مدخل إلى الثقافة الإسلامية PDF
Document Details
Uploaded by SlickAzurite
جامعة الزرقاء - كلية الشريعة
د. تيسير خميس العمر, د. أنس محمد الخلايلة, د صالح محي الدين الكيلاني
Tags
Summary
هذا الكتاب مدخل إلى الثقافة الإسلامية، و يبحث في مفهومها وأهميتها، ومناقشة أهميتها وتأثيرها على الفرد والمجتمع، و يقدم تصوراً شمولياً لتعريفها ومصدرها وأهم مصادرها والخصائص التي تميزها.
Full Transcript
# مدخل الى الثقافة الإسلامية ## الوحدة الأولى ### الوحدة الأولى ### مدخل إلى الثقافة الإسلامية #### تمهيد : إن الثقافة الإسلامية وثيقة الصلة بكيان الفرد وشخصيته، في ماضيه و حاضره، وأصالته و معاصرته، هذه الثقافة التي هي في حقيقتها الصورة الحية للأمة المسلمة، فهي التي تحدد ملامح شخصيتها وقيام وجو...
# مدخل الى الثقافة الإسلامية ## الوحدة الأولى ### الوحدة الأولى ### مدخل إلى الثقافة الإسلامية #### تمهيد : إن الثقافة الإسلامية وثيقة الصلة بكيان الفرد وشخصيته، في ماضيه و حاضره، وأصالته و معاصرته، هذه الثقافة التي هي في حقيقتها الصورة الحية للأمة المسلمة، فهي التي تحدد ملامح شخصيتها وقيام وجودها ، وهي التي تضبط سيرها في الحياة. تلك الثقافة التي تؤدي إلى ترقية مشاعر الفرد، وتنمية مداركه، وتفتح أحاسيسه وتصقل مواهبه ، وتزيد في حركته ونشاطه الفكري ، فيؤدي كل ذلك إلى إحداث تفاعل ذاتي داخل النفس التي تتلقى هذا العلم وتقوم بتلك الدراسة مما يجعلها تنطلق إلى آفاق جديدة، وتحصل على معارف وحقائق علمية لم تكن قد عرفتها من قبل. تستمد منها أسس عقيدتها، وعناوين مبادئها التي تحرص على التحلي بها والمفاخرة بها بين الأمم. إن الثقافة الإسلامية هي التي تحدد نظام الحياة داخل المجتمع المسلم وتحث على التزامه، وفيها تراث الأمة الذي تخشى عليه من الضياع والاندثار، وفكرها الذي تحب له الذيوع والانتشار، فتتحدد معالم الشخصية المسلمة وتأخذ دورها الطبيعي الذي أراده الله لهذه الأمة. #### أولا: أهمية الثقافة الإسلامية : تتجلى أهمية الثقافة الإسلامية فيما يلي: 1. العمل على ضبط التصور الصحيح الكامل والشامل للحياة والإنسان والكون من خلال تحديد علاقة الإنسان بالخالق وبنفسه والمخلوقين. 2. تزويد الطلبة بحصيلة مناسبة من المعارف المتعلقة بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة وحضارة، بوصفه دينًا صالحاً لكل زمان ومكان. 3. ترسيخ روح الولاء للإسلام، وتقديم ما أمر سبحانه وتعالى ولايته على ما سواه، من صور الانتماءات الأخرى مثل القومية والعرقية أو العنصرية؛ لأن الولاية تكون الله ولرسوله- صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين. 4. إظهار شمولية الإسلام باعتباره كلاً مترابطًا متكاملاً، لا ينفصل فيه مبدأ عن مبدأ فالإسلام كل لا يتجزأ ، وبذلك نتخلص من النظرة الجزئية التي تقصر الإسلام على بعض جوانب الحياة، مثل دعوى الالتزام بالفروض الخمسة فحسب، بل أوجب كذلك معرفة علم الاقتصاد و السياسة والاجتماع. 5. تجلية موقف الإسلام من قضايا العصر، وتحصين الطالب ضد الغزو الفكري بأساليبه ووسائله المختلفة والذي يهدف إلى تمييع الشخصية الإسلامية، أو إذابتها في الشخصية الغربية من خلال نقد مبادئ الإسلام. 6. ترجمة الأخلاق والتعاليم الإسلامية إلى واقع عملي وسلوكي ملموس، يعايشه المسلم في حياته العملية اليومية. 7. إبراز خصائص الإسلام وسمو مبادئه، وإظهار وسطيته، واعتداله، وقدرته على تحقيق السعادة في الدارين. مما سبق يتبين لدينا أهمية دراسة علم الثقافة الإسلامية، هذا العلم الذي هو يصوغ الشخصية المسلمة، إذ به تتم الصلة بين كل جوانح الإنسان المسلم عقله وفكره وقلبه وروحه، وبه يربط المسلم بين ماضيه الزاهر وحاضره القلق، ومستقبله المنشود. إنه في أقرب أهدافه الكثيرة يزود العقول بالحقائق الناصعة عن هذا الدين، وسط ضباب كثيف من أباطيل وشبه الخصوم، ويربى في المسلم ملكة النقد الصحيح التي تقوم المبادئ والنظم تقويماً صحيحاً وتجعل المسلم يميز في نزعات الفكر والسلوك بين الغث والسمين فيأخذ النافع الخير ويطرح الفاسد الضار وعلى هذا إذا كانت سائر العلوم الأخرى يعتبر تحصيلها ضرباً من الاستزادة في المعارف، فتلك غاية تنحصر في حدود المعرفة العقلية البحتة، لكن علم الثقافة الإسلامية يتجاوز ذلك لينفذ إلى القلب فيحرك المشاعر، ويفجر في روح المؤمن تلك ## الوحدة الأولى ### مدخل إلى الثقافة الإسلامية #### الطاقة من المشاعر الفياضة التي تشده شداً قوياً إلى عقيدته، وتراث أمته، وتعمق فيه روح الولاء لأمته الرائدة التي أكرمها الله بهذه الرسالة الهادية. #### وعلى ما تقدم فإننا نؤكد القول بأنه إن لم تقم دراسة الثقافة الإسلامية بشكل جاد ودقيق فسيكون ذلك سببا في اهتزاز صورة الأمة في نظر الآخرين، بل سيمتد الأمر إلى أن تتخلى الأمة عمّا يميزها ، ويزيل سماتها التي تتميز بها بين الأمم والثقافات الأخرى، فيجعلها تابعة بعد أن كانت قائدة، بل سيصل الأمر بالأمة إن لم تهتم بثقافتها وتتعلمها وتعلمها بالشكل الصحيح والدقيق إلى الاضمحلال ثم الزوال لا سمح الـ الله، وهذه هي الكارثة التي تخشى كل أمة حية أن تحل بها . #### إن الثقافة الإسلامية في حقيقتها لا تعني علماً بعينه من العلوم الإسلامية. ولكنها تعني علوم الإسلام كلها في عرض واضح وإيجاز بليغ ولذلك نقول إن الثقافة الإسلامية قد خلفت تراثاً ضخماً في مختلف فروع المعرفة على المسلم أن يكون ملماً بهذه المعارف التي كونتها وخلفتها الحياة الإسلامية على مدى قرون عديدة ، والتي دمجت ضمن سلسلة من الكتب التي تتناول هذه المعارف في مجالات الدراسات الإنسانية أو العلمية عرضاً لهذه الثقافة أو إشادة بتأثيرها الحضاري. ## المحاضرة الأولى ### مفهوم الثقافة الإسلامية ومصدرها #### تعريف الثقافة: إن مصطلح الثقافة لم يُعرَّف تعريفا واضحا قاطعًا للجدل، فكان معناها الاصطلاحي أوسع من معناها اللغوي، فتعددت الآراء حول مفهومها الاصطلاحي ومنها جملة العلوم والمعارف والفنون، التي يُطْلَبُ العلم بها والحدق فيها وعرفها بعضهم بأنها : معرفة مقومات أمة ما بتفاعلاتها في الماضي والحاضر من دين ولغة وتاريخ وحضارة وقيم وأهداف مشتركة بصورة هادفة ##### أ. المعنى اللغوي للثقافة في اللغة معان كثيرة منها : الإدراك والأخذ والظفر ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ) البقرة: ١٩١ قَالَ تَعَالَى : إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءُ الممتحنة : ٢. ومنها : الحذق والفطنة والفهم ، يقال : رجل ثَقِفٌ وثَقُفٌ أي أصبح حذقاً وفهماً وفطنا . ومنها: التهذيب والتأديب، يقال: ثقف المعلمُ الطالب، أي هذبه وعلمه وأدبه. وتقويم المعوج . فأصل الثقافة في اللغة مأخوذ من الفعل ثقف ، بضم القاف وكسرها، ويقال: ثقفه تثقيفاً، أي سواه وقومه بعد اعوجاج (1) ###### (1) انظر : لسان العرب محمد بن كرم بن منظور 684/ -685 ، دار الحديث بالقاهرة، ط 1423 - 2003. ومختار الصحاح محمد بن أبي بكر الرازي 58 - 59 ، دار الحديث بالقاهرة، ط الأولى 1421 - 2000. - #### ب المعنى الاصطلاحي: لقد تباينت آراء العلماء المعاصرين في معنى الثقافة الإسلامية. فمنهم من قال: هي طريقة الحياة التي يعيشها المسلمون في جميع مجالات الحياة وفقاً لوجهة نظر الإسلام وتصوراته، سواء في المجال المادي الذي سميناه بالمدنية أو في المجال الروحي والفكري الذي سميناه بالحضارة) (2) . ومنهم من قال : ( هي معرفة التحديات المعاصرة المتعلقة بمقومات الأمة الإسلامية ومقومات الدين الإسلامي بصورة مقنعة موجهة ) (3) . ومنهم من قال: (هي العلم الذي يبحث في المرتكزات الأساسية للفكر الإسلامي لبناء الذات ومواجهة التحديات المعاصرة) (4) تعرف الثقافة الإسلامية على أنها كل ما يختص بالمسلمين، وبإنتاجاتهم في كافة المجالات، وبالتعاليم الدينية التي جاءت بها الديانة الإسلامية الحنيفة، بالإضافة إلى التاريخ الإسلامي منذ عهد الرسول محمد - و صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا . فالثقافة الإسلاميّة مصطلح واسع جداً، ويتضمّن على العديد من الأمور الإسلام لم يأت لفترة أو حقبة معينة؛ بل جاء ليكون رحمة للعالمين، وللناس كافةً في كلّ زمان ومكان، فما استطاع الإسلام فعله في زمن قصير، لا يقارن مع ما كان من الممكن أن يفعله أي نظام آخر، فيكفي أن يقال إنّ الإسلام أوقف الحروب والتناحر والتدابر الذي كان واقعاً بين العرب في الجاهلية، فألف بين قلوبهم، وتلك نعمة عظمى منّ الله تعالى بها على أتباع هذه الرسالة الخاتمة، ولا يقدرها إلا من افتقد إلى الأمن والأمان بسبب الحروب أو النزاعات. ###### (2) دراسات في الثقافة الإسلامية د. صالح ذياب هندي ص 15 جمعية عمال المطابع التعاونية بالأردن، ط 1984 - 1404 الخامسة ###### (3) دراسات في الثقافة الإسلامية د. رجب شهوان ص 11 مكتبة الفلاح بالكويت، ط الخامسة. ###### (4) المرتكزات الأساسية في الثقافة الإسلامية د. أحمد العيادي ص 20 ، دار الكتاب الجامعي بالعين، ط الثانية 2004-1424 #### التعريف المختار للثقافة: الثقافة: ((معرفة مقومات الأمة الإسلامية العامة بتفاعلاتها في الماضي والحاضر، من دين، ولغة وتاريخ وحضارة وقيم، وأهداف مشتركة بصورة واعية هادفة)). #### ثالثا: العلاقة بين الثقافة وغيرها من المعارف : هناك علاقة وطيدة بين الثقافة والعلم، وبينها وبين الحضارة، لذا يحسن بيان هذه العلاقات بين الثقافة وهذه المعارف المختلفة. ##### أ العلاقة بين الثقافة والعلم : هناك تشابه و اختلاف بين الثقافة والعلم. أما التشابه فالعلم جملة من المعارف المتنوعة التي يحصل عليها المتعلم، والثقافة كذلك، فتقوم العلاقة بينهما على التشابه والتكامل. أما الاختلاف فتتميز الثقافة بالتنوع والشمول، فمن أخذ شيئًا من كل شيء فقد أصبح مثقفاً، وأما العلم فيتميز بالتخصص، فمن أخذ كل شيء تقريبا من شيء واحد فقد أصبح عالماً، والثقافة طابعها شخصي تختلف من ثقافة أمة لأخرى فثقافة الوثني والنصراني والهندوسي... إلخ . تختلف عن بعضها البعض، لأن كل ثقافة تستمد عناصرها من تصورها الديني في المقام الأول. أما العلم فطابعه موضوعي تتحد فيه النتائج من الأبحاث العلمية. فيتبين مما تقدم أنّ ميدان الثقافة أوسع من ميدان العلم، وإن كان العلم يخدم الثقافة ويرشدها ، فهي لا تستغني عن العلم. ##### ب الثقافة والحضارة الحضارة تتناول جملة من مظاهر الرقي العلمي والفني والأدبي والاجتماعي التي تنتقل من جيل إلى آخر في جوانب الحياة المادية، أما الثقافة فهي جملة العلوم #### ج. آثار الثقافة الإسلامية للثقافة الإسلامية أثر على كافة الثقافات الأخرى من الأمور المسلم بها ؛ لأن المسلمين أحرزوا نجاحات باهرة في مناطق شاسعة من العالم، لكن المهم أن يتبين أبناء الأمة موقعهم في هذا العالم، وموقف الأعداء والأصدقاء منهم ؛ لأنّ لذلك أثرًا عظيمًا في حياتهم ومستقبلهم، ومن أهم آثارها : 1. أثر الثقافة الإسلامية على الثقافة الأوربية في مختلف الميادين، ومنها ميدان العقيدة والدين الذي ظهر في حركات الإصلاح الدينية التي قامت في أوروبا منذ القرن السابع حتى عصر النهضة الحديثة، فوجد عندهم من ينكر عبادة الصور، ومن ينكر كذلك الوساطة بين الله وبين عباده، ومن ينكر الاعتراف أمام القسيس؛ لأنه لا حق له في ذلك بل يتضرع الإنسان إلى الله وحده في غفران ما ارتكب من إثم. وأكد كثير من الباحثين أنّ «لوثر» في حركته الإصلاحية كان متأثرًا بما قرأه للفلاسفة العرب والعلماء المسلمين، من آراء في الدين والعقيدة والوحي وكان هذا التأثير عبر منافذ عدة عن طريق بلاد الشام وصقلية، والأندلس وغيرها . 2 أثر الإسلام وثقافته في الشرق الأقصى مع حركة التجار، التي كانت إحدى قنوات الاتصال المهمة حيث نقل التجار المسلمون الكثير من مظاهر الثقافة الإسلامية إلى مختلف الشعوب في قارة آسيا وأفريقيا. 3 أثر الثقافة الإسلامية في حركة الترجمة حيث تُرجمت أمهات الكتب العربية والإسلامية إلى اللغات الأخرى في مختلف ميادين العلم والفلسفة في القرون الوسطى وعصر النهضة، وبداية العصر الحديث، ولذا ظهر الأثر البارز للثقافة الإسلامية على غيرها ، وقد شهد العديد من الباحثين والمفكرين الغربيين على ذلك الأثر القوي الذي أحدثته الثقافة الإسلامية. على الرغم من هذه الآثار إلا أنه يلحظ في دراسة كثير من المستشرقين التهميش والتجهيل والإنكار لمآثر العرب والمسلمين في العلوم والفلسفة، ويرجع سبب ذلك إلى تلك الصورة المشوهة عن المسلم وثقافته حتى أصبح الإسلام بموجبها عنصر جمود وتخلف في نظرهم، مع تجاهل إبداعاته. ## المحاضرة الثانية ### مصادر الثقافة الإسلامية و خصائصها #### مصادر الثقافة الإسلامية: المراد بمصادر الثقافة الإسلامية الأصول التي نستمد منها ثقافتنا الإسلامية لهذا أيقن المسلمون الأوائل أن ثقافتهم الإسلامية هي أساس نهضتهم، وعنوان عزتهم وكرامتهم، فأقبلوا على مصادرها دراسة وتحليلاً، ونقداً وتدبراً وعملاً، وتعليماً ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، لذلك قدموا تراثاً علمياً سارت من أجله الركبان، وفيما يلي أهم هذه المصادر: ##### أ القرآن الكريم : يعرف القرآن الكريم بأنه : كلام الله تعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم - بواسطة الوحي، المعجز بلفظه والمتعبد بتلاوته والمنقول إلينا بالتواتر والمكتوب في المصاحف والمبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس. : فالقرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي والثقافة الإسلامية، فقد صاغ حياة الناس في المجتمع المسلم بأحكامه التشريعية التي تناولت شؤون الحياة كلها قَالَ تَعَالَى: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ الأنعام: ٣٨ . وبما أن الثقافة أساسها العلم والمعرفة فقد حث في أول آياته على ذلك، قَالَ تَعَالَى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) العلق ا فالقرآن كلام الله عز وجل الذي نزل بالوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم المنقول إلينا بالتواتر المحفوظ من الزيادة والنقص لقوله تَعَالَى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ ) ( الحجر : ٩ ، و هو معجز، ومعنى ذلك عجز جميع البشر عن الإتيان بمثله قَالَ تَعَالَى: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ، وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٢) البقرة: ۲۳ ، ونزل القرآن منجما على النبي صلى الله عليه وسلم، أي مفرقا حسب الأحداث والوقائع، ونصوص القرآن قطعية ومنكر نص منها، يعد كافراً، ولكثير من الآيات والسور أسباب نزول، وهذه الأسباب تعين على فهم الآيات وتفسيرها . #### وجوه إعجاز القرآن الكريم كثيرة ومنها: 1. بلاغته التي أبهرت العرب وفصاحته وقوة ألفاظه وهذا الوجه تحدى الله عز وجل العرب أن يأتوا بمثله فصاحة وبلاغة وبيانا . 2. إخباره بوقائع وأحداث مستقبلية، وقد حدثت فعلا ومنها قوله تعالى : الم الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (الروم) .(3.1 3. إخباره بقصص الأمم السابقة والتي يجهلها العرب مثل قصة عاد وثمود ولوط 4. الإعجاز العلمي. ##### ب السنة النبوية الشريفة: في اللغة الطريقة أو السيرة محمودة أو مذمومة. وفي الاصطلاح : كل ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير وهي المصدر الثاني من مصادر الإسلام وهي المبينة للقرآن المفسرة المبهمه المقيدة المطلقه وقد أمرنا الله عز وجل بالأخذ بها كما قال الله عز وجل: وَمَا ءَانَنكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا هَنَكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي . #### أقسام السنة من حيث السند: 1. سنة متواترة: وهي ما رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع لا يتصور العقل أن يتفقوا على كذب، ثم نقلها عنهم جمع عن جمع حتى وصلتنا . 2. سنة مشهورة: وهي ما رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم واحد أو اثنان ثم اشتهرت فنقلها جموع كثيرة في عصر التابعين وتابعي التابعين. 3. سنة آحاد : وهي ما يرويها عن الرسول صلى الله عليه وسلم عدد لم يبلغ التواتر ولم تشتهر بعد ذلك. #### مكانة السنة من القرآن: 1. هناك أحكام جاءت بالسنة تؤكد لما في القرآن مثل قوله صلى الله عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيرا جاءت تؤكد قوله وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء : ١٩ 2 أحكام مفصلة لما في القرآن ، كبيان عدد الركعات وكيفية الصلاة ومناسك الحج. 3. جاءت السنة تبين وتفسر لما ورد في القرآن مثل تفسيره صلى الله عليه وسلم للظلم في قوله تعالى ﴿ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم ) الأنعام: ۸۲ ، حيث فسرت الظلم بالشرك. 4. جاءت السنة تخصص عام مثل قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) المائدة : ٣ واستثنت السنة منها ميتة البحر. 5. أن تأتي السنة مقيدة المطلق، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَأَقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا * المائدة: ۳۸ حيث وردت كلمة اليد مطلقة فقيدتها السنة من الرسغ. 6. جاءت السنة بأحكام جديدة مثل تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها وتحريم لبس الذهب والحرير على الرجال. ## 2. الإجماع: الإجماع في اللغة: قد يأتي على معنيين الأول، العزم والتصميم والثاني، الاتفاق. اصطلاحا : اتفاق مجتهدى الأمة الإسلامية في عصر من العصور على حكم حادثة شرعية بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم. #### أنواع الإجماع: 1. الإجماع الصريح وهو أن تتفق آراء المجتهدين جميعا على الحكم في مسألة معينة بإبداء آرائهم صراحة. 2. الإجماع السكوتي: وهو أن يبدي بعض المجتهدين رأيه في المسألة ويسكت الباقون ولا ينكرون ذلك، شرط أن لا يكون السكوت نابع من خوف أو تقيه. #### حجية الإجماع : يعتبر الإجماع مصدراً من مصادر الشريعة استنادا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لا تجتمع أمتي على ضلالة). #### د. الاجتهاد : الاجتهاد في اللغة: بذل غاية الجهد والطاقة في سبيل تحصيل أمر ما . ال الأذان #### أما اصطلاحا : بذل الوسع في نيل حكم شرعي عملي بطريق الاستنباط. وهناك شروط في المجتهد ومنها معرفة اللغة العربية، العلم بالقرآن الكريم ولا يشترط في المجتهد أن يكون حافظا للقرآن وأن يكون عالما بالسنة رواية ودراية وأن يعرف الناسخ والمنسوخ من الأحاديث، وأن يكون عالما بمواضع الإجماع وأصول الفقه. #### حجية الاجتهاد : الاجتهاد مشروع في الإسلام ويعتبر من المصادر الهامة في الشريعة الإسلامية قال تعالى: ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ. ملے جود #### وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر). #### أهمية الاجتهاد في هذا العصر : يشهد عصرنا الحالي تغيرات كثيرة شملت العديد من جوانب الحياة نتيجة لتغير الظروف والوقائع وتعقد الحياة وتشابكها وطرأت أمور لم تكن موجودة ولا يوجد بشأنها حكم شرعي ولذلك المسلم دائما بحالة سؤال ما حكم الشرع في هذا الأمر أو ذاك وهنا يبرز دور الاجتهاد من أجل بيان الأحكام الشرعية في القضايا الطارئة ، فالاجتهاد هو أداة الإسلام كي يبقى الإسلام صالح في كل زمان ومكان #### ه الحضارة الإسلامية : ونقصد فيها : مجموع المنجزات الإنسانية المتراكمة للأمة الإسلامية التي تمت بهدف تسهيل حياة الناس وتشتمل على جانبين معنوي ومادي. وأما الجانب المعنوي فهو العلوم والأفكار والمشاعر والعادات والتقاليد المنسجمة مع الإسلام وأما الجانب المادي فيعني المنجزات المحسوسة من أدوات وآلات ومعدات وأجهزة وغيرها . وهذان الجانبان يعتبران مصدراً من مصادر ثقافتنا الإسلامية. #### و العلم : لقد نتج عن العلم منذ أقدم العصور ولا زال ينتج عنه إلى يومنا هذا معرفة جديدة فكان الأمر كلما تقدم العلم في مجال من المجالات كلما ترتب على ذلك ظهور طرق وأساليب جديدة في التعامل، أي ثقافة جديدة ويكون العلم وسيلة أساسية تساعد الإنسان على التعامل الصحيح مع هذا الوجود الذي يحيط به ، وسببا هاما يساعد الإنسان على تحقيق الوظيفة التي أرادها الله من خلق الإنسان وهي عمارة الأرض على الوجه الأمثل. ## خصائص الثقافة الإسلامية: تمتاز الثقافة الإسلامية بكثير من الخصائص والصفات النوعية الواضحة التي تميزها عن كثير عن الثقافات والأفكار والنظريات، وتمنحها الحيوية والقدرة على الحركة والعطاء والنمو. ويمكن أن نلخص أهم هذه الخصائص بما يأتي: ##### أ. الربانية: (الهية المصدر ) ونعني بالربانية: الانتساب إلى الرب: أي الله - سبحانه وتعالى -، ويطلق على الإنسان أنه: "رباني" إذا كان وثيق الصلة بالله عالماً بدينه وكتابه، وفي القرآن الكريم: وَلَكِن كُونُوا رَبَّنِينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ( آل عمران: ١٧٩. فالثقافة الإسلامية تصورها مستمد من الله تلقاه الإنسان كاملاً بخصائصه هذه ليتكيف به ويطبق مقتضياته في حياته. وهذه الخاصية تعطي الثقافة الإسلامية قيمة التفرد والخلود، ذلك أن الله تعالى قد تكفل بحفظ كتابه، ولذا سيبقى محفوظا بحفظ الله له إلى قيام الساعة بينما الكتب السماوية السابقة وكل الله حفظها إلى أهلها فلم يراعوها حق رعايتها، ولذا طرأ عليها التحريف والتبديل وأضيف إليها الكثير من الشروح والتفسيرات والتعليقات. كما أن هذه الخاصية تضفي على الثقافة الإسلامية صفة السلامة من التناقض والاضطراب ، وذلك لأن النصوص الشرعية الصحيحة التي تستمد منها هذه الثقافة لا يجوز أن تتعارض فيما بينها ولا أن ينقض بعضها بعضاً، بينما الثقافات ##### لب إنسانية النزعة : ( عموم وعالمية ) تمتاز الثقافة الإسلامية بنزعة إنسانية ، حيث إن الإسلام دين الإنسانية. فهو ليس فكراً عنصرياً ولا إقليمياً ولا طائفياً ، فهو لا يخدمُ عِرقاً بعينه ولا فئة معينة. لذا وجدنا كلمة "الإنسان" تكررت في القرآن (63) ثلاثاً وستين مرة وكلمة "الناس" تكررت (240) مئتين وأربعين مرة. هذه النزعة الإنسانية الأصيلة في الإسلام هي أساس هام لمبدأ الإخاء البشري الذي نادى به الإنسان . وهي أساس هام كذلك لمبدأ المساواة الإنسانية العام الذي دعا إليه الإسلام ، وهي أساس هام كذلك لمبدأ الحرية الذي قرره الإسلام. وما دامت ثقافة لكل إنسان فلا غرو أن تكون ثقافة عالمية المنزع والوجهة لهذا اشترك فيها العرب والعجم والبيض والسود والأغنياء والفقراء، فهي عالمية النزعة والوجهة مفتوحة لكل الجماعات البشرية، غير مغلقة على نفسها ، ولا متعصبة ضد غيرها . 2 ### الشمواء: من الخصائص التي تميزت بها الثقافة الإسلامية "الشمول". ولقد عبر العلماء عن أبعاد هذا الشمول في رسالة الإسلام فقالوا وأجادوا : "إنها الرسالة التي امتدت طولاً حتى شملت آباد ،الزمن، وامتدت عرضاً حتى انتظمت آفاق الأمم، وامتدت عمقاً حتى استوعبت شئون الدنيا والآخرة . فالثقافة الإسلامية ليست موقوفة على عصر معين أو زمن مخصوص ينتهي أثرها بانتهائه، كما أنها ليست محدودة بمكان ولا بأمة ولا بشعب ولا بطبقة إنها تمتاز بالشمول، تخاطب كل الأمم وكل الأجناس وكل الشعوب وكل الطبقات. كذلك نجد هذا الشمول يتجلى العقيدة والتصور، ويتجلى في العبادات والتقرب، ويتجلى في الأخلاق والفضائل ويتجلى في التشريع والتنظيم. ولعل السبب الأساس لسعة الثقافة الإسلامية وشمولها ، عَلَيْكَ الْكِتَابَ هو سعة وشمول المصادر التي تعتمد عليها . وقال تعالى: وَنَزَّلْنَا تِبْيَنَا لِكُلِّ شَيْءٍ النحل : ٠٨٩ ####### تجلیل ####### التحريم ### د. الوسطية والتوازن : ###### ال النظرة إلى ( الفلك والاقتصاد. #### من أبرز خصائص الثقافة الإسلامية "الوسطية" ويعبر عنها أيضاً بـ "التوازن". والوسطية والتوازن واضحة جلية في الثقافة الإسلامية حيث تتجلى في كثير من العبادة مفردات هذه الثقافة منها : التوازن بين العقل والوحي ، وبين العلم والإيمان، وبين المادة قصة والروح، وبين الحقوق والواجبات، وبين الفردية والجماعية، وبين النص والاجتهاد، وبين الثلاث المثالية والواقعية، وبين الحاضر والمستقبل، وبين الدنيا والآخرة وبين الثبات والمرونة. شخاص الله احو لعنها الرسول وهكذا فإن هذه الصفة في الثقافة الإسلامية تعد الثقافة الوحيدة التي تتسم بهذه السمة، ولا غرو في ذلك فهي تنتمي للأمة الوسط، لذا كانت تمثل المنهج الوسط. ### ه. تقيم الخبرة الإنسانية والتجارب البشرية: من خصائص الثقافة الإسلامية أنها لا تضع الحواجز والسدود بينها وبين خبرات الأمم السابقة، بل إنها ثقافة منفتحة تتعامل مع الجميع وتستفيد من خبرات الآخرين، على اعتبار أن التراث الإنساني ملك للجميع ، وقد جاء في الخبر (الحكمة ضالة المؤمن أني وجدها فهو أحق الناس بها . وهذا دليل على أنها ثقافة لا تغمط الناس حقهم. ## والواقع التاريخي يشهد على أن الدين الإسلامي قد ساعد على أن يكون في يوم من الأيام أرقى من الثقافات الأخرى. حيث تشير الوقائع إلى أن العلوم التجريبية قد ازدهرت في التاريخ الإسلامي، في حين أن العلوم التجريبية كانت في الحضيض أثناء العصر الزاهر للمسيحية. ومن مبادئ الثقافة الإسلامية قبولها للحوار مع الآخرين كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى : فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَتْهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبَابِ ) ج الزمر : ۱۷ - ۱۸ + نظام الدواوين ### و الاعتزاز بالذات و التنوع: ومن خصائص هذه الثقافة: أنها تعتز بذاتيتها وتميزها عن غيرها بمصادرها الربانية، وغاياتها الإنسانية، ووجهتها العالمية. واعتزاز هذه الثقافة بذاتيتها أو أصالتها ، جعلها ترفض الذوبان في الثقافات الأخرى، أو تسير في ركب (العولمة) أو (التغريب) أو (التطبيع، فهي تأبى إلا أن تكون رأساً لا ذيلاً، وسيداً لا تابعاً . فالثقافة الإسلامية، ليست مجرد ثقافة دينية (لاهوتية) ، كما يتصور بعضهم، بل إنها ثقافة إسلامية واسعة متنوعة فيها الدين بفروعه المتعددة، واللغة والأدب والفلسفة، والعلوم الطبيعية والرياضية والعلوم الإنسانية والفنون المختلفة. ### ز الثبات : وهذا الثبات يتمثل في: الأصول والكليات، والأهداف والغايات، والقيم الدينية والأخلاقية. ويترتب على ثبات الثقافة الإسلامية عدة ثمرات ##### 1. ضبط حركة الإنسان، وتقييد تصرفاته ضمن إطار محدد، فلا يخرج عن جادة الهدى، ولا يحيد عن معالم الأخلاق، ولا يتخلى عن الموازين والقيم الإلهية. ##### 2 ضبط الفكر الإنساني، فلا يتأرجح مع الشهوات والأهواء والمؤثرات، ولا يندفع وراء حب أو كره، ولا يتأثر من قول شخص قريب أو بعيد أو رئيس أو مرؤوس، أو اندنا نقاط صاحب سلطان أو مغمور. ##### 3. إعطاء المجتمع الإسلامي الحصانة القوية ضد دعوات الضلال الهدامة، والوقوف أمام طوفان الغزو الفكري ووسائل الفساد والانحراف والسقوط. ##### 4. الثبات في الموازين والمعايير التي توزن بها أعمال الناس جميعاً، فلا محاباة ولا تفاضل، ولا مداهنة، فالعظيم والحقير سواء أمام المبادئ الإسلامية، وأمام الأنظمة الإسلامية وتأكيداً لهذا المعنى جاء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) . ### 2. العموم والعالمية: الشرح غير مطلوب وتعني هذه الخاصية أن الثقافة الإسلامية تنظر إلى الناس بمقياس واحد، لا تفسده القومية أو العنصرية أو الجنس أو اللون، قال تعالى يَتَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ - النساء : ١ ، وقوله تعالى: يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوب