محاضرة تاريخ العرب واإلسالم (2024-2025) PDF

Document Details

SaintlyEuphonium

Uploaded by SaintlyEuphonium

2024

د. خلود حاج يوسف

Tags

history islam arab middle east history

Summary

هذه المحاضرة الخامسة من مقرر تاريخ العرب واإلسـلام للسـنة الرابعة من قسم الآثـار في عامي (2024-2025) وتتناول العصرَ العباسي الأخير، والدولة الأموية في الأندلس، والعصر العثماني. تهدف المحاضرة إلى تقديم نظرة عامة عن هذه المراحل التاريخية المهمة في تاريخ العرب والإسلام.

Full Transcript

‫‪1‬‬ ‫مقرر تاريخ العرب واإلسالم ‪ -‬المحاضرة (‪( :)٥‬العصر العباسي األخير‪ ،‬الدولة األموية في األندلس‪،‬‬ ‫العصر العثماني) – السنة الرابعة ‪ /‬قسم اآلثار – (‪٢٠٢٥-٢٠٢٤‬م)‬ ‫أولا‪ :‬العصر العباسي األخير أو الرابع...

‫‪1‬‬ ‫مقرر تاريخ العرب واإلسالم ‪ -‬المحاضرة (‪( :)٥‬العصر العباسي األخير‪ ،‬الدولة األموية في األندلس‪،‬‬ ‫العصر العثماني) – السنة الرابعة ‪ /‬قسم اآلثار – (‪٢٠٢٥-٢٠٢٤‬م)‬ ‫أولا‪ :‬العصر العباسي األخير أو الرابع‪:‬‬ ‫‪ – ١‬الدولة السلجوقية‪:‬‬ ‫ظهر السالجقة في مطلع القرن (‪٥‬ه‪١١/‬م)‪ ،‬وكانت دولة الخالفة العباسية قد تمزقت‪ ،‬فاألمويون استتب‬ ‫أمرهم في األندلس‪ ،‬والفاطميون في مصر وشمال إفريقيا ‪ ،‬ولم يعد بمقدور بقداد القضاء على شوكة هؤالء‬ ‫جميعا وعمت الفوضى السياسية والعسكرية في جميع األنحاء‪.‬‬ ‫ينحدر السالجقة من قبيلة (قنق الغزية التركية) وينتسبون إلى جدهم (سلجوق بن دقاق)‪ ،‬وكانوا ينتشرون‬ ‫في الصحراء الواسعة وسهول المراعي الممتدة من الصين حتى شواطئ بحر قزوين‪ ،‬وفي عام (‪٣٧٥‬ه)‬ ‫نزحوا من موطنهم األصلي إلى بالد ما وراء النهر وخراسان بسبب الظروف االقتصادية السيئة في هذه‬ ‫المناطق الصحراوية أ و بسبب الحروب التي كانت تدور بين هذه القبائل المختلفة‪ ،‬فاصطدموا بالغزنويين‬ ‫الذين كانوا يسيطرون على المنطقة وطردوهم منها بعد االشتباكات‪ ،‬وأسس السلطان السلجوقي (طغرل بك)‬ ‫دولة في خراسان بالعام (‪٤٣١‬ه‪١٠٤٠/‬م) إثر انتصاره على السلطان مسعود الغزنوي‪ ،‬واعترف الخليفة‬ ‫العباسي (القائم باهلل) به سلطانا في العام (‪٤٣٢‬ه)‪.‬وكان قد واصل السالجقة سياستهم التوسعية في فارس‬ ‫مع اعتراف الخالفة العباسية بهدف القضاء على قوة البويهيين تمهيدا لمد نفوذهم إلى العراق‪ ،‬فاستولوا على‬ ‫كامل بالد الفرس واتخذ السلطان (طغرل بك حفيد سلجوق بن دقاق) في عام (‪٤٤٢‬ه) أصفهان عاصمة‬ ‫له‪ ،‬وبعد (‪ ٤‬سنوات) ضم إقليم أذربيجان وهكذا قامت (دولة السالجقة العظام) في خراسان وفارس وأصبحت‬ ‫جيوشهم جاهزة لدخول العراق‪.‬وعندما دخل زعيم السالجقة (طغرل بك) إلنقاذ بغداد من البويهيين سنة‬ ‫(‪٤٤٧‬ه ) لقبه الخليفة العباسي (القائم باهلل) ب (يمين أمير المؤمنين)‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫وكان السالجقة قد قسموا الدولة العباسية إلى (سالجقة العراق – سالجقة الشام – سالجقة الروم – سالجقة‬ ‫ضعف الدولة السلجوقية ُقوي حكام الواليات واستقلوا عن الخالفة العباسية‬ ‫خراسان – سالجقة إيران)‪.‬وبعد ُ‬ ‫ولم يبق للخليفة العباسي إال بغداد وما حولها‪.‬‬ ‫وهناك دول انفصلت عن الخالفة العباسية منها (الدولة الفاطمية في الشام ومصر والحجاز واليمن والمغرب‬ ‫– دولة اإلدريسيون والمرابطون والموحدون والحفصيون والمرينيون والسعديون جميعهم في شمال إفريقيا –‬ ‫الدولة االموية في األندلس)‬ ‫وبالمقابل ظلت دول موالية اسميا للخليفة العباسي ك (األغالبة في تونس – السامانية في ما وراء النهر –‬ ‫الزيارية في طبرستان – الصفارية في خراسان – الطاهرية في خراسان وإيران – الغزنوية في خراسان وإيران‬ ‫وتركستان والهند – الخوارزمية في خوارزم وإيران – وأيضا دولة السالجقة)‪.‬‬ ‫‪ – ٢‬الدولة الزنكية‪:‬‬ ‫بسبب الضعف الذي أصاب السالجقة برزت في أواخر عهدهم قيام دول منفصلة على حسابهم في ظل‬ ‫دولة الخالفة العباسية‪ ،‬عرفت بالدول األتابكية (األتابكية كلمة تركية‪ ،‬تعني أتا‪ :‬أب‪ ،‬بك‪ :‬أمير) أي (أب‬ ‫األمير) وهو مصطلح أطلق على الرجل الذي يقوم باإلشراف على تربية ابن السلطان‪.‬‬ ‫وكان األتابكيون قد نشأو في البالط السلجوقي نتيجة قيام السالجقة بشراء المماليك األتراك الذين يتم جلبهم‬ ‫من بالد القفجاق ( إقليم بحوض نهر الفولغا بالجنوب الشرقي من روسيا وشمال البحر األسود والقوقاز)‬ ‫حيث يتم إدخالهم في خدمة القصور السلطانية لتربية أبنائهم وتولي الوظائف العامة‪ ،‬وقد ترقى هؤالء في‬ ‫المناصب اإلدارية والعسكرية حتى وصلوا إلى المناصب القيادية‪ ،‬واتخذوا من نشوب النزاعات داخل البيت‬ ‫السلجوقي بعد وفاة السلطان (ملكشاه بن ألب أرسالن) فرصة لفرض سيطرتهم على المناطق التي تحت‬ ‫حكمهم‪ ،‬وتسابقوا في توسعة رقعتها كل على حساب اآلخر‪ ،‬وبعد ذلك نشأ نزاع أتابكي سار في خط مواز‬ ‫‪3‬‬ ‫للنزاع السلجوقي الداخلي‪ ،‬ومن أشهر هذه األتابكيات (دمشق – الموصل – الجزيرة – ماردين – أذربيجان‬ ‫– فارس)‪.‬‬ ‫ويعد من أشهر األتابكة في بداية القرن (‪ ١٢‬م) األمير (عماد الدين زنكي) مؤسس أتابكية الموصل والشام‬ ‫والجزيرة ومصر ‪ ،‬وهو ابن قسيم الدولة (آق سنقر) الحاجب عند السلطان السلجوقي (ملكشاه)‪ ،‬وبفضل عماد‬ ‫الدين وابنه نور الدين زنكي ظهرت الدولة األتابكية الزنكية في الشام‪ ،‬ومن أشهر ملوكها في بالد الشام‪:‬‬ ‫‪ -‬عماد الدين زنكي‪:‬‬ ‫تشعب عن السالجقة األتابكة ومنهم ( األتابك عماد الدين زنكي بن آق سنقر) الذي ينتمي إلى أسرة تركية‪،‬‬ ‫حيث تولى والده (آق سنقر) والية الموصل ثم حلب زمن السلطان السلجوقي (ملكشاه بن ألب أرسالن)‪،‬‬ ‫وكان قد ذاع صيت عماد الدين زنكي في معاركه التي خاضها ضد الصليبيين فكافأه السلطان محمود‬ ‫السلجوقي بأن أقطعه (البصرة وواسط) ثم أصبح أمي ار على الموصل والجزيرة وبذلك نشأت أتابكية الموصل‬ ‫التي حكمها عماد الدين حتى وفاته‪.‬‬ ‫وكان عماد الدين قد بدأ حكمه بتنظيم إمارته وجمع حوله خيرة الرجال ثم تطلع لالستقالل عن السالجقة‪،‬‬ ‫وحقق هدفه بالسيطرة على حلب لموقعها االستراتيجي الهام في مواجهة الصليبيين وبدأ منها حركة الجهاد‬ ‫ضدهم‪ ،‬فكان أول انتصار له عليهم في حصن األتارب الذين كانوا يغيرون منه على أهالي حلب فخربه‬ ‫وقتل وأسر من كان فيه ‪ ،‬ثم توالت انتصاراته على الصليبيين ففتح المعرة وبعلبك وغيرها‪ ،‬وأبرز نصر له‬ ‫كان فتحه لمدينة الرها أول إمارة صليبية تأسست في الشرق‪ ،‬وكان عماد الدين ينوي إخضاع دمشق له لكنه‬ ‫اغتيل أثناء حصاره قلعة جعبر‪.‬‬ ‫بعد مقتل عماد الدين زنكي انقسمت دولته بين ولديه‪ ،‬فحصل ابنه األمير غازي على مدينة الموصل‪ ،‬وابنه‬ ‫األصغر نور الدين محمود حصل على مدينة حلب‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ -‬نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي (‪٥٦٩-٥٤١‬ه‪١١٧٤-١١٤٦/‬م)‪:‬‬ ‫تابع نور الدين محمود حركة الجهاد ضد الصليبيين الذين أرسلوا حملة ثانية للرد على تحرير والده للرها‪،‬‬ ‫حيث خرج نور الدين من حلب ودخل الرها وفتح عدة مدن وحصون وقالع للصليبيين في حارم وعينتاب‬ ‫وإعزاز ومرعش وغيرها‪ ،‬كما توجه نور الدين نحو دمشق التي كانت تحت سيطرة البوريين الذين تحالفوا عن‬ ‫طريق آخر أتابكتهم (مجير الدين آبق) مع مملكة بيت المقدس الالتينية فقضى نور الدين على هذا التحالف‬ ‫وتمكن من دخول دمشق وقضى على الدولة البورية فيها‪ ،‬ثم تطلع نور الدين إلى مصر ليوحدها مع الشام‬ ‫ضد الصليبيين فأرسل لها عدة حمالت بقيادة (أسد الدين شيركوه) ثم صالح الدين الذي تحقق على يديه‬ ‫هذا الهدف عندما قضى على الدولة الفاطمية فيها‪.‬‬ ‫وأهم األعمال التي قام بها نور الدين محمود زنكي التوسع في إنشاء المدارس الخاصة بالمذاهب األربعة‬ ‫(الشافعي‪ ،‬الحنفي‪ ،‬الحنبلي‪ ،‬المالكي)‪ ،‬كما أنشأ أول دار للحديث الشريف وهي دار الحديث النورية بدمشق‪،‬‬ ‫وبنى البيمارستان النوري وأوقفه على الفقراء ‪ ،‬واهتم بالتجارة فأنشأ الخانات وأزال المكوس المفروضة عليها‪.‬‬ ‫وقد توفي نور الدين وكانت سيرته من أحسن سير الملوك واألكثر تحريا للعدل‪.‬‬ ‫‪ -‬الصالح اسماعيل بن نور الدين محمود زنكي (‪٥٧٧-٥٦٩‬ه‪١١٨١-١١٧٣/‬م)‪:‬‬ ‫لم يترك نور الدين بعد وفاته سوى طفل اسمه اسماعيل‪ ،‬وابنة صغيرة وزوجته عصمة الدين خاتون‪ ،‬فاتفق‬ ‫األمراء على تنصيب اسماعيل خلفا لوالده‪ ،‬وعينوا محمد بن عبد الملك المعروف (بابن المقدم) وصيا عليه‬ ‫وقائدا للجند‪ ،‬وكان السماعيل ابنا عم هما (سيف الدين غازي الثاني أمير الموصل) وأخوه (عماد الدين‬ ‫زنكي الثاني أمير سنجار) وقد دب النزاع بينهما فزاد ذلك من حدة انقسامات الدولة التي تحولت إلى ثالث‬ ‫دويالت (الموصل – حلب – دمشق) وهذا ما دفع صالح الدين األيوبي إلى ضم الشام إلى مصر لتوحيد‬ ‫‪5‬‬ ‫كلمة المسلمين في وجه الصليبيين والقضاء على االنقسام في صفوف المسلمين ال سيما أن الصالح اسماعيل‬ ‫كان صغي ار ال يستطيع التصدي للصليبيين‪.‬‬ ‫‪ – ٣‬شاهات خوارزم‪:‬‬ ‫قامت إلى جانب الدولة األتابكية دول أخرى نتيجة تولية السالطين السالجقة نوابا لهم في األقاليم التي كانت‬ ‫تحت حكمهم ‪ ،‬فاستأثر هؤالء النواب بحكم هذه األقاليم وأورثوها إلى أبنائهم‪ ،‬وقد تلقبوا ب (الشاهات) وأشهر‬ ‫هؤالء الشاهات (شاهات خوارزم – شاهات أرمينيا)‪ ،‬وهكذا ورثت الدول األتابكية وشاهات خوارزم أمالك‬ ‫السالجقة‪ ،‬حيث انقرضت الدولة السلجوقية بخراسان وبالد الري والجبل وما وراء النهر على أيدي ملوك‬ ‫خوارزم‪ ،‬وقد انتهت الدولة الخوارزمية على أيدي المغول سنة (‪٦٢٨‬ه‪١٢٣١/‬م)‪.‬‬ ‫‪ – ٤‬الدولة اليوبية (‪٦٥٥-٥٦٧‬ه‪١٢٥٧-١١٧١/‬م)‪:‬‬ ‫ينتسب أيوب الجد األعلى للساللة األيوبية إلى قبيلة الهدبانيين األكراد‪ ،‬فقد جنَّد عماد الدين زنكي أعداد‬ ‫كبيرة من األكراد في صفوفه وكان منهم (أيوب بن شادي بن مروان) والد صالح الدين األيوبي وذلك سنة‬ ‫(‪٥٣٢‬ه)‪ ،‬ودخل بعد ذلك مباشرة أخوه (أسد الدين شيركوه) عم صالح الدين في خدمة نور الدين محمود‬ ‫بن عماد الدين زنكي‪.‬وفي عام (‪ ٥٦٤‬ه) تسلم شيركوه السلطة في مصر واعترف جنده فيما بعد بابن أخيه‬ ‫صالح الدين خليفة له بعد أن كان العاضد أخر الخلفاء الفاطميين قد جعله وزي ار له‪ ،‬واستطاع صالح الدين‬ ‫المؤسس الحقيقي للدولة األيوبية أن يقضي على آخر مظاهر الحكم الفاطمي في مصر‪ ،‬ومن أشهر‬ ‫السالطين األيوبيين‪:‬‬ ‫‪ -‬صالح الدين يوسف بن ايوب بن شادي (‪٥٨٩-٥٦٧‬ه‪١١٩٢-١١٧١/‬م)‪:‬‬ ‫ظهر صالح الدين األيوبي أول مرة في المجال السياسي عندما أرسل نور الدين محمود بن عماد الدين‬ ‫زنكي حملة إلى مصر بقيادة صالح الدين وعمه أسد الدين شيركوه‪ ،‬ثم تقلد و ازرة مصر‪ ،‬واستطاع تحقيق‬ ‫‪6‬‬ ‫النصر على الصليبيين في دمياط ‪ ،‬ثم أصبح صاحب النفوذ المطلق في مصر بعد وفاة الخليفة العاضد‬ ‫الفاطمي آخر الخلفاء الفاطميين‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬قام بتوحيد مصر والشام ‪ ،‬جمع القوات لمحاربة الصليبيين حيث بسط سلطانه على الواليات‬ ‫الصليبية وانتصر بمعركة حطين وفتح بيت المقدس‪ ،‬وكان صالح الدين رجل جهاد وعلم وإصالح فقد أدخل‬ ‫نظام المساجد المدرسية في القاهرة‪ ،‬وبدأ ببناء المدارس‪ ،‬وجعل أوقاف كثيرة ألعمال البر‪.‬‬ ‫وعندما توفي صالح الدين كان قد اقتسم البالد األيوبية أبنائه وأخوته (فكان ابنه األفضل نور الدين قد‬ ‫امتلك دمشق والساحل وبعلبك وغيرها – وابنه الظاهر غازي امتلك حلب وأعمالها – وابنه العزيز عثمان‬ ‫امتلك مصر – وأخوه الملك العادل أبو بكر محمد بن أيوب امتلك الكرك) وهكذا انقسمت الدولة األيوبية‬ ‫إلى ثالث دول في (مصر – دمشق – حلب) ‪ ،‬وكان صاحب مصر هو صاحب السيادة على باقي الملوك‬ ‫لذلك تمت مبايعة العزيز عثمان وبدأ الصراع بين األخوة فتوجه العزيز إلى دمشق وحاصر أخاه األفضل‬ ‫فيها الذي استنجد بإخوته وعمه الذين أصلحوا بين األخوين‪ ،‬ثم اتفق العزيز والعادل على أخذ دمشق من‬ ‫األفضل وتسليمها للعادل فتم ذلك‪.‬‬ ‫‪ -‬الملك العادل أبو بكر محمد بن أيوب بن شادي (‪٦١٥-٥٩٦‬ه‪١٢١٨-١٢٠٠/‬م)‪:‬‬ ‫نشأ الملك العادل في خدمة نور الدين محمود زنكي‪ ،‬وكان أخوه صالح الدين يستشيره ويعتمد على رأيه‬ ‫وعقله ودهائه فكان ملكا جليالُ عميق الفكر‪ ،‬وعندما أصبح العادل سلطانا بدأ جهاده ضد الصليبيين من‬ ‫جديد وانتصر عليهم‪.‬وعندما توفي العادل كان قد قسم البالد األبوبية في حياته بين بنيه (الكامل في مصر‬ ‫– المعظم عيسى في دمشق والقدس وطبرية والكرك – األشرف موسى في الجزيرة – الغازي في الرها‬ ‫وميافارقين – الخضر أرسالن في قلعة جعبر)‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪ -‬الملك العادل الثاني بن الكامل بن العادل بن أيوب (‪٦٣٧-٦٣٥‬ه‪١٢٤٠-١٢٣٨/‬م)‪:‬‬ ‫لما علم األمراء في مصر بموت الكامل بايعوا ابنه سيف الدين أبا بكر الملقب (بالملك العادل) وأقاموا في‬ ‫دمشق الملك الجواد يونس بن مودود نائبا له‪ ،‬فأرسل العادل الثاني إلى الجواد يطلب منه ترك دمشق على‬ ‫أن يعوضه غيرها فلم يرض الجواد بذلك بل اتفق مع الملك الصالح أيوب بن الكامل صاحب سنجار والرقة‬ ‫على أن يتبادال اإلمارات‪ ،‬فصارت دمشق للصالح أيوب وسنجار للجواد‪ ،‬وكاتب المصريون الصالح أيوب‬ ‫س ار ليسلموه مصر‪ ،‬وقبضوا على العادل وقدم الصالح أيوب ودخل مصر وملكها‪.‬‬ ‫‪ -‬الصالح أيوب بن الكامل بن العادل بن أيوب (‪٦٤٧-٦٣٧‬ه‪١٢٤٩-١٢٤٠/‬م)‪:‬‬ ‫بدأ عهده بمشروع بناء جزيرة الروضة التي ستكون مقر تدريب المماليك البحرية‪ ،‬وقد قدم إليه الخوارزميون‬ ‫هاربين من جنكيز خان فعقد معهم صلحا وحاربوا معا ضد الصليبيين‪ ،‬واستولوا على غزة وبيت المقدس‬ ‫ودمشق‪.‬وأبرز ما حدث في عهده هو وصول الحملة الصليبية السابعة إلى مصر بقيادة لويس التاسع ملك‬ ‫فرنسا واستيالءه على دمياط بعد معركة شديدة ومن ثم عسكر بالقرب من المنصورة وانتصر على المصريين‬ ‫في أول األمر وكاد أن يقتحم قصر السلطان ل وال أن رده مماليك الصالح أيوب بقيادة بيبرس الذي انقض‬ ‫بجيشه على الصليبيين وقلب نصرهم هزيمة‪ ،‬وفي أثناء تقدم الصليبيون نحو المنصورة توفي الصالح أيوب‬ ‫وكان ولي عهده المعظم تورانشاه بعيدا في حصن كيفا فتدبرت زوجة الصالح أيوب (شجر الدر) أمور الدولة‬ ‫وأخفت خبر وفاته‪.‬‬ ‫‪ -‬تورانشاه بن الصالح أيوب (‪٦٤٨-٦٤٧‬ه‪١٢٥٠-١٢٤٩/‬م)‪:‬‬ ‫لما توفي الصالح أيوب لم يكن قد أوصى بالحكم البنه تورانشاه‪ ،‬فتدبرت شجر الدر هذا االمر وطلبت من‬ ‫األمراء أن يبايعوه عند وصوله للقاهرة وتم ذلك‪ ،‬وعندما تقدم الصليبيون اشتد القتال على المنصورة ودمياط‬ ‫‪8‬‬ ‫من قبل األيوبيين ب ار وبح ار وأُسر لويس وكثير من رجاله‪ ،‬وكان تورانشاه قد أحضر معه من كيفا بعض‬ ‫مماليكه فأغروه بقتل مماليك أبيه فلما عزم على ذلك اجتمع هؤالء عليه وقتلوه‪.‬‬ ‫‪ -‬شجر الدر (‪٦٤٨‬ه‪١٢٥٠/‬م)‪:‬‬ ‫لما قتل تورانشاه وقعت الفتنة بين األمراء وتنازعوا الحكم‪ ،‬فاستدركت شجر الدر األمر وطلبت البيعة لنفسها‪،‬‬ ‫فبايعها الجميع بشرط أن يكون عز الدين أيبك قائدا للعسكر‪ ،‬إال أن أمراء دمشق األيوبيين رفضوا الخطبة‬ ‫لشجر الدر‪ ،‬وكاتبوا الملك الناصر يوسف صاحب حلب فسار إليهم وملك دمشق فخاف أمراء مصر من‬ ‫ذلك وشعروا بالوقت نفسه بالحرج من تولية امرأة عليهم فأخرجت شجر الدر الجميع من هذا المأزق لما‬ ‫تزوجت عز الدين أيبك وتنازلت له عن الحكم‪.‬‬ ‫‪ -‬األشرف موسى بن يوسف (‪٦٥٥-٦٤٨‬ه‪١٢٥٧-١٢٥٠/‬م)‪:‬‬ ‫لم يرض األمراء األيوبيون على تولية عز الدين أيبك ألنهم اتفقوا بعد ذلك على إقامة شخص من بني أيوب‬ ‫واختاروا لذلك الملك األشرف موسى وقرروا أن يكون أيبك أتابك عسكره‪ ،‬وما إن استلم األشرف الحكم في‬ ‫مصر حتى خرج عليه الناصر يوسف صاحب دمشق وحلب قاصدا مصر‪ ،‬وحدثت معركة بين الفريقين‬ ‫انتصر فيها عساكر األشرف موسى بقيادة أيبك الذي استبد بعد ذلك بمصر وخلع األشرف آخر رجال بني‬ ‫أيوب بمصر‪.‬‬ ‫‪ – ٥‬الدولة المملوكية (‪٩٢٣-٦٥٥‬ه‪١٥١٧-١٢٥٧/‬م)‪:‬‬ ‫‪ -‬نشأة المماليك وأصولهم وبداياتهم‪:‬‬ ‫المماليك جمع مملوك ويعني الرقيق الذي ُيشترى بهدف تربيته واالستعانة به كجند‪ ،‬وقد يكون المملوك‬ ‫مأسو ار أو مخطوفا أو مملوكا قه ار وبيع في أسواق النخاسة ‪ ،‬ونتيجة استمرار الحروب بين األمم انتشرت‬ ‫‪9‬‬ ‫تجارة الرقيق في العصور اإلسالمية وتنوع األرقاء فمنهم ذو البشرة البيضاء (المماليك)‪ ،‬وقد بذلت أثمان‬ ‫غالية في شرائهم‪ ،‬وكات المماليك األتراك والصقالبة أشهر الرقيق األبيض في القرون الوسطى‪ ،‬وأنشئت‬ ‫للرقيق أسواق وخانات في المدن الكبرى أشهرها دار الرقيق في بغداد وسوق الرق في دمشق‪ ،‬وكان األمراء‬ ‫والسالطين والخلفاء يشترونهم ليصنعوا منهم رجال أشداء ويشكلون منهم فرقا خاصة في جيوشهم‪.‬‬ ‫يرجع استخدام المماليك في الجيوش العربية اإلسالمية إلى أيام الدولة العباسية في عهد الخليفة العباسي‬ ‫المعتصم باهلل (‪٢٢٧‬ه‪٨٤١/‬م) الذي شكل منهم فرقا عسكرية وكان يرسل من يشتريهم واستكثر منهم وعندما‬ ‫ازدادت أعدادهم في بغداد وصاروا يؤذون الناس فيها‪ ،‬بنى لهم المعتصم مدينة سامراء وأسكنهم فيها‪ ،‬وعندما‬ ‫ضعف سلطان الخالفة في األقاليم جعلت بعض الدويالت تكوين جندها أو حرس ملوكها من المماليك‬ ‫األتراك المجلوبين عن طريق الشراء‪.‬‬ ‫لم يكن من الصعب الحصول على هؤالء المماليك ألن تجارة الرق كانت رائجة جدا في حينها وكان الوضع‬ ‫االقتصادي للقبائل سيئا للغاية‪ ،‬وانتشرت المجاعات وكثرت الحروب الصليبية وحروب التتار‪ ،‬واضطر كثير‬ ‫من األهل في مناطق وسط آسيا وشرق أوربا لبيع أوالدهم خصوصا لدولة الخالفة العباسية ألنهم واثقون‬ ‫من حصول أوالدهم على مستقبل أفضل وخصوصا أن بعض من سبقهم وصل إلى مراكز عالية بالسلطة‬ ‫منها قادة الجيوش وحتى السالطين‪ ،‬وقد شاعت األخبار لدى هذه القبائل أن أوالدهم سيالقون مصي ار أفضل‬ ‫وسعادة وسرعة في الوصول إلى الثراء وسيترقون في الوظائف والمناصب‪ ،‬فما كان أهل تلك القبائل يرون‬ ‫حرجا في بيع أوالدهم للنخاسين الذين كانوا يعدونهم بحياة رغيدة ومستقبل عظيم بدال من حياة البؤس التي‬ ‫كانوا يعيشونها‪ ،‬مما جعل الرقيق ال يعتمد على سبايا الحرب فقط‪ ،‬وبعض هؤالء المماليك لم يفقدوا صلتهم‬ ‫بأهاليهم بل أرسلوا بطلبهم للحضور ومنهم (برقوق) الذي أحضر والده (آنص) وأهله‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫وتعبير المماليك تطور عبر الزمن وأصبح يطلق بالمفهوم التاريخي على دولة أسسها في مصر والشام أولئك‬ ‫المماليك الذين أحضرهم صالح الدين األيوبي وخلفاؤه من بعده‪.‬وعلى أية حال لما انتقلت السلطة إلى‬ ‫األيوبيين عام (‪٥٦٧‬ه‪١١٧١/‬م) ساروا على نهج الدول التي سبقهم في اإلكثار من شراء المماليك األتراك‬ ‫وكون منها فرقة يقال‬ ‫واستخدامهم في الجيش‪ ،‬حيث قام صالح الدين هو نفسه بشراء مجموعة من المماليك ّ‬ ‫لها المماليك الصالحية نسبة إليه أو الناصرية نسبة إلى لقبه (الملك الناصر)‪ ،‬وبعد وفاته حدث كثير من‬ ‫المنازعات الداخلية بين أفراد البيت األيوبي فكان من الطبيعي أن تزداد أعداد المماليك األتراك في أثناء تلك‬ ‫النزاعات‪ ،‬وأن يستمر بنو أيوب في جلب الرقيق لتغذية جيوشهم‪ ،‬وكان أكثر األيوبيين جلبا للمماليك الملك‬ ‫الصالح نجم الدين أيوب‪ ،‬وقد كان مماليك األيوبيين من األتراك القفجاق (بالد القفجاق‪ :‬واقعة في حوض‬ ‫الفولغا شمال البحر األسود وفي القوقاز حيث تعيش قبائل مختلفة من األتراك والجراكسة والروس والمجر‬ ‫وغيرهم)‪ ،‬والصالح نجم الدين أيوب لما تولى الحكم اشترى منهم نحو (‪ ١٠٠٠‬تقريبا) وجعل جماعة منهم‬ ‫أمراء في أثناء حياته‪ ،‬كما تعود أصول غيرهم إلى (شبه جزيرة القرم‪ ،‬بالد القوقاز‪ ،‬آسيا الصغرى‪ ،‬فارس‪،‬‬ ‫تركستان‪ ،‬بالد ما وراء النهر‪ ،‬أواسط آسيا‪ ،‬منغوليا) وكذلك كان يستجلب المماليك من األرمن والشركس‬ ‫والمغول ومن األتراك والروم والروس واألكراد وكانت هناك أقلية أوربية من اليونان وإسبانيا وألمانيا‪ ،‬فالمماليك‬ ‫من أجناس مختلفة إذ من الممكن أن تجد في المجموعة الواحدة من الجند أشخاصا من مختلف الجنسيات‬ ‫اآلسيوية واألوربية‪ ،‬ويسري هذا الحال على السالطين فالسلطان كتبغا مغولي األصل‪ ،‬وخشقدم من أصل‬ ‫ألباني‪ ،‬وقد شاهد الرحالة األوربيون الذين زاروا القاهرة في القرن (‪٩‬ه‪١٥/‬م) مماليك من أصول ألمانية‬ ‫وهنغارية وإيطالية‪.‬‬ ‫وكان التجار األجانب يأتون بالمماليك غالبا عن طريق البحر حيث يدخلون إلى القاهرة عن طريق دمياط‬ ‫واالسكندرية‪ ،‬بينما كان التجار المسلمون يأتون غالبا عن طريق البر‪ ،‬وكانت أثمان هؤالء الرقيق تختلف‬ ‫بين قلة أو كثرة وتصل أحيانا إلى أثمان باهظة وذلك يعتمد على (اللون‪ ،‬القوة‪ ،‬الجمال‪ ،‬الذكاء)‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ولم يتوقف سيل ورود المماليك الجدد حتى بعد سيطرتهم على الحكم‪ ،‬فقد استمر جلبهم في عهد الظاهر‬ ‫بيبرس والملك قالوون ثم السلطان حسن وبرقوق وبرسباي وقايتباي‪ ،‬ولم يكن السلطان وحده الذي يستجلب‬ ‫المماليك فلقد كان األمراء أيضا يشترونهم ويشكلون منهم حرسهم الخاص وعناصر جندهم المقربين‪ ،‬ولذلك‬ ‫كان المملوك األسعد حظا من يملكه السلطان الذي سيحرره فيما بعد ليكون أمي ار على عشرة أو خمسين أو‬ ‫مئة وقد يرقى دفعة واحدة ليكون أمير ألف‪.‬‬ ‫وكان المماليك ينسبون إلى صاحبهم األول أو إلى أستاذهم أو تاجر الرقيق الذي استجلبهم مثل المماليك‬ ‫الذين عرفوا باسم المماليك العثمانية وقد نسبوا إلى الخواجا عثمان الذي استجلبهم وكان أحد كبار تجار‬ ‫المماليك المشهورين‪ ،‬وكان الظاهر بيبرس العالئي البندقداري الصالحي اسمه بيبرس وتلقب فيما بعد‬ ‫بالظاهر على عادة ذلك العصر وكان عالء الدين البندقداري هو أول مالك له‪ ،‬ثم تسمى بالصالحي نسبة‬ ‫إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب بعد أن انتقل إلى خدمته‪ ،‬وبعد أن قام بيبرس نفسه بشراء المماليك من‬ ‫التجار أطلق اسمه على مماليكه وسموا بالمماليك الظاهرية‪ ،‬بينما نجد أن السلطان قالوون األلفي قد أخذ‬ ‫اسمه (األلفي) من القيمة الباهظة التي دفعت لشرائه وهي ألف دينار‪ ،‬وكانت آنذاك مبلغا كبي ار جدا مما‬ ‫كان مدعاة فخر لمالكه ولقالوون نفسه وال تزال عائلة األلفي موجودة اليوم في مصر‪.‬‬ ‫‪ -‬قيام دولة المماليك‪:‬‬ ‫امتد العصر المملوكي من ذ سقوط األيوبيين إلى مجيء العثمانيين‪ ،‬وحكم المماليك أكثر من (‪ ٢٧٥‬عاما)‬ ‫انقسموا خاللها إلى دولتين هما‪:‬‬ ‫الدولة المملوكية البحرية‪ :‬ومؤسسها عز الدين أيبك‪ ،‬وحكمت نحو (‪ ١٣٥‬عاما)‪ ،‬وكلمة البحرية أطلقت على‬ ‫جماعة من المماليك قبل تأسيس دولتهم حيث أسكنها سيدها الصالح نجم الدين أيوب بقلعة الروضة في‬ ‫نهر النيل فعرفوا بالبحرية وصاحبهم هذا االسم‪ ،‬ومن أشهر ملوكها الظاهر بيبرس وقالوون وأسرته‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫الدولة المملوكية البرجية (الجركسية)‪ :‬أصل معظم ملوكها من بالد الجركس ولهذا السبب سميت الدولة‬ ‫بالجركسية‪ ،‬وسموا باسم آخر هو البرجية‪ ،‬ألن المنصور قالوون عندما أكثر من شرائهم حتى بلغ عددهم‬ ‫نحو (‪ )٣٧٠٠‬أسكنهم في أبراج قلعة الجبل‪ ،‬وقد استمرت هذه الدولة قرابة (‪ ١٣٩‬عاما)‪ ،‬ويعد مؤسسها‬ ‫برقوق العثماني الجركسي‪ ،‬ومن أشهر ملوكها‪ :‬قايتباي‪ ،‬طومان باي‪.‬‬ ‫‪ -‬معركة عين جالوت‪:‬‬ ‫بعد استيالء المغول على بغداد عام (‪٦٥٦‬ه‪١٢٥٨/‬م) قصد هوالكو الشام فوصل إلى حلب ودخلها ودمرها‬ ‫ثم توجه للهجوم إلى حماة ومن هناك قصد دمشق واستولى عليها وعلى سائر الشام وتابع زحفه نحو الغرب‬ ‫يعد العدة للهجوم على بيت المقدس تمهيدا للهجوم على مصر‪ ،‬فوجه هوالكو عام (‪١٢٦٠‬م) انذا ار إلى‬ ‫المظفر قطز كله تهديد ووعيد وإنذار بالويل لسلطان مصر المملوكي إن هو لم يخضع ويعترف بسلطان‬ ‫المغول ويستسلم له‪ ،‬فما كان من قظز إال عقد اجتماعا عاجال مع أمراء دولته بحثوا فيه هذا الموقف‬ ‫الخطير‪ ،‬فأجمع الحاضرون على قتل الرسل والسير لمواجهة المغول‪ ،‬فأمر قطز باعتقال رسل المغول‬ ‫وضرب رؤوسهم‪ ،‬وفي تلك األثناء غادر هوالكو بالد الشام متوجها إلى عاصمته بعد أن سمع بقيام صراع‬ ‫على السلطة هناك من جهة ولخوفه على أمالكه في إيران من جهة أخرى موكال قيادة الجيش للقائد كتبغا‪،‬‬ ‫وبعدها وضع قطز مع أمرائه خطة عسكرية محكمة تتضمن ما يلي‪:‬‬ ‫تدعيم الجبهة الداخلية وتعبئة الرأي العام استعدادا لخوض المعركة‪ ،‬ومن ثم المباشرة باالستعدادات العسكرية‪،‬‬ ‫واستقطاب األمراء األيوبيين والمماليك بهدف توحيد الصف في بالد الشام ومصر تحت قيادة واحدة‪ ،‬وإرسال‬ ‫قوة استطالعية بقيادة الظاهر بيبرس لدراسة الموقف على األرض وقد اصطدمت هذه مع الحامية المغولية‬ ‫الموجودة في غزة وطاردت أفرادها حتى نهر العاصي ‪ ،‬وبعد ذلك عسكر قطز في منطقة الحدائق الواقعة‬ ‫خارج عكا عدة ايام ‪ ،‬وقام قطز بمهادنة الصليبيين الذين استاؤوا من المغول لمهاجمتهم مدينة صيدا ونهبها‪،‬‬ ‫‪13‬‬ ‫فعرضوا على قطز أن يمدوه بقوات من عندهم ولكنه شكرهم وطلب منهم أن يكونوا ال له وال عليه وهددهم‬ ‫إذا اعتدوا على مؤخرة جيش المسلمين أن يعود إليهم ويقاتلهم قبل أن يقاتل المغول‪ ،‬وتوجه قطز نحو عين‬ ‫جالوت البلدة اللطيفة التي تقع بين بيسان ونابلس من أعمال فلسطين فوصلها في (‪ ٢٥‬رمضان ‪-‬‬ ‫‪٦٥٨‬ه‪ ١٢٦٠/‬م) واشتبك الجيشان المملوكي والمغولي وبعد قتال شديد ومرير انجلت المعركة عن نصر‬ ‫رائع للمماليك وقهر المغول وقتل قائد جيشهم كتبغا‪.‬وبعد انتصار المماليك في عين جالوت توجه قطز‬ ‫مباشرة نحو دمشق ودخلها ثم سيطر على سائر بالد الشام من الفرات إلى حدود مصر‪ ،‬ثم استتاب نوابه‬ ‫على كل من دمشق وحلب وحماة والمعرة والسلمية والساحل وغزة موسعا بذلك األراضي والبالد التي يسيطر‬ ‫عليها المماليك ومحققا وحدة بالد الشام ومصر من جديد‪.‬‬ ‫وقد نتج عن المعركة ما يلي‪:‬‬ ‫أنها ثبتت حكم دولة المماليك في مصر والشام‪ ،‬وكانت معركة عين جالوت من المعارك الحاسمة في التاريخ‬ ‫العربي واإلسالمي لما ترتب عليها من نتائج أبرزها اعتراف األيوبيين بالحكم المملوكي‪ ،‬وقد تم إعادة الوحدة‬ ‫بين مصر وبالد الشام بعد تمزيقها من قبل ورثة صالح الدين األيوبي‪ ،‬وأدت هذه المعركة إلى ظهور دولة‬ ‫المماليك قوية أمام باقي قوى العالم آنذاك فأصبحت دولة يحسب لها حساب ويهابها القريب والبعيد وأظهرت‬ ‫هذه المعركة المماليك القوة األساسية في الشرق‪ ،‬ولقي المغول ألول مرة في تاريخهم في الشرق هزيمة‬ ‫حاسمة وبذلك قضى المماليك على الخرافة التي تقول (إن المغول ال يغلبون)‪ ،‬وأنقذت هذه المعركة العرب‬ ‫واإلسالم والمسلمين وأوربا من أعظم خطر ألن المغول كانوا ماضيين في زحفهم‪ ،‬كما أدى انتصار المماليك‬ ‫إلى احتفاظ مصر بحضارتها ومدنيتها على عكس ما حدث لبغداد من الدمار والخراب‪ ،‬وأدت هذه المعركة‬ ‫إلى رفع معنويات الجيش المملوكي إلى أقصى حد‪ ،‬فلم يكن هذا الجيش قبل معركة عين جالوت شيئا يذكر‬ ‫فهو لم يخض معركة مهمة كهذه المعركة ولم يكن قد زج في قتال الختبار جاهزيته وقدرته الحربية‪ ،‬ففي‬ ‫‪14‬‬ ‫معركة المنصورة اشترك بصورة غير موحدة مع األيوبيين‪ ،‬في حين برزت عبقرية قادته وكفاءتهم الحربية‬ ‫روع العالم ووصف بأنه ال يقهر فكانت هذه المعركة سببا في تشجيع الجيش‬ ‫في هذه المعركة أمام جيش ّ‬ ‫المملوكي ودفعه على فتح بقية الجهات األخرى والتصدي للصليبيين وغيرهم من القوى الخارجية والسيطرة‬ ‫الكاملة على الساحل وعلى األراضي الشامية والمصرية‪.‬وأدت تلك الطموحات والمعنويات إلى ازدياد حجم‬ ‫الجيش المملوكي بعد هذه المعركة وتعددت تشكيالته القتالية فأصبح في عهد الظاهر بيبرس ثالثة جيوش‬ ‫(مصر‪ ،‬دمشق‪ ،‬حلب) وبلغ عدده (‪ ٤٠‬ألف مقاتل)‪ ،‬وبلغ في عهد الملك الناصر محمد (‪ ١٥٠‬ألف مقاتل)‬ ‫ثم تطور هذا الجيش فأصبح يضم قوات مركزية في مصر وقوات احتياطية ودخل في قوامه جيوش (القبائل‬ ‫العربية‪ ،‬التركمان‪ ،‬األكراد) ووصل العدد إلى (‪ ٣٥٧‬ألف مقاتل) هذا من حيث العدد‪ ،‬أما من حيث العدة‬ ‫فقد ط أر تطور كبير على نوعية األسلحة واختصاصات الجنود‪ ،‬فبنيت الجسور والترع وتطور سالح النفط‬ ‫والنيران وتنوعت المواد الحارقة واألسلحة الكيميائية في قنابل دفاعية وهجومية‪ ،‬وتطور سالح المدفعية تطو ار‬ ‫ملحوظا وكذلك السالح البحري‪ ،‬وأخي ار تعد معركة عين جالوت معركة فاصلة ألنها فتحت تاريخا جديدا‬ ‫لدولة المماليك ومهدت لسلسلة من الغزوات ضد الصليبيين والمغول واألرمن والغرب األوربي‪.‬‬ ‫‪ -‬أشهر الملوك بالدولة المملوكية البحرية‪:‬‬ ‫‪ - ١‬الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري الصالحي النجمي (‪٦٧٦-٦٥٨‬ه‪١٢٧٧-١٢٦٠/‬م)‪:‬‬ ‫ولد في بالد القفجاق (كازاخستان حاليا)‪ ،‬واسم بيبرس يعني بالتركية (أمير الفهد)‪ ،‬وقد وصل بيبرس إلى‬ ‫الرق‪ ،‬وانضم بعد ذلك في خدمة السلطان األيوبي الملك الصالح نجم الدين‬ ‫بالد الشام عن طريق تاجر لبيع ّ‬ ‫أيوب بالقاهرة ثم اعتقه وجعله من مماليكه وشغل منصب أمير لفرقة الحرس الشخصي للسلطان نجم الدين‬ ‫أيوب‪ ،‬وقد لقبه الملك الصالح أيوب ب (ركن الدين) ‪ ،‬وبعد وصوله للحكم لقب نفسه بالملك الظاهر‪ ،‬وقد‬ ‫لقب أيضا ب (أبي الفتوح) سلطان مصر والشام‪ ،‬ويعتبر المؤسس الحقيقي لدولة المماليك البحرية‪ ،‬وقد كان‬ ‫‪15‬‬ ‫حريصا على أخالق رعيته واإلحسان للفقراء وإكرام العلماء واإلنصات إليهم‪ ،‬وامتلك شجاعة وفروسية ال‬ ‫مثيل لها‪ ،‬وكان شعار دولته (السبع) وقد نقش صورته على الدراهم والرنوك على العمائر المملوكية‪.‬‬ ‫وقد كان أول خليفة عباسي في القاهرة بعهده هو (أحمد المستنصر باهلل) (‪١٢٦٢-١٢٦١‬م)‪ ،‬وقد حقق‬ ‫بيبرس خالل حياته العديد من االنتصارات أهمها‪ :‬شن الحروب ضد الصليبيين فقد كان يشن غارات سنوية‬ ‫عليهم واستطاع استعادة مدن كثيرة كانت تحت حكمهم ك (أنطاكية‪ ،‬حيفا‪ ،‬يافا)‪ ،‬وأرسل العديد من الحمالت‬ ‫العسكرية إلى ليبيا والنوبة‪ ،‬وخاض الحروب ضد المغول ومن أشهر انتصاراته عليهم بمعركة عين جالوت‪.‬‬ ‫ومن أهم انجازاته‪ :‬إنشاء خدمة البريد السريع فخصص له الخيل والحمام الزاجل وتتطلب فقط (‪ ٤‬أيام) بين‬ ‫دمشق والقاهرة‪ ،‬كما قام بتعيين أربعة قضاة رئيسيين ممثلين عن المذاهب الفقهية األربعة (الشافعي‪ ،‬الحنفي‪،‬‬ ‫الحنفي‪ ،‬المالكي) بعد أن كان القضاء مقتص ار على قاضي قضاة شافعي‪ ،‬وشهد عصره نهضة معمارية‬ ‫وتعليمية كبيرة حيث عمل على إنشاء العديد من المدارس في مصر وبالد الشام ومنها المدرسة الظاهرية‬ ‫في دمشق التي بنيت عام (‪٦٧٦‬ه)‪ ،‬وقام بترميم وتجديد الجامع األموي حيث أصلح صفائح الرخام ولوحات‬ ‫الفسيفساء‪ ،‬وأنشئ الجسور والقناطر واألسوار‪ ،‬وبنى كثي ار من العمائر‪ ،‬كما أعاد بناء القالع والحصون التي‬ ‫دمرها المغول في بالد الشام‪.‬‬ ‫‪ - 2‬السلطان المنصور سيف الدين قالوون األلفي‪:‬‬ ‫اشتهر عهده بمحاربة الصليبيين في بالد الشام‪ ،‬وفي عهد ابنه األشرف خليل تم طرد آخر صليبي في بالد‬ ‫الشام‪ ،‬وتم ترميم جميع القالع الموجودة في جبال الساحل السوري‪ ،‬وامتدت حكم أسرة قالوون المؤلفة من‬ ‫أبناءه وأحفاده حوالي (‪ ١٠٠‬سنة) من حكم الدولة المملوكية البحرية‪ ،‬وكان سيف الدين قالوون قد اشترى‬ ‫العديد من المماليك الجراكسة الذين أسسوا بعد حكم أسرته دولة المماليك البرجية (الجركسبة)‪.‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪ - ٣‬السلطان الناصر محمد بن قالوون‪:‬‬ ‫استمر حكمه حوالي (‪ ٣٠‬سنة) واستلم الحكم على ثالث مرات‪ ،‬ويعتبر عهده من أزهى العهود في الدولة‬ ‫المملوكية حيث بلغت حدود الدولة المملوكية من األناضول شماال حتى النوبة جنوبا ومن برقة غربا حتى‬ ‫الشام والحجاز وجنوب العراق شرقا‪.‬‬ ‫وكان قد أكثر من بناء العمائر‪ ،‬حيث قام (تنكز) نائب السلطنة في دمشق بتحسين وتنظيم مدينة دمشق‪،‬‬ ‫كما أعاد تجديد الجامع األموي ونظم األسواق وأنشأ العديد من المساجد كجامع تنكز بمدينة دمشق‪ ،‬وقد‬ ‫أشاد الرحالة المسلمين كابن بطوطة بمظاهر العمارة والحضارة واالزدهار في حكم السلطان الناصر محمد‬ ‫بن قالوون‪.‬‬ ‫‪ -‬أشهر الملوك بالدولة المملوكية البرجية (الجركسية)‪:‬‬ ‫‪ - ١‬الظاهر سيف الدين برقوق (‪١٣٩٩-١٣٨٢‬م) ‪.‬‬ ‫‪ - ٢‬األشرف سيف الدين برسباي (‪١٤٣٨-١٤٢٢‬م)‪.‬‬ ‫‪ - ٣‬الظاهر سيف الدين جقمق (‪١٤٥٣-١٤٣٨‬م)‪ ،‬ومن أشهر عمائره المدرسة الجقمقية في دمشق‪.‬‬ ‫‪ - ٤‬األشرف سيف الدين إينال العالئي (‪١٤٦٠-١٤٥٣‬م)‪.‬‬ ‫‪ - ٥‬األشرف سيف الدين قايتباي (‪٩٠٢-٨٧٣‬ه‪١٤٩٦-١٤٦٨/‬م)‪ ،‬وقد بنى ورمم الكثير من المساجد‬ ‫والقالع والحصون والمدارس والزوايا‪ ،‬ويقارن عصره من ناحية العمائر وجمالها مع عصر السلطان الناصر‬ ‫محمد بن قالوون‪ ،‬ومن أشهر عمائره مأذنة قايتباي في دمشق‪.‬‬ ‫‪ - ٦‬األشرف قانصوه الغوري (‪١٥١٦-١٥٠١‬م)‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪ - ٧‬األشرف طومان باي (‪ ١٥١٧-١٥١٦‬م)‪ ،‬وهو آخر سلطان مملوكي وفي عهده حدثت معركة الريدانية‬ ‫بين المماليك والعثمانيين وتم قتله فيها من قبل العثمانيين‪.‬‬ ‫‪ -‬العالقات العثمانية والمملوكية‪:‬‬ ‫امتازت بالود والتقارب الشديد ووجود مبادالت تجارية ومصالح مشتركة‪ ،‬حيث اعترف العثمانيون في‬ ‫بادئ األمر بزعامة المماليك بحماية المسلمين‪ ،‬وعندما فتح العثمانيون القسطنطينية سنة‬ ‫(‪٨٥٧‬ه‪١٤٥٣/‬م) اعتبر المماليك ذلك نص ار عظيما لكافة المسلمين بجميع أرجاء العالم اإلسالمي‬ ‫حيث زينت األسواق والحارات ودقت البشائر السلطانية في قلعة الجبل بالقاهرة عدة أيام‪ ،‬إال أنه ومع‬ ‫ازدياد انتصارات العثمانيين في البالد األوربية وقوة الجيش العثماني وتنظيمه وتطور األسلحة النارية‬ ‫وضعف الدولة المملوكية وتراجع دورها السيادي بسبب تراجع اقتصادها التجاري إثر اكتشاف رأس‬ ‫الرجاء الصالح من قبل البرتغاليين‪ ،‬فقد قام العثمانيون بالمواجهة مع المماليك للسيطرة على باقي أجزاء‬ ‫وهزم فيها المماليك مقابل‬ ‫العالم اإلسالمي وبسط سيطرتهم عليه وحصلت معركة مرج دابق قرب حلب ُ‬ ‫العثمانيين‪ ،‬وحدثت بعدها معركة الريدانية في مصر وبها كان انتهاء عصر دولة المماليك وانتقال‬ ‫السلطنة إلى العثمانيين‪ ،‬وكان آخر خليفة عباسي مقيم في القاهرة آنذاك هو (محمد المتوكل على هللا)‬ ‫سنة (‪٩٢٣‬ه‪١٥١٧/‬م) حيث تم إحضاره إلى اسطنبول وتم التنازل عن السلطنة من العباسيين إلى آل‬ ‫عثمان وبذلك بدأ عصر جديد من العصور اإلسالمية وامتد قرابة (‪ ٤٠٠‬سنة)‪.‬‬ ‫‪ -‬العمارة في العصر المملوكي‪:‬‬ ‫يعتبر عصر المماليك البحرية من العصور الذهبية في العمارة اإلسالمية بسبب التنافس الشديد بين السالطين‬ ‫على إقامة المنشآت المعمارية مثل (المدارس‪ ،‬المساجد‪ ،‬األضرحة‪ ،‬الترب‪ ،‬الزوايا‪ ،‬الخانات‪ ،‬الوكاالت‪،‬‬ ‫الخانقاهات‪ ،‬األسواق‪ ،‬القيساريات‪ ،‬المحاكم‪ ،‬األسبلة)‪ ،‬كما اهتم المعمار في العصر المملوكي بواجهات‬ ‫‪18‬‬ ‫المنشآت المعمارية إذ ظهرت عناصر زخرفية جديدة على شكل مقرنصات‪ ،‬وجعلوا المداخل في بناء‬ ‫المساجد تبدو واضحة وشامخة‪ ،‬كما أضافوا المشربيات في عمارة القصور والبيوت لتقوم بدور التكييف‬ ‫الهوائي واإلطاللة على الخارج مع الحفاظ على خصوصية المجتمع اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪ -‬العلم في العصر المملوكي‪:‬‬ ‫شهد العصر المملوكي ازدهار الكتابة التاريخية‪ ،‬حيث ظهرت الموسوعات الكبرى في التاريخ والتراجم والفقه‬ ‫والتفسير والحديث‪ ،‬ومن بين المؤرخين المشهورين (المقريزي‪ ،‬ابن خلدون‪ ،‬ابن تغري بردى‪ ،‬ابن إياس)‪ ،‬أما‬ ‫من مشاهير علماء الدين فكان (اإلمام النووي‪ ،‬العز بن عبد السالم‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬ابن حجر‬ ‫العسقالني‪ ،‬ابن قدامة المقدسي)‪ ،‬كما ظهر العديد من العلماء مثل (ابن النفيس‪ ،‬ابن الشاطر)‪.‬‬ ‫‪19‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الدولة األموية في األندلس‪:‬‬ ‫حكم المسلمون األندلس على عدة مراحل بما يقارب (‪ ٨٠٠‬سنة) وهي كالتالي‪:‬‬ ‫‪ – ١‬عهد الولة (‪١٣٨-٩٥‬ه)‪:‬‬ ‫في عام (‪٩٢‬ه) فتح طارق بن زياد األندلس حيث انتقل من البر اإلفريقي إلى األوربي وقد جيوش المسلمين‬ ‫في معارك الفتح اإلسالمي في شبه الجزيرة اإليبيرية أو األندلس (إسبانيا والبرتغال حاليا) لتخليصها من‬ ‫جور القوط الغربيين‪ ،‬وكان أول منطقة ينزل فيها هي منطقة سميت باسمه فيما بعد (منطقة جبل بن طارق)‪.‬‬ ‫وكان أول وال عليها بعد الفتح اإلسالمي هو (عبد العزيز بن موسى بن نصير)‪ ،‬وتوالى على والية األندلس‬ ‫(‪ ٢٢‬واليا)‪ ،‬وكان آخر وال عليها هو (يوسف الفهري)‪ ،‬ولم يكن عهد الوالة مستق ار فقد كان تتمة لعصر‬ ‫الفتوحات العربية اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪ – ٢‬عهد الدولة األموية الواحدة (‪٣٩٩-١٣٨‬ه)‪:‬‬ ‫في عام (‪ ١٣٢‬ه) انتهت الدولة األموية وبدأت الدولة العباسية وتولى الخالفة أبو العباس السفاح الذي بدأ‬ ‫بتتبع األمويين للقضاء عليهم وكانوا قد تفرقوا في البالد وكان من ضمنهم (عبد الرحمن بن معاوية بن هشام‬ ‫بن عبد الملك) المعروف (بصقر قريش عبد الرحمن الداخل) الذي استطاع الفرار منهم وتواصل مع من‬ ‫في األندلس ووجد له أنصا ار فيها فدخل األندلس وجمع الناس حوله وحصلت المعركة الفاصلة بينه وبين‬ ‫والي األندلس (يوسف الفهري) وهزمه في المعركة وهرب يوسف الفهري‪.‬وفي عام (‪١٣٨‬ه) دخل صقر‬ ‫قريش قرطبة ولقب بالداخل ألنه أول من دخل األندلس حاكما من األمويين وتمت سيطرته على قرطبة‬ ‫وتوجه بعدها بيوم الجمعة إلى المسجد وخطب في الناس ووعدهم بمستقبل فيه العدل والخير واالستقرار‪،‬‬ ‫وكونه خليفة أموي اعتبر المؤرخون واليته على األندلس امتدادا للخالفة األموية كون الخالفة األموية في‬ ‫المشرق انتهت وحلت محلها الخالفة العباسية‪ ،‬وقد قامت في عهده (‪ ٢٥‬ثورة) استطاع هزمها جميعا ودامت‬ ‫‪20‬‬ ‫واليته حتى عام (‪١٧٢‬ه)‪ ،‬وكان قد بنى الرصافة بقرطبة تشبها بجده هشام بن عبد الملك الذي بنى رصافة‬ ‫الشام‪.‬وقد استمر حكم األندلس على يد أمير واحد حتى عام (‪٣٩٩‬ه) وكان آخر أمرائها (عبد الرحمن بن‬ ‫الحاجب المنصور) وبعدها تمزقت األندلس وعاشت بعد الخالفة األموية بحالة من الفرقة والتمزق إلى دول‬ ‫وممالك حتى بلغت (‪ ٢٢‬إمارة)‪.‬ومن أشهر األمراء األمويين الذين حكموا في عهد الدولة الواحدة‪:‬‬ ‫‪ -‬هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك (‪١٨٠-١٧٢‬ه‪٧٩٦-٧٨٨/‬م)‪:‬‬ ‫عهد عبد الرحمن بن معاوية بن هشام والية العهد إلى ابنه هشام االبن األوسط ألنه كان يتسم بالشهامة‬ ‫والحزم ‪ ،‬وفد كان هشام عند وفاة أبيه في مارده فغادرها ودخل إلى قرطبة وبويع فيها واستقر على كرسي‬ ‫الملك إلى أن خرج عليه أخوه سليمان وأخوه الثاني عبد هللا‪ ،‬فدخل هشام بعدة حروب مع أخويه أدت إلى‬ ‫استسالم أخوه عبد هللا أوال ثم الصلح مع أخوه سليمان ثانيا‪ ،‬وقمع هشام بن عبد الرحمن عدة حركات خرجت‬ ‫عن حكمه وخاصة اليمانية‪ ،‬وبعد أن تخلص من ذلك تفرغ هشام للفتوحات فغ از بالد اإلسبان عدة مرات‬ ‫وانتصر عليهم‪ ،‬ولكثرة عدله وحبه للخير واإلصالح ُشبه (بعمر بن عبد العزيز)‪.‬‬ ‫‪ -‬عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن (‪٢٣٨-٢٠٦‬ه‪٨٥٢-٨٢١/‬م)‪:‬‬ ‫تولى من بعد موت أبيه فخرج عليه عبد هللا عم أبيه‪ ،‬وحدثت في عهده فتنة كبيرة بين اليمانية والمضرية‬ ‫واقتتلوا فيما بينهم (‪ ٧‬سنين) وهلك اآلالف‪ ،‬وكان قد حاول إيقاف هذه الفتنة مرات لكنه فشل‪ ،‬وانتفض عليه‬ ‫في مدة حكمه أهل ماردة وطليطلة واستطاع إخمادهم‪ ،‬وقام عبد الرحمن بعدة غزوات ضد اإلسبان وانتصر‬ ‫في البعض منها‪.‬‬ ‫وقد بنى عبد الرحمن بن الحكم عدة قصور وحدائق وطرق وجوامع كثيرة‪ ،‬وكان شاع ار وأديبا وعالما بعلوم‬ ‫الشريعة وعلوم الفلسفة‪ ،‬وقسم الو ازرة ألول مرة إلى عدة و ازرات مختلفة يرأس كال منها وزير‪.‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪ -‬محمد بن عبد الرحمن (‪٢٧٣-٢٣٨‬ه‪٨٨٦-٨٥٢/‬م)‪:‬‬ ‫تولى بعد وفاة أبيه وجرى على سيرته في العدل‪ ،‬ووجه جيوشه إلى طليطلة فقام أهلها بطلب النجدة من‬ ‫ملوك اإلسبان فدخل محمد في قتال مع الطرفين وهزمهم‪ ،‬ثم هاجم الفرنجة في إشبيلية الذين أحرقوا مسجدها‪،‬‬ ‫فقام محمد بحرق عدة مراكب لهم‪ ،‬وقضى على الثورات التي قامت ضده‪.‬‬ ‫وقد اعتنى كثي ار باألندلس وجمالها وفخامتها وترتيب أمورها‪ ،‬وكان أول من جلب الماء العذب إلى قرطبة‪.‬‬ ‫‪ -‬عبد الرحمن الناصر بن محمد بن عبد هللا (‪٣٥٠ -٣٠٠‬ه‪٩٦١-٩١٢/‬م)‪:‬‬ ‫عد أعظم أمراء بني أمية في األندلس ‪ ،‬وكان قد وجد األندلس مضطربة فجعلها مستقرة واستطاع أن يوطد‬ ‫ّ‬ ‫أمنها‪ ،‬وكان كثير الجهاد فقاتل الفرنجة في عدة معارك كما قاتل ملوك المغرب األقصى وأخضعهم لحكمه‪،‬‬ ‫ولقب نفسه ب (أمير المؤمنين)‪ ،‬كما كان أول أمراء بني أمية يتلقب اقتداء ببني العباس بلقب (الناصر‬ ‫لدين هللا)‪ ،‬وكان قويا حازما‪.‬‬ ‫أما من النواحي الحضارية اهتم الناصر بعمارة األندلس وجلب لذلك المهندسين والبنائين من كل بلد‪ ،‬فبنى‬ ‫القصور ومنها (دار الروضة) وجلب لها الماء من الجبال‪ ،‬وبنى الحدائق‪ ،‬واختط مدينة الزهراء وجعلها‬ ‫منزله واتخذ فيها القصور والبساتين والمصانع‪ ،‬وازدهرت الحياة االقتصادية في عصره فامتألت خزانة الدولة‬ ‫باألموال‪ ،‬وبلغت قرطبة ذروة التطور والتقدم الثقافي والحضاري‪.‬‬ ‫‪ -‬الحكم المستنصر بن عبد الرحمن الناصر (‪٣٦٦-٣٥٠‬ه‪٩٧٦-٩٦١/‬م)‪:‬‬ ‫تولى الحكم بعد وفاة أبيه الناصر‪ ،‬وكثرت فتوحاته وهاجم اإلسبان وهزمهم فطلبوا الصلح معه‪ ،‬وكانت له‬ ‫عالقات جيدة باإلجمال مع أهل المغرب األقصى‪.‬‬ ‫‪22‬‬ ‫وقد كان محبا للعلم والعلوم ومكرما ألهلها‪ ،‬واشتهر بجمعه للكتب حتى قيل أنه جمع منها ما لم يجمعه أحد‬ ‫قبله ووصلت إلى حد (‪ ٤٠٠‬ألف مجلد)‪ ،‬فكان عالما نبيها وصافي السريرة‪ ،‬واهتم بالتعليم فبنى عددا من‬ ‫المدارس ‪ ،‬وباتت جامعة قرطبة (المسجد الجامع) من أشهر جامعات العالم في وقتها‪ ،‬وأنشأ المكتبة األندلسية‬ ‫وأغناها بالكتب األساسية فكانت من أعظم المكتبات آنذاك‪.‬‬ ‫‪ -‬هشام المؤيد ابن الحكم المستنصر (‪٣٩٩-٣٦٦‬ه‪١٠٠٨-٩٧٦/‬م)‪:‬‬ ‫تولى بعد وفاة أبيه وكان صغي ار فوضعوا له الوزير (محمد بن أبي عامر) فاستبد هذا بهشام ومنع الوزراء‬ ‫من الوصول إليه‪ ،‬وأرضى الجند بالعطاء فلم يبق لهشام إال الخطبة والسكة‪ ،‬وكل أمر وحكم يكون البن أبي‬ ‫عامر الذي أقدم على قتل خدام القصر وأولياء الدولة والمرشحين للمناصب‪ ،‬وبنى لنفسه مدينة الزاهرة ولقب‬ ‫نفسه ب (المنصور) وعظم ملكه ومدحه الناس لغزوه بالد النصارى‪ ،‬وقد توفي المنصور سنة (‪٣٩٣‬ه)‬ ‫فآل األمر من بعده البنه عبد الملك (الملك المظفر) فجرى على سنن أبيه في السياسة والغزو إلى أن توفي‬ ‫سنة (‪ ٣٩٩‬ه)‪ ،‬فقام باألمر من بعده أخوه عبد الرحمن الناصر وسار السيرة نفسها وحجر على الخليفة‬ ‫(هشام المؤيد) وأقنعه بأن يكتب له بوالية العهد ففعل‪ ،‬فهاج الناس لذلك فخلعوا هشاما وبايعوا محمد بن‬ ‫هشام بن عبد الجبار ولقبوه بالمهدي‪ ،‬فأقدم هذا على قتل عبد الرحمن الناصر‪ ،‬وهكذا سيطرت دولة‬ ‫العامريين على فترة حكم (هشام المؤيد)‪.‬‬ ‫‪ – ٣‬عهد ملوك الطوائف (‪٤٨٣-٤٠٠‬ه)‪:‬‬ ‫سمى المؤرخون هذا العهد بعهد ملوك‬ ‫في هذا العصر أصبحت األندلس عبارة عن دويالت أو طوائف لذلك ّ‬ ‫الطوائف ‪ ،‬حيث بدأت كل عائلة مرموقة بالسيطرة على مدينة وقد وصل عدد هذه الطوائف إلى (‪ ٢٠‬طائفة)‬ ‫منها (بلنسية‪ ،‬قرطبة‪ ،‬غرناطة‪ ،‬مرسية‪ ،‬مرية‪ ،‬رندة‪ ،‬إشبيلية‪ ،‬باجة‪ ،‬طليطلة)‪ ،‬وفي ظل هذا الوضع استغل‬ ‫النصارى هذا التمزق وسيطروا على ثلث األندلس‪ ،‬وعاش األندلسيون حياة من التمزق والصراعات أدت بعد‬ ‫‪23‬‬ ‫ذلك إلى سقوط طليطلة عندها قرر علماء األندلس واالستعانة بالمرابطين الموجودين في بالد المغرب العربي‬ ‫على أمل بحماية األندلس وتوحدها‪.‬‬ ‫‪ – ٤‬عهد المرابطين (‪٥٤١-٤٨٣‬ه)‪:‬‬ ‫أطلق اسم المرابطين على من أقاموا رباط الخيل لالستعداد في سبيل هللا‪ ،‬وكان يطلق عليهم المتلثمين ألنهم‬ ‫كانوا يضعون اللثام على وجوههم‪ ،‬وكانوا في بالد المغرب العربي‪ ،‬وعندما استعان أهل األندلس وملوكها‬ ‫وعلماؤها بالمرابطين ‪ ،‬كان أمير المرابطين آنذاك (يوسف بن تاشفين) الذي عرف بدينه وقوته العسكرية‪،‬‬ ‫فحضر يوسف بن تاشفين إلى األندلس ولكن ملوك الطوائف اشترطوا عليه أن يقدم لهم المعونة العسكرية‬ ‫وينصرهم على النصارى الذين كان يقودهم آنذاك (ألفونسو) وبعد انقضاء مهمة بن تاشفين يخرج من‬ ‫األندلس ويتركهم يحكموا دولتهم بأنفسهم‪ ،‬فوافق ابن تاشفين على ذلك شريطة أال يعاهدوا ألفونسو بعد ذلك‬ ‫وال يقدموا له المال كسابق عهدهم وال يضعوا يدهم بيده وعلى ذلك تم االتفاق بين ملوك الطوائف ويوسف‬ ‫بن تاشفين‪.‬‬ ‫وقد حضر ابن تاشفين وعسكر في جنوب األندلس ثم قام ومعه بعض ملوك الطواىف بمحاربة ألفونسو وفي‬ ‫معركة الزالقة ُهزم فيها ألفونسو من قبل تاشفين هزيمة ساحقة‪.‬وبعد انتهاء المعركة عاد ابن تاشفين إلى‬ ‫المغرب مغاد ار األندلس‪ ،‬ولكنه علم بعدها بأن ملوك الطوائف نقضوا عهدهم معه وعادوا إلى سابق عهدهم‬ ‫في محاباتهم أللفونسو‪ ،‬وبذلك قرر ابن تاشفين العودة إلى األندلس‪ ،‬واستطاع توحيد األندلس‪ ،‬وولى ابنه‬ ‫علي على والية األندلس عام (‪٤٥٩‬ه)‪ ،‬وبعد أن توفي يوسف بن تاشفين عام (‪٥٠٠‬ه) تولى علي إمارة‬ ‫المرابطين وعاد إلى المغرب وجعل أخيه تميم قائد جيوش المرابطين في األندلس‪.‬‬ ‫‪24‬‬ ‫وفي عام (‪٥٤٠‬ه) وقعت معركة (الوقيعة الكبرى) حيث ُهزم المسلمون على يد النصارى الذين حاربوا‬ ‫األندلسيين والمرابطين معا إلخراجهم من األندلس‪ ،‬وبعد عام في سنة (‪٥٤١‬ه) انتهى حكم المرابطين في‬ ‫المغرب وبدأ حكم الموحدين‪.‬‬ ‫‪ – ٥‬عهد الموحدين (‪٦٣٥-٥٤١‬ه)‪:‬‬ ‫يعود الموحدون إلى (أبي عبد هللا المهدي محمد بن تومرت) الذي أوصى بأمر دعوة الموحدين إلى ابنه‬ ‫(عبد المؤمن) الذي حارب المرابطين‪ ،‬وتمكن الموحدون من بسط سيطرتهم على المناطق التي كانت بيد‬ ‫المرابطين‪ ،‬وفي عام (‪٦٣٥‬ه) انتهى حكم الموحدين في األندلس‪ ،‬وكان آخر والة الموحدين هو (أبي يوسف‬ ‫يعقوب المريني)‪.‬‬ ‫‪ – ٦‬عهد مملكة غرناطة وانتهاء حكم المسلمين في األندلس (‪٨٩٧-٦٣٥‬ه)‪:‬‬ ‫بعد انتهاء حكم الموحدين أرسل أهل غرناطة إلى ابن األحمر يستدعونه حيث تمت مبايعته أمي ار لمملكة‬ ‫غرناطة وبدأت دولة جديدة عرفت ب (األندلس الصغرى) دولة بني األحمر في جنوب األندلس‪.‬وتمتاز‬ ‫مدينة غرناطة بأنها مدينة منيعة حصينة وكانت قريبة من جبل طارق وبعيدة عن المناطق النصرانية‪ ،‬كما‬ ‫أن أهل األندلس انحازوا إلى غرناطة بعد سقوط المدن بتشجيع من العلماء لتحريك الناس بحماية األعراض‬ ‫وحفظ ما بقي من األندلس‪.‬وبذلك حكم المسلمين لألندلس أصبح منحص ار على مملكة غرناطة ودام ذلك‬ ‫الحكم حتى عام (‪٨٩٧‬ه‪ ١٤٩٢/‬م) حيث أرسل الملك (أبو عبد هللا محمد) أخر ملوك غرناطة يستأذن‬ ‫النصارى بمغادرة األندلس‪ ،‬واستمر تواجد المسلمين في األندلس لفترة وآخر وجود لهم كان في عام‬ ‫(‪١١٨٣‬ه) وكانوا قد عانوا االضطهاد والتعرض لمحاكم التفتيش على يد حكام إسبانيا النصرانيين‪.‬وبذلك‬ ‫يكون حكم المسلمين لألندلس قد امتد منذ عام (‪٨٩٧-٩٢‬ه‪١٤٩٢-٧١١/‬م) حوالي (‪ ٨٠٠‬سنة)‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫ثالثا‪ :‬العصر العثماني (‪١٩١٨-١٥١٦‬م)‪:‬‬ ‫حكم الدولة العثمانية (‪ )٣٣‬سلطانا‪ ،‬ومن أشهر السالطين العثمانيين وبعض أعمالهم ما يلي‪:‬‬ ‫‪ – ١‬عثمان بن أرطغرل‪:‬‬ ‫يعود أصل العثمانيين إلى قبائل تركية في وسط آسيا هجرت مكان استيطانها في بدايات القرن (‪١١‬م) تحت‬ ‫تزايد الضغط المغولي واتجهوا غربا نحو آسيا الصغرى الخاضعة لدولة سالجقة الروم‪.‬‬ ‫فعندما سيطر هوالكو على بغداد وقضى على الخالفة العباسية فيها سنة (‪١٢٥٨‬م) قام بتوسيع عملياته‬ ‫العسكرية نحو مناطق غرب آسيا‪ ،‬وقد ُهزم على يد القوات المملوكية في معركة عين جالوت في العام‬ ‫(‪ ١٢٦٠‬م) وتوقف زحفه في بالد العرب المسلمين‪ ،‬إال أنه تمكن من إسقاط دولة سالجقة الروم في آسيا‬ ‫الصغرى وأسر سلطانها وبسط سيطرته عليها‪ ،‬وعلى إثر ذلك قام العديد من األمراء السالجقة بإعالن‬ ‫استقاللهم ومن بينهم (عثمان بن أرطغرل) حيث استقل بإمارته الصغيرة في (قره جه حصار) وأخذ بالتوسع‬ ‫على حساب الدولة البيزنطية الذي دخل معها في حرب قوية حامال رايات الجهاد معتمدا في حروبه على‬ ‫المتطوعة من الرجال المشكلين للجيش الذي أرسله بقيادة ابنه (أُرخان) للسيطرة على مدينة بروسه (بورصه)‬ ‫التي انتقل إليها (عثمان) بعد السيطرة عليها‪ ،‬وتوفي فيها سنة (‪٧٢٦‬ه‪١٣٢٦/‬م) ودفن في كنيسة القصر‬ ‫التي حولت إلى مسجد بعد السيطرة على المدينة‪.‬‬ ‫‪ – ٢‬أرخان بن عثمان‪:‬‬ ‫تابع السير على نهج أبيه في سياسة الحكم معتمدا على فرق جيش أبيه من الرجال المتطوعة‪ ،‬إال أن أرخان‬ ‫أدرك أن هذه الفرق غير جديرة في تحقيق أحالمه التوسعية ومن الضروري إيجاد جيش نظامي يعتمد عليه‬ ‫في توطيد أركان دولته وهو ما دفعه إلى إعادة تنظيم جيشه وتشكيل فرق انكشارية نظامية خاصة موالية‬ ‫‪26‬‬ ‫له‪ ،‬يهدف من خاللها إلى توسيع ملكه والزحف نحو القسطنطينية في محاولة منه للسيطرة عليها إال أنه لم‬ ‫يوفق بسبب قوة تحصينها الدفاعي ومناعة أسوارها‪.‬‬ ‫‪ – ٣‬مراد خان األول (‪٧٩٠-٧٦٣‬ه‪١٣٨٩-١٣٦٢/‬م)‪:‬‬ ‫تابع السير على سياسة أخيه أرخان واستولى على مدينة (أدرنة) وعمل على تجميلها وتشييد قصره السلطاني‬ ‫الجديد فيها وفق النظام المعماري لقصر الحمراء في غرناطة باألندلس‪ ،‬حيث نقل عاصمة ملكه من مدينة‬ ‫(بروسه) إلى (أدرنة)‪.‬‬ ‫‪ – ٤‬بايزيد األول (‪٨٠٤-٧٩٠‬ه‪١٤٠٢-١٣٨٩/‬م)‪:‬‬ ‫بعد وفاة مراد األول تربع على العرش األمير (بايزيد األول) وإلكساب منصبه السياسي صفة الشرعية راسل‬ ‫الخليفة العباسي المتوكل على هللا المقيم في القاهرة وطلب منه أن يمنحه لقب (سلطان الروم أو السلطان‬ ‫األعظم) لحمل رايات الجهاد للدفاع عن المسلمين ضد خطر الغزو المغولي للمنطقة بقيادة (تيمورلنك)‪،‬‬ ‫فقام الخليفة العباسي بمنحه لقب (حامي اإلسالم)‪ ،‬وحرض ذلك اللقب بايزيد األول على شن معركة في‬ ‫أنقرة عام (‪١٤٠٢‬م) ضد تيمورلنك‪ ،‬إال أن ُهزم وأسر بايزيد وأدخل السجن وبقي فيه حتى وفاته منتح ار‪،‬‬ ‫حيث أمر تيمورلنك بدفن جثمان بايزيد في مدينة بروسه‪.‬‬ ‫‪ – ٥‬محمد جلبي األول (‪٨٢٣-٨٠٤‬ه‪١٤٢١-١٤٠٢/‬م)‪:‬‬ ‫هو ابن بايزيد األول‪ ،‬وقد عمل على إعادة تنظيم القوى العسكرية وتأسيس األسطول البحري للدولة العثمانية‪.‬‬ ‫‪ – ٦‬مراد خان الثاني (‪٨٥٤-٨٢٣‬ه‪١٤٥١-١٤٢١/‬م)‪:‬‬ ‫هو ابن محمد جلبي األول‪ ،‬تميز بحبه للعلوم والفنون وتشجيعه للثقافات الجديدة والوافدة‪ ،‬وظهر تأثير ذلك‬ ‫على العمائر العثمانية كاستخدام األعمدة ذات التيجان المقرنصة التي ساد استخدامها في العمائر المملوكية‬ ‫‪27‬‬ ‫بدال من األعمدة ذات التيجان البيزنطية التي كانت مألوفة في المساجد العثمانية السابقة‪.‬كما قام السلطان‬ ‫مراد خان الثاني في سنة (‪٨٣٦‬ه‪ ١٤٣٣/‬م) بتشييد مسجد المرادية في أدرنة وكسوته ببالطات التيلس‬ ‫الخزفية المميزة باأللوان الزرقاء والخضراء والزخارف النباتية المستمدة من الزخارف اإليرانية‪.‬‬ ‫‪ – ٧‬محمد الثاني الفاتح (‪٨٨٥-٨٥٤‬ه‪١٤٨١-١٤٥١/‬م)‪:‬‬ ‫قام بالسيطرة على مدينة القسطنطينية محققا بذلك حلم أجداده باالستيالء عليها في العام (‪١٤٥٣‬م) بعد‬ ‫مقتل االمبراطور البيزنطي وتشييد الحصار على المدينة وتوجه بعد ذلك إلى كنيسة (آيا صوفيا) حيث صلى‬ ‫صالة الشكر وأمر بتحويل كاتدرائية (آيا صوفيا) إلى مسجد بعد تشييده المئذنة في الجهة الجنوبية الشرقية‬ ‫منها‪ ،‬كما أمر بتشييد مسجده المعروف ب (المحمدية) وتشييد القصر السلطاني المعروف ب (طوبقابو‬ ‫المدفع) الذي أصبح مق ار للسالطين من آل عثمان‪ ،‬وعمل على تجميل المدينة لجعلها عاصمة جديدة‬ ‫لسلطانه في العام (‪٨٥٨‬ه‪١٤٥٤/‬م) وأطلق عليها (إسالمبول) لتكون االسم الجديد لعاصمة ملكه‪ ،‬وتخليدا‬ ‫لذكرى االنتصار الذي حققه السلطان محمد الفاتح فقد اتخذ لنفسه لقب (سلطان البرين والبحرين) في داللة‬ ‫على تحقيق االنتصارات بالمعارك البرية والبحرية على البيزنطيين‪ ،‬وعلى تعاظم نفوذه وسلطانه على البرين‬ ‫اآلسيوي واألوربي‪ ،‬وتعاظم سلطانه البحري على البحرين المتوسط واألسود‪.‬‬ ‫‪ – ٨‬بايزيد خان الثاني (‪٩١٧-٨٨٥‬ه‪١٥١٢-١٤٨١/‬م)‪:‬‬ ‫هو ابن السلطان محمد الفاتح‪ ،‬كان محبا لفن العمارة والتصوير اإليراني‪ ،‬حيث قام بتشييد مسجده المعروف‬ ‫باسمه في العام (‪٩١١‬ه‪ ١٥٠٦/‬م) واعتمد على نظام العمارة اإليرانية في مخطط مسجده من حيث اقتباس‬ ‫تشكيلة المداخل المرتفعة في بواباته واعتماد نظام العقود الرخامية البيضاء والسوداء المتتالية المحمولة على‬ ‫األعمدة المنقوشة من المرمر األخضر‪.‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪ – ٩‬سليم األول (‪٩٢٦-٩١٧‬ه‪١٥٢٠-١٥١٢/‬م)‪:‬‬ ‫تميز عهده بتوسيع أمالك السلطنة العثمانية بشكل كبير حيث قضى على الدولة الصفوية بإيران بعد معركة‬ ‫جالديران‪ ،‬وقضى على السلطنة المملوكية في بالد الشام ومصر‪ ،‬وبسط نفوذه على الحجاز واليمن‪ ،‬كما‬ ‫أجبر الخليفة العباسي المتوكل على هللا (محمد بن المستمسك باهلل) على التنازل عن حقه في الخالفة آلل‬ ‫عثمان حيث تم األمر علنا في جامع (آيا صوفيا) معلنا في انتقال الخالفة من البيت العباسي إلى آل عثمان‬ ‫الذي استمرت الخالفة فيهم حتى عهد (مصطفى كمال أتاتورك) الذي أمر بإلغاء الخالفة بموجب القانون‬ ‫الذي أعده في شهر آذار من العام (‪١٣٤٢‬ه‪١٩٢٤/‬م)‪.‬‬ ‫‪ – ١٠‬سليمان القانوني (‪٩٧٣-٩٢٦‬ه‪١٥٦٦-١٠٢٠/‬م)‪:‬‬ ‫من أشهر عمائره في دمشق التكية السليمانية وكانت أول معلم معماري عثماني في سورية‪.‬‬ ‫‪ – ١١‬أحمد األول (‪١٠٢٦-١٠١٢‬ه‪١٦١٧-١٦٠٣/‬م)‪:‬‬ ‫شيد الجامع األزرق ذي المآذن الستة المزدان بكسوة داخلية مركبة من ألواح القيشاني ذات الزخارف النباتية‬ ‫الزرقاء‪.‬‬ ‫‪ – ١٢‬محمد الرابع (‪١٠٩٨-١٠٥٨‬ه‪١٦٨٧-١٦٤٨/‬م)‪:‬‬ ‫تسلم السلطنة وهو صغير مما دفع بوالدته لتعهد زمام منصب الصدر األعظم إلى (محمد باشا كوبرلي)‬ ‫الذي عين إلدارة شؤون السلطنة لحين بلوغ السلطان سن الرشد‪.‬‬ ‫‪ – ١٣‬مصطفى الثاني (‪١١١٥-١١٠٦‬ه‪١٧٠٣-١٦٩٥/‬م)‪:‬‬ ‫شهدت الحركة الفنية في عهده ازدها ار ملحوظا حيث تطور أسلوب الكتابة ورسم ونقش الخط العربي لدى‬ ‫الفنانين العثمانيين وتحويله إلى نمط خطي تزييني متداخل على هيئة طابع نباتي أو حيواني يصعب تقليده‬ ‫‪29‬‬ ‫أو تك ارره وعرف ذلك باسم (نقش الطغراء) حتى أصبح اتخاذها ونقشها على النقود والفرمانات من السنن‬ ‫السلطانية التي ال يمكن االستغناء عنها‪ ،‬بحيث يتوجب على كل من يعتلي سدة السلطة ابتداع طغرائه‬ ‫الخاصة المميزة له التي كانت تشكل خاتمه السلطاني المعتمد في مهر األوامر والفرمانات السلطانية‪ ،‬وكان‬ ‫يشرف على الطغراء (الختم) موظف مسؤول يدعى (النشانجي) ويعمل تحت إمرته خطاط خاص بالطغراء‬ ‫يدعى (الطغراكش) حيث يقوم السلطان بإرسال األمر أو الفرمان إلى النشانجي ليعمل على رسم الطغراء‬ ‫السلطانية أو لصقها على الفرمان لتمييزه ومنع تزويره‪.‬‬ ‫‪ – ١٤‬محمد رشاد الخامس (‪١٣٣٧-١٣٢٧‬ه‪١٩١٨-١٩٠٩/‬م)‪:‬‬ ‫أخر سلطان عثماني‪.‬وبنهاية الدولة العثمانية انتهى العصر اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪ -‬انتهت المحاضرة ‪-‬‬ ‫إعداد‪ :‬د‪.‬خلود حاج يوسف‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser