كل شيء على ما يرام - PDF
Document Details
Uploaded by LowRiskBoston
Rosary Sisters High School
محمد عبد الحليم عبد الله
Tags
Summary
This Arabic novel tells the story of a family experiencing poverty in a rural Egyptian village. The story follows the struggles of the father, who suffers from a recurring medical issue. He becomes involved in a crime motivated by desperation in an effort to provide for his family.
Full Transcript
**كل شيء على ما يرام -** محمد عبد الحليم عبد الله » رأيت الّذين تجتذبهم الأخطاء إليها وهم راغمون يحرصون كلّ الحرص على أن يجنّبوها سواهم من الأحباب متى استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. « وكانت هذه هي قصّتي مع أبويّ. قصّتي الّتي جعلتُ أستعيد أحداثها حلقة حلقة حتّى قطعها عليّ انفجار أعقبته طلقات مدافع رجفت...
**كل شيء على ما يرام -** محمد عبد الحليم عبد الله » رأيت الّذين تجتذبهم الأخطاء إليها وهم راغمون يحرصون كلّ الحرص على أن يجنّبوها سواهم من الأحباب متى استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. « وكانت هذه هي قصّتي مع أبويّ. قصّتي الّتي جعلتُ أستعيد أحداثها حلقة حلقة حتّى قطعها عليّ انفجار أعقبته طلقات مدافع رجفت بها الأرض وقعقعت(**القعقعة صوت الرّعد**) لها السّماء ثمّ تأهّبت الإسكندريّة بعدها لتقاسي ليلة من ليالي الهول في تلكم الحرب الأخيرة. \*\*\* أمّا نقطة البدء في القصّة فإنّها ترجع إلى خمسة عشر عامًا. ليلة أرّقني شيء لست أذكر كنهه(**سببُهُ - مصدرُهُ).** وكنت إذ ذاك غلامًا في العاشرة لأبوين ريفيين يجري بهما مركب الفقر في خضمّ الوجود (وسط الحياة) فلا تكاد شبكتهما تخرج بما يحفظ علينا الحياة. ووقعت عيناي اللّتان أثقلهما النّوم على منظر جاشت (**خافت -فزعت)** له نفسي في هذه اللّيلة. كان هناك على قبّة الفرن في الحجرة الخاوية مصباح بلا زجاجة مخنوق الأنفاس كأنّه يُحتضَر. يجثم (**يجلس**) بينه وبين الحائط وعاء من النّحاس مهبّب الظّاهر وكوز(**إ ناءٌ**) من الصّفيح، ويرتمي ظلّهما على الحائط القديم كالحًا (**باهتًا - قاتمًا**) قبيحًا يرتجف ارتجاف الذّبالة (**فتيلة السِّراج تُشعل فيها النارُ فتضيء**). وحصير مفروش\... افترشه صبيّان كنتُ أحدهما. ومن فوقنا غطاء غليظ من صوف الغنم ذو خطوط مستطيلة تخرّق في عدّة مواضع وكانت رجل أخي النّائم خارجة من أحد هذه الخروق. وحمّالة للثّياب هي حبل شُدّ إلى أحد الأركان عليها بعض خلقان(**ثياب بالية**) قديمة، وأشياء أُخرى لست أذكرها الآن\... وشيء أخير لم أنسه لأنّه أهمّ من كلّ ما رأيته\... ذلك هو شبح أمّي !! كانت متربّعة في جلستها كالّتي فرغت من الصّلاة رافعة وجهها إلى السّماء وكفّاها مبسوطتان تدعو وتبتهل. وكان دعاؤها متهدّجًا غامضًا معظمه همس لكنّه يبعث في القلب رهبة ومخاوف. ولعلّ أقوى سبب لما أحسسته من دعائها أنّني تلفّت فرأيت مكان أبي من الحجرة خاليًا وعرفت أنّ اللّيل قد تقدّم نحو الصّباح من تصايح الدّيكة على سطحنا وسطوح الجيران. وكان دعاؤها ينقطع بين الحين والحين حتّى إذا ما استأنفتْه بدا أنّه مخنوق بالدّمع ومنديل رأسها متأخّر إلى الوراء، حاسر متراجع، فهو على وشك السّقوط لولا أنّ الضفائر ممسكة به فبدت مكشوفة الرّأس كأنّها جزعة أو كأنّها موشكة على الصّراخ. وفي دعائها عبارة تتردّد كثيرًا كانت تطلب بها من الله السّتر. قلت بيني وبين نفسي وكنت **--**أحبّ أمّي ترى ما أصابك يا أمّاه؟! **--** ثمّ كفّت برهة عن الهمس ثمّ خرجت إلى ساحة الدّار كأنّما لتفتّش عن شيء فأتاحت لي فتحة الباب أن أسمع هواء الخريف الأرعن (**الأحمق، المتسرّع**) المتسابق وهو يعابث أعواد الحطب على أعالي الجدران. وعادت أمّي بعد ذلك واستأنفت ما كانت فيه. وعدت أنا إلى التّأمّل والاستغراق والتّفكير في الموقف ومراقبة الظّلال الدّاكنة على الجدار القديم وهي تتراقص بتراقص الذّبالة، وأنظر إلى رجل أخي الخارجة من الغطاء المخروق فأكتم ضحكة تراودني رأيتها غير منسجمة مع كآبة الواقع. وسمعتُ طرقة على الباب الخارجيّ أيقنت معها أنّ الموقف في طريقه إلى الوضوح وأنّ الغمّة(**الغموض ، أي أن الحقيقة قاربت على الظّهور)** قاربت أن تنكشف. وخرجت أمّي تتعثّر في أذيالها الطّويلة**(ترتدي ثوبًا طويلًا**) لتفتح، وانفرج باب القاعة مرّة أُخرى فتناهى**(وصل )** إلى سمعي أزيز الحطب ثمّ دخل الشّبحان من باب القاعة.. ثمّ أُغلق الباب.. ثمّ ارتجّت الأرض من رمي شيء ثقيل كأنّه حمل. ثمّ سمعت أنفاس الرّجل مضطربة مبهورة**(مندهشة**)**\...** ولم أستطع أن أتبيّن كلّ ما حولي بتفاصيله لأنّ المصباح انطفأ عند دخول الزّوجين وانفتاح الباب فتحة كاملة سمحت لهواء اللّيل أن يتدفّق نحو الدّاخل. وكانت أمّي تفتّش عن علبة الثّقاب فلم تهتدِ إلى مكانها، فسمعتها تهمس لأبي قائلة: لا داعي لهذا العناء.. ما عدنا بحاجة إلى النّور.. هل سننظم عقدًا؟!. لا. ولا نحن سنفرز ذهبًا ولا فضّة !! ولم يردّ عليها أبي بكلمة، لأنّ أنفاسه لم تعد سيرتها الأولى، وسعل مرّتين أو ثلاثًا قبل أن يطمئنّ ويخيّم علينا سكون كأنّه قطعة من الأبديّة. وصاح ديك في الخارج ومدّ صيحته في تأنّق (**عناية في الأداء- اتقان**) وإصرار كأنّما يؤكّد للنّاس أنّه رأى وجه النّهار فسمعت عندئذ أبي يتنهّد ويقول: **-** الحمد لله، وصلنا في الوقت المناسب. قالت أمّي: **-** هل يوجعك ظهرك؟ فأجاب: **-** قليلاً بالنّسبة لثقل الغرّارة (**وعاء كبير يوضع فيه الحبوب أو المحاصيل**) \... لم أكن آمل أن أعود بهذه السّرعة، لأنّ الرّوماتيزم قسا عليّ في الشّهر الأخير. قالت أمّي: **-** لم أفتر**(لم أتوقف**) لحظة واحدة منذ خروجك عن أن أطلب من الله السّتر، وأحمد الله، فقد استجاب. قال أبي وهو يغالب الضّحك: **-** شيء جميل. هذا هو نفس ما فعلته في الحقل وأنا أخلع (كيزان) الذّرة من الأعواد لأضعها في الغرّارة. كنت أطلب من الله السّتر أوّلاً والعفو ثانيًا. غير أننيّ كنت أخشى شيئًا واحدًا وأنا أطلب السّتر، وذلك هو أن يكون صاحب الحقل قد طلب من الله الطّلب نفسه، وأن يكون الله قد استجاب، فتقع الكارثة وأُضبط متلبّسًا بجريمة السّرقة. ثمّ شاع في جوّ الغرفة تنهّد ومصمصة**(هي صوت الإنسان الذي يمصّ شفتيه)** تدلّ على الأسف والاضطرار. وأخذت الأمور بعد ذلك تتضّح أمام بصيرتي وأنا مستلقٍ على ظهري تحت الغطاء القديم، فرجعت إلى المسألة من أوّلها: إنّ أبي عاجز منذ شهرين عن أن يحمل الفأس، لذلك فإنّ أحدًا من النّاس لا يستدعيه ليعمل في حقلة بالأجر، الرّوماتيزم المزمن مسيطر على ظهره\... في موضع الحزام تمامًا، فأقعده عن الكسب. ولمّا كانت البطون لا تعترف بعجز الأيدي عن تحصيل القوت فلا تكفّ عن الطّلب، فإنّ الرّجل لجأ آخر الأمر إلى أن يسطو على حقل غيره في ظلمة اللّيل. ولم يستطع الرّوماتيزم أن يقعده عن حمل غرّارة ثقيلة والسّير بها مسافة طويلة. قلت بيني وبين نفسي: كان أبي يسرق.. أجل كان يسرق.. مع أنّ السّرقة (عيب) بدليل أنّ شعبان والد زميلي مبارك سُجن، لأنّه سرق وكنّا نعيّر ابنه به إذا ما شرس علينا أو تكبّر واعتدى\... ثمّ\... ثمّ\...لفّني النّوم كما يلفّ بقيّة الأحياء. وفي ضحا اليوم التّالي رأيت أمّي تقشّر الذّرة بوجه باسر(**عابس**) وأعصاب هائجة. كانت كأنّها تجهّز ميتًا لا تجهّز طعامًا. وكنت أدنو منها وأنظر في عينيها، فلا أرى فيهما إلّا نقمة وثورة وتوقّعًا لمكروه. على أنّ ذلك كلّه لم يمنعنا عن الطّحن والخبز وأكل الحرام، لأنّ البطون لا تعترف بعجز الأيدي كما قلت لك. ولم أستيقظ في اللّيل مرّة أُخرى ولكنّني رأيت في النّهار ذُرة تُقشّر، فأيقنت أنّ أبي عاود السّطو لأنّه لا يزال عاجزًا عن حمل الفأس ولم يستدعه أحد، فمن أين تأتينا النّقود؟! وأخي صغير وأنا لا أساعد أبي، لأنّني في المدرسة ويتمنّى أبي أن أحفظ القرآن. وتشاجرتُ مع مبارك بن شعبان ليلة من اللّيالي فضربني، لأنّه أقوى منّي ثمّ فرّ إلى دارهم حتّى لا يدركه الثّأر، فدخلت على أبوَيّ صاخبًا وباكيًا، فلمّا سألاني ما خطبي قلت لهم: إنّ ابن \"الحرامي\" ضربني وجرى !. فأحسستُ أنّ أبي يسترضيني بالنّيابة عنه كأنّما يريد أن ينهي الموضوع. ولكنّ ثورتي كانت لا تزال حادّة مشبوبة (**ملتهبة**) فقلت صارخًا: **-** أليس أباه لصًّا.. ألم يسرق خروف علي المنواتي\... لهُ يوم! ولطمتني أمّي على خدّي فحملقت(**نظرت بشدّة** أو **حدّقت**) مستغربًا، ولكنّني أفقت! وسرعان ما ذكرت أنّ دارنا من زجاج وإنّ غاب ذلك عنّي. ثمّ ذكرت ليلة الأرق وما حدث فيها فأمسكت أنفاسي وكظمت غيظًا(**احتملت الغضب ولم أظهره**) يخالطه خزيّ حتّى سمعت أبي يقول وهو واضع كفّه على ظهره: **-** لا تعيّر أحدًا يا بنيّ\... فربّما عيّرت معذورًا. لكنّ الحوادث شاءت أن تُلقي عليَّ درسًا جديدًا، فلقد التقيت أنا ومبارك بن شعبان في ملعب مع الصّبيان بعد أسبوع كامل فما وقعت عيناه على حالتي حتّى ابتدرني(**بادرني بالحديث** أو **بدأ الحديث معي**) قائلاً: **-** أهلاً بابن أبو غرّارة. وضحك الصّبيان وفررت أنا أجري إلى الدّار. أمّا مغزى ذلك فإنّ أبي ضُبط متلبّسًا بالسّرقة وكان منظره في تلك اللّيلة يثير الضّحك والدّموع. فقد أبى صاحب الحقل إلّا أن يسوقه إلى المخفر وهو يحمل المسروق، فرأى النّاس رجلاً متألّـمًا خزيانًا باكيًا يمسك الغرّارة بيد، ويمسك موضع الألم من ظهره باليد الأُخرى، ويتلقّى اللّطمات والرّكلات والشّتمات بوجه صامت وقلب صابر. وقد رأيته أنا وأمّي وهم يستجوبونه. وكان الباشجاويش المحقّق يكبّ(**ينحني**) على المحضر برهة ليكتب جوابًا، ثمّ يرفع إليه وجهه من جديد فظًّا(**سيء الخلق- لا يُراعي مشاعر الآخرين**) غليظًا يستوي فيه شاربان قويّان بَدَوَا كأنّهما قطعة من وجهه. وكان أبي يجيب مرتجف الأوصال(**المفاصل**). ولست أنسى قوله يومئذ للمحقّق \"أعمِل إيه\... كنّا جائعين\"، ثمّ نظر خلفه حيث كنت أنا وأمّي على مقربة منه. وخُيّل إليّ أنّ معداتنا نحن الثّلاثة همّت بأن تنطق شاهدة بالصّدق، وكنت أسأل نفسي بين لحظة وأُخرى: ألم يشعر هذا الباشجاويش بالجوع مرّة في عمره.. لكن \"وهو ماله؟!\". ثمّ لقي أبي النّهاية المحتومة الّتي يلقاها كلّ خارج عن القوانين الموضوعة. لكن إقامتنا في القرية أصبحت عسيرة لأنّنا أحسسنا أنّنا فقدنا شيئًا تتعذّر الحياة بدونه\... ذلك هو الشّرف. وأقدمت أمّي على عمل حاسم، فإنّها رحلت بنا إلى الإسكندريّة حيث بعض أقاربها هناك. ونجح مسعاها فاشتغلَتْ خادمة في أحد المستشفيات، وودّعنا القرية في غياب أبي حتّى إذا ما قضى مدّة الحبس لحق بنا في الإسكندريّة. وألفيناه متعبًا مكدودًا(**متعبًا-مرهقًا)** وبقي كذلك فترة من الزّمن ثمّ زاول في المدينة عملاً لا يحتاج إلى تعلّم\... عملاً قريبًا من حفر الأرض، أو حمل الفأس وإن كان وظيفة \"مدير\".. يدير معصرة قصب في أحد الدّكاكين ويلبس \"مريلة\" على الجلباب\"، ويرفعه عن الأرض قبقاب عالٍ، ويستعمل المكنسة بين آن وآن ينقل الأعواد قبل العصر وبعد العصر إلى داخل الدّكّان وخارج الدّكّان، ويحمل قدحًا من الشّاي أو الحلبة المغلاة إلى صاحب المحلّ من المقهى المجاور. وجعل أبواي بعد هذه الحادثة يلقوننا أنّ الجوع خير من السّرقة، وأنّ الشّرف أغلى من الذّهب، وأنّ الوِقفة أمام \"الحكّام\" تهدّ الكيان وأنّ (الشّريف) يخرج من كلّ مكان إلّا من السّجن، ولو دخله وهو شريف. وتعرّضت حياتنا بعد ذلك لأزمات عولجت بالصّبّر أو بالإقراض أو بالفرار من الأزمة بتأجيل حلّها حتّى تعرّضت أنا نفسي لنفس التّجربة، فأخذتُ أستعيد كلّ ما قصصته عليك.. حتّى قطع على أفكاري انفجار أعقبته طلقات مدافع، ثمّ تأهبت الإسكندريّة بعدها لتقاسي ليلة من ليالي الهول. وكان أبي طريح الفراش والأُسرة في حاجة إلى أشياء كثيرة.. وكنت وحدي في المحلّ التّجاريّ الّذي أعمل فيه بعد أن تركني صاحبه أوّل الليلة لثقته، ولحاجة عرضت له، وكلّ شيء أمامي، حتّى المال. واستبدّ بي الأمر وضيّقت الحاجة عليَّ الخناق، وبدأت أقتنع أنّ البطون لا تعترف بعجز الأيدي، وأنّه لا بدّ من الإقدام. ولشدّة ما تغيّرت بعد ذلك فكرتي عن الموضوع. أنزلت نصف الباب ووقفت في بقيّة الفتحة أرعى الأمانة وقد خُيّل إليّ أنّ لصوصًا عديدين سيهاجمون المحلّ، وأنّ من حقّ صاحبه عليّ أن أدفع عنه أيدي الواغلين(**المعتدين)**. واستولت عليّ الفكرة، فعجبت لنفسي إذ رأيت فيها شابًّا يحرس المال من غيره، ثمّ لا يدفع عنه عدوان يده، فخجلت. وغابت عنّي كلّ الصّور إلّا صورة واحدة.. صورة رجل يمسك غرّارة بيد ويمسك موضع الألم من ظهره باليد الأُخرى، وهو مسوق إلى مخفر الشّرطة. ثمّ صورة أسرة هاجرت من القرية، لأنّها فقدت شيئًا تعذّرت عليهم الحياة بدونه، فتنهّدت. وكانت الفرقعة قد كفّت منذ مدّة وأُطلقت صفّارة الأمان، فأضيئت الأنوار. ودخلتُ إلى المحلّ، وجعلتُ أتلفّت في كلّ صوب لأطمئنّ على ما فيه، ومضت برهة رأيت بعدها صاحب المال واقفًا على العتبة وهو يسأل مخلصًا آمنا: **-** هل كلّ شيء على ما يرام يا صديقي؟ فأجبتُ باعتزاز الشّرفاء: **-** أجل.. أجل.. كلّ شيء على ما يرام. **كل شيء على ما يرام -** محمد عبد الحليم عبد الله -العنوان: \"**كلّ شيء على ما يرام**\" هو عنوان دالّ على مضمون القصة، فالعنوان يشير إلى النتيجة الّتي وصل إليها الابن في النهاية، وهي أنّ كلّ شيء على ما يرام. وقد وصل إلى هذه النتيجة بعد أن مرّ بالعديد من التّجارب الصّعبة، بما في ذلك تجربة والده الّذي سُجن بسبب السّرقة. وقد تعلّم الابن من هذه التّجربة أنّ السّرقة ليست حلاً، وأنّ الإنسان الشّريف يرفض السّرقة حتّى في ظلّ الظّروف الصّعبة،أي يلخّص العنوان الدّرس الأخلاقي الذي تقدّمه القصّة، وهو أنّ الحياة تكون \"على ما يرام\" عندما نتمسك بقيمنا الأخلاقية. الشّخصيات: - الشّخصيات الرّئيسية: الأب، الأم، الابن(الرّاوي). - الشّخصيات الثانوية: صاحب الحقل، الباشجاويش المحقق، صاحب المحل التجاري - الشّخصيات الرّئيسية في القصة: -الأب: رجل فقير، طيّب القلب، يعمل في حقل أحد المزارعين، لكنّه يصاب بمرض الروماتيزم الذي يمنعه من العمل، يضطر للسرقة لإطعام أسرته. \- الأم: امرأة طيبة القلب، قوية وشجاعة، تقف بجانب زوجها وأولادها، وتعمل جاهدة لتوفير لقمة العيش لأسرتها. -الابن (الرّاوي): شخصية محورية يروي قصة والده، وهو طفل في العاشرة من عمره، يشهد على معاناة أسرته ويتعلّم منها الكثير. \- **الشّخصيات الثانوية في القصة:** - صاحب الحقل: هو الّذي ساق الأب إلى المخفر، وهو يحمل المسروق (الغرارة)، ورفضَ مسامحته. - صاحب المحلّ التجاري: هو الرّجل الذي يملكُ محلّاً تجاريًّا في الاسكندرية يعمل فيه الابن (الرّاوي). - المحقّق: شخص سيء الخلق، لا يُراعي مشاعر الآخرين، وهو الّذي قام باستجواب الأب والحكم عليه. - مبارك بن شعبان: هو ابن لص سخر من الرّاوي بسبب سرقة والده. \- المكان والزّمان: - **المكان:** قرية ريفية في مصر، ثمّ مدينة الإسكندرية. - **الزّمان:** الفترة الّتي تدور فيها أحداث القصة غير محدّدة، لكن يمكن تقديرها بأنّها فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية. أحداث القصة: تدور أحداث القصة حول أسرة فقيرة تعيش في قرية ريفية. الأب مريضّ يعمل في حقل أحد المزارعين، لكنّه يُصاب بمرض الرّوماتيزم الّذي يمنعه من العمل، لذا تضطر الأسرة إلى العيش على ما يجده الأب من عمل متقطّع، وفي بعض الأحيان يلجأ إلى السّرقة من أجل تأمين قوت عائلته، يتم القبض على الأب متلبسًا بالسّرقة ويُساق إلى مركز الشرطة، ويُحكم عليه بالسّجن، فأثرت هذه الحادثة على حياته وحياة أسرته. تقرر الأم الانتقال بالأسرة إلى الإسكندرية هربًا من العار، الأم تعمل كخادمة، والأب يجد عملاً بسيطًا بعد خروجه من السجن، حيث يعمل في معصرة قصب في أحد الدّكاكين، لكنّه لا يجد فيه ما يكفي لإعالة أسرته. بعد سنوات، يواجه الراوي إغراء السّرقة أثناء عمله في محل تجاري، من أجل مساعدة أسرته. يتذكر الرّاوي تجربة والده المؤلمة ويقرّر عدم السّرقة، ويرى أنّ السّرقة ليست الحلّ، وأن المال الحرام لن يجلب السّعادة، لذلك يرفض الابن السّرقة ويحافظ على الأمانة، ويشعر بالفخر لأنه تجنّب السّرقة، فتنتهي القصة بسؤال صاحب المتجر للابن عمّا إذا كان كل شيء على ما يرام. أي ارادَ أن يطمئن على محلّه بعد أن تعرّضت المدينة للقصف الشّديد ونُهبت محالّ تجاريّة، لذا سأل صاحب المتجر متلهّفًا إذا كان كلّ شيء على ما يرام. يجيب الابن باعتزاز لصاحب المحل أنّ \"كل شيء على ما يرام\"، مشيرًا إلى انتصاره الأخلاقي. **الأحداث الرئيسية في قصة \"كل شيء على ما يرام\":** القيم التي تطرحها القصة: 1\. \*\*الأمانة والشّرف فوق كل اعتبار\*\*: رغم الظروف الصّعبة، يجب الحفاظ على القيم الأخلاقية. الراوي اختار الأمانة رغم حاجته الشّديدة للمال. 2\. \*\*تأثير التربية الأخلاقية\*\*: تجربة الأب وتعاليم الوالدين كان لها أثر كبير في قرار الابن الأخلاقي. 3\. \*\*الفقر لا يبرر السرقة\*\*: رغم صعوبة الحياة، يوضّح الكاتب أنّ السّرقة، ليست حلاً مقبولاً للفقر. 4\. \*\*قوة الذّكريات في توجيه السّلوك\*\*: ذكرى معاناة الأب، منعت الابن من ارتكاب نفس الخطأ. 5\. \*\*الكرامة أهم من المال\*\*: فقدان الشّرف جعل الأسرة تترك قريتها، مما يؤكّد أهمية الكرامة. 6\. \*\*التعلّم من أخطاء الآخرين\*\*: الابن تعلم من تجربة والده المؤلمة، دون الحاجة لتكرارها. 7\. \*\*الصّبر على الشّدائد\*\*: الأسرة واجهت صعوبات كثيرة بالصبر، والعمل الشّريف. 8\. \*\*أهمية التفكير قبل التصرّف\*\*: تأمّل الراوي في عواقب السّرقة قبل اتخاذ قراره. 9\. \*\*قيمة العمل الشريف\*\*: رغم صعوبة عمل الأب في المدينة، إلّا أنّه كان شريفًا ومحترمًا. 10\. \*\*المسؤولية تجاه الآخرين\*\*: شعور الرّاوي بالمسؤولية تجاه صاحب المحل، منعه من خيانة الأمانة. الأسلوب الأدبي: تتميّز القصة بأسلوبها البسيط والمباشر، واستخدامها للغة العربية الفصحى، **الأساليب الفنية البارزة في القصّة تشمل**: 1\. السّرد بضمير المتكلم: يروي الكاتب القصة من وجهة نظر الابن، مما يجعل القارئ يشعر بقرب شديد من الأحداث والمشاعر. 2\. الاسترجاع (الفلاش باك): يستخدم الكاتب تقنية العودة إلى الماضي، لسرد أحداث الطفولة وتجربة الأب. 3\. الوصف الدّقيق: يصف الكاتب المشاهد والشّخصيات بتفاصيل حيّة، ممّا يساعد القارئ على تخيّل الأحداث بوضوح. 4\. الحوار: يستخدم الكاتب الحوار، لتطوير الشّخصيات وإظهار التفاعلات بينها. 5\. التشبيهات والاستعارات: يستخدم الكاتب الصور البلاغية، لتعميق المعنى وإثراء النص. 6\. الرّمزية: يستخدم الكاتب بعض العناصر كرموز لمعانٍ أعمق، مثل \"الغرارة\" كرمز للحاجة والفقر. 7\. اللغة العربية الفصحى: يستخدم الكاتب لغة فصيحة سهلة الفهم، مع بعض المفردات المحلية لإضفاء الواقعية. 8\. المونولوج الدّاخلي: يكشف الكاتب عن أفكار ومشاعر الشّخصيات الدّاخلية، خاصة الرّاوي.