محتوى لغة عربية 2 الفصل الدراسي الأول
Document Details
Uploaded by Deleted User
Tags
Summary
محتوى فصل أول من كتاب لغة عربية 2 الفصل الدراسي الأول المستوى الثاني. يحتوي على مفهوم الأدب، وسؤال التعريف أم التصنيف، ومفارقة الإنتاج والتلقي، وتقديم تعريف جمالي للأدب.
Full Transcript
## لغة عربية 2 ### الفصل الدراسي الأول #### المستوى الثاني ## الفصل الأول ### ما الأدب؟ - سؤال التعريف أم التصنيف؟ - مفارقة الإنتاج والتلقي - نحو تعريف جمالي للأدب إذا كنا في هذا الكتاب معنيين بمناهج البحث في الأدب، فإن مهمتنا الأولى ينبغي أن تكون تعريف الأدب. لا بد في البداية من أن ننتبه إلى أ...
## لغة عربية 2 ### الفصل الدراسي الأول #### المستوى الثاني ## الفصل الأول ### ما الأدب؟ - سؤال التعريف أم التصنيف؟ - مفارقة الإنتاج والتلقي - نحو تعريف جمالي للأدب إذا كنا في هذا الكتاب معنيين بمناهج البحث في الأدب، فإن مهمتنا الأولى ينبغي أن تكون تعريف الأدب. لا بد في البداية من أن ننتبه إلى أن الأدب مفهوم واسع للغاية، ممتد في التاريخ الإنساني، له تجلياته المختلفة في كل الحضارات والثقافات، مما يجعل تعريف الأدب تعريفا جامعا مانعا أمرا في غاية الصعوبة. وللفيلسوف الوجودي الفرنسي الشهير جان بول سارتر کتاب كامل يقدم فيه هذه المحاول، وعنوانه (ما الأدب ؟). لكن ما سنحاوله في السطور القادمة هو صياغة تعريف تقريبي للأدب، يشتمل على الخصائص الجوهرية التي لا يمكن ألا نجدها في أي نص أدبي، بغض النظر عن جنسه أو نوعه. ### 1 سؤال التعريف أم سؤال التصنيف؟ وفي ضوء خبرة المرء التي تراكمت عبر عقد ونصف من تدريس مقررات مختلفة لطلاب كلية الآداب، فإن أول إجابة تتبادر إلى الذهن عند محاولة وضع تعريف لمصطلح "الأدب" هي أن الأدب شعر ونثر. وهي الإجابة التقليدية الصحيحة، لكنها إجابة عن سؤال آخر ؛ سؤال يتعلق بالتصنيف لا التعريف. وإنه لأمر صحيح أن الأدب ينقسم إلى شعر ونثر، لكن الأدب ليس الشعر والنثر، مثلما أن الإنسان ييمكن تصنيفه إلى رجل وامرأة، لكن لا يمكن تعريف الإنسان بأنه رجل وامرأة". ناهيك عن أن من الشعر ما لا يصنف باعتباره أدبا، مثل المنظومات التعليمية، كما في ألفية ابن مالك مثلا، وفي كلامنا النثري كذلك ما لا يصنف باعتباره أدبا، وهو كثير. في عصرنا الحالي يمكن التمثيل للأدب بأنواع مختلفة مثل الروايات والقصص القصيرة والقصص القصيرة جدا، والقصة الشاعرة والمسرحيات والقصائد الشعرية وخلّافه. ويمكن أن نبدأ من هنا، فنسأل: ما المشترك بين كل تلك الفنون؟ هنا يقودنا السؤال إلى سؤال آخر : لماذا أسمينا هذه الأنواع فنونا"؟ ما الفن ؟ أعرف أنك الآن، عزيزي الطالب، بدأت في الشعور أنك واقع في فخ. فقد بدأنا بمحاولة وضع تعريف للأدب الشعبي، فوصلنا إلى نقاش حول "الفن"، وهو مفهوم يبدو لك بديهيا، فكلنا نعرف بحدسنا ما الفن، لكن يبدو أن وضع تعريف محدد - أو تقريبي حتى - أمر ليس بالسهولة التي نتخيلها. يمكن للفنان أن يكون رساما، أو نحاتا، أو موسيقيا، أو مطربا، أو راقصا، أو ممثلا، أو مخرجا ، إلخ. فما المشترك بين عمل كل هؤلاء ؟ يمكن أن ننطلق من فكرة تشكيل المادة الخام؛ فعمل كل هؤلاء يعتمد على تشكيل مادة خام محددة، تكون متوفرة في الطبيعة له ولغيره الرسام مثلا يشكل اللون على الأسطح، والنحات يشكل الكتلة في الفراغ، والموسيقي يشكل الصوت غير البشري، والمطرب يشكل الصوت البشري، والراقص يشكل الجسد في الفراغ، والممثل يشكل التعبير الجسدي والانفعالات والحوار. لكن هذا الفهم غير كافٍ فيما يبدو؛ فالنجار مثلا يشكل الكتلة في الفراغ أيضا مثلما يفعل النحات. يمكن لكل من النجار والنحات أن يُعطى قطعة خشبية، فيشكلها كل منهما يستقطع أجزاء، ويبرز أجزاء، ويضيف بعض التفاصيل وصولا إلى منتج نهائي التغييرات التي يحدثها النجار في قطعة خشبية وصولا بها إلى كرسي هي الإجراءات نفسها التي يحدثها النحات في القطعة الخشبية نفسها وصولا بها إلى تمثال خشبي صغير يمكن أن يعرض في متحف فني أملا في أن يحظى بإعجاب الجماهير. فما الفرق إذن؟ ربما يكمن الفرق في القصد لدى كل منهما. فالنجار لديه قصد نفعي مباشر يريد النجار أن يصنع كرسيا أن يصنع وسيلة لتحقيق الراحة للآخرين وعملِه يتسم بمزيد من الإجادة إذا حقق الكرسي راحة أكبر لمن سيستخدم الكرسي. يضع النجار فكرة "المنفعة صوب عينيه، لكن النحات لا يفعل ذلك. يسعى النحات إلى تحقيق المتعة الجمالية لا المنفعة؛ فتمثاله الخشبي الصغير لا يحقق نفعا بالمعنى نفسه لأحد. لا يمكن لنا أن نتصور أن الشروط المادية" الحياة من سيشتري التمثال سوف تتحسن عندما يشتريه كل ما في الأمر أن هذا المشتري سيحظى بمتعة جمالية يراها مستحقة لإنفاق المال من أجلها. يشكل الفنان إذن مادته الخام المتاحة للجميع، ليحقق المتعة الجمالية لا النفع. لكن هذه الفكرة تثير نقاشا جانبيا مهما: كيف يحقق الفنان هذه المتعة؟ أعني ما طبيعة التغييرات التي يحدثها الفنان في مادته الخام لتحول إلى عمل فني؟ هذا سؤال يمكن لعلم الجمال أن يجيب عنه بالتفصيل. لكن الإجابة المختصرة هي أن الفنان يشكل مادته الخام بطرق مخصوصة مغايرة دوما للمألوف. ولنعد إلى الأدب مرة أخرى. وإذا سلمنا بأن الأدب فن، فهذا يعني أن الأديب يشكل مادته الخام، وهي اللغة، بطرق مخصوصة ليحقق في السامع أو القارئ في المتلقي إجمالا، قدرا من المتعة الجمالية. يتحقق الإمتاع الجمالي - مبدئيا على الأقل - بتنظيم اللغة، وهي المادة الخام للأدب، في مستوياتها المختلفة، بطريقة مغايرة للمألوف. ولنتأمل مثلا هذين البيتين للمتنبي: وعذلت أهل العشق حتى ذقته ** فعجبت كيف يموت من لا يعشق وعذرتهم وعرفت ذنبي أنني *** يرتهم فلقيت فيه ما لقوا في مستوى التواصل العادي يمكن أن يعبر غير الأديب عن المعنى السابق بقوله مثلا: لقد عرفت ما الذي يعنيه العشق حقا. يدبو أنني كنت مخطئا في لوم من يحبون فيتعذبون في حبهم سيعبر غير الأديب بالكلمات السابقة، أو ما يشبهها عن حالته النفسية سيحقق بهذا التواصل منفعة" مباشرة تتمثل في التعبير عن مكنون نفسه لصديق، وربما تكون تلك مقدمة الطلب نصيحة عاطفية أو ما أشبه. في المقابل، يعبر المتنبي عن المعنى نفسه بطريقة غير مألوفة، أو بعبارة أخرى يشكل اللغة مادته الخام، بطريقة مخصوصة. لا يتحدث المتنبي عن من سبقوه في العشق بل عن أهل العشق"، وكأنهم قبيلة؛ كأنهم ينتمون المعسكر منافس مثلا. وبدلا من أن يعبر مباشرة عن تراجعه عن لوم المحبين يأخذنا عبر الكناية خطوة أبعد؛ فالمتنبي يعجب من موت من لا يعشق، أي أنه يفترض أن العشق هو المبرر الوحيد للموت هل ثمة مبالغة في الأمر ؟ بالقطع، والمبالغة الوجدانية تلك هي واحدة من الطرق المخصوصة التي يشكل بها الأديب اللغة على مستوى الدلالة تشكيلا مغايرا لتحقيق المتعة الجمالية المستهدفة. لا يعترف المتنبي بخطأ حكمه السابق فحسب، بل يولد مزيدا من المعنى عبر تصعيده مصوّرا عذابه نتيجة لما قدمت يداه أن ما يعتريه من أسى ولوعة نوع من التكفير عن ذنبه في لوم أهل العشق دون خبرة أو سابق معرفة بأمور العشق يعزز البيتان المواجهة بين معكسر "أنا" الشاعر وحيدا بمفرده، ومعسكر أهل العشق مجتمعين، وكأن بالبيتين دراما خفية رهيفة تتسلل إلى القارئ ببطء، أيطالها ثلاثة العاشق الجديد، وأهل العشق والعشق نفسه. لكن البيتين لا يجسدان معا تشكيلا مخصوصا على مستوى الدلالة فحسب، بل على سواه من المستويات اللغوية. فهما بيتان من الشعر، أي يتوفر فيهما عنصرا الوزن والقافية. هذا التشكيل الموسيقي المخصوص لا نظفر به أيضا في كلامنا العادي كما وجدنا في كلمات العاشق المنثورة كما تصورناها. وليس مدار الأمر في التشكيل الصوتي على الوزن والقافية فحسب، ففي البيتين تألفات موسيقية أخرى. انظر، مثلا، إلى توزيع صوت الذال على البيتين، وإلى التشابه الصوتي - الصرفي بين "عذلت" في أول مطلع البيت الأول، وعذرتهم" في مطلع الثاني، وإلى تكرار المادة المعجمية في "القيت" و"القوا". هذا الجهد المبذول في تشكيل المادة الخام بإجراء هذه التعديلات على المستويات اللغوية كافة، هو ما يحقق في نفس المتلقي ذلك الانطباع الممتع بالمغايرة والنفوس تحب المغايرة بطبيعتها. "المغايرة" قرينة "المغامرة"، فكأن المتلقي بخوضه تجربة التلقي الأدبي يخوض مغامرة تنقله - ولو مؤقتا - إلى عالم من التجربة غير المألوفة التي تكسر إيقاع الحياة الرتيب. ### 2 مفارقة الإنتاج والتلقي غير أن الكلمات السابقة ربما تثير سؤالا منطقيا إذا كان ما يميز الأدب عن سواه هو تشكيل الأديب للغة بطريقة مغايرة للمألوف لتحقيق المتعة الجمالية، فما العمل إذا لم يحقق الأديب تلك المتعة في نفوس قرائه؟ ما العمل إذا فطنا مثلا إلى أننا اليوم يمكن أن نقرأ أشعار شوقي ولا نشعر بشيء جميل حيالها؟ ما العمل وغيرنا في إنجلترا، مثلا، يقرؤون مسرحيات شكسبير ويرونها مملة وخالية من أي إمتاع؟ وبوسعنا أن نمد حدود السؤال إلى فنون أخرى؛ فكثير من الأغاني النخبوية التي ترددها فرق الأندرجراوند Underground مثلا لا تلقى إعجاب معظم المستمعين. هل نحذف الأعمال السابقة من قائمتنا لما نعده فنا؟ الإجابة هي بالقطع "لا". لكن سيلزم أن نجري تعديلا مهما على الفهم السابق، وهو أن الأدب تشكيل للغة بوصفها مادة خام بطريقة مخصوصة تراهن على تحقيق المتعة الجمالية، ولا تحققها بالضرورة في كل من يتلقى العمل الفني. تأخدنا هذه الملاحظة إلى فكرة أخرى ذات صلة، تتعلق بالذائقة الجمالية بوصفها مفهوما يتشكل عبر حركة التاريخ. إن تلقي العمل الفني ليس عملية فطرية، بل مكتسبة. فإذا تصورنا شخصا أميا مقيما في صعيد مصر قررنا أن تسمعه سيمفونيات بيتهوفن، فمن غير المحتمل أن تحظى بإعجابه. لدى هذا الشخص ذائقة جمالية اكتسبها من خلال التعرض لأعمال فنية مختلفة تماما عن أعمال بيتهوفن، ومن الظلم أن نتهمه بفساد الذائقة لأنه لا يحب السيمفونيات الكلاسيكية والعكس صحيح أيضا؛ فالألماني المقيم في برلين لن يدرك الجمال الذي نشعر به حين نستمع إلى مواويل ينشدها شاعر شعبي بسيط على الربابة. هنا يظهر بوضوح دور المؤسسات التي تربي الذائقة الجمالية، مثل المؤسسات التعليمية والإعلامية والترفيهية. تلعب هذه المؤسسات دور المربي للذائقة الجمالية لعموم المتلقين، وتحاول غرس القيم الجمالية التي تتبناها فيهم، مع التسليم بأن هذه المؤسسات لا تتفق بالضرورة على منظومة قيمية جمالية واحدة، كما أن المتلقين - أحيانا - يخرجون عن الخط الجمالي الرسمي لهذه المؤسسات، ويظهرون قدرًا لا بأس به من الحرية في تبني قيمهم الجمالية الخاصة. كان ياكوبسون قد قدم تصوره حول الخصيصة المائزة للأدب عما سواه من أشكال التعبير القولية من خلال وظائف اللغة الست التي يضطلع بتفعيل كل منها عنصر من عناصر أي فعل اتصالي، وهو ما يبين من خلال المخطط الآتي: | | | | | -------- | ---- | ------ | | المرسل | الرسالة | المتلقي | | الوظيفة التعبيرية) | (الوظيفة الشعرية) | (الوظيفة التوجيهية) | | (الوظيفة المرجعية) | | | | قناة الاتصال | | | | (الوظيفة التنبيهية) | | | | النظام الرمزي ( الشفرة) | | | | (الوظيفة الميتا لغوية) | | | في كل تواصل لغوي، يرسل المرسل المتكلم أو الكاتب، رسالة إلى المرسل إليه السامع أو القارئ هذه الرسالة تنتقل عبر قناة، فقد يكون الكلام منطوقا أو مكتوبا، وللرسالة سياق يتمثل في مكان الاتصال وزمانه وملابسات الاتصال عامة، ويجري الاتصال عبر شفرة هي النظام الاتصالي الخاص الذي يتوافق الطرفان المرسل والمرسل إليه على استخدامه، مثل العربية الفصحى، أو الإنجليزية، أو العامية التي يستعملها أهل تكساس، إلخ. ويرتبط بكل عنصر من عناصر السياق تلك وظيفة. ويفترض في كل اتصال أن يجري تفعيل الوظائف مجتمعة، لكن وظيفة أو أكثر تهيمن على ما عداها في بعض أنواع الاتصال، أو بعض أجزائه تخيل مثلا أنك تجري محادثة هاتفية، ثم حدث تشويش في الاتصال، فبدأت تتلفظ بعبارات، مثل: هل تسمعني جيدا الآن؟"، فإنك حينها تكون قد بدأت في تفعيل الوظيفية التنبيهية، التي تتيقن من خلالها أن قناة الاتصال مفتوحة، وتعمل بكفاءة. وفي تلك الأجزاء التي تتلفظ فيها بعبارات: "هل تفهم ما أعنيه بقولي كذا ؟ فإنك تفعل الوظيفة الميتا لغوية أي تقيم اتصالا باللغة عن اللغة، وهو بالضبط ما نفعله حين نناقش تعريف مصطلح ما، أو المعنى الدقيق لمثل شعبي، إلخ. وبطبيعة الحال، فإن المحادثة الهاتفية التي تستغرق ساعة كاملة، وتشرح فيها صديقة لصديقتها كيف أثرت فيها وفاة زوجها الراحل هذه المحادثة تهيمن عليها الوظيفة التعبيرية؛ لأن مركز الثقل فيها يحظى به المتكلم دون سواه من عناصر الاتصال. ويقترح ياكوبسون أن الأدب هو كل رسالة كلامية تهيمن عليها الوظيفة الشعرية poetic function ؛ أي الرسالة التي تلفت الانتباه لذاتها، بوصفها غرضا في حد ذاتها في الأدب لا نسعى إلى تحصيل معرفة أفضل بالواقع التي تعكسه اللغة، بل تكون اللغة التي تصور الواقع هي الموضوع ذاته؛ تلك الطرق المخصوصة التي تنتظم بها الرسالة اللغوية. لكن تيري إيجلتون المنظر الإنجليزي الشهير، يرد تلك الخصيصة الفارقة للأدب إلى مرجعية الذات القارئة؛ فالأدب عموما هو ما نقرؤه بوصفه أدباء أي بطريقة لا ذرائعية غير نفعية؛ بمعنى أن تفعيل الوظيفة الشعرية وهيمنتها على ما عداها من وظائف أمر منوط بالقارئ، وليس خصيصة متأصلة في الرسالة اللغوية نفسها، ويضرب مثالا لذلك بأننا إذا تأملنا لوحة مواعيد المغادرة بمحطة القطارات، لا لنعرف موعد مغادرة قطار بعينه، بل لنتأمل فيها بوصفها أشبه بقصيدة شعرية قصيرة، تخبرنا إلى أي حد نعيش في عالم معقد - حينها فإننا نقرأ اللوحة المصممة لأغراض نفعية إعلامية بوصفها أدبا. والحق أنه موقف متطرف بعض الشيء، لكنه قد يفسر لنا ظاهرة شائعة نسبيا في تاريخ الأدب، وتتمثل في أن بعض النصوص قد ينظر إليها بوصفها أدبا في بعض العصور، ثم تفقد تلك الخصيصة في عصور لاحقة، أو قد يحدث العكس. ### 3 نحو تعريف جمالي للأدب الأدب، إذن، لا يمكن تعريفه بوصفه تعبيرا عن نفسية صاحبه، أو بأنه يعكس السمات الثقافية والاجتماعية السائدة في عصره. فبعض النصوص الأدبية لا تخبرنا بشيء عن نفسية صاحبها، وربما جسدت بعض القصائد مشاعر كتيبة مقبضة، لكن صاحبها لم يكن يختبر أيا من هذه المشاعر. وربما عكست بعض الروايات مثلا طبيعة العصر، مثلما تخبرنا الروايات الواقعية لنجيب محفوظ الكثير عن مصر في النصف الأول من القرن العشرين، لكن ثمة روايات جيدة أخرى، لا تقل في أدبيتها، لا نعرف منها إلا أقل القليل عن طبيعة العصر (روايات الخيال العلمي مثلا، أو الروايات التاريخية. أعود فأقول إن الأدب فن لغوي؛ فإذا كان النحت هو تشكيل الكتلة في الفراغ، والموسيقى هي تشكيل الصوت في الزمن والرقص هو تشكيل حركة الجسد في المكان، فإن الأدب هو تشكيل اللغة تشكيلا فنيا. لكن ماذا نعني بأنه تشكيل فني؟ نعني ببساطة أمرين أولهما أن الأديب ليس معنيا بتحقيق وظائف نفعية، أو لنقل إن الوظيفة النفعية ليست الخصيصة الجوهرية التي تجعل النص اللغوي أدبا. الأمر الثاني أن هذا التشكيل مركب بدرجة ما، وليس بسيطا أو سطحيا. الشاعر مثلا يكتب كلاما يحتوي على عناصر موسيقية سنتعرض لها بالتفصيل تجعله لا يشبه كلامنا العادي وهذا ما يلفت الانتباه إلى ما يقوله والروائي لا يحكي مجرد "حدوتة تتكون من عناصر قصصية متتابعة في الزمن، بل يجتهد لاختيار ألفاظه وعباراته، ويسمح لشخصياته بأن يعبر كل منها عن نفسه بلغته المخصوصة، ويتأمل في طبيعة شخصياته ومصائرها، وهكذا. في كل نص أدبي هناك جهد" وفعل قصدي واضح يبذله الأديب لكي يُخرج مادته الخام، وهي اللغة، في صورة غير مألوفة، وهذا ما ينقلنا إلى النقطة الثانية. والأدب - مثله مثل أي فن - يهدف إلى إمتاع المتلقي، لكنها ليست المتعة الحسية التي نشعر بها جميعا بعد تناول وجبة لذيذة مثلا، كما أنها ليست المتعة العابرة التي نشعر بها ونحن نضحك بعد سماعنا لنكتة لاذعة. من ناحية، فإن المتعة من النوع السابق تزول سريعا، فبعد وقت من تناول وجبة لذيذة، نشعر بالجوع مرة أخرى، وربما لو تناولنا الوجبة نفسها مرة أخرى لشعرنا بالملل. لكن متعة العمل الفني تتسم بقدرتها على مقاومة الزمن؛ فمنا مَنْ لا يمل قراءة هاملت لشكسبير، أو قراءة أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، أو يجد متعة لا تنتهي في قراءة قصائد محمود درويش، والشيء نفسه يقال عن علاقتنا بأفلام أو مسلسلات بعينها : كلما شاهدناها مرارا وتكرارا أحسسنا بالمزيد من جمالها. ينبع إحساسنا بالمتعة الجمالية من قدرة الأديب الفذة على تشكيل مادته الخام، وهي اللغة، على نحو يلفت انتباه القارئ، ويقدم له الواقع المعيش الذي يعرفه في صورة جديدة تماما لم يألفها. ### أسئلة للمناقشة داخل الصف: 1. إذا سلمنا بأن الأدب هو تشكيل لغوي يهدف إلى تحقيق المتعة الجمالية، فما موقفنا من قراءة نص أدبي لتحقيق نفع معين؟ ما موقفنا من قراءة روايات الروائي الإسرائيلي إيلي عمير مثلا لمعرفة موقف اليهود العرب الذين هاجروا إلى فلسطين المحتلة بعد حرب 1948؟ ألا يكون القارئ حينها يركز على النفع المباشر وليس المتعة الجمالية؟ هل نقول حينها أن روايات إيلي عمير ليست أدبا ؟ 2. ماذا لو قرأ مجموعة من القراء قصائد شاعر معين ولم يشعروا بهذه المتعة الجمالية؟ هل نقول حينها إن ما كتبه الشاعر ليس أدبا ؟ ### تكليف الفصل الأول: 1. في المنزل، اقرؤوا المقطع الآتي من قصيدة على هذه الأرض" للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وحاولوا أن تطبقوا عليها التعريف التقريبي للأدب الذي ناقشناه اليوم على هذه الأرض ما يستحق الحياة: على هذه الأرض سيدة الأرض أم البدايات أم النهايات كانت تسمى فلسطين صارت تسمى فلسطين سيدتي أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة 2. ما الذي يجعل الكلمات الآتية لصلاح جاهين أدبا ؟ قلت آه .. سمعوني قالوا فَسَدْ ده كان جدع قلبه حديد واتحسد رديت على اللايمين أنا وقلت .. آه لو تعرفوا معنى زئير الأسد عجبي !! ## الفصل الثاني ### أجناس الأدب وأنواعه #### الفصل الثاني #### أجناس الأدب وأنواعه بعد أن قمنا بصياغة تعريف تقريبي للأدب، واتفقنا على الجوانب الجوهرية لهذا التعريف، يمكننا الآن أن نصنف الأدب إلى أجناس وأنواع وأنواع فرعية، وهكذا. لكن قبل أن نناقش مسألة التصنيف علينا أن نسأل سؤالا جوهريا ما المعيار الذي نصنف الأدب على أساسه؟ وهل هناك معايير متباينة، أم أنه معيار واحد ؟ ### .1 معيار التاريخ والموضوع والنوع الشكل الفني) ربما بتأثير المقررات المختلفة التي تدرس النتاج الأدبي في كل عصر على حدة، فإن أول ما يتقافز إلى الذهن هو تصنيف الأدب حسب العصور التاريخي، فيقسم الأدب العربي مثلا إلى أدب جاهلي، وأدب صدر الإسلامي وأموي، وعباسي، وهكذا. وهو تصنيف مشروع، ينطلق من فكرة أن التطورات السياسية والاجتماعية في كل عصر تحدث تغيرا في طبيعة الإنتاج الأدبي؛ فتظهر أنواع جديدة وتختفي أخرى قديمة، وتنشط الكتابة في موضوعات بعينها وتقل في موضوعات أخرى، وهكذا. غير أن النتيجة المترتبة على هذا النوع من التصنيف - على أهميته - هي إغفال الطبيعة النوعية الفنية للإنتاج الأدبي؛ فإذا كنا قد تبنينا التعريف الجمالي السابق، فمن المنطقي أن يكون التصنيف متسقا مع جوانب التعريف المختلفة، وأن يركز على تباين الطرائق التي تنتظم بها لغة النص الأدبي، بعيدا عن الإغراق في المسائل التاريخية. وربما بتأثير من الطريقة التي ندرس بها الشعر تحديدا، يميل بعضنا إلى تقسيم الإنتاج الأدبي حسب الأغراض، فلدينا الوقوف على الأطلال والغزل والمديح والهجاء ، والرثاء، إلخ. غير أننا سنجد أن للكتابة النثرية أغراضا مختلفة، كما أن الغرض الواحد يتوزع على الشعر والنثر معا، فالاعتذار مثلا حاضر في الجنسين الأدبيين. في السطور القادمة، سأحاول تقديم تقسيم نوعي" للأدب، وهو تقسيم ليس نهائيا، ولا خاليا من العيوب، لكنه سيحاول تجاوز المراحل التاريخية المتعاقبة لينطبق على العصور القديمة والحديثة قدر الإمكان، كما أنه سيركز على طرائق التأليف التي على أساسها تتباين الأنواع الأدبية. ولأقول ابتداء أن الأدب ينقسم إلى جنسين شعر ونثر، وربما نذكر سريعا ملاحظة طه حسين أن الأدب - العربي بالطبع - ينقسم إلى شعر ونثر وقرآن، فبالنسبة إليه لا يعد القرآن شعرا بطبيعة الحال، لكنه ليس كالنثر كذلك، بل هو جنس مستقل من التأليف. ### 2 الشعر والأجناس تنقسم إلى أنواع ولنبدأ بالشعر، ولنعد أدراجنا إلى أرسطو، الفيلسوف اليوناني القديم القرن الرابع قبل الميلاد الذي وضع أساسا لتقسيم ثلاثي للشعر ، ما زال صامدا إلى يومنا هذا. ينقسم الشعر إلى: 1 - شعر ملحمي، وهو ذلك الشعر الذي يدور حول حكايات البطولة القومية ونجده في القصص الطويلة المؤلفة شعراء الحافلة بالغيبيات والخوارق. كان أرسطو يفكر في أشعار الإلياذة والأوديسا بوصفهما النموذجين الأبرز لكن الشعر الملحمي ظاهرة إنسانية؛ فلكل أمة قصص البطولة المحكية شعرا، المعبرة عن خصوصيتها القومية التي تندمج معا في محكي طويل معقد. جلجامش مثلا من ملاحم الشرق والبيوولف من ملاحم الإنجليزية، وقد ظللنا في أدبنا العربي لفترة طويلة، وبتأثير من الدراسات الاستشراقية للأدب نظن أن ثقافتنا تخلو من الشعر الملحمي، وكنا قد تناسينا السير العربية، أو الملاحم العربية، فقط لأنها تروى ويجري تناقلها جيلا بعد جيل في نطاق الثقافة الشعبية المنسية والمعرضة للإهمال أزمانا طويلة، فالسيرة الملحمية هي - دون شك - ملحمة عربية أصيلة، تتوفر فيها كل عناصر الشعر الملحمي كما وصفه أرسطو، ولا شك أن السير العربية التي تعد تراثا الآن، مثل سيرة الزر سالم وسيرة سيف بن ذي يزن، وغيرها، هي أيضا شعر ملحمي 2 - شعر درامي. ولعله من الضروري التنبه إلى التباين الشديد في استعمال مفردة دراما" في لهجاتنا الدارجة، والاستعمال الاصطلاحي لها بين أهل التخصص؛ فالدراما في كلامنا الدارج أصبحت تعني الإفراط في المشاعر الحزينة، وربما اصطناع الحزن، غير أن معناها الاصطلاحي يدور حول الصراع الذي يحاكي صراعات الحياة اليومية. ليس غريبا حينئذ أن نتذكر أن أرسطو حين كان يحدثنا عن الشعر الدرامي إنما كان يحدثنا عن المسرح الشعري في زمنه، ولم يكن المسرح في زمنه إلا شعرا، فالمسرح النثري فن حديث نسبيا. يحاكي الأبطال على خشبة المسرح حياتنا وما فيها من صراع، ولا يعني مصطلح "المحاكاة" إطلاقا أن العرض المسرحي يقلد حيوات فعلية الأناس واقعيين، بل يعني أن المسرح يقدم أحداثا محتملة" و"قابلة للحدوث" في حياتنا الواقعية، وإلا صار تقليدا محضا بعيدا عن الروح المبدعة للفن. وربما يكون من المفيد تقديم تقسيم فرعي للشعر المسرحي، يمزج بين ما كان على زمن أرسطو، وبعض التطورات الحديثة في فن المسرح ابتداء، تقسم الدراما إلى تراجيديا وكوميديا. في الأول يتعرض الأبطال المصائر مؤلمة، وهذه المصائر نتاج في الغالب لما كان يعرف بـ"الهمارتيا" hamartia أو الخطأ التراجيدي في مسرحية (أوديب لسوفوكليس، التي كانت النموذج المفضل لدى أرسطو وهو ينظر للمسرح في كتابه (فن الشعر)، تتسبب عصبية أوديب وسرعة غضبه وفضوله الشديد في أن يلقى مصيره المؤلم، فيقتل أباه ويتزوج من أمه، ويفقأ عينيه في نهاية المسرحية عقابا لنفسه على ما اقترف من آثام. و (التطهير لدى أرسطو هو الغرض من مشاهدة العرض المسرحي، ويعني بالنسبة له التخلص من عاطفتي الغضب والشفقة المكبوتتين، وهو ما نلاحظه في أيامنا هذه، حين نندمج عاطفيا مع الأبطال الذين نشاهد مأساتهم، فنتأثر بشدة، وربما تغرق أعيننا بالدموع، فيحدث نوع من الانفراجة العصبية التي تشعرنا بالارتياح، نظرا لما تخلصنا منه من العواطف المكبوتة. أما الكوميديا فتعرض المصائر السخيفة للأبطال، التي تبعث فينا الضحك، وقد كان أرستوفانيس أشهر الكتاب الكوميديين في اليونان القديمة. وربما تجدر الإشار إلى لونين مسرحيين آخرين حديثين نسبيا، بخلاف التراجيديا والكوميديا. الأول هو التراجيكوميديا، وهو مسرح يجمع بين سمات التراجيديا والكوميديا، حيث نضحك في أثناء مشاهدة العرض المسرحي، لكنه ضحك كالبكا، مثلما كان يقول المتنبي، فالمصائر المؤلمة للأبطال تبقى كما هي كما نجدها في التراجيديا، ويبدو الواقع المعروض أليما في محتواه، لكن صياغة الأحداث تظل قادرة على التقاط المفارقات الباعثة على الضحك. ولهذا تسمى التراجيكوميديا أحيانا بالكوميديا السوداء، وربما كانت مسرحية (وجهة نظر من تأليف الراحل لينين الرملي مثالا جيدا لها، فالقصة تدور حول مؤسسة تستضيف المكفوفين، لكنها تعرضهم لشتى أنواع الاستغلال وسوء المعاملة، في جو صاخب مليء بالمفارقات المضحكة حد البكاء. ويمكن أن نضيف لما سبق لونا مسرحيا آخر هو الميلودراما، وهو عرض مسرحي قوامه إثارة العواطف الحزينة على نحو مبالغ فيه، وهو يعالج موضوعات تقليدية مثل الحب والزواج والعلاقات العائلية، لكن دوما هناك الخطر المتربص الذي يهدد بإفساد كل شيء، ويركز الحار على إثارة مشاعر الجمهور على نحو حاد. وقبل أن نغادر تلك النقطة، يمكننا أن نذكر المسرح الملحمي لدى بريخت الكاتب الألماني المعروف، الذي وضع نظرية حول المسرح قائمة على كسر الإيهام. كان بريخت ماركسيا يسعى إلى تغيير المجتمع من خلال تمكين الطبقات الكادحة لتتغلب على الطبقة البورجوازية، وكان يرى أن التخلص من العواطف المكبوتة على طريقة أرسطو في المسرح الكلاسيكي لا تنفع بل تضر. كان بريخت يريد لهذه المشاعر ألا تفرغ، بل أن تبقى وتستغل بوصفها طاقة للتغيير، وهو ما كان يفعله في مسرحه من خلال كسر التعاقد الإيهامي بين العرض والجمهور ؛ بمعنى أنك حين تشاهد عرضا مسرحيا معينا تبدأ بعد مرور وقت ما في الاندماج، وفي التفاعل العاطفي مع ما تشاهده بوصفه حقيقة، لكن بريخت كان يرى أنه لا يجب لهذا الإيهام أن يستمر ، لذا كان يصمم عروضه بحيث يوجه الممثلون بين الفينة والأخرى حديثهم للجمهور، أو يدخلون في نقاش يستعيدون فيه طبيعتهم بوصفهم ممثلين يقدمون قصة على حشبة مسرح حتى يظل مغزى العرض المسرحي المرتبط) لدى بريخت غالبا بالنضال الاجتماعي حاضرا في أذهانهم، وبدلا من أن يطلقوا زفرة ارتياح وهم خارجون من قاعة العرض، تظل أذهانهم تفكر في المضمون المقدم، وتعمل مشاعرهم على تحويل تلك الأفكار إلى برنامج عمل يؤدي - فيما كان يرى - إلى تحسين حياة الناس. لاحظوا أننا تجاوزنا الحديث عن المسرح في شقه الشعري، وعرجنا عليه في شقه النثري بعبارة أخرى، يجب علينا أن ندرك أن المسرح فن عابر للجنسين الأدبيين الشعري والنثري. فمن المسرح ما يقدم شعرا، ومنه ما يقدم نثرا ولعلكم تعرفون أن الأمير الشعراء أحمد شوقي مسرحيات شعرية مثل مصرع كليوباترا) و (ومجنون ليلى) و (قمبيز) وغيرها. وكذلك الأمر لدى شعراء التفعيلة، وعلى رأسهم صلاح عبد الصبور، الذي قدم ست مسرحيات شعرية أشهرها مأساة الحلاج)، وكذلك عبد الرحمن الشرقاوي، الذي قدم الحسين ثائرا) و (الحسين شهيدا وليس ثمة شك في أن توفيق الحكيم أعظم كتاب المسرح النثري في أدبنا العربي، وإلى جانبه أسماء أخرى، مثل نعمان عاشور وسعد الدين وهبة ويسري الجندي، والفريد فرج، وميخائيل رومان، ولينين الرملي بالطبع من مصر، وسعد الله ونوس من سوريا. 3 - شعر غنائي وهو ليس الشعر المعد أو المكتوب للغناء، كما قد يشير المصطلح للوهلة الأولى، بل هو الشعر المعبر عن الذات الشاعرة الفردية، وهو أغلب الشعر الذي تعرفه ثقافتنا العربية، حيث يعبر الشاعر عنه نفسه، متغزلا في محبوبته، أو واصفا الطبيعة كما يراها، أو مادحا ملكا، أو راثيا أخاه، إلى آخر كل تلك الأغراض التي تتباين من عصر إلى سواه. ولعلنا نلاحظ أن كل نوع من أنواع الشعر كما قسما أرسطو يتخذ من ضمير ما محورا له؛ فالشعر الملحمي يتمحور حول ضمير نحن، حيث التعبير عن الجماعة والقبيلة ويتمحور الشعر الدرامي حول "هو"، حيث تصوير الصراعات التي يخوضها الآخرون في علاقاتهم بعضهم ببعض، وفي علاقاتهم بالطبيعة والأقدار، وأخيرا يتمحور الشعر الغنائي حول "أنا"، حيث التعبير عن الذات وما يعتمل فيها من أحاسيس. ولنا وقفة مع الشعر الغنائي، الذي سبقت الإشارة إلى أن لع الغلبة في ثقافتنا العربية، ويمكن تقسيمه ابتداءً من حيث الشكل إلى ثلاثة أشكال أساسية: (أ) الشعر العمودي، وهو الشكل التقليدي الذي ظل مسيطرا على الشعر العربي حتى بداية النصف الثاني من القرن العشرين تقريبا، وفيه تتكون القصيدة من أبيات، ينقسم كل منها إلى شطرين متساويين في الطول، والقصيدة موحدة الوزن والقافية. صحيح أنه قد ظهرت بعض الأشكال التي خالفت تقاليد القصيدة العمودية إلى حد ما، مثل الموشحات، وبعض التجارب التي تتعدد فيها الأوزان والقوافي في العصر الحديث، لكنها كانت الاستثناء الذي يؤكد القاعدة ليس إلا. ب شعر التفعيلة، أو الشعر الحر ، وهو شكل تتكون فيه القصيدة من سطور لا