شرح كتاب مختصر الدر الثمين والمورد المعين - PDF
Document Details
Uploaded by Deleted User
Tags
Summary
This document is a detailed explanation of the book, "Mukhtaṣar al-Dur al-Thamin wa al-Mawrid al-Mu'īn." It delves into the concept of Taharah (purification), a fundamental aspect of Islamic jurisprudence. The text meticulously explores the different types of Taharah, relevant rules, and explanations.
Full Transcript
بسم اهلل الرحمن الرحيم المادة :شرح كتاب مختصر الدر الثمين والمورد المعين الدرس -01 :باب الطهارة إن الحمد هلل ،نحمده ونستعينه ون...
بسم اهلل الرحمن الرحيم المادة :شرح كتاب مختصر الدر الثمين والمورد المعين الدرس -01 :باب الطهارة إن الحمد هلل ،نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده اهلل هادي له ،وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،وأشهد أن محمدً ا عبده َ فال مضل له ،ومن يضلل فال ورسوله؛ أما بعد: بعد أن فرغنا من الكالم حول المقدمة األصولية لإلمام عبد الواحد بن عاشر َ -ر ِح َم ُه اهلل َت َعا َلى -يف منظومته ،ننتقل إلى المقصود من عقد هذه الحلقات ،وهو التعرف على األحكام الفقهية المتعلقة باألركان الخمسة :الصالة ،والزكاة ،والحج ،والصوم.طب ًعا الشهادتان يتعلق هبما باب االعتقاد ،وهو علم خاص ،ثم قبل مر الصالة إال به ،وهو الطهارة؛ فالطهارة -كما هو شيء وعن ٍٍ أمر ال يتم أ ُ البدء بالصالة ال بد من الكالم عن ٌ شرط يف صحة الصالة. معلوم -من باب «ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب»؛ ألن الطهارة -كما سيأيت معنا- والطهارة نوعان :طهارة خبث ،وطهارة حدث؛ ولذلك قال اإلمام َ -ر ِح َم ُه اهلل َت َعا َلى -بعد ختام مقدمته األصولية ،قال« :كتاب الطهارة». الكتاب فِعال بمعنى مفعول ،أي :مكتوب ،والمقصود بالكتاب يف اصطالح المؤلفين :هو جملة من قسمون مؤلفاهتم إلى كتب، ٍ األبواب التي تندرج تحت عنوان واحد؛ ولذلك تجد أهل العلم بالحديث والفقه ُي ِّ ويقسمون الكتب إلى أبواب ،واألبواب إلى فصول ،والفصول إلى مباحث ،والمباحث إلى مطالب ،والمطالب إلى مسائل ،والمسائل إلى فروع ،وهكذا. والهدف من هذا ك ِّله هو تقريب العلم من الناس ،حتى هذه المنظومة التي نقرؤها ليست مقصود ًة لذاهتا، مثال هذه األبيات الثالثة ،سيكون عندك وإنما هي ُقصدت ألهنا ُت ِّ قرب العلم ،وسرتون هذا اآلن.عندما تحفظ ً مجمل أحكام المياه. ٍ بشْْْْْيء َسْْْْْ ِلْْ َمْْا الْْتْْغْْيْْ ِر ِمْْ َن حصْْْ ْ ُل الْطْهْْار ُة بِْمْْا س َف وصْْْ ْ ٌلَ :و َتْ ُ لْْعْْادة قْْد َصْْْْْ ُلْْ َحْْاٍ ٍ طْْاهْْر أو إذا تْْْغْْ سْيْ ْ َر بْْ َْنْ ْ وجْ ْ ٍ ُطْ ْ ِر َحْ ْا بْمْ ْطْْ َْلْ ْ ٌق كْْْالْْ سْذ ِائْ ْ ِ ٍ َكْ ْ َمْ ْ وغْ ْ َرة فْْ ُ الز َمْْ ْ ُه يف الْْْْغْْْْالْْْ ِ ْب إال إذا َ 1 فجم َع ما يتعلق باألحكام ،أحكام المياه عمو ًما.إ َذن الشاهد هنا أن المؤلفين ُي ِّ قسمون مؤلفاهتم إلى كتب َ وأبواب إلى آخره ،كل هذا لتقريب العلم من المتعلمين ،وهذه وظيفة أهل العلم ،ووظيفة طلبة العلم :أهنم قربون العلم من الناس ،يقربه منه.والمقصود -كما قلت -من هذه المختصرات، قربون الناس من العلم ،و ُي ِّ ُي ِّ والمقصود من هذه التفصيالت كلها ،المقصود منها تقريب العلم من الناس. قال( :الطهارة).الطهارة يف اللغة العربية :هي النظافة ،نقولَ « :ط ُه َر الشيء» ،بمعنى تن سظف وتخ سلى عن طهر ُته» ،بمعنى ن سظفتُه ،وأزلت منه النجاسات واألوساخ. األوساخ ،ونقول « :س هبا الممنوع. وأما الطهارة يف االصطالح ،يعني يف اصطالح الشارع :فهي صفة حكميةُ ،تبيح للمتل ِّب توضأت صارت الصالة يف حقك مباحةً؛ فهي صفة حكمية ،ليست صف ًة َ أنت اآلن ممنوع من الصالة ،فإذا فمثال يمكن أن تكون األوساخ يف ثوبك كالشحوم ،وكاألوساخ والقاذورات األخرى من غير ً حقيقية. النجاسات ،ويجوز لك أن تصلي ،وقد تكون يف جلدك ،وال نقول إن مِن شرط الصالة أن تتطهر من هذه خاصا ،فنحكم لك بالطهارة؛ فهذا معنى ًّ ً استعماال القاذورات واألوساخ.فهذه صفة حكميةَ ،تستعمل الماء الطهارة يف الشرع. ٍ جلباب هنا ،نقول :جلباب وأما معنى الطهارة يف اللغة :فهي ُمط َلق النظافة؛ فعندما تجد األوساخ ً مثال يف غير طاهر.ولكن الجلباب الطاهر يف الشرع هو الذي ليست فيه نجاسة ،وإن كانت فيه األوساخ ،المقصود أال ٍ نجاسات يف الشرع. تكون فيه نجاسة من النجاسات المعتربة باب إلى الصالة ،فال يمكن للمسلم أن يصلي إال قال« :كتاب الطهارة».عقد هذا الباب -كما قلنا -ألنه ٌ تطهر.طب ًعا أهل العلم أو جماهير العلماء أطبقوا على أن يكون كتاب الطهارة هو أول كتاب يف مؤلفاهتم، إن س وبعض الناس لم يتجه هذا االتجاه. فمثال نلحظ أن اإلمام مالك -رحم ُة اهللِ َع َل ِ يه -يف ُمو سطئِه بدأ بكتاب «وقوت الصالة» ،فبدأ بأوقات الصالة ً َ َ قبل الطهارة ،ونجد اإلمام ابن أبي زيد َ -ر ِح َم ُه اهلل -يف رسالته بدأ بنواقض الوضوء ،فقال« :يجب الوضوء من ث عن األحداث واألسباب ،كأنه يقول إنه ال تجب الطهارة إال بعد الحدث ،كأنه سار على قول الحدث» ،فتحدس َ يتوض َأ». ث حتى س النبي ﷺ« :ال ي وقب ُل اهلل صال َة ِ أحدك وُم إذا أحدَ َ ُ َ َ 2 مالك -رحم ُة اهللِ َع َل ِ يه -فرأى أن هذه الطهارة ال تتعين إال بعد دخول فبدأ باألحداث قبل الوضوء.وأما ٌ َ َ هنجهم أن ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب ،فقالوا :الطهارة شرط يف الصالة، الوقت.وأما سائر العلماء ،فكان ُ درج داخل كتاب الصالة ،فنناقش أوقات الصالة يف كتاب فنبدأ بالطهارة قبل الصالة ،أما ما يتعلق باألوقات ف ُي َ الصالة. قال َ -ر ِح َم ُه اهلل( :-كتاب الطهارة). فصال ألنه يفصل ما سبق عما سيأيت ،وستالحظون طب ًعا اإلمام َ -ر ِح َم ُه اهلل -قال( :فصل) ،والفصل ُس ِّمي ً أنه سيقول مرة أخرى (فصل :فرائض الوضوء) ،وإنما قال هنا فصل ولم ُي ِشر إلى عنوان الفصل ،ألنه َوك ََل ذلك إلى فِطنة المستمعين أو إلى فطنة الطالب.فالمقصود بالفصل هنا «فصل المياه» ،سيتحدث عن المياه ،ما هي سائال سأل :بماذا سنتطهر؟ فعقد هذا الفصل. كأن ًهذه المياه التي سنتوضأ هبا ،س إ َذن «فصل المياه» ،والمياه جمع ماء ،وأصل ماءَ « :م َو ٌه» ،فالهمزة منقلبة عن الهاء ،واأللف منقلبة عن الواو ،والدليل أننا نقول يف الجمع «ميا ٌه» ،وال نقول «ميا ٌء». كثير يف اللغة العربية ،وهو علم خاص يف العربية يسمى علم الصرف ،لكي تعلم أصل الكلمة والقلب هذا ٌ بناي» ،و«دعاء» أصل همزهتا الواو حتى ال تخطئ يف معناها.عندما نقول «بناء» ،فالهمزة هنا أصلها الياء « ٌ دعاو».كيف؟ دعا يدعو ،والبناء :بنى يبني. « ٌ فأصل الهمزة يف البناء «الياء» ،وأصل الهمزة يف الدعاء الواو ،وأما الهمزة يف «أشياء -شيء» فهي أصلية. إذن اآلن تستطيع أن ُت ِّ فرق بين «دعاء» و«بناء» و«أشياء». فالهمزة يف «أشياء» أصلية ،ويف «بناء» أصلها ياء ،ويف «دعاء» أصلها واو.هذا ُيع ِّلمه علم الصرف ،وهو علم مهم من علوم العربية. العربية خمسة علوم :النحو ،والصرف ،وعلوم البالغة الثالثة التي هي :المعاين والبيان والبديع؛ فهذه خمسة علوم أساسية يف اللغة العربية ،ال َينظر يف نصوص القرآن والسنة َمن لم ُيتقن هذه الخمسة.والذي ال يتقن ناظرا يف السنة؛ ألن هبذه ناظرا يف القرآن ،أو ً هذه الخمسة ال يمكن أن يكون غير مقلد ،وال يمكن بحال أن يكون ً درك ِس سر كالم العرب ،ومراتب كالمهم ،وعادهتم يف الكالم. العلوم الخمسة ُي َ 3 ولذلك تجدون األصوليين غال ًبا يتكلمون يف هذا ،وقد بدأ هذا الكالم اإلمام الشافعي َ -ر ِح َم ُه اهلل -فقال: إن معرفة علم الشرع يتوقف على معرفة َسنَن العرب يف الكالم.لماذا؟ ألن القرآن عربي ،والنبي عربي ،فال س فهم كالم اهلل وكالم الرسول ﷺ مِن دون َف وهم سنن العرب يف مخاطباهتا يف كالمها. يمكن أن ُي َ إ َذن قال« :فصل».المقصود بعقد الفصل هذا :فصل المياه ،والمقصود :المياه التي تصح هبا الطهارة. قال َ -ر ِح َم ُه اهلل:- ٍ بشْْْْْيء َسْْْْْ ِلْْ َمْْا الْْتْْغْْيْْ ِر ِمْْ َن حصْْْ ْ ُل الْطْهْْار ُة بِْمْْا س َف وصْْْ ْ ٌلَ :و َتْ ُ ٍ بشيء َسلِ َما)، تحصل الطهارة بماء« ،بماء» جر مجرور ،ثم جاء بجملة وصفية لهذا الماء( :مِ َن التغ سي ِر ماض ،فاعله ضمير مسترت تقديره هو ،أي الماء. ٍ بماء َسلِ َم من التغير بشيء ،فْ«سلم» ٌ فعل والتقديرٍ : (سلِ َما). ِ (م َن التغ سي ِر) جار ومجرور متعلق بْ َ ٍ (بشيء) جار ومجرور متعلق بْ(التغ سي ِر) بشيء.التغير مشتق ،تغ سير يتغ سير تغ سي ًرا ،فالتغير هنا مصدر. نعت لماء. جر ٌ ٍ فْ«بشيء» جار ومجرور متعلق بالتغير ،أي «تغ سي َر بشيء» ،والجملة يف محل ٍّ باق على أصل ِخلقته التي خلقه اهلل عليها ،كما أنزله اهلل بماء لم يتغير بشيء ،أيٍ : إ َذن :تحصل الطهارة ٍ َ -ع سز َو َجل -من السماء ،هذا هو الذي تحصل به الطهارة. ِ ِ ورا﴾ [الفرقان.]48 :وال سطهور بفتح الطاء ،والمقصود به ودليله قوله تعالىَ ﴿ :و َأن َوز ولنَا م َن س الس َماء َما ًء َط ُه ً ورا﴾ ،وال سطهور هنا طاهرا» ،بل قال ﴿ َط ُه ً ً َطهور على وزن َفعول ،ففيه مبالغة.فلم يقل «وأنزلنا من السماء ما ًء طه ًرا لغيره ،وهذه الخصيصة ليست إال يف الماء ،ليست يف الزيت، طاهرا يف نفسه ُم ِّ ً صيغة مبالغة َفعول ،فيكون وال يف اللبن ،وال يف سائر السوائل. لذلك ال يجوز أن تقول إن اللبن طهور؛ ألن اللبن طاهر ،وكذلك الزيت طاهر ،وال يمكن أن يكونا طهران غيرهما كالماء. طهورين ،ألهنما ال ُي ِّ طهر لغيره.لذلك إذا غسلت فالماء وحده جعل اهلل َ -ع سز َو َجل -فيه هذه الخصيصة ،فهو طاهر يف نفسهُ ،م ِّ طهر نفسه بنفسه. يطهر ،و ُي ِّ به أي شيء ،فإنه ُ مثال إلى ماء البحر ،ماء البحر يمكن أن يغرق فيه اإلنسان ،فإذا أغرقه ومات وصار ميتة ،يلفظه انظروا ً إلى الشاطئ ،ولو ألقيت أزبال العالم يف البحر ،فإنه يف الصباح س ُيلقيها يف الشاطئ. 4 لماذا؟ ألنه طاهر يف نفسه.حتى الماء الراكد الماء ،إذا ألقيت فيه األزبال والنجاسات فإهنا ترتسب ،ويبقى الماء النقي فوق ،فهو طهور.فهذا هو المقصود بقوله تعالىَ ﴿ :ط ُه ً ورا﴾.فالماء الباقي على أصل خلقته يصلح للطهارة. قال: ٍ بشْْْْْيء َسْْْْْ ِلْْ َمْْا الْْتْْغْْيْْ ِر ِمْْ َن حصْْْ ْ ُل الْطْهْْار ُة بِْمْْا س َف وصْْْ ْ ٌلَ :و َتْ ُ ﴿وين َِّز ُل َع َلي ُكم مِن السم ِ اء َما ًء ل ِ ُي َط ِّه َرك وُم بِ ِه﴾ [األنفال﴿.]11 :ل ِ ُي َط ِّه َرك وُم بِ ِه﴾ ،فدل هذا على أن جميع و و َ س َ َُ المياه التي بقيت على أصل الخلقة فهي تصلح للطهارة.ما هي هذه المياه الباقية على أصل خلقتها؟ ً أوال :مياه األمطار؛ ودليله القرآن. ومنها كذلك :مياه اآلبار ،ومياه العيون ،ومياه األهنار الجارية؛ فهذه كلها ميا ٌه بقيت على أصل خلقتها. مثال بمياه اآلبار ،بل وشرهبم لمياه األهنار ،وشرهبم واألدلة مِن فعل النبي ﷺ كثيرة يف هذا الباب؛ فمنها :س توضؤه ً طهورا. ً طهرة؛ فهذا يسمى ما ًء من مياه العيون ومياه اآلبار ،فهذه المياه كلها ثبت باإلجماع أهنا ميا ٌه طاهرة ُم ِّ ومن المياه الباقية على أصل الخلقة :ماء البحر ،فماء البحر جاء بعض الناس إلى النبي ﷺ فقالوا« :يا رسول اهلل ،إنا نركب البحر ،ويكون معنا القليل من الماء ،فإذا توضأنا به عطِشنا ،أنتوضأ بماء البحر؟» ،فقال طهر. ﷺ« :هو الطهور ماؤه ،الحل ميتته».هو الطهور ماؤه ،المقصود بالطهور :طاهر ُم ِّ ثم المياه التي تكون يف اآلبار ،سئل النبي ﷺ عن بئر بضاعة ،قال الراوي« :وهي بئر يل َقى فيها ِ الح َي ُض ُ ُ ُ نج ُسه شيء».فدل هذا على طهور ال ُي ِّ ٌ والج َثث» ،يعني ُيل َقى فيها النجاسات ،فقال النبي ﷺ« :إن الماء والنس َت ُن ُ طهرة. أن مياه اآلبار ومياه العيون كلها طاهرة ُم ِّ المكث؛ لإلجماع.وسيأيت معنا بعد قليل.إ َذن كل ِ ومن المياه كذلك :الماء اآلجن ،أي الذي تغير بطول ُ وتحص ُل الطهارة بما» ،لألحاديث طهر.هذا هو المقصود بقوله « ٌ فصل: ِ ٍ ُ ماء بقي على أصل خلقته فهو طاهر ُم ِّ واآليات التي ذكرناها. ٍ بشْْْْْيء َسْْْْْ ِلْْ َمْْا الْْتْْغْْيْْ ِر ِمْْ َن حصْْْ ْ ُل الْطْهْْار ُة بِْمْْا س َ........و َتْ ُ طهورا ،ولذلك قال بعد ذلك« :إذا تغ سي َر بن وَج ٍ ً طب ًعا هذا الوصف له مفهوم ،وهو أنه إذا تغير فإنه ال يكون طهورا ،أي ال يصلح -كما يقولون- ُط ِر َحا» ،أي :إذا تغير الماء بالنجاسة فإنه ُيطرح ،ويصير ماء ِ نج ًسا ،فال يكون ً ً َ 5 للعادة وال للعبادة.ال يصح للعادة معناه :ال يجوز شربه ،ألنه نج ،وال يجوز استعماله يف االستعماالت ٍ لمسلم أن يقرهبا. األخرى؛ ألنه نج ،والنجاسة كلها حرام ،ال يجوز ثم قال« :إذا تغ سي َر بن وَج ٍ ُط ِر ًحا».كما أنه ال يصلح للعبادة ،أي ال يصلح ألن ُي َ غتسل به ،وال يصلح ألن توضأ به ،وال يصلح ألن ُتزال به النجاسة ،ال من الثوب وال من البدن وال من المكان ،وال يصح االستنجاء به؛ ُي س ألنه نج ،ألنه تغير بالنجاسة.واإلجماع منعقد على أن الماء المتغير بالنجاسة ال يجوز استعماله ال يف العادة قديما وحدي ًثا إلى عصرنا الحاضر -على أن هذا الماء ال يصلح ال للعادة وال وال يف العبادة.أجمع أهل العلم ً - للعبادة« ،إذا تغ سي َر بن وَج ٍ ُط ِر ًحا». دليال اإلجماع ً طرح وال يصح للعادة وال للعبادة :اإلجماع«.ألي ُي َ والدليل على أن الماء النج دائما عندكم هو قال اهلل وقال رسول اهلل ﷺ ،هل نلغي باقي األدلة؟ قرأنا يف أصول مالك ستة عندكم؟ الدليل ً دليال ،وقلنا بأهنا كلها عوارض للقرآن والسنة ،فلم ِ يأت شيء من فراغ»(.)1رأوا أن النبي ﷺ هنى الصحابة عشر ً عن استعمال الماء النج ،ولكن هذا لم ُين َقل ،فاستغنَوا عنه باإلجماع المنعقد. خالف حتى َ أجمع المسلمون -نقول لكم أجمع العلماء منذ القديم إلى يومنا الحاضر ،ال يوجد أحد طرح ،بل حتى عقالء اليهود والنصارى ُي َ الخالف الشاذ ،حتى المبتدعة لم يخالفوا يف هذا -على أن الماء النج والجن.إ َذن الدليل هو اإلجماع. يطرحون الماء النج ،فهذا فيه إجماع من اإلن ثم قال: ٍ لْْعْْادة قْْد َصْْْْْ ُلْْ َحْْا ٍ طْْاهْْر أو إذا تْْْغْْ سْيْ ْ َر بْْ َْنْ ْ وجْ ْ ٍ ُطْ ْ ِر َحْ ْا بمعنى :إذا تغير بالطاهر.اآلن عندنا الماء المتغير بالطاهر ،مثل المشروبات الغازية ،كلها مياه ،ولكنها تغيرت بماذا؟ تغيرت بأمور طاهرة. التوضؤ بالمشروبات الغازية، س ٍ لعادة قد َص ُل َحا» ،بمعنى :ال يصلح للعبادة ،فال يمكن ٍ طاهر لذلك قال« :أو وال بما يسمى -يف العربية -السويق؛ ألهنما متغيران بالطاهر. فحولناه إلى الفصحى بحسب ما تبين من ٌ حديث إلى الطالب الحاضرين ،وقد كان بالدارجة المغربية س ( )1ما بين األقواس السياق. 6 وضابطه :ما خرج عن اسم «الماء» ،سوا ٌء ُس ِّمي «مياه غازية» أو «سويق» أو «ماء ورد» ،فقد صار ما ًء مضا ًفا ،حتى إن سميناه ما ًء فإنه يكون ما ًء مضا ًفا ،فإذا خرج عن اسم الماء فإنه يصلح للعادة وال يصلح للعبادة. ٍ لْْعْْادة قْْد َصْْْْْ ُلْْ َحْْا ٍ طْْاهْْر أو إذا تْْْغْْ سْيْ ْ َر بْْ َْنْ ْ وجْ ْ ٍ ُطْ ْ ِر َحْ ْا فإذا تغ سير بالطاهر ،فإنه ال يصلح للعبادة ،ولكنه يصلح للعادة؛ لماذا؟ ألنه خرج عن ُمط َلق اسم «الماء». أمرنا بالوضوء بالماء الباقي على اسم الماء ،أو الباقي على أصل ِخلقته. واهلل َ -ت َب َار َك َو َت َعا َلى -إنما َ ِ الغالب» ،هذا الطاهر الذي غ سيره إذا الز َمه يف الغالب ،بمعنى أنه ال ينفك عنه ،فإنه قال« :إال إذا الز َم َه يف يصلح للعبادة. مكان ما ،أو كان يف ب ٍ حيرة ٍ كم وغ َر ٍة» ،المغرة هو الطين األحمر ،طب ًعا إذا كان الماء يسيل يف ُ لذلك قالَ « : مثال ،أو كالطحالب (تلك فاستقر فيه ،فتغير هبذه األشياء المالزمة له ،كالطين األحمر ً ٍ مكان ما ما ،أو كان يف س الخضراء التي تكون فوق الماء) ،أو تغ سير بأوراق األشجار (سقطت فيه أوراق األشجار فتغير لونه بتلك مثال ،ألن السويق تغ سير ِبفعل فاعل، ٍ بشيء غير منفك عنه ،تغ سي ٌر بشيء الز ٍم له ،لي كالسويق ً األوراق)؛ فهذا تغ سي ٌر وتغ سير بشيء ينفك عنه وهو الدقيق. وكذلك المشروبات الغازية تغ سيرت بالملونات وبالنكهات التي وضعت فيه ،فهي تنفك عنه ،لذلك هذه التوضؤ هبا ،ولكن الماء إذا تغير بشيء ال ينفك عنه الز ٍم له ،فهذا يجوز التوضؤ به ،ودليله الماء ِ اآلجن س ال يجوز التوضؤ به ،ويجوز المكث -يجوز ِ س الذي تقدس م معنا ،فإن اإلجماع منعقد على أن الماء اآلجن -أي :المتغير بطول ُ االغتسال به ،واإلجماع هذا نقله ابن المنذر َ -ر ِح َم ُه اهلل َت َعا َلى -يف كتابه «اإلجماع». رة»؛ هنا مسائل: الغالب *** كم وغ ٍ ِ «إال إذا الز َم َه يف َ المسألة األولى :ما ضابط التغير؟ قال أهل العلم :التغير ضابطه أن يتغير لونه أو طعمه أو ريحه ،واستدلوا ٍ طعمه أو لونُه».طب ًعا هذه طهور ال ُين َِّج ُسه شيء ،إال إن تغ سي َر ِر ُ يحه أو ُ ٌ بحديث ضعيف ،وهو قوله ﷺ « :س إن الما َء الزيادة ضعيفة ،أول الحديث صحيح« ،إن الماء طهور ال يغير شيء» صحيح ،وأما هذه الزيادة فضعيفة ،ولكن وقع عليها اإلجماع من العلماء ،أي إن هذا التغير معترب ،فإذا تغير لونه أو ريحه أو طعمه فإ َذا تغير أحد هذه ستعمل للعادة وال يستعمل للعبادة. طرح ،وإذا تغير بالطاهر فإنه ُي َ فإنه ُي َ األوصاف الثالثة بالنج 7 طاهر مِن جنسه ،يعني ال يظهر فيه، ٌ والمالكية عندهم خالف يف المسألة :إذا تغير بطاهر ،أو إذا خالطه مثال -ماء الورد وجعلناه يف الماء ،فال يمكن أن يظهر هذا التغير.فقالوا :إذا تغير بالمماثل ،أو إذا فإذا أخذنا ً - خالطه الشيء المماثل ،فيه قوالن ألهل العلم ،طب ًعا هذا األمر يحتاج إلى ماذا إلى العلم؛ إن علم أنه مخلوط فإنه ال يتوضأ به ،وإن كان ال يعلم وتوضأ به فوضو ُءه جائز. المسألة الثانية :وهو الماء القليل الذي سقطت فيه نجاسة؛ ففيه خالف بين أهل العلم ،ومذهب اإلمام مالك -رحم ُة اهللِ َع َل ِ يه -أن الماء القليل إذا سقطت فيه النجاسة فهو مكروه االستعمال ،وقالوا :إذا استعمله َ َ ف ُيندَ ب له أن ُيعيد الوضوء ،وأن ُيعيد الصالة. ولماذا قالوا فيه بالكراهة؟ ألن مِن أهل العلم َمن قال إنه نج ،ومنهم اإلمام الشافعي َ -ر ِح َم ُه اهلل،- واعتمد دليل الخطاب.وها نحن نستعمل اآلن ما درسناه يف أصول مالك ،استعمل دليل الخطاب يف قوله ﷺ: بلغ الماء ُق سلتَين لم ي ِ وأي مفهوم؟ مفهوم المخالفة ،ولكن مفهوم المخالفة فيه الخ َب َث» ،س أي دليل هنا؟ س حمل َ َ ُ «إذا َ ظرف إذا شر ًطا يجر». ٌ ٌ مستقبل مفاهيم ،وهنا مفهوم الشرط ،لوجود «إذا» ظرفية شرطية« ، الخ َب َث» معناه :إذا لم يبلغ قلتين حمل الخبث.طب ًعا هذا المفهوم بلغ الماء ُق سلتَين لم ي ِ حمل َ قال« :إذا َ َ ُ أخذ به اإلمام الشافعي َ -ر ِح َم ُه اهلل َت َعا َلى ،-وأخذ به بعض المالكية كذلك ،أخذوا بمفهوم هذا الحديث ،فقالوا: وإن لم يتغير. قليال فرأيت النجاسة سقطت فيه ،فإن هذا الماء ينج إذا كان الماء ً ولكن ما الذي جعل مال ًكا -رحم ُة اهللِ َع َل ِ إن الما َء َط ٌ هور ال ُين َِّج ُس ُه يه -ال يقول بالتنجي ؟ قوله ﷺ « :س َ َ الماء بالقليل من النجاسة فهو مفهوم ،وقد تعارض المنطوق والمفهوم شيء» ،قال :هذا منطوق ،وأما تنجي بلغ الما ُء ُق سلتَين لم إن الما َء َط ٌ هور ال ُين َِّج ُس ُه شيء» هذا عا ٌّم يف جميع المياه ،وقوله ﷺ« :إذا َ هنا.فقوله ﷺ « :س الخ َب َث» مفهومه :أنه إذا لم يبلغ قلتين فإنه يحمل الخبث.فأخذوا باألصل الذي هو المنطوق ،ولكنهم حمل َ ي ِ َ را َعوا الخالف ،فقالوا بالكراهة. إ َذن دليله يف القول بالكراهة ما هو؟ مراعاة الخالف. وقد تقدس م معنا المقصود بمراعاة الخالف عند مالك -رحم ُة اهللِ َع َل ِ يه ،-فمراعاهتم للخالف جعلتهم َ َ يقولون :إن الماء القليل إذا سقطت فيه النجاسة ولم ُتغ ِّيره ُي َ كره استعماله ،وال يتعين استعماله إال إن لم يجد غيره ،إذا لم يجد غيره يجب عليه أن يتوضأ به. 8 الخ َب َث» ،ثم بعد التسليم حمل َبلغ الماء ُق سلتَين لم ي ِ ثم هناك كالم كثير يف مناقشة صحة حديث« :إذا َ َ ُ ِ ٍ أي ُق سلة هذه المذكورة؟ أهي قالل مكان معين ،أم أن ال ُق سلة ُي َ رجع بصحته ،هناك مناقشة فقهية يف مقدار القلتين ،س رجع فيها إلى العرب ،أم إلى قريش ،إلى آخره.ومثل هذا الشيء الذي يكون ضباب ًّيا فيها إلى ُعرف الناس ،أم ُي َ يف الشرع شيء ضبابي ،وإنما هو شيء مجمل ،أو شيء غير هكذا ،أقول ضباب ًّيا لك ي تفهموا ،وإال فإنه لي محدد ،إذا كان غير محدد يتعامل معه الفقهاء بإسقاطه ،ويرجعون إلى الشيء المتين. لذلك المالكية َ -ر ِح َم ُهم اهلل َت َعا َلى -قالوا بمراعاة الخالف يف هذا الباب ،ألن الشيء الذي تقع فيه ستعمل ،وإن استعمله ُيندَ ب له أن ُيعيد الوضوء بماء طاهر ،وأن ُيعيد النجاسة يستقذره الطبع ،ولذلك قالوا ال ُي َ الصالة يف الوقت ،أما إذا خرج الوقت فإنه ال ُيعيد تلك الصالة. طب ًعا األحناف لم ُيس ِّلموا للشافعية يف مفهوم المخالفة هذا ،فقال األحناف :الماء الكثير الذي ال تضره النجاسة هو المستبحر فقط ،وأما الماء إذا كان قلتين وسقطت فيه النجاسة -وإن لم ُتغ ِّيره -فإهنم يطرحونه، ِ المستبحر عندهم :هو الذي إذا ُح ِّرك َط َرفه لم تظهر الحركة يف طرفه اآلخر.والبحر يف اللغة :الماء الكثير، والماء بحرا.إذن هذه تفريعات فيما يتعلق بتغير الماء. فمطلق الماء الكثير يسمى ً الغالب *** كم وغ ٍ رة». ِ قال َ -ر ِح َم ُه اهلل َت َعا َلى« :-إال إذا الز َم َه يف َ فمط َل ٌق».أي :هذا الماء الذي لم يتغير ،يسمى الماء المطلق ،الماء الباقي على ِ ثم قال َ -رح َم ُه اهللُ « :- أصل خلقته يسمى الماء المطلق ،والماء المطلق معناه :المطلق من التقييد؛ وهذا قد تقدمت اإلشارة إليه. هو الماء الباقي على أصل خلقته ،وإنما هو معتصر فعندما نقول :ماء كذا ،فإنه ماء مقيد ،كماء الورد ،لي من الورد ،ال عالقة له بما نحن فيه ،المياه التي نتحدث عنها ال عالقة له هبا ،ألنه ماء مضاف أو مقيد ،ونحن فم َط ٌلق». نتحدث عن الماء المطلق ،قالُ « : حم ُة اهللِ َع َل ِ يهم -يف مسألة :ما هو الماء المطلق ،أهو الباقي على طب ًعا هناك خالف فقهي بين علمائنا َ -ر َ الباقي على أصل خلقته؟ وهذا الخالف فقط يف تصنيف المياه ،وإال فالمياه هذه كلها أصل خلقته ،أم أنه لي يجوز الوضوء هبا.فقالوا بأن الماء الباقي على أصل خلقته هو الماء النازل من السماء ،وأما الماء المطلق فهو مثال يف قارورة أو آنية ،فهذا هو الذي يسمى ما ًء مطل ًقا.والسؤال وار ٌد عليه؛ ألن -كما تعلمون -هذه الذي تجده ً المياه التي نستعملها يف المنازل ميا ٌه قد خالطتها مجموعة من الكيماويات. 9 فالشاهد هنا أن هذه الماء يسمى مطل ًقا ،أما الباقي على أصل خلقته -وسيأيت معنا كالم للشيخ ميارة يف أصال ،كمياه اآلبار والعيون أو األهنار ،فهذه مياه باقية على أصل هذا الباب -فهو الذي لم يتطرق إليه تغ سي ٌر ً خلقتها ،غيرها يسمى الماء المطلق. لو قلت لك :ائتني بماء ،فأتيتني بماء يف إناء ،فهذا ماء مطلق ،ال أقول إنه ٍ باق على أصل خلقته ،ألين ال أعلم من أين جئت به.فهذا هو الفرق بين الماء المطلق ،والماء الباقي على أصل خلقته. كالذائب».إ َذن عندنا الذي تغ سير بمالزم له ،نقول إنه ٍ باق على أصل خلقته، ِ فمط َل ٌق ِ قال َ -رح َم ُه اهللُ « :- ِ كالذائب» ،يعني الثلوج التي فمط َل ٌق أما المطلق فهو الماء النازل من السماء ،ومنه كذلك الذائب ،لذلك قالُ « : ذاب. تذوب ،أو ال َب َرد.ما معنى ال َب َرد؟ إذا َ هذا الماء الذي يذوب من الثلوج أو الربد يسمى ما ًء مطل ًقا.كذلك المياه المذابة من الجليد ،الثلج معروف ،يتساقط كالصوف ،وأما الجليد كالذي يوجد يف «الثالجة» ،فهناك فرق بين الثلج وبين الجليد.ثم هناك ال َب َرد المعروف. *** بسم اهلل الرحمن الرحيم «كتاب الطهارة الناظم من مسائل االعتقادات المتعلقة بالقاعدة األولى من قواعد اإلسالم ،وهي الشهادتان، ُ لما َفر َغ س ٌ شرط فيها ،والشرط متقدِّ ٌم شر َع يف بيان ما يتعلق بالقاعدة الثانية ،وهي الصالة ،وبدأ مِن ذلك بالطهارة ،ألهنا َ ولما كانت الطهارة إنما تكون بالماء إال إذا ُف ِقد ،احتِيج إلى معرفته قبلها ،إذ هو كاآللة لها، على المشروط ،س فلذلك َقدس َم الكال َم عليه ،فقال: ِ كالذائب) وتحص ُل..إلى قوله: ُ (قولهٌ : فصل ٍ ِ بشيء طعمه أو ِر ُ يحه- حص ُل بالماء الذي َسلِم من أن يتغير ،و أي أحدُ أو صافه -لونُه أو ُ أخرب أن الطهارة َت ُ من األشياء ،أعني النجسة أو الطاهرة ،ولذلك ن سك َر شي ًئا». والطاهر: ن سكر (شي ًئا) لكي يدخل فيه النج ٍ بشْْْْْيء َسْْْْْ ِلْْ َمْْا الْْتْْغْْيْْ ِر ِمْْ َن ................. س 10 « ِ وشمل قوله «الطهارة» :طهار َة َ الخ َبث ،وهي إزالة النجاسة عن الثوب والبدن والمكان ،فال يزول حكم ٍ شيء مما ُذكر إال بالماء المطلق». النجاسة -على المشهور -عن يعني حتى حكم النجاسات فإنه ال يزول إال بالماء المطلق؛ ولذلك النبي ﷺ لما بال األعرابي يف طائفة المني من ثوب رسول اهلل ﷺ اهلل َعن َوها -تغسل ِ بذنوب من ماء ف ُأ ِ المسجد ،أمر َ س هريق عليه ،وكانت عائشة َ -رض َي ُ إذا كان رط ًبا بالماء.وانتقاص الماء ،أي استعمال الماء يف االستنجاء مقدس م على استعمال الورق والحجر. «وأما عين النجاسة فتزول بالمطلق وغيره».إ َذن عندنا حكم النجاسة ،وحكم النجاسة ،وهذا سيأيت معنا إن شاء اهلل ،ولكن ال بأس يف اإلشارة إليه.عين النجاسة هي النجاسة بنفسها ،يمكن أن تزال بأي شيء ،تزيله مثال بعود أو ورق أو خشب أو أي شيء ،ولكن الحكم ال يزول إال بالماء ،ال بد من الماء المطلق إلزالة حكم ً النجاسة. أيضا :طهار َة الحدث وهي الوضوء والغسل ،ألن الحدث هو المنع المر ستب على األعضاء ك ِّلها، «وشمل ً وهو الحدث األكرب الموجب للغسل». وتحص ُل الطهارة» دخل فيه طهارة َ الخ َبث ،ودخلت طهارة الحدث ،ويف طهارة الحدث ُ إ َذنٌ « : فصل: هناك طهارة الحدث األكرب ،وهي الغسل ،وطهارة الحدث األصغر ،وهي الوضوء. « أو على بعضها ،وهو الحدث األصغر الموجب للوضوء ،فال يرتفع الحدث يف الوجهين إال بالمطلق اتفا ًقا».اتفا ًقا أي يف المذهب ،لم يقل إجما ًعا.ال ال بل فيه اإلجماع ،الحدث األصغر واألكرب ال يزوالن إال بالماء المطلق إجما ًعا. ٍ بشيء من األشياء ،فإن تغ سي َر الماء بشيء من األشياء ففيه تفصيل ،أشار «هذا هو حكم الماء الذي لم يتغير ٍ بطاهر كاللبن له بقوله( :إذا تغير بن وَج ِ ..البيت) ،وحاصله أن الماء إذا تغيرت أو صافه أو أحدُ ها ،فإما أن يتغير كالبول والخمر». والزيت ،أو بنج الجمهور يرون نجاسة الخمر ،لقول اهلل َ -ت َب َار َك َو َت َعا َلىَ ﴿ :-يا َأ سي َها ا سل ِذي َن آ َمنُوا إِن َسما ا ول َخ وم ُر َوا ول َم وي ِس ُر اجتَن ِ ُبو ُه﴾ [المائدة ،]90 :فْ ﴿ ِر وج ﴾ هنا معناه :نج ،وإن قال ِ اب َو واألَ وز َال ُم ِر وج ٌ مِ ون َع َم ِل س الش وي َطان َف و َو واألَن َوص ُ بعض أهل إن النجاسة هنا ُت َ حمل على المعنوية. 11 فنقول :ربنا َ -ت َب َار َك َو َت َعا َلى -أخربَ بالنجاسة عن الخمر والميسر واألنصاب واألزالم ،كأنه قال :الخمر هنا خربٌ واحد لمبتدأ وما ُعطف عليه، رج ،والميسر رج ،واألنصاب رج ،واألزالم رج ؛ ألن رج حمل على النجاسة الحسية إن أمكن. فإذا قلنا الخمر نج ،فالظاهر أن ُي َ أم ال؟ يجوز.الميسر فعل ،هل يمكن أن يوصف بالنجاسة أيمكن هنا أن يوصف السائل بأنه نج الحسية؟ ال ،ألنه ال يمكن أن يوصف الفعل بالنجاسة الحسية ،وإنما يوصف بالنجاسة المعنوية.األزالم كذلك، واألنصاب كذلك. إ َذن األزالم واألنصاب والميسر يستحيل أن توصف بأهنا نجسة نجاس ًة حسية ،فنُ َؤ ِّوله إلى النجاسة المعنوية ،ولكن الخمر يبقى على الظاهر ،والظاهر ال ُي َؤ سول إال بالقرينة كما تقدم معنا يف باب «الظاهر والمؤول»، يه.-هذا تقدم معنا الكالم حوله ،وقد استفضنا الكالم فيه يف أصول مالك -رحم ُة اهللِ َع َل ِ َ َ إ َذن :ظاهر اآلية أن الخمر نج ،ولهذا قال الجمهور بنجاسته ،أما ما س تمسك به من قال بأن الخمر لي يهم -سكبوا الخمر يف سكك المدينة، ان اهللِ َت َعا َلى َع َل ِ ضو ُنجسا ،فكله يقبل التأويل.أعالها أن الصحابة ِ -ر َ ً يهم -أن يسكبوا النجاسة يف سكك المدينة وينجسوا ان اهللِ َت َعا َلى َع َل ِ تصور من الصحابة ِ -ر َ ضو ُ فقالوا :ال ُي س الطرقات. نقول :الطرقات فيها بول الحمير وبول البغال وهي نجسة باإلجماع ،بل حتى أبوال الصبية وغيرهم ،ثم وللريح ،وخاص ًة هواء المدينة ساخن ،فهذه الخمور لن تبقى ً كثيرا يف سكك هذه األماكن تتعرض للشم المدينة. يعضد ما نقول :أن النبي ﷺ ُسئل عن آنية اليهود والنصارى ،وعن آنية الكفار عمو ًما ،فقال: ومما ُ «اغسلوها ،وكلوا فيها». لماذا يغسلوهنا إ َذن؟ ألنه يكون فيها الخمور وغير ذلك ،وال ُي َ غسل إال من النجاسات ،ولذلك الظاهر هنا أن مذهب الجمهور يف قولهم بنجاسة الخمر ٌ قول سديد ،وقول أقرب إلى الصواب. سبحانك اللهم وبحمدك ،أشهد أال إله إال أنت ،أستغفرك وأتوب إليك. 12 بسم اهلل الرحمن الرحيم المادة :شرح كتاب مختصر الدر الثمين والمورد المعين الدرس -02 :أنواع المياه إن الحمد هلل ،نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده اهلل فال مضل له ،ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،وأشهد أن محمدً ا عبده ورسوله؛ أما بعد: أما البول فهو نجس باإلجماع. قال« :فإن تغير بنجس فإنه يطرح لنجاسته ،فال يستعمل يف العبادات من وضوء أو غسل أو إزالة نجاسة عن ثوب أو بدن أو مكان ،وال يف العادات من شرب أو طعام ،ألن حكمه حكم مغيره ،ومغيره نجس فهو كذلك أيضا». نجس ً هذا ما يقال له :انتقال الحكم بالمجاورة ،أو بالمخالطة ،حكم الشيء يعطى حكم جاره ،ويعطى حكم مخالطه ،ولكن هنا ال بد من شرط وهو الغلبة ،ولذلك قال :التغير ،ألن التغير ال يحصل إال إن كان غال ًبا. قال« :وإن تغير بطاهر فإنه يصلح للعادات دون العبادات ،ثم استثنى من المتغير بطاهر :ما تغير بما يالزمه وال ينفك عنه غال ًبا ،كالمتغير بالمغرة والزرنيخ إذا كان الماء يجري عليهما ،وحكم عليه بأنه مطلق فيستعمل يف العادات والعبادات م ًعا». أضف إليه الكربيت كذلك ،فتجد يف بعض المناطق يف المغرب ،تجد الماء ساخنًا يفور ،وسبب سخونته الكربيت؛ ولذلك يتغير بالكربيت ،طعمه ليس كطعم سائر المياه.كذلك الطحلب كما تقدم معنا. «والمطلق هو الباقي على أصل خلقته بحيث لم يخالطه شيء ،ويقال له طهور ،وإلى هذا ذهب الناظم حيث حكم على المتغير بالمغرة ونحوها بأنه مطلق ،وكذلك المتغير بالطحلب ،بضم الطاء وسكون الحاء وضم الالم وفتحها».المغرة بفتح الميم ،وأصلها مغرة ،وإنما سكنت الغين تخفي ًفا؛ ولذلك نقول مغرة ،وال نقول مغرة. 1 «وهو خضرة تعلو الماء لطول مكثه ،وكذلك المتغير بالمكث وهو طول اإلقامة ،وإنما لم يضره تغيره بذلك لمشقة االحرتاز من المغير المذكور.قاله يف التوضيح».يعني قاله الشيخ خليل يف كتابه «التوضيح» يف شرح «جامع األمهات» البن الحاجب ،فالتوضيح للشيخ خليل بن إسحاق الجندي -رحمه اهلل.- أيضا، «وقوله (كالذائب) تشبيه إلفادة الحكم ،ومعناه أن الماء إذا ذاب بعد أن كاد جامدً ا فهو مطلق ً وذلك كالثلج والربد والجليد ،وسواء ذاب بموضعه أو بغيره».بموضعه أي يف مكانه ،أو بغيره كأن ننقله إلى مكان آخر ،أو أن نذيبه بفعلنا ،بأن نجعله فوق النار فنذيبه ،فهذا الماء يكون مطل ًقا. «ويدخل يف ذلك الملح الذائب بعد جموده ،لكن بموضعه».لماذا قال «الملح الذائب بموضعه»؟ ألنه إذا نقل الملح من موضعه صار طعا ًما ،فالملح الذي يف البيوت -إذا ذاب -ال يصلح للوضوء ،وإن بقي جامدً ا فال يصلح للتيمم. متى يصلح للتيمم؟ إذا كان يف موضعه ،كالذهب والفضة والحديد والكوبالت والقصدير وهذه المعادن، فكلها إذا كانت يف المغارة يجوز التيمم هبا كما سيأيت معنا يف باب التيمم ،ولكن إذا نقلت فال يجوز. إذا قلت إنه يجوز ،فتيمم بالفلوس ،وال أحد يقول بجواز التيمم بالسكة أي النقود ،النقود ال يجوز التيمم هبا عند جميع العلماء.نعم هي معادن ،لكن دخلت الصناعة؛ لذلك قال« :الملح يف موضعه» ،ألنه لم يصر طعا ًما ،أما إذا صار طعا ًما فال. «ولفظ (نجس) يف البيت الثاين بسكون الجيم للوزن ،و(ذائب) آخر البيت الثالث بالذال المعجمة.وقد ذكرنا هنا يف األصل عشر تنبيهات».األصل يقصد به الشرح الكبير ،وهو «الدر الثمين والمورد المعين» ،أما هذا الذي ندرسه فهو مختصره فقط ،والكتاب مطبوع. «األول :هل الماء المطلق والطهور مرتادفان؟ وهو ظاهر كالم القاضي عبد الوهاب ،وهو ظاهر النظم. أو الطهور أعم من المطلق؟ وهو ظاهر صنيع ابن الحاجب ،وعليه فكل مطلق طهور ،وليس كل طهور مطل ًقا». هذا أشرنا إليه ،وقلنا إن الخالف فيه ال يضر ،ألهنم أجمعوا على أن الماء المطلق يجوز استعماله يف العبادات. «ألن الذي لم يتغير ،والمتغير بما ال ينفك عنه غال ًبا كالزرنيخ والمغرة طهور وليس بمطلق».هذا ليس ما ًء مطل ًقا لماذا؟ ألنه ماء مضاف ،ومتغير. 2 أصال ،وهذا خالطه غيره. «ألن المطلق -على هذا القول -ما لم يخالطه شيء ً الثاين :يف تقسيم ابن الحاجب المياه إلى ثالثة أقسام :القسم األول( :المطلق) ،وهو الذي لم يخالطه شيء ،ويلحق به يف الحكم المخالط بما ال ينفك عنه غال ًبا.القسم الثاين :ما خولط بما ينفك عنه غال ًبا ولم يتغير، وفيه تفصيل بين الماء الكثير والقليل». قد أشرنا إليه ،وأشرنا إلى أدلته ،أشرنا إلى قوله ﷺ« :إن الماء طهور ال ينجسه شيء» ،وقوله ﷺ« :إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث».وأشرنا إلى مذهب األحناف القائلين باالستبحار. نجسا.القسم الثالث :ما خولط بما ينفك عنه غال ًبا طاهرا أو ً ً «وبين أن يكون المخالط الذي لم يغيره وتغير».وهذا األخير هو الذي ال يصلح للعبادة ،إذا غيره الطاهر فيصلح للعادة ،وإذا غيره النجس فإنه يطرح. «التنبيه الثالث :يف بيان طهارة الحدث والخبث وما تحصالن به من المطلق أو غيره».هذا سيأيت معنا يف باب االستنجاء واالسترباء ،إن شاء اهلل -تبارك وتعالى.- ولكن فيما يتعلق بطهارة البدن ،وخاصة السبيلين ،ألهنما محل لخروج النجاسات ،أما ما يتعلق بطهارة المكان وطهارة الثوب وطهارة البدن يف غير السبيلين. فقد اتفق علماؤنا -رحمهم اهلل -على أن هذه الثالث ال تحصل الطهارة فيها إال بالماء المطلق ،وعندهم خالف يف طهارة المكان ،فبعض العلماء قالوا إنه يطهر بالشمس والريح ،فالمكان إذا وقعت فيه نجاسة وتبخرت بفعل الحرارة ،ثم حملت بفعل الريح ،قالوا :يطهر المكان ،واستدلوا لذلك بأثر لعبد اهلل بن عمر -رضي اهلل عنهما ،-قال« :كانت الكالب تقبل وتدبر يف مسجد رسول اهلل ﷺ». ألن مسجد النبي ﷺ لم تكن توصد أبوابه كلها ،فالباب موجود ،ولكن ال يوصد ،فكانت الكالب تقبل دائما مثل هذه وتدبر يف المسجد ،وال يبعد أن تنجس المسجد ،ولم ينقل أهنم كانوا يسكبون المياه فيها ،ولكن ً مثال -حديث األعرابي الذي بال يف طائفة المسجد ،كانوا سيرتكون بوله للريح والشمس، األدلة تضعف أمام ً - ولكن النبي ﷺ أمرهم باإلتيان بذنوب من ماء ،فأهرق عليه ،فقالوا :ال بد من استعمال الماء. واعرتضهم الخرون فقالوا :إن هذه المياه التي سكبوها على البول ليست كثيرة ،وإذن فستكون النجاسة باقية يف المكان ،فأجابوهم بالتفرقة بين ورود النجاسة على الماء ،وبين ورود الماء على النجاسة ،فقالوا :إذا ورد الماء على النجاسة ،فهذا تنجيس ،أما إذا ورد الماء على النجاسة ،فهذا تطهير. 3 وكل هذه أقيسة عند الفقهاء -رحمهم اهلل تعالى ،-يحاولون هبا أن يجعلوا قاعدة المياه عندهم تسير على نظرا للقاعدة الكبيرة التي تدفع التناقض عن دائما فيما يتعلق باألحكام الشرعيةً ، سنن واحد ،هذا هاجس الفقهاء ً الشريعة اإلسالمية.قال اهلل -عز وجل﴿ :-ولو كان من عند غير اهلل لوجدوا فيه اختال ًفا كث ًيرا﴾ [النساء.]82 : فاالختالف ال يمكن أن يكون يف شريعة اهلل -سبحانه وتعالى ،-بل الشريعة تسير على سنن واحد. إذن قال« :بيان طهارة الحدث والخبث وما تحصالن به من المطلق الماء».إذن القاعدة أن جميع النجاسات ال تنتفي حكمها -أقول حكمها ال عينها -إال بالماء المطلق. «والرابع يف تقييده قول الناظم( :وتحصل الطهارة..إلى آخره) بغير االستنجاء ،أما االستنجاء فيكفي يف رفع حكم الخبث إزالة النجاسة باألحجار ونحوها ،ولو مع وجود الماء». لماذا؟ للنقل المتواتر عن النبي ﷺ وعن الصحابة يف استعمالهم لألحجار ،وهذا سيأيت معنا -إن شاء اهلل تبارك وتعالى -يف باب االسترباء. حديث عبد اهلل بن مسعود -رضي اهلل عنه ،-قال« :أتيت النبي ﷺ بثالثة أحجار وروثة ،فأخذ الحجرين وألقى الروثة ،وقال :ائتني بغيرها».فهنا النبي ﷺ يستعمل الحجارة. «الخامس :يف شمول قول الناظم (بما سلم من التغير) :تغير اللون والطعم والريح ،وما يف الريح من الخالف».بعض العلماء -وهم الجمهور -قالوا :إذا تغير الريح فال يصلح الماء للعبادة. وبعضهم قال :تغير الريح ال يضر ،واستدل اإلمام البخاري -رحمه اهلل تعالى -يف صحيحه على أن تغير الريح هذا يؤثر يف طهورية الماء وعدم طهوريته ،بحديث عجيب ،هو حديث الشهيد ،أن النبي ﷺ قال« :إن الشهيد يأيت يوم القيامة ،وجروحه تثعب د ًما ،اللون لون الدم ،والريح ريح المسك» ،فاستدل بأن تغير الريح هذا يجعل تلك الدماء طاهرة ،فتلك الدماء تكون طاهر ًة بتغير الريح.إذن العكس ،فإذا تغير الريح بالشيء النجس، فإن الطاهر سيتغير إلى النجس ،هذا يف المقابلة. فاستعمل -رحمه اهلل تعالى -قياس العكس.ارجعوا لفتح الباري يف كتاب الطهارة ،فحديث الشهيد هذا ذكره يف كتابه يف كتاب الطهارة.إذن الصواب أن الريح إذا تغير بالشيء ،طب ًعا نحن ال نتحدث الن عن تغيره بنجس أو بطاهر ،سواء تغير بطاهر أو بنجس ،فإنه ال يصلح للعبادة؛ هذا هو الهدف. 4 «السادس :يف بيان الطاهرات من األشياء والنجسة منها ،لما تقدم من التفصيل بين أن يتغير الماء بطاهر أو بنجس ،فاحتيج ألجل ذلك إلى معرفة الطاهر من النجس ،وانجر الكالم من ذلك لبيان ما يؤكل من الحيوانات وما ال يؤكل ،حيث عدوا من الطاهرات ما ذكي ،وجزؤه إال محرم األكل ،أي فال تعمل فيه الذكاة». طب ًعا هذا االستطراد استطراد طويل عند اإلمام ميارة -رحمه اهلل -يف الكبير ،ونحن لن نستطرد إليه.بيان األعيان الطاهرة ،وبيان األعيان النجسة ،هذا شيء خارج نظم اإلمام سيدي عبد الواحد بن عاشر رحمه اهلل. أما قوله« :وانجر الكالم من ذلك لبيان ما يؤكل من الحيوانات وما يؤكل» ،فهو خاص باألطعمة ،يدرس يف كتاب األطعمة ،وال يدرس يف باب الطهارة ،ولكن له عالقة وطيدة به. ولهذا فإن الفقيه يجب عليه أن يضبط اختياراته يف الطاهرات ،لكي يضبط اختياراته يف المطعومات ،ألنك تلقى الواحد يحكم هنا بالنجاسة ،فإذا كان يف المطعومات يأكله ،فإذا قلت إن الشيء نجس فإنه ال يؤكل ،وإذا قلت إنه طاهر فمعناه أنه يؤكل؛ ألن أكل الشيء أو االنتفاع به فرع عن طهارته ،وعدم االنتفاع بالشيء فرع عن نجسا ،فهناك رابط وطيد بين كتاب األطعمة وبين كتاب الطهارة؛ ولذلك استطرد إليه.ما يؤكل من كونه ً الحيوانات وما ال يؤكل ،حيث عد من الطاهرات ما ذكي. نجسا ،فهو طاهر ،والسمك طاهر، اللحم الذي عند الجزار إذا سقط عليك ،ال إشكال ،لماذا؟ ألنه ليس ً وهذه كلها طاهرات ،لماذا؟ ألهنا تؤكل.كل ما يؤكل فهو طاهر. قال« :وجزؤه إال محرم األكل ،أي فال تعمل فيه الذكاة».مثل الحمار ،لو أتينا بحمار فقلنا« :بسم اهلل، طاهرا؟ ال ،ال تعمل فيه الذكاة.كل ما ال يؤكل لحمه ال تعمل فيه الذكاة. ً اهلل أكرب» ،وذبحنا الحمار ،هل يكون والذكاة هو الذبح. «السابع :يف حكم إزالة النجاسة ،وصفة زوالها ،مع كوهنا محقق ًة أو مشكو ًكا فيها».نعم ،إذا كانت محققة فيجب إزالتها ،وإذا كانت مشكوكة فيجب نضحها.سيدي إذا كانت محققة يجب غسلها ،وإذا كانت مشكوكة فيجب نضحها ،والدليل« :إذا استيقظ أحدكم من نومه فال يغمس يده يف اإلناء حتى يغسلها ثال ًثا ،فإن أحدكم ال يدري أين باتت يده». 5 ال يدري أين باتت يده ،هذا شك ،فاعتربه النبي ﷺ ،فأمر بغسل اليدين.ومنه حديث أنس -رضي اهلل عنه« :-فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس ،فنضحته بالماء».لماذا نضحه؟ ألنه شك يف نجاسته. إذن النجاسة المحققة اإلجماع أهنا تغسل ،ألنك تراها وال تشك فيها ،وأما النجاسة المشكوكة فإهنا تنضح. «الثامن :فيما يعفى عنه من النجاسات لعسر االحرتاز منه».كرشاش البول ،إذا دخل إلى المرحاض مثال من اشرتى اللحم ،تسقط فتبول ،فال بد أن يرشه بول الماء ،فهذا معفو عنه.وكبعض الدماء التي قد تصيب ً عليه بعض نقاط دماء ،فهذه نجاسة معفو عنها. «التاسع :يف ذكر فروع ،بعضها يتعلق بالمياه ،وبعضها بالنجس والطاهر ،وبعضها بإزالة النجاسة». نعم ،هذا ليس على شرطنا. «العاشر :يف ذكر نظائر جرت عادة الشيوخ بذكرها هنا ،فيقولون :ثمانية مسائل هي من باب إزالة النجاسة، ويكفي فيها المسح عن الغسل ،وثمانية أثواب ال يطلب غسلها إال مع التفاحش ،وثمانية أشياء تحمل على الطهارة ،وثمانية تجب مع الذكر وتسقط مع النسيان ،فإن تعلق لك غرض بشيء من ذلك ،فراجعه يف الشرح الكبير». بعد أن تكلم المصنف -رحمه اهلل -على ما يتعلق بأقسام المياه التي هبا تقع الطهارة انتقل -رحمه اهلل- إلى أول طهارة من الطهارات وهي الوضوء. بْْ ْدئْْْه دلْْ ْك وفْْ ْور نْْ ْيْْ ْة فصْْل فرائض الوضْْوء سْْبع وهي فصال ألنه يفصل قال -رحمه اهلل( :-فصل فرائض الوضوء سبع وهي) ،قلنا فيما مضى إن الفصل سمي ً الموضوع السابق عن الالحق ولذلك سمي بالفصل. قال -رحمه اهلل( :-فصل فرائض الوضوء) طب ًعا دخل يف الموضوع مباشرة دون أن يقف مع الوضوء ألن قصده أن يعلم المبتدأ وأن يعلم األمي فرائض العبادات وسننها ومستحباهتا فقط ،أي مسألة التنظير كالتعاريف مثال الوضوء هو. مثال هذه ليست على شرطه كأن يقول ً ً فالوضوء يف اللغة كما هو معلوم هو مطلق النظافة ،نقول وضوء بمعنى نظف ويقال وضوء يف األصل للحسن ،نقول جارية وضيئة بمعنى جارية حسناء أو جميلة ،ثم الوضوء يف المعنى الشرعي هو فعل مخصوص يستعمل فيه الماء على جهة مخصوصة يف أعضاء مخصوصة معنية بقصد القربة ،فعندما يتوضأ المسلم فإنه 6 مثال مرة واحدة أو مرتين أو ثال ًثا يف أعضاء مخصوصة ليس يف سائر األعضاء، مخصوصا ً ً ً استعماال يستعمل الماء بل يتوضأ للوجه واليدين وللفم ولألنف وللقدمين ويمسح بالرأس وباألذنين. الشاهد هنا أنه يستعمله يف أعضاء مخصوصة بنية؛ ألن النية من ماذا تدخل يف ماهية الوضوء ،بل ال يقبل أي عمل من األعمال إال بنية كما سيأيت معنا إن شاء اهلل -تبارك وتعالى -يف باب الفرائض. يقصد هبذا الوضوء ماذا؟ القربي أو نقول يقصد به استباحة الممنوع ،ألن اإلنسان قبل وضوئه تكون الصالة ممنوعة عليه ويكون الطواف ممنو ًعا عليه هذا هو المقصود بالوضوء من حيث الشرع ،ثم اإلمام -رحمه اهلل -كما تقدم أراد أن يذكر لنا فرائض هذا الوضوء بحيث لو تخلف فرض من هذه الفروض التي سيذكر فإن المسلم يكون غير متوضئ بمعنى أن وضوئه هذا باطل. ثم يجب التفرقة بين الوضوء الذي هو الفعل ،فالوضوء هو فعل الوضوء ،وبين الوضوء بالفتح الذي هو الماء المعد للوضوء كما تقدم معنا يف الطهارة ،قلنا إن الطهور هو الفعل والطهور هو الماء المعد للطهارة يسمى هورا ،ومنه قول النبي ﷺ« :الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر هورا وفعل الطهارة يسمى ط ً ط ً سنين» فعرب عن الرتاب بالطهور لماذا ألنه يف محل الماء أو ألنه بدل الماء فعرب عنه بالطهور. قال( :فصل فرائض الوضوء) فرائض هذا جمع على غير قياس لمفرده الذي هو الفرض ألن الفرض يجمع على فروض ،أما الفرائض فهي جمع فريضة وليس جمع فرض ،فالفرض يجمع على فروض وال يجمع على فرائض فهو جمع على غير قياس. قال( :فصل فرائض الوضوء) مضاف أو مضاف إليه أي هذه الفرائض خاصة بالوضوء بمعنى أنه ال يسمى متوض ًئا إال من أتى هبذه الفروض ،قال( :فرائض الوضوء سبع) سبع خرب لفرائض أي الفرائض سبع ،قال: (وهي) بدأ -رحمه اهلل -يفصل فيهاً ، أوال مشروعية الوضوء ثابتة بالقرآن والسنة واإلجماع يف القرآن قول اهلل - تبارك وتعالى﴿ :-يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصالة فاغسلوا وجوهكم﴾ [المائدة ]6:وأما من السنة قوله ﷺ« :ال يقبل اهلل صالة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» متفق عليه. وأجمعت األمة على أن استباحة الممنوع ال يكون إال بالوضوء طب ًعا للقادر عليه ولواجده ،ال بد أن يكون قادرا على الوضوء ،أي غير مريض ،وواجدً ا للماء غير فاقد ،وسيأيت معنا حكم المريض والفاقد يف باب المسلم ً التيمم. 7 إذن بدأ -رحمه اهلل -بسرد الفرائض قال( :وهي دلك) لماذا بدأ بالدلك مع أن األصل أن يبدأ بالنية؟ هذا من ضرورة النظم ثم إنه أخر الكالم على النية ألمور سنذكرها يف محلها ،والمقصود بالدلك هو صب الماء مع إمرار اليد ،دليل الدلك قو?