الامتحان الجزئي PDF

Document Details

SuccessfulWilliamsite3388

Uploaded by SuccessfulWilliamsite3388

Tags

Islamic law Jurisprudence History of Islamic jurisprudence Islamic studies

Summary

This document is a part of a textbook on the history of Islamic jurisprudence. It details the different eras of Islamic jurisprudence, and focuses on the time of the Prophet Muhammad (peace be upon him). It describes significant events and rulings during this period, offering insights into the development of Islamic law.

Full Transcript

# الباب الثاني أدوار الفقه ## ١١٢ - تمهيد قلنا: إن الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية العملية أي الأحكام المتعلقة بأفعال المكلفين أو هو هذه الأحكام نفسها. وأفعال المكلفين لا تبقى ثابتة على نمط واحد وأسلوب معين وقدر محدود فإن تتابع الليل والنهار وتبدل الأحوال والظروف واختلاف البيئات كل ذلك يدعو إلى...

# الباب الثاني أدوار الفقه ## ١١٢ - تمهيد قلنا: إن الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية العملية أي الأحكام المتعلقة بأفعال المكلفين أو هو هذه الأحكام نفسها. وأفعال المكلفين لا تبقى ثابتة على نمط واحد وأسلوب معين وقدر محدود فإن تتابع الليل والنهار وتبدل الأحوال والظروف واختلاف البيئات كل ذلك يدعو إلى زيادة هذه الأفعال واتساعها وتنوعها واختلافها وتبدل بعضها وتطوره كما هو مشاهد في الماضي والحاضر. ومن البديهي أن يكون الفقه هو الآخر في نمو وازدياد وتطور تبعاً لذلك. ونحن في هذا الباب نريد أن نرجع إلى أيام الفقه الأولى لننظر كيف نشأ ثم نتابعه في نشأته لنرى كيف نما وازدهر ثم كيف ركد ووقف ولنقف على العوامل والأسباب التي أثرت في أطواره هذه كلها. وفي سبيل هذا الذي نريد أثرنا أن نقسم الأدوار التي مر بها الفقه إلى ستة أدوار تسهيلاً للبحث ثم نتكلم عن كل دور في فصل على حدة وهذه الأدوار هي: - عصر النبي ﷺ - عصر الخلفاء الراشدين - عصر ما بعد الخلفاء الراشدين إلى أوائل القرن الثاني للهجرة أو إلى قبيل سقوط الدولة الأموية. - من أوائل القرن الثاني الهجري إلى منتصف القرن الرابع الهجري. - من نهاية الدور السابق إلى سقوط بغداد على يد التتر سنة ٦٥٦ هـ - من سقوط بغداد إلى وقتنا الحاضر. هذا وإن بعض الكتاب يسمي أدوار الفقه الإسلامي ب"أدوار التشريع الإسلامي" مع أن التشريع وهو من الأحكام الشرعية من حق الله وحده ووجهتهم في هذه التسمية هو أن الفقه يستند إلى نصوص الشريعة والمصادر التي أشارت إليها وإن استنباط الأحكام من هذه المصادر كان بإذن من الشريعة وعلى كل حال فسواء قلنا أدوار الفقه أو أدوار التشريع الإسلامي فالمعنى واحد على اعتبار أن المقصود بالتشريع الإسلامي هو الأحكام التي وردت بها النصوص الصريحة في الكتاب والسنة أو التي استنبطت استنباطاً من هذه النصوص أو من المصادر التي أشارت إليها هذه النصوص. ## الفصل الأول عصر النبي ﷺ ### ١١٣ - يعتبر عصر النبي ﷺ أهم العصور الفقهية على الإطلاق لأن التشريع الإلهي تم في هذا العصر والتشريع الإلهي كما هو معلوم أساس الفقه في جميع أدواره وعصوره في الماضي والحاضر والمستقبل. والفقه في هذا العصر هو فقه الوحي فقط فكانت الأحكام الشرعية تتنزل على النبي ﷺ بلفظها ومعناها (أي القرآن) أو بمعناها فقط أي السنة) ويقوم النبي ﷺ بتبليغها إلى الناس فمصدر الأحكام الشرعية هو الوحي ولا شيء غيره أما اجتهاد النبي ﷺ وأصحابه فراجع إلى الوحي كما سنبين ذلك فيما بعد. ### ١١٤ - التشريع في مكة أو التشريع المكي لبث النبي ﷺ ما يقرب من ثلاث عشرة سنة في مكة المكرمة وهي المدة من بعثته إلى هجرته وقد اتجه الوحي في هذه الفترة إلى ناحية العقيدة والأخلاق ولم يتعرض إلى الأحكام العملية إلا قليلاً وبشكل كلي غالباً. والسبب في هذا النهج هو لأن العقيدة هي الأساس الأول لكل ما تأتي به الشريعة من أحكام وتفصيلات فلا بد إذن من إصلاحها وتنقيتها من الشوائب والأباطيل وجعلها قائمة على الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر وهكذا كانت آيات القرآن تنزل موضحة هذا المعنى بالدليل والبرهان طالبة من المخاطبين استعمال عقولهم والنظر في ملكوت السماوات والأرض منكرة عليهم جهلهم بأصول العقيدة الحقة وتقليدهم الأعمى الضلال الآباء والأجداد.. وكذلك كان القرآن ينزل بالآيات الكثيرة في الأخلاق ولزوم الاعتصام بالطيب منها دون الخبيث لأن الأخلاق الفاضلة من لوازم العقيدة الحقة وأساس العمل الصالح أما الأحكام العملية فكان تشريعها على نحو قليل وكلي لا تفصيلي فما كان في المسلمين من حاجة إلى الأحكام العملية التفصيلية وهم قلة مستضعفون لا قوة لهم ولا سلطان حتى إن بعضهم هاجر إلى الحبشة قراراً بدينه وتخلصاً من أذى المخالفين المشركين. ### ١१५ - التشريع بعد الهجرة أو التشريع المدني ثم أذن الله لنبيه بالهجرة إلى المدينة بعد أن أسلم بعض أهلها وتهيأ المجال لنقلة النبي ﷺ إليها وقيامه بالدعوة فيها واتخاذها مركزاً لدولة الإسلام... وهكذا هاجر النبي ﷺ وأصحابه إليها فوجدوا الجو ملائماً لأن يقيموا لهم تنظيماً اجتماعياً وسياسياً على أساس الدين الجديد فظهرت أول دولة في تلك البقعة الصغيرة النائية المدينة وكان أول رئيس لها هو النبي ﷺ ومن ذلك الوقت ظهرت الحاجة إلى التشريعات العملية التي تقام عليها أمور هذا المجتمع الإسلامي الجديد وتساس بمقتضاها شؤون هذه الدولة الإسلامية الفتية فاتجه التشريع إلى النواحي العملية سواء منها ما اتصل بحياة الأفراد أو بحياة الجماعة فشرعت أحكام العبادات والجهاد وتنظيمات الأسرة من زواج وبيان لحقوق الزوجين والفرقة وأسلوبها ومدتها والبنوة وحقوقها والميراث وأنصبة الورثة ونحو ذلك كما أنزلت الأحكام المتعلقة بالجرائم والعقوبات وأنواع المعاملات وحقوق الحاكم والمحكوم وعلاقة الدولة الإسلامية مع غيرها و باختصار لم يترك التشريع الإلهي جانباً من جوانب الحياة إلا جاء بتنظيم دقيق محكم له. ### ١١٦ - طريقة التشريع كان تشريع الأحكام في هذا العصر يتم بأحد الوجهين التاليين: - تقع حوادث تقتضي حكماً من الشارع أو يعرض للمسلمين أمور تقتضيهم سؤال النبي ﷺ عن حكمها ففي هذه الحالات كان النبي ﷺ ينتظر الوحي السماوي فينزل عليه بالآية أو الآيات مبينة حكم ما وقع أو جواب ما سئل عنه وقد ينزل عليه الحكم بالمعنى ويعبر عنه بلفظه وهذا هو السنة وأحياناً لا ينزل عليه الوحي بالحكم المطلوب فيجتهد النبي ﷺ كما حصل له في قضية أسرى بدر و غيرها مما سنبينه فيما بعد. - ورود الأحكام غير مسبوقة بسؤال ولا حادثة معينة ولكن الشارع يرى أن الأوان قد آن لتشريع هذه الأحكام لضرورتها للمجتمع الذي يريد تكوينه وإيجاده لأن الشريعة ما جاءت فقط لسد حاجات قائمة وإعطاء الحلول لوقائع حاصلة فعلًا وإنما جاءت لإيجاد مجتمع من نوع خاص قائم على أسس معينة ليكون هو المثل الأعلى لكل مجتمع في المستقبل ومن هذا النوع من الأحكام الشورى في الحكم وتبيان مقادير الزكاة وتفصيل كثير من أحكام الأسرة وبيان بعض العقوبات ونحو ذلك. ### ١١٧ - مميزات التشريع في هذا الدور قام التشريع على أساس مراعاة مصالح الناس ودرء الأضرار والمفاسد عنهم وهذ هو الأصل الكبير الجامع لجميع أحكام الشريعة الإسلامية وبناء على هذا الأصل نستطيع أن نعدد ميزات التشريع في هذا الدور وهي بالحقيقة مظاهر لهذا الأصل الكبير: رعاية مصالح الناس ودفعه الضرر عنهم فمن هذه المظاهر وإن شئت قل الميزات ما يأتي: - التدرج في التشريع فالقرآن الكريم ما نزلت أحكامه مرة واحدة وكذا أحكام السنة ما جاءت دفعة واحدة وقد رأينا أن الأحكام كانت تنزل جواباً عن سؤال أو تبياناً لحكم حادثة وقعت أو بناء على تقدير الشارع أن حكماً معيناً قد آن أوان تشريعه وتنفيذه وهذا كله يجعل التشريع موصوفاً بالتدرج والحكمة من ذلك أن هذا النهج في التشريع يجعل الأحكام أخف على النفس مما لو نزلت دفعة واحدة وبالتالي تكون أدعى إلى القبول والامتثال كما أن في هذا التدريج تيسيراً للمخاطبين لمعرفة الأحكام وحفظها والإحاطة بأسبابها وظروف تشريعها وهذا هو الملائم لحالة العرب وهم المسلمون الأولون إذ ما كانت القراءة والكتابة شائعة فيهم وكان جل اعتمادهم على ذاكرتهم وحفظهم فمن حقهم أن تراعى حالتهم هذه وتنزل عليهم الأحكام شيئاً فشيئاً حتى يمكن استيعابها ومعرفتها وحفظها. والتدرج في التشريع أنواع: - تدرج زمني: بمعنى أن الأحكام ما كانت تنزل في زمن واحد وإنما كان منها المتقدم ومنها المتأخر كما هو معروف فأحكام القانون الإسلامي ما شرعت دفعة واحدة وإنما استغرق تشريعها طيلة مدة النبوة. - تدرج في أنواع ما شرع من أحكام: وهذا أمر ظاهر فإن المسلمين لم يكلفوا بالتكليفات الكثيرة في بدء الإسلام بل أخذوا بالرفق تيسيراً على نفوسهم فجاءت التكليفات قليلة أولاً ليكون كل تكليف سابق تمهيداً لقبول التكليف اللاحق فالصلاة مثلاً شرعت في أول الأمر صلاة بالغداة وصلاة بالعشي ثم جعلت خمس صلوات في اليوم والليلة والزكاة ما كان لها حد محدود وإنما ترك الأمر للمسلم ينفق ما يستطيعه ويشاؤه ثم عينت مقاديرها على سبيل الإلزام والخمر ما حرمت رأساً وإنما مهد لها ببيان أضرارها أولاً ثم النهي عن قربان الصلاة حالة السكر ثانياً ثم جاء التحريم القاطع أخيراً و القتال كان في بدء الإسلام غير مأمور به لقلة عدد المسلمين فأمروا بالعفو والصبر على الأعداء والإعراض عنهم وترك مقاتلتهم قال تعالى: "اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّാ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ" ثم لما قوي المسلمون أذن لهم في القتال دفاعاً عن أنفسهم قال تعالى : "أَذِنَ لِلَّذِينَ يُقَتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرُ" ثم فرض عليهم القتال فرضاً قال تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" وَقَوْلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). - تدرج بذكر الأحكام بشكل كلي ثم يأتي التفصيل بعد ذلك فالتشريع المكي فيما تعرض له من أحكام عملية جاء بشكل كلي ثم جاء التشريع المدني مفصلاً لهذا الكلي. - رفع الحرج ومن مميزات التشريع في هذا الدور أيضا رفع الحرج وهذا ظاهر للمتتبع الأحكام الشريعة فهناك نصوص صريحة تدل على أن الشارع ما يريد بعباده إلا التيسير والتخفيف ولا يريد بأحكامه التضييق والتشديد قال تعالى : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ "يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ" "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين من حرج" وفي السنة أيضاً الشيء كثير من النصوص بهذا المعنى من ذلك "يسروا ولا تعسروا بعثت بالحنيفية السمحة" وصح أن النبي ﷺ ما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما" وقال عليه الصلاة والسلام: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" فرفع الحرج أصل مقطوع به في الشريعة ومن مظاهره ما يأتي: - اعتبار المرض والسفر والإكراه والخطأ والنسيان أعذاراً لتخفيف الأحكام وتشريع الرخص والقاعدة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات" بنيت على أصل رفع الحرج دفعاً للمشاق والضيق عن أصحاب الأعذار والضرورات. - قلة التكاليف في الشريعة فالقرآن الكريم ما نزلت أحكامه مرة واحدة وكذا أحكام السنة ما جاءت دفعة واحدة وقد رأينا أن الأحكام كانت تنزل جواباً عن سؤال أو تبياناً لحكم حادثة وقعت أو بناء على تقدير الشارع أن حكماً معيناً قد آن أوان تشريعه وتنفيذه وهذا كله يجعل التشريع موصوفاً بالتدرج والحكمة من ذلك أن هذا النهج في التشريع يجعل الأحكام أخف على النفس مما لو نزلت دفعة واحدة وبالتالي تكون أدعى إلى القبول والامتثال كما أن في هذا التدريج تيسيراً للمخاطبين لمعرفة الأحكام وحفظها والإحاطة بأسبابها وظروف تشريعها وهذا هو الملائم لحالة العرب وهم المسلمون الأولون إذ ما كانت القراءة والكتابة شائعة فيهم وكان جل اعتمادهم على ذاكرتهم وحفظهم فمن حقهم أن تراعى حالتهم هذه وتنزل عليهم الأحكام شيئاً فشيئاً حتى يمكن استيعابها ومعرفتها وحفظها. والتدرج في التشريع أنواع: - تدرج زمني: بمعنى أن الأحكام ما كانت تنزل في زمن واحد وإنما كان منها المتقدم ومنها المتأخر كما هو معروف فأحكام القانون الإسلامي ما شرعت دفعة واحدة وإنما استغرق تشريعها طيلة مدة النبوة. - تدرج في أنواع ما شرع من أحكام: وهذا أمر ظاهر فإن المسلمين لم يكلفوا بالتكليفات الكثيرة في بدء الإسلام بل أخذوا بالرفق تيسيراً على نفوسهم فجاءت التكليفات قليلة أولاً ليكون كل تكليف سابق تمهيداً لقبول التكليف اللاحق فالصلاة مثلاً شرعت في أول الأمر صلاة بالغداة وصلاة بالعشي ثم جعلت خمس صلوات في اليوم والليلة والزكاة ما كان لها حد محدود وإنما ترك الأمر للمسلم ينفق ما يستطيعه ويشاؤه ثم عينت مقاديرها على سبيل الإلزام والخمر ما حرمت رأساً وإنما مهد لها ببيان أضرارها أولاً ثم النهي عن قربان الصلاة حالة السكر ثانياً ثم جاء التحريم القاطع أخيراً و القتال كان في بدء الإسلام غير مأمور به لقلة عدد المسلمين فأمروا بالعفو والصبر على الأعداء والإعراض عنهم وترك مقاتلتهم قال تعالى: "اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ" ثم لما قوي المسلمون أذن لهم في القتال دفاعاً عن أنفسهم قال تعالى : "أَذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرُ" ثم فرض عليهم القتال فرضاً قال تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" وَقَوْلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). - تدرج بذكر الأحكام بشكل كلي ثم يأتي التفصيل بعد ذلك فالتشريع المكي فيما تعرض له من أحكام عملية جاء بشكل كلي ثم جاء التشريع المدني مفصلاً لهذا الكلي. - رفع الحرج ومن مميزات التشريع في هذا الدور أيضا رفع الحرج وهذا ظاهر للمتتبع الأحكام الشريعة فهناك نصوص صريحة تدل على أن الشارع ما يريد بعباده إلا التيسير والتخفيف ولا يريد بأحكامه التضييق والتشديد قال تعالى : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ "يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ" "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين من حرج" وفي السنة أيضاً الشيء كثير من النصوص بهذا المعنى من ذلك "يسروا ولا تعسروا بعثت بالحنيفية السمحة" وصح أن النبي ﷺ ما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما" وقال عليه الصلاة والسلام: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" فرفع الحرج أصل مقطوع به في الشريعة ومن مظاهره ما يأتي: - اعتبار المرض والسفر والإكراه والخطأ والنسيان أعذاراً لتخفيف الأحكام وتشريع الرخص والقاعدة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات" بنيت على أصل رفع الحرج دفعاً للمشاق والضيق عن أصحاب الأعذار والضرورات. - قلة التكاليف في الشريعة فالقرآن الكريم ما نزلت أحكامه مرة واحدة وكذا أحكام السنة ما جاءت دفعة واحدة وقد رأينا أن الأحكام كانت تنزل جواباً عن سؤال أو تبياناً لحكم حادثة وقعت أو بناء على تقدير الشارع أن حكماً معيناً قد آن أوان تشريعه وتنفيذه وهذا كله يجعل التشريع موصوفاً بالتدرج والحكمة من ذلك أن هذا النهج في التشريع يجعل الأحكام أخف على النفس مما لو نزلت دفعة واحدة وبالتالي تكون أدعى إلى القبول والامتثال كما أن في هذا التدريج تيسيراً للمخاطبين لمعرفة الأحكام وحفظها والإحاطة بأسبابها وظروف تشريعها وهذا هو الملائم لحالة العرب وهم المسلمون الأولون إذ ما كانت القراءة والكتابة شائعة فيهم وكان جل اعتمادهم على ذاكرتهم وحفظهم فمن حقهم أن تراعى حالتهم هذه وتنزل عليهم الأحكام شيئاً فشيئاً حتى يمكن استيعابها ومعرفتها وحفظها. والتدرج في التشريع أنواع: - تدرج زمني: بمعنى أن الأحكام ما كانت تنزل في زمن واحد وإنما كان منها المتقدم ومنها المتأخر كما هو معروف فأحكام القانون الإسلامي ما شرعت دفعة واحدة وإنما استغرق تشريعها طيلة مدة النبوة. - تدرج في أنواع ما شرع من أحكام: وهذا أمر ظاهر فإن المسلمين لم يكلفوا بالتكليفات الكثيرة في بدء الإسلام بل أخذوا بالرفق تيسيراً على نفوسهم فجاءت التكليفات قليلة أولاً ليكون كل تكليف سابق تمهيداً لقبول التكليف اللاحق فالصلاة مثلاً شرعت في أول الأمر صلاة بالغداة وصلاة بالعشي ثم جعلت خمس صلوات في اليوم والليلة والزكاة ما كان لها حد محدود وإنما ترك الأمر للمسلم ينفق ما يستطيعه ويشاؤه ثم عينت مقاديرها على سبيل الإلزام والخمر ما حرمت رأساً وإنما مهد لها ببيان أضرارها أولاً ثم النهي عن قربان الصلاة حالة السكر ثانياً ثم جاء التحريم القاطع أخيراً و القتال كان في بدء الإسلام غير مأمور به لقلة عدد المسلمين فأمروا بالعفو والصبر على الأعداء والإعراض عنهم وترك مقاتلتهم قال تعالى: "اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ" ثم لما قوي المسلمون أذن لهم في القتال دفاعاً عن أنفسهم قال تعالى : "أَذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرُ" ثم فرض عليهم القتال فرضاً قال تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" وَقَوْلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). - تدرج بذكر الأحكام بشكل كلي ثم يأتي التفصيل بعد ذلك فالتشريع المكي فيما تعرض له من أحكام عملية جاء بشكل كلي ثم جاء التشريع المدني مفصلاً لهذا الكلي. - **رفع الحرج** ومن مميزات التشريع في هذا الدور أيضاً، رفع الحرج (٢). وهذا ظاهر للمتتبع الأحكام الشريعة، فهناك نصوص صريحة تدل على أن الشارع ما يريد بعباده إلا التيسير والتخفيف ولا يريد بأحكامه التضييق والتشديد قال تعالى : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ "يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ" "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين من حرج" وفي السنة أيضاً الشيء كثير من النصوص بهذا المعنى من ذلك "يسروا ولا تعسروا بعثت بالحنيفية السمحة" وصح أن النبي ﷺ ما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما" وقال عليه الصلاة والسلام: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" فرفع الحرج أصل مقطوع به في الشريعة ومن مظاهره ما يأتي: - **اعتبار المرض والسفر والإكراه والخطأ والنسيان أعذاراً لتخفيف الأحكام وتشريع الرخص والقاعدة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات" بنيت على أصل رفع الحرج دفعاً للمشاق والضيق عن أصحاب الأعذار والضرورات.** - **قلة التكاليف في الشريعة** فالقرآن الكريم ما نزلت أحكامه مرة واحدة وكذا أحكام السنة ما جاءت دفعة واحدة وقد رأينا أن الأحكام كانت تنزل جواباً عن سؤال أو تبياناً لحكم حادثة وقعت أو بناء على تقدير الشارع أن حكماً معيناً قد آن أوان تشريعه وتنفيذه وهذا كله يجعل التشريع موصوفاً بالتدرج والحكمة من ذلك أن هذا النهج في التشريع يجعل الأحكام أخف على النفس مما لو نزلت دفعة واحدة وبالتالي تكون أدعى إلى القبول والامتثال كما أن في هذا التدريج تيسيراً للمخاطبين لمعرفة الأحكام وحفظها والإحاطة بأسبابها وظروف تشريعها وهذا هو الملائم لحالة العرب وهم المسلمون الأولون إذ ما كانت القراءة والكتابة شائعة فيهم وكان جل اعتمادهم على ذاكرتهم وحفظهم فمن حقهم أن تراعى حالتهم هذه وتنزل عليهم الأحكام شيئاً فشيئاً حتى يمكن استيعابها ومعرفتها وحفظها. والتدرج في التشريع أنواع: - تدرج زمني: بمعنى أن الأحكام ما كانت تنزل في زمن واحد وإنما كان منها المتقدم ومنها المتأخر كما هو معروف فأحكام القانون الإسلامي ما شرعت دفعة واحدة وإنما استغرق تشريعها طيلة مدة النبوة. - تدرج في أنواع ما شرع من أحكام: وهذا أمر ظاهر فإن المسلمين لم يكلفوا بالتكليفات الكثيرة في بدء الإسلام بل أخذوا بالرفق تيسيراً على نفوسهم فجاءت التكليفات قليلة أولاً ليكون كل تكليف سابق تمهيداً لقبول التكليف اللاحق فالصلاة مثلاً شرعت في أول الأمر صلاة بالغداة وصلاة بالعشي ثم جعلت خمس صلوات في اليوم والليلة والزكاة ما كان لها حد محدود وإنما ترك الأمر للمسلم ينفق ما يستطيعه ويشاؤه ثم عينت مقاديرها على سبيل الإلزام والخمر ما حرمت رأساً وإنما مهد لها ببيان أضرارها أولاً ثم النهي عن قربان الصلاة حالة السكر ثانياً ثم جاء التحريم القاطع أخيراً و القتال كان في بدء الإسلام غير مأمور به لقلة عدد المسلمين فأمروا بالعفو والصبر على الأعداء والإعراض عنهم وترك مقاتلتهم قال تعالى: "اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ" ثم لما قوي المسلمون أذن لهم في القتال دفاعاً عن أنفسهم قال تعالى : "أَذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرُ" ثم فرض عليهم القتال فرضاً قال تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" وَقَوْلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). - تدرج بذكر الأحكام بشكل كلي ثم يأتي التفصيل بعد ذلك فالتشريع المكي فيما تعرض له من أحكام عملية جاء بشكل كلي ثم جاء التشريع المدني مفصلاً لهذا الكلي. **- رفع الحرج** ومن مميزات التشريع في هذا الدور أيضا رفع الحرج (٢). وهذا ظاهر للمتتبع الأحكام الشريعة، فهناك نصوص صريحة تدل على أن sharea ما يريد بعباده إلا التيسير والتخفيف ولا يريد بأحكامه التضييق والتشديد قال تعالى : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ "يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ" "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين من حرج" وفي السنة أيضاً الشيء كثير من النصوص بهذا المعنى من ذلك "يسروا ولا تعسروا بعثت بالحنفيسة السمحة" وصح أن النبي ﷺ ما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما" وقال عليه الصلاة والسلام: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" فرفع الحرج أصل مقطوع به في الشريعة ومن مظاهره ما يأتي: - **اعتبار المرض والسفر والإكراه والخطأ والنسيان أعذاراً لتخفيف الأحكام وتشريع الرخص والقاعدة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات" بنيت على أصل رفع الحرج دفعاً للمشاق والضيق عن أصحاب الأعذار والضرورات.** - **قلة التكاليف في الشريعة** فالقرآن الكريم ما نزلت أحكامه مرة واحدة وكذا أحكام السنة ما جاءت دفعة واحدة وقد رأينا أن الأحكام كانت تنزل جواباً عن سؤال أو تبياناً لحكم حادثة وقعت أو بناء على تقدير الشارع أن حكماً معيناً قد آن أوان تشريعه وتنفيذه وهذا كله يجعل التشريع موصوفاً بالتدرج والحكمة من ذلك أن هذا النهج في التشريع يجعل الأحكام أخف على النفس مما لو نزلت دفعة واحدة وبالتالي تكون أدعى إلى القبول والامتثال كما أن في هذا التدريج تيسيراً للمخاطبين لمعرفة الأحكام وحفظها والإحاطة بأسبابها وظروف تشريعها وهذا هو الملائم لحالة العرب وهم المسلمون الأولون إذ ما كانت القراءة والكتابة شائعة فيهم وكان جل اعتمادهم على ذاكرتهم وحفظهم فمن حقهم أن تراعى حالتهم هذه وتنزل عليهم الأحكام شيئاً فشيئاً حتى يمكن استيعابها ومعرفتها وحفظها. والتدرج في التشريع أنواع: - تدرج زمني: بمعنى أن الأحكام ما كانت تنزل في زمن واحد وإنما كان منها المتقدم ومنها المتأخر كما هو معروف فأحكام القانون islami ما شرعت دفعة واحدة وإنما استغرق تشريعها طيلة مدة النبوة. - تدرج في أنواع ما شرع من أحكام: وهذا أمر ظاهر فإن المسلمين لم يكلفوا بالتكليفات الكثيرة في بدء islam بل أخذوا بالرفق تيسيراً على نفوسهم فجاءت التكليفات قليلة أولاً ليكون كل تكليف سابق تمهيداً لقبول التكليف اللاحق فالصلاة مثلاً شرعت في أول الأمر صلاة بالغداة وصلاة بالعشي ثم جعلت خمس صلوات في اليوم والليلة والزكاة ما كان لها حد محدود وإنما ترك الأمر للمسلم ينفق ما يستطيعه ويشاؤه ثم عينت مقاديرها على سبيل الإلزام والخمر ما حرمت رأساً وإنما مهد لها ببيان أضرارها أولاً ثم النهي عن قربان الصلاة حالة السكر ثانياً ثم جاء التحريم القاطع أخيراً و القتال كان في بدء islam غير مأمور به لقلة عدد المسلمين فأمروا بالعفو والصبر على الأعداء والإعراض عنهم وترك مقاتلتهم قال تعالى: "اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ" ثم لما قوي المسلمون أذن لهم في القتال دفاعاً عن أنفسهم قال تعالى : "أَذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرُ" ثم فرض عليهم القتال فرضاً قال تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" وَقَوْلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). - تدرج بذكر الأحكام بشكل كلي ثم يأتي التفصيل بعد ذلك فالتشريع المكي فيما تعرض له من أحكام عملية جاء بشكل كلي ثم جاء التشريع المدني مفصلاً لهذا الكلي. - **رفع الحرج** ومن مميزات التشريع في هذا الدور أيضا رفع الحرج (٢). وهذا ظاهر للمتتبع الأحكام الشريعة، فهناك نصوص صريحة تدل على أن الشارع ما يريد بعباده إلا التيسير والتخفيف ولا يريد بأحكامه التضييق والتشديد قال تعالى : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ "يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ" "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين من حرج" وفي السنة أيضاً الشيء كثير من النصوص بهذا المعنى من ذلك "يسروا ولا تعسروا بعثت بالحنيفية السمحة" وصح أن النبي ﷺ ما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما" وقال عليه الصلاة والسلام: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" فرفع الحرج أصل مقطوع به في الشريعة ومن مظاهره ما يأتي: - **اعتبار المرض والسفر والإكراه والخطأ والنسيان أعذاراً لتخفيف الأحكام وتشريع الرخص والقاعدة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات" بنيت على أصل رفع الحرج دفعاً للمشاق والضيق عن أصحاب الأعذار والضرورات.** - **قلة التكاليف في الشريعة** فالقرآن الكريم ما نزلت أحكامه مرة واحدة وكذا أحكام السنة ما جاءت دفعة واحدة وقد رأينا أن الأحكام كانت تنزل جواباً عن سؤال أو تبياناً لحكم حادثة وقعت أو بناء على تقدير الشارع أن حكماً معيناً قد آن أوان تشريعه وتنفيذه وهذا كله يجعل التشريع موصوف

Use Quizgecko on...
Browser
Browser