تاريخ وتذوق الموسيقى 1 PDF

Document Details

FinestColumbus

Uploaded by FinestColumbus

جامعة النجاح الوطنية

إبراهيم خليل الخروبي

Tags

تاريخ الموسيقى تطور الموسيقى موسيقى مصر القديمة تاريخ الفنون

Summary

This document is a lecture on the history and appreciation of music, specifically focusing on ancient music traditions, including those of ancient Egypt. The lecture discusses various theories about the origin of music and its development through different cultures and historical periods. It also touches upon musical instruments and the evolution of musical forms. The document is likely part of a university course on music history.

Full Transcript

‫جامعة النجاح الوطنية‬ ‫كلية الفنون الجميلة‬ ‫تاريخ وتذوق الموسيقى‬ ‫(‪)1‬‬ ‫مدرس المساق‬ ‫أ‪.‬إبراهيم خليل الخروبي‬ ‫إسم الطالب‬ ‫‪....................................... :‬‬ ‫تاريخ وتذوق ال...

‫جامعة النجاح الوطنية‬ ‫كلية الفنون الجميلة‬ ‫تاريخ وتذوق الموسيقى‬ ‫(‪)1‬‬ ‫مدرس المساق‬ ‫أ‪.‬إبراهيم خليل الخروبي‬ ‫إسم الطالب‬ ‫‪....................................... :‬‬ ‫تاريخ وتذوق الموسيقى العالمية (‪)1‬‬ ‫منذ أن خلق الله الكون ودبت في األرض الحياة‪ ,‬وبدأ يحس اإلنسان‬ ‫ويدرك ما يدور حوله من الظواهر الطبيعية المختلفة كان طبيعيًا أن يكون‬ ‫هو المرآة التي تعكس عليها كل هذه الصور ويصبح مقلدًا ومحاكيًا لها‬ ‫ومقتبسًا منها ولكن كيف بدأ اإلنسان يدرك أنه أصبح يمارس ما نسميه‬ ‫نحن اآلن بالموسيقى وكيف بدأ يصبح مبدعًا لها؟ هل كانت البداية مجرد‬ ‫تقليد الطبيعة والحيوانات والطيور؟‬ ‫هناك نظريات عديدة في هذا الموضوع كل منها تفيد األخرى وكلها تتفاوت‬ ‫في تفسير نشأة الموسيقى‪.‬تقول نظرية أن البداية لم تكن على أنها أداة‬ ‫للسماع والتطريب والترفيه وال هي تعبير عما يجيش في نفسه من‬ ‫العواطف والمشاعر‪ ,‬وبالطبع ليست كفن له تقاليده وقيمه‪.‬ولكن اإلنسان‬ ‫شعر بما في الطبيعة من روعه ورهبه وحاجته إلى ممارسة حياته بين أمل‬ ‫في حياة طيبة مأمونة للعيش وبن وحشه وخوف مما يدور حوله من‬ ‫مظاهر طبيعية وأخطار تهدده من بين الكائنات التي تعيش معه ‪ ,‬إذن لم‬ ‫يجد سوى أن يتخذ من الحركات اإليقاعية واألصوات الساذجة والصرخات‬ ‫والضربات ما يدفع به عن نفسه المخاوف وطاردًا األرواح الشريرة‬ ‫ومستغيثًا إلدرار المطر‪.‬‬ ‫وقد مرت مراحل طويلة وشاقة عبر آالف السنين متدرجًا من األصوات‬ ‫والصيحات ومهتديًا إلى وسائل أخرى مساعدة كآالت الَطرق المختلفة‬ ‫مرورًا من آالت النفخ من القرون والعظام المثقوبة ثم في حقبة متفاوتة‬ ‫جدًا إلى اآلالت الوترية وهو بذلك يجتاز في كل مرحلة درجة من درجات‬ ‫االستفادة‪.‬‬ ‫وهناك نظرية أخرى تقول أن اإلنسان األول توصل للموسيقى محاكيًا‬ ‫للطيور‪ ,‬مناغيًا للجنس اآلخر‪ ,‬وعرف أول خطوة من الغناء من صيحات‬ ‫ممدودة للتنبيه والنداء وتوصل إلى ذلك عن طريق العمل الجماعي الذي‬ ‫ينظمه اإليقاع‪.‬‬ ‫ًا‬ ‫ولكن هناك من يضحد هذه النظرية مفترض أنها لو صحت لكنا نجد اآلن‬ ‫عند بعض الشعوب التي ما زالت في دور البداوة (التي تتشابه ظروفها مع‬ ‫ظروف اإلنسان القديم وذلك في أواسط إفريقيا وأمريكا الالتينية) نوعًا‬ ‫من الغناء أشبه بتغريد الطيور‪ ,‬وألحانًا شبيهة بصيحات التنبيه أو أغاني‬ ‫إيقاعية للعمل الجماعي‪ ,‬ولكن يمكن إثبات عدم وجود ذلك فعال‪.‬‬ ‫وهناك نظرية عامة تقول أن األصل هو الكلمات وانه بعدما عرف اإلنسان‬ ‫ابسط لغة للتفاهم وجد انه أثناء التحدث أو التعبير عما يريد أن يعبر‬ ‫"يقول" كان ال بد من وجود ابسط أنواع التنغيم من تغيير درجة الصوت‬ ‫حده وغلظا‪ ,‬ويقال أنه من هنا ولدت أبسط ميلودية من (‪)2:3‬‬ ‫درجات متقاربة‪ ,‬وأن من تقدم هذا األسلوب ومع مرور الوقت وزيادة‬ ‫المساحة الصوتية البشرية‪.‬توصل اإلنسان إلى السلم الخماسي‪.‬‬ ‫وهذه النظرية لها ما يفندها أيضًا‪ ,‬فإن الموسيقى في أبسط صورها‬ ‫وحينما كان اإلنسان يعبر عن ذاته أو تنبيهه إلنسان آخر ولو بصرخة معينة‬ ‫فإنها مع تكرارها تصبح هذه الصرخة ذات الشكل المعين في األداة مع‬ ‫نطقها مصاحبة بحرف معين‪:‬ها‪ -‬يا‪ -‬دا‪ -‬هو‪ -‬يو‪ -‬دو‪ -‬أو الخ‪.‬‬ ‫وقد تكون بذلك بداية لميالد لغة وتصبح هذه نداءات تعني(يا هذا أو يا أنت)‬ ‫وبذلك تكون الموسيقى هي التي سببت األلفاظ والحروف واللغات إلى‬ ‫فم اإلنسان‪ ,‬فكانت بذلك هي وسيلته في التعبير وترجمة لرغباته‪.‬‬ ‫وبذلك نجد أن الغناء كان أقدم بكثير من اآلالت الموسيقية وال سيما آالت‬ ‫النفخ واآلالت الوترية فإن القبائل التي تعيش اآلن في أحط مراتب‬ ‫الحضارة لها أغانيها دون أن تعرف بالضرورة الموسيقى اآللية ولكي ينظم‬ ‫المغني طريقة غنائه‪,‬اهتدى إلى وسيلتين للتعبير‪-:‬‬ ‫‪2‬‬ ‫أ) ترتيل بسيط للنص أو مدلول معين ذو أهمية خاصة‪ ,‬قريبة من‬ ‫أسلوب الكالم العادي ويؤدي إلقائها " ‪ " Reactive‬على درجة أو‬ ‫درجتين أو ثالثة على األكثر‪ ,‬أي أنه أسلوب وليد الكلمة "‬ ‫‪." Logogenic‬‬ ‫أسلوب ال يهتم بالكلمة أو المدلول بقدر اهتمامه بالحالة‬ ‫ب)‬ ‫النفسية واالنفعال فهو يتكون من انطالقات عنيفة هياجية أو العكس‬ ‫وهذا هو األسلوب وليد العاطفة "‪."pathogenic‬‬ ‫األسلوب األول‪-:‬‬ ‫األلحان في هذه الحالة مجرد صوتان تفصلهما مسافة وهي تختلف من‬ ‫جنس آلخر وربما من قبيلة ألخرى‪ ,‬وقد تكون نوعًا من مسافات الثالثات‬ ‫أو حتى الرابعات‬ ‫أحيانًا‪ ,‬وفي تطور طويل تبلورت األصوات صوتًا بعد آخر حول نواة هي‬ ‫الصوتان األصليان وحدث هذا التسلسل في المراحل األولى في بداية‬ ‫ونهاية كل لحن دون أن يمس وسطها‪ ,‬ثم ازداد تبلور هذه األصوات‬ ‫ووضحت في مرحلة متأخرة‪ ,‬حتى بدأت تدخل درجات أخرى وسيطة‬ ‫وكانت هذه بداية البداية بالنسبة للموسيقى‪.‬‬ ‫األسلوب الثاني‪-:‬‬ ‫وفيه الصوت يقفز إلى أعلى ثم يهوي إلى أسفل في صيحات وصرخات‬ ‫بدأت تتضح فيها أثناء عملية التنظيم المستمرة بعض األبعاد المحدودة‬ ‫والتي أصبحت موضع ارتكاز األوكتافات والخامسات والرابعات والثالثات أو‬ ‫يبدو أن القبائل التي ترقص في خطوات وقفزات واسعة تفضل أن تغني‬ ‫في مسافة ثالثات أو رابعات عن أن تغني في مسافة الثانية كما يالحظ أن‬ ‫نساء القبيلة الواحدة تغني ألحانها الخاصة بهن في درجة في درجات‬ ‫أضيق من الرجال كما تقصر خطواتهن عن خطوات الرجال‪.‬‬ ‫ومما تتميز به ألحان البدائيون هو تكرار النموذج اللحني الضئيل مرارًا ومع‬ ‫ذلك وجدوا طريقًا أكثر رقيًا يحد من هذا التكرار الالنهائي الممل بعبارة‬ ‫واحدة‪.‬وذلك بأن يتم تبادل األداء بين أحدهما مع اآلخر أو بين صولو‬ ‫وكورس‪ ,‬قطعًا للممل وبثًا للحيوية بدًال من هذا التكرار المضجر وهذه هي‬ ‫أولى خطوات اإلنتيفونية‪.‬‬ ‫ولم يكن تعدد األصوات في عالم البدائيين جوهريًا ولو أنه كان موجودًا‬ ‫وبشكل بدائي وذلك بسبب مصادفات لم تكن في حسبانهم مثل ما يحدث‬ ‫عندما تشترك جماعة في األداء ويحدث بسبب عدم االلتزام بالرتم أو‬ ‫باألداء الموحد أن يشذ بعضهم وينشأ بذلك ما يسمى بالهتروفونية‬ ‫وقد يحدث أن يغني عدد من المغنيين نفس اللحن من طبقات مختلفة‬ ‫وذلك بأن نسمع لحنين متوازيين وذلك على أبعاد تبدأ باألوكتاف بسبب‬ ‫عامل السن والنوع‪ ,‬والذي يكون تلقائيًا وغير مقصود عند األداء‪.‬‬ ‫وهناك أيضًا متوازيات الخامسات والرابعات ويحدث أيضًا توازي بالثالثات‬ ‫وهذا ما يسمى بالبارافونية‪.‬وهناك أيضًا األصوات الممتدة "‪"pedal note‬‬ ‫ويكون أعلى اللحن وغالبًا ما يكون أسفله‪.‬كما يحدث أحيانًا في أداء‬ ‫المجاميع أن ينفذ صبر إحدى المجموعات عند األداء التبادلي وال تنتظر‬ ‫حتى يأتي دورها فإنها تدخل قبل أن ينتهي الصوت الرئيس وهذا ما‬ ‫نستطيع أن نسميه أول خطوة من البولفونية وهكذا نجد أن األجناس‬ ‫‪3‬‬ ‫البدائية قد غرست لنا البذور التي نبتت منها الموسيقى الرفيعة في‬ ‫الشرق والغرب‪.‬‬ ‫ومع مرور الوقت وتطور حياة اإلنسان إلى ما هو أبعد من البدائية بدأت‬ ‫تتمدد معالم الفنون (موسيقى‪ -‬فن تشكيلي ‪.....‬الخ)‪.‬‬ ‫بدأ يظهر خطان في كل فن‪-:‬‬ ‫‪ )1‬فن بدائي محافظ وملتزم بما هو موروث لديهم‪.‬‬ ‫‪ )2‬مستوى فن آخر أكثر تطورًا وذلك مع بداية ظهور طبقة من البشر‬ ‫يمتهنون هذا الفن ويسيطرون عليه ويصبح حرفته‪ ,‬وكانوا هم على‬ ‫مر العصور والحضارات القديمة هم طبقة الرهبان والكهنة في‬ ‫المعابد أو السحرة في القبائل البدائية‪.‬‬ ‫وعلى أيدي هؤالء بدأ يتحدد لكل فن طابعه الخاص وأصبح له مدارسه‬ ‫ومعاهده الخاصة التي كانت دائمًا هي المعابد يتحكمون ويحافظون فيها‬ ‫على تقاليد وأصول هذا الفن‪.‬‬ ‫أما النوع األخر فقد ظل فنًا بسيط بدائي خالص خاص بالشعوب تتوارثه‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫من جيل إلى جيل محافظًا عليه بعيدا عن تدخالت وتأثيرات الحضارات‬ ‫الموجودة أو المجاورة أو الغازية أو المغزوة حامًال بذلك تقليد وطابع كل‬ ‫شعب على حدا يطوره ويعدله في داخله بما يناسبه دون مساس بهيئته‬ ‫وهيكله العام‪ ,‬وهذا النوع هو ما اصطلح عليه اآلن باإلبداع الشعبي أو‬ ‫الفنون‪ ,‬أو ما اصطلح عليه علميًا بالفولكلور‪ ,‬والذي أصبح اآلن علمًا قائمًا‬ ‫بذاته له أصوله ومنهاجه ومدارسه وباحثيه‪.‬‬ ‫حينما وصل اإلنسان إلى المستوى الفني الذي بدأت فيه الحضارات‬ ‫والمدنيات القديمة تتركز وتستقر في بقاع مختلفة من العالم ثم ابتدأت‬ ‫تتكون بذلك الجماعات ثم القبائل ثم الشعوب ثم األمم‪ ,‬بدأ يأخذ كل منهم‬ ‫مأخذه الخاص من تلك الحضارة أو المدنية أسلوبه المعين والخاص في‬ ‫الحضارة والعمران وتعبيره الذاتي في شتى أفرع وأنواع الفنون المختلفة‬ ‫وفي صدرها الموسيقى‪.‬‬ ‫وقد صعدت إلى قمة هذه المدنيات والحضارات القديمة وبلغت الذروة‬ ‫فيها أمم تقدمت وكانت في الطليعة وعلى رأس هذه األمم‪-:‬‬ ‫‪ -1‬مصر ‪ - 2‬الصين ‪ -3‬اليابان ‪ -4‬الهند ‪ -5‬أشور وبابل ‪-6‬‬ ‫اليونان والرومان‬ ‫ًا‬ ‫وهي التي نطلق عليها تاريخي اسم الممالك القديمة والتي ترجع‬ ‫بمدنيتها هذه إلى آالف السنين‪.‬وسيكون موسيقى هذه الممالك هي‬ ‫موضوعنا‪.‬وتبدأ العصور القديمة ومدنياتها المختلفة قبل الميالد بآالف‬ ‫السنين إلى أن تنتهي بسقوط الدولة الرومانية على يد برابرة الشمال‬ ‫عام ‪ 476‬ميالدية إيذانًا ببداية العصور الوسطى‪.‬‬ ‫الحضارة المصرية القديمة‬ ‫مصر الفرعونية‪-:‬‬ ‫‪4‬‬ ‫إن اعتدال المناخ في مصر وخصب تربتها على امتداد النيل كان عامًال‬ ‫أساسيًا في أن هذه المنطقة كانت آهلة بالسكان من أقدم العصور على‬ ‫ضفاف النيل المليء بالخيرات‪ ,‬وجد اإلنسان مكانًا آمنًا للعيش واإلقامة‬ ‫واالستيطان وإن كان من الصعب وضع تاريخ دقيق لبدء العمران في‬ ‫مصر‪.‬‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫وقد كان للمدنية المصرية القديمة دور هام في العناية بالموسيقى‬ ‫وأغراضها وفي تطور اآلالت الموسيقية والسلم الموسيقي‪ ,‬رغم أنه‬ ‫يحيط بذلك كثير من الغموض حتى قيل أن البحث فيه غير مثير وتعب‬ ‫بال فائدة‪.‬ثم كان تقدم علم اآلثار واالكتشافات اآلثارية التي أصبحت‬ ‫اآلن بالنسبة لنا مرجعًا هامًَا في النقوش والرسوم بل واآلالت‬ ‫الموسيقية التي عثر عليها أثناء الحفر مما صحح كثير من التاريخيات‬ ‫والحقائق التي كانت غامضة قبل ذلك وبذلك أصبحت المعلومات عن‬ ‫الفراعنة وكل ما يتصل بحياتهم شيئًا ثابتًا مؤكدًا يؤيده العلم والتاريخ‬ ‫منها أبدته تلك الصور والنقوش‪.‬ويقسم تاريخ مصر القديم إلى (‪)30‬‬ ‫أسرة تبدأ من األسرة األولى سنة (‪ )3400‬ق‪.‬م والتي أسسها الملك‬ ‫مينا‪ ,‬ولكن ال بد أال يفهم من ذلك أنه تحديد لبداية المدنية المصرية‪ ,‬أو‬ ‫بداية ظهور اآلالت الموسيقية مثًال ولكن من المعروف أن الباحثين‬ ‫كشفوا عن أنه كانت على أرض مصر حضارة وافرة كاملة من حوالي (‬ ‫‪ )8000‬سنة ق‪.‬م‪.‬وأنه هناك صورًا آلالت مكتملة الصناعة خطت‬ ‫خطوات واسعة من التطور ما يستلزم وجود هذه اآلالت على الصورة‬ ‫التي عثر عليها‪.‬‬ ‫موسيقى الدولة القديمة‬ ‫وهي تشمل من األسرة األولى حتى الحادية عشرة وقد كانت فيها‬ ‫مدنية موسيقية مهذبة‪ ,‬فنرى أنه كانت توجد فرقًا موسيقية منظمة ثابتة‬ ‫التكوين ولها ثالث عناصر أساسية هي‪-:‬‬ ‫‪ )1‬المغني‬ ‫‪ )2‬العازف بالصنج أو الجنك‬ ‫‪ )3‬العبوا الناي‬ ‫وأن العثور على صور آللة وترية أو الناي في آثار األسرة األولى يدل‬ ‫على رقي الموسيقى بدليل أنه في كل الحضارات القديمة كان آخر‬ ‫المطاف عندهم هو اآللة الوترية التي تتطلب معرفة واسعة وخبرة‬ ‫طويلة لتركيب وتجهيز الصندوق المصوت لآللة وكذلك طول الوتر‬ ‫ونوعه ثم كيفية العزف عليه وضبطه‪.‬‬ ‫وكان المغني له دور أساسي لهذه الفرق‪ ,‬والتي ربما من تعدد أفراد كل‬ ‫مجموعة منها‪.‬‬ ‫أما اآلالت الموسيقية بشكل عام كانت‪-:‬‬ ‫اآلالت اإليقاعية‪-:‬‬ ‫المصفقات بأنواعها (قضبان‪ -‬أورغ – أرجل – ألواح – رؤوس مصفقة‪-‬‬ ‫أجراس‪ -‬جالجل‪ -‬شخاليل‪...‬الخ)‪.‬‬ ‫آالت النفخ‪-:‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الناي بأنواعه (طويل – قصير) المزمار المزدوج‪.‬‬ ‫اآلالت الوترية‪-:‬‬ ‫لم تكشف النقوش سوى عن آلة واحدة هي الجنك المنحني أو‬ ‫المقوس‪.‬‬ ‫موسيقى الدولة الوسطى‬ ‫من األسرة (‪ )17-12‬لم تخرج في شكلها العام عن موسيقى األسرة‬ ‫القديمة وإن زادت عليها في بعض اآلالت اإليقاعية مثل الطبول وآالت‬ ‫السستروم (صالصل) بنوعيها المنحني والناقوس كما ظهر في عهدها‬ ‫ألول مرة في مصر الكنارة وإن كانت لم تنتشر إال في العصر الحديث‪,‬‬ ‫كما كانت األلحان في موسيقى الدولتين القديمة والوسطى مناسبة‬ ‫آلالتها البسيطة هادئة ومعتدلة‪ ,‬كآلة الصنج ضعيفة خافتة وكان الناي‬ ‫أقل اآلالت قوة وكان المغني خفيض الصوت أما حركات الرقص كما‬ ‫في النقوش دليل على ذلك فهي حركات بطيئة هادئة ليس فيها حركات‬ ‫سريعة‪.‬كما أن أسلوب النقش يدل على أن أصحابه كانوا في حالة من‬ ‫الطمأنينة والهدوء تبدو واضحة في رسومهم وفي خطوطهم الواضحة‬ ‫الثابتة‪.‬أي أن الموسيقى كانت مالئمة لشعب معتدل يعمل ويتسلى في‬ ‫هدوء وسكينة‪.‬وبما أنها كانت في الدرجة األولى موسيقى دينية تتم في‬ ‫المعابد وذلك حسب طقوس معينة تقتضي الخشوع والهدوء والجد‬ ‫بعيده عن اإلسراف ‪ ,‬بل كانت الموسيقى والموسيقيين لهم تقديرهم‬ ‫الخاص من الملوك والحكام‪.‬أما عن السلم الموسيقي فكان هو السلم‬ ‫الخماسي الخالي من أنصاف األنوان ولذلك يالحظ أن آالت النفخ ذات‬ ‫الثقوب من(‪ )4:2‬أما آلة الصنج و الجنك فمن النادر أن ال تزيد أوتارها‬ ‫على خمسة وإن زادت على ذلك كانت وترًا أو اثنين غير رئيسيين‪.‬وحين‬ ‫انتهت األسرة الثالثة عشرة وجاءت األسرة الرابعة عشرة تخاصم‬ ‫وتنازع األمراء مما أدى إلى ضعفهم وكان أن احتل الهكسوس مصر قرنًا‬ ‫كامًال من الزمان وكانت هذه الفترة من أهلك تاريخ مصر‪ ,‬ولذلك‬ ‫تجاهلها المصريون ولم يكتبوا عن هذه الفترة أي شيء حتى تمكنوا من‬ ‫طردهم بظهور األسرة الثامنة عشرة‪.‬‬ ‫موسيقى الدولة الحديثة‬ ‫من األسرة الثامنة عشرة حتى الثالثين‪ ,‬وفيها توغل المصريون إلى‬ ‫ارض الجزيرة في ظل حكام أقوياء‪ ,‬وامتدت أمالكهم إلى قلب آسيا‬ ‫الصغرى واتصلوا بالمدينة اآلسيوية‪.‬وآثر ذلك بالطبع على الموسيقى‪,‬‬ ‫حتى أصبح في بالط الملك فرقتان أحدهما مصرية وأخرى آسيوية‪.‬‬ ‫وقد تغيرت الموسيقى المصرية الحديثة عن القديمة والوسطى فالهدوء‬ ‫واالعتدال والبطء والبساطة أصبح محلها موسيقى على نقيض هذه‬ ‫الصفات‪ ,‬وذلك ألن اآلالت قد تبدلت وكثرت أنواعها فتعددت آالت الصنج‬ ‫وكبر حجمها وزادت عدد أوتارها‪ ,‬وعم انتشار آلة الكنارة وجاء المزمار‬ ‫المزدوج الحاد الصوت محل الناي الطويل الهادئ وكثرت أنواع الطبول‬ ‫والصنوج والصاجات والدفوف وبذلك أصبحت الموسيقى حادة صاخبة‬ ‫نسبيًا‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ويبدو ذلك واضحًا من النقوش وقد تطور السلم الموسيقي‪ ,‬فبعد أن‬ ‫كان خماسيًا فقط صار يوجد أيضًا إلى جانبه سلم سباعي فيه أبعاد‬ ‫وأنصاف أبعاد وهذه قمة تطور األساليب التونالية‪.‬‬ ‫اآلالت الموسيقية في الدولة الحديثة‬ ‫‪ )1‬اآلالت الوترية‪-:‬‬ ‫أ ‪ -‬العود ذو الرقبة القصيرة والطويلة‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬الكنارة (القيثارة) آلة وترية من الخشب مثبت في إطارها‬ ‫أوتار وهي شبه تمامًا الطنبورة أو‬ ‫المتوازي األضالع‬ ‫السمسمية المعروفة حاليًا‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬الصنج أو الجنك تعددت أنواعه فمنه المنحني وذو الحامل الزاوي‬ ‫والكتفي وقد كبر حجم الصندوق المصوت وازداد تعدد األوتار حتى‬ ‫وصلت إلى عشرين وتر‪.‬‬ ‫‪ )2‬آالت النفخ‪-:‬‬ ‫أ ‪ -‬المزمار المزدوج‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬النفير أو البوق‪.‬‬ ‫أما الناي واألرغون فقد استعمل في نهاية األسرة وذلك في‬ ‫اإلسكندرية‪.‬‬ ‫‪ )3‬اآلالت اإليقاعية‪-:‬‬ ‫والصاجات – الكاسات – المقارع – الدفوف المستديرة والمربعة –‬ ‫الطبول – الصالصل (سستروم)‪.‬‬ ‫وقد كبرت أعداد الفرق الموسيقية وتوسعت وكثرت أعداد الصنوج‬ ‫والعيدان والنايات والمزامير‪.‬‬ ‫الموسيقى والكهنة‬ ‫يرجع الفضل للكهنة على العناية بالموسيقى والحفاظ عليها بعيدًا عن‬ ‫التأثيرات الخارجية الوافدة وأخضعوها إلى سيطرتهم ولذلك كانت‬ ‫الموسيقى المصرية القديمة المثل األعلى لموسيقات العالم القديم كما‬ ‫سنرى فيما بعد وعندما ناءت مصر بغزوات أمم أجنبية خشي الكهنة أن‬ ‫تؤثر هذه المدنيات المختلفة على الموسيقى المصرية وطالبوا الشعب‬ ‫التمسك بمدنيته وتقاليده وبفضل نفوذهم وسيطرتهم ومكانتهم الخاصة‬ ‫منعوا ممارسة العقائد والتقاليد الدخيلة كما حافظ الكهنة فيما بينهم على‬ ‫أسرار وقوانين ودقائق الموسيقى يعلموها للرهبان والكهنة الصغار‬ ‫وللفرق الخاصة بالمعابد والبالط الملكي من مغنيين وعازفين وراقصين‪.‬‬ ‫كما استبعدوا الكهنة استعمال أية آلة موسيقية أجنبية بينما أكدوا على‬ ‫استعمال اآلالت المصرية البحتة‪.‬‬ ‫ًا‬ ‫أما خارج المعابد فقد سنوا قوانين تصونها ولم يتركوا مزاولتها حر ولكن‬ ‫قيدوها بقواعد وحتموا ضرورة تدريسها لألطفال وعدم أداء أو غناء سوى‬ ‫ما ينتقيه له الكهنة من الموسيقى الجيدة والتي تطهر النفس وتحث على‬ ‫الفضيلة واألخالق‪.‬ولذلك لم تستطع المدنيات األجنبية أن تؤثر فيها بينما‬ ‫‪7‬‬ ‫على العكس أثرت المدنية المصرية على من غزاها‪ ,‬مما سنرى من تأثير‬ ‫الموسيقى المصرية على الموسيقى اليونانية‪.‬‬ ‫األغاني المصرية القديمة‬ ‫إن نصوص األغاني التي وجدت على المعابد المصرية القديمة تدل على‬ ‫أن شعبها كان سليم التفكير‪ ,‬وأنها تميزت بجمعها بين الجد والعمل وبين‬ ‫اللهو والترف بشأن الشعوب التي كملت حضارتها‪ ,‬فقد كانت تتناول‬ ‫األغاني مديح اآللهة وذكر الموتى والحض على عمل الخير والعناية‬ ‫بمسرات الحياة والعمل والقيام بالواجب أما األلحان والنغمات فلم يكن‬ ‫لها سوى أصابع العازفين وحناجر المغنيين ولألسف فإن النقوش الموجودة‬ ‫على معابدهم وعلى أوراق البردى لم تدلنا رغم دقتها على كيفية أداء هذه‬ ‫النصوص أو إلى نوع ما من التدوين قد يساعد في كشف شكل هذه‬ ‫األغاني‪.‬ومن يدري فربما يستكشف هذا يومًا ما مما يدلنا على حل رموز‬ ‫وطالسم هذه النقوش مما قد يعرفنا على هذه األغاني‪.‬وقد كان الشعر‬ ‫والموسيقى فن واحدًا عندهم وكان الشعر الملحن هو مرشد الشعب‬ ‫ومعلمه‪ ,‬يرشد ويبث الروح الوطنية ويشرح ويفسر القوانين وأحكام‬ ‫الديانة والفلسفة والتاريخ والعلوم‪.‬‬ ‫وبذلك كانت األغنية هي سبيل النشر واإلعالم لما أللحانها من انتشار‬ ‫وترديد بين طبقات الشعب المختلفة ‪.‬لما كانت الموسيقى فنًا مقدسًا‬ ‫محترمًا عند قدماء المصريين فقد كانوا يعتقدون اعتقادًا وثيقًا باتصالهم‬ ‫بالعلوم المقدسة األخرى وخصوصًا الدين والفلك‪.‬ويدل ذلك على تدوينهم‬ ‫نغماتهم التي يتألف منها سلمهم السباعي بالرمز " الهيروغلين " الذي‬ ‫كانوا يرمزون به لمثيلها من الكواكب ولو أن ذلك لم يمكنهم من تدوين‬ ‫ألحانهم كما اهتدوا بمقارنه النغمات بالفلك إلى معرفه اتصال النغمات‬ ‫بعضها ببعض والعالقة بينهم توافقًا وتنافرًا أما ارتباطها بالدين فقد كان‬ ‫قويًا ألنهم نصبو أكثر معبودات قوه الهام للموسيقى فقد لقبو مخترعها "‬ ‫يا ابن االبديه " ‪.‬وقد كانت دراستها والتبحر فيها قصرًا على الكهنة وحدهم‬ ‫فهم رجالها وحفظتها وبهذا كان لهذا الفن الشأن العظيم في بلد كانت‬ ‫مهدًا للحضارة التي تشع نورها على العالم بأسره ‪.‬‬ ‫موسيقى الحضارة اليونانية‬ ‫إن دراسة الموسيقى اليونانية القديمة تعد لنا مادة هامة وذلك للصلة‬ ‫الوثيقة بينها وبين الموسيقى الفرعونية المصرية والموسيقى‬ ‫العربية‪,‬فالمدنية اليونانية هي في كثير من نواحيها مرآة انطبعت عليها‬ ‫المدنية المصرية القديمة‪ ,‬كما أنهما معًا وإلى جانب لمدنية الفارسية‪,‬كان‬ ‫الجانب الهام الذي استمدت منه العرب أصول موسيقاهم األولى وذلك‬ ‫بكتب ومؤلفات ترجمت إلى العربية وبالعكس‪ ,‬وبهم استشهد علماء‬ ‫العرب ورجعوا إليهم في مخطوطاتهم باعتبارهم علماء األقدمين وهم‬ ‫يقصدون بذلك علماء اليونان‪ ,‬كما حدث أيضًا أن ترجمت كتب وعلوم‬ ‫العرب إلى اليونانية والفارسية مما جعل اليونان وهي تعتبر جغرافيًا جزءًا‬ ‫من أوروبا‪ ,‬إال أن حضارتهم كانت ذات طابع شرقي‪.‬وقد اشتهر اليونان‬ ‫القدامى بميولهم ونبوغهم في الفنون المختلفة‪ ,‬ولهم أيضًا أسلوبهم في‬ ‫‪8‬‬ ‫النقش والعمارة والتصوير والنحت والذي لم يسبقهم في ذلك إليه أحد‬ ‫كما كانت لهم مدرستهم وأسلوبهم وطابعهم الخاص في الموسيقى‪.‬أما‬ ‫عن الموسيقى فإن التنقيب الحديث أثبت أن اليونان وإن كان لهم الفضل‬ ‫في الموسيقى على ممالك العصور الوسطى إال أنهم ليسوا كما كان‬ ‫سائدًا في الماضي مخترعون لكثير من اآلالت الموسيقية إنما فضلهم‬ ‫يرجع في أنهم كانوا الحفظة على تراث الممالك القديمة التي سبقتهم‪,‬‬ ‫كتابة وترجمة ودراسة والتي انتقلت إليهم مدنيتها الموسيقية من علوم‬ ‫وآالت‪ ,‬كما يرجع الفضل إليهم في صيانة التركة التي ألفها العرب والفرس‬ ‫وتنظيمها وتدوينها ونقلها إلى العصور التي خلفها بعد ذلك فلوال اليونان لما‬ ‫عرفنا أنوع التأليف التي بنيت عليها الموسيقى القديمة وال عرفنا على‬ ‫نسب األصوات وتركيب الساللم وأبعدها إلى غير ذلك مما فصله ووضحه‬ ‫علماء اليونان وفالسفتهم‪.‬أما اليونان أنفسهم فلم ينظروا إلى الموسيقى‬ ‫على أنها تسلية ولهو إنما كانت في نظرهم ركنًا هامًا للثقافة وأساسًا تبنى‬ ‫عليه نظريات التربية وبناء الدولة‪ ,‬كما هو واضح في مصنف أفالطون عن‬ ‫المدينة الفاضلة على انه ال بد من تهذيب العقل والروح بالموسيقى أنه‬ ‫كان في بعض المقاطعات اليونانية تلعب دورًا هامًا في التربية حيث أن‬ ‫الموسيقى كانت إلزامية كما كانت إجبارية على أهل أثينا وإسبارطة‬ ‫يتعلمونها حتى سن الثالثين عزفًا على المزمار المزدوج (األولوس) وعلى‬ ‫جميع أهل اليونان أطفاًال وشيوخًا وشبابًا ونساء ورجاًال أن يتعلموا األناشيد‬ ‫ويجيدوا أدائها ومنها ما هي دينية أناشيد لآللهة أو أناشيد لألبطال ثم‬ ‫األناشيد واألغاني العصرية وقد نقل اليونان عن مصر القديمة هذه العناية‬ ‫بالموسيقى ولكنها تفوق عليها بدرجة كبيرة‪.‬وقد كانت األلحان ذات‬ ‫الصيغة التهذيبية التي تصاغ على المقامات ذات الطابع القوي‬ ‫الرنين‪.‬ويعتبر القرنين الرابع والخامس ق‪.‬م العصر الذهبي لتلك البحوث‬ ‫الموسيقية ونظرياتها‪ ,‬وقد كان معتقدًا أن فيثاغورث سنة ‪ 500‬ق‪.‬م هو‬ ‫األب األول لتلك البحوث ولقد ثبت أن السوس أول من فكر في‬ ‫االهتزازات الصوتية ثم جاء بعده أرسشيتاس ‪ 400‬ق‪.‬م هو الذي عرف‬ ‫تموجات الهواء والترددات الصوتية وهناك بحوث آلخرين تشمل النغم‬ ‫واإليقاع والتي تتفق آرائها مع علومنا وآرائنا العصرية حتى جاء إقليدس‬ ‫‪ 300‬ق‪.‬م الذي أوضح قانون نسب األصوات الرياضية (وهو القانون الذي‬ ‫شرحه ووضحه وعربه ابن الهيثم في عصر الدولة الفاطمية)‪.‬وقد كان‬ ‫اليونان يقسمون أنغام الموسيقى وألحانها إلى أقسام وطرق يتناسب كل‬ ‫منها مع مناسبة معينة‪ ,‬وكانوا ال يستخدمون اآلالت الموسيقية ويعزفون‬ ‫عليها جزافًا بل كان لهم ترتيب معين في استخدامهم لها في المناسبات‬ ‫المختلفة‪.‬‬ ‫اآلالت الموسيقية‬ ‫عرف اليونان كثيرًا من اآلالت الموسيقية التي انتقلت إليهم باتصالهم‬ ‫بالمصريين وممالك آسيا القديمة الغربية‪ ,‬إال أنهم قصروا عنايتهم الخاصة‬ ‫بآلتين ورسموا باستعمال كل منها حدود معينة وراعوا ذلك التحديد‬ ‫وتمسكوا به وهما آلتي‪ :‬الكنارة والمزمار المزدوج‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫الكنارة ‪ -:‬وهي آلة وترية فرعونية آشورية‪ ,‬استعملوا منها نوعين أولها‬ ‫ثقيل ومتين الصنع يستعمله المحترفون وهو ما يسمى باللبرة وهو نوع‬ ‫خفيف الوزن بسيط يستعمله الهواة ويسمى بالقيثارة‪,‬أوتارها تكون من‬ ‫األمعاء وعددها عادة سبعة وقد تزيد إلى إحدى عشر وتضبط خماسيًا‬ ‫وتحمل كل آلة رأسية مستندة إلى صدر العازف ومعلقة في رقبته‬ ‫ويضرب عليها بأصابعه أو بمضرب أو بريشة‪.‬أما في العصور المتأخرة‬ ‫فقد استعملوا آالت أخرى مثل الجنك أو السنطور وهي أيضًا آالت‬ ‫مقتبسة من الحضارة المصرية واآلشورية إال أنها لم تكن ذات أهمية‬ ‫قصوى لهم‪.‬‬ ‫* المزمار المزدوج ‪ -:‬هي آلة كانت ذات أهمية كبيرة لديهم مثل‬ ‫الكنارة وكان يطلق عليها " األولوس " وكان صوته كما عند الفراعنة‬ ‫حادًا وله بوقان للفم يوضعان أثناء النفخ والغالب أن أحدهم يكون ثابت‬ ‫على نغمة واحدة بينما يقوم اآلخر بأداء اللحن كما عرفوا آالت أخرى‬ ‫كالصفارة والناي واللذان انتقال من مصر أيضًَا ولكنهما ظال شعبان مقتصر‬ ‫استعمالهما على الرعاة‪.‬وقد كانوا يفرقون بين استخدام الكنارة والمزمار‬ ‫المزدوج‪ *.‬فالكنارة آلة سماوية ينسبونها إلى معبدوهم (أبولو) وتقوم‬ ‫بالتعبير عن النفس الشريفة‪.‬أما * المزمار يختص بالمسرات الدنيوية‬ ‫والتعبير عن العواطف والشهوات ويصاحب الرقص والمسرحيات‪.‬وقد‬ ‫كان لليونان معابد خاصة لتعليم العزف على تلك اآلالت والغناء بمصاحبة‬ ‫إحداهما‪.‬وليس عجيبًا بعد ذلك االهتمام بهم أن نجد ذلك المستوى الرفيع‬ ‫من اإلنتاج الفني والدراسة الجادة العلمية والنظريات المعجزة‪.‬‬ ‫األلحان وطابعها‬ ‫استطاعت البحوث الحديثة أن تكشف عن بعض األلحان اليونانية القديمة‬ ‫على ضوء المصنفات والمخطوطات التي عالجت نظريات وأصول وقواعد‬ ‫الموسيقى اليونانية ومنها نشيد الشمس الذي كشف عنه جاليليو وينسب‬ ‫تلحينه إلى (ميسوديمس) في القرن الثاني الميالدي وكان التلحين حينئذ‬ ‫يكتب بحروف هجائية‪.‬وبتدقيق البحث فيها يتجلى الطابع الشرقي‪,‬فهي‬ ‫لحنية بحتة ال تعرف توافق الهارموني ‪.‬أما تدوين هذه المقطوعة الذي‬ ‫يبدو دقيقًا وثابتًا ولكن الواقع أن الممالك القديمة كانت ال تتقيد باألداء‬ ‫وفق التدوين ولم يكن التدوين إال مجرد هيكل عام للحن يتصرف فيه‬ ‫العازف كما يشاء وفق مقدرته وموهبته يدخل عليها بالتحسين والحليات‬ ‫ولكل طريقته وأسلوبه في أداء القطعة الواحدة وكانت تبنى األلحان على‬ ‫أساس التتراكورد أي أربعة أصوات تنحصر بينهما ثالث أبعاد وبذلك تنوعت‬ ‫المقامات عند اليونان ولكن الواضح أنهم كانوا أكثر ميًال إلى النوع األول‬ ‫(الجنس القوي) ألن ألحانهم كانت تحمل في طابعها القوة والحماسة‬ ‫والثبات كما يدعوا فالسفتهم مثل‪ :‬أفالطون واللذين كانوا ينفرون ويمنعون‬ ‫استخدام النوع الثالث (الرخو) ألن ألحانه تحمل طابع الرخاوة والضعف‬ ‫والتردد لذلك نصحوا بعدم استخدامهم ‪.‬‬ ‫التدوين‬ ‫‪10‬‬ ‫كان التدوين في اليونان يمثل الداللة على األصوات دون تحديد لقيمتها‬ ‫الزمنية والتي كان يستدل عليها من ميزان الشعر ومن كيفية تقطيع‬ ‫األلفاظ التي يتألف منها اللحن والتي ترشد المغني أو العزف إلى تحديد‬ ‫زمن األصوات فقد كانوا يستخدمون حروف الهجاء والتي يالحظ أنها كانت‬ ‫ليست جميعها يونانية فالكثير منها كان فينيقيًا دليًال على أن هذا النوع من‬ ‫التدوين لم يكن منشأه أصًال اليونان بل هو قادم من الشرق وهذا ينطبق‬ ‫على المالحظة التي سبق اإلشارة إليها بشأن اآلالت الموسيقية أيضًا‪.‬‬ ‫وتتألف الحروف المؤلفة للتدوين من ثالثة صفوف أفقية‪-:‬‬ ‫‪ )1‬الصف األول‪ -:‬مؤلف من حروف معتدلة (الوضع الطبيعي‬ ‫للحرف) ممثلة درجات السلم الطبيعي أي ما يماثل أصوات‬ ‫المفاتيح البيضاء للبيانو‪.‬‬ ‫‪ )2‬الصف الثاني‪-:‬ويكتب بنفس الحروف ولكن مستعرضة‪.‬وهي‬ ‫تمثل بذلك أصوات السلم الملون الكروماني أي إذا كان هناك‬ ‫بالسلم درجات مرفوعة ‪.#‬‬ ‫‪ )3‬الصف الثالث‪ -:‬ويكتب بالحروف مقلوبة الوضع أي معكوسة‬ ‫بالنسبة للصف األول وتمثل بذلك أصوات السلم الموسيقي‬ ‫الملون خفضًا أي ‪b‬‬ ‫وبذلك كان التدوين ال ينهض بتحديد أزمنة األصوات كما تدل عليه‬ ‫عالمات الراوند‪-‬والبالنش – والنوار كما في التدوين الحديث‪.‬وقد انتقلت‬ ‫هذه الطريقة في التدوين الموسيقي بالحروف الهجائية فيما بعد إلى‬ ‫العرب أيضًا‪.‬‬ ‫موسيقى الدولة الرومانية‬ ‫عن حضارة اإلمبراطورية الرومانية قد قامت على الحروب والفتوحات‬ ‫وهي بذلك كانت تعتمد على الماديات أما في حياتها الروحية والفنية فقد‬ ‫كانت عالة على الحضارة اليونانية في الموسيقى والشعر والتمثيل‬ ‫والنحت والتصوير ومنها استمدت األساس والنظريات والسمات التي‬ ‫تقوم عليها تلك الفنون وأن كان قد ظهر لها طابع خاص في بعض‬ ‫الفنون فأنها لم تقوى على أحدها على أن يكون لها ابتكار جديد يجعل‬ ‫لها فيه شخصية مستقلة بارزة‪.‬وبذلك ورث الرومان عن اليونان‬ ‫موسيقاهم وألحانهم وقواعدها وآالتها وان كانوا قد عجزوا عن‬ ‫المحافظة على المستوى الفني الذي بلغه اليونان‪ ,‬نظرًا ألنهم كانوا‬ ‫شعب غير موسيقي الطبع كما نزلت الموسيقى عندهم عن مستوى‬ ‫الموسيقى في اليونان فلم تعد أداة للتربية والتهذيب بل أصبحت لمجرد‬ ‫اللهو والتسلية فلم يعد الشعراء يلحنون أغانيهم بل كانوا يعمدون إلى‬ ‫الموسيقيين المحترفين ليقوموا لهم بذلك‪ ,‬كما أصبحت الدراما الالتينية‬ ‫خالية من تراتيل الجماعات واقتصرت على فرديات أي مونولوجات‬ ‫غنائية يقوم بتأديتها مغني واحد تصحبه آلة المزمار‬ ‫اآلالت الموسيقية‬ ‫عرف الرومان األنواع الثالثة من اآلالت‪-:‬‬ ‫‪ )1‬اآلالت الوترية‪ -:‬الكنارة وتلك اآللة رغم انتشارها في الممالك‬ ‫القديمة وكونها آلة محبوبة لديهم إال أنها عند الرومان كانت قليلة‬ ‫االستعمال نادرة التداول وذلك لكونها آلة دقيقة ضعيفة الصوت‬ ‫‪11‬‬ ‫بينما كانت الخطوة األولى عند الرومان آلالت النفخ فهم شعب‬ ‫محارب يحتاج إلى هذا لنوع من اآلالت في سير الجيوش وتنظيم‬ ‫خطاها ووسيلة لنقل التعليمات واألوامر واإلشارات الحربية‪.‬‬ ‫‪ )2‬آالت النفخ‪ * -:‬البوق أو النفير‪ -:‬ومنه نوعين نوع مستقيم يشبه‬ ‫البوق المصري القديم ونوع ملتوي على شكل قرن الحيوان وهو‬ ‫كبير الحجم ‪.‬بداية بفم العازف مرورًا تحت إبطه األيسر ثم يعلو‬ ‫رأسه من الخلف وتستعمل هذه اآللة بنوعيها في المعسكرات‬ ‫وأثناء الحروب‪*.‬المزمار المزدوج‪ -:‬وهو من آالت الممالك‬ ‫القديمة والتي استعارها الرومان منهم وهو يستخدم لديهم في‬ ‫مصاحبة الغناء تمامًا كما في الممالك األخرى‬ ‫‪ )3‬اآلالت اإليقاعية‪.‬‬ ‫التأليف والبحث الموسيقي‬ ‫كان الرومان ال يعنون بالموسيقى عناية اليونان بها إال انه في نهاية‬ ‫الممالك القديمة ظهر منهم علماء بالقرن الرابع ومؤلفون اشتهرت‬ ‫مصنفاتهم الموسيقية وأوسع هؤالء العلماء شهرة هو (بوثيوس) فقد‬ ‫صنف في التأليف الموسيقي خمسة كتب يرجع إليها الفضل في‬ ‫الكشف عن أسرار الموسيقى اليونانية القديمة‪.‬وكذلك معاصره‬ ‫(كاسيودوروس) بوصفه دائرة معارف واسعة فيها الكثير من المسائل‬ ‫الموسيقية‪.‬وقد بلغ من أهمية هذان المصنفات للعالمين الرومانيين أن‬ ‫أصبحت مراجع هامة عن الموسيقى لعلماء العصور الوسطى ثم‬ ‫الحديثة‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫الموسيقى في الحضارة الهندية القديمة‬ ‫تختلف الموسيقى الهندية عن الصينية واليابانية رغم وجودهم في جنوب‬ ‫شرق القارة اآلسيوية اختالفًا بينًا للبيئة وطبيعة السكان والدين والعادات‬ ‫والتقاليد وعلى الرغم من ذلك فإن الموسيقى الهندية تشارك الممالك‬ ‫القديمة صفاتها فالموسيقى ترتبط بالدين ارتباطًا وثيقًا وربما أكثر من‬ ‫األمم األخرى إذ يعتقدون أن الموسيقى هبة من اآللهة مباشرة ولها في‬ ‫ذلك أساطير قديمة بمعبودهم ساراسفاتي هو الذي منحهم آلهة (إلفينا)‬ ‫وهي في اعتقادهم أكثر اآلالت في العالم جماًال وسحرًا وكذلك فإن‬ ‫معبدوهم (ناريدا) هو المسيطر على الموسيقى والمشرف على فنونها‬ ‫وان أسطورة هندية قديمة تمثله وهو يعزف على آلة إلفينا وقد وهب‬ ‫(براهما) شعبه الهندي الموهوب في الموسيقى طائفة من األغاني‬ ‫المقدسة التي تتصل مباشرة بالعبادة والتي ترجع ألحانها إلى عصر قديم‬ ‫جدًا وهذه األلحان اإللهية هي التي يطلقون عليها اسم راجا أي اللون‪,‬‬ ‫وهي تقابل ما نعرفه نحن بالمقامات‪.‬فالهند تعتقد أن الراجات هي ألحان‬ ‫إلهية لها سحر فوق طاقة البشر وتأثير تتغلب به حتى على قواه الطبيعية‬ ‫فمنها ما يحدث نزول المطر ويحدث كسوف الشمس‪ ,‬وكما كان آللهة‬ ‫إزوريس في مصر فرقة خاصة به من أمهر الموسيقيين النابغين في‬ ‫الموسيقى‪.‬كذلك أحاط الهنود معبودهم (أندرا) بطائفة من عباقرة وأمهر‬ ‫العازفين اللذين يطلقون عليهم (جراند هارفا) ومهرة الراقصات‬ ‫ويسمونهم (الهاراسا)‪.‬وقد بلغت الراجا في عهد معبودهم (كرنشا) ‪1600‬‬ ‫راجا أي مقام ‪ ,‬وقد اختصرت تلك الراجات فيما بعد ‪ 960‬ثم إلى ‪ 36‬ثم‬ ‫إلى‪ 23‬راجا وقد جاءت مسميات إلى ‪ 36‬راجا في كثير من الكتب الهندية‬ ‫القديمة كما كان ارتباط الرقص بالدين والموسيقى وثيقًا فهناك طائفة من‬ ‫(الغير الحسان) يقدمن أنفسهن لخدمة اآللهة بالرقص في المعابد‪ ,‬وهن‬ ‫يتفرغن تمامًا لطهارة نفوسهن ويقبلن على دراسة الموسيقى والرقص‬ ‫دراسة جيدة إلرضاء اآللهة وعلى صدر كل منهم صورة لآللهة‪.‬وقد ورد‬ ‫أساطير عديدة حكايات عن ذلك كما يوجد كتاب مقدس وقد سمي‬ ‫(ناريان) يشمل قواعد الموسيقى نظمًا ومجموعة من األغاني ثم جزًء من‬ ‫اآلالت الوترية وعن الرقص غير مجموعة متعددة من أغانيهم المقدسة‬ ‫مسطرة في كتبهم القديمة عرفت أوال السلم الموسيقي الخماسي ثم‬ ‫تحول بعد ذلك إلى سلم سباعي يماثل السلم الدياتوني شائع استعماله‬ ‫اآلن وأسمائه بالهندية ‪-:‬‬ ‫(سا – رى – جا – ما – با – دا – ني )‪.‬‬ ‫تساوي (دو – ري – مي – فا – صول – ال – سي)‪.‬‬ ‫تتكرر هذه النغمات ثالث مرات‪.‬إال أن الهنود ينفردون عن العالم بتقسيم‬ ‫الديوان الواحد إلى ‪ 22‬بعدًا صغيرًا (الموسيقى العربية بها في الديوان‬ ‫‪13‬‬ ‫الواحد ‪ 24‬بعدًا)‪ ,‬والمسافات التي بين النغمات السبع األساسية ثالث‬ ‫أنواع هي ‪-:‬‬ ‫‪ )1‬كبيرة ‪ :‬تنقسم إلى أربعة أبعاد صغيرة‪.‬‬ ‫‪ )2‬متوسطة‪ :‬تنقسم إلى ثالثة أبعاد صغيرة‪.‬‬ ‫‪ )3‬صغيرة‪ :‬تنقسم إلى بعدين صغيرين‪.‬‬ ‫وواضح أن الموسيقى الهندية في نظام مقاماتها وتقسيم أبعاد ديوانها‬ ‫قريبة من الموسيقى العربية وهي مثلها موسيقى لحنية أهم عناصرها‬ ‫اللحن واإليقاع‪.‬‬ ‫اآلالت الموسيقية‬ ‫اآلالت الموسيقية الهندية قليلة منها ما يرجع إلى أصل هندي بحت‬ ‫فغالبيتها آالت أجنبية انتقلت من الممالك المجاورة لها أو التي غزت‬ ‫الهند مثل فارس وآشور سنة‪1200‬ق‪.‬م كما تغلب عليها في العصور‬ ‫األولى بعد الميالد المغول ثم العرب‪.‬وقد ظهرت أثر ذلك آالتهم‬ ‫الموسيقية أما اآللة الموسيقية الهندية البحتة هي آلة إلفينا المقدسة‬ ‫وهي اآللة األوسع انتشارًا كما أنها اآللة المفضلة للطبقة الراقية‪.‬‬ ‫صندوقها المصوت عبارة عن قصبة جوفاء طولها ثالث أقدام مركب‬ ‫عليها سبعة أوتار معدنية مثبتة على سبعة مفاتيح وعليها دساتين‬ ‫لمواضع العنق ويمكن عزف أوكتافين عليها ‪ ,‬ويستعمل العازف وهو‬ ‫جالس بضمها إلى جسمه مائلة فيدفع صدره بين نهايتها وهما صندوقيها‬ ‫المصوتين كما توجد آلة (الماجودي) وتشبه الطنبور العربي‪ ,‬ومن آالتهم‬ ‫الوترية ذات القوس آلة (سيراندا) وهي آلة أوتار من الحرير وقوسها‬ ‫بسيط أما آالت النفخ واآلالت اإليقاعية فهي في الهند كثيرة ومتعددة ال‬ ‫تخرج في مجموعتها عن الشائع استعماله في الممالك األخرى القديمة‪.‬‬ ‫موسيقى الصين القديمة‬ ‫وجدت آلة الديانة البوذية بين شعوب المنطقة من شرق آسيا والواقعة‬ ‫بين الهند والصين من المعتقدات والعادات وجعلتها تحافظ عليها آالف‬ ‫السنين دون تعديل يذكر‪ ,‬وقد بدأت الموسيقى في الصين كما بدأت‬ ‫في جميع الممالك القديمة المتحضرة متمشية مع الدين وجزًء منه‪,‬‬ ‫ًا‬ ‫فهم يعتقدون كالهنود أنها من اختراع اآللهة‪.‬والموسيقى قديمة جد في‬ ‫الصين ولكن ال يمكن تعقبها إال منذ عام ‪637‬ق‪.‬م في حياة القيصر‬ ‫(تشه يو) الذي رغب في أن تكون للموسيقى قواعد ثابتة تتبع في جميع‬ ‫بقاع اإلمبراطورية الواسعة‪,‬فأمر وزيره ليطوف البالد ويجمع ما تصل‬ ‫إليه يده من قواعد الموسيقى وقوانينها‪ ,‬وعاد بمجموعة من القوانين‬ ‫أتبعت قرونًا طويلة والصين القديم بنى موسيقاه على التوافق بين‬ ‫الكواكب وحركة األجرام السماوية واألرض وتعاقب الفصول‪ ,‬بل لينظر‬ ‫أبعد من ذلك إلى توثيق ارتباطها بحياة الدولة وحالتها العامة فكل خير‬ ‫أو شر يقع لهم هو نتيجة خلل أو خطأ ما في نظريات الموسيقى‬ ‫وترتيب وتركيب الساللم الموسيقية‪.‬ولذلك يكون كل اهتمام كل أسرة‬ ‫والتي تجئ في الحكم أن تزاول البحث في تلك العلوم على أن تهتدي‬ ‫إلى تصحيح الخطأ وذلك بأنهم يبنون أمور حياتهم على توافق األرض‬ ‫‪14‬‬ ‫والسماء‪.‬والسلم الصيني خماسيًا حتى اآلن‪ ,‬وهو أقدم من اهتدى إلى‬ ‫نغمات ذلك السلم بطريقة دائرة الخامسات‪ ,‬وقد استخرجوا سلمهم‬ ‫الخماسي باستعمال آلة المصفار وهي أنابيب مفتوحة من طرف واحد‬ ‫وإذا نفخ فيها أعطى صوتًا فإذا اشتد النفخ أعطت الجواب ثم الخامسة‪.‬‬ ‫وإذا صنعت أنبوبة جديدة أساسها هذا الصوت في األنبوبة األولى ونفخ‬ ‫فيها نفخًا عاديًا أعطت هذا األساس أما إذا نفخ فيها بشدة فإنها تعطي‬ ‫خامسته التي هي خامسة األنبوبة األولى وبنفس الطريقة وبإضافة‬ ‫أنابيب أخرى تعطي خامسة خامسة خامسة ‪...‬الخ األنبوبة األولى‬ ‫وهكذا تبنى دائرة الخامسات التي أساسها هو في العادة نوتة أو درجة‬ ‫فا أي حسب دائرة الخامسات هي‪:‬‬ ‫فا – دو – صول – ري – ال‬ ‫وترتب هذه الدوائر (دائرة الخامسات) تعطي سلم‪:‬‬ ‫فا – صول – ال – دو – ري‬ ‫وهو سلم خماسي بدون أنصاف األلوان وظل الصينيون كذلك حتى‬ ‫أسرة (ين) ‪ 1300‬ق‪.‬م حيث زادوا عليها درجتين هما‪( :‬مي – سي)‬ ‫وضموها بذلك للسلم الموسيقي الخماسي فصار سباعيًا ولكن ظل‬ ‫استعمالهم لها إضافيًا وسموها مي الموصلة‪ ,‬ثم اهتدوا بعد ذلك إلى‬ ‫أنصاف النغمات فعرفوا الديوان الموسيقي اثني عشر صوتًا يتم منهم‬ ‫تشكيل الدرجات المؤسسة للسلم كدرجات كاملة وأنصاف الدرجات‬ ‫وهي تتناسب مع الفلك فالشهور اثني عشر شهرًا وقسموا المجموعة‬ ‫إلى قسمين األولى من سنة فهي تمثل األشياء القائمة بذاتها والكاملة‬ ‫بطبيعتها(كالشمس والرجل) واألخرى أنثى فهي األشياء التي ال تستقل‬ ‫بنفسها (كالقمر والمرأة) ‪ ,‬وتعتبر عندهم درجة فا هي العالية أما (ري)‬ ‫فهي الواطنة ليس بمقياس الحدة والغلظ كما نحسبها نحن اآلن‪ ,‬ولكن‬ ‫من حيث درجة استخراجها من اآللة ووضعها عند العزف‪ ,‬وهم قد‬ ‫عرفوا أكثر من ستين سلم أو مقام خماسي تؤلف على النغمات االثني‬ ‫عشر المعروفة في الديوان الواحد بانقالبها أي (‪ ) 12*5‬وكل مقام له‬ ‫معنى واعتقاد مالزم له مرتبط بالدين أو الطب أو الفلك‪...‬الخ‪.‬فأسرة‬ ‫(شو) ‪ 249-1122‬ق‪.‬م اعتقدت أن حكمها يناسبه من العناصر الخشب‬ ‫وعلى ذلك ال تؤلف ألحانها أبدًا على سلم قراره درجة صول وهي‬ ‫التالية لنغمة فا ألنها يقابلها من العناصر المعدن وهو الذي يكسر‬ ‫الخشب وعليه فهو شؤم عليهم ‪.‬ونرى بذلك أن الصينيين يربطون بين‬ ‫الموسيقى والدولة والفلك والدين والعناصر بل واأللوان والحيوان‬ ‫واألطعمة واألجواء وأعضاء الجسم ولحالة النفسية فالنغمات الخمس‬ ‫توافق كل منها احد الجهات األصلية وأيضًا هناك ارتباط بين الفصول‬ ‫واآلالت الموسيقية وصناعتها واستعمالها وبين حركة األجرام السماوية‬ ‫واألرض‪.‬‬ ‫يو‬ ‫شنج‬ ‫كيو‬ ‫شي‬ ‫كونج‬ ‫األصوات‬ ‫ري‬ ‫دو‬ ‫ال‬ ‫صول‬ ‫فا‬ ‫ما يقابلها‬ ‫‪15‬‬ ‫شمال‬ ‫جنوب‬ ‫وسط‬ ‫غرب‬ ‫شرق‬ ‫الجهات‬ ‫ماء‬ ‫نار‬ ‫أرض‬ ‫معدن‬ ‫خشب‬ ‫العنصر‬ ‫عطارد‬ ‫المريخ‬ ‫زحل‬ ‫الزهرة‬ ‫المشتري‬ ‫الكوكب‬ ‫أسود‬ ‫أحمر‬ ‫أصفر‬ ‫أبيض‬ ‫سماوي‬ ‫اللون‬ ‫رعب‬ ‫فرح‬ ‫فكر‬ ‫حزن‬ ‫غضب‬ ‫الحالة‬ ‫النفسية‬ ‫وقد خسرت الموسيقى كبقية العلوم األخرى حين أمر اإلمبراطور (هوانج‬ ‫تي) بحرق جميع الكتب ما عدا الطب والزراعة وبذلك حرقت كتب‬ ‫الموسيقى واآلالت وحرمتنا من ذخيرة وتراث عظيم لهذه الحضارة‬ ‫القديمة‪.‬‬ ‫اآلالت الموسيقية‬ ‫اآلالت اإليقاعية‪-:‬‬ ‫‪.1‬الكنج هي أهم آلة طرق عندهم وتتألف من عدة قطع من الحجارة‬ ‫معلقة في إطار خشبي ينقر عليه بمطرقة من الخشب تتكون من‬ ‫ستة عشر قطعة مختلفة األحجام منتظمة في صفين ويصدر عن‬ ‫كل منها صوت من األثني عشر صوتًا باإلضافة إلى أربع أصوات من‬ ‫الديوان الثاني ويرجع تاريخها إلى ‪ 2300‬ق‪.‬م وكانت تصنع للملوك‬ ‫منها آالت من حجارة خاصة ومنها أيضًا آلة (بين شنج) وهي شبيهة‬ ‫بالكنج إال أنها مكونة من أجراس مختلفة الحجم وأخرى تسمى (يون‬ ‫لو)م من صفائح من النحاس‪.‬‬ ‫‪.2‬الطبل الكبير (هيوكو)‪ :‬ترجع إلى ‪1122‬ق‪.‬م وكان يستعمل في‬ ‫القصر اإلمبراطوري وكانت ضخمة الحجم وبجانبها طبلتان‬ ‫صغيرتان‪ ,‬وصوتها شبيه بصوت الرعد‪ ,‬اإلنسان الصيني يستمتع جدًا‬ ‫بسماع األصوات الغليظة التي يخرجها الضرب من هذه اآللة‪.‬‬ ‫‪.3‬الطبل الصغير (باكو)‪ :‬وهي أكثر ذيوعًا وانتشارًا وتعلق في الرقبة‬ ‫وصوتها خافت‪.‬‬ ‫‪.4‬الصنج الصيني‪ :‬يصنع من المعدن ويطرق بمطارق خشبية فيصدر‬ ‫عنه أحد أصوات السلم الموسيقي الصيني‪.‬‬ ‫‪.5‬األجراس الضخمة تصنع في أحجام كثيرة وصدر عن كل منها صوت‬ ‫من السلم الصيني وتستعمل في الحفالت الدينية والقومية ويضرب‬ ‫بها في الفرق الموسيقية مرة في كل مقطع من مقاطع اللحن‬ ‫فتكون النغمة الصادرة منها هي في العادة قرار هذا اللحن‪.‬‬ ‫‪.6‬الطبل ذو المضارب‪ :‬طبل ذو حامل مثبت فيه مضربان يدق عليها‬ ‫بتحريك هذا الحامل يمينًا ويسارًا‪.‬‬ ‫‪.7‬المروحة (تشنغ يو) ‪ :‬وهي كالمروحة تتركب من عدة قطع من‬ ‫الخشب مثبتة معًا تمسك باليد اليمنى ويدق بها على اليد اليسرى‬ ‫وتستعمل في بيان اإليقاع‪.‬‬ ‫آالت النفخ‪-:‬‬ ‫ًا‬ ‫‪.1‬التشنج‪ :‬وهي أكثر آالت النفخ انتشار ‪,‬ترجع إلى عام ‪ 2700‬ق‪.‬م‬ ‫وتعتبر أصواتها مقياسًا لضبط اآلالت األخرى‪ ,‬وهي قصبات من‬ ‫‪16‬‬ ‫الغاب مختلفة األطوال يتراوح عددها من ‪ 24-12‬قصبة‪ ,‬لكل اثنين‬ ‫منها طول واحد وهي متالصقة في شكل دائري تنتهي كلها في‬ ‫وعاء من الخشب أو الترع كمستودع للهواء‪.‬وفي نهاية كل قصبة‬ ‫لسان يحدث الهواء فيها صوتًا إذا ما أغلق ثقب موجود في جدار‬ ‫القصبة من الخارج وتركب في القاعدة اسطوانة ملتوية لينفخ منها‬ ‫العازف وبتحريك أصابعه بفتح أو إغالق الثقوب فتخرج األصوات‬ ‫المرغوبة‪.‬‬ ‫‪.2‬المصفار‪ :‬وهي قصبات أحد طرفيها مغلق ويصدر عن كل منها‬ ‫بالنفخ فيه أجد أصوات السلم‬ ‫‪.3‬الفلوت (تشي)‪ :‬وينفخ فيها من ثقب على جانبها كالفلوت الحديث‪.‬‬ ‫اآلالت الوترية ‪-:‬‬ ‫ًا‬ ‫‪.1‬الكين‪ :‬من أقدم اآلالت الصينية وأكثرها ارتباط بالمعتقدات الدينية‬ ‫وينسبون اختراعها إلى فوهي باعث الدين فهي آلة مقدسة تزعج‬ ‫(الشي) وتطهر القلب والبدن وهي في أبعادها وعدد أوتارها‬ ‫وشكلها وطولها ‪ 3,66‬قدم وهي عدد أيام السنة وأوتارها عددها‬ ‫خمسة مع عدد العناصر الخمسة السابق ذكرها وسطها العلوي‬ ‫مقوس كاألفق وقاعدتها مسطحة كاألرض خاضعة لنواميس‬ ‫الطبيعة وهي تستعمل فقط من الطبقة الراقية وقليل من يجيد‬ ‫العزف عليها لصعوبتها‪.‬‬ ‫‪.2‬الشي‪ :‬ومعناها العجيب وهي كالقانون مركب عليها خمسة‬ ‫وعشرون وترًا ويالزم الشي دائمًا عازف الطبلة الصغيرة البوفو‬ ‫ويستعمل االثنان معًا لمصاحبة الغناء األول لتقوية اللحن واآلخر‬ ‫لتقوية اإليقاع ويبدو أن عازفي هذه اآللة هي وآلة الكين كانوا من‬ ‫العميان كما هو متبعًا في الممالك القديمة كما في مصر أيضًا في‬ ‫عازفي الصنج والكنارة المصرية وقد يقال أن العازفين فقط‬ ‫يغمضون أعينهم أثناء العزف لئال يشوه عليهم شيء العالم‬ ‫الخارجي‪.‬‬ ‫ًا‬ ‫‪.3‬كما يوجد أيض القانون والعود الصيني‪.‬‬ ‫أما الفرق الصينية فكانت مكونة من‪-:‬‬ ‫إلى اليمين‪ :‬الجرس الكبير ثم ضارب المروحة ثم عازف المصفار ثم‬ ‫عازف الشي‪.‬‬ ‫إلى اليسار عازف الطبل ثم الطبل ذو المضارب ثم عازف المزمار ثم‬ ‫الفلوت وخلفهما منضدة عليها الشموع والزهور‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫تاريخ الموسيقى في العصور الوسطى‬ ‫قبل الحديث عن الحضارة الموسيقية األوروبية بدأت تتشكل مالمحها‬ ‫وخطوطها مع بداية العصور الوسطى ال بد من إعادة الحديث باختصار عن‬ ‫موسيقى الحضارات القديمة والتي ساهمت في وضع جذور الموسيقى‬ ‫األوروبية التي بدأت من حيث انتهت إليه موسيقى تلك الحضارات‪.‬وبينما‬ ‫كان للحضارة الموسيقية القديمة الفضل على الموسيقى اليونانية‬ ‫القديمة كان فضل العرب على اليونان وعلى الحضارة األوروبية الحديثة‬ ‫أيضًا حيث كانت علوم العرب وترجماتهم ومؤلفاتهم هي القاعدة التي‬ ‫ارتكزوا عليها في جميع أفرع العلوم والبحوث المختلفة ومنها الموسيقى‬ ‫ونظرياتها في التركيب وأيضًا في تعدد التصويت الذي صار فيما بعد هو‬ ‫الطابع المميز للموسيقى األوروبية كما هو معرف اآلن‪.‬كما سنحاول‬ ‫اإلشارة إلى أوجه التشابه والتناقض فيها بين خصائص ومقومات موسيقى‬ ‫الحضارات القديمة وخصوصًا الشرقية والحضارة األوروبية في مطلع‬ ‫العصور الوسطى أي حتى علم ألف ميالدية التي تتضح في اآلتي‪:‬‬ ‫أوًال‪ :‬ال بد أن يتصرف المؤلف أو المؤدي في الموسيقى الشرقية في‬ ‫نطاق نماذج لحنية معينة ومحددة ومعروفة تدور في خاللها األلحان وهذه‬ ‫النماذج كانت تعرف بما يسمى اآلن بالمقامات أو الراجات حيث تستمد‬ ‫األلحان شخصيتها المميزة في الشكل والتركيب السلمي للمقام أو الراجا‬ ‫هذا إلى جانب تحديد السرعة أحيانًا واتجاه الحركة اللحنية وحيزها‬ ‫ووضعها وطبقتها الصوتية بل وإلى تحديد بعض المالمح واللفتات اللحنية‬ ‫الخاصة التي تعطي تأثيرًا عاطفيًا ووجدانيًا معينًا وبذلك يرتبط كل مقام أو‬ ‫راجا بلون وطابع خاص ومعين وإحساس يتقيد به المؤلف حسب لحالة‬ ‫النفسية أو طبيعة النص حيث كانت القصائد الشعرية يحدد معها النماذج‬ ‫التي ينبغي استعمالها في تلحين تلك القصائد إذا ما أريد تلحينها أيضًا على‬ ‫جانب النموذج اإليقاعي المناسب والمطلوب لكل قصيدة‪.‬أما في‬ ‫الموسيقى الغربية فالمؤلف يبتكر ألحانًا ذات شخصية مستقلة حسب ما‬ ‫يراه هو وما يحس به دون االلتزام بذلك النوع من النماذج المحددة والتي‬ ‫يجب أال يخرج عنها‪.‬هذا على جانب عوامل أخرى غير القيمة اللحنية‬ ‫الميلودية يجب مراعاتها مثل أسلوب األداء وطابعه ونوعه ونوعية‬ ‫المؤدي‪.‬ولكن ال بد من اإلشارة هنا أن الغرب استخدم أيضًا في بداية‬ ‫أسلوب النماذج الشرقي السابق اإلشارة إليه والذي يعتمد على تجميع‬ ‫عددًا من النماذج والجزيئات اللحنية‪ ,‬وهذا األسلوب ترك آثاره في‬ ‫األناشيد والتراتيل الكنيسية في المذاهب المختلفة‪.‬‬ ‫‪18‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬وقد خضع اإليقاع أيضًا في الحضارات القديمة المصرية واآلشورية‬ ‫والبابلية واليونانية والرومانية ألسلوب النماذج اإليقاعية القائم على‬ ‫الضروب التي تعتمد في تركيبها على القياس الكمي كما في الشعر والذي‬ ‫يبرز ويشكل العالقة والتقابل بين الطول والقصر وقائم على التكوين أو‬ ‫الشكل أو الجملة اإليقاعية المتكررة وليس على أسلوب الوحدات‬ ‫المتساوية التي يحددها ويؤكدها مواضع النبر والضغط القوي والضعيف‬ ‫كما في األسلوب األوروبي النوعي ففي الموسيقى الشرقية يكون نموذج‬ ‫مكون من عشر وحدات هو تركيب من ثالثة نماذج صغيرة هي(‪)3+4+3‬‬ ‫ويتكرر النموذج الكبير طوال القطعة كما أن القطعة تسمى باسم هذا‬ ‫النموذج اإليقاعي(الضرب) إلى جانب اسم النموذج اللحني مثل (سماعي‬ ‫نهاوند لفالن)‪.‬‬ ‫ثالثًا‪:‬أما عن التدوين فله في الشرق صور بسيطة مختلفة مهدت إلى‬ ‫ًا‬ ‫توصل الغرب إلى طريقة التدوين الموسيقي المعروفة اآلن ومنها‪:‬‬ ‫‪.1‬التدوين الجماعي( ايدينوتيك) ‪ :‬وفيها يدل شكًال أو حرف أو عالمة‬ ‫أو رمز معين على مجموعة كاملة من النوتات أو جزء لحني من‬ ‫نموذج معين معروف ومحدد وبالتالي فإن عدة أشكال أو عالمات‬ ‫مجتمعة تعطي بالتالي نموذج لحني أو لحن كامل‪.‬‬ ‫‪.2‬التدوين بالرموز أو اإلشارات(النيومس) وهي إشارات تدل على‬ ‫الحركة اللحنية مثل أعلى ثم أسفل – أعلى – أسفل ‪...‬الخ دون‬ ‫الداللة على الطبقة الصوتية وقيمتها الزمنية وقد استعملت هذه‬ ‫الطريقة في أوائل العصور الوسطى في أوروبا‪.‬‬ ‫‪.3‬تدوين الطبقة الصوتية‪ :‬وهي على عكس ما سبق وفيها يكون‬ ‫االهتمام بالداللة على الدرجات الصوتية وتوضع لكل درجة من‬ ‫اللحن أو المقام عالمة خاصة ترمز إليها وكانت في الغالب حرفًا‬ ‫من الحروف الهجائية ومن المالحظ أن هذه الطريقة ال تهتم‬ ‫بالقيمة الزمنية للدرجات وقد استخدمت هذه الطريقة أكثر في‬ ‫الهند وفي الشرق األقصى‪.‬‬ ‫‪.4‬التدوين الجدولي (التابالتورا)‪ :‬وهي تدوين يبين مواضع العزف‬ ‫على اآللة الوترية واإلصبع الذي يقوم بذلك‪ ,‬وهذه الطريقة ال تهتم‬ ‫أيضًا بالطبقة الصوتي المحددة والقيمة الزمنية وقد عرفت هذه‬ ‫الطريقة عند الغرب وفي أوروبا في وقت متقارب‪.‬أما التدوين‬ ‫على المدرج الموسيقي بالخطوط المتوازية الذي بدأ التوصل إلى‬ ‫بداياتها األولى في أوروبا حوالي سنة ألف ميالدية‪ ,‬فلم يعرفه‬ ‫الشرق ونقل أخيرًا عن الغرب‪.‬والذي يمكن به تحديد الدرج‬ ‫والطبقة الصوتية والقيمة الزمنية لكل وحدة إلى جانب إيقاع‬ ‫القطعة ثم السرعة المطلوبة وكذلك األداء‪.‬‬ ‫رابعا (االالت الموسيقية)‪:‬‬ ‫إن أهم ما يلفت النظر ه––و انع––دام وج––ود اآلالت لوح––ات المف––اتيح في في‬ ‫الش––رق حيث انه––اال مع––نى لوجوده––ا ال––ذي يعتم––د على البوليفوني––ه في‬ ‫‪19‬‬ ‫حضارات أسست أصال على القيم المونوفونيه لأللح––ان ‪.‬وان وج––دت ه––ذه‬ ‫اآلالت ف––ان اس––تعمالها يك––ون بنفس القيم––ة المونوفوني––ه دون اس––تخدامها‬ ‫بطبيعتها األصلية وذلك الببانوذ واالكتافات المفرغة (في الع–زف الع–ربي او‬ ‫البلدي المعروف) او النوتة المفردة الطويلة الهارمونيوم الهندي‪.‬‬ ‫اما اآلالت النفخ فلها في الشرق ما يتفق مع طابع الشرقيين الهادئ المرن‬ ‫بعيدا عن صرامة التمسك بدفة الساللم الموسيقية وتحديد ذبذباتها حس–ابيا‬ ‫(أي الس––لم المع––دل) فالع––دد الكب––ير من الناي––ات والمزام––ير المعروف––ة‬ ‫والموجودة حتى االن بشكلها الب––دائي تقويه––ا مفتوح––ة تخ––رج نوت––ا طبيعي––ة‬ ‫حسب هوى صانع اآللة او العازف لذلك نجد ان العازف يحتفظ بعدة اآلالت‬ ‫لكل اله طابعتها ولونها و طبقتها ومقامها وكذلك فان البوقات والطرمب––ات‬ ‫النحاس––ية والخش––بية هي اآلالت طبيعي––ة ليس له––ا مف––اتيح او ص––مامات او‬ ‫زالقات محددة وتخ––رج درج––ات ص––وتية مح––ددة حس––ابيا وال يمكن للع––ازف‬ ‫رفعها او خفضها حسب هواه ولنفس السبب نجد ان االالت الوتري––ة ت––ركت‬ ‫ايضا بال دساتين او مواضيع محددة للعفق حتى يس––تطيع االص––بع ان ي––نزلق‬ ‫بحرية على رقبة االلة ‪ ،‬وله––ذا نج––د ان––ه عن––د م––ا انتق––ل الع––ود الع––ربي عن‬ ‫طريق اسبانيا الى أوروبا أصبح هن––اك ولف––ترة م––ا ال––ة رئيس––ية حينئ––ذ فق––د‬ ‫زودوه في الحال بدساتين معدنية تحدد وتثبت موض––وع العف––ق ‪,‬ام––ا االالت‬ ‫ذات الدساتين االصلية مثل الة الغينا الهندية والة الكونو الياباني––ة تج––د انه––ا‬ ‫متحركة وقابلة لتغيير موضعها تحت الوتر حس––ب الطلب (وحس––ب ت––رتيب‬ ‫ولون وطابع المقام او الراجا او السلم المطلوب ‪،‬ام––ا اآلالت الوتري––ة ذات‬ ‫القوس التي هي نابعة من اصل ش––رقي اس––بوعي فلم تعرفه––ا اوروب––ا الى‬ ‫في فترة متاخرة عن الش–رق نس–بيا ه–ذه اآلالت الوتري–ة الش–رقية الت–زال‬ ‫وحتى االن مختلفة جدا عما وصل آلية آلة الفيولينة الغربية (الكم––ان) على‬ ‫–ا من الرق––ة والمه––ارة‬ ‫عكس االت النبر فقد بلغت في الشرق ق––درا عظيم– ً‬ ‫في العزف عنها في اآلالت من نفس الفصيلة في أوروبا‪.‬‬ ‫وآالت الطرق فمنه–ا في الش–رق ع–ددا م––ذهال من اآلالت االيديوفوني––ة (اي‬ ‫اآلالت ذاتية التصويت والتي التعتمد على عامل مساعد آخر إلخراج ص––وت‬ ‫منه––ا) وهي تص––نع من الخش––ب أو الخ––يزران أو الحج––ارة أو الزج––اج أو‬ ‫المعادن ومنها يصدر الصوت يصدر بواسطة الق–رع أو اله–ز أو االحتك–اك أو‬ ‫الطرق‪.‬وقد استعار الغرب كثيرا من هذه اآلالت والتي أطل––ق عليه––ا خط––ا‬ ‫اآلالت اإليقاعي––ة أو آالت النق––ر ذل––ك مث––ل األج––راس والج––ونج والكاس––ات‬ ‫االكسيليفون والميتالفون‪ ،‬هذا إلى جانب الطبول ال–تي يتم عزفه–ا بالي––د أو‬ ‫بالعصي الصغيرة والتي بلغت في الشرق مرتبة الكم––ال من حيث الص––نعة‬ ‫ولون الص––وت وتعقي––د اإليقاع––ات خصوص––ا في الهن––د والبالد العربي––ة فيم––ا‬ ‫عجزت أوروبا وأمريكا عن ذلك طبولها التي تعزف بالعصي فقت‪.‬‬ ‫إن النم–اذج اللحني––ة والض––روب اإليقاعي––ة والمقام––ات والس–اللم والنغم–ات‬ ‫المفردة كذلك اآلالت الموسيقية نفسها فلها في الشرق أيض––ا أهمي––ه أك––ثر‬ ‫من مجرد الصفات الفنية والجمالية‪ ،‬فهي تمثل الصفة الدقيقة ال––تي ترب––ط‬ ‫اإلنسان الش––رقي بق––وى أخ––رى مختلف––ة متحكم––ة في––ه لص––الحة أو لض––ده‪.‬‬ ‫فالصوت عندهم له قوة ليس––ت مح––دودة وليس––ت مقبول––ة الن مجاله––ا ه––و‬ ‫اإلحس––اس والوج––دان والمش––اعر ل––ذلك فه––و يث––ير مش––اعر وجداني––ة مث––ل‬ ‫الطمأنين––ة أو القل––ق أو ال––رعب وال يمكن حس––ابها مادي––ا ك––األمور األخ––رى‬ ‫‪20‬‬ ‫الملموسة ‪ ،‬أو المرئية التي ينتجها أو يصنعها اإلنس––ان بنفس––ه‪ ،‬وعلى ذل––ك‬ ‫فان للموسيقى دور في السحر والطقوس في المعتقدات الش––رقية وه––ذا‬ ‫ما جعلها تربط جميعها باألديان‪ ،‬في بدايتها كما ارتبطت بالكونيات وااللوان‬ ‫والظواهر‪....‬الخ‪.‬وأصبح لكل وقت ول–ون وعنص–ر وحي–وان وجنس راج–ا او‬ ‫مقام معين يناسبه‪.‬‬ ‫أما في العصور الحديثة فق––د تخلص –ت تقريب––ا من تل––ك المرحل––ة الس––حرية‬ ‫ونصف الس––حرية إلى المرحل––ة الجمالي––ة ال––تي ته––دف إلى الط––رب ماع––دا‬ ‫نوعيات من األلحان الدينية لذلك تبدو الموس––يقى الش––رقية مه––داة للنفس‬ ‫باعثة على الطمأنينة‪.‬‬ ‫قصة التدوين‬ ‫كان لإلغريق الفصل في ابتكار نوع من أنواع التدوين يتلخص في استخدام‬ ‫الح––روف األبجدي––ة اإلغريقي––ة وذل––ك بت––دوين ك––ل ص––وت بح––رفين مختلفين‬ ‫احدهما لآلالت واألخر لألصوات البشرية‪ ،‬ولم يكن لها بالطبع م––دلوال زمني––ا‬ ‫أيضا بال تحديد للطبقة الصوتية المعينة للصوت الواحد فهي مج––رد طريق––ة‬ ‫للدالل––ة على طبق––ة ص––وتية معين––ة تق––اس بالنس––بة لألص––وات األخ––رى في‬ ‫الجنس الواحد‪.‬أما التدوين الكروماتي فيكون بتغير وضع الحرف بان يك––ون‬ ‫مقلوبا او معكوسا واذا تعذر الداللة على هذا التدوين باجراء معروف يكون‬ ‫بشكل آخر يتفق عليه وقد واجهت الموسيقى الكنسية في البداية مش––كلة‬ ‫تذكر موسيقى والحان التراتي––ل والح––ان حين بلغت من الض––خامة والك––ثرة‬ ‫قدرا أصبحت تنوء به ال––ذاكرة في حين ان––ه ظلت بقاي––ا الت––دوين اإلغ––ريقي‬ ‫متداول––ة ح––تى الق––رن الراب––ع ثم اختلفت تمام––ا وت––دريجيا بع––د أن اس –يىء‬ ‫اس––تخدامها وفهمه––ا ل––ذلك ك––ان الب––د من العث––ور على ح––ل عملي له––ذه‬ ‫المشكلة بحيث يك––ون كافي––ا بق––در اإلمك––ان للدالل––ة على الدرج––ة الص––وتية‬ ‫والطبقة والقيمة الزمنية وبالتدريج بدأ يتكون نظامان أو طريقتان للت––دوين‬ ‫ليساهما في معاونة الذاكرة الموسيقية‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬التدوين الهجائي‪:‬‬ ‫وهذا األسلوب يعتبر امتدادا مباشرا لطريقة التدوين اإلغريقي القديم ولكن‬ ‫استخدمت فيه الحروف الهجائية الالتينية مع االرتباط بالة المونوكورد (ال––ه‬ ‫موسيقية بسيطة منوتر واح––د مش––دد على ص––ندوق مص––وت بس––يط يرج––ع‬ ‫أصلها إلى عهد فيث–اغورث) وك–ان هن–اك تقلي–د متع–ارف علي–ه فيم–ا يختص‬ ‫بطول هذا الوتر وحجمه‪ ،‬والثقل الذي يجب أن يشد به مم––ا اعطى فرص––ه‬ ‫لالتفاق على طبقة محدودة اصطلح عليها ‪.‬ولم يحدث خالل آالف عام التي‬ ‫استخدمت فيه هذه اآللة لتنظيم الطبقة الصوتية ان تعدي النظام الص––وتي‬ ‫اصوات النظام المعتاد للصوت البشري او نطاق األلحان البسيطة حينئذ‪.‬‬ ‫وقد أعطى مونيوس(‪525-470‬م) تدوينا مم––اثال للت––دوين اإلغ––ريقي ولكن––ه‬ ‫يختلف عنة في اس––تخدامه للح––روف الالتيني––ة الى ج––انب ان––ة ك––ان وس––يلة‬ ‫لتحديد الطبقة الصوتية مرتبطا باله المونوكورد ال––وتر الكام––ل يض––بط على‬ ‫الدرجة المفروضة وهي تعادل صوت درجة (ال) المعروضة حاليا وكان يرمز‬ ‫‪21‬‬ ‫لها بالحرف ‪ a‬ويقسم الوتر نصفه يعطي الجواب ويسمى الصوت الوسيط‬ ‫ورمز له‪.‬‬ ‫بالحرف ‪ o ،3/4‬الوتر للدرجة الرابعة ‪ 2/3 ،‬الوتر للدرجة الخامسة وهكذا‪.‬‬ ‫ولكن هذه الطريقة لم تكن عملية أو دقيق––ة لك––ثرة الح––روف المس––تخدمة‬ ‫وألنها لم تكن تحدد اال اسم الدرجة دون قيمتها الزمنية وفي القرن السابع‬ ‫اختصرت الحروف هذه من‪15‬الى ‪7‬س––بعة فق––ط تكتب ب––الحروف الكب––يرة‬ ‫في االوكتاف األول وبالصغيرة في االوكتاف الثاني صعودا‪.‬‬ ‫‪A-B-C-D-E-F-G = a-b-c-d-e-f-g‬‬ ‫وهو ما يقابل اآلن الدرجات التالية بنفس الترتيب صعودا‬ ‫‪La-si-do-re-mi-fa-sol-la‬‬ ‫وقد أضيفت تحت الدرجة األساسية المفروض––ة ‪ A‬ص––وت جدي––د يرم––ز ل––ه‬ ‫باالسم الالتيني‬ ‫(‪ )gamma‬ومنها جاء االسم االنجليزي القديم للسلم (‪ )gamut‬والفرنس––ية (‬ ‫‪ )gamme‬أي سلم أيضا ‪ ،‬وقد اختص––ر ه––ذا االس–م وأص––بح يرم––ز ل––ه فق––ط‬ ‫بالحرف الالتيني ‪.G‬‬ ‫ثانيا‪:‬التدوين(بالنيومس) ‪:Neumes‬‬ ‫بينما كانت تدور المحاوالت لتطوير األسلوب الهجائي السابق اإلشارة إلي––ة‬ ‫‪،‬تبلور هذا األسلوب الجديد واخذ يتط––ور في نفس ال––وقت ح––تى أنهم––ا ظال‬ ‫يستعمالن معا جنبا الى جنب وطريقة التدوين بالنيومس هذه القت انتشارا‬ ‫كب––يرا واق–ترن اس––تعمالها بالغن––اء البس–يط وه–ذا االس––لوب لم يتوص–ل الن‬ ‫المعرف––ة الدقيق––ة للت––اريخ ال––ذي اق––ترع في––ه ‪ ،‬ول––ه مج––اال واس––عا للبحث‬ ‫والدراسة حتى أصبح من الممكن استعماله وفهمه دون التواصل لمص––دره‬ ‫علما بأنه من المرجح أن يكون واردا‪ ،‬ومتطورا عن الشرق‪.‬‬ ‫وطريقة التدوين بالنيومس اي بالرموز (النيومس تعبير م––اخوذ عن الكلم––ة‬ ‫اليونانية –نيوما –‪ neuma‬ومعناها إيماءه او اشارة هي اسلوب يبدوا انة ق––د‬ ‫تطور نتيجة كمصدرين أولهما‪:‬إش––ارات الض––غوط بكلم––ات عرفه––ا وح––ددها‬ ‫علماء اللغة واللغويون والتي كانت تدور فوق اسطر الشعر كمعرفة مك––ان‬ ‫الض––غوط حس––ب قواع––د التقطي––ع العروض––ي‪،‬ام––ا المص––در الث––اني فه––و‬ ‫(الخيرونوميا) ‪ chironomy‬التي عرفه–ا واس–تخدمها ق–ادة وم–دربي جماع–ة‬ ‫المنشدين الرشادهم الى سير الخط اللح––ني وذل––ك باس––تخدامهم اش––ارات‬ ‫معينه باليد االص–ابع وق–د ك–ان ذل–ك من االساس–يات ال–تي ش–كلت طريق–ة‬ ‫التدوين بالنيومس التي نلخص امثلتها فيما يلي ‪-:‬‬ ‫نيوما لصوت واحد( ‪ ) /‬الحادة ‪ ) \ ( ، acotus‬المنخفضة ‪ - gravis‬نوتة‬ ‫واحد طويلة ‪ ، virga‬نوتة قصيره ‪ punctum‬نيوما لصوتين خفيفة

Use Quizgecko on...
Browser
Browser