القضاء الإداري والفصل في المنازعات الإدارية في دولة قطر PDF
Document Details
Uploaded by FuturisticSamarium
جامعة قطر
حسن بن عبدالرحيم البوهاشم السيد
Tags
Related
Summary
This document is a study on administrative law and dispute resolution in Qatar, analyzing its development from a comparative perspective. It examines the foundations of administrative law in Qatar, tracing its origins and evolution alongside various legal frameworks enforced during different eras. The document emphasizes the concept of legitimacy and the role of judicial oversight in administrative actions.
Full Transcript
اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري، واﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻗطر )دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( أ.د.ﺣﺳن ﺑن ﻋﺑداﻟرﺣﯾم اﻟﺑوھﺎﺷم اﻟﺳﯾد أﺳﺗﺎذ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗطر 1 ...
اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري، واﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻗطر )دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( أ.د.ﺣﺳن ﺑن ﻋﺑداﻟرﺣﯾم اﻟﺑوھﺎﺷم اﻟﺳﯾد أﺳﺗﺎذ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗطر 1 اﻟﻣﻘدﻣﺔ: اﻟﺣﻣد رب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن ،واﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﯾر اﻟﻣرﺳﻠﯾن ،ﻧﺑﻲ اﻟﮭدى ﻣﺣﻣد ،اﻟﺻﺎدق اﻷﻣﯾن، وﻋﻠﻰ آﻟﮫ أﺻﺣﺎﺑﮫ وﻣن ﺳﻠك ﺳﺑﯾﻠﮫ واھﺗدى ﺑﮭداه إﻟﻰ ﯾوم اﻟدﯾن.أﻣﺎ ﺑﻌد،، ﻓﻘد طرﻗت دوﻟﺔ ﻗطر ﺑداﯾﺎت ﺗﻧظﯾﻣﮭﺎ اﻹداري ﺑُﻌﯾد ﺗﺻدﯾر اﻟﺑﺗرول ﻓﻲ ﻋﺎم ،1949وذﻟك ﺑﺈﻧﺷﺎء ﺑﻌض اﻹدارات اﻟﻣﺣدودة ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﺧﻣﺳﯾﻧﯾﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﻛﻘوة ﺷرطﺔ ﻗطر ،وداﺋرة اﻟﻣﻌﺎرف ،وداﺋرة اﻟﺟﻣﺎرك ،وداﺋرة اﻟﻣﯾﺎه ،وداﺋرة اﻟﻛﮭرﺑﺎء ،وداﺋرة اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ.ھذه اﻟﻧﺷﺄة اﻷوﻟﯾﺔ اﻟﺑﺳﯾطﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﻌﻘدة ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻗطر ،اﻟﺗﻲ ﻓرﺿﺗﮭﺎ ظروف اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺳﻠم ﺗطور واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺣﻘﺑﺔ اﻟزﻣﻧﯾﺔ ،أﻋﻘﺑﺗﮭﺎ ﺧطوات وﻣراﺣل أﺳﺎﺳﯾﺔ وﺟوھرﯾﺔ ﻓﻲ ُ اﻟﺟﮭﺎز اﻟﺣﻛوﻣﻲ واﻹداري ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ.وﻟﻌل ﻣن أﺑرزھﺎ ﺻدور اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ) (1ﻟﺳﻧﺔ 1962 ﺑﺗﻧظﯾم اﻹدارة اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻸداة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ،اﻟذي أﻧﺷﺄ إدارة ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ ﺗﻛون ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ھﯾﺋﺔ ﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﮭﺎ.ﺛم ﺗﻠﻰ ذﻟك إﻧﺷﺎء أول ﻣﺟﻠس ﻟﻠوزراء ﻗﺑﯾل اﺳﺗﻘﻼل ﻗطر ،وذﻟك ﺑﻣوﺟب اﻟﻧظﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟﻣؤﻗت ﻓﻲ ﻋﺎم - 1970أول وﺛﯾﻘﺔ دﺳﺗورﯾﺔ ﻣﻘﻧﻧﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ -اﻟذي ﻧص ﻋﻠﻰ اﻟوزارات اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﻟف ﻣﻧﮭﺎ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧون ﯾﺻدر ﻟﯾﺣدد ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟوزراء وﯾُﻌ ّﯾن اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟوزارات واﻷﺟﮭزة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻷﺧرى.ھذه اﻟﺧطوات اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟﮭﺎز اﻟﺣﻛوﻣﻲ واﻹداري ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻗطر اﻟﺗﻲ ﺑﻧﯾت ﻋﻠﻰ ﻋواﻣل ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻣﺗﻌددة ،أﻋﻘﺑﺗﮭﺎ ﺑﻼ ﺷك ﺧطوات أﺧرى ﻛﺛﯾرة وﺗﺷرﯾﻌﺎت ﻋدﯾدة ﺗﺑﻧﺗﮭﺎ اﻟدوﻟﺔ ﺗدرﯾﺟﯾًﺎ ﻟﺗطوﯾر اﻟﻌﻣل اﻹداري ﻓﯾﮭﺎ، ﺣﯾث اﺗﺳﻌت ﻓﯾﮭﺎ أﻧﺷطﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺗﻌددت أﺟﮭزﺗﮭﺎ ،وﺗﺿﺧم ﻋدد اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﯾﮭﺎ ،واﻟﻣﺗﻌﺎﻣﻠﯾن ﻣﻌﮭﺎ. إن ھذا اﻟوﺟود ﻟﻠﻣراﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟدول واﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﯾﺗوﻟد ﻋﻧﮫ ﺑداھﺔً ﻧزاﻋﺎت ﺗﻧﺷﺄ ﻣن ﻋﻼﻗﺔ اﻹدارة ﺑﻣوظﻔﯾﮭﺎ ﻣن ﺟﺎﻧب ،وﻣن ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﺎﻵﺧرﯾن ﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر ،ﻧﺎھﯾك ﻋن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻋﻣﺎل واﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻋن اﻹدارة ﺑﺷﻛل إرادي أو ﻏﯾر إرادي ﺗﻛون ﺳﺑﺑًﺎ ﻟﻧزاع أو 2 ً وﺗﻌزﯾزا ﻟﻣﺑدأ ﻟﺧﺻوﻣﺔ.ھذه اﻟﻧزاﻋﺎت ﺗﺗطﻠب ﺑﻼ رﯾب ﺟﮭﺔ ﺗﻔﺻل ﻓﯾﮭﺎ ،ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻷﻓراد، اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ. وﺗﺗﻌدد أﻧواع اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ أداء اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻷﻋﻣﺎﻟﮭﺎ وﺗﺻرﻓﺎﺗﮭﺎ ،ﻓﻣن أھﻣﮭﺎ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،واﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ ،واﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﺎﺷرھﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ.وھذا اﻟﻧوع اﻷﺧﯾر ﻣن اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﯾﻌد أﻛﺛر ﺟدﯾﺔ وﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ﻣن ﻏﯾرھﺎ اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻔﻘد ﻓﺎﻋﻠﯾﺗﮭﺎ أو ﺗﻘل أھﻣﯾﺗﮭﺎ ﺑﺳﺑب ﺗدﺧﻼت ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،أو ﻣراﻋﺎة ﻻﻋﺗﺑﺎرات ﻣﻌﯾﻧﺔ ،أو رﻓض اﻹدارة اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺧطﺄ أو اﻻھﻣﺎل.ﻓﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺗﻣﺎرﺳﮭﺎ اﻟﻣﺣﺎﻛم ﺑﺎﺳﺗﻘﻼل ﺗﺎم ،ﻟﯾس ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺳﻠطﺎن ،وﻟﯾس ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎﺋﮭﺎ ﺗﺄﺛﯾر إﻻ اﻟﻘﺎﻧون. واﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻗد ﺗﺄﺧذ ﺻورة اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد ،ﺣﯾث ﯾوﻛل ﻟذات اﻟﮭﯾﺋﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف أﻧواع اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ، اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻗد ﺗﺄﺧذ ﺻورة اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣزدوج ،إذ ﺗﻧﺷﺄ ھﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗﺧﺗص ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ،ﺗﻛون ﺑﺟوار اﻟﮭﯾﺋﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ. ودوﻟﺔ ﻗطر ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺑدء اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري ﻓﯾﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﻌرف اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري إﻻ ﺑﻌد ﺻدور اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ) (7ﻟﺳﻧﺔ 2007ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ،وإن ﻛﺎن ﻗد ﺳﺑﻖ ذﻟك ﺗﻘرﯾر اﻟﻣﺷرع ﻟﻠﻣﺣﺎﻛم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘود اﻹدارﯾﺔ ،وﻗﯾﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺑﻌض اﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﻣﺣدودة ،اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﻛﺗب ﻟﮭﺎ اﻟﻧﺟﺎح ،ﻟﺑﺳط رﻗﺎﺑﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ. وﻗد ﺗﺑﻧﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﻘطري ﺻورة اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد ،إذ أﻧﺷﺄ ﻓﻲ ذات اﻟﮭﯾﺋﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ داﺋرة إدارﯾﺔ أو أﻛﺛر ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻻﺑﺗداﺋﯾﺔ ،وداﺋرة إدارﯾﺔ اﺳﺗﺋﻧﺎﻓﯾﺔ ﺑﻣﺣﻛﻣﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف.ﻛﻣﺎ ﺣدد اﻟﻣﺷرع اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟداﺋرة اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر ،ﻓﻛﺎن ﻣﻧﮭﺎ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣوظﻔﯾن ﺳواء ﺻﻧﻔت ﺿﻣن دﻋﺎوى اﻟﺗﺳوﯾﺔ أو دﻋﺎوى اﻹﻟﻐﺎء ،واﻟطﻠﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘدﻣﮭﺎ اﻷﺷﺧﺎص اﻟطﺑﯾﻌﯾون واﻟﻣﻌﻧوﯾون ﺑﺈﻟﻐﺎء اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ اﻟﻧﮭﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدا ﻣﺎ اﺳﺗﺛﻧﺎه اﻟﻣﺷرع، 3 وطﻠﺑﺎت اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﻘرارات اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،وﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻘود اﻹدارﯾﺔ.ﻛﻣﺎ ﺿﺎ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟداﺋرة اﻹدارﯾﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎﻓﯾﺔ. ﺣدد أﯾ ً ﻓﻲ ھذا اﻟﻛﺗﺎب ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎ ﻗﺿﺎء إﻟﻐﺎء اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻧﺎط اﻟدﻋوى، وﺷروطﮭﺎ ،وأﺳﺑﺎب اﻟطﻌن ﻓﻲ اﻟﻘرار اﻹداري ،ﺛم اﻟﺣﻛم ﻓﻲ دﻋوى اﻹﻟﻐﺎء.وذﻟك ﻓﻲ ﺳﺗﺔ ﻣﺑﺎﺣث.ﺧﺻﺻﻧﺎ اﻟﻣﺑﺣﺛﯾن اﻷول واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ ﻟﻠﺗﻣﮭﯾد واﻻﻧطﻼق ،إذ ﯾﺗﻌﻠﻘﺎن ﺑﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ، وﺗﺣدﯾد ﻧوع اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻹدارة ،وﻧﺷﺄة اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻗطر واﻟﻣﺳﺎر اﻟذي ﺳﻠﻛﮫ اﻟﻣﺷرع اﻟﻘطري ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻹدارة.أﻣﺎ اﻟﻣﺑﺎﺣث اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ ﻓﺗﻧﺎوﻟت اﻟﻘرار اﻹداري ﻛﻣﻧﺎط ﻟدﻋوى اﻹﻟﻐﺎء ،ﺛم ﺗﻌرﺿت ﻟﺷروط ﺻﺣﺔ اﻟدﻋوى ﻣن ﻣﺻﻠﺣﺔ وﻣﯾﻌﺎد، ﺛم ﺟﺎءت ﻋﻠﻰ أﺳﺑﺎب ﻋدم ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﻘرار اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻋدم اﻻﺧﺗﺻﺎص وﻋﯾب اﻟﺷﻛل واﻟﻣﺣل واﻟﺳﺑب واﻟﻐﺎﯾﺔ ،وھﻲ ﻋﯾوب إن ﺷﺎﺑت اﻟﻘرار اﻹداري ،ﻗﺿت اﻟداﺋرة اﻹدارﯾﺔ ﺑﺈﻟﻐﺎﺋﮫ.وﺧﺗﻣﻧﺎ ھذه اﻟﻣﺑﺎﺣث ﺑﺎﻟﻣﺑﺣث اﻟﺳﺎدس اﻟذي ﺗطرق ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ دﻋوى اﻹﻟﻐﺎء. إﻧﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎ ﻣوﺿوﻋﺎت ھذه اﻟﻣﺑﺎﺣث ،اﺳﺗﻧدﻧﺎ إﻟﻰ أﺣﻛﺎم وﻗواﻋد ﻗﺎﻧون اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ اﻟﻘطري ،و َﻧ َﮭ ْﻠﻧﺎ ﻣن ﻣﻌﯾن ﻗﺿﺎء ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻘطرﯾﺔ ،ﻏﯾر أﻧﮫ ﻟﻔﮭم اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﺳﺗدﻋت اﻟﺿرورة اﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻗﺿﺎء ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ وﻗﺿﺎء ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺻري ،وإﻟﻰ آراء اﻟﻔﻘﮫ ﻓﻲ ھﺎﺗﯾن اﻟدوﻟﺗﯾن ،ﻓﮭﻣﺎ اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻹداري ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ. وﻓﻲ ﺧﺗﺎم ھذه اﻟﻣﻘدﻣﺔ ،أﺳﺄل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،أن ﯾﻛون ﻓﻲ ھذا اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻔﺎﺋدة واﻟﻧﻔﻊ ﻟطﻠﺑﺔ اﻟﻌﻠم وأھل اﻟﻘﺎﻧون ،وأن ﯾﺟﻌﻠﮫ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣن اﻟﻌﻠم اﻟذي ﯾﻧﻔ ُﻊ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﯾوم ﯾﻧﻘطﻊ ﻋﻣﻠﮫ إﻻ ﻣن ﺛﻼث ،ﺻدﻗﺔ ﺟﺎرﯾﺔ وﻋﻠم ﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ،ووﻟد ﺻﺎﻟﺢ ﯾدﻋو ﻟﮫ. واﻟﺳﻼم. 4 اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ واﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻛﺿﻣﺎﻧﺔ ﻟﺗﻌزﯾزه اﻟﻣطﻠب اﻷول :ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ: ﻓﻲ ھذا اﻟﻣطﻠب ﺳوف ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻣﻔﮭوم ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ اﺑﺗدا ًء ،ﺛم ﻧﺗﻧﺎول ﻣﺎ ﻗد ﯾﺣد ﻧطﺎق ھذا اﻟﻣﺑدأ ﻣن اﺳﺗﺛﻧﺎءات ﺗرد ﻋﻠﯾﮫ. ً أوﻻ :ﻣﻔﮭوم ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ: درج اﻟﻔﻘﮫ ﻋﻧد ﺗﻧﺎول اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻋﻠﻰ ﺗﻧﺎول ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ وﺟﻌﻠﮫ اﻷﺳﺎس اﻟذي ﯾﻧطﻠﻖ ﻣﻧﮫ ﻟﺗﻧﺎول ﻣوﺿوﻋﺎﺗﮫ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وذﻟك ﻟﻛوﻧﮫ -وﺑﺣﻖ -اﻷﺳﺎس اﻟذي ﺗﺳﺗﻧد ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻛرة اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻣو ًﻣﺎ واﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺧﺻوص.وﯾﻌﻧﻲ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﺎه اﻟﻌﺎم ﺧﺿوع ﻋﺎ إن ﻛﺎن ﻣﺧﺎﻟﻔًﺎ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ،ﻓﺄي ﺗﺻرف ﺗﻘوم ﺑﮫ اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﯾﻛون ﻣﺷرو ً ﻟﻠﻘﺎﻧون ،أو ﻣﻧﺗﮭ ًﻛﺎ ﻷﺣﻛﺎﻣﮫ.ﻓﮭذه اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ھﻲ اﻹطﺎر اﻟذي ﺗﻣﺎرس ﻓﻲ ﻧطﺎﻗﮫ ﺳﻠطﺎت اﻟدوﻟﺔ أﻋﻣﺎﻟﮭﺎ ،ووﻓﻘًﺎ ﻟﮭﺎ ﺗﺣدد اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﮭﺎ وﺗُﺟﺎز ﺗﺻرﻓﺎﺗﮭﺎ.أﻣﺎ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل دراﺳﺗﻧﺎ ﻓﺈن اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﮫ ھﻲ اﻹدارة ،ﻓﻌدم اﻟﺗزاﻣﮭﺎ ﺑﮫ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻋدم ﻣﺷروﻋﯾﺔ ﺗﺻرﻓﺎﺗﮭﺎ ،وھو ﻣﺎ ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﺑطﻼﻧﮭﺎ ،واﻟذي ﯾﻛون ﺑﻼ رﯾب ﻣن ﺧﻼل ﺟﮭﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ ھذا اﻷﻣر وﺗﺣﻛم ﺑﮫ ،ﻛﻣﺎ ﺳوف ً ﺗﻔﺻﯾﻼ ﻓﻲ ھذه اﻟدارﺳﺔ. ﻧﺗﻧﺎوﻟﮫ وﻷھﻣﯾﺔ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻋﻣو ًﻣﺎ ﺟﺎءت اﻟﻣﺎدة ) (129ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟداﺋم ﻟدوﻟﺔ ﻗطر ﻟﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ أن "ﺳﯾﺎدة اﻟﻘﺎﻧون أﺳﺎس اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ".ﻛﻣﺎ ﺟﺎءت اﻟﻣﺎدة ) (57ﻣﻧﮫ ﻟﺗﻧص ﻋﻠﻰ أن اﺣﺗرام اﻟدﺳﺗور واﻻﻣﺗﺛﺎل ﻟﻠﻘواﻧﯾن اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﺟب ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ ﻣن ﯾﺳﻛن دوﻟﺔ ﻗطر أو ﯾﺣل ﺑﺈﻗﻠﯾﻣﮭﺎ.وﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎر ذاﺗﮫ ،ﻷھﻣﯾﺔ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﺑﺷﺄن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻧﺟد أﺳﺳﮫ ﻓﻲ ﺻﯾﻐﺔ اﻟﯾﻣﯾن اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﻟﻣن ﯾﺗوﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ وﻋﻠﻰ ﻗﻣﺗﮭﺎ ﺳﻣو 5 اﻷﻣﯾر ،ﺛم رﺋﯾس ﻣﺟﻠس اﻟوزراء واﻟوزراء ،اﻟﺗﻲ ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻟدﺳﺗور واﻟﻘﺎﻧون .1وﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻟوزراء ھم ﻣن ﯾﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ رأس اﻹدارة ،ﻛل ﻣﻧﮭم ﻓﻲ وزارﺗﮫ ،ﺟﺎءت اﻟﻣﺎدة ) (11ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ) (21ﻟﺳﻧﺔ 2004ﺑﺷﺄن اﻟوزراء ﻟﺗﻧص ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺣظور إﺗﯾﺎﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟوزراء وﻣن أﺑرزھﺎ "ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ أﺣﻛﺎم اﻟدﺳﺗور واﻟﻘﺎﻧون".وﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻣوظﻔﯾن اﻟﻌﻣوﻣﯾﯾن ھم ﻋﻣﺎل اﻹدارة ﺟﺎءت اﻟﻣﺎدة ) 1/(79ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ) (15ﻟﺳﻧﺔ 2016ﺑﺈﺻدار ﻗﺎﻧون اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣوظف "اﻻﻟﺗزام ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻠواﺋﺢ واﻟﻘرارات واﻟﻧظم اﻟﻣﻌﻣول ﺑﮭﺎ واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾﻘﮭﺎ" ،ﻛﻣﺎ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (80ﻣن ذات اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﯾﺣظر ﻋﻠﻰ اﻟﻣوظف "ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻠواﺋﺢ واﻟﻘرارات واﻟﻧظم اﻟﻣﻌﻣول ﺑﮭﺎ".ﺟﻣﯾﻊ ھذه اﻟﻣواد اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﺗؤﺳس ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ. ﺳﺎ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ،ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻣﻌﻧﺎه اﻟﻌﺎم ،ﻟﯾﻌﻧﻲ ﺟﻣﯾﻊ واﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﺗﺧﺿﻊ ﻟﮫ اﻹدارة ﺗﺄﺳﯾ ً اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻣﻛﺗوﺑﺔ أو ﻋرﻓﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﻛﺗوﺑﺔ ،أو ﻣﺎ اﺳﺗﺧﻠﺻﮫ اﻟﻘﺿﺎء ﻣن ﻣﺑﺎدئ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ،ﻓﻣﺻﺎدر ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ،ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ: -1اﻟﺗﺷرﯾﻊ :وھو ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﺟردة واﻟﻣﻠزﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻋن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ،وﯾﺷﻣل: أ( اﻟدﺳﺗور اﻟذي ﯾﺻدر ﻋن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺄﺳﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ؛ ب( واﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎدي اﻟذي ﯾﺻدر ﻋن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻓﯾﮭﺎ؛ ت( واﻟﻠواﺋﺢ واﻟﻘرارات اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻋن ﺳﻠطﺗﮭﺎ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ. وﯾﻌد اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﺻدر اﻷول واﻷوﺳﻊ ﻧطﺎﻗًﺎ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻟﻣﺎ ﯾﻣﺗﺎز ﺑﮫ ﻣن دﻗﺔ وﺗﺣدﯾد ،وﻟﻣﺎ ﯾﺿﻔﯾﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﺷﺗراط اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻟﻧﺷر ﻣن اﺗﺳﺎع ﻋﻠم اﻟﺧﺎﺿﻌﯾن ﻟﮫ ﺑﮫ.واﺣﺗرام اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﺗﻘﯾد ﺑﻘواﻋده طﺎﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺳﺎرﯾﺔ ﻧﺎﻓذة ﻟم ﺗﻠﻎ أو ﺗﻌدل ،ﯾﺣﻘﻖ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ،ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻧظﺎم 1اﻧطر ﻓﻲ ﺻﯾﻐﺔ ﻗﺳم اﻷﻣﯾر اﻟﻣﺎدة ) (75ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟداﺋم ،وﻓﻲ ﺻﯾﻐﺔ ﻗﺳم وﻟﻲ اﻟﻌﮭد اﻟﻣﺎدة ) (10ﻣن اﻟدﺳﺗور ،وﺑﺷﺄن ﻧﺎﺋب اﻷﻣﯾر ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (13ﻋﻠﻰ ان ﯾؤدي ذات اﻟﯾﻣﯾن اﻟﺗﻲ ﯾؤدﯾﮭﺎ وﻟﻲ اﻟﻌﮭد ،وﻓﻲ ﺻﯾﻐﺔ ﻗﺳم رﺋﯾس ﻣﺟﻠس اﻟوزراء واﻟوزراء اﻧظر اﻟﻣﺎدة ) (119ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟداﺋم ﻟدوﻟﺔ ﻗطر. 6 اﻟﺣﻛم اﻟذي ﺗﺗﺑﻧﺎه اﻟدوﻟﺔ ،دﯾﻣﻘراطﯾًﺎ ﻛﺎن أو ﻏﯾر دﯾﻣﻘراطﻲ.وإن ﻛﺎﻧت اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﻓﻲ ھذا اﻟﻧظﺎم ﻋرﺿﺔ ﻟﻠﺗﻌدﯾل واﻟﺗﻐﯾﯾر ﻟﺗواﻓﻖ رﻏﺑﺎت اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ،ﻏﯾر أن اﻻﻟﺗزام ﺑﺗﺷرﯾﻌﺎت ﻋﺎﻣﺔ وﻣﺟردة وﺿﻌت ﻣﺳﺑﻘًﺎ واﻟﺗﻘﯾد ﺑﺄﺣﻛﺎﻣﮭﺎ طﺎﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻧﺎﻓذة ،ﯾﺣﻘﻖ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ.وﻋﻠﯾﮫ ﺳواء ﺻدرت ھذه اﻟﻘواﻧﯾن ﻋن اﻟﺣﺎﻛم ذاﺗﮫ ،أو ﻣﺟﻠس ﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻣﻌﯾن ﻣن ﻗﺑﻠﮫ ،أو ﻣن ﺑرﻟﻣﺎن ﻣﻧﺗﺧب ﻣن ﻗﺑل اﻟﺷﻌب ،ﻓﺈن اﻟﺗﻘﯾد ﺑﮭﺎ ﯾﺣﻘﻖ ھذا اﻟﻣﺻدر ﻣن ﻣﺻﺎدر ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ.وﺑﺗطﺑﯾﻖ ذﻟك ﻋﻠﻰ دوﻟﺔ ﻗطر ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻹدارة اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﻘواﻧﯾن ﺳواء ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺻدرت ﻓﻲ ظل اﻟدﺳﺗور اﻟداﺋم ﻟدوﻟﺔ ﻗطر ،أو ﻓﻲ ظل اﻟﻧظﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﻌدل طﺎﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺳﺎرﯾﺔ وﻟم ﺗﻠﻎ.وﺳواء ﺻدرت ﻗﺑل وﺟود ﻣﺟﻠس اﻟﺷورى اﻟﻘطري ،ﻛﺎﻟﻣرﺳوم ﺑﻘﺎﻧون رﻗم ) (5ﻟﺳﻧﺔ 1965ﺑﺷﺄن اﻟﺑطﺎﻗﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،2أو ﺻدرت ﻣن ﺧﻼل ﻣﺟﻠس اﻟﺷورى اﻟﻣﻌﯾن ) ،(2021 – 1972ﻛﺎﻟﻘﺎﻧون رﻗم ) (7ﻟﺳﻧﺔ 2007ﺑﺷﺄن اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ،أو ﺗﻠك اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺻدرت وﺳوف ﺗﺻدر ﻓﻲ ظل ﻣﺟﻠس اﻟﺷورى اﻟﻣﻧﺗﺧب ﻣﻧذ ﻋﺎم ،2021ﻛﺎﻟﻘﺎﻧون رﻗم ) (1ﻟﺳﻧﺔ 2022ﺑﺈﺻدار ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺄﻣﯾﻧﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ. -2اﻟﻌرف :وﻣن ﻣﺻﺎدر ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ أﯾ ً ﺿﺎ اﻟﻌرف ،إذ ﯾﺷﻣﻠﮫ اﺣﺗرام اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻣﻌﻧﺎه اﻟواﺳﻊ. واﻟﻌرف ھﻧﺎ ھو اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛوﻧت ﻣن اﻋﺗﯾﺎد اﻹدارة ﻋﻠﻰ ﺗﺻرف ﻣﺎ ،واطرادھﺎ ﻋﻠﯾﮫ ،واﻟﺷﻌور ﺑﺈﻟزاﻣﯾﺗﮫ وأﻧﮫ أﺻﺑﺢ ﻗﺎﻧو ًﻧﺎ واﺟب اﻻﺣﺗرام.وﻛﺎن اﻟﻌرف ھو اﻟﺳﺎﺋد ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،ﻏﯾر أن ﻧطﺎﻗﮫ ﻗد ﺿﺎق ﻣﻊ وﺟود اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻧﺗﺷﺎره ﻟﻣﺎ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﮫ ھذا اﻷﺧﯾر ﻣن وﺿوح وﺗﺣدﯾد ،3وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ،ظل ﻟﻠﻌرف أھﻣﯾﺗﮫ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﻧﺎوﻟﮫ اﻟﻘﺎﻧون ﻣن ﺗﻧظﯾم ،أو ﻋﻧد وﺟود ﻗﺎﻧون ﻣﻛﺗوب ﯾﻌﺗرﯾﮫ ﻧﻘص أو ﯾﺷوﺑﮫ ﻏﻣوض ،ﻓﯾﺄﺗﻲ اﻟﻌرف ﻟﯾﻛﻣل ﻧﻘﺻﮫ أو ﻟﯾﻔﺳر ﻏﻣوﺿﮫ.واﻟﻔﻘﮫ وإن ﺗﻘﺑل اﻟﻌرف اﻟﻣﻛﻣل واﻟﻌرف اﻟﻣﻔﺳر ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻻ ﯾﺄﺗﯾﺎن ﺑﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟف اﻟﺗﺷرﯾﻊ ،ﻏﯾر أن أﻏﻠب اﻟﻔﻘﮫ ﯾﻧﻛر اﻟﻌرف اﻟﻣﻌدل ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن إﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ 2ﺻدر ﻓﻲ 20ﺳﺑﺗﻣﺑر ،1965وﻧﺷر ﻓﻲ اﻟﻌدد اﻟراﺑﻊ ﻣن اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1ﯾﻧﺎﯾر .1966 3ﻣﺎﺟد راﻏب اﻟﺣﻠو ،اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ،ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،2004 ،ص.32 : 7 اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻟﻛوﻧﮫ ﯾﺄﺗﻲ ﻟﯾﺧﺎﻟف ﻗﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻧﺎﻓذة ﻟم ﺗﻠﻎ أو ﺗﻌدل وﻓﻖ اﻟطرق اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ﻹﻟﻐﺎء اﻟﺗﺷرﯾﻊ أو ﺗﻌدﯾﻠﮫ. -3اﻟﻘﺿﺎء :ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﺗﺳﺎع ﻧطﺎق اﻟﺗﺷرﯾﻊ وﺗﻧظﯾﻣﮫ ﻟﻛﺎﻓﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ، ووﺟود اﻟﻌرف إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺑﮫ ،ﻟﯾﻛﻣل ﻣﺎ ﯾﻌﺗرﯾﮫ ﻣن ﻧﻘص أو ﻟﯾوﺿﺢ ﻣﺎ ﯾﺷوﺑﮫ ﻣن ﻏﻣوض ،إﻻ أن ﺻﺎ ﺗﺷرﯾ ًﻌﺎ أو ﻋرﻓًﺎ ﯾﺣﻛم اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﮫ.ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻟﯾس اﻟﻘﺿﺎء ﻗد ﻻ ﯾﺟد ﻧ ً أﻣﺎﻣﮫ إﻻ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ روح اﻟﻘﺎﻧون أو ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺎت اﻟدﺳﺎﺗﯾر أو ﻓﻲ إﻋﻼﻧﺎت اﻟﺣﻘوق أو ﻓﻲ اﻷﺳس اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻧظﺎم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ،أو ﻓﻲ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ أو ﻣﺑﺎدئ اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻋﻣﺎ ﯾﺳﺗﻧد ﻋﻠﯾﮫ ﻟﺣل اﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﮫ، ﻣﻧﻛرا ﻟﻠﻌداﻟﺔ.ھذه اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﺧﻠﺻﮭﺎ اﻟﻘﺿﺎء وﯾﻘررھﺎ ﻓﻲ أﺣﻛﺎﻣﮫ ﻛﻣﺑﺎدئ، ً وإﻻ ﺳﯾﻛون ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﯾﺟد ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون أو اﻟﻌرف اﻟﻘﺎﻋدة اﻟواﺟﺑﺔ اﻟﺗطﺑﯾﻖ ،ﯾطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون، ﺿﺎ.وﻗد ﺳﺎرت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻘطرﯾﺔ وھو ﯾدرج ﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون واﺟب اﻻﺣﺗرام ﺑﻣﻌﻧﺎه اﻟواﺳﻊ أﯾ ً ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﮭﺞ ﻓﻲ اﺳﺗﺧﻼص اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻧد ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻘﺎﻧون ،وﻓﻲ ذﻟك ﺗﻘول" :أﻧﮫ وﻟﺋن ﻛﺎن اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون رﻗم )(15 ﻟﺳﻧﺔ 2016وﻻﺋﺣﺗﮫ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻟم ﯾﻠزﻣﺎ اﻟﺟﮭﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﻣﻧﺢ اﻟﻣوظف ﺷﮭﺎدة ﺑﺧﻠو طرﻓﮫ ﻋﻧد اﻧﺗﮭﺎء ﺧدﻣﺗﮫ ،إﻻ أن ﻗواﻋد اﻟﻌداﻟﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ ﻣﻧﺢ اﻟﻣوظف ﻋﻧد اﻧﺗﮭﺎء ﺧدﻣﺗﮫ ﺷﮭﺎدة ﺑﺧﻠو طرﻓﮫ ﻣﺑﯾ ًﻧﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣدة ﺧدﻣﺗﮫ وﻧوع اﻟﻌﻣل اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻘوم ﺑﮫ وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋده ﻓﻲ اﻻﻟﺗﺣﺎق ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﺟﮭﺔ أﺧرى.4 "..وھذه اﻟﻣﺑﺎدئ وإن ﻟم ﺗﻛن ﺗﺷرﯾﻌًﺎ إﻻ أن اﺳﺗﻘرار اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮭﺎ واﻟﺣﻛم ﺑﻣوﺟﺑﮭﺎ ﯾﺟﻌﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧون واﻗﻌﯾًﺎ ،ﺗﻠﺗزم اﻟﺟﮭﺎت اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﺣﺗراﻣﮭﺎ ،5وإﻻ ﺧﺳرت اﻟدﻋوى. 4ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻘطري ،اﻟطﻌن رﻗم 254ﻟﺳﻧﺔ ،2023ﺟﻠﺳﺔ 29ﻣﺎﯾو ،2023ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟدواﺋر اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺑﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ،اﻟﺳﻧﺔ ،19ص.144 : 5ﻣﺣﻣود ﻋﺎطف اﻟﺑﻧﺎ ،اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ،ﻟم ﯾذﻛر اﺳم دار اﻟﻧﺷر وﻻ ﻣﻛﺎن طﺑﻊ اﻟﻛﺗﺎب ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ،2009 ،ص: .24- 23 8 وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑﻖ ،ﻓﺈن ﻋدم اﻟﺗزام اﻹدارة ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻣﻌﻧﺎه اﻟواﺳﻊ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻋدم ﻋرﺿﺔ ﻟﻺﻟﻐﺎء وﺳﺑﺑًﺎ ﻟﻠﺗﻌوﯾض ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘﺿﺎء. ﻣﺷروﻋﯾﺔ ﺗﺻرﻓﺎﺗﮭﺎ ،وﺗﻛون ھذا اﻟﺗﺻرﻓﺎت ُ وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ،ﻓﺈن ھﻧﺎك اﺳﺗﺛﻧﺎءات ﺗرد ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ،ﻻ ﺗﺳﺄل اﻹدارة اﺳﺗﻧﺎدًا ﻟﮭﺎ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﮭﺎ اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون.وھذا ﻣﺎ ﺳوف ﻧﺗﻧﺎوﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﺛﺎﻧﯾًﺎ أدﻧﺎه. ﺛﺎﻧﯾًﺎ :ﻧطﺎق ﻣﺑدا اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ: اﻷﺻل ﻛﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ أن ﺗﺧﺿﻊ اﻹدارة ﻟﻠﻘﺎﻧون ،وأﻻ ﺗﻛون ﺗﺻرﻓﺎﺗﮭﺎ ﺑﻣﻧﺄى ﻋن رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ، ﻏﯾر أن ھذا اﻷﺻل ﻗد ﯾرد ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻌض اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ،ﻷﺳﺑﺎب ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ أو ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ.وﻣن أھم ھذه اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻛون اﻟﺗﺻرف ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﺳﯾﺎدة ،أو اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺗﺻرف ﻟﻣﺟﺎﺑﮭﺔ ظروف اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ،أو ﻛوﻧﮫ ﻣﻣﺎ ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺳﻠطﺔ اﻹدارة اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ.ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ھذه اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ،ﻓﺈن اﻟﻣﺷرع ﻗد ﯾﻘوم ﺑﺗﺣﺻﯾن ﺑﻌض اﻟﻘرارات ﺻراﺣﺔ وﯾﺑﻌدھﺎ ﻋن ﻧظر اﻟﻘﺿﺎء.ﺳوف ﻧﺗﻧﺎول ھﻧﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ وﻧظرﯾﺔ اﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ،وﻧرﺟﺊ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻛل ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﺳﯾﺎدة واﻟﺗﺣﺻﯾن اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻟﻠﻘرارات ﻟﻧﺗﻧﺎوﻟﮭﻣﺎ ﻋﻧد اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ اﻟﻣﺣﺻﻧﺔ ﻣن ﻧظر اﻟﻘﺿﺎء ﻻﺣﻘًﺎ. -1اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ: ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺗﻌزﯾز ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﺳﺑﻖ أن ﺑﯾﻧﺎ ،أن ﺗﺗﻘﯾد اﻹدارة ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون وﺗﺧﺿﻊ ﻷﺣﻛﺎﻣﮫ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﺗﺻرﻓﺎﺗﮭﺎ ،ﻏﯾر أن ھذا اﻟﻣﺑدأ ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﻣطﻠﻘًﺎ اﻟﺟﻣود اﻟذي ﯾﻌرض ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻹدارة ﻟﻠﺧطر أو ﯾﻌﯾﻖ ﺳﯾر اﻟﻣراﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎطراد واﻧﺗظﺎم ،ﺑل ھو ﻣﺑدأ ﯾﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣروﻧﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻟﻌﻣل اﻹدارة ،ﻟذا ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻣﺷرع ﻟﯾﻣﻧﺣﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ﻗدر ﻣن اﻟﺣرﯾﺔ ،ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ أن ﺗﺧﺗﺎر اﻟطرﯾﻖ اﻟذي ﺗﺳﻠﻛﮫ واﻟﻛﯾﻔﯾﺔ اﻷﻧﺳب اﻟﺗﻲ ﺗراھﺎ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ أﻋﻣﺎﻟﮭﺎ ،وھو ﻣﺎ ﯾطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ.ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ﻟﻺدارة ﺣرﯾﺔ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار أو اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﺗﺧﺎذه ،أو اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر ﻣﺿﻣون اﻟﻘرار ﻣن ﺑﯾن ﺧﯾﺎرات ﻣﺗﻌددة ،ﺗﺟده اﻷﻧﺳب واﻷﻛﺛر ﻣﻼﺋﻣﺔً ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ.أﻣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﯾﻛون أﻣﺎﻣﮭﺎ إﻻ اﺗﺑﺎع طرﯾﻖ واﺣد ﻓرﺿﮫ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻛون 9 ﻟﮭﺎ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار أو اﺗﺧﺎذ ﻗرار آﺧر ﻟﻠﺣﺎﻟﺔ اﻟواﻗﻌﯾﺔ أو اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ، ﻓﺗﻛون ﺳﻠطﺗﮭﺎ ﻣﻘﯾدة. وﻋﻠﯾﮫ ﻓﺈن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻘﯾدة ھﻲ اﻷﻛﺛر ﺗﺣﻘﯾﻘًﺎ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ،ﻷن اﻹدارة ﻻ ﯾﻛون أﻣﺎﻣﮭﺎ إﻻ ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺎ ﻓرﺿﮫ ﻋﯾﮭﺎ اﻟﻣﺷرع أو اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﻘﯾود اﻟﺗﻲ وﺿﻌﮭﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻧﺷﺎطﮭﺎ.ﻏﯾر أن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻌﻣل اﻹداري ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ﺗرك ﻣﺳﺎﺣﺔ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻺدارة ﺗدرس ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟواﻗﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﮭﮭﺎ واﻟظروف اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﮭﺎ وﺗﺧﺗﺎر اﻟﺣل اﻷﻧﺳب ﻟﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻘﻖ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ. وﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ،ﯾﻧدر أن ﯾﺻدر ﻋن اﻹدارة ﻗرار إداري ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ ﻣﻘﯾدة ﺑﺻﻔﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﻧﻌدم ﻣﻌﮫ أي ﻗدر ﻣن اﻟﺗﻘدﯾر ﯾﺗرﻛﮫ ﻟﮭﺎ اﻟﻣﺷرع ،ﻓﻛل ﻣن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻘﯾدة واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﺗرد ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻘرار .6ﻓﺈذا ﺟﺋﻧﺎ إﻟﻰ أرﻛﺎن اﻟﻘرار وھﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎص واﻟﺷﻛل واﻟﻣﺣل واﻟﺳﺑب واﻟﻐﺎﯾﺔ ،ﻧﺟد رﻛﻧﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎص واﻟﻐﺎﯾﺔ ھﻣﺎ ﻣن اﻷرﻛﺎن اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﺑﮭﻣﺎ ﺳﻠطﺔ اﻹدارة ﻣﻘﯾدة ،وﺗﻛون ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺎﺣﺗرام ﻗواﻋد اﻻﺧﺗﺻﺎص ،وﺑﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ، ً ﺑﺎطﻼ ﻗرارھﺎ إن ﻟم ﺗﻠﺗزم ﺑﮭﻣﺎ. أو اﻟﮭدف اﻟذي ﺧﺻﺻﮫ اﻟﻣﺷرع ﻟﻠﻘرار ،ﻓﯾﻘﻊ أﻣﺎ ﺑﺷﺄن رﻛن اﻟﺷﻛل ،ﻓﺎﻷﺻل أن اﻟﻣﺷرع ﻻ ﯾﻠزم اﻹدارة ﺑﺷﻛل ﻣﺣدد ﻟﻠﻘرار اﻟذي ﺗﺗﺧذه ،ﻓﯾﻛون ﻟﮭﺎ اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ أن ﯾﻛون ﺷﻔوﯾًﺎ أو ﻣﻛﺗوﺑًﺎ ،أو أن ﺗﺳﺑب ﻗرارھﺎ أو أن ﯾﺻدر دون ﺗﺳﺑﯾب ،أو ﺗﺳﺗﺷﯾر ﺟﮭﺔ أو ﻟﺟﻧﺔ ﻣﺎ ﻗﺑل اﺗﺧﺎذه ،أو ﺗﺻدره ﻣﺑﺎﺷرة دون ھذا اﻹﺟراء.وﻓﻲ ذﻟك ﺗﻘول ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻘطرﯾﺔ "أن اﻟﻘرار اﻟذي ﯾﺗﻌﯾن أن ﺗﻧﺻب ﻋﻠﯾﮫ دﻋوى اﻹﻟﻐﺎء – وﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﮫ ﻗﺎﻧو ًﻧﺎ وﻗﺿﺎء – ھو اﻓﺻﺎح اﻹدارة ﻓﻲ اﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﺗطﻠﺑﮫ اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻠواﺋﺢ ،وذﻟك ً وﺟﺎﺋزا ﻗﺎﻧو ًﻧﺎ اﺑﺗﻐﺎء ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وﻻ ﯾﻠزم ﺑﻘﺻد إﺣداث ﻣرﻛز ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣﻌﯾن ،ﯾﻛون ﻣﻣﻛ ًﻧﺎ ﺻدوره ﻓﻲ ﺻﯾﻐﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ أو ﺑﺷﻛل ﻣﻌﯾن؛ ﻓﮭو ﻗد ﯾﻛون ﺷﻔوﯾًﺎ أو ﻣﻛﺗوﺑًﺎ ،ﺻرﯾ ًﺣﺎ أو ﺿﻣﻧﯾًﺎ، 6ﻣﺣﻣود ﻋﺎطف اﻟﺑﻧﺎ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.28 – 27: 10 إﯾﺟﺎﺑﯾًﺎ أو ﺳﻠﺑﯾًﺎ.7 "..ﻏﯾر أﻧﮫ ﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر ،إن أﻟزم اﻟﻣﺷرع اﻹدارة ﺑﺷﻛل ﻣﺎ أو ﺑﺈﺟراءات ﻣﺣددة ﻻﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار ،ﻓﺈن ﺳﻠطﺎﺗﮭﺎ ﺗﺗﻘﯾد ﺑﻣﺎ ﯾﻠزﻣﮭﺎ ﺑﮫ اﻟﻣﺷرع ،وﺗﺧف وطﺄة ھذا اﻷﻣر إن ﻗدر اﻟﻘﺿﺎء إن ھذه اﻷﺷﻛﺎل أو اﻹﺟراءات ھﻲ أﺷﻛﺎل أو إﺟراءات ﺛﺎﻧوﯾﺔ أو ﻏﯾر ﺟوھرﯾﺔ. أﻣﺎ رﻛن اﻟﻣﺣل ﻓﻲ اﻟﻘرار وھو ﯾرﺗﺑط ﺑرﻛن اﻟﺳﺑب اﻟداﻓﻊ إﻟﯾﮫ ،ﻓﺈن ﻟﻺدارة ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗرك ﻟﮭﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ أﺳﺑﺎب ﻣﻌﯾﻧﺔ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺧﯾﺎر ﺑﯾن ﻋدة ﺣﻠول ،ﻓﺗﻘوم اﻹدارة ﺑﺗﺣدﯾد ﻣﺎ ﺗراه ﻣﻼﺋ ًﻣﺎ ﻣن ﺑﯾﻧﮭﺎ.ﻓﺎﻟﻣﺎدة ) (42ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺟﻣﻌﯾﺎت واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻘطري ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﯾﺟﯾز "ﻟﻠوزﯾر ﺣل اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ ﺑﻘرار ﻣﻧﮫ ﻓﻲ إﺣدى اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ: ﻋﺿوا. ً -1ﻧﻘص ﻋدد أﻋﺿﺎﺋﮭﺎ ﻋن ﻋﺷرﯾن -2ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ أﺣﻛﺎم ھذا اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻘرارات اﻟﺻﺎدرة ﺗﻧﻔﯾذًا ﻟﮫ ،أو اﻟﻧظﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺟﻣﻌﯾﺔ. -3اﻻﺷﺗﻐﺎل ﺑﺎﻷﻣور اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ. وﯾﺟوز ﻟﻠوزﯾرً ، ﺑدﻻ ﻣن ﺣل اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ ،ﺗوﺟﯾﮫ إﻧذار ﻟﻣﺟﻠس إدارﺗﮭﺎ ،أو إﯾﻘﺎﻓﮫ ﻋن اﻟﻌﻣل ،وﺗﻌﯾﯾن ﻣﺟﻠس إدارة ﻣؤﻗت ﻟﮭﺎ ،ﻟﻣدة ﻻ ﺗﺟﺎوز ﺳﻧﺔ ،إذا ﻛﺎن ذﻟك ﻣن ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾﺧدم اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﯾﺣﻘﻖ أﻏراض اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ.8 "... ﻓﻔﻲ ھذا اﻟﻣﺛﺎل ،ﻋﻧد ﺗﺣﻘﻖ ﺣﺎﻻت ﺣل اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ ﺗﻛون ﻟﻠوزﯾر ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ وﺗﻘرﯾر ﻣﺎ ﯾراه أﻓﺿل ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ إذ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﺧﺗﺎر إﻣﺎ ﺣل اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ أو ﺗوﺟﯾﮫ إﻧذار ﻟﻣﺟﻠس إدارﺗﮭﺎ ،أو إﯾﻘﺎف ﻣﺟﻠس اﻹدارة ﻋن اﻟﻌﻣل وﺗﻌﯾﯾن ﻣﺟﻠس ﻣؤﻗت ﻟﻠﺟﻣﻌﯾﺔ ﻟﻣدة ﻻ ﺗﺟﺎوز ﺳﻧﺔ. ھذا اﻟﻣﺛﺎل ﻗد ﺣدد ﺳﻠطﺔ اﻟوزﯾر اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ ﺛﻼث ﻣﺳﺎرات ،ﻏﯾر أن ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋﺎ. أﻣﺛﻠﺔ ﺗﻛون ﻓﯾﮭﺎ ﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾر أﻛﺛر اﺗﺳﺎ ً 7ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻘطرﯾﺔ ،اﻟطﻌن رﻗم 822ﻟﺳﻧﺔ ،2022ﺑﺟﻠﺳﺔ 23ﻣﺎﯾو .2022ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟدواﺋر اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺑﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ،اﻟﺳﻧﺔ ،18ص.204 : 8اﻟﻣرﺳوم ﺑﻘﺎﻧون رﻗم ) (21ﻟﺳﻧﺔ 202ﺑﺷﺄن اﻟﺟﻣﻌﯾﺎت واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﺻدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 7أﻛﺗوﺑر ،2020وﻧﺷر ﻓﻲ اﻟﻌدد 17ﻣن اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ. 11 ھذا وإن ﻛﺎﻧت ﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾر واﺿﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺛﺎل اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ﻓﺈن ﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾر ﻗد ﺗﺿﯾﻖ وﻟﻛن ﻻ ﺗﻧﻌدم ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺿﻊ اﻟﻣﺷرع ﻗواﻋد وﺷروط ﻣﺣددة ﯾﻠزم ﺑﮭﺎ اﻹدارة ،وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﻛم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻘطرﯾﺔ ،وﻛﺎﻧت إﺣدى اﻟﻣوظﻔﺎت ﻗد طﻌﻧت ﻓﻲ ﻗرار إداري ﺑﺎﻹﻟﻐﺎء ﻟﺗﺧطﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺗرﻗﯾﺔ ﻣن اﻟدرﺟﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ إﻟﻰ اﻟدرﺟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺳﻧد أﻧﮭﺎ ﺗﻌﻣل ﻣوظﻔﺔ وﻓوﺟﺋت ﺑﺗرﻗﯾﺔ زﻣﯾﻠﺗﮭﺎ رﻏم أﻧﮭﺎ أﺣدث ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻷﻗدﻣﯾﺔ ﻓﺗﻘدﻣت ﺑﺗظﻠم ﻣن ھذا اﻟﻘرار ،ﻏﯾر أﻧﮭﺎ أﺧطرت ﺑرﻓض اﻟﺗظﻠم، ﺿﺎ، ﻓﻘﺿت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻻﺑﺗداﺋﯾﺔ ﺑﺈﺟﺎﺑﺔ طﻠﺑﺎت اﻟﻣوظﻔﺔ ،وأﯾدت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ذﻟك اﻟﺣﻛم أﯾ ً ﻏﯾر ان ﺟﮭﺔ اﻹدارة طﻌﻧت ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم ﺑطرﯾﻖ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻋﻠﻰ ﺳﻧد أن اﻟزﻣﯾﻠﺔ اﻟﻣطﻌون ﺿدھﺎ اﻟﻣﻘﺎرن ﺑﮭﺎ ﺗم ﺗرﻗﯾﺗﮭﺎ ﻟﻠدرﺟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺗرﻗﯾﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ وﻣن ﺛم ﻻ ﯾﻌﺗد ﻓﯾﮭﺎ ﺑﻣﻌﯾﺎر اﻷﻗدﻣﯾﺔ.ﻓرأت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز أن ھذا اﻟﻧﻌﻲ ﺳدﯾد ،وذﻟك اﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،وﺗﻘول ﻓﻲ ذﻟك إذ "اﺷﺗرط اﻟﻣﺷرع اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺟﮭﺔ اﻹدارة ﻟﮭذه اﻟﺳﻠطﺔ، أن ﯾﻛون ﺗﻘﯾﯾم أداء اﻟﻣوظف ﻓﻲ اﻟﺗﻘرﯾرﯾن اﻷﺧﯾرﯾن ﺑدرﺟﺔ ﻣﻣﺗﺎز – وﻟﯾس ﻣﺟرد درﺟﺔ ﺟﯾد ﻛﺣﺎل اﻟﺗرﻗﯾﺔ ﺑﺎﻷﻗدﻣﯾﺔ – وأﻻ ﯾﻛون ﻗد ﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﺟزاء ﺗﺄدﯾﺑﻲ ﻟم ﯾﺗم ﻣﺣوه ﺑﻌد ،أو أﺳرف ﻓﻲ اﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻹﺟﺎزات ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻣﯾن اﻷﺧﯾرﯾن ﺗزﯾد ﻋﻠﻰ ﺧﻣﺳﺔ أﺷﮭر ،واﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﮭذه اﻟﻣﺛﺎﺑﺔ، ﺗﺗﺣﻠل ﺟﮭﺔ اﻹدارة ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﺷرطﻲ اﻷﻗدﻣﯾﺔ ،أو ﻗﺿﺎء اﻟﻣوظف ﻟﻛﺎﻣل اﻟﻣدة اﻟﺑﯾﻧﯾﺔ اﻟﻣﻘررة ﻟﻠﺗرﻗﯾﺔ ﻟﻠدرﺟﺔ اﻷﻋﻠﻰ ،ﻓﯾﺗرﺧص ﻟﮭﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺗﺧطﻲ اﻷﻗدم ،وﻻ ﺗﻧﺷﺊ ھذه اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺣﻘًﺎ ﻟﻸﻗدم ﻓﻲ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺗرﻗﯾﺗﮫ أﺳوة ﺑزﻣﯾﻠﮫ اﻟﻣرﻗﻰ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾًﺎ ،ﻓﮭﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻣﺣض ﺗﻘدﯾر ﺟﮭﺔ اﻹدارة ،وﻻ ﯾﺣدھﺎ ﻓﻲ ذﻟك إﻻ إﺳﺎءة اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺳﻠطﺗﮭﺎ أو ﺗﻧﻛﺑﮭﺎ ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم. ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ذﻟك ،وﻛﺎن اﻟواﻗﻊ ﻓﻲ اﻟدﻋوى أن اﻟﺧﺑﯾر اﻟﻣﻧدوب ﻓﻲ اﻟدﻋوى اﻧﺗﮭﻰ إﻟﻰ أﺣﻘﯾﺔ اﻟﻣطﻌون ﺿدھﺎ ﻓﻲ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻗد ﺣﺻﻠت ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾر ﻣﻣﺗﺎز ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻟﺛﻼث اﻷﺧﯾرة، ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺣﺻﻠت زﻣﯾﻠﺗﮭﺎ اﻟﻣﻘﺎرن ﺑﮭﺎ ،ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻣﻣﺗﺎز ﻓﻲ اﻟﺗﻘرﯾرﯾن اﻷﺧﯾرﯾن ﻓﻘط ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻣﺎ ﺳﺑﻘﺗﮭﺎ ﻛﺎن ﺑﺗﻘدﯾر ﺟﯾد ،وإذ ﻛﺎن اﻟﻣﻌول ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﺗﻘﯾم أداء اﻟﻣوظف ﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﺟﮭﺔ اﻹدارة ﺳﻠطﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﯾُﻛﺗﻔﻰ ﻓﯾﮫ ﺑﺎﻟﺗﻘرﯾرﯾن اﻷﺧﯾرﯾن ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن درﺟﺔ ﺗﻘﯾﯾم اﻷداء ﻓﻲ اﻟﺗﻘﺎرﯾر اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ ،وأن اﻧﺗﻘﺎء ﺟﮭﺔ اﻹدارة ﻷﺣد اﻟﻣوظﻔﯾن ﻻﺳﺗﺣﻘﺎق اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ،واﺧﺗﯾﺎره 12 ً ﺗﻣﯾزا وﻛﻔﺎءة ﻓﻲ أداء وظﯾﻔﺗﮫ دون ﺳواه ﻣن زﻣﻼﺋﮫ اﻷﻗدم ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟدرﺟﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره أﻛﺛر اﻟﻣﻧوطﺔ ﺑﮫ ،ھو ﻣن اﻟﻣﻼﺋﻣﺎت اﻟﻣﺗروﻛﺔ ﻟﺗﻘدﯾر ﺟﮭﺔ اﻹدارة ،ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺟﯾز ﻟﻠﻘﺿﺎء أن ﯾﺣل ﻣﺣﻠﮭﺎ ﻓﯾﮫ.9 "...ﻓﻔﻲ ھذا اﻟﻣﺛﺎل ﺗﺳﺎوت ﻛﻠﺗﺎ اﻟﻣوظﻔﺗﯾن ﻓﻲ ﺗﺣﻘﻖ ﺷروط ﻣﻧﺢ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﯾﮭﻣﺎ، وإﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﻣوظﻔﺔ اﻟﺗﻲ رﻓﻌت اﻟدﻋوى ﻗد ﺣﺻﻠت ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻧﺗﯾن ﺿﺎ ﺑﺧﻼف اﻟﻣوظﻔﺔ اﻟ ُﻣرﻗﺎة ،إﻻ اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻓﻲ ﺗﺣﻘﻖ ھذا اﻟﺷرط ھو اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺗﻘرﯾر ﻣﻣﺗﺎز أﯾ ً ﻋﻠﻰ ﻣﻣﺗﺎز ﻗﻲ آﺧر ﺳﻧﺗﯾن ﻓﻘط ،وﻋﻠﻰ ذﻟك رأت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز أن ﻗﯾﺎم ﺟﮭﺔ اﻹدارة ﺑﺎﻧﺗﻘﺎء أﺣد اﻟﻣوظﻔﯾن وﻣﻧﺣﮫ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ دون ﺳواه ﻣن اﻟزﻣﻼء اﻷﻗدم ﻓﻲ اﻟدرﺟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره أﻛﺛر ً ﺗﻣﯾزا ھو ﻣن اﻟﻣﻼﺋﻣﺎت اﻟﻣﺗروﻛﺔ ﻟﺗﻘدﯾر ﺟﮭﺔ اﻹدارة طﺎﻟﻣﺎ ﺗواﻓرت ﻓﯾﮫ ﺷروط اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ. -2ﻧظرﯾﺔ اﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ: ﺗوﺿﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﺗﻧظم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟﻣراﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟظروف اﻟﻌﺎدﯾﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب، ﻏﯾر أﻧﮫ ﻗد ﯾطرأ ظرف اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ ﻛﺣﺎﻟﺔ ﺣرب ،أو ﻛﺎرﺛﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ أو ﺗﻔﺷﻲ وﺑﺎء ،ﻓﺗﻌﺟز اﻹدارة ﻋن ﻣواﺟﮭﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻌﺎدﯾﺔ أو دون اﻟﺧروج ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺳﺎرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ.وﻋﻠﻰ ذﻟك أﻧﺷﺄ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺑﻣوﺟﺑﮭﺎ ﺗﻌد ﺑﻌض أﻋﻣﺎل ً أﻋﻣﺎﻻ ﻣﺷروﻋﺔ ،إن ﻛﺎﻧت اﻹدارة واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺻﻧف ﻓﻲ اﻟظروف اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻣن اﻹﻋﻣﺎل اﻟﻣﺷروﻋﺔ، ﻻزﻣﺔ ﻟﻠﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم أو دوام اﺳﺗﻣرار ﺳﯾر اﻟﻣراﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻧﺗظﺎم واﺿطراد.وﻗد ﺳﺎر اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﺻري ﻓﻲ ذات اﺗﺟﺎه ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﻓﻲ ﺗﻘرﯾر ﺣرﯾﺔ اﻹدارة ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻣﺎ ﯾﻠزم اﺗﺧﺎذه ﻣن إﺟراءات وﻗرارات ﻗد ﺗﻛون ﻏﯾر ﻣﺷروﻋﺔ ﻓﻲ اﻟظروف اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻟﻣواﺟﮭﺔ اﻟﺧطر اﻟذي ﯾﮭدد اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،أو ﺳﯾر اﻟﻣراﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ .10 9ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻘطرﯾﺔ ،اﻟطﻌن رﻗم 153ﻟﺳﻧﺔ ،2021ﺑﺟﻠﺳﺔ 26ﻣﺎﯾو .2021ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟدواﺋر اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺑﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ،اﻟﺳﻧﺔ ،17ص.114- 113 : 10ﻣﺎﺟد راﻏب اﻟﺣﻠو ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.47 : 13 وﻟﻼﻋﺗداد ﺑﺎﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ واﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﯾﮭﺎ ﻛﺳﺑب ﻹﺟﺎزة اﻟﺧروج ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻓﻲ ھذه اﻟﻔﺗرة اﻟزﻣﻧﯾﺔ ،ﻓﯾﻠزم ﺗﺣﻘﻖ ﺛﻼﺛﺔ ﺷروط أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺑﺷﺄﻧﮭﺎ ،ھﻲ: -ﻗﯾﺎم ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة أو اﻟظرف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ اﻟذي ﯾﺑرر اﻟﺧروج ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ. -ﻗﺻور اﻟوﺳﺎﺋل واﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻋن ﻣواﺟﮭﺔ اﻟظرف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ ودرء اﻟﺧطر. -ﻋدم ﺗﺟﺎوز اﻹﺟراء اﻟﻣﺗﺧذ ﻣن اﻹدارة اﻟﻘدر اﻟﺿروري اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻣواﺟﮭﺔ اﻟظرف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ ﻟﻠﺗﻐﻠب ﻋﻠﯾﮫ. وﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻔﻘﮫ ﯾرى أن ﻋدم اﻟﺗﻘﯾد ﺑﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﺑﺳﺑب اﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﯾﺟب إﻻ ﯾﺗﺟﺎوز ﻋﯾوب اﻻﺧﺗﺻﺎص واﻟﺷﻛل واﻟﻣﺣل ،دون ﻋﯾب اﻟﺳﺑب واﻟﻐﺎﯾﺔ.ذﻟك أن ﺳﺑب اﻟﻘرار ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع ھو ﺗﺣﻘﻖ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟواﻗﻌﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟظرف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ ،واﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن ھذا اﻟﻘرار ھو ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺗﻔﺎدي أو درء اﻟﺧطر اﻟذي ﯾﮭد اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم أو ﺳﯾر اﻟﻣراﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ .11 وأﺧﯾرا ،ﯾﺟدر اﻟﺗﺄﻛﯾد ﺑﺄن ﻧظرﯾﺔ اﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ وإن ﻛﺎن ﻣﻧﺷﺄھﺎ اﻟﻘﺿﺎء إﻻ أن ً اﻟﻣﺷرع ﺗﺑﻧﺎھﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟدول ﺑﺎﻟﺗﻧظﯾم واﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ،ﻓﯾظم اﻟدﺳﺗور أو اﻟﻘﺎﻧون ﻗواﻋدًا وأﺣﻛﺎ ًﻣﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻣواﺟﮭﺔ اﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ،وﻋﻠﯾﮫ ﯾﺟد اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻧص اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ اﻟذي ﯾﺳﺗﻧد ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﺧﺗﺻﺎﺻﮫ ﺑﺷﺄن أﻋﻣﺎل اﻹدارة اﻟﻣﺗﺧذة وﻓﻘًﺎ ﻟﮭذه اﻟظروف.إﻻ أﻧﮫ ﺗﺑﻘﻰ ﻟﻧظرﯾﺔ اﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ أھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻟﻣواﺟﮭﺔ ﻣﺎ ﻟم ﺗﻧظﻣﮫ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﮭﺎ. اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻹدارة: ﻣﻘﺗﺻرا ﻋﻠﻰ ﻋدد ﻣﺣدود ﻣن اﻹدارات ً ﻟم ﯾﻌد ﻧﺷﺎط اﻹدارة ﺑﺳﯾ ً طﺎ ﻏﯾر ﻣﻌﻘد ،وﻟم ﯾﻌد ھﯾﻛﻠﮭﺎ واﻟﻣوظﻔﯾن ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﻟدوﻟﺔ ﻗطر ﻓﻲ ﻓﺗرة اﻟﺧﻣﺳﯾﻧﯾﺎت واﻟﺳﺗﯾﻧﯾﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﺑل ﺗﻌددت أﺟﮭزﺗﮭﺎ وﺗﻧوﻋت اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﮭﺎ واﺗﺳﻌت داﺋرة اﻟﻣﺗﻌﺎﻣﻠﯾن ﻣﻌﮭﺎ. 11ﻣﺎﺟد راﻏب اﻟﺣﻠو ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.50 – 49 : 14 وﻟﻛون اﻹدارة ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻧﺷﺎطﮭﺎ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻣﺷرع ﻣﻧﺣﮭﺎ اﻣﺗﯾﺎزات وﺳﻠطﺎت اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ،ﻗد ﯾؤدي اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ أو اﻻﻧﺣراف ﻋن ﻗﺻد اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﺎ إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺷدﯾدة اﻟوطﺄة ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق اﻷﻓراد وﺣرﯾﺎﺗﮭم ،وﻣن ھﻧﺎ ﺗﺄﺗﻲ أھﻣﯾﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻹدارة ،ﺣﻣﺎﯾﺔً ﻟﻠﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت ،ﻻ ﺳﯾﻣﺎ وأن ﻣن ﯾﻘوم ﺑﺈدارة اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻋرﺿﺔ ﻟﻠﻘﺻور أو اﻟﺧطﺄ أو واﻟﻣراﻓﻖ ھم أﻓراد طﺑﯾﻌﯾون ،ﻓﺈن ﻋﻣﻠﮭم ﻏﯾر ﻣﻧزه ،ﻓﻘد ﯾﻛون ُ اﻻﻧﺣراف. وﺗﺗﻌدد أﻧواع اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﮭﺎ اﻹدارة ،ﻓﻣﻧﮭﺎ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،وﻣﻧﮭﺎ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻹدارﯾﺔ ،وﻣﻧﮭﺎ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ. ً أوﻻ :اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ: ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺗﻣﺎرﺳﮭﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ،وھﻲ ﺗﺿﯾﻖ وﺗﺗﺳﻊ وﻓﻘًﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟذي ﺗﺗﺑﻌﮫ اﻟدوﻟﺔ.ﻓﻔﻲ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻊ اﻟﻧظﺎم اﻟﺑرﻟﻣﺎﻧﻲ وﺗﺗﺑﻧﻰ ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺑدأ اﻟﻔﺻل اﻟﻣرن ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت ﺗظﮭر اﻟرﻗﺎﺑﺔ واﺿﺣﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻣﻧﺣﮫ اﻟدﺳﺗور ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻣن أدوات ﺗﺳﺗﻌﻣﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺗوازن ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت وﻟﻠﺣد ﻣن اﻧﺣراف اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ.ﺗﺗﻣﺛل ھذه اﻷدوات اﺑﺗدا ًء ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻘرره ﺑﻌض اﻟدﺳﺎﺗﯾر ﻟﻠﺑرﻟﻣﺎن ﻣن ﺣﻖ ﻣﻧﺢ اﻟﺛﻘﺔ ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ ﺑﻌد رﻓﻊ ﺑرﻧﺎﻣﺞ ﻋﻣﻠﮭﺎ ﻟﮫ ،ﺛم ﯾﺳﺗﻣر ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻷداء أﻋﻣﺎل اﻟﺣﻛوﻣﺔ أﺛﻧﺎء اﻟﻔﺻل اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ،ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺗﻣﺗﻠﻛﮫ ﻣن أدوات اﻟﺳؤال واﻻﺳﺗﺟواب واﻟﺗﺣﻘﯾﻖ واﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ وﻏﯾرھﺎ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻧﺢ اﻟدﺳﺗور ﻓﻲ ھذا اﻟﻧظﺎم ﻟﻠﺑرﻟﻣﺎن ﺳﺣب اﻟﺛﻘﺔ ﻣن اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،أو ﺳﺣب اﻟﺛﻘﺔ ﻣن أﺣد اﻟوزراء.وﺗظﮭر أھﻣﯾﺔ ھذه اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻛون اﻟوزﯾر ھو اﻟرﺋﯾس اﻹداري اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ وزارﺗﮫ، ﯾﺗوﻟﻰ اﻹﺷراف ﻋﻠﻰ ﺷؤوﻧﮭﺎ وﯾﺟﯾز اﻟدﺳﺗور ﻣﺳﺎءﻟﺗﮫ ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻟداﺧﻠﺔ ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﮫ.إﻻ أن ھذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﺗدﺧل اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻣﺑﺎﺷرة ﻓﻲ ﻋﻣل اﻹدارة ﺗوﺟﯾ ًﮭﺎ أو ﺗﻌﻘﯾﺑًﺎ أو ﺗﻌﯾﯾ ًﻧﺎ ،ﺑل ﯾﻘﺗﺻر دوره ﻋﻠﻰ ﺳﺣب اﻟﺛﻘﺔ ﻣن اﻟوزﯾر إن رأت أﻏﻠﺑﯾﺔ ﯾﺣدد ﻧﺳﺑﺗﮭﺎ اﻟدﺳﺗور ،ﺳﺣب اﻟﺛﻘﺔ ﻣﻧﮫ ﺑﻌد 15 اﺳﺗﺟواب ﺗﺗﺎح ﻟﮫ ﻓﯾﮫ ﻓرﺻﺔ اﻟرد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ وﺟﮭﮫ ﻟﮫ ﻣن ﺟواﻧب اﻟﻘﺻور ﻓﻲ أداﺋﮫ اﻟﻧﺎﺟم ﻋن ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘﺎﻧون. أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻊ اﻟﻧظﺎم اﻟرﺋﺎﺳﻲ ،واﻟذي ﺗﺗﺑﻧﻰ ﺑﮫ اﻟدول ﻣﺑدأ اﻟﻔﺻل اﻟواﺿﺢ ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت وﻻ ﺗﻛون ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﺿﺎﻣﻧﯾﺔ أﻣﺎم اﻟﺑرﻟﻣﺎن ،وﻻ ﯾﻛون ﻓﯾﮭﺎ اﻟوزﯾر ً ﻣﺳؤوﻻ أﻣﺎم اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓردﯾﺔ ﻋن أﻋﻣﺎل وزارﺗﮫ ،ﺗﺧف ھذه اﻟرﻗﺎﺑﺔ وإن ﻛﺎﻧت ﻻ ﺗﻌدم، ﻟﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﮫ اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻓﻲ ھذا اﻟﻧظﺎم ﻣن ﺣﻖ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟوظﺎﺋف واﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣوازﻧﺔ وإﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺑﻌض اﻟﻠﺟﺎن اﻟﺑرﻟﻣﺎﻧﯾﺔ طﻠب اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻹﯾﺿﺎﺣﺎت ﻋن أﻋﻣﺎل اﻟﺣﻛوﻣﺔ. وأﺧﯾرا ﻓﺄن دور اﻟﺑرﻟﻣﺎن أو اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻓﻲ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﯾﻛون ﻣﺗواﺿﻌًﺎ أو ﻣﻌدو ًﻣﺎ ﻓﻲ ً اﻟدول ذات اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻠﻖ أو اﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻟﻣﺟﺎﻟﺳﮭﺎ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ دور ﺻوري أو اﺳﺗﺷﺎري ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾم ﺗوﺻﯾﺎت ﻏﯾر ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ. ﺛﺎﻧ ًﯾﺎ :اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻹدارﯾﺔ: ھذه اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺗﻣﺎرﺳﮭﺎ اﻹدارة إﻣﺎ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ذاﺗﮭﺎ ،أو ﻋﻧد رﻓﻊ ﺻﺎﺣب اﻟﺷﺄن ﺗظﻠ ًﻣﺎ إﻟﯾﮭﺎ ﺑﺷﺄن ﺗﺻرف أو ﻋﻣل ﻧﺎﺷﺊ ﻋﻧﮭﺎ.ﻓﺄﻣﺎ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻹدارة ﺑﮫ ﺗﻘوم ﻛﺟزء ﻻ ﯾﺗﺟزأ ﻣن ﺣﺳن اﻟﻌﻣل اﻹداري ،وﻣﺎ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﮫ اﻟرؤﺳﺎء اﻹدارﯾون ﻣن ﺳﻠطﺔ اﻹﺷراف ﻋﻠﻰ ﻣرؤوﺳﯾﮭم وﻣراﻗﺑﺗﮭم. ﻓﻠﻠرﺋﯾس ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل ﻣرؤوﺳﯾﮫ ﺳﻠطﺔ اﻟﺗوﺟﯾﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺻدر ﻋﻧﮫ ﻣن أواﻣر وﺗﻌﻠﯾﻣﺎت ،ﯾﻘﺻد ﺑﮭﺎ ﺿﻣﺎن ﺣﺳن ﺳﯾر اﻟﻌﻣل داﺧل اﻟﺟﮭﺔ اﻹدارﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أن ﻟﻠرﺋﯾس ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل ﻣرؤوﺳﯾﮫ ﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻌﻘﯾب ،ﻓﻠﮫ أن ﯾﺟﯾز أو ﯾﻘر أﻋﻣﺎﻟﮭم ،وﻟﮫ أن ﯾﻌدل أو ﯾﻠﻐﻲ أو ﯾﺳﺣب ﻗراراﺗﮭم.وھذه اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻻ ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ،ﺑل ﺗﻣﺗد إﻟﻰ رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ إذ ﯾﻣﻛن ﻟﻠرﺋﯾس أن ﯾﻠﻐﻲ ﻗرارات ﻣرؤوﺳﯾﮫ إن ﻟم ﺗﻛن ﻣﻼﺋﻣﺔ ،وإن ﻛﺎﻧت ﻣﺷروﻋﺔ ﻻ ﺗﺧﺎﻟف اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻠواﺋﺢ. وﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر ،ﻓﺈن ﺣﺳن اﻹدارة أو ﺿروراﺗﮭﺎ ﺗﺗطﻠب أﺣﯾﺎ ًﻧﺎ أن ﺗﻣﻧﺢ اﻟدوﻟﺔ ﺑﻌض اﻟﻣراﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﻌﻧوﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗﺗﻛون ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻟﮭﯾﺋﺎت واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،أو ﺗﻣﻧﺢ ﺑﻌض اﻷﻗﺎﻟﯾم ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﻌﻧوﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻓﺗﻧﺷﺄ اﺳﺗﻧﺎدًا إﻟﯾﮭﺎ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺎت أو اﻟﺑﻠدﯾﺎت أو اﻷﺷﺧﺎص 16 اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ.ھذا اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻹداري ﻟﮭذا اﻟﮭﯾﺋﺎت واﻟﻣﺟﺎﻟس ﻻ ﯾﻌﻧﻲ اﺑﺗﻌﺎدھﺎ ﻋن رﻗﺎﺑﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ،ﻏﯾر رﻗﺎﺑﺔ ھذه اﻷﺧﯾرة ﻋﻠﯾﮭﺎ ھﻲ رﻗﺎﺑﺔ وﺻﺎﺋﯾﺔ ،ﯾﻧص ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻧص ﺻرﯾﺢ ،وﺗﻘﺗﺻر ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ دون رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ. أﻣﺎ رﻗﺎﺑﺔ اﻹدارة ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﺗظﻠم ،ﻓﻔﯾﮭﺎ ﺗﻧظر اﻹدارة ﻓﻲ اﻟﺗظﻠم اﻟﻣرﻓوع إﻟﯾﮭﺎ ﻣن ﺻﺎﺣب اﻟﺷﺄن ،ﻓﺗﻌﯾد اﻟﻧطر ﻓﻲ اﻟﻘرار اﻹداري اﻟذي اﺗﺧذﺗﮫ إن رأت ﻋدم ﻣﺷروﻋﯾﺗﮫ ،وﻗد ﻻ ﯾﻛون ﻓﻲ ھذه اﻟﻧوع ﺿﻣﺎﻧﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻛون اﻹدارة ھﻲ اﻟﺧﺻم واﻟﺣﻛم ﻻ ﺳﯾﻣﺎ اﻟﺗظﻠم اﻟوﻻﺋﻲ اﻟذي ﯾرﻓﻊ إﻟﻰ ﻣﺻدر اﻟﻘرار ذاﺗﮫ .12وﺳوف ﻧﺗﻧﺎول اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﺗظﻠم ﺑﺗﻔﺻﯾل أوﺳﻊ ﻋﻧد اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﻣﯾﻌﺎد ﻛﺷرط ﻣن ﺷروط رﻓﻊ دﻋوى اﻹﻟﻐﺎء. ﺛﺎﻟﺛًﺎ :اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ: ھذه اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺗﺑﺎﺷرھﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺣﺎﻛم أو اﻟﺟﮭﺎت ذات اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ. وھﻲ رﻗﺎﺑﺔ ﻣﺷروﻋﯾﺔ ،ﺗﮭدف إﻟﻰ ﺿﻣﺎن اﺣﺗرام اﻹدارة ﻟﻠﻘﺎﻧون.وﺗﻌد أﻛﺛر ﺟدﯾﺔ وﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ،ﻣن اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻹدارﯾﺔ ،اﻟﻠﺗﺎن ﻗد ﺗﻔﻘدان ﻓﺎﻋﻠﯾﺗﮭﻣﺎ أو ﺗﻘل أھﻣﯾﺗﮭﻣﺎ ﺑﺳﺑب ﺗدﺧﻼت ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،أو ﻣراﻋﺎة ﻻﻋﺗﺑﺎرات ﻣﻌﯾﻧﺔ ،أو رﻓض اﻹدارة اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺧطﺄ أو اﻻھﻣﺎل.ﻓﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺗﻣﺎرﺳﮭﺎ اﻟﻣﺣﺎﻛم ﺑﺎﺳﺗﻘﻼل ﺗﺎم ،ﻟﯾس ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺳﻠطﺎن أو أي ﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎﺋﮭﺎ إﻻ اﻟﻘﺎﻧون، وھﻲ أﻛﺛر ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ﻟﻛون ﻣن ﯾﻘوم ﺑﺗﺣرﯾﻛﮭﺎ ھو ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ذاﺗﮫ ،اﻟذي ﯾﻛون ،ﺑﻼ ﺷك ،أﻛﺛر ﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوﻗﮫ وﻋدم اﻹﺿرار ﺑﻣرﻛزه اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ .13ﻛﻣﺎ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ إن رﻓﻌت ﻟﮫ ﺣر ً اﻟدﻋوى ،ﻓﯾﺟب أن ﯾﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﮫ ،ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻘﻊ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻧﻛﺎر اﻟﻌداﻟﺔ.ھذه اﻟﻣﺳﺎﺋل ﺗﺟﻌل اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ أﻛﺛر ﺟدﯾﺔ ،ﻏﯾر أن ذﻟك ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﻣطﻠﻘًﺎ اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﮭﺎ ،واﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋن اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻹدارﯾﺔ أو اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺑل ﻟوﺟود ھﺎﺗﯾن اﻟرﻗﺎﺑﺗﯾن ﺑﺟﺎﻧب اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ أھﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﻊ اﻧﺣراف اﻹدارة ،وﻓﻲ ﺗوﻗﻲ ﺿﻌف أداﺋﮭﺎ أو اﺑﺗﻌﺎدھﺎ ﻋن ﺗﺣﻘﯾﻖ أھداﻓﮭﺎ.أﺧذًا ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر 12ﺗﺗﻌد أﻧواع اﻟﺗظﻠم ،ﻓﻣﻧﮭﺎ اﻟوﻻﺋﻲ ،اﻟذي ﯾرﻓﻊ إﻟﻰ ﻣﺻدر اﻟﻘرار ذاﺗﮫ ،وﻣﻧﮭﺎ اﻟﺗظﻠم اﻟرﺋﺎﺳﻲ اﻟذي ﯾﻘدم إﻟﻰ رﺋﯾس أو ﻣدﯾر ﻣن أﺻدر اﻟﻘرار ،ﻟﯾﻘوم اﻟرﺋﯾس ﺑﺳﺣب اﻟﻘرار أو ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ أو ﻹﻟﻐﺎﺋﮫ ﺑﻣﺎ ﻟﮫ ﻣن ﺳﻠطﺔ رﺋﺎﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣرؤوﺳﮫ اﻟذي أﺻدر اﻟﻘرار. 13ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻣﺣﻣد اﻟطﻣﺎوي ،اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ،اﻟﻛﺗﺎب اﻷول ،ﻗﺿﺎء اﻹﻟﻐﺎء ،داﻓر اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻣدﯾﻧﺔ ﻧﺻر ،1996 ،ص7 : – .8 17 ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﮫ ،ﻋدم اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ أو اﺛﻘﺎل ﻛﺎھل اﻹدارة ﺑﻔرض إﺟراءات رﻗﺎﺑﯾﺔ ﻣﻌﻘدة وﺷدﯾدة ﺗؤدي إﻟﻰ اﻋﺎﻗﺗﮭﺎ ﻋن اﻟﻌﻣل أو إﻟﻰ ﺷل ﻧﺷﺎطﮭﺎ .14 وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑﻖ ،ﺗﺗﻠﺧص أھم ﻣﻌﺎﻟم اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ أﻧﮭﺎ: -1رﻗﺎﺑﺔ ﻻ ﯾﻣﺎرﺳﮭﺎ اﻟﻘﺿﺎء ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ذاﺗﮫ ،ﺑل ﻻ ﺑد ﻣن دﻋوى ﯾﺣرﻛﮭﺎ ﺻﺎﺣب اﻟﺷﺄن أو ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ. -2رﻗﺎﺑﺔ ﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻻ ﯾﻧظر ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻘﺿﺎء إﻟﻰ ﻣدى ﻣﻼﺋﻣﺔ ﺗﺻرﻓﺎت اﻹدارة ﻣن ﻋدﻣﮭﺎ. -3رﻗﺎﺑﺔ ﺗﻠزم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺣﻛم واﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع طﺎﻟﻣﺎ رﻓﻌت إﻟﯾﮫ اﻟدﻋوى وإﻻ وﻗﻊ ﻓﻲ طﺎﺋﻠﺔ إﻧﻛﺎر اﻟﻌداﻟﺔ .15 ھذه اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻗد ﺗﻣﺎرﺳﮭﺎ ذات اﻟﮭﯾﺋﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف أﻧواع اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ وﻏﯾرھﺎ ،وﯾطﻠﻖ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧوع اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد.ﻛﻣﺎ ﻗد ﺗﻣﺎرس ھذه اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻣن ﺧﻼل ھﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗﺧﺗص ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ،ﺗﻛون ﺑﺟوار اﻟﮭﯾﺋﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ وﻏﯾرھﺎ ،وﯾطﻠﻖ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧوع اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣزدوج.وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﺳوف ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ھذﯾن اﻟﻧوﻋﯾن ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻹدارة. -1اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد: ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد وﺟود ھﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ واﺣدة ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ھﻲ ﺟﮭﺔ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻌﺎدي ﺗﺗوﻟﻰ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻧﺟم ﻣن ﻋﻼﻗﺔ اﻷﻓراد ﺑﻌﺿﮭم ﺑﺑﻌض ،أو ﻋﻼﻗﺗﮭم ﺑﺎﻹدارة .16 ﻓﺎﻹدارة ﺗﺧﺿﻊ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟدول إﻟﻰ ذات اﻟﻘواﻋد واﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم أﻧﺷطﺔ وأﻋﻣﺎل اﻷﻓراد أو اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻌﺎدﯾﯾن ،وذﻟك اﺳﺗﻧﺎدًا إﻟﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة اﻟذي ﯾوﺟب أن ﯾﺧﺿﻊ اﻟﺟﻣﯾﻊ 14ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻣﺣﻣد اﻟطﻣﺎوي ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.8 : 15ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻣﺣﻣد اﻟطﻣﺎوي ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.31- 30 : 16ﻣﺎﺟد راﻏب اﻟﺣﻠو ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.61 : 18 ﻟذات اﻟﻘﺎﻧون.واﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﯾﺣﻛم ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻧﺷطﺔ ﺳواء ﻗﺎم ﺑﮭﺎ اﻷﻓراد أو ﻗﺎﻣت ﺑﮭﺎ اﻹدارة ،ھو اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص.وھذا اﻟﺧﺿوع ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟواﺣد ﯾؤدي ﺣﺗ ًﻣﺎ إﻟﻰ وﺣدة اﻟﻘﺿﺎء.وﻋﻠﯾﮫ ﻓﺎﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻛون اﻹدارة طرﻓًﺎ ﻓﯾﮭﺎ ھﻲ ذات اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺗص ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻷﻓراد اﻟﻌﺎدﯾﯾن، أي اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎدﯾﺔ. وھذا اﻻﺗﺟﺎه ﻓﻲ اﺧﺿﺎع أﻋﻣﺎل اﻹدارة ﻟرﻗﺎﺑﺔ ذات اﻟﮭﯾﺋﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻧوﻋﮭﺎ ،ﯾﻣﺗﺎز ﺑﺎﻟﺑﺳﺎطﺔ ،واﻟﺗﯾﺳﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﻘﺎﺿﯾن ،وﯾﺟﻧب اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻹﺷﻛﺎﻻت واﻟﺗﻌﻘﯾدات اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾؤدﯾﮫ وﺟود ﻣﺣﺎﻛم إدارﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺑﺟوار اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﺷﺄن ﺗﺣدﯾد اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺗوزﯾﻌﮭﺎ ﺑﯾن ﺟﮭﺗﻲ اﻟﻘﺿﺎء ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد ﯾﺧﻔف ﻣﺎ ﻗد ﯾؤدﯾﮫ وﺟود ھﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ أﺧرى ﻣن ارھﺎق ﻟﺧزاﻧﺔ اﻟدوﻟﺔ ،17وﻣﺎ ﺗﺳﺗﻠزﻣﮫ ﻛل ھﯾﺋﺔ ﻣن ﻣﺻﺎدر ﻣﺎﻟﯾﺔ وﺑﺷرﯾﺔ وإدارﯾﺔ وﻏﯾرھﺎ.ﻏﯾر أﻧﮫ ﯾﻌﺎب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد ﺗﺟﺎھﻠﮫ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ.وﻣن اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻧﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ واﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ،وأﺧذ اﻟدول ﻟﮭذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ،ﻻ ﯾﻧﻔﻲ اﺳﺗﻧﺎدھﺎ ﻓﻲ ﺟواﻧب ﻣﻌﯾﻧﺔ إﻟﻰ ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﺗﻧﺎﺳب اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻗﯾﺎﻣﮭﺎ ﺑﺈﻧﺷﺎء ﺑﻌض اﻟﻠﺟﺎن ﻟﺗﻔﺻل ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻛون اﻹدارة طرﻓًﺎ ﻓﯾﮭﺎ .18 -2اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣزدوج: ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣزدوج وﺟود ھﯾﺋﺗﯾن ﻗﺿﺎﺋﯾﺗﯾن ﻣﺳﺗﻘﻠﺗﯾن ﻋن ﺑﻌﺿﮭﺎ اﻟﺑﻌض ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ،إﺣدى ﺗﺗوﻟﻰ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ واﻷﺳرة واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ،وﻏﯾرھﺎ ،ﻋدا اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺗص ﺑﮭﺎ اﻟﮭﯾﺋﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻷﺧرى .19وﺑﺧﻼف اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد ،ﺗﺧﺿﻊ اﻹدارة ﻓﻲ ھذا اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻘواﻋد وأﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻐﺎﯾرة ﻟﻠﺗﻲ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﮭﺎ اﻷﻓراد اﻟﻌﺎدﯾﯾن.ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص.ھذه اﻟﻘواﻋد ﻛﺎﻧت ﻧﺷﺄﺗﮭﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ،وذﻟك 17ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻣﺣﻣد اﻟطﻣﺎوي ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.22 : 18ﻣﺣﻣود ﻋﺎطف اﻟﺑﻧﺎ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.86 – 85 : 19ﻣﺎﺟد راﻏب اﻟﺣﻠو ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.64 : 19 ﺻﺎ ﻓﻲ ظل ﻓﮭم رﺟﺎل اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﺎه دﺳﺗورھم ﻓﮭ ًﻣﺎ ﺧﺎ ً ﯾﻘﺿﻲ إﺑﻌﺎد اﻟﻘﺿﺎء ﻋن أﻋﻣﺎل اﻹدارة وﻣﻧﺎزﻋﺎﺗﮭﺎ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﺗﻌرض اﻟﻘﺿﺎء ﻟذﻟك ﯾﻌد اﻧﺗﮭﺎ ًﻛﺎ ً وﺗدﺧﻼ ﻓﻲ ﻋﻣل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ.وﻗد ﺷﺟﻊ ھذا اﻟﻔﮭم ﻣﺎ ﺣﻣﻠﺗﮫ اﻟذﻛرى ﻟﻣﺑدأ اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت ﻓﻲ أذھﺎن ﺑﻌض رﺟﺎل اﻟﺛورة ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺎت ﻏﯾر ﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻟﻠﻣﺣﺎﻛم اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺳﻣﻰ "ﺑرﻟﻣﺎﻧﺎت" وﺗدﺧﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﻣل اﻹدارة وﺗﻌدﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻘوﻗﮭﺎ ،ووﻗوﻓﮭﺎ ﺿد اﻹﺻﻼﺣﺎت ،وﻋﻠﻰ ذﻟك أﻟﻐﯾت اﻟﺑرﻟﻣﺎﻧﺎت اﻟﻘدﯾﻣﺔ وﺻدر ﻗﺎﻧون 24 – 16أﻏﺳطس 1790ﯾﻣﻧﻊ ﺗدﺧل اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ أﻋﻣﺎل اﻹدارة.وﻛﺎن ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺎ ﺳﺑﻖ أن أﺻﺑﺣت اﻹدارة ذاﺗﮭﺎ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظر ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎﺗﮭﺎ ﻣﻊ اﻷﻓراد وﺗﻔﺻل ﻓﯾﮭﺎ ،إذ ﻋﮭد ھذا اﻷﻣر ﻟﺑﻌض رﺟﺎل اﻹدارة ﻛﺎﻟوزراء ،وھﻲ ﻣرﺣﻠﺔ أطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻔﻘﮫ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ أو اﻟﻘﺎﺿﯾﺔ.واﺳﺗﻣر ھذا اﻟوﺿﻊ اﻟذي ﺟﻌل ﻣن اﻹدارة اﻟﺧﺻم واﻟﺣﻛم ﻓﻲ آن واﺣد ،ﺣﺗﻰ ﺟﺎء دﺳﺗور اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ ﻓﺄﻧﺷﺄ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ.ھذا اﻟﻣﺟﻠس اﻗﺗﺻر دوره ﻋﻠﻰ ﻓﺣص اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ واﻋداد ﻣﺳودات اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﺷﺄﻧﮭﺎ ورﻓﻌﮭﺎ ﻟرﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﺗﺻدﯾﻖ ﻋﯾﮭﺎ.وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻛﺎن اﻟﻘﺿﺎء ﻣﻘﯾدًا ﻷن ﻧﻔﺎذ أﺣﻛﺎﻣﮫ ﻣرھوﻧﺔً ﺑﻣواﻓﻘﺔ رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ وﺗﺻدﯾﻘﮫ ﻋﻠﯾﮭﺎ.ﺳﻣﯾت ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺑﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﻘﯾد أو اﻟﻣﺣﺟوز. ﺿﺎ ،ھﻲ ﻣﺣﺎﻛم اﻷﻗﺎﻟﯾم واﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت ﻓﻲ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ذاﺗﮭﺎ ﺗم إﻧﺷﺎء ﻣﺣﺎﻛم أﺧرى أﯾ ً إدارﯾﺔ ،وﻟم ﯾﻛن ﯾﺷﺗرط ﻟﻧﮭﺎﺋﯾﺔ أﺣﻛﺎﻣﮭﺎ اﻟﺗﺻدﯾﻖ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣن ﻗﺑل رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ،ﻏﯾر أن اﺳﺗﺋﻧﺎف أﺣﻛﺎم ھذه اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻛﺎن ﯾﻘﺗﺿﻲ أن ﯾﻛون أﻣﺎم ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ واﻟذي ﺗﺧﺿﻊ أﺣﻛﺎﻣﮫ ﻟﺗﺻدﯾﻖ رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﺳﺑﻖ ﺑﯾﺎﻧﮫ.وﻓﻲ ﻋﺎم 1872ﺑدأت ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻣرﺣﻠﺔ ﺟدﯾدة ﻓﻲ ﺣﯾﺎة ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،إذ ﺻدر ﻗﺎﻧون 24ﻣﺎﯾو ،1872اﻟذي ﺟﻌل ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻟﺑت ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت دون اﺷﺗراط ﺗﺻدﯾﻖ رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ،ﻓﺄﺻﺑﺢ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﮫ ﻗﺿﺎء ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺻﺣﯾﺢ ،وأطﻠﻖ ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﻔوض.وﺧﻼل ﻋﻣر ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﻣدﯾد أﺧذ ﯾﺳﻠك ﻣﺳﻠ ًﻛﺎ ً ﺣﻠوﻻ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﻧﺎﺳب ﻻ ﯾﺗﻘﯾد ﺑﮫ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﺑل ذھب ﯾﺿﻊ ﻣﺑﺎدئ وﻗواﻋد ﻣﺗﻣﯾزة ﻋﻧﮫ وﯾﺑﺗدع ﺣﺳن ﺳﯾر ﻋﻣل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﯾﺣﻘﻖ ﻓﯾﮫ اﻟﺗوازن ﺑﯾن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎﺻﺔ، أﺧﯾرا ﺑﺄن ً وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑﻖ أﺻﺑﺢ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻗﺎﻧون ﻣزدوج وﻗﺿﺎء ﻣزدوج ،ﻟﻛن ﯾﺟب اﻟﺗﺄﻛﯾد 20 ﺧﺿوع أﻋﻣﺎل اﻹدارة وﻧﺷﺎطﮭﺎ ﻟﻘﺎﻧون ﻣﻐﺎﯾر وﻗﺿﺎء ﻣﺧﺗف ﻣن ﺣﯾث اﻷﺻل ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﻋدم ﺧﺿوﻋﮭﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص واﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧزل ﻓﯾﮭﺎ اﻹدارة إﻟﻰ ﻣﻧزﻟﺔ اﻷﻓراد اﻟﻌﺎدﯾﯾن وﻻ ﺗﺳﺗﺧدم أدوات واﻣﺗﯾﺎزات اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ،20ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﺑﻌد اﺗﺳﺎع أﻧﺷطﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث. ھذا اﻻﺗﺟﺎه ﻓﻲ اﺧﺿﺎع أﻋﻣﺎل اﻹدارة ﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎء ﻣن ﺧﻼل ھﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ اﻧﺗﻘل ﻣن ﻓرﻧﺳﺎ إﻟﻰ دول أﺧرى ،ﻛﺑﻠﺟﯾﻛﺎ وإﯾطﺎﻟﯾﺎ ،وإﻟﻰ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺣﯾث ﻛﺎﻧت ﻣﺻر أوﻟﻰ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺳﺎرت ﻓﻲ ھذا اﻻﺗﺟﺎه ،ﻋﻧد إﻧﺷﺎﺋﮭﺎ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺻري ﻓﻲ ﻋﺎم .1946وﻛﺎﻧت ﻣﺻر ﻗﺑل ھذا اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺗطﺑﻖ ﻣﺑدأ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد ،ﺣﯾث ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﺳواء اﻟﻣﺧﺗﻠطﺔ ﻣﻧﮭﺎ أو اﻷھﻠﯾﺔ ،ﺗﻧظر ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﺟزﺋﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻟﺗﻌوﯾض ،وﻟم ﯾﻛن ﻟﻠﻣﺣﺎﻛم إﻟﻐﺎء اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ أو ﺗﻔﺳﯾرھﺎ أو وﻗف ﺗﻧﻔﯾذھﺎ ،ﺑل ﻛﺎن ﻟﮭﺎ ﻓﻘط ﻓﺣص ﻣﺷروﻋﯾﺔ ھذه اﻟﻘرارات واﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض إن ﺗواﻓرت ﺷروطﮫ.ﻛﻣﺎ ذھﺑت ھذه اﻟﻣﺣﺎﻛم إﻟﻰ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗطﺑﯾﻖ اﻟﻘرار اﻟﻼﺋﺣﻲ إن ﻛﺎﻧت ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون .21 وﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﻣﺻر ﺑﻌض اﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘت إﻧﺷﺎء ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم ،1946ﻛﺻدور أﻣر ﻋﺎﻟﻲ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 23اﺑرﯾل 1879ﻹﻧﺷﺎء ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟذي ﻟم ﯾر اﻟﻧور ،ﺛم إﻧﺷﺎء ﻣﺟﻠس ﺷورى اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 1883واﻟذي ﻧص ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ﻟﮫ وﻻﯾﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﻔﺗوى دون اﻟوﻻﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،وﻟم ﯾﺳﺗﻣر ھذا اﻟﻣﺟﻠس إﻻ ﻟﺷﮭور ﻣﻌدودة .22 وﯾﺗﻛون ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺻري اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻣن اﻟﻘﺳم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،وﻣن ﻗﺳﻣﻲ اﻟﻔﺗوى واﻟﺗﺷرﯾﻊ. ﻓﻘﺳم اﻟﻔﺗوى ﺗﺧﺗص إداراﺗﮫ ﺑﺈﺑداء اﻟرأي واﻟﻔﺗوى ﻋﻧدﻣﺎ ﯾطﻠب ﻣﻧﮭﺎ ذﻟك ﻣن رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ او رﺋﺎﺳﺔ ﻣﺟﻠس اﻟوزراء أو اﻟوزارات أو اﻟﮭﯾﺋﺎت أو ﻏﯾرھﺎ ،وطﻠب اﻟﻔﺗوى ﻣن ﺣﯾث اﻷﺻل اﺧﺗﯾﺎري ،ﻏﯾر أن اﻟﻣﺷرع ﯾﻠزم ھذه اﻟﺟﮭﺎت ﺑطﻠب اﻟرأي وﺟوﺑﯾًﺎ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل ﻣﻌﯾﻧﺔ.أﻣﺎ ﻗﺳم 20ﻣﺣﻣود ﻋﺎطف اﻟﺑﻧﺎ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.86 : 21ﻣﺣﻣود ﻋﺎطف اﻟﺑﻧﺎ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ص.97 – 96 : 22ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻣﺣﻣد اﻟطﻣﺎوي ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺑﻖ ،ص.88 : 21 اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻓﯾﺧﺗص ﺑﺻﯾﺎﻏﺔ ﻣﺷروﻋﺎت اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﻘدﻣﮭﺎ اﻟﺣﻛوﻣﺔ واﻟﻠواﺋﺢ وﻣراﺟﻌﺔ اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ واﻟﺗﺄﻛد ﻣن دﻗﺗﮭﺎ وﺳﻼﻣﺗﮭﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ. أﻣﺎ اﻟﻘﺳم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻣن ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ ﻓﯾﺗﺄﻟف ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ وﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري واﻟﻣﺣﺎﻛم اﻹدارﯾﺔ واﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ ،وﻣن ھﯾﺋﺔ ﻣﻔوﺿﻲ اﻟدوﻟﺔ.ﻓﺑﺷﺄن ﻣﺣﺎﻛم اﻟﻣﺟﻠس ﻓﻘد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة اﻟﻌﺎﺷرة ﻣن ﻗﺎﻧون ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺻري ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﮭﺎ ،وﻣن أﺑرزھﺎ اﻟطﻌون اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻟﮭﯾﺋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،واﻟطﻠﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘدﻣﮭﺎ اﻷﻓراد أو اﻟﮭﯾﺋﺎت ﺑﺈﻟﻐﺎء اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ اﻟﻧﮭﺎﺋﯾﺔ ،واﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣرﺗﺑﺎت واﻟﻣﻌﺎﺷﺎت واﻟﻣﻛﺎﻓﺂت اﻟﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﻟﻠﻣوظﻔﯾن اﻟﻌﻣوﻣﯾﯾن أو ﻟورﺛﺗﮭم ،واﻟطﻠﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘدﻣﮭﺎ ذوي اﻟﺷﺄن ﺑﺎﻟطﻌن ﻓﻲ اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ اﻟﻧﮭﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن ﻓﻲ اﻟوظﺎﺋف اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻟﺗرﻗﯾﺔ أو ﺑﻣﻧﺢ اﻟﻌﻼوات واﻟطﻠﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘدﻣﮭﺎ اﻟﻣوظﻔون اﻟﻌﻣوﻣﯾون ﺑﺈﻟﻐﺎء اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﺑﺈﺣﺎﻟﺗﮭم إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎش أو اﻻﺳﺗﯾداع أو ﻓﺻﻠﮭم ﺑﻐﯾر اﻟطرﯾﻖ اﻟﺗﺄدﯾﺑﻲ ،ودﻋﺎوى اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ وﻏﯾرھﺎ ،وﻗد اﺧﺗﺗﻣت اﻟﻣﺎدة اﻟﻣذﻛورة ﺑﻧود اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﻌﺑﺎرة ﻋﺎﻣﺔ وردت ﻓﻲ اﻟﺑﻧد 14ﺗﻧص ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص ﻣﺣﺎﻛم ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ ﺑـ" ﺳﺎﺋر اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ".ھذه اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ وردت ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﻌﺎﺷرة ﺑﯾّن اﻟﻘﺎﻧون ﺗوزﯾﻌﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺎﻛم اﻟﻣﺟﻠس. أﻣﺎ ھﯾﺋﺔ ﻣﻔوﺿﻲ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻘد أﺿﯾﻔت ﻟﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺻري ﻓﻲ ﻋﺎم ،1955إذ ﻟم ﺗﺄﺧذ ﺑﮫ ﻣﺻر اﺑﺗدا ًء ،ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن وﺟود ﻣﺛل ھذه اﻟﮭﯾﺋﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ.وﻋﻠﻰ ذﻟك أﺻﺑﺣت ھﯾﺋﺔ اﻟﻣﻔوﺿﯾن إﺣدى اﻟﮭﯾﺋﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻛون ﻣﻧﮭﺎ اﻟﻘﺳم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس.وھذه اﻟﮭﯾﺋﺔ ﺗﺧﺗص ﺑﺗﺣﺿﯾر اﻟدﻋﺎوى اﻟﺗﻲ ﺳوف ﺗرﻓﻊ أﻣﺎم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري واﻟﻣﺣﺎﻛم اﻹدارﯾﺔ وﺗﮭﯾﺋﺗﮭﺎ ﻟﻠﻣراﻓﻌﺔ ،وﺑﮭذه اﻟﻣﻌﺎوﻧﺔ ﺗﻘدم اﻟﮭﯾﺋﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎة ﻣﻌﺎوﻧﺔ ﻓﻧﯾﺔ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺗﻣﺣﯾص اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ وﺗرﻓﻊ ﻋن ﻋﺎﺗﻘﮭم ﻋبء اﻟﺗﺣﺿﯾر ﻟﮭﺎ ،وﻓﻲ ﺳﺑﯾل ذﻟك ﯾﻣﻛن ﻟﻣﻔوﺿﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻻﺗﺻﺎل ﻓﻲ اﻟﺟﮭﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ذات اﻟﺷﺄن ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻛون ﻻز ًﻣﺎ ﻟﺗﮭﯾﺋﺔ اﻟدﻋوى ﻣن ﺑﯾﺎﻧﺎت وأوراق.وﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر، أﺟﺎز اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻣﻔوﺿﻲ اﻟدوﻟﺔ أن ﯾﻌرﺿوا ﻋﻠﻰ أطراف اﻟﻧزاع ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻹدارﯾﺔ أو ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاع ﺑﯾﻧﮭم ،وذﻟك ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ 22 اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻓﺈذا ﻗﺑﻠوا اﻟﺗﺳوﯾﺔ ،ﺧﻼل أﺟل ﯾﺣدد ﻟﮭم ،اﺳﺗﺑﻌد اﻟﻧزاع ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺗم اﻟﺗﺧﻔﯾف ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻣﺣﺎﻛم. وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑﻖ ﯾﻣﻛن ﻣﻼﺣظﺔ أﺑرز ﻣﺎ ﯾﻣﯾز اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣزدوج ﻋن اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣوﺣد ،ھو وﺟود ھﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗﺧﺗص دون ﻏﯾرھﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ،أﻣﺎ ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ وﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻷﺳرة ﻓﺗﺧﺗص ﺑﮭﺎ ھﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ أﺧرى. واﺳﺗﻘﻼل ﻛل ھﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋن اﻷﺧرى ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣزدوج ﯾﻌﻧﻲ ﻟﻛل ھﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺗﮭﺎ وإدارﯾﯾﮭﺎ وﻣوظﻔﯾﮭﺎ ،وﻣوازﻧﺗﮭﺎ.ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﯾﺣﻛم اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺻل ھو اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري اﻟذي ﺗﻛوﻧت اﻟﻛﺛﯾر ﻣن أﺣﻛﺎﻣﮫ ﺗﺎرﯾﺧﯾًﺎ ﻋن طرﯾﻖ اﻟﻘﺿﺎء ،ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ھو ﻗﺎﻧون إﻧﺷﺎﺋﻲ ،ﻧﺷﺄ ﺗدرﯾﺟﯾًﺎ ﻋﺑر ﻣﺎ ﺳﺎر ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣن ﻣﺑﺎدئ وﻓﺻل ﻓﯾﮫ ﻣن ﻣﻧﺎزﻋﺎت ،ﺛم ﺗم ﺗﻘﻧﯾﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻗواﻧﯾن ﻣﺗﻌددة ﻛﻘﺎﻧون اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،وﻗﺎﻧون اﻟﺗﻘﺎﻋد واﻟﻣﻌﺎﺷﺎت ،وﻗﺎﻧون اﻟﻣﺷﺗرﯾﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ،وﻏﯾرھﺎ ،وھﻲ ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗظﮭر ﻓﯾﮭﺎ اﻹدارة ﻛﺻﺎﺣﺑﺔ ﺳﻠطﺔ واﻣﺗﯾﺎز ﺗﮭدف إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ.وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻻ ﺗﻌود اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻹدارﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص ،إﻻ إذا ﻟم ﯾﺟد ﻓﻲ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻣﺎ ﯾﻔﺻل ﺑﮫ اﻟﻧزاع. ﻛﻣﺎ أن وﺟود ھﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻟﻠﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ﺟﻌل ھذه اﻟﮭﯾﺋﺔ ﺗطﺑﻖ ﻗواﻋد إﺟراﺋﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟدﻋوى ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﺣﯾث اﻷﺻل ﻋن اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم إﺟراءات اﻟدﻋوى اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،وھذا اﻻﺳﺗﻘﻼل ﺑﯾن ﺟﮭﺗﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻻ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻋن ﻏﯾﺎب اﻟﻧص اﻹﺟراﺋﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﮫ ،ﻣن أن ﯾﺳﺗرﺷد ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻟﻣراﻓﻌﺎت ﺑﺎﻟﻘدر اﻟذي ﯾﻧﺎﺳب ظروف اﻟدﻋوى اﻹدارﯾﺔ. ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﺣﯾل اﻟﻣﺷرع ﺻراﺣﺔ ،ﻋﻧد ﻏﯾﺎب اﻟﻧص اﻹﺟراﺋﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء اﻹداري إﻟﻰ ﻧﺻوص ﻗﺎﻧون اﻟﻣراﻓﻌﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻛﺈﺣﺎﻟﺗﮫ ﻓﻲ ﺷﺄن رد اﻟﻘﺿﺎة وﻋدم ﺻﻼﺣﯾﺗﮭم إﻟﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟذﻟك ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻣراﻓﻌﺎت ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل. وأﺧﯾرا ،وإن ﻛﺎن أﺣد أھم ﻣزاﯾﺎ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣزدوج ھو ﺗﺧﺻﯾص ﺟﮭﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ً ﺗﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت ﻟﮭﺎ طﺑﯾﻌﺔ ﻣﻐﺎﯾرة ﻋن ﻣ?