لغة عربية (أدب وبلاغه) الفصل األول - جامعة الزقازيق PDF
Document Details
Uploaded by UnbiasedCrimson9065
جامعة الزقازيق
Tags
Summary
This document is a lecture or chapter about Arabic literature and its importance. It discusses the significance of Arabic literature in terms of language mastery and cultural impact. The document further explores different methods of teaching Arabic literature, including the historical approach.
Full Transcript
كلية التربيـة النوعـيـة وحدة تقويم األداء وضمان الجودة الرؤيـة VISION انطالقا من رؤية التعليم المصري ورسالته وقيمته األساسية ت...
كلية التربيـة النوعـيـة وحدة تقويم األداء وضمان الجودة الرؤيـة VISION انطالقا من رؤية التعليم المصري ورسالته وقيمته األساسية تتحدد رؤية كلية التربية النوعية جامعة الزقازيق في أنها مؤسسة تربوية أكاديمية نوعية تعمل على ترقية المعرفة التربوية وتطبيقاتها لخدمة المجتمع والعالم ،وتشكيل عالم التعليم والتعلم ،ومن ثم فإنها تعمل على تطوير التعليم على كافة المستويات سواء في ذلك التعليم قبل الجامعي أو التعليم العالي ،بما يحقق تنمية بشرية مجتمعية شاملة ومستدامة للمجتمع المصري مع التأكيد على المخرجات اإلبداعية للعملية التربوية بما يخدم سوق العمل ،ويكون له مردود اجتماعي وتنموي واقتصادي, كلية التربية النوعية وحدة تقويم األداء وضمان الجودة الرسالة MISSION تتحدد رسالة كلية التربية النوعية جامعة الزقازيق في إعداد المعلم النوعي المبدع وأخصائي تكنولوجيا التعليم والصحافة والمسرح المدرسي المبتكر والقادر على التنافس في سوق العمل، باإلضافة إلى تقديم الخدمات البحثية والتدريبية واالستشارية المتخصصة في مجال عمل الكلية لمؤسسات المجتمع المختلفة ،بما يسهم في حل مشكالت المجتمع وتنمية واتخاذ اإلجراءات المطلوبة؛ لتكوين الكوادر التربوية النوعية المختلفة وتطوير التعليم على كافة المستويات بالتعاون مع كليات الجامعة ووزارة المعنية بالتربية النوعية.التربية والتعليم والمدارس العامة والخاصة والوزارات والهيئات األخرى الفصل األول تدريس األدب العربي أهمية تدريس األدب العربي لألدب أهمية متميزة بين فروع اللغة العربية الموجودة بين األدب واللغة من جهة وبين األدب والحياة من جهة أخرى ،فالصلة بين اللغة واألدب تتجلى في كون األدب ضروريا ً لحصول الملكة اللسانية فابن خلدون المتوفى سنة ( ٨٠٨ه) يرى أن الملكة اللسانية تحصل بالحفظ والسماع المستمرين ،والمحاكاة الدائمة لكالم العرب القديم ،سواء أكان جاريا ً على أساليبهم من القرآن الكريم والحديث أم حادثا ً به قرائح فحول العرب في سائر فنونهم الشعرية والنثرية واالرتواء منه والنسج على منواله فإنه على قدر المحفوظ وكثرة االستعمال تكون جودة العقل المصنوع نظما ً ونثراً ،وصلة األدب والحياة تكمن في كون األدب نقداً للحياة وتوجيها ً لها ،وأن دراسته دراسة لإلنسانية نفسها في أجلى معانيها واألدب عماد مرصوص لحفظ كيان اللغة وما بقيت اللغة محفوظة يبقى كيان األمة رصينا ً ،وإذا انهار كيان اللغة تنهاراألمة بدداً ال يجمعها شيء. وتتجلى أهمية األدب أيضا ً بما فيه من أثر في إعداد النفس وتكوين الشخصية وتوجيه السلوك اإلنساني ،وتهذيب الوجدان وتصفية الشعور وصقل الذوق وإرهاف اإلحساس ،وتغذية الروح، فهو يعد سياحة جميلة ومتعة وثقافة وت ربية وأنه يحدث في نفس قارئه وسامعه لذة فنية ،فهو ذو سلطان واضح على النفوس وله آثاره الظاهرة على أحداث التاريخ لما فيه من روح التوجيه والتحفيز واإلثارة والقيم الروحية واألخالقية والوطنية واإلنسانية ،وكانت أغلب كلماته نوراً هاديا ً مشت به اإلنسانية لمحاربة البؤس والشقاء ألنه صوت العقل والرشاد ودرسه من الدروس المهمة ذات المتعة ، ففيه يستنشق الطلبة نسمات الحرية والرأي ويتيح لهم الفرصة لكي يخففوا من أثقال المادة العلمية الجامدة التي تعتمد على القوانين والتمارين ،فاألدب كشف للنوازع البشرية والطبائع اإلنسانية التي تتمثل في إنتاج يرى اإلنسان فيه حياته ووجوده ويتلمس بين جنباته أنواع المتع فضالً عن حفظ النُصوص األدبية التي توسع الذوق األدبي وتوسع الخيال وتنمي القدرة على النطق الجيد والتعبير الصحيح ،واإلنسان العربي مثالً يحتاج إلى االستشهاد باآليات الكريمة واألحاديث الشريفة والشعر البليغ والبيان الساحر ،وكتابه يرتبط بتدريس مادة تهدف إلى تنمية الذوق األدبي وإرهافه إلدراك الجمال الفني والجالل البياني والى تربية الملكة األدبية لغرض حصول القدرة على التعبير المؤثر. تعريف األدب لغة :جاء في لسان العرب أدب معناه :ا ألدب الذي يتأدب فيه األديب من الناس سمي أدبا ً ألنه يأدب الناس إلى المحامد ،وينهاهم عن المقابح ،وأصل األدب الدعاء ،واألدب ،أدب النفس والدرس. أما في االصطالح :فقد عرف األدب بأنه مأثور الكالم نظما ً ونثراً ،أو هو الكالم اإلنساني البليغ الذي يقصد به التأثير في عواطف القراء والسامعين أو في عقولهم سواء أكان منظوما ً أو منثوراً ،أو هو من الفنون الرفيعة الذي تصاغ فيه المعاني في قوالب من اللغة فيه جمال وفيه متعة ،وله سحر قوي األثر في النفوس. ولألدب أهمية متميزة بين فروع اللغة العربية للصلة الموجودة بين األدب واللغة من جهة وبين األدب والحياة من جهة أخرى ،فالصلة بين اللغة واألدب تتجلى في كون األدب ضروريا ً لحصول الملكة اللسانية ،ويرى ابن خلدون أن الملكة اللسانية تحصل بالحفظ والسماع المستمرين والمحاكاة الدائمة لكالم العرب القديم سواء أكان جاريا ً على أساليبهم في القرآن والحديث ،أم حادثا ً به قرائح فحول العرب في سائر فنونهم الشعرية والنثرية واالرتواء منه والنسج على منواله ،إذ يقول ( :وعلى قدر المحفوظ وكثرة ) االستعمال تكون جودة المقول المصنوع نظما ً ونثراً وينقسم األدب إلى قسمين: - األول :أدب إنشائي :وهو كل ما تجود به من قريحة الشعراء والكتاب من شعر ونثر. الثاني :أدب وصفي :وهو ما يسمى بالنقد األدبي وتاريخ األدب. أما خطوات الدراسة األدبية فتمر بثالث مراحل هي:- أ.فهم النص. ب.تذوق النص. ج.الحكم على النص أو تقويم النص. وفي جميع هذه المراحل يمكن تطبيقها على ما يأتي:- . ١دراسة جو النص :وتضم جانبين:- األول :حياة كاتب النص أو ناظم القصيدة ،ويجب التعرض إلى ماله عالقة بالنص وعدم التركيز كثيراً على الجوانب األخرى الثاني :السبب الذي كتب فيه النص أو المناسبة أو غير ذلك ،ويجب أال يكون الكالم فيها كثيراً أو يكتفي ب ذكر أسطر قليلة حولها. . ٢أفكار النص :ويجب تجريد األفكار الرئيسة في النص وجمع األفكار الهامة في مجموعات ، ثالثة أوأربعة توجز تلك األفكار. . ٣شرح النص :بذكر الكلمات المترادفة أو القريبة لكلمات النص ويجب أن تكون أسهل منها واالهتمام باالختصار غير المخل وبدون الخروج عن األهداف الرئيسة للنص. . ٤نقد النص :ويناقش المعلم األفكار الجانبية أو الجزئية للنص ماراً ببعض األفكار منها: أ.مصادر فكرة النص. ب.أهميتها وأهمية النص. ج.ترتيب األفكار الخاصة بالنص وفيما إذا كانت متناسقة. د.حداثة الفكرة من تقليدها ( أي بيان مدى حداثة الفكر هـ.هل تتوافق الفكرة مع الواقع أم أنها غير صحيحة . ٥التأثير في الدارس: وتبين مدى التأثر والنجاح للنص في كسب تأييد الطالب او القارئ مع بيان العاطفة المتبادلة ودورها ومدى تأثير النص في زيادة العاطفة والتعاطف مع كاتب النص ،يتبين في ذلك مدى صدق الفكرة وكذلك نقد الفكرة في بيان ما إذا كانت لها قيمة ما. . ٦النقد الجمالي للنص: وذلك باستعراض الصور الفنية التي استخدمها كاتب النص وذلك ببيان ما فيه من تشبيه او سواء أكانت تصريحية أو مكنية ،وفيما إذا تظهر فيه صورة الكناية والمجازات المرسلة والعقلية وغير ذلك. أما الخطوات التي يمر بها األثر األدبي فهي:- الخطوة األولى :وجود المثير الذي يشد األديب ويجعله منفعالً. الخطوة الثانية :تكوين الخبرة وتتحدد بالصورة التي تتكون في النفس فتشغل الفكر والذاكرة واالحساسات المختلفة ويجمعها العقل فتكون صورة نفسية. الخطوة الثالثة :اختيار األديب للكلمات والمفردات والصور. الخطوة الرابعة :أن يجعل الرموز األدبية تؤدي وظيفتها وتقرب من تمثيل الفكرة والنص. فبهذه الخطوات يكون األديب جاهزاً لنقل الشيء الكبير والجديد إلى اآلخر ،وتصبح لديه القدرة على استعمال ( اللغة ) لتمثيل خبرته ،وعلى األديب أن ينقل خبرته إلى اآلخرين بعد أن تكون لديه قدرة كبيرة على استعمال اللغة لنقل هذه الخبرة. طرق تدريس االدب العربي إن هناك جملة طرق لدراسة تاريخ األدب ومنها:- . ١طريقة العصور :وهي الطريقة السائدة في تدريس األدب العربي في غالبية البلدان العربية ، وتستثني بلدان عربية محدودة تهتم باألدب الحديث) ،أما عصوره التي اتفق المؤرخون األدباء عليها فهي:- أ.العصر الجاهلي :فترة ما قبل اإلسالم والمنتهية بظهوره ،يصعب تحديد بدايته ،وربما قرنين قبل ظهور اإلسالم ( الفترة التي بدأنا نتلمس فيها ظهور األدب. ب.العصر اإلسالمي :ويبدأ منذ ظهور النبي ( صلى هلل عليه وسلم ) وابتداء البعثة النبوية وتشمل . ١فترة صدر اإلسالم التي تبدأ بالبعثة وتنتهي بنهاية عصر الراشدين. ) ١٣٢هــ – ). .٢العصر األموي ( )٤٠ )٦٥٦هـ ( ) ١٢٥٦م، ويدرس هذا العصر بفترتين .٣ - -:العصر العباسي( )١٣٢ األولى :التي ابتدأت بخالفة ابي العباس السفاح سنة ١٣٢ه والمنتهية في عام ٢٣٢هـ. الثانية :تبتدئ بخالفة المتوكل ٢٣٢ه وتنتهي عام ٦٥٦ه. ويقسم هذا العصر حسب هؤالء المؤرخين أو تقسمه جماعة أخرى إلى ثالثة عصور أو اربعة، إذ تفككت الدولة العباسية وصارت فيها دوي الت.المهم أن الدولة العباسية قد انتهت بظهور التتار ليبتدئ عصر جديد من عصور الدولة اإلسالمية وهو القسم الثالث من العصور اإلسالمية وهو: - ج -عصر الفترة المظلمة ،أو عصر الدول المتتابعة ،يبتدئ بسقوط بغداد سنة ٦٥٦ه وينتهي بعصر النهضة ( الدول التركية المتتابعة ودولتي المماليك بمصر والشام والدول المتخلفة عن التتار في آسيا ،وممالك الدولة العثمانية في القارات الثالثة القديمة). د-عصر النهضة ويبتدئ بدخول الحملة الفرنسية عام ١٢١٣ه ١٧٩٨ /م وحتى الزمن الذي نحن فيه ويسمى (عصر االنبعاث) ويحمل التطور في األفكار واأللفاظ. . ١طريقة األقاليم أو البيئات :حيث يُدرس األدب في كل اقليم وفي زمن معين ،فهناك أدب الجزيرة وأدب العراق وأدب الشام وأدب مصر واألدب األندلسي وأدب المغرب وفي هذه الطريقة تكون صورة المجتمع هي الصورة التي ينقلها الكاتب إلى اآلخرين حيث يظهر فيها التباين في البيئات وكذلك ميزة كل اقليم وخصائص مجتمعه. . ٢طريقة دراسة األدب على وفق الفنون االدبية وهي تدرس كل فن من فنون االدب على مر العصور وتتخذ الفنون محوراً لهذه الطريقة ،فهي تتناول الوصف والغزل والمدح والرثاء والهجاء وغيرها بطريقة المعالجة فنا ً فناً ،مبينة وصفهُ كضعفه وقوته ومعلوماته ،وتهتم هذه الطريقة بتقوية الحس األدبي لدى الطلبة التخاذها المقارنة بين نصوص الغرض الواحد أساسا ً في الدراسة. . ٣طريق التذوق األدبي ،وتقوم هذه الطريقة على التذوق وتطوره عبر العصور وبيان اتجاهات األدباء واالهتمام بأذواق كل عصر من العصر التي يدرسها الطالب ،فالقدماء كانوا يبتدئون باألطالل وفي عصور أخرى اهتم األدباء باإليجاز أو السجع أو االزدواج وتهتم هذه الطريقة بالتذوق األدبي والفنون البالغية. خطوات تدريس األدبي العربي ليست خطوات تدريس األدب بمختلفة عن باقي الدروس كثيراً ، ألنها تتكون من:- . ١التمهيد :وللمعلم أن يمهد للموضوع بأية طريقة يشاء أو يستطيع ،فقد تصلح للتمهيد عملية توجيه أسئلة تكون إجابتها مدخالً للمادة التي يريدها المدرس ،أو يمهد الحديث عن شاعر أو كاتب أديب له عالقة وثيقة بموضوع الدرس ،وربما يستغل المعلم األحداث اليومية الجارية ليربطها بموضوع مشابه من تاريخ األدب موضوع الدرس ليكون مدخالً مهما ً للموضوع. . ٢عرض مادة الدرس :يعدد المعلم خاللها المحاور والخطط والعناصر ،ويشارك الطلبة في الحديث كل حسب إمكانياته العلمية ،على أن يتبع أسلوب التسلسل ليكون الموضوع مثيراً ، ويتضح من خالل ذلك ثقافة المعلم وإمكانياته التعليمية ومهاراته في التخطيط للدرس ومن ثم إدارته. . ٣ما يخرج به الدرس من مواعظ وعبر :إن أحداث التاريخ ليست ضربا ً من العبث ،وكذا أحداث تاريخ األدب واألدب نفسه ففيه من الفوائد العملية التي تستقي منه أو من كاتبه أو شاعره أو من فنونه ،إذ ال بد لكل درس من الدروس والعبر والمواعظ. طريقة تدريس األدب والنصوص تقوم دراسة النص األدبي على أمرين:- األول :معرفة جو النص أي كما ذكرنا زمن النص ومكانه ومعرفة قائله والمناسبة التي قيل فيها ( لتذوق العصر الذي يدرسه الطالب الثاني :د راسة النص نفسه وذلك . ١دراسة الناحية اللغوية والنحوية :وذلك بشرح المفردات والتراكيب شرحا ً لغويا ً ونحويا ً وتفهم معاني الجمل والتراكيب. . ٢دراسة الناحية األدبية :وذلك بإبراز األفكار العامة الواردة فيه وبيان صلة هذه األفكار ببيئة األدب وتوضيح العاطفة الخاصة با ألديب والتي يعبر عنها. . ٣دراسة أسلوب النص :وذلك بالتعرض لأللفاظ ( الجزالة واللين وائتالف الحروف أو تنافرها وقوتها وضعفها وصورها الخيالية والتعابير المجازية والبيانية ( تشبيه واستعارة وكناية ) وأثرها على النص … الخ. خطوات التدريس . ١التمهيد :وذلك بإثارة نشاط الطالب بالحديث عن النص وجوه. . ٢التعريف بصاحب النص ونبذه عن حياته. . ٣عرض النص على السبورة أو الكتاب ،والطلب من الطالب أن ينظروا نظرة عاجلة عليه. . ٤قراءة المعلم النموذجية للنص بنبرات واضحة تتوضح فيها معاني النص ،ويقرأه بعده طالب أو أكثر قراءة تمهيدية ( ،ويمكن االستغناء عن هذه القراءة نسبة لوقت الصف ). . ٥الشرح :فيه مناقشة للطلبة في أغراض النص واستخالص األفكار التي يعرضها ،أما المناقشة فيمكن أن تضم:- أ.تقسيم النص حسب أفكاره العامة وبيان الصلة بينها وبيئتها. ب.اإلحساس أو العاطفة التي يعرضها النص وكيفية تمكنه من نقل تلك العاطفة إلى الناس. ج.أسلوب صاحب النص. د.خياله وتعابيره ( المجاز والبيان والتشبيه واالستعارة والكناية ) وأثر ذلك كله على النص. هـ.التقويم :فيما إذا كان األديب مبتكراً ،مقلداً ،مقتبساً ،موفقا ً في تعبيره وعاطفته ،إن كان متكلفا ً ،القيمة األدبية التي جاء بها في هذا النص ،هل تمكن األديب أن يعرض أدب عصره ؟ هل يختلف أسلوبه في ذلك عن أسلوب آخر مثيل في عصر آخر كموضوع مقارن ،إن احتاج األمر إلى المقارنة. أهداف تدريس األدب العربي ( األهداف العامة ) . ١اإلطالع على التراث العربي واالعتزاز به. . ٢تنمية المهارات اللغوية المختلفة. . ٣إحداث التغيرات في سلوك الطلبة وإظهار قدراتهم المختلفة. . ٤تعميق القيم القومية والوطنية والوجدانية واالجتماعية والفنية. . ٥تنمية الذوق األدبي والقدرة على التحليل والنقد. . ٦توسيع نظرة الطلبة إلى الحياة والتفاعل معها ( األهداف الخاصة ) . ١إطالع الطلبة على التراث االدبي والشعري ( الشاعر /أو أديب معين ) من خالل طموحاته الخاصة . ٢تعميق القيم من خالل دراسة سلوك ذلك الشاعر أو األديب. . ٣الوقوف على قدرة الشاعر أو األديب على معالجة القضايا المختلفة بأسلوب أدبي أخاذ. . ٤اطالع الطلبة على أنه ليس كل ما قيل في حق ذلك األديب أو الشاعر صحيحا ً. أما األهداف السلوكية لذلك الموضوع فتتلخص فيما يأتي:- (األهداف المعرفية ) . ١أن يعرض الطلبة شيئا ً عن حياة ذلك األديب أو الشاعر. . ٢أن يطلع الطلبة على عبقرية ذلك األديب أو الشاعر. . ٣أن يلم الطلبة بالقيم األصيلة التي أرادها ذلك األديب أو الشاعر ألبناء أمته. . ٤أن يعرف الطلبة قدرة ذلك األديب أو الشاعر على معالجة األمور. ( األهداف الوجدانية ) . ١أن يتفاعل الطلبة مع حياة األديب أو الشاعر ( ربما المليئة باالحداث). . ٢أن يستمتع الطلبة وهو يقرؤون سيرة ذلك الشاعر أو األديب. . ٣أن يرغب الطلبة باالشتراك بمناقشة هذا الموضوع مناقشة حادة. األهداف المهارية ( النفسحركية ) . ١أن يقرأ الطلبة موضوع ذلك الشاعر أو األديب. . ٢أن يكتب الطلبة ملخصا ً في هذا الموضوع من خالل فهمهم له. . ٣.أن يقص الطلبة شيئا ً عن حياة ذلك الشاعر أو األديب على زمالئهم خطوات الدرس ( حياة ونشاط األديب الدكتور طه حسين ) . ١التمهيد يمهد المعلم لهذا الموضوع بتناول حياة طه حسين باختصار وسنة والدته والبيئة التي ولد فيها ، وعن تعلمه لدروس العربية وخصوصا ً األدب ،وتميزه رغم عوقه بالذكاء والفطنة ،وقوة الحفظ ،ودراسته خارج مصر ،وزمالئه ،ودور زوجته الفرنسية في إبراز نتاجاته األدبية … الخ. . ٢عرض مادة الدرس يؤخذ كتاب معين مثالً ( األيام ) ويجري مقدمة حوله قد يبدؤها بسؤال الطالب إن كان أحدهم قد قرأه أو يعرف شيئا ً عنه. يركز على الجزء الذي يدرسه ،فيجري قراءات نموذجية فيه ،كأن يقرأ بعضا ً من ذلك الجزء ويطلب من طالبه أن يقرأوه وأن يقرأه أحدهم بعد المعلم ،ثم يبدأ بشرح المادة وإخراج المفردات التي يحتويها ويشرحها لهم ثم يكتبها على السبورة ويكتب معانيها ويطلب من الطلبة أن يكتبوا هذه المادة في دفاترهم. يهتم المعلم بإظهار الجوانب التالية في هذا الجزء من الكتاب. . ١الهدف الذي كتبه طه حسين في هذا الكتاب أو الفصل. . ٢المفردات التي استخدمها طه حسين وشرحها. . ٣إن كان أسلوبه يختلف عن أسلوب األدباء المعاصرين له. . ٤تميز إنتاجه وتعديد تلك المميزات. ويركز المعلم على مناقشات الطلبة لكل مادة تطرح بحيث يجعل الطالب يشعرون بأنهم يقودون الدرس وكأنهم المعلمين ويتدخل عند الحاجة لشرح أية نقطة من النقاط التي تتعرض للمناقشة. ثم يحاول المعلم مع طلبته بتحليل شخصية طه حسين من خالل كتاباته ،لمعرفة أخالقه ومستواه األدبي وتأثيره في اآلخرين وأثر الكلمة عنده على الحدث وعلى المجتمع ،وهل ترى تستطيع كلمته التأثير على البيئة ولعب دوره فيها ؟ وبعد االنتهاء من الدرس يمكن أن ينتقل المعلم إلى النقطة األخيرة من المحاضرة وهي:- الدروس والعبر ويمكن أن يتوصل المعلم وطالبه إلى الدروس والعبر اآلتية:- . ١أن طه حسين يستحق من خالل طروحاته فعالً مكانة عميد األدب العربي. . ٢أن سر عبقريته أن أدبه يساير عصره ( أفكاره وشعوره وإحساسه وتأثيره وتصويره ...الخ . ٣أن طه حسين أرخ لحقبة زمنية مهمة من تاريخ األدب العربي الحديث. طريقة تحفيظ النصوص يجد معظم التالميذ صعوبة في حفظ النصوص ،ولذا يلجأ المعلم إلى عدة طرق من اجل تحقيق هذه المهارة وأهمها:- . ١طريقة المحو :وفيها يكرر التالميذ قراءة أبيات النص بعد فهمها وإجادة قراءتها ،ثم يبدأ بمحو بعض كلمات النص. ويشترط في الطريقة أن يكون النص مكتوبا ً على السبورة األصلية أو على سبورة إضافية ليتسنى له محو هذه الكلمات وعند محوها يستذكرها التلميذ ثم يمحو كلمات أخرى ،وهكذا إلى أن يتم محو البيت أو األبيات كلها. وهناك طريقة أخرى للمحو تقوم على محو البيت األول أو البيتين األول والثاني ثم بمحو الثالث معهما إذا ما حفظهما التالميذ ،وهكذا حتى يتم حفظ النص كله. . ٢طريقة الكل :وتتم بعد أن يجيد التلميذ قراءة النص وفهمه فيقوم بقراءته مرات متكررة حتى يتم حفظ النص كله. وهذه الطريقة تنجح إذا كان النص سهالً قصيراً واضحا ً وتمتاز هذه الطريقة بأنها تجعل المعاني مترابطة في ذهن التلميذ. . ٣طريقة التجزأة :وتتم بعد إجادة القراءة والفهم واالستيعاب ،ويقسم المعلم النص إلى أجزاء كل جزء منها بشكل وحدة معنوية واحدة ،ومن ثم يكررون قراءة الجزء األول حتى يتم حفظه ، ثم يحفظون الجزء الثاني فالثالث بالطريقة نفسها ،وتمتاز بسهولة الحفظ وغرس الثقة في التالميذ وخاصة الضعفاء منهم ولكنها تدعو إلى اضطراب الفهم -١سبب تجزأة النص -٢درس عملي في النصوص التمهيد /يمهد المعلم عن حياة المتنبي باختصار ،يعرف به وسنة ميالده ووصف عائلته ، وكيف تعلم األدب والشعر ،وعن تميز طفولته وذكائه وقوة حفظه وحبه للعمل واألدب ولزومه األدباء والعلماء (. والوراقين ،وتنقله في األمصار العربية واإلسالمية كالعراق والشام ،وسنة مقتله ووفاته مقدمة : ال نزال في مـصـر والعالم العربي عـاجـزين عن التفريق بين البالغة والمبالغة في أعمالنا األدبية بصفة خاصة وحياتنا الثقافية والفكرية بصفة عامة.ولذلك نجد أن جزءا كبيرا من ثقافتنا األدبية والفنية والنقدية ،سواء على مستوى التنظير أو الممارسة اإلبداعية ،تنهض على المبالغة التي نظنها بالغة وهي أبعد ما تكون عن البالغة. ويبدو أن التقارب اللفظي بين كلمة «مبالغة ،وكلمة بالغة ،قد كان من أسباب هذا اللبس ،خاصة بين عامة المتذوقين؛ برغم أن تراث النحو والنقد العربي الكالسيكي يقدم لنا تعـريفا ً جامعا مانعا للبالغة بأ نها« :مراعاة الكالم لمقتضى الحال» ،وكأن النحلة والنقاد وعلماء البالغة العرب وضـعـوا منذ قرون مضت ،قانونا قل أن نجـد خـروجا عليـه في أي أدب من اآلداب اإلنسانية األخرى ،فهو يعنى التفاعل أو التعادل الكامل بين الشكل الفنى والمضمون الفكري الذي يصل عن طريقه إلى المتلقي.وهذا التعادل بطبيعته يمنع اللجوء إلى المبالغة أو التزيد ،ألن المبالغة من شأنها أن تخل بهذا التعادل وبالتالي تقضى على بالغة العمل األدبي ،وتحوله إلى تقرير مباشر ومسطح عن موضوع معين وكأنه مقالة صحفية عابرة. وبذلك أحرز البلغاء العرب قصب السبق في بلورة هذا المفهوم الناضج والجمالي للبالغة قبل أن يبلغه رواد مدرسة النقد الجديد في أوائل القرن العشرين ،خاصة في الواليات المتحدة وانجلترا . فلم تعد البالغة خاصية مالزمة لألسلوب ،أو اللغة ،أو الحوار ،أو السرد ،أو الوصف ،أو أي عنصر آخر من العناصر المكونة للعمل األدبي على حدة ،بل هي خاصية شاملة ،تبدأ فعالياتها وتفاعالتها منذ أول كلمة في العمل األدبي إلى آخر كلمة فيه ،بحيث تسرى في كل جزئياته وفروعه مسرى الدماء في العروق.ولذلك فإن بالغة اللغة أو األسلوب هي مجرد عنصر من عناصر بالغة العمل األدبي األشمل ،نظرا ألعماقه ا وأبعادها ومحاورها الجمالية والتشكيلية المتعددة. وتنقسم عناصر البالغة األدبية إلى عناصـر مـرئيـة مـلمـوسـة ،يستطيع المتلقى العادي أن يرصدها ،وعناصر خفية غير مباشرة ال يستطيع سوى الناقداو الدارس أو المتذوق الخبير أن يلقى عليها األضواء التحليلية الفاحصة ليبين مدى نجاحها أو فشلها ،مما يدل على شمولية البالغة التي بدونها ال يمكن إبداع عمل أدبي بمعنى الكلمة. أما العناصر المرئية الملموسة للبالغة فهي تلك التي يدرسها التالميذ والطلبة في حصص ومـحـاضـرات النحو العربي التي يتعلمون فيها قواعد الصرف والبالغة.ففي باب البالغة العربية توجد ثالثة علوم :علم المعاني ،وعلم البيان ،وعلم البديع. ويدرس علم المعاني أنواع الخـبـر وصيغ اإلنشـاء التي تتمثل في األمـر والنهي ،واالسـتـفـهـام، والـتـمنى ،والنداء.ويدرس أيضا الذكـر والحذف ،التقديم والتأخير ،الوصل والفصل ،اإليجاز واإلطنا ب والمساواة.أما علم البيان فيدرس التشبيه ،والمجاز كما يتمثل في االستعارة ،والمجاز المرسل ،والمجاز المركب ،والمجاز العقلي.أما علم البديع فيدرس المحسنات المعنوية كما تتمثل في التورية ،والطباق ،والمقابلة ،ومراعاة التنظير ،والجمع ،والتفريق ،والتقسيم ،وتأكيد المدح بما يشبه الذم ،وحسن التعليل ،وائتالف اللفظ وأسلوب الحكيم.كـمـا يدرس المحسنات اللفظيـة كـمـا تتـمـثل في الجناس ،والسجع ،واالقتباس.مع المعنى ،أما العناصر الخفية غير المباشرة في البالغة ،فال تكاد تختلف من لغة إلى أخرى ،ألنها تشكل أساس أو جوهر البالغة األدبية منذ أن تبلورت كـفـن في التراث األدبي اإلنساني.وهي العناصر التي تفـرق بين األديب وغير األديب، ألنها تشكل البنية األساسيـة أو القوى الخفية الدافعة إلى إبداعه ،وال يستطيع أن يوظفها غيره. وذلك على النقيض من العناصر المرئية الملمـوسـة للبـالغـة ،والتي يستخدمها كل من على دراية بها ،حتى إذا لم يكن أديبا ،وتتبدى في المقاالت والخطابات المتبادلة والخطب والمرافعات القانونية..إلخ. وتتمثل العناصر الخفية غير المباشرة في البالغة ،في الفصول التي يتكون منها هذا الكتاب وهي: اإللهـام ،والخـيـال ،واإليقـاع والتقاليد ،والمحاكاة.وتقع في مجال الموهبة التي يخص هللا بها األديب ،والتي تلعب دور البـوصلة التي تـرشـده إلى المسـارات الطبيعية لإلبداع األدبي ،أو البـوتقـة التي تنصهر فيها عناصـر البالغة األدبية ،والتي تمنح العمل األدبي في النهاية شخصيته المتميزة بين شتى األعمال األدبية األخرى.وهي عناصر مثيرة للجدل عبر العصور ،بحيث يمكن لكل عصر أن يكتشف فيها آفاقا ً جديدة ناتجة عن التطورات والمتغيرات والدراسات المتتابعة في مجال النقد األدبي ،وعلم الجمال ،وعلم النفس ،وعلم اإلجتماع ،واألنثروبولوجيا ،وغيرها من العلوم اإلنسانية. فاإل لهـام حالة تطلق على األديب ،عندما يبـدع بطريقة تختلف تماما عن غيره من الصناع والحرفيين الذين يعتمدون فقط على خبراتهم وتجاربهم السابقة وقدراتهم العقلية والجسدية إلنتاج ما يطلب منهم على وجه التحديد ،أما األديب فيبدع بدافع من موهبة غامضة تحدد طبيعة العمل األدبي وشكله الفني اللذين ال يمكن تحديدهما إال بعد وضع اللمسات األخيرة للعمل.وهذه الموهبة األدبية الغامضة كانت وستظل مصدرا لإللهام الذي ال يتأتى للبشر العاديين ،وهي غامضة ألنها تستعصى على أي تقنين جامع مانع والعالقة بين اإللهام والخيال عالقة وثيقة وعضوية.فإذا كان اإللهـام هو المحـرك لإلبداع األدبي ،فـإن الـخـيـال هو المنجم الذي يستخرج منه األدباء موادهم الخام التي تتحول من خالل وجدانهم وعقلهم وصنعتهم إلى أعمال أدبية خالدة على مر الزمن..ومهما تعددت تعريفات النقاد والدارسين وعلماء الجمال لمفهوم الخيال ،فإنه يع ـد بصـفـة عـامـة القـدرة أو الطاقة التي تحيل األفكار واألحاسيس والتأمالت والصور إلى جسم حي ذي شخصية متميزة من خالل العالقات العضوية التي تنشأ بين هذه المفردات وتتبع منها في الوقت نفسه. أمـا عنصـر اإليقاع في العمل األدبي فهو الذي يمنح البـالغـة جانبها الحسي الذي يشعر المتلقي بالمدى الذي يحكم تدفقه ،علوا وهبوطا ،سرعة وتباطؤا ،وذلك من خالل تدفقات الدم المندفعة في شرايين العمل ،والتي تمده بالحياة والتجدد . ويعد من أهم المعايير التي يمكن أن تقـاس بهـا مـهـارة األديب وتمكنه من تقـالـيـد األدب الذي يمارسه سـواء أكان قـصـيـدة شـعـرية أم مسرحية أم رواية ،وقدرته على توظيفها ،وإدراكه أن العالقة بين الحياة واألدب ليست عالقة محاكاة أحدهما لآلخر بقدر ما هي عالقة عضوية متبادلة تنهض على التأثير والتأثر في الوقت نفسه ،ولذلك ال يمكن تصور الحياة بدون فن ألنه مكمل ومتمم لها وليس مجرد تقليد أو محاكاة لها ،كما ال يمكن تخيل الفن بدون حياة ألنه يستمد منها منابعه وجذوره ،ليبدع منها ثمارا جديدة لم يعرفها البشر من قبل. البـالغة تعـد البـالغـة فن وعلم التشكيل بالكلمات ،وبصفة عامة فإن لمصطلح البالغة ثالثة مفاهيم متنوعة ،لكنها في األصل تنبع من المفـهـوم اإلغريقي العام والذي سـاد الفكر ا دبي زهاء خـمـسـة وعشرين قرشا ..وكان المفهوم الفرعي األول قد تمثل في المبادئ والتقاليد العامة التي جاءت نتيجة لتقنين المما ،سات الخطابية واألحاديث العامة أمام الجماهير ،والمهارات ،التي تـ ازت بها واصبح بمثابة المناهج المتبعة.أما المفهوم الثاني فارتبط بالتقاليد والمبادئ التي تطبق على الكتابات النثرية بصفة عامة سواء أكانت للنشر أو لاللقاء الشفهي.أما المفهوم الثالث فتجسد في النظريات التي صنفت ونظمت كل القدرات المرتبطة بتشكيل األلفاظ والكلمات في أبنية معبرة سواء في النثر أو الشعر ،واالستخدامات المناسبة لهذه القدرات من أجل إبداع أعمال تتميز بالبالغة. وفي عـصـر الحاكم اإلغريقي بيـركـليـز كـان التمييز بين علمالبالغة وفن الشعر محددا وواضحا ألسباب عملية.فعلى الرغم من أهمية الثقافة الشعرية للمثقف األثيني في ذلك العصر ،فإن الثقافة البالغية كانت تفوقها في األهمية بالنسبة لمواطن يعيش في جمهورية يتحتم فيها على كل إنسان حر أن يقوم بالدفاع عن نفسه أمام الهيئات القضائية.وكانت البالغة هي السالح األساسي الذي يربط بين األلفاظ والمعاني ربطا يؤدى إلى إقناع الطرف اآلخر. ولم يقتصر استخدام حيل البالغة على إظهار الحقيقة بل تحول إلى نوع من التالعب بالحقائق نفـسـهـا بحيث يبدو الردئ حسنا فـقـد كـان المواطن اإلغريقي يسعى إلى المكاسب والحـسـن رديئا .الشخصية كما يسعى إلى البحث عن الحقائق المجردة ،وكان هناك من علماء البـالغـة الذين يـجـيـدون كل أسرارها وحـيلـهـا مـن قـام بتدريس هذه القدرات لكل من يطلبها ،وكثير منهم كان يستعرض عضالته البالعبة على حساب الحقائق الموضوعية ،بل ويلوى ع نقها من أجل اظهار مهارته وعبقريته في التالعب باأللفاظ واألفكار. وقـد أدى هذا إلى صـراع واضح بيـن مـؤيدى االتجـاهـيـن المتناقضين :االتجاه الذي يناصر البراعة البالغية بصرف النظر عن نوعية الهدف الذي تسعى لتحقيقه في مواجهة االتجاه الذي يناهض البالغة التي تتحول إلى هدف في حد ذاتها وال تلقى باال إلى الحقيقة المجردة بكل دالالتها األخالقية واإلنسانية. وكـان االتجـاه العملي النفـعـي قـد ترسخ في منتصف القرن الخامس قبل الميالد على أيدى اثنين من علماء البالغة ،قدما من سيراكيوز :تيسياس وكوراكس ،وانتشر في أثينا من خالل حلقات الدرس التي عـقـدهـا الـصـوفـيـون والذيـن كـان بروتاجـوراس في طليعتهم.فـقـد نادي بروتـاجـوراس بأن اإلنسـان هـو مـقـيـاس كل األشياء طالما أنه ال يوجد في الحياة ما يسمى بالحقيقة المطلقة ،وعلم تالميذه منهجا معقدا من الوسائل البالغية والحيل المنطقية التي قد تجعل الشر يبدو وكأنه خير عميم. وفي مواجهة هذا المنهج الذي ال يقيم وزنا للغايات األخالقية واالعتبارات اإلنسانية كان موقف سقراط وأفالطون اللذين أكدا على أن البراعة البالغية الحقة البد أن تساير المثل العليا والقيم التي تمنح للحياة معناها الحقيقي. وقد أعلن سـقـراط في أحاديثه أن البالغة تظل فنا سطحيا مفتعال إذا لم تتسلح بالمضمـون الفلسفي الذي يكشف عن جوهر النفس البشرية. أما أرسطو في كتابه «البالغة» الذي ألفه عام ٣٣٥قبل الميالد فقد قدم نظرية في أساليب التحدث إلى الجماهير مزج فيها بين منهج البالغة المعقد الذي اتبعه الصوفيون والتأكيد األفالطوني على وظيفة البالغة في البحث عن جوهر الحقيقة المثالية.كما أعلن أرسطو أن المنطق التقليدى يصلح أساسا مناسبا للحـديث األمين والمؤثر ،سـواء في المجالس التـشـريـعـة أو في المحاكم التي تفصل بين الناس أو بين الدولة والناس.وأكد على أن هناك من األساليب البـالغـيـة مـا يتـعـدد بتـعـدد الخطب واألحاديث في المناسبات والجماهير المختلفة.لكن األسلوب العام المرتبط بمفهوم البـالغـة عنـده يـتـمـثل في قـدرة المتـحـدث على اخـتـيـار األلفاظ والـعـبـارات والجمل التي تحمل أكـبـر شـحنات ممكنة من المعاني والدالالت واإلشارات ،وعلى طريقة اإللقاء التي تقوم بتـوصـيـل مـا يريده إلى جمهوره. وكما يقول الكاتب اإلنجليزي بنجامين جوويت في دراساته التي كتبها عن أفالطون وأرسطو في القرن الماضي ،أن تدهور البالغة جاء نتيجة طبيعية الندثار الحرية السياسية التي بدونها ال تقوم للخطابة البليغة قائمة.فبعد أن تحول مواطنو الواليات اإلغريقية األحرار إلـى عـبـيـد تحت بطشالحكم الديكتاتوري ،أصبح فن البـالغـة مـجـرد زخـارف لفظيـة وتالعب بالكلمـات والمعـاني واألساليب.لكن كان هناك من علماء البالغة من لم يرض عن هذه المبالغة واالفتعال والزيف، ووجد أن الخلط بين البالغة والمبالغة ال يعني سـوى تفريغ هذا الفن من جوهره الحقيقي.ولكن ألن أحدا منهم لم يكن قادرا على خوض غمار الخطابة السياسية النعدام مناخ الحرية ،فإنهم استخدموا براعتهم اللغوية في نقد البالغة في األعمال األدبية المعاصرة مما أدى التركيز على التحليل اللغوى لها . مثال ذلك المؤرخ دايونيسياس الطرسوسي الذي كتب في عام ١٠٠بعـد الميـالد مـالحظات نقـدية على تـركـيـب الجـملة ،والكاتب هـيـرومـوجـينيس الذي أعـد في نهاية القرن الثاني الميالدي دليـالً عمليا لتعليم أساليب الكتابة. أما عن تحليل إيقاعات النثر وأوزانه الذي قدمه دايونيسياس ،وتطبيقات المبادئ الجمالية لفن النثر التي أنجزها ديمتريوس ،فإنها تدل على أن الحدود بين البالغة والشعر لم تكن واضحة بما فيه الكفاية.والدليل على ذلك أيضا ما ورد في كتاب لونجاينوس «عن السمو ،الذي يشرح فيه كيف يمكن أن يكون سمو األسلوب ذا قيمة عملية حقيقية للخطباء والمتحدثين الجماهيريين ،لكن لونجاينوس يستمد كل أمثلته ونماذجه من القصائد الشعرية وليس من نماذج الخطابة البليـغـة. وهذا العمل النقـدى العظيم الذي تجاهله قدماء الكتاب ،أعـيـد أحياؤه في القرنين السابع عشر والثامن عشر حين أثار إعجاب الشعراء والنقاد إلى حد كبير ،برغم أنهم لم يـفـهـمـوا أو قللوا مـن شـأن نظرية لونجـاينوس التي تنادى بأن الحـمـاس شـرط أولى لكل اإلنجازات األدبيـة السـامـيـة والرفيعة. وكان شيشرون في نبذاته الثالث التي كتبها عن فن الخطابة قد أيد المزج بين التقاليد البالغية الهلينية ،وبين الفصاحة الصادقة األمينة التي كان هو نفـسـه النمـوذج الرفـيـع لهـا في أواخـر أيام الجمهورية الرومانية.وفي القرن التالي أو ما سمى بالعصر الفضى للبالغة صادر القياصرة كل حريات النقاش السياسي في المحافل العامة وانطالقات األفكار الخالقة بين المثقفين ،مما أجبر علماء البالغة الرومانية على التركيز على الزخارف اللفظية والحيل المنطقية ،بحيث أصبحت األلفاظ والجمل والعبارات في كتاباتهم وأحاديثهم مجرد كرات يتقاذفونها فيما بينهم ،واقتصرت البراعة البالغية على االقتصار على إصا بة الطرف اآلخر بالعجز عن الرد المفحم ،وزخرت البالغة باأللفاظ الجوفاء والمصطلحات المعقدة والشعارات الخالية من أي مضمون فكرى والطقوس الغامضة التي ال يعرف كنهها سوى كهنتها من علماء البالغة المحترفين الذين وضعوا براعتهم البالغية في خدمة األهداف السياسية التي وضعها القياصرة. وقد حاول الخطيب والسياسي الشهير فابياس كوينتيليانوس (المتوفى عام ٩٥بعد الميالد) أن يواجه تدهور البالغة في عصره من خالل تقديم نماذج من البالغة الخطابية ،تجمع بين التمكن من جـزالة اللفظ ورصانة الفكرة ،وقد تمثلت هذه النماذج في خطبـه الرسمية التي ألقاها في مجلس الشيوخ الروماني ،وظن أن اآلخرين سيحذون حذوها ،وبذلك تقف بل وتصد التدهور المستمر في علوم البالغة.وال شك أنه نجح في أحداث تأثير ما ،لكنه لم يكن كافيا لتجنب انهيار البالغة والفصاحة الذي واكب انهيار اإلمبراطورية الرومانية نفسها. ومع بداية العصور الوسطى أصبحت البالغة في مقدمة العلوم الضرورية التي تدرس في المعاهد العلمـيـة والدينية ،يليـهـا في األهمـيـة قـواعـد النحو والصرف ثم المنطق أو الديالكتيك.وظلت هذه الفروع الثالثة تتزايد في األهمية طوال سبعة قرون ،وذلك قبل أن يتصاعد اهتمام الجامعات ب المنطق الذي أجـبـر البـالغـة على التراجع إلى الخلف بصفتها فنا يتعامل مع األلفاظ والكلمات في حين أن المنطق علم يتفاعل مع المعاني واألفكار.والدليل على ذلك أن المنطق أصبح السالح الفعال المستخدم في فنون المناظرة واقناع اآلخرين بوجهة النظر المطروحة. ولم تأت د راسات البالغة في العصور الوسطى بجديد ،إذ أنها سارت على نمط التقاليد القديمة التي قسمت أساليب الحديث والكتابة إلى ثالث درجـات :األسلوب الـقـوى ثم الـتـقـلـيـدى ثم الضعيف؛ أو ثالث طبقات:الطبقة العليا ثم الوسطى ثم الدنيا.وعلى مستوى النظرية فإن البالغة الرفيعة الراقية لم تتطلب مزيداً من الزخارف والمحسنات اللفظية فحسب بل حتمت توظيف هذه األدوات واألنماط واأللوان الـبـالغـيـة التي كانت تتميز بالصـعـوبة البالغة ،وهي صعوبة البد أن تؤدي إلى الجزالة والفخامة والوقار والسمو كما كان البالغيون يعتقدون في تلك العصور. وفي عـصـر النـهـضـة تلقت الدراسات النظرية للبـالغـة دفعة جديدة من حركة اإليحاء العام للدراسات الكالسيكية.واستمرت الكتيبات التي صدرت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر في معالجة البالغة كفن إعداد وإلقاء خطاب عام طبقا للخطوات الكالسيكية التقليدية :جمع ،مادة ال موضوع ،وترتيـبـهـا ،وتحديد أسلوب إلقائها ،وتذكر كل التفاصيل المتصلة بالموضوع ،ثم توصيله بأفضل أساليب النطق واإللقاء. وفي عام ١٥٥٣أصدر توماس ويلسون كتابا عن البالغة في اللغة اإلنجليزية بعنوان «فن البالغة» ،اعترض فيه على استخدام المصطلحات الزاخرة باالدعاء األجوف ،والتأكيد على اللفظ دون المعنى ،لكنه في الوقت نفسه لم يحد في كتابه عن تقاليد البالغة القديمة التي تربطها بالخطابة أساسا.وكان أول هجوم كاسح على أساليب البالغة المهترئة قد بدأ في منتصف القرن السابع عشر على يدى رجل الدين المتفتح صـامـويل باتلر الذي سـخـر مـن عـدم جدوى ادعاءات الصوفيين المحدثين ،وأوضح أن كل قوانين البالغة ال تعلم عالم البالغة شيئا سوى حفظ أسماء أدواتها ومصطلحاتها وشعاراتها فحسب ،أما التطبيقات النقدية والتحليلية فليست من شأنها في شيء. وعلى الرغم من ذلك فـإن تـركـيـز الدراسات على حـرفـيـات البالغة القديمة التقليدية استمر حتى منتصف القرن الثامن عشر حين أصدر جورج كامبل عام ١٧٧٦كتابه «دليل البالغة» الذي وسع رقة النقاش والجدل والتحليل بتأكيد أن الشعر ليس سوى أسلوب أو شكل خاص من األشكال أو الفروع المعينة للخطابة.وفي مطلع القرن التالي دافع رئيس أساقفة دبلن ريتشارد ويتلى عن نظريته التي تنادي بأن مصطلح «البـالغـة» يغطى فن التأليف والكتابة بصفة عامة ،وأن كـان مرتبطا أساسا بفن الخطابة والحديث في المحافل العامة ،بل واألحاديث الحماسية الجوفاء والخدع اللفظية الفارغة.وسمى دليله باسم «التأليف والبالغة في اإلنجليزية». وبعد ذلك توالت الكتب التي تعالج الكتابة والتأليف ،وحملت عنوان البالغة على أغلفتها برغم أنها لم تمس الخطابة واألحاديث العامة من قريب أو بعيد ،بل ركزت أساسا على مـدى استعداد القارئ المتأمل الستيعاب ما يقرأ ،ولم تهتم بدور المستمع المصفى لما يلقى على مسامعه من أحاديث بليغة.وسارت كل كتب البالغة على هذا المنوال حتى اآلن ،موضحة أن عناصر البالغة الرئيسية تتمثل في الوحدة واالتساق والتركيز وليست في اإللقاء والنطق واألداء. وفي عام ١٩٣٦أصـدر النـاقـد أ.أ.ريتـشـاردز كتابه الشهير فلسفة البالغة ،الذي قدم فيه دراسة منهجية لمفهوم البالغة في العـصـر الحـديث ،وعـالـج فـيـه أهداف الخطابة والمحـاورة ،وأنواع السياق البالغي ،وتداخل الكلمات على مستوى اللفظ والمعنى في السياق ،والمعايير التي تحكم العالقات بين الكلمات ،واالستعارة وأساليب التحكم فيها.ولم تعد البالغة في نظره ذلك الفن الذي يعني بالخطابة والحوار والجدل فحسب وإنما امتد ليشمل كل وسائل التوصيل بالكلمات. ومع ذلك فإن مفهوم البالغة المعاصرة ال ينأى كثيرا عن المبادئ األساسية التي أرسى قواعدها أفالطون وأرسطو.وعندما نبه عالم البالغة المعاصر قر اءه إلى أن معاني الكلمات ال تكمن في الكلمات وإنما فينا ،فإننا في هذا التنبيه نسمع أصداء ألقوال البلغاء القدامى الذين أكدوا أن اإلنسان هو مقياس كل شئ في هذا العالم. لكن البالغة ،لم تعد كما كانت في مفهومها القديم مجرد تعبيرقـوى ومـركـز وبليغ وصادق عن إحـسـاس وفكر صـادقـين. وتجنب النقاد ربط البالغة باألسلوب الذي يعتمد على األلفاظ والمفردات في المقام األول ،والذي يعبر صادقا عن شخصية المتحدث أو الكاتب.فلم يعد هذا المفهوم للبالغة سائدا بعد ازدهار حركة النقد الجديد في أعقاب الحرب العالمية األولى وحل محله مفهوم جديد تمثل فـيـمـا كـتـبه تس.اليـوت عـام ١٩١٩حين قال إن الفن ليس تعبيرا عن إحساس صادق مهما بلغ اإلحساس أو التعبير من الصدق ،كما أنه ليس تعبيرا عن شخصية الفنان.فاألديب ال يكون بلينـا عندما يحاول جاهدا التعبير عن شخصيته تعبيرا مباشرا وتقريريا، بل هو يعبر ع ن هذه الشخصية بأسلوب غير مباشر من خالل خلق شئ متجسد ومحدد ،وكلما اتسعت فجوة االنفصال بين شخصية األديب وعقله المبدع ،ازدادت قدرته العقلية والشعورية على أدراك المشاعر المختلفة التي تمثل مادة الفن الخام القابلة للضياغة وإحالتها إلى شيء جديد ومحدد ومتجسد في العمل الفني. ولذلك لم تعـد البـالغـة فن التـعـبـيـر الصادق عن اإلحساس الصادق ،أو التمكن من الفصاحة األسلوبية ،أو التالعب باأللفاظ واألفكار ،أو الجزالة اللفظية والفخامة اللغوية ،أو الطريقة المثلى لإلفضاء بمكنونات العقل والقلب ،بل أصبحت تتمثل .على حد قول اليوت .في خلق األديب لمعادل موضوعي لإلحساس أو الفكرة التي يريد التعبير عنها ،بمعنى أن يخلق األديب شيئا يجسد اإلحساس والفكر ويعادلهما معادلة كاملة بحيث ال يزيد عنهما أو ينقص ،فإذا ما اكتمل خلق هذا الشيء أو هذا المعادل الموضوعي ،فإنه يثير في نفس المتلقى اإلحساس الذي يهدف إلى إثارته، والفكر المجرد الذي يريد تجسيده. من هنا كان اهتمام البالغة المعاصرة بتقويم العمل الفني من جوانب ثالثة :العمل الفني في حد ذاته ،ثم في عالقته بالفنان ثم القارئ.فعلى مستوى الجانب األول فإن البالغة تحدد العمل الفني على أنه معادل موضوعي لإلحساس ال اإلحساس نفسه ،وللفكر ال الفكر نفسه ،كـمـا يقـول الناقد المعـاصـرس.لويس إن األدب هو استخدام اللغة لخلق جسد أو جسم مـحـدد.أما على مـسـتـوى الجانب الثاني المتمثل في عالقة األديب بالعمل الفني ،فإن الخلق الفنى ليس تعـبـيـرا عن شخصية األديب ،بل هـو تحـويـل عـدد ال يحصى من األحاسيس واألفكار التي خبرها الفنان وعـرفـهـا في حياته الشخصية إلى مركب جديد له كيان مستقل ومختلف تمام االختالف عن األحاسيس واال خبرها الفنان ،ولذلك فإن البالغة المعاصرة تنظر إلى عملية الخلق الفني على أنها نوع من التفاعل الكيميائي ،فكالهما تحويل المادة األصلية إلى مركب جديد تماما . أما على مستوى الجانب الثالث المتمثل في عالقة العمل الفني بالقارئ فإن البالغة المعاصرة توضح أن العمل الفني ال يحقق أثره المنشود في القارئ إال إذا جسد اإلحساس والفكر في كيان محدد محسوس .فالعمل الفني ال ينقل اإلحساس والفكر بالتعبير عنهما للمتلقى وإنما يعادلهما في وحـدة عضوية متكاملة.وهي معادلة مـوضـوعـيـة تؤكد أن اإلحـسـاس الذي يثـيـره الفن يختلف عن اإلحساس الذي تثيره الحياة ،وأن الفكر الذي يسيطر على عقول الناس في حياتهم العملية يختلف عن ذلك الذي يتجسد في العمل الفني.ولذلك إذا لم يترجم اإلحساس والفكر إلى معادل موضوعي فإنهما ينتقالن إلى المتلقي كما هما في الحياة ،وبذلك ينتفى الدور الذي يمكن أن يقوم به العمل الفني ،ويفـقـد أثره في داخل المتلقى وتزول عنه صفة البالغة مهما احتوى على ألفاظ فخيمة وتعبيرات رصينة وأساليب غاية في الفصاحة والجزالة. ويعرف الناقد المعاصر ألن تيت البالغة بأنها درجة التعادل بين المخصص والمجرد .فاألديب البليغ حقا هو الذي يستطيع أن يجعل المخصص ،أي الجسم المحـدد الذي يخلقـه ،مـجـسـدا ومـسـاويا للمـجـرد ،أي اإلحساس الذي يهدف إلى إثارته والفكر الذي يبـنى تجسيده ،أما جون کرو رانسم الذي يعتبر أرسطو النقد الحديث فيضيف بعدا آخر إلى نظرية البالغة المعاصرة ،يتمثل في نظريته الخاصة بالنسيج والتركيب والتي يفرق بها األدب عن العلم ،إذ إن األدب يتميز عن العلم بجمعه بين النسيج والتركيب.ففي لغة العلم يقتصر دور األلفاظ والتعبيرات والجمل على خدمة الغرض أو المنطق العام للنظرية العلمية ،أما في العمل األدبي فـمـثل هذا المنطق العام ال قيمة وال دور له في ذاته إذا انفصلت عن النسيج الذي صنع منه العمل األدبي ألن األدب ال يهتم بالمعـاني الـعـامـة أو المجردة كما يفعل العلم، ولذلك فإن قيمته الفعلية تكمن في قدرته على أن يمتص األحاسيس واألفكار المجردة ثم يعيدها إلى المتلقى في صورة مجسدة زاخرة بالتفاعل والحياة.ولذلك فإن المعرفة التي يحصل عليها المتلقى من األدب غير تلك التي يزوده بها العلم ،ألنها مـعـرفـة بالمحـدد المخصص ال بالمطلق المجـرد .ذلك أن المفـهـوم المعاصر للبالغة يحتم على األديب أن يجعل من النسيج والتركيب، أو المضـمـون والشكل ،أو المبنى والمعنى ،وحـدة عـضوية ال يمكن أن تتجزأ بحيث يستحيل الحذف منها أو اإلضافة إليها ،أو تلخيصها أو إعادة روايتها على سبيل التعريف بها ،ألن معنى العمل األدبي ال يمكن أن ينفصل عنه. أما الناقد المعاصر كليانث بروكس فيرى أن البالغة المعاصرة تحتم على األديب أال يفصح عن اإلحساس أو الفكر بل يولدهما في عقل القارئ عن طريق المفارقة بين العناصر المختلفة التي يتضمنها العمل األدبي ،ولذلك يسمى بروكس لغـة األدب بلغة المفارقة التي تجنب األديب الوقوع في خطأ التعبير المباشر ذي البعد الواحد . فعندما تلعب المفارقة دورها فإن العمل األدبى يستطيع أن يعبر عن شخصيته المتميزة ذات األبعاد المتعددة بعيدا عن منظور األديب الشخصي. كذلك يهاجم الناقد المعاصر ،ليفيز ا لتعبير المباشر في األدب بصفته الدليل القاطع على فشل األديب في خلق كيان خاص ومتميز لعمله الفني ،وذلك لغياب المعادل الموضوعي الذي يجسد اإلحساس والمعنى ثم يقوم مقامها.فالكاتب الذي يعجز عن خلق شئ معين له كيانه الخاص به، البد أن يفصح عن اإلحساس والفكر مجردين من أي هدف فني أو جمالي خلفهما ،في حين أن البالغة تكمن في أن يجسد األديب اإلحساس والفكر ال أن يخبر المتلقى بهما . والبالغة الحقيقية في العمل الفني ال تكمن في بعض أجزائه دون األجـزاء األخرى ،بل تكمن في معناه الكلي ألنهـا تسـرى في نسيجه مسرى الدماء في الشرايين :فمعنى القصيدة أو المسرحية أو الرواية ال يسـتـمـد من جـزء من أجـزائـهـا أو من عنصـر من عناصرها منفردا عن بقية العناصر بل من جسمها ككل له كيانه المستقل الذي يعتمد على نسيجها وتركيبها بكل العالقات العضوية القائمة بينهما ،والعناصر المتفاعلة فـيـهـمـا مـن صـور ورمـوز وشخصيات ومواقف وأوصاف ولحيدات وأفكار وأحاسيس وأوزان وبحور وحـواريات وإيقاعات وخلفيات وغير ذلك من العناصـر الوظيفية المتفاعلة مع بعضها بعضا للتعبير الفني عن اإلحساس والفكر اللذين يريد األديب نقلها إلى المتلقى. وهي جميعا مجرد وسائل يصل بها األديب إلى هدفه الفني المتمثل في كيان العمل الفني ،وال يمكن أن تعتبر منفردة أو مجتمعة هدفا في حد ذاتها كي يسعى إليها األديب. من هنا كانت البالغة المعاصرة ترفض تحليل العمل األدبي على أساس أن اللغة التي يستخدمها األديب لغة رصينة ،واألفكار التي يقدمها أفكار أصيلة ،واألحاسيس التي يتحدث عنها أحاسيس صادقة ،واألوصاف التي يرسمها أوصاف دقيقة.فاللغة مهما كانت رصينة ال تعـتـبـر هدفا في حد ذاتهـا وكذلك الحال مع األفكار واألحاسيس واألوصاف والصور والمواقف ،إذ أنها كلها وسائل أو رموز للتعبير عن اإلحساس وتجسيد الفكر في كيان عضوی مستقل بذاته.والتعبير األدبي ال يصل إلى مرتبة البالغة الحقيقية إال إذا وظف كل هذه الوسائل في خلق مـعـادل كـامل لإلحساس والفكر ،بحيث الينفـرد جـزء من هذا المعـادل باإلبانة عن هذا اإلحسـاس وهذا الفكر دون أي جزء آخر منه.وإذا أخلت إحدى هذه الوسائل بوظيفتها فإن التعبير البد أن يكون في مجموعه ناقصا مختالً مبتورا . ويكمن المفهوم الجوهرى للبالغة المعاصرة في إصرارها على توظيف الرمـز الخـاص بدال من المعنى المجـرد ،والتلميح بدال من التصريح ،واإليحاء بدال من اإلخبار ،والتصوير بدال من التقرير ،والتجسيد بدال من التجريد .ذلك أن البالغة ال تكمن في سـرد الفكرة بل في ترجمتها إلى شكل معين ،خاص ،مـحـدد .فالبناء الكلى للعمل الفني يمكن األديب من أن يضـمـن مـا يريد أن يقـولـه بدال من أن يصرح به. ويرى الفيلسوف األمريكي المعاصر جون ديوي أن هذه الخاصية تميز الفن عن العلم ،ألن عالم النفس مثال إذا ما عالج اإلحساس فهو ال يملك سوى أن يخبرنا به ،أما األديب فيخلق موقفا معينا يثير هذا اإلحساس في نفوسنا ،فهو اليصـفـه كما يفعل العالم بل يخلق ما يجعله حقيقة متجسدة ملمـوسـة.ولذلك فإن البالغة المعاصرة تعتبر اللغة رمزا يجب أن يطابق الشئ الذي يرمز إليه مطابقة تامة.ودرجة مطابقة الرمز لما يرمز إليه من المسائل التي تهتم بها البالغة الحديثة التي ال يمكن أن تتوفر في العمل إذا زاد الرمز على اإلحساس والفكر أو زاد اإلحساس والفكر على الرمز. فالنتيجة في الحالة األولى زخارف لفظية مفتعلة وصور سقيمة بال وظيفة تعبيرية ألنها مجرد زوائد لفظية أو نتوءات بديعية ،وفي الحالة الثانية غموض وإبهام وعجز عن التأثير الفعال في المتلقي. ولعل من أهم إنجازات البالغة الحديثة إصرارها على أن العمل الفني عالم له كيانه المستقل ألنه المعادل الموضوعي إلحساس معين وفكر معين ال يمكن الحصول عليهما من مصادر أخرى غير العمل الفنى ذاته.ولذلك فإن المصادر والخبرات التي أدت إلى خلق العمل الفنى وأوحت به تختلف تمام االختالف بمجرد انصهارها في بوتقة العمل الفني عنها قبل دخول هذه البوتقة.فمثالً نجد أن زهرة الياسمين التي يصورها الشاعر في شعره تمدنا بمشاعر تختلف عما تمدنا به زهرة الياسمين التي نراها في حديقـة مـا بل وعن الزهرة نفسها التي أوحت للشاعر بالقصيدة ،ألن الياسمين الذي يصفه الشاعر ليس إال رمزا من رموز أخرى يوظفها الشاعر ليعبر لنا عن أحساس معين ويجسد فكرا معينا ،وهذا اإلحساس أو هذا الفكر ليس صفة أو خاصية من خصائص الياسمين ،كما أنه ليس خاصية من خصائص أي رمـز مـن الـرمـوز األخرى التي يوظفها الشاعر ،ما لم يوظفه الشاعر كمعادل موضوعي لإلحساس والفكر اللذين يريد نقلهما إلى المتلقى. إن بالغة األدب ال تكمن في براعته اللفظية وإما في موضوعيته الشاملة ،ذلك أن أية لغة أو أداة أو موضوع أو فكرة تصلح مادة خام لألدب إذا وظفها األديب ،كمعادل إلحساس وفكر معينين يرغب في التعبير عنهما فنيا.كذلك فإن العمل الفني ال يمكن أن يكون تعبيرا عن شخصية الفنان ،أو كـمـا يقـول الناقد والروائي المعـاصـر أ.م.فورستر إن المتلقى ينظر فعال بعيني الكاتب ،لكنه ال ينظر إليه بل إلى ما يشير ،وكلما تتبع إشارته إلى الموضوع ،تضاءلت رؤيته له. فالمتلقى عنـدمـا يسـتـفـرقـه عمل فني ناضج ،يصبح هذا العمل الحقيقة الوحيدة الكائنة التي تتضاءل إلى جوارها كل الحقائق األخرى ،حتى حقيقة الفنان الذي أبدعها. أما في اللغة العربية فكانت البالغة من أهم المباحث التي شغلت البلغاء والنحاة على مر العصور ابتداء بأقوال أبي األسود الدؤلي الذي كـان أول من فكر في وضع قـواعـد للـغـة الـعـربيـة وتقنينات للبالغة العربية في القرن الهـجـرى األول.وعلى الرغم من أنه لم يصلنا أي كـتـاب مـتكامل منه، فـإن آراءه التي ذكرت في الكتب المتفرقة بعد ذلك كانت قاعدة انطالق إلى آفاق هذا المجال، والتي جعلت منه أبا لقواعد النحو العربي وبالتالي رائدا من رواد بالغتها التي تلقت دفعة قوية في القرن الثاني الهـجـرى عل يدى سـيـبـويه بصفته أول من وضع كتابا في النحو العربي باسم «الكتاب».وكان قد استقى معظم مضمونه من آراء أستاذه العظيم الخليل ابن أحمد الذي لم يهتم بتسجيلها بقدر اهتمامه بتسجيل منهجه الرائد في تقنين أوزان وبحور الشعر العربي.ولذلك قام سيبويه بجمع أقوال أستاذه ونظمها ونسقها ومنهجها وبذلك حفظها لنا عبر القرون. أما ابن الحاجب فقد كتب الفيته «الشافية والكافية ،كدراسات معقدة إلى حد ما في المجال المبكر للنحو العربي ،ولذلك لم يرجع إليها النحاة وعلماء البالغة إال فيما ندر ،خاصة وأن ألفية ابن مالك بعد ذلك أغنتهم عن ألف يته وذلك لبساطتها وسالستها.أما البالغة العربية فلم تشهد مولدها الحقيقي إال في القرن الخامس الهجرى على يدى الزمخشري الذي وضع أسسها وأصولها العامة ،وذلك عندما انتقل باهتماماته التحليلية من مجال األلفاظ البحتة إلى المجاز ،وقام بدراسته الرائدة في ميدان تطور داللة الكلمة من الحقيقة إلى المجاز. كذلك استفاد النحاة وعلماء البالغة من محاوالت الكسائي في جمع الشواهد اللغوية والشعر العربي حتى يكتسب النحو العربي منهجا مقننا سلسا خاليا من الثغرات.وهو األسلوب الذي اتبعه معظم النحاة بعد ذلك في شرح الشروح السابقة عليهم طلبا للمزيد من البساطة والسهولة ،كما فعل الصبان في العصور الوسطى عندما قام بشرح شروح عالم اللغة المصرى األشموني الذي وضع أكبر الشروح وأكثرها إسهابا أللفية ابن الحاجب بهدف التخفيف قدر اإلمكان من صعوبتها وتعقيدها. وأخيرا يأتى ابن مالك األندلسي في القرن السابع الهـجـرى ليصنع ألفيته الشهيرة التي قامت معظم الشروح اللغوية عليها بعد ذلك ،إذ أنه مـزج فيها كل االجتهادات النحوية في ألف بيت على شكل أرجـوزة كبيرة لتسهيل مهمة حفظ قواعد اللغة العربية ،باإلضافة إلى كتاب آخر لنفس الهدف بعنوان «التسهيل» أو «تسهيل الفوائد.. وقد قدم نبيل راغب دراسة موجزة عن أقسام البالغة العربية وأصولها وأنواعها في كتابه «القواعد الذهبية إلتقان اللغة العربية في النحو والصرف والبالغة».فالبالغة العربية تنقسم إلى ثالثة علوم :علم المعاني وعلم البيان وعلم البديع والفصاحة بصفتها عنصـرا حـيـويا في البـالغـة تتـوغل بدورها في هذه العلوم على المستوى العام ،فهي تدل على البيان والظهور مثل :أفصح الخطيب في منطقه ،أي بان وظهـر كـالمـه ،وهي تعد وصـفـا للكلمـة والكالم والمتكلم. وتعنى فصاحة الكلمة سالمتها من تنافر الحروف ،ومخالفة القياس ،والغرابة.وذلك أن تنافر الحروف من حيث إيقاع الكلمة كوحدة صوتية متناغمة من شأنه أن يثقل اللسان ويؤدى إلى عسر النطق بها ،بحيث ترن الكلمة في أذن المستمع نشازا قـد يعـوق التقاطه واستيعابه لها.أما مخالفة القياس فتعني عدم جريان الكلمـة على قانون الصرف الذي شـاع اسـتـخـدامـه وقننه النحاة والبلغاء.أما الغرابة فتبدو في الكلمات التي يندر استخدامها نظرا لمعناها غير الظاهر للمتلقى العادي.هذا عن فـصـاحـة الكلمة ،أما عن فصاحة الكالم فالبد من سالمته من تنافر الكلمات مجتمعة ،ومن ركاكة التأليف ،ومن التعقيد مع فصاحة كلماته.أما تنافر الكلمات من حيث تسلسلها اإليقاعي المتناغم فـمـن شـأنه أن يثقل اللسان ويؤدى إلى عـسـر النطق بها ،وبالتالي صعوبة استيعابها من ناحية المتلقي.أما ركاكة التأليف فتعنى عدم جريان الكالم على القوانين التي و