محاضرات في مقياس مدخل للاقتصاد PDF

Summary

هذه محاضرات في مقياس مدخل للاقتصاد، تغطي مواضيع رئيسية في علم الاقتصاد مثل تعريف علم الاقتصاد، المشكلة الاقتصادية، الطلب والاسـتـهالك، العرض والانتـاج، السوق، النقود، الدخل الوطني، البطالة، التضخم، والتـنمية والسياسات الاقتصادية. شرح مفصل لمكونات علم الاقتصاد.

Full Transcript

‫فهرس المحتويات‬ ‫رقم الصفحة‬ ‫المحتوى‬ ‫‪6‬‬ ‫المقدمة‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪8‬‬ ‫التعريف بعلم االقتصاد‬ ‫‪8‬‬ ‫‪ -1‬تعري...

‫فهرس المحتويات‬ ‫رقم الصفحة‬ ‫المحتوى‬ ‫‪6‬‬ ‫المقدمة‬ ‫الفصل األول‬ ‫‪8‬‬ ‫التعريف بعلم االقتصاد‬ ‫‪8‬‬ ‫‪ -1‬تعريف علم االقتصاد‬ ‫‪15‬‬ ‫‪ -2‬موضوع ومنهج علم االقتصاد‬ ‫‪25‬‬ ‫‪ -3‬عالقة علم االقتصاد بالعلوم االجتماعية األخرى‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫‪32‬‬ ‫المشكلة االقتصادية‬ ‫‪32‬‬ ‫‪ -1‬تعريف المشكلة االقتصادية‬ ‫‪33‬‬ ‫‪ -2‬طبيعة المشكلة االقتصادية‬ ‫‪34‬‬ ‫‪ -3‬خصائص المشكلة االقتصادية‬ ‫‪37‬‬ ‫‪ -4‬عناصر المشكلة االقتصادية‬ ‫الفصل الثالث‬ ‫‪40‬‬ ‫الطلب واالستهالك‬ ‫‪40‬‬ ‫‪ -1‬اإلستهالك ومحدداته‬ ‫‪43‬‬ ‫‪ -2‬الطلب‬ ‫‪48‬‬ ‫‪ -3‬محدّدات الطلب‬ ‫‪51‬‬ ‫‪ -4‬مرونة الطلب‬ ‫الفصل الرابع‬ ‫‪55‬‬ ‫العرض واإلنتـــاج‬ ‫‪2‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪ -1‬العرض‬ ‫‪58‬‬ ‫‪ -2‬اإلنتاج‬ ‫الفصل الخامس‬ ‫‪62‬‬ ‫الســـــوق‬ ‫‪62‬‬ ‫‪ -1‬مفهوم السوق والعوامل المحددة لنطاقه‬ ‫‪64‬‬ ‫‪ -2‬تصنيف األسواق‬ ‫‪67‬‬ ‫‪ -3‬توازن السوق‬ ‫الفصل السادس‬ ‫‪75‬‬ ‫النقـــــود‬ ‫‪75‬‬ ‫‪ -1‬أهمية النقود في الحياة االقتصادية‬ ‫‪77‬‬ ‫‪ -2‬تعريف النقود‪ ،‬نشأتها وخصائصها‬ ‫‪81‬‬ ‫‪ -3‬وظائف النقود‬ ‫‪82‬‬ ‫‪ -4‬أشكال النقود‬ ‫الفصل السابــع‬ ‫‪85‬‬ ‫الدخــل الوطنــي‬ ‫‪86‬‬ ‫‪ -1‬مفهوم الدخل الوطني‬ ‫‪90‬‬ ‫‪ -2‬مكونات الدخل الوطني‬ ‫الفصل الثامن‬ ‫‪106‬‬ ‫البطالــــــة‬ ‫‪107‬‬ ‫‪ -1‬البطالة‪ :‬تعريفها‪ ،‬أسبابها وقياسها‬ ‫‪110‬‬ ‫‪ -2‬أنواع البطالة‬ ‫‪113‬‬ ‫‪ -3‬اآلثار االجتماعية واالقتصادية للبطالة ووسائل معالجتها‬ ‫‪117‬‬ ‫الفصل التاسع‬ ‫‪3‬‬ ‫التضخــــــــم‬ ‫‪117‬‬ ‫‪ -1‬مفهوم التضخم وأسبابه‬ ‫‪119‬‬ ‫‪ -2‬أنواع التضخم‬ ‫‪123‬‬ ‫‪ -3‬اآلثار االقتصادية واالجتماعية للتضخم ووسائل معالجته‬ ‫الفصل العاشر‬ ‫‪127‬‬ ‫التنمية والسياسات االقتصادية‬ ‫‪127‬‬ ‫‪ -1‬النمو والتنمية االقتصادية‬ ‫‪130‬‬ ‫‪ -2‬أهمية السياسات االقتصادية في تحقيق التنمية‬ ‫‪134‬‬ ‫‪ -3‬التنمية المستدامة وأبعادها‬ ‫‪137‬‬ ‫قائمة المراجع‬ ‫مقدمة‪:‬‬ ‫يعتبر مقياس مدخل لالقتصاد مقياسا مفتاحيا وأساسيا لطلبة العلوم االقتصادية‬ ‫والعلوم التجارية وعلوم التسيير والذي يضع الدارس للتخصصات المختلفة في صورة‬ ‫المحاور األساسية التي يهتم هذا الفرع بدراستها واإللمام بمختلف موضوعات علم‬ ‫االقتصاد‪.‬‬ ‫لقد شكلت تجربتي الخاصة في تقديم محاضرات مقياس مدخل لالقتصاد على‬ ‫مستوى الكلية لعدة سنوات وتواصلي الدائم مع طلبتي في السنة األولى فرصة لتأكيد أهمية‬ ‫‪4‬‬ ‫وضع مطبوعة في هذا المقياس‪ ،‬وتقديم مادة علمية في هذا المجال بأسلوب واضح ومبسط‬ ‫وباستخدام مفردات مباشرة تكون عونا ودليال ألبنائنا الطلبة في تحضير بحوثهم وتشكل‬ ‫وثيقة مرجعية لتحضير امتحاناتهم‪.‬وأنا كلي أمل اليوم أن يحقق هذا الجهد العلمي الفائدة‬ ‫المرجوة منه‪ ،‬وأن يشكل قيمة إضافية لكل األعمال التي قدمت في هذا المجال‪.‬‬ ‫وبرغم تشعب مجاالت اهتمام مقياس مدخل لالقتصاد وتنوعها كونه يالمس كل‬ ‫الموضوعات المرتبطة باالقتصاد‪ ،‬فقد حاولنا أن نتطرق إلى بعض المحاور الرئيسية التي‬ ‫ارتأينا ضرورة اكتساب الطالب لمعارف أساسية فيها والتي نتوخى أن تقدم إحاطة شاملة‬ ‫بمختلف محاور المقياس‪.‬‬ ‫وعلى ضوء ذلك‪ ،‬قدمنا هذه المطبوعة في عشرة (‪ )10‬فصول‪ ،‬على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬التعريف بعلم االقتصاد‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المشكلة االقتصادية‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬الطلب واالستهالك‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬العرض واإلنتـــاج‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬السوق‬ ‫الفصل السادس‪ :‬النقود‬ ‫الفصل السابــع‪ :‬الدخــل الوطنــي‬ ‫الفصل الثامن‪ :‬البطالــــــة‬ ‫‪5‬‬ ‫الفصل التاسع‪ :‬التضخــــــــم‬ ‫الفصل العاشر‪ :‬التنمية والسياسات االقتصادية‬ ‫‪6‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬التعريف بعلم اإلقتصاد‬ ‫سنحاول خالل هذا الفصل استعراض تعريف علم االقتصاد‪ ،‬موضوع علم االقتصاد‬ ‫وعالقته بالعلوم االجتماعية األخرى‪ ،‬وكذا فروع علم االقتصاد‪.‬‬ ‫‪ -1‬تعريف علم االقتصاد‪:‬‬ ‫ورد في التاريخ االقتصادي أكثر من تعريف لعلم االقتصاد‪ ،‬انطالقا من نظرة‬ ‫االقتصاديين الذين تناولوا بالبحث المشاكل التي يهتم بها علم االقتصاد‪.‬ويميز هؤالء بين‬ ‫مجموعتين مع التعاريف‪ ،‬على النحو األتي‪:‬‬ ‫المجموعة األولى‪ :‬تعاريف تقوم على أساس الثروة واستخدامها‪ ،‬وقد كانت موضع نقد‬ ‫ألنها ترتبط بجانب معين من حياة اإلنسان وسلوكه‪ ،‬بينما المشكالت االقتصادية في جميع‬ ‫النواحي أي أن ربط االقتصاد بالثروة المادية ال يعبر بالضرورة على وسائل إشباع‬ ‫الحاجات غير المادية‪.‬‬ ‫المجموعة الثانية‪ :‬تعاريف تقوم على مبدأ االعتراف بالحاجة وصعوبة إشباعها وهو ما‬ ‫يطرح ضرورة االستغالل األمثل لعوامل اإلنتاج‪.‬‬ ‫ومن هذه التعاريف‪ ،‬نذكر‪:‬‬ ‫‪ -‬االقتصاد هو العلم الذي يدرس الكيفية التي تمكن األمة من أن تغتني‪".‬أدم سميث"‪.‬‬ ‫‪ -‬االقتصاد هو العلم الذي يعنى بدراسة نشاط اإلنسان في سعيه المستمر إلشباع حاجاته‬ ‫المتعددة والمتزايدة باستخدام موارده النادرة أو المحدودة أو غير المستغلة‪".‬روبنز"‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪ -‬االقتصاد هز العلم الذي يدرس بني اإلنسان في أعمال حياتهم العادية أي كيف يحصل‬ ‫اإلنسان على دخله وكيف ينفق هذا الدخل‪".‬ألفريد مارشال"‪.‬‬ ‫‪ -‬االقتصاد هو العلم الذي يدرس الظواهر من وجهة نظر الثمن‪".‬دافنبورت"‪.‬‬ ‫‪ -‬االقتصاد هو العلم الذي يدرس الرفاهية االقتصادية‪".‬بيجو"‪.‬‬ ‫‪ -‬االقتصاد هو العلم الذي يدرس الطرق التي تمكن المجتمع من حل مشاكله‪".‬ميلتون‬ ‫فريدمان"‪.‬‬ ‫‪ -‬االقتصاد هو العلم الذي يدرس الكيفية التي يختار بها األفراد والمجتمع الطريقة التي‬ ‫يستخدمون بها السلع لغرض االستهالك في الحاضر والمستقبل‪".‬سامويلسون"‪.‬‬ ‫‪ -‬االقتصاد هو العلم الذي يدرس كيفية إدارة الموارد النادرة في مجتمع إنساني‪".‬ريمون‬ ‫بار"‪.‬‬ ‫فعلم االقتصاد هو العلم الذي يهتم بمشكلة الموارد النادرة أو المحدودة باستعمالها على‬ ‫نحو يسمح بالحصول على أكبر إشباع لحاجات المجتمع غير المحدودة و المتزايدة‪.‬‬ ‫إذن يهتم علم االقتصاد بأحد أوجه النشاط اإلنساني أال وهو النشاط االقتصادي الذي‬ ‫يشمل جميع تصرفات األفراد التي تتصل بمجال اإلنتاج‪ ،‬التبادل واالستهالك والتوزيع وما‬ ‫يتفرع عنها من ظواهر اقتصادية مثل التنمية‪ ،‬الدخل‪ ،‬االدخار‪ ،‬االستثمار‪ ،‬التضخم‪،‬‬ ‫الدورات االقتصادية‪ ،‬البطالة ‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫ويرى بول سامويلسن (‪ )Paul Samelsson‬في كتابه "علم االقتصاد" أن االقتصاد‬ ‫هو من أقدم الفنون وأحدث العلوم‪ ،‬وهي العبارة التي اتفق عليها االقتصاديون‪ ،‬حيث أن‬ ‫االهتمام باالقتصاد بوصفه علما مستقال بذاته بدأ في النصف الثاني من القرن ‪ ،18‬وتحديدا‬ ‫‪8‬‬ ‫بدءا من العام ‪ ،1776‬وهو العام الذي نشر فيه آدم سميث الفيلسوف اإلنكليزي ومؤسس‬ ‫علم االقتصاد كتابه الشهير " طبيعة وأسباب ثروة األمم"‪.‬‬ ‫وهناك فرق أساسي بين علم االقتصاد والسياسة االقتصادية من حيث أن علم اقتصاد‬ ‫يهتم بكشف العالقات التي تحكم الظواهر االقتصادية وقوانينها وتفسيرها وتحليلها وبيان‬ ‫اتجاهاتها‪ ،‬فإن السياسات االقتصادية تهتم بتقديم الحلول‪.‬‬ ‫ويقصد بالعلم "مجموع المعرفة اإلنسانية المنظمة المتعلقة بالطبيعة وبالمجتمع‬ ‫وبالفكر‪ ،‬والمستخلصة عن طريق اكتشاف القوانين الموضوعية التي تحكم الظواهر‬ ‫الحسية‪ ،‬وذلك استخداما لمناهج البحث العلمي "وهي كمعرفة تهدف إلى تفسير هذه‬ ‫الظواهر تفسيرا ً علميا" وإذا أخذنا أحد فروع العلوم‪ ،‬نقول بأنه "مجموع المعرفة المنظمة‬ ‫المتعلقة بمجموعة من الظواهر"‪.‬‬ ‫‪ -1-1‬المعاني اللغوية لمصطلح االقتصاد‪ :‬كلمة اقتصاد في اللغة العربية مشتقة من قصد‬ ‫و لها عدة معاني والقصد معناه االعتدال في السلوك كله "واقصد في مشيك واخفض من‬ ‫صوتك"‪.‬وجاء في لسان العرب القصد في الشيء خالف اإلفراط‪ ،‬وهو ما بين اإلسراف‬ ‫والتقتير‪ ،‬والقصد في المعيشة أن ال يسرف وال يقتر‪ ،‬فيقال فالن مقتصد في النفقة‪ ،‬وقد‬ ‫إقتصد فالن في أمره أي استقام‪ ،‬و قوله تعالى "ومنهم مقتصد" بين ظالم وسابق‪.‬كما جاء‬ ‫في المعجم الوسيط قصد في الحكم عدل‪ ،‬وقصد في النفقة لم يسرف ولم يقتر‪ ،‬واقتصد في‬ ‫أمره توسط‪.‬‬ ‫ومصطلح إقتصاد هو إغريقي و تعني ‪ oikos‬أي المنزل و ‪ nomos‬أي التدبير‬ ‫فالكلمة (‪ )oikos nomos‬معناها تدبير المنزل‪ ،‬حيث إستخدمه أرسطو طاليس و قصد‬ ‫بإستعماله علم قوانين اإلقتصاد المنزلي أو قوانين الذمة المالية المنزلية‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫ولم يستعمل مصطلح "اإلقتصاد السياسي" إال في بدايات القرن السابع عشر‪ ،‬و هو ما‬ ‫تحقق في فرنسا على يد ‪ Antoine De Monchrestien‬الذي نشر عام ‪ 1615‬كتابا‬ ‫بعنوان "شرح في اإلقتصاد السياسي" قاصدا ً بصفة "السياسي" أن األمر يتعلق "بقوانين‬ ‫‪1‬‬ ‫اقتصاد الدولة" أي المجتمع بأكمله وليس العائلة وحدها‪.‬‬ ‫وفي النصف الثاني من القرن ‪ 18‬كانت البدايات األولى لظهور علم اإلقتصاد‬ ‫(‪ )Economics‬كعلم مستقل على يد الطبيعيين‪ ،‬ثم الكالسيك اإلنكليز‪ ،‬وقد تأسس هذا‬ ‫الفصل من موضوع اإلقتصاد السياسي والسياسة اإلقتصادية الذي كان سائداً في عهد‬ ‫التجاريين‪ ،‬على يد آدم سميث بعد أن أصدر كتابه عن ثروة األمم عام ‪ 1776‬والذي حاول‬ ‫من خالله أن يهتم بدراسة الظواهر االقتصادية متقيدا بالموضوعية العلمية‪.‬‬ ‫‪ -2-1‬تعاريف علم اإلقتصاد السياسي‪ :‬هناك العديد من التعاريف لعلم اإلقتصاد السياسي‬ ‫نذكر منها‪:2‬‬ ‫‪ -1-2-1‬التعريف األول‪ :‬استقر الكثير من االقتصاديين حول التعريف الذي يحاول أن‬ ‫يربط علم االقتصاد بالتناقض الموجود بين الموارد وندرتها من جهة واجتهاد اإلنسان‬ ‫لمواجهة هذه الندرة (المشكلة االقتصادية) من جهة أخرى‪ ،‬حيث يعرف االقتصادي‬ ‫الفرنسي ريمون بار (‪ )Raymon Barre‬في كتابه "االقتصاد السياسي" علم االقتصاد بأنه‬ ‫"علم يدرس تسيير الموارد النادرة وأشكال تحويل هذه الموارد" فهو علم "يبين السبل التي‬ ‫يتبعها األفراد والمجتمعات لمواجهة الحاجيات العديدة والتي ال حصر لها باستعمالهم وسائل‬ ‫محدودة"‪.‬‬ ‫ومن خالل هذا التعريف نستخلص أن علم االقتصاد يهتم بظاهرتين‪:‬‬ ‫محمد دويدار‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار المختار‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1993 ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬ ‫إبراهيم بولمكاحل‪ ،‬محاضرات في مقياس علم االقتصاد السياسي‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬ص ‪.06‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪ -‬ظاهرة ندرة الموارد التي يرغب اإلنسان في الحصول عليها‪.‬‬ ‫‪ -‬ظاهرة اجتهاد اإلنسان في تحويل هذه الموارد قصد إشباع رغباته‪.‬‬ ‫‪ -2-2-1‬التعريف الثاني‪ :‬عرف ماركس علم االقتصاد بأنه "علم دراسة الحياة االقتصادية‬ ‫في إطار التنظيم االجتماعي ومرحلة التطور التاريخي" وهو "علم القوانين التي تضبط‬ ‫مختلف العالقات االجتماعية وأساليب اإلنتاج"‪.‬‬ ‫من خالل هذا التعريف‪ ،‬يتضح أن االقتصاد السياسي‪ ،‬هو‪:‬‬ ‫‪ -‬دراسة العالقات االجتماعية لألفراد الناتجة عن ملكية وسائل اإلنتاج في سياق تطورها‬ ‫التاريخي‪.‬‬ ‫‪ -‬البنية االقتصادية هي التي تحدد طبيعة البنية السياسية والقانونية واالجتماعية‪.‬‬ ‫‪ -‬علم االقتصاد هو علم التطور التاريخي لكيان اإلنتاج االجتماعي‪.‬‬ ‫‪ -3-2-1‬التعريف الثالث‪ :‬يعرف علم االقتصاد في المفهوم اإلسالمي بأنه ذلك العلم الذي‬ ‫يدرس عالقات األفراد االقتصادية بهدف تحقيق وإشباع حاجاتهم المادية في إطار‬ ‫التشريعات اإلسالمية المحددة لطبيعة وحدود النشاط االقتصادي‪.‬‬ ‫من خالل هذا التعريف يتضح أن أي مفهوم لالقتصاد السياسي في اإلسالم يتمحور‬ ‫حول‪:‬‬ ‫‪ -‬اهتمام اإلسالم بالقضايا المادية واالقتصادية لألفراد‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪ -‬اإلسالم ال يفصل بين األهداف الدنيوية للنشاط االقتصادي واألهداف األخروية‪ ،‬قال‬ ‫تعالى "وابتغ فيما آتاك هللا الدار اآلخرة وال تنس نصيبك من الدنيا"‪.‬‬ ‫من خالل هذه التعريف يتضح أن‪:‬‬ ‫ويصنف‬ ‫‪ -‬علم االقتصاد يهتم بوصف طرق إدارة الموارد النادرة فهو يالحظ‬ ‫المعلومات الناتجة عن التجارب اإلنسانية‪.‬‬ ‫‪ -‬يهتم علم االقتصاد بتنظيم الوقائع على نحو يظهر الوحدة والدورية (التشابه الناتج عن‬ ‫التكرار) التي تطبع العالقات اإلنسانية‪ ،‬فمن مهام النظرية االقتصادية أو التحليل‬ ‫االقتصادي تأسيس األفكار‪ ،‬والبحث عن محددات الظواهر االقتصادية وآثارها وإيضاح‬ ‫وتفسير العالقات العامة الثابتة التي تقوم بينها‪ ،‬أي اكتشاف القوانين الموضوعية التي تقيم‬ ‫نظما ً منطقية تشكل نماذج شارحة للحقيقة االقتصادية‪.‬‬ ‫‪ -‬يساهم علم االقتصاد في توجيه السياسة االقتصادية‪ ،‬فهو ال يقترح أهدافا ً سياسية أو‬ ‫اجتماعية ولكنه يسعى إلى تحديد السياسة االقتصادية المتكاملة التي تالئم تحقيق أهداف‬ ‫سياسية واجتماعية معينة‪ ،‬ويبين مدى التناسق بين األهداف وإمكانية تحقيقها من الناحية‬ ‫االقتصادية والوسائل التي تستجيب لتحقيق هذه األهداف وأفضل هذه الطرق في مواجهة‬ ‫أهداف معينة‪ ،‬وفي إطار ظروف عملية محددة يقدم علم االقتصاد قواعد االستخدام األمثل‬ ‫للموارد االقتصادية وصيغ تحقيق الرفاهية المادية‪.‬‬ ‫‪ -2‬موضوع ومنهج علم االقتصاد‪:‬‬ ‫‪ -1-2‬موضوع علم االقتصاد‪ :‬موضوع علم االقتصاد السياسي هو المعرفة المتعلقة‬ ‫بمجموع الظواهر المكونة للنشاط االقتصادي لإلنسان في المجتمع‪ ،‬أي النشاط المتعلق‬ ‫‪12‬‬ ‫بإنتاج وتوزيع المنتجات والخدمات الالزمة لمعيشة أفراد المجتمع‪ ،‬هذا النشاط يتبدى في‬ ‫‪3‬‬ ‫شكل عالقة مزدوجة‪ :‬عالقة بين اإلنسان والطبيعة وعالقة اإلنسان باإلنسان‪.‬‬ ‫يقر التاريخ االقتصادي للمجتمعات بأن الفعاليات االقتصادية للفرد كانت وال زالت‬ ‫ّ‬ ‫موجهة دائما نحو إخضاع قوى الطبيعة المحيطة به والتحكم فيها‪ ،‬و كذلك إخضاع الوسائل‬ ‫التي تسانده في مواجهة "عامل الندرة" السائد في المجتمع‪ ،‬وبناء اقتصاد متوازن لتحقيق‬ ‫الرقي و التقدم المادي‪.‬‬ ‫وكل هذا يصب في رغبة اإلنسان لتلبية حاجاته المتعددة والمستجدّة باستمرار‪،‬‬ ‫وعملية اإلشباع هذه مرتبطة باستهالك المواد أو الخدمات التي يرغب فيها اإلنسان‪ ،‬ولكن‬ ‫استهالك هذه المواد لن يتم دون استخراجها من الطبيعة‪ ،‬ثم تحويلها لتصبح صالحة‬ ‫لالستهالك‪ ،‬وذلك هو جوهر عملية اإلنتاج‪ ،‬كما أنه ال يستطيع أن ينتج بمفرده كل شيء‪،‬‬ ‫لذلك نراه مطالبا ً بتبادل سلع مع أفراد آخرين مقابل سلع أخرى‪.‬‬ ‫وعلى هذا األساس يمكن القول بأن النشاط االقتصادي يشمل جميع تصرفات األفراد‬ ‫التي تتصل بثالث عمليات‪ ،‬هي‪ :‬اإلنتاج‪ ،‬المبادلة واالستهالك‪.‬‬ ‫‪ -1-1-2‬عملية اإلنتاج‪ :‬على اعتبار أن‪:‬‬ ‫‪ -‬اإلنسان مضاد للطبيعة ال يخضع لها وال يعتمد عليها دون تفاعل من جانبه‪.‬‬ ‫‪ -‬اإلنسان له حاجياته (غذاء‪ ،‬ملبس‪ ،‬مسكن ‪ )...‬وال يمكنه إشباعها من ذاته‪ ،‬بل يتجه إلى‬ ‫لطبيعة‪ ،‬بحالتها الطبيعية أو بعد تحويلها‪ ،‬للحصول على ما يشبع حاجاته عبر بذل جهد‬ ‫ذهني أو عضلي بهدف الحفاظ على بقائه‪.‬‬ ‫‪ 3‬خالفي علي‪ ،‬المدخل إلى علم اإلقتصاد‪ :‬مفاهيم – مصطلحات – أسئلة‪ ،‬دار أسامة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪ -‬اإلنسان يقوم بإنتاج المواد الالزمة لبقائه عبر نشاط واع منه‪.‬‬ ‫فإن عملية اإلنتاج هي عملية تنسيق لكل عوامل العناصر اإلنتاجية من أجل الحصول‬ ‫على مواد أو خدمات صالحة لالستجابة إلى حاجة معينة‪ ،‬ويشمل اإلنتاج على كل عملية‬ ‫تؤدي إلى خلق منفعة (سلع وخدمات) أي خلق الخيرات‪.‬‬ ‫ومن أجل الدخول في العملية اإلنتاجية ال بد من توافر جملة من العناصر‪ ،‬والتي‬ ‫تعرف بعوامل اإلنتاج وهي ثالثة‪ ،‬وتشمل‪ :‬األرض (الطبيعة)‪ ،‬العمل‪ ،‬ورأس المال‪.‬‬ ‫‪ -2-1-2‬عملية المبادلة أو التوزيع‪ :‬إن عملية اإلنتاج هي بطبيعتها عملية إجتماعية‪،‬‬ ‫حيث أن اإلنسان ال يقاوم الندرة في الطبيعة بمفرده‪ ،‬ألنه ال يستطيع القيام بكل مهام‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬بل يتم ذلك من خالل التعاون مع أعضاء الجماعة حتى يتمكن من الحفاظ على‬ ‫بقائه‪ ،‬وبظهور مفهوم تقسيم العمل حيث تتخصص فئة في اإلنتاج تخصص البعض منه‬ ‫لتلبية حاجاتها‪ ،‬والباقي يتم توزيعه على باقي أفراد المجتمع من خالل عملية البيع‪ ،‬وهكذا‬ ‫تصبح عملية التبادل ضرورية من أجل تلبية الحاجات المختلفة لألفراد‪ ،‬وتعتبر النقود األداة‬ ‫األساسية لتبادل السلع والخدمات لكونها توفر مقياسا موحدا لقيمة المنتجات المتبادلة‪.‬‬ ‫ويقصد بالتبادل تداول السلع والخدمات في السوق أو التنازل عن المنافع التبادلية‬ ‫للحصول على منافع استعمالية بصفة مباشرة أو بوجود وسيط‪ ،‬حيث تستخدم النقود كوسيط‬ ‫يستعمل في عملية التبادل وبالنظر لتمتعها بصفة القبول العام وكونها مقياسا للقيمة‬ ‫ومستودعا لها ووسيلة للدفع اآلجل‪.‬‬ ‫‪ -3-1-2‬عملية اإلستهالك‪ :‬هي العملية التي تمكن األفراد من إشباع رغباتهم والتي تنشط‬ ‫وتعيد دورة اإلنتاج وتضمن استمراريتها‪ ،‬فاستهالك المنتجات يعني القضاء على قيمتها‬ ‫وتلبية الحاجيات منها‪.‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪ -2-2‬منهج علم االقتصاد‪ :‬منهج البحث هو مشكل عملية المعرفة أي الطريقة التي يتبعها‬ ‫العقل في دراسته لموضوع ما من أجل التوصل إلى قانون عام أو أسلوب الباحث في‬ ‫الوصول إلى حقائق األشياء المحيطة به في الطبيعة والمجتمع من خالل مجموعة من‬ ‫اإلجراءات العقلية (الذهنية) والواقعية (التجريبية) التي يستخدمها لهذا الغرض‪ ،‬ويقوم‬ ‫منهج البحث العلمي في العادة على أسس المنهج العلمي التجريبي‪ ،‬وهو منهج استقرائي‬ ‫(من الجزء إلى الكل) واستنباطي (من الكل إلى الجزء) يقوم على مالحظة الواقع‬ ‫والتجريب بهدف التفسير والتعميم والتوقع‪.‬ويتحقق هذا من خالل‪:4‬‬ ‫‪ -‬المالحظة‪ :‬اإلدراك األولي للوقائع ووصف و تفسير الظواهر‪.‬‬ ‫‪ -‬وضع فروض علمية‪.‬‬ ‫‪ -‬التجريب‪ :‬تكرار المالحظة‪.‬‬ ‫‪ -‬التفسير‪ :‬الوصول إلى الحقيقة‪.‬‬ ‫‪ -‬بناء الفروض العلمية‪.‬‬ ‫‪ -‬التعميم‪ :‬صياغة قانون عام يستفاد به في تفسير الواقع‬ ‫‪ -‬التوقع‪.‬‬ ‫و يبدأ الباحث بمالحظة الواقع لكي يصور فرض أولي‪ ،‬ثم يدخل مرحلة التجريب‪،‬‬ ‫فإن ثبتت صحة الفرض األولي ويصلح للتفسير يصير قانونا علميا عاما صالحا لالستفادة‬ ‫منه في الواقع االقتصادي والتوقع بشأنه‪.‬‬ ‫‪ 4‬إبراهيم بولمكاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬ ‫‪15‬‬ ‫ويتطلب وجود علم في مجال معرفي معين‪ ،‬توفر الشروط اآلتية‪:‬‬ ‫‪ -‬توفر موضوع محدد‪ :‬حيث أن موضوع المعرفة العلمية بشكل عام هو التصورات‬ ‫الذهنية للظواهر والوقائع‪.‬‬ ‫‪ -‬توفر جسم من المعرفة العلمية‪ ،‬وهذا من خالل‪ :‬وجوب استخدام المعرفة العلمية في‬ ‫عملية استخالصها لمنهج البحث العلمي‪ ،‬وأن يكون هدف البحث الكشف عن القوانين‬ ‫الموضوعية التي تحكم الوقائع والظواهر محل الدراسة‪ ،‬وحتى تكون المعرفة علمية ينبغي‬ ‫أن يتم استخدام المناهج الكمية والكيفية القابلة لقياس الظاهرة محل الدراسة‪.‬‬ ‫‪ -‬توفر مجموعة من القوانين والنظريات وهي تمثل نتيجة لدراسة الموضوع من خالل‬ ‫المنهج العلمي التجريبي‪.‬‬ ‫يمكن تقسيم العلوم إلى ثالثة أنواع‪ :‬طبيعية (الكيمياء‪ ،‬الفيزياء‪ ،‬علم األحياء‪،)... ،‬‬ ‫علوم نظرية مجردة (تهتم بدراسة المعطيات المنطقية المجردة كالرياضيات‪ ،‬الجبر‪،)... ،‬‬ ‫وعلوم إنسانية واجتماعية تهتم بدراسة العالقات التي تربط بين األفراد فيما بينهم‪ ،‬أو مع‬ ‫المجتمع أو مع األشياء حيث يكون الفرد هو المحور األساسي لهذه العلوم‪.‬‬ ‫‪ -1-2-2‬مناهج التحليل اإلقتصادي‪ :‬المنهج العلمي هو "الطريقة التي يسلكها العقل في‬ ‫دراسة موضوع ما للوصول إلى قضاياه الكلية‪ ،‬أي اكتشاف القوانين التي تحكمه‪ ،‬وعلى‬ ‫ذلك فغاية البحث العلمي تتمثل في الوصول إلى حقيقة الشيء موضوع البحث" ‪.‬‬ ‫ولكل علم طرق بحث تتفق مع طبيعة موضوعه‪ ،‬غير أنه توجد قواعد عامة للبحث‬ ‫بغض النظر عن موضوعه‪ ،‬والمناهج العلمية‬ ‫ّ‬ ‫يمكن أن يعتمد عليها البحث العلمي‬ ‫المعروفة‪ ،‬هي‪ :‬المنهج االستنباطي (التجريدي النظري) والمنهج االستقرائي (التجريبي‬ ‫الواقعي)‪.‬‬ ‫‪16‬‬ ‫* المنهج االستنباطي‪ :‬يعتبر أقدم مناهج المعرفة حيث يعود إلى عهد أرسطو طاليس‪،‬‬ ‫واالستنباط عملية عقلية يتم فيها االنتقال من قضية تعدّ مقدمة ُمسلّم بصحتها إلى قضية تعد‬ ‫نتيجة الزمة‪ ،‬وذلك من خالل قواعد ذهنية بحتة تدور كلها في الذهن بعيداً عن الواقع أي‬ ‫دون االعتماد على التجربة‪.‬‬ ‫وهو يعني االنتقال في البحث من الكل إلى الجزء (االستدالل بالتنازل)‪ ،‬ويعتبر‬ ‫المنهج الرياضي من أبرز أدوات التحليل الذي يعتمد عليها المنهج االستنباطي‪.‬‬ ‫* المنهج االستقرائي‪ :‬يقصد باالستقراء العملية المنطقية التي يخلص بواسطتها من الوقائع‬ ‫الفعلية إلى القوانين العامة التي تحكم الظاهرة قيد الدراسة‪ ،‬وهو تلك العملية العقلية التي‬ ‫تهتم باالستدالل عن طريق المالحظة أو التجربة‪ ،‬من الخاص إلى العام (من الجزء إلى‬ ‫الكل أو االستدالل الصاعد)‪.‬‬ ‫إذن هو عملية منطقية ننتقل بواسطتها من الواقع الكتشاف القوانين العامة عبر‬ ‫استقراء جزئيات هذا الواقع وجعلها تُعبّر عما يتضمنه من قوانين عامة‪ ،‬وقد ظ ّل هذا‬ ‫المنهج محصورا في العلوم الطبيعية حتى القرن ‪ ،18‬حيث ت ّم نقله إلى حقل البحث في‬ ‫العلوم االجتماعية‪.‬‬ ‫ويعتبر المنهج التاريخي واإلحصائي من أبرز أدوات التحليل التي تعتمد على‬ ‫المنهج االستقرائي‪.‬‬ ‫‪ -2-2-2‬أدوات التحليل االقتصادي‪ :‬إن إتباع المناهج العلمية العامة في التحليل‬ ‫االقتصادي يقتضي البحث عن أكثر األساليب مالءمة في مجال الدراسات االقتصادية‪ ،‬وفي‬ ‫هذا اإلطار يفرق بين األسلوب الرياضي الذي يعتمد على المنهج االستنباطي‪ ،‬واألسلوبين‬ ‫التاريخي واإلحصائي اللذان يعتمدان على االستنباط واالستقراء معا ً‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫* المنهج الرياضي (إستنباطي‪ ،‬تجريدي‪ ،‬نظري)‪ :‬عند بحثنا للعالقات االقتصادية نجد أنها‬ ‫تقبل التعبير عنها في صورة "دالة" تعبر عن العالقات تعبر عن العالقات التبادلية بين‬ ‫المتغيرات‪ ،‬ومن هنا يصبح من الممكن استخدام الرياضيات في الدراسة االقتصادية‪.‬‬ ‫صص فرعي ضمن‬ ‫ونظرا ألهمية التحليل الرياضي في الدراسات االقتصادية‪ ،‬ظهر تخ ّ‬ ‫علم االقتصاد ليعبّر عن هذا االرتباط الوثيق بين الرياضيات واالقتصاد وهو االقتصاد‬ ‫القياسي‪.‬‬ ‫وبالرغم من الدقة التي يحققها التحليل الرياضي في الدراسات االقتصادية‪ ،‬إال أنه يسقط‬ ‫عنصر الزمن رغم ما له من أهمية في الحياة االقتصادية‪.‬‬ ‫* المنهج التاريخي (إستقرائي‪/‬إستنباطي)‪ :‬يقوم استخدام األسلوب التاريخي بتجميع‬ ‫واستقراء الحوادث والوقائع االقتصادية التي حدثت في الماضي‪ ،‬وبعد التحقق من صحتها‬ ‫لضمان صحة النتائج التي يتم التوصل إليها‪ ،‬تأتي مرحلة وصف الوقائع وتفسيرها‪ ،‬أي‬ ‫معرفة ما كان سببا ً وما كان نتيجة له ومعرفة العناصر المتكررة وغير المتكررة ودرجة‬ ‫انتظام تكرارها‪ ،‬ث ّم في النهاية الكشف عن القوانين الثابتة والمتكررة التي كانت تحكم‬ ‫العالقات بين مختلف الظواهر االقتصادية‪.‬‬ ‫إن التاريخ هو أداة للتحليل تفيد في معرفة ما كان‪ ،‬وفي تفسير ما هو كائن‪ ،‬وتوقع ما‬ ‫تطور الشعوب والظواهر االقتصادية‪.‬‬ ‫سيكون في المستقبل‪ ،‬أي تحديد القوانين التي تحكم ّ‬ ‫ويساهم التحليل التاريخي في الوصول إلى معرفة قوانين التطور التي حكمت‬ ‫المجتمعات البشرية‪ ،‬وحدّدت سلوكياتها على مختلف المستويات االجتماعية واالقتصادية‬ ‫والسياسية‪.‬فقط ينبغي اإلشارة إلى ضرورة أخذ التاريخ بالمعنى الواسع‪ ،‬والتفريق بين‬ ‫تاريخ النظريات االقتصادية (الفكر االقتصادي) وتاريخ الوقائع االقتصادية‪ ،‬على اعتبار أن‬ ‫الظواهر االقتصادية واالجتماعية عموما ً تختلف عن الظواهر الطبيعية التي تتّسم‬ ‫‪18‬‬ ‫باالستقرار وعدم التغيّر‪ ،‬حيث ّ‬ ‫أن تاريخ الوقائع يُعدّ بمثابة التجارب المخبرية التي يقوم بها‬ ‫الباحث في دراسته للظواهر الطبيعية‪ ،‬كما أن دراسة تاريخ النظريات االقتصادية يتوقف‬ ‫فهمه على دراسة تاريخ الوقائع‪ ،‬حيث يرتبط مضمون كل نظرية بالواقع االقتصادي الذي‬ ‫عاشه الباحث وعمل على تفسيره وصياغة القوانين العلمية التي تفسّر أسبابه‪.‬‬ ‫* المنهج اإلحصائي (إستقرائي‪/‬إستنباطي)‪ :‬يهدف كل علم إلى بناء قوانين‪،‬أي عالقات‬ ‫جبرية بين أحجام قابلة للقياس‪ ،‬و أولى مراحل العلم إذا هي معرفة هذه األحجام (الكميات)‬ ‫حيث يقوم اإلحصاء بقياس هذه األحجام‪ ،‬إذ أنه يتمثل في مالحظة وقائع تتّخذ شكل الكميات‬ ‫القابلة للتعبير عنها باألرقام‪.‬‬ ‫ويلجأ االقتصاديون إلى األسلوب اإلحصائي لقياس مستوى العالقة بين الظواهر‬ ‫المختلفة‪ ،‬فال يمكن القول أن مستوى استهالك المجتمع يتوقف على مستوى ما يحققه من‬ ‫دخل‪ ،‬بل ال بدّ من تحديد أثر زيادة الدخل في مستوى االستهالك تحديداً كمياً‪.‬‬ ‫ويوصف اإلحصاء بأنه أسلوب استقرائي يتّسم بالواقعية الالزمة لكل نظرية حتى ال‬ ‫تبتعد عن الواقع‪ ،‬ولكن يؤخذ عليه أنه ال يترجم الحقيقة كلها لكونه يتناول الظواهر التي‬ ‫يمكن التعبير عنها بلغة األرقام (المتغيرات النوعية)‪ ،‬فالرفاهية االجتماعية مثالً ال تتوقف‬ ‫على مستوى ما ينتجه المجتمع من سلع وخدمات مادية فقط‪ ،‬بل تتوقف على طريقة‬ ‫توزيعها بين جميع أفراد المجتمع أيضاً‪.‬‬ ‫ويمثل اإلحصاء أسلوبا ً ال غنى عنه في الدراسات االقتصادية‪ ،‬وقد ّ‬ ‫تطور حتى بات‬ ‫يش ّكل مع الرياضيات والتحليل االقتصادي‪ ،‬فرعا ً مستقالً من فروع علم االقتصاد وهو‬ ‫االقتصاد القياسي‪.‬‬ ‫‪ -3‬عالقة علم االقتصاد بالعلوم االجتماعية‪ :‬يعد سلوك الفرد وتصرفاته المختلفة موضوع‬ ‫الدراسة المشترك عند كل فروع العلوم االجتماعية (االقتصاد‪ ،‬الجغرافيا‪ ،‬التاريخ‪ ،‬علم‬ ‫‪19‬‬ ‫االجتماع ‪ ،‬علم النفس ‪ )...‬حيث أن كل تخصص معرفي يدرس هذا السلوك من زاوية معينة‬ ‫ويحاول فهم طبيعة العالقات بين األفراد دون الرجوع إلى المجاالت األخرى‪.‬‬ ‫غير أنه ورغم هذا الترابط بين مختلف الظواهر االجتماعية‪ ،‬وجد الباحثون أنه وبغية‬ ‫تسهيل عملية البحث العلمي والتوصل إلى نتائج أكثر دقة ال بد من تقييم منهجي للعالقات‬ ‫االجتماعية‪ ،‬حيث يتولى كل مجموعة من الباحثين جانبا ً من هذه العالقات ودراستها‬ ‫بصورة منفردة‪ ،‬ولكن تبقى الحدود بين هذه الفروع االجتماعية متداخلة إلى حدّ كبير‪.‬‬ ‫وعلى اعتبار أن علم االقتصاد أحد هذه العلوم االجتماعية الذي حقق قدر من‬ ‫االستقاللية بموضوعه ومنهجه وقوانينه و نظرياته‪ ،‬إال أننا نجد الباحثين االقتصاديين‬ ‫يستعينون بما تم التوصل إليه في الحقول االجتماعية المختلفة من طرق ومناهج‬ ‫وموضوعات تساعد على اكتمال البناء المعرفي لهذا العلم‪ ،‬و هذا ما سنحاول فهمه من‬ ‫خالل التعرض لعالقة علم االقتصاد بالعلوم األخرى‪.‬‬ ‫‪ -1-3‬علم االقتصاد وعلم السياسة‪ :‬يعد علم السياسة من العلوم األكثر ارتباطا بعلم‬ ‫االقتصاد‪ ،‬فالظاهرة السياسية واالقتصادية وجهان لعملة واحدة‪ ،‬حيث تعتبر الدولة من‬ ‫الموضوعات الرئيسية التي يهتم علم السياسة بدراستها‪ ،‬كذلك نجد الدولة واستقرارها‬ ‫االقتصادي من صلب اهتمام علم االقتصاد‪ ،‬ويعد رواد المدرسة التجارية من أوائل من أ ّكد‬ ‫على االرتباط الموضوعي بين السياسة واالقتصاد‪ ،‬كما أن تطور األحداث السياسية‬ ‫واالقتصادية حتى يومنا هذا تزيد في حجم االرتباط بين الظواهر االقتصادية والسياسية‪.‬‬ ‫وفي الحقيقة يستحيل على الباحث في االقتصاد تجاهل ما ت ّم التوصل إليه في حقل‬ ‫العلوم السياسية وكذلك الشأن بالنسبة للباحث السياسي‪ ،‬فالكثير من األزمات والظواهر‬ ‫السياسية هي ذات خلفية اقتصادية‪ ،‬أي يرجع تفسيرها إلى ظواهر وعوامل اقتصادية‬ ‫(الصراع في السودان‪ ،‬نيجيريا‪ ،‬الحرب على العراق ‪ )...‬والعكس بالنسبة للظواهر‬ ‫‪20‬‬ ‫االقتصادية (األزمات النفطية والمالية ‪ ،)....‬وكل الدراسات المعاصرة تؤكد على الترابط‬ ‫الوثيق بين االستقرار السياسي والرخاء االقتصادي‪ ،‬كما أن شكل النظام السياسي وقيمه‬ ‫وإيديولوجيته عوامل رئيسية في تحديد بنية النظام االقتصادي‪ ،‬حيث نجد في الغالب أن‬ ‫النظم الديمقراطية الحرة تنتهج نظام اقتصادي رأسمالي‪ ،‬عكس النظم االشتراكية التي تدعو‬ ‫إلى تطبيق مبادئ االقتصاد الموجه والمركزي المخطط‪.‬‬ ‫‪ -2-3‬علم االقتصاد وعلم االجتماع‪ :‬يهتم علم االجتماع بدراسة كل الظواهر االجتماعية‪،‬‬ ‫في حين يهتم علم االقتصاد بمستوى واحد من الظواهر االجتماعية وهو ذلك المتعلق‬ ‫بالجوانب المادية‪.‬ويمكن تلخيص هذه العالقة في‪:‬‬ ‫‪ -‬أهمية النشاط االقتصادي وتأثيره على الجانب االجتماعي بمعنى تأثير البعد‬ ‫االقتصادي في االنتظام االجتماعي وتحديد طبيعة العالقات االجتماعية‪ ،‬وهذا ما أشار إليه‬ ‫إبن خلدون في تفسير هذه العالقات االجتماعية‪ ،‬ودور العامل االقتصادي فيها‪ ،‬كما تلقي‬ ‫التحوالت االجتماعية من خالل حرية المجتمع بآثارها على تفسير النشاط االقتصادي‬ ‫للمجتمع‪ ،‬وفي هذا اإلطار يمكن تفسير بعض السلوكيات االقتصادية في البيئات الحديثة‬ ‫مثال‪.‬‬ ‫‪ -‬تتجلّى العالقة بين العلمين في ظهور تخصص فرعي ضمن علم االقتصاد وهو علم‬ ‫االقتصاد االجتماعي أو ضمن علم االجتماع وهو علم االجتماع االقتصادي في محاولة‬ ‫لتسليط الضوء على تفسير المعطيات االجتماعية اعتمادا على الظواهر االقتصادية و‬ ‫العكس‪.‬‬ ‫‪ -3-3‬اإلقتصاد وعلم التاريخ‪ :‬يرتبط االقتصاد بالتاريخ على اعتبار أن هذا األخير يسعى‬ ‫لمعرفة األحداث والوقائع وتفسيرها عبر التطور التاريخي‪ ،‬في حين أن االقتصاد يعمل‬ ‫على استكشاف وصياغة القوانين التي الظواهر االقتصادية‪ ،‬لذا يحتاج االقتصادي لمعرفة‬ ‫‪21‬‬ ‫نتائج عمل المؤرخ أي معرفة اإلطار التاريخي والزمني للنشاط االقتصادي للتأكد من‬ ‫صحة القوانين االقتصادية وعموميتها‪ ،‬حيث أن تكرر الظاهرة االقتصادية عبر مراحل‬ ‫تاريخية متعددة يقود إلى تأسيس القانون االقتصادي وتعميمه‪ ،‬ويعتبر المنهج التاريخي من‬ ‫أدوات و طرق التحليل التي ال يمكن للباحث االقتصادي االستغناء عنها‪.‬‬ ‫كما أن المؤرخ بدوره يحتاج إلى المعلومات االقتصادية ألنها تسهل عليه جزءا ً من‬ ‫بحثه‪ ،‬وهو يحتاج إلى التحليل االقتصادي ألن التطورات االقتصادية للمجتمعات تشكل‬ ‫مجاالً الهتمام الباحث في التاريخ من أجل تتبّع تطورات المراحل التاريخية‪ ،‬حيث يرى‬ ‫كارل ماركس في نظرياته حول التطور التاريخي للمجتمعات أن انتقال المجتمع من مرحلة‬ ‫إلى مرحلة أخرى سببه التحول في طبيعة عالقات اإلنتاج المادي (الجدلية التاريخية)‬ ‫فوصول اإلنسان إلى المرحلة الرأسمالية نتيجة لسيطرة البرجوازية على وسائل اإلنتاج‪.‬‬ ‫‪ -4-3‬االقتصاد وعلم القانون‪ :‬يُعدّ القانون اإلطار التنظيمي المحدد لكل المعامالت‬ ‫االقتصادية‪ ،‬فالعالقة بينهما وطيدة‪ ،‬والقانون بهذا ما هو إال ترجمة لوقائع اقتصادية قائمة‬ ‫في المجتمع‪.‬وقد يكون القانون السائد رأسماليا كما في الدول الديمقراطية‪ ،‬أو اشتراكيا في‬ ‫الدول الشيوعية‪ ،‬أو إسالميا‪ ،‬حيث أن الهيكل القانوني يعد من أهم المعايير المعتمدة في‬ ‫التفريق بين نظام اقتصادي وآخر‪ ،‬وكل دولة لها منظومتها القانونية المتعلقة بالمجال‬ ‫االقتصادي‪ ،‬مثل‪ :‬القانون التجاري‪ ،‬قانون االستثمار‪ ،‬قوانين المالية‪ ،‬قانون التأمينات ‪...‬‬ ‫إلخ‪.‬‬ ‫‪ -5-3‬علم اإلقتصاد وعلم النفس‪ :‬تُعدّ الحاجة كأحد عناصر المشكلة االقتصادية حالة نفسية‬ ‫بالدرجة األولى تدفع الفرد للقيام بنشاطات اقتصادية لتلبيتها‪ ،‬كذلك فإن العديد من الظواهر‬ ‫االقتصادية‪ ،‬مثل التطورات النقدية ومشكلة القيمة أساسها نفسي وله انعكاسات على الحياة‬ ‫االقتصادية‪ ،‬مثل‪ :‬أسواق المال وأسواق الصرف ‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪ -6-3‬علم االقتصاد وعلم الجغرافيا‪ :‬تعني الجغرافيا بدراسة العالم كوسط يعيش فيه‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ويلتقي العلمان في مجال المعرفة المتعلقة بمواطن النشاط االقتصادي (الوحدات‬ ‫اإلنتاجية مثالُ)‪ ،‬وهكذا يقدم لنا علم الجغرافيا معرفة بالوسط الطبيعي للنشاط االقتصادي‪،‬‬ ‫فاحتواء رقعة جغرافية ما على الثروات الطبيعية (معادن‪ ،‬محروقات‪... ،‬إلخ) يحدد طبيعة‬ ‫النشاط االقتصادي والمستوى المعيشي لتلك المنطقة أو الدولة‪.‬‬ ‫وتتبلور هذه العالقة ضمن ما يعرف بالجغرافيا االقتصادية‪ ،‬وهو علم يهتم ببحث‬ ‫القوى المحركة والموارد الطبيعية في بلد ما‪.‬‬ ‫‪ -7-3‬علم اإلقتصاد والديمغرافيا‪ :‬يهتم علم الديمغرافيا بدراسة قضايا السكان من حيث‬ ‫حركية السكان‪ ،‬الهجرة‪ ،‬توزيع السكان‪ ،‬التكاثر‪ ،‬التخطيط العائلي‪ ،‬الفئة النشطة‪ ،‬فوضعية‬ ‫الساكنة وحركتها وبنيتها الفكرية والبيولوجية جميعها تشكل مجال اهتمام الباحث في‬ ‫الديمغرافيا‪.‬‬ ‫ويتضح التداخل الكبير بين علم االقتصاد والديمغرافيا على اعتبار أن العوامل‬ ‫الديمغرافية تؤثر حتما على السلوك االقتصادي لإلنسان‪ ،‬حيث تحدد حجم القوة العاملة‬ ‫وكفاءتها ومدى الحاجات التي يمثل إشباعها الهدف النهائي للنشاط االقتصادي‪.‬وبناء على‬ ‫ذلك تتفاوت المجتمعات في درجات توفيرها لالحتياجات الكمية والكيفية لسكانها تبعا‬ ‫لمستواها االقتصادي‪ ،‬ومن أبرز االقتصاديين الذين ربطوا بين االقتصاد والسكان نذكر‬ ‫"روبرت مالتوس" في نظريته حول السكان والتي يعتقد بموجبها أن هناك حالة ال توازن‬ ‫بين نسبة الزيادة في عدد السكان (متتالية هندسية) ونسبة زيادة الموارد (متتالية حسابية)‬ ‫وهو ما يخلق حالة من عدم االستقرار االقتصادي‪.‬‬ ‫‪23‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المشكلة االقتصادية‬ ‫ال تزززال المشززكلة االقتصززادية تشززغل بززال المهتمززين والبززاحثين فززي الشززأن االقتصززادي‬ ‫طالما هي المحور الذي يدور حوله علم االقتصاد بتفرعاتزه المختلفزة‪ ،‬وسزنحاول مزن خزالل‬ ‫هذا المحور اإللمام بجوهر المشكلة االقتصادية من خالل استعراض العناصر اآلتية‪:‬‬ ‫‪ -‬تعريف وطبيعة المشكلة االقتصادية‪.‬‬ ‫‪ -‬خصائص المشكلة االقتصادية‪.‬‬ ‫‪ -‬عناصر المشكلة االقتصادية‪.‬‬ ‫‪ -1‬تعريففف الملففالة االقتصففادية‪ :‬تعززد المشززكلة االقتصززادية أو مشززكلة النززدرة كمززا يسززميها‬ ‫البعض سبب نشوء علم االقتصاد‪ ،‬لذلك فإن مفهومها هزو المزدخل األساسزي إلدراك العالقزة‬ ‫الوثيقة بين الفرد والمجتمع من جهة والموارد االقتصادية من جهة أخرى‪.‬‬ ‫وتتمثل المشكلة االقتصادية بكل بساطة في الندرة النسبية للمزوارد االقتصزادية المتاحزة‬ ‫على اختالف أنواعها مهما بلغت أحجامها‪ ،‬فهي موارد اقتصزادية محزدودة فزي كزل دولزة إذا‬ ‫ما قورنت بالحاجات اإلنسانية المتعددة والمتجددة والمتباينة باستمرار‪.‬‬ ‫انطالقا من هذا التعريف يمكزن أن نسزتنتج بزأن المشزكلة االقتصزادية تقزوم علزى جزانبين‬ ‫أساسيين‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬الحاجات اإلنسانية المتعددة وغير المحدودة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الموارد واإلمكانيات المحدودة نسبيا‪.‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪ -2‬طبيعة الملالة االقتصادية‪ :‬تدور المشكلة االقتصادية حول ما يشاهد في الحياة اليوميزة‬ ‫من ندرة نسزبية فزي المزوارد القابلزة إلشزباع اسزتهالك لحاجزات المتعزددة لإلنسزان‪ ،‬ممزا يحزتم‬ ‫عليه استخدام تلك الموارد المحدودة على نحو أفضل حتى يمكنه بلوغ أقصزى إشزباع ممكزن‬ ‫من هذه الحاجات‪ ،‬وما ينشأ بهذه المناسبة من عالقات متطزورة تاريخيزا بزين أفزراد المجتمزع‬ ‫اإلنساني وخاصة فيما يتعلق بالملكية والتوزيع‪.‬‬ ‫وانطالقا من هذا الوضع تنشأ مشكلتان اقتصاديتان مرتبطتان علزى نحزو يجعزل منهمزا‬ ‫وجهين للمشكلة نفسها‪.‬‬ ‫‪ -1-2‬الملالة األولى‪ :‬وتظهر بسبب كون الجزء األكبر من الموارد غالبا ما ال يصلح في‬ ‫شكله األولزي إلشزباع الحاجزات اإلنسزانية‪ ،‬لزذلك لززم تزدخل اإلنسزان عزن طريزق بزذل الجهزد‬ ‫اإلنسززاني (العمززل) ليحززدث تغييززرات فززي تلززك المززوارد الطبيعيززة ويجعلززه فززي شززكل مناسززب‬ ‫إلشباع الحاجات اإلنسانية (خلزق منفعزة)‪.‬وتقتضزي عمليزة التحزوير هزذه نشزوء صزراع بزين‬ ‫اإلنسان والطبيعة‪ ،‬صراع تحكمزه قزوانين طبيعيزة ثابتزة وعامزة وأوضزاعا فنيزة تتغيزر بتغيزر‬ ‫الزمززان والمكززان‪.‬كمززا تقتضززي عمليززة التحززوير دخززول اإلنسززان فززي عالقززات مززع غيززره ممززا‬ ‫يضفي على عمله (اإلنتاج) الصفة االجتماعية‪.‬‬ ‫‪ -2-2‬الملالة الثانيفة‪ :‬وتظهزر بسزبب كزون الحاجزات اإلنسزانية كثيزرة ومتنوعزة ومتزايزدة‬ ‫وبالتالي غير محدودة‪ ،‬في حين أن الموارد التي تمنحها الطبيعة هي بطبيعتها محدودة‪.‬وفي‬ ‫هذا الوضع البزد وأن تقزوم مشزكلة توزيزع المزوارد المحزدودة علزى الحاجزات اإلنسزانية غيزر‬ ‫المحدودة‪ ،‬وهو أمر يقتضي تحديد التي تشبع والقدر الذي يتم إشباعه وتلزك التزي تحزرم مزن‬ ‫اإلشززباع‪ ،‬بصززرف النظززر عززن طبيعززة النظززام االقتصززادي‪.‬وبمعنززى آخززر فززإن التقابززل بززين‬ ‫الحاجات اإلنسانية غير المحدودة والموارد الطبيعيزة يقتضزي تزدخل اإلنسزان لتحديزد أولويزة‬ ‫إلشباع الحاجات‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪ -3‬خصائص الملالة االقتصادية‪ :‬لقد أجمع المفكرون على أن الندرة واالختيار هما وجها‬ ‫المشكلة االقتصادية‪.‬‬ ‫‪ -1-3‬الندرة‪ :‬ويقصد بها الندرة النسبية وليس النزدرة المطلقزة‪ ،‬ويتعزين التمييزز بزين النزدرة‬ ‫بالمعنى المطلق والندرة بمعناها النسبي‪.‬هذه األخيرة توضزح العالقزة النسزبية بزين الحاجزات‬ ‫اإلنسانية ووسائل إشباعها‪ ،‬وتتباين مسألة الندرة من مجتمع آلخر‪.‬‬ ‫من أسباب مشكلة الندرة‪ ،‬ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -‬عدم كفاية موارد المجتمع الطبيعية والبشرية‪.‬‬ ‫‪ -‬عدم كفاية استخدام الموارد المتاحة‪.‬‬ ‫‪ -‬قابلية بعض الموارد للنفاذ والنضوب‪.‬‬ ‫‪ -‬زيادة عدد السكان بنسب تفوق الزيادة في اإلنتاج‪.‬‬ ‫‪ -2-3‬االختيار‪ :‬تتلخص المشكلة االقتصادية في نهاية المطزاف فزي مشزكلة االختيزار‪.‬وهزذا‬ ‫االختيار يشمل على عدة جوانب‪ ،‬أهمها‪:5‬‬ ‫‪ -‬على المجتمع أن يقزرر كميزة اإلنتزاج ونوعيتزه مزن السزلع والخزدمات التزي تشزبع الحاجزات‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وهذا يعني توزيع الموارد على فروع اإلنتاج المختلفة مما يؤدي إلى تحديد حجزم‬ ‫كزززل فزززر ع مزززن فزززروع اإلنتزززاج‪ ،‬وتختلزززف وسزززيلة اتخزززاذ هزززذه القزززرارات بزززاختالف النظزززام‬ ‫االقتصادي‪.‬‬ ‫‪ -‬على المجتمع أن يقرر تحديد الكيفية التي سيتم بهزا اإلنتزاج واختيزار أنسزب الطزرق إلنتزاج‬ ‫السلع والخدمات المقررة‪.‬‬ ‫‪ 5‬معين أمين السيد‪ ،‬مدخل إلى االقتصاد في ظل المتغيرات االقتصادية العالمية الحالية‪ ،2010 ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪ -‬على المجتمزع أن يعمزل علزى زيزادة مقدرتزه علزى اإلنتزاج فزي المسزتقبل‪ ،‬ويتطلزب ذلزك أن‬ ‫يقرر إلى أي حد يضحي باالستهالك الحالي‪ ،‬ويوفر قدرا من اإلنتزاج بغزرض اسزتعماله فزي‬ ‫إقامة مشروعات جديدة قادرة على إنتاج قدر إضافي من السلع في المستقبل‪.‬‬ ‫‪ -‬على المجتمع أن يحدد الوسيلة التي تحقق له االستغالل األمثل إلمكاناته اإلنتاجية‪ ،‬وتبزرز‬ ‫أهميززة هززذا الجانززب نتيجززة تبززاين المجتمعززات مززن حيززث مززدى تززوافر المززوارد واإلمكانززات‬ ‫اإلنتاجية فيها كما ونوعا‪.‬‬ ‫‪ -‬على المجتمع أن يقرر كيفية توزيع اإلنتاج على الذين شاركوا في العملية اإلنتاجية‪.‬‬ ‫ويكززون النشززاط اإلنسززاني نشززاطا اقتصززاديا عنززدما يسززعى إلززى مقاومززة النززدرة النسززبية‬ ‫للموارد‪ ،6‬وتقوم كل حياة اقتصادية فزي مختلزف الزنظم االقتصزادية المعروفزة‪ ،‬علزى الوجزود‬ ‫المتالزم لإلنسان واألشياء‪ ،‬فاإلنسان يحس بحاجات متعددة يجد إشباعها فزي الخيزرات التزي‬ ‫تقدمها له الطبيعة‪ ،‬ويستعمل من أجل ذلك النشاط االقتصادي‪.‬‬ ‫تبدأ المشكلة االقتصادية في الظهور في الحالة التي يجد اإلنسان نفسه أمام عزدد كبيزر‬ ‫من الحاجات المتزايزدة والمتجزددة (مزواد غذائيزة‪ ،‬لبزاس‪ ،‬مسزكن‪ ،‬وسزائل اتصزال ‪ )...‬مقابزل‬ ‫ندرة و قلة الوسائل والموارد الالزمة لتلبية تلك الحاجيات‪.‬فالحاجات االقتصزادية ال حصزر‬ ‫لها‪ ،‬وكلما وصل اإلنسان إلى تلبية بعضها إال وظهرت حاجيات من نوع آخر‪ ،‬وهي تختلف‬ ‫باختالف المستوى االقتصادي للفرد والمجتمع‪.‬‬ ‫وتعتبززر المشززكلة االقتصززادية أحززد العوامززل الرئيسززية فززي ظهززور الصززراع السياسززي‬ ‫بالمجتمعززات‪ ،‬وكززذلك فكززرة قيززام التنظززيم السياسززي (الدولززة)‪ ،‬ضززمن أهززم وظززائف السززلطة‬ ‫السياسية بالدولة هي التوزيع العادل للثروات الطبيعية‪.‬‬ ‫مختار طلبة‪ ،‬مقدمة في المشكلة االقتصادية‪ ،‬مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح‪ ،‬القاهرة‪ ،2007 ،‬ص ‪.2‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪ -4‬عناصر الملالة االقتصادية‪ :‬إذا اتفقنا بأن المشكلة االقتصادية تكمزن فزي نزدرة المزوارد‬ ‫قياسا بالحاجات‪.‬وعلى افتراض أن الموارد محدودة وأن الحاجات متعددة ومتزايدة‪ ،‬وعليه‬ ‫يمكزززن القزززول بزززأن المشزززكلة االقتصزززادية تتكزززون مزززن عنصزززرين أساسزززيين‪ ،‬همزززا‪ :‬الحاجزززات‬ ‫والموارد‪.‬‬ ‫‪ -1-4‬الحاجات اإلقتصادية‪ :‬تعرف الحاجة االقتصادية بأنها حالة نفسية تعكس الرغبة في‬ ‫الحصول على وسائل الزمة لبقاء وحفظ حياة اإلنسان‪.‬‬ ‫وتنقسم الحاجة إلى ثالثة عناصر أساسية‪:‬‬ ‫‪ -‬اإلحساس باأللم وعدم االرتياح (الجوع‪ ،‬العطش‪ ،‬المرض‪ ،‬البرد‪ ،‬البطالة ‪.)...‬‬ ‫‪ -‬الرغبة بمعرفة وسيلة القضاء على األلم‪.‬‬ ‫‪ -‬الرغبة في استخدام هذه الوسيلة إلزالة اإلحساس باأللم‪.‬‬ ‫وتتّسم الحاجات االقتصادية بمجموعة من الخصائص يمكن إجمالها‪ ،‬في‪:‬‬ ‫‪ -1-1-4‬قابلية اإلشباع‪ :‬إذا كانت الحاجة هي الشعور بالضيق أو األلم‪ ،‬فهذا اإلحساس‬ ‫تتراوح حدّته ونوعه وفقا ً لظروف الحال‪ ،‬وتق ّل حدّة هذا الشعور إذا أشبع اإلنسان حاجاته‪،‬‬ ‫فكلما استرسل في اإلشباع تناقصت حدة األلم حتى يتالشى أو يزول كل ضيق و ألم على‬ ‫األقل في حدود الفترة الواحدة‪ ،‬وهذا ما يعبر عنه علم االقتصاد بظاهرة تناقص المنفعة‬ ‫الحدية‪.‬‬ ‫‪ -2-1-4‬ال نهائية الحاجيات‪ :‬إن الحاجات التي يسعى اإلنسان إلى إشباعها اليوم ليست‬ ‫هي التي كانت باألمس‪ ،‬وهذه الخاصية هي انعكاس لضرورات حيوية أو نفسية وهي أيضا ً‬ ‫تعبير عن أوضاع اجتماعية تحكمها ظروف الزمان والمكان التي يشعر بها اإلنسان في‬ ‫‪28‬‬ ‫مجتمع متمدن‪ ،‬أو بتعبير آخر فإن حاجات األجداد تختلف عن حاجاتنا وبالطبع فإن حاجاتنا‬ ‫تختلف عن حاجات األحفاد‪.‬‬ ‫‪ -2-4‬الموارد االقتصادية‪ :‬والمقصود بها كل الوسائل المتاحة لإلنسان من موارد و‬ ‫خيرات طبيعية‪ ،‬والتي يستعملها في تلبية حاجاته‪ ،‬لذلك كانت الوسائل التي يمتلكها اإلنسان‬ ‫إلشباع حاجاته محدودة دائماُ‪ ،‬بمعنى أن اإلنسان يعيش في عالم ندرة‪.‬‬ ‫ويرتبط وجود الموارد االقتصادية بوجود شروط أساسية منها‪:‬‬ ‫‪ -‬البدّ من استجابة المادة المعنية لحاجة بشرية‪ ،‬حيث أن هناك مواد غير صالحة‬ ‫لالستعمال‪.‬‬ ‫‪ -‬يجب أن تتوافر في الشيء النفعية أي قابليته إلشباع حاجة أو رغبة بطريقة مباشرة أو‬ ‫غير مباشرة‪ ،‬والمنفعة ليست صفة مطلقة بل هي صفة نسبية تتوقف على ظروف الحال‪.‬‬ ‫‪ -‬ال تعتبر الموارد خيرات اقتصادية إال إذا كانت موجودة بقدر محدود بالنسبة لحاجات‬ ‫اإلنسان‪ ،‬حيث هناك في الطبيعة خيرات تستجيب لحاجات معينة ولكنها موجودة بكثرة‪،‬‬ ‫لذلك فالموارد االقتصادية تعتبر محدودة الكمية وذلك على العكس من الحاجات اإلنسانية‪،‬‬ ‫فهي إذن ال تكفي إلشباع حاجات جميع األفراد‪.‬ولهذا فإنها تعدّ نادرة نسبياً‪ ،‬أي بالنسبة إلى‬ ‫الحاجات التي يمكن أن تسهم في إشباعها‪ ،‬م ّما يؤدي إلى ضرورة االقتصاد في استعمالها‪.‬‬ ‫‪29‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬الطلب واالستهالك‬ ‫‪ -1‬االستهالك ومحدداته‪:‬‬ ‫‪ -1-1‬تعريف االستهالك‪ :‬هو استخدام السلع أو إتالفها وذلك من أجل إشباع حاجات أو‬ ‫رغبات معينة‪.‬ويعتبر االستهالك الغاية األساسية لكل النشاطات االقتصادية‪ ،‬واالستهالك‬ ‫له عالقة عضوية باإلنتاج حيث يت ّم مواجهة االستهالك (مقابلة) إما بالسلع التي تنتج في‬ ‫عرف كذلك بأنه "اإلنفاق على السلع والخدمات‬ ‫الوقت نفسه وإما ّ بما ت ّم إنتاجه من قبل‪.‬ويُ ّ‬ ‫يعرفه جون مينارد كينز‬ ‫المستخدمة في تلبية الحاجات والرغبات خالل فترة معيّنة"‪ ،‬كما ّ‬ ‫صة من دخل األسرة الذي لم يت ّم ادخاره"‪.‬‬ ‫بأنه "الح ّ‬ ‫واالستهالك ركن أساسي في النظام االقتصادي وفي تحريك النشاط االقتصادي إذ ّ‬ ‫أن‬ ‫االستثمارات وفرص العمل يتعلقان بحجم الطلب الكلّي على السلع والخدمات‪.‬‬ ‫ورغم أن العديد من االقتصاديين قد عالجوا موضوع االستهالك قبل كينز مثل ‪E.‬‬ ‫‪ Engel‬ومارشال ‪ A. Marshall‬و باريتو ‪ V. Pareto‬و بيغو ‪ A.C. Pigou‬وغيرهم‪،‬‬ ‫ولكن يبقى ما قدّمه كينز حول االستهالك متميزا ً من خالل طرحه لنظرية كاملة مترابطة‬ ‫صه كينز باهتمام كبير‬ ‫تتناول مختلف جوانب االقتصاد‪ ،‬ومن ضمنها االستهالك الذي خ ّ‬ ‫المحرك األساسي للعجلة‬ ‫ّ‬ ‫لدوره في تكوين الطلب الكلي للسلع والخدمات الذي يعتبره‬ ‫االقتصادية‪.‬‬ ‫‪ -2-1‬العوامل المؤثرة في االستهالك‪:‬‬ ‫‪ -1-2-1‬العوامل ذاتية‪ :‬ويتجلى أثر هذه العوامل في تحديد حجم االستهالك مقارنة‬ ‫بمستوى معين من الدخل‪ ،‬حيث تؤدي هذه العوامل إلى التأثير في قرار المستهلك المتعلق‬ ‫بكيفية تقسيم دخله بين اإلنفاق االستهالكي واالدخار‪ ،‬حيث أن اإلقالل من االستهالك ينطلق‬ ‫من دوافع ذاتية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪ -‬دافع الحيطة والحذر‪ :‬وهو الذي يؤدي بالفرد إلى تحديد الجزء من الدخل الذي يحتفظ به‬ ‫لمواجهة الحاالت الطارئة‪.‬‬ ‫‪ -‬دافع التبصر وبعد النظر‪ :‬وهو ما يجعل اإلنسان يدخر للمرض والشيخوخة‪.‬‬ ‫‪ -‬دافع اإلحتساب‪ :‬يخلق االستشعار بالحاجات المستقبلية‪.‬‬ ‫‪ -‬دافع تحسين المستوى المالي‪ :‬يجعل الفرد يقلّل من االستهالك في الحاضر ليستثمر ويزيد‬ ‫دخله في المستقبل‪.‬‬ ‫‪ -‬دافع االستقالل المالي‪ :‬يجعل الفرد يتعاطى الصفقات والمضاربات‪.‬‬ ‫‪ -‬دافع التوريث‪ :‬وهو أيضا يؤثر في سلوك اإلنفاق‪.‬‬ ‫‪ -‬دافع ال ّ‬ ‫شح وتجميع المال‪.‬‬ ‫‪ -2-2-1‬العوامل الموضوعية‪ :‬وهي متغيرات تنطلق من أسباب اقتصادية وتخلق‬ ‫بغض النظر عن المستوى‬ ‫ّ‬ ‫ضغوطا ً لزيادة درجة نزوع الفرد نحو االستهالك أو إنقاصها‬ ‫العام لدخله‪ ،‬ويندرج ضمن هذه العوامل متغيرات‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫‪ -‬الربح أو الخسارة الطارئة وغير المتوقعة في أصول رأسمالية يملكها المستهلك وال تؤثر‬ ‫في العادة في دخله المنتظم‪.‬‬ ‫‪ -‬تعديالت في التشريعات أو اإلجراءات الضريبية‪.‬‬ ‫‪ -‬تعديالت ملحوظة في المعدالت العامة للفوائد المصرفية‪.‬‬ ‫‪ -‬توقعات األفراد فيما يتعلق بمستوى دخولهم الحالية واحتماالت ارتفاعها أو انخفاضها‬ ‫مستقبالً‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬وعلى الرغم من أن الدخل المتاح للمستهلك هو العنصر األساسي الذي يتحدّد‬ ‫بموجب حجم اإلنفاق االستهالكي‪ ،‬فث ّمة عوامل أخرى تؤثر في مستوى اإلنفاق االستهالكي‬ ‫بشكل أو بآخر‪ ،‬مثل المعدالت العامة لألسعار السيما الفروق بين مستوى األسعار الجارية‬ ‫وتوقعات تبدّلها في المستقبل وطبيعة توزيع الدخل العام بين الفئات والشرائح االجتماعية‬ ‫المختلفة‪ ،‬معدالت الفوائد المصرفية السائدة أيضا ً من العوامل المؤثرة الطبيعة الديمغرافية‬ ‫‪31‬‬ ‫للبلد المعني (الزيادات السكانية‪ ،‬الفئات العمرية وأثر ذلك على األذواق و طبيعة السلع‬ ‫المطلوبة)‪ ،‬المستوى التقني والتكنولوجي السائد ومدى تطوره‪.‬‬ ‫‪ -2‬الطلب‪:‬‬ ‫‪ -1-2‬تعريف الطلب‪ :‬الطلب هو الكمية التي يكون المشترون على استعداد لشرائها عند‬ ‫‪7‬‬ ‫سعر معين وفي فترة زمنية معينة‪.‬‬ ‫من خالل هذا التعريف يتضح ّ‬ ‫بأن‪:‬‬ ‫المتكون من مجموع الطلبات الفردية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬الطلب يشير إلى الطلب الكلّي‬ ‫‪ -‬وجود الرغبة مصحوبة بالقوة الشرائية‪ ،‬فالرغبة وحدها غير كافية لحصول عملية‬ ‫الشراء ما لم تقترن بالقدرة الشرائية‪.‬‬ ‫‪ -‬إرتباط الكمية المطلوبة بمجموعة من التغيرات‪ ،‬من بينها‪ :‬السعر‪ ،‬الدخل‪ ،‬الزمن‪ ،‬أذواق‬ ‫المستهلكين‪ ،‬عدد المستهلكين‪ ،‬الدعاية‪ ،‬القرارات المتعلقة بالسلع األخرى المنافسة أو‬ ‫المك ّملة ‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫فإن دالة الطلب معقّدة وهي تابع لمجموعة من المتغيرات تدعى محدّدات‬ ‫وعليه‪ّ ،‬‬ ‫الطلب ويمكن كتابتها بهذا الشكل‪:‬‬ ‫‪𝑸𝑫 = ∱ (𝑷𝑿 , 𝑷𝒀 , 𝑷𝒁 , … … … … , 𝑹, 𝑻).‬‬ ‫‪7‬‬ ‫كساب علي‪ ،‬النظرية االقتصادية‪ :‬التحليل الجزئي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.60‬‬ ‫‪32‬‬ ‫وبالتالي لدراسة أثر هذه العوامل على الكمية المطلوبة نقوم بدراسة أثر عامل واحد‬ ‫فقط وافتراض ثبات العوامل األخرى وفق مبدأ تجربة الظاهرة (النظرية العلمية)‪.‬‬ ‫‪ -1-2‬قانون الطلب‪ :‬إذا افترضنا ثبات العوامل المحدّدة للطلب باستثناء سعر السلعة‬ ‫المدروسة‪ ،‬نجد أن هناك عالقة عكسية بين السعر والكمية المطلوبة‪ ،‬وتسمى هذه العالقة‬ ‫بقانون الطلب‪ ،‬حيث أنه كلما ارتفع السعر تنخفض الكمية المطلوبة (أو ما يطلق عليه‬ ‫انكماش الطلب)‪ ،‬وبالعكس كلما انخفض السعر ترتفع الكمية المطلوبة (أو ما يس ّمى تمدّد‬ ‫الطلب)‪ ،‬ويطلق االقتصاديون على أثر السعر في الكمية المطلوبة عبارة "تغير الطلب"‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬يمكن كتابة طلب المستهلك (الفرد) في حال اعتماد سعر السلعة المطلوبة فقط‬ ‫بالشكل اآلتي‪:‬‬ ‫) 𝑿𝑷( ∱ = 𝒊𝑫𝑸‬ ‫‪ ،i = 1, 2, 3 …… n‬حيث ‪ n‬يمثّل عدد الطلبات الفردية و 𝑿𝑷 سعر السلعة‬ ‫‪.X‬‬ ‫𝑛‬ ‫وعليه‪ ،‬يصبح الطلب السوقي بالشكل اآلتي‪𝑸𝑫𝒊 = ∑𝑖=1 ∱ (𝑷𝑿 ) = :‬‬ ‫) 𝑿𝑷( ∱‬ ‫‪PX‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪QX‬‬ ‫‪ -2-2‬تفسير دالة الطلب‪ :‬إن تفسير قانون الطلب الذي يتمثل في العالقة العكسية بين سعر‬ ‫السلعة والكمية المطلوبة‪ ،‬وبالتالي تبرير انحدار منحنى الطلب إلى األسفل يمكن إرجاعه‬ ‫إلى سببين رئيسيين هما‪ :‬أثر اإلحالل وأثر الدخل‪.‬‬ ‫‪ -1-2-2‬أثر اإلحالل‪ :‬عند انخفاض سعر سلعة معينة مع بقاء أسعار السلع المنافسة‬ ‫(البديلة) على حالها‪ ،‬فإن هذا يجعل من الساعة مح ّل الدراسة منافسة للسلع األخرى م ّما‬ ‫يزيد من الطلب عليها (تمدّد الطلب)‪ ،‬وفي المقابل فإن ارتفاع أسعار سلعة مع ثبات أسعار‬ ‫السلع البديلة يؤدي إلى انكماش الطلب عليها في حين تح ّل محلها السلع المنافسة لها‪.‬‬ ‫‪ -2-2-2‬أثر الدخل‪ :‬إن انخفاض سعر سلعة ما يؤدّي إلى زيادة القدرة الشرائية للمستهلك‬ ‫(مع بقاء الدخل اإلسمي ثابتا)‪ ،‬وبالتالي يزيد من شرائه للسلع ومن بينها السلعة مح ّل‬ ‫الدراسة وهذا ما يعبّر عنه بزيادة الدخل الحقيقي والعكس في حالة إرتفاع سعر السلعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن أثر ك ّل من الدخل واإلحالل هما سببان في انحدار منحنى الطلب‪ ،‬يضاف إلى ذلك‬ ‫بالنسبة لطلب السوق كون انخفاض أسعار السلعة يؤدّي إلى تمدّد طلب فئة الدخول‬ ‫المحدودة التي كانت تعجز عن شراء هذه السلعة عند مستويات السعر المرتفعة والعكس‬ ‫صحيح‪.‬‬ ‫‪ -3-2‬إستثناءات قانون الطلب‪:‬‬ ‫‪ -‬حالة توقع نقص إلى زيادة في عرض السلعة‪ :‬إذا توقع المستهلكون نقصا في عرض‬ ‫السلعة فيزيدون في طلبهم مما يؤدي إلى زيادة السعر‪ ،‬ويصاحب ذلك تمدد في الكمية‬ ‫المطلوبة والعكس صحيح‪.‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪ -‬توقع انخفاض أو ارتفاع سعر السلعة‪ :‬قد ينخفض السعر ويؤدّي هذا االنخفاض إلى‬ ‫مستمر في السعر م ّما يكسبهم فائض‬ ‫ّ‬ ‫اإلحجام عن الشراء نتيجة توقع المستهلكين النخفاض‬ ‫أكبر في المستقبل والعكس صحيح‪.‬‬ ‫‪ -‬رغبة بعض األفراد في شراء سلعة سعرها مرتفع بغرض إظهار المركز االجتماعي‪:‬‬ ‫ويتعلق األمر بالسيارات الفاخرة والبيوت الفارهة والمجوهرات الثمينة‪ ،‬وقد تمدّد فئة معينة‬ ‫طلبها على السلعة عالية الثمن اعتقادا منها بجودتها العالية‪.‬‬ ‫‪ -‬سلعة جفين‪ :‬الحظ االقتصادي اإلنجليزي (‪ )Robert Giffen‬أن االيرلنديين كانوا قد‬ ‫رفعوا استهالكهم من مادة البطاطا أثناء مجاعة سنة ‪ 1840‬رغم أن سعرها قد ارتفع‪.‬‬ ‫وعلى إثر ذلك سميت السلع التي يرتفع الطلب عليها برغم ارتفاع سعرها بسلع (‪،)Giffen‬‬ ‫حيث أن انخفاض القدرة الشرائية لألفراد يجعلهم يضحون باستهالكهم من السلع األخرى‬ ‫ويخصصون حصة أكبر من ميزانيتهم لشراء السلع األساسية‪ ،‬وبرغم أن سلع (‪)Giffen‬‬ ‫تعتبر سلع دنيا إال أن الطلب عليها هو دالة متزايدة بداللها سعرها‪.‬‬ ‫وتبقى هذه االستثناءات تشكل حاالت نادرة‪ ،‬حيث أن قانون الطلب السائد هو ذلك‬ ‫الذي يقضي بأن الطلب على السلعة يتناقص بارتفاع سعرها‪.‬‬ ‫‪ -4-2‬الطلب الالي (طلب السوق)‪ :‬الطلب الكلي في سوق ما هو مجموع الطلبات الفردية‪،‬‬ ‫أو هو مجموع طلبات المستهلكين األفراد‪ ،‬الذين يتكون منهم السوق‪ ،‬على سلعة معينة‬ ‫خالل فترة زمنية معينة‪.‬ويشتق جدول طلب السوق من جداول طلبات المستهلكين بجمع‬ ‫الكميات المطلوبة من السلعة لكل مستهلك عند مختلف األسعار خالل فترة زمنية معينة‪،‬‬ ‫كما يمكن اشتقاق منحنى السوق على أساس تجميع منحنيات طلب المستهلكين‪.‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪ -3‬محدّدات الطلب‪ :‬هناك جملة عوامل تؤثر في الكمية المطلوبة بخالف سعر السلعة محل‬ ‫الدراسة‪ ،‬وتنقسم هذه العوامل (المحدّدات) إلى عوامل كمية وأخرى نوعية (كيفية)‪ ،‬وتشمل‬ ‫الدخل‪ ،‬أذواق المستهلكين‪ ،‬عدد المستهلكين وأسعار السلع المنافسة والمك ّملة ‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫إذن‪ :‬إذا افترضنا ثبات سعر السلعة مح ّل الدراسة‪ ،‬فإن أي تغير في العوامل األخرى‬ ‫المحدّدة للطلب يؤدي إلى تغير في الكمية المطلوبة بالزيادة أو النقصان‪ ،‬ويطلق على هذا‬ ‫االرتفاع في الكميات المطلوبة نتيجة تغير العوامل األخرى مع بقاء سعر السلعة مح ّل‬ ‫الدراسة زيادة الطلب وفي الحالة العكسية نقصان (انخفاض) الطلب‪.‬‬ ‫‪PX‬‬ ‫‪QX‬‬ ‫ويمكن على ضوء هذا التغير في الطلب أن نفسره بالعوامل اآلتية‪:‬‬ ‫‪ -‬أذواق المستهلكين ورغباتهم‪ ،‬فإذا كان التغير في أذواق المستهلكين ورغباتهم لصالح‬ ‫السلعة فإن هذا يعني زيادة الطلب عليها عند نفس السعر والعكس‪ ،‬وجدير بالذكر أن هذا‬ ‫‪36‬‬ ‫العامل يتأثّر بدوره بالمنظومة الثقافية واالجتماعية السائدة وكذا سياسات اإلعالن والدعاية‬ ‫والتسويق‪.‬‬ ‫تطور عدد المستهلكين‪ :‬فإذا كان هناك أكثر من مستهلك فإن طلب السوق هو إجمالي‬ ‫‪ّ -‬‬ ‫طلبات المستهلكين في المجتمع‪ ،‬وبالتالي فإن أي زيادة في عدد المستهلكين سينعكس إيجابا‬ ‫على الطلبات والعكس بالعكس‪.‬‬ ‫‪ -‬توقعات المستهلكين‪ :‬عندما يتوقع المستهلكون فقدان سلة من السوق أو ارتفاع سعرها‬ ‫لسبب من األسباب فإن هذا التوقع يؤدي إلى زيادة الطلب ونقصانه يؤدي إلى نقصان‬ ‫الطلب‪.‬‬ ‫‪ -‬تغير دخول المستهلكين‪ :‬إن تغير دخول المستهلكين ارتفاعا يؤدي إلى زيادة الطلب‬ ‫والعكس بالعكس‪.‬‬ ‫‪ -‬أسعار السلع المنافسة أو المتكاملة‪ ،‬وفي هذا يمكن التمييز بين السلع في عالقتها ب?

Use Quizgecko on...
Browser
Browser