علم النفس الرياضي PDF
Document Details
Uploaded by WellRunFlugelhorn
جامعة بابل
2015
عامر سعيد الخيكاني, علي حسين هاشم الزاملي, عبد هللا ّ هزاع الشافعي
Tags
Summary
This book, "علم النفس الرياضي", is for fourth-year students in physical education and sports science faculties. It covers various aspects of sports psychology, including personality, motivation, attitudes, reinforcement, and mental preparation for peak athletic performance. It explores concepts and theories relevant to sports psychology, featuring contributions from different universities in Iraq.
Full Transcript
علم النفس الرياضي للمرحلة الرابعة في كليات التربية البدنية وعلوم الرياضة أ.د.عامر سعيد الخيكاني كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة /جامعة بابل أ.م.د.علي حسين هاشم الزاملي أ.د.عبد هللا ّ...
علم النفس الرياضي للمرحلة الرابعة في كليات التربية البدنية وعلوم الرياضة أ.د.عامر سعيد الخيكاني كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة /جامعة بابل أ.م.د.علي حسين هاشم الزاملي أ.د.عبد هللا ّ هزاع الشافعي كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة جامعة القادسية جامعة بغداد 2015 اإلهداء سالم عليك على رافديك عراق القيم ... فأنت مزار وحب ودار لكل األمم .. إليك وطني ((العراق)) شيخ األساتذة الذي زرع في نفوسنا الشغف بهذا العلم إلى (األستاذ الدكتور نزار مجيد الطالب) الذين يواصلون بكل إبداع المسيرة العلمية إلى (طلبتنا األعزاء) نهدي ثمرة جهدنا التقويم العلمي و التقويم اللغوي 2 -األستاذ الدكتور نزار مجيد الطالب كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة /جامعة بغداد مقوم علمي -األستاذ الدكتور عبد الوهاب حسن كلية الدراسات القرآنية /جامعة بابل مقوم لغوي محتويات الكتاب رقم الموضوع الصفحة 3 10 تقديم األستاذ الدكتور نزار مجيد الطالب ............................. 11 مقدمة ............................................................. 14 الفصل األول :نظرة عامة في علم النفس الرياضي .................. مفهوم وطبيعة علم النفس .......................................... 14 أهداف علم النفس................................................... 17 فروع وميادين علم النفس .......................................... 17 نشوء علم نفس الرياضة ........................................... طبيعة علم نفس الرياضة و مجاالته وميادينه...................... 19 مهام ووظائف علم نفس الرياضة وأهمية دراسته ................... 23 الفصل الثاني :الشخصية ......................................... 27 مفهوم الشخصية .................................................. تعريفات الشخصية ................................................ 35 العوامل المؤثرة في الشخصية....................................... 35 نظريات الشخصية................................................. 38 العالقة بين الشخصية والنشاط الرياضي............................ 40 الفصل الثالث :الدافعية .......................................... مفهوم الدافعية .................................................... 42 مفهوم الدوافع و التحفيز والحاجات ................................. الدافعية في الرياضة................................................ 46 أنواع الدافعية....................................................... 50 الدوافع الداخلية مقابل الدوافع الخارجية .............................. الدوافع الفردية مقابل الدوافع االجتماعية.............................. 51 51 أغرض التحفيز..................................................... تفسير الدوافع ...................................................... 53 4 55 تشكيل ا لدوافع وتطويرها........................................... الفصل الرابع :اإلتجاه النفسي .................................... 55 مفهوم اإلتجاه النفسي.............................................ــ 57 مكونات اإلتجاه النفسي............................................. أنواع اإلتجاه ات النفسية............................................ 61 نمو اإلتجاه ات النفسية............................................. تفسير اإلتجاه ات النفسية........................................... 62 تغيير اإلتجاه ات النفسية........................................... الفصل الخامس :التعزيز ......................................... 64 مفهوم التعزيز...................................................... شروط التعزيز .................................................... 68 إطفاء السلوك.................................................... 68 التعزيز في النشاط الرياضي....................................... الفصل السادس :الصفات اإلرادية المطلوبة في الرياضة........... 69 الشجاعة والجرأة ................................................. اإلرادة والثقة بالنفس............................................... 70 الفصل السابع :الموهبة الرياضية ................................ 73 مفهوم الموهبة الرياضية .......................................... 75 طرائق الكشف عن الموهوبين ..................................... 76 الفصل الثامن :االستعداد والميل الطبيعي والقابلية في التربية الرياضية الفصل التاسع :العمليات الذهنية في النشاط الرياضي .............. 79 مفهوم العمليات الذهنية في النشاط الرياضي ....................... اإلحساس واإلدراك والتفكير وأهميتها في الرياضة.................. 79 التفكير االبداعي.................................................. 80 التذكر............................................................ 81 أنواع الذاكرة ...................................................... منحنى التذكر .................................................... 81 العوامل المؤثرة في عملية التذكر................................... العوامل المساعدة على الحفظ الجيد ............................... 84 نظريات النسيان................................................... 84 الذكاء............................................................. 5 أنواع الذكاء....................................................... 87 إختبارات الذكاء................................................... 90 العالقة بين الذكاء والتفوق في الفعاليات الرياضية.................. اإلنتباه........................................................... 90 تعريفات اإلنتباه ................................................. مكونات اإلنتباه .................................................. 92 أنواع اإلنتباه ..................................................... العوامل المؤثرة على اإلنتباه...................................... 95 اإلنتباه في الرياضة.............................................. مظاهر اإلنتباه ................................................... 100 مظهر حدة اإلنتباه ............................................... 100 مظهر تركيز اإلنتباه............................................. مظهر ثبات اإلنتباه .............................................. 101 مظهر توزيع اإلنتباه .............................................. 105 مظهر تحويل اإلنتباه ............................................. 112 مشتتات اإلنتباه ................................................. الفصل العاشر :الجماعات الرياضية ............................ 115 مفهوم وأنواع الجماعة............................................. الجماعة الرياضية................................................. 117 بناء الجماعة الرياضية ........................................... 118 تماسك الجماعة الرياضية......................................... العالقات االجتماعية بين أفراد الفريق الرياضي..................... 119 الفصل الحادي عشر :اإلنفعاالت النفسية ......................... 120 مفهوم اإلنفعاالت ا لنفسية.......................................... 123 اإلنفعاالت في الرياضة ........................................... القلق.............................................................. 125 قلق المنافسة الرياضية ............................................ سمة قل ق المنافسة الرياضية........................................ 126 حالة قلق المنافسة الرياضية........................................ أبعاد القلق في التنافس الرياضي.................................... 128 تحديد مستوى القلق المناسب للرياضي.............................. 129 الخوف............................................................ 130 العالقة بين الخوف والقلق.......................................... الفرق بين الخوف والقلق .......................................... 6 131 التوتر واإلستثارة في الرياضة...................................... 132 مظاهر التوتر واألسباب المؤدية إليه............................... أساليب مواجهة التوتر النفسي في الرياضة......................... 133 إستراتيجيات التهدئة النفسية(..االسترخاء)........................... 135 إستراتيجيات التهدئة النفسية........................................ الضغوط النفسية عند الرياضيين...................................... 137 االحتراق النفسي للرياضيين .......................................... 138 الصدمة النفسية.................................................... أنواع الصدمة النفسية.............................................. 139 آثار(ظواهر) الصدمة النفسية....................................... إسعاف المتأثرين بالصدمة النفسية.................................. 139 إعتبارات التدخل لمواجهة األحداث الصادمة......................... 140 معالجة الصدمة الرياضية........................................... 141 السلوك العدواني في الرياضة........................................ مفهوم العدوان...................................................... 141 تفسير السلوك العدواني في الرياضة................................. 145 أنواع العدوان في الرياضة........................................... أسباب العدوان في الرياضة......................................... 145 مواجهة اإلنفعاالت في الرياضة..................................... الفصل الثاني عشر :اإلعداد النفسي لتحسين المستويات الرياضية العليا.. 149 مفهوم اإلعداد النفسي لتحسين المستويات الرياضة العليا.............. 151 واجبات األخصائي النفسي أو المدرب............................... 153 أهداف اإلعداد النفسي للرياضيين.................................... 154 العوامل المؤثرة في تحقيق أهداف اإلعداد النفسي الرياضي........... خطوات اإلعداد النفسي للرياضيين................................... 161 أساليب أو عوامل اإلعداد النفسي................................... خبرات النجاح و الفشل في الرياضة................................. 161 أهمية خبرات النجاح و الفشل...................................... 166 العوامل المسببة لخبرات النجاح و الفشل ........................... أثر خبرات النجاح و الفشل في الشخصية الرياضة.................. 168 172 173 7 174 175 177 177 181 182 184 188 192 196 204 210 218 225 225 227 228 229 230 231 231 233 238 8 239 244 249 249 250 251 251 252 253 256 258 259 261 تقديم األستاذ الدكتور نزار مجيد الطالب ال من المعارف المتعلقة بالتربية البدنية وعلوم الرياضة تؤشر نرى اليوم ك ّما ً هائ ً ت حديثة هدفها االرتقاء بواقع المستوى الرياضي .ومن المعلوم أن الرياضي توجها ٍ العراقي مثل غيره من رياضيي العالم يتم إعداده بدنيا ً ومهاريا ً لتحسين أدائه فمن 9 المنطق أن يكون اليوم بذلك أقوى وأسرع وأكثر مرونة ورشاقة وتحمالً من الرياضيين في الحقبات الزمنية الماضية إذا أخذنا بنظر االعتبار كذلك برامج التغذية وآليات التدريب المقننة وتوافر المالعب والتجهيزات الحديثة والخدمات االدارية الجيدة فضالً عن المدرب الجيد كلها تؤدي إلى االرتقاء بالمستوى الرياضي . نرى الرياضيين هذا اليوم متقاربين بمستوياتهم البدنية والمهارية والخططية األمر الذي يرجح العامل النفسي ليقول كلمته في الفوز لالعب أو الفريق المعني .ال يقر بأهمية االعداد النفسي قبل وأثناء وبعد المنافسة . يوجد مدرب اآلن ال ّ تجربة المدرب الميدانية قد تعطيه معلومات عامة عن شخصية الرياضي ،تحفيز الرياضي ،تماسك الفريق الرياضي ،السلوك العدواني في المنافسة وشغب المالعب .....إلخ . لقد تم إعداد هذا الكتاب للمدربين وللعاملين في تدريس التربية البدنية وعلوم الرياضة لتف ّهم الظواهر النفسية واالجتماعية بشك ٍل أعمق واالعتماد على معلومات تساعدهم في التعامل السليم مع الالعب ومع الفريق الرياضي . وتجدر اإلشارة هنا إلى أن مؤلفي هذا الكتاب هم من مختصين األكفاء في مجال علم نفس الرياضة وفي التدريس والتدريب ومن العاملين الميدانيين في مجالي التدريس والتدريب ،وقد كانوا موفقين في إعداد هذه المادة التي يحتاجها خريجو كليات التربية البدنية وعلوم الرياضة والمدربين في تدريسهم وتدريبهم ، ومن هللا التوفيق أ.د.نزار مجيد الطالب مقدمة إستكماالً لما بدأه أساتذتنا (األستاذ الدكتور نزار مجيد الطالب) و (األستاذ الدكتور كامل طه إلويس) في كتابة موضوعات علم النفس الرياضي لطلبة كليات التربية الرياضية في العراق كان لنا ا لشرف في وضع هذه الموضوعات العلمية ضمن هذا الكتاب باشرافهم . وخدمة لجيل من طلبة التربية الرياضية تجاوز العقد الثاني للقرن الواحد والعشرين كان كتابنا هذا الذي نحاول فيه مسايرة التطورات الحاصلة في مجال علم نفس الرياضة ،ولنطرح موضوعات عن مفهوم وطبيعة علم النفس وعلم النفس الرياضي وأهداف دراستهما وطبيعة الشخصية وعالقتها بممارسة الرياضة ، والدافعية وأنواعها وكيفية تشكيلها عند األفراد ،واالتجاه النفسي وكل مايتعلق به من إيضاح لمكوناته والعوامل التي تساهم في تكوينه وتفسيره وتعديله ،والعملية التي تلي عملية التعلم وتكسبها األهمية الالزمة مثل التعزيز وغيرها . ونستكمل بموضوعات أخرى عن الصفات االرادية المطلوبة في ميدان الرياضة ، والقابلية والموهبة والموهوب وطرائق الكشف عن الموهوبين ،وموضوعات عن 10 االستعداد والميل الطبيعي ،والعمليات الذهنية في النشاط الرياضي مثل اإلحساس واإلدراك والتفكير والتذكر وأنواع الذاكرة والذكاء وعالقة كل منها بالنشاط الرياضي والتفوق فيه ،فضالً عن اإلنتباه وأنواعه ومظاهره والتفكير .ثم ننتقل إلى موضوعات أخرى نجدها مهمة في مجال الرياضة مثل الجماعة الرياضية والعالقات االجتماعية بين أفراد الفريق الرياضي وكذلك اإلنفعاالت وموضوعاتها المختلفة والقلق والخوف واإلستثارة والتوتر وإستراتيجياتها سواء في خفض التوتر وتهدئته أو في تهيئته . كما كانت من أوليات هذا الكتاب تناول موضوعات تخص اإلنفعاالت مثل الضغوط النفسية واالحتراق النفسي والصدمة والسلوك العدواني والتعرف على أسباب اإلنفعاالت وكيفية معالجتها . ومن بين الموضوعات التي البّد أن ي ّطلع عليها طلبة كلية التربية الرياضية االعداد النفسي للمستويات العليا بأنواعه المختلفة وخطواته وواجبات األخصائي النفسي في الفريق الرياضي ومدى الحاجة إليه فضالً عن موضوع حيوي يتعلق بخبرات النجاح والفشل وآثارها الكبيرة على األفراد سواء من ممارسي الرياضة بكل المستويات . وإذ أكملنا صياغة هذه الموضوعات المبسطة عن علم نفس الرياضة الخاصة بمنهج طلبة كليات التربية الرياضية نتمنى من العلي القدير أن نوفق في توصيل ما يشكل قاعدة معرفية لالنطالق نحو فضاءات علم النفس وآفاقه والتوسع في مواكبة كل ما هو جديد يثبته العلماء والمختصون بهذا العلم اإلنساني الذي يعد أساسا ً لكل العلوم . وهللا ولي التوفيق المؤلفون 2015/1/31 11 الفصل االول الفصل األول :نظرة عامة في علم النفس الرياضي مفهوم وطبيعة علم النفس لعل الحديث عن ماهية علم النفس بات من األمور التي يطرقها ويستهل بها أغلب المؤلفين والباحثين كتبهم وأبحاثهم ،لذا سنتناوله في غرة كتابنا هذا وبشكل مبسط في محاولة للكشف عن طبيعة علم النفس المعاصر وعن جذوره التأريخية .إذ عادةً ما يعرف علم النفس اليوم بأنه العلم الذي يدرس السلوك وعملياته العقلية ، وكلمة علم النفس ( )Psychologyمشتقة من كلمة يونانية تعني دراسة العقل أو الروح . 12 تشتمل موضوعات علم النفس على (النمو ،األسس الفسيولوجية للسلوك ، التعلم اإلدراك ،الوعي ،الذاكرة ،التفكير ،اللغة ،الواقعية ،االنفعال ،الذكاء ، الشخصية ،التوافق ،السلوك الشاذ وعالجاته ،المؤثرات االجتماعية ،السلوك االجتماعي ...إلخ) وغالبا ً ما يبحث علماء النفس في مجاالت الصناعة والتربية والهندسة والتجارة والزراعة وفي الحروب والجرائم وغيرها ،فضالً عن مجال الرياضة والحركة. نحن جميعا ً نستخدم ما يسمى بـ(سيكولوجية الفهم العام) على أساس محاوالتنا الجا دة لفهم وشرح سلوكنا وسلوك اآلخرين ،كما نحاول أن نتنبأ بمن سوف يصدر سلوكا ً ما ومتى يصدره وغالبا ً ما نستنتج بعض اآلراء حول كيفية ضبط وتوجيه الحياة بالشكل المالئم لنا مثل (أفضل الطرائق لتنشئة األطفال وإكتساب األصدقاء والتأثير على اآلخرين وضبط حاالت الغضب واالنتصار في مواقف التحدي والمنافسة وغير ذلك) .إالّ إن العلم يفوق ذلك بتزويدنا أسسا ً منطقية للتقويم وأساليبا ً مقبولة للتحقق من صحة هذه األسس ،لذا فعلماء النفس يعتمدون دائما ً على (الطريقة العلمية) لجمع المعلومات عن السلوك والعمليات العقلية .وهم يتبعون أهدافا ً علمية مثل الوصف والتفسير الدقيقين وتراكم المعرفة الكاملة وتنظيمها ،وكذلك يستخدمون اإلجراءات العلمية المتضمنة المالحظة المنظمة والتجريب لجمع البيانات المشاهدة بطريقة مباشرة وهكذا يحاولون االلتزام بالمبادئ العلمية . خالصة القول نجد إن علم النفس هو الذي يدرس الحياة اإلنسانية من مشاعر ورغبات وميول ودوافع وأعمال ويعتمد على مبدأ البحث العلمي في دراسة الحاالت النفسية وكيفية حدوثها وأسبابها ويستبعد علم النفس األمور غير الواقعية أو غير المنطقية كتحضير األرواح وقراءة الكف لذا فإن من أهم الصفات األساسية لعلم النفس الحديث اآلتي -: اعتماد البحث العلمي في الدراسات النفسية كالعلوم األخرى مثل (الرياضيات والفيزياء). اعتماد اإلدراك والتفكير واللغة أساسا ً لمعرفة المشكالت النفسية وعدم اعتماد البحوث غير المنطقية أو غير الواقعية كتحضير األرواح وقراءة النجوم والكف واألبراج وأمثالها. لدى العديد من الناس فهم غير دقيق عن علم النفس ألنهم يعتقدون أنه يمكن التكهن بالمستقبل ومعرفة حاالت الناس النفسية من خالل النظر إلى العيون أو 13 مسك الرأس أو قراءة التوقيع لهم ،والواقع إن علم النفس الحديث ال يعترف بمثل هذه الحاالت لعدم اعتمادها على العلمية الواقعية. علم النفس الحديث يدرس النشاطات السلوكية للكائنات الحية في مراحلها كافة كالنمو والتطور . علم النفس الحديث يعتمد على عنصرين أساسيين هما العقل ونواحي الحياة اليومية (البيئة) وتحليل ذلك وإخضاعها للبحوث العلمية . ولتسليط الضوء على بدايات علم النفس وجذوره التأريخية يذكر الباحثون أن علم النفس يعد من أقدم العلوم التي إهتم بها اإلنسان منذ بدأ يفكر في طبيعة العقل والروح .فالكتابات القديمة ألفالطون وأرسطو كانت تشير إلى أهمية العالقة بين الجسم والعقل ،وقد أكدت هذه األهمية الكتابات الكثيرة التي تطرق إليها فالسفة اليونان وركزوا على تربية الفرد الجسمية والفكرية والروحية .وإن هذه العالقة بين الجسم والعقل كانت األساس لكثير من دراسات علم النفس وما تزال موضع االهتمام إلى يومنا هذا . جذور علم النفس هي جذور فلسفية باألصل ،فبعد أن إنتقلت الفلسفة اليونانية إلى بقاع العالم في العصور الوسطى إنقسم الفالسفة على قسمين األول إختص بدراسة الظواهر الروحانية وهم رجال الدين ،بينما إختص القسم الثاني بدراسة الظواهر العقلية وهم الفالسفة وعلماء النفس وهؤالء الفالسفة هم الذين أشروا اإلتجاه الحديث النفصال علم النفس عن الروحانيات حيث بدأ التأكيد على العقل بدل الروح (وهو مؤشر الزم علم النفس المعاصر) . أما علم النفس الحديث (الذي إنفصل عن الفلسفة) فيعد من العلوم الحديثة نسبيا ً وترجع بداياته الحقيقية إلى نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر الميالدي حيث ظهر علماء وظهرت مدارس رسمت الخطوط األولى لعلم النفس الحديث ومنهم دارون (1882 – 1809م) الذي طرح نظرية التطور وكان لها األثر الكبير على كثير من األمور التي تتعلق بتأثير الوراثة والبيئة على اإلنسان . ٍ إعادة النظر في وفونت (1920 – 1832م) الذي يرجع له الفضل في بدايات اإلتجاه التجريبي لعلم النفس ،وفرويد (1939 – 1856م) الذي طرح وجود الحياة النفسية الالشعورية إلى جانب الحياة النفسية الشعورية ومن أعمال هؤالء الرواد نشأت مدارس عديدة لعلم النفس . 14 أهداف علم النفس علم النفس هو علم دراسة سلوك اإلنسان والتعرف عليه والتنبؤ بما سيكون عليه في الظروف المختلفة ويتعدى ذلك إلى توجيه هذا السلوك لخدمة الحياة وديمومتها بمجاالتها المتعددة باختصار يمكننا أن نلخص أهداف علم النفس بشك ٍل عام إلى تحقيق جملة من األهداف األساسية التي تعد ركائز هذا العلم وهي : دراسة ومعرفة سلوك األفراد وتفسيره لمعرفة أسباب حدوثه والعوامل التي تؤثر فيه التنبؤ بما سيكون عليه سلوك األفراد وذلك إستنادا ً إلى معرفة العالقات الموجودة بين الظواهر اإلنسانية العديدة ضمن مجاالت الحياة المختلفة . ضبط سلوك األفراد ومحاولة التحكم فيه بتعديله وتوجيهه وتحسينه إلى ما هو مرغوب فيه لضبط وتوجيه الحياة ومعرفة أفضل الطرائق لتنشئة األفراد في المجتمع . فروع وميادين علم النفس تنوعت إختصاصات علم النفس العام ليبدأ التخصص حسب الميادين والمجاالت الحياتية المختلفة التي يتعامل معها اإلنسان ومن هذه الميادين اآلتي -: علم النفس الرياضي -:ويدرس الحاالت النفسية لدى الرياضيين ورغباتهم ودوافعهم وميولهم وإنفعاالتهم وقابلية تعلمهم الحركي وكذلك مؤهالتهم اإلرادية وغيرها لإلنجازات الرياضية العالية وهو ما سنخصص لدراسته األبواب القادمة من هذا الكتاب . علم النفس الصناعي -:ويدرس النشاطات الصناعية في المعامل والمصانع وسلوك العمال الفردية والجماعية ودوافعهم وميولهم والظروف المعيشية لهم 15 وتأثيراتها في سلوكهم فضالً عن تأثير الظروف والتأثيرات الخارجية عليهم وعلى اإلنتاج الصناعي . علم النفس التجاري -:ويدرس النشاطات االجتماعية والتجارية واألفراد الذين يتعاملون بها ،ويهتم بسلوك الجماعة من حيث حاالت البيع والشراء أو تصرفات الزبائن وتأثير اإلعالنات والدعاية التجارية عليهم . علم النفس التربوي -:ويهتم هذا العلم بدراسة المشكالت التربوية التي تواجه الطلبة (الدارسين) في مختلف المراحل الدراسية ،فضالً عن المدرسين . علم النفس الحربي -:ويهتم بدراسة الحاالت التي يتعرض لها العسكريون والمحاربون وتأثير الدعاية المضادة على سلوكهم وإندفاعاتهم في المقاتلة وما إلى ذلك من الحرب النفسية وكيفية مواجهتها . علم النفس القضائي -:ويهتم هذا العلم بسلوك المتهمين والمحكومين والقضاة ومحام ٍ ومدع ٍ بوالحكام والمحامين وكل ما يتعلق بالجريمة من مرتك ٍ نشوء علم نفس الرياضة ذكر الباحثون إن لعلم النفس الرياضي جذوراً تعود إلى عصور الحضارات القديمة لكونه فرعا ً من فروع علم النفس العام .وفي حضارتي وادي الرافدين ووادي النيل مؤشرات كثيرة بإتجاه إهتمام هاتين الحضارتين بالنشاط البدني فضالً عن إهتمام الحضارة العربية اإلسالمية بالرياضة أيضا ً معلنة إن اإلنسان ليس جسما ً منفصالً عن الروح أو عن النفس والعقل وإنما هو وحدة متكاملة معقدة التركيب ،والرياضة بذلك ال تقتصر على تأثير العضالت والعظام واألجهزة األخرى وإنما تشتمل على التأثير في النواحي الروحية والنفسية والعقلية لإلنسان. رغم كل ما سبق إال إن تأريخ علم النفس الرياضي الحديث يعود إلى بداية القرن التاسع عشر الميالدي حيث تشير المراجع التأريخية إلى وجود كتب ألمانية تهتم بنفسية العبي كرة القدم ترجع إلى عام (1801م) تلتها تجربة (تربلت )Triplettعام (1898م) على العبي الدراجات والتي أجريت لدراسة األداء الفردي والجماعي وتأثير حضور المشاهدين على األداء .ثم ظهر كتاب (جيسيراند )Giseerandالذي تطرق فيه إلى بعض األمور النفسية المختلفة التي تخص لعبة كرة القدم .وهناك كتاب آخر 16 حول الموضوع نفسه كتبه (باتريك )Patrickعام (1903م) ،ليظهر كتاب (كوبرتن )Cobirtonفي باريس عام (1913م) الذي كان يحمل عنوان (كتابات في علم النفس الرياضي) . وقد كانت هذه الكتب بصورة عامة كتابات فلسفية أكثر منها كمعالجة علمية للموضوعات النفسية التي تطرقت إليها .وبعد الحرب العالمية األولى بدأت عدة معاهد في أوربا بتنظيم برامج لتدريب مدرسي التربية الرياضية في مجاالت علم النفس الرياضي والنشاط البدني ،وقد تم فضالً عن ذلك كتابة كتب عديدة في (سيكولوجية النشاط البدني) من قبل علماء النفس (شيلت )Sheeltو (سبيل )Seaplو (جيسي )Giseeشملت مدى واسعا ً من الطرائق الفلسفية والعلمية والعملية لمعالجة الموضوعات النفسية المختلفة للنشاط الرياضي . وفي عام (1923م) كانت أول محاولة رسمية لتدريس مقرر علم النفس والرياضة التي قام بها (جرفت )Griffithلطالب جامعة إلينوي ،ثم أنشأ أول معمل للبحوث الرياضية في الجامعة ذاتها عام (1925م) وليعد أول كتاب في (سيكولوجية التدريب) عام (1926م) وكتابا ً آخر يعد األول من نوعه أيضا ً في (سيكولوجية الرياضة) عام ( 1928م) . ثم جاء عام (1942م) ليؤشر بداية ظهور األعمال العلمية الجادة في علم النفس الرياضي على يد علماء مثل (شوله )Schalleو (روديك )Rudikو (بوني )Puni .وفي عام (1951م) نشر (جون لوثر )J. Lawtherكتابا ً بعنوان (سيكولوجية التدريب) ،وفي الفترة بين (1960 – 1930م) كتبت العديد من الدراسات (األطروحات) للحصول على شهادة الدكتوراه في التربية البدنية وكان التركيز فيها على بعض العوامل النفسية التي تتعلق بالشخصية والسلوك اإلدراكي -الحركي لكنها لم تشتمل على جهود منسقة لفهم سلوك الرياضي المتفوق في رياضة المستويات العليا ،بل إشملت على دراسات عديدة في التعلم الحركي والسلوك الحركي وليكون عام ( 1960م) بداية االهتمام بالسلوك الحركي ومن هذه الدراسات (دراسة فرانكلين )Franklinبجامعة كاليفورنيا و (دراسة جون لوثر )J. Lawtherبجامعة بنسلفانيا و (آرثر سالتر )Arther Slaterو (هاميل )Hammelبجامعة أنديانا . وفي هذه المرحلة ظهرت عدة بحوث تعنى بعلم نفس النشاط الحركي في نشر بحوث ربع سنوية التي تصدرها رابطة الصحة والتربية البدنية والترويح األمريكية . 17 ظهرت كذلك في الستينات عدة كتب في مجال علم نفس التعلم الحركي منها كتاب (كاراتي ( )Caratyالسلوك الحركي والتعلم الحركي) عام (1964م) وكتابه اآلخر (علم النفس والنشاط البدني) عام (1967م) وفي عام (1965م) تم تشكيل الجمعية الدولية لعلم النفس الرياضي ( )ISSPوإقامة أول مؤتمراتها العلمية في روما لتنتظم هذه المؤتمرات بشكل دوري كل أربع سنوات متزامنة مع الدورات االولمبية . في عام (1966م) ظهرت محاوالت فردية لالهتمام برياضة المستويات العليا في أمريكا على يد (توماس تتكو T. Tutkoو أوجليفي )Ogliviليتم إنتاج أولى المؤلفات في هذا المجال وتعلن إنطالق البحث والتجريب في علم النفس الرياضي ، وبداية بناء المقاييس المتخصصة في الرياضة. وفي عام (1968م) تم تأسيس جمعية شمال أمريكا لعلم النفس الرياضي والنشاط . NASPAPAوفي العام التالي تم تأسيس الجمعية الكندية للتعلم النفس _ حركي وعلم النفس الرياضي . CSPLSPليأتي عام (1981م) ويشير (هنري )Henryفيه إلى وجود بعض المحاوالت من علماء التربية البدنية والرياضة للنظر إلى علم النفس الرياضي كأحد العلوم الفرعية داخل مجال الرياضة والتدريب الرياضي ،حيث إن النظام األكاديمي للتربية البدنية يشتمل في دراسته على جوانب معينة مثل ( :علم النفس – علم وظائف األعضاء – التشريح -االجتماع) وليس فقط تطبيقا ً لهذه العلوم على مواقف النشاط البدني .وقد إنتقل هذا األثر إلى أغلب الجامعات العالمية ومنها الجامعات العراقية حيث أصبحت مادة (علم النفس الرياضي) إحدى المواد األساسية لتخصص التربية الرياضية سواء في الكليات الرئيسة المتخصصة أم في أقسام التربية الرياضية في كليات التربية . وقد شهد عام (1985م) تأسيس جمعية االرتقاء بعلم النفس الرياضي التطبيقي (. )AAASPوعربيا ً تعد جمهورية مصر العربية في مقدمة البلدان التي إهتمت بمادة (علم النفس الرياضي) حيث تم تدريسها عام (1951م) في معهد الهرم على يد (محمد محمد حامد األفندي) الذي درس في إنجلترا وكتب في موضوع (األسس النفسية في برامج التربية الرياضية) ،وتوالت بعد ذلك دورات الخريجين المصريين التي درست في هذا الموضوع في ألمانيا الشرقية وروسيا ليقوموا بتدريسها في معاهدهم المصرية ،كما توالت الكتب والمؤلفات في هذا المجال مثل كتب (سعد جالل ،محمد حسن عالوي ،محمد محمد حامد األفندي وغيرهم كثير) وصوالً إلى (أسامة كامل راتب ، ّ 18 محمد العربي شمعون وغيرهم) وقد تأسست الجمعية المصرية لعلم النفس الرياضي عام (1974م) وتم اإلعتراف بها ضمن الجمعية الدولية لعلم النفس الرياضي . وفي العراق دخلت مادة (علم النفس الرياضي) ألول مرة في مناهج كلية التربية الرياضية في جامعة بغداد عام (1970م) لتدخل بعدها كمادة أساسية لمناهج كليات التربية الرياضية في القطر للدراسات األولية والدراسات العليا ،وكذلك توالت المؤلفات والكتب في هذا المجال ومن أبرزها كتب ( نزار مجيد الطالب وكامل طه إلويس ) ،كما كتب العديد من طلبة الدراسات العليا مواضيع بحوثهم في مجال علم النفس الرياضي مضيفين بذلك رصيداً غنيا ً من المعلومات في هذا المجال الحيوي . طبيعة علم نفس الرياضة ومجاالته وميادينه يعد علم النفس الرياضي ( )Sport Psychologyكما أشرنا من أحدث فروع علم النفس وكثيرا ً ما ينظر إليه على أنه ما زال في مرحلة النمو إذ تعود البدايات العلمية المنظمة إلى (نورمان تريبلت )Norman Triplett 1898في إجرائه ألول بحث علمي في علم النفس إال أننا نجد السنوات األخيرة أثبتت مرحلة البلوغ واالزدهار لعلم النفس الرياضي في كل أنحاء العالم ،إذ كانت محاولة فهم سلوك وخبرة األفراد تحت تأثير النشاط الحركي وقياس هذا السلوك وهذه الخبرة (قدر اإلمكان) على أساس المعلومات المكتسبة في الجوانب التطبيقية والعملية . فعلم النفس الرياضي يبحث في الموضوعات النفسية المرتبطة بالنشاط الرياضي على مختلف مجاالته ومستوياته ،كما ويبحث في الخصائص النفسية للشخصية التي تشكل األساس للنش اط الرياضي بهدف تطوير هذا النشاط البشري وإيجاد الحلول العلمية لمختلف مشكالته التطبيقية. وعلم النفس الرياضي بوصفة علما ً إجرائيا ً فإنه يبحث في تنظيم النشاط النفسي وحاالت وصفات اإلنسان التي تعد كمؤهالت نفسية لمعالجة الرياضي مع البيئة وتكمن أهمية علم ال نفس الرياضي في إظهار األحداث النفسية الناجمة عن مزاولة اإلنسان للنشاط الرياضي وتفاعله مع بيئته مثل إدراكه وتفكيره وأحاسيسه ومواقفه وحماسه وصفاته الشخصية التي تتأثر بالنشاط . 19 إختط علم النفس الرياضي لنفسه أسلوب رد الوقائع المتشابهة والمتماثلة إلى وحدة المبدأ أو القانون .ولتوضيح مفهوم وطبيعة هذا العلم نجد تعدد المنظورات بما يفرض إتجاهات متعددة في تعريفه .لكن االتفاق يبقى في كون علم النفس الرياضي أحد فروع علم النفس العام ويصنفه آخرون بأنه أحد فروع الرياضة وعلم التدريب الرياضي ،وفئة ثالثة تفرق بين علم النفس الرياضي الذي يهتم بالالعبين وخصائصهم اإلنسانية وبين علم نفس النشاط البدني الذي يضمن المجاالت المرتبطة بالحركة كافة . وعلى العموم يشير الباحثون إلى أن مصطلح علم النفس الرياضي ظل لمدة طويلة موضع إتفاق العديد من الباحثين والمؤلفين كونه المجال العلمي والتطبيقي الذي يربط ما بين علم النفس والرياضة ،مع إعطاء أهمية لوجهة النظر التي تستخدم مصطلح (علم النفس الرياضي والتمرين البدني )Sport Exercise Psychologyبدالً من المصطلح الشائع وهو (علم النفس الرياضي) ،إالّ إن هناك وجهة نظر أخرى لمجموعة من الباحثين والمؤلفين ال تحبذ إستخدام هذا المصطلح ألن ذلك يفسر الرياضة بالمعنى الضيق (على إنها رياضة المستويات العليا فقط) وأشاروا إلى إن مصطلح الرياضة مصطلح متسع يشمل رياضات المستويات العليا ورياضات المبتدئين واألطفال والرياضة المدرسية والترويحية وغيرها .وقد يرد أحيانا ً مصطلح (علم نفس الرياضة) بدالً من (علم النفس الرياضي) فالمعنى هنا واحد ولكن المصطلح األول لتفريق علم النفس المختص بالرياضة عن مجال الرياضيات (وهو على العموم وجهة نظر) . إن علم النفس الرياضي هو العلم الذي يبحث في الموضوعات النفسية المرتبطة بالريا ضة ونشاطاتها المختلفة ،وهو العلم الذي يسعى لمعرفة سلوك وخبرة الفرد تحت تأثير نشاط الرياضة وأهمية علم النفس الرياضي تكمن في توضيح الحقائق العلمية ،وللعالقة بين الفرد والجماعة ،وبين الفرد واإلنجاز الرياضي في كافة المراحل ومختلف المستويات الرياضية .كذلك فعلم النفس الرياضي هو الدراسة العلمية للسلوك والخبرة والعمليات العقلية المرتبطة بالرياضة على مختلف مجاالتها ومستوياتها وممارساتها من أجل وصفها وتفسيرها والتنبؤ بها واالستفادة من المعارف والمعلومات المكتسبة في التطبيق العملي ،فهو ال يقتصر فقط على الجوانب النظرية في موضوعاته المتعددة بل يتعدى ذلك إلى دراسة الجوانب التطبيقية لهذه الموضوعات وإعتبار التنظير والتطبيق وحدة واحدة ألن التطبيق العملي ال يمكن أن 20 يكتب له البقاء دون تنظير والعكس صحيح ألن التنظير لن يكون صادقا ً دون تجريبه وتطبيقه في المجاالت الرياضية المختلفة . إذن فعلم النفس الرياضي يشتمل على دراسة العوامل النفسية واالجتماعية والتربوية التي تؤثر على تعلم المهارات الحركية من جهة وعلى مساعدة الرياضي للوصول إلى أفضل إنجاز ضمن إمكانياته الجسمية والنفسية أثناء السباقات . أما عن مجاالت علم النفس الرياضي وميادينه فقد تبلورت لتشتمل على دراسات في الموضوعات اآلتية : السلوك الحركي والنمو الحركي والتعلم الحركي -: وهي موضوعات تتعلق بضرورات التعلم ونظرياته والتغذية الراجعة والتذكر والنسيان ونقل المهارة من فعالية إلى أخرى وتقسيم أوقات التمرين ،والتمرين الفكري في التعلم الحركي ،والتدرج في التعلم ،واإلستعداد الجسمي والعقلي ، والدوافع والحاجات والذكاء والشخصية ...إلخ . اإلعداد النفسي للرياضي المتقدم -: حيث يعنى علم النفس الرياضي برياضة المستويات العليا والموضوعات التي تتعلق باإلعداد النفسي طويل المدى وقصير المدى وببعض الوسائل النفسية المستخدمة من أساليب التهدئة النفسية (كاالسترخاء واإليحاء الذاتي واليوجا والتنويم المغناطيسي) وأساليب التهدئة النفسية (كاألحاديث الحيوية والتدريب الذاتي ومنظومة الالعب والمدرب والوالدين واللوحات والنشرات وغيرها) ،فضالً عن موضوعات تتعلق بخبرات النجاح والفشل والشخصية واإلنفعاالت من خوف وتوتر وقلق وتأثيرها على اإلنجاز الرياضي وغيرها من الموضوعات ذات الصلة. الدراسة والبحث في علم النفس اإلجتماعي للنشاط الرياضي كأفراد وجماعات-: وتخص علم النفس االجتماعي وعلم نفس الجماعات والموضوعات التي تتعلق بالقيادة وبصفات الجماعة وأنواعها وأسباب تماسك الجماعة الرياضية وتصدعها وغير ذلك . 21 مهام ووظائف علم نفس الرياضة وأهمية دراسته أما عن أهداف علم النفس الرياضي فقد ذكر الباحثون إنه يميل إلى تحقيق جملة من األهداف أبرزها اآلتي : -1معرفة السلوك الرياضي وتفسيره لمعرفة أسباب حدوثه والعوامل التي تؤثر فيه . -2التنبؤ بما سيكون عليه سلوك الرياضيين وذلك إستناداً إلى معرفة العالقات الموجودة بين الظواهر اإلنسانية ذات العالقة بمجال الرياضة . -3ضبط السلوك الرياضي ومحاولة التحكم فيه بتعديله وتوجيهه وتحسينه إلى ما هو مرغوب فيه وكيفية ضبط وتوجيه الحياة لمعرفة أفضل الطرائق في تنشئة األطفال رياضيا ً وإكتساب األصدقاء والتأثير في اآلخرين وغيرها . ودراسة السلوك الرياضي تولد وظائف أخرى لعلم النفس الرياضي وهي كثيرة وذات إتساع شامل لقطاعات التربية الرياضية والنشاط الرياضي ألن إسهاماته واضحة وملحوظة في العملية التربوية ،كما أن البحوث العلمية تؤكد على أن لعلم النفس الرياضي أهمية كبرى في رفع االستعداد والقدرة اإلنجازية للرياضيين ،وعلى أن تحلي الرياضي ببعض السمات الشخصية يؤثر تأثيراً ملحوظا ً على ما يحققه من إنجازات وهنا تأتي أهمية دراسة األثر النفسي في األنشطة الرياضية المختلفة و(على العموم) تتمثل أبرز وظائف ومهمات علم النفس الرياضي في اآلتي -: -1الصحة النفسية واإلرشاد النفسي : كل نشاط رياضي منظم ومتواصل ومبرمج يؤدي إلى تحسين القوة الجسمانية (البدنية) وكذلك النفسية للرياضيين ،وهنا يتبين دور علم النفس الرياضي في التغلب على حاالت القلق والخوف وتفعيل الثقة بالنفس عند الرياضيين فضالً عن إيجاد الحلول للمصاعب النفسية التي قد تنتج عن التدريب الرياضي والمنافسات الرياضية . كما أن دور علم النفس الرياضي يتضح كذلك في المحافظة على التوازن النفسي قبل بدء المنافسات وأثناءها وحتى بعد إنتهائها وكل ذلك وفق برمجة محسوبة تبعا ً للفروق الفردية للرياضيين ولطبيعة المنافسة وشدتها وأهميتها النفسية بالنسبة لهم . أما عن اإلرشاد النفسي الذي يعد الوجه العملي والفعلي الذي يحاول فيه أن يقود الرياضي صوب الصحة النفسية المثلى وهو أحد قنوات الخدمة النفسية التي يتم تقديمها لألفراد أو الجماعات بهدف التغلب على بعض الصعوبات التي تعترض أهداف 22 الفرد أو الجماعة التي ينتمي إليها والتي تعوق توافقهم وإنتاجهم .وخدمة اإلرشاد النفسي توجه األفراد أو الجماعات التي تواجه مشكالت لها صبغة إنفعالية عالية (حادة) أو التي تتصف بدرجة من التعقيد والشدة بحيث تتطلب عونا ً ومساعدة من الخارج لعجزهم عن مواجهتها. يحتاج الفرد دائما ً إلى تأكيد ذاته وهذا التأكيد يتكون من خبرات النجاح التي يحصل عليها ومن خاللها تزداد ثقته بنفسه ،وإكتساب هذه الصفة ليس بالعمل السهل ألن أساسه الحالة النفسية اإليجابية التي يقودها التفاؤل لبذل الجهد وتحقيق المستوى .وعلم النفس الرياضي يساعد المربي أو المدرب في معرفة مشكالت الطلبة أو الرياضي لمحاولة إيجاد الحلول المالئمة لها من أجل تحقيق إتزانهم النفسي والمحافظة على صحتهم النفسية ومن ثم تحسين مستوى قدراتهم وكفاءاتهم الحركية النهائية والمهارية . -2تطوير السمات الشخصية : توفر البرامج المنظمة للتدريب الرياضي فرصا ً لتطوير صفات عالية للرياضيين هم بحاجة إليها في تنمية شخصياتهم ونموها بشكل شامل .ويختلف النشاط الرياضي عن النشاط الذي يزاوله الفرد في موضوعات أخرى ،فالنشاط الرياضي يتم بصورة جمالية ويرافقه جهد نفسي كبير وهذا الجهد يتطلب مميزات خلقية معينة إلى جانب الدافع النفسي. إن إختالف الرياضيين عن غير الرياضيين في السمات الشخصية يمكن أن يعزى إلى تنمية السمات الشخصية المعينة من خالل مزاولة النشاط الرياضي وإذا كانت النشاطات الرياضية تنمي السمات الشخصية فستكون الفرصة ثمينة أمام المدرب أو المربي لتوجيه الدرس أو التدريب بخدمة تنمية سمات تحقق األهداف الرياضية والتربوية واالجتماعية . ويؤدي علم النفس الرياضي الدور الرئيس في تشخيص هذه السمات ومساعدة الرياضي في تنمية السمات المرغوب فيها باستخدام أساليب كثيرة .ومن أهم الواجبات التي تقع على عاتق المدرب الرياضي في هذا المجال تنمية الميزات الشخصية اإليجابية والسلوك االجتماعي في شخصياتهم وعلى المدرب كمتطلب أساسي قبل تنمية الميزات اإليجابية أن يقدم برنامجا ً يتخلله شعور المتعة التي تستقطب جميع الرياضيين . 23 -3رفع المستوى الرياضي : يعمل علم النفس الرياضي على المساهمة بفعالية في زيادة إنتاج الرياضي من تحقيق نتائج أفضل وهذه المقولة تعد من المسلمات عند المدربين والمشرفين على الرياضة وهي على العموم تلقي على المدرب مهمة إستخدام المعارف النفسية وقوانينها في عملية التعلم وعليه أن يدرك العالقة المتبادلة بين العوامل البيولوجية والنفسية في عملية التعلم الحركي لكي يمكنه ذلك من إستثمار الطاقات الكامنة لدى الرياضي بأفضل صورة . يمتلك اإلنسان العادي طاقة معينة تمكنه من أداء واجباته المناطة به سواء أكان ذلك في حياته اليومية أم في الفعاليات الرياضية ،وفضالً عن هذه الطاقة االعتيادية فإنه يملك طاقات إضافية يمكن إستثمارها عند الحاجة .فالشخص الذي يستطيع الركض لمسافة كيلومتر أو (كيلومترين) مثالً بسرعة محددة يمكنه أن يضاعف المسافة أو يضاعف السرعة عند إستخدامه ألنواع معينة من الحوافز القوية .وأيضا ً يمكنه مضاعفة المسافة أو السرعة إذا كان ذلك سيجنبه خطرا ً على حياته .وهذا دليل على إن الشخص يمكن أن يستخدم طاقاته بشكل أفضل وأن يرفع مستواه عند وجود نوع معين من الحوافز (.مع األخذ باالعتبار إن مستوى اإلنجاز قد ال يتناسب طرديا ً بالضرورة مع درجة التحفيز) ،لذا نجد إن علماء التربية الرياضية يرون إن للمعارف النفسية األثر الكبير في إيصال الرياضي إلى األهداف الرياضية وفقا ً للخطط المرسومة بهذا الخصوص . -4ثبات المستوى الرياضي : قد نرى إن رياضي معين يخفق أثناء إستعداده للمنافسة الرياضية رغم تمتعه بقوة جسمانية ونفسية جيدة ورغم إنه يمكن أن يكون من الرياضيين الذين يحرزون النتائج الباهرة وقد نالحظ أحيانا ً إن ذلك اإلخفاق قد يتكرر مما يؤدي بالنهاية إلى نشوء الصراعات النفسية المؤلمة .وقد نالحظ أحيانا ً أحد الرياضيين أو أحد الفرق يتمرن بصورة جيدة ويتصف بمواصفات بدنية ومهارية جيدة أثناء المنافسة وهنا يأتي دور العالم النفسي في دراسة هذه الظاهرة والتي تظهر لدى الطلبة والرياضيين بصورة عامة وتؤدي إلى خيبة األمل وإلى مواقف حرجة يمكن بالنهاية أن تؤدي إلى نتائج سلبية تعيق سير النشاط الرياضي .وعلى المدرب الرياضي االعتماد على شدة التحمل النفسي وفق فهم مخطط لتفادي مثل هذه المشكالت النفسية من أجل ثبات المستوى الرياضي ونموه بشكل أفضل . 24 -5كشف المواهب وإختيارها : إن عملية إختيار الشباب الرياضي على أساس البناء الجسمي والقابلية الحركية والقدرات الرياضية الجيدة وإهمال العوامل النفسية من العوامل األساسية التي تسهم في وقوع خيبة األمل التي يسببها مستوى اإلنجاز المنخفض رغم التدريب المنتظم عندما يتلخص السبب في إنخفاض مستوى اإلنجاز بالعوامل النفسية . لذا فإن من الواجبات الرئيسة لعلم النفس الرياضي هي الكشف عن المواهب الرياضية في وقت مبكر وتشجيعها .وتكمن هذه الواجبات في أسس التعرف على ذوي الكفاءات الرياضية والطرائق الكفيلة باتخاذ اإلجراءات الالزمة التي تساعد على إظهار هذه القدرات . -6تطوير الميول والرغبات : من المشاهد إن الفتيان الشباب يمارسون النشاط الرياضي أكثر من الفتيات كما إن المشاهد والمالحظ أيضا ً إن رغبة الفتيات بالرياضة تبدأ بالهبوط مع تقدم أعمارهن . إ ذن كيف تتكون الرغبات والميول لمزاولة النشاط الرياضي ؟ إن بحوث علم النفس الرياضي تساهم في االجابة عن هذه األسئلة وتوظيف النتائج في العمل على تكوين الميول والرغبات الرياضية وتطويرها ،لهذا تقع على عاتق المربي الرياضي مهمات كثيرة منها أن يشعر الطلبة بحاجتهم للنشاط الرياضي المنتظم سواء أكانوا داخل المدرسة أم خارجها .كذلك فعلى المدرب الرياضي مهمات كثيرة منها أن يشعر الرياضي بحاجته إلى مواصلة التدريب وصوالً إلى التحسن المالئم إلحراز التفوق في الرياضة المعنية . -7اإلسهام في تطوير أسس البحث العلمي للتربية الرياضية : علم النفس الرياضي هو العلم الذي يدرس السلوك والخبرة ونقصد بالسلوك كل ما يصدر عن اإلنسان من أفعال أو أقوال أو حركات ظاهرة وهذا يعني كل أنواع األنشطة التي يقوم بها اإلنسان ويمكن آلخر أن يالحظها ،أما الخبرة فهي الظواهر النفسية التي تصبح كوقائع أو أحداث في الحياة الداخلية الذاتية للفرد .وعليه فعلم النفس يدرس األسس النفسية لألداء الحركي وتأثير الرياضة وفق العوامل الشخصية والبيئية على سلوك الفرد ،فهو يبحث في الموضوعات النفسية المرتبطة بالنشاط الرياضي . هناك عالقة متبادلة ومترابطة بين النشاط والوعي اإلنساني فالخبرات التي يكتسبها اإلنسان (الرياضي) خالل مزاولته النشاط الرياضي تؤدي إلى نشوء مميزات 25 شخصية وتطوير مواقف معينة لدى الرياضي وهذه الخبرات عادة ما تكشف عن مدى إلتزام الرياضي بالسلوك االجتماعي .وبما إن سلوك اإلنسان يدخل في كل ميادين الحياة ويؤثر ويتأثر بها نرى إن لعلم النفس الرياضي المكانة الواضحة في التأكيد على بناء أسس البحث العلمي في التربية الرياضية للطلبة أو لرياضة المستويات العليا . 26 الفصل الثاني الفصل الثاني :الشخصية مفهوم الشخصيــــــــــــــــة مفهوم الشخصية لدى العامة من الناس يختلف عن مفهومها العلمي لدى العلماء والمختصين فقد تعودنا إجتماعيا ً في حياتنا اليومية عندما تدور أحاديث عن الشخصية ،نقول أن فالنا ً لديه شخصية وفالنا ً ليست لديه شخصية .وهناك من يقول بأن الشخصية هي قيمة التأثير في اآلخرين وعلى هذا األساس يوصف الفرد مثالً بأن له شخصية قوية أو ضعيفة وهذا المفهوم يقترب كثيراً من المعنى الشائع االستخدام بين عامة الناس ،بيد إن هذه التعبيرات غير واردة من وجهة النظر العلمية للشخصية ،إذ إن كل فرد في المجتمع يملك شخصية خاصة به تميزه عن األفراد اآلخرين .وما نسميه با لشخصية هو في الواقع كل ما يتصف به الفرد من صفات وسلوك ناتجين من تفاعل ذلك الفرد مع بيئته التي يعيش فيها والشخصية تتأثر بعوامل كثيرة منها جسمية ونفسية واجتماعية ،كما ال توجد شخصية قوية وأخرى ضعيفة وفقا ً للنظرة العلمية ألن كل إنسان لديه مواطن قوة ومواطن ضعف في الصفات التي يحملها والتي تجسد شخصيته . 27 يمكن أن نع ّد موضوع الشخصية من الموضوعات الرئيسة في كل فروع علم النفس بل يمكن أن نعدّها البداية والنهاية بالنسبة لعلم النفس بصفة عامة .احتلت الشخصية مكانة مهمة في الدراسات النفسية خالل السنوات األخيرة وقد أدى ذلك إلى نشوء ميدان مستقل لها هو علم نفس الشخصية ( )Personalityوفي معاجم اللغة العربية نجد أن كلمة الشخص هو كل جسم له ارتفاع وظهور والمراد به إثبات الذات فأستعير لها لفظ الشخص وكلمة الشخصية مشتقة من الفعل (شخص) وشخص الشيء يعني بان وظهر بعد أن كان غائبا ً ،وعلى هذا األساس فأن المقصود بالشخصية لغويا ً هو كل الصفات الظاهرة الخاصة بالفرد أو التي كانت غائبة ثم ظهرت والتي بمجموعها تميزه عن غيره من الناس . الشخصية في اللغة االنكليزية ( )Personalityوفي اللغة الفرنسية ( )Personaliteوهي مشتقة من األصل الالتيني ( )Personaويعني القناع الذي كان يلبسه الممثل في العصور القديمة حين كان يقوم بتمثيل دورا ً والظهور بمظهر معين أمام اآلخرين ليؤدي دوره على خشبة المسرح فيظهر أمام الجمهور بمظهر خاص يساير طبيعة دوره في المسرحية فهو هنا أما بمالمح حادة تجسد البطولة أو الشر أوغير ذلك . ّ بمالمح شريرة تجسد ورغم أن مصطلح الشخصية مصطلح شائع ومتداول إال إنه من أعقد المصطلحات التي يحاول علماء النفس وعلماء االجتماع توضيحه فالشخصية مسألة افتراضية بحتة ، وليس هناك تعريف واحد صحيح والباقي تعريفات خاطئة والوقوف عند تعريف مقبول يقتضي دراسة مختلف التعريفات التي وضعت للشخصية . وقد تبنّى هذا المفهوم بعض علماء النفس فعدّوا الشخصية هي المظهر الخارجي للفرد كما يتمثل في سلوكه الظاهري وكان من نتيجة الدراسات واألبحاث الكثيرة المتالحقة أن عدّل بعض علماء النفس هذا المفهوم وتكلموا عن جوهر الفرد كما تكلموا عن األعماق واألغوار في النفس البشرية .على أية حال تعددت البحوث في مجال دراسة الشخصية وانتشرت .ثم تعددت المفاهيم والتعريفات الخاصة بها ،إال انه يمكننا أن نميز بين إتجاهين رئيسين في دراسة الشخصية :أولهما ذلك اإلتجاه الذي يضم بعض علماء النفس المهتمين باألفعال السلوكية (أي بطريقة المالحظة الخارجية) ،وثانيهما بعض العلماء المهتمين بالمدركات أو المفاهيم الديناميكية (أي القوة المركزية الداخلية التي توجه الفرد) . 28 من اإلتجاه األول مثالً يظهر تعريف واطسون 1930 Watsonالذي يعد الشخصية ( هي ك مية النشاط التي يمكن اكتشافها بالمالحظة الدقيقة مدة طويلة حتى يتمكن المالحظ من إعطاء معلومات دقيقة وثابتة ) . ومن اإلتجاه الثاني مثالً نجد تعريف مورتن برنس1934 Morton Prince الذي يعد الشخصية ( هي الكمية الكلية من االستعدادات والميول والغرائز والدوافع والقوى البيولوجية الفطرية والموروثة ،وكذلك الصفات واالستعدادات والميول المكتسبة من الخبرة ) . ويعد كل من التعريفين قاصراً ،ألنه يصور جانبا ً واحداً من الشخصية وال يندمج أحدهما في اآلخر .فاألول خارجي يهتم بالسلوك الناتج عن الفرد كما يراه غيره واآلخر يهتم بالمكونات الداخلية التي توجهه وتحدد سلوكه .وال يمكن أيضا ً الحكم بتعارض التعريفين بسبب عدم وجود معلومات واضحة مباشرة عن الغرائز واالستعدادات والدوافع ،فهي مفاهيم مبتكرة لتوحيد وتوضيح األفعال السلوكية المالحظة والناتجة عن الفرد ،وبدون تلك األفعال السلوكية ال يكون للمدركات أو المفاهيم أي معنى محدد .فالمالحظة الدقيقة لسلوك الفرد ال تكفي بمفردها للحكم عليه معان أو ترجمات لتلك األفعال السلوكية ٍ بل يجب أن يصاحبها مدركات ومفاهيم إلعطاء في المواقف المختلفة .والتعريف الدقيق للشخصية يجب أن يهتم بالمنبع الذاتي للواقع وبالطبيعة النظرية لتوحيد المدركات أو المفاهيم . تعريفات الشخصية الشخصية مسألة افتراضية بحتة (كما ذكرنا) وقد أورد لنا المختصون بعلم النفس تعريفات عديدة ومتنوعة للشخصية نذكر منها اآلتي : الشخصية هي السلوك المميز للفرد . الشخصية هي النظام المتكامل من الصفات التي تميز الفرد من غيره . الشخصية هي النظام المتكامل من الميول واالستعدادات الجسمية والعقلية المميزة والثابتة نسبيا ً . والشخصية هي التنظيم الديناميكي للفرد لتلك االستعدادات النفسية الجسمية التي تحدد طريقته الخاصة في التوافق مع البيئة . 29 ويرى بعض المختصين بأن التعريف الجيد للشخصية البّد أن يؤشر النقاط اآلتية : -1الفردية -2التكامل -3الحركية -4الثبات النسبي فالفردية :تعني أن لكل فرد شخصية تميزه من غيره (ما يتميز به عن اآلخرين). والتكامل :يؤكد على أن الشخصية ال تعني المجموع البسيط لصفات اإلنسان بل تعني إن صفات اإلنسان هي وحده متكاملة تتصف بالتماسك واالنسجام (وحدة متكاملة ومتماسكة ومنسجمة) . أما الحركية :فتعني أن الشخصية هي نتاج التفاعل بين الفرد وبيئته ،لذا فهي تتأثر بالبيئة أيضا ً . والثبات النسبي :فتعني االستعداد للسلوك في المواقف المختلفة .وهذا االستعداد تكونه العادات والتقاليد والسمات والقيم والدوافع والعواطف الموجودة لدى الفرد (تصرفاته وسلوكياته في المواقف المتغيرة) . ولو نظرنا إلى التعريف اآلتي لـ(الطالب وإلويس )1993 :لوجدناه يجسد النقاط التي أشرنا إليها بوضوح : (( الشخصية هي ذلك المفهوم الذي يصف الفرد من حيث هو كل موحد من األساليب السلوكية و اإلدراكية المعقدة التنظيم والتي تميزه من غيره من الناس وبخاصة في المواقف االجتماعية )) . كما أن تعريف (الخيكاني )1997 :اآلتي نراه يجسد النقاط نفسها : (( الشخصية هي مجموع السمات أو الصفات المنسجمة لدى الفرد بدرج ٍة معينة ، نتعرف عليها من سلوكه الثابت لح ٍد ما تجاه المحيط ،والتي تميزه من غيره لزيادة أو نقصان معينين في درجتهما لديه أو في درجة االنسجام فيما بينها قياسا ً باآلخرين )). 30 العوامل المؤثرة في الشخصية إن الشخصية في تكوينها ومراحل نموها تأثرت بعوامل كثيرة فهي حصيلة تفاعل عوامل ترجع للوراثة وعوامل أخرى ترتبط بالبيئة . تأثير الوراثة -: يتكون الجانب الوراثي منذ اللحظة التي يتم فيها اإلخصاب ،وتؤثر الوراثة على شخصية الفرد من الناحية الجسمية فهي تلعب دوراً مهما ً في تكوين الشخصية كالطول ولون العينين ولون الجلد ،فالشخص الطويل متناسق األجزاء جميل الشكل ذو الصوت القوي المؤثر يكون في العادة شخصا ً اجتماعيا وقياديا ً يتعامل مع الناس بثقة عالية بالنفس بخالف الشخص الذي يعاني من األمراض الوراثية مثل تخثر الدم وعمى األلو ان ،وأخرى تسبب التخلف العقلي مثل الشلل العام وأمراض النقص الناجمة عن أسباب جينية محددة . كما إن األمزجة هي التي تمثل مجموع انفعاالت الفرد فهي من المكونات الثابتة نسبيا حيث يصعب تغير مزاج الفرد كونه يتأثر بعوامل وراثية تحدد حالة الجهاز العصبي وإفرازات الغدد من الهرمونات ،وهكذا فهي تؤثر في السلوك .كما أن الذكاء يتأثر بالعوامل الوراثية وهو اآلخر يحدد الصفات الشخصية ويحدد سلوك الشخص . تأثير الخبرة البيئية -: قد يكون لخبرات الشخص داخل نطاق البيئة المحيطة به آثارها الرئيسة على نمو خصائص شخصيته وهذه الخبرات قد تكون فريدة تتصل بشخص واحد فقط أو قد تكون مشتركة بين عدد من األشخاص .وذكاء الفرد الذي يحدد الصفات الشخصية ويحدد السلوك الذي يكون المظهر الخارجي لها فضالً عن كونه يتأثر بالعوامل الوراثية فهو يتأثر ويؤثر بالبيئة التي يعيش فيها الفرد فالشخص الذكي مثالً يحسن اختيار األصدقاء واختيار البيئة التي يعيش فيها وغيرها .وأخالق الشخص التي تعد المرآة لمعتقداته وقناعاته وإتجاه اته ،والتي تجسد مدى تطابق تصرفاته وسلوكياته من معايير وقيم مجتمعه تعتمد على الخبرة البيئية أيضا ً . 31 وجميع العوامل الموجودة في المجتمع والبيئة تؤثر في تحديد شخصية الفرد من خالل تعامله مع أفراد المجتمع المحيط به وجغرافية البيئة التي يعيش فيها ،مثل المدرسة واألصدقاء والبلد والنظام االجتماعي واالقتصادي وعدد أفراد العائلة وتسلسل الفرد بالعائلة والعيش في السهول أو الجبال ......الخ . ومما سبق يمكن القول أن الصفات الشخصية هي عبارة عن مزيج من التأثيرات الوراثية والبيئية وفي اغلب األحيان يصعب أن نحدد النسب المئوية ألهمية كل من المؤثرات الوراثية والبيئية ،لكن من السهل أن نرى االثنين يعمالن معا ً . نظريات الشخصية نظرية األنماط : نظرية األنماط تصنف الناس إلى أنماط معينة على أساس صفاتهم المزاجية أو الجسمية أو النفسية وكما يأتي -: سم البشر إلى أربعة أنماط مزاجية هي: ومن رواد هذه النظرية العالم هيبوقراط الذي ق ّ -1النمط الدموي :صاحبه متفائل ،مرح ،نشط ،ممتلئ الجسم ،سهل االستثارة ، سريع اإلستجابة. -2النمط الصفراوي :وصاحبه قوي الجسم ،طموح ،عنيد ،حاد الطبع ،متهور ، عدواني ،متقلب المزاج . -3النمط السوداوي :والفرد في هذا النمط متأمل وهادئ ،بطيء التفكير ،وفي الوقت نفسه شديد االنفعال ،متشائم ،قلق ،وجدّي . -4النمط البلغمي أو اللمفاوي :صاحبه خامل ،بليد ،بسيط االنفعال ،سلبي ،حذر ، وأحيانا ً مراوغ . سما البشر حسب أنماطهم الجسمية إلى : أما كريتشمر وشيلدون فقد ق ّ 32 -3النمط النحيل -2النمط العضلي -1النمط السمين ومن رواد النظرية أيضا ً ( يونك ) الذي ق ّ سم البشر حسب أنماطهم النفسية إلى : -2االنبساطي -1االنطوائي فالشخصية االنطوائية يتمتع صاحبها بعالقات محدودة وقليلة جدا ً مع الناس ،يفكر في نفسه فقط وال يهمه اآلخرين ،كثير االهتمام بحالته الصحية ،بعيد كل البعد عن الناس ومشاكلهم ،ومن أبرز اإلمراض التي تصيبه الوسواس .بينما الشخصية االنبساطية فيتمتع صاحبها بعالقات واسعة ومحبوب من الجميع ،وقلما يفكر في نفسه ألنه (على األكثر) يكون شغله الشاغل كيفية مساعدة األصدقاء ،قليل االهتمام بحالته الصحية ،قنوع بما يحصل عليه ،وأسوء اإلمراض التي قد تصيبه الهستيريا . وعموما ً تم تأشير ضعف كبير في هذه النظرية يكمن في أنها عندما تضع الفرد في نمط معين قد تصفه بصفات وسمات ال تنطبق عليه ،كما أنها تتجاهل الفروق الفردية الموجودة بين الناس . نظرية السمات : تصف هذه النظرية الشخصية عن طريق سماتها األساسية حيث إن السمة هي صفة أو خاصية معينة تميز الفرد من غيره من الناس وهذه السمة قد تكون فطريه (وراثية) أو مكتسبة .من رواد هذه النظرية (جوردن ألبورت) و (ريموند كاتل) يرى علماء النفس أن الشخصية تتكون من مجموع ما لدى الفرد من سمات والتي يمكن قياسها بوسائل عديدة مثل االتزان االنفعالي والذكاء وغيرها ،فإذا استطعنا قياس ذكاء الفرد على سبيل المثال نكون قد حددنا أحد أبعاد الشخصية وهكذا بالنسبة لألبعاد أو السمات األخرى كاالجتماعية ,العدوانية ,القلق ,الشجاعة وغيرها . تفترض هذه النظرية إن سمات الشخصية هي سمات ثابتة نسبيا ً ،لذا فالشخص الواحد يتوقع له أن يتصرف بالطريقة نفسها في المواقف المختلفة وتفترض أيضا ً أن األفراد يختلفون فيما بينهم في السمة الواحدة أي في درجة السمة فكل إنسان يتصف بدرجة معينة من القلق لكن البشر ال يتساوون في درجة القلق بشكل عام وهذه 33 ال نظرية تتشابه مع نظرية األنماط إلى حد بعيد لكن أثبت الكثير من المفكرين نضوجها وصحتها في تفسير الشخصية . النظرية السلوكية : تتميز هذه النظرية باعتمادها على المواقف والسلوك الظاهري أساسا ً للتعبير عن الشخصية ،وأنصار هذه النظرية اهتموا بتأثير البيئة على الفرد حيث يعدون إستجابة الفرد لهذا التأثير أساسا ً للشخصية . سم سكنر استجابات من رواد النظرية سكنر وواطسون وكثري وثورندايك ،وقد ق ّ ال