تعريف الفقه وبيان أحكامه PDF

Summary

This document provides an overview of Islamic jurisprudence (fiqh), defining it as the knowledge of practical Islamic rulings derived from their detailed sources. It discusses the different stages in the development of Islamic jurisprudence, highlighting the role of the Prophet (peace be upon him) in its early stages and how the subsequent caliphs shaped it further. It also explores the methods used to derive these rulings.

Full Transcript

**تعريف الفقه وبيان أحكامه:** **الفقه في اللغة** هو : العلم بالشيء والفهم له، وهو أدراك عرض المتكلم من كلامه. كما في قوله تعالى: {فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ ‌لَا ‌يَكَادُونَ ‌يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا}. **أما في الاصطلاح:** : هو: «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية. فروع ال...

**تعريف الفقه وبيان أحكامه:** **الفقه في اللغة** هو : العلم بالشيء والفهم له، وهو أدراك عرض المتكلم من كلامه. كما في قوله تعالى: {فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ ‌لَا ‌يَكَادُونَ ‌يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا}. **أما في الاصطلاح:** : هو: «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية. فروع الفقه هي: الأحكام الشرعية الفرعية المتعلقة بالمكلفين من: العبادات : كالطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والعمرة، وغير ذلك والمعاملات :- مثل: أحكام البيوع وغيرها من المعاملات كالإجارة، والرهن، وغير ذلك. **الادوار التي مر بها الفقه وهي سته ادوار** اولا \_عصر النبي صلى الله عليه وسلم واله. ثانيا \_عصر الخلفاء الراشدين. ثالثا \_عصر ما بعد الخلفاء الراشدين الى اوائل القرن الثاني للهجره او الى قبيل سقوط الدوله الامويه. رابعا \_من اوائل القرن الثاني الهجري الى منتصف القرن الرابع الهجري. خامسا \_من نهايه الدور السابق الى سقوط بغداد على يد التتر سنه 656 هجريه سادسا \_من سقوط بغداد الى وقتنا الحاضر. **الدور الاول : عصر النبي-صلى الله عليه وعلى اله وسلم-** **التشريع في مكه او التشريع المكي** : لبث النبي صلى الله عليه وسلم ما يقارب من 13 سنه في مكه المكرمه وهي المده من بعثته الى هجرته وقد اتجه الوحي في هذه الفتره الى ناحيه العقيده والاخلاق ولم يتعرض الى الاحكام العمليه الا قليلا وذلك لسببين : - التركيز على بناء العقيدة والأخلاق - لان المسلمين كانوا قله مستضعفون لا قوه لهم ولا سلطان فلم تكن لهم حاجه الى الاحكام العمليه التفصيليه **التشريع بعد الهجره او التشريع المدني:** اذن الله سبحانه وتعالى لنبيه بالهجره الى المدينه بعد ان اسلم بعض اهلها وتهيا للنبي صلى الله عليه وسلم قيامه بالدعوه فيها واتخاذها مركزا لدوله الاسلام وتهيا للنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه الجو الملائم لان يقيموا لهم تنظيما اجتماعيا وسياسيا على اساس الدين الجديد ومن ذلك الوقت ظهرت الحاجه الى التشريعات العمليه التي تقام عليها امور هذا المجتمع الاسلامي الجديد فشرعت احكام العبادات والجهاد وتنظيمات الاسره من زواج وبيان لحقوق الزوجين والفرقه واسلوبها ومدتها والبنوة وحقوقها والميراث وانصبته وانصبه الورثه كما انزلت الاحكام المتعلقه بالجرائم والعقوبات وانواع المعاملات وغيرها **طريقة التشريع:** كان تشريع الاحكام في هذا العصر ( عصر النبي صلى الله عليه وسلم )يتم باحد الوجهين التاليين: **(الوجه الاول)** ورود حادثة او سؤال: تقع حوادث تقتضي حكما من الشارع مثال ذلك ان احد المسلمين عزم على نكاح مشركه وعلق نكاحه على موافقه النبي صلى الله عليه وسلم \_فلما اخبره بذلك نزل قوله تعالى :(ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم) او يعرض للمسلمين امور تقتضيهم سؤال النبي \_صلى الله عليه وسلم \_عن حكمها ففي هذه الحالات كان النبي \_صلى الله عليه وسلم \_ينتظر الوحي السماوي فينزل عليه الايات مبينة حكم ما وقع او جواب ما سئل عنه، واحيانا لاينزل عليه الوحي بالحكم المطلوب فيجتهد النبي-صلى الله عليه واله وسلم- كما حصل له في قضية اسرى بدر ومن امثلة الاحكام التي نزلت جوابا عن سوال قوله تعالى:( ويسالونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير) **( الوجه الثاني )** ورود الاحكام غير مسبوقه بسؤال ولا حادثه معينه ولكن الشارع يرى أن الأوان قد أن لتشريع هذه الاحكام لضرورتها للمجتمع الذي يريد تكوينه وايجاده لان الشريعه ما جاءت فقط لسد حاجات قائمه واعطاء الحلول لوقائع حاصله فعلا وانما جاءت لايجاد مجتمع قائم على اسس معينه ليكون هو المثل الاعلى لكل مجتمع في المستقبل ومن هذا النوع من الاحكام الشورى في الحكم وتبيان مقادير الزكاه وتفصيل كثير من احكام الاسره وبيان بعض العقوبات ونحو ذلك. **مميزات التشريع في هذا الدور(عصر النبي)** **اولا: التدرج في التشريع** كتحريم الخمر والحكمه من هذا التدرج ان يجعل الاحكام أخف على النفس مما لو نزلت دفعه واحده وبالتالي تكون ادعى الى القبول والامتثال **ثانيا: رفع الحرج** ومن مميزات التشريع في هذا الدور وهو (عصر النبي) رفع الحرج وهو أصل مقطوع به في الشريعة وهذا ظاهر للمتتبع لاحكام الشريعه فهناك نصوص صريحه تدل على ان الشارع ما يريد بعباده الا التيسير والتخفيف ولا يريد باحكامه التضييق والتشديد لقوله تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقوله تعالى (يريد الله ان يخفف عنكم) **ثالثا: النسخ** معنى النسخ او تعريف النسخ هو (رفع الحكم السابق بحكم لاحق) وقد وقع النسخ في التشريع الاسلامي في الدور الأول وهو عصر النبي صلى الله عليه وسلم واله وسبب وقوع النسخ في عصر النبي صلى الله عليه وسلم واله هو رعايه المصلحه ورفع الحرج والضيق عن المكلفين واخذهم بسنه التدرج والرفق فمن الامثلة على وقوع النسخ مثلا\*\*\* ان المتوفى عنها زوجها كانت اول الامر سنه كامله وكان على الزوج ان يوصي لها بالنفقه والسكنى في هذه المده لقوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصيه لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج) ثم جعلت العده بعد ذلك اربعه اشهر وعشره ايام قال تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعه اشهر وعشرا ) **رابعا: لا خلاف في هذا العصر** لم يكن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم واله اختلاف لان مرجع الفتيا والقضاء هو النبي صلى الله عليه وسلم واله وهو المبلغ عن الله احكام الاسلام فلا مصدر للتشريع في هذا العصر الا (القران والسنه) **الدور الثاني عصر الخلفاء الراشدين** انقضى عصر النبي صلى الله عليه وسلم واله وقد تم فيه التشريع الالهي في الكتاب والسنه وهما الاصلان العظيمان اللذان خلفهما هذا العصر للعصر الذي تلاه ولجميع العصور اللاحقه به وقد بدا الفقه بالنمو والاتساع في هذا الدور الذي نحن بصدده والسبب في ذلك: **اولا** : ان الفقهاء بعد وفاه النبي صلى الله عليه وسلم واله واجه وقائع واحداث ما كان لهم بها عهد في ايام النبي صلى الله عليه وسلم واله فكان لابد من معرفه حكم الله فيها **ثانيا**: كما ان الحروب التي وقعت وما نتج عنها من قضايا وعلاقات بين المسلمين وبين غيرهم في اثناء الحرب وبعدها ادت الى كثره المسائل الفقهيه والفتوحات الاسلاميه وما ترتب عليها من امتداد سلطان الاسلام على بلاد كثيره واتصال المسلمين باهل تلك البلاد ولكل بلد اعرافه وعاداته وتقاليده ونظمه كل ذلك ادى الى ظهور مسائل وقضايا جديده تستلزم معرفه حكم الشرعي فيها **طريقتهم في التعرف على الاحكام** كان فقهاء الصحابه اذا نزلت النازله التمسوا حكمها في \*\*كتاب الله فان لم يجد الحكم فيه تحولوا الى \*\*السنه فان لم يجدوا الحكم تحولوا الى\*\* الرأي وقضوا بما اداهم اليه اجتهادهم وكان الاجتهاد في زمن يأخذ غالبا شكل الشورى فكان الخليفه اذا عرض عليه الامر دعا اولي الراي والفقه وطرح عليهم المساله وتناقشوا فيها فاذا اتفقت ارائهم في حكم المساله قضى بما اتفقوا عليه وان اختلفت اخذ بما يراه صوابا وكما وقع الاجتهاد الجماعي وقع ايضا الاجتهاد الفردي من الخليفه نفسه ومن غيره الا ان الاجتهاد جماعي كان هو الغالب وكان اكثر ما يكون في المسائل العامه كما في مساله تقسيم ارض السواد في العراق على الفاتحين واستشاره (الخليفة الثاني) لفقهاء الصحابه وكبارهم في هذه المساله **التفاتهم الى تعليل الاحكام ورعاية المصلحة** مع ان هذا التنوع في وجوه الراي عند الفقهاء فان المتتبع لاجتهادهم يلحظ انه بانواعه قام على اساس نظرهم الى علل الاحكام ورعايتهم المصلحه ودرء المفسده وعلى هذا الاساس لم يطبقوا بعض الاحكام المنصوص عليها لزوال علتها او لعدم تحقق شروط تطبيق الحكم ومن الامثله على هذه الاحكام التي وردت بها نصوص ولم تطبق ما ياتي :- **اولا**: سهم مؤلفه قلوبهم جاء في القران الكريم النص على اعطاء المؤلفه قلوبهم سهما من الزكاه قال تعالى (انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفه قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضه من الله والله عليم حكيم) والمؤلفه قلوبهم منهم المسلم الضعيف في ايمانهم ومنهم من غير المسلم الذي يخشى شره او يرتجى اسلامه فكان العطاء لهؤلاء لتقويه ضعيف الايمان او اتقاء شر غير المسلم او استمالته للاسلام وهذه عله الحكم باعطائهم يوم كان المسلمون قله وفي حاله ضعف وبحاجه الى تكثير عددهم واتقاء شر مخالفهم وفي زمن الخليفه الثاني لم يعطي شيئا من الزكاه لمن كانوا يسمون المؤلفه قلوبهم وهذا الاجراء من الخليفه لا يعني الغاء النص او نسخه وانما يعني عدم تطبيقه لعدم توافر شروط التطبيق **الثاني:** ضوال الابل جاء في الحديث الصحيح عن زيد بن خالد انه سال النبي صلى الله عليه وسلم واله عن ضالة الابل فقال: (النبي صلى الله عليه وسلم واله \"مالك ولها؛ دعها فان معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتاكل الشجر حتى يجدها ربها\") فالحديث صريح في النهي عن التقاط ضال الابل وهكذا كان الحكم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخليفتين الاول والثاني ولكن في زمان عثمان بن عفان رضي الله عنه امر باخذها وبيعها وحفظ اثمانها الى ان يظهر صاحبها اما الخليفه علي بن ابي طالب- عليه السلام \_جعل لضواء الابل بيتا خاصا يحبسها فيه ويطعمها ويسقيها من مال بيت المال الى ان يظهر صاحبها ويثبت انها له. ولا شك انما فعله عثمان وعلي رضي الله عنهما\_ مرده ملاحظه المصلحه التي شرع الحكم من اجلها وهي حفظ الابل الضائعه لصاحبها **الاختلاف في الراي** قلنا ان فقهاء الصحابه اجتهدوا والاجتهاد يتبعه اختلاف او اتفاق فالاختلاف بالراي نتيجه حتميه للاجتهاد وهو دليل حيويه الفقه كما انه دليل اعمال الفقهاء عقولهم وشدة حرصهم على معرفه الصواب **يرجع اختلاف الفقهاء في هذا العصر الى جمله اسباب** **اولا:** اختلافهم بسبب علم البعض بالسنه وعدم علم البعض الاخر بها وتفصيل ذلك ان السنه ما كانت مدونه كما ان احد ما كان يستوعبها حفظا وانما كانت موزعه فيما بينهم فقد يعلم بعضهم منها ما لا يعلم الاخرون وقد ترتب على ذلك ان من علم سنة نبوية معينة افتى بمقتضاها ومن لم يعلمها افتى بما يؤديه اليه اجتهاده **ثانيا**: اختلافهم بسبب عدم وثوقهم بالسنه فقد يجهل احدهم السنه فاذا رويت له ربما لا يطمئن برواياتها ولا يثق براويها لاي سبب كان فلا ياخذ بها. **ثالثا**: اختلافهم بسبب اختلافهم في فهم النصوص فمن ذلك اختلافهم في العده هل هي ثلاثه اطهار او ثلاث حيض ومرد اختلافهم الى المقصود بكلمه قروء الوارده في قوله تعالى( والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء ) فالقروء جمع قرء وتستعمل بمعنى الطهر وبمعنى الحيض فمنهم من حمله على معنى الطهر ومنهم من حمله على معنى الحيض. **رابعا**: اختلافهم بسبب الاجتهاد فيما لا نص فيه ذلك ان المسائل التي حدثت في هذا العصر ولم ترد فيها نصوص اجتهد الفقهاء في استنباط احكامها وكانت طرقهم في استنباط الاحكام لهذه المسائل متعدده فتاره يستعملون القياس وتارة ياخذون بالمصلحه او بسد الذرائع وغيرها ومثال: ذلك راي عمر بن الخطاب فيمن نكح امراة في عدتها ودخل بها انها تحرم عليه حرمة مؤبده بعد التفريق بينهما عقوبه له وردعا للاخرين وراي الامام علي بن ابي طالب ان لا داعي لتحريمها عليه بل يكفي التفريق بينهما وتعزيره على ما فعله فالاختلاف هنا مرده النظر والراي وتقدير الحاجه الى الزجر بتحريم المراة على من تزوجها وهي في العدة. **الاختلاف في هذا العصر قليل لا كثير** مع ان الفقهاء في هذا العصر اختلفوا الا ان اختلافهم كان قليلا لا كثيرا لان الاجتهاد كان ياخذ شكل الشورى في زمن الخليفتين الاول والثاني وهذا المسلك يقرب وجهات النظر ويقضي على الاختلاف في معظم الاحيان **الدور الثالث** يبدا هذا الدور من نهايه عصر الخلفاء الراشدين اي من سنه 41 هجريه الى اوائل القرن الثاني للهجره اي الى قبيل سقوط الدوله الامويه فقد سار الفقه في هذا الدور على نهج الصحابه في الفقه لان التابعين تلقوا الفقه عنهم وساروا على مناهجهم في استنباط الاحكام فكان فقهاء هذا العصر يرجعون الى الكتاب ثم الى السنه ثم الى الاجتهاد بالراي بانواعه ناظرين الى علل الاحكام ومراعاه المصلحه ودفع المفسده وعلى هذا فيمكننا اجمال التطورات في الفقه واتجاهاته في هذا الدور بامور: الامر الأول :اتساع دائره الفقه وكثرة الخلاف في مسائله دائره الفقه تتسع بازدياد الحوادث والوقائع فكل واقعه لابد لها من حكم في الشريعه اما بالنص واما بالاستنباط وقد ازدادت الحوادث في هذا العصر **اسباب الاختلاف في مسائل الفقه فهي ترجع الى عدة أمور** اولا: انتشار الفقهاء من الصحابه والتابعين في الامصار الاسلاميه واستيطانهم فيها مما ادى الى اقبال الناس عليهم يستفتونهم ويسالونهم عن حكم الشرع فيما يقع عندهم ويتلقون عنهم علم الدين والفقه في احكامه ولا شك ان اولئك الفقهاء ما كانوا سواء في الفقه وحفظ السنه ومقدار الفهم للكتاب والسنه الامر الذي يؤدي الى اختلافهم فيما يجتهدون فيه او يفتون. ثانيا :ان الاجتهاد بالشورى الذي يؤدي الى الاتفاق على راي واحد او تقريب وجهات النظر لم يكن ممكنا في هذا الدور لتفرق الفقهاء في الامصار وتعذر المراجعه والمذاكره والاتصال فيما بينهم على نحو مؤثر كافي. ثالثا :ان البلاد التي نزلها الفقهاء كانت مختلفه فيما بينها في العادات والتقاليد ونظم المعاملات واحوال الاجتماع والاقتصاد ونحو ذلك وهذا الاختلاف يؤثر في اجتهادات الفقهاء لان الفقيه يراعي احوال بلده وظروفه ما دامت غير مخالفه للشرع الامر الثاني :ظهور مدرسه اهل الحديث ومدرسه اهل الراي سبق وذكرنا ان الاجتهاد بالراي في عصر الخلفاء الراشدين كان يقوم على اساس النظر الى علل الاحكام ومراعاة المصلحه وان الفقهاء كانوا فريقين فريق يتهيب من الراي ولا يلجا اليه الا قليلا وفريق لا يتهيب من الراي بل يلجا اليه كلما وجد ضروره لذلك وفي هذا العصر اشتد ظهور هاتين النزعتين واخذت تتحدد ملامح كل منهما وتتبين مناهجهما ويكثر انصارها اساس الخلاف بين المدرستين ليس الخلاف بين المدرستين في الاحتجاج بالسنه فهذا لا خلاف فيه وانما الخلاف في امرين :- **الاول الاخذ بالراي** : فاهل الحديث يقفون عند النصوص والاثار والمعاني المتبادره منها ولا يميلون الى الراي ولا ياخذون به الا اضطرارا وربما توقف بعضهم عن الافتاء بالراي فيما لا نص فيه فقد روي ((ان رجلا جاء الى سالم بن عبد الله بن عمر وساله عن مساله فقال: لم اسمع فيها شيئا فقال: الرجل فاخبرني اصلحك الله برايك فقال: لا ثم عاد عليه السائل سؤاله قائلا اني ارضى برايك فقال: سالم \"لعلي ان اخبرتك برايي ثم تذهب بعد ذلك فارى رايا فلا اجدك)) اما\" فقهاء مدرسه الراي فما كانوا لا يتهيبون من الفتوى بالراي ما دام لا نص في الكتاب ولا في السنه فجتهدون فيه ولهذا اكثروا من استعمال الراي بخلاف الاولين وحجتهم في ذلك ان احكام الشريعه معقوله المعنى وانها اشتملت على مصالح العباد وبنيت على اساس تحقيق تلك المصالح فلا بد من البحث عن تلك العلل والمصالح التي شرعت الاحكام من اجلها حتى يمكن للفقيه استنباط الاحكام الجديده على ضوء هذه المصالح وتلك العلل ويستدلون ايضا بفعل كبار فقهاء الصحابه **الامر الثاني تفريع المسائل**: كان فقهاء مدرسه الحديث لا يفرعون المسائل ولا يفرضون الوقائع ثم يبحثون عن احكامها ولهذا كان فقههم واقعيا لا يفتون الا فيما يقع بالنصوص والاثار لا بالراي وربما افتوا بالراي مضطرين كارهين وبنطاق ضيق جدا اما فقهاء مدرسه الراي فما كانوا يقفون عند المسائل الواقعيه ويستنبطون لها الاحكام وانما كانوا يفرضون مسائل لم تقع ويستخرجون لها الاحكام بارائهم والحقيقه ان مدرسه الراي بدا فقهها واقعيا ثم اتجه الى الفرض والتقدير بعد ان يستخلص فقهاؤها علل الاحكام ووضع القواعد والضواط للمسائل. **الدور الرابع** يبدا هذا الدور من اوائل القرن الثاني الهجري يمتد الى منتصف القرن الرابع الهجري وقد نمى الفقه في هذا الدور نموا عظيما وازدهر ازدهار عجيبا ونضج نضوجا كاملا واتى ثمارا طيبه للناس وزود الدوله الاسلاميه بالاحكام القانونيه لتنظيم مختلف امورها وشؤونها قرونا عديده فسمي بعصر الفقه الذهبي اسباب ازدهار الفقه في هذا الدور الفقه نما وازدهر وكثرت مسائله لاسباب منها :\-\-\-\-- **اولا**: عنايه الخلفاء العباسيين بالفقه والفقهاء وتظهر هذه العناية بتقريبهم الفقهاء والرجوع الى ارائهم **ثانيا** :اتساع البلاد الاسلاميه فقد امتدت من اسبانيا الى الصين وفي هذه البلاد عادات وتقاليد مختلفه يجب مراعاتها ما دامت لا تخالف نصوص الشريعه فاختلفت الاجتهادات بناء على اختلاف العادات والتقاليد **ثالثا** :ظهور المجتهدين الكبار ذوي الملكات الفقهيه الراسخه فعملوا على تنميه الفقه بانشاء المدارس الفقهيه التي ضمت نوابغ الفقهاء **رابعا** : تدوين السنه وعرف صحيحها وضعيفها فسهل للفقهاء العمل وتوفير الجهد عليهم فقد وجدوا السنه بين ايديهم يصلون اليها دون عناء والسنة هي مادة الفقه ومصدره الثاني **الدور الخامس** يبدا هذا الدور من نهايه الدور الرابع الى سقوط بغداد سنه 656 وهو دور ركود الفقه فقد راينا في الدور الرابع كيف كان الفقه في نمو دائم وازدهار مستمر وحيويه دافقه وكان من ورائه فقهاء عظام يمدونه باسباب نمائه وازدهاره وحياته ولكن الفقه ما بقي على حالته هذه فقد اعتراه الضعف والركود والتوقف عن سيره الاول شيئا فشيئا والفقهاء جنحوا الى التقليد والتزام مذاهب معينة لايحيدون عنها ولايميلون عمل الفقهاء في هذا العصر الا ان الفقهاء في هذا العصر بالرغم من ايثارهم التقليد فقد قاموا بأعمال نافعه من ذلك **اولا**: تعليل الاحكام المنقولة عن ائمتهم فليست كل الاحكام المنقولة عن ائمه المذاهب نقل تعليلها معها ولهذا فقد عكف الفقهاء على الفروع المروية عن ائمتهم واستخرجوا عللها وفرعوا الفروع واستنبطوا الاحكام على اساسها **ثانيا**: استخلاص قواعد الاستنباط من فروع المذهب للتعرف على طرق الاجتهاد التي سلكها امام المذهب وبهذا تمت قواعد علم اصول الفقه بعد ان بداه الامام الشافعي برسالته **ثالثا**: الترجيح بين الاقوال المنقولة عن الامام فقد يكون الناقل لقوله ناقلا قولا رجع عنه ولم يعلم برجوعه وقد يكون بين القولين المختلفين فرق دقيق هو سبب اختلاف القوالين وقد يكون ماخذ احد القولين قياسا والاخر استحسانا فقام الفقهاء بترجيح هذه الاقوال على ضوء ما عرفوه من اصول المذهب وقواعده **رابعا**: تنظيم فقه المذهب وذلك بتنظيم احكامه وايضاح مجملها وتقييد مطلقها وشرح بعضها والتعليق عليها ودعمها بالأدلة وذكر المسائل الخلافية مع المذاهب الاخر وتحرير اوجه الخلاف وذكر الادلة لدعم قول المذهب وبيان رجحانه. **الدور السادس** الذي يبدا من سقوط بغداد في القرن السابع الهجري ويمتد الى وقتنا الحاضر لم ينهض الفقه من كبوته ولم يغير الفقهاء نهجهم فالتقليد قد فشا وشاع بينهم حتى صار امرا مالوفا لا يدعو الى العجب والانكار ومع هذا فقد وجد افراد افراد هنا وهناك لم يرضوا بالتقليد ونادوا بالاجتهاد المطلق بتلمس الاحكام من الكتاب والسنه دون تقييد بمذهب معين. **علاقة الفقه بالشريعة** ما هو الفرق بين بين الفقه والشريعة ت الفقـــه الشريعة --- ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- 1 يشمل الأحكام العملية أي: العبادات والمعاملات، وبهذا لا يشمل سوى الأحكام العملية فقط. تشتمل جميع الأحكام الشريعة المتعلقة بالعقيدة أو الأخلاق أو العبادات أو المعاملات، فهي أعم وأكثر شمولاً؛ لأنها تشمل جميع الأحكام. 2 الفقه يعتمد على نصوص الشريعة، أي: على القرآن والسنة، وأيضاً على المصادر التي شهدت لها الشريعة بالصحة والاعتبار كالاجماع والقياس، وان هذه المصادر لو لم تشهد لها الشريعة بالاعتبار لما أمكن للفقيه أن يستمد منها الأحكام الشرعية. تعتمد على الأحكام المنزلة من الله تعالى على نبيه محمد - في القرآن أو السنة النبوية والتي تقوم على الوحي الألهي، فهي تشريع ألهي لا مجال فيه لرأي الإنسان. وتقسم الأحكام الفقهية إلى نوعين: **الأول**: هو ما يغلب عليه جانب الرأي والاجتهاد، وهذا لا يعتبر من قبيل التشريع الألهي الذي لا تجوز مخالفته لكن هذه المخالفة تكون سائغة ما دامت مستند إلى دليل أقوى من دليل الرأي الفقهي المتروك أو مستندة إلى اجتهاد أقرب إلى روح النصوص. **ثانياً**: ما يضعف فيه جانب الرأي والاجتهاد، لانها أي: الأحكام ما تعرف من الدين بالضرورة. مثل وجوب الصلاة، وحرمة الزنا. هذه الأحكام تفهم مباشرة من قبل النص لا تحتاج إلى اجتهاد. مثل: حرمة نكاح الأمهات، لقوله تعالى: {حُرِّمَتۡ ‌عَلَيۡكُمۡ ‌أُمَّهَٰتُكُمۡ}، هذا تشريع ألهي لا يمكن مخالفته. **[المذاهب المشهورة التي بقي منها قائما مشهوراً إلى يومنا هذا وهي]:-** [الزيدية : زيد بن زين العابدين بن الحسين( عليه السلام )] مؤسس المذهب توفي عام 122 للهجرة وهو إمام الشيعة الزيدية , والزيدية هم الذين جعلوا الإمامة بعد علي زين العابدين إلى ابنه زيد , ومايزال هذا المذهب في اليمن وهم يعتمدون في استنباط الأحكام على القرآن والحديث والاجتهاد بالرآي والاخذ بالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة والآستصحاب [الاباضية : عبد الله بن اباض التميمي مؤسس مذهب الأباضية].توفي سنة 80 للهجرة والاباضية اكثر فرق الخوارج اعتدالا.ومصادر فقهم : القرآن والسنة والإجماع والقياس [المذهب الحنفي:] الإمام أبو حنيفة النعمان مؤسس المذهب ولد عام 80للهجرة وتوفي عام 150 للهجرة رحمه الله عاصر الدولة الأموية والعباسية وهو من أتباع التابعين، وهو إمام الرأي وفقيه أهل العراق , وأصول مذهبه : الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستحسان. [المالكية: مالك بن أنس مؤسس المذهب المالكي] ولد في عهد الوليد بن عبد الملك عام 93 للهجرة ومات في عهد الرشيد في المدينة عام 179 للهجرة , بنى مذهبه على ادلة عشرين : خمسة من القرآن , وخمسة من السنة , والبقية هي : الإجماع والقياس وعمل أهل المدينة وقول الصحابي والأستحسان والحكم بسد الذرائع ومراعاة الخلاف فقد كان يراعيه أحياناً , والاستصحاب والمصالح المرسلة وشرع ماقبلنا. [المذهب الشافعي: محمد بن ادريس الشافعي مؤسس المذهب الشافعي]. ولد في غزة بفلسطين عام 150 للهجرة وتوفي في مصرعام 204 للهجرة.اصول مذهبه : القرآن والسنة والإجماع والقياس. [المذهب الحنبلي :أحمد بن حنبل الشيباني مؤسس المذهب الحنبلي] ولد في بغداد عام 164للهجرة وتوفي عام 241 للهجرة.اصول مذهبه : القرآن والسنة وفتوى الصحابي والإجماع والقياس والاستصحاب والمصالح المرسلة وسد الذرائع. [الامامية : أبو جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار الأعرج القمي مؤسس مذهب الشيعة الإمامية] في الفقه المتوفى سنة 290للهجرة ولإمامية يقولون بإمامة اثني عشر إماما معصوماً , أولهم الإمام أبو الحسن علي المرتضى وآخرهم محمد المهدي الحجة وزعموا أنه مستور وأنه هو الإمام القائم.ويعتمدون في الفقه : بعد القرآن على الأحاديث التي رواها أئمتهم من آل البيت كما انهم يفتحون باب الإجتهاد ويرفضون القياس وينكرون الإجماع. [الظاهرية : داوود بن علي الاصبهاني الظاهري مؤسس المذهب الظاهري].ولد في الكوفة عام 202 للهجرة وتوفي في بغداد 290 للهجرة.وأساس المذهب الظاهري : العمل بظاهر القرآن والسنة , مادام لم يقم دليل على إرادة غير الظاهر, ثم عند عدم النص يأخذ بالإجماع , بشرط أن يكون إجماع علماء الأمة قاطبة , وأخذ الظاهرية بإجماع الصحابة , فإن لم يوجد النص أو الإجماع أخذوا بلا ستصحاب : وهو الإباحة الأصلية..فقط، اما القياس الاستحسان والذرائع وتعليل نصوص الأحكام بالاجتهاد فمرفوض , ولايعتبر دليلا من أدلة الأحكام عندهم , كما انهم يرفضون التقليد..انتشر هذا المذهب في الأندلس , وانقرض تماماً في القرن الثامن الهجري.

Use Quizgecko on...
Browser
Browser