الفن في العصر المتأخر - ورقة بحث PDF
Document Details
Uploaded by GlowingAnemone
Tags
Summary
هذه ورقة بحث عن الفن في العصر المتأخر في مصر، وتتناول تدهور الفن في تلك الفترة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، وتستعرض كيف استمرت دوافع الفن رغم ذلك. ترى الورقة أن عصر الأسرة السادسة والعشرين (العصر الصاوي) شهد نهضة حضارية في مجالات عدة بما فيها الفن، وتتناول خصائص الفن النحتي في هذه الفترة.
Full Transcript
## الفن في العصر المتأخر كان فن النحت في العصر المتأخر مابين (۱۰۸۵ - ۳۳۲ ق.م) تشوبه بعض مظاهر الضعف والتدهور، نظرا لتدهور اقتصاديات البلاد وذلك بعد أن استهلكت وقلت مواردها الداخلية، ولم يكن من شأن الفن في هذه الفترة أن يتوقع لها نهضة جديدة، ولكن استمرت دوافع الفن باقية ببقاء مطالب الدين ومطالب العا...
## الفن في العصر المتأخر كان فن النحت في العصر المتأخر مابين (۱۰۸۵ - ۳۳۲ ق.م) تشوبه بعض مظاهر الضعف والتدهور، نظرا لتدهور اقتصاديات البلاد وذلك بعد أن استهلكت وقلت مواردها الداخلية، ولم يكن من شأن الفن في هذه الفترة أن يتوقع لها نهضة جديدة، ولكن استمرت دوافع الفن باقية ببقاء مطالب الدين ومطالب العالم الآخر. من هنا شهد عصر الأسرة السادسة والعشرين ، والمعروف باسم العصر الصاوي ما بين (٦٦٤ - ٥٢٥ ق . م ، نهضة حضارية في مصر بعد فترة خمول واضمحلال لم تشمل عصر الأسرة السادسة والعشرون، ولهذا فإن العديد من الباحثين يطلقون عليه اسم عصر النهضة الأخير. وقد شملت هذه النهضة العديد من جوانب الحياة في مصر، ويمكننا أن نلحظ أثارها، فيما يتعلق بموضوعنا ، في الأعمال الفنية التي وصلت إلينا من تلك المرحلة والتي تشمل بالإضافة إلى بعض المخلفات المعمارية العديد من الأعمال النحتية. ومن أهم تلك الأعمال التي تُعرفنا بجوانب ازدهار فن النحت في هذه المرحلة مجموعة من التماثيل التي تصور أشخاصا مسنين والتي كشف عن أعداد كبيرة نسبياً منها علي سبيل المثال في مناطق (سايس والفيوم و منف و الكرنك)، تنوعت تماثيل الأفراد في العصر الصاوي ومن أمثلتها العديد من تماثيل الكتلة وبعض من التماثيل الكاملة وأنصاف التماثيل. وتهدف هذه الدراسة إلي دراسة هذه التماثيل التي تعد في حد ذاتها إحدى السمات المميزة لفن العصر الصاوي، من أجل التعرف علي خصائصها الفنية والسمات المميزة لأسلوبها الفني. كذلك فإنها تهدف في أثناء ذلك إلى إلقاء مزيد من الضوء علي السمات العامة المميزة لفن المرحلة ككل. والتي استعان فيها الفنان بالأساليب الفنية القديمة المعروفة في المراحل التاريخية السابقة والتي يستطيع مشاهدتها في الآثار الموجودة من حوله، ولكنه أيضا لم يكن بمعزل عن المرحلة التي يعيش فيها والتي شهدت احتكاكاً ثقافياً وحضارياً مع الشعوب المجاورة لمصــر ومـــع الجماعات اليونانية الوافدة إليها. إن دراسة مجموعة تماثيل المسنين يمكن أن تساعدنا علي توضيح الكيفية التي تفاعلت بها في فكر الفنان المصري القديم في تلك الآونة والأساليب الفنية القديمة والموروثة من عصور الازدهار السابقة في عصر الدول القديمة والوسطي ## والحديثة مع مستجدات عصره ، وكذلك الخصائص الفنية المحلية مع التيارات الجديدة الوافدة. كان لفناني العصر الصاوي تجارب مع أساليب فن الدولة الوسطي (المعروفة بالمدرسة المثالية) وتجارب أخري مع أساليب فن الدولة الحديثة و الرعامسة (المعروفة بالمدرسة الواقعية) وتجارب تجمع بين هذه الأساليب معا وصنعها الفنان بروح العصر الصاوي. تعرف الأسرة السادسة والعشرون بالعصر الصاوي نسبة إلي "صا الحجر" الحالية التابعة لمركز كفر الزيات – محافظة الغربية، مدينة سايس (Sais) القديمة. وكانت المدينة عاصمة الإقليم الخامس من مقاطعات الدلتا"، وكان اسمها المقدس (pr- Niet) منزل نيت التي تقع غرب الفرع الكانوبي مباشرة وتم تدوينها في قائمة الأقاليم بمقصورة الملك سنوسرت الأول بالكرنك ، وبها معبد للمعبودة نيت حامية الشمال وربة سايس. وقد ذُكر إقليم سايس من بين الستة والثلاثين إقليماً ذكرها استرابون (Strabo) ، وذكرها بلينيوس (Plinius) بين السبعة وأربعين إقليماً التي كانت تنقسم إليها مصر في ذلك الوقت ، أما بطليموس الجغرافي الذي عاش بعدهما بحوالي قرن تقريبا فقد ذكـــر ســــايس كعاصمة للإقليم الصاوي وحدد مكانها علي خط عرض ٣٠.٥٨ وخط طول ٥٣٠.٤٦ ، أما أول ذكر لاسم المدينة بطريقة صوتية وكاملة علي الجدار الغربي في هرم الملك أوناس أخر ملوك الأسرة الخامسة في السطر ٥٥٦ باسم "نيت محيت" بمعني "نيـت ربـة الشمال viiin. أول ما نلاحظه علي الأسلوب الفني لتماثيل الأفراد المسنين في العصر الصاوي، أنها جاءت متحررة من القيود التي كانت تكبل الفنانين في تجسيدهم للمعبودات والملوك وأضفي عليها نوعاً من الانطلاق والتنوع . لذلك فإن غالبية تماثيل الأفراد في هذا العصر جاءت معبره عن واقعية بحته، ولعل أكبر مثال علي تلك الواقعية التماثيل التي كانت تصور الأشخاص في سن الشيخوخة والتقدم ## في العمر والتي عُرفت بتماثيل الأفراد المُسنة. وكانت مظاهر التقدم في العمر حاله رغب الفنان في تمثيلها طوال التاريخ المصري القديم، وقد نجح في إخراج عدة نماذج لتماثيل تجسد واقعها، فبالرغم من بعض العوامل السياسية والدينية التي كانت تقيد حريته في بعض الأوقات، وتجعله مجبرا علي نحت كلا من تماثيل المعبودات والملوك في هيئة كلاسيكية خالية من التحرر والواقعية، إلا أنه استطاع التحرر من تلك القيود وأبدع في تمثيل الأفراد، واستعاض عن هذا الخوف ببعض الكلمات المدونة خلف التمثال باللغة المصرية القديمة التي تنم عن الرضا والرجاء من المعبود المحلي للاستعانة به من أجل التنعم في الحياة الأخروية. ومن العصر الصاوي نجد أن التماثيل المُسنة قد أتت بقمة المدرسة الواقعية التي تجسدت في تماثيل هذه الفترة وتصويرها بدون مبالغة، بالإضافة إلي إبراز أحداث الزمن علي أوجه التماثيل ". بالرغم من أن العودة إلي القديم كانت دليلا علي ما أنتاب الفنانين المصريين من خوف عندما رأي اليونانيين يستقرون في "نقراطيس" هذه الفترة ، فخافوا علي تراثهم من الضياع وعلي ذبول القوة الدافعة لدي الفنان المصري نحو التجديد ، حيث أنه ما من شعب يعيش علي أطلال الماضي، إلا وكان ذلك دليلا علي أفول حضارته وتدهوره . ومن الملامح الفنية لهذه الفترة صور الإبداع في نحت الشعر المستعار بأشكاله المختلفة، بالإضافة إلي الابتسامة التي ميزت غالبية تماثيل هذا العصر، والتي عرفت باسم "الابتسامة الصاوية" سواء كانت تلك التماثيل لملوك أو أفراد. كما نجد أن الفن في العصر الصاوي اتخذ نفس أساليب الفن في عصر الدولة القديمة في أشكال الملابس، وفي أوضاع أصحابها الواقفين والجالسين والمتربعين علي هيئة الكتبة، واظهروا تماثيل ملوكهم في مظاهر القداسة ومثلوا بنظرات رفيعة متسامية، واستحب المثالون فيه الأسلوب الواقعي الذي اشتهرت به طيبة، واستعانوا فيه علي إكساب تماثيلهم طابع التأثير والواقعية بأن تخلوا من تمثيل شعورها المستعارة، واكتفوا لأصحابها بالرؤوس الحليقة مما سمح لهم بأن يظهروا ضيق الرؤوس وأتساعها واستطالتها حسب ملامح ## أصحابها، واعتادوا أن يصقلوا وجوهها صقلاً كاملا كلما صنعوها من أحجار صلبة ذات حبيبات دقيقةxiv. يري د. ثروت عكاشه أن الفن المصري القديم مر بمرحلة انطلاق في العصر الصاوي، ثم عاد ليرتد لنقل النماذج القديمة دون إضافة أو ابتكار .. وأيضا د. سيد توفيق يري أن تحديد صعوبة تأريخ بعض التماثيل المجهولة الهوية ونسبتها لعصر الدولة الوسطي أو العصر المتأخر، مما جعل كريستيان ديروش تطلق علي هذه الفترة الفن الكلاسيكي الجديد) xvi. ## نماذج تطبيقية للأفراد المسنة من العصر الصاوي: رغم التزام الفنان بقواعد النحت لنماذج التماثيل المختلفة فلقد أبرز ملامح التحرر وازدادت معه روعه تماثيل الأفراد، حيث أبرز عليهم ملامح كبر السن سواء علي الجسد أو علي الوجه. وعلي الرغم من أن الفن في الأسرة السادسة والعشرين قد فضل التقليد ومحاكاة الفن في عصر الدولة القديمة من خلال تماثيل الملوك والأفراد، حتى أننا نجد أنه من الصعب تحديد التاريخ لبعض التماثيل المجهولة xvil. ومع ذلك نجد أن بعض تماثيل الأفراد اتخذت المدرسة الواقعية بصدق شديد حتـــى وصل إلي ذروته دون مبالغة أو تخفيف من حدتها وذلك من خلال ملامح الوجه وتسليط الضوء علي ما خلفته أحداث الساعة من ألم وقلق. ومن هنا نجد أن تماثيل الأفراد حققت تحريراً واضحا في التحرر من القيود والتي ساعدت علي تبيين أوجه الشبه بين التمثال وصاحبه بشكل فيه دقة واضحة تساعد المشاهد علي التعرف علي صاحب التمثال xvil .