القرآن: نسخة شخصية PDF

Summary

هذا كتاب يقدم دراسة شخصية لكتاب الله. الكتاب ليس تفسيرا، بل هو مثل هوامش كتبها شخص ما أثناء قراءته للقرآن و محاولته التفاعل مع حياته اليومية عبره. يُقدم الكتاب رؤى شخصية حول سورة القرآن الكريم.

Full Transcript

‫القرآن‪ :‬نسخة شخصية‬ ‫القرآن‪ :‬نسخة شخصية‬ ‫د‪.‬أمحد خريي العمري‬ ‫الفهرس‬ ‫ إهداء‪11.............................................................‬‬ ‫مقدمة‪13............................................................‬‬ ‫تعميم ‪17...............................

‫القرآن‪ :‬نسخة شخصية‬ ‫القرآن‪ :‬نسخة شخصية‬ ‫د‪.‬أمحد خريي العمري‬ ‫الفهرس‬ ‫ إهداء‪11.............................................................‬‬ ‫مقدمة‪13............................................................‬‬ ‫تعميم ‪17............................................................‬‬ ‫ سورة الفاحتة ‪ :1‬عني على العامل ‪19................................‬‬ ‫ سورة البقرة ‪ :2‬ال صراع املرير مع الأمر الواقع املر‪24..............‬‬ ‫ سورة البقرة ‪ :2‬ال صراع املرير مع الواقع املر ال يزال م ستم ًّرا ‪32...‬‬ ‫ سورة آل عمران ‪ :3‬عن جرب اخلواطر املك سورة‪39..................‬‬ ‫ سورة الن ساء ‪ :4‬عن امل ست ضعفني يف الأر ض‪45......................‬‬ ‫املائدة ‪ :5‬الطبيعة الب شرية بال جتميل وال فوتو شوب‪51..............‬‬ ‫ سورة الأنعام ‪ :6‬أهم عالقة يف حياتك ‪59...........................‬‬ ‫ سورة الأعراف ‪ :7‬الأنا يف النحن‪66.................................‬‬ ‫ سورة الأنفال ‪ :8‬حما سبة املنت صر‪72...............................‬‬ ‫ سورة التوبة ‪ :9‬احلرب وال سالم‪76.................................‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫يون س هود يو سف ‪ :12 -11 - 10‬من البئر إىل العر ش‪80...........‬‬ ‫ سورة الرعد ‪ :13‬التغيري قيد الإجراء ‪87............................‬‬ ‫ سورة إبراهيم ‪ :14‬اخلروج من الظلمات إىل النور‪92...............‬‬ ‫ سورة احلِ ْجر ‪ :15‬ال صورة الكاملة ‪96...............................‬‬ ‫ سورة النحل ‪ :16‬عن قواعد متعددة و سقف واحد‪100................‬‬ ‫ سورة الإ سراء ‪ :17‬م س ؤوليتك ال شخ صية ج ًّدا ‪104...................‬‬ ‫ سورة الكهف ‪ :18‬أطوار اال ستحالة لي ست م ستحيلة‪109..............‬‬ ‫ سورة مرمي ‪ :19‬عن املر أة اخلارقة ‪113..............................‬‬ ‫ سورة طه ‪ :20‬لن أعي ش دور ال ضحية ‪121............................‬‬ ‫ سورة الأنبياء ‪ :21‬هدم من أجل البناء ‪127..........................‬‬ ‫ سورة احلج ‪ :22‬ت أ شرية حج‪133......................................‬‬ ‫ سورة امل ؤمنون ‪ :23‬أهمية ال شخ ص «العادي» ‪141....................‬‬ ‫ سورة النور ‪« :24‬نور‪ ،‬أ َّنى أراه؟!» ‪146................................‬‬ ‫الفرقان ‪ :25‬أهمية َّأل تكرتث كث ًريا ملا يقال ‪155.....................‬‬ ‫ سورة ال شعراء ‪ :26‬ال َت ُل ْم نف سك كث ًريا ‪163...........................‬‬ ‫ سورة النمل ‪ :27‬أق صر الطرق أطولها أحيا ًنا‪170....................‬‬ ‫ سورة ال َق َ ص ص ‪ :28‬ق ص ص تنتهي‪ ،‬و أخرى ال تنتهي أبدً ا ‪177........‬‬ ‫ سورة العنكبوت ‪ :29‬هجرة‪185......................................‬‬ ‫‪-6-‬‬ ‫الفهرس‬ ‫ سورة الروم ‪ :39‬أثر الفرا شة‪192.....................................‬‬ ‫ سورة لقمان ‪ :31‬بيان وراثة‪197......................................‬‬ ‫ سورة ال سجدة ‪ :32‬رع شة القلب الأوىل‪204..........................‬‬ ‫ سورة الأحزاب ‪ :33‬كور س تعليم حفر اخلنادق‪211...................‬‬ ‫ سورة سب أ ‪ :34‬أوهام القوة و أوهام ال ضعف ‪222......................‬‬ ‫ سورة فاطر ‪ :35‬عن حتديد املواقف والفر ص الثانية‪227.............‬‬ ‫ سورة ي س ‪ :36‬يا إن سان! ‪235.........................................‬‬ ‫ال صافات ‪ :37‬ا ستعد‪ ،‬تث َّبت‪ ،‬انطلق‪244...............................‬‬ ‫ سورة ص ‪ :38‬عن العزة وال شقاق ‪259................................‬‬ ‫ال ُّز َمر ‪ :39‬معركة مدوية ب صمت ‪267.................................‬‬ ‫ سورة غافر ‪ :40‬البحث عن منفذ للخروج‪271........................‬‬ ‫ سورة ف صلت ‪ :41‬صافرة إنذار داخل ر أ سك! ‪972....................‬‬ ‫ال شورى ‪ :42‬الع سل الذي و صل!‪286..................................‬‬ ‫الزخرف ‪ :43‬بع ض ما يلمع‪ ،‬يقتل ‪293................................‬‬ ‫الدُّ َخان ‪ :44‬دخان بنكهة الوعي‪299..................................‬‬ ‫ سورة اجلاثية ‪ :45‬اللحظات الأخرية قبل نطق احلكم ‪303...........‬‬ ‫ سورة الأحقاف ‪ :46‬العنوان‪ :‬الرمال املتحركة‪308....................‬‬ ‫‪-7-‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫ سورة حممد ‪ :47‬ن سخة أف ضل منك! ‪314............................‬‬ ‫ سورة الفتح ‪ :48‬مفاتيح الأبواب املو صدة ‪319........................‬‬ ‫ سورة احلجرات ‪ :49‬يف حجرة جماورة‪325...........................‬‬ ‫ سورة ق ‪ :50‬ذاكرة امل ستقبل ‪328.....................................‬‬ ‫ سورة الذاريات ‪ :51‬أدوار يف حياتك ‪331.............................‬‬ ‫ سورة الطور ‪ :52‬أ سئلة االمتحان م سربة‪335.........................‬‬ ‫ سورة النجم ‪ :53‬يف أعايل التجربة ‪338..............................‬‬ ‫ سورة القمر ‪ :54‬بديهيات وا ضحة كال شم س ‪..‬والقمر‪342............‬‬ ‫ سورة الرحمن ‪ :55‬عالج نف سي يحتاجه حتى الأ صحاء‪348..........‬‬ ‫ سورة الواقعة ‪ :56‬ت سلق طبقي‪351...................................‬‬ ‫ سورة احلديد ‪ :57‬الإن سان احلديدي ‪357............................‬‬ ‫‪-8-‬‬ ‫إهداء‬ ‫ إىل قارئ «جمهول»‬ ‫ي شعر أين كتبت هذا الكتاب له شخ ص ًّيا‪.‬‬ ‫مقدمة‬ ‫هذا لي س كتاب تف سري‪ ،‬وال يجب أن يكون كذلك بالن سبة لأي شخ ص؛‬ ‫قليل عن أي كتاب تف سري سوا ًء من أمهات الكتب أو‬‫لذلك فهو ال يغني ولو ً‬ ‫من الكتب املعا صرة‪ ،‬ويهمني ج ًّدا أن أ ؤكد ذلك و أكرره؛ لأن معاملته ككتاب‬ ‫فادحا‪ ،‬كما أنه سي أخذ من الكتاب هدفه الأ سا سي‪.‬‬‫تف سري سيكون خط أً ً‬ ‫هذا الكتاب مثل هوام ش كتبها شخ ص ما وهو يقر أ القر آن ويحاول‬ ‫ أن يتفاعل مع حياته اليومية عربه‪ ،‬فيكتب كيف ساعدته الآيات على فهم‬ ‫العامل املحيط به‪ ،‬وكيف يتعامل مع هذا العامل‪ ،‬ومن البديهي ج ًّدا أن هذا‬ ‫ شخ صي ج ًّدا‪ ،‬وميكن ل شخ ص آخر مير بظروف مغايرة أن يكتب‬ ‫ٌّ‬ ‫الأمر‬ ‫متاما‪ ،‬كما ميكن لل شخ ص نف سه يف ظروف أخرى أن‬‫ أ شيا ًء أخرى خمتلفة ً‬ ‫يت أثر أكرث مبوا ضع أخرى‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬ف إن جتربة تفاعل شخ صي مع القر آن ميكن أن تكون‬ ‫مفيدة لكثريين‪ ،‬فبع ض التجارب قد تكون م شرتكة بني كثريين‪ ،‬كما أن‬ ‫االطالع على جتربة من هذا النوع قد ي ساعد على أن يكون للقارئ جتربته‬ ‫ال شخ صية اخلا صة به يف التفاعل مع القر آن‪ ،‬مع الأخذ بنظر االعتبار ما‬ ‫ سبق من أن هذا الكتاب و أي جتربة مماثلة لي ست «تف س ًريا»‪ ،‬وبالتايل ال ‬ ‫ُت ْغ ِني عن كتب التف سري‪.‬‬ ‫***‬ ‫‪- 13 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫بد أت فكرة الكتاب على شكل من شورات على الفي سبوك يف رم ضان‪،‬‬ ‫كانت الفكرة هي أن تكون «ختمة رم ضان» خمتلفة‪ ،‬وبنوع من التدبر الذي‬ ‫ً‬ ‫تفاعل وت أث ًريا يف‬ ‫يجعل من جتربة اخلتمة الرم ضانية التقليدية أكرث‬ ‫ شخ ص الذي يقر أ القر آن‪.‬‬ ‫قبلها ب سنوات‪ ،‬كانت أ صواتنا تتعاىل منتقد ًة حر ص البع ض على «عدد‬ ‫اخلتمات» يف رم ضان دون حماولة التدبر أو التفكر‪.‬‬ ‫للأ سف‪ ،‬انتهى الأمر ب أن خ سرنا «قراءة اخلتمة»‪ ،‬ومل نربح التدبر‪.‬‬ ‫هناك جيل جديد مل يعد يحر ص على «ختمة رم ضان»‪ ،‬أو أي ختمة يف‬ ‫ أي وقت‪.‬‬ ‫هذا الكتاب حماولة لربح االثنني م ًعا‪.‬‬ ‫***‬ ‫املن شورات يف « صيغتها الأوىل» ُك ِت َبت حتت و سم «القر آن ‪ 360‬درجة»‪،‬‬ ‫وهو العنوان الذي كنت أق صد عربه أن تكون الر ؤية املق َّدمة هي ر ؤية‬ ‫ شاملة لل سورة عرب جتوال يف داخلها‪ ،‬كما لو كنت أنظر لها عرب زاوية نظر‬ ‫‪ 360‬درجة‪.‬‬ ‫لكن مع الوقت‪َ ،‬ب َدا يل أن ما أفعله أقرب إىل أن يكون ن سخة شخ صية‬ ‫منه إىل شمولية الر ؤية لل سور القر آنية؛ لذا فقد ف ضلت أن يكون العنوان‬ ‫خمتل ًفا؛ ليعرب أكرث عن املحتوى‪.‬‬ ‫‪- 14 -‬‬ ‫مقدمة‬ ‫حدث تغيري على املن شورات بطبيعة الأمر‪ ،‬وما ُن ِ ش َر على الفي سبوك‬ ‫يومها لي س ما ُي ْن َ ش ُر يف هذا الكتاب بالظبط‪.‬‬ ‫***‬ ‫علي أن أ سجلهما هنا‪:‬‬ ‫مالحظتان َّ‬ ‫الأوىل‪ :‬الكتاب ال يغطي كل ال سور القر آنية‪ ،‬بل يغطى الأجزاء الـ ‪27‬‬ ‫الأوىل‪ ،‬أي بداية من سورة الفاحتة إىل نهاية سورة احلديد‪.‬‬ ‫ال سبب يف ذلك أن أغلب ال سور يف الأجزاء الثالثة الأخرية (وحتى بع ض‬ ‫ال سور يف اجلزء ال سابع والع شرين) ذات طبيعة مكثفة يف املعاين؛ مما‬ ‫يجعل التفاعل معها (بالن سبة يل على الأقل) أطول من سواها‪ ،‬و أخ شى‬ ‫ أن هذا سيجعل حجم الكتاب أكرب على نحو يعوق حتقيقه لهدفه‪ ،‬فقراءة‬ ‫كتاب «كبري احلجم» إىل جانب القر آن سيكون أم ًرا م ستبعدً ا بالن سبة‬ ‫لكثري من ال شباب‪ ،‬بينما سيكون الأمر ً‬ ‫مقبول أكرث إذا َب َدا حجم الكتاب‬ ‫ً‬ ‫متو سطا‪.‬‬ ‫ أقول هذا و آمل أن تكون هناك فر صة للعودة إىل الأجزاء الثالثة‬ ‫الأخرية‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬حجم ال سورة وم ساحتها وعدد آياتها ال ي ؤثر بال ضرورة على‬ ‫حجم وم ساحة التفاعل ال شخ صي معها؛ لذا رمبا يكون التفاعل املكتوب‬ ‫مع سورة متو سطة احلجم أو ق صرية ن سب ًّيا أكرب حج ًما أو م ساو ًيا لتفاعل‬ ‫مع سورة من طوال ال سور‪ ،‬وقد يعود هذا ب شكل أ سا سي إىل طبيعة التفاعل‬ ‫ال شخ صي التي تتفاوت بني مو ضوع و آخر‪ ،‬وبالتايل بني سورة و أخرى‪.‬‬ ‫‪- 15 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫كاف من ال سطور» للتفاعل مع أي‬ ‫ شخ ص ًّيا أعرف أن ال يوجد «عدد ٍ‬ ‫ سورة من سور القر آن‪ ،‬من أق صر سورة فيه إىل سورة البقرة؛ لذا ال يجب‬ ‫و ضع أي اعتبار للعدد أو احلجم هنا‪.‬‬ ‫ أقدم عملي هذا و أنا أعرف أن ال شيء ميكن أن يفي القر آن حقه من‬ ‫التفاعل‪ ،‬لكن هذا ما ا ستطعته‪ ،‬فما كان فيه ح سن فمن توفيق اهلل وف ضله‪،‬‬ ‫ أما التق صري فهو من طبيعتي الب شرية‪.‬‬ ‫ أ س أله تعاىل أن ي صحح نيتي يف عملي هذا‪ ،‬و أن يغفر يل ما فيه من‬ ‫زلل‪.‬‬ ‫‪- 16 -‬‬ ‫تعميم‬ ‫كل سور القر آن حتتوي على ثالثة عنا صر أ سا سية يف ن سيجها؛ مثل‬ ‫احلجر والإ سمنت واحلديد يف البناء‪ ،‬تتكامل مع بع ضها لت ش ِّكل «البناء» أو‬ ‫«الن سيج» الذي سي ضم أ شيا ًء أخرى الح ًقا‪.‬‬ ‫هذه العنا صر الثالثة ال تكاد تخلو سورة يف القر آن منها جمتمعة‪،‬‬ ‫با ستثناء القليل من ق صار ال سور التي قد تقت صر على عن صر واحد أو‬ ‫اثنني من هذه العنا صر‪.‬‬ ‫هذه العنا صر الثالثة هي‪:‬‬ ‫ ً‬ ‫أول‪ :‬صفات اهلل ‪ -‬عز وجل ‪ -‬وقدرته وخلقه لنا ولكل ما هو موجود‪.‬‬ ‫ثان ًيا‪ :‬ر سالته إىل الب شر عرب كتبه و أنبيائه ور سله‪.‬‬ ‫ثال ًثا‪ :‬البعث بعد املوت‪ ،‬احل ساب‪ ،‬اجلزاء‪ :‬الثواب والعقاب‪.‬‬ ‫هذه العنا صر مبثوثة يف كل سور القر آن على نح ٍو يجعلها جز ًءا من‬ ‫ن سيج القر آن نف سه‪ ،‬مثل جدران البيت أو بابه أو سقفه‪ ،‬ال ميكن تخيل‬ ‫بيت دون وجود هذه املكونات‪ ،‬كذلك هذه العنا صر بالن سبة للقر آن‪ ،‬هناك‬ ‫وع َب و أمثال أخالقية يف سور القر آن غري هذه العنا صر‪،‬‬ ‫بالت أكيد مواعظ ِ‬ ‫كذلك ال تتكون البيوت من سقوف وجدران و أبواب فح سب‪ ،‬بل حتتاج بعد‬ ‫البناء إىل مكمالت أخرى ليكون البيت ً‬ ‫قابل للحياة فيه‪.‬‬ ‫‪- 17 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫هذه العنا صر الثالثة هي من بديهيات أي م سلم م ؤمن‪ ،‬ولعل كونها‬ ‫أ سا سا بكونها جز ًءا من الن سيج القر آين على هذا النحو‪.‬‬ ‫بديهيات مرتبط ً‬ ‫بالن سبة مل سلم م ؤمن بهذه البديهيات ف إن تفاعله ال شخ صي مع القر آن‬ ‫ سيكون «مقادًا» بهذه البديهيات‪ ،‬ولكن تفاعله الأ سا سي سيكون غال ًبا مع‬ ‫غري هذه العنا صر‪ ،‬أي مع خ صائ ص ميزت كل سورة عن سواها‪.‬‬ ‫بعبارة أخرى‪ ،‬هذه العنا صر تكون مثل العوامل التي ت ؤثر على حدوث‬ ‫أ سا سا عن ص ًرا من عنا صر التفاعل‬ ‫تفاعل ما أو سرعته دون أن تكون ً‬ ‫(مثل احلرارة وال ضغط)‪.‬‬ ‫لذلك ف إن التفاعل ال شخ صي مع هذه العنا صر الثالثة لن يكون شديد‬ ‫الو ضوح يف هذا الكتاب‪ ،‬رغم أنها تقود التفاعل وت ؤثر به وحتيط به من‬ ‫كل اجلهات‪.‬‬ ‫َمنْ لديه م شكلة يف واحدة من هذه العنا صر الثالثة لن ي ستفيد كث ًريا‬ ‫من هذا الكتاب‪ ،‬وعليه أن يبحث عن حل مل شكلته ًأول يف كتاب آخر‪.‬‬ ‫‪- 18 -‬‬ ‫سورة الفاتحة ‪1‬‬ ‫عين على العالم‬ ‫بها ُي ْف ُ‬ ‫تتح القر آن‪.‬‬ ‫وميكن لها أن تفتح عينيك‪ ،‬تفتح قلبك‪ ،‬تفتح عقلك‪.‬‬ ‫تفتحك نحو ر ؤية خمتلفة للعامل‪.‬‬ ‫الفاحتة مثل مقدمة أو ا ستهالل للقر آن‪ ،‬كل ما تقر أه يف القر آن سيمر‬ ‫ً‬ ‫من ضبطا مبا‬ ‫حمكوما‬ ‫ً‬ ‫ ًأول بهذه املقدمة‪ ،‬كل معنى ي أتي يف القر آن سيكون‬ ‫تقوله املقدمة‪.‬‬ ‫لي س هذا فقط‪ ،‬هذه املقدمة‪ ،‬ستكون رك ًنا من أركان صالتك‪ ،‬ال ت صح‬ ‫ صالة من دونها‪ ،‬وهذا يعني أن كل م سلم «ملتزم بفر ض ال صالة» «يقول»‬ ‫الفاحتة «‪ »17‬مر ًة يف اليوم كحد أدنى‪.‬‬ ‫ماذا نقول يف الفاحتة؟ لقد تعودنا الأمر حتى صرنا نقولها دون تفكري‬ ‫فيما تعنيه‪.‬‬ ‫لكن لو فتحنا أعيننا عليها لر أينا الكثري‪.‬‬ ‫***‬ ‫‪- 19 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫ثمة إ صرار على ر ؤية الإيجابية‪.‬‬ ‫الفاحتة تبد أ باحلمد‪ ،‬احلمد هو فاحتة الفاحتة ومبتد ؤها‪ ،‬واحلمد‬ ‫هو الثناء هلل م ستحق احلمد‪ ،‬وعندما تقول الثناء واحلمد له ‪ 17‬مرة يف‬ ‫اليوم ‪ -‬كحد أدنى ‪ -‬فهذا يعني أنك متم سك بالإيجابية‪ ،‬بالأمل‪ ،‬رغم أن‬ ‫كل شيء قد يكون قا ًمتا يف منتهى ال سوء‪ ،‬رغم أنك قد ال ترى أي ضوء يف‬ ‫الظالم املحيط بك‪ ،‬رغم أن كل شيء حولك قد ال ينذر إال بال سوء واملزيد‬ ‫منه‪ ،‬و أنت مدرك لذلك بكامل وعيك دون تخدير أو تزييف‪ ،‬لكنك تقول‪:‬‬ ‫«احلمد هلل»‪ ،‬إيجابية رغم الوعي بال سلبيات‪.‬‬ ‫جتد ما تثني عليه‪ ،‬جتد ما ي ستحق احلمد عند م ستحق احلمد‪ ،‬وت ؤكد‬ ‫على ذلك ‪ 17‬مرة يف اليوم يف عمود دينك‪ ،‬كما لو أن هذا احلمد هو‬ ‫عمودك اليومي الذي مينحك القوة والدعم يف رحلة أهوالك كل يوم‪.‬‬ ‫كل يوم‪ ،‬مهما كان و ضعك صع ًبا‪ ،‬ف إنك تقف لت شهر «احلمد» بوجه هذا‬ ‫العامل وظروفه و أو ضاعه‪،‬‬ ‫هذا احلمد مرتبط يف الفاحتة بثالث صفات هلل عز وجل‪ ،‬من بني‬ ‫كل صفاته وقدراته ‪ -‬عز وجل ‪ -‬الفاحتة حتدد ثالث صفات فقط‪ :‬رب‬ ‫العاملني‪ ،‬الرحمن الرحيم‪ ،‬مالك يوم الدين‪.‬‬ ‫رب العاملني يعني أنه رب اجلميع حرف ًّيا‪ ،‬رب الفقراء والأغنياء و ً‬ ‫أي ضا‬ ‫ أولئك الذين يف الو سط‪ ،‬رب الأ صحاء واملر ضى‪ ،‬رب املتعلمني واجلهلة‪،‬‬ ‫رب الن ساء والرجال والأطفال وال شيوخ‪ ،‬رب الناجحني والفا شلني‪ ،‬رب‬ ‫امل شهورين واملغمورين‪ ،‬رب الب شر من كل الأعراق والألوان‪ ،‬رب امل ؤمنني‪.‬‬ ‫‪- 20 -‬‬ ‫سورة الفاتحة‬ ‫به ورب الذي ال ي ؤمنون به على حد سواء‪ ،‬أحيا ًنا ننحاز إىل الوهم أنه ربنا‬ ‫ِّ ْ َ‬ ‫رب ال َعال ِم َني{ ‪ 17‬مرة كل يوم‪.‬‬ ‫نحن فقط‪ ،‬لكن الفاحتة ت ؤكد لنا أنه }‬ ‫ِيم{ (الفاحتة‪)3 :‬‬ ‫َّ ْ َ َّ‬ ‫}الرح ِن الرح ِ‬ ‫ صيغتان لو صف رحمته عز وجل‪ ،‬سيكون هناك الكثري للتفريق بني‬ ‫الكلمتني‪ ،‬لكن هذا الكثري سيقول لنا‪ :‬إن رحمته تتخذ ً‬ ‫أ شكال متعددة‬ ‫ أكرث بكثري من حماوالتنا حل صر رحمته التي كتبها على نف سه‪ ،‬قد تعجز‬ ‫ أحيا ًنا عن فهم هذه الرحمة‪ ،‬لكن عليك أن متنح نف سك وقتًا‪ ،‬و ستفهم‬ ‫ذلك الح ًقا‪ ،‬ستفهم أنها كانت رحمة بطريقة ما‪ ،‬رحمة على املدى البعيد‬ ‫ولي س على ق صر نظرنا الذي يجعل للرحمة ً‬ ‫ شكل واحدً ا‪ ،‬علينا أن ننظر‬ ‫ إىل ال صورة الكبرية أحيا ًنا َ‬ ‫لنفهم الرحمة‪ ،‬ال يكفي أن ن شاهد أجزا ًء من‬ ‫ال صورة لنحكم عليها‪ ،‬علينا أن نحاول قدر الإمكان م شاهدة اجلزء الأكرب‬ ‫منها‪.‬‬ ‫ين{ (الفاحتة‪)4 :‬‬ ‫َ ْ ِّ‬ ‫َ‬ ‫}مال ِِك يو ِم ادل ِ‬ ‫يعني أن املنتهى له‪ ،‬وهذا املنتهى يعني أن كل شيء له‪ ،‬وهو يعني ً‬ ‫أي ضا‬ ‫أي ضا‪ ،‬وعدله يتحقق يف يوم‬‫ أنه لي س رحما ًنا رحي ًما فح سب‪ ،‬بل هو عادل ً‬ ‫الدين‪.‬‬ ‫هو إذن رب اجلميع‪ ،‬رحمن رحيم‪ ،‬وعادل ً‬ ‫أي ضا‪.‬‬ ‫***‬ ‫اك ن َ ْس َتع ُ‬ ‫ني{ (الفاحتة‪)5 :‬‬ ‫َّ َ َ ْ ُ ُ َ َّ َ‬ ‫}إِياك نعبد وإِي‬ ‫ِ‬ ‫كل ما نفعله يف حياتنا ميكن أن يندرج يف هذين الأمرين‪ ،‬عبادتنا له‪،‬‬ ‫وا ستعانتنا به‪.‬‬ ‫‪- 21 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫العبادة واال ستعانة قطبان كقطبي املغناطي س‪ ،‬وبينهما جمال فاعليتنا‬ ‫يف الدنيا وجناتنا يف الآخرة‪ ،‬كل قطب يحتاج الآخر‪ ،‬دون اال ستعانة (والتي‬ ‫تعني أن لديك ما تفعله ً‬ ‫أ صل يف حياتك وتطلب العون منه فيه)‪ ،‬دون وجود‬ ‫هذه اال ستعانة‪ ،‬ستكون عبادتك منزوعة الهدف والفاعلية‪.‬‬ ‫ودون وجود العبادة‪ ،‬لن تكون ا ستعانتك حقيقية‪ ،‬االثنان م ًعا‪ ،‬قطبان‬ ‫يتحدان فيو ِّلدان احلركة‪.‬‬ ‫ أول «ا ستعانة» نطلبها منه ت أتي سري ًعا يف «الفاحتة»‪ ،‬هي الطلب منه‬ ‫ أن «يهدينا ال صراط امل ستقيم»‪ ،‬وهذا الطلب يعني ضم ًنا أنك ترغب يف‬ ‫معرفة هذا ال صراط‪ ،‬يف كل خطوة يف حياتك‪ ،‬يف كل مفرتق طرق هناك‬ ‫خيار‪ ،‬و أنت تطلب منه ‪ -‬عز وجل‪ -‬أن ير شدك للطريق ال صواب‪ ،‬وهذا‬ ‫يعني ً‬ ‫أي ضا أن الطريق ال صواب‪ ،‬ال صراط امل ستقيم‪ ،‬لي س حمتك ًرا عندك‬ ‫كما يتوهم البع ض‪ ،‬بل أنت تطلبه ‪ 17‬مرة يف اليوم كحد أدنى‪.‬‬ ‫دوما‬ ‫أي ضا تعرف أن هناك َمنْ أخط أ الطريق قبلك‪ ،‬لكن اخلط أ ً‬ ‫و أنت ً‬ ‫يكون من طريقني‪ :‬الأول هناك َمنْ أخط أ عامدً ا متعمدً ا‪ ،‬مع سبق الإ صرار‬ ‫والرت صد؛ املغ ضوب عليهم‪ ،‬وهناك طريق آخر للخط أ غري العامد‪ ،‬ح صل‬ ‫ولكنه مل يحدث بنية م سبقة؛ ال ضالني‪.‬‬ ‫و أنت ت ؤمن ب إمكانية وجود طريق ثالث غري هذين الطريقني‪ ،‬طريق‬ ‫الذين أنعمت عليهم بنعمة املراجعة والتقييم يف كل خطوة على الطريق‪،‬‬ ‫‪ 17‬مرة يف اليوم‪.‬‬ ‫‪- 22 -‬‬ ‫سورة الفاتحة‬ ‫الفاحتة‪ ،‬فتح كل يوم‪ ،‬ت ساعدك يف حتقيق فتحك الأكرب‪ ،‬تفتح قلبك‬ ‫وعقلك وذاتك وعينك لت ساهم يف عامل أف ضل‪ ،‬ولو كان هذا العامل هو‬ ‫عاملك املحيط بك فقط‪.‬‬ ‫ أو على الأقل لتكون أكرث وع ًيا به‪.‬‬ ‫الفاحتة‪ ،‬فتحك اليومي‪ 17 ،‬مرة كحد أدنى(((‪.‬‬ ‫((( للمزيد ‪ :‬الجزء الثالث من سلسلة كيمياء الصالة للمؤلف‪ ،‬بعنوان‪ :‬عامل جديد ممكن‪.‬‬ ‫‪- 23 -‬‬ ‫سورة البقرة ‪ ،2‬الجزء األول‬ ‫الصراع المرير مع األمر الواقع المر‬ ‫ سورة البقرة هي سورة «ال صراع املرير مع الأمر الواقع املر»‪ ،‬سورة‬ ‫مواجهة حقائق الأ شياء مهما كانت مريرة وم ؤملة وجارحة‪ ،‬موقعها يف بداية‬ ‫َ‬ ‫القر آن الكرمي يجعلك مبا شر ًة يف مواجهة مع حقائق الأ شياء هذه كلما‬ ‫فتحت القر آن لتقر أ فيه‪ ،‬ال شيء يزيف صعوبة الواقع و ُي َج ِّمله‪ ،‬وال شيء‬ ‫َ‬ ‫يقول لك‪ :‬إن الأمر ا ستثنائي و إنك تعي ش يف مرحلة سيئة بتف ُّرد ويجعلك‬ ‫حتنُّ لزمان آخر‪ ،‬ال‪ ،‬هذه هي احلياة بكل روعتها وب شاعتها‪ ،‬وه ؤالء هم‬ ‫أي ضا‪ ،‬بكل سموك الذي تركز‬ ‫الب شر بكل سموهم و سقوطهم‪ ،‬وهذا أنت ً‬ ‫عليه وكل سقوطك الذي تتجاهله‪ ،‬هذه هي احلياة وهذا هو الأمر الواقع‪،‬‬ ‫لديك خياران‪ :‬الأول أن تتعامل مع هذا الواقع‪ ،‬والثاين أن تتجاهله‪ ،‬و أنت‬ ‫َمنْ يقرر‪.‬‬ ‫ سورة البقرة مثل ن شرة أنباء مليئة ب أخبار الكوارث الطبيعية وغري‬ ‫الطبيعية؛ ظلم وا ستبداد واغت صاب وقتل و سفك للدماء‪ ،‬ن شرة الأنباء‬ ‫هذه كانت على مدار تاريخ الب شرية كله‪ ،‬أغلب فرتات التاريخ كان فيها من‬ ‫دوما هناك‬ ‫خا صا بع صرنا وال ع صر نزول ال سورة‪ً ،‬‬ ‫هذا الكثري‪ ،‬لي س الأمر ًّ‬ ‫ودوما هناك «بنو إ سرائيل»‬ ‫فرعون ما ب أ سماء خمتلفة و أ شكال خمتلفة‪ً ،‬‬ ‫ودوما هناك حماوالت إ صالح من ِق َب ِل البع ض‪.،‬‬ ‫أي ضا ب أ سماء خمتلفة‪ً ،‬‬ ‫ ً‬ ‫‪- 24 -‬‬ ‫سورة البقرة ‪1‬‬ ‫ودوما هناك من ي َّدعي أنه‬ ‫ودوما هناك حماوالت ملحاربة هذا الإ صالح‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫ُي ْ ص ِل ُح بينما هو يف سد يف احلقيقة‪.‬‬ ‫ما قد يثري ا ستغرابك يف ن شرة الأنباء هذه أنها تبد أ بخرب عن نفو س ‬ ‫النا س‪ ،‬النفو س التي آمنت والنفو س الأخرى‪ ،‬نفو س اخلتم على القلب‬ ‫وال سمع والب صر‪ ،‬اخلرب الأول س ُي ْف ِر ُد الكثري عن هذا‪ ،‬عن املف سدين الذين‬ ‫ي َّدعون الإ صالح‪ ،‬عن الذين ي ستهزئون ويخادعون‪ ،‬عن أولئك الذين‬ ‫يتبعون كل ضوء المع مير ولو للحظات دون بو صلة أو خطة‪.‬‬ ‫ال ْو ِم ْالخِر َو َما ُه ْم ب ُم ْؤمن َ‬ ‫آم َّنا باهلل َوب ْ َ‬ ‫َ ْ َُ ُ َ‬ ‫ني ‪‬‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس من يقول‬ ‫} َوم َِن انلَّ ِ‬ ‫ُُ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ َّ َ ْ ُ َ ُ َ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َّ َ َ ُ‬ ‫َُ ُ َ‬ ‫ِين آمنوا َوما يدعون إِل أنفسه ْم َوما يشع ُرون ‪ِ ‬ف قلوب ِ ِه ْم‬ ‫يادِعون اهلل وال‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫َ َ ُ َ ْ ُ َ‬ ‫َ ً َُ َ َ ٌ َ‬ ‫َ ٌ َ َ ُ‬ ‫م َرض ف َزاده ُم اهلل م َرضا َوله ْم عذاب أ ِل ٌم بِما كنوا يكذِبون ‪َ ‬وإِذا قِيل له ْم ل‬ ‫َ َ َّ ُ ْ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ َ ْ‬ ‫َ ُ َّ َ َ ْ ُ ُ ْ ُ َ‬ ‫ُت ْفس ُدوا ف ْالَ ْ‬ ‫كن‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ون‬ ‫د‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫‪‬‬ ‫ون‬ ‫ِح‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫م‬‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫وا‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َْ ُُ َ‬ ‫ل يشعرون{ (ابلقرة ‪)12 :8‬‬ ‫ملاذا خرب الأنف س هذا مق َّدم على كل الأخبار الأخرى‪ :‬فرعون وظلمه‬ ‫وما يفعل بالنا س‪ ،‬يف ن شرات الأخبار العادية الت سل سل معكو س‪ ،‬البداية‬ ‫تكون ب أخبار الكوارث‪ ،‬ثم ي أتي احلديث عن خرب الأنف س يف نهاية الن شرة‪.‬‬ ‫لكن لي س مع سورة البقرة‪ ،‬ملاذا؟‬ ‫بب ساطة لأن اخلرب الأول أهم‪ ،‬اخلرب الأول هو الذي يحدد كيف‬ ‫ ستت صرف وتتعامل مع كل ما يلي من أخبار‪ ،‬اخلرب الأول هو الذي يقول‪:‬‬ ‫ إن كنت ستكون فرعونَ بطريقة ما‪ ،‬فرعونَ يف بيتك مع َمنْ حولك أو يف‬ ‫عملك‪ ،‬أو عو ًنا له‪ ،‬أو أنك ستكون يف اجلهة املقابلة‪.‬‬ ‫‪- 25 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫ سرتى صو ًرا لأ شخا ص كثريين يف ال سورة‪ ،‬أ شخا ص عرفتهم وخربت‬ ‫بخ س‪،‬‬ ‫أ شخا صا يبيعون كالم اهلل بثمن ٍ‬ ‫ً‬ ‫طباعهم‪ ،‬سرتى يف سورة البقرة ‬ ‫تراهم كث ًريا للأ سف يف الواقع‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ ِّ ً َ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ‬ ‫كونُوا أ َّو َل َكف ِر ب ِه َو َل ت َ ْش َ ُ‬ ‫توا‬ ‫}وآمِنوا بِما أنزلت مصدقا ل ِما معكم ول ت‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َ َ َ ً َ ً َ َّ َ َ َّ ُ‬ ‫ون{ (‪hgfr‬ابلقرة‪.)41 :‬‬ ‫بِآي ِات ثمنا قلِيل وإِياي فاتق ِ‬ ‫َ َ ْ ٌ َّ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ َ ْ ْ ُ َّ َ ُ ُ َ‬ ‫ون َه َذا م ِْن ع ِْن ِد اهلل ل ِيَ ْش َ ُ‬ ‫توا‬ ‫}فويل ل ِلِين يكتبون الكِتاب بِأيد ِ‬ ‫ِيهم ثم يقول‬ ‫َ َ ً َ ً َ َ ْ ٌ َ ُ ْ َّ َ َ َ ْ َ ْ ْ َ َ ْ ٌ َ ُ ْ َّ َ ْ ُ َ‬ ‫ِيهم وويل لهم مِما يك ِسبون{ (ابلقرة‪.)79 :‬‬ ‫ب ِ ِه ثمنا قلِيل فويل لهم مِما كتبت أيد ِ‬ ‫ سرتى ظل ًما وا ستبدادًا‪ ،‬و سرتى املظلومني ي صبحون ظاملني ً‬ ‫أي ضا‪،‬‬ ‫ أحيا ًنا بنف س دور الظامل الذي ظلمهم‪ ،‬و أحيا ًنا ب أنواع أخرى من الظلم‪،‬‬ ‫فالظلم أنواع‪.‬‬ ‫ُ َ ِّ ُ َ َ ْ َ َ ُ‬ ‫ْ َْ َ َُ ُ َ ُ ْ ُ َ َْ َ‬ ‫َ ْ َ َّ ْ َ ُ ْ ْ‬ ‫اءك ْم‬ ‫اب يذبون أبن‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫وء‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ون‬‫وم‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ع‬‫ِر‬ ‫ف‬ ‫آل‬ ‫ِ‬ ‫ِن‬ ‫}وإِذ نيناكم م‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ َ ٌ ْ َ ِّ ُ‬ ‫ك ْم َعظ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ ْ ُ َ َ َ ُ‬ ‫الح َر‬ ‫يم ‪َ ‬وإِذ ف َرقنا بِكم‬ ‫ِ‬ ‫اءك ْم َو ِف ذل ِكم بلء مِن رب‬ ‫ويستحيون ن ِس‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ َْ َ ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َْ ُ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فأنَيناك ْم َوأغ َرقنا آل ف ِْرع ْون َوأنت ْم تنظ ُرون ‪ ‬وإِذ واعدنا موس أرب ِعني للة‬ ‫ُ َّ َّ َ ْ ُ ُ ْ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫ون{ (‪hgfr‬ابلقرة ‪.)51 :49‬‬ ‫ثم اتذتم ال ِعجل مِن بع ِده ِ وأنتم ظال ِم‬ ‫ سرتى ال شراهة والطمع وكفر النعمة‪.‬‬ ‫َ ْ ُ َ َّ َ ُ ْ ْ َ َّ ُ ْ ُ‬ ‫َ ْ ُُْْ َ ُ َ َ ْ َ ْ َ ََ َ َ‬ ‫ب ع طعامٍ َواح ٍِد فادع لَا َربك ي ِرج لَا مِما تنبِت‬ ‫}وإِذ قلتم يا موس لن نص ِ‬ ‫ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫الرض مِن بقلِها وق ِثائ ِها وفومِها وعد ِسها وبصلِها{‪.‬‬ ‫و سرتى القلوب القا سية أ شد ق سو ًة من احلجارة‪ ،‬ر أيتها يف الواقع‬ ‫كث ًريا‪ ،‬أو على الأقل سمعت عنها‪ ،‬ثم و صفتها لك سورة البقرة‪.‬‬ ‫‪- 26 -‬‬ ‫سورة البقرة ‪1‬‬ ‫ُ َّ َ َ ْ ُ ُ ُ ُ ْ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُّ َ ْ ً َّ‬ ‫ارة ِ أ ْو أشد قس َوة َوإِن م َِن‬ ‫}ثم قست قلوبكم مِن بع ِد ذل ِك ف ِه كل ِج‬ ‫ْ َ َ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ ْ َ َ َ َ َّ َّ ُ َ َ ْ ُ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ َّ ْ َ ََ‬ ‫ال ِجارة ِ لما يتفجر مِنه النهار وإِن مِنها لما يشقق فيخرج مِنه الماء وإِن مِنها لما‬ ‫َ َّ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ ْ َ ْ َ‬ ‫يهبِط مِن خشي ِة اهلل َوما اهلل بِغاف ٍِل عما تعملون{‪hgfr(.‬ابلقرة‪)74 :‬‬ ‫و سرتى من يقول لن يدخل اجلنة سوانا‪ ،‬احتكرها ملن ي شبهه ويوافقه‪.‬‬ ‫ْ َ َ َ ُّ ُ ُ ْ َ ُ‬ ‫ودا َأ ْو نَ َص َ‬ ‫َ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ َّ َ َّ َ ْ َ َ ُ ً‬ ‫ارى ت ِلك أمانِيه ْم قل هاتوا‬ ‫}وقالوا لن يدخل النة إِل من كن ه‬ ‫ك ْم إ ْن ُك ْن ُت ْم َصادق َ‬ ‫ِني{ (‪hgfr‬ابلقرة‪)111 :‬‬ ‫ُْ َ َ ُ‬ ‫برهان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وت ستغرب من ت شابه املنطق مع من تراهم حولك وينادون بنف س الأفكار‬ ‫و إن كانت مع أ سماء أخرى‪ ،‬هل هو التاريخ يكرر نف سه؟ أم هي الطبيعة‬ ‫الب شرية تقع يف نف س الأخطاء مرة بعد أخرى؟‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َ َّ َ َ َ َّ َ َّ َ َّ َ ُ ُ ْ َّ ُ َ‬ ‫ارى حت تتبِع مِلته ْم قل إِن هدى اهلل ه َو‬ ‫}وَلن ترض عنك الهود ول انلص‬ ‫ْ َ ٍّ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ْ َ َ َ‬ ‫ْ ُ َ َ َ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ َ ْ َ َّ‬ ‫اءه ْم بعد الِي جاءك مِن ال ِعل ِم ما لك مِن اهلل مِن و ِل ول‬ ‫َ‬ ‫ئ اتبعت أهو‬ ‫الهدى ول ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ري{ (‪hgfr‬ابلقرة‪)120 :‬‬ ‫ن ٍ‬ ‫ص‬‫ِ‬ ‫ت أخذنا ال سورة ً‬ ‫أي ضا إىل خرب آخر من الأنف س‪ :‬كل فئة لن تر ضى عنك‬ ‫متاما‪ ،‬تندمج بهم دون حدود يف الهوية متيزك‬ ‫ إال إذا أ صبحت تاب ًعا لهم ً‬ ‫أ سا سا؟ ال تريد ر ضاهم‪ ،‬تريد ر ضا‬ ‫وحتمي متيزك‪ ،‬لكن هل ر ضاهم مهم ً‬ ‫ربهم وربك ورب اجلميع‪ ،‬وكل ما تطمح منهم هو أن يتقبلوك فح سب‪ ،‬ال ‬ ‫ أن ير ضوا عنك‪.‬‬ ‫***‬ ‫أي ضا َّأل تفرح كث ًريا بقائمة عيوب بني إ سرائيل‬ ‫تذكرك سورة البقرة ً‬ ‫ أو سواهم‪ ،‬ميكن أن ما ر أيته فيهم ينطبق عليك دون أن تنتبه‪ ،‬رمبا أنت‪.‬‬ ‫‪- 27 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫من تخطر يف ذهن أحدهم عندما يقر أ سورة البقرة‪ ،‬انتبه لذلك‪ ،‬انظر‬ ‫لعيوبك قبل عيوب الآخرين‪ ،‬عيوب الآخرين هم أَ ْو َل ب إ صالحها‪ ،‬أما‬ ‫عيوبك فهي يف متناول يدك‪ ،‬أم أنها أ صعب من أن تكون كذلك؟‬ ‫مع كل ذكر لبني إ سرائيل‪ ،‬ال سورة ال تتحدث لك عنهم ملجرد احلديث‬ ‫التاريخي عنهم‪ ،‬بل لأنهم النموذج الذي ميكن أن ننزلق جمي ًعا إىل تكرار‬ ‫فعل‪ ،‬من‬‫قليل فينا؛ لوجدنا أن ذلك حدث ويحدث ً‬ ‫ أخطائهم‪ ،‬ولو دققنا ً‬ ‫ال ِع ْجل الذي أُ ْ ش ِر َب يف قلوب البع ض ‪-‬كما أُ ْ ش ِر َب ْت أ شيا ٌء أخرى‪ -‬إىل ر ؤية‬ ‫مبعان و أ سماء خمتلفة‪ ،‬حتى التيه الذي دخله بنو‬ ‫اهلل جهر ًة‪ ،‬كل ذلك ٍ‬ ‫ إ سرائيل‪ ،‬يبدو أننا قد دخلنا يف تيه مماثل‪ ،‬أو أن بع ضنا على الأقل قد‬ ‫فعل‪.‬‬ ‫***‬ ‫َ َ ً َ ُ َ ََْ ُ َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َ ُّ َ ْ َ َ َ ِّ َ ٌ‬ ‫} َوإِذ قال َربك ل ِلملئ ِك ِة إِن جاعِل ِف ال ْر ِض خلِيفة قالوا أتعل فِيها من‬ ‫ُ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ِّ َ َ َ ْ ُ َ ِّ ُ ْ َ ُ َ ِّ ُ َ َ َ َ ِّ َ ْ َ َ َ‬ ‫اء َون ُن نسبح ِبَمدِك َونقدس لك قال إِن أعل ُم ما ل‬ ‫يف ِسد فِيها ويس ِفك ادلم‬ ‫َْ َُ َ‬ ‫ون{ (ابلقرة‪.)30 :‬‬ ‫تعلم‬ ‫ت أخذك ال سورة إىل أ صل احلكاية وبدايتها‪ ،‬سرتى آدم وهو يت سلم‬ ‫من صب اال ستخالف واملالئكة تت ساءل عن أهليته للمن صب‪ ،‬وتل ِّمح إىل‬ ‫ إمكانية أن ي سفك الدم‪ ،‬و ستتذكر أن احلياة الإن سانية يف أحيان كثرية‬ ‫قدمت معطيات قد تبدو أنها ل صالح املالئكة يف ت سا ؤلهم هذا‪ ،‬يكاد‬ ‫«الواقع املعا صر» يكون م صدا ًقا ملا قالته املالئكة‪ ،‬أو على الأقل هذا ما‬ ‫يبدو لنا الآن‪.‬‬ ‫‪- 28 -‬‬ ‫سورة البقرة ‪1‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َْ‬‫َ‬ ‫آد َم م ِْن ق ْب ُل فنَ ِ َ‬ ‫س َول ْم ِن ْد لُ َع ْز ًما{ (ابلقرة‪.)115 :‬‬ ‫َ‬ ‫} َولقد ع ِهدنا إِل‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ُ ْ َ َ ُّ ُ َ َ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َّ ُ َ َ‬ ‫} َوعص آدم َربه فغ َوى ‪ ‬ث َّم اجتباهُ َربه فتاب علي ِه َوهدى ‪ ‬قال اهبِطا‬ ‫َ ُ ٌّ َ َّ َ ْ َ َّ ُ ْ ِّ ُ ً َ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ ً َْ ُ ُ‬ ‫اي فل‬ ‫مِنها جِيعا بعضك ْم ِ َلع ٍض عدو فإِما يأت ِينكم مِن هدى فم ِن اتبع هد‬ ‫َ‬ ‫يَ ِض ُّل َول ي َ ْش َق {(البقرة ‪.)123 :121‬‬ ‫ سرتى آدم ِيز ُّل‪ ،‬ومن ثم يتوب‪ ،‬ويهبط إىل الأمر الواقع‪ ،‬و سرتى أبناءه‬ ‫بع ضهم لبع ض عدو حتى ال ساعة‪ ،‬و سرتى نف سك يف زلة أبيك آدم‪ ،‬أنت‬ ‫وهبطت مما يجب أن تكون عليه إىل واقعك الذي‬ ‫َّ‬ ‫زللت و أخط أتَ‬ ‫ أي ضا َ‬ ‫تبت؟‬ ‫تعلمه جيدً ا‪ ،‬فهل َ‬ ‫ق صة سيدنا آدم هي ق صتنا جمي ًعا‪ ،‬نحملها معنا أينما كنا‪ ،‬إنها حكاي ُة‬ ‫كل يوم التي تتكرر ب أ شكال خمتلفة‪ ،‬املهم يف الأمر هو كيف تنتهي هذه‬ ‫احلكاية‪.‬‬ ‫***‬ ‫َ ْ ُ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ َ ً َ ُ َ َ َّ ُ َ ُ ُ ً َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َ ُ َ َ‬ ‫} َوإِذ قال موس ل ِق ْو ِم ِه إِن اهلل يأمركم أن تذبوا بقرة قالوا أتتخِذنا هزوا قال‬ ‫الاهل َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َ ْ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ِني{ (ابلقرة‪)67 :‬‬ ‫أعوذ بِاهلل أن أكون مِن َ ِ‬ ‫ ستلفت نظرك «البقرة» هنا‪ ،‬ما الذي جاء بها إىل هنا؟ وملاذا هي‬ ‫مهمة لهذه الدرجة بحيث إن ال سورة أخذت ا سمها؟ ستت أمل يف احلكاية‪،‬‬ ‫اهلل ي أمر بذبح بقرة‪ ،‬أمر ب سيط وا ضح‪ ،‬ولكن تنهال الأ سئلة‪ :‬لونها وزنها‬ ‫ُّ‬ ‫تعك س التنطع‬ ‫عمرها‪ ،‬إلخ‪ ،‬أ سئلة ال عالقة لها باملق صد من الذبح‪ ،‬ولكنها‬ ‫والتكلُّف يف تنفيذ الأوامر ال شرعية‪.‬‬ ‫ أال يذكرنا هذا ب شيء؟ هل ميكن َّأل يذكرنا هذا ب شيء؟‬ ‫‪- 29 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫للأ سف‪ ،‬البقرة اليوم موجودة مع كل أمر شرعي‪ ،‬هناك عند كل أمر‬ ‫ شرعي من يتعامل معه كما تعامل بنو إ سرائيل مع البقرة وي سطر فيه‬ ‫الكتب ويبني عليه الفتاوى واخلالفات واالختالفات‪ ،‬ا سم ال سورة يذكرنا‬ ‫بالرتكيز على مقا صد العبادات‪ ،‬يحذرنا من مغبة التكلف والتنطع بها‪،‬‬ ‫ونحن سقطنا يف نف س الفخ بال ضبط‪ ،‬كما لو أن ال سورة تو صينا بذلك!‬ ‫***‬ ‫عموما‪.‬‬ ‫و ستذكرك «البقرة» هنا مب شكلتنا يف التعامل مع «الت ضحية» ً‬ ‫خ صو صا على ت ضحيته هو ‪ -‬أكرث من‬‫ً‬ ‫البع ض يركز على «الت ضحية» ‪-‬‬ ‫تركيزه على نتائج هذه الت ضحية‪.‬‬ ‫البع ض يتعامل مع «ت ضحيته» كما لو كانت ُم ْن َجزًا عليه أن يذكره يف‬ ‫ سريته ال شخ صية حتى لو مل يحقق شي ًئا من هذه الت ضحية‪.‬‬ ‫بدل من أن تكون و سيلة إىل الهدف‪.‬‬ ‫ أ صبحت الت ضحية هد ًفا‪ً ،‬‬ ‫و سورة البقرة حتذرنا من هذه التجارة؛ لأن نتائجها سيئة‪.‬‬ ‫***‬ ‫ْ َ ُ َّ َ َ َ َّ ْ َّ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ ْ َْ َ ُ َْ ُ َْ َ َ َ َْْ‬ ‫ت َوإِسماعِيل َربنا تقبل مِنا إِنك أنت‬ ‫الي ِ‬ ‫}وإِذ يرفع إِبراهِيم القواعِد مِن‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ ِّ َّ َ ُ َّ ً ُ ْ َ ً َ َ َ َ َ‬ ‫َّ ُ ْ َ ُ‬ ‫ي لك ومِن ذريتِنا أمة مسلِمة لك وأرِنا‬ ‫الس ِميع العلِيم ‪ ‬ربنا واجعلنا مسلِم ِ‬ ‫الرح ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ َّ َّ ُ‬ ‫اب َّ‬ ‫ِيم{ (ابلقرة ‪)128 :127‬‬ ‫منا ِسكنا وتب علينا إِنك أنت اتلو‬ ‫وكما أخذتنا ال سورة إىل أبينا آدم وزلته‪ ،‬ت أخذنا ً‬ ‫أي ضا إىل أبينا‬ ‫ إبراهيم وهو يبني البيت‪ ،‬كما لو أنها تقول‪ :‬إن إ صالح اخلط أ وال صراع‬ ‫مع الأمر الواقع يكون بالبناء على قواعد صحيحة وثابتة‪.‬‬ ‫‪- 30 -‬‬ ‫سورة البقرة ‪1‬‬ ‫و سرتى أن م شهد رفع البناء ُي ْع َر ض ب صيغة الفعل امل ضارع (‪...‬يرفع)‪،‬‬ ‫كما لو أنه يفتح الباب لت شا ُرك إبراهيم وابنه يف رفع البنيان‪.‬‬ ‫و سيتدخل ارتفاع القواعد مع دعاء إبراهيم لذريته‪ ،‬العائلة هي ما‬ ‫يجب أن ُي ْح َمى بالبنيان‪ ،‬هذا هو جوهر االرتفاع احلقيقي‪.‬‬ ‫‪- 31 -‬‬ ‫سورة البقرة ‪ - 2‬الجزء الثاني‬ ‫ًّ‬ ‫مستمرا‬ ‫الصراع المرير مع الواقع المر ال يزال‬ ‫ي ستمر ال صراع املرير مع الأمر الواقع املر‪ ،‬ولكن توا صل سورة البقرة‬ ‫منحنا إ شارات ت ساعدنا يف هذا ال صراع‪ ،‬تقول لنا‪ :‬إن هذا جزء من‬ ‫طبيعة احلياة نف سها‪ ،‬و إن صعوبة هذا ال صراع جزء من االمتحان الذي‬ ‫علينا اجتيازه يف احلياة الدنيا‪.‬‬ ‫َّ َ َ َ ُ ِّ َّ َ ْ َ ً َ َ َ َ ِّ ْ َ َ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫َْ َ‬ ‫}قد ن َرى تقل َب َوج ِهك ِف السماءِ فلن َو َلنك ق ِبلة ت ْرضاها ف َول َوجهك شط َر‬ ‫ْ َ َ ِ َ َ ْ ُ َ ُ ْ ُ ْ َ َ ُّ ُ ُ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ َّ َ ُ ُ ْ َ َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ِين أوتوا الكِتاب‬ ‫ج ِد الرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإِن ال‬ ‫الم ِ‬ ‫س‬ ‫َ َّ َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ َ َّ ُ ْ َ ُّ ْ َ ِّ ْ َ َ‬ ‫ون{ (ابلقرة‪)144 :‬‬ ‫لعلمون أنه الق مِن رب ِهم وما اهلل بِغاف ٍِل عما يعمل َ‬ ‫ت أخذك ال سورة من حريتك و إرهاقك يف صراعك إىل وجهه ال شريف‬ ‫‪ -‬عليه ال صالة وال سالم ‪ -‬وهو يتقلب يف ال سماء بح ًثا عن « ِق ْب َل ٍة» يتوجه‬ ‫قليل‪ ،‬يذكرك الأمر ب شكل ما‬ ‫لها‪ ،‬كما لو أنها تخفف من عناء صراعك ً‬ ‫بكل احلرية التي مررتَ أو متر بها‪ ،‬بل يذكرك بحرية اجليل كله وهو مير‬ ‫مبنعطفات تاريخية دون أن يجد « ِق ْب َل ًة ير ضاها»‪.‬‬ ‫كم من أنا س ضاعوا و أ ضاعوا لأنهم مل يجدوا قبل ًة‪ ،‬هد ًفا‪ ،‬اجتاهً ا‬ ‫ميكن لبو صلتهم أن ت ساعدهم يف الو صول إليه‪ ،‬وتذكرنا الآيات ب أننا يف‬ ‫كل مفرتق نحتار فيه؛ علينا أن نتجه إىل ذات القبلة‪ ،‬إىل ذلك البيت‬ ‫الإبراهيمي الذي ر أينا رفع قواعده قبل قليل يف نف س ال سورة‪ ،‬والذي كانت‬ ‫ال صيغة امل ضارعة تدعونا للم شاركة يف البناء‪.‬‬ ‫‪- 32 -‬‬ ‫سورة البقرة ‪2‬‬ ‫تذكرنا هذه الآيات ب ضرورة أن ُن ِع َيد ضبط بو صلتنا بني احلني والآخر‬ ‫لتعود إىل « إعدادات امل صنع» الأولية والأ سا سية؛ لنزيل ما ترا َك َم عليها من‬ ‫ صد أ وغبار‪.‬‬ ‫***‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ ُ َ َ َ ْ ُ ُ ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َّ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫ِين مِن قبلِك ْم‬ ‫}يا أيها الِين آمنوا كتِب عليكم الصيام كما كتِب ع ال‬ ‫َ َ َّ ُ َ َّ ُ َ‬ ‫لعلك ْم تتقون{ (ابلقرة‪)183 :‬‬ ‫َّ ْ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ ُّ َ ْ ُ ٌ َ ْ ُ َ ٌ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫جدال‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫وق‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ث‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ج‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ِيه‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫}الج أشهر معلومات فمن فر‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ َ َ َّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ َّ َ َْ‬ ‫ْ َْ َْ َُْ‬ ‫ْ َ ِّ َ َ َ ْ َ ُ‬ ‫ون يا‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ات‬ ‫و‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫اتل‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫الز‬ ‫ي‬ ‫خ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫وا‬ ‫د‬‫و‬ ‫ز‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫اهلل‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫خ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫وا‬ ‫ِف الج وما تفعل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اب{ (ابلقرة‪.)197 :‬‬ ‫أول ْال ْ َ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ْ َ َّ ْ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ْ َْ‬ ‫اليت أ ِو اعتمر فل جناح علي ِه أن‬ ‫الص َفا َوال ْ َم ْر َو َة م ِْن َش َعائ ِر اهلل فمن حج َ‬ ‫َّ َّ‬ ‫}إِن‬ ‫ِ‬ ‫يا فإ َّن اهلل َشاك ٌِر َعل ٌ‬ ‫َ‬ ‫ع َخ ْ ً‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َّ َ‬ ‫َ َّ َّ َ‬ ‫ِيم {(ابلقرة‪.)158 :‬‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ط‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ه‬ ‫يطو ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َّ َ َ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َ ُ ُ‬ ‫وموا هلل قانِتِ َني{(ابلقرة‪.)238 :‬‬ ‫ات والصلة ِ الوسطى وق‬ ‫}حاف ِظوا ع الصلو ِ‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ُ َّ‬ ‫َّ َ َ َّ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ ْ‬ ‫ي اهلل فم ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِغ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِل‬ ‫ه‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫}إِنما حرم عليكم الميتة وادلم ولم ال ِ ِ‬ ‫ير‬ ‫ِن‬ ‫ور َرح ٌِيم{ (ابلقرة‪.)173 :‬‬ ‫اغ َو َل َعد َف َل إ ْث َم َعلَ ْيه إ َّن اهلل َغ ُف ٌ‬ ‫ْ ُ َّ َ ْ َ َ‬ ‫يب ٍ‬ ‫اضطر غ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َُُْ‬ ‫َ ْ ٌ َ ٌ َ َ ُ َّ‬ ‫ُْ‬ ‫َْ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫َْ َُ َ َ َ‬ ‫اس َوإِثمهما‬ ‫ري َومناف ِع ل ِلن ِ‬ ‫ِيهما إِثم ك ِب‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫}يسألونك ِ‬ ‫ع‬ ‫َ ُ ُ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ ُ َ ُِّ‬ ‫ات‬‫أكب مِن نف ِع ِهما ويسألونك ماذا ين ِفقون ق ِل العفو كذل ِك يبي اهلل لكم الي ِ‬ ‫َ َ َّ ُ َ َ َ َّ َ‬ ‫لعلك ْم تتفك ُرون{ (ابلقرة‪)219 :‬‬ ‫أي ضا سرنى شي ًئا‬ ‫ سرنى يف نف س ال سورة الأمر بال صيام وتعليماته‪ ،‬و ً‬ ‫من شعائر احلج‪ ،‬ومن إقامة ال صالة‪ ،‬ومن أوامر نعي وا ضحة حمددة‪،‬‬ ‫فيذكرنا كل ذلك ببقرة بني إ سرائيل وما فعلوه معها من ُّ‬ ‫تنطع وتكلُّف‪.‬‬ ‫‪- 33 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫يف الأ سئلة‪ ،‬وتف َّك ْر‪ :‬البع ض منا فعل ال شيء ذاته مع كل هذه ال شعائر؛ يف‬ ‫ال صالة‪ ،‬يف ال صيام‪ ،‬يف احلج‪ ،‬يف كل ركن من أركان الإ سالم‪ ،‬بل يف كل‬ ‫ أمر شرعي‪ ،‬هناك من يقف نف س موقف بني إ سرائيل من البقرة‪ ،‬وال سورة‬ ‫تذكرنا‪ :‬إياك أن تغرق يف التفا صيل بحيث تن سى الهدف واملق صد من‬ ‫الأمر ال شرعي‪.‬‬ ‫وكث ًريا ما يحدث مع الأ سف‪.‬‬ ‫***‬ ‫َُْْ‬ ‫ال ُّر ب ْ ُ‬ ‫اص ف الْ َق ْت َل ْ ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ ُ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ُ‬ ‫ال ِّر َوالعبد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫}يا أيها الِين آمنوا كتِب عليكم ال ِقص‬ ‫َ َ َ ٌ َْ‬ ‫َ ْ ٌ َ ِّ َ ٌ ْ َ ُْ‬ ‫ْ َْ َ ْ ُْ َ ْ ُْ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ‬ ‫وف وأداء إِل ِه‬ ‫ف لُ مِن أخِي ِه شء فاتباع بِالمعر ِ‬ ‫بِالعب ِد والنث بِالنث فمن ع ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ِّ ُ‬ ‫َ َ َْ ٌ‬ ‫ْ َ‬ ‫ان ذل ِك ت ِفيف مِن َربكم َو َرحة فم ِن اعتدى بعد ذل ِك فله عذاب أ ِل ٌم‬ ‫بِإِحس ٍ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ َّ ُ َ َّ ُ َ‬ ‫ََ ٌ َ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫اب لعلك ْم تتقون ‪ ‬كتِ َب عليك ْم‬ ‫كْ‬ ‫ِ‬ ‫ول الل‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫اة‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫اص‬ ‫ِ‬ ‫ص‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫‪ ‬ول‬ ‫َ ًّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ ْ ً ْ َ َّ ُ ْ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ‬ ‫وف حقا‬ ‫إِذا حض أحدكم الموت إِن ترك خيا الو ِصية ل ِلو ِالي ِن والقربِني بِالمعر ِ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ َ ْ َ َّ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َّ َ ْ ُ ُ َ َ َّ َ ُ َ ِّ ُ َ ُ َّ‬ ‫ع ال ْ ُم َّتق َ‬‫ََ‬ ‫ِين يبدلونه إِن اهلل س ِميع‬ ‫ني ‪ ‬فمن بدل بعدما س ِمعه فإِنما إِثمه ع ال‬ ‫ِ‬ ‫ِيم{ (ابلقرة ‪)181 :178‬‬ ‫َعل ٌ‬ ‫َ ْ ُُ ْ ْ ُ ْ ََْ ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ ُ َ‬ ‫ِين آمنوا إِذا تداينت ْم بِدي ٍن إِل أج ٍل مس ًّم فاكتبوهُ َو َلكتب بينك ْم‬ ‫}يا أيها ال‬ ‫َْْ‬ ‫َ‬ ‫كت ٌِب بِالعد ِل{(ابلقرة‪)182:‬‬ ‫هذا ال صراع املرير مع الأمر الواقع املر سيتطلب وجود قوانني تنظم‬ ‫الأمر الواقع وتخفف من مرارته قدر الإمكان‪ ،‬احلياة لي ست نزهة يف‬ ‫ب ستان‪ ،‬ومواجهتها بال شعارات أمر لطيف يف البداية ولكن م آالت النهاية‬ ‫تزيد املرارة‪ ،‬سيكون هناك ق صا ص‪ ،‬و سيكون هناك و صية ُت ْتَك حلفظ‬ ‫احلقوق‪ ،‬سيكون هناك من يظلم يف الو صية‪ ،‬و سيكون هناك من عليه أن‪.‬‬ ‫‪- 34 -‬‬ ‫سورة البقرة ‪2‬‬ ‫يتدخل ملنع الظلم‪ ،‬و سيكون هناك ديون بني النا س‪ ،‬وكاتب بالعدل ينظم‬ ‫ذلك‪ ،‬فاملدينة الفا ضلة جمرد وهم ال وجود له‪ ،‬والطبيعة الب شرية تتطلب‬ ‫توثي ًقا كهذا‪.‬‬ ‫ُ َ َ َْ ُ ُ ْ َ ُ َ ُ َ ُ ٌْ َ ُ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ًْ َ ُ َ َ ٌْ َ ُ‬ ‫ي لك ْم‬ ‫}كتِب عليكم ال ِقتال وهو كره لكم وعس أن تكرهوا شيئا وهو خ‬ ‫َْ َ َُْ َ َْ َُ َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ ُّ َ ْ ً َ ُ َ َ ٌّ َ ُ‬ ‫ش لك ْم َواهلل يعل ُم َوأنت ْم ل تعلمون{(ابلقرة‪)216 :‬‬ ‫وعس أن تِبوا شيئا وهو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ك ْم{‪ ،‬لكنها احلياة‬ ‫أي ضا‪ ،‬رغم أنه }ك ْر ٌه ل‬ ‫ سيكون هناك قتال ً‬ ‫بواقعيتها‪ ،‬لي ست نزهة‪ ،‬وتتطلب املواجهات مهما كرهنا ذلك‪ ،‬و ستذكرك‬ ‫ال سورة ب أن الأ صل يف الأمر هو أنك تكره «القتال»‪ ،‬و أن الأمر لي س كما‬ ‫ير ِّو ُج البع ض كما لو أننا ُخ ِل ْق َنا لنقاتل‪ ،‬لكنه اال ضطرار ومواجهة الأمر‬ ‫الواقع املر هو الذي يجيز القتال ولي س أي شيء آخر‪.‬‬ ‫وه َّن ب َم ْع ُروف َأ ْو َ ِّ ُ ُ َّ َ ْ ُ‬ ‫َ َ َ َّ ْ ُ ُ ِّ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َّ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫}وإِذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأم ِسك‬ ‫سحوهن بِمعر ٍ‬ ‫وف‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َْ َْ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ْ ُ ُ َّ َ ً ْ َ ُ‬ ‫ارا ِلَعتدوا َومن يفعل ذل ِك فقد ظل َم نفسه{ (ابلقرة‪)231 :‬‬ ‫ول تم ِسكوهن ِض‬ ‫ سيكون هناك زواج وخالفات يف الزواج تقود إىل الطالق‪ ،‬أمر م ؤ سف‬ ‫بالت أكيد‪ ،‬ولكنه يجب أن ُي َن َّظ َم و ُي َق َّ َن‪ ،‬و ضع ضوابط لهذا الأمر سيقلل‬ ‫حت ًما من خ سائر الطالق‪ ،‬ومواجهة الواقع عرب ت شريعات تقلل اخل سائر‬ ‫ أف ضل بكثري من منع الطالق ب شكل قاطع‪.‬‬ ‫***‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الس َم َ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ ْ َ ُّ ْ َ ُّ ُ َ َ ْ ُ ُ ُ َ ٌ َ َ َ ْ ٌ َ ُ َ‬ ‫ات َوما‬ ‫ِ‬ ‫او‬ ‫ف‬‫}اهلل ل إِل إِل هو الح القيوم ل تأخذه ِسنة ول نوم ل ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َ ْ َ ُ ْ َ ُ َّ ْ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ َّ‬ ‫ف ْالَ ْ‬ ‫ِيهم وما خلفهم ول‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫م‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ي‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫ِ ِِ ِ‬‫إ‬‫ب‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫د‬‫ِن‬ ‫ع‬ ‫ع‬‫ف‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫ِي‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ودهُ‬‫َ َْْ َ ََ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ ُ ْ ُّ ُ َّ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ َ َ‬ ‫ات والرض ول يئ‬ ‫يِيطون بِش ٍء مِن عِل ِم ِه إِل بِما شاء و ِسع كر ِسيه السماو ِ‬ ‫يم{ (ابلقرة‪)255 :‬‬ ‫ل الْ َعظ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫حِف ُظ ُه َما َو ُه َو ال َع ِ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫‪- 35 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫خ ضم كل هذا ال صراع املرير ت أتي آية الكر سي كما لو أنها جاءت‬ ‫ِّ‬ ‫يف‬ ‫لرتيحك من ال صراع ً‬ ‫قليل‪ ،‬تر ِّب ُت على كتفيك وتقول لك أن ت سرتيح هنا‬ ‫من كل هذا الذي مررتَ به‪ ،‬ت شري لك إىل ملكوت اهلل وقدرته وعلمه الذي‬ ‫يفوق كل قدراتنا على التخيل‪ ،‬ست شعرك الآية ب أنه عز وجل يعرف كل هذا‬ ‫الذي متر به‪ ،‬ويعرف ما سيحدث الح ًقا‪ ،‬جمرد معرفته بذلك ستمنحك‬ ‫متاما يف هذا ال صراع‪ ،‬هو‬‫بع ضا من الطم أنينة وال سكينة‪ ،‬ل ست وحدك ً‬‫ً‬ ‫َ َ َ َ ََ‬ ‫الذي ال يغفل عنك حلظة واحدة‪ ،‬و سيذكرك ذلك ب آية سابقة‪} ،‬وإِذا سألك‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ْ َ َ َّ ِ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ‬ ‫َ ِّ َ ِّ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫جيبوا ِل َولُؤمِنوا ِب‬ ‫جيب دعوة ادلاع إِذا دع ِن فليست ِ‬ ‫عِبادِي عن فإِن ق ِريب أ ِ‬ ‫َ َ َّ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫لعله ْم ي ْرشدون{ (ابلقرة‪)186 :‬‬ ‫يبوا ل{ دوما نن سى هذا اجلزء من الآية‪ ،‬نركز على } ُأج ُ‬ ‫ََْ ْ َ ُ‬ ‫يب‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫}فليست ِ‬ ‫ج‬ ‫ََْ ْ َ ُ‬ ‫َد ْع َو َة َّ‬ ‫ادل ِاع{ ونن سى }فليست ِجيبوا{‪.‬‬ ‫ال شيء ذاته مع آية الكر سي‪.‬‬ ‫ سرنتاح بعلمه الذي ال يغيب عنه شيء‪ ،‬لكن هذا ال يحدث بحفظ « آية‬ ‫الكر سي» منف صلة عما قبلها وبعدها من و صايا و أوامر‪ ،‬بل عندما ن أخذ‬ ‫كل شيء حزمة واحدة‪.‬‬ ‫***‬ ‫ِّ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫بعد طم أنينة آية الكر سي ست أخذك ال سورة فو ًرا إىل }ل إِكراه ِف ادل ِ‬ ‫ين‬ ‫ََ ْ َْ َ َ ُْ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َّ َ ُّ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ ُ‬ ‫وت َويؤمِن بِاهلل فق ِد استمسك بِالع ْر َوة ِ‬ ‫غ فمن يكفر بِالطاغ ِ‬ ‫قد تبي الرشد مِن ال‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ ْ‬ ‫ال ُوث َق ل ان ِف َص َام ل َها َواهلل َس ِم ٌيع َعل ٌِيم{ (ابلقرة‪ ،)256 :‬كما لو أنك حتتاج أن‬ ‫ا سرتحت و أخذتَ أنفا سك‬ ‫َ‬ ‫ت ستوعب هذه الآية وما تقوله بعد أن تكون قد‬ ‫ً‬ ‫قليل عند آية الكر سي‪.‬‬ ‫‪- 36 -‬‬ ‫سورة البقرة ‪2‬‬ ‫ ستذكر كم من الإكراه ُمو ِر َ س با سم هذا الدين الذي قال َّأل إكراه‬ ‫يف الدين‪ ،‬كل أمر شرعي تع َّر ض لإكراه بدرجة أو ب أخرى‪ ،‬و ستالحظ أن‬ ‫الر شد هو ذاته يف الال إكراه‪ ،‬ويف الآية التي حتدثت عن إجابة دعوة الداع‬ ‫َ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫ََْ ْ َ ُ‬ ‫ون { صدفة! حا شا هلل‪.‬‬ ‫جيبوا ِل َولُؤمِنوا ِب لعلهم يرشد‬ ‫}فليست ِ‬ ‫لكي تفهم الال إكراه ح ًّقا‪ ،‬ومتار سه ح ًّقا‪ ،‬ومتنع الإكراه با سم دين الال‬ ‫ إكراه‪ ،‬عليك أن تكون را شدً ا ًأول‪.‬‬ ‫***‬ ‫ََْ ُْ َْ ْ َ َ َ َََْ ُْ ْ َ َ ََ ََ ْ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ِّ َ‬ ‫كن‬ ‫ح الموت قال أولم تؤمِن قال بل ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫}وإِذ قال إِبراهِيم رب ِ‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ََ ُْ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الط ْي ف ُ ْ ُ َّ‬ ‫َ ْ َ َّ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ ً َ َّ‬ ‫صهن إ ِ ْلك ث َّم اجعل ع ك جب ٍل مِنه َّن‬ ‫ِ‬ ‫ِلطم ِئ قل ِب قال فخذ أربعة مِن‬ ‫ٌ‬ ‫َ ٌ َ‬ ‫ُ ْ ً ُ َّ ْ ُ ُ َّ َ ْ َ َ َ ْ ً َ ْ ْ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جزءا ثم ادعهن يأت ِينك سعيا واعلم أن اهلل ع ِزيز حكِيم{ (ابلقرة‪.)260 :‬‬ ‫أي ضا إىل أبيك إبراهيم وهو ي س أل ربه عن إحياء‬ ‫ ست أخذك ال سورة ً‬ ‫املوتى لكي يطمئن قلبه‪ ،‬و ستتذكر كم قلو ًبا كتمت حاجتها إىل الطمـ أنينة‬ ‫كي ال تو ص َم بالكفر واالبتداع واجلحود‪ ،‬ستتمنى لو أنك‬ ‫َ‬ ‫وقمعت أ سئلتها‬ ‫ت ستطيع أن حتت ضن أباك إبراهيم‪ ،‬وتهم س يف أذنه مبخاوفك وقلقك‪ ،‬لكن‬ ‫يكفيك منه أن قال هذه الكلمات و أنه هنا يف ال سورة‪ ،‬أنت لك احلق ً‬ ‫أي ضا‬ ‫ أن تبحث عن طم أنينة قلبك وعقلك‪ ،‬ولي س لأحد أن مينعك من أ سئلتك‬ ‫وت سا ؤالتك يف الطريق إىل الطم أنينة‪.‬‬ ‫***‬ ‫‪- 37 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫َ ْ ً َّ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َّ َ َ‬ ‫َ ُ َ ِّ ُ‬ ‫}ل يكلف اهلل نفسا إِل ُوسعها لها ما كسبت َوعليها ما اكتسبت َربنا ل‬ ‫ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ ْ ً َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ ْ‬ ‫ِين مِن‬ ‫تؤاخِذنا إِن ن ِسينا أو أخطأنا ربنا ول ت ِمل علينا إِصا كما حلته ع ال‬ ‫َ ْ ُ َ َّ َ ْ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ َّ َ َ ُ ِّ ْ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫قبلِنا َربنا َول تَملنا ما ل طاقة لَا ب ِ ِه واعف عنا واغ ِفر لا وارحنا أنت مولنا‬ ‫ين{(ابلقرة‪)286 :‬‬‫ع الْ َق ْو ِم الْ َكف ِر َ‬‫َ ْ ُ َْ ََ‬ ‫فانصنا‬ ‫ِ‬ ‫ويف آخر كل هذه امللحمة من ال صراع مع الأمر الواقع‪ ،‬ستـ أتي كلمات‬ ‫تعبت؟ هل أرهقك هذا الأمر الواقع؟‬ ‫اخلامتة يف ال سورة لرت ِّب َت عليك‪ ،‬هل َ‬ ‫نف سا إال و سعها‪ ،‬ميكنك أن تطلب َّأل‬ ‫ال ب أ س‪ ،‬هذا طبيعي‪ ،‬ال يكلف اهلل ً‬ ‫ن سيت أو أخط أتَ ‪ ،‬ميكنك أن تقول‪ :‬إن بع ض الأمور ال ‬ ‫ي ؤاخذك اهلل إن َ‬ ‫طاقة لك بها‪ ،‬وتطلب منه عز وجل َّأل يح ِّم َل َك فوق طاقتك‪ ،‬افعل ما يف‬ ‫و سعك‪ ،‬ولكن كن على ب صرية بهذا الواقع املحيط بك‪ ،‬حا ِو ْل أن تو سع مما‬ ‫يف و سعك بالتدريج‪ ،‬بحيث يتنا سب مع ما ُك ِّل ْف َت به‪.‬‬ ‫‪- 38 -‬‬ ‫سورة آل عمران ‪3‬‬ ‫عن جبر الخواطر المكسورة‬ ‫ سورة آل عمران هي سورة «جرب اخلواطر» بامتياز‪.‬‬ ‫لكن جرب اخلواطر هذا ال يكون بكلمات تر ضية وموا ساة كما تع َّودنا من‬ ‫جرب اخلواطر أن يكون‪ ،‬بل تفعل ال سورة ذلك عرب تزويد خاطرك املك سور‬ ‫بجبرية وعي يخرجك من حلظة االنك سار الراهنة إىل «ال صورة الكبرية»‬ ‫التي قد تغيب عن أذهاننا أحيا ًنا‪ ،‬خا ص ًة يف حلظة أمل االنك سار واملعاناة‪.‬‬ ‫كيف ذلك؟‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ ٌ ُ ْ َ َ ٌ ُ َّ ُ ُّ ْ َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫اب َوأخ ُر‬ ‫}هو ال َِي أنزل عليك الكِتاب مِنه آيات مكمات هن أم الك ِ‬ ‫ِت‬ ‫اء الْ ِف ْت َن ِة َوابْتِ َغ َ‬ ‫اء‬ ‫ُ ُ ْ َ ْ ٌ َ َ َّ ُ َ‬ ‫ون َما ت َ َشابَ َه م ِْن ُه ابْتِ َغ َ‬ ‫ِين ِف قلوب ِ ِهم زيغ فيتبِع‬ ‫ات َفأ َّما َّال َ‬ ‫َُ َ َ ٌ‬ ‫متشابِه‬ ‫ُ ٌّ ْ ْ‬ ‫ْ ْ َ ُ ُ َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الرا ِسخون ِف ال ِعل ِم يقولون آمنا ب ِ ِه ك مِن عِن ِد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تَأويلِه َو َما يعل ُم تأويل ُه إل اهلل َو َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ ِّ َ َ َ َ َّ َّ ُ َّ ُ ُ ْ َ َْ‬ ‫اب{ (آل عمران‪.)7 :‬‬ ‫ربنا وما يذكر إِل أولو الل ِ‬ ‫ت شري لك ال سورة منذ بدايتها أن تتجه إىل « أم الكتاب» و ُت ْع ِر ض عن‬ ‫املت شابه الذي ي ش ِّو ش عليك‪ ،‬كما لو أنها تقول لك أن تركز على جممل‬ ‫ال صورة الكبرية وترتك التفا صيل التي تلهيك عنها‪.‬‬ ‫َ ُْ ُ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ َ َّ َ َ ُ‬ ‫اس ِ َل ْومٍ ل َري َب فِي ِه إِن اهلل ل يلِف ال ِميعا َد{ (آل‬ ‫} َربنا إِنك جامِع انلَّ ِ‬ ‫عمران‪.)9 :‬‬ ‫‪- 39 -‬‬ ‫القرآن نسخة شخصية‬ ‫َ‬ ‫وتذكرك ب أن نهاية الق صة هي يف يوم قادم حت ًما }ل َر ْي َب فِي ِه{ ولي س ‬ ‫يف أيام عابرة جعلك أملها يوهمك أنها النهاية‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُْ‬ ‫(آل‬ ‫ون إِل َج َه َّن َم َوبِئْ َس ال ِم َه ُاد{‬ ‫َ ََُ َ ُْ ُ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫}قل ل ِلِين كفروا ستغلبون وتش‬ ‫عمران‪)12 :‬‬ ‫َّ ُ َّ َ َ ْ ُ ْ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ َّ ْ َ َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫اء َوت ِع ُّز‬ ‫نع الملك مِمن تش‬ ‫ك تؤ ِت الملك من تشاء وت ِ‬ ‫}ق ِل اللهم مال ِك المل ِ‬ ‫ُ ُ َّ ْ َ‬ ‫ش ٍء َقد ٌ‬‫ك َ ْ‬‫َ ْ َ َ ُ َ ُ ُّ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ َ ْ ُ َّ َ َ َ ُ ِّ‬ ‫ِير ‪ ‬تول ِج الليل ِف‬ ‫من تشاء وتذِل من تشاء بِيدِك الي إِنك ع‬ ‫َّ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َّ َ ْ َ ِّ َ ُ ْ ُ ْ َ ِّ َ َ ْ َ ِّ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫انلَّ َه ُ ُ َّ َ َ‬ ‫ت وت ِرج الميت مِن الح وترزق‬ ‫ار َوتول ِج انلهار ِف اللي ِل وت ِرج الح مِن المي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ََ ُ َْ‬ ‫اب{ (آل عمران ‪)27 :26‬‬ ‫ي حِس ٍ‬ ‫من تشاء بِغ ِ‬ ‫تقول لك ال سورة‪ :‬إن الف صول تتغري‪ ،‬والدوائر تدور‪ ،‬و إن ما يبدو‬ ‫منت ص ًرا عزيزً ا يف مرحلة ما قد ينتهي خا س ًرا ً‬ ‫ذليل يف نهاية املطاف‪،‬‬ ‫تقول لك ال سورة‪ :‬إن شهوات احلياة مباحة وجميلة‪ ،‬لكن ال تك سر نف سك‬ ‫ب أن حت صر نف سك فيها‪ ،‬ف َث َّم ما هو أكرث من ذلك يف هذه احلياة‪ ،‬تقول‬ ‫لك‪ :‬إن املحك هناك يف أفق أبعد لكنه حقيقي‪ ،‬ستنبهك إىل دوران العامل‬ ‫وامللك واملال وال سلطة واجلاه بني النا س‪ ،‬مالك امللك ي ؤتي امللك من ي شاء‬ ‫وينزعه ممن ي شاء‪ ،‬يعز من ي شاء ويذل من ي شاء‪ ،‬فال تغرت كث ًريا بعزك‬ ‫فهو عابر‪ ،‬وال يحزنك عز َمنْ أذلك أو ظلمك فهو عابر كذلك‪ ،‬ال شيء‬ ‫يدوم من هذه الأمور‪.‬‬ ‫َ َ َ َّ ْ ِّ َّ َ‬ ‫َُ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ ُ ْ َ ِّ ِّ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ت ام َرأة عِم َران َرب إِن نذ ْرت لك ما ِف بط ِن م َّر ًرا فتقبل مِن إِنك‬ ‫}إِذ قال ِ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ ْ ِّ ِّ َ ْ ُ َ ُ ْ َ‬ ‫يع الْ َعل ُ‬‫َ ْ َ َّ ُ‬ ‫ِيم ‪ ‬فلما َوضعتها قالت َرب إِن َوضعتها أنث َواهلل أعل ُم بِما‬ ‫أنت الس ِم‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ُ َ َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َوضعت َوليس اذلك ُر كلنث َوإِن سميتها م ْري َم َوإِن أعِيذها بِك َوذ ِّريتها م َِن‬ ‫الر ِج ِيم{ (آل عمران ‪.)36 :35‬‬ ‫الش ْي َطان َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪- 40 -‬‬ ‫سورة آل عمران‬ ‫ْ َ ُ ْ َ ُ َّ ً َ ِّ َ ً َّ َ َ ُ‬ ‫ُ َ َ َ َ َ َ َّ َّ ُ َ َ ِّ َ ْ‬ ‫لنك ذ ِّرية طيبة إِنك س ِميع‬ ‫}هنال ِك دع زك ِريا َربه قال َرب هب ِل مِن‬ ‫ُ َ ِّ ُ َ َ ْ‬ ‫ْ ْ َ َ َّ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ُ َ ُ َ َ ٌ ُ َ ِّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫شك بِيح َي‬ ‫اب أن اهلل يب‬ ‫ادلعءِ ‪ ‬فنادته الملئ ِكة وهو قائ ِم يصل ِف ال ِمحر ِ‬ ‫َ َ ِّ َ َّ‬ ‫ال َ‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser