تطور مفهوم المنهج PDF
Document Details
Uploaded by PatientQuail
King Abdulaziz University
Tags
Summary
This document discusses the traditional concept of the curriculum, focusing on its emphasis on imparting knowledge and facts. It critiques this approach for neglecting the holistic development of students and considers the importance of individual needs, interests, and problems.
Full Transcript
# تطور مفهوم المنهج ## المفهوم التقليدي للمنهج **المنهج بمفهومه التقليدي** عبارة عن مجموعة المعلومات والحقائق والمفاهيم التي تعمل المدرسة على اكسابها للتلاميذ بهدف اعدادهــم للحياة وتنمية قدراتهم عن طريق الالمام بخبرات الآخرين والاستفادة منها. وقد كانت هذه المعلومات والحقائق والمفاهيم تمثل **ال...
# تطور مفهوم المنهج ## المفهوم التقليدي للمنهج **المنهج بمفهومه التقليدي** عبارة عن مجموعة المعلومات والحقائق والمفاهيم التي تعمل المدرسة على اكسابها للتلاميذ بهدف اعدادهــم للحياة وتنمية قدراتهم عن طريق الالمام بخبرات الآخرين والاستفادة منها. وقد كانت هذه المعلومات والحقائق والمفاهيم تمثل **المعرفة** بجوانبها المختلفة، أي أنها كانت تتضمن معلومات علمية ورياضية ولغوية وجغرافية وتاريخية وفلسفية ودينية وفنية ...الخ . وحيث أن هذه المعلومات كانت تقدم في صورة مواد دراسية مختلفة موزعة على مراحل الدراسة وسنواتها فمعنى ذلك أن المنهج بمفهومه التقليدي هو مجموعة المواد الدراسية التي يتولى المتخصصون اعدادها ويقوم التلاميذ بدراستها، ومن هنا أصبحت كلمة منهج مرادفة لكلمة مقرر دراسي وبمرور الوقت أصبح استخدام كلمة منهج أعم وأشمل من استخدام كلمة مقرر حتى أصبحنا نسمع بمنهج الجغرافيا ومنهاج التاريخ ومنهاج العلوم ... الخ . وكان المدرسون أكثر الفئات استخداما لكلمة منهج بالمعنى الذي أشرنا إليه والدليل على ذلك أنهم كانوا يكتبون في أول صفحة من دفتر تحضير دروس المادة ( توزيع المنهج على أشهر واسابيع العام الدراسي » والمقصود بالمنهج هنا هو المقرر الدراسي للمادة وبكل أسف فان هذا المفهوم التقليدي للمنهج مازال مستخدما حتى الآن لدى عامة الشعب بل ولدى الكثير من القائمين بالعملية التعليمية بالرغم من أن هذا المفهوم قد تغير تغييرا جوهريا كما سنرى فيما بعد ## ما يتطلبه اعداد المنهج بمفهومه التقليدي : يتطلب اعدا المنهج بمفهومه التقليدي القيام بسلسلة من الخطوات توجزها فيما يلى : 1. تحديد المعلومات اللازمة لكل مادة وفقا لما يراه المتخصصون في هذه المادة و يتم ذلك في صورة موضوعات مترابطة أو غير مترابطة تشكل محتوى المادة 2. توزيع المواد الدراسية على مراحل وسنوات الدراسة بحيث يتضح من هذا التوزيع ما هي الموضوعات المخصصة لكل مرحلة ( الابتدائية - المتوسطة - الثانوية ) ولكل صف دراسي . 3. اعداد الكتب الدراسية لكل مادة وفقا للموضوعات التي تم تحديدها . 4. توزيع موضوعات المادة الدراسية على أشهر العام الدراسي . 5. تحديد الطرق والوسائل التعليمية التي يراها الخبراء والمختصون صالحة ومناسبة لتدريس موضوعات المادة الدراسية . 6. تحديد انواع الاسئلة والاختبارات والامتحانات المناسبة لقياس تحصيل التلاميذ في كل مادة دراسية والمنهج التقليدي بطبيعته يركز تركيزا شديدا على المعلومات حتى أصبحت هدفا في حد ذاتها وأصبحت العملية التعليمية مرتبطة بهذه المعلومات ارتباطا وثيقا . فالكتاب المدرسي يمثل المصدر الأساسي الزويد التلاميذ بهذه المعلومات ثم يتولى المدرس شرحها وتبسيطها وتحليلها والتعليق عليها ويقوم التلميذ بفهمها أو حفظها أو استيعابها وتعمل الامتحانات على قياسها . . ## النقد الموجه للمنهج بمفهومه التقليدي رأينا فيما سبق أن المنهج بمفهومه تقليدى يركز على المعلومات والحقائق والمفاهيم وقد أدى هذا التركيز الى اهمال معظم جوانب العملية التربوية ونتيجة لذلك فقد وجهت اليه الانتقادات التالية : **بالنسبة للتلميذ :** 1. لم يعمل المنهج على النمو الشامل للتلميذ ويقصد به النمو في كافة الجوانب وانما اهتم فقط بالجانب المعرفي المتمثل في المعلومات وأهمل بقية الجوانب الأخرى مثل الجانب العقلي ، الجانب الجسمي ، الجانب الديني ، الجانب الاجتماعي ، الجانب النفسي ، الجانب الفني .. . ونحن لا نقصد باعماله للجوانب الأخرى انه لم يتعرض لها على lلاطلاق لأنه في الواقع قد تعرض لها ولكن بطريق غير موفقة ولم يعطها القدر الكافي من الرعاية والاهتمام بل عالجها بطريق قاصرة وغير صحيحة وغير كافية . فبالنسبة لتنمية الجانب الجسمي لدى التلميذ فقد كانت هناك حصص التربية البدنية ومباريات بين الفصول والمدارس ولكن عدد هذه الحصص لم يكن كافيا وعند اقتراب الامتحانات كانت هذه الحصص تلغى من جدول الدراسة وكان الهدف من حصص التربية الرياضية هو الترفيه عن التلاميذ وذلك لتجديد نشاطهم الذهني حتى يمكنهم متابعة الدراسة بلا ملل يا سام . وبالنسبة للجانب العقلى فقد كان انصار هذا المنهج يعتقدون بأن حشو العقل بالمعلومات ودراسة بعض المواد كالرياضيات يؤدى إلى تنمية الجانب العقلي لدى التلاميذ كما يؤدى الى تنمية قدراتهم على التفكير العلمي وقد ثبت فيما بعد بأن تنمية القدرة على التفكير العلمي لا يتم عن طريق دراسة الرياضيات فقط وانما من خلال تدريب التلاميذ على حل المشكلات التي تواجههم بأسلوب علمي . وهكذا يتضح لنا أن تنمية الجانب العقلى وفقا للمنهج بمفهومه التقليدي كانت تتم بمفهوم خاطىء وباسلوب غير سليم اذ من الممكن أن نصادف عالما في الرياضيات ولكنه يفشل في حل أبسط المشاكل الشخصية التي تصادفه في حياته الاجتماعية . 2. **اهمال حاجات وميول ومشكلات التلاميذ :** فقد أدى اهتمام كل مدرس بمادته الدراسية الى عدم الاهتمام بحاجات التلاميذ ومشكلاتهم وميولهم ، كان الموجه اذا ما رأى مدرسا في احدى الحصص يناقش التلاميذ في مشكلة عامة تهمهم فانه يعتبر ذلك خروجا عن الدرس ويبين للمدرس ان هذا السلوك لا يجب أن يقوم به داخل الفصل واذا تكرر ذلك من جانب المدرس فانه يؤاخــــذ على هذا السلوك !! ولا أحد ينكر الآن ان اهمال حاجات ومشكلات وميول التلاميذ له آثار سيئة اذ انه قد يؤدى الى انصرافهم عن الدراسة وكرههم لها بل وقد يؤدى الى الانحراف والفشل الدراسي ، كما أن اهمال ميول التلاميذ قد يؤدى الى عدم اقبالهم على الدراسة وتعثرهم فيها وقد سبق أن ذكرنا أن المنهج كان يتضمن حصصا للهوايات والاشغال والرسم ولكنها لم تكن لتنمية واشباع ميول التلاميذ وانما كانت للترفيه وابعاد الملل عن نفوسهم . 3. **اهمال توجيه السلوك :** وقد أدى تركيز المدرسين على المواد الدراسية الى عدم الاهتمام بتوجيه سلوك التلاميذ وقد اعتقد واضعو هذا المنهج بأن المعلومات التي يكتسبها التلاميذ تؤدى الى تعديل سلوكهم ووفقا لهذا الاعتقاد فان التلميذ الذي يتعود على أكل الحلوى المكشوفة التي يشتريها من البائعين المتجولين من الممكن أن يترك هذه العادة اذا ما اتاحت له المدرسة الفرصة لدراسة الأمراض التي تنتج عن أكل مثل هذه الحلوى هذا الاعتقاد خاطيء وغير مطابق للواقع الذي نعيش فيه . اذ ان المعرفة وحدها ليست كافية لتوجيه السلوك الانساني نحو ما يجب ان يفعله الفرد والأدلة على ذلك كثيرة متعددة : فاللص الذي يسرق يعرف جيدا أن السرقة عمل يعاقب عليه القانون وتحرمه الأديان ومع ذلك فهو يسرق ، ومعظم الرجال يدخنون السجاير رغم علمهم بانها مضرة بالصحة وبالذات الرئتين وانها قد تؤدى الى الاصابة بامراض خطيرة ومع ذلك فهم مستمرون في عملية التدخين ، فهل علمهم بخطرها منعهم بالاقلاع عنها ؟ والشخص المتدين عندما يرتكب اثما أو يعمل شرا يعلم جيدا ان الله سبحانه وتعالى ينهى عن الشير والمنكر والعمل السيء ويأمر بالخير والمرو و العمل الصالح ، ومع أن الانبياء والرسل قد بح صوتهم وانهكت قواهم في العمل على نشر هذه القيم التي تنادى بها الأديان. الا اننا نجد في كل زمان ومكان من يعصي أوامر الله ويرتكب المنكر والفحشاء مع أن الحلال بين والحرام بين ، مع أن طريق الشر واضح وطريق الخير أوضح منه !! نستخلص من ذلك ان المعرفة في حد ذاتها غير كافية لتغيير السلوك الانساني نحو الأفضل والأصلح بل لا بد من اتاحة الفرصة للممارسة والتدريب على السلوك المرغوب فيه بالترغيب والتكرار والتشجيع والتحذير .. .. الخ . 4. **عدم مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ :** رأينا أن المنهج يركز على معلومات عامة يكتسبها جميع التلاميذ والكتب الدراسية تخاطبهم جميعا بأسلوب واحد ، وحتى المدرس يوجه شرحه لكل التلاميذ بطريقة واحدة واذا حدث أن اظهر أحد التلاميذ انه لم يفهم الدرس فان المدرس يعيد الشرح بنفس الطريقة أي أنه يكرر ما قاله ، وحتى أسئلة الامتحانات تاتى على وتيرة واحدة .. كل ذلك يتنافى مع مبدأ الفروق الفردية وكان المنهج بهذا المفهوم بحر يجب على جميع التلاميذ أن يسبحوا فيه فى وقت واحد وبطريقة واحدة وبسرعة واحدة ونحو شاطيء واحد .. فما هي النتيجة ؟ هناك من يصل الى الشاطىء فى أسرع وقت وهناك من يصل متأخرا وهناك من يصل وهو في غاية الارهاق والتعب وهناك من يصارع الأمواج وهناك من يغرق ويهبط الى الاعماق !!! وما يحدث البح يحدث في الدراسة : هناك من ينجح وهناك من يفشل ، هناك من يتفوق وهناك من يتخلف . والمفروض أن يهتم المنهج بالفروق الفردية بين التلاميذ وان يؤخذ هذا المبدأ في الاعتبار عند تأليف الكتب الدراسية وعند القيام بعملية التدريس وعند استعمال الوسائل التعليمية وعند وضع الامتحانات وممارسة الأنشطة 5. **اهمال تكوين العادات والاتجاهات الايجابية لدى التلاميذ :** وحيث ان المنهج التقليدي قد ركز كل التركيز على المعلومات والمواد الدراسية فان ذلك قد ادى الى اهمال تكوين العادات والاتجاهات الايجابية لدى التلاميذ وبذلك يكون المنهج قد قصر في احدى وظائفه التربوية الهامة . واكتساب التلميذ مجموعة من العادات الحسنة أمر ضروري وهام وعدم اكتساب العادة المطلوبة في الوقت المناسب يؤثر على سلوك التلميذ تأثيرا خطيرا فيما بعد فاذا لم يكتسب التلميذ عادة النظافة من صغره أى فى المرحلة الابتدائية فمن الصعب أن يكتسبها فيما بعد . . . وهناك مجموعة من الاتجاهات يجب على المدرسة ان تعمل على اكسابها للتلاميذ مثل الاتجاه نحو الدقة ، نحو النظافة نحو النظام ، نحو الامانة ، نحو احترام الآخرين ، نحو القراءة والاطلاع ، نحو حب الوطن ، نحو الحفاظ على الملكية العامة ، نحو احترام القوانين .. ..الخ ومثل هذه الاتجاهات في منتهى الأهمية بالنسبة للفرد والمجتمع وتقصير المنهج في اداء هذه الرسالة جعله عاجزا عن تحقيق الأهداف التربوية المنشودة بطريقة فعالة 6. **تعويد التلاميذ على السلبية وعدم الاعتماد على النفس :** كان كل مدرس في مادته الدراسية ، يقوم بشرح المعلومات وتبسيطها والربط فيما بينها ، وكان التلميذ سلبيا عليه أن يسمع ويستوعب ما يقوله المدرس وما تتضمنه الكتب ... ولو تخيلنا حجرة الدراسة في هذا الوقت لوجدنا المدرس يتحرك ويتكلم ويشرح ويناقش ويسال بينما التلميذ في خضوع تام وسلبية مطلقة ، عليه الانصات والاصغاء والفهم في الفصل ثم الاستيعاب في المنزل ... من هنا نشأ التلميذ وهو معتمد في كل شيء على الكتاب والمدرس . ومن هنا بدات السلبية وعدم الاعتماد على النفس . ## نحو مفهوم أوسع للمنهج يتبين لنا مما سلف ان المنهج التلقيدي كان يركز على المعلومات في صورة مقررات دراسية وبذلك أصبح محصورا في نطاق ضيق ولكن بمرور الوقت ونتيجة للانتقادات التي وجهت اليه من ناحية ، وظهور بعض العوامل والافكار والنظريات من ناحية أخرى دخل المنهج في مجال أكثر اتساعا وشمولا وأدى ذلك الى ظهور المنهج بمفهومه الحديث . ومن أهم العوامل التي ساعدت على ذلك ما يلى : 1. ادى ظهور الصناعة وتقدمها الى اهتمام التربويين بالعمل وبالتربية المهنية . . و دعم هذا الاتجاه كثير من رجال التربية امثال جان جاك روسو ون تالوتزى وجون لوك وفرويل ، وحيث أن التربية المهنية والعمل يتطلبان القيام بالأنشطة المختلفة والمتنوعة فان ذلك قد أدى بطريقة غير مباشرة الى ادخال الأنشطة في المناهج المدرسية واعتبارها جزءا منه . 2. أثبتت الدراسات المختلفة التي أجريت في مجال علم النفس أن الشخصية هي وحدة متكاملة ذات جوانب متعددة وتنمية الشخصية يتطلب بدوره تنمية هذه الجوانب وبالتالى فان التركيز على جانب واهمال الجوانب الأخرى لا يؤدى إلى تحقيق البدف المنشود وقد نتج عن ذلك اهتمام التربية بنمو الطفل الشامل اي الاهتمام بكافة الجوانب وليس بالجانب المعرفي فقط كما هو الحال في المنهج بمفهومه التقليدي . 3. كما أثبتت الدراسات المتعددة التي أجريت فى مجال علم النفس التعليمي وطرق التدريس ان ايجابية التلميذ ونشاطه لهما دور كبير في عملية التعلم وقد أدى ذلك الى التقليل من استخدام الطريقة اللفظية الالفائية فى التدريس نظرا لأنها تجعل التلميذ سلبيا الى اقصي درجة والى اشراكه اشراكا في عملية التعلم وذلك عن طريق اتاحة الفرصة له للقيام بالأنشطة المختلفة : نشاط عقلی ، ناشاط ثقافي ، نشاط علمی ، نشاط اجتماعی ، نشاط ديني ، نشاط رياضي ، نشاط فنى .. وهكذا نجد ان العوامل السابقة قد أدت الى ظهور أفكار جديدة تتلخص فيما يلى : 1. العمل على نمو التلميذ في جميع الجوانب وليس في جانب واحد. 2. الاهتمام بالأنشطة . 3. العمل على ايجابية التلميذ اثناء التعلم . وكونت هذه الأفكار النواة التي بني عليها المنهج بمفهـومه الحديث .. ==End of OCR for page 84==