هل أنت منافق؟ PDF

Document Details

PowerfulDemantoid5571

Uploaded by PowerfulDemantoid5571

كلية التربية النوعية

Tags

quranic analysis islamic studies interpretation theology

Summary

This is an analysis of verses from Surah Al-Ahzab. It discusses how trials and tribulations can reveal the truth about people's intentions. The author suggests that we should view every experience as a test to understand ourselves better. By acknowledging both the good and bad in our actions, we can strive to improve ourselves and stay close to God's approval.

Full Transcript

‫هل أنت منـــافق ؟!‬ ‫‪3‬‬ ‫يم‬ ‫الر ِج ِ‬ ‫ان ه‬ ‫ش ْي َ‬...

‫هل أنت منـــافق ؟!‬ ‫‪3‬‬ ‫يم‬ ‫الر ِج ِ‬ ‫ان ه‬ ‫ش ْي َ‬ ‫ط ِ‬ ‫أَعُوذُ ِب ه ِ‬ ‫اَّلل ِم َن ال ه‬ ‫س إِّ هَل‬ ‫{قَدْ يَعْ لَمُ َّللاه ُ الْ ُم عَ ِّو ق ِّي َن ِّم نْ كُ ْم َو الْ ق َائِّلِّ ي َن ِّ ِِّل ْخ َو ان ِّ ِّه ْم هَ ل ُ هم إِّلَيْ نَا َو ََل يَأ ْت ُو َن الْ بَأ ْ َ‬ ‫ُور أ َ ْ‬ ‫ع ي ُن ُ ُه ْم‬ ‫ْك ت َد ُ‬ ‫ف َر أ َيْ ت َ ُه ْم يَنْ ظُ ُر و َن إِّلَي َ‬ ‫يًل (‪ )18‬أ َ ِّش هح ة ا عَ ل َيْ كُ ْم فَ إ ِّذ َا َج ا َء الْ َخ ْو ُ‬ ‫قَلِّ ا‬ ‫ف سَ ل َق ُوكُ ْم بِّأ َلْ ِّس نَ ٍة ِّح د َا ٍد أ َ ِّش هح ة ا‬ ‫َب الْ َخ ْو ُ‬ ‫ت ف َإ ِّذ َا ذ َه َ‬ ‫كَ ال ه ِّذ ي ي ُغْ شَى عَ لَيْ ِّه ِّم َن الْ َم ْو ِّ‬ ‫ير ا ( ‪) 19‬‬ ‫ع َم ا لَ ُه ْم َو كَ ا َن ذ َلِّ َك عَ لَى َّللاه ِّ يَ ِّس ا‬ ‫عَ لَى الْ َخ ي ِّْر أ ُولَئ ِّ َك لَ ْم ي ُؤْ ِّم ن ُوا فَأ َ ْح ب َطَ َّللاه ُ أ َ ْ‬ ‫ت األحزاب يَ َو د ُّوا لَ ْو أ َن ه ُه ْم بَاد ُو َن فِّ ي‬ ‫يَ ْح سَ ب ُو َن األحزاب لَ ْم يَذْ هَ ب ُوا َو إِّ ْن يَأ ْ ِّ‬ ‫يًل (‪ )20‬لَقَدْ كَ ا َن‬ ‫ْاأل َع َْر ابِّ يَسْأ َل ُو َن عَ ْن أ َنْ بَائِّكُ ْم َو لَ ْو كَ ان ُوا فِّيكُ ْم َم ا قَات َل ُوا إِّ هَل ق َلِّ ا‬ ‫ير ا‬ ‫لَكُ ْم فِّي َر سُ و ِّل َّللاه ِّ أسوة َح سَ نَة ٌ لِّ َم ْن كَ ا َن يَ ْر ُج و َّللاه َ َو الْ يَ ْو َم ْاْل َ ِّخ َر َو ذ َكَ َر َّللاه َ كَ ثِّ ا‬ ‫ص د َ َق َّللاه ُ‬ ‫( ‪َ )21‬و لَ هم ا َر أ َى الْ ُم ؤْ ِّم ن ُو َن األحزاب ق َال ُوا هَ ذ َا َم ا َو عَ د َنَا َّللاه ُ َو َر سُ ول ُه ُ َو َ‬ ‫ص د َق ُوا َم ا‬ ‫س لِّ ي ام ا ( ‪ِّ )22‬م َن الْ ُم ؤْ ِّم نِّي َن ِّر َج ا ٌل َ‬ ‫َو َر سُ ول ُه ُ َو َم ا زَ اد َهُ ْم إِّ هَل إيمانا َو ت َ ْ‬ ‫يًل ( ‪)23‬‬ ‫ظ ُر َو َم ا بَد هل ُوا ت َبْ ِّد ا‬ ‫ض ى نَ ْح بَ ه ُ َو ِّم نْ ُه ْم َم ْن يَنْ ت َ ِّ‬ ‫عَ اهَ د ُوا َّللاه َ عَ لَيْ ِّه فَ ِّم نْ ُه ْم َم ْن قَ َ‬ ‫وب عَ لَيْ ِّه ْم إِّ هن‬ ‫ب الْ ُم ن َاف ِّ ِّق ي َن إِّ ْن شَا َء أ َ ْو يَت ُ َ‬ ‫ص دْ قِّ ِّه ْم َو ي ُعَ ِّذ َ‬ ‫ي َّللاه ُ ال ه‬ ‫ص ا ِّد قِّ ي َن بِّ ِّ‬ ‫ِّل يَ ْج ِّز َ‬ ‫ور ا َر ِّح ي ام ا (‪َ )24‬و َر د ه َّللاه ُ ال ه ِّذ ي َن كَ فَ ُر وا بِّغَيْ ِّظ ِّه ْم لَ ْم يَنَال ُوا َخ ي اْر ا َو كَ فَى‬ ‫َّللاه َ كَ ا َن غَ ف ُ ا‬ ‫يز ا ( ‪َ )25‬و أ َنْ زَ َل ال ه ِّذ ي َن ظَ ا ه َُر و هُ ْم ِّم ْن أ َ ْه ِّل‬ ‫َّللاه ُ الْ ُم ؤْ ِّم نِّي َن الْ قِّ ت َا َل َو كَ ا َن َّللاه ُ قَ ِّو ي ًّا عَ ِّز ا‬ ‫ْب فَ ِّر يق اا ت َقْ ت ُل ُو َن َو ت َأ ْ ِّس ُر و َن فَ ِّر يق اا‬ ‫الر ع َ‬ ‫ف فِّي ق ُل ُوبِّ ِّه ُم ُّ‬ ‫اص ي ِّه ْم َو قَذ َ َ‬ ‫ص ي َ ِّ‬‫الْ ِّك ت َابِّ ِّم ْن َ‬ ‫ار هُ ْم َو أ َ ْم َو ال َ ُه ْم َو أرضا لَ ْم ت َطَ ئ ُو هَا َو كَ ا َن َّللاه ُ عَ لَى كُ ِّل‬ ‫( ‪َ )26‬و أ َ ْو َر ث َكُ ْم أرض ُه ْم َو ِّد يَ َ‬ ‫ير ا ( ‪[ } ) 27‬األحزاب ‪]27:18‬‬ ‫ي ٍء قَ ِّد ا‬ ‫شَ ْ‬ ‫هذه اآليات الكريمة من سورة األحزاب‪.‬كنا توقفنا عند قوله تعالى‪:‬‬ ‫سو ًءا أ َ ْو أ َ َرا َد ِب ُك ْم َرحْ َمةً َو ََل يَ ِجدُونَ‬ ‫َّللا ِإ ْن أ َ َرا َد ِب ُك ْم ُ‬ ‫{قُ ْل َم ْن ذَا الَّذِي يَ ْع ِ‬ ‫ص ُم ُك ْم ِمنَ َّ ِ‬ ‫يرا} (األحزاب‪)17 :‬‬ ‫َّللا َو ِليًّا َو ََل ن ِ‬ ‫َص ً‬ ‫لَ ُه ْم ِم ْن د ِ‬ ‫ُون َّ ِ‬ ‫ثم قال تعالى‪:‬‬ ‫يًل}‬ ‫َّللاُ ْال ُم َع ِو ِقينَ ِم ْن ُك ْم َو ْالقَا ِئ ِلينَ ِ ِِل ْخ َوا ِن ِه ْم َهلُ َّم ِإلَ ْينَا َو ََل َيأْتُونَ ْال َبأ ْ َ‬ ‫س ِإ ََّل قَ ِل ً‬ ‫{قَ ْد َي ْعلَ ُم َّ‬ ‫(األحزاب‪)18 :‬‬ ‫وكما بينا إن األحزاب عموما ً أو اَلبتًلءات عموما ً التي يبتلي هللا بها المؤمنين إنما‬ ‫الغرض منها هو كشف ما في النفوس‪ ،‬كشف الحقائق‪ ،‬حتى َل يقول أحد أنا مؤمن‬ ‫وهو منافق‪.‬يقول‪ :‬من قال إنني منافق؟ َل يوجد دليل على ذلك‪.‬‬ ‫عا من اَلبتًلءات واَلمتحانات واَلختبارات التي‬ ‫فاهلل سبحانه وتعالى يحدث أنوا ً‬ ‫يُكشف بها الناس‪ ،‬لذلك نجد في قوله تعالى‪:‬‬ ‫َّللاُ أ َ ْ‬ ‫ضغَانَ ُه ْم ۚ َولَ ْو نَشَا ُء َأل َ َر ْينَا َك ُه ْم‬ ‫ض أ َ ْن لَ ْن ي ُْخ ِر َج َّ‬ ‫ب الَّذِينَ فِي قُلُو ِب ِه ْم َم َر ٌ‬ ‫**{ أ َ ْم َح ِس َ‬ ‫فَلَ َع َر ْفت َ ُه ْم ِب ِسي َما ُه ْم ۖ َولَت َ ْع ِرفَنَّ ُه ْم فِي لَحْ ِن ْالقَ ْو ِل ۚ َو َّ‬ ‫َّللاُ َي ْعلَ ُم أ َ ْع َمالَ ُك ْم (‪َ )29‬ولَنَ ْبلُ َونَّ ُك ْم َحت َّ ٰى‬ ‫ار ُك ْم (‪[ **} )30‬سورة محمد]‬ ‫نَ ْعلَ َم ْال ُم َجا ِهدِينَ ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬ ‫صا ِب ِرينَ َونَ ْبلُ َوا أ َ ْخ َب َ‬ ‫يبقى كأن المعنى أن هللا يقول‪" :‬أنا لن أقول لهم‪ ،‬لن أقول أسماءهم‪ ،‬لن أجعل لهم‬ ‫عًلمات في أجسامهم‪ ،‬إنما ستعرفونهم من كًلمهم وأعمالهم وردود أفعالهم‪ ".‬ولكي‬ ‫يكون هناك كًلم وأعمال وردود أفعال كان َل بد من وجود ابتًلءات‪ ،‬هذه‬ ‫اَلبتًلءات هي التي ستخرج مكنون النفوس وتظهر الحقائق في األقوال واألعمال‬ ‫التي تبين درجة إيمان كل فرد وتحدد المؤمن من المنافق‪:‬‬ ‫ار ُك ْم (‪**})31‬‬ ‫**{ولَنَ ْبلُ َونَّ ُك ْم َحت َّ ٰى نَ ْعلَ َم ْال ُم َجا ِهدِينَ ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬ ‫صابِ ِرينَ َونَ ْبلُ َوا أ َ ْخبَ َ‬ ‫َ‬ ‫**{ولَنَ ْبلُ َونَّ ُك ْم َحت َّ ٰى نَ ْعلَ َم}**‪ ،‬فهل هللا َل‬ ‫َ‬ ‫ضا‪ :‬إذا كان هللا يقول‪:‬‬ ‫طيب‪ ،‬دعونا نقول أي ً‬ ‫يعلم؟ بالطبع‪ ،‬هللا يعلم في علمه السابق من هو المؤمن ومن هو المنافق‪ ،‬فهذا ليس‬ ‫**{ولَنَ ْبلُ َونَّ ُك ْم َحت َّ ٰى نَ ْعلَ َم}**؟ لها تفسيرات‪:‬‬ ‫َ‬ ‫عل ًما سيستجد على هللا‪ ،‬لكن ما معنى‬ ‫‪ -‬التفسير األول‪" :‬حتى نعلم" يعني حتى نرى‪ ،‬أو حتى نعلم علم الشهادة‪.‬إن‬ ‫علم هللا قبل حدوث األمور يسمى علم الغيب‪ ،‬وهللا َل يحاسب العباد على علم الغيب‬ ‫حتى يتحول إلى شهادة‪.‬‬ ‫**{و أ َ هم ا الْ غ ُ ًَل مُ ف َكَ ا َن أ َبَ َو اه ُ ُم ؤْ ِّم نَيْ ِّن فَ َخ ِّش ينَا أ َ ْن ي ُْر ِّه ق َ ُه َم ا طُ غْ ي َان اا َو كُ فْ ار ا‬ ‫َ‬ ‫(‪[ **}) 80‬سورة الكهف]‬ ‫هذا كان علم غيب‪ ،‬ولكن لم يحدث في الشهادة أن هللا قد ر له الموت قبل هذا‬ ‫الحدث‪.‬لو عاش‪ ،‬لكان قد تسبب في ذلك الطغيان والكفر‪ ،‬ولكن طالما لم يعش‪،‬‬ ‫فلن ي ُحاسب على شيء لم يحدث‪.‬وبالتالي‪ ،‬هللا يحاسب العباد على علم الشهادة‪.‬‬ ‫ا‬ ‫أصًل في الغيب‪.‬في‬ ‫فقوله "حتى نعلم" يعني علم الشهادة‪ ،‬وإَل فالعلم موجود‬ ‫علم الغيب‪ ،‬والمعنى الثاني المتًلزم مع المعنى األول هو أن "حتى نعلم" يعني‬ ‫عل ام ا نحاسبهم عليه‪.‬إنه نفس الفكرة تما ام ا‪:‬‬ ‫**{ َح ت هى نَعْ لَ َم الْ ُم َج ا ِّه ِّد ي َن ِّم نْ كُ ْم َو ال ه‬ ‫ص ابِّ ِّر ي َن َو نَبْ ل ُ َو ا أ َ ْخ ب َ َ‬ ‫ار كُ ْم (‪**})31‬‬ ‫أمور ا كثيرة في غزوة تبوك ليفضح‬ ‫ا‬ ‫وفي سورة التوبة‪ ،‬ا‬ ‫مثًل ‪ ،‬نجد أن هللا يحدث‬ ‫المنافقين‪.‬وبعد ذلك‪ ،‬تنزل اْليات‪:‬‬ ‫ي َو يَق ُول ُو َن هُ َو أ ُذ ُ ٌن }** [التوبة‪]61 :‬‬ ‫**{و ِّم نْ ُه ُم ال ه ِّذ ي َن ي ُؤْ ذ ُو َن الن هبِّ ه‬ ‫َ‬ ‫ومنهم‪:‬‬ ‫**{و ِّم نْ ُه م هم ن يَق ُو ُل ائ ْذ َن لِّ ي َو ََل ت َفْ ت ِّن ِّي ۚ أ َ ََل فِّي الْ فِّ ت ْنَ ِّة سَ قَطُ وا ۗ َو إِّ هن َج َه ن ه َم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫لَ ُم ِّح يطَ ة بِّال كَ افِّ ِّر ي َن (‪**})49‬‬ ‫وهكذا يستمر بذكرهم ومنهم ومنهم‪ ،‬حتى ظن بعض السلف‪ ،‬مثل ابن‬ ‫**{و ِّم نْ ُه م هم ن يَق ُو ُل ائ ْذ َن لِّ ي‬ ‫َ‬ ‫عباس‪ ،‬أنه سيسميهم بأسمائهم‪.‬فقد قال هللا‪:‬‬ ‫َو ََل ت َفْ تِّن ِّي}**‪ ،‬وكان ذلك واحد اا فقط الذي قالها‪ ،‬كأن األمر واضح جد اا لدرجة‬ ‫أنه يبقى فقط ذكر اسمه‪.‬‬ ‫فالفكرة في اَلبتًلءات أن هللا يضع الناس في مواقف وامتحانات تظهر من خًللها‬ ‫ردود أفعال تكشف حقائق النفوس‪.‬لذلك‪ ،‬يجب على اِلنسان أن يرى كل أحداث حياته‬ ‫على أنها اختبارات‪ ،‬وأن هللا يرى مكنون نفسه‪.‬بالنسبة لي‪ ،‬أعتبر كل موقف يحدث‬ ‫في حياتي هو شيء مفيد ألتعرف على نفسي‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬إذا حدث خير‪ ،‬أقول‬ ‫الحمد هلل وأرى الخير في نفسي وأحاول زيادته‪.‬وإذا حدث شر أو كبر أو عجب أو‬ ‫رياء‪ ،‬أَلحظ إنني عصبي جدًا أو سريع الغضب‪ ،‬وأبدأ في تدارك األمر وأحاول اتخاذ‬ ‫إجراءات حتى َل يستمر المرض معي أو يكبر‪ ،‬وأَل يحدث لي في خاتمة حياتي‬ ‫والعياذ باهلل‪.‬‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬هذه فكرة جوهرية تفيدنا جميعًا‪.‬أن نفهم أن هللا يختبرنا ليظهر ما في نفوسنا‪،‬‬ ‫ولكي نتعلم كيف نتعامل مع هذه اَلختبارات بما يرضي هللا‪.‬الفرحة باَلختبار تتيح لنا‬ ‫فرصة ِلظهار األفضل من أنفسنا‪ ،‬وإن وجدنا شيئًا سيئًا‪ ،‬نسارع بالتوبة وتصحيح‬ ‫المسار‪.‬هذا التوجه يساعدنا في تحسين أنفسنا باستمرار وجعل حياتنا أكثر قربًا من‬ ‫رضا هللا‪.‬‬ ‫َّللاُ ْال ُم َع ِو ِقينَ ِم ْن ُك ْم}**‪.‬كلمة "قد" هنا تفيد التأكيد في‬ ‫لذلك هنا ربنا يقول‪َ {** :‬ق ْد َي ْع َل ُم َّ‬ ‫هذا الموضع‪ ،‬حيث تأتي لتأكيد العلم‪.‬هللا يعلم "المعوقين منكم"‪ ،‬أي الذين يثبطون‬ ‫المؤمنين‪.‬كلمة "معوق" تعني المعاق‪ ،‬أي الذي يثبط المؤمنين ويعيقهم‪.‬‬ ‫ورا}** وقالت طائفة منهم‪{** :‬يَا أ َ ْه َل‬ ‫سولُهُ ِإ ََّل ُ‬ ‫غ ُر ً‬ ‫َّللاُ َو َر ُ‬ ‫ع َدنَا َّ‬‫يقولون لهم‪َ {** :‬ما َو َ‬ ‫ار ِجعُوا}**‪ ،‬مما يظهر تشكيكهم وتثبيطهم للمؤمنين في أشد‬ ‫ام لَ ُك ْم فَ ْ‬ ‫َيثْ ِر َ‬ ‫ب ََل ُمقَ َ‬ ‫األوقات‪.‬‬ ‫المعوقون هؤَلء كانوا موجودين في كل غزوة‪.‬رأيناهم في غزوة أحد في‬ ‫سورة آل عمران‪ ،‬حيث يقول هللا تعالى‪:‬‬ ‫ظ َّن ْال َجا ِه ِليَّ ِة يَقُولُونَ ه َْل لَنَا ِمنَ‬ ‫ق َ‬‫غي َْر ْال َح ِ‬ ‫ظنُّونَ بِ َّ ِ‬ ‫اَّلل َ‬ ‫س ُه ْم يَ ُ‬ ‫طائِفَةٌ قَ ْد أ َ َه َّمتْ ُه ْم أ َ ْنفُ ُ‬ ‫**{و َ‬ ‫َ‬ ‫َّلل ۗ ي ُْخفُونَ فِي أ َ ْنفُ ِس ِه ْم َما ََل يُ ْبدُونَ لَ َك ۖ يَقُولُونَ لَ ْو‬ ‫ش ْيءٍ ۗ قُ ْل ِإ َّن ْاأل َ ْم َر ُكلَّهُ ِ َّ ِ‬ ‫ْاأل َ ْم ِر ِم ْن َ‬ ‫ش ْي ٌء َما قُتِ ْلنَا هَا ُهنَا}** [آل عمران‪]154 :‬‬ ‫َكانَ لَنَا ِمنَ ْاأل َ ْم ِر َ‬ ‫ويتحدث هللا عن نفس المعوقين في غزوة تبوك في سورة التوبة‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬ ‫ضعُوا ِخ ًَللَ ُك ْم يَ ْبغُونَ ُك ُم ْال ِفتْنَةَ َوفِي ُك ْم‬ ‫اَل َو َأل َ ْو َ‬ ‫**{لَ ْو خ ََر ُجوا فِي ُك ْم َما زَ ادُو ُك ْم إِ ََّل َخبَ ً‬ ‫الظا ِل ِمينَ }** [التوبة‪]47 :‬‬ ‫ع ِلي ٌم بِ َّ‬ ‫س َّماعُونَ لَ ُه ْم َو َّ‬ ‫َّللاُ َ‬ ‫َ‬ ‫في كل زمان ومكان ستجد هؤَلء المعوقين‪ ،‬الذين دائ ًما ما يحبطونك ويثبطونك‪.‬‬ ‫يقولون لك‪" :‬يا رجل‪ ،‬الطريق الذي تسير فيه هذا لماذا تتعب نفسك؟ يا رجل‪ ،‬اهتم‬ ‫بحالك‪ ".‬وعندما تنصحهم‪ ،‬يقولون لك‪" :‬ما لك دعوة بأحد‪ ،‬اهتم بحالك‪".‬‬ ‫وهؤَلء هم المنافقون‪ ،‬كما قال هللا تعالى‪:‬‬ ‫ت َوالَّذِينَ ََل َي ِجدُونَ ِإ ََّل ُج ْه َد ُه ْم‬ ‫ط ِو ِعينَ ِمنَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ فِي ال َّ‬ ‫ص َدقَا ِ‬ ‫**{الَّذِينَ َي ْل ِم ُزونَ ْال ُم َّ‬ ‫اب أ َ ِلي ٌم}** [التوبة‪]79 :‬‬ ‫عذَ ٌ‬ ‫َّللاُ ِم ْن ُه ْم َولَ ُه ْم َ‬ ‫فَ َي ْسخ َُرونَ ِم ْن ُه ْم َ‬ ‫س ِخ َر َّ‬ ‫لذلك‪ ،‬في طريقك إلى هللا ستجد دائ ًما هؤَلء المعوقين الذين يحاولون وضع عراقيل‬ ‫أمام الطاعة‪ ،‬سواء في أنفسهم أو في غيرهم‪.‬‬ ‫فيقول لك ماذا؟ عندما يأتي أحدهم بصدقة كبيرة يقول‪" :‬لماذا هذه الصدقة‬ ‫الكبيرة؟ إنه يقوم بذلك رياء‪ ".‬وعندما يأتي بصدقة صغيرة يقول‪" :‬هل هللا يحتاج‬ ‫إلى الصدقة الصغيرة؟ كان يحتاج الكبيرة‪ ".‬وهكذا تجدهم في كل زمن‪.‬‬ ‫عندما تقومين بإخراج صدقات‪ ،‬يقولون‪" :‬بيتك أولى‪ ،‬لماذا تخرجين صدقة؟" عندما‬ ‫تتبرعين لغزة يقولون‪َ" :‬ل‪َ ،‬ل يستحقون‪ ،‬لقد باعوا أراضيهم‪ ،‬هم السبب في ما هم‬ ‫فيه‪ ".‬حتى عندما تقولين‪" :‬سأتصدق في المسجد"‪ ،‬يقولون‪" :‬بيتك وأطفالك أولى‪".‬‬ ‫ما الذي يريدونه بالضبط؟ لماذا دائ ًما يحبطونك؟ لماذا يشعرونك دائ ًما بأن كل طاعة‬ ‫ت معصية يفرحون بذلك؟‬ ‫تقومين بها غير مهمة‪ ،‬وإذا ارتكب ِ‬ ‫هذه المواقف تظهر أن هناك دائ ًما من يحاول أن يثنيك عن الطاعة والخير‪.‬ولكن‬ ‫يجب أن تظلي قوية ومؤمنة بقراراتك التي تتوافق مع رضا هللا‪ ،‬وَل تدعي هؤَلء‬ ‫المحبطين يؤثرون على نيتك الطيبة وأعمالك الصالحة‪.‬فاهلل يعلم ما في القلوب‪ ،‬وهو‬ ‫األعلم بالنوايا‪.‬‬ ‫عًلمات صعبة جدًا‪ ،‬ومعوقون في كل زمان ومكان‪.‬بل إن هذا المعوق موجود معنا‬ ‫ضا‪ ،‬ليس فقط‬‫حتى في حياتنا العادية‪.‬أيها اِلخوة‪ ،‬هناك معوقون في الحياة العادية أي ً‬ ‫في الطاعة والمعصية‪.‬في حياتنا اليومية‪ ،‬عندما تحاول أن تفعل شيئًا في دنياك‪ ،‬تجد‬ ‫دائ ًما من يحبطك ويقول لك‪" :‬يا رجل‪ ،‬هذا بًل فائدة‪ ،‬الدنيا سوداء على أي حال‪،‬‬ ‫األمور ذاهبة إلى الهاوية"‪.‬‬ ‫أنت تعرف الخطاب السلبي هذا الذي أصبح هو الشائع‪ ،‬بغض النظر عن مدى صعوبة‬ ‫ظروفنا‪ ،‬مهما كانت الدنيا واقعة ومهما كانت األزمة كبيرة‪.‬الناس تقول‪" :‬هي ليست‬ ‫ناقصة كًلم محبط"‪.‬حاول أن تعطيني ً‬ ‫أمًل‪ ،‬حاول أن تقول لي كلمة طيبة‪ ،‬كفانا‬ ‫طا‪ ،‬نحن َل نحتاج المزيد من اِلحباط‪.‬‬‫إحبا ً‬ ‫عندما تبدأ في المذاكرة‪ ،‬يقولون لك‪" :‬تذاكر لماذا؟ البًلد هذه ليست بحاجة إلى‬ ‫شهادات"‪.‬وإذا حصلت على شهادة‪ ،‬يقولون‪" :‬الشهادات َل قيمة لها"‪.‬وإذا تركت‬ ‫الشهادة‪ ،‬يقولون لك‪" :‬هذه البًلد تحتاج إلى شهادات"‪.‬ماذا تريد؟ لماذا تحبطني دائ ًما؟‬ ‫إذا لم يكن لديك كلمة طيبة‪ ،‬فًل تقل كلمة سيئة على األقل‪.‬نحتاج دائ ًما إلى كلمات‬ ‫تشجيعية تدفعنا لألمام‪ ،‬وليس إلى إحباط دائم‪.‬دعونا نتعلم كيف ندعم بعضنا البعض‬ ‫بالكلمات الطيبة واألمل‪.‬‬ ‫عًلمات صعبة جدًا‪ ،‬ومعوقون في كل زمان ومكان‪.‬بل إن هذا المعوق موجود معنا‬ ‫ضا‪ ،‬ليس فقط‬‫حتى في حياتنا العادية‪.‬أيها اِلخوة‪ ،‬هناك معوقون في الحياة العادية أي ً‬ ‫في الطاعة والمعصية‪.‬في حياتنا اليومية‪ ،‬عندما تحاول أن تفعل شيئًا في دنياك‪ ،‬تجد‬ ‫دائ ًما من يحبطك ويقول لك‪" :‬يا رجل‪ ،‬هذا بًل فائدة‪ ،‬الدنيا سوداء على أي حال‪،‬‬ ‫األمور ذاهبة إلى الهاوية"‪.‬‬ ‫أنت تعرف الخطاب السلبي هذا الذي أصبح هو الشائع‪ ،‬بغض النظر عن مدى صعوبة‬ ‫ظروفنا‪ ،‬مهما كانت الدنيا واقعة ومهما كانت األزمة كبيرة‪.‬الناس تقول‪" :‬هي ليست‬ ‫ناقصة كًلم محبط"‪.‬حاول أن تعطيني ً‬ ‫أمًل‪ ،‬حاول أن تقول لي كلمة طيبة‪ ،‬كفانا‬ ‫طا‪ ،‬نحن َل نحتاج المزيد من اِلحباط‪.‬‬‫إحبا ً‬ ‫عندما تبدأ في المذاكرة‪ ،‬يقولون لك‪" :‬تذاكر لماذا؟ البًلد هذه ليست بحاجة إلى‬ ‫شهادات"‪.‬وإذا حصلت على شهادة‪ ،‬يقولون‪" :‬الشهادات َل قيمة لها"‪.‬وإذا تركت‬ ‫الشهادة‪ ،‬يقولون لك‪" :‬هذه البًلد تحتاج إلى شهادات"‪.‬ماذا تريد؟ لماذا تحبطني دائ ًما؟‬ ‫إذا لم يكن لديك كلمة طيبة‪ ،‬فًل تقل كلمة سيئة على األقل‪.‬نحن نحتاج دائ ًما إلى كلمات‬ ‫تشجيعية تدفعنا لألمام‪ ،‬وليس إلى إحباط دائم‪.‬دعونا نتعلم كيف ندعم بعضنا البعض‬ ‫بالكلمات الطيبة واألمل‪.‬‬ ‫ابتعد دائ ًما عن هؤَلء الناس‪ ،‬اجعل نصيحتي لكم يا إخواني وأخواتي‪ :‬أي شخص‬ ‫من هؤَلء المعوقين في طريقك‪ ،‬اهرب منه كأنك تهرب من أسد‪َ.‬ل تجعل حولك‬ ‫هؤَلء المعوقين أبداً‪.‬‬ ‫ت َل‬ ‫مبكرا‪ ،‬أن ِ‬ ‫ً‬ ‫ت‬ ‫ت تزوج ِ‬ ‫مبكرا يقولون لها‪" :‬أن ِ‬ ‫ً‬ ‫صحيح‪ ،‬فالشخصة التي تزوجت‬ ‫تزالين صغيرة"‪ ،‬والشخصة التي انتظرت ً‬ ‫قليًل يقولون لها‪" :‬خًلص‪ ،‬القطار فاتك‪،‬‬ ‫ماذا ستفعلين اآلن؟" إذن‪ ،‬ما الذي يريدونه؟‬ ‫األمر األهم هو أن َل تدع هؤَلء األشخاص يعيقون تقدمك أو يثبطون عزيمتك‪.‬احط‬ ‫نفسك بأشخاص يدعمونك ويشجعونك‪ ،‬ويعطونك الطاقة اِليجابية لتستمر في حياتك‬ ‫وتحقيق أهدافك‪.‬دعونا نتعلم أن نقول لبعضنا البعض الكلمات الطيبة التي تزرع األمل‬ ‫والتفاؤل‪.‬نحتاج دائ ًما إلى دعم وتشجيع بعضنا البعض لتحقيق النجاح والسعادة‪.‬‬ ‫ما أردت أن أقوله‪ ،‬أيها اِلخوة واألخوات‪ ،‬هو نصيحة صادقة‪ :‬ابتعدوا عن هؤَلء‬ ‫األشخاص المعوقين في حياتكم‪.‬هؤَلء األشخاص يدمرونكم ببطء دون أن تشعروا‪.‬‬ ‫يجب أن تحيطوا أنفسكم دائ ًما باألشخاص المبشرين‪ ،‬المتفائلين‪ ،‬المتحمسين‪ ،‬الذين‬ ‫يريدون العمل ويريدون التقدم‪.‬تعلموا من النبي صلى هللا عليه وسلم الذي كان دائ ًما‬ ‫يحول أي شيء يبدو سيئًا إلى شيء جيد‪ ،‬ويحول دائ ًما األشياء التي قد تسبب اِلحباط‬ ‫إلى أشياء تجلب التفاؤل‪.‬‬ ‫عندما كان يدخل على شخص مريض ومتعب وفي حالة صعبة‪ ،‬كان يقول له‪َ" :‬ل‬ ‫بأس‪ ،‬طهور إن شاء هللا"‪.‬بهذا كان يوجه تفكيره إلى الجانب اِليجابي‪ ،‬فالمرض‬ ‫يطهر من الذنوب‪.‬لماذا َل تنظر إلى هذه الزاوية؟ المرض الذي هو ألم وتعب‪ ،‬يمكن‬ ‫أن يكون شيئًا جيدًا ألنه يطهر الذنوب‪.‬فرؤية األشياء من هذا الجانب تساعدنا على‬ ‫استقبال األمور بصدر رحب والتفاؤل دائ ًما‪.‬‬ ‫فلنتعلم دائ ًما أن نرى الجانب اِليجابي من األمور‪ ،‬وأن نحيط أنفسنا بمن يدفعوننا‬ ‫لألمام بالكلمات الطيبة والتشجيعية‪.‬إذا لم يكن لديهم كلمة طيبة‪ ،‬فليجنبونا شر كلماتهم‬ ‫السيئة‪.‬دعونا نبني بيئة من األمل والتفاؤل‪ ،‬ونتعلم من النبي صلى هللا عليه وسلم‬ ‫كيف نحول اِلحباط إلى تفاؤل‪.‬‬ ‫في إحدى المرات‪ ،‬جاء أحد الصحابة إلى النبي عليه الصًلة والسًلم قبل إحدى‬ ‫الغزوات‪.‬هذا الصحابي رأى جيش المشركين وعددهم الضخم ومعداتهم الكثيرة‪،‬‬ ‫فحكى للنبي عن تجهيزاتهم‪ ،‬وكان يبدو األمر مخيفًا‪.‬النبي عليه الصًلة والسًلم قلب‬ ‫له المشهد وقال‪"** :‬هذه غنيمة المسلمين غدًا إن شاء هللا‪**".‬‬ ‫هل رأيت كيف قلب الصورة؟ قال‪"** :‬هذه غنيمة المسلمين غدًا إن شاء هللا‪ **".‬هذه‬ ‫الغنيمة ستكون لنا غدًا‪ ،‬من الجيد أنهم أحضروها لكي نأخذها منهم‪.‬ما هذا الكًلم‬ ‫الجميل والتفاؤل!‬ ‫َلبد أن نحيط أنفسنا بأشخاص يقولون كًل ًما جيدًا‪.‬كما قال هللا تعالى‪{** :‬قَ ْد َي ْعلَ ُم َّ‬ ‫َّللاُ‬ ‫َّللاُ ْال ُم َع ِو ِقينَ‬ ‫ْال ُم َع ِو ِقينَ }**‪ ،‬يجب أن نكون حذرين من أن نصبح معوقين‪{**.‬قَ ْد َي ْعلَ ُم َّ‬ ‫ِم ْن ُك ْم َو ْالقَائِ ِلينَ ِ ِِل ْخ َوانِ ِه ْم َهلُ َّم إِلَ ْينَا}**‪.‬هؤَلء الذين يدعون إلى الثمار والراحة والظًلل‪،‬‬ ‫يقولون لك‪" :‬يا رجل‪ ،‬اترك المذاكرة‪ ،‬تعال ارتاح‪ ،‬دماغك يا رجل‪".‬‬ ‫يقولون لك‪" :‬سيبك من طريق الدعوة ووجع الدماغ‪ ،‬تعال نحن هنا في الراحة‪ ،‬ليس‬ ‫لك عًلقة بأي شيء‪ ،‬اترك األمور‪ ،‬تعال إلى الظًلل والثمار‪ ،‬تعال إلى الراحة‬ ‫والهدوء‪".‬‬ ‫ما لك ومال األحزاب والخندق؟ جوعنا وربطنا الحجر على بطوننا‪ ،‬ما هذا الذي أنتم‬ ‫فيه؟ يا رجل‪ ،‬نعود إلى بيوتنا وسط أوَلدنا وخًلص‪.‬‬ ‫لكن هللا يقول‪َ {** :‬هلُ َّم ِإ َل ْينَا َو ََل َيأْتُونَ ْال َبأ ْ َ‬ ‫س ِإ ََّل قَ ِل ً‬ ‫يًل}**‪.‬يعني إذا دعوتهم للمشاركة‬ ‫قليًل‪ ،‬ولكن هللا يعلم المعوقين ويحاسبهم‪.‬‬ ‫في الشدائد‪َ ،‬ل يأتون إَل ً‬ ‫فلنحاول دائ ًما أن نكون من المبشرين والمتفائلين‪ ،‬وأن نبعد عن هؤَلء المعوقين‬ ‫الذين يثبطون عزيمتنا‪.‬‬ ‫بالطبع‪ ،‬يمكن أن يكون هناك ثًلث تفسيرات لماذا يأتون قليًلً‪:‬‬ ‫يًل}** يعني حتى َل يفتضح أمرهم‪.‬هم‬ ‫**{َل يَأْتُونَ ْالبَأ ْ َ‬ ‫س إِ ََّل قَ ِل ً‬ ‫َ‬ ‫‪** -‬التفسير األول**‪:‬‬ ‫َل يغيبون تما ًما‪ ،‬بل يحضرون أحيانًا لكي َل يُكتَشَف أمرهم‪ ،‬فهم يحضرون قليًلً لكي‬ ‫يظهروا كأنهم مؤمنون ويظلوا مستورين‪.‬‬ ‫‪** -‬التفسير الثاني**‪ :‬يذهبون أحيانًا لتثبيط المؤمنين‪ ،‬حيث يتعاونون على هذا األمر‪.‬‬ ‫مجموعة منهم تذهب في إحدى الغزوات لتثبيط المؤمنين‪ ،‬ثم مجموعة أخرى تذهب‬ ‫في غزوة أخرى لذات الهدف‪ ،‬وبذلك يحرصون دائ ًما على نشر روح اِلحباط والخوف‬ ‫بين المؤمنين في كل غزوة‪.‬‬ ‫يًل}** يعني يذهبون إلى الغزوات‬ ‫س ِإ ََّل َق ِل ً‬ ‫**{و ََل َيأْتُونَ ْال َبأ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫‪** -‬التفسير الثالث**‪:‬‬ ‫ضا قَ ِريبًا‬ ‫ع َر ً‬ ‫القريبة التي فيها مغانم‪.‬كما قال تعالى في سورة التوبة‪{** :‬لَ ْو َكانَ َ‬ ‫شقَّةُ}** [التوبة‪.]42 :‬عندما جاءت غزوة‬ ‫علَ ْي ِه ُم ال ُّ‬ ‫وك َولَ ِك ْن بَعُ َد ْ‬ ‫ت َ‬ ‫اصدًا ََلتَّبَعُ َ‬ ‫سفَ ًرا قَ ِ‬ ‫َو َ‬ ‫سيَقُو ُل ْال ُمخَلَّفُونَ‬ ‫خيبر‪ ،‬كانوا يرغبون في الذهاب ألن فيها مغانم‪ ،‬وقال هللا تعالى‪َ {** :‬‬ ‫طلَ ْقت ُ ْم إلى َمغانِ َم ِلت َأ ْ ُخذُوها ذَ ُرونا نَتَّبِ ْع ُك ْم}** [الفتح‪.]15 :‬أرادوا الذهاب لهذه‬ ‫إذا ا ْن َ‬ ‫الغزوة ألن فيها مغانم‪ ،‬ولكن هللا حكم أَل يذهب إلى خيبر إَل من شهد الحديبية‪ ،‬ولم‬ ‫يكن فيها أي منافق‪.‬‬ ‫عندما عرفوا حكم هللا‪ ،‬شعروا بالحزن وقالوا‪" :‬لماذا َل تأخذونا معكم؟ خيبر جميلة!"‬ ‫لكن هللا كشف أمرهم ألنهم لم يأتوا في الغزوات األخرى إَل لغرض المغانم فقط‪.‬‬ ‫اختاروا خيبر عشان قريبة عشان فيها مغانم‪َ { ،‬ذ ُرونا نَتَّبِ ْع ُك ْم }‪ ،‬عشان كده قال‪{ :‬‬ ‫َّللاُ ِمن قَ ْب ُل َو ََل َيأْتُونَ ْال َبأ ْ َ‬ ‫س ِإ ََّل‬ ‫َّللا قُ ْل لَ ْن تَت َّ ِبعُونَا َكذَ ِل ُك ْم قا َل َّ‬ ‫أن يُ َب ِدلُوا َك َ‬ ‫ًلم َّ ِ‬ ‫ي ُِريدُونَ ْ‬ ‫علَ ْي ُك ْم}‪.‬ده برضو نفس الكًلم من باب نفس اِلحباط‪.‬‬ ‫يًل }‪.‬ثم قال تعالى‪{ :‬أ َ ِش َّحةً َ‬ ‫قَ ِل ً‬ ‫علَ ْي ُك ْم}؟ لها معنيين‪:‬‬ ‫يعني إيه {أ َ ِش َّحةً َ‬ ‫علَ ْي ُك ْم} بالخير أو بما ينفعكم عمو ًما‪ ،‬أو بالشفقة أو‬ ‫المعنى األول‪{ :‬أ َ ِش َّحةً َ‬ ‫بالتعاطف‪ ،‬أو بالمشاعر أو بالكًلم المحفز‪ ،‬أو بالنفقة‪{.‬أ َ ِش َّحةً َ‬ ‫علَ ْي ُك ْم} يعني ما‬ ‫بيطلعلكش أي حاجة‪َ ،‬ل نفقة وَل يقف جنبك بجسمه‪ ،‬وَل حتى بكلمة حلوة‪ ،‬وَل حتى‬ ‫يعني يطبطب عليك وَل يتعاطف معك حتى‪.‬ده ايه ده! ده أسود خالص‪.‬تمام؟ فدي‬ ‫صفة وحشة جدًا‪ ،‬اِلنسان يكون شحيح مع اآلخرين‪.‬وده حال المنافق‪ ،‬أنه مع‬ ‫المؤمن حتى في النصح‪.‬يعني لو خدت منه َل أنت وقفت معه ببدنك‪ ،‬وَل نصفتني‬ ‫بنفسك‪ ،‬وَل بمالك‪ ،‬وَل بنصيحة‪ ،‬وَل حتى قلت لي كلمة حلوة‪ ،‬يا أخي قولي "هللا‬ ‫ينور"‪.‬تمام؟ وَل حتى كفيت أذاك عني‪ ،‬وَل المشاعر‪.‬‬ ‫تعرف السيدة عائشة في حادثة اِلفك عندما تعرضت لًلتهام في عرضها؟ تحكي موقفًا‬ ‫تقول فيه‪" :‬كنت جالسة في البيت فدخلت امرأة من األنصار وبكت ثم انصرفت"‪.‬‬ ‫تخيل معي امرأة من األنصار َل تعلم ماذا تفعل‪ ،‬ترغب في تقديم أي شيء للسيدة‬ ‫عائشة لكنها َل تعرف كيف‪ ،‬فجلست بجانبها وبكت ثم رحلت‪.‬تقول السيدة عائشة‪:‬‬ ‫كثيرا‪ ،‬وهللا خفف عني‪ ،‬كتر خيرها‪ ،‬أعطتني حتى تعاطفًا"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫"أثر ذلك ف َّ‬ ‫بعض الناس منا يا جماعة بخًلء حتى بالمشاعر وهذه صفة قبيحة جدًا جدًا‪.‬نحتاج أن‬ ‫َل نكون أشحاء على الناس‪.‬اآلن أمامي موقف يجب أن أكون فيه إيجابيًا بأي درجة‬ ‫من اِليجابية‪.‬أول شيء أفكر فيه هو أعلى درجة من اِليجابية؛ أن أساعدك بنفسي‬ ‫وأقف بجانبك فعليًا‪.‬إذا لم أستطع‪ ،‬أساعد بمالي‪.‬إذا لم أستطع‪ ،‬أتصل بك بالتليفون‪،‬‬ ‫أو أستخدم وجهيتي وعًلقاتي‪.‬إذا لم أستطع‪ ،‬أقدم لك نصيحة حول ما تفعله‪.‬إذا لم‬ ‫أستطع‪ ،‬أقول لك كلمة طيبة‪ ،‬مثل "هللا يقويك‪ ،‬هللا ييسر لك الخير‪ ،‬وهللا قلبي معك‪،‬‬ ‫وهللا أنت بخير فًل تقلق‪ ،‬اثبت في الدعوة‪ ،‬شد حيلك‪ ،‬وهللا هناك ثمرة طيبة إن شاء‬ ‫هللا‪ ،‬وربنا يرى عملك‪ ،‬هللا يبارك لك على النقاب الذي لبستيه‪ ،‬وهللا ربنا يزيد من‬ ‫أمثالك"‪َ.‬ل أعلم ماذا يمكنني أن أفعل لك ألثبتك‪ ،‬لكن أقول لك كلمة من قلبي وجزاك‬ ‫خيرا‪.‬‬ ‫هللا ً‬ ‫كثيرا‪.‬قد تغير كلمة‬ ‫ً‬ ‫يعني البنات مع البنات والشباب مع الشباب‪ ،‬الكًلم بيفرق‬ ‫يوم شخص ما‪ ،‬قد تقول لك‪" :‬أنت أول من قال لي كلمة حلوة‪ ،‬كتر خيرك‪ ،‬كنت‬ ‫أشعر باِلحباط وَل أحد قال لي كلمة حلوة منذ أن لبست الحجاب الشرعي"‪.‬شخص‬ ‫قد يقول‪" :‬هللا ينور‪ ،‬أنت الوحيد الذي تنصحنا في الدفعة‪ ،‬كتر خيرك يا أخي‪ ،‬الجميع‬ ‫يحبطني"‪.‬أحيانًا تكون الكلمة المنتظرة هذه هي الفارق الكبير‪.‬‬ ‫وفعًلً الناس تنتظر كلمة وَل يجب أن نبخل بالكًلم‪.‬أحيانًا يكون لدينا طبع قبيح بأننا‬ ‫لدينا شح‪ ،‬بمعنى أننا نبخل بالكلمات الطيبة‪.‬قد أكون في موقف وأستطيع التعليق لكنني‬ ‫أقول َل‪ ،‬لماذا؟ لماذا لم أعلق؟ قد يكون تعليقك فارقًا ً‬ ‫كبيرا‪ ،‬لو قلت لي "هللا ينور"‪ ،‬أو‬ ‫"كتر خيرك"‪ ،‬أو "أنا استفدت منك"‪.‬‬ ‫حتى في بيوتنا مع أوَلدنا‪ ،‬الزوجة مع زوجها‪ ،‬الزوج مع زوجته‪ ،‬الشح في الكلمات‬ ‫الطيبة يجعل البيت كئيبًا‪.‬‬ ‫يأتيني الكثير من المشاكل‪ ،‬وأحيانًا تكون مشاكل بسيطة لكنها مؤثرة‪.‬مثًلً‪ ،‬امرأة‬ ‫قالت إن مشكلتها مع زوجها تكمن في أنه كريم وطيب ويقوم بواجبه في البيت بشكل‬ ‫ممتاز‪ ،‬لكن َل يقول لها كلمات حلوة‪.‬تعمل في المنزل‪ ،‬تطبخ وتنظف‪ ،‬لكنه لم يقل‬ ‫لها مرة "أكلك لذيذ"‪ ،‬أو "هللا ينور"‪.‬تتزين وتتعامل معه بلطف‪ ،‬لكنه لم يقل لها يو ًما‬ ‫أجملك"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫"ما‬ ‫كانت مشكلتها معه في الكلمات الطيبة فقط‪.‬هو بخيل بالكلمات‪َ ،‬ل يريد أن يقول‬ ‫كلمات جميلة‪ ،‬يعتقد أن ذلك ليس له فائدة‪.‬لكن الكلمات تغير الكثير‪ ،‬فهي ترفع من‬ ‫معنويات الشخص وتشجعه‪.‬‬ ‫الكلمة يمكن أن تُحيي بيتًا أو تُميته‪ ،‬تُحيي زوجة أو تُميتها‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬يمكن‬ ‫ضا‪.‬الزوج يعمل بجد ويكافح‪ ،‬لكن زوجته لم تقل له‬‫للكلمة الطيبة أن تُحيي زو ًجا أي ً‬ ‫مرة "كتر خيرك"‪ ،‬لم تُعبر له عن تقديرها‪ ،‬لم تقبل يده وتقول له "نحن نقدر تعبك‬ ‫معنا‪ ،‬كتر خيرك"‪.‬كلمة واحدة يمكن أن تجعله يستمر في العمل بشغف لشهور‬ ‫دون أن يحتاج كلمة أخرى‪.‬‬ ‫فًل تكن شحي ًحا بالكًلم الحلو‪ ،‬هذا هو الحد األدنى‪.‬لماذا نبخل بالكلمة؟ المشكلة أننا‬ ‫سا‪ ،‬حتى بالمشاعر‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬إذا كان ابنك يذاكر‪ ،‬اجلس‬ ‫نمتلك طابعًا معاك ً‬ ‫بجانبه‪.‬ربما يسألك‪" :‬ما لك يا بابا؟" فتجيبه‪" :‬أنا جئت فقط ألشعرك أنني بجانبك‪".‬‬ ‫عندما يسهر ابنك يذاكر‪َ ،‬ل تذهب لتنام‪ ،‬اسهر بجانبه‪.‬قد يقول‪" :‬بابا‪ ،‬اذهب للنوم‪".‬‬ ‫فتجيبه‪َ" :‬ل‪ ،‬سأبقى حتى تنتهي‪ ".‬فيسألك‪" :‬لماذا تجلس؟" فتجيبه‪" :‬أجلس فقط ألشعرك‬ ‫كثيرا‪.‬اَلبن سيقول‪َ" :‬ل أنسى أن أبي كان يجلس بجانبي‬ ‫ً‬ ‫أنني بجانبك‪ ".‬وهللا تفرق‬ ‫وأنا أذاكر‪ ،‬وهللا العظيم أبي َل يوجد مثله في الدنيا‪ ".‬مع أن أباه قد فعل الكثير‪ ،‬لكنه‬ ‫َل ينسى هذا األمر‪.‬كان يجلس بجانبه وَل ينام حتى ينام هو‪.‬وكانت أمه تقف في‬ ‫البلكونة تراقبه حتى ينتهي من الشارع‪.‬غريبة هذه األم! طيبة جدًا! تجبر بخاطره‬ ‫دائ ًما‪.‬‬ ‫فًل تكن شحي ًحا بالمشاعر‪ ،‬هذا هو أبشع شيء يمكنك فعله‪.‬التعبير عن المشاعر الطيبة‬ ‫َل يكلفك شيئًا‪.‬قل كلمة حلوة‪ ،‬اجعلني أشعر بوجودك وتعاطفك‪.‬هذه األمور َل يجب‬ ‫أن تُطلب‪ ،‬إما أن تخرج منك بطبيعتها أو َل تكون صادقًا‪.‬‬ ‫أنا أطلب الحد األدنى‪ ،‬وأريد أكثر من ذلك‪.‬أريد كلمات طيبة وأريد مساعدتك المادية‪،‬‬ ‫أريد مساعدتك ببدنك‪ ،‬وأريد مساعدتك بعًلقاتك وبمكانتك‪.‬نحن لألسف بارعون في‬ ‫فورا‪.‬‬ ‫العكس‪.‬إذا رأيت شيئًا خاطئًا‪ ،‬تتحدث ً‬ ‫فورا‪.‬إذا رأيت عيبًا في زميلتك‪ ،‬تعلق ً‬ ‫نحن بارعون في اللوم والعتاب‪ ،‬لكن ماذا عن الكلمات الطيبة؟‬ ‫لقد رأيت في مئة ميزة ولم تتحدث عنها‪.‬لكن عيب واحد َل تسكت عنه‪.‬هذا أمر قبيح‪.‬‬ ‫العيب يجب أن تستره وتتناقش معي على انفراد‪َ ،‬ل أمام الناس‪.‬لقد فعلت مئة شيء‬ ‫جيد أمام الناس‪ ،‬ومع ذلك لم تعبر عن تقديرك‪.‬‬ ‫أليس هذا صحي ًحا؟‬ ‫هذه األمور من صفات المؤمنين‪ ،‬فالمؤمن يجبر الخواطر ويقول كلمة حلوة‬ ‫كصدقة‪ ،‬ويتجنب الكًلم المحبط والمعوق والتثبيط‪.‬هللا تعالى يقول‪{** :‬أ َ ِش َّحةً‬ ‫علَ ْي ُك ْم}**‪ ،‬والمعنى األول هنا هو أنه لن تحصل منهم على أي خير‪.‬‬ ‫َ‬ ‫علَ ْي ُك ْم}** يعني أنهم بخيلون في الغنائم‪ ،‬فعندما تأتي‬ ‫‪** -‬المعنى الثاني**‪{** :‬أ َ ِش َّحةً َ‬ ‫كامًل‪ ،‬رغم أنهم لم يقدموا شيئًا‪.‬هللا تعالى يقول‬ ‫ً‬ ‫الغنيمة‪ ،‬يريدون الحصول على حقهم‬ ‫في سورة المطففين‪َ {** :‬ي ْست َْوفُونَ َو ِإذَا َكالُو ُه ْم أ َ ْو َوزَ نُو ُه ْم ي ُْخ ِس ُرونَ }** [المطففين‪:‬‬ ‫‪.]3‬يستوفون حقهم كامًلً‪ ،‬ولكنهم َل يعطون اآلخرين حقوقهم‪.‬‬ ‫أجرا‪ ،‬يجب‬ ‫يجب أن نكون حذرين من أن نصبح مثل هؤَلء المنافقين‪.‬إذا كنت تأخذ ً‬ ‫أن تعمل بقدر ما يُطلب منك وتؤدي عملك بإخًلص‪َ.‬ل تكن شحي ًحا في العمل كما‬ ‫يكونون شحيحين في العطاء‪.‬‬ ‫ف}**‪...‬‬ ‫ثم قال هللا تعالى‪{** :‬فَإِذَا َجا َء ْالخ َْو ُ‬ ‫ُور أ َ ْعيُنُ ُه ْم َكالَّذِي يُ ْغشَى َ‬ ‫علَ ْي ِه ِمنَ‬ ‫ظ ُرونَ إِلَي َْك تَد ُ‬ ‫{رأ َ ْيت َ ُه ْم يَ ْن ُ‬ ‫ماذا يفعلون؟ قال‪َ :‬‬ ‫ْال َم ْوتِ}‪.‬‬ ‫ف}‪ ،‬يعني إذا جاءت المعركة وكان القتال على األبواب‪ ،‬فستجدهم‬ ‫{فَإِذَا َجا َء ْالخ َْو ُ‬ ‫أجبن الناس وأحقرهم‪.‬يرعبهم الموقف ألنهم َل يرجون الدار اآلخرة‪ ،‬بل يتعلقون‬ ‫بالدنيا بشدة‪.‬عيونهم تتجمد وتدور في محاجرها‪ ،‬متوترة من شدة الخوف‪.‬كما قال‬ ‫هللا تعالى‪ُ { :‬م ْه ِط ِعينَ ُم ْقنِ ِعي ُر ُءو ِس ِه ْم ََل يَ ْرت َ ُّد ِإلَ ْي ِه ْم َ‬ ‫ط ْرفُ ُه ْم} [إبراهيم‪.]43 :‬‬ ‫تشعر أنهم مضطربون من شدة الخوف‪ ،‬وكأنهم في حالة من اِلغماء بسبب اقتراب‬ ‫الموت‪.‬لكن إذا ذهب الخوف وعادت األمان‪ ،‬تراهم أشجع الناس‪ ،‬وأصواتهم ترتفع‬ ‫سلَقُو ُك ْم بِأ َ ْل ِسنَ ٍة ِح َدادٍ}‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫َب ْالخ َْو ُ‬ ‫ف َ‬ ‫بالكًلم الجارح‪ ،‬كما قال هللا تعالى‪{ :‬فَإِذَا ذَه َ‬ ‫علَى ْال َخي ِْر}‪.‬‬ ‫يظلون بخًلء على الخير {أ َ ِش َّحةً َ‬ ‫سلَقُو ُك ْم ِبأ َ ْل ِسنَ ٍة ِح َدادٍ}**؟ في األمان يتحدثون بالكًلم الكبير‬ ‫يعني ماذا تعني **{ َ‬ ‫والفصيح‪ ،‬تجدهم يتحدثون وكأنهم الشجعان وأصحاب المواقف‪.‬كما قال هللا‬ ‫ب‬‫ش ٌ‬‫سا ُم ُه ْم َو ِإ ْن َيقُولُوا ت َ ْس َم ْع ِلقَ ْو ِل ِه ْم َكأَنَّ ُه ْم ُخ ُ‬ ‫**{و ِإذَا َرأ َ ْيت َ ُه ْم ت ُ ْع ِجب َُك أَجْ َ‬ ‫َ‬ ‫تعالى عنهم‪:‬‬ ‫سنَّ َدةٌ}** [المنافقون‪.]4 :‬‬‫ُم َ‬ ‫علَ ْي ِه ْم ُه ُم ْال َعد ُُّو فَاحْ َذ ْر ُه ْم قَاتَلَ ُه ُم َّ‬ ‫َّللاُ أَنَّى‬ ‫سبُونَ ُك َّل َ‬ ‫ص ْي َح ٍة َ‬ ‫ولكن عند الخوف‪{** :‬يَحْ َ‬ ‫يُؤْ فَ ُكونَ }** [المنافقون‪.]4 :‬في األمان يتحدثون عن بطوَلتهم‪" ،‬أنا جامد‪ ،‬أنا فارس‪،‬‬ ‫أنا شجاع‪ ،‬عندما تأتي المواقف سترون ماذا سأفعل‪ ،‬نحن النصرة‪ ،‬نحن النجدة"‪،‬‬ ‫والكًلم الكبير هذا‪.‬‬ ‫سلَقُو ُك ْم}** تعني أنهم بسطوا ألسنتهم بالكًلم البليغ والفصيح‪.‬عندما يستقبلونك‬ ‫**{ َ‬ ‫بعبارات رنانة ومديح ألنفسهم والكًلم الكبير‪ ،‬ولكن عند الجد َل تجدهم‪.‬وهذه من‬ ‫كثيرا ولكن عند الجد َل تجدهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫صفات المنافقين‪ ،‬فيتحدثون‬ ‫فلنتعلم أن َل نقول كًل ًما إَل ونحن قادرون على الوفاء به‪ ،‬وَل نوعد إَل ونحن قادرون‬ ‫على اَللتزام بوعدنا‪ ،‬وَل نصف أنفسنا بصفات َل نملكها‪.‬‬ ‫**{َل ت َ ْح سَ بَ هن ال ه ِّذ ي َن يَفْ َر ُح و َن بِّ َم ا أ َت َْو ا َو ي ُِّح ب ُّو َن أ َ ْن ي ُ ْح َم د ُوا بِّ َم ا لَ ْم يَفْ عَل ُوا فَ ًَل‬ ‫َ‬ ‫ب }** [آل عمران‪] 188 :‬‬ ‫ت َ ْح سَ بَن ه ُه ْم بِّ َم ف َازَ ةٍ ِّم َن الْ عَذ َا ِّ‬ ‫فدائ ام ا َل توصف نفسك بشيء ليس فيك‪ ،‬وحتى إن كان فيك قل‪" :‬إن شاء هللا‬ ‫كثير ا من الناس‬ ‫ا‬ ‫سأفعل وربنا يقدرني"‪ ،‬ووقت الجد كن أول من يبادر‪.‬أرى‬ ‫يتحدثون بسهولة قائلين‪" :‬دوس ونحن معك‪ ،‬وكلنا بجانبك"‪ ،‬ولكن عند التنفيذ‬ ‫تجد نفسك وحدك‪.‬أين الرجال؟ َل يوجد رجال‪ ،‬أو ربما ت جد واحد اا أو اثنين‪،‬‬ ‫هؤَلء هم الحقيقيون‪ ،‬والباقي؟ الباقي على هللا‪.‬‬ ‫فهي مشكلتهم أنهم **{سَ لَق ُوكُ ْم بِّأ َلْ ِّس نَ ٍة ِّح د َادٍ}**‪ ،‬وفي نفس الوقت‬ ‫**{أ َ ِّش هح ة ا عَ لَى الْ َخ ي ِّْر }**‪.‬لماذا؟‬ ‫علَى ْال َخي ِْر}**؟ حتى عندما يصفون أنفسهم بالمحامد‬‫ماذا يعني هنا **{أ َ ِش َّحةً َ‬ ‫والبطوَلت‪ ،‬فإنهم ضمنيًا يذمونكم‪.‬بمعنى‪ ،‬عندما أقول لك "أنا الشجاع‪ ،‬أنا النصرة‪،‬‬ ‫أنا البطل"‪ ،‬فماذا يعني هذا؟ يعني ضمنيًا أنك أنت الجبان‪ ،‬وأنك أنت الذي تخذلنا‪،‬‬ ‫وأنك غير مهم بينما أنا المهم‪.‬‬ ‫كانوا يتهمون المؤمنين بأنهم سبب الخذَلن والخسارة وأنهم الذين جلبوا األحزاب‪.‬‬ ‫حتى عندما يمدحون أنفسهم‪ ،‬فإنهم َل يفعلون ذلك لتشجيعكم بل لتثبيطكم‪ ،‬فهم يمدحون‬ ‫أنفسهم ويذمونكم ضمنيًا‪.‬‬ ‫َّللاُ أ َ ْع َمالَ ُه ْم}**‪.‬كلمة مخيفة‬ ‫ط َّ‬‫هللا تعالى قال‪{** :‬أُولَئِ َك لَ ْم يُؤْ ِمنُوا}**‪ ،‬وأنه **{فَأَحْ َب َ‬ ‫جدًا أن تحبط أعمال شخص بسبب مواقفه وكلماته‪.‬شيء مرعب أن يُحبط عمل‬ ‫الشخص بكلمة واحدة‪.‬‬ ‫كونوا من أصحاب الكلمات التي تصنع الناس‪.‬كم من كلمة صنعت عال ًما أو داعية؟‬ ‫ً‬ ‫مثًل‪ ،‬كلمة واحدة دفعت اِلمام أبو حنيفة لطلب الفقه‪ ،‬عندما قال له أحد العلماء "لو‬ ‫كان هذا في الفقه"‪.‬واِلمام الذهبي‪ ،‬عندما رأى أحد العلماء خطه الجميل‪ ،‬قال له‬ ‫"خطك يشبه خط المحدثين"‪ ،‬فأثرت فيه تلك الكلمة وطلب الحديث حتى أصبح اِلمام‬ ‫الذهبي‪.‬‬ ‫يعني هنالك حكايات كثيرة إذا قلت لكم كم كان عدد الناس الذين كانت بدايتهم كلمة‬ ‫ً‬ ‫جميًل‬ ‫ستدهشون‪.‬فالكلمة يمكن أن تبني‪ ،‬وكلمة يمكن أن تدمر‪ ،‬كلمة تجعل بيتنا‬ ‫وزواجنا سعيدًا‪ ،‬وكلمة يمكن أن تفسد البيت‪.‬فًل تكونوا شحيحين في الخير‪.‬هللا تعالى‬ ‫اب لَ ْم َي ْذ َهبُوا}** من شدة ‪...‬‬ ‫سبُونَ ْاأل َحْ زَ َ‬ ‫يقول‪َ {** :‬يحْ َ‬ ‫ش َّح نَ ْف ِس ِه فَأُولَئِ َك ُه ُم‬ ‫**{و َمن يُوقَ ُ‬ ‫َ‬ ‫دعونا نقول ماذا قال هللا عن الشح‪.‬قال‪:‬‬ ‫ْال ُم ْف ِل ُحونَ }** [سورة الحشر‪ :‬آية ‪.]9‬فما هو الفرق بين الشح والبخل؟ بسرعة‪،‬‬ ‫قالوا الشح هو‪ :‬الحرص على تملك الشيء واقتنائه وتحصيله بجشع‪ ،‬يعني َل يهمه من‬ ‫قد يظلم أو يؤذي أو يسرق ألجل الحصول عليه‪.‬أما البخل فهو منع اِلنفاق بعد‬ ‫الحصول على الشيء‪.‬لذلك‪ ،‬قالوا إن الشح أسوأ من البخل ألن الشح هو سبب البخل‪.‬‬ ‫الحرص على التملك هو السبب في منع اِلنفاق‪.‬لذلك قال هللا الشح وليس البخل‪:‬‬ ‫ش َّح نَ ْف ِس ِه فَأُولَئِ َك ُه ُم ْال ُم ْف ِل ُحونَ }**‪.‬‬ ‫**{و َمن يُوقَ ُ‬ ‫َ‬ ‫اب لَ ْم يَ ْذ َهبُوا}**‪ ،‬من كثرة سوء ظنهم باهلل‪ ،‬يُقال‬ ‫سبُونَ ْاألَحْ زَ َ‬ ‫المهم قال تعالى‪{** :‬يَحْ َ‬ ‫لهم إن األحزاب قد رحلوا‪ ،‬وإن الريح قامت‪ ،‬وإن المًلئكة تدخلت‪ ،‬لكنهم َل يصدقون‬ ‫ألنهم أصًلً غير مؤمنين باهلل‪.‬يعني‪ ،‬كيف يمكن لعشرة آَلف شخص أن يرحلوا؟‬ ‫كيف يمكن أن تأتي ريح؟ كيف يمكن أن تأتي مًلئكة؟ َل يصدقون هذا الكًلم‪.‬‬ ‫اب لَ ْم َي ْذ َهبُوا}**‪ ،‬يعني َل يصدقون أنهم رحلوا فعًلً ويعيشون في‬ ‫سبُونَ ْاألَحْ زَ َ‬ ‫**{ َيحْ َ‬ ‫خوف حتى بعد رحيلهم‪.‬المنافقون دائما ً خائفون من الكفار حتى وهم غير موجودين‪.‬‬ ‫صيبَنَا َدائِ َرةٌ}**‪ ،‬ربما يأتون في يوم من األيام‪ ،‬ربما‪ ،‬ربما‪،‬‬ ‫يقولون‪{** :‬ن َْخشَى أ َ ْن ت ُ ِ‬ ‫يعيشون على ربما‪.‬‬ ‫فيا أخي‪ ،‬هم غير موجودين أصًلً‪ ،‬لماذا تخاف؟ هو يخاف منهم على الغيب‪.‬سبحان‬ ‫اب}**‪ ،‬إذا جاءوا فعًلً ودخلوا؟ يتمنى أَل يكون موجودا ً‬ ‫ت ْاألَحْ زَ ُ‬ ‫**{و ِإ ْن َيأ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫هللا‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫في المدينة‪َ ،‬ل أقول في الصف‪ ،‬بل يتمنى أَل يكون في بيته‪ ،‬يتمنى أن يكون في‬ ‫الصحراء‪{**.‬يَ َو ُّدوا لَ ْو أَنَّ ُه ْم بَادُونَ }**‪ ،‬بادون من البادية‪ ،‬يعني قاعد في البادية‪.‬‬ ‫ب}**‪ ،‬يعني يتمنى أن يختفي من المدينة كلها‪َ ،‬ل يكون من أهل‬ ‫**{بَادُونَ فِي ْاألَع َْرا ِ‬ ‫ع ْن أ َ ْنبَائِ ُك ْم}**‪ ،‬يعني يريد‬ ‫ب يَسْأَلُونَ َ‬ ‫المدينة عندما يدخل العدو‪{**.‬بَادُونَ فِي ْاألَع َْرا ِ‬ ‫أن يسمع عنك من بعيد‪َ ،‬ل يريد أن يراك‪َ ،‬ل يريد أن يحتك بك‪َ ،‬ل يريد أن يكون له‬ ‫عًلقة بك‪.‬‬ ‫ع ْن أ َ ْنبَائِ ُك ْم َولَ ْو َكانُوا فِي ُك ْم َما َقاتَلُوا ِإ ََّل َق ِل ً‬ ‫يًل}** [األحزاب‪.]20 :‬سبحان‬ ‫**{يَسْأَلُونَ َ‬ ‫يًل}**‪ ،‬لشدة الجبن والضعف‪.‬وهذا يعيدني إلى‬ ‫**{ولَ ْو َكانُوا فِي ُك ْم َما قَاتَلُوا ِإ ََّل قَ ِل ً‬ ‫َ‬ ‫هللا!‬ ‫المواقف التي تحدث في بًلد المسلمين‪.‬بعض الناس يقولون‪" :‬الحمد هلل أن‬ ‫موضوع غزة بعيد عنا‪ ،‬الحمد هلل نحن في خير وأمان‪َ ،‬ل عًلقة لنا بأحد"‪.‬‬ ‫هناك ناس فرحون بأنهم بعيدون عن أزمات المسلمين‪.‬وهناك من يتمنى أن يكون‬ ‫معهم‪ ،‬يفعل أي شيء‪ ،‬يقف بجانبهم‪ ،‬حتى بالمشاعر‪.‬يتمنى أن يقف بجانبهم ليشعرهم‬ ‫بأننا معهم‪.‬زعًلن ألنه ليس معهم‪ ،‬ليس ألنه يتمنى البًلء‪ ،‬بل يتمنى نصرة أخيه‪،‬‬ ‫يتمنى أن يكون بجانبه فعًلً‪.‬ولو جاءت له فرصة‪ ،‬سيذهب ليقف بجانبه‪ ،‬حتى لو لم‬ ‫يكن بيده شيء يفعله له‪.‬وهناك من يقول‪" :‬الحمد هلل نحن َل عًلقة لنا بهم‪ ،‬هم في‬ ‫بلدهم ونحن في خير وأمان"‪.‬‬ ‫هناك من يتألم كأنه قاعد معهم‪ ،‬وهناك من يقول‪" :‬ما لنا بهم؟ هم الذين جلبوا هذا على‬ ‫أنفسهم"‪.‬فرحان بأنه في العافية وَل يشعر بأخيه في البًلء‪ ،‬وَل يتألم أللمه‪.‬مجرد‬ ‫**{ولَ ْو‬ ‫َ‬ ‫سؤالك من بعيد بدون حب حقيقي وتعاطف حقيقي َل يكفي‪.‬ثم قال تعالى‪:‬‬ ‫يًل}** [األحزاب‪.]20 :‬ثم قال جل في عًله‪{** :‬لَقَ ْد َكانَ لَ ُك ْم‬ ‫َكانُوا ِفي ُك ْم َما قَاتَلُوا ِإ ََّل قَ ِل ً‬ ‫يرا}**‬ ‫َّللا َو ْاليَ ْو َم ْاآل ِخ َر َوذَ َك َر َّ َ‬ ‫َّللا َكثِ ً‬ ‫َّللاِ أُس َْوة ٌ َح َ‬ ‫سنَةٌ ِل َم ْن َكانَ يَ ْر ُجو َّ َ‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫فِي َر ُ‬ ‫[األحزاب‪.]21 :‬‬ ‫هذه اآليات مناسبتها هي أن تكون مقابل النفاق‪ ،‬العكس‪ ،‬والمثال األعلى‪.‬يعني أيها‬ ‫المؤمنون‪ ،‬دعكم من هؤَلء المنافقين وانظروا إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬ ‫ماذا صنع‪.‬‬ ‫» أول من كان موجودًا في المشهد دائ ًما‪ ،‬حفر الخندق معكم‪ ،‬والصحابة كانوا يرون‬ ‫التراب يهيل على صدر النبي عليه الصًلة والسًلم‪.‬ونزل بيده وكسر الصخرة التي‬ ‫كانت تعوق حفر الخندق بيده الشريفة عليه الصًلة والسًلم‪.‬‬ ‫حجرا‪ ،‬مثل ما نفعل‬ ‫ً‬ ‫» صحابي كان مرة يعاني من شدة الجوع‪ ،‬فكان يربط على بطنه‬ ‫اآلن بعملية تكميم المعدة‪ ،‬كانوا يستخدمون الحجر ليشدوا على بطونهم حتى تضيق‬ ‫حجرا على بطني‪ ،‬فذهبت إلى النبي عليه الصًلة‬ ‫ً‬ ‫وَل يشعروا بالجوع‪.‬فقال‪ :‬كنت أربط‬ ‫والسًلم ألشتكي له‪ ،‬فرأيته قد ربط حجرين على بطنه‪.‬يعني عندما ذهبت‬ ‫ألشتكي‪ ،‬وجدته هو نفسه قد ربط حجرين على بطنه عليه الصًلة والسًلم‪.‬‬ ‫» حتى لما جه صحابي جابر بن عبدهللا جاب له وليمة كان لقى عنده شاة وشوية شعير‬ ‫عمل وليمة وقال يأكل النبي عليه الصًلة والسًلم فلما جت الوليمة النبي عليه الصًلة‬ ‫والسًلم دعا أهل الخندق كلهم وخًلهم كلهم ياكلوا من الوليمة قبل ما هو ياكل عليه‬ ‫الصًلة والسًلم ‪.‬‬ ‫» وكان هذا عادته عليه الصًلة والسًلم في أي موقف؛ أن يكون أسوة حسنة‪.‬عندما‬ ‫حدثت جريمة سرقة وطلب الناس الشفاعة للمرأة السارقة لكي َل تُقطع يدها‪ ،‬صعد‬ ‫المنبر وقال‪" :‬لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"‪.‬‬ ‫» وفي خطبة الوداع قال‪" :‬إن ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين‪ ،‬وأول ربا‬ ‫أضع ربا العباس بن عبد المطلب"‪.‬‬ ‫» وفي غزوة حنين‪ ،‬عندما فرت الناس في أول الغزوة‪ ،‬ركب النبي عليه الصًلة‬ ‫والسًلم بغلته ودخل في صفوف المشركين بنفسه وهو يقول‪" :‬أنا النبي َل كذب‪ ،‬أنا‬ ‫ابن عبد المطلب"‪.‬‬ ‫» وفي يوم الحديبية‪ ،‬عندما انتهى الموضوع وتم الصلح بين النبي والمشركين على‬ ‫أنهم لن يعتمروا هذا العام وسيعودون هذا العام ويتحللون‪ ،‬ويؤدون العمرة في العام‬ ‫التالي‪ ،‬أبرم النبي عليه الصًلة والسًلم اَلتفاق وقال للصحابة‪" :‬تحللوا"‪.‬لم يتحلل‬ ‫أحد منهم‪.‬فدخل على أم سلمة وقال لها‪" :‬هلك الناس‪ ،‬بقول لهم تحللوا ما بيسمعوش‬ ‫كًلمي"‪.‬فقالت له‪" :‬الموضوع بسيط‪ ،‬اطلع أنت وتحلل واذبح هديك وهتشوف ماذا‬ ‫سيحدث"‪.‬فقام بأخذ نصيحتها‪ ،‬حلق شعره‪ ،‬وذبح الهدي‪ ،‬وغير مًلبسه‪ ،‬فالتزم الجميع‬ ‫َّللا أُس َْوة ٌ َح َ‬ ‫سنَةٌ}**‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪.‬لماذا؟ **{لَقَ ْد َكانَ لَ ُك ْم فِي َر ُ‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫وهذا فخر لنا جميعًا‪.‬‬ ‫ومما زادني شرفًا وتي ًها‪ ،،‬وكدت بأخمصي أطأ الثريا‪ ،،‬دخولي تحت قولك يا عبادي‪،،‬‬ ‫أن صيرت أحمد لي نبيًا‪.‬‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫َّللا أُس َْوة ٌ َح َ‬ ‫سنَةٌ}‪.‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬لَقَ ْد َكانَ لَ ُك ْم فِي َر ُ‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫كما أن الخيط الذي يسير معنا هو توقير النبي عليه الصًلة والسًلم وتعظيم قدره‪.‬‬ ‫بل هنا تعظيم قدره يظهر بشكل واضح في شيء مهم‪ ،‬أن هللا جعل النبي عليه‬ ‫يستثن شيئًا‪.‬أنتم تعرفون في حق إبراهيم عليه‬ ‫ِ‬ ‫الصًلة والسًلم أسوة مطلقًا ولم‬ ‫السًلم في سورة الممتحنة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫يم َوالَّذِينَ َم َعهُ ِإ ْذ قَالُوا ِلقَ ْو ِم ِه ْم ِإنَّا ب َُر َءا ُء ِمن ُك ْم‬ ‫سنَةٌ فِي ِإب َْرا ِه َ‬ ‫َت لَ ُك ْم أُس َْوة ٌ َح َ‬‫{قَ ْد َكان ْ‬ ‫ضا ُء أَبَدًا َحتَّى‬ ‫َّللا َكفَ ْرنَا ِب ُك ْم َوبَ َدا بَ ْينَنَا َوبَ ْينَ ُك ُم ْال َع َد َاوة ُ َو ْالبَ ْغ َ‬ ‫ُون َّ ِ‬‫َو ِم َّما ت َ ْعبُدُونَ ِمن د ِ‬ ‫ش ْيءٍ }‬ ‫َّللا ِمن َ‬ ‫يم ِأل َ ِبي ِه َأل َ ْست َ ْغ ِف َر َّن لَ َك َو َما أ َ ْم ِلكُ لَ َك ِمنَ َّ ِ‬ ‫اَّلل َوحْ َدهُ ِإ ََّل قَ ْو َل ِإب َْرا ِه َ‬ ‫تُؤْ ِمنُوا ِب َّ ِ‬ ‫[الممتحنة‪]4 :‬‬ ‫يستثن في حال النبي عليه الصًلة‬ ‫ِ‬ ‫فاهلل استثنى فقط موقف إبراهيم مع أبيه ولم‬ ‫والسًلم‪.‬وهذا يدل على علو شأن النبي عليه الصًلة والسًلم على سائر األنبياء‪.‬‬ ‫وقوله تعالى "أسوة حسنة" ألن األسوة قد يُوصف بها الحسن والسيئ‪ ،‬فيقال "أسوة‬ ‫سيئة" ويقال "أسوة حسنة"‪.‬فأكد وقال "أسوة حسنة‪".‬‬ ‫ما الذي استفدته؟ استفدت أن أطبق هذه اآلية في كل موقف وفي كل شيء في‬ ‫حياتي‪.‬أسأل الواضح‪ ،‬ماذا فعل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ كيف كان يأكل؟‬ ‫كيف كان ينام؟ كيف كان يعامل زوجته؟ كيف كان يتعامل عندما يغضب؟ كيف كان‬ ‫يدعو إلى هللا؟ كل شيء‪َ.‬ل يمكن أن يكون هناك شيء في حياتي َل أعرف‬ ‫كيف كان يفعله النبي‪.‬يجب أن يكون لدي شغف لتعلم هديه وسنته والفقه‬ ‫واآلداب الشرعية‪ ،‬وإَل سيكون الكًلم نظريًا فقط وليس له واقع عملي‪.‬‬ ‫َّللا أُس َْوة ٌ َح َ‬ ‫سنَةٌ}‪.‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬لَقَ ْد َكانَ لَ ُك ْم فِي َر ُ‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫أصًل أنت تقول لي اقتدي بالنبي‪ ،‬هذا موضوع‬ ‫ً‬ ‫ولما كان هذا الموضوع ليس ً‬ ‫سهًل‪،‬‬ ‫كبير جدًا‪.‬اقتدي بالنبي عليه الصًلة والسًلم‪ ،‬أنت وضعت لي سقفًا عاليًا جدًا‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬هللا قال إن الموضوع يحتاج إلى قوة إيمان لكي تستطيع فعًلً أن تحاول‬ ‫الوصول‪ ،‬وحتى إن لم تصل‪ ،‬لكنك تحاول القرب من هذا النموذج العالي‪.‬تحتاج‬ ‫إلى إيمانيات عالية جدًا‪ ،‬لذلك قال لمن كان يؤمن باهلل‪ ،‬من كان يرجو هللا هو الذي‬ ‫سيصبرك على هذا الطريق‪.‬فهي طريق ليست سهلة‪.‬أن تقتدي بالنبي عليه الصًلة‬ ‫والسًلم يعني أن يحدث لك ما حدث له‪.‬ما يقال لك إَل ما قد قيل للرسل من قبلك‪.‬‬ ‫نفس الطريق‪.‬فاستعد‪.‬‬ ‫ما الذي سيصبرك؟ أنك تريد وجه هللا‪.‬هذا الذي سيصبرك‪ ،‬غير ذلك ستتعب‪.‬لمن‬ ‫كان يرجو هللا‪ ،‬الذي سيصبرك هو اَلحتساب عند هللا واليوم اآلخر‪.‬والذي سيقويك‬ ‫كثيرا‪.‬فالذكر يقوي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫في الطريق هو ذكر هللا‬ ‫يرا لَ َعلَّ ُك ْم ت ُ ْف ِل ُحونَ } [األنفال‪:‬‬ ‫{ َيا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ِإذَا لَ ِقيت ُ ْم ِفئَةً فَاثْبُتُوا َوا ْذ ُك ُروا َّ َ‬ ‫َّللا َك ِث ً‬ ‫‪]45‬‬ ‫وبعد أن ذكر األسوة الحسنة صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬جاء بالصحابة وتطبيقهم‪.‬لذلك‬ ‫يقول لك‪ ،‬أهم شيء هو القدوة‪ ،‬هذه التي تفرق معنا‪.‬‬ ‫يُقال‪:‬‬ ‫"أن فعل رجل في ألف رجل أفضل من قول ألف رجل لرجل"‬ ‫اكتبوها‪ ،‬إذا فهمتموها‪.‬فعل رجل في ألف رجل تأثيره في ألف رجل خير من قول‬ ‫ألف رجل لرجل‪.‬‬ ‫فاألفعال هي التي تفرق في النهاية‪.‬تكلم كما تريد‪ ،‬لذلك الدعوة في األصل هي‬ ‫أفعال‪ ،‬ونحن ندعم ذلك باألقوال‪.‬لكننا نريد نماذج من الدعاة‪.‬أنت نموذج‪ ،‬كلنا‬ ‫دعاة‪.‬نريد أفعالك تجعل بيتك يحب اَللتزام‪ ،‬ليس بالكًلم فقط‪َ.‬ل تجلس تقول حرام‬ ‫وحًلل وفي النهاية يرون منك العقوق وسوء األدب‪.‬أريد أن يقول البيت بعد فترة‪:‬‬ ‫"نريد أن نكون مثل فًلن"‪.‬أريد أصحابك ينبهرون بالنموذج الجديد‪.‬فهمتم؟ ليس‬ ‫بالكًلم فقط‪ ،‬نعمل أكثر مما نتكلم‪.‬لذلك قال بعدها‪:‬‬ ‫سولُهُ}‬ ‫َّللاُ َو َر ُ‬ ‫{ َولَ َّما َرأَى ْال ُمؤْ ِمنُونَ ْاألَحْ زَ َ‬ ‫اب قَالُوا َهذَا َما َو َ‬ ‫ع َدنَا َّ‬ ‫خد بالك‪ ،‬نفس الموقف هنا‪.‬هؤَلء رأوا وهؤَلء رأوا‪.‬هؤَلء قالوا‪" :‬ما وعدنا هللا‬ ‫غرورا"‪ ،‬المنافقين‪ ،‬وهؤَلء قالوا‪" :‬هذا ما وعدنا هللا ورسوله"‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ورسوله إَل‬ ‫المؤمنين‪.‬عندما رأى المؤمنون األحزاب‪ ،‬تذكروا اآليات‪.‬ما هي اآليات؟ قوله‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫{أ َ ْم َح ِس ْبت ُ ْم أ َ ْن ت َ ْد ُخلُوا ْال َجنَّةَ َولَ َّما يَأْتِ ُك ْم َمث َ ُل الَّذِينَ َخلَ ْوا ِم ْن قَ ْب ِل ُك ْم} [البقرة‪]214 :‬‬ ‫سو ُل َوالَّذِينَ آ َمنُوا َم َعهُ‬ ‫الر ُ‬ ‫ستْ ُه ُم ْالبَأ ْ َ‬ ‫سا ُء َوالض ََّّرا ُء َو ُز ْل ِزلُوا َحتَّى يَقُو َل َّ‬ ‫صحيح‪َ " ،‬م َّ‬ ‫َّللاِ"‪.‬طيب خًلص‪ ،‬ما هو حصل‪.‬إذًا‪ ،‬الذي سيأتي هو النصر‪.‬طالما‬ ‫ص ُر َّ‬ ‫َمت َى نَ ْ‬ ‫وصلنا لقمة اَلبتًلء‪ ،‬فالذي سيأتي هو النصر‪.‬‬ ‫َّللاِ‬ ‫َّللاُ الَّذِينَ َجا َهدُوا ِم ْن ُك ْم َولَ ْم يَت َّ ِخذُوا ِم ْن د ِ‬ ‫ُون َّ‬ ‫{أ َ ْم َح ِس ْبت ُ ْم أ َ ْن تُتْ َر ُكوا َولَ َّما يَ ْعلَ ِم َّ‬ ‫ير ِب َما ت َ ْع َملُونَ } [التوبة‪]16 :‬‬ ‫سو ِل ِه َو ََل ْال ُمؤْ ِمنِينَ َو ِلي َجةً َو َّ‬ ‫َّللاُ َخ ِب ٌ‬ ‫َو ََل َر ُ‬ ‫وبالتالي فهموا أحنا اتقال لنا واتقال لهم‬ ‫اس أ َ ْن ي ُت ْ َر كُ وا أ َ ْن يَق ُول ُوا آ َ َم ن ها َو هُ ْم ََل ي ُفْ ت َن ُو َن (‪َ )2‬و لَقَدْ فَت َن ها‬ ‫ب الن ه ُ‬ ‫{الم (‪ )1‬أ َ َح ِّس َ‬ ‫ن ( ‪[ } ) 3‬العنكبوت]‬ ‫ص د َق ُوا َو لَيَعْ ل َ َم هن الْ كَ ا ِّذ بِّي َ‬ ‫ال ه ِّذ ي َن ِّم ْن قَبْ لِّ ِّه ْم فَلَي َعْ لَ َم هن َّللاه ُ ال ه ِّذ ي َن َ‬ ‫واتقال لهم ‪:‬‬ ‫ك } [فصلت ‪]٤٣‬‬ ‫لر سُ ِّل ِّم ن قَبْ ِّل َ‬‫{ هم ا ي ُقَا ُل لَ َك إَِّل ه َم ا قَدْ قِّي َل ِّل ُّ‬ ‫كل ما قيل لنا في مكة نراه اآلن يتحقق عمليًا‪ ،‬وفهمنا من السنن أن كلما اشتدت األمور‬ ‫اقترب النصر‪.‬ويتضح ذلك في غزوة األحزاب‪ ،‬فقد كانت هذه أعلى درجات الشدة‬ ‫التي واجهها المسلمون‪ ،‬فلم يسبق لهم أن مروا بمثلها قط‪.‬لم يستطيعوا تحمل شدة‬ ‫الخوف‪ ،‬وشدة البرد‪ ،‬وشدة التعب‪ ،‬حتى أوشك األمر على اَلنتهاء‪.‬فتيقنوا أنه طالما‬ ‫وصلوا إلى هذه المرحلة‪ ،‬فإن النهاية باتت قريبة‪.‬‬ ‫لهذا السبب‪ ،‬قال النبي ﷺ بعد انتهاء الغزوة‪ ،‬وبعد أن هبت الرياح وجاءت المًلئكة‪،‬‬ ‫تعرفون ماذا قال النبي؟ قال‪" :‬اليوم نغزوهم وَل يغزونا"‪ ،‬أي أنهم لن يغزوننا بعد‬ ‫اآلن‪ ،‬فقد بلغنا النهاية في الخوف والتعب وكل شيء‪ ،‬وها نحن قد وصلنا إلى القمة‪.‬‬ ‫طالما اشتد الظًلم‪ ،‬فإن الفجر قادم َل محالة‪.‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬لم يقم المشركون بغزو المدينة أبدًا بعد تلك الغزوة‪ ،‬وكل اَلنتصارات التي‬ ‫جاءت بعد ذلك كانت للنبي ﷺ‪.‬فقال المؤمنون‪" :‬هذا ما وعدنا هللا ورسوله"‪.‬‬ ‫إذًا‪ ،‬لماذا تتفاجئين عندما تتعرضين لًلبتًلءات؟ لماذا تستغربين حينما تواجهين‬ ‫سخرية أو تجدي صعوبات‪ ،‬سواء في المال‪ ،‬أو في الزواج‪ ،‬أو غيرهما؟ ألم نتفق‬ ‫على هذا؟ هل تقرئين القرآن حقًا؟‬ ‫المؤمنون األوائل لم يتفاجؤوا؛ فقد قالوا‪ :‬نحن متفقون على هذا‪.‬حتى في بيعة‬ ‫العقبة الثانية‪ ،‬سألوا النبي ﷺ قائلين‪" :‬هل معنى كًلمك أننا سنواجه صعوبات‬ ‫في أموالنا وأهلنا وأبنائنا وسنقطع عًلقاتنا مع كل الناس؟" فأجابهم النبي ﷺ‪" :‬نعم"‪.‬‬ ‫فقالوا‪" :‬وما المقابل؟" فأجابهم‪" :‬الجنة"‪.‬فقالوا‪" :‬إذًا نحن موافقون"‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬نحن متفقون على أن اَللتزام بالدين قد يجلب بعض المتاعب‪ ،‬ولكن نتيجته هي‬ ‫الجنة‪.‬قد تأتيك ابتًلءات‪ ،‬ولكن هللا يرزقك معها الصبر والرضا‪ ،‬مما يجعل قلبك‬ ‫سعيدًا من الداخل رغم كل الصعوبات الخارجية‪.‬وفي النهاية‪ ،‬هناك جنة تنتظرك في‬ ‫اآلخرة‪.‬فستكون لديك جنة في الدنيا في قلبك‪ ،‬وجنة في اآلخرة‪.‬فما أجمل من ذلك؟‬ ‫فًل داعي للتفاجؤ‪ ،‬فليس هناك مفاجآت؛ َل تتصرف وكأنك لم تكن على علم بذلك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جميًل‪" :‬أيهما أحب إليك؟ أن يُم َّكن للمرء أم يُبتلى؟"‬ ‫سئل اِلمام الشافعي سؤاَلً‬ ‫لذا ُ‬ ‫بمعنى‪ :‬هل من األفضل أن يكون اِلنسان ممكنًا في األرض دون ابتًلء‪ ،‬أم يُبتلى‬ ‫أوَلً؟ فأجاب إجابة بليغة فقال‪َ" :‬ل يُمكن حتى يُبتلى"‪ ،‬مما يعني أنها ليست مجرد‬ ‫خيارات‪ ،‬بل مراحل يجب المرور بها؛ إذ َل بد أن يُبتلى المرء ً‬ ‫أوَل‪ ،‬ثم يُمكن له بعد‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫سولُهُ}*‪.‬وعندما رأوا‬ ‫َّللاُ َو َر ُ‬ ‫ص َدقَ َّ‬ ‫سولُهُ َو َ‬ ‫َّللاُ َو َر ُ‬ ‫وقد قال تعالى‪{* :‬قَالُوا َهذَا َما َو َ‬ ‫ع َدنَا َّ‬ ‫*{و َما زَ ا َد ُه ْم ِإ ََّل ِإي َمانًا َوت َ ْس ِلي ًما}*‪.‬‬ ‫الصدق ازداد إيمانهم‪ ،‬كما جاء في قوله‪َ :‬‬ ‫وهذه من األدلة عند أهل السنة على أن اِليمان يزيد وينقص؛ فاِليمان ليس ثابتًا‪ ،‬بل‬ ‫يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية‪ ،‬ويتأثر بما نراه من آيات هللا‪.‬حينما يرى المؤمن‬ ‫*{منَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِر َجا ٌل َ‬ ‫ص َدقُوا َما‬ ‫صدق وعد هللا‪ ،‬فإن إيمانه يزداد‪ ،‬وقد قال هللا تعالى‪ِ :‬‬ ‫ِيًل}*‪.‬‬‫ضى نَحْ َبهُ َو ِم ْن ُه ْم َم ْن َي ْنت َِظ ُر َو َما َب َّدلُوا ت َ ْبد ً‬ ‫علَ ْي ِه فَ ِم ْن ُه ْم َم ْن قَ َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫عا َهدُوا َّ َ‬ ‫َ‬ ‫فهذه اآلية تدل على أن هناك من المؤمنين من صدق عهد هللا‪ ،‬وهناك من لم يصدق‪.‬‬ ‫علَ ْي ِه}*‪.‬فما هو العهد الذي عاهدنا‬ ‫َّللا َ‬ ‫ص َدقُوا َما َ‬ ‫عا َهدُوا َّ َ‬ ‫*{ر َجا ٌل َ‬ ‫لكن من صدقوا هم ِ‬ ‫هللا عليه؟‬ ‫كلنا عاهدنا هللا‪ ،‬ما دمنا مسلمين وراغبين في الجنة‪ ،‬نقرأ القرآن ونعمل به‪.‬فقد‬ ‫عاهدنا هللا على السمع والطاعة‪.‬حتى في بيعة العقبة‪ ،‬عندما عاهدهم الرسول ﷺ قال‬ ‫لهم‪" :‬تبايعونني على السمع والطاعة في المنشط والمكره‪ ،‬وعلى النفقة في العسر‬ ‫واليسر‪ ".‬كما أخذ هللا عهوده على المؤمنين‪ ،‬ومنها ما جاء في قوله تعالى‪{* :‬أ َ ََّل‬ ‫ش ْيئًا َو ََل يَس ِْر ْقنَ َو ََل يَ ْزنِينَ َو ََل يَ ْقت ُ ْلنَ }*‪.‬‬ ‫يُ ْش ِر ْكنَ ِب َّ ِ‬ ‫اَّلل َ‬ ‫إذن‪ ،‬هناك عهو ٌد أُخذت على الصحابة‪ ،‬وأنت كمسلم ينبغي أنك قرأتها‪.‬كل عه ٍد أُخذ‬ ‫ضا؛ فأي عه ٍد تجده في القرآن وأنت مؤمن به‪،‬‬ ‫على الصحابة هو عه ٌد أُخذ عليك أي ً‬ ‫فقد وافقت عليه ضمنيًا‪.‬‬ ‫ض َو ْال ِجبَا ِل فَأَبَيْنَ أ َ ْن‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِ‬ ‫اوا ِ‬ ‫س َم َ‬ ‫ضنَا ْاأل َ َمانَةَ َ‬ ‫علَى ال َّ‬ ‫ع َر ْ‬ ‫يقول هللا تعالى‪ِ {* :‬إنَّا َ‬ ‫ان}*‪.‬أنت قد حملت هذه األمانة‪ ،‬وحان اآلن وقت‬ ‫س ُ‬ ‫َيحْ ِم ْلنَ َها َوأ َ ْشفَ ْقنَ ِم ْن َها َو َح َملَ َها ْ ِ‬ ‫اِل ْن َ‬ ‫الوفاء‪.‬كل شيء في حياتك هو عهد وأمانة؛ اِليمان أمانة‪ ،‬الصًلة أمانة‪ ،‬اَللتزام‬ ‫بالسنن أمانة‪ ،‬طلب العلم أمانة‪ ،‬الحجاب أمانة‪ ،‬وترك المعاصي أمانة‪.‬فمن منا‬ ‫سيصدق في هذه العهود؟‬ ‫البذل في الدعوة‪ ،‬التضحية في الجهاد‪ ،‬واِلنفاق لنصرة المسلمين وقضاياهم كلها‬ ‫ً‬ ‫"رجاَل" بمعنى الكلمة‪.‬والرجولة هنا َل ترتبط بالجنس؛ فهي‬ ‫عهود‪.‬دعونا نكون‬ ‫موقف وشجاعةٌ وقوة‪ ،‬وليس مجرد صفة للذكور‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫الرجولة في القرآن هي الصدق في العهود والوفاء بها مع هللا‪.‬البعض يعتقد أن الرجولة‬ ‫هي رفع الصوت‪

Use Quizgecko on...
Browser
Browser