية البنائية حيث إنها ترى أن التعزيز داخلي ذاتي ينبع من شعور الفرد بالاتزان المعرفي، وبنماء أبنيته العقلية، فيتم مباشرة من قبل المتعلم حال وصوله للصواب دون حاجته لتعزيز من المعلم برغم من حدوثه في البنائية من قبل المعلم حال تقييمه لمستوى البناء المعرفي الحادث لدى المتعلم. ج- مراعاة الحالة النفسية بأن يكون الدرس وقت نشاط المعلم والمتعلم، فإذا كان أي منهما في حالة نفسية لا توفر لهما هذا النشاط أضرت بالمتعلم وقصرت عقله عن القدرة على الاحتفاظ بالمعرفة وتثبيتها في ذهنه إذ لا تثبت في ذهنه وقد لا يفهمها، كما أن المتعلم يحتاج للنشاط أكثر من المعلم مما يوجب توفير بيئة نشطة توفر له قسطا من الراحة واللذة ، بأن يجعل المتعلم لنفسه قسطا من الراحة كلما وصل لمعرفة جديدة وانتهى من نشاط متعلق بها كي يتمكن من تثبيتها في ذهنه. وهذا المبدأ يشكل استراتيجية التعلم البنائي المعتمد على الأنشطة التي هي عبارة عن مهام أو مشكلات حقيقية تقدم للمتعلم المعرفة الجديدة بنشاطه وتفاعلها معها، حيث يجعل من المتعلم نقطة الارتكاز المعرفي بنشاطه العقلي الذي يحدث به التنظيم والترتيب للمعارف الجديدة وفق التراكيب العقلية لخبراته السابقة. كما أن أحمد الخطيب يعزز رؤية البنائية للأنشطة التوسيعية التي تتم بعد وصول المتعلم لبناء عقلي جديد للمعرفة الجديدة بحيث يعمد لربطها بنظيراتها في واقعه، كما يضفي أهمية ميزت نظريته عن النظرية البنائية فهو يوفر للعقل قسطا من الراحة كلما انتهى من تعلم معرفة معينة كي يتمكن من تطبيقها فلا يضغط على العقل بكثرة المعارف ،وتعقدها، بينما نجد أن البنائية كثيرا ما يؤخذ على أنشطتها أنها قد تتحدى عقول المتعلمين بشكل يفقدهم لذة العلم والاستمتاع بالنمو المعرفي. **المبدأ الثالث: مبدأ التنشيط البنائي بطرح تساؤل يدفع المتعلم للتعلم :** لقد دعا إلى هذا المبدأ الصحابي الملقب بباب العلم علي بن أبي طالب الذي أثر عنه قوله: العلم ،خزائن ومفتاحها السؤال، فاسألوا يرحمكم الله، فإنه يؤجر فيه أربعة السائل، والمعلم والمستمع، والمجيب لهم ، كما اشتهر أبو حنيفة بتوسعه في استخدام السؤال حيث كانت جميع مؤلفاته أجوبة عن أسئلة تلاميذه. **المبدأ الرابع: عملية التنظيم المعرفي:** والذي يعمد فيه المتعلم لمراجعة خبراته الجديدة بخبراته السابقة وضمها وتنسيقها فهي عملية ظهرت أهميتها منذ صدر الإسلام فقد أفرد البخاري في صحيحه بابا تحت عنوان ( من سمع شيئا فراجع حتى يعرفه ) ، فذكر أن عائشة رضي الله عنها كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا إذا راجعت فيه حتى تعرفه. وحقيقة إن الإسلام يراعي في التربية هذا البناء المعرفي لكنه يحذو به لتربية متكاملة متوازنة، فالتربية في الإسلام بناء يتكون من بنية عقدية بنية خلقية بنية عملية، فالبناء الأول المقدم في الإسلام البناء العقدي لكونه يطهر الأساس المعرفي ويوجهه الوجهة السليمة، فهو ينظر للقلب الذي هو محل الاعتقاد والباعث على الإرادة على أنه القوة العلمية التي يجب تنقيتها لبلوغ الفهم الصائب، وقوة الاستدلال والتعقل لكل ما في الكون من دلائل وأسرار، ومن ثم يهتم بالبناء الخلقي وغرس الاتجاهات الأخلاقية السليمة. ودليل ذلك الترتيب المنطقي الوارد في الآية الكريمة لمنة الله على عبادة ببعثة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم بالحق وبمنهج التربية الإسلامية التي يعلو بالإنسانية. قال تعالى: (هو) الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَة وَإن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين) (سورة الجمعة آية (۲) فالمرتبة الأولى للتربية التزكية النفسية والعقلية والعقدية من كل معتقد وفكر وهوى نفس يعطل قوى الإنسان العقلية ويؤثر في قدراتها عن بلوغ الهدى، فإن تمت هذه المرحلة هيأت للمتربي مرحلة العلم والفهم والإدراك الموصل لبلوغ الحكمة في القول والعمل وهي أعلى مراتب العلم والعمل. كما يرى الإسلام أن القدرة العقلية للإنسان لا تعد كافية للوصول للحقيقة المطلقة، فلا يصح ترك العقل دون مرجع علمي يفوق عليه في التوجيه والإرشاد ولا يستقل العقل بذاته في تحصيل كل علم. قال تعالى: (وَمَا أرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إلا رجالا توحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كُنتُمْ لا تعلمون) (سورة الأنبياء: آية. كما وضع للعقل حدود لا ينبغي تجاوزها بسبر مجالات علمية لا تخضع لإدراكه ولا تتناسب مع قدراته المحدودة تبعا لاختصاص علم الله بها قال تعالى: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِنَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقط من وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطب يَابس إِنَّا فِي كِتَابٍ مُّبِين) (سورة الأنعام أية (٥٩. فالله سبحانه وتعالى يرشد العقل لقواعد معرفية تفيده في عملية التعلم وتمكنه من الوصول للمعرفة الحقيقية، ويضع حدا لذلك وفق حاجة الإنسان في الدنيا والآخرة ووفق قدراته كما هو الحال في طلب العلم بحقيقة الروح الإنسانية، فالذي يقع تحت دائرة إدراك الإنسان وما ينفعه من العلم المتعلق بالروح هو مطالبها وكيفية الارتقاء بها، اما كنهها فلا يعتبر عتادا ذا فائدة؛ لكونه يتحدى عقله بما لا يمكنه فهمه وإدراكه قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَن الرُّوح قُل الرُّوحُ مِنْ أمْر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلم إلا قليلا) ( سورة الإسراء: آية ٨٥ ). ولذلك وجه الله سبحانه وتعالى العقل الإنساني لمجالات التدبر والتفكر التي تعين عقله على فهم الوجود والاستدلال على رب موجود أوجد فأبدع، فلم يدعه في ظلمات تتبدد فيها قواه بل ربي أفقه العقلي الذي يشتاق به لتفتيق أنوار المعارف بأن وضع له قاعدة فكرية ينطلق منها تتمثل في كون المعارف منها ما هو ذو نفع وفائدة تتسع فيه احتياجات الإنسان ويتسع معها أفقه العقلي لتلبيتها، ومعارف لا حاجة للعقل لها؛ لكونها تتحدى قدراته فتضعفها، والسير في المهالك تضييع للجهد وفقدان للقوى. كما حرصت التربية الإسلامية على توفير الطريقة الصحيحة لتحصيل العلم وتثبيته بتعقل وتفهم مبعثه تناسب العلم مع احتياجات الإنسان النفسية والعقلية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولكي يدعم الله هذا التناسب أنزل منهجه الشرعي التربوي منجماً بحسب الوقائع والحوادث مراعياً في ذلك نوع المعرفة، فإن كانت المعرفة لا يتم إدراكها وتثبتها في قلب الإنسان إلا إذا كان في واقعه ما يبعثه لوعيها وإدراك حكمها وفق حاجته التي تثير تساؤلاته العقلية فإنه لا ينزلها ابتداء، بل يبعث في نفسه ويبث في واقعه مثيرات تستدعي طلبه لها؛ مما يجعل وقع الحكم الشرعي في النفوس يستدعي التطبيق والثبات عليه. فإن التربية الإسلامية تهدف لتفاعل الإنسان مع المعارف، والتعايش معها بعلم وثقافة ودراية معنوية ومادية تخلق في نفسه وحدة فكرية وعملية وخلقية. فحاجات الإنسان تمثل أهدافا لتعلمه وتوجهه العقلي ولم تقصر حاجاته على جانب العقل بل جعلتها في توازن، فالروح والعقل والجسد لكل منها احتياجات تتطلب العناية وتحتاج لعلم يرشدها إلى الوسائل الصحيحة لقضاء احتياجاتها، وبذلك لم يسفه الإسلام احتياجاته، ويعزلها عن العلم و لم يسفه قواه العقلية بصرفها عن التوجه إلى ما يتوافق مع فطرته وظروفه اليومية؛ لذا جاء نهج المسلمين التربويين نهجاً متكاملاً في النظر للعقل والإعلاء من قيمته في تحصيل المعرفة بأن جعلوا للعقل لقاء واتحاداً بين ما يصل إليه وبين ما تزودنا به الشريعة الإسلامية من قوانين وأسرار لا تدرك بالعقل المجرد رغم كونها أساسيات تنطلق منها المعرفة الصحيحة الحقيقية. فالحرية العقلية مقيدة في الإسلام بتحديد المجالات المعرفية الممكنة الإدراك، وتوفير القواعد المعرفية التي تمثل المسلمات. كما أن التربية الإسلامية دعت للنظر والتحري والتحليل العقلي للمعارف المكتسبة التي تمثل اللبنة الأولى للبناء العقلي للإنسان قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أنزل الله قالوا بَلْ نَتَّبِعُ ما الفيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) (سورة البقرة: آية (۱۷۰) **المنهج الرقمي** **مفهوم المنهج الرقمي في تدريس التربية الإسلامية:** تحتل تكنولوجيا التعليم دورًا بارزًا في العملية التعليمية بشكل عام، وفي تدريس التربية الإسلامية على وجه الخصوص. يشير الناقه (2006) إلى أن التقدم التكنولوجي أثّر على المجال التربوي، مما نتج عنه اتجاهات مثل: التعليم البرنامجي، التعلم الذاتي، التعلم عن بُعد، التعلم الشبكي، والوسائط المتعددة، واستخدام التكنولوجيا كمصدر للمعرفة. **خصائص المنهج الرقمي في تدريس التربية الإسلامية:** 1- يعتمد على تحديد الحاجات الفعلية للمتعلمين: نظرًا لما تقدمه التقنيات الإلكترونية الحديثة من تسهيل في الحصول على المعلومات وتقليل الوقت والجهد والتكاليف، فإنها تلبي احتياجات المتعلم الفعلية وتستجيب لمتطلباته. تلعب تكنولوجيا التعليم، بجميع أشكالها، دورًا كبيرًا في جذب انتباه الطلاب وتحفيزهم للتفاعل مع المحتوى المعروض دون تشتت (عطار وكنسارة، 2015، ص 44). ويؤكد عدد من المختصين في تدريس التربية الإسلامية على أهمية الاتجاه التكنولوجي في تلبية احتياجات المتعلم خلال عملية التدريس. حيث أشار الخوالدة وعيد (2005، ص 270) إلى أن استراتيجيات التدريس المعتمدة على التعليم المبرمج لا تقتصر على حدود الحصة الدراسية التقليدية، بل تسعى لتلبية الحاجات الفعلية للمتعلمين. ٢ - يهتم بتحليل محتوى المادة العلمية: من أبرز خصائص الاتجاه التكنولوجي أنه يهتم بالتحليل الدقيق المحتوى المادة العلمية ؛ بحيث يتوافق المحتوى مع الأهداف، وتبنى معلوماته وفق أسس علمية ويراعي التسلسل الدقيق حسب الأهداف، وأن يكون المحتوى الإلكتروني ملائما الأنماط التعلم الإلكتروني، يراعي الفروق بين المتعلمين، ويتم في ضوء عمليات متسلسلة. ( الفالح،2008) وتجدر الإشارة إلى أن خــصــائـص مـحـتـوى الـتـعـلـم الإلكتروني لا بد أن تبنى في ضوء إجراءات علمية وفنية دقيقة كمراعاة دقة وسلامة المحتوى علميا ووجود أنشطة مناسبة، ومراعاة التسلسل المنطقي لمكونات المحتوى، وأن تتم علمية التعلم في ضوء أهداف دقيقة وتتضمن عمليات التعلم عمليات تغذية راجعة مستمرة 3- يدعم اتجاه التعليم الفردي او المستقل على الرغم من أهمية تكنولوجيا التعليم في جميع مواقف التدريس ومجالاته، ولجميع المتعلمين على اختلاف مستوياتهم، إلا أن متطلبات الاتجاه الإلكتروني تميل نحو التعليم المستقل. ويرى عدد من مختصي تدريس التربية الإسلامية أن لهذا الاتجاه دورًا كبيرًا في تنمية الفروق الفردية بين المتعلمين. فقد أكد الخوالدة وعيد (2005، ص 270) على فاعلية التعليم المبرمج، كإحدى تطبيقات التكنولوجيا، في تدريس التربية الإسلامية. كما أشار إبراهيم والكلزة (د.ت) إلى أن التعليم الفردي يعد من تطبيقات استخدام الكمبيوتر في التدريس، حيث تركز البرامج التعليمية على احتياجات واهتمامات التلاميذ في تصميمها (ص 250). كما يُعتبر التعلم الفردي أو المفرد (Individualized Learning)، كما أوضح جلاتهورن (1995، ص 493)، من أبرز اهتمامات المربين خلال الستينيات والسبعينيات. وبرغم تعدد برامج التعلم الفردي، إلا أنها تشترك في عدة عناصر رئيسية، منها: - تحليل محتوى التعلم إلى مكونات مرتبة بشكل محكم. - وضع المتعلم في المكان المناسب داخل هذا النسق. - عمل المتعلم على دروس أو حزم تعليمية مخصصة عادة بشكل فردي لتحقيق أهداف واضحة. - توفير تغذية راجعة للمتعلم حول تقدمه، مع تقديم العلاج للأخطاء عند الحاجة. 4-يهتم بالوصول إلى نواتج تعليمية محددة من خصائص الاتجاه الإلكتروني أنه يدفع المتعلم نحو تحقيق نواتج تعليمية محددة بدقة. وتشير الأبحاث في مجال تدريس التربية الإسلامية إلى أن التدريس باستخدام التكنولوجيا يساهم في تحقيق نواتج تعليمية أكثر دقة، ويساهم في تحسين عملية التعليم والتعلم. وقد أثبتت العديد من البرامج الحاسوبية فاعليتها في تدريس القرآن الكريم، الفقه، وغيرها من فروع التربية الإسلامية. ويشير الخوالدة وعيد (2005) إلى أن استخدام التكنولوجيا يساعد على تحسين الناتج التعليمي من خلال تعزيز التعلم المتقن، مما يزيد من تحصيل المتعلمين للمعارف والمهارات المطلوبة. ص. ٣٩٥ ٥- يساعد على اختصار الوقت والجهد والمال: فالاتجاه الإلكتروني يوفر المعرفة والمهارة والخبرة المطلوبة بسرعة أكبر من التعلم العادي وبتكلفة أقل. فالزمن الذي قد يحتاج إليه للوصول إلى المعرفة والخبرة من خلال الإنترنت أقل من الزمن الذي قد يحتاج إليه للوصول إلى المعرفة والخبرة ذاتهما في البحث العادي، من خلال الكتب والمراجع والمصادر، كما أن الجهد المبذول والتكلفة أقل وبمتناول الجميع (الخوالدة وعيد، ٢٠٠٥ ، ص ۳۹۸). \#يتضح من كل ما سبق أن الخصائص المذكوة تؤكد بشكل واضح أن الاتجاه التكنولوجي هو اتجاه علمي بحت. فعمليات تحديد حاجات المتعلمين، تحليل المحتوى، التعلم الفردي، وتحديد النواتج التعليمية بدقة، وكذلك التدريس بكفاءة عالية مع أقل جهد وتكلفة وفي أقصر وقت، كلها عمليات منظمة وغير قابلة للعشوائية. مما يثبت أهمية الاتجاه التكنولوجي في التدريس بشكل عام، وفي تدريس التربية الإسلامية بشكل خاص. **أهمية المنهج الرقمي في تدريس التربية الإسلامية** - الدراسات والأبحاث التي تناولت الاتجاه التكنولوجي في تدريس التربية الإسلامية تدعم بقوة أهمية هذا الاتجاه في التعليم. - الأدبيات التربوية والتوجهات العقلانية تؤكد ضرورة استخدام التقنيات الحديثة في التدريس، خاصة في مجال التربية الإسلامية. - استخدام التقنيات الحديثة في تدريس التربية الإسلامية ليس ترفًا أو تقليدًا، بل هو ضرورة حتمية يجب تفعيلها بفعالية. - التطور العالمي بفعل العولمة أدى إلى اعتماد واسع على التكنولوجيا في مختلف المجالات، وخاصة في التدريس. - يجب أن نواكب هذا التطور كجزء من المجتمع العالمي، مع التأكيد على أن التربية الإسلامية رسالة عالمية وليست حكرًا على الدول الإسلامية. - القرآن الكريم والأحاديث النبوية يؤكدان أن رسالة الإسلام هي للعالم أجمع، مما يعزز أهمية نشر التعليم الإسلامي عالميًا باستخدام التكنولوجيا. - مختصو تقنيات التعليم يشيرون إلى فاعلية التكنولوجيا، خاصة في تعليم التربية الإسلامية، ويبرز الحاسب الآلي كأداة فعالة في حفظ المعلومات وتيسير التعليم. - الحاسوب يوفر برمجيات تساعد المعلمين في تنظيم التدريس وتقديم التغذية الراجعة، ويعد مصدرًا مهمًا للمعلومات ووسيلة فعالة في التعليم. - هناك جهود كبيرة لتطوير برامج حاسوبية تخدم تدريس القرآن الكريم والسنة النبوية، إضافةً إلى المؤتمرات التي تناقش استخدام التقنيات في تدريس التربية الإسلامية. - الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير في تحسين تدريس التربية الإسلامية وتعزيز التواصل بين المعلمين والطلاب. - الاتجاه التكنولوجي أصبح جزءًا من الثقافة العامة لدى الناس بسبب التطور الكبير في استخدام التقنية في جميع مجالات الحياة. - تكنولوجيا التعليم تشهد تطورًا مستمرًا، مما يتطلب إعداد خطط استراتيجية طويلة المدى لتطوير التعليم في مجالات المعلمين والمناهج والبنية التحتية. - بعض الدول الأقل إمكانيات استطاعت أن تتقدم في مجال التعليم بفضل استراتيجيات متقدمة في توظيف التكنولوجيا. - التكنولوجيا يمكن أن تساهم في علاج مشكلات تدريس التربية الإسلامية من خلال التعلم الذاتي والتعليم عن بُعد، مما يتيح التعليم لعدد أكبر من المتعلمين، بغض النظر عن المسافات. **ابرز تطبيقات المنهج الرقمي في تدريس التربية الإسلامية:** يسهم استخدام التقنيات الرقمية في تحسين عملية تعليم التربية الإسلامية وتسهيل الوصول إلى المعلومات. من بين هذه الاستخدامات: - المنصات التعليمية الإلكترونية: يتم استخدام منصات التعليم عبر الإنترنت لنشر الدروس والمواد التعليمية المتعلقة بالتربية الإسلامية، مما يتيح للمتعلمين الوصول إلى المحتوى في أي وقت ومن أي مكان (منصة رواق). - التطبيقات التعليمية: توفر التطبيقات المتخصصة في التربية الإسلامية موارد متنوعة مثل القرآن الكريم، الأحاديث النبوية، الفقه، والسيرة النبوية. هذه التطبيقات تساعد في تسهيل التعلم الذاتي وتنمية المعرفة الدينية. (تطبيق حفظ القران) - الفصول الافتراضية: توفر الفصول الافتراضية إمكانية التواصل المباشر بين المعلمين والطلاب، حيث يمكن للمعلم شرح الدروس والتفاعل مع الطلاب في الوقت الحقيقي، مما يعزز الفهم والمشاركة (البلاك بورد) - المحتوى التفاعلي: يشمل ذلك استخدام الفيديوهات، الألعاب التعليمية، والاختبارات التفاعلية لتعزيز فهم الطلاب للمفاهيم الدينية، مثل قصص الأنبياء، تفسير القرآن، ومبادئ العقيدة. - الكتب الإلكترونية والمراجع: تتيح التقنيات الرقمية الوصول إلى مكتبات واسعة من الكتب الإسلامية والمراجع الدينية بصيغة إلكترونية، مما يسهل على الطلاب الاطلاع على المصادر التعليمية في أي وقت. (المكتبة الرقمية السعودية-مكتبة الملك عبدالله الجامعية) - التعلم التعاوني عبر الإنترنت: يمكن للطلاب العمل في مجموعات افتراضية لمناقشة موضوعات دينية أو حل مشكلات فقهية، مما يعزز التفكير الجماعي والتعلم المشترك. (منصة زوم-ويبكس) - التقييم والاختبارات الإلكترونية: توفر التقنيات الرقمية وسائل لتقييم الطلاب عبر الاختبارات الإلكترونية، التي تتيح للمعلمين متابعة تقدم الطلاب وتقييم مستوياتهم بطرق أكثر دقة وسرعة.( منصة بايتس) - هذه التقنيات تساهم في جعل تعليم التربية الإسلامية أكثر تفاعلية وشمولية، مع تمكين الطلاب من الوصول إلى المعرفة بطريقة حديثة ومبسطة. **التدريس النوعي للتربية الإسلامية (ماهية التدريس النوعي-التحليل الاثنوغرافي لمتغيرات التربية الاسلامية-اهتمام التربية الإسلامية بالمتعلم كانسان)** **مفهوم التدريس النوعي** التدريس النوعي هو عملية تربوية تركز على تحقيق مستوى عالٍ من الجودة في العملية التعليمية. يعتمد على تقديم المحتوى التعليمي بطريقة فعّالة من خلال مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، واستخدام أساليب تدريس مبتكرة، وتحقيق التفاعل الإيجابي بين الطلاب والمعلم. يهدف التدريس النوعي إلى تعزيز الفهم العميق بدلاً من الحفظ الآلي، ويشجع الطلاب على التفكير النقدي والإبداعي. **أهداف التدريس النوعي** - تحقيق التعلم العميق: يساعد التدريس النوعي الطلاب على فهم المواد التعليمية بشكل شامل وليس فقط الحفظ. - مراعاة الفروق الفردية: يراعي التدريس النوعي احتياجات الطلاب المختلفة ويقدم لهم الدعم المناسب. - تعزيز التفكير النقدي والإبداعي: يشجع الطلاب على التفكير خارج النطاق التقليدي وتحليل المعلومات من زوايا متعددة. - تنمية المهارات العملية: يعمل على تطوير المهارات الحياتية التي يحتاجها الطلاب في المستقبل المهني والشخصي. - تحسين مخرجات التعليم: من خلال تحقيق فهم أعمق للمفاهيم وتعزيز مهارات التفكير لدى الطلاب، يساهم التدريس النوعي في تحسين الأداء الأكاديمي بشكل عام. **خصائص التدريس النوعي** 1\. التركيز على جودة التعليم: يتمحور التدريس النوعي حول تحسين جودة التعليم، وليس فقط زيادة المحتوى. 2\. استخدام استراتيجيات تدريس متنوعة: يعتمد التدريس النوعي على مجموعة من الأساليب التعليمية المتنوعة مثل التعلم التعاوني، التعلم القائم على المشكلات، واستخدام التكنولوجيا في التعليم. 3\. التفاعل الفعّال بين المعلم والطلاب: يعزز التدريس النوعي العلاقة بين المعلم والطلاب من خلال تعزيز الحوار والتفاعل المستمر. 4\. التقييم المستمر: يعتمد التدريس النوعي على التقييم المستمر لمستوى تقدم الطلاب لضمان تحقيق الأهداف التعليمية. 5\. التركيز على المهارات العليا: يهتم بتنمية المهارات العليا مثل التفكير النقدي وحل المشكلات بدلاً من الاكتفاء بالمعلومات الأساسية. **استراتيجيات التدريس النوعي** التعلم القائم على الاستقصاء: يتيح للطلاب فرصة البحث والتحليل واستكشاف الموضوعات بشكل مستقل. التعلم التعاوني: يشجع الطلاب على العمل في مجموعات لحل المشكلات ومناقشة الأفكار مما يعزز الفهم الجماعي. التعلم القائم على المشروعات: يتيح للطلاب تطبيق ما تعلموه في مشروعات عملية تعزز الفهم التطبيقي للمادة. استخدام التكنولوجيا في التعليم: يدعم التدريس النوعي استخدام الوسائل التكنولوجية مثل الحاسوب والإنترنت لتوسيع نطاق التعلم وزيادة تفاعل الطلاب. **فوائد التدريس النوعي** 1\. تعزيز التحصيل الدراسي: يسهم التدريس النوعي في رفع مستوى الأداء الأكاديمي للطلاب من خلال توفير بيئة تعليمية محفزة. 2\. تنمية الاستقلالية: يشجع الطلاب على التفكير بأنفسهم واتخاذ القرارات مما يعزز قدرتهم على التعلم الذاتي. 3\. التفاعل النشط: يساهم في زيادة تفاعل الطلاب داخل الصف من خلال الحوار والمناقشات المفتوحة. 4\. التحسين المستمر: يتيح التدريس النوعي إمكانية التقييم المستمر مما يتيح تعديل الأساليب التدريسية بما يناسب احتياجات الطلاب. 5\. تعزيز الدافعية: يجعل التعليم أكثر متعة وجاذبية للطلاب مما يزيد من دافعيتهم للتعلم. **التحديات التي تواجه التدريس النوعي** نقص الموارد: قد يعاني التدريس النوعي من نقص في الموارد التعليمية أو الوقت المتاح للمعلم لتطبيق الأساليب النوعية. ضعف التدريب المهني للمعلمين: يحتاج المعلمون إلى تدريبات متقدمة ومتواصلة لاكتساب المهارات اللازمة لتطبيق أساليب التدريس النوعي. الكثافة الطلابية: قد يصعب تحقيق التدريس النوعي في الفصول المكتظة، حيث لا يستطيع المعلم مراعاة الفروق الفردية بين جميع الطلاب. المناهج التقليدية: المناهج التي تعتمد على الحفظ والتكرار قد تقف عائقًا أمام تطبيق استراتيجيات التدريس النوعي. **مفهوم الاتجاه الإثنوغرافي** ظهر الاتجاه الإثنوغرافي في المجال التربوي كواحد من أهم أنواع مناهج البحث النوعي (الكيفي) كرد فعل لتطبيقات الاتجاه العلمي في المجال التربوي؛ حيث يقول السلطان (۲۰۰۸) : «الإثنوغرافيا اتجاه جديد نسبياً في مجال التربية نشأ كرد فعل لعدم الرضا عن المداخل التقليدية المتبعة في بحوث العلوم الاجتماعية التي تتبني استراتيجيات وميكانيزمات من العلوم الطبيعية ص ۱۰۹. وانطلاقا من أن عملية التدريس تستوجب من المعلم فهم التلميذ وكافة المتغيرات المحيطة به فهما عميقا ؛ فقد اتجه المربون للمنهج الإثنوغرافي ؛ لكونه يعتمد على الملاحظة ؛ التي تساعد بدرجة كبيرة على تصنيف وقياس السلوك داخل الفصول الدراسية، وتساعد على تحليل العلاقات والروابط بين المعلم والتلميذ ؛ التي تحفز وتساعد على نجاح عملية التدريس **تطبيقات الاتجاه الإثنوغرافي في تدريس التربية الإسلامية:** على الرغم من قلة تطبيقات الاتجاه الإثنوغرافي في تدريس التربية الإسلامية؛ إلا أننا نجد بعض التطبيقات الناجمة عن اهتمامات المختصين بهذا الاتجاه، ويمكننا إيجازها على النحو التالي : ۱ - استثمار المنهج الخفي في تدريس التربية الإسلامية: على الرغم من أن التربية الإسلامية في جميع مراحل التعليم العام تركز على الجانب الروحي، وهو أساس جوهري في تدريس هذه المادة، إلا أن هناك انتقادات توجه لمعلمي هذه المراحل بسبب تركيزهم الشديد على الجوانب المعرفية فقط في تعزيز هذا الجانب. والجدير بالذكر أن الطالب يكتسب خبرات متعددة من جوانب التعلم غير المقصودة أو المخططة، ومن أنماط السلوك التي تحدث بشكل طبيعي أو تلقائي. في هذا السياق، يجب على معلم التربية الإسلامية أن يلعب دورًا أكبر في استثمار هذه الخبرات لتعزيز الجانب الروحي لدى المتعلم. أحد المختصين أشار إلى أن المشكلة تكمن في أن معلم التربية الإسلامية يقدم التربية الروحية من منظور معرفي بحت، حيث يركز عند تدريس موضوعات مثل الصلاة، الحج، والزكاة على المفاهيم والأحكام وكيفية الأداء فقط، دون الاهتمام بإبراز الأبعاد الروحية والسلوكية التي تحملها هذه الشعائر. هذا التوجه يحد من قدرة الطلاب على استشعار العمق الروحي والاجتماعي والسلوكي لهذه الممارسات، ويفقدهم الفرصة لفهم أهميتها الدينية والدنيوية (فلاته، 1418، ص 45). ٢- التأكيد على الإعداد الشخصي لمعلم التربية الإسلامية: في الآونة الأخيرة، ركز عدد من الباحثين في مجال تدريس التربية الإسلامية على أهمية الإعداد الشخصي كعنصر أساسي في تأهيل معلم التربية الإسلامية. فقد لاحظوا أن برامج إعداد المعلمين غالباً ما تتجاهل جوانب حيوية لنجاح المعلم في عمله، مثل تطوير الجانب الوجداني لديه، والاهتمام بحقوقه المعنوية والمهنية، بما في ذلك حقه في التدريب، الابتعاث، والترقي المهني. هذه الحقوق توفر بيئة معنوية داعمة للمعلم، بدءًا من مرحلة الإعداد التي لا تقتصر على الدراسة في البرنامج الأكاديمي فقط، بل تمتد إلى ما بعد انخراطه في مهنة التدريس. كذلك، تتجاهل هذه البرامج تفعيل وسائل الاتصال الإلكتروني ووسائل التفاعل الاجتماعي، وتلبية احتياجات المعلم الفعلية وحل مشكلاته، بالإضافة إلى تعزيز الربط بين النظرية والتطبيق. هذه المحاور تشكل أهمية كبيرة لإعداد معلم التربية الإسلامية الذي يعمل وفق توجيهات الله تعالى. إن الإعداد الشخصي للمعلم يعد تطبيقًا للاتجاه الإثنوغرافي، الذي لا يتقيد ببرنامج أو وقت أو معايير محددة، بل يركز على الجوانب الشخصية والمعنوية والإنسانية في تأهيل معلم التربية الإسلامية. ٣-تطبيق فن تدريس التربية الإسلامية من المعروف أن تدريس التربية الإسلامية ليس مجرد علم فحسب، بل هو فن أيضًا. وعلى الرغم من أن معظم اهتمامات المربين تركز على تدريس التربية الإسلامية كعلم، إلا أن هناك اهتمامًا من بعض المختصين بفن التدريس، وهو ما يمكن اعتباره أحد تطبيقات الاتجاه الإثنوغرافي في هذا المجال. فاستعانة المعلم بـ"أسلوب التدريس" بجانب "طريقة التدريس" أو "استراتيجية التدريس" هو تجسيد لتكامل التدريس كعلم وفن معًا. استخدام الأسلوب إلى جانب الطريقة يتيح للمعلم تنويع أساليبه داخل إطار الطريقة الواحدة. على سبيل المثال، المعلم الذي يعتمد في تفاعله مع المتعلمين على أساليب مثل الابتسامة، المديح، التشجيع، التحفيز المادي أو المعنوي، الحركة داخل الفصل، أو إثارة المنافسة بين المتعلمين، يخلق تنوعًا غنيًا في الطرائق التعليمية. هذا التنوع لا يساعد فقط في تحفيز الطلاب، بل يمكّن المعلم من الوصول إلى أعماق نفوسهم والتفاعل معهم بشكل فعّال، مما يحقق جوهر الاتجاه الإثنوغرافي في التدريس، الذي يركز على التعايش الفعلي مع الطلاب وفهم مشاعرهم. ٤- دراسة أنماط السلوك الشخصي لدى المتعلم: بسبب الانتقادات التي وُجهت مؤخراً لتدريس التربية الإسلامية، وأبرزها التركيز المفرط على الحفظ دون الفهم العميق، ظهر توجه جديد بين المختصين نحو ضرورة دراسة السلوك الشخصي للمتعلم بطرق نوعية. من أهم الأهداف الإيجابية لتدريس التربية الإسلامية أن يُطبق المتعلمون ما يتعلمونه في حياتهم اليومية بشكل دائم. فالذي يتعلم الصلاة، على سبيل المثال، ينبغي أن يؤديها طوال حياته كما أمر الله تعالى. لا يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال أساليب تدريس سطحية أو عجلة، بل يتطلب ذلك فهماً عميقاً للمتعلم ودراسة شاملة لأنماط سلوكه القولي، الفعلي، والاجتماعي. الهدف هو بناء شخصية متعلمة للإسلام، بحيث يصبح الدين جزءًا أصيلًا من حياة المتعلم، يرافقه منذ ولادته وحتى وفاته. تتميز عملية تدريس التربية الإسلامية بإمكانية المعلم لمعايشة تلاميذه وفهم أنماط سلوكهم الشخصية، مما يسمح له بتقديم تعليم يغذي مشاعرهم، أرواحهم، عقولهم، وأجسادهم بشكل متكامل ومستدام. **اهتمام التربية الإسلامية بالمتعلم كإنسان** التأكيد على أهمية الإنسان المتعلم في المجال التربوي لم يأت من فراغ، بل استند إلى تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي أولت الإنسان مكانة سامية. ومن أبرز جوانب هذا الاهتمام: 1\. تكريم الإنسان في القرآن الكريم: الله سبحانه وتعالى أكد في القرآن على علو شأن الإنسان ومنزلته. قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (الإسراء: 70)، وهذا يشير إلى مكانة الإنسان السامية. 2\. خلق الإنسان في أحسن صورة: أكد القرآن على تكوين الإنسان بأحسن تقويم. قال تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" (التين: 4)، مما يبرز الجمال والكمال الذي يتمتع به الإنسان كخلق مميز. 3\. أسرار النفس الإنسانية: القرآن يحث الإنسان على التأمل في ذاته لفهم عظمة الخلق. قال تعالى: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" (الذاريات: 21)، مما يعزز الوعي بأهمية الإنسان ككائن مليء بالأسرار والمعاني العميقة. 4\. رعاية حقوق الإنسان في السنة النبوية: رسول الله ﷺ أكد على حقوق الإنسان وكرامته من خلال نصوص عديدة. قال ﷺ: "من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" (رواه مسلم)، مشيراً إلى أهمية التضامن بين الناس ومساعدة بعضهم البعض. 5\. التكافل الاجتماعي: الإسلام اهتم بالإنسان ليس فقط على مستوى الفرد بل على المستوى الاجتماعي أيضاً. قال الله تعالى: "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" (الأنبياء: 92)، وهذا يوضح أهمية الوحدة والتكافل بين أفراد المجتمع. 6\. تعزيز الأخوة بين المؤمنين: قال الله تعالى: "إنما المؤمنون إخوة" (الحجرات: 10)، وهو ما يبرز دور التربية الإسلامية في تعزيز الروابط الاجتماعية. 7\. العناية بالبيئة والكون: الإسلام اهتم أيضاً ببيئة الإنسان وبالكون الذي يعيش فيه. قال تعالى: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس..." (البقرة: 164)، مما يوجه الإنسان إلى أهمية البيئة الطبيعية التي يعيش فيها. 8\. التربية الشاملة للإنسان: الإسلام وضع الأسس والمعايير التي يحتاجها الإنسان في كل جوانب حياته، سواء كانت اجتماعية، بيئية، أو ثقافية. هذا النهج الشامل يؤكد على ضرورة أن ينظر المعلم للإنسان المتعلم نظرة متكاملة تشمل جميع الأبعاد المؤثرة فيه، مسترشداً بهدي القرآن الكريم. هذه النظرة الكلية التي تعزز القيم الإنسانية الكبرى وتؤكد على أهمية الإنسان في النظام التربوي تهدف إلى تنمية الفرد ليكون عضواً فاعلاً في مجتمعه، مع مراعاة جميع جوانب شخصيته. **المنهج التكاملي** **مفهوم المنهج التكاملي** يقصد بالتكامل بأنه تقديم المعرفة في نمط وظيفي، على صورة مفاهيم متدرجة ومترابطة، عند تناول موضوعات متنوعة، لتلافى تجزئة المعرفة وتقسيمها إلى ميادين منفصلة، ويساعد ذلك على إبراز حدة الفكرة دون فصل غير منطقي بين الفروع المعرفية المختلفة. ويُعرف التعليم التكاملي بأنه؛ التعليم الذي يقوم على أساس ربط المباحث الدراسية؛ كلما أمكن ذلك؛ بأساليب وطرق تعليم وتعلُّم متنوعة، لتحقيق تأثيراً فاعلاً في عملية التعلم. ويؤكد نظام التكامل على دراسة المواد دراسة متصلة ببعضها البعض لإبراز ما بينها من علاقات وروابط ، وتحقيق المزيد من الوضوح والفهم. ويُعد المدخل التكاملي مدخل وسطى بين انفصال المواد الدراسية وإندماجها إندماجاً تاماً. حيث يتم فيه الربط بين المعارف المدروسة، لتثبيتها في ذهن المتعلم، بما يساعده على استخدامها وتوظيفها، وعدم الاقتصار على تخزينها فقط. يقوم الأسلوب التكاملي على أساس من تآزر المعارف المختلفة وتكاملها حول محور معين، ويتم خلاله الحصول على معارف متكاملة، نتيجة القراءة، والبحث، مما يكسب المتعلم مهارات مختلفة، وأساليب تفكير، واتجاهات وقيم، وميول، ويمكنه من المحافظة على تكامل جوانب شخصيته بأبعادها العقلية، والجسمية والانفعالية، والاجتماعية، وبذلك يسهل عليه التكيف مع بيئته الاجتماعية والمادية. ولا يقصد بمفهوم التكامل دراسة المتعلم موضوع ما أو مشكلة معينة بطريقة متكاملة فحسب؛ وإنما يعني أن يشعر بها ، وأن يشمل عذا التأثير جميع جوانب شخصيته، وأن يتضح ذلك من خلال ما يصدر عنه من سلوك. ويتطلب تصميم المنهج التكاملي لتحقيق الأهداف المرجوة منه ، تفهم للنظريات التي يستند إليها المنهج التكاملي، وأهداف تطبيقه، ودواعى الحاجة إليه وشروطه، وأنواعه والإجراءات التربوية اللازمة لتحقيقه **[إيجابيات التعليم بالمنهج التكاملي ومزايا الأسلوب التكاملي]** **[خصائص التعليم بالمنهج التكاملي لتشمل ما يلي:]** ١- العمل في إطار المجموعات، واستخدام أسلوب الدراما ، ومهارة طرح الأسئلة واستخدام الأسئلة المفتوحة والتعلم عن طريق العمل واللعب، وربط المفاهيم الأكاديمية بواقع حياة الطفل، واستخدام أساليب ونشاطات على أرض الواقع، واستغلال مرافق المدرسة الخارجية للتعليم وتفعيل المواد الخام في البيئة المحلية. ٢ - تقليل الفجوة بين المعلم والطالب حيث تميزت علاقة الطالب بالمعلم بالكثير من الانفتاح والقرب؛ ما انعكس على نفسية الطالب وجعله يحب المدرسة، ويندمج في العملية التعليمية. ٣- تفعيل استخدام دور مجالس الآباء والأمهات لحل المشكلات الطلابية، وإعداد المواد التعليمية، ومعالجة مشكلات الطلبة الضعاف. ٤ - اتاحة حرية دخول المتعلم وخروجه من الحجرة الدراسية. مزايا الأسلوب التكاملي **[وللأسلوب التكاملي في بناء المنهج مزايا تربوية خاصة، تجعله يفوق غيره من التنظيمات المنهجية الأخرى.]** ١ - يلائم طبيعة نمو المتعلم في مراحل التعليم عامة، ومرحلة التعليم الابتدائي على وجه الخصوص. ٢ - يراعى مطالب نمو المتعلم، ويشبع حاجاته، وينمى ميوله ، ويساعده على النمو بطريقة متكاملة. ٣- يحقق تكامل المعرفة، ووحدة التعلم، ويكسب المتعلم النظرة الموحدة للحياة وللعالم الذي يعرف باتساعه وتغيره السريع. ٤ - يوفر الكثير من جهد المعلم ووقته الذي قد يضيع جزء كبير منه نتيجة استخدام منهج المواد المنفصلة. ٥- يساهم في إعداد المتعلم بطريقة متكاملة، ويؤثر في جميع جوانب شخصيته. ٦- يحقق الأهداف الوجدانية والمعرفية والنفسحركية للتربية. ٧- نواتج التعلم بالأسلوب التكاملي تكون أكثر ديمومة وأقل عرضة للنسيان. **[تطبيقات المنهج التكاملي في التربية الإسلامية]** تهدف إلى توحيد المعرفة والمهارات والقيم في سياق متكامل ومن أبرز هذه التطبيقات: 1\. \*\*التعليم القائم على المشاريع\*\*: يتم من خلاله دمج موضوعات متعددة مثل القرآن، والحديث، والتاريخ الإسلامي في مشروع واحد، مما يعزز الفهم الشامل. 2\. \*\*التعلم النشط\*\*: يشمل استخدام أنشطة تفاعلية مثل المناقشات الجماعية، والتمثيل، مما يساعد الطلاب على ربط المعلومات بالقيم الإسلامية. 3\. \*\*التقنيات الحديثة\*\*: استخدام التكنولوجيا مثل التعليم الإلكتروني، والبرامج التفاعلية لتعزيز التعلم وتحفيز الطلاب على الاستكشاف. 4\. \*\*التقييم الشامل\*\*: يعتمد على تقييم الطلاب من خلال عدة جوانب تشمل المعرفة، والمهارات، والسلوكيات، مما يساعد في تقديم صورة متكاملة عن تقدمهم. 5\. \*\*التركيز على القيم الأخلاقية\*\*: دمج القيم الإسلامية في جميع المواد الدراسية، مما يعزز من تكوين شخصية الطالب. 6\. \*\*التعليم الميداني\*\*: القيام بزيارات ميدانية لمواقع تاريخية أو ثقافية لتعزيز الفهم العملي والنظري. **[استراتيجيات المنهج التكاملي تساهم في بناء شخصية متكاملة للطالب، تجمع بين المعرفة الدينية والدنيوية.]** مثال تطبيقي لتعليم موضوع الغذاء في المنهج التكامليي الأمثلة التطبيقية لتعلم الموضوعات في سياق المنهج التكاملي، وذلك من خلال عدد من المناهج الدراسية التي تستهدف تعليم موضوع الغذاء ما يلي: أ) منهج العلوم يتناول ما يلي: ١ - مكونات الجهاز الهضمي. ٢ - أقسام الغذاء (بروتينات - نشويات وسكريات - دهون - فيتامينات -- أملاح -- ماء). ب) منهج الرياضيات يتناول ما يلي: ١ - حساب النسبة المئوية لإنتاج الفواكه بالنسبة للإنتاج الزراعي في المملكة. ۲ - حساب النسبة المئوية لمبيعات الفواكه المنتجة محليا على مستوى العام. \- رسم بياني لكميات إنتاج الفواكه المختلفة في مناطق المملكة المختلفة. ج) منهج الجغرافيا يتناول ما يلي: 1 - أماكن توزيع إنتاج الفواكه على دول العالم. ٢ - أين تكثر الكثافة السكانية التى تعاني من مشكلات نقص الأغذية وخاصة الفواكه. د) منهج التربية الإسلامية يتناول ما يلي: ١ - تحديد الآيات القرآنية التي فيها ذكر الفاكهة. ۲- تحديد الأحاديث النبوية التي فيها ذكر الفاكهة. ٣- تحديد الأحاديث النبوية التي فيها آداب الطعام. **مهارات القرن الحادي والعشرين** أنها \"مجموعة المهارات التي يجب أن يمتلكها المعلم ويوظفها في ممارساته التدريسية المتمثلة في مهارات التعلم والإبداع (التفكير الناقد، وحل المشكلات، والاتصال والتعاون والابتكار والإبداع)\" أنها \"مجموعة مهارات التعلم الناجح في القرن الحادي والعشرين، وأهمها: الابتكار والابداع، والتفكير الناقد، وحل المشكلات، والتعاون والعمل فريق، والقيادة والتواصل والاتصال، وفهم الثقافات المتعددة، وثقافة الاتصالات والمعلومات والإعلام والمهنة، والتعلم المعتمد على الذات المحددة من منظمات شراكة مهارات القرن الحادي والعشرين\" **[متطلبات القرن الحادي والعشرين]** تعد متطلبات القرن الحادي والعشرين من الاتجاهات الحديثة التي أصبحت تحظى بأهمية كبرى من قبل المؤسسات التربوية، وذلك لدورها البارز في تمكين المعلمين والمتعلمين من المعارف والمهارات المختلفة، وإكسابهم السلوكيات التي يحتاجونها في حياتهم العلمية والمهنية. **أ. خصائص متعلم القرن الحادي والعشرين** لابد أن يتميز متعلم القرن الحادي والعشرين بخصائص ومهارات تساعده على مواجهة التحديات والتطورات المتسارعة في شتى المجالات، فقد أشارت إليها بعض الدراسات، ومنها أن يكون المتعلم: - قادراً على التفكير الناقد والإبداعي والابتكاري. - ماهراً في التعامل مع تطورات التقنية ومتمكناً من الطرق الصحيحة للوصول إلى المعرفة. - ممتلكاً للقدرة على الحوار والنقاش والتواصل مع الآخرين. - قادراً على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار المناسب. - ممارساً للتعلم الذاتي والتعلم المستمر. - مبادراً في كل ما يسند إليه من مهام وأنشطة. - مرناً في التعامل مع الأفكار والآراء وبيئات العمل المختلفة. - قادراً على حل المشكلات والمواقف التي قد يتعرض لها. **ب تصنيف مهارات القرن الحادي والعشرين** إن عمليتي التعليم والتعلم ينبغي أن تضع في الاعتبار بيئة القرن الحادي والعشرين، التي تشجع على التعلم الفعّال الإيجابي من خلال استخدام طرق وأساليب متنوعة، لإكساب المتعلمين مهارات متعددة تتناسب مع متطلبات القرن الحادي والعشرين، ولأهمية هذه المهارات فقد تعددت تصنيفاتها على النحو الآتي: - مهارات التعلم والابتكار التي يتم الرجوع إليها، لقياس مدى استعداد الطلاب للعمل في بيئة تعليمية متطورة تحثهم على السعي نحو التميز على أقرانهم الذين ليس لديهم الاستعداد لذلك، ومن أمثلتها مهارات التفكير الناقد، وحل المشكلات ونحوها. - مهارة التواصل الفعال وتتمثل في مهارات التواصل اللفظي والكتابي، ومهارة التعاون والعمل التشاركي في الفرق والمجموعات المتنوعة. - مهارة الإبداع والابتكار من خلال استخدام مجموعة واسعة من أساليب التفكير الخلاقة لإيجاد أفكار وأطروحات جديدة، إضافة إلى تحويل الأفكار المبتكرة إلى إسهامات ملموسة يمكن تطبيقها في الواقع. - مهارات الثقافة الرقمية، أو ثقافة تقنية المعلومات والاتصالات والمتمثلة في القدرة على استخدام وسائل التقنية للوصول للمعلومات والمعارف بفاعلية وكفاءة، وكذلك القدرة على إدارة تدفق المعلومات من مصادر متنوعة وواسعة، إضافة إلى القدرة على تقييم المعلومات المتدفقة ونقدها بموضوعية. - المهارات الحياتية والمهنية والمتمثلة في مهارات المرونة، وروح المبادرة، والمهارات الشخصية، والاجتماعية والإنتاجية ومهارات القيادة، وغيرها. - مهارات الاتصال والعمل التشاركي الفعال الذي يضم مهارات العمل مع فريق، - المهارات الشخصية المسؤولية الشخصية والاجتماعية، الاتصال التفاعلي. **[دور النظام التعليمي في تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين لدى المتعلمين]** 1. تضمين مهارات القرن الحادي والعشرين في المقررات الدراسية لجميع التخصصات والمراحل، لضمان التتابع والاستمرارية والتكامل. 2. بذل المعلمين قصارى جهدهم في تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين من خلال الاستراتيجيات التدريسية المناسبة التي تتوافق مع تلك المهارات. 3. تُناسب الاستراتيجيات التدريسية المستخدمة خصائص المتعلم ومتطلبات القرن الحادي والعشرين، فالاستراتيجيات التدريسية التقليدية لن تُخرج متعلمين يمارسون هذه المهارات في حياتهم الدراسية والوظيفية والاجتماعية. 4. استخدام وسائط التقنية المختلفة في عمليات التعلم المختلفة، لما لها من دور كبير، في التواصل والوصول إلى المعلومات والمشاركة الإيجابية، وتنمية التفكير، والتعاون 5. تنوع أساليب تقييم تلك الاستراتيجيات بما يتناسب مع متطلبات متعلم القرن الحادي والعشرين. **[استراتيجيات تدريس الدراسات الإسلامية ومهارات القرن الحادي والعشرين]** تعد مهارات القرن الحادي والعشرين من المهارات المتغيرة المتجددة، وذلك لارتباطها بتطورات العصر المتسارعة في جميع مناحي الحياة، التي أصبح من الضروري- أن يمتلكها معلم الدراسات الإسلامية، حتى يتمكن من القيام بمهنته بأكثر الطرائق والاستراتيجيات فاعلية، فهو يقدم رسالة سامية وعظيمة لإيصال محتوى الدارسات الإسلامية للمتعلمين وإكسابهم المبادئ والقيم الإسلامية التي توجه حياتهم المستقبلية، وتبني شخصياتهم المتكاملة في جميع جوانبها في ضوء المنظور الإسلامي. ولابد من إمكانية أن تدعم مهارات القرن الحادي والعشرين مناهج الدراسات الاسلامية من خلال : - الإعداد الأكاديمي والمهني لمعلم الدراسات الإسلامية وفق متطلبات القرن الحادي والعشرين. - الاهتمام بتنويع أساليب وطرق التدريس، وأساليب تقويم مقررات الدراسات الإسلامية وفقاً لمتطلبات القرن الحادي والعشرين. - إتاحة الفرصة للمتعلمين لممارسة المهارات والأنشطة المختلفة في مقررات الدراسات الإسلامية التي تحث على التفكير الناقد، والبحث العلمي. - إعداد المتعلمين لمواجهة المتغيرات المتسارعة في شتى المجالات، ومساعدتهم على حل المشكلات والقضايا التي تواجههم بفاعلية وإيجابية. **[تعليم مهارات القرن الـ 21 : ]** أصبح بناء النظم التعليمية على مستوى عال من الجودة والنوعية لتتوافق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي في القرن الحادي والعشرين أولوية عليا لدى معظم الحكومات والأمم ، مدركة في ذلك حجم التحديات الحالية التي تواجه النظم التعليمية وخاصة التأثير السريع والقوي لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ، وشيوع الطابع التسويقي على التعليم وتقديمه كسلعة تجارية ، كل هذا يتطلب من التربية إعادة النظر في المهارات التي يحتاجها المتعلمون لإعدادهم إعدادا مناسبا للحياة والعمل في هذا العصر. و هناك اتفاق على وجود فجوة عميقة بين المهارات التي يتعلمها الطالب في المدرسة وتلك التي يحتاجونها في الحياة والعمل في مجتمع عصر المعرفة ، وعلى أن المناهج الحالية لم تعد كافية لأعداد الطالب للحياة والعمل في عالم اليوم المتغير، الذى يقوده التطور التكنولوجي ، ونتيجة لذلك نادت ا راء بننه يجب علي التربية تزويد المتعلمين بالمهارات اللازمة للنجاح في مجتمعاتهم وعملهم في القرن الحادي والعشرين ، وفي هذا السياق سعى عديد من المؤسسات المعنية بالتعليم إلي صوغ أطر لتحديد وتعريف مهارات القرن الحادي والعشرين ، واقتراح لكيفية تكاملهما ضمن النظام التعليمي بصفة عامة ، والمجالات الدراسية الأساسية بصفة خاصة. وهناك مسألتين مهمتين في تعليم مهارات القرن الحادي والعشرين ، **الأولى :** تتصل بتعقد عملية التدريس ، وأهمية الإبداع والتنمل فيها ، **و الثانية :** تتصل بإعداد المعلم ، إذ أن التعليم للقرن الحادي والعشرين يتطلب معلمـا من طراز القرن الواحد والعشرين : مثقف ، مبدع ، متأمل ، والا كيف سيزود الطالب بهذه المهارات إن لم تكن قد أصبحت جزء من سلوكه وتدريسه اليومي العادي ؟ لقد اصبحت الحاجة ماسة الى مؤسسات إعداد معلمين ومناهج تنتمي إلى القرن الحادي والعشرين ، [و يتضمن اطار التعلم للقرن الحادي والعشرين المكونات التالية]: 1. **المحتوى :** ويتضمن المناهج والتي تقع القراءة والكتابة والحساب في قلبها ، وسوف تبقى كذلك في هذا القرن الجديد ، فليس المقصود إذن هو التخلي عن هذه المهارات وانما بالأحرى ، دمجها مع ضروب محتويات جديدة تتآلف من نوعين : 1. قاعدة معرفية واسعة في مجالات : اللغات والفنون والاقتصاد والعلوم و الجغرافية و التاريخ و الحكومة و المواطنة و الحياة المدنية. 2. موضوعات متداخلة المجالات مثل : الوعي الكوني ، والثقافة المالية ، والاقتصادية وادارة الأعمال ، ، والمشروعات ، والصحة ، والبيئة 2. **المهارات :** وهي فئات من المهارات تكون مهمة للتعلـم والعمل والحياة في القرن الـحادي والعشرين وهي : \*مهارات التعلـم والتجديد وتضم: 1. التفكير الناقد وحل المشكلات. 2. التواصل 3. التشارك \* مهارات المعلومات والأعلام ، والتكنولوجيا ، وتضم: 1. ثقافة المعلومات 2. ثقافة الوسائط العالمية 3. ثقافة المعلومات والاتصالات والتكنلوجيا \* مهارات الحياة والعمل ، وتضم: 1. المرونة والتكيف 2. المبادرة وتوجيه الذات. 3. المهارات الاجتماعية وعبر الثقافية 4. الإنتاجية والمساءلة. 5. القيادة والمسؤولية. 3. **الأدوات :** هي ادوات يمكن استخدامها لتنمية المهارات المذكورة ، وتتضمن كل أداة خطوات عملية لتنمية المهارة ، ومدى إسهام كل أداة في تنمية هذه المهارة 4. **اعتبارات المهنة :** مجموعة اعتبارات نفسية / تربوية / تكنولوجية مهمة يجدر الاهتمام بها عند تصميم التدريس ، وهي: 1. اتجاهات المتعلـم ودافعيته للتعلـم. 2. انهماك هذا المتعلم في تأمله في تعلـمه 3. الاستخدام الفعال للتكنولوجيا والعالم الافتراضي ومصادره المتنوعة. 4. مهارات الحياة والعمل وتعتبر مسألة نوعية التدريس الذي يقدمه المعلمون للطالب مسألة محورية في فكرة نظام التعليم الجيد ، مما يلزمه زيادة التركيز على تأهيل وقيم المعلمين ومهاراتهم ومعارفهم والتوسع في أدوارهم ومس ولياتهم ، فتحقق معايير جودة أي نظام تعليمي يعتمد بشكل أكبر على نوعية المعلمين ، فدور المعلم في العملية ?