مدرسة الإحياء والبعث: محمود سامي البارودي - وثيقة PDF
Document Details
Uploaded by ExtraordinarySard6221
Damascus University
null
Tags
Summary
هذه الوثيقة تُقدم نظرة عامة على حياة الشاعر محمود سامي البارودي، ودوره في تطور الشعر العربي الحديث، و معارضاته للشعراء الكبار. وتُلقي الضوء على أعماله الشعرية وأهميتها.
Full Transcript
مدرسة اإلحياء والبعث البداية مع المؤسس :محمود سامي البارودي ولد محمود سامي البارودي في مصر عام 1838ألسرة شركسية نبيلة تنتمي إلى الطبقة المصرية التركية الحاكمة.درس في المدرسة الحربية تلك المدرسة لم تقدم ل...
مدرسة اإلحياء والبعث البداية مع المؤسس :محمود سامي البارودي ولد محمود سامي البارودي في مصر عام 1838ألسرة شركسية نبيلة تنتمي إلى الطبقة المصرية التركية الحاكمة.درس في المدرسة الحربية تلك المدرسة لم تقدم له أي ثقافة أدبية ,األمر الذي ترك له حرية اتباع ميوله الخاصة فكان يقرأ الشعر بكثرة ونهم ويختزن في ذاكرته اإلبداعية مئات الصور والعبارات الشعرية. وقد ربط العقاد بين ما يدعوه طفرة البارودي الشعرية وشعور الحرية والوطنية التي شعر بها المصريون وتكلل بثورة عرابي ( )1881 – 1879غير أن إنجلترا التي كانت لها أطماع في مصر نفت كل من له عالقة بتلك الثورة ونفت البارودي إلى جزيرة سرنديب في سيرالنكا وبقي فيها أكثر من سبعة عشر عامًا . أغنت المكتبة العربية فكر البارودي وقدمت له نخبة الشعر العربي القديم فتلقاه بصدر رحب وتشرب عناصر الجمال منه وآثر أن يعارض أشعار الشعراء العظام كالمتنبي وأبي فراس الحمداني والنابغة الذبياني والشريف الرضي وغيرهم .و إلبداعه في هذين المجالين استحق لقب "رب السيف والقلم" ؛ حياته العسكرية منحته لقب رب السيف بمعنى سيده ،وريادته لحركة اإلحياء والبعث منحته لقب رب القلم. لم يكن لدى البارودي اتصال حقيقي بشعر مرحلته ؛ فقد كان الشعر في أوائل القرن التاسع عشر متخلفًا وغدا ال يعنى بغير التسلية والمجامالت ،مثقًال بالمحسنات البديعية من جناس وطباق و ....و التمرينات الشكلية من تخميس وتشطير إلى جانب فنون التطريز والتأريخ والتراسل وغيرها من األالعيب الشعرية ،األمر الذي جعل الشعر صنعة ال فنًا . وغدا المفهوم الشائع للشعر الجيد هو أن يكون قائمًا على اختيار بارع للمفردات ،وقدرة على التفوق على الشعراء اآلخرين والتغلب عليهم في لعبة المساجلة.لذا كان عليه أن يخلص نفسه من تكلف عصر االنحطاط وسطحيته ،بإقامة صلة مع أسمى أمثلة الشعر القديمة التي بقيت بسبب قوة لغتها ،وسالمة عبارتها وإطارها العام القوي وجودة المصطلح الشعري فيها ،أمثلة على اإلبداع النموذجي ،ولقد قام البارودي بهذا الدور فكان رائد الشعر العربي ،والرائد في اللغة هو الذي سبق أهله في الطريق. وقد اتبع البارودي في شعره نموذجًا ثابتًا يقوم على مثال الشعر القديم ،وبقي مخلصًا له طوال حياته .وقد قال عنه بعض النقاد( :إن البارودي لم يتحدث عن حياته ولم يقل شعرًا ذاتيًا ؛ وإنما سار على أسلوب القدماء وربما حياته العسكرية أثرت فيه) ،والواقع أن موضوعات الشعر القديم من فروسية وفخر و وصف وشعر حرب ورثاء وحنين وهجاء وحتى المديح تنسج جميعها مع مواقفه األساسية في الحياة. معارضات البارودي : عارض البارودي كثيرًا من الشعراء القدماء ،فأرسى حجر األساس لبنيان المدرسة االتباعية المحدثة في الشعر العربي الحديث.وتكون المعارضة حين يقول الشاعر قصيدة في موضوع ما على بحر وقافية ما فيأتي شاعر آخر يعجب بهذه القصيدة فيقول قصيدة على بحرها وقافيتها وفي موضوعها ويسعى إلى التعلق بها والتفوق عليها ،وقد اشتهر البارودي بمعارضاته الشعرية ،فعارض كبار الشعراء من جاهليين وإسالميين ،و نسج على منوال غرر قصائدهم التي حازت السبق في ميدان الشعر وذاعت شهرتها حتى عرفوا بها ونالوا بفضلها مكان الصدارة ،فنظم على وزنها وقافيتها وبعض معانيها وأغراضها مجاريًا أولئك الشعراء .ومن معارضاته: مع عنترة : أم هل عرفت الدار بعد توهم هل غادر الشعراء من متردم عارضه البارودي بقوله: ولرب تاٍل بَّز شأو مقدم كم غادر الشعراء من متردم وهنا نقلنا البارودي بقوله (كم) من اإلنشاء الطلبي (االستفهام) إلى الخبر مقررًا المعنى الذي تساءل عنه عنترة ؛ فكم من متأخر تفوق على متقدم بإبداعه. مع النابغة: عجالن ذا زاد وغير مزود أمن آل مية رائح أو مغتد قال البارودي: حيران يكأل مستنير الفرقد ظن الظنون فبات غير موسد مع أبي نواس: وميسور ما يرجى لديك عسير أجارة بيتينا أبوك غيور قال البارودي معارضًا : َو َداَرْي ُت ِإ اَّل َم ا َيِنُّم َز ِف يُر َت الَه ْي ُت ِإ اَّل ما ُي ِج ُّن َض ِم يُر َأَج اَر َة َبْي َت ْي َنا َأُبوِك َغ ُي وُر َو َلْو ُك ْنُت َأْد َر ْك ُت الُّنواِس َلْم َي ُق ْل َّي َو َف ْض ِلي َبْي َن اْلَع اَلِم يَن َش ِه يُر َو َم ا َض َّر ِني َأِّني َت َأَّخ ْر ُت َع ْنُه ُم َو َبَّز اْلِج َي اَد الَس اِب َق اِت َأِخ يُر َأَّو ٌل َأ َل َي ا ُر َّبَم ا ْخ ى ِم َن الَّس ْب ِق َف مع المتنبي: و أشكو إليها بيننا وهي جنده أود من األيام ما ال توده يقول البارودي معارضًا تلك النغمة الحزينة في قصيدة المتنبي: وأي امرئ يقوى على الدهر زنده رضيت من الدنيا بما ال أوده مع أبي فراس الحمداني في رومياته: أما للهوى نهي عليك وال أمر أراك عصي الدمع شيمتك الصبر آلنسة في الحي شيمتها الغدر وفيت وفي بعض الوفاء مذلة يعارضها البارودي بقوله: وأصبحت ال يلوي بشيمتي الزجر طربت و عادتني المخيلة والسكر ملول من األيام شيمته الغدر أقاموا زمانًا ثم بدد شملهم نلحظ أن البارودي في معارضاته يلتزم مفردات القصيدة األصلية بدقة كما يلتزم موسيقاها (البحر و الروي والقافية) ولكنه ال يلتزم موضوعاتها كلها ،وال يتقيد بالمعاني كلها ،فيلجأ إلى أساليبه الخاصة من حسن تعليل وجودة بناء وتوسع في المعنى ،وقد يبدأ قصيدته كبداية الشاعر في القصيدة األصلية. ويرى بعض النقاد أنه ال فضل للبارودي في معارضاته إال فضل الصناعة والذكاء ،ما دامت قصائده تتفق والمثال القديم في البحر والقافية والروي ،وشبه البارودي بممثل قدير أتقن دور البدوي فوفاه حقه لغة وشعورًا و زيًا وحركة وخلقه خلقًا جديدًا .كان البارودي في معارضاته مجاريًا ال مقلدًا ولو كان مقلدًا لما كان رائد المدرسة االتباعية في الشعر الحديث ،قال عنه العقاد " :وثب بالعبارة الشعرية وثبة واحدة من طريق الضعف والركاكة إلى طريق الصحة والمتانة ". ونستطيع القول :إن شخصية البارودي لم تذب في معارضاته ذوبانًا تامًا ؛ بل حاول في معظم األحيان أن تكون القصيدة التي يعارضها مصدر إلهام تتفتح به تجاربه الشعرية ،فقد كان محييًا لما مات من الشعر العربي ،وعبقريًا في اتباعه وتعليقه ،وصنع بشعره حلقة وصل بين الشعر القديم والشعر الحديث. ومن شعر البارودي في الرثاء :قصيدة في رثاء زوجته التي توفيت في منفاه في جزيرة سرنديب ،يقول فيها: َو َأَط ْر ِت َأَّي ُش ْع َلٍة ِب ُف َؤ اِد ي َأَي َد اْلَم ُن وِن َق َدْح ِت َأَّي ِز َناِد َو َح َط ْم ِت ُع وِد ي َو ْه َو ُر ْم ُح ِط َراِد َأْو َهْنِت َع ْز ِم ي َو ْه َو َح ْم َلُة َف َل ْي ٍق َك اَنْت ُخ الَص َة ُع َّد ِتي َو َع َتاِد ي يا َدْه ُر ِف يَم َف َج ْع َت ِني ِب َح ِليَلٍة َأَف ال َرِح ْم َت ِم َن اَألسى َأْو الِد ي ِإ ْن ُك ْنَت َلْم َت ْر َح ْم َض َناَي ِلُب ْع ِد َه ا ِب الَّن ْف ِس َع ْنِك َلُك ْنُت َأَّو َل َف اِد ي َلْو َك اَن َه َذ ا الَّدْه ُر َي ْق َب ُل ِف ْد َي ًة ِب ِح َم ى اِإلَم اِم َت ِح َّي ِتي و ِو َداِد ي ِس ْر َيا َنِس يُم َف َب ِّلِغ اْلَق ْب َر اَّلِذ ي َذ َه َب الَّر َد ى ِب ِك َيا ابَنَة اَألْم َج اِد َت اللِه ما َج َّف ْت ُد ُم وعي َبْع َد َم ا َناَح ْت ُم َط َّو َقٌة َع َلى اَألْع َو اِد َف َع َلْي ِك ِم ْن َقْلِب ي الَّتِح َّي ُة ُكَّلَم ا