تاريخ الحضارة العمانية PDF

Summary

يقدم هذا النص لمحة تاريخية عن الحضارة العمانية، يُلقي الضوء على مسميات مختلفة أُطلقت على المنطقة عبر التاريخ، وكيف تطورت حضارة عمان عبر العصور المختلفة. يتضمن النص معلومات عن الموانئ والزراعة في عمان .

Full Transcript

‫المتحف البريطاني‪.‬يحتوي النصف األول من النصين على الوعاءين المكسورين من‬ ‫الحافة العبارة اآلتية‪..( :‬وعاء غنيمة مجان)‪.‬‬ ‫‪.2‬كادي (‪:)Qade‬‬ ‫كادي؛ من األسماء التي أطلقها ملوك اإلمبراطورية اآلشورية الحدي...

‫المتحف البريطاني‪.‬يحتوي النصف األول من النصين على الوعاءين المكسورين من‬ ‫الحافة العبارة اآلتية‪..( :‬وعاء غنيمة مجان)‪.‬‬ ‫‪.2‬كادي (‪:)Qade‬‬ ‫كادي؛ من األسماء التي أطلقها ملوك اإلمبراطورية اآلشورية الحديثة (‪-934‬‬ ‫‪ 609‬ق‪.‬م) على عُمان‪ ،‬مع استمرار استخدام مسمى (ماجان) الذي ظل معمول به في‬ ‫السجالت الرافدية حتى منتصف األلف األول قبل الميالد‪.‬‬ ‫وقد ورد مسمى (كادي) في نص للملك األشوري "آشوربانيبال" (‪627 -668‬‬ ‫ق‪.‬م)‪ ،‬عثر عليه في معبد اآللهة (عشتار) في العاصمة األشورية (نينوى)؛ يتحدث عن‬ ‫ملك اسمه (بادي) ملك أرض (كادي)‪ ،‬ويقيم في مدينة (إسكي)‪.‬قدم إلى نينوى ليقدم‬ ‫الجزية إلى الملك اآلشوري‪.‬‬ ‫وجدير بالمالحظة‪ ،‬أن االسم (إسكي) الوارد في النقش المذكور أعاله ربما‬ ‫المقصود به هو (إزكي) المدينة العمانية المشهورة الواقعة في المنطقة الداخلية من‬ ‫عمان‪.‬أما االسم (بادي) مع إضافة أداة التعريف (البادي) أو (البداة)؛ فهو اسم عربي‬ ‫األصل معروف في عمان واليمن‪ ،‬تُسمى به إحدى القبائل العمانية الشهيرة‪ ،‬وهي قبيلة‬ ‫قحطانية النسب من األزد‪.‬‬ ‫‪.3‬ماكا‪:‬‬ ‫بعد أن خضعت حضارات الخليج العربي وبالد الرافدين لنفوذ األخمينيين‬ ‫(الفرس) في عهد ملكهم المؤسس "قورش الكبير" (‪ 530- 559‬ق‪.‬م)‪.‬استبدل مسمى‬ ‫(ماجان) بـ (ماكا)‪ ،‬وال نستبعد أن يكون االسم محرفا ً من اسم (ماجان) خاصة وأن اسم‬ ‫(ماجان) يكتب بالمسمارية (ماكان)‪.‬وقد ذكر هذا االسم في المصادر الفارسية القديمة‬ ‫ألول مرة في عهد الملك "داريوس األول" (‪ 485 -521‬ق‪.‬م)‪.‬وجدير باإلشارة‪ ،‬أن‬ ‫أهالى (ماكا) عرفوا فى المصادر الكالسيكية باسم (ماشيا)‪ ،‬وهو بال شك اسم منحدر‬ ‫من ماكا ولكن باستبدال حرف الــ (ك) بـ (ش)‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق أشارت بعض المصادر الكالسكية إلى مكان سمته (ماكا)‪،‬‬ ‫وذكرت أن سكانها يعرفون بـ (ماسيال) أو (ماشيا)‪.‬ولقد ذكر المؤرخ اليوناني‬ ‫(هيرودوت) أن (ماسى) أو (ماسيال)‪ ،‬كانت والية فارسية فى عهد الملك (داريوس‬ ‫األول)‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪.4‬عُمان‪:‬‬ ‫هو االسم العربي الذي عرفت به أرض ماجان‪ ،‬وقد أرجعه بعض المؤرخين‬ ‫والجغرافيين المسلمين إلى شخص يُدعى عُمان بن إبراهيم الخليل عليه السالم‪ ،‬وقيل‬ ‫إنه نسبة إلى عمان بن سبأ بن يغثان بن إبراهيم‪ ،‬وقيل إن قبيلة األزد هي التي سمتها‬ ‫بهذا االسم؛ نسبة إلى واد نزلوا حوله بعد هجرتهم من مأرب‪.‬‬ ‫وقد ذكر المؤرخ اليمني الحسن الهمداني (عاش خالل القرن العاشر الميالدي)‬ ‫في كتابه (صفة جزيرة العرب) قصيدة تتحدث عن هجرة األزد إلى أنحاء الجزيرة‬ ‫العربية‪ ،‬محددا فيها موقع وادي عمان في منطقة السراة شمال مأرب‪.‬‬ ‫ومنذ القرن األول الميالدي أصبح اسم عُمان شائعا في الكتابات الكالسيكية‬ ‫(اليونانية والرومانية) كإقليم جغرافي واسع يقع في الجزء الجنوبي الشرقي من شبه‬ ‫الجزيرة العربية‪ ،‬وتمتد حدوده الجغرافية من (رأس فرتك) جنوبا ً وحتى (رأس مسندم)‬ ‫شماالً‪ ،‬ومن (رأس الحد) شرقا ً وحتى (خور العديد) عند (قطر) غربا ً‪ ،‬وميز ال ُكتَّاب‬ ‫بشكل جلي بين عُمان كإقليم جغرافي‪ ،‬وبين (عُمانا) كميناء لهذا اإلقليم‪ ،‬وهذا من قبيل‬ ‫تغليب الجزء على الكل‪ ،‬كما أطلقوا على شعب عمان اسم (عُمانيتا)‪.‬‬ ‫ولقد ذُكِر الموقع الجغرافي لـ (عمانا) عند الكثير من الجغرافيين والمؤرخين‪،‬‬ ‫إال أن أقدم ذكر لمسمى عمان جاء في الكتابات الكالسيكية‪ ،‬إذ أُطلق اسم عمان على‬ ‫أرض اللبان عند اليونانيين قبل (البريبلوس)‪ ،‬فقد ذكر (إزيدوروس) السلوقي الذي‬ ‫عاصر اإلمبراطور الروماني "أكتافيوس أغسطس" (‪ 63‬ق‪.‬م‪ 14 -‬م) اسم الملك‬ ‫العماني في أرض اللبان ( ‪King of the Omanite،in the Frankincense‬‬ ‫‪ ،)Country‬وهذه أقدم إشارة إلى (أرض اللبان) باسم (عُمان) حتى اآلن‪.‬‬ ‫وأشار كاتب يوناني مجهول في كتاب يحمل عنوان‪( :‬الطواف حول البحر‬ ‫األرتيري) إلى أن هناك ميناء يسمى عمانا ‪ Ommana‬يقع على بعد مسيرة ستة أيام‬ ‫من مدخل الخليج‪ ،‬تأتي إليه المراكب بشكل منتظم من (بريجازا)‪ Barygaza‬حاملة‬ ‫خشب الند (‪ ،)Sandal Wood‬وخشب الساج (‪ )Teak Wood‬واألبنوس وإلى ميناء‬ ‫(عُمانا)‪ ،‬ومنه تصدر القوارب المخيطة المعروفة بالمدرعات‪ ،‬إلى بالد العرب ويصدر‬ ‫اللؤلؤ إلى (بريجازا) وإلى بالد العرب أيضاً‪ ،‬ويصدر كذلك الصباغ‪ ،‬والمالبس‬ ‫ومقادير كبيرة من التمر‪ ،‬والرقيق‪.‬‬ ‫واختلف العلماء حول التحديد الجغرافي لميناء عمانا هل يقع على الساحل‬ ‫العربي للخليج العربي؟ أم على بحر عمان؟ إذ يُظن أنه موقع (الدور) األثري الذي يقع‬ ‫حاليا ً في إمارة (أم القيوين)‪ ،‬وهناك من يرجح أن ميناء عمانا يقع على بحر عمان‪،‬‬ ‫‪9‬‬ ‫وربما يقصد به ميناء دبا أو ميناء صحار وهما من أشهر موانئ عُمان في عصر قبل‬ ‫اإلسالم‪.‬‬ ‫‪.5‬مزون‪:‬‬ ‫اسم عرفت به عمان عامة‪ ،‬و(صحار) وجميع أراضي (الباطنة)‪ ،‬و(مسندم)‬ ‫بشكل خاص في الفترة التي سبقت مجيء اإلسالم‪ ،‬بخاصة في العهد الساساني‪.‬وتردد‬ ‫اسم (مزون) كثيرا ً في المصادر الفارسية‪ ،‬واإلسالمية‪ ،‬ومنها العمانية كاسم أطلقه‬ ‫الفرس على عمان‪.‬وليس ببعيد ان يكون اسم مزون هو (مجان) أو (مجون) نظرا‬ ‫لتقارب حرف الكاف والزال والجيم من بعضهم البعض في اللغات القديمة خاصة وأن‬ ‫الحروف المتحركة غير واردة في الكتابات القديمة‪ ،‬وقد أشار (بطليموس) إلى خليج‬ ‫شمال الخليج العربي سماه (خليج ماجون ‪ ،)Magon Kolpos‬وقد سبق وأطلق ملوك‬ ‫بالد الرافدين على الخليج العربي اسم (خليج ماجان)‪.‬‬ ‫والواقع أن المصادر السريانية قد أطلقت هي األخرى على عمان اسم (مزون)‪،‬‬ ‫وعلى سكانها اسم (مازونايا)‪.‬وتشير تلك المصادر إلى أن بعض سكان المناطق‬ ‫الساحلية في (مزون) قد أعتنق المسيحية قبل اإلسالم‪ ،‬وقد حدثتنا المصادر السريانية‬ ‫عن أسماء لبعض أساقفة مسيحي عمان‪.‬‬ ‫وخالصة القول‪ ،‬فيما يتعلق بالمسميات التي أطلقت على (عمان) في العصور‬ ‫القديمة‪ ،‬أن الخالف القائم فى النطق ما بين (ماكا‪ ،‬ومكان‪ ،‬وماكيتا‪ ،‬ومزون‪ ،‬وماجان)‬ ‫ال يعد دليال على تنوع أو تعدد المواقع‪.‬وإنما هى قراءات مختلفة لموقع واحد‪.‬ويمكن‬ ‫تفسير هذا التباين فى نطق االسم بالتحريف المنطقي الذى تقتضيه طبيعة النطق فى‬ ‫اللغات القديمة (السومرية واألكادية واآلشورية والفارسية واليونانية؛ وحتى العربية)‪،‬‬ ‫نضيف إلى ذلك أن العامل الزمني الذي كان له بصمته الخاصة فى تحريف بعض‬ ‫الحروف أو إبدالها بغيرها‪ ،‬وهو أمر شائع فى اللغات القديمة‪.‬‬ ‫(رابعاا)‪ :‬نماذج من اإلبداع الحضاري للعمانيين في العصور التاريخية‪:‬‬ ‫‪.1‬الزراعة ومنشآت الري (األفالج)‪:‬‬ ‫مما ال شك فيه أن وفرة الماء والحرص على االستفادة منها في الزراعة‪ ،‬شكل‬ ‫دعامة أساسية من دعائم نشأة الحضارة العمانية القديمة‪ ،‬فنشطت الزراعة وتنوعت‬ ‫الثروة النباتية‪ ،‬والحيوانية بتنوع التضاريس وتنوع المناخ‪ ،‬لقد توزعت المستوطنات‬ ‫‪10‬‬ ‫الزراعية في الداخل إلى وحدات شبه مستقلة وفق مجرى الماء‪ ،‬وقد كشفت التنقيبات‬ ‫األثرية عن نوع من المنشآت الزراعية يسمى (الجلول) أو المصاطب الزراعية‪،‬‬ ‫والسدود التي بناها العمانيون على حواف الوديان وسفوح الجبال لمنع انجراف التربة‪.‬‬ ‫وابتكر العمانيون منذ األلف الثالث قبل الميالد نظاما ً جديدا ً للري‪ ،‬جسَّد العبقرية‬ ‫العمانية‪ ،‬أطلق عليه نظام األفالج‪ ،‬ويقصد بالفلج هو قناة محفورة في باطن األرض‪،‬‬ ‫أو على سطح األرض‪ ،‬تكون غالبا مغطاة وأحيانا مكشوفة‪ ،‬والغرض منها تجميع ونقل‬ ‫المياه الجوفية أو مياه العيون والينابيع الطبيعية‪ ،‬أو المياه السطحية‪ ،‬أو اعتراض‬ ‫وتجميع مياه السيول‪ ،‬وإيصالها إلى مناطق االحتياج في القرية‪.‬وتنقسم األفالج في‬ ‫عمان إلى ثالثة أنواع؛ نسبةً إلى منبع الفلج‪ ،‬وهي األفالج الغيليَّة‪ ،‬واألفالج العينيَّة‪،‬‬ ‫واألفالج العِدية وتسمى أيضا (الدَّاؤوديَّة)‪.‬وعلى الرغم من اختالف إلى هذه‬ ‫التصنيفات الثالثة حسب منبعها‪َّ ،‬إال أنَّها تتشابه في طريقة اإلدارة وتقسيم حصص مياه‬ ‫األفالج‪ ،‬وبقية الجوانب التنظيمية األخرى المرتبطة بالفلج‪.‬‬ ‫وفي عام (‪٢٠٠٦‬م)‪ ،‬أدرجت خمسة أفالج عُمانية في قائمة التراث العالمي‬ ‫لمنظمة (اليونسكو)؛ اعترافًا بقيمتها الثقافية االستثنائية‪ ،‬وهذه األفالج هي‪ :‬دارس‪،‬‬ ‫والخطمين‪ ،‬والملكي‪ ،‬في محافظة الداخلية‪ ،‬وفلج الميسر في محافظة جنوب الباطنة‪،‬‬ ‫وفلج الجيلة في محافظة جنوب الشرقية‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن شق هذه األفالج تتطلب مهارة هندسية دقيقة‪ ،‬وخاصة األفالج‬ ‫العِدية (الدَّاؤوديَّة)‪ ،‬فتقوم على عدد من األسس أولها‪ :‬معرفة منسوب الماء في الخزان‬ ‫المائي الجوفي‪ ،‬ووفقا ً لهذا المنسوب يخططون القناة الجوفية التي يشقونها بين‬ ‫المرتفعات‪.‬وثانيها‪ :‬كيفية شق القناة الجوفية بحيث يكون انحدارها تدريجيا ً نحو السهل‬ ‫المستفيد من هذا الماء‪ ،‬وقد يتم تدعيم القناة الجوفية الرئيسية‪ ،‬بتفرعات جانبية أصغر‬ ‫منها تسمى (السواعد) وذلك بهدف زيادة كمية المياه الداخلة إلى القناة الرئيسية‪.‬وتتخلل‬ ‫القناة الجوفية الرئيسية مجموعة من الفتحات العمودية تسمى (الفرضة)‪ ،‬وهي عبارة‬ ‫عن فتحة رأسية تصل بين القناة الرئيسية الجوفية للفلج تحت األرض وبين سطح‬ ‫األرض‪ ،‬ويتم من خاللها إجراء عمليات التنظيف وإزالة األتربة‪ ،‬والحصى‪ ،‬وإجراء‬ ‫الصيانة واإلصالح والمتابعة الدورية‪.‬ويسمى أول مكان تظهر فيه القناة الجوفية للفلج‬ ‫العدي (الداؤودي) على سطح األرض اسم (الشريعة)‪.‬أما األفالج العينية والغيلية‪،‬‬ ‫فتكون منطقة (الشريعة) الخاصة بها هي مكان وصول الماء إلى منطقة منطقة االحتياج‬ ‫بالقرية‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫أما األساس الثالث المرتبط بالفلج فهو وضع قواعد محددة وأحكام ثابتة لتوزيع‬ ‫الماء توزيعا ً عادالً بين المستفيدين منه‪ ،‬واالعتماد في ذلك على ضوابط دقيقة‪ ،‬نهارية‬ ‫وليلية‪.‬ولألفالج سنن وأعراف‪ ،‬وقواعد خاصة‪ ،‬تعارف عليها الناس‪ ،‬كما اهتمت كتب‬ ‫الفقه بمسائل األفالج‪ ،‬وأفردت مساحة لها‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك كتاب بيان الشرع‬ ‫لمؤلفه محمد بن ابراهيم الكندي الذي يتكون من ‪ 73‬جزءا‪.‬واحتوى على مسائل عديدة‬ ‫تتعلق باألفالج‪.‬‬ ‫شق األفالج واالستفادة من مياهها بطريقة عادلة‪ ،‬تطلب مهارات‬ ‫وهكذا فإن َّ‬ ‫عالية في علوم عديدة منها‪ :‬علم الهندسة‪ ،‬وعلم الفلك‪ ،‬إلى جانب الطريقة التي شق بها‬ ‫األفالج ‪ -‬ونظمت توزيع مياهها بين المستفيدين ‪ -‬تدل على روح تعاونية مثالية بين‬ ‫أفراد المجتمع‪ ،‬إذ حرصوا على أن يأخذ كل إنسان حقه من الماء‪ ،‬وعلى أن تحصل‬ ‫كل منطقة على نصيبها بالعدل والقسطاط‪.‬‬ ‫‪.2‬الموانئ‪:‬‬ ‫منذ منتصف األلف الثالث وحتى القرون األولى للميالد برزت في عمان عدد‬ ‫من الموانئ التي ساهمت بدور حيوي في حركة التجارة العالمية‪ ،‬كميناء (أم النار)‪،‬‬ ‫على الخليج العربي بالقرب من إمارة أبوظبي بدولة اإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬ ‫وميناء(رأس الحد) وهو ميناء معاصر ألم النار‪.‬وهناك ميناء(أوفير) على بحر العرب‪.‬‬ ‫وقد اختلف المؤرخون والجغرافيون كثيرا ً حول تحديد الموقع الجغرافي لهذا الميناء‪،‬‬ ‫فمنهم من يرى أن (أوفير) منطقة تقع جنوب الجزيرة العربية غير بعيدة عن‬ ‫حضرموت‪ ،‬وأصحاب هذا الرأي اعتمدوا على ما ذكرته التوراة في (سفر األخبار‬ ‫األول‪ )4/29 ،‬بشأن أرض أوفيرالتي كانت مشهورة بتجارة الذهب واألحجار الكريمة‪،‬‬ ‫وهي سلع تجارية اشتهرت حضرموت باإلتجار بهما من الحضارات المجاورة‪.‬ويرى‬ ‫آخرون أن المقصود بأوفير (ظفار) العمانية أرض اللبان‪.‬ولعلنا نميل إلى أن أوفير من‬ ‫نظرا للتقارب الجغرافي‬‫ً‬ ‫الوارد أن تشغل الحيز الجغرافي لحضرموت وظفار معًا‬ ‫والتشابه في المعطيات البيئية والحضارية لكال اإلقليمين‪.‬‬ ‫وفي منتصف األلف األول قبل الميالد تعاظمت التأثيرات الحضارية الخارجية‪،‬‬ ‫وسقطت حضارة بالد الرافدين بيد الفرس‪ ،‬ووقع الشريط الساحلي للمناطق الشمالية‬ ‫لعمان تحت وطأة االحتالل الفارسي‪ ،‬وعلى ضوء تلك المتغيرات انتقل الثقل الحضاري‬ ‫والتجاري لعمان إلى المناطق الجنوبية (أرض اللبان)‪ ،‬فبرزت لعمان موانئ جديدة‬ ‫‪12‬‬ ‫شهدت انتعاشا ً كبيرا ً منها‪ :‬ميناء (سمهرم)؛ الميناء المصدر للبان‪ ،‬السلعة التي كان لها‬ ‫عمانا) على الخليج‬‫رواج كبير في العالم القديم‪ ،‬أما في شمال عمان فبرز ميناء ( ُ‬ ‫العربي‪ ،‬وبوسط عمان أشار (بطليموس) في خريطته إلى ميناء أطلق عليه (كريبتوس‬ ‫ليمن) ‪ Kryptos limen‬ومعناه (الميناء الخفي)‪.‬وقد تطابق وصف هذا الميناء في‬ ‫رأي علماء الجغرافيا مع ميناء مسقط‪.‬‬ ‫وبعد الميالد تذكر المصادر اإلسالمية عدد من الموانئ العمانية المنتعشة منها‬ ‫ميناء (قلهات) الذي تحدثت عنه المصادر اإلسالمية كأول إقليم عماني يستقبل قبيلة‬ ‫األزد بزعامة مالك بن فهم‪ ،‬و(صحار)‪ ،‬و(صور)‪ ،‬و(مسقط) و(ريسوت) في ظفار‪.‬‬ ‫‪13‬‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser