مقرر الوقف والابتداء (الجزء 1) - الدكتوراه - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

‫(اجلزء ‪ )1‬من‬ ‫مقرر‬ ‫الوقف واالبتداء‬ ‫اإلصدار ‪1‬‬ ‫ملرحلة الدكتوراة‬ ‫بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين والدعوة‬ ‫بجامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‬ ‫إعداد‪:‬‬...

‫(اجلزء ‪ )1‬من‬ ‫مقرر‬ ‫الوقف واالبتداء‬ ‫اإلصدار ‪1‬‬ ‫ملرحلة الدكتوراة‬ ‫بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين والدعوة‬ ‫بجامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‬ ‫إعداد‪:‬‬ ‫الفصل الدرايس األول‬ ‫‪1‬‬ 2  3  4  5  ‫وفقكنَّ اهلل‬ ‫‪6‬‬  ‫موضوعات مقرر‪:‬‬ ‫الوقف واالبتداء‬ ‫‪7‬‬ 8 9 10 11  ": 12 13 14 15 16  17  18 19 20 21 22 23 24 25  26  27 28 29 30 31 32  33  ‫املبحث األول‪ :‬التعريف بأهم املصطلحات الواردة يف عنوان البحث‪ ،‬وفيه‬ ‫مطلبان‪:‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬التعريف اإلفرادي ملصطلحات عنوان البحث‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ح‬ ‫ً‬ ‫أوال‪ :‬تعريف (الكم) لغة واصطالحا‪:‬‬ ‫والجمع أحكام‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ثانيا‪ :‬تعريف (الوقف) لغة واصطالحا‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪ )1‬العين (‪ ،66/3‬مادة‪ :‬حكم)‪ ،‬والصحاح (‪ ،1٩٠1/5‬مادة‪ :‬حكم)‪ ،‬ومقاييس اللغة (‪ ،٩1/2‬مادة‪ :‬حكم)‪.‬‬ ‫(‪ )2‬الكليات (ص‪.)37٠‬‬ ‫(‪ )3‬العين (‪ ،223/5‬مادة‪ :‬وقف)‪ ،‬وتهذيب اللغة (‪ ،251/٩‬مادة‪ :‬وقف)‪ ،‬ومقاييس اللغة (‪ ،135/6‬مادة‪ :‬وقف)‪.‬‬ ‫(‪ )4‬النشر في القراءات العشر (‪.)24٠/1‬‬ ‫‪34‬‬ 35  ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ثالثا‪ :‬تعريف (الرؤوس) لغة واصطالحا‪:‬‬ ‫الراء والهمزة والسين أصل يدل على تجمع وارتفاع‪ ،‬ورأس كل ش يء‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫أعاله‪ ،‬ويقال للقوم‪ ،‬إذا كثروا وعزوا‪ :‬هم رأس‪ ،‬والجمع رؤوس( )‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫منتهى كل ش يء وآخره( )‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رابعا‪ :‬تعريف (اآلي) لغة واصطالحا‪:‬‬ ‫تأيا َّ‬ ‫يتأيا‬ ‫الهمزة والياء والياء ‪-‬أ َّيى‪ -‬أصل واحد وهو النظروالتمكث‪ ،‬يقال‪َّ :‬‬ ‫َّ‬ ‫تأييا‪ ،‬أي‪ :‬تمكث‪ ،‬واآلي جمع كآيات وآياي‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وأصل آيـة‪ :‬أأية‪ ،‬ولكن خففت الهمزة الثانية فامتدت‪ ،‬وقيل‪ :‬أ َّية‪ ،‬وقيل‪ :‬أوية( )‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫وتأتي اآلية في اللغة على عدة معان‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪ -1‬العالمة‪.‬يقال‪ :‬خرب ْت دار فالن وما بقي فيها آية‪ ،‬أي‪ :‬عالمة‪.‬‬ ‫‪ -2‬العبرة‪.‬قال تعالى‪{ :‬ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴﱵ} [يوسف‪.]7 :‬‬ ‫‪ -3‬األثر والرسم‪.‬ومنه‪ :‬آثار الديار ورسومها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جميعا‪.‬يقال خرج القوم بآيتهم‪ ،‬يعني‪ :‬جميعهم‪.‬‬ ‫‪ -4‬القوم إذا رحلوا‬ ‫‪ -5‬البناء العالي‪.‬قال تعالى‪{ :‬ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷﲸ} [الشعراء‪.]128 :‬‬ ‫‪ -6‬شخص اإلنسان وهيأته‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ -7‬ومن املعاني ً‬ ‫أيضا‪ :‬آية القرآن( )‪.‬‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬العين (‪ ،2٩4/7‬مادة‪ :‬رأس)‪ ،‬ومقاييس اللغة (‪ ،471/2‬مادة‪ :‬رأس)‪ ،‬واملحكم واملحيط األعظم (‪،543/8‬‬ ‫مادة‪ :‬رأس)‪.‬‬ ‫(‪ )2‬لم أقف على تعريف اصطالحي للرأس‪ ،‬وعليه فاملعنى هنا مستنبط‪.‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬العين (‪ ،441/8‬مادة‪ :‬أيا)‪ ،‬والصحاح (‪ ،2275/6‬مادة‪ :‬أيا)‪ ،‬ومقاييس اللغة (‪ ،167/1‬مادة‪ :‬أ َّيى)‪.‬‬ ‫(‪ )4‬انظر هذه األوجه في‪ :‬تاج العروس (‪ ،124/7‬مادة‪ :‬أيي)‪.‬‬ ‫‪36‬‬  ‫ً‬ ‫اآلي اصطالحا‪:‬‬ ‫تعددت عبارات العلماء في تعريف اآلية من القرآن‪ ،‬فكان منها‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫أ‪ -‬طائفة من القرآن‪ ،‬منقطعة عما قبلها وما بعدها( )‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ب‪ -‬الواحدة من املعدودات في السور( )‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ً‬ ‫تقديرا‪ ،‬ذو مبدأ ومقطع‪ ،‬مندرج في سورة( )‪.‬‬ ‫ج‪ -‬قرآن مركب من جمل ولو‬ ‫د‪ -‬طائفة من القرآن الكريم ذات مبدأ ومقطع‪ ،‬علمت بالتوقيف من الشارع‪،‬‬ ‫‪4‬‬ ‫وجعلت داللة وعالمة على انقطاع الكالم‪ ،‬وعلى صدق املخبر بها( )‪.‬‬ ‫نخلص من هذه التعريفات إلى أن العلماء † متفقون على أن اآلية طائفة من كالم‬ ‫هللا¸‪ ،‬لها مطلع ومقطع‪ ،‬وتندرج تحت سورة من السور‪ ،‬وعليه؛ فهذه التعريفات في‬ ‫مجملها تؤول إلى معنى واحد‪ ،‬ولعل التعريف األخير هو األشمل لتلك املعاني‪،‬‬ ‫وعليه فهو التعريف املختار‪.‬‬ ‫(‪ )1‬ذكره ابن جني في املحتسب (‪ )2٠/1‬بقوله‪ :‬وقال غيره ‪-‬يعني الجعبري‪ ،-‬وكذا الزركش ي في البرهان في علوم‬ ‫القرآن (‪ ،)266/1‬واإلتقان في علوم القرآن (‪.)23٠/1‬‬ ‫(‪ )2‬ذكره ابن جني في املحتسب (‪َّ )2٠/1‬‬ ‫وصدره بـ(قيل)‪ ،‬وكذا الزركش ي في البرهان في علوم القرآن (‪،)267/1‬‬ ‫واإلتقان في علوم القرآن (‪.)23٠/1‬‬ ‫(‪ )3‬ذكره ابن جني في املحتسب (‪ )2٠/1‬وعزاه للجعبري ‪-‬ولم أقف عليه في كتبه‪ ،-‬وكذا الزركش ي في البرهان في‬ ‫علوم القرآن (‪ ،)266/1‬واإلتقان في علوم القرآن (‪.)23٠/1‬‬ ‫(‪ )4‬قاله القاض ي عياض في الفرائد الحسان (ص‪.)23‬‬ ‫‪37‬‬  ‫ح‬ ‫تعريف (حكم الوقف على رؤوس اآلي)‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫أكثر علماء التفسير وعلوم القرآن( )‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫فجعل الفواصل أعم من رؤوس اآلي‪ ،‬فقال‪" :‬وأما الفاصلة‬ ‫فهي الكالم التام املنفصل مما بعده‪ ،‬والكالم التام قد يكون رأس آية‪ ،‬وكذلك الفواصل‬ ‫يك َّن رؤوس آي وغيرها‪ ،‬فكل رأس آية فاصلة‪ ،‬وليس كل فاصلة رأس آية‪ ،‬فالفاصلة تعم‬ ‫‪3‬‬ ‫النوعين وتجمع الضربين"( )‪.‬‬ ‫(‪ )1‬وممن يرى ذلك فيما وقفت عليه من كتب التفسير وعلوم القرآن هو الطبري في جامع البيان (‪،)148/1‬‬ ‫والواحدي البسيط (‪ ،)551/11‬وابن عطية في املحرر الوجيز (‪ ،)373/4‬والزركش ي في البرهان في علوم القرآن‬ ‫(‪ ،)53/1‬والسيوطي في اإلتقان في علوم القرآن (‪ ،)332/3‬وغيرهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫(‪ )2‬أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني القرطبي املقرئ‪ ،‬ويعرف أيضا بابن َّ‬ ‫الصيرفي‪ ،‬إمام في التفسير‬ ‫وعلوم القرآن‪ ،‬والحديث‪ ،‬والعربية‪ ،‬قرأ بالروايات على عدة مشايخ منهم‪ :‬عبدالعزيز بن جعفر‪ ،‬وسمع الحديث‬ ‫من أبي مسلم وغيره‪ ،‬وممن أخذ عنه‪ :‬أبو داود سليمان بن نجاح‪.‬قال عنه القفطي‪" :‬جمع في معنى ذلك كله‬ ‫تواليف حسانا مفيدة‪... ،‬وكان حسن الخط جيد الضبط‪ ،‬من أهل الفضل والعلم والذكاء والفهم"‪.‬من مؤلفاته‪:‬‬ ‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬واملكتفى في الوقف واالبتدا‪ ،‬توفي ¬ بدانية عام (‪444‬هـ)‪.‬انظر‪ :‬إنباه الرواة (‪،)342/2‬‬ ‫ومعرفة القراء الكبار (ص‪ ،)227‬وسير أعالم النبالء (‪.)317/13‬‬ ‫(‪ )3‬البيان في عد آي القرآن (ص‪.)126‬‬ ‫‪38‬‬  ‫ح‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬حكم الوقف على رؤوس اآلي‪ ،‬واملستثنيات من ذلك‪ ،‬وفيه‬ ‫مطلبان‪:‬‬ ‫املطلب األول‪ُ :‬حكم الوقف على رؤوس اآلي‪:‬‬ ‫في مستهل الحديث عن حكم الوقف على رؤوس اآليات القرآنية‪ ،‬تجدر اإلشارة‬ ‫إلى أن ملعرفة رؤوس اآلي طريقتان‪:‬‬ ‫الطريقة األولى‪ :‬توقيفية سماعية‪:‬‬ ‫أي‪ :‬ثابت عن النبي ‪ ،‬وفي هذا يقول الداني (ت‪444‬هـ)‪" :‬ما بين أيدينا مما نقله إلينا‬ ‫علماؤنا عن سلفنا من عدد اآلي ورؤوس الفواصل‪...‬مسموع من رسول هللا ومأخوذ‬ ‫عنه"(‪.)1‬‬ ‫وعن أم سلمة ~ أنها ذكرت قراءة رسول هللا ‪« :‬ﱡﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ‬ ‫ﱇ ﱈ ﱉﱊ ﱋ ﱌﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑﱠ [الفاتحة‪ ]4-1 :‬يقطع‬ ‫‪2‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪4‬‬ ‫( )‪.‬‬ ‫(‪ )1‬البيان في عد آي القرآن (ص‪.)3٩‬‬ ‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود في سننه‪ ،‬كتاب العتاق‪ ،‬أول كتاب الحروف (‪ ،)4٠٠1/124/6‬والترمذي في سننه‪ ،‬كتاب‬ ‫القراءات‪ ،‬باب في فاتحة الكتاب (‪ ،)2٩27/35/5‬وأحمد في مسنده (‪ ،)26583/2٠6/44‬قال الترمذي‪ :‬هذا‬ ‫حديث غريب وليس إسناده بمتصل‪.‬وقال ابن حجر‪ :‬حسن‪.‬انظر‪ :‬تخريج املشكاة (‪ ،)3٩8/2‬وصححه األلباني‬ ‫في صحيح أبي داود (‪ ،)4٠٠1 ،4٩3/1‬وفي صحيح الترمذي (‪.)2٩27/654/3‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬القطع واالئتناف (ص‪ ،)11‬وشرح سنن أبي داود البن رسالن (‪ ،)4٠٠1/143/16‬وتحفة األحوذي‬ ‫(‪.)1٩8/8‬‬ ‫(‪ )4‬انظر‪ :‬البرهان في علوم القرآن (‪.)٩8/1‬‬ ‫‪39‬‬  ‫‪‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪1‬‬ ‫( )‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪٪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪٪‬‬ ‫الطريقة الثانية‪ :‬قياسية اجتهادية‪:‬‬ ‫وهو ما ألحق من املحتمل غير املنصوص باملنصوص؛ ملناسبة تقتض ي ذلك‪ ،‬وال‬ ‫محذور في هذا؛ ألنه ال يترتب عليه زيادة في القرآن وال نقصان‪ ،‬وإنما غايته أنه محل‬ ‫‪2‬‬ ‫فصل أو وصل( )‪.‬‬ ‫(‪ )1‬لخصت هذه األقوال من البرهان في علوم القرآن (‪.)٩8/1‬وانظر‪ :‬اإلتقان في علوم القرآن (‪.)333/3‬‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬البرهان في علوم القرآن (‪ ،)٩8/1‬واإلتقان في علوم القرآن (‪.)333/3‬‬ ‫‪40‬‬  ‫ح‬ ‫وبعد هذه التوطئة اليسيرة نأتي على حكم الوقف على رؤوس اآلي‬ ‫بناء على ما سبق؛ فقد اختلف العلماء في حكم الوقف على رؤوس اآلي‪ ،‬وكان‬ ‫اختالفهم على قولين‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫القول األول‪ :‬الوقف على رؤوس اآلي يكون (بانتهاء اآلية) حتى وإن تعلقت بما‬ ‫بعدها‪ ،‬وحكمه ُسنة( )‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ً‬ ‫واستدل أصحاب هذا القول بحديث أم سلمة ~ ‪-‬اآلنف ذكره‪ -‬الذي يعد أصال في هذا‬ ‫الباب‪ ،‬ووجهوه ببعض التوجيهات‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫أن أم سلمة ~ لم تقل‪ :‬كان رسول هللا ‪ ‬يقطع قراءة فاتحة الكتاب آية آية! وإنما قالت‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ذكرت فاتحة الكتاب‬ ‫كان يقطع قراءتهن فدخل في ذلك جميع ما كان يقرأه من القرآن‪ ،‬وإنما‬ ‫لتبين صفة التقطيع‪ ،‬أو ألنها أم القرآن‪.‬‬ ‫فإن قال ‪-‬أصحاب القول الثاني‪ :-‬إن الوقف عند تناهي األغراض واملقاصد يقرب‬ ‫معاني القرآن من إفهام السامعين وهذا أ ْولى من الوقف على فواصل اآليات‪.‬‬ ‫فالجواب‪ :‬أن هذا رأي يخالف النص الثابت عن رسول هللا ‪ ‬في تقطيعه القراءة آية‬ ‫آية‪.‬‬ ‫تنبيه‪ :‬استثنى العلماء من ذلك املواضع التي يشتد تعلقها بما بعدها‪ ،‬فإن تعمد‬ ‫‪2‬‬ ‫الوقف عليها يعد ً‬ ‫قبيحا ‪-‬عند بعض العلماء‪ -‬حتى وإن كانت رؤوس آي( )‪.‬‬ ‫(‪ )1‬قال به الحليمي في املنهاج في شعب اإليمان (‪ 246/2‬وما بعدها)‪ ،‬وذكره الداني في املكتفى في الوقف واالبتدا‬ ‫(ص‪ ،)11‬والبيهقي في شعب اإليمان (‪ ،)175/4‬والزركش ي في البرهان في علوم القرآن (‪ ،)468/1‬وابن الجزري في‬ ‫التمهيد في علم التجويد (ص‪.)174‬‬ ‫وكان أبو عمرو بن العالء ‪-‬أحد القراء السبعة‪ -‬يقول‪" :‬إنه أحب َّ‬ ‫إلي"‪.‬انظر‪ :‬املكتفى في الوقف واالبتدا (ص‪.)11‬‬ ‫(‪ )2‬وسيأتي التمثيل عليه ‪-‬إن شاء هللا تعالى‪ -‬في املبحث الثاني من هذا البحث‪.‬‬ ‫‪41‬‬  ‫‪2 1‬‬ ‫القول الثاني‪ :‬الوقف على رؤوس اآلي يكون (بانتهاء األغراض واملقاصد)( )( )‪.‬‬ ‫وجه أصحاب هذا القول إلى أنه ليس في حديث أم سلمة ~ داللة على مداومة النبي‬ ‫َّ‬ ‫‪ ‬على ذلك‪ ،‬ولو كان من شأنه النبي ‪ ‬املداومة على ذلك ‪-‬ولو ً‬ ‫غالبا‪ -‬فإنه البد أن‬ ‫ينقل إلينا‪ ،‬فلما لم نجد ذلك؛ علم أنه لم يكن من شأنه ‪ ‬مراعاة الوقف على رؤوس‬ ‫اآلي ً‬ ‫دائما‪.‬‬ ‫وفي هذا يقول الزركش ي (ت‪7٩4‬هـ)‪" :‬واعلم أن أكثر القراء يبتغون في الوقف املعنى‬ ‫‪3‬‬ ‫وإن لم يكن رأس آية‪ ،‬ونازعهم فيه بعض املتأخرين"( )‪.‬‬ ‫نخلص مما سبق إلى أن الوقف على رؤوس اآليات ُسنة متبعة عن النبي ‪ ،‬ومن‬ ‫ثم إذا أراد القارئ متابعة القراءة فإنه يبتدئ بالكلمة املوقوف عليها أو بما قبلها ثم‬ ‫يصلها بما بعدها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جميعا‪ ،‬وهللا تعالى أعلم‪.‬‬ ‫ولعل هذا ٌ‬ ‫جمع بين القولين وإعمال لهما‬ ‫(‪ )1‬ذكره الداني في املكتفى في الوقف واالبتدا (ص‪ ،)11‬والبيهقي في شعب اإليمان (‪ ،)521/2‬وابن القيم في زاد‬ ‫املعاد (‪ ،)4٠1/1‬والزركش ي في البرهان في علوم القرآن (‪.)468/1‬‬ ‫(‪ )2‬هناك رسالة بعنوان‪" :‬فضل علم الوقف واالبتداء وحكم الوقف على رؤوس اآليات" د‪.‬عبدهللا املطيري‪ ،‬وهي‬ ‫رسالة نافعة‪ ،‬وموجزة‪ ،‬وجيدة في بابها‪.‬‬ ‫(‪ )3‬البرهان في علوم القرآن (‪.)35٠/1‬‬ ‫‪42‬‬  ‫املطلب الثاني‪ :‬املستثنيات من الوقف عند بعض أهل العلم‪:‬‬ ‫استثنى بعض العلماء من القول ُ‬ ‫بسنية الوقف على رؤوس اآلي بعض الفواصل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شديدا‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬ ‫التي يكون تعلقها بما بعدها تعلقا‬ ‫قول هللا تعالى‪{ :‬ﱦ ﱧﱨ} [املاعون‪.]4 :‬‬ ‫إن الوقف على كلمة {ﱧ} جائز في أصله‪ ،‬بل سنة؛ ألنه رأس آية‪.‬‬ ‫لكن بعض علماء الوقف واالبتداء وعلوم القرآن نصوا على أن القارئ لو َّ‬ ‫تعمد‬ ‫الوقف عليها‪ ،‬كان وقفه ً‬ ‫قبيحا؛ وذلك ألن الويل يكون للساهين عن صالتهم ال للمصلين!‬ ‫وعليه فاأل ْولى هو وصلها باآلية التي بعدها‪ ،‬وهي قوله تعالى‪{ :‬ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ‬ ‫‪1‬‬ ‫ﱭ} [املاعون‪ ،) (]5 :‬وهللا أعلم‪.‬‬ ‫كالما ً‬ ‫جيدا‬ ‫وقد ذكرالشيخ ابن عثيمين ¬ ‪-‬بعد أن َّبين جواز الوقف على هذه اآلية‪ً -‬‬ ‫ً‬ ‫يحسن نقله‪ ،‬حيث قال‪" :‬قد يكون في الوقف فائدة‪ ،‬فمثال‪ :‬إذا قرأت {ﱦ‬ ‫ً‬ ‫ﱧ} ثم وقفت‪ ،‬فالذي يسمع القراءة ينتبه‪ ،‬تجده متشوقا ملا يأتي بعدها‪ ،‬فإذا‬ ‫‪2‬‬ ‫قرأت {ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ} [املاعون‪ ]5 :‬برد قلبه وانشرح صدره"( )‪.‬‬ ‫ولعل شيخ اإلسالم ابن تيمية (ت‪728‬هـ) ¬ قد أشار قبل إلى هذا فقال‪" :‬وقوف القارئ‬ ‫على رؤوس اآليات سنة وإن كانت اآلية الثانية متعلقة باألولى تعلق الصفة باملوصوف أو‬ ‫‪3‬‬ ‫غير ذلك"( )‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وشبيه به قوله تعالى‪ :‬ﱡﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽﱠ [القارعة‪]6 :‬‬ ‫ً‬ ‫فعندما يقرأ القارئ هذه اآلية ويقف على ﱡﱼﱠ‪ ،‬سيكون السامع متشوقا‬ ‫ً‬ ‫ومتطلعا إلى معرفة حال من ثقلت موازينه يوم القيامة‪ ،‬فيجيء الجواب‪{ :‬ﱾ ﱿ ﲀ‬ ‫ﲁﲂ} [القارعة‪.]7 :‬‬ ‫وعليه فإن التوجيه الذي ذكره ابن تيمية وابن عثيمين † يدخل هذا االستثناء في‬ ‫القول الثاني الذي ينص على أن الوقف يكون عند انتهاء األغراض واملقاصد‪ ،‬وهللا تعالى‬ ‫أعل‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املكتفى في الوقف واالبتدا (ص‪ ،)15‬وجمال القراء (ص‪ ،)674‬والتمهيد في علم التجويد (ص‪.)175‬‬ ‫(‪ )2‬تفسير سورة املائدة (‪.)3٩1/1‬‬ ‫(‪ )3‬الفتاوى الكبرى (‪.)246/3‬‬ ‫‪43‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬مناذج تطبيقية من القرآن الكريم يف الوقف على رؤوس اآلي وفق‬ ‫األقوال الواردة فيها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أوال‪ :‬مناذج تطبيقية على القول األول بأن الوقف على رؤوس اآليات سنة متبعة‪:‬‬ ‫النموذج األول‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪.‬‬ ‫{ﲛﲜ ﲝ ﲞﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ‬ ‫النموذج الثاني‪ :‬قال هللا تعالى‪:‬‬ ‫ﲲ ﲴ ﲵ ﲶﲷ}‬ ‫ﲳ‬ ‫ﲫﲭﲮﲯﲰﲱ‬ ‫ﲬ‬ ‫ﲦ ﲧﲨ ﲩ ﲪ‬ ‫[الروم‪.]4-1 :‬‬ ‫نلحظ أن لقوله تعالى‪{ :‬ﲞ}‪ ،‬و{ﲧ} تعلق بما بعدها‪ ،‬لكن لو وقف القارئ عليها فهذا‬ ‫جائز وال حرج؛ لسنية ذلك‪.‬‬ ‫{ﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱍ} [قريش‪.]3 :‬‬ ‫النموذج الثالث‪:‬‬ ‫عند النظر في املصحف سنجد أن رأس هذه اآلية هو قوله ¸‪{ :‬ﱌ} فلو وقفنا عليها جاز الوقف؛‬ ‫ألنها رأس آية‪ ،‬إال أن هذه اآلية لها تعلق بما بعدها‪ ،‬وهو قوله تعالى‪{ :‬ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ‬ ‫ً‬ ‫متعلقا بما بعده‪.‬‬ ‫ﱒ ﱓ ﱔﱕ} [قريش‪ ،]4 :‬وعليه فإن الوقف على {ﱌ} سنة‪ ،‬حتى وإن كان‬ ‫(‪ )3٠‬انظر (ص‪ )11‬من هذا البحث‪.‬‬  ‫ً‬ ‫ثانيا‪ :‬مناذج تطبيقية على القول الثاني بأن الوقف على رؤوس اآليات راجع إىل األغراض‬ ‫واملقاصد‪:‬‬ ‫ﳄﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌ‬ ‫ﳅ‬ ‫{ﲱﳂ ﳃ‬ ‫النموذج األول‪:‬‬ ‫ﱃ ﱅ ﱆ ﱇﱡ} [البقرة‪]220-219 :‬‬ ‫ﱄ‬ ‫ﳍ ﳎ ﳏﳐ ﱁ ﱂ‬ ‫{ﱃ}‬ ‫‪31‬‬ ‫‪.‬‬ ‫{ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ‬ ‫النموذج الثاني‪:‬‬ ‫ﱽﱾ} [الشعراء‪.]93-92 :‬‬ ‫{ﱷ ﱸ ﱹ}‬ ‫‪32‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪33‬‬ ‫{ﱱ ﱲ ﱳ ﱴﱵ ﱶﱷ ﱸ ﱹﱺ}‬ ‫النموذج الثالث‪:‬‬ ‫[الصافات‪.]138-137 :‬‬ ‫{ ﱶ}‬ ‫‪34‬‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪ )31‬انظر‪ :‬جامع البيان (‪ ،)6٩7/3‬وتفسير القرآن العظيم البن كثير (‪ ،)581-58٠/1‬وتيسير الكريم الرحمن (ص‪.)٩8‬‬ ‫(‪ )32‬انظر‪ :‬مختصر التبيين لهجاء التنزيل (‪ ،)54٠/3‬ومنار الهدى (‪.)1٠٠/2‬‬ ‫(‪ )33‬انظر‪ :‬جامع البيان (‪ ،)5٩7/17‬ومعالم التنزيل (‪ ،)472/3‬وتفسير القرآن العظيم البن كثير (‪.)15٠/6‬‬ ‫(‪ )34‬انظر‪ :‬إيضاح الوقف واالبتداء (‪ ،)85٩/2‬والقطع واالئتناف (ص‪ ،)5٩2‬واملكتفى في الوقف واالبتدا (ص‪ ،)8‬والبرهان في علوم‬ ‫القرآن (‪.)351/1‬‬ ‫‪1‬‬  ‫اخلامتة‬ ‫كل رأس آية فاصلة‪،‬‬ ‫وليس كل فاصلة رأس آية‬ ‫وعليه فالوقف على رؤوس اآليات سنة متبعة عن النبي ‪ ،‬ومن ثم إذا أراد القارئ متابعة القراءة‬ ‫فإنه يبتدئ بالكلمة املوقوف عليها أو بما قبلها ثم يصلها بما بعدها‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫استثنى بعض العلماء † من القول بسنية الوقف على رؤوس اآلي بعض الفواصل التي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يكون تعلقها بما بعدها تعلقا شديدا‪ ،‬وذلك كقوله تعالى‪{ :‬ﱦ ﱧﱨﱩ ﱪ ﱫ‬ ‫ﱬ ﱭ ﱮ} [املاعون‪.]5-4 :‬‬ ‫‪3‬‬  35 36 35 36 4  37 38 37 38 https://al-maktaba.org/book/31871/24640 5 39 40 39 40 6  ٓ ٓ ٓ ٓ ٓ ٓٓ ٓ ٓ ٓ ٓ ٓ ٓ ٓ 7  ‫‪41‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ۥ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫‪42‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ۦ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫‪43‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪8‬‬  ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ۥ‬ ‫ۥ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫‪44‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪9‬‬  46 47 48 46 47 48 10  49 49 11  ‫ٓٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫‪50‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ۦ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ ۦ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ ٓ ٓٓ ۥ ٓ‬ ‫‪51‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪12‬‬  52 53 52 53 13  ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫‪54‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ ۦ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫‪55‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫‪54‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪14‬‬  56 57 56 57 15  58 59 60 ٓ 58 59 60 16  61 ٓ ٓ ٓ ٓ 62 61 62 17  63 63 18  ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ۥ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫‪64‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪19‬‬  ‫‪66‬‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ۦ‬ ‫ٓ ٓ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓٓ‬ ‫‪67‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪20‬‬ 21