تحديد أحكام القانون الأجنبي الواجب تطبيقها ومشكلة الإحالة PDF

Summary

ملخص لمشكلة الإحالة في القانون الدولي الخاص، وتحديد أحكام القانون الأجنبي الواجب تطبيقها. يُناقش النص أيضاً أسباب الإحالة، ودرجاتها، وتوضيح مفهوم الإحالة، وأهميتها. يتناول النص أيضًا مناقشة حول المواقف الفقهية والمحكمة الفرنسية.

Full Transcript

# تحديد أحكام القانون الأجنبي الواجب تطبيقها ومشكلة الإحالة جامعة الشرقية A' SHARQIYAH UNIVERSITY ## مقدمة إذا أشارت قواعد الإسناد الوطنية للقاضي إلى تطبيق قانون أجنبي، لابد في هذه الحالة من تحديد الأحكام الواجب تطبيقها في هذا القانون، هل المقصود بالقانون الواجب تطبيقه كُل ما فيه من قواعد تنظيمية...

# تحديد أحكام القانون الأجنبي الواجب تطبيقها ومشكلة الإحالة جامعة الشرقية A' SHARQIYAH UNIVERSITY ## مقدمة إذا أشارت قواعد الإسناد الوطنية للقاضي إلى تطبيق قانون أجنبي، لابد في هذه الحالة من تحديد الأحكام الواجب تطبيقها في هذا القانون، هل المقصود بالقانون الواجب تطبيقه كُل ما فيه من قواعد تنظيمية (أو إسنادية) وقواعد مادية (أو موضوعية)؟ ## أنواع القواعد من المعلوم أن القانون الخاص في كل دولة يتضمن، بالنسبة إلى كل فئة أو طائفة من المسائل التي يثور بشأنها التنازع، نوعين من القواعد: * **قواعد إسنادية:** تُبين القانون الواجب تطبيقه بشأن هذه الفئة أو الطائفة. * **مواد مادية:** تتعلق بمادة النزاع. ففي القانون العماني مثلا توجد بشأن الزواج وآثاره وانحلاله **قواعد:** تُبّين القانون الواجب تطبيقه بهذا الشأن **و مواد:** المواد 13 و 14 و 15 من القانون المدني). ## مشكلة الإحالة **مثال:** إذا أشارت قاعدة الإسناد العمانية إلى تطبيق قانون الزوج، وكان الزوج فرنسيًا مثلا، فهل يبدأ القاضي العماني بتطبيق قواعد الإسناد الفرنسية المتعلقة بالزواج، والتي تقضي مثلا بتطبيق قانون الموطن المشترك للزوجين، وكان هذا الموطن في لندن؟ أم يتجاهل وجود هذه القواعد، وينتقل إلى تطبيق أحكام الزواج في القانون الفرنسي مباشرة؟. ## مفهوم الإحالة إذا قُلنا إنّه يجب على القاضي في هذه الحالة أن يبدأ بتطبيق قواعد الإسناد في القانون الفرنسي، لأن المقصود به قواعد الإسناد فيه وليس قواعده الموضوعية، فإنه لابد أن ينتقل إلى تطبيق القانون الإنكليزي باعتباره قانون الموطن المشترك للزوجين عملًا بما تقضى به قواعد الإسناد الفرنسية. ويترتب على ذلك انتقال الاختصاص التشريعي في موضوع النزاع من القانون الفرنسي إلى قانون أجنبي آخر عملا بقواعد الإسناد في القانون الفرنسي الذي أشارت إلى تطبيقه قواعد الإسناد العمانية. وهذا الانتقال يسمى في لغة القانون الدولي الخاص "الإحالة". ## أسباب الإحالة أما إذا قُلنا بأن المقصود بالقانون الأجنبي، أي الفرنسي في المثال السابق، أحكامه الموضوعية دون قواعد الإسناد فيه، فإن القانون الفرنسي الواجب تطبيقه يحتفظ باختصاصه، **عندها سيطبق القاضي أحكامه دون أن تصدفه مشكلة الإحالة**. ## المسلك المتبع قبل أن نبين المسلك الذي يجب على القاضي العماني اتباعه في هذا النزاع في ضوء قواعد القانون الدولي الخاص العماني، لابد من أن نعالج أسباب الإحالة، وأشكالها المختلفة، ومبرراتها، وحجج المعارضين لها، وموقف الفقه منها: ## آلية الإحالة وسببها ودرجاتها ### تعريف الإحالة يتبين لنا مما تقدم **أن مشكلة الإحالة تواجه القاضي الوطني عند وجود اختلاف في مضمون قاعدة الإسناد الوطنية عنه في قاعدة الإسناد الأجنبية لجهة القانون الواجب تطبيقه على موضوع النزاع**. أي عندما تقرر قواعد الإسناد في القانون الأجنبي، الذي أشارت قواعد الإسناد الوطنية إلى اختصاصه في موضوع النزاع، **منح الاختصاص لقانون آخر ** **مثال:** كما لو كان النزاع يتعلق بأهلية شخص بريطاني متوطّن في بيروت. وكانت قواعد الإسناد في قانون القاضي الوطني الناظر في النزاع تقضي باختصاص قانون الجنسية. وعندما ينظر هذا القاضي في القانون الانكليزي يجد أن قواعد الإسناد الإنكليزية تشير بتطبيق قانون الموطن أي القانون اللبناني. وعلى هذا يمكن تعريف الإحالة بأنها تعني نقل الاختصاص التشريعي في موضوع النزاع من القانون الأجنبي الواجب تطبيقه بمقتضى قواعد الإسناد الوطنية إلى قانون القاضي أو إلى قانون أجنبي آخر وذلك بمقتضى قواعد الإسناد في القانون الأجنبي الواجب تطبيقه. فالإحالة **لا علاقة لها بالاختصاص القضائي**(لا تعني نقل الاختصاص القضائي من المحاكم الوطنية إلى المحاكم الأجنبية). كما أن مفهوم الإحالة يختلف عن مفهوم الإسناد الذي يتضمن تحديد القانون الواجب تطبيقه بموجب قواعد الإسناد الوطنية. ### سبب الإحالة ترجع الإحالة إلى اختلاف قواعد الإسناد الوطنية عن قواعد الإسناد في القانون الأجنبي الواجب تطبيقه بموجب قاعدة الإسناد في قانون القاضي. وعلى هذا فإن الإحالة لا تظهر في حال تشابه هذه القواعد، كما لا تطرح نفسها على القاضي إلا إذا أخذ بعين الاعتبار قواعد الإسناد في القانون الأجنبي. **يمكن القول: إنها ليست إلا تعبيرا عن وجود تنازع قواعد الإسناد السلبي، أي عندما ترفض قواعد الإسناد في قانون القاضي وفي القانون الأجنبي الواجب تطبيقه منح الاختصاص لقانونها وتعطيها لقانون آخر**. ### درجات الإحالة والإحالة **يمكن أن تأخذ أحد شكلين **: * **إما أن تقضي قواعد الإسناد في القانون الأجنبي الواجب تطبيقه برّد الاختصاص إلى قانون القاضي الذي ينظر النزاع **: **مثال:** كما لو كان الشخص البريطاني في المثال السابق متوطناً في مسقط، فيرتد الاختصاص في هذه الحالة إلى القانون العماني، **وهذه هي الإحالة من الدرجة الأولى، أو إحالة الرجوع كما يُسميها بعضهم، وهي كما نرى تتم من القانون الأجنبي واجب التطبيق إلى قانون القاضي** * **أو أن تقضي قواعد الإسناد الأجنبية بإحالة النزاع إلى قانون دولة أجنبية أخرى:** **مثال:** كما لو كان ذلك الشخص متوطناً في لبنان، فيصبح القانون اللبناني في هذه الحالة هو القانون المختص بحكم النزاع، وهذه هي الإحالة من الدرجة الثانية، وهي تتم، خلافاً للإحالة من الدرجة الأولى من القانون الأجنبي واجب التطبيق بمقتضى قواعد الإسناد الوطنية، **إلى قانون أجنبي آخر غير قانون القاضي**. ## مبررات الإحالة وانتقداتها - والمواقف الاخري بشأنها ظهرت مشكلة الإحالة، في تاريخ القانون الدولي الخاص في بريطانيا **عام 1841** وألمانيا **عام 1861** وفي فرنسا **عام 1878**. ولكنها عندما أخذت بها محكمة النقض الفرنسية في **قضية فوركو الألماني المقيم في فرنسا** من **قانون الموطن الأصلي**، **وهو القانون الألماني القانون الواجب تطبيقه بموجب قواعد الإسناد الفرنسية**، **إلى قانون الموطن الفعلي، وهو القانون الفرنسي الذي أشارت إلى تطبيقه قواعد الإسناد في القانون الألماني**، أثارت ضجة وعراكاً فكريًا بين مناصريها ومنتقديها. ### المبرر الأول للأحالة * **و تتلخص وقائع هذه القضية في أن فوركو ولد من علاقة غير شرعية من الجنسية البافارية، ثم اقام في فرنسا من الخامسة من عمره حتى وفاته تاركا ثروة منقولة طالب بها حواشي المتوفي الطبيعيون وفقا لما يرتبه القانون البافاري. كما طالبت بها الحكومة الفرنسية ايضا باعتبارها مالكة الأموال التي لا وارث لها حسب القانون الفرنسي. ولدى الرجوع الى قاعدة الاسناد في القانون الفرنسي ظهر انها تخضع الميراث في المنقولات الى قانون جنسية المتوفي وهو في هذه الحالة القانون البافاري، ونظرا لان فوركو – رغم طول اقامته في فرنسا - فانه لم يكتسب فيها جنسيتها. فقد وجب على القاضي الرجوع إلى القانون البافاري لحكم النزاع القائم حول ايلولة تركة فوركو . ولما كانت قواعد الاسناد في القانون البافاري تخضع ايلولة التركة لقانون محل اقامة المتوفي المعتاد وهو هنا القانون الفرنسي الذي لا يعترف للحواشي الطبيعيين بالإرث الا اذا كانوا من اخوان واخوات المتوفي ، وحيث انهم من غير هؤلاء فقد رفضت المحكمة طلبهم وحكمت بأيلولة التركة للحكومة الفرنسية باعتبارها وراثة للأموال التي لا وارث لها. ** ### المبررات عند أنصار الإحالة * **إن الحجة الأساسية التي يستند إليها أنصار الإحالة تقوم على المبدأ التالي:** يجب لتطبيق **القانون الأجنبي** الذي أشارت قواعد الإسناد إلى اختصاصه، بالنسبة لحالة معينة، أن يقبل هذا القانون باختصاصه لحكمها. فلا يكفي أن تبين قاعدة الإسناد الوطنية **القانون المختص** بل لابد من أن يقبل هذا القانون باختصاصه. وعلى هذا لا يجوز تطبيق قانون أجنبي معين إلا إذا كانت قواعد الإسناد في هذا القانون تقبل بتطبيقه. * **ويعزز هؤلاء موقفهم بالاستناد إلى نظرتهم للقانون الأجنبي كوحدة متكاملة لا تتجزا، بحيث يجب أن يؤخذ به بكامله بما فيه من قواعد إسناد وقواعد موضوعية. ولا يجوز تطبيق الأحكام الداخلية في القانون الأجنبي إلا إذا كانت قواعد الإسناد في هذا القانون تسمح بذاتها بتطبيقها. وبالتالي فإن تطبيق القاضي الوطني لقانون أجنبي معين في غير الحالات التي حددها المشرع الأجنبي لتطبيقه يُشكل خروجًا عن مبدأ اختصاص هذا القانون، كما حددته له قواعد الإسناد في بلاده، ويُعد بالتالي تعّديًا على سلطان هذا القانون وسيادته. وبناء على ذلك يجب على القاضي الوطني احترام قواعد الإسناد في القانون الأجنبي بالخضوع لما تقضي به أحكامه، وعدم تطبيق الأحكام الداخلية في هذا القانون إلا إذا قبلت بذلك قواعد الإسناد فيه. * **بالإضافة إلى هذه المبررات، يتمسك بعض أنصار الإحالة من الفرنسيين** بحجج أخرى، مفادها أن الإحالة تخدم المصلحة الوطنية الفرنسية لأنها تحقق تبادلا في الحلول في الدول المعينة بها في بعض الحالات، وان عدم الأخذ بها سيؤدي إلى تفويت الفرصة على القضاء الفرنسي لتطبيق القانون الفرنسي. * **كما يضيفون** حججاً أخرى، منها فائدتها العملية، بمعنى أن الإحالة في نظرهم يمكن أن تؤدي إلى انسجام الحلول بين الدول التي تتصل بها العلاقة، وعدم اختلافها باختلاف المحكمة التي يرفع النزاع إليها. * **ومنها أيضًا** ضمان نفاد الحكم الذي يصدره القاضي في النزاع، * وذلك في الدولة التي تمت الإحالة منها، وفي الدولة التي تمت الإحالة إليها على الأقل، * بالإضافة إلى تنفيذ الحكم في دولة القاضي. ## انتقادات الإحالة ### اهم الانتقادات * **إن قبول الإحالة يعني خضوع القاضي الوطني لأوامر المشرع الأجنبي ممثلة بقواعد الإسناد الأجنبية التي تقضي بتطبيق قانون آخر غير القانون الذي أشارت إلى تطبيقه قواعد الإسناد الوطنية. ** و وهذا بنظرهم يُشكل عيباً جوهريًا أساسياً فيها لا يسمح بقبولها في نظام القانون الوطني لأنها تنطوي على مخالفة للقانون الوطني * **وانتهاك لسيادته.** ويؤيد أصحاب هذا الانتقاد موقفهم بقولهم: إن قواعد الإسناد تتوّلى تحديد القانون الواجب تطبيقه سواء كان وطنيًا أم أجنبيا ، يضعها المشرع الوطني وفق فلسفة تشريعية محددة لا تأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية فقط، بل أيضًا متطلبات المجتمع الدولي للأفراد. وعندما تقضي قواعد الإسناد بتطبيق قانون دولة معينة تكون قد فصلت نهائيًا في **مشكلة تنازع القوانين**، ولا يجوز بالتالي النظر فيها مرة ثانية من وجهة نظر المشرع الأجنبي. وعلى القاضي الوطني بعد أن تبين قواعد الإسناد لديه القانون الواجب تطبيقه، وكان هذا القانون أجنبيا، الانتقال إلى تطبيق أحكامه الداخلية المتعلقة بموضوع النزاع دون قواعد تنازع القوانين فيه. لأن المقصود بالقانون الأجنبي الواجب تطبيقه هو قواعده الموضوعية، أي أحكامه الداخلية وليس قواعد الإسناد فيه. * **ويقولون أيضا، ردًا على فكرة انسجام الحلول التي يمكن أن تحققها الإحالة، إن هذه الفائدة ليست ثابتة، فهي لا تتيسر إلا إذا أخذ بها فريق من الدول دون الفريق الآخر، كما أن فائدتها في مجال تنفيذ الأحكام ليست دوماً مؤكدة عمليا، وهي مفترضة وليست واقعية. ** ## المواقف الفقهية الرامية إلى تلافي عيوب الإحالة حاول بعض الفقهاء **تلافي عيوب الإحالة** عن طريق الأخذ بالنتيجة التي تؤدي إليها، اعتماداً على أسس أو أفكار جديدة أهمها: 1. **فكرة قاعدة الإسناد الاحتياطية**: يرى الفقه الفرنسي إمكان قبول الإحالة استناداً إلى وجود قاعدة إسناد احتياطية في قانون القاضي الوطني تؤدي إليها. وبموجب هذه القاعدة إذا عرضت قواعد الإسناد الوطنية الاختصاص على قانون دولة أجنبية، ولكن قواعد القانون الدولي الخاص في هذا القانون رفضت هذا العرض، فإن ذلك يستتبع **تغيير مفهوم قاعدة الإسناد الوطنية الأصلية التي قدمت هذا العرض، وايجاد قاعدة إسناد تبعية أو احتياطية، تحقق الاشتراك في وجهات النظر الوطنية والأجنبية بدلا من قاعدة الإسناد الأصلية، بحيث يتحقق الاشتراك المفترض مع قاعدة الإسناد الأجنبية.** 2. **فكرة الإقليمية**: ويرى الأستاذ الفرنسي نيبواييه قبول الإحالة أيضًا، **ولكن على أساس فكرة الإقليمية.** فهو يرى **أنه عندما يرفض القانون الأجنبي الاختصاص المعروض عليه بموجب قاعدة الإسناد الوطنية لحكم مسألة معينة، فإن هذه المسألة تصبح بلا قانون يحكمها، أي كما يُسميها "علاقة بلا وطن".** ولتحاشي الوقوع في هذه الحالة يرى نيبواييه أنه يجب **في هذه الحالة إعمال المبدأ الأساسي في تنازع القوانين عنده وهو مبدأ الإقليمية. وبموجب هذا المبدأ تخضع هذه العلاقة لقانون القاضي، باعتباره صاحب الاختصاص الرئيسي بحكم جميع المنازعات التي تنشب على إقليم الدولة**. والإحالة التي يقبل بها في **هذه الحالة هي الإحالة من الدرجة الأولى**. 3. **فكرة التنسيق بين قواعد الإسناد والتعايش المشترك بين النظم القانونية:** **قبل الأستاذ الفرنسي باتيفول الإحالة انطلاقاً من الهدف الذي تسعى إليه قواعد الإسناد في مختلف الدول ألا وهو التنسيق بين النظم القانونية المختلفة وتحقيق التعايش المشترك بينهما. ويرى أن هذا الهدف تفرضه الطبيعة الدولية للعلاقات التي تحكمها القانون الدولي الخاص التي تتجلى في ارتباط هذه العلاقات بدولتين أو أكثر.** لأنه من غير المنطقي التفكير في حل مشكلة تنازع القوانين عن طريق قواعد تنازع القوانين الوطنية وحدها وتجاهل **قواعد الإسناد في القانون الأجنبي الواجب تطبيقه بموجب قواعد الإسناد الوطنية.** **فإذا أشارت هذا القواعد الأجنبية إلى وجوب تطبيق قانون أجنبي معين وجب الأخذ بهذا القانون وتطبيقه، وهذا لا يعني عند باتيفول، خضوع القاضي الوطني لأوامر المشرع الأجنبي**، **وخضوع قواعد الإسناد الوطنية لقواعد الإسناد الأجنبية بل شكلا من أشكال التنسيق بينها**، **وفكرة التنسيق هذه ليست مجرد كلمة بل هي حقيقة تمارسها الدول في حالة الإسناد إلى دولة تتعدد فيها الشرائع، إذ يتم في هذه الحالة لتحديد الشريعة الواجب تطبيقها استشارة قواعد التنازع الداخلي في قانون هذه الدولة**. **وعلى هذا يؤيد باتيفول فكرة قبول الإحالة إلى قانون القاضي، ولكنه يرفض الأخذ بها في الحالات التي يستحيل فيها التنسيق بين القانون الوطني والقانون الأجنبي، وهما حالتان:** * **الحالة الأولى**: وهي التي تشير فيها قاعدة الإسناد الوطنية بتطبيق قانون الإرادة، * **الحالة الثانية**: وهي التي تقضي فيها قاعدة الإسناد الوطنية بتطبيق قانون محل الإبرام. ## الإحالة في القانون الدولي الخاص العماني **نصت المادة 27 من القانون المدني العماني على أنه "إذا تقرر أن قانونًا أجنبيًا هو واجب التطبيق فلا يطبق منه إلا أحكامه الداخلية دون تلك التي تتعلق بالقانون الدولي الخاص".** **والمقصود بالأحكام الداخلية في القانون الأجنبي واجب التطبيق** هو الأحكام المادية المتعلقة بموضوع النزاع. **أما القواعد التي تتعلق بالقانون الدولي الخاص فيُقصد بها قواعد الإسناد في القانون الأجنبي واجب التطبيق**. **ويتضح من ذلك أن المشرع قد رفض بشكل واضح وصريح الأخذ بالإحالة، سواء إلى القانون الوطني أم إلى قانون أجنبي آخر، وبالنسبة لكل المسائل سواء تعلقت بالأشخاص أم بالأموال أم بالعقود ... الخ. ** **وعلى هذا** إذا أشارت قواعد الإسناد العمانية إلى وجوب تطبيق قانون أجنبي على موضوع النزاع، **وجب على القاضي تطبيق أحكام هذا القانون الموضوعية دون الالتفات إلى قواعد الإسناد فيه، سواء ** *** *أكانت هذه القواعد تقبل الاختصاص لقانونها أم لا ، أي سواء أكانت تطابق قاعدة الإسناد الوطنية في مضمونها أم تخالفها. ** **ولعل المشرع عندما رفض الإحالة، قد أخذ بعين الاعتبار انتقاداتها المتعلقة بمخالفتها لأوامر المشرع الوطني، وللفلسفة التشريعية التي تقوم عليها قواعد الإسناد الوطنية، باعتبار ذلك يشكل انتهاكًا لسيادة القانون الوطني**. ## الإحالة في المجال التجاري الدولي **لكن يبدو أن المشرع العماني يقبل تطبيق الاحالة في نطاق تحديد القانون الواجب تطبيقه على موضوع النزاع** في التحكيم التجاري الدولي، **بموجب المادة 39 من قانون التحكيم لعام 1997 ، وذلك إذا اتفق الطرفان على ذلك** احترامًا ** لإرادتهما المشتركة التي تهيمن أصلا على عملية التحكيم.** إذ تنص الفقرة 1 من المادة 39 على أنه " تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي اتفق عليها الطرفان واذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك". ***

Use Quizgecko on...
Browser
Browser