جزء أول من كتاب تيسير مصطلح الحديث PDF

Document Details

Uploaded by Deleted User

محمود الطحان

Tags

علوم الحديث مصطلح الحديث الحديث النبوي الدراسات الإسلامية

Summary

يُقدم هذا النص فهرساً لجزء أول من كتاب تيسير مصطلح الحديث، للمؤلف محمود الطحان. يغطي هذا الجزء المقدمة العلمية في نشأة علم المصطلح، و أشهر المصنفات فيه، بالإضافة إلى تعريفات أولية، و باب الخبر، و تقسيم الخبر لوصوله إلينا. يحتوي النص على معلومات قيّمة لطلاب الدراسات الإسلامية.

Full Transcript

الجزء الأول من كتاب "تيسير مصطلح الحديث"، للمؤلف: محمود الطحان الفهرس: 9 المقدمة العلمية في نشأة علم المصطلح، وأشهر المصنفات فيه 10 نبذة تاريخية عن نشأة علم المصطلح والأطوار التي مر بها. 13 أشهر المصنفات في علم المصطلح. 17 تعريفات أولية. الباب الأول: الخبر 23 الفصل الأول: تقسيم الخبر بالنس...

الجزء الأول من كتاب "تيسير مصطلح الحديث"، للمؤلف: محمود الطحان الفهرس: 9 المقدمة العلمية في نشأة علم المصطلح، وأشهر المصنفات فيه 10 نبذة تاريخية عن نشأة علم المصطلح والأطوار التي مر بها. 13 أشهر المصنفات في علم المصطلح. 17 تعريفات أولية. الباب الأول: الخبر 23 الفصل الأول: تقسيم الخبر بالنسبة لوصوله إلينا. 23 المبحث الأول: الخبر المتواتر. 26 المبحث الثاني: خبر الآحاد. الفصل الثاني: تقسيما خبر الآحاد، وفيه مبحثان 29 المبحث الأول: تقسيم خبر الآحاد بالنسبة إلى عدد طرقه وفيه ثلاثة مطالب: 30 المطلب الأول: المشهور. 35 المطلب الثاني: العزيز. 38 المطلب الثالث: الغريب. 42 المبحث الثاني: تقسيم خبر الآحاد بالنسبة إلى قوته وضعفه، وفيه مطلبان 43 المطلب الأول: الخبر المقبول، وفيه مقصدان. 43 المقصد الأول: أقسام المقبول. 44 الصحيح. [نهاية الجزء الأول] -=-=-=-=- المقدمة العلمية في نشأة علم المصطلح، وأشهر المصنفات فيه نبذة تاريخية عن نشأة علم المصطلح، والأطوار التي مر بها... المقدمة العلمية: في نشأة علم المصطلح، وأشهر المصنفات فيه: نبذة تاريخية: نشأة علم المصطلح، والأطوار التي مر بها يلاحظ الباحث المتفحص أن الأسس والأركان الأساسية لعلم الرواية، ونقل الأخبار موجودة في الكتاب العزيز، والسنة النبوية، فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [سورة الحجرات: 6] ، وجاء في السنة النبوية قوله صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرأً سمع منا شيئا فبلغه كما سمع؛ فرب مبلغ أوعى من سامع" 1 وفي رواية: "فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه" 2. ففي هذه الآية الكريمة، وهذا الحديث الشريف مبدأ التثبت في أخذ الأخبار، وكيفية ضبطها، بالانتباه لها، ووعيها، والتدقيق في نقلها للآخرين. وامتثالا لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يثبتون في نقل الأخبار وقبولها، ولا سيما إذا شكوا في صدق الناقل لها. فظهر بناءً على هذا موضوع العناية بالإسناد وقيمته __________ 1 الترمذي، كتاب العلم، 5/ 13، حديث 2657، وقال عنه: حسن صحيح. 2 المصدر نفسه، حديث 2656 لكن قال عنه: حسن، وروى الحديث أبو داود، وابن ماجه، وأحمد. (1/10) في قبول الأخبار أو ردِّها. فقد جاء في مقدمة صحيح مسلم عن ابن سيرين: "قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"1. وبناء على أن الخبر لا يُقبَل إلا بعد معرفة سنده، فقد ظهر علم الجرح والتعديل، والكلام على الرواة، ومعرفة المتصل أو المنقطع من الأسانيد، ومعرفة العلل الخفية، وظهر الكلام في بعض الرواة، لكن على قلة، لقلة الرواة المجروحين في أول الأمر. ثم توسع العلماء في ذلك، حتى ظهر البحث في علوم كثيرة تتعلق بالحديث من ناحية ضبطه وكيفية تحمله وأدائه، ومعرفة ناسخه من منسوخه، وغريبه، وغير ذلك، إلا أن ذلك كان يتناقله العلماء شفويا. ثم تطور الأمر، وصارت هذه العلوم تكتب وتسجل، لكن في أمكنة متفرقة من الكتب ممزوجة بغيرها من العلوم الأخرى، كعلم الأصول، وعلم الفقه، وعلم الحديث. مثل كتاب "الرسالة" وكتاب "الأم" كلاهما للإمام الشافعي. وأخيرا لما نضجت العلوم، واستقر الاصطلاح، واستقل كل فن عن غيره، وذلك في القرن الرابع الهجري، وأفرد العلماء علم المصطلح في كتاب مستقل، وكان من أول من أفرده بالتصنيف __________ 1 مقدمة صحيح مسلم، ص15. (1/11) القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي المتوفى سنة 360هـ في كتابه "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي". وسأذكر أشهر المصنفات في علم المصطلح من حين إفراده بالتصنيف إلى يومنا هذا. (1/12) أشهر المصنفات في علم المصطلح: 1- المحدث الفاصل بين الراوي والواعي: صنفه القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي المتوفى سنة 360هـ لكنه لم يستوعب أبحاث المصطلح كلها، وهذا شأن من يفتتح التصنيف في أي علم غالبا. 2- معرفة علوم الحديث: صنفه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، المتوفى سنة 405هـ، لكنه لم يهذب الأبحاث، ولم يرتبها الترتيب الفني المناسب. 3- المستخرج على معرفة علوم الحديث: صنفه أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، المتوفى سنة 430هـ، استدرك فيه على الحاكم ما فاته في كتابه "معرفة علوم الحديث" من قواعد هذا الفن، لكنه ترك أشياء يمكن للمتعقب أن يستدركها عليه أيضا. 4- الكفاية في علم الرواية: صنفه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، المشهور، المتوفى سنة 463هـ، وهو كتاب حافل بتحرير مسائل هذا الفن، وبيان قواعد الرواية، ويعد من أَجَلِّ مصادر هذا العلم. (1/13) 5- الجامع لأخلاق الرواي وآداب السامع: صنفه الخطيب البغدادي أيضا، وهو كتاب يبحث في آداب الرواية، كما هو واضح من تسميته. وهو فريد في بابه، قيم في أبحاثه ومحتوياته. وقَلَّ فنٌّ من فنون علوم الحديث إلا وصنف الخطيب فيه كتابا مفردا. فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: "كل من أنصف عَلِمَ أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه". 6- الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع: صنفه القاضي عياض بن موسى اليحصبي، المتوفى سنة 544هـ، وهو كتاب غير شامل لجميع أبحاث المصطلح، بل هو مقصور على ما يتعلق بكيفية التحمل والأداء، وما يتفرع عنهما، لكنه جيد في بابه، حسن التنسيق والترتيب. 7- ما لا يسع المحدث جهله: صنفه أبو حفص عمر بن عبد المجيد الميانجي، المتوفى سنة 580هـ، وهو جزء صغير، ليس فيه كبير فائدة. 8- علوم الحديث: صنفه أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري، المشهور بابن الصلاح، المتوفى سنة 643هـ، وكتابه هذا مشهور بين الناس بـ "مقدمة ابن الصلاح" وهو من أجود الكتب في المصطلح. جمع فيه مؤلفه ما تفرق في غيره من كتب الخطيب ومن تقدمه، فكان (1/14) كتابا حافلا بالفوائد، لكنه لم يرتبه على الوضع المناسب؛ لأنه أملاه شيئا فشيئا، وهو مع هذا عمدة من جاء بعده من العلماء، فكم من مختصِرٍ له، وناظم، ومعارض له، ومنتصر. 9- التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير: صنفه محيي الدين يحيى بن شرف النووي، المتوفى سنة 676هـ، وكتابه هذا اختصار لكتاب "علوم الحديث" لابن الصلاح، وهو كتاب جيد، لكنه مغلق العبارة أحيانا. 10- تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي: صنفه جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفى سنة 911هـ، وهو شرح لكتاب تقريب النواوي، كما هو واضح من اسمه، جمع فيه مؤلفه من الفوائد الشيء الكثير. 11- نظم الدرر في علم الأثر: صنفها زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي، المتوفى سنة 806هـ، ومشهورة باسم "ألفية العراقي" نظم فيها "علوم الحديث" لابن الصلاح، وزاد عليه، وهي جيدة غزيرة الفوائد، وعليها شروح متعددة، منها شرحان للمؤلف نفسه. 12- فتح المغيث في شرح ألفية الحديث: صنفه محمد بن عبد الرحمن السخاوي، المتوفى سنة (1/15) 902هـ، وهو شرح على ألفية العراقي. وهو من أوفى شروح الألفية وأجودها. 12- نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر: صنفه الحافظ ابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852هـ، وهو جزء صغير مختصر جدًّا، لكنه من أنفع المختصرات وأجودها ترتيبا، ابتكر فيه مؤلفه طريقة في الترتيب والتقسيم لم يسبق إليها، وقد شرحه مؤلفه بشرح سماه "نزهة النظر" كما شرحه غيره. 14- المنظومة البيقونية: صنفها عمر بن محمد البيقوني، المتوفى سنة 1080هـ، وهي من المنظومات المختصرة؛ إذ لا تتجاوز أربعة وثلاثين بيتا، وتعد من المختصرات النافعة المشهورة، وعليها شروح متعددة. 15- قواعد التحديث: صنفه محمد جمال الدين القاسمي، المتوفى سنة 1332هـ وهو كتاب محرر مفيد. وهناك مصنفات أخرى كثيرة، يطول ذكرها، اقتصرت على ذكر المشهور منها. فجزى الله الجميع عنا وعن المسلمين خير الجزاء. (1/16) تعريفات أولية: 1- علم المصطلح: هو علم بأصول وقواعد، يعرف بها أحوال السند والمتن، ومن حيث القبول والرد. 2- موضوعه: موضوعه: السند والمتن من حيث القبول والرد. 3- ثمرته: وثمرته: تمييز الصحيح من السقيم من الأحاديث. 4- الحديث: أ- لغةً: الجديد، ويجمع على أحاديث، على خلاف القياس. ب- اصطلاحا: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة. 5- الخبر: أ- لغة: النبأ، وجمعه أخبار. ب- اصطلاحا: فيه ثلاثة أقوال، وهي: 1- هو مرادف للحديث: أي أن معناها واحد اصطلاحا. (1/17) 2- مغاير له: أي فالحديث: ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخبر: ما جاءه عن غيره. 3- أعلم منه: أي فالحديث: ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخبر: ما جاء عنه أو عن غيره. 6- الأثر: أ- لغة: بقية الشيء. ب- اصطلاحا: فيه قولان؛ هما: 1- هو مرادف للحديث: أي أن معناهما واحد اصطلاحا. 2- مغاير له: وهو ما أضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوال أو أفعال. 7- الإسناد: له معنيان: أ- عزو الحديث إلى قائله مسندا. ب- سلسلة الرجال الموصِّلة للمتن، وهو بهذا المعنى مرادف للسند. 8- السند: أ- لغةً: المعتمد، وسمي كذلك؛ لأن الحديث يستند إليه، ويعتمد عليه. ب- اصطلاحًا: سلسلة الرجال الموصلة للمتن. (1/18) 9- المتن: أ- لغةً: ما صلب وارتفع من الأرض. ب- اصطلاحًا: ما ينتهي إليه السند من الكلام. 10- المسنَد: "بفتح النون". أ- لغةً: اسم مفعول، من أسند الشيء إليه، بمعنى: عزاه ونسبه إليه. ب- اصطلاحًا: له ثلاثة معانٍ: 1- كل كتاب جمع فيه مرويات كل صحابي على حدة. 2- الحديث المرفوع المتصل سندا. 3- أن يراد به "السند" فيكون بهذا المعنى مصدرا ميميا. 11- المسنِد: "بكسر النون". هو من يروي الحديث بسنده، سواء أكان عنده علم به، أم ليس له إلا مجرد الرواية. 12- المحدِّث: هو من يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية، ويطَّلِع على كثير من الروايات، وأحوال رواتها. 13- الحافظ: فيه قولان: أ- مرادف للمحدِّث عند كثير من المحدثين. (1/19) ب- وقيل: هو أرفع درجة من المحدث، بحيث يكون ما يعرفه في كل طبقة أكثر مما يجهله. 14- الحاكم: هو: من أحاط علما بجميع الأحاديث، حتى لا يفوته منها إلا اليسير، وهذا على رأي بعض أهل العلم. (1/20) الباب الأول: الخبر الفصل الأول: تقسيم الخبر بالنسبة لوصوله إلينا المبحث الأول: الخبر المتواتر... الباب الأول: الخبر الفصل الأول: تقسيم الخبر بالنسبة لوصوله إلينا تمهيد: ينقسم الخبر بالنسبة لوصوله إلينا إلى قسمين: 1- فإن كان له طرق غير محصورة بعدد معين، فهو المتواتر. 2- وإن كان له طرق محصورة بعدد معين، فهو الآحاد. ولكل منهما أقسام وتفاصيل، سأذكرها وأبسطها إن شاء الله تعالى، بمبحثين، وهما. المبحث الأول: الخبر المتواتر 1- تعريفه: أ- لغةً: هو اسم فاعل، مشتق من التواتر، أي التتابع، تقول: تواتر المطر، أي تتابع نزوله. ب- اصطلاحًا: ما رواه عدد كثير، تُحِيل العادة تواطُؤَهم على الكذب. 2- شرح التعريف: ومعنى التعريف: أن المتواتر هو الحديث أو الخبر الذي يرويه في (1/23) كل طبقة من طبقات سنده رواة كثيرون، يحكم العقل عادة باستحالة أن يكون أولئك الرواة قد اتفقوا على اختلاق هذا الخبر. 3- شروطه: يتبين من شرح التعريف أن التواتر لا يتحقق في الخبر إلا بشروط أربعة وهي: أ- أن يرويه عدد كثير، وقد اختلف في أقل الكثرة على أقوالٍ، المختار أنه عشرة أشخاص1. ب- أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند. ج- أن تحيل العادة تواطؤهم على الكذب2. د- أن يكون مستند خبرهم الحس؛ كقولهم: سمعنا، أو رأينا، أو لمسنا، أو... أما إن كان مستند خبرهم العقل، كالقول بحدوث العالم مثلا، فلا يسمى الخبر حينئذ متواترا. 4- حُكْمُهُ: المتواتر يفيد العلم الضروري، أي العلم اليقيني الذي يضطر الإنسان إلى التصديق به تصديقا جازما، كمن يشاهد الأمر بنفسه؛ فإنه لا يتردد __________ 1 تدريب الراوي جـ2، ص177. 2 وذلك كأن يكونوا من بلاد مختلفة، وأجناس مختلفة، ومذاهب مختلفة، وما شابه ذلك، وبناء على ذلك فقد يكثر عدد المخبرين ولا يثبت للخبر حكم المتواتر، وقد يقل العدد نسبيا ويثبت للخبر حكم المتواتر، وذلك حسب أحوال الرواة. (1/24) في تصديقه، فكذلك الخبر المتواتر، لذلك كان المتواتر كله مقبولا، ولا حاجة إلى البحث عن أحوال رواته. 5- أقسامه: ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين هما: لفظي، ومعنوي: أ- المتواتر اللفظي: وهو ما تواتر لفظه ومعناه. مثل حديث: "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" 1. رواه بضعة وسبعون صحابيا. ثم استمرت هذه الكثرة -بل زادت- في باقي طبقات السند. ب- المتواتر المعنوي: هو ما تواتر معناه دون لفظه. مثل: أحاديث رفع اليدين في الدعاء، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث، كل حديث منها فيه: أنه رفع يديه في الدعاء، لكنها في قضايا مختلفة، فكل قضية منها لم تتواتر، والقدر المشترك بينها -وهو الرفع عند الدعاء- تواتر باعتبار مجموع الطرق2. 6- وجوده: __________ 1 رواه البخاري، كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم: 1/ 202، حديث 110، بلفظه. ورواه مسلم، كتاب الزهد، باب التثبت في الحديث، وحكم كتابة العلم: 4/ 2298، حديث 72، بلفظه. ورواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والدرامي، وأحمد. 2 تدريب الراوي 2/ 180. (1/25) يوجد عدد لا بأس به من الأحاديث المتواترة، منها حديث الحوض، وحديث المسح على الخفين، وحديث رفع اليدين في الصلاة، وحديث: " نضر الله امرأ"، وغيرها كثير؛ لكن لو نظرنا إلى عدد أحاديث الآحاد لوجدنا أن الأحاديث المتواترة قليلة جدا بالنسبة إليها. 7- أشهر المصنفات فيه: لقد اعتنى العلماء بجمع الأحاديث المتواترة وجعلها في مصنف مستقل؛ ليسهل على الطالب الرجوع إليها، فمن تلك المصنفات: أ- الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة: السيوطي، وهو مرتب على الأبواب. ب- قطف الأزهار: للسيوطي أيضا، وهو تلخيص للكتاب السابق. ج- نظم المتناثر من الحديث المتواتر: لمحمد بن جعفر الكتاني. (1/26) المبحث الثاني: خبر الآحاد 1- تعريفه: أ- لغةً: الآحاد: جمع أحد، بمعنى: الواحد، وخبر الواحد هو: ما يرويه شخص واحد. ب- اصطلاحًا: هو ما لم يجمع شروط المتواتر1. 2- حكمه: يفيد العلم النظري؛ أي العلم المتوقف على النظر والاستدلال. هذا ولخبر الآحاد تقسيمان، كل تقسيم باعتبار. وسأذكر هذين التقسيمين في الفصل الثاني. __________ 1 نزهة النظر ص26. (1/27) الفصل الثاني: تقسيما خبر الآحاد المبحث الأول: تقسيم خبر الآحاد بالنسبة إلى عدد طرقه المطلب الأول: المشهور... الفصل الثاني: تقسيم خبر الآحاد المبحث الأول: تقسيم خبر الآحاد بالنسبة إلى عدد طرقه المطلب الأول: المشهور 1- تعريفه: أ- لغةً: هو اسم مفعول من "شهرت الأمر" إذا أعلنته وأظهرته، وسمي بذلك لظهوره. ب- اصطلاحًا: ما رواه ثلاثة فأكثر -في كل طبقة- ما يبلغ حد التواتر1. 2- مثاله: حديث: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور العلماء، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جُهَّالًا، فسُئِلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" 2. __________ 1 نزهة النظر، ص23، بمعناه. 2 أخرجه البخاري، ومسلم، والطبراني، وأحمد، والخطيب، من طريق أربعة من الصحابة؛ وهم: عبد الله بن عمرو بن العاص، وزياد بن لبيد، وعائشة، وأبو هريرة، فأخرجه البخاري، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم: 1/ 194، حديث 100، بلفظه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وأخرجه مسلم، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه: 4/ 2058، حديث 13، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أيضا، وأخرجه أحمد في المسند 4/ 160، 218، عن زياد بن لبيد، قريبا من معناه، وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، حديث 6403، عن أبي هريرة، وأخرجه الخطيب في تاريخه 5/ 312 عن عائشة. (1/30) 3- المستفيض: أ- لغةً: اسم فاعل، من "استفاض" مشتق من فاض الماء وسمي بذلك لانتشاره. ب- اصطلاحًا: اختلف في تعريفه على ثلاثة أقوال، وهي: - هو مرادف للمشهور. - هو أخص منه؛ لأنه يشترط في المستفيض أن يستوي طرفا إسناده، ولا يشترط ذلك في المشهور. - هو أعم منه، أي هو عكس القول الثاني. 4- المشهور غير الاصطلاحي: ويقصد به ما اشتهر على الألسنة من غير شروط تعتبر؛ فيشمل: أ- ما له إسناد واحد. ب- وما له أكثر من إسناد. ج- وما لا يوجد له إسناد أصلا. 5- أنواع المشهور غير الاصطلاحي: له أنواع كثيرة، أشهرها: أ- مشهور بين أهل الحديث خاصة: ومثاله: حديث أنس: (1/32) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان1. ب- مشهور بين أهل الحديث، والعلماء، والعوام: مثاله: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" 2. ج- مشهور بين الفقهاء: مثاله: حديث: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" 3. د- مشهور بين الأصوليين: مثاله: حديث: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". صححه ابن حبان، والحاكم. هـ- مشهور بين النحاة: مثاله: حديث: "نعم العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه". لا أصل له. و مشهور بين العامة: مثاله: حديث "العجلة من الشيطان". أخرجه الترمذي وحسنه. 6- حكم المشهور: المشهور الاصطلاحي وغير الاصطلاحي لا يوصف بكونه صحيحًا أو غير صحيح ابتداء، لكن بعد البحث يتبين أن منه __________ 1 أخرجه البخاري، كتاب الوتر: 2/ 490، حديث، 1003، بمعناه. وأخرجه مسلم، كتاب المساجد: 1/ 468، حديث 299، بلفظه، وفيه زيادة. 2 أخرجه البخاري، كتاب الإيمان: 1/ 53- حديث 10، وأخرجه مسلم، كتاب الإيمان، حديث 65. 3 صححه الحاكم في المستدرك وأقره الذهبي لكن بلفظ: "ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق". انظر المستدرك، كتاب الطلاق، 2/ 196. (1/33) الصحيح، ومنه الحسن، ومنه الضعيف، ومنه الموضوع أيضا لكن إن صح المشهور الاصطلاحي، فتكون له ميزة ترجحه على العزيز والغريب. 7- أشهر المصنفات فيه: المراد بالمصنفات في الأحاديث المشهورة هي الأحاديث المشهورة على الألسنة، وليست المشهورة اصطلاحا؛ لأنه يؤلف العلماء كتبا في جمع الأحاديث المشهورة اصطلاحا. ومن هذه المصنفات: أ- المقاصد الحسنة، فيما اشتهر على الألسنة، للسخاوي. ب- كشف الخفاء، ومزيل الإلباس، فيما اشتهر من الحديث على ألسنة الناس، للعجلوني. ج- تمييز الطيب من الخبيث، فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث، لابن الدَّيْبَع الشيباني. (1/34) المطلب الثاني: العزيز 1- تعريفه: أ- لغة: هو صفة مشبهة، من "عز يعز" بالكسر، أي قل وندر، أو من "عز يعز" بالفتح، أي قوي واشتد، وسمي بذلك إما لقلة وجوده وندرته، وإما لقوته، بمجيئه من طريق آخر. ب- اصطلاحا: أن لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند. 2- شرح التعريف: يعني ألا يوجد في طبقة من طبقات السند أقل من اثنين؛ أما إن وجد في بعض طبقات السند ثلاثة فأكثر فلا يضر، بشرط أن تبقى ولو طبقة واحدة فيها اثنان؛ لأن العبرة لأقل طبقة من طبقات السند. هذا التعريف هو الراجح، كما حرره الحافظ ابن حجر1، وقال بعض العلماء: إن العزيز: هو رواية اثنين أو ثلاثة، فلم يفصلوه عن المشهور في بعض صوره. __________ 1 انظر النخبة وشرحها له ص21، 24. (1/35) 3- مثاله: ما رواه الشيخان من حديث أنس، والبخاري من حديث أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده، وولده، والناس أجمعين" 1. ورواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب، ورواه عن قتادة شعبة وسعيد، ورواه عن عبد العزيز إسماعيل بن علية وعبد الوارث، ورواه عن كلٍّ جماعة. 4- أشهر المصنفات فيه: لم يصنف العلماء مصنفات خاصة بالحديث العزيز، والظاهر ذلك لقلته، ولعدم حصول فائدة مهمة من تلك المصنفات. وهذا رسم توضيحي للمثال. __________ 1 رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول عن الإيمان، 1/ 85، حديث 15، بلفظه عن أنس، وحديث 14، عن أبي هريرة بلفظه، ونقص: "والناس أجمعين" وزاد في أوله: "فو الذي نفسي بيده". ورواه مسلم، كتاب الإيمان، حديث 69-70، كلاهما عن أنس. (1/36) فهذا حديث يسمى "عزيزا"؛ لأنه لم يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند، وإن زاد في بعض طبقات السند عن اثنين. (1/37) المطلب الثالث: الغريب 1- تعريفه: أ- لغة: هو صفة مشبهة، بمعنى المنفرد، أو البعيد عن أقاربه. ب- اصطلاحا: هو ما ينفرد بروايته راوٍ واحد. 2- شرح التعريف: أي هو الحديث الذي يستقل بروايته شخص واحد، إما في طبقة من طبقات السند، أو في بعض طبقات السند، ولو في واحدة، ولا تضر الزيادة على واحد في باقي طبقات السند؛ لأن العبرة للأقل. 3- تسمية ثانية له: يطلق كثير من العلماء على الغريب اسما آخر، هو "الفرد" على أنهما مترادفان، وغاير بعض العلماء بينهما، فجعل كلا منهما نوعا مستقلا، لكن الحافظ ابن حجر يعدهما مترادفين لغة، واصطلاحا، إلا أنه قال: إن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته، فـ "الفرد" أكثر ما يطلقونه على "الفرد المطلق"، و"الغريب" أكثر ما يطلقونه على "الفرد النسبي"1. __________ 1 نزهة النظر ص28. (1/38) 4- أقسامه: يقسم الغريب بالنسبة لموضع التفرد فيه إلى قسمين، هما: "غريب مطلق" و"غريب نسبي". أ- الغريب المطلق "أو الفرد المطلق": 1- تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أصل سنده، أي ما يتفرد بروايته شخص واحد في أصل سنده1. 2- مثاله: حديث "إنما الأعمال بالنيات" 2 تفرد به عمر بن الخطاب رضي الله عنه. هذا وقد يستمر التفرد إلى آخر السند، وقد يرويه عن ذلك المتفرد عدة من الرواة. ب- الغريب النسبي"أو الفرد النسبي": __________ 1 وأصل السند: هو طرفه الذي فيه الصحابي، والصحابي حلقة من حلقات السند، أي إذا تفرد الصحابي برواية الحديث، فإن الحديث يسمى غريبا غرابة مطلقة, وأما ما فهمه الملَّا علي القاري من كلام الحافظ ابن حجر عندما شرح أصل السند بأنه الموضع الذي يدور الإسناد عليه ويرجع ولو تعددت الطرق إليه، وهو طرفه الذي فيه الصحابي، من أن تفرد الصحابي لا يعد غرابة، وتعليله ذلك بأنه ليس في الصحابة ما يوجب قدحا، أو أن الصحابة كلهم عدول. فما أظن أن ابن حجر أراد ذلك، والله أعلم، بدليل أنه عرف الغريب بقوله: "هو ما ينفرد بروايته شخص واحد في أي موضع وقع التفرد فيه من السند" أي ولو وقع التفرد في موضع الصحابي؛ لأن الصحابي حلقة من حلقات السند، والعلم عند الله تعالى. وعلى كل حال، فما قاله الملا علي القاري هو رأي لبعض أهل الحديث. 2 فرواه البخاري،كتاب الإيمان،حديث 1، ورواه مسلم،كتاب الإمارة، حديث 155. (1/39) 1- تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أثناء سنده1، يرويه أكثر من راوٍ في أصل سنده، ثم ينفرد بروايته واحد عن أولئك الرواة. 2- مثاله: حديث "مالك، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر"2. تفرد به مالك، عن الزهري. 3- سبب التسمية: وسمي هذا القسم بـ "الغريب النسبي"؛ لأن التفرد وقع فيه بالنسبة إلى شخص معين. 5- من أنواع الغريب النسبي: هناك أنواع من الغرابة، أو التفرد يمكن عدها من الغريب النسبي؛ لأن الغرابة فيها ليست مطلقة، وإنما حصلت الغرابة فيها بالنسبة إلى شيء معين، وهذه الأنواع هي: أ- تفرد ثقة برواية الحديث: كقولهم: لم يروه ثقة إلا فلان. ب- تفرد راوٍ معين عن راوٍ معين: كقولهم: "تفرد به فلان عن فلان" وإن كان مرويا من وجوه أخرى عن غيره. ج- تفرد أهل بلد أو أهل جهة: كقولهم: "تفرد به أهل مكة، أو أهل الشام". __________ 1 نزهة النظر، ص28. 2 رواه البخاري، كتاب المغازي، حديث 4286، ورواه مسلم، كتاب الحج، حديث 450. (1/40) د- تفرد أهل بلد، أو جهة عن أهل بلد أو جهة أخرى: كقولهم: "تفرد به أهل البصرة، عن أهل المدينة، أو تفرد به أهل الشام، عن أهل الحجاز". 6- تقسيم آخر له: قسم العلماء الغريب من حيث غرابة السند أو المتن إلى: أ- غريب متنا وإسنادا: وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد. ب- غريب إسنادا، لا متنا: كحديث روى متنه جماعة من الصحابة، انفرد واحد بروايته عن صحابي آخر. وفيه يقول الترمذي: "غريب من هذا الوجه". 7- من مظانِّ الغريب: أي من مكان وجود أمثلة كثيرة له: أ- مسند البزار. ب- المعجم الأوسط، للطبراني. 8- أشهر المصنفات فيه: أ- غرائب مالك، للدارقطني. ب- الأفراد، للدارقطني أيضا. ج- السنن التي تفرد بكل سنة منها أهل بلدة، لأبي داود السجستاني. (1/41) المبحث الثاني: تقسيم خبر الآحاد بالنسبة إلى قوته وضعفه المطلب الأول: الخبر المقبول وفيه مقصدان: - المقصد الأول: أقسام المقبول. - المقصد الثاني: تقسيم المقبول إلى معمول به، وغير معمول به. المقصد الأول: "أقسام المقبول" ينقسم الخبر المقبول -بالنسبة إلى تفاوت مراتبه- إلى قسمين رئيسين، هما: صحيح وحسن. وكل منها ينقسم إلى قسمين فرعيين، هما: لذاته ولغيره، فتئول أقسام المقبول في النهاية إلى أربعة أقسام؛ هي: 1- صحيح لذاته. 2- صحيح لغيره. 3- حسن لذاته. 4- حسن لغيره. وإليك البحث في هذه الأقسام تفصيلا. (1/43) 1- الصحيح 1: 1- تعريفه: أ- لغة: الصحيح: ضد السقيم. وهو حقيقة في الأجسام، مجاز في الحديث، وسائر المعاني. ب- اصطلاحا: ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط، عن مثله إلى منتهاه، من غير شذوذ، ولا علة. 2- شرح التعريف: اشتمل التعريف السابق على أمور يجب توافرها حتى يكون الحديث صحيحا، وهذه الأمور هي: أ- اتصال السند: ومعناه أن كل راوٍ من رواته قد أخذه مباشرة عمن فوقه، من أول السند إلى منتهاه. ب- عدالة الرواة: أي أن كل راوٍ من رواته اتصف بكونه مسلما، بالغا، عاقلا، غير فاسق، وغير محروم المروءة. ج- ضبط الرواة: أي أن كل راوٍ من رواته كان تام الضبط؛ إما ضبط صدر، وإما ضبط كتاب. د- عدم الشذوذ: أي ألا يكون الحديث شاذا. والشذوذ: هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه. هـ- عدم العلة: أي ألا يكون الحديث معلولا، والعلة: __________ 1 أي الصحيح لذاته. (1/44) سبب غامض خفي، يقدح في صحة الحديث، مع أن الظاهر السلامة منه. 3- شروطه: يتبين من شرح التعريف أن شروط الصحيح التي يجب توافرها حتى يكون الحديث صحيحا خمسة، وهي: "اتصال السند، عدالة الرواة، ضبط الرواة، عدم العلة، عدم الشذوذ". فإذا اختل شرط واحد من هذه الشروط الخمسة فلا يسمى الحديث حينئذ صحيحا. 4- مثاله: ما أخرجه البخاري في صحيحه، قال: "حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور"1. فهذا الحديث صحيح؛ لأن: أ- سنده متصل: إذ إن كل راوٍ من رواته سمعه من شيخه. وأما عنعنة2 مالك، وابن شهاب، وابن جبير، فمحمولة على الاتصال؛ لأنهم غير مدلسين. __________ 1 البخاري، كتاب الأذان، باب الجهر في المغرب، 2/ 247، حديث 765، بلفظه. 2 العنعنة: رواية الحديث عن الشيخ بلفظ "عن" وسيأتي تفصيل حكم العنعنة في نوع المعنعن. (1/45) ب، جـ- ولأن رواته عدول ضابطون: وهذه أوصافهم عند علماء الجرح والتعديل. 1- عبد الله بن يوسف: ثقة متقن. 2- مالك بن أنس: إمام حافظ. 3- ابن شهاب الزهري: فقيه حافظ متَّفقٌ على جلالته وإتقانه. 4- محمد بن جبير: ثقة. 5- جبير بن مطعِم: صحابي. د- ولأنه غير شاذ: إذ لم يعارضه ما هو أقوى منه. هـ- ولأنه ليس فيه علة من العلل. 5- حُكْمُهُ: وحكمه: وجوب العمل به بإجماع أهل الحديث، ومن يعتدُّ به من الأصوليين والفقهاء. فهو حجة من حجج الشرع. لا يسع المسلم ترك العمل به. 6- المراد بقولهم: "هذا حديث صحيح" أو "هذا حديث غير صحيح": أ- المراد بقولهم: "هذا حديث صحيح" أن الشروط الخمسة السابقة قد تحققت فيه. لا أنه مقطوع بصحته في نفس الأمر، لجواز الخطأ والنسيان على الثقة. ب- والمراد بقولهم: "هذا حديث غير صحيح" أنه لم تتحقق فيه شروط الصحة الخمسة السابقة كلها أو بعضها، لا أنه (1/46) كذبٌ في نفس الأمر؛ لجواز إصابة من هو كثير الخطأ1. 7- هل يجزم في إسناد أنه أصح الأسانيد مطلقا؟ المختار أنه لا يجزم في إسناد أنه أصح الأسانيد مطلقا؛ لأن تفاوت مراتب الصحة مبني على تمكن الإسناد من شروط الصحة، ويندر تحقق أعلى الدرجات في جميع شروط الصحة، فالأولى الإمساك عن الحكم لإسناد بأنه أصح الأسانيد مطلقا. ومع ذلك فقد نقل عن بعض الأئمة القول في أصح الأسانيد، والظاهر أن كل إمام رجح ما قوي عنده. فمن تلك الأقوال: أن أصحها: أ- الزهري، عن سالم عن أبيه2. روي ذلك عن إسحاق بن راهويه، وأحمد. ب- ابن سيرين، عن عبيدة، عن علي3. روي ذلك عن ابن المديني والفلاس. ج- الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله4. روي ذلك عن ابن معين. د- الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي. روي ذلك عن أبي بكر بن أبي شيبة. هـ- مالك، عن نافع، عن ابن عمر. روي ذلك عن البخاري. __________ 1 انظر تدريب الراوي ج1، ص75-76. 2 هو عبد الله بن عمر بن الخطاب. 3- هو علي بن أبي طالب. 4 هو عبد الله بن مسعود. (1/47) 8- ما هو أول مصنف في الصحيح المجرد؟ أول مصنف في الصحيح المجرد صحيح البخاري، ثم صحيح مسلم. وهما أصح الكتب بعد القرآن، وقد أجمعت الأمة على تلقي كتابيهما بالقبول. أ- أيهما أصح: والبخاري أصحهما، وأكثرهما فوائد؛ وذلك لأن أحاديث البخاري أشد اتصالا، وأوثق رجالا، ولأن فيه من الاستنباطات الفقهية، والنكت الحكمية ما ليس في صحيح مسلم. هذا وكون صحيح البخاري أصح من صحيح مسلم إنما هو باعتبار المجموع، وإلا فقد يوجد بعض الأحاديث في مسلم أقوى من بعض الأحاديث في البخاري. وقيل: إن صحيح مسلم أصح، والصواب هو القول الأول. ب- هل استوعبا الصحيح، أو التزماه؟ لم يستوعب البخاري ومسلم الصحيح في صحيحيهما، ولا التزماه. فقد قال البخاري: "ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول"1. وقال مسلم: "ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا، إنما وضعت ما أجمعوا عليه"2. __________ 1 وفي بعض الروايات "لملال الطول" والمعنى أنه ترك رواية كثير من الأحاديث الصحيحة في كتابه خشية أن يطول الكتاب، فيمل الناس من طوله. 2- أي ما وجد عنده فيها شرائط الصحيح المجمع عليها. (1/48) جـ- هل فاتهما شيء كثير أو قليل من الصحيح؟ 1- قال الحافظ ابن الأخرم: لم يفتهما إلا القليل. وأنكر هذا عليه. 2- والصحيح أنه فاتهما شيء كثير، فقد نقل عن البخاري أنه قال: "وما تركت من الصحاح أكثر" وقال: "أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح"1. د- كم عدد الأحاديث في كل منهما؟ 1- البخاري: جملة ما فيه سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بالمكررة، وبحذف المكررة أربعة آلاف. 2- مسلم: جملة ما فيه اثنا عشر ألفا بالمكررة، وبحذف المكررة نحو أربعة آلاف. هـ- أين نجد بقية الأحاديث الصحيحة التي فاتت البخاري ومسلما؟ تجدها في الكتب المعتمدة المشهورة، كصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم، والسنن الأربعة، وسنن الدارقطني، وسنن البيهقي، وغيرها. ولا يكفي وجود الحديث في هذه الكتب، بل لا بد من __________ 1 علوم الحديث ص16. (1/49) التنصيص على صحته، إلا في كتاب من شرط الاقتصار على إخراج الصحيح، كصحيح ابن خزيمة. 9- الكلام على مستدرك الحاكم، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان: أ- مستدرك الحاكم: هو كتاب ضخم من كتب الحديث، ذكر مؤلفه فيه الأحاديث الصحيحة التي على شرط الشيخين أو على شرط أحدهما، ولم يخرجاها، كما ذكر الأحاديث الصحيحة عنده وإن لم تكن على شرط واحد منهما، معبرا عنها بأنها صحيحة الإسناد، وربما ذكر بعض الأحاديث التي لم تصح، لكنه نبه عليها، وهو متساهل في التصحيح، فينبغي أن يتتبع ويحكم على أحاديثه بما يليق بحالها، ولقد تتبعه الذهبي وحكم على أكثر أحاديثه بما يليق بحالها، ولا يزال الكتاب بحاجة إلى تتبع وعناية1. ب- صحيح ابن حبان: هذا الكتاب ترتيبه مخترع، فليس مرتبا على الأبواب، ولا على المسانيد، ولهذا أسماه: "التقاسيم والأنواع" والكشف عن الحديث من كتابه هذا عسر جدا، وقد رتبه بعض المتأخرين2 على الأبواب، __________ 1 يتتبع الآن أخونا المحقق فضيلة الشيخ الدكتور محمود الميرة أحاديث الكتاب التي لم يحكم عليها الذهبي بشيء، ويحكم عليها بما يليق بحالها، وله نية في طبع المستدرك بعد هذا الجهد، فجزاه الله عن المسلمين خيرا. 2 هو الأمير علاء الدين أبو الحسن علي بن بلبان المتوفى سنة 739هـ وسمى ترتيبه "الإحسان في تقريب ابن حبان". (1/50) ومصنفه متساهل في الحكم على الحديث بالصحة، لكنه أقل تساهلا من الحاكم1. ج- صحيح ابن خزيمة: هو أعلى مرتبة من صحيح ابن حبان؛ لشدة تحريه، حتى إنه يتوقف في التصحيح لأدنى كلام في الإسناد2. 10- المستخرجات على الصحيحين: أ- موضوع المستخرج: هو أن يأتي المصنف إلى كتاب من كتب الحديث، فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب، فيجتمع معه في شيخه، أو من فوقه. ب- أشهر المستخرجات على الصحيحين: 1- المستخرج، لأبي بكر الإسماعيلي، على البخاري. 2- المستخرج، لأبي عوانة الإسفراييني، على مسلم. 3- المستخرج، لأبي نعيم الأصبهاني، على كل منهما. جـ- هل التزم أصحاب المستخرجات فيها موافقة الصحيحين في الألفاظ؟ لم يلتزم مصنفوها موافقتهما في الألفاظ؛ لأنهم إنما يروون __________ 1 تدريب الراوي ج2، ص109. 2 المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها. (1/51) الألفاظ التي وصلتهم من طريق شيوخهم، لذلك فقد حصل فيها تفاوت قليل في بعض الألفاظ. وكذلك ما أخرجه المؤلفون القدامى في تصانيفهم المستقلة، كالبيهقي، والبغوي، وشبههما قائلين: "رواه البخاري" أو "رواه مسلم" فقد وقع في بعضه تفاوت في المعنى وفي الألفاظ، فمرادهم من قولهم: "رواه البخاري ومسلم" أنهما رويا أصله. د- هل يجوز أن ننقل منها حديثا ونعزوه إليهما؟ بناء على ما تقدم فلا يجوز لشخص أن ينقل من المستخرجات، أو الكتب المذكورة آنفا حديثا ويقول: رواه البخاري أو مسلم إلا بأحد أمرين: 1- أن يقابل الحديث بروايتهما. 2- أو يقول صاحب المستخرج، أو المصنف: "أخرجاه بلفظه". هـ- فوائد المستخرجات على الصحيحين: للمستخرجات على الصحيحين فوائد كثيرة تقارب العشرة، ذكرها السيوطي في تدريبه1، وإليك أهمها: 1- علو الإسناد: لأن مصنف المستخرج لو روى حديثا من طريق البخاري مثلا لوقع أنزل من الطريق الذي رواه به في المستخرج. __________ 1 ج1، ص115-116. (1/52) 2- الزيادة في قدر الصحيح: وذلك لما يقع من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض الأحاديث. 3- القوة بكثرة الطرق: وفائدتها الترجيح عند المعارضة. 11- ما هو المحكوم بصحته مما رواه الشيخان؟ مر بنا أن البخاري ومسلما لم يدخلا في صحيحيهما إلا ما صح، وأن الأمة تلقت كتابيهما بالقبول. فما هي الأحاديث المحكوم بصحتها، والتي تلقتها الأمة بالقبول يا ترى؟ والجواب هو: أن ما روياه بالإسناد المتصل فهو المحكوم بصحته، وأما ما حذف من مبدأ إسناده راوٍ أو أكثر - ويسمى المعلق1- وهو في البخاري كثير، لكنه في تراجم الأبواب ومقدماتها، ولا يوجد شيء منه في صلب الأبواب البتة، أما في مسلم فليس فيه من ذلك إلا حديث واحد في باب التيمم، لم يصله في موضع آخر، فحكمه كما يلي: أ- فما كان منه بصيغة الجزم: كقال وأمر وذكر، فهو حُكْمٌ بصحته عن المضاف إليه. ب- وما لم يكن فيه جزم: كيُروَى، ويُذكر، ويُحكى، ورُوِيَ، وذُكِرَ، فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه، ومع ذلك فليس فيه حديث واهٍ؛ لإدخاله في الكتاب المسمى بالصحيح. __________ 1 وسيأتي بحثه تفصيلا فيما بعد. (1/53) 12- مراتب الصحيح: مر بنا أن بعض العلماء ذكروا أصح الأسانيد عندهم، فبناء على ذلك، وعلى تمكن باقي شروط الصحة يمكن أن يقال: إن للحديث الصحيح ثلاث مراتب، بالنسبة لرجال إسناده، وهذه المراتب هي: أ- فأعلى مراتبه: ما كان مرويا بإسناد من أصح الأسانيد كمالك، عن نافع، عن ابن عمر. ب- ودون ذلك رتبة: ما كان مرويا من طريق رجال هم أدنى من رجال الإسناد الأول، كرواية حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس. ج- ودون ذلك رتبة: ما كان من رواية من تحققت فيهم أدنى ما يصدق عليهم وصف الثقة، كرواية سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. ويلتحق بهذه التفاصيل تقسيم الحديث الصحيح إلى سبع مراتب بالنسبة للكتب المروي فيها ذلك الحديث، وهذه المراتب هي: 1- ما اتفق عليه البخاري ومسلم "وهو أعلى المراتب". 2- ثم ما انفرد به البخاري. 3- ثم ما انفرد به مسلم. 4- ثم ما كان على شرطهما ولم يخرجاه. (1/54) 5- ثم ما كان على شرط البخاري، ولم يُخَرِّجْه. 6- ثم ما كان على شرط مسلم، ولم يُخَرِّجْه. 7- ثم ما صح عند غيرهما من الأئمة، كابن خزيمة، وابن حبان مما لم يكن على شرطهما، أو على شرط واحد منهما. 13- شرط الشيخين: لم يفصح الشيخان عن شرطٍ شرطاه أو عيناه زيادةً على الشرط المتفق عليها في الصحيح، لكن الباحثين من العلماء ظهر لهم من التتبع والاستقراء لأساليبهما ما ظنه كل منهم أنه شرطهما، أو شرط واحد منهما. وأحسن ما قيل في ذلك: أن المراد بشرط الشيخين أو أحدهما: أن يكون الحديث مرويا من طريق رجال الكتابين، أو أحدهما، مع مراعاة الكيفية التي التزمها الشيخان في الرواية عنهم. 14- معنى قولهم: "متفق عليه": إذا قال علماء الحديث عن حديث: "متفق عليه" فمرادهم اتفاق الشيخين، أي اتفاق الشيخين على صحته، لا اتفاق الأمة. إلا أن ابن الصلاح قال: "لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه؛ لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول"1. 15- هل يشترط في الصحيح أن يكون عزيزا؟ __________ 1 علوم الحديث ص24. (1/55) القول الصحيح: أنه لا يشترط في الحديث الصحيح أن يكون عزيزا، بمعنى أن يكون له إسنادان؛ لأنه يوجد في الصحيحين وغيرهما أحاديث صحيحة وهي غريبة، واشترط بعض العلماء ذلك؛ كأبي علي الجبائي المعتزلي، والحاكم، وقولهم هذا خلاف ما اتفقت عليه الأمة. (1/56)

Use Quizgecko on...
Browser
Browser