القرآن: نسخة شخصية PDF
Document Details
Uploaded by RedeemingObsidian6854
Al-Hikmah University
د. أمحد خريي العمري
Tags
Summary
هذا كتاب يقدم دراسة شخصية لكتاب الله. الكتاب ليس تفسيرا، بل هو مثل هوامش كتبها شخص ما أثناء قراءته للقرآن و محاولته التفاعل مع حياته اليومية عبره. يُقدم الكتاب رؤى شخصية حول سورة القرآن الكريم.
Full Transcript
القرآن :نسخة شخصية القرآن :نسخة شخصية د.أمحد خريي العمري الفهرس إهداء11............................................................. مقدمة13............................................................ تعميم 17...............................
القرآن :نسخة شخصية القرآن :نسخة شخصية د.أمحد خريي العمري الفهرس إهداء11............................................................. مقدمة13............................................................ تعميم 17............................................................ سورة الفاحتة :1عني على العامل 19................................ سورة البقرة :2ال صراع املرير مع الأمر الواقع املر24.............. سورة البقرة :2ال صراع املرير مع الواقع املر ال يزال م ستم ًّرا 32... سورة آل عمران :3عن جرب اخلواطر املك سورة39.................. سورة الن ساء :4عن امل ست ضعفني يف الأر ض45...................... املائدة :5الطبيعة الب شرية بال جتميل وال فوتو شوب51.............. سورة الأنعام :6أهم عالقة يف حياتك 59........................... سورة الأعراف :7الأنا يف النحن66................................. سورة الأنفال :8حما سبة املنت صر72............................... سورة التوبة :9احلرب وال سالم76................................. القرآن نسخة شخصية يون س هود يو سف :12 -11 - 10من البئر إىل العر ش80........... سورة الرعد :13التغيري قيد الإجراء 87............................ سورة إبراهيم :14اخلروج من الظلمات إىل النور92............... سورة احلِ ْجر :15ال صورة الكاملة 96............................... سورة النحل :16عن قواعد متعددة و سقف واحد100................ سورة الإ سراء :17م س ؤوليتك ال شخ صية ج ًّدا 104................... سورة الكهف :18أطوار اال ستحالة لي ست م ستحيلة109.............. سورة مرمي :19عن املر أة اخلارقة 113.............................. سورة طه :20لن أعي ش دور ال ضحية 121............................ سورة الأنبياء :21هدم من أجل البناء 127.......................... سورة احلج :22ت أ شرية حج133...................................... سورة امل ؤمنون :23أهمية ال شخ ص «العادي» 141.................... سورة النور « :24نور ،أ َّنى أراه؟!» 146................................ الفرقان :25أهمية َّأل تكرتث كث ًريا ملا يقال 155..................... سورة ال شعراء :26ال َت ُل ْم نف سك كث ًريا 163........................... سورة النمل :27أق صر الطرق أطولها أحيا ًنا170.................... سورة ال َق َ ص ص :28ق ص ص تنتهي ،و أخرى ال تنتهي أبدً ا 177........ سورة العنكبوت :29هجرة185...................................... -6- الفهرس سورة الروم :39أثر الفرا شة192..................................... سورة لقمان :31بيان وراثة197...................................... سورة ال سجدة :32رع شة القلب الأوىل204.......................... سورة الأحزاب :33كور س تعليم حفر اخلنادق211................... سورة سب أ :34أوهام القوة و أوهام ال ضعف 222...................... سورة فاطر :35عن حتديد املواقف والفر ص الثانية227............. سورة ي س :36يا إن سان! 235......................................... ال صافات :37ا ستعد ،تث َّبت ،انطلق244............................... سورة ص :38عن العزة وال شقاق 259................................ ال ُّز َمر :39معركة مدوية ب صمت 267................................. سورة غافر :40البحث عن منفذ للخروج271........................ سورة ف صلت :41صافرة إنذار داخل ر أ سك! 972.................... ال شورى :42الع سل الذي و صل!286.................................. الزخرف :43بع ض ما يلمع ،يقتل 293................................ الدُّ َخان :44دخان بنكهة الوعي299.................................. سورة اجلاثية :45اللحظات الأخرية قبل نطق احلكم 303........... سورة الأحقاف :46العنوان :الرمال املتحركة308.................... -7- القرآن نسخة شخصية سورة حممد :47ن سخة أف ضل منك! 314............................ سورة الفتح :48مفاتيح الأبواب املو صدة 319........................ سورة احلجرات :49يف حجرة جماورة325........................... سورة ق :50ذاكرة امل ستقبل 328..................................... سورة الذاريات :51أدوار يف حياتك 331............................. سورة الطور :52أ سئلة االمتحان م سربة335......................... سورة النجم :53يف أعايل التجربة 338.............................. سورة القمر :54بديهيات وا ضحة كال شم س ..والقمر342............ سورة الرحمن :55عالج نف سي يحتاجه حتى الأ صحاء348.......... سورة الواقعة :56ت سلق طبقي351................................... سورة احلديد :57الإن سان احلديدي 357............................ -8- إهداء إىل قارئ «جمهول» ي شعر أين كتبت هذا الكتاب له شخ ص ًّيا. مقدمة هذا لي س كتاب تف سري ،وال يجب أن يكون كذلك بالن سبة لأي شخ ص؛ قليل عن أي كتاب تف سري سوا ًء من أمهات الكتب أولذلك فهو ال يغني ولو ً من الكتب املعا صرة ،ويهمني ج ًّدا أن أ ؤكد ذلك و أكرره؛ لأن معاملته ككتاب فادحا ،كما أنه سي أخذ من الكتاب هدفه الأ سا سي.تف سري سيكون خط أً ً هذا الكتاب مثل هوام ش كتبها شخ ص ما وهو يقر أ القر آن ويحاول أن يتفاعل مع حياته اليومية عربه ،فيكتب كيف ساعدته الآيات على فهم العامل املحيط به ،وكيف يتعامل مع هذا العامل ،ومن البديهي ج ًّدا أن هذا شخ صي ج ًّدا ،وميكن ل شخ ص آخر مير بظروف مغايرة أن يكتب ٌّ الأمر متاما ،كما ميكن لل شخ ص نف سه يف ظروف أخرى أن أ شيا ًء أخرى خمتلفة ً يت أثر أكرث مبوا ضع أخرى ،وهكذا. رغم ذلك ،ف إن جتربة تفاعل شخ صي مع القر آن ميكن أن تكون مفيدة لكثريين ،فبع ض التجارب قد تكون م شرتكة بني كثريين ،كما أن االطالع على جتربة من هذا النوع قد ي ساعد على أن يكون للقارئ جتربته ال شخ صية اخلا صة به يف التفاعل مع القر آن ،مع الأخذ بنظر االعتبار ما سبق من أن هذا الكتاب و أي جتربة مماثلة لي ست «تف س ًريا» ،وبالتايل ال ُت ْغ ِني عن كتب التف سري. *** - 13 - القرآن نسخة شخصية بد أت فكرة الكتاب على شكل من شورات على الفي سبوك يف رم ضان، كانت الفكرة هي أن تكون «ختمة رم ضان» خمتلفة ،وبنوع من التدبر الذي ً تفاعل وت أث ًريا يف يجعل من جتربة اخلتمة الرم ضانية التقليدية أكرث شخ ص الذي يقر أ القر آن. قبلها ب سنوات ،كانت أ صواتنا تتعاىل منتقد ًة حر ص البع ض على «عدد اخلتمات» يف رم ضان دون حماولة التدبر أو التفكر. للأ سف ،انتهى الأمر ب أن خ سرنا «قراءة اخلتمة» ،ومل نربح التدبر. هناك جيل جديد مل يعد يحر ص على «ختمة رم ضان» ،أو أي ختمة يف أي وقت. هذا الكتاب حماولة لربح االثنني م ًعا. *** املن شورات يف « صيغتها الأوىل» ُك ِت َبت حتت و سم «القر آن 360درجة»، وهو العنوان الذي كنت أق صد عربه أن تكون الر ؤية املق َّدمة هي ر ؤية شاملة لل سورة عرب جتوال يف داخلها ،كما لو كنت أنظر لها عرب زاوية نظر 360درجة. لكن مع الوقتَ ،ب َدا يل أن ما أفعله أقرب إىل أن يكون ن سخة شخ صية منه إىل شمولية الر ؤية لل سور القر آنية؛ لذا فقد ف ضلت أن يكون العنوان خمتل ًفا؛ ليعرب أكرث عن املحتوى. - 14 - مقدمة حدث تغيري على املن شورات بطبيعة الأمر ،وما ُن ِ ش َر على الفي سبوك يومها لي س ما ُي ْن َ ش ُر يف هذا الكتاب بالظبط. *** علي أن أ سجلهما هنا: مالحظتان َّ الأوىل :الكتاب ال يغطي كل ال سور القر آنية ،بل يغطى الأجزاء الـ 27 الأوىل ،أي بداية من سورة الفاحتة إىل نهاية سورة احلديد. ال سبب يف ذلك أن أغلب ال سور يف الأجزاء الثالثة الأخرية (وحتى بع ض ال سور يف اجلزء ال سابع والع شرين) ذات طبيعة مكثفة يف املعاين؛ مما يجعل التفاعل معها (بالن سبة يل على الأقل) أطول من سواها ،و أخ شى أن هذا سيجعل حجم الكتاب أكرب على نحو يعوق حتقيقه لهدفه ،فقراءة كتاب «كبري احلجم» إىل جانب القر آن سيكون أم ًرا م ستبعدً ا بالن سبة لكثري من ال شباب ،بينما سيكون الأمر ً مقبول أكرث إذا َب َدا حجم الكتاب ً متو سطا. أقول هذا و آمل أن تكون هناك فر صة للعودة إىل الأجزاء الثالثة الأخرية. الثانية :حجم ال سورة وم ساحتها وعدد آياتها ال ي ؤثر بال ضرورة على حجم وم ساحة التفاعل ال شخ صي معها؛ لذا رمبا يكون التفاعل املكتوب مع سورة متو سطة احلجم أو ق صرية ن سب ًّيا أكرب حج ًما أو م ساو ًيا لتفاعل مع سورة من طوال ال سور ،وقد يعود هذا ب شكل أ سا سي إىل طبيعة التفاعل ال شخ صي التي تتفاوت بني مو ضوع و آخر ،وبالتايل بني سورة و أخرى. - 15 - القرآن نسخة شخصية كاف من ال سطور» للتفاعل مع أي شخ ص ًّيا أعرف أن ال يوجد «عدد ٍ سورة من سور القر آن ،من أق صر سورة فيه إىل سورة البقرة؛ لذا ال يجب و ضع أي اعتبار للعدد أو احلجم هنا. أقدم عملي هذا و أنا أعرف أن ال شيء ميكن أن يفي القر آن حقه من التفاعل ،لكن هذا ما ا ستطعته ،فما كان فيه ح سن فمن توفيق اهلل وف ضله، أما التق صري فهو من طبيعتي الب شرية. أ س أله تعاىل أن ي صحح نيتي يف عملي هذا ،و أن يغفر يل ما فيه من زلل. - 16 - تعميم كل سور القر آن حتتوي على ثالثة عنا صر أ سا سية يف ن سيجها؛ مثل احلجر والإ سمنت واحلديد يف البناء ،تتكامل مع بع ضها لت ش ِّكل «البناء» أو «الن سيج» الذي سي ضم أ شيا ًء أخرى الح ًقا. هذه العنا صر الثالثة ال تكاد تخلو سورة يف القر آن منها جمتمعة، با ستثناء القليل من ق صار ال سور التي قد تقت صر على عن صر واحد أو اثنني من هذه العنا صر. هذه العنا صر الثالثة هي: ً أول :صفات اهلل -عز وجل -وقدرته وخلقه لنا ولكل ما هو موجود. ثان ًيا :ر سالته إىل الب شر عرب كتبه و أنبيائه ور سله. ثال ًثا :البعث بعد املوت ،احل ساب ،اجلزاء :الثواب والعقاب. هذه العنا صر مبثوثة يف كل سور القر آن على نح ٍو يجعلها جز ًءا من ن سيج القر آن نف سه ،مثل جدران البيت أو بابه أو سقفه ،ال ميكن تخيل بيت دون وجود هذه املكونات ،كذلك هذه العنا صر بالن سبة للقر آن ،هناك وع َب و أمثال أخالقية يف سور القر آن غري هذه العنا صر، بالت أكيد مواعظ ِ كذلك ال تتكون البيوت من سقوف وجدران و أبواب فح سب ،بل حتتاج بعد البناء إىل مكمالت أخرى ليكون البيت ً قابل للحياة فيه. - 17 - القرآن نسخة شخصية هذه العنا صر الثالثة هي من بديهيات أي م سلم م ؤمن ،ولعل كونها أ سا سا بكونها جز ًءا من الن سيج القر آين على هذا النحو. بديهيات مرتبط ً بالن سبة مل سلم م ؤمن بهذه البديهيات ف إن تفاعله ال شخ صي مع القر آن سيكون «مقادًا» بهذه البديهيات ،ولكن تفاعله الأ سا سي سيكون غال ًبا مع غري هذه العنا صر ،أي مع خ صائ ص ميزت كل سورة عن سواها. بعبارة أخرى ،هذه العنا صر تكون مثل العوامل التي ت ؤثر على حدوث أ سا سا عن ص ًرا من عنا صر التفاعل تفاعل ما أو سرعته دون أن تكون ً (مثل احلرارة وال ضغط). لذلك ف إن التفاعل ال شخ صي مع هذه العنا صر الثالثة لن يكون شديد الو ضوح يف هذا الكتاب ،رغم أنها تقود التفاعل وت ؤثر به وحتيط به من كل اجلهات. َمنْ لديه م شكلة يف واحدة من هذه العنا صر الثالثة لن ي ستفيد كث ًريا من هذا الكتاب ،وعليه أن يبحث عن حل مل شكلته ًأول يف كتاب آخر. - 18 - سورة الفاتحة 1 عين على العالم بها ُي ْف ُ تتح القر آن. وميكن لها أن تفتح عينيك ،تفتح قلبك ،تفتح عقلك. تفتحك نحو ر ؤية خمتلفة للعامل. الفاحتة مثل مقدمة أو ا ستهالل للقر آن ،كل ما تقر أه يف القر آن سيمر ً من ضبطا مبا حمكوما ً ًأول بهذه املقدمة ،كل معنى ي أتي يف القر آن سيكون تقوله املقدمة. لي س هذا فقط ،هذه املقدمة ،ستكون رك ًنا من أركان صالتك ،ال ت صح صالة من دونها ،وهذا يعني أن كل م سلم «ملتزم بفر ض ال صالة» «يقول» الفاحتة « »17مر ًة يف اليوم كحد أدنى. ماذا نقول يف الفاحتة؟ لقد تعودنا الأمر حتى صرنا نقولها دون تفكري فيما تعنيه. لكن لو فتحنا أعيننا عليها لر أينا الكثري. *** - 19 - القرآن نسخة شخصية ثمة إ صرار على ر ؤية الإيجابية. الفاحتة تبد أ باحلمد ،احلمد هو فاحتة الفاحتة ومبتد ؤها ،واحلمد هو الثناء هلل م ستحق احلمد ،وعندما تقول الثناء واحلمد له 17مرة يف اليوم -كحد أدنى -فهذا يعني أنك متم سك بالإيجابية ،بالأمل ،رغم أن كل شيء قد يكون قا ًمتا يف منتهى ال سوء ،رغم أنك قد ال ترى أي ضوء يف الظالم املحيط بك ،رغم أن كل شيء حولك قد ال ينذر إال بال سوء واملزيد منه ،و أنت مدرك لذلك بكامل وعيك دون تخدير أو تزييف ،لكنك تقول: «احلمد هلل» ،إيجابية رغم الوعي بال سلبيات. جتد ما تثني عليه ،جتد ما ي ستحق احلمد عند م ستحق احلمد ،وت ؤكد على ذلك 17مرة يف اليوم يف عمود دينك ،كما لو أن هذا احلمد هو عمودك اليومي الذي مينحك القوة والدعم يف رحلة أهوالك كل يوم. كل يوم ،مهما كان و ضعك صع ًبا ،ف إنك تقف لت شهر «احلمد» بوجه هذا العامل وظروفه و أو ضاعه، هذا احلمد مرتبط يف الفاحتة بثالث صفات هلل عز وجل ،من بني كل صفاته وقدراته -عز وجل -الفاحتة حتدد ثالث صفات فقط :رب العاملني ،الرحمن الرحيم ،مالك يوم الدين. رب العاملني يعني أنه رب اجلميع حرف ًّيا ،رب الفقراء والأغنياء و ً أي ضا أولئك الذين يف الو سط ،رب الأ صحاء واملر ضى ،رب املتعلمني واجلهلة، رب الن ساء والرجال والأطفال وال شيوخ ،رب الناجحني والفا شلني ،رب امل شهورين واملغمورين ،رب الب شر من كل الأعراق والألوان ،رب امل ؤمنني. - 20 - سورة الفاتحة به ورب الذي ال ي ؤمنون به على حد سواء ،أحيا ًنا ننحاز إىل الوهم أنه ربنا ِّ ْ َ رب ال َعال ِم َني{ 17مرة كل يوم. نحن فقط ،لكن الفاحتة ت ؤكد لنا أنه } ِيم{ (الفاحتة)3 : َّ ْ َ َّ }الرح ِن الرح ِ صيغتان لو صف رحمته عز وجل ،سيكون هناك الكثري للتفريق بني الكلمتني ،لكن هذا الكثري سيقول لنا :إن رحمته تتخذ ً أ شكال متعددة أكرث بكثري من حماوالتنا حل صر رحمته التي كتبها على نف سه ،قد تعجز أحيا ًنا عن فهم هذه الرحمة ،لكن عليك أن متنح نف سك وقتًا ،و ستفهم ذلك الح ًقا ،ستفهم أنها كانت رحمة بطريقة ما ،رحمة على املدى البعيد ولي س على ق صر نظرنا الذي يجعل للرحمة ً شكل واحدً ا ،علينا أن ننظر إىل ال صورة الكبرية أحيا ًنا َ لنفهم الرحمة ،ال يكفي أن ن شاهد أجزا ًء من ال صورة لنحكم عليها ،علينا أن نحاول قدر الإمكان م شاهدة اجلزء الأكرب منها. ين{ (الفاحتة)4 : َ ْ ِّ َ }مال ِِك يو ِم ادل ِ يعني أن املنتهى له ،وهذا املنتهى يعني أن كل شيء له ،وهو يعني ً أي ضا أي ضا ،وعدله يتحقق يف يوم أنه لي س رحما ًنا رحي ًما فح سب ،بل هو عادل ً الدين. هو إذن رب اجلميع ،رحمن رحيم ،وعادل ً أي ضا. *** اك ن َ ْس َتع ُ ني{ (الفاحتة)5 : َّ َ َ ْ ُ ُ َ َّ َ }إِياك نعبد وإِي ِ كل ما نفعله يف حياتنا ميكن أن يندرج يف هذين الأمرين ،عبادتنا له، وا ستعانتنا به. - 21 - القرآن نسخة شخصية العبادة واال ستعانة قطبان كقطبي املغناطي س ،وبينهما جمال فاعليتنا يف الدنيا وجناتنا يف الآخرة ،كل قطب يحتاج الآخر ،دون اال ستعانة (والتي تعني أن لديك ما تفعله ً أ صل يف حياتك وتطلب العون منه فيه) ،دون وجود هذه اال ستعانة ،ستكون عبادتك منزوعة الهدف والفاعلية. ودون وجود العبادة ،لن تكون ا ستعانتك حقيقية ،االثنان م ًعا ،قطبان يتحدان فيو ِّلدان احلركة. أول «ا ستعانة» نطلبها منه ت أتي سري ًعا يف «الفاحتة» ،هي الطلب منه أن «يهدينا ال صراط امل ستقيم» ،وهذا الطلب يعني ضم ًنا أنك ترغب يف معرفة هذا ال صراط ،يف كل خطوة يف حياتك ،يف كل مفرتق طرق هناك خيار ،و أنت تطلب منه -عز وجل -أن ير شدك للطريق ال صواب ،وهذا يعني ً أي ضا أن الطريق ال صواب ،ال صراط امل ستقيم ،لي س حمتك ًرا عندك كما يتوهم البع ض ،بل أنت تطلبه 17مرة يف اليوم كحد أدنى. دوما أي ضا تعرف أن هناك َمنْ أخط أ الطريق قبلك ،لكن اخلط أ ً و أنت ً يكون من طريقني :الأول هناك َمنْ أخط أ عامدً ا متعمدً ا ،مع سبق الإ صرار والرت صد؛ املغ ضوب عليهم ،وهناك طريق آخر للخط أ غري العامد ،ح صل ولكنه مل يحدث بنية م سبقة؛ ال ضالني. و أنت ت ؤمن ب إمكانية وجود طريق ثالث غري هذين الطريقني ،طريق الذين أنعمت عليهم بنعمة املراجعة والتقييم يف كل خطوة على الطريق، 17مرة يف اليوم. - 22 - سورة الفاتحة الفاحتة ،فتح كل يوم ،ت ساعدك يف حتقيق فتحك الأكرب ،تفتح قلبك وعقلك وذاتك وعينك لت ساهم يف عامل أف ضل ،ولو كان هذا العامل هو عاملك املحيط بك فقط. أو على الأقل لتكون أكرث وع ًيا به. الفاحتة ،فتحك اليومي 17 ،مرة كحد أدنى(((. ((( للمزيد :الجزء الثالث من سلسلة كيمياء الصالة للمؤلف ،بعنوان :عامل جديد ممكن. - 23 - سورة البقرة ،2الجزء األول الصراع المرير مع األمر الواقع المر سورة البقرة هي سورة «ال صراع املرير مع الأمر الواقع املر» ،سورة مواجهة حقائق الأ شياء مهما كانت مريرة وم ؤملة وجارحة ،موقعها يف بداية َ القر آن الكرمي يجعلك مبا شر ًة يف مواجهة مع حقائق الأ شياء هذه كلما فتحت القر آن لتقر أ فيه ،ال شيء يزيف صعوبة الواقع و ُي َج ِّمله ،وال شيء َ يقول لك :إن الأمر ا ستثنائي و إنك تعي ش يف مرحلة سيئة بتف ُّرد ويجعلك حتنُّ لزمان آخر ،ال ،هذه هي احلياة بكل روعتها وب شاعتها ،وه ؤالء هم أي ضا ،بكل سموك الذي تركز الب شر بكل سموهم و سقوطهم ،وهذا أنت ً عليه وكل سقوطك الذي تتجاهله ،هذه هي احلياة وهذا هو الأمر الواقع، لديك خياران :الأول أن تتعامل مع هذا الواقع ،والثاين أن تتجاهله ،و أنت َمنْ يقرر. سورة البقرة مثل ن شرة أنباء مليئة ب أخبار الكوارث الطبيعية وغري الطبيعية؛ ظلم وا ستبداد واغت صاب وقتل و سفك للدماء ،ن شرة الأنباء هذه كانت على مدار تاريخ الب شرية كله ،أغلب فرتات التاريخ كان فيها من دوما هناك خا صا بع صرنا وال ع صر نزول ال سورةً ، هذا الكثري ،لي س الأمر ًّ ودوما هناك «بنو إ سرائيل» فرعون ما ب أ سماء خمتلفة و أ شكال خمتلفةً ، ودوما هناك حماوالت إ صالح من ِق َب ِل البع ض.، أي ضا ب أ سماء خمتلفةً ، ً - 24 - سورة البقرة 1 ودوما هناك من ي َّدعي أنه ودوما هناك حماوالت ملحاربة هذا الإ صالحً ، ً ُي ْ ص ِل ُح بينما هو يف سد يف احلقيقة. ما قد يثري ا ستغرابك يف ن شرة الأنباء هذه أنها تبد أ بخرب عن نفو س النا س ،النفو س التي آمنت والنفو س الأخرى ،نفو س اخلتم على القلب وال سمع والب صر ،اخلرب الأول س ُي ْف ِر ُد الكثري عن هذا ،عن املف سدين الذين ي َّدعون الإ صالح ،عن الذين ي ستهزئون ويخادعون ،عن أولئك الذين يتبعون كل ضوء المع مير ولو للحظات دون بو صلة أو خطة. ال ْو ِم ْالخِر َو َما ُه ْم ب ُم ْؤمن َ آم َّنا باهلل َوب ْ َ َ ْ َُ ُ َ ني ِ ِِ ِ ِ ِ اس من يقول } َوم َِن انلَّ ِ ُُ َ َ ْ َ ُ َ َّ َ ْ ُ َ ُ َ َ ْ ُ َ َ َّ َ َ ُ َُ ُ َ ِين آمنوا َوما يدعون إِل أنفسه ْم َوما يشع ُرون ِ ف قلوب ِ ِه ْم يادِعون اهلل وال َ َ َُ َ َ َ ُ َ ْ ُ َ َ ً َُ َ َ ٌ َ َ ٌ َ َ ُ م َرض ف َزاده ُم اهلل م َرضا َوله ْم عذاب أ ِل ٌم بِما كنوا يكذِبون َ وإِذا قِيل له ْم ل َ َ َّ ُ ْ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ َ ْ َ ُ َّ َ َ ْ ُ ُ ْ ُ َ ُت ْفس ُدوا ف ْالَ ْ كن ِ ل و ون د سِ ف م ال م ه م ه نِ إ ل أ ون ِح ل ص م ن ن ا منِ إ وا ال ق ضِ ر ِ ِ َ َْ ُُ َ ل يشعرون{ (ابلقرة )12 :8 ملاذا خرب الأنف س هذا مق َّدم على كل الأخبار الأخرى :فرعون وظلمه وما يفعل بالنا س ،يف ن شرات الأخبار العادية الت سل سل معكو س ،البداية تكون ب أخبار الكوارث ،ثم ي أتي احلديث عن خرب الأنف س يف نهاية الن شرة. لكن لي س مع سورة البقرة ،ملاذا؟ بب ساطة لأن اخلرب الأول أهم ،اخلرب الأول هو الذي يحدد كيف ستت صرف وتتعامل مع كل ما يلي من أخبار ،اخلرب الأول هو الذي يقول: إن كنت ستكون فرعونَ بطريقة ما ،فرعونَ يف بيتك مع َمنْ حولك أو يف عملك ،أو عو ًنا له ،أو أنك ستكون يف اجلهة املقابلة. - 25 - القرآن نسخة شخصية سرتى صو ًرا لأ شخا ص كثريين يف ال سورة ،أ شخا ص عرفتهم وخربت بخ س، أ شخا صا يبيعون كالم اهلل بثمن ٍ ً طباعهم ،سرتى يف سورة البقرة تراهم كث ًريا للأ سف يف الواقع. َ َ ُ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ ِّ ً َ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ كونُوا أ َّو َل َكف ِر ب ِه َو َل ت َ ْش َ ُ توا }وآمِنوا بِما أنزلت مصدقا ل ِما معكم ول ت ٍ ِ َ َ َ ً َ ً َ َّ َ َ َّ ُ ون{ (hgfrابلقرة.)41 : بِآي ِات ثمنا قلِيل وإِياي فاتق ِ َ َ ْ ٌ َّ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ َ ْ ْ ُ َّ َ ُ ُ َ ون َه َذا م ِْن ع ِْن ِد اهلل ل ِيَ ْش َ ُ توا }فويل ل ِلِين يكتبون الكِتاب بِأيد ِ ِيهم ثم يقول َ َ ً َ ً َ َ ْ ٌ َ ُ ْ َّ َ َ َ ْ َ ْ ْ َ َ ْ ٌ َ ُ ْ َّ َ ْ ُ َ ِيهم وويل لهم مِما يك ِسبون{ (ابلقرة.)79 : ب ِ ِه ثمنا قلِيل فويل لهم مِما كتبت أيد ِ سرتى ظل ًما وا ستبدادًا ،و سرتى املظلومني ي صبحون ظاملني ً أي ضا، أحيا ًنا بنف س دور الظامل الذي ظلمهم ،و أحيا ًنا ب أنواع أخرى من الظلم، فالظلم أنواع. ُ َ ِّ ُ َ َ ْ َ َ ُ ْ َْ َ َُ ُ َ ُ ْ ُ َ َْ َ َ ْ َ َّ ْ َ ُ ْ ْ اءك ْم اب يذبون أبن ِ ذ ع ال وء س م ك ونوم س ي ن و عِر ف آل ِ ِن }وإِذ نيناكم م ْ ُ ُ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ٌ ْ َ ِّ ُ ك ْم َعظ ٌ َ َ ََْ َ ْ ُ َ َ َ ُ الح َر يم َ وإِذ ف َرقنا بِكم ِ اءك ْم َو ِف ذل ِكم بلء مِن رب ويستحيون ن ِس َ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ َْ َ ً َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ُ َ ََْ َْ ُ َ َ ْ ْ فأنَيناك ْم َوأغ َرقنا آل ف ِْرع ْون َوأنت ْم تنظ ُرون وإِذ واعدنا موس أرب ِعني للة ُ َّ َّ َ ْ ُ ُ ْ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ُ َ ون{ (hgfrابلقرة .)51 :49 ثم اتذتم ال ِعجل مِن بع ِده ِ وأنتم ظال ِم سرتى ال شراهة والطمع وكفر النعمة. َ ْ ُ َ َّ َ ُ ْ ْ َ َّ ُ ْ ُ َ ْ ُُْْ َ ُ َ َ ْ َ ْ َ ََ َ َ ب ع طعامٍ َواح ٍِد فادع لَا َربك ي ِرج لَا مِما تنبِت }وإِذ قلتم يا موس لن نص ِ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ الرض مِن بقلِها وق ِثائ ِها وفومِها وعد ِسها وبصلِها{. و سرتى القلوب القا سية أ شد ق سو ًة من احلجارة ،ر أيتها يف الواقع كث ًريا ،أو على الأقل سمعت عنها ،ثم و صفتها لك سورة البقرة. - 26 - سورة البقرة 1 ُ َّ َ َ ْ ُ ُ ُ ُ ْ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُّ َ ْ ً َّ ارة ِ أ ْو أشد قس َوة َوإِن م َِن }ثم قست قلوبكم مِن بع ِد ذل ِك ف ِه كل ِج ْ َ َ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ ْ َ َ َ َ َّ َّ ُ َ َ ْ ُ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ َّ ْ َ ََ ال ِجارة ِ لما يتفجر مِنه النهار وإِن مِنها لما يشقق فيخرج مِنه الماء وإِن مِنها لما َ َّ َ ْ َ ُ َ َ َ َْ ُ ْ َ ْ َ يهبِط مِن خشي ِة اهلل َوما اهلل بِغاف ٍِل عما تعملون{hgfr(.ابلقرة)74 : و سرتى من يقول لن يدخل اجلنة سوانا ،احتكرها ملن ي شبهه ويوافقه. ْ َ َ َ ُّ ُ ُ ْ َ ُ ودا َأ ْو نَ َص َ َ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ َّ َ َّ َ ْ َ َ ُ ً ارى ت ِلك أمانِيه ْم قل هاتوا }وقالوا لن يدخل النة إِل من كن ه ك ْم إ ْن ُك ْن ُت ْم َصادق َ ِني{ (hgfrابلقرة)111 : ُْ َ َ ُ برهان ِ ِ وت ستغرب من ت شابه املنطق مع من تراهم حولك وينادون بنف س الأفكار و إن كانت مع أ سماء أخرى ،هل هو التاريخ يكرر نف سه؟ أم هي الطبيعة الب شرية تقع يف نف س الأخطاء مرة بعد أخرى؟ ُ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َ َّ َ َ َ َّ َ َّ َ َّ َ ُ ُ ْ َّ ُ َ ارى حت تتبِع مِلته ْم قل إِن هدى اهلل ه َو }وَلن ترض عنك الهود ول انلص ْ َ ٍّ َ َ َ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ َ ْ َ َّ اءه ْم بعد الِي جاءك مِن ال ِعل ِم ما لك مِن اهلل مِن و ِل ول َ ئ اتبعت أهو الهدى ول ِ ِ َ ري{ (hgfrابلقرة)120 : ن ٍ صِ ت أخذنا ال سورة ً أي ضا إىل خرب آخر من الأنف س :كل فئة لن تر ضى عنك متاما ،تندمج بهم دون حدود يف الهوية متيزك إال إذا أ صبحت تاب ًعا لهم ً أ سا سا؟ ال تريد ر ضاهم ،تريد ر ضا وحتمي متيزك ،لكن هل ر ضاهم مهم ً ربهم وربك ورب اجلميع ،وكل ما تطمح منهم هو أن يتقبلوك فح سب ،ال أن ير ضوا عنك. *** أي ضا َّأل تفرح كث ًريا بقائمة عيوب بني إ سرائيل تذكرك سورة البقرة ً أو سواهم ،ميكن أن ما ر أيته فيهم ينطبق عليك دون أن تنتبه ،رمبا أنت. - 27 - القرآن نسخة شخصية من تخطر يف ذهن أحدهم عندما يقر أ سورة البقرة ،انتبه لذلك ،انظر لعيوبك قبل عيوب الآخرين ،عيوب الآخرين هم أَ ْو َل ب إ صالحها ،أما عيوبك فهي يف متناول يدك ،أم أنها أ صعب من أن تكون كذلك؟ مع كل ذكر لبني إ سرائيل ،ال سورة ال تتحدث لك عنهم ملجرد احلديث التاريخي عنهم ،بل لأنهم النموذج الذي ميكن أن ننزلق جمي ًعا إىل تكرار فعل ،منقليل فينا؛ لوجدنا أن ذلك حدث ويحدث ً أخطائهم ،ولو دققنا ً ال ِع ْجل الذي أُ ْ ش ِر َب يف قلوب البع ض -كما أُ ْ ش ِر َب ْت أ شيا ٌء أخرى -إىل ر ؤية مبعان و أ سماء خمتلفة ،حتى التيه الذي دخله بنو اهلل جهر ًة ،كل ذلك ٍ إ سرائيل ،يبدو أننا قد دخلنا يف تيه مماثل ،أو أن بع ضنا على الأقل قد فعل. *** َ َ ً َ ُ َ ََْ ُ َ َ ْ َْ ْ َ َ ُّ َ ْ َ َ َ ِّ َ ٌ } َوإِذ قال َربك ل ِلملئ ِك ِة إِن جاعِل ِف ال ْر ِض خلِيفة قالوا أتعل فِيها من ُ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ِّ َ َ َ ْ ُ َ ِّ ُ ْ َ ُ َ ِّ ُ َ َ َ َ ِّ َ ْ َ َ َ اء َون ُن نسبح ِبَمدِك َونقدس لك قال إِن أعل ُم ما ل يف ِسد فِيها ويس ِفك ادلم َْ َُ َ ون{ (ابلقرة.)30 : تعلم ت أخذك ال سورة إىل أ صل احلكاية وبدايتها ،سرتى آدم وهو يت سلم من صب اال ستخالف واملالئكة تت ساءل عن أهليته للمن صب ،وتل ِّمح إىل إمكانية أن ي سفك الدم ،و ستتذكر أن احلياة الإن سانية يف أحيان كثرية قدمت معطيات قد تبدو أنها ل صالح املالئكة يف ت سا ؤلهم هذا ،يكاد «الواقع املعا صر» يكون م صدا ًقا ملا قالته املالئكة ،أو على الأقل هذا ما يبدو لنا الآن. - 28 - سورة البقرة 1 َ َ َ َ َ َ َ ْ َ ََْ آد َم م ِْن ق ْب ُل فنَ ِ َ س َول ْم ِن ْد لُ َع ْز ًما{ (ابلقرة.)115 : َ } َولقد ع ِهدنا إِل َ َ ْ َ ُ ْ َ َ ُّ ُ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُ َّ ُ َ َ } َوعص آدم َربه فغ َوى ث َّم اجتباهُ َربه فتاب علي ِه َوهدى قال اهبِطا َ ُ ٌّ َ َّ َ ْ َ َّ ُ ْ ِّ ُ ً َ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ ْ َْ َ ً َْ ُ ُ اي فل مِنها جِيعا بعضك ْم ِ َلع ٍض عدو فإِما يأت ِينكم مِن هدى فم ِن اتبع هد َ يَ ِض ُّل َول ي َ ْش َق {(البقرة .)123 :121 سرتى آدم ِيز ُّل ،ومن ثم يتوب ،ويهبط إىل الأمر الواقع ،و سرتى أبناءه بع ضهم لبع ض عدو حتى ال ساعة ،و سرتى نف سك يف زلة أبيك آدم ،أنت وهبطت مما يجب أن تكون عليه إىل واقعك الذي َّ زللت و أخط أتَ أي ضا َ تبت؟ تعلمه جيدً ا ،فهل َ ق صة سيدنا آدم هي ق صتنا جمي ًعا ،نحملها معنا أينما كنا ،إنها حكاي ُة كل يوم التي تتكرر ب أ شكال خمتلفة ،املهم يف الأمر هو كيف تنتهي هذه احلكاية. *** َ ْ ُ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ َ ً َ ُ َ َ َّ ُ َ ُ ُ ً َ َ َّ ْ َ َ ُ َ َ } َوإِذ قال موس ل ِق ْو ِم ِه إِن اهلل يأمركم أن تذبوا بقرة قالوا أتتخِذنا هزوا قال الاهل َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ ُ ِني{ (ابلقرة)67 : أعوذ بِاهلل أن أكون مِن َ ِ ستلفت نظرك «البقرة» هنا ،ما الذي جاء بها إىل هنا؟ وملاذا هي مهمة لهذه الدرجة بحيث إن ال سورة أخذت ا سمها؟ ستت أمل يف احلكاية، اهلل ي أمر بذبح بقرة ،أمر ب سيط وا ضح ،ولكن تنهال الأ سئلة :لونها وزنها ُّ تعك س التنطع عمرها ،إلخ ،أ سئلة ال عالقة لها باملق صد من الذبح ،ولكنها والتكلُّف يف تنفيذ الأوامر ال شرعية. أال يذكرنا هذا ب شيء؟ هل ميكن َّأل يذكرنا هذا ب شيء؟ - 29 - القرآن نسخة شخصية للأ سف ،البقرة اليوم موجودة مع كل أمر شرعي ،هناك عند كل أمر شرعي من يتعامل معه كما تعامل بنو إ سرائيل مع البقرة وي سطر فيه الكتب ويبني عليه الفتاوى واخلالفات واالختالفات ،ا سم ال سورة يذكرنا بالرتكيز على مقا صد العبادات ،يحذرنا من مغبة التكلف والتنطع بها، ونحن سقطنا يف نف س الفخ بال ضبط ،كما لو أن ال سورة تو صينا بذلك! *** عموما. و ستذكرك «البقرة» هنا مب شكلتنا يف التعامل مع «الت ضحية» ً خ صو صا على ت ضحيته هو -أكرث منً البع ض يركز على «الت ضحية» - تركيزه على نتائج هذه الت ضحية. البع ض يتعامل مع «ت ضحيته» كما لو كانت ُم ْن َجزًا عليه أن يذكره يف سريته ال شخ صية حتى لو مل يحقق شي ًئا من هذه الت ضحية. بدل من أن تكون و سيلة إىل الهدف. أ صبحت الت ضحية هد ًفاً ، و سورة البقرة حتذرنا من هذه التجارة؛ لأن نتائجها سيئة. *** ْ َ ُ َّ َ َ َ َّ ْ َّ َّ َ َ ْ َ َ ْ َْ َ ُ َْ ُ َْ َ َ َ َْْ ت َوإِسماعِيل َربنا تقبل مِنا إِنك أنت الي ِ }وإِذ يرفع إِبراهِيم القواعِد مِن َ َّ َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ ِّ َّ َ ُ َّ ً ُ ْ َ ً َ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ُ ي لك ومِن ذريتِنا أمة مسلِمة لك وأرِنا الس ِميع العلِيم ربنا واجعلنا مسلِم ِ الرح ُ َ َ َ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ َّ َّ ُ اب َّ ِيم{ (ابلقرة )128 :127 منا ِسكنا وتب علينا إِنك أنت اتلو وكما أخذتنا ال سورة إىل أبينا آدم وزلته ،ت أخذنا ً أي ضا إىل أبينا إبراهيم وهو يبني البيت ،كما لو أنها تقول :إن إ صالح اخلط أ وال صراع مع الأمر الواقع يكون بالبناء على قواعد صحيحة وثابتة. - 30 - سورة البقرة 1 و سرتى أن م شهد رفع البناء ُي ْع َر ض ب صيغة الفعل امل ضارع (...يرفع)، كما لو أنه يفتح الباب لت شا ُرك إبراهيم وابنه يف رفع البنيان. و سيتدخل ارتفاع القواعد مع دعاء إبراهيم لذريته ،العائلة هي ما يجب أن ُي ْح َمى بالبنيان ،هذا هو جوهر االرتفاع احلقيقي. - 31 - سورة البقرة - 2الجزء الثاني ًّ مستمرا الصراع المرير مع الواقع المر ال يزال ي ستمر ال صراع املرير مع الأمر الواقع املر ،ولكن توا صل سورة البقرة منحنا إ شارات ت ساعدنا يف هذا ال صراع ،تقول لنا :إن هذا جزء من طبيعة احلياة نف سها ،و إن صعوبة هذا ال صراع جزء من االمتحان الذي علينا اجتيازه يف احلياة الدنيا. َّ َ َ َ ُ ِّ َّ َ ْ َ ً َ َ َ َ ِّ ْ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ُّ َْ َ }قد ن َرى تقل َب َوج ِهك ِف السماءِ فلن َو َلنك ق ِبلة ت ْرضاها ف َول َوجهك شط َر ْ َ َ ِ َ َ ْ ُ َ ُ ْ ُ ْ َ َ ُّ ُ ُ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ َّ َ ُ ُ ْ َ َ َْ ْ ِين أوتوا الكِتاب ج ِد الرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإِن ال الم ِ س َ َّ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َّ ُ ْ َ ُّ ْ َ ِّ ْ َ َ ون{ (ابلقرة)144 : لعلمون أنه الق مِن رب ِهم وما اهلل بِغاف ٍِل عما يعمل َ ت أخذك ال سورة من حريتك و إرهاقك يف صراعك إىل وجهه ال شريف -عليه ال صالة وال سالم -وهو يتقلب يف ال سماء بح ًثا عن « ِق ْب َل ٍة» يتوجه قليل ،يذكرك الأمر ب شكل ما لها ،كما لو أنها تخفف من عناء صراعك ً بكل احلرية التي مررتَ أو متر بها ،بل يذكرك بحرية اجليل كله وهو مير مبنعطفات تاريخية دون أن يجد « ِق ْب َل ًة ير ضاها». كم من أنا س ضاعوا و أ ضاعوا لأنهم مل يجدوا قبل ًة ،هد ًفا ،اجتاهً ا ميكن لبو صلتهم أن ت ساعدهم يف الو صول إليه ،وتذكرنا الآيات ب أننا يف كل مفرتق نحتار فيه؛ علينا أن نتجه إىل ذات القبلة ،إىل ذلك البيت الإبراهيمي الذي ر أينا رفع قواعده قبل قليل يف نف س ال سورة ،والذي كانت ال صيغة امل ضارعة تدعونا للم شاركة يف البناء. - 32 - سورة البقرة 2 تذكرنا هذه الآيات ب ضرورة أن ُن ِع َيد ضبط بو صلتنا بني احلني والآخر لتعود إىل « إعدادات امل صنع» الأولية والأ سا سية؛ لنزيل ما ترا َك َم عليها من صد أ وغبار. *** َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ ُ َ َ َ ْ ُ ُ ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َّ َ ْ َ ْ ُ ِين مِن قبلِك ْم }يا أيها الِين آمنوا كتِب عليكم الصيام كما كتِب ع ال َ َ َّ ُ َ َّ ُ َ لعلك ْم تتقون{ (ابلقرة)183 : َّ ْ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ ْ َ ُّ َ ْ ُ ٌ َ ْ ُ َ ٌ َ َ ْ َ َ َ جدال ِ ل و وق س ف ل و ث ف ر ل ف ج ال ن ِيه ِ ف ض }الج أشهر معلومات فمن فر َ َّ ْ َ َ َّ ُ َّ َ َ َ َّ ُ َ َّ َ َْ ْ َْ َْ َُْ ْ َ ِّ َ َ َ ْ َ ُ ون يا ِ ق ات و ى و ق اتل د ِ ا الز ي خ ن ِ إ ف وا دو ز ت و اهلل ه م ل ع ي ي ٍ خ ِنم وا ِف الج وما تفعل َ ُ اب{ (ابلقرة.)197 : أول ْال ْ َ ل ِ ِ َ َ ْ َ َّ ْ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ْ َْ اليت أ ِو اعتمر فل جناح علي ِه أن الص َفا َوال ْ َم ْر َو َة م ِْن َش َعائ ِر اهلل فمن حج َ َّ َّ }إِن ِ يا فإ َّن اهلل َشاك ٌِر َعل ٌ َ ع َخ ْ ً َ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َّ َّ َ ِيم {(ابلقرة.)158 : ِ و ط ت ن م و ام ه يطو ِ ِ ب ف َ َ ُ َ َ َّ َ َ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َ ُ ُ وموا هلل قانِتِ َني{(ابلقرة.)238 : ات والصلة ِ الوسطى وق }حاف ِظوا ع الصلو ِ ََ َْ َ َ ُ َّ َّ َ َ َّ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ ْ ي اهلل فم ِن ِ ِغ ل ه ِ ِ ب ِل ه أ ا م و }إِنما حرم عليكم الميتة وادلم ولم ال ِ ِ ير ِن ور َرح ٌِيم{ (ابلقرة.)173 : اغ َو َل َعد َف َل إ ْث َم َعلَ ْيه إ َّن اهلل َغ ُف ٌ ْ ُ َّ َ ْ َ َ يب ٍ اضطر غ ِ ِ ِ ٍ َُُْ َ ْ ٌ َ ٌ َ َ ُ َّ ُْ َْ ْ َ ْ َ ْ َْ َُ َ َ َ اس َوإِثمهما ري َومناف ِع ل ِلن ِ ِيهما إِثم ك ِب ِ ف ل ق س ِ ِ ي م الو ر ِ م ال ن}يسألونك ِ ع َ ُ ُ ْ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ ُ َ ُِّ اتأكب مِن نف ِع ِهما ويسألونك ماذا ين ِفقون ق ِل العفو كذل ِك يبي اهلل لكم الي ِ َ َ َّ ُ َ َ َ َّ َ لعلك ْم تتفك ُرون{ (ابلقرة)219 : أي ضا سرنى شي ًئا سرنى يف نف س ال سورة الأمر بال صيام وتعليماته ،و ً من شعائر احلج ،ومن إقامة ال صالة ،ومن أوامر نعي وا ضحة حمددة، فيذكرنا كل ذلك ببقرة بني إ سرائيل وما فعلوه معها من ُّ تنطع وتكلُّف. - 33 - القرآن نسخة شخصية يف الأ سئلة ،وتف َّك ْر :البع ض منا فعل ال شيء ذاته مع كل هذه ال شعائر؛ يف ال صالة ،يف ال صيام ،يف احلج ،يف كل ركن من أركان الإ سالم ،بل يف كل أمر شرعي ،هناك من يقف نف س موقف بني إ سرائيل من البقرة ،وال سورة تذكرنا :إياك أن تغرق يف التفا صيل بحيث تن سى الهدف واملق صد من الأمر ال شرعي. وكث ًريا ما يحدث مع الأ سف. *** َُْْ ال ُّر ب ْ ُ اص ف الْ َق ْت َل ْ ُ َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ ُ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ُ ال ِّر َوالعبد ِ ِ }يا أيها الِين آمنوا كتِب عليكم ال ِقص َ َ َ ٌ َْ َ ْ ٌ َ ِّ َ ٌ ْ َ ُْ ْ َْ َ ْ ُْ َ ْ ُْ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ وف وأداء إِل ِه ف لُ مِن أخِي ِه شء فاتباع بِالمعر ِ بِالعب ِد والنث بِالنث فمن ع ِ َ َ ٌ َ َ ُ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ٌ َ ْ ْ ْ ِّ ُ َ َ َْ ٌ ْ َ ان ذل ِك ت ِفيف مِن َربكم َو َرحة فم ِن اعتدى بعد ذل ِك فله عذاب أ ِل ٌم بِإِحس ٍ َ َْ ُ ُ ْ َ ْ َ َ َ َّ ُ َ َّ ُ َ ََ ٌ َ ُ ْ َ ََ ُ اب لعلك ْم تتقون كتِ َب عليك ْم كْ ِ ول الل ِ أ ا ي اة ي ح اص ِ ص ق ِ ال فِ م ول َ ًّ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ ْ ً ْ َ َّ ُ ْ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ وف حقا إِذا حض أحدكم الموت إِن ترك خيا الو ِصية ل ِلو ِالي ِن والقربِني بِالمعر ِ َ ٌ َ َ ْ َ َّ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َّ َ ْ ُ ُ َ َ َّ َ ُ َ ِّ ُ َ ُ َّ ع ال ْ ُم َّتق َََ ِين يبدلونه إِن اهلل س ِميع ني فمن بدل بعدما س ِمعه فإِنما إِثمه ع ال ِ ِيم{ (ابلقرة )181 :178 َعل ٌ َ ْ ُُ ْ ْ ُ ْ ََْ ُ َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ ُ َ ِين آمنوا إِذا تداينت ْم بِدي ٍن إِل أج ٍل مس ًّم فاكتبوهُ َو َلكتب بينك ْم }يا أيها ال َْْ َ كت ٌِب بِالعد ِل{(ابلقرة)182: هذا ال صراع املرير مع الأمر الواقع املر سيتطلب وجود قوانني تنظم الأمر الواقع وتخفف من مرارته قدر الإمكان ،احلياة لي ست نزهة يف ب ستان ،ومواجهتها بال شعارات أمر لطيف يف البداية ولكن م آالت النهاية تزيد املرارة ،سيكون هناك ق صا ص ،و سيكون هناك و صية ُت ْتَك حلفظ احلقوق ،سيكون هناك من يظلم يف الو صية ،و سيكون هناك من عليه أن. - 34 - سورة البقرة 2 يتدخل ملنع الظلم ،و سيكون هناك ديون بني النا س ،وكاتب بالعدل ينظم ذلك ،فاملدينة الفا ضلة جمرد وهم ال وجود له ،والطبيعة الب شرية تتطلب توثي ًقا كهذا. ُ َ َ َْ ُ ُ ْ َ ُ َ ُ َ ُ ٌْ َ ُ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ًْ َ ُ َ َ ٌْ َ ُ ي لك ْم }كتِب عليكم ال ِقتال وهو كره لكم وعس أن تكرهوا شيئا وهو خ َْ َ َُْ َ َْ َُ َ َ َ َ َ ْ ُ ُّ َ ْ ً َ ُ َ َ ٌّ َ ُ ش لك ْم َواهلل يعل ُم َوأنت ْم ل تعلمون{(ابلقرة)216 : وعس أن تِبوا شيئا وهو ُ َ ُ ك ْم{ ،لكنها احلياة أي ضا ،رغم أنه }ك ْر ٌه ل سيكون هناك قتال ً بواقعيتها ،لي ست نزهة ،وتتطلب املواجهات مهما كرهنا ذلك ،و ستذكرك ال سورة ب أن الأ صل يف الأمر هو أنك تكره «القتال» ،و أن الأمر لي س كما ير ِّو ُج البع ض كما لو أننا ُخ ِل ْق َنا لنقاتل ،لكنه اال ضطرار ومواجهة الأمر الواقع املر هو الذي يجيز القتال ولي س أي شيء آخر. وه َّن ب َم ْع ُروف َأ ْو َ ِّ ُ ُ َّ َ ْ ُ َ َ َ َّ ْ ُ ُ ِّ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َّ َ َ ْ ُ ُ }وإِذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأم ِسك سحوهن بِمعر ٍ وف ٍ ِ َ َ ُ ْ َ َ َ ْ َْ َْ َ َ َ ْ َ َ َ ُ ْ ُ ُ َّ َ ً ْ َ ُ ارا ِلَعتدوا َومن يفعل ذل ِك فقد ظل َم نفسه{ (ابلقرة)231 : ول تم ِسكوهن ِض سيكون هناك زواج وخالفات يف الزواج تقود إىل الطالق ،أمر م ؤ سف بالت أكيد ،ولكنه يجب أن ُي َن َّظ َم و ُي َق َّ َن ،و ضع ضوابط لهذا الأمر سيقلل حت ًما من خ سائر الطالق ،ومواجهة الواقع عرب ت شريعات تقلل اخل سائر أف ضل بكثري من منع الطالق ب شكل قاطع. *** َ َّ الس َم َ َ َ َ َّ ُ َ ْ َ ُّ ْ َ ُّ ُ َ َ ْ ُ ُ ُ َ ٌ َ َ َ ْ ٌ َ ُ َ ات َوما ِ او ف}اهلل ل إِل إِل هو الح القيوم ل تأخذه ِسنة ول نوم ل ِ ا م َ ْ َ ُ ْ َ ُ َّ ْ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ َّ ف ْالَ ْ ِيهم وما خلفهم ول ِ د ي أ ي ب ام م لع ي هِ ن ذ ِ ِِ ِإب ل إ ه دِن ع عف ش ي ِي ال ا ذ ن م ضِ ر ِ ودهَُ َْْ َ ََ َُ ُ َ َّ َ َ َ َ َ ُ ْ ُّ ُ َّ َ ْ ْ ْ ُ ُ َ َ ات والرض ول يئ يِيطون بِش ٍء مِن عِل ِم ِه إِل بِما شاء و ِسع كر ِسيه السماو ِ يم{ (ابلقرة)255 : ل الْ َعظ ُ ْ ْ حِف ُظ ُه َما َو ُه َو ال َع ِ ُّ ِ - 35 - القرآن نسخة شخصية خ ضم كل هذا ال صراع املرير ت أتي آية الكر سي كما لو أنها جاءت ِّ يف لرتيحك من ال صراع ً قليل ،تر ِّب ُت على كتفيك وتقول لك أن ت سرتيح هنا من كل هذا الذي مررتَ به ،ت شري لك إىل ملكوت اهلل وقدرته وعلمه الذي يفوق كل قدراتنا على التخيل ،ست شعرك الآية ب أنه عز وجل يعرف كل هذا الذي متر به ،ويعرف ما سيحدث الح ًقا ،جمرد معرفته بذلك ستمنحك متاما يف هذا ال صراع ،هوبع ضا من الطم أنينة وال سكينة ،ل ست وحدك ًً َ َ َ َ ََ الذي ال يغفل عنك حلظة واحدة ،و سيذكرك ذلك ب آية سابقة} ،وإِذا سألك ْ ْ ُ ُ ُ َ ْ َ َ َّ ِ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ِّ َ ِّ َ ٌ َ جيبوا ِل َولُؤمِنوا ِب جيب دعوة ادلاع إِذا دع ِن فليست ِ عِبادِي عن فإِن ق ِريب أ ِ َ َ َّ ُ َ ُ ُ َ لعله ْم ي ْرشدون{ (ابلقرة)186 : يبوا ل{ دوما نن سى هذا اجلزء من الآية ،نركز على } ُأج ُ ََْ ْ َ ُ يب ِ ً ِ }فليست ِ ج ََْ ْ َ ُ َد ْع َو َة َّ ادل ِاع{ ونن سى }فليست ِجيبوا{. ال شيء ذاته مع آية الكر سي. سرنتاح بعلمه الذي ال يغيب عنه شيء ،لكن هذا ال يحدث بحفظ « آية الكر سي» منف صلة عما قبلها وبعدها من و صايا و أوامر ،بل عندما ن أخذ كل شيء حزمة واحدة. *** ِّ َ َْ َ بعد طم أنينة آية الكر سي ست أخذك ال سورة فو ًرا إىل }ل إِكراه ِف ادل ِ ين ََ ْ َْ َ َ ُْ ُْ ْ َ ْ َ َ َّ َ ُّ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ ُ وت َويؤمِن بِاهلل فق ِد استمسك بِالع ْر َوة ِ غ فمن يكفر بِالطاغ ِ قد تبي الرشد مِن ال َ ْ ْ َ ْ ال ُوث َق ل ان ِف َص َام ل َها َواهلل َس ِم ٌيع َعل ٌِيم{ (ابلقرة ،)256 :كما لو أنك حتتاج أن ا سرتحت و أخذتَ أنفا سك َ ت ستوعب هذه الآية وما تقوله بعد أن تكون قد ً قليل عند آية الكر سي. - 36 - سورة البقرة 2 ستذكر كم من الإكراه ُمو ِر َ س با سم هذا الدين الذي قال َّأل إكراه يف الدين ،كل أمر شرعي تع َّر ض لإكراه بدرجة أو ب أخرى ،و ستالحظ أن الر شد هو ذاته يف الال إكراه ،ويف الآية التي حتدثت عن إجابة دعوة الداع َ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ ُ َ ْ ْ ُ ََْ ْ َ ُ ون { صدفة! حا شا هلل. جيبوا ِل َولُؤمِنوا ِب لعلهم يرشد }فليست ِ لكي تفهم الال إكراه ح ًّقا ،ومتار سه ح ًّقا ،ومتنع الإكراه با سم دين الال إكراه ،عليك أن تكون را شدً ا ًأول. *** ََْ ُْ َْ ْ َ َ َ َََْ ُْ ْ َ َ ََ ََ ْ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ِّ َ كن ح الموت قال أولم تؤمِن قال بل ول ِ ِ ت ف ي ك ن ِ }وإِذ قال إِبراهِيم رب ِ ر أ ََ ُْ ِّ ُ َ ْ ْ َ َ ُ َ َ َ الط ْي ف ُ ْ ُ َّ َ ْ َ َّ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ ً َ َّ صهن إ ِ ْلك ث َّم اجعل ع ك جب ٍل مِنه َّن ِ ِلطم ِئ قل ِب قال فخذ أربعة مِن ٌ َ ٌ َ ُ ْ ً ُ َّ ْ ُ ُ َّ َ ْ َ َ َ ْ ً َ ْ ْ َّ َ َ جزءا ثم ادعهن يأت ِينك سعيا واعلم أن اهلل ع ِزيز حكِيم{ (ابلقرة.)260 : أي ضا إىل أبيك إبراهيم وهو ي س أل ربه عن إحياء ست أخذك ال سورة ً املوتى لكي يطمئن قلبه ،و ستتذكر كم قلو ًبا كتمت حاجتها إىل الطمـ أنينة كي ال تو ص َم بالكفر واالبتداع واجلحود ،ستتمنى لو أنك َ وقمعت أ سئلتها ت ستطيع أن حتت ضن أباك إبراهيم ،وتهم س يف أذنه مبخاوفك وقلقك ،لكن يكفيك منه أن قال هذه الكلمات و أنه هنا يف ال سورة ،أنت لك احلق ً أي ضا أن تبحث عن طم أنينة قلبك وعقلك ،ولي س لأحد أن مينعك من أ سئلتك وت سا ؤالتك يف الطريق إىل الطم أنينة. *** - 37 - القرآن نسخة شخصية َ ْ ً َّ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َّ َ َ َ ُ َ ِّ ُ }ل يكلف اهلل نفسا إِل ُوسعها لها ما كسبت َوعليها ما اكتسبت َربنا ل ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ ْ ً َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ ْ ِين مِن تؤاخِذنا إِن ن ِسينا أو أخطأنا ربنا ول ت ِمل علينا إِصا كما حلته ع ال َ ْ ُ َ َّ َ ْ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َّ َ َ ُ ِّ ْ َ َ َ َ َ َ َ قبلِنا َربنا َول تَملنا ما ل طاقة لَا ب ِ ِه واعف عنا واغ ِفر لا وارحنا أنت مولنا ين{(ابلقرة)286 :ع الْ َق ْو ِم الْ َكف ِر ََ ْ ُ َْ ََ فانصنا ِ ويف آخر كل هذه امللحمة من ال صراع مع الأمر الواقع ،ستـ أتي كلمات تعبت؟ هل أرهقك هذا الأمر الواقع؟ اخلامتة يف ال سورة لرت ِّب َت عليك ،هل َ نف سا إال و سعها ،ميكنك أن تطلب َّأل ال ب أ س ،هذا طبيعي ،ال يكلف اهلل ً ن سيت أو أخط أتَ ،ميكنك أن تقول :إن بع ض الأمور ال ي ؤاخذك اهلل إن َ طاقة لك بها ،وتطلب منه عز وجل َّأل يح ِّم َل َك فوق طاقتك ،افعل ما يف و سعك ،ولكن كن على ب صرية بهذا الواقع املحيط بك ،حا ِو ْل أن تو سع مما يف و سعك بالتدريج ،بحيث يتنا سب مع ما ُك ِّل ْف َت به. - 38 - سورة آل عمران 3 عن جبر الخواطر المكسورة سورة آل عمران هي سورة «جرب اخلواطر» بامتياز. لكن جرب اخلواطر هذا ال يكون بكلمات تر ضية وموا ساة كما تع َّودنا من جرب اخلواطر أن يكون ،بل تفعل ال سورة ذلك عرب تزويد خاطرك املك سور بجبرية وعي يخرجك من حلظة االنك سار الراهنة إىل «ال صورة الكبرية» التي قد تغيب عن أذهاننا أحيا ًنا ،خا ص ًة يف حلظة أمل االنك سار واملعاناة. كيف ذلك؟ ُ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ ٌ ُ ْ َ َ ٌ ُ َّ ُ ُّ ْ َ ُ َ َّ اب َوأخ ُر }هو ال َِي أنزل عليك الكِتاب مِنه آيات مكمات هن أم الك ِ ِت اء الْ ِف ْت َن ِة َوابْتِ َغ َ اء ُ ُ ْ َ ْ ٌ َ َ َّ ُ َ ون َما ت َ َشابَ َه م ِْن ُه ابْتِ َغ َ ِين ِف قلوب ِ ِهم زيغ فيتبِع ات َفأ َّما َّال َ َُ َ َ ٌ متشابِه ُ ٌّ ْ ْ ْ ْ َ ُ ُ َ َ َّ َّ َ ْ َ ْ الرا ِسخون ِف ال ِعل ِم يقولون آمنا ب ِ ِه ك مِن عِن ِد َ ُ تَأويلِه َو َما يعل ُم تأويل ُه إل اهلل َو َّ َ ْ َ ِ ِ ِ ِ َ ِّ َ َ َ َ َّ َّ ُ َّ ُ ُ ْ َ َْ اب{ (آل عمران.)7 : ربنا وما يذكر إِل أولو الل ِ ت شري لك ال سورة منذ بدايتها أن تتجه إىل « أم الكتاب» و ُت ْع ِر ض عن املت شابه الذي ي ش ِّو ش عليك ،كما لو أنها تقول لك أن تركز على جممل ال صورة الكبرية وترتك التفا صيل التي تلهيك عنها. َ ُْ ُ ْ َ َّ َ ْ َّ َ َّ َ َ ُ اس ِ َل ْومٍ ل َري َب فِي ِه إِن اهلل ل يلِف ال ِميعا َد{ (آل } َربنا إِنك جامِع انلَّ ِ عمران.)9 : - 39 - القرآن نسخة شخصية َ وتذكرك ب أن نهاية الق صة هي يف يوم قادم حت ًما }ل َر ْي َب فِي ِه{ ولي س يف أيام عابرة جعلك أملها يوهمك أنها النهاية. ْ َ ُ َ َّ ُْ (آل ون إِل َج َه َّن َم َوبِئْ َس ال ِم َه ُاد{ َ ََُ َ ُْ ُ َ َ ْ َ ُ َ }قل ل ِلِين كفروا ستغلبون وتش عمران)12 : َّ ُ َّ َ َ ْ ُ ْ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ َّ ْ َ َ ُ ُ ُ اء َوت ِع ُّز نع الملك مِمن تش ك تؤ ِت الملك من تشاء وت ِ }ق ِل اللهم مال ِك المل ِ ُ ُ َّ ْ َ ش ٍء َقد ٌك َ َْ ْ َ َ ُ َ ُ ُّ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ َ ْ ُ َّ َ َ َ ُ ِّ ِير تول ِج الليل ِف من تشاء وتذِل من تشاء بِيدِك الي إِنك ع َّ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َّ َ ْ َ ِّ َ ُ ْ ُ ْ َ ِّ َ َ ْ َ ِّ َ َ ْ ُ ُ انلَّ َه ُ ُ َّ َ َ ت وت ِرج الميت مِن الح وترزق ار َوتول ِج انلهار ِف اللي ِل وت ِرج الح مِن المي ِ ِ َ َ ْ ََ ُ َْ اب{ (آل عمران )27 :26 ي حِس ٍ من تشاء بِغ ِ تقول لك ال سورة :إن الف صول تتغري ،والدوائر تدور ،و إن ما يبدو منت ص ًرا عزيزً ا يف مرحلة ما قد ينتهي خا س ًرا ً ذليل يف نهاية املطاف، تقول لك ال سورة :إن شهوات احلياة مباحة وجميلة ،لكن ال تك سر نف سك ب أن حت صر نف سك فيها ،ف َث َّم ما هو أكرث من ذلك يف هذه احلياة ،تقول لك :إن املحك هناك يف أفق أبعد لكنه حقيقي ،ستنبهك إىل دوران العامل وامللك واملال وال سلطة واجلاه بني النا س ،مالك امللك ي ؤتي امللك من ي شاء وينزعه ممن ي شاء ،يعز من ي شاء ويذل من ي شاء ،فال تغرت كث ًريا بعزك فهو عابر ،وال يحزنك عز َمنْ أذلك أو ظلمك فهو عابر كذلك ،ال شيء يدوم من هذه الأمور. َ َ َ َّ ْ ِّ َّ َ َُ َْ ْ َ ُ ْ َ ِّ ِّ َ َ ُ َ َ َ ْ َ َ ت ام َرأة عِم َران َرب إِن نذ ْرت لك ما ِف بط ِن م َّر ًرا فتقبل مِن إِنك }إِذ قال ِ َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ ْ ِّ ِّ َ ْ ُ َ ُ ْ َ يع الْ َعل َُ ْ َ َّ ُ ِيم فلما َوضعتها قالت َرب إِن َوضعتها أنث َواهلل أعل ُم بِما أنت الس ِم َّ َ َ ُ َ َ ُ ُ ِّ ْ َ َّ ُ َ َ َ ِّ َ ْ ُ ْ َ َ َّ ْ َ َ َ َ ْ َوضعت َوليس اذلك ُر كلنث َوإِن سميتها م ْري َم َوإِن أعِيذها بِك َوذ ِّريتها م َِن الر ِج ِيم{ (آل عمران .)36 :35 الش ْي َطان َّ َّ ِ - 40 - سورة آل عمران ْ َ ُ ْ َ ُ َّ ً َ ِّ َ ً َّ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َّ َّ ُ َ َ ِّ َ ْ لنك ذ ِّرية طيبة إِنك س ِميع }هنال ِك دع زك ِريا َربه قال َرب هب ِل مِن ُ َ ِّ ُ َ َ ْ ْ ْ َ َ َّ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ُ َ ُ َ َ ٌ ُ َ ِّ ُّ َ شك بِيح َي اب أن اهلل يب ادلعءِ فنادته الملئ ِكة وهو قائ ِم يصل ِف ال ِمحر ِ َ َ ِّ َ َّ ال َ