منهجية التفكير والاستدلال في القضايا الفكرية المعاصرة PDF

Loading...
Loading...
Loading...
Loading...
Loading...
Loading...
Loading...

Summary

This document discusses the methodology of thinking and reasoning in contemporary intellectual issues. It explores the characteristics of ideas and complex issues, emphasizing the importance of methodology in understanding these issues. The text highlights the need for a methodical approach in dealing with contemporary intellectual issues, citing examples to illustrate potential pitfalls in thinking.

Full Transcript

‫منهجية التفكير واالستدالل في القضايا‬ ‫الفكرية ال ُمعاصرة‬ ‫د‪.‬فهد بن صالح العجالن‪.‬‬ ‫الفهرس‬ ‫املقدمة‪4................................................................................. :‬‬ ‫ما الداعي أو ما احلاجة إل احلديث عن املن...

‫منهجية التفكير واالستدالل في القضايا‬ ‫الفكرية ال ُمعاصرة‬ ‫د‪.‬فهد بن صالح العجالن‪.‬‬ ‫الفهرس‬ ‫املقدمة‪4................................................................................. :‬‬ ‫ما الداعي أو ما احلاجة إل احلديث عن املنهجية؟ ‪4.........................................‬‬ ‫تعريفات التفكري‪5........................................................................ :‬‬ ‫مِسات األفكار‪7.......................................................................... :‬‬ ‫مسائل معقدة ومركبة وليست مسائل سهلة‪7............................................... :‬‬ ‫ضا أهنا تتأثر بلغة التسويق وحسن العرض‪8............................................... :‬‬ ‫أي ً‬ ‫وال تنفك عن الضغط والعواطف البشرية‪8................................................. :‬‬ ‫هذه هي السمات اليت ت َع مقد موضوع التفكري‪ ،‬فماذا يتطلب إذن؟ ‪9..........................‬‬ ‫يتطلب وقتًا كافيًا‪9....................................................................... :‬‬ ‫ضا البد له من االستشارة‪9.............................................................. :‬‬‫أي ً‬ ‫والبد من مدارسة وموازنة‪10...............................................................:‬‬ ‫القواعد املنهجية‪10....................................................................... :‬‬ ‫القاعدة األول‪ :‬االتزان يف الشخصية‪10.................................................... :‬‬ ‫القاعدة الثانية‪ :‬تعميق منهجية االستدالل‪14............................................... :‬‬ ‫القاعدة الثالثة‪ :‬العناية أبصول األفكار واملرتكزات األساسية‪22.............................. :‬‬ ‫القاعدة الرابعة‪ :‬جتنب أغالط التفكري الشائعة ‪26............................................‬‬ ‫القاعدة اخلامسة‪ :‬املوضوعي ة ‪31............................................................‬‬ ‫القاعدة السادسة‪ :‬العناية ابلسؤال ‪34.......................................................‬‬ ‫القاعدة السابعة‪ :‬توظيف مهارات التفكري‪35............................................... :‬‬ ‫القاعدة الثامنة‪ :‬توظيف مهارات احلمجاج واالستدالل ‪36.....................................‬‬ ‫قواعد تطبيقية يف منهجية االستدالل‪37.................................................... :‬‬ ‫القاعدة األول‪ :‬إرجاع الدعاوى عن مقدمات األدلة ‪37......................................‬‬ ‫القاعدة الثانية‪ :‬االستفصال يف اجملمالت ‪38.................................................‬‬ ‫‪2‬‬ ‫القاعدة الثالثة‪ :‬التمييز بني األصل واالستثناء‪40............................................ :‬‬ ‫القاعدة الرابعة‪ :‬مراعاة اإلطار وإعادة تركيب السؤال‪41.................................... :‬‬ ‫القاعدة اخلامسة‪ :‬اإلمساك جبوهر النزاع‪44................................................. :‬‬ ‫القاعدة السادسة‪ :‬إظهار املضمرات الفاسدة ‪46.............................................‬‬ ‫القاعدة السابعة‪ :‬الرتكيز على مكامن اخلالف الكربى ‪46.....................................‬‬ ‫القاعدة الثامنة‪ :‬إظهار األقسام املخفية ‪47...................................................‬‬ ‫القاعدة التاسعة‪ :‬قلب الدليل‪47............................................................‬‬ ‫القاعدة العاشرة‪ :‬التمييز بني شرط الشيء م‬ ‫وعلَّتمه ‪48..........................................‬‬ ‫القاعدة احلادية عشرة‪ :‬إظهار احللقة املفقودة ‪49.............................................‬‬ ‫القاعدة الثانية عشرة‪ :‬إبراز املرجعية احلاكمة ‪49..............................................‬‬ ‫‪3‬‬ ‫املقدمة‪:‬‬ ‫السالم عليكم ورمحة هللا وبركاته‪ ،‬احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصلى هللا وسلم وابرك على نبينا حممد وعلى‬ ‫آله وصحبه أمجعني‪.‬‬ ‫أسأل هللاَ أن جيعل‬ ‫شاكر لكم حضوركم و ُ‬ ‫مجيعا‪ ،‬سعيد أن أكون معكم يف هذا اللقاء‪ٌ ،‬‬ ‫حيا هللا اإلخوة ً‬ ‫انفعا إن شاء هللا‪.‬‬ ‫هذا اللقاء لقاءً مبارًكا ً‬ ‫سيكون حديثنا أيها اإلخوة الكرام حول منهجية التفكري واالستدالل يف القضااي الفكرية املعاصرة‪.‬‬ ‫ما الداعي أو ما احلاجة إل احلديث عن املنهجية؟‬ ‫ألن املتلقي للقضااي الفكرية املعاصرة هو حباجة إىل العناية ابملنهجية أكثر من عنايته ابملعلومات‬ ‫نظرا ألن هذه املنهجية حتكم وتسيطر على هذه املعلومات‪،‬‬ ‫واحملتوايت اليت يتلقاها؛ ً‬ ‫شخصا يَدعي على آخر أنه‬ ‫ً‬ ‫من احلوادث الطريفة اليت ُحتكى أن دعوةً قضائيةً وصلت لقاض‪ :‬أن‬ ‫مكسورا‪ ،‬فيقول للقاضي أنه يعوضين أو يُصلح الكسر‪ ،‬فاملدعىى‬ ‫ً‬ ‫استعار منه براد شاي‪ ،‬وأعاده له‬ ‫عليه وك َل حماميًا يرتافع عنه يف هذه القضية‪ ،‬فتشكلت الئحة الدفاع من أربعة عناصر أساسية‪ ،‬يُداف ُع‬ ‫عن املدعى عليه أبنه بريء من خالل أربعة حماور رئيسية يقول‪:‬‬ ‫‪.1‬صاحبنا ما استعار منك أي شيء‪.‬‬ ‫‪.2‬مث هو ملا استعاره منك أرجعه إليك غري مكسور‪.‬‬ ‫مكسورا من قبل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪.3‬أو أنه ملا استعاره منك كان‬ ‫‪.4‬وأ ً‬ ‫ساسا ليس عندك بر ُاد شاي‪.‬‬ ‫كان هذا هو الدفاع الذي قدمه هذا احملامي‪.‬‬ ‫هذه القصة املعربة الرمزية تكشف عن حالة من اخللل الفكري عند كثري من الناس عندما يتعاملون‬ ‫كثريا من الناس يفعلون هذا‬ ‫مع القضااي الفكرية املعاصرة بنفس الطريقة‪ ،‬يعين هذه قضية طريفة لكن ً‬ ‫‪4‬‬ ‫من حيث ال يشعرون عند التعامل مع القضااي الفكرية املعاصرة‪ ،‬مع األحداث السياسية‪ ،‬مع الوقائع‪،‬‬ ‫يفكر بنفس الطريقة‪.‬‬ ‫فهنا أربع اجتاهات متناقضة ال جيمعها جامع؛ ألنه ينطلق يف كل جزئية بتفكري مشتت ال جيمعه أي‬ ‫جامع‪ ،‬فهنا أتيت أمهية املنهجية اليت تضبط اإلنسان‪ ،‬حبيث ال يتحرك كصاحبنا احملامي يف اجتاهات‬ ‫متناقضة ال جيمعها أي جامع‪ ،‬ولَيتها ال جيمعها أي جامع فقط فهذا أهون‪ ،‬بل إن كل اجتاه ينقض‬ ‫االجتاه السابق‪.‬‬ ‫تعريفات التفكري‪:‬‬ ‫قبل أن نتحدث عن املنهجية حنن حباجة إىل تعريف التفكري‪ ،‬هناك تعريفات كثرية للتفكري منها‪:‬‬ ‫أنه سلسلة من النشاطات العقلية اليت يقوم هبا الدماغ عندما يتعرض ملثري يتم استقباله عن طريق‬ ‫واحدة أو أكثر من احلواس فيتفاعل مع اخلربات واملعلومات املوجودة لتحقيق هدف أو نتيجة معينة‪.‬‬ ‫يعين أن التفكري هو‪ :‬آلية عمل بني املثرية اليت تطلقها احلواس‪ ،‬واملعلومات املسبقة فتخرج نتيجة‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫أحياان‪ ،‬وإال‬ ‫ويف احلقيقة أان ال أرى أننا حباجة إىل هذا التعريف‪ ،‬إمنا ذكرته فقط لضرورة ذكر تعريف ً‬ ‫كما يقال فإن تعريف الواضحات حييلها إىل مشكالت‪.‬‬ ‫ليس بوسعك أن تُ َعلم الناس التفكري‪ ،‬كل ما تستطيع فعله هو أن تعلمهم أموًرا يفكرون فيها مشكلة‬ ‫التفكري أنك ال تستطيع أن تقول للناس كيف يفكرون‪ ،‬وحىت تُطوَر التفكري عند أي شخص أنت‬ ‫حباجة فقط ألن تُدخل مدخالت جيدة حىت يفكر بطريقة صحيحة‪ ،‬لكن نفس آلية التفكري ال‬ ‫ميكن أن تعلم الشخص كيف يفكر إمنا ملا تدخل عليه طرائق أو موضوعات فكرية صحيحة ومسالك‬ ‫صحيحة يكون هو قد اكتسب هذه املهارة‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫القضااي اليت تشغل تفكريك تؤثر يف مستواك الفكري‪ ،‬والعالقةُ تفاعلية بني األفكار والسلوك‬ ‫واملشاعر‪ ،‬فال ميكن أن تفصل التفكري عن مشاعر اإلنسان وسلوكه؛ فأفكار اإلنسان تؤثر على‬ ‫سلوكه ومشاعره‪.‬‬ ‫دائما نسمع عن الفكر والتفكري والقضااي الفكرية ما رأيكم؟ ما تعريف‬ ‫القضااي الفكرية ما تعريفها؟ ً‬ ‫القضااي الفكرية؟ من يعرف؟ الفكر والقضااي الفكرية واملوضوعات الفكرية ما معناها؟ ما حدودها‬ ‫ما ضابطها؟‬ ‫إجاابت الطالب‪:‬‬ ‫‪ -‬طالب‪ :‬مسائل االجتهاد‪.‬‬ ‫مثال‬ ‫‪ -‬الشيخ‪ :‬أي مسائل اجتهاد تكون قضااي فكرية؟ مسائل االجتهاد يف الفقه قضااي فكرية؟ ً‬ ‫أحكام نواقض الوضوء‪ ،‬أو مسائل اخلالف‪ ،‬هناك خالفات يف املعامالت‪ ،‬يف اجلنائز وغريها‪ ،‬هل‬ ‫هذه مسائل فكرية؟ طيب هل كل القضااي الشرعية غري فكرية؟‬ ‫‪ -‬الطالب‪ :‬بعضها‪.‬‬ ‫‪ -‬الشيخ‪ :‬جواب دبلوماسي يعين حبيث أي جواب أقوله تقول يل داخل يف بعضها‪.‬‬ ‫‪ -‬الطالب‪ :‬الصراعات أو اخلالفات بني التيارات‪.‬‬ ‫‪ -‬الشيخ‪ :‬مجيل‪ ،‬هذا ما أراه له عالقة غالبًا‪ ،‬يعين أنت كأنك تشرح تقول‪ :‬الفكر هو هذه املشاكل‬ ‫املوجودة‪ ،‬مجيل‪ ،‬لكن ما تعريفها؟‬ ‫‪ -‬طالب‪ :‬موضوعات متعلقة بكل العلوم اإلنسانية‪.‬‬ ‫‪ -‬الشيخ‪ :‬طيب ماشي‪.‬‬ ‫جدا أن حيصل خالف وعدم وضوح يف حتديد مفهوم القضااي الفكرية؛ ألن تعريف‬ ‫طبعا من الطبيعي ً‬ ‫ً‬ ‫الفكر حبد ذاته ُمشكل‪ ،‬ليس هناك ضابط واضح حبيث تقول ما يدخل فيه وما خيرج منه‪ ،‬نعم هناك‬ ‫حماوالت لتقريب العناصر وضبطها‪ ،‬لكن ال ميكن وضع إطار حاسم له‪ ،‬لكن من املمكن أن نعرفه‬ ‫‪6‬‬ ‫بتعريف جيمع أكثر موضوعاته أبن نقول‪ :‬هي موضوعات معينة هلا أتثري على الواقع تتجاذهبا مسالك‬ ‫نظر خمتلفة‪.‬‬ ‫وليست أي موضوع‪ ،‬إمنا هي منط معني من املوضوعات ال بد أن يكون هلا أتثري على الواقع‪ ،‬فإن مل‬ ‫يكن هلا أتثري على الواقع ال تكون قضااي فكرية‪ ،‬والتأثري على الواقع مبعىن أهنا تريد أن تغري الواقع‪،‬‬ ‫تصلحه‪ ،‬أو تُ َعدله وهلا أتثري عليه‪ ،‬تتجاذهبا مسالك نظر خمتلفة‪ ،‬فطبيعة النظر‪ :‬أنه ال يقوم على نظر‬ ‫واحد إمنا هناك اجتاهات ومذاهب كثرية تتناول هذه القضااي‪ ،‬فالقضااي الفقهية مثال إذا دخلت يف‬ ‫حركة واقعية تطلب تغيري شيء‪ ،‬أو تعديل شيء‪ ،‬أو الزايدة عليه‪ ،‬هنا تتحول املسألة الفقهية إىل كوهنا‬ ‫مسألة فكرية‪ ،‬فهي يف أصلها فقهية جتريدية‪ ،‬لكن عندما متس الواقع ويكون فيها مطالبة بتعديل‬ ‫شيء أو تغيري شيء‪ ،‬حتولت هذه املسألة إىل مسألة فكرية؛ ألنه أصبح هلا أتثري على الواقع‪.‬‬ ‫مثال مسألة اقتصادية يف البحث االقتصادي‪ ،‬هي اقتصادية حمضة وليست فكرية‪ ،‬لكن ستنتقل إىل‬ ‫ً‬ ‫الواقع وتُطالب بتغيري واقع أو تعديله فتتحول إىل مسألة فكرية‪ ،‬وهذه فقط حماولة لتقريب مثل هذا‬ ‫املفهوم‪".‬قواعد منهجية يف التفكري واالستدالل" ‪ :‬سنتحدث يف اللقاء األول عن عدة قواعد‪،‬‬ ‫أراها مهمة يف نظر القضااي املعاصرة ‪،‬وبعد املغرب سأذكر أمثلة تطبيقية ونتناقش مجيعا يف كيفية‬ ‫دراستها منهجيًا وما اخللل املنهجي فيها‪.‬‬ ‫مِسات األفكار‪:‬‬ ‫أيها اإلخوة إن األفكار هلا عدة مسات وتراكيب فهي‪.‬‬ ‫مسائل معقدة ومركبة وليست مسائل سهلة‪:‬‬ ‫يعين مبجرد أن أقول هذه الصورة حكمها كذا واضح بصورة واحدة غالبًا ال‪ ،‬غالبًا جتدها ُمَركبَة حتتمل‬ ‫صورا كثرية أر ًبعا أو مخس صور‪ ،‬ومعقدة يتداخل فيها أحياان جانب شرعي مع جانب واقعي مع‬ ‫ً‬ ‫سهال؛ ألن فيها جانب تعقيد وتركيب‬ ‫نظرا ً‬ ‫ضرورة تغري معني‪ ،‬ففيها تعقيد جيعل النظر إليها ليس ً‬ ‫وتتضمن تفسريات خمتلفة‪ ،‬فالقضية الفكرية حتتمل أكثر من تفسري وهذا يعقد موضوعها أكثر‪ ،‬وفيها‬ ‫‪7‬‬ ‫مدارس متباينة‪ ،‬فهناك مدارس تنظر إىل القضااي الفكرية وعندها كتب وأحباث وحماضرات ورموز‬ ‫وشخصيات‪ ،‬فهذا جيعل األفكار ليست هينة‪.‬‬ ‫ضا أهنا تتأثر بلغة التسويق وحسن العرض‪:‬‬ ‫أي ً‬ ‫فمثال لو عندك شخص‬ ‫فاألفكار ال تُبىن فقط على جمرد القناعات العقلية‪ ،‬بل تتأثر حبسن التسويق‪ً ،‬‬ ‫أفكارا‪.‬‬ ‫متحدث بشكل جيد‪ ،‬لو عندك منتجات إعالمية ستمرر ً‬ ‫إذن هذا يُ َعقد املوضوع أكثر‪ ،‬إذ أصبح من املمكن ان متَُرر أفكار من خالل منتجات وأدوات غري‬ ‫فمثال‪ :‬األفالم أداة إعالمية ابلتنفيذ‪ ،‬هذه لغة غري علمية‪ ،‬لكنها من أقوى‬ ‫عقالنية وغري علمية‪ً ،‬‬ ‫الوسائل لنشر األفكار‪.‬‬ ‫إذن هذا حتد‪ ،‬وهذه مسة خطرية يف األفكار‪ ،‬أهنا من املمكن أن تتمدد بطرق غري علمية وال‬ ‫موضوعية‪.‬‬ ‫وال تنفك عن الضغط والعواطف البشرية‪:‬‬ ‫فاألفكار ال تتحرك مبنطق عقلي فكري فقط‪ ،‬ومن يقول أان شخص عقالين وال أحترك إال ابحلجة‬ ‫والربهان‪ :‬هو ما فهم األفكار؛ فهي تتمدد وتتأثر بعواطفك‪ ،‬فالشخص إذا كان بطبيعة معينة تتأثر‬ ‫وروية ‪ ،‬فنمط تفكريه يتأثر بصفته وبعض‬ ‫أفكاره حبسب طبيعته‪ ،‬فبعض الناس من طبيعته أنه ذو أانة َ‬ ‫الناس َعج ٌل‪ ،‬فيتأثر منط األفكار اليت يتبناها بشخصيته‪.‬‬ ‫فمثال كثري من‬ ‫أحياان يتخذ الشخص مواق ًفا بسبب ضغط العواطف‪ ،‬وليس بسبب املوقف العقالين‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫اقف فكرية ليس بسبب قناعة عقلية‪ ،‬هو يَدعي القناعة العقلية‪ ،‬لكن الدافع احلقيقي‬ ‫الناس اختذ مو َ‬ ‫فمثال بعض الناس أحلد بسبب موقف نفسي حصل له ‪ ،‬فتجده رمبا أصابه‬ ‫عاطفي بَ َشري‪ً ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫دافع‬ ‫ٌ‬ ‫أحدا تعامل معه بقسوة‬ ‫فمثال وجد والده أو ً‬ ‫مرض وما ُشف َي منه فأحلد‪ ،‬أو بسبب السلوك نعم‪ً ،‬‬ ‫أحياان‪ ،‬فإذا وقعت‬ ‫مثال‪ ،‬وهذا شيء الفت يف ظاهرة اإلحلاد‪ :‬أهنا تتبع الكوارث ً‬ ‫فأحلد‪ ،‬وقعت حرب ً‬ ‫حرب وحصلت فيها مقتلة‪ ،‬أحلد كثريٌ من الناس‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪8‬‬ ‫طبعا يتعذر مبشكلة الشر‪ ،‬وأين هللا عن هذا الشر؟ طيب قبل احلرب هذه‬ ‫فلماذا يُلحد؟ ساب ًقا هو ً‬ ‫جديدا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كنت تعرف عن هذه املشكلة؟ يعين هذه مشكلة عقلية‪ ،‬فالشر موجود يف الكون وليس‬ ‫فلماذا إذا وقعت حرب أحلد؟ ما الذي استجد؟ ال شيء جديد‪ ،‬ففي املنطق العقلي الدليل هذا ليس‬ ‫جديدا‪ ،‬بل هو موجود من قبل‪ ،‬لكنه ضغط العواطف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عاطفي ينتج منه موقف فكري‪ ،‬ألنه هكذا منط األفكار يتأثر بعواطف اإلنسان من حيث‬ ‫ٌ‬ ‫موقف‬ ‫ٌ‬ ‫ملحدا إمنا‬ ‫يشعر أو ال يشعر‪ ،‬ولذلك يُذكر عن صاحب النظرية املشهورة " تطور داروين" أنه مل يكن ً‬ ‫كما يقول أنه أحلد بسبب وفاة ابنته‪ ،‬فنفس النظرية مل تُؤد به إىل اإلحلاد‪ ،‬لكن ملا ماتت ابنته أحلد‪.‬‬ ‫لبوسا‬ ‫س ً‬ ‫موقف عاطفي‪ ،‬هذا املوقف العاطفي طبعا َسيُلبَ ُ‬‫إ ًذا املوقف مل يكن موقفا عقالنيًا‪ ،‬إمنا هو ٌ‬ ‫عقالنيًا‪ ،‬هذا البد منه‪ ،‬فال ميكن الح ًقا أن يقول‪ :‬أان موقفي عاطفي‪ ،‬إمنا سيُلبس هذا املوقف‬ ‫لبوسا عقالنيًا‪.‬‬ ‫العاطفي ً‬ ‫هذه هي السمات اليت ت َع مقد موضوع التفكري‪ ،‬فماذا يتطلب إذن؟‬ ‫يتطلب وقتًا كافيًا‪:‬‬ ‫وقت كاف من‬‫فالذي يريد أن يستوعب ويفهم ويدرك هذه القضااي الفكرية‪ ،‬البد أن يكون عنده ٌ‬ ‫استيعاب هذه املسائل‬ ‫َ‬ ‫دار َسة‪ ،‬والبد له من تفكري طويل حىت يستطيع‬‫البحث والقراءة والنظر واملُ َ‬ ‫والقضااي‪ ،‬ال بد أن يكون عنده وقت كبري تُطبخ فيه هذه القضااي يف عقله‪ ،‬ويتأمل فيها ويرتوى حىت‬ ‫صحيحا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يستوعبها ويستطيع أن يفهمها فيتخذها موق ًفا‬ ‫ضا البد له من االستشارة‪:‬‬ ‫أي ً‬ ‫ألهنا معقدة‪ ،‬وهلا اتريخ‪ ،‬فال ميكن لإلنسان أن يستفرد بنفسه يف معرفة اإلشكاالت والصعوابت يف‬ ‫هذه األفكار‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫والبد من مدارسة وموازنة‪:‬‬ ‫‪.1‬فهي أفكار معقدة‪ ،‬فالبد أن توازن‪ ،‬فتُخرج جانبًا عن جانب‪ ،‬تقول‪ :‬هذا صحيح‪ ،‬لكن هذا‬ ‫األص ُّح هذا عنده مشكلة خطأ يف كذا و كذا‪ ،‬فالتفكيك والتدقيق يتطلب موازنة وهذه‬ ‫أصح منه‪ ،‬و َ‬ ‫هي مسَةُ األفكار‪ ،‬والذي يريد أن يتعامل معها بقطع بلغة واحدة‪ ،‬وحسم‪ ،‬وسرعة‪ ،‬سيقع يف إغالق‬ ‫وإشكاالت كبرية‪.‬‬ ‫‪.2‬وحتتاج إىل دقة يف األحكام‪.‬‬ ‫القواعد املنهجية‪:‬‬ ‫كل هذا أيها اإلخوة كان املتطلبات حىت نصل إىل القاعدة املنهجية األوىل يف القضااي الفكرية‬ ‫املعاصرة‪...‬‬ ‫القاعدة األول‪ :‬االتزان يف الشخصية‪:‬‬ ‫وال أابلغ إن قلت أهنا أمهها‪ ،‬فمن ُحرم هذه الصفة سيقع يف إشكاالت كثرية‪ ،‬ظاهرها علم وحجاج‬ ‫ونقاش‪ ،‬لكن حقيقتها خلل يف الشخصية‪.‬‬ ‫فيجب أن يكون الشخص متزًان وصاحب إدراك وعقل؛ حبيث ملا يدخل هذا اجملال ليستفيد منه‪،‬‬ ‫نظرا ألن عنده شخصية متزنة حتميه من‬ ‫وينتفع به‪ ،‬ويتطور من خالله‪ ،‬ال يقع يف إشكاالته وأزماته‪ً ،‬‬ ‫هذه االحنرافات‪.‬‬ ‫ فالشخصية املتزنة هلا ضماانت‪:‬‬ ‫‪.1‬ضمان من العجلة‪ :‬فالشخصية املتزنة ليست َعجلَه‪ ،‬وهذه قضااي ال حتتمل العجلة‪ ،‬فالشخص‬ ‫املتزن من املمكن أن يبحث املسألة سنة أو سنتني أو ثالث حىت يستوعبها‪ ،‬أما َ‬ ‫العج ُل فرييد أن‬ ‫حيسم هذه املوضوعات خالل دقائق وحلظات سريعة‪ ،‬فيقع يف أخطاء كارثية‪ً ،‬‬ ‫نظرا ألن طبيعة هذه‬ ‫جانب احلسم السريع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫املوضوعات ال يصلح فيها‬ ‫‪10‬‬ ‫‪.2‬ضمان من سرعة التحوالت‪ :‬اليت نشاهدها بوضوح يف مشهدان الثقايف هذا اليت تصيب بعض‬ ‫الشباب السريع‪ ،‬أان ال أحتدث عن أصل التحول فهذه مسألة أخرى‪ ،‬أان أحتدث عن سرعة التحول‬ ‫ملاذا التحول السريع هذا؟ ما معىن التحول السريع؟ ان يكون شاب أو فتاة نشأت ونشأ يف بيئة‬ ‫متدينة وال حيمل أي إشكاالت وفجأة خالل أايم أو ساعات ينقلب على عقبه بشكل صاروخي‬ ‫متغري يف كل القضااي‪ ،‬رمبا أصحابه يقولون ما كنا نتوقع أن صاحبنا تغري هبذه الطريقة‪ ،‬حتول سريع‬ ‫يعين أسبوعني أو ثالث أو أربع أسابيع‪ ،‬تَغَري مباشرة‪.‬‬ ‫فيبدأ يتكلم عن التشكيك يف السنة‪ ،‬والطعن يف القرآن‪ ،‬وإاثرة الشكوك على أحكام وأحكام‪ ،‬ال‬ ‫وهنارا لو كان يقرأ أر ًبعا وعشرين ساعة‬ ‫ليال ً‬‫ميكن أن هذا التحول نشأ بسبب قراءة‪ ،‬يعين لو كان يقرأ ً‬ ‫جملسا‬ ‫ما ميكن أن يتحول هبذه القفزات الصاروخية‪ ،‬هذه القفزات سببها خلل نفسي‪ ،‬بوضوح حضر ً‬ ‫وش َعر أنه فعال أول مرة يسمعها‪ ،‬ومل حيسن التعامل معها‪ ،‬فأصابته‬ ‫فأثريت عليه شبهات صدمته‪َ ،‬‬ ‫حبالة شتات وضياع بدأ بعدها يقول‪ :‬حنن حباجة إىل إعادة الرتاث والنظر‪ ،‬وحنن حباجة‪ ،‬وحنن حباجة‪،‬‬ ‫ويبدأ يتقلب ويتغري سر ًيعا‪ ،‬ال ميكن أن يكون هذا بسبب قراءة موضوعية‪ ،‬نعم الشاب الذي يقول‪:‬‬ ‫وهللا أان يل مخس سنوات أقرأ وأانقش‪ ،‬وتغري‪ ،‬ما نقدر ندخله يف موضوع سرعة التحوالت‪ ،‬لكن يف‬ ‫شخصيات واضح أهنا حتولت بشكل سريع‪ ،‬فال شك أن اخللل يف الشخصية وعدم اتزاهنا كان سببًا‬ ‫من أسباب هذه التحوالت‪ ،‬فاملتزن سيحميه هللا من هذه اإلشكاالت‪ ،‬وال تسبب القضااي الفكرية له‬ ‫هذه التحوالت السريعة‪.‬‬ ‫‪.3‬ضمان من األحكام الغاضبة‪ :‬بعض الناس" أحكامه غاضبة"‪ ،‬أيتيه ُح ٌ‬ ‫كم جديد أول مرة فيبدأ‬ ‫حياان ما يكون فيها جتاوزات‪ ،‬وبغي‪ ،‬واعتداء على الناس‪ ،‬واألفكار واملذاهب‪ ،‬ال‬ ‫بَرمي األحكام اليت أ ً‬ ‫مسيطرا على أحكامه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يبايل ألنه غاضب‪ ،‬واملتزن ال يكون غضبه‬ ‫‪.4‬ضمان من األحكام اليائسة؛ فإذا حصل خطأ أو أمر معني ييأس من العمل‪ ،‬وييأس من‬ ‫أيضا أحكام غري متزنة تسببها بعض القضااي الفكرية على أصحاب‬ ‫اإلصالح‪ ،‬ومن نفع الناس‪ ،‬فهذه ً‬ ‫الشخصيات غري املتزنة‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪.5‬ضمان من التناقضات؛ أنه شخص يتخذ مواقف متناقضة بسبب شخصية غري متزنة‪ ،‬فمن‬ ‫املمكن أن يتخذ اليوم موق ًفا وبعد يومني ينقضه مث يرجع ينقض املوقف األول وهكذا‪.‬‬ ‫‪.6‬ضمان من التأثر ابللغة أكثر من املضمون؛ أتسره اللغة اجلميلة اللطيفة أكثر من املضمون وهذا‬ ‫جدا يف اإلعالم‪ ،‬فعندما تتحدث بلغة لطيفة وحمرتمة يقال عنك أنك إنسان واع ومثقف‬ ‫ظاهر ً‬ ‫ومفكر‪ ،‬وخطابك عقالين‪ ،‬فهذا غريب أن يُقال عن خطابك أنه عقالين إذا تكلمت بلُغة مجيلة‬ ‫بينما يُصبح خطابُك غري مقنع إذا تكلمت بلُغة شديدة‪.‬‬ ‫فما عالقة اللغة الشديدة ابإلقناع؟‬ ‫نعم أان ال أمدح اخلُلق الشديد‪ ،‬لكن ما العالقة بني اللغة اللطيفة‪ ،‬واحلجة واإلقناع؟‬ ‫أساسا‪ ،‬لكن ألن هناك حالة من الذائقة املعاصرة حتب الكالم اللطيف‪ ،‬فهذا الكالم‬ ‫ال تالزم ً‬ ‫أحياان كثرية من املضمون‪.‬فالتأثر ابللغة أكثر من التأثر ابملضمون يُعرب‬ ‫اللطيف يقنع الناس‪ ،‬مع خلوه ً‬ ‫عن عدم اتزان يف الشخصية‪.‬‬ ‫ُخط ُئ أسلوبه‪ ،‬لكن أُدقق‬ ‫شخصا أساء يف اللفظ‪ ،‬فبالشخصية املتزنة العاقلة أ َ‬ ‫ً‬ ‫مبعىن‪ :‬أنين إذا رأيت‬ ‫صحيح أن أسلوبك ما أعجبين‪ ،‬لكن كالمك صحيح ‪،‬وأقول على آخر‪ :‬أن‬ ‫ٌ‬ ‫فيما قال ‪،‬فأقول‪:‬‬ ‫أسلوبه لطيف لكن كالمه ابطل ‪،‬فال تكون لطافة األسلوب مؤثرة يف مترير الفكرة‪.‬‬ ‫والطريف حقيقة أيها اإلخوة‪ ،‬أنه حىت األخالق املعاصرة صارت تُ َقيم ب يعين دعنا نقول بني قوسني‪:‬‬ ‫" الربستيج اإلعالمي"‪.‬‬ ‫فإذا تكلم بلُغة لطيفة يف اإلعالم وأحسن التعامل مع وسائل اإلعالم‪ :‬يُ َقيم أبنه خلوق‪ ،‬وحمرتم‬ ‫كأخالق النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬يعين يقيم كأنه النموذج املثايل لألخالق‪ ،‬بينما الذي ال‬ ‫ُ‬ ‫وأخالقه‬ ‫ُحيسن التعامل مع هذه األدوات‪ :‬يُ َذك ُر أبخالق النبوة‪ ،‬وكيف أنه ُم َقصٌر يف األخالق‪ ،‬يعين ربطت‬ ‫أانس ال حيسنون التعامل‬ ‫خلل كبري؛ فهناك ٌ‬‫أخالق اإلسالم و قيَ َمهُ بكيفية تعاملك مع الكامريا؟ هذا ٌ‬ ‫مع شبكات التواصل االجتماعي‪ ،‬فلما يكتب شيئًا يف" تويرت" أو " فيسبوك " ال يعرف أدوات‬ ‫أانس ال‬ ‫أحكاما غري مناسبة‪ ،‬فهناك ٌ‬ ‫ً‬ ‫التواصل فمن املمكن أن يكتب عبارة غري مناسبة‪ ،‬أو يرمي‬ ‫‪12‬‬ ‫طبعا من فهم فهذا أفضل‪ ،‬لكن من مل يفهم املزاج ؛ فبدأ يتكلم بلُغة‬ ‫يفهمون املزاج‪ ،‬و يفهمون اللغة‪ً ،‬‬ ‫خمالف هلَدي النيب صلى هللا عليه وسلم وتعطيه كل‬ ‫ال تناسب املزاج فال تتعامل معه على أنه فاقد أو ٌ‬ ‫الكوارث اليت تُسل ُمهُ لشخص ال أخالق له؛ فجزءٌ منها ليس مرتبطًا ابألخالق‪ ،‬بل مرتبط ابملزاج و‬ ‫الذائقة العامة اليت اعتاد عليها أهل صنعة‪ ،‬أو شبكة‪ ،‬أو آلية ُم َعي نَه‪ ،‬تعودوا على طريقة من اجلميل‬ ‫والرائع أن تراعيها‪.‬‬ ‫مجيل ورائع‪ ،‬لكن الشخص الذي ال حيسن التعامل معها ال أتعامل معه على أنه منتهك لألخالق‬ ‫هذه قضية مهمة‪ ،‬مبعىن أنه قد أييت أحد الناس فيتكلم أمام الكامريا بعبارة غري الئقة ‪،‬نقول‪ :‬خطأ أن‬ ‫مثال‪ ،‬قد تقول يعين‬‫تقول هذا أمام الكامريا‪ ،‬طيب لو قاهلا خارج الكامريا يعين يف جملس خاص ً‬ ‫تس َامح فيها‪ ،‬أو يعين أفضل ال تَ ُقلها ‪،‬فإذا قاهلا أمام الكامريا وهي غري الئقة‪ ،‬ال تتعامل معه كأنه‬ ‫ُم َ‬ ‫وقع يف كارثة أخالقية كبرية‪ ،‬إمنا يقال أنه مل حيسن التعامل مع الكامريا‪ ،‬ومل حيسن التعامل مع املزاج‬ ‫اإلعالمي‪ ،‬ومن املفرتض أن يكون خطاب اإلنسان مناسبًا‪ ،‬لكن املقصد أن ال تكون األخالق‬ ‫والقيم مرتبطة حبسب املعتاد إعالميًا‪ ،‬أو املعتاد حبسب فئة معينة؛ ألن هذا التأثر ابللغة أكثر من‬ ‫التأثر ابملضمون يُ َعربُ عن إشكال " ضغط اللحظة الراهنة"‬ ‫‪.7‬ضمان من ضغط اللحظة الراهنة؛ واملقصود ابللحظة الراهنة‪ :‬أن حتدث أحداث معينة تضغط‬ ‫ففعال يف حلظة راهنة قد يكون هناك موضوعات‪ ،‬أو‬ ‫عليك‪ ،‬أما املتزن فال تعبث به هذه الضغوط‪ً ،‬‬ ‫مجيعا‪،‬‬ ‫أحكام‪ ،‬أو أمور تؤثر علينا ً‬ ‫ومشاال وال يكون واعيًا هبذه اللحظات‪ ،‬ولعل‬ ‫فاملتزن ال يركب موجتها‪ ،‬فهي تعبث ابإلنسان ميينًا ً‬ ‫احلديث عنها يؤجل إن شاء هللا إىل ما بعد العشاء؛ لطرح مناذج عملية عن‪ :‬كيفت تؤثر اللحظات أو‬ ‫شخص فكرة مث أييت بعد سنتني يلعنها ويسبها ويشتمها هو‬ ‫ٌ‬ ‫املوجات الفكرية على األفكار‪ ،‬فيَ تَ بَىن‬ ‫نفسه مل يتغري إمنا هي موجة وذهبت‪ ،‬فبقي هو بعقله مستغرًاب ومتعجبًا كيف كان يقول هذا الكالم‬ ‫أحياان أقل؛ بسبب أن الشخص املتزن يتفطن أن ال يعيش حتت ضغط‬ ‫قبل مخس أو عشر سنوات أو ً‬ ‫حلظة معينة‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪.8‬ضمان من "الشعارات اإلعالمية"؛ هناك شعارات إعالمية تنتشر‪ ،‬فاملتزن ال خيضع لضغط هذه‬ ‫تعبث يب‬ ‫الشعارات‪ ،‬كلمة مجيلة أو مصطلحات تَُروج يف اإلعالم‪ ،‬ال أكون أسري هذه لشعارات ُ‬ ‫بذات اليمني وذات الشمال‪ ،‬إمنا يكون عندان من العقل واالتزان ما حياكم هذه الشعارات وال يكون‬ ‫طيعا حتتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هذه أيها اإلخوة كانت القاعدة املنهجية األساسية األوىل‪ :‬وهي االتزان يف الشخصية‪ ،‬وأعتقد أهنا من‬ ‫أهم القضااي املنهجية يف الفكر فيما يتعاطى مع قضااي الفكر املعاصرة ‪،‬واخللل فيها هو سبب أساسي‬ ‫لكثري من اخللل املعاصر‪ ،‬ويؤكد لك هذا‪ :‬أن بعض الناس ملا كان يف تيار معني كان متطرفًا ‪،‬فإذا‬ ‫انتقل إىل تيار آخر ظَل متطرفًا ‪،‬فهو متطرف اأاي ما كانت الوجهة ؛ بسبب مشكلة ذاتية عنده أو‬ ‫مشكلة نفسية‪ ،‬من َع َجلة‪ ،‬أو طيش‪ ،‬أو سوء أخالق‪ ،‬أو عدم احرتام للناس‪ ،‬وعدم تقدير املواقف‬ ‫واملوازنة بني األمور‪ ،‬فخلل كهذا إذا كان متدينًا‪ :‬يوجهه إىل الغلو‪ ،‬أما إذا احنرف وأصبح علمانيًا‬ ‫أيضا إىل معاداة التدين وأَهله‪ ،‬فالعداء الصريح لبعض األحكام هو نفسه منط تفكري‬‫وليرباليًا‪ ،‬وجهه ً‬ ‫خمتل‪ ،‬يتأثر أبي جهة‪.‬‬ ‫مداخالت قبل البدء ابلقاعدة الثانية؛ ُمداخالت من الدقيقة ‪ 28:24‬إىل ‪36:40‬‬ ‫القاعدة الثانية‪ :‬تعميق منهجية االستدالل‪:‬‬ ‫القضااي الفكرية املعاصرة مبنية على نزاع وصراع وحبث حول قضااي معينة‪ ،‬كل طرف كل اجتاه حياول‬ ‫أن يربهن ويُثبت أن رؤيته هي األصح وأن منهجه هو األقوم‪.‬‬ ‫إذن هي كلها تقوم بشكل أساسي على مسلك االستدالل‪ ،‬كل االجتاهات تستدل وتناقش وترد‬ ‫فمن املهم أن حيرص اإلنسان على منهجية االستدالل هذه‪ ،‬كيف أعمقها يف نفسي حىت أستطيع أن‬ ‫أستفيد من قضااي فكرية وأؤثر فيها وال أأتثر أبي إشكاالت فيها‪.‬‬ ‫ منهجية االستدالل تقوم على‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬صحة املصدر؛ فال ميكن أن يستدل إنسان مبصدر غري معترب‪.‬‬ ‫‪ً )1‬‬ ‫‪14‬‬ ‫املصادر اليت ال خيفى أهنا من أصول االستدالل عندان‪ ،‬سواءً كانت الكتاب والسنة واإلمجاع والقياس‬ ‫أيضا هذا يعترب صحة مصدر؛ يعين ال‬ ‫وغريها‪ ،‬أو أصول االستدالل ابلعقل فيما هو من جمال العقل ً‬ ‫مثال مبنامات أو تفضيل‬ ‫بد أن يكون مصدر صحيح‪ ،‬إذا كان مصدر خاطئ كشخص يستدل ً‬ ‫شخصي معني أو رغبات شخصية‪ ،‬هذه ليست مصادر معتربة‪.‬‬ ‫صحيحا‪ ،‬ال بد أن يكون االستدالل‬ ‫ً‬ ‫‪ )2‬اثنيًا‪ :‬صحة االستدالل؛ ال يكفي أن يكون الدليل‬ ‫صحيحا وال يكفي‪ ،‬بل ال بد أن يكون مثة سالمة االستدالل على حمل النزاع‪ ،‬فقد أتيت بدليل‬‫ً‬ ‫صحيح واستدالل صحيح‪ ،‬لكن استداللك الصحيح ليس متعل ًقا مبحل النزاع‪.‬‬ ‫إذن جيب أن يكون هناك دقة شديدة يف التعامل مع الشخص املستدل‪ ،‬ال أنخذ االستدالل بكل‬ ‫يسر وسهولة‪ ،‬ال‪ ،‬هناك صرامة‪ ،‬حني تستدل جيب أن يكون دليلك على نفس حمل النزاع‪ ،‬بل ال‬ ‫يكفي‪ ،‬جيب أال يكون مثة استدالل أقوى منه‪ ،‬فقد يكون دليلك صحيح واستداللك صحيح ويف‬ ‫حمل النزاع‪ ،‬لكن عندك دليل أقوى منه‪ ،‬فاملفرتض أال أتخذ هذا االستدالل وعندك استدالل أقوى‬ ‫منه‪.‬‬ ‫وهذا سبب نزاع الفقهاء ‪-‬رمحهم هللا‪ ،-‬نزاع الفقهاء أكثره يقوم على هذه اجلزئية‪ ،‬ليس نزاع الفقهاء‬ ‫أهنم ليس عندهم أدلة‪ ،‬إمنا البحث يف الدليل األقوى‪ ،‬فهو يقول لك‪ :‬أان أُسلم لك أن الدليل الذي‬ ‫تستدل به صحيح‪ ،‬لكن دليلي أقوى منه‪.‬‬ ‫وهنا أييت املستوى يف احلوار والنزاع على مستوايت عالية‪.‬إ ًذا أحاول أان أن أجتهد يف أن أثبت أن‬ ‫استداليل أرفع وأقوى من استداللك‪ ،‬كالان يستدل بشكل صحيح لكن أيُّنا أوىل ابالستدالل‬ ‫األصح؟‬ ‫جدا يف منهجية االستدالل‪.‬‬ ‫أيضا مستوى عال ً‬ ‫هذا ً‬ ‫‪ )3‬اثلثًا‪ :‬متييز درجات الدليل؛ األدلة ليست واحدة‪ ،‬قد يكون دليل قطعي أو ظين أو أقل من‬ ‫ذلك أو اجتهاد سائغ‪ ،‬فمن املهم للشخص أن مييز درجات االستدالل‪.‬بعض الناس ال مييزها‬ ‫ويتعامل مع الدالئل كأهنا واحدة وهذا غري صحيح‪ ،‬فالدرجات متفاوتة‪.‬‬ ‫‪15‬‬ ‫ابعا‪ :‬اختيار األرجح؛ فال يكفي جمرد يعين إذا قلت األرجح معناها الثاين مش يعين سائغ لكن‬ ‫‪ )4‬ر ً‬ ‫هذا عندي أرجح منه‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬إعطاء أدلة اخلصوم حقها؛ فاخلصوم حني يستدلون من املهم أن يفهم الشخص ماذا‬‫ً‬ ‫‪)5‬‬ ‫استدلوا‪ ،‬ويناقشها‪ ،‬ويبني ما عليها من قوة وما فيها من ضعف‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬حدود كل مصدر؛ كل مصدر له حدود يف االستدالل جيب أن تكون حاضرةً يف ذهن‬ ‫ً‬ ‫‪)6‬‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫جدا مهم أن األنسان يعود ويدرب‬ ‫إذن أيها األخوة‪ ،‬منهجية االستدالل تقوم على مسارات دقيقة ً‬ ‫صحيحا ال بد أن ينظر‬ ‫ً‬ ‫ذهنه على مالحظتها عندما يقرأ‪ ،‬فال يقبل أي استدالل وإذا جاء االستدالل‬ ‫هل مثة أقوى منه‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫ أمثلة على الواعد املنهجية‪:‬‬ ‫لنطبق على قاعدة منهجية مهمة يف االستدالل‪ ،‬سنذكر مثال مث نذكر القاعدة اليت ميكن أن نستلها‬ ‫منه‪.‬‬ ‫‪.1‬تكفري مرتكب الكبرية مذهب اخلوارج ‪-‬كما هو معروف‪ -‬أهنم يكفرون مرتكب الكبرية‬ ‫السؤال‪ :‬ما دليل اخلوارج على تكفري مرتكب الكبرية؟ هلم أدلة أم ليس هلم أدلة؟ هلم أدلة‪.‬‬ ‫ب اَّللُ‬ ‫﴿وَمن يَقتُل ُمؤمنًا ُمتَ عَم ًدا فَ َجز ُاؤهُ َج َهن ُم خال ًدا فيها َوغَض َ‬ ‫ملا يقرأ اإلنسان قول هللا تعاىل‪َ :‬‬ ‫ذين ال‬ ‫﴿وال َ‬ ‫ظيما﴾ هذه اآلية تدل عالم تدل؟ أال تدل على الكفر؟ َ‬ ‫ذااب عَ ً‬ ‫عَلَيه َولَعَنَهُ َوأَعَد لَهُ عَ ً‬ ‫لق‬ ‫ك يَ َ‬ ‫فس اليت َحرَم اَّللُ إال ابحلَق َوال يَزنو َن َوَمن يَفعَل ذل َ‬ ‫آخ َر َوال يَقتُلو َن الن َ‬ ‫يَدعو َن َم َع اَّلل إهلًا َ‬ ‫هاان﴾ وهؤالء؟‬ ‫يامة َو َخيلُد فيه ُم ً‬ ‫وم الق َ‬ ‫ذاب يَ َ‬ ‫َاثما يُضاعَف لَهُ العَ ُ‬ ‫أ ً‬ ‫الحظوا اآلن "ال يزين الزاين حني يزين وهو مؤمن" ‪" ،‬ليس وراء ذلك من اإلميان حبة خردل"‪.‬‬ ‫هذه أدلتهم‪ ،‬هذه األدلة تدل على ماذا؟ على تكفري مرتكب الكبرية‪ ،‬الدليل نفسه أال يدل عليه؟‬ ‫يدل عليه‪ ،‬إذن أين اخلطأ؟‬ ‫َقيموا الصالةَ َوآتُوا الزكاةَ﴾ تدل على كفر‬ ‫﴿وأ ُ‬ ‫مثال َ‬ ‫دليل اخلوارج ليس من قبيل أهنم جاؤوا فقالوا ً‬ ‫اترك الصالة‪ ،‬ال يستدلون هكذا بدليل ليس له أي داللة‪ ،‬ال‪ ،‬دليل اخلوارج فيه داللة‪ ،‬اخلطأ‬ ‫‪16‬‬ ‫واالحنراف والغلط الذي دخلهم أهنم أخذوا بعض الكتاب وكفروا ببعض‪ ،‬أخذوا ببعض الداللة وتركوا‬ ‫جدا على التكفري‪ ،‬لو مل يكن عندان‬ ‫بعض‪ ،‬فلو مل يكن عندان إال هذه الدالئل فهي دالئل صرحية ً‬ ‫غريها‪.‬‬ ‫اخلطأ الذي وقعوا فيه أهنم مل أيخذوا بكل الداللة فضلوا‪.‬أخذوا ظواهر معينة لو مل تكن إال هذه وال‬ ‫يعارضها غريها‪ ،‬لكان دليلهم إن مل يكن صو ًااب فهو اجتهادي‪ ،‬لكن مثة دالئل أخرى تُقيد هذا املعىن‬ ‫نظرا لضيق عطنهم وسوء فهمهم واعتدادهم آبرائهم وعدم أخذهم بفهم‬ ‫وتبني خطأ فهمك‪ ،‬فهم ً‬ ‫الصحابة‪ ،‬اشتطوا فأخذوا هبذا الفهم فضلوا واحنرفوا‪.‬‬ ‫إذن هذه تبني لك قاعدة منهجية يف االستدالل‪ ،‬أن االستدالل ال يؤخذ بنصوص مقطعة‪ ،‬ال أتخذ‬ ‫نص تقول يل هذه داللة النص‪ ،‬الشريعة ال تقرأ بطريقة مقطعة‪ ،‬تقرأ نص وتنزع عن كل األحكام‬ ‫وكل الدالئل وكل التفسريات وتبنيه لوحده‪ ،‬فتقع يف ش ٍر من مذاهب اخلوارج‪.‬‬ ‫وهذا يكشف لك احنراف بعض املعاصرين إذا استدلوا بطرائقهم يف االستدالل‪ ،‬فتقول هلم‪ :‬استدالل‬ ‫اخلوارج أقوى من استدالالتكم‪ ،‬يعين كثري من استدالالت املعاصرين على بعض األحكام استدالل‬ ‫مقطعا بينما املنهج الشرعي أن أتخذ‬ ‫اخلوارج أقوى‪ ،‬اخللل نشأ عند اخلوارج وعندهم أنه أخذ الدليل ً‬ ‫معزوال عن بقية النصوص‪.‬‬ ‫مجيعا؛ يعين ال تقرأ النص ً‬ ‫الداللة ً‬ ‫وهذه مسالك أهل العلم‪ ،‬أهنم يقرأون النصوص قراءةً واحدة‪ ،‬فهذا النص مشدود بنص آخر‪،‬‬ ‫ومفسر بفعل النيب ﷺ وأبقوال النيب ﷺ وهكذا‪ ،‬فال ينزعها انتز ً‬ ‫اعا‪.‬‬ ‫أساسا‪ ،‬هو‬ ‫ألجل ذلك عند بعض املعاصرين طريقة‪ ،‬ال نقدم السنة على القرآن هذا التفكري خطأ ً‬ ‫يتوهم أنك اعمل ابلقرآن فإذا رأيت السنة ختالف القرآن فكر تقدم القرآن أم السنة‪ ،‬هذا التفكري كله‬ ‫مجيعا‪ ،‬يعين ال ميكن أن تفهم القرآن إال وأنت عامل ابلسنة‪..‬‬ ‫خطأ؛ السنة والقرآن تُفهم ً‬ ‫متاما مث يرى ماذا يف السنة‪ ،‬ليست هذه‬ ‫فلم يكن أهل اإلسالم أييت يقرأ القرآن مث يفهم ويستوعب ً‬ ‫مجيعا‪ ،‬فهذه القراءة الشمولية هي اليت حتمي اإلنسان من اخللل‬ ‫آلية التفكري‪ ،‬وإمنا تقرأ القرآن ابلسنة ً‬ ‫‪17‬‬ ‫الذي يقع فيه كثري من الناس الذين يقطعون االستدالالت فيأخذ جزء من القرآن أو جزء من السنة‬ ‫أو أيخذ القرآن دون السنة‪ ،‬أو السنة دون القرآن‪ ،‬فيقع يف مثل هذه اإلشكاالت‪.‬هذا إشكال قدمي‪.‬‬ ‫عاصرا‪ :‬جناة من مل يؤمن مبحمد ﷺ من أهل الكتاب‪.‬‬ ‫إشكاال ُم ً‬ ‫ً‬ ‫‪.2‬أنخذ‬ ‫آم َن ابَّلل َواليَوم اآلخر‬ ‫ئني َمن َ‬ ‫ذين هادوا َوالنصارى َوالصاب َ‬ ‫آمنوا َوال َ‬ ‫ذين َ‬ ‫قول هللا تعاىل‪﴿ :‬إن ال َ‬ ‫وف عَلَيهم َوال ُهم َحي َزنو َن﴾ أال يدل هذا على أن‬ ‫ند َرهب م َوال َخ ٌ‬ ‫َجر ُهم ع َ‬ ‫َوعَم َل صاحلًا فَلَ ُهم أ ُ‬ ‫املؤمن من اليهود والنصارى اآلن من أهل اجلنة؟‬ ‫نص قرآن قطعي وفيه آيتان وليست آية واحدة‪ ،‬آية املائدة وآية البقرة‪ ،‬آيتان كلتامها تدل على جناة‬ ‫اليهود والنصارى بنص القرآن‪ ،‬ما اخلطأ؟‬ ‫إذا رجعنا لكتب أهل العلم جند العلماء يفسروهنا بتفسريين‪ ،‬من هم أهل الكتاب الذين ينجون يوم‬ ‫القيامة؟ تفسريان‪:‬‬ ‫‪ -‬املعىن األول‪ :‬من كان منهم كتابيًا مث آمن مبحمد ﷺ‪.‬‬ ‫‪ -‬املعىن الثاين‪ :‬أو كان ممن آمن أبنبيائهم قبل حممد ﷺ‪.‬‬ ‫‪ -‬املعىن الثالث‪ :‬حىت من كان كتابيًا وأدرك النيب ﷺ ومل يؤمن به‪ ،‬هذا احتمال‪.‬‬ ‫قران وال واحد ذكر املعىن الثالث هذا؟‬ ‫ملاذا العلماء كلهم على مدى أربعة عشر ً‬ ‫ألن هذا املعىن الثالث موجود عند املعاصرين‪ ،‬يلفت نظرك أنه وال واحد على كافة املذاهب حىت‬ ‫مثال مع أنك‬ ‫املذاهب البدعية‪ ،‬ال جتد حىت عند مذاهب أهل البدع أحد أدخل النوع الثالث‪ ،‬قالوا ً‬ ‫إذا حسبتها ابحتمال عقلي‪ ،‬تقدر أن تقول أن اآلية عامة‪ ،‬واألصل محل الكالم على عمومه‪ ،‬ال‬ ‫بتاات‪.‬‬ ‫شائعا‪ ،‬لكن ال يوجد ً‬‫شيء يدل على التخصيص‪ ،‬كمنطق املفرتض يكون على األقل ً‬ ‫السبب أن بعض املعاصرين يقرأ اآلية وكأنه ال يعرف شيئًا‬ ‫ُ‬ ‫مل تبدأ هذه اخلربطة إال عند املعاصرين؛‬ ‫جدا‪ ،‬لكن املتقدمون يعرفون أنه إذا قبل هذا‬‫فعال حمتملة ً‬ ‫آخر فالذي يقرأ اآلية فقط وهذه اآلية ً‬ ‫املعىن الثالث هدم القرآن كله‪ ،‬إذا استقبل املعىن الثالث هذا سيهدم القرآن كله‪.‬‬ ‫‪18‬‬ ‫حجرا وهتدم البناء كله؛ ألنك إذا قلت بصحة إمياهنم ودخوهلم اجلنة معناها‬ ‫ال يستقيم أن أتخذ ً‬ ‫َصحاب النار ُهم فيها خالدو َن﴾ ما‬ ‫ُ‬ ‫كأ‬‫ذين َك َفروا َوَكذبوا آبايتنا أُولئ َ‬ ‫﴿وال َ‬ ‫اآلايت تتكلم عن َ‬ ‫َهل الكتاب تَعالَوا إىل َكل َم ة‬ ‫معناها؟ (كفروا وكذبوا آبايتنا) كفروا ابلرسول ‪-‬أصحاب النار‪﴿ ،-‬اي أ َ‬ ‫جدا لن تستطيع فهمها‪ ،‬ستهدم‬ ‫َسواء بَينَنا َوبَينَ ُكم﴾ ﴿إن ُكنتُم ُحت بو َن اَّللَ﴾‪ ،‬عندك آايت كثرية ً‬ ‫القرآن كله الحتمال عقلي دخل عليك‪ ،‬هذا االحتمال نشأ بسبب القصور الذي عند بعض‬ ‫املعاصرين يُدخل عليهم هذه األمور؛ ألنه ينزع النص عن بقية االستدالل‪.‬‬ ‫وهذا ال جتده عند املتقدمني‪ ،‬فاملتقدمون هم علماء مدركون وال تدخل عليهم هذه التصورات؛ ألنه‬ ‫يعرف أنه إذا دخل هذا التصور الثالث هدم القرآن كله‪.‬‬ ‫طبعا أقوى‬ ‫إذن هذا خلل منهجي كبري يتفق مع نفس طريقة منهج اخلوارج‪ ،‬وإن كان منهج اخلوارج ً‬ ‫دليال من هذا املنهج لكن هي نفس املشكلة‪ ،‬أخذ دليل وقطعه عن بقية االستدالالت‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪.3‬مثال اثلث‪ :‬بعض املعاصرين يعرتض على حد الردة بقول هللا‪-‬تعاىل‪﴿ :-‬ال إكراهَ يف الدين﴾‬ ‫حديث آحاد‪ ،‬فنقدم القطعي على اآلحاد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فيقول‪ :‬هذه آية قطعية تُعارض‬ ‫نفس املشكلة‪ ،‬ليس يف كل تراث املسلمني أحد قال هبذا الكالم‪ ،‬كل الرتاث بل أشد املذاهب يف‬ ‫تقدمي عموم القرآن على السنة مذهب احلنفية‪ ،‬واحلنفية يقولون حبد الردة‪ ،‬ال مشكلة عندهم مع أهنم‬ ‫ال يرون ختصيص عموم القرآن خبرب السنة ‪-‬عموم احملفوظ‪ ،-‬ومع ذلك يقولون بتخصيصه‪ ،‬فهم أشد‬ ‫الناس ومع ذلك يقولون به‪.‬فليس هناك أحد مذهب وال شخص قال هبذا القول املعاصر‪.‬‬ ‫سؤال عجيب! قرون تقرأ القرآن ملاذا مل تعرتض؟ ملاذا مل تُشكل عليهم هذه اآلية؟ ملاذا خالل قرون‬ ‫كثرية ما جاء أحد وقال هذه اآلية تُعارض هذا احلديث‪ ،‬ما السبب؟ هي نفس املشكلة‪ :‬ألهنم‬ ‫يقرأون القرآن بشكل كامل فيعرفون أن إدخال بعض اإلشكاالت يهدم أصول االستدالل فال فيمكن‬ ‫أن يقبلوه‪.‬‬ ‫ألنك إذا قلت ﴿ال إكراهَ يف الدين﴾ تُعارض "من بدل دينه فاقتلوه" ما معىن هذا الكالم؟ معناه‬ ‫أنك فهمت أن ﴿ال إكراهَ يف الدين﴾ مبعىن أنه ال شيء غصب يف اإلسالم كله‪ ،‬ال يوجد إكراه وال‬ ‫‪19‬‬ ‫أحدا تُعارض‪.‬ال أحد يفهم عنده إدراك يسري فقط‬ ‫إجبار وال إلزام يف اإلسالم‪ ،‬وبناءً عليه حني جترب ً‬ ‫أبدا‪.‬‬ ‫من العلماء أن الشريعة ال إكراه فيها ً‬ ‫إذن أين تذهب احملرمات والواجبات واحلدود واجلهاد؟ أحكام كثرية أين ستذهب؟ فال أحد يفهمها‬ ‫أساسا هبذا الفهم حىت يستشكل عليه حديث "من بدل دينه"‪ ،‬إمنا دخل على املعاصرين أو بعض‬ ‫ً‬ ‫قصورا يف االستدالل فيغرق يف دليل واحد وليس عنده‬ ‫املعاصرين بسبب نفس املشكلة‪ ،‬أن هناك ً‬ ‫تصور عن البقية‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫يك إال‬ ‫ولذلك من الطرائف أن بعض املعاصرين يُعدد اآلايت الدالة على احلرية فيقول‪﴿ :‬إن عَلَ َ‬ ‫صيطر﴾ ﴿لَ ُكم دينُ ُكم َويلَ دين﴾ ﴿فَ َمن شاءَ فَليُؤمن َوَمن شاءَ‬ ‫ست عَلَيهم مبُ َ‬ ‫البَالغُ﴾﴿لَ َ‬ ‫فَليَك ُفر﴾‪ ،‬عددها بعضهم فأظنه وصلها أربعني آية‪ ،‬فقال أربعني آية بل بعضهم قال مئات اآلايت‬ ‫أو عشرات اآلايت‪.‬‬ ‫القضية ما هي؟ القضية أنه يقول قدامك أربعني آية‪ ،‬طيب اي أخي سؤال منطقي يسري‪ :‬األربعون آية‬ ‫مثال وأنت اكتشفت أن‬ ‫ملَ َمل تعرفها أمة اإلسالم كلها من قبل؟ هل كانوا يقرأون يف التوراة واإلجنيل ً‬ ‫ففعال ممكن يكون شيء جديد؟‬ ‫القرآن استدل به ً‬ ‫شيء غري منطقي‪ ،‬حىت يذهب بعض املعاصرين وهو من أهل العلم يقول أن هناك قوائم جتمع هذه‬ ‫اآلايت‪ ،‬وقال هذا يثبت أن احلرايت أصل قطعي كل عام ال ميكن نسخه وال ختصيصه‪.‬كيف جاء‬ ‫هذا األصل القطعي الكلي اجملزوم به هذا ومل يقل به أي عامل! أمعقول أن قطعيات اإلسالم الكربى‬ ‫اليت يدل عليها أربعون آية ال يعرفوهنا فقهاء اإلسالم؟‬ ‫القضية ليست أننا نعطل عقولنا‪ ،‬القضية منطقية بديهية‪ ،‬أتفهم أن تقول وهللا هذا قول خطأ أخطأوا‬ ‫فيه‪ ،‬تغري الزمان‪ ،‬يعين هذا مسار آخر‪ ،‬لكن أن تستدل أبربعني آية من القرآن وجتعله من أصول‬ ‫اإلسالم الكربى وهو غري موجود يف أي قول فقهي وال يف أي مدرسة وال يف أي مذهب‪ ،‬واضح أن‬ ‫أساسا يف‬ ‫خلال يف االستدالل والتفكري‪ ،‬فبدل أن نناقشك يف التفاصيل نقول‪ :‬عندك مشكلة ً‬ ‫هناك ً‬ ‫منط التفكري وال حاجة أن ندخل يف التفاصيل مع ظهور اخللل يف أصل املنهج‪.‬‬ ‫‪20‬‬ ‫مداخلة عند الدقيقة ‪54:12‬‬ ‫طبعا الفقهاء على مذاهب بعضهم يرى اآلية منسوخة ويعين يف اجتاهات لكن ما يف وال واحد أشكل‬ ‫ً‬ ‫عليه يف موضوع حد ردة مع إن فيه من الفقهاء من ال يقول ابلقتل كما روي عن سفيان وإبراهيم‬ ‫النخعي‪ ،‬لكن مل أحد منهم يعرتض ابآلية؛ فمعناها أنه خلل دخل من قصور االستدالل‪.‬‬ ‫يكن‬ ‫مجيعا‬ ‫نفس املشكلة أيخذ الدليل فيغرق يف جزئية معينة بدون إدراك لالستدالل الكلي للقرآن والسنة ً‬ ‫االستدالل عملية رايضية دقيقة ال يصلح فيها احللقات الصغرية املفقودة‪ ،‬يعين مهم أن الشخص‬ ‫يُدرب نفسه على االستدالل‪ ،‬ال يصلح أن تبين دليل مث فيه كذا حلقة سقطت ال‪ ،‬فيجب أن يكون‬ ‫بناء االستدالل متكامل أوله يشد آخره حىت تصل إىل النتيجة؛ االستدالل عملية ذهنية تتطلب‬ ‫مستمرا لتتحول إىل ملكة قوية وقادة‪ ،‬الشخص الذي يتمرن على االستدالل والتفكري ستنمو‬ ‫ً‬ ‫تدريبًا‬ ‫مع الوقت هذه املهارة‪ ،‬والذي ال يتعود ستضمر ومتوت‪ ،‬فهي رايضة ذهنية الذي مل يتعود عليها‬ ‫جدا أنه يستحضر إشكاالت‪ ،‬بينما الذي تعود على االستدالل وهو يستدل هو‬ ‫سيجد صعوبة ً‬ ‫مستحضر أن الدليل فيه ‪ 14‬إشكال يعرفها فيحاول جييب عنها ألنه تعود فتتحول إىل شيء طبيعي‬ ‫نظرا ألنه درب ذهنه على هذا االستدالل‪ ،‬عكس الشخص الذي مل يتعود فإنه سيجد صعوبة‬ ‫جداا ً‬ ‫يف بناء الدليل فيبين الدليل مث ينبه فيه خطأ فريوح يصلح اخلطأ ينبه فيه خطأ اثين ما تعود على أنه ملا‬ ‫يستدل جيب يكون الدليل مكتمل البنية‪ ،‬كيف أعرف أنه مكتمل البنية؟‬ ‫التدرب يعلمك أين مكامن اخلطأ يف االستدالل فتكون حاضرة يف عمق اإلنسان من دون أن يشعر‬ ‫حبيث يكون تفكري ال واعي‪.‬‬ ‫ا لدليل أيها االخوة موصل للحق لكن ضعف االستدالل يضيع احلق؛ الدليل موصل احلق‪ ،‬لكن‬ ‫قادرا على إيصال الناس إليه إذا مل تكن صاحب‬ ‫كونك تتبىن احلق وتدعو إليه ال يعين أنك تكون ً‬ ‫بيان صحيح فضعف االستدالل يضيع احلق فقد تكون أنت تنصر منهج أهل السنة‪ ،‬لكن ألدلتك‬ ‫اخلطأ وطريقتك الغري مستقيمة تضيع الناس عن احلق فهنا مشكلة ضعف االستدالل أنه يضيع احلق‬ ‫صحيحا لكن استداللك خاطئًا فيرتتب عليه ضياع احلق عن الوصول إىل من‬ ‫ً‬ ‫فقد يكون قولك‬ ‫‪21‬‬ ‫ختاطب‪ ،‬طيب هذه ما يتعلق ابلقاعدة الثانية وهي قاعدة تعميق ركائز االستدالل أو منهجية‬ ‫االستدالل‪.‬‬ ‫مداخالت قبل البدء ابلقاعدة الثالثة؛ مداخالت من ‪ 57:25‬إىل ‪1:05:25‬‬ ‫القاعدة الثالثة‪ :‬العناية أبصول األفكار واملرتكزات األساسية‪:‬‬ ‫واملقصد هنا أن القارئ واملتابع للقضااي الفكرية املعاصرة جيب أال يضيع يف األمثلة والشواهد‬ ‫أحياان معرفة التفاصيل‪ ،‬لكن إذا‬ ‫ً‬ ‫ض ُّرك‬ ‫والتفصيالت عن األصول؛ ألنك إذا أمسكت األصل ال يَ ُ‬ ‫أحياان ال تستفيد شيئًا‪ ،‬فهنا من املهم أن أركز على األصول‪ ،‬ألنه ليس‬ ‫ً‬ ‫ضعت يف التفاصيل قد‬ ‫أحياان أن تعرف تفاصيل كثرية‪ ،‬لكن كثرة التفاصيل قد ما تكون مفيدة إذا الشخص مل‬ ‫ً‬ ‫ابلضرورة‬ ‫يتحرر له األصول اليت تعتمد عليها األفكار‪.‬‬ ‫ َّم َّنزع االستدالل يكشف عن األصول الفكرية‪:‬‬ ‫‪.1‬ففي االستدالل الفقهي يقولون‪ :‬عكس التعليل قاعدة‪ ،‬ففي الفقه ملا تقول هذا حرام ألنه كذا‬ ‫معناها أن هذه تعترب قاعدة استدالل‪ ،‬وهذا مثاهلا‪.‬‬ ‫حمرم؛ ألنه راب فضل‪ ،‬إذن راب الفضل قاعدة‬ ‫مثال راب الفضل متر بتمر ٌ‬ ‫مثال‪ :‬الراب حرام؛ ألن ً‬ ‫فأقول ً‬ ‫استدالل‪ ،‬أصبحت عندك قاعدة فقهية وهذا مثال من أمثلتها‪ ،‬فهنا التعليل يكشف لك‪ ،‬بعكس من‬ ‫يتعامل مع الفقه بدون تعليل ال يظهر له هذا األمر‪.‬‬ ‫كذلك ابملسائل الفكرية‪ ،‬منزع االستدالل يكشف لك األصول الفكرية‪ ،‬فال تكشف الشخص فكرًاي‬ ‫قوال ال يُكشف إال إذا استدل‪.‬‬ ‫مبجرد قوله‪ ،‬وإمنا ينكشف ابستدالله‪ ،‬فبمجرد أن يقول ً‬ ‫خلوان نرجع ملوضوع حد الردة‪ ،‬لو حصلت واقعة فقال شخص‪ :‬أان أرى أال يبقى معي حد الردة‪.‬‬ ‫هنا هذا الكالم ال يكشف عن شيء‪ ،‬لكن ملاذا؟‬ ‫لو قال‪ :‬ألين أخشى أن يرتتب عليه مفسدة كبرية‪ ،‬ومحاية الدين أوىل من إقامة عقوبة على شخص‬ ‫معني‪ ،‬ولعله يتوب‪.‬‬ ‫‪22‬‬ ‫هذا ما منزعه؟ منزعٌ فقهي‪ ،‬ابلضبط‪ ،‬يعين منزع فقهي تطبيقي‪ -‬سياسة شرعية ‪.-‬‬ ‫مثال اعتداء من دولة‪.‬‬ ‫‪ -‬لو قال‪ :‬حنن ال نستطيع أن نقيم احلد‪ ،‬وخنشى أن حيصل علينا ً‬ ‫أحياان يكون‬ ‫‪ -‬لو قال‪ :‬يف احلقيقة أخشى أنه فهم كالمه خطأً‪ ،‬يعين لعله يتوب إن شاء هللا‪ ،‬و ً‬ ‫هناك بعض الناس ُحيَمل الكالم ما ال حيتمل‪.‬‬ ‫‪ -‬لو قال‪ :‬هذه حرية‪ ،‬وال تتعرضوا له‪ ،‬لستم عليه مبسيطرين‪ ،‬واإلسالم كفل احلرايت‪ ،‬وليس هناك‬ ‫أي تعلق هبذه املوضوعات‪ ،‬فمنزعه هنا ليربايل‪.‬‬ ‫وهكذا فهي مسألة واحدة‪ ،‬لكن منزع االستدالل يكشف أصول الشخص الفكرية‪ ،‬فال جيب عليك‬ ‫أن تتلقى األفكار بدون أصول‪.‬‬ ‫أحياان‪ :‬تصنيف الناس على أقواهلم‪ ،‬فيقال‪ :‬فالن ً‬ ‫مثال ليربايل؛ ألنه يقول كذا‪ ،‬أو‬ ‫‪.2‬ومن األخطاء ً‬ ‫نضع مسألة وأي واحد يقول فيها جنعلهم مجاعة الذين يقولون بكذا فالن وفالن وفالن‪ ،‬فجمعهم مع‬ ‫بعض كصنف خطأ‪ ،‬ال تصنف الناس على أقوال؛ فقد يكون منزعي خمتل ًفا‪ ،‬بل أمجعنا أبصول‬ ‫استداللنا ال أبقوالنا؛ ألن أقوالنا قد تتوافق يف النتيجة لكن املنزع خمتلف‪ ،‬فهذه قضية مهمة‪ :‬ال تقرأ‬ ‫األفكار كجزر مقطعة بدون معرفة أصوهلا االستداللية‪.‬‬ ‫أيضا من العناية أبصول األفكار‪ :‬معرفة اتريخ نشوء األفكار وحتوالهتا والعناية هبذا احلقل املعريف‬ ‫‪ً.3‬‬ ‫جدا وضرورية‪ ،‬فاألفكار كيف تتحول؟‬ ‫ممتازة ً‬ ‫جدا‪ ،‬فعليك أال تتلقى األفكار كنتائج‪ ،‬يعين أنت تعيش يف زمان وأمامك‬ ‫الدراسة التارخيية مهمة ً‬ ‫املذاهب‪ ،‬ادرس هذه املذاهب كيف تشكلت؟‬ ‫فكل مذهب ميَُُّر بتحوالت وتؤثر عليه عوامل‪ ،‬فإدراك الشخص هلذه العوامل يساعده على فهم طبيعة‬ ‫املذهب‪ ،‬واألفكار‪ ،‬وفهم كيف يستطيع أن يؤثر ويُغري‪ ،‬بعكس الشخص الذي ال يقرأ يف اتريخ‬ ‫األفكار‪.‬‬ ‫‪23‬‬ ‫مثال مذهب الليربالية أو العلمانية أو احلداثة كطريقة‬ ‫جدا‪ ،‬لكن ال تقرأ ً‬ ‫طبعا حقل اتريخ األفكار مهم ً‬ ‫ً‬ ‫التعريف مث أصول االستدالل والرد عليهم وأبرز شخصياهتم وكتبهم‪ ،‬فهذه يف نظري قراءة غري عملية‬ ‫كثريا يف معرفة ما الفرق بني الليربالية من العلمانية من احلداثة‪.‬‬ ‫وال تفيدك ً‬ ‫أما الدراسة املؤثرة فأريد أن أعرف كيف تشكلت هذه الفكرة؟ الليربالية هذه ملاذا ظهرت؟ ما‬ ‫السبب؟ هل هناك عوامل حفزهتا؟ ما هي؟ ومىت؟ ومن أبرز الشخصيات؟ وماذا قالوا ابلضبط؟ وما‬ ‫هي األسئلة اليت حركتهم؟ مث كيف حتول املذهب؟‬ ‫فإذا استوعب الشخص هبذه الطريقة؛ يستطيع الح ًقا أن يفهم الفكرة ولو تغريت عليه بستني ألف‬ ‫أسلوب ما تفرق معه؛ ألنه يعرف تشكل املذهب وال حيفظها كقوالب‪.‬‬ ‫خذوا مثال ‪-‬وسيأيت له تطبيق يف بعد املغرب‪ :-‬موضوع فصل الدين عن الدولة العلمانية‪ ،‬أكثر‬ ‫الناس لو سألت عن تعريف العلمانية؟‬ ‫قالوا‪ :‬فصل الدين عن الدولة‪ ،‬حافظني التعريف‪ ،‬طيب تناقشه يف التعريف‪ ،‬دخل العلمانية ميني يسار‬ ‫يتلخبط؛ ألنه مل يعرف التشكل العلماين كيف جاء‪ ،‬إمنا حفظ مفهومها‪ ،‬فإذا تغري عن الشكل الذي‬ ‫أسريا لشكل‬ ‫اعتاده‪ ،‬ال يعرفه‪ ،‬وهذا خلل كبري‪ ،‬فاملفرتض أن يفهم الشخص الفكرة حبيث ال يكون ً‬ ‫معني اعتاده‪ ،‬فإذا تغري الشكل اقتنع ابلفكرة‪.‬‬ ‫قضية أمهية احلذر من املشتتات‪ ،‬مبا أننا نريد الرتكيز على األصول‪ ،‬فهناك مشتتات يلزم أن ترتكها‬ ‫حىت ما تشتتك يف قراءة األفكار‪ ،‬ال تَضع بني األمثلة والشواهد والقصص والسوالف‪ ،‬بل انتبه هلا‬ ‫الكتاب عنده قصص وسوالف وأمثلة وجتارب‪ ،‬ال تَضع مع هذه التجارب حبيث تنسى أصل الفكرة‬ ‫أحياان أن بعض الناس أيتيك مبثال فيقول‪ :‬وهللا يف قصة ممتازة قريتها يف كتاب‬ ‫ً‬ ‫يعين من الطريف‬ ‫الفالين طيب ملاذا أحضر القصة؟ ملاذا ذكرها؟ يقول وهللا ال أدري حلوة القصة‪ ،‬طيب يف أي سياق؟‬ ‫أحياان بعض املؤلفني البارعني يتعمدها‪ :‬فهو عنده فكرة يعرف أن‬ ‫ما يدري؛ ألنه ضاع ابألمثلة‪ ،‬و ً‬ ‫اجلمهور ال يتلقاها‪ ،‬وال يقبلها وينفر منها‪ ،‬فيضيعه ابألمثلة فيقول‪ :‬أان أريد أن أعرض رأيي‪ ،‬لكن‬ ‫قبل ذلك يعطيك سالفة سالفتني‪ ،‬قصة‪ ،‬مث ميَُثل وهكذا‪ ،‬فتجد الفكرة توزعت خالل مخسني ستني‬ ‫‪24‬‬ ‫صفحة فتتقبلها ألنك ُشتت بني األمثلة والقصص واحلوادث؛ فضاع أصل الفكرة‪ ،‬والعاقل ال يضيع‬ ‫بني األمثلة والشواهد‪ ،‬فهو يعرف أن الشواهد يقصد هبا التمثيل‪ ،‬طيب لكن أين الفكرة؟ فذهين‬ ‫جدا حىت ما‬ ‫وحاضرا ألاتبع الفكرة أينما تذهب‪ ،‬وال أضيع مع األمثلة‪ ،‬حضور هذا مهم ً‬ ‫ً‬ ‫حادا‬ ‫يكون ً‬ ‫يتشتت اإلنسان فتضيع عليه أصل الفكرة‪.‬‬ ‫‪.4‬اإليرادات واالعرتاضات على املخالفني؛ أيضا هذه مهمة‪ :‬ال تضيع بني إيراد واالعرتاضات هو‬ ‫صحيحا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عنده فكرة مركزية يثبتها فريُد عليه اعرتاضات ويناقشها فقد يكون االعرتاض ضعي ًفا والرد‬ ‫قوال‪ ،‬فيقول عندي أربعة اعرتاضات وأجيب عنها‪ ،‬ليس معناها أن‬ ‫لكن فكرة خطأ فكوين أان أقول ً‬ ‫قويل صحيح‪ ،‬ال يعين قويل صحيح ألن هذه االعرتاضات ليست ابلضرورة هي االعرتاضات‬ ‫املستقيمة‪ ،‬قد يكون االعرتاض اخلامس هو الصواب فال تضع يف االعرتاضات عن مالحقة وحماكمة‬ ‫أصل الفكرة‪.‬‬ ‫‪.5‬السخرية ؛ ً‬ ‫أيضا من املشتتات اخلطرية السخرية‪ ،‬ممارسة السخرية واالستعالء على املتلقي هلا أثر‬ ‫طبعا أداة‬ ‫جدا يف كسر املتلقي حبيث يكون أداة طيعة أمام الكاتب أمام املتحدث‪ ،‬السخرية ً‬ ‫كبري ً‬ ‫جدا‪ ،‬و مؤثرة جداا وكثري من الناس ينهزم وينكسر وخياف أمام الذين يسخرون و دوما من‬ ‫خطريةٌ ً‬ ‫أساليب املنحرفني السخرية‪ ,‬وهي دأب خصوم الرسل إىل يومنا هذا‪ ،‬املالحدة املعاصرين فيما يسمى‬ ‫وضع احلال اجلديد والسخرية حاضرة بشكل واضح يسخر يف كل شيء‪ ،‬ال يتكلم‪ ،‬ال يسخر‪،‬‬ ‫يسخر بتفكريك وبدينك وبكل شيء فيك حبيث يعطي املتلقي خوفًا‪.‬‬ ‫الذي يسخر معناها أنه واثق‪ ،‬قاعد يسخر منك‪ ،‬فتنكسر أنت تُشعر الذي قدامك ابجلنب؛ فيجب‬ ‫أن ننتبه ألنه إمنا يسخر منك‪ ،‬ألنه يف احلقيقة هو ابلضبط هو اآلن حياول أن يسرت ضعفه العلمي‬ ‫ابلسخرية‪.‬‬ ‫‪.6‬االستعالء والتجهيل؛ الشعور بلغة استعالء وجتهيل على القارئ هذه أيضا يؤدي هبا إىل انكسار‬ ‫أحياان‬ ‫ً‬ ‫القارئ‪ ،‬انكسار الشخص القارئ أمام هذا املفكر ومن األساليب الفكرية الشائعة يعين‬ ‫التباهي ابملعلومات والنظرايت والعلوم حىت يكسر القارئ‪ ،‬فهو يتكلم عن جزئية معينة حىت تتلقى‬ ‫‪25‬‬ ‫هذه اجلزئية اليسرية السهلة السطحية يعطيك نظرايت غربية واجتاهات ومسالك يضيعك حىت تشعر‬ ‫أنك قدام املفكر الكبري‪ ،‬يعين يضعف اإلنسان فيتقبل الفكرة ينتبه اإلنسان منها كونك أعلم مين يف‬ ‫جانب معني‪ ،‬ال يعين أن كالمك هذا صحيح فعندي متييز‪ ،‬كونك متخصص يف الفيزايء النووية‬ ‫فتجي تعرض علي ابلنظرايت احلديثة يف الفيزايء وما فيها حبيث انكسر فاقبل كالمك الالمعقول يف‬ ‫العالقة بني السبب والنتيجة‪ ،‬ال ال ال؛ أكون ضعي ًفا حبيث أقبل منك الكالم الغري معقول ال ينظر‬ ‫ألنك تتباهى علي ابلكالم العلمي الصحيح الذي ليس مرتبطًا ابلنقاش‪.‬‬ ‫‪.7‬التفكري يف عقل احملاور وكيف يفكر؛ التفكري يف العقل أيضا هذا األسلوب أنه يفكر يف عقلك‬ ‫وحيلل عقلك وكيف أنت كيف تفكر؟ حىت ينكسر اإلنسان‪.‬‬ ‫‪.8‬مالحظة التشابه بدل الفروق؛ األوعية الفارغة يعين لتجاوزها مراعاة التشابه بني األشياء بني‬ ‫األشخاص واألفكار‪.‬‬ ‫أيضا من القصور يف اجلانب الفكري أن بعض الناس يالحظ التشابه فيقول هذا يشبه هذا‪،‬‬ ‫‪ً.9‬‬ ‫وهذا خطأ‪ ،‬املفرتض أال نركز على التشابه بل نركز على الفروق‪ ،‬الفروق هي اللي تكشف األفكار‬ ‫وليس التشابه؛ فكل فكرة تشبه فكرة أخرى مبجرد التشابه ال يعين أي شيء‪ ،‬التحدي احلقيقي‬ ‫املمارسة احلقيقية هي يف الفروق‪ ،‬أظهر الفرق بني هذا وهذا‪ ،‬أما جمرد أن هذا يشبه هذا فهذا يف‬ ‫احلقيقة ال حيمل أي معىن‪ ،‬فال يشغل ذهن اإلنسان الشبه بل يشغل ذهنه الفروق فال أقول هذا يشبه‬ ‫هذا ألنه ما الفرق بني هذا؟ وهذا؟ فالفروق هي اليت تكشف طبيعة العالقة بني األفكار‪.‬‬ ‫مداخالت قبل البدء ابلقاعدة الرابعة؛ مداخالت ‪ 1:19:06‬إىل ‪1:22:00‬‬ ‫القاعدة الرابعة‪ :‬جتنب أغالط التفكري الشائعة‬ ‫هناك أغالط تفكري شائعة يعين املفرتض الشخص يتجنبها يف أحكامه ومقاالته وكتبه ودراسته وقراءته‬ ‫واستماعه شائعة جداا وتتكرر فاملفرتض خالص أنه تكون حاضرة يف اإلنسان يف أول أمره حيتاج إىل‬ ‫وعي بتجنبها‪ ،‬مث تتحول الح ًقا إىل ال وعي حبيث أصبح يتجنبها ال شعورااي خالص أصبحت جزء‬ ‫أساسي من تفكريه ومنطقه أن يتجنب هذه األغالط‪.‬‬ ‫‪26‬‬ ‫من هذه األغالط‪:‬‬ ‫‪.1‬االعتماد على اخلربات الشخصية؛ هذا غلط شائع أنه شخص يعتمد على خرباته الشخصية‬ ‫فيقول هذا األمر مضر أان مرة من املرات‪..‬ويبدأ يعطينا سالفة عن قصته‪ ،‬اخلربة جيدة لكن ال‬ ‫تعتمد عليها ال تبين مواقف وتقول هذا غلط وهذا و هذا صح وهذا يسبب مشكلة بناء على‬ ‫خرباتك الشخصية خربات شخصية تعترب خربات قاصرة ال حتجمها اجعلها أشبه ابلفرضيات احملفزة‬ ‫للبحث لكن ال تعتمد عليها أي موضوع تتكلم فيه انتبه تكون كذا وأنت استنادك األساسي معتمد‬ ‫على خربتك‪ ،‬نعم ال إشكال أن تطرحها‪ ،‬تقول وهللا مثال جتيبها يف سياق‪ ،‬يعين ال يكون بناءً‬ ‫مكتمال على هذه الصورة‪ ،‬فرضية تبحث عنها‪ ،‬أمر ترى التنبيه إليه كجزئية معينة ال إشكال لكن‬ ‫ً‬ ‫ال يُبىن عليها‪ ،‬وغاية ما تعتمد عليه هو خربة شخصية‪.‬‬ ‫‪.2‬حتميل الكالم ما ال حيتمل؛ يكون عندك خطأ مث حتمله ما ال حيتمل فتقول‪ :‬الكالم خطأ‪ ،‬لكن‬ ‫أنت مزود شوي‪ ،‬ينتبه الشخص أنه ليس جمرد الكالم الشخص قدامك خطأ معناها أنه يسوغ لك‬ ‫أن تقول أي شيء‪ ،‬فينتبه ال ُحيمل الكالم ما ال حيتمل‪ ،‬صحيح نقول هذا الدليل حيتمل كالمك‬ ‫لكن ال حيتمل حبسب الصورة اليت قدمتها حيتمل جبزء معني لكن ليس قطعياا إمنا ظنياا‪ ،‬صحيح حيتمل‬ ‫لكن يف حالة معينة ليس أن الشخص يكون عنده صرامة يف هذا القضية فال حيمل الكالم ما ال‬ ‫حيتمل مبجرد أن فيه قدر من االحتمال‪.‬‬ ‫‪.3‬االستدالل على القول قبل التحليل واتضاح كافة يف تفاصيله؛ قبل أن تستدعي القول جيب‬ ‫أن يكون قدامك حمرر بكافة صوره ال تستدل والصورة غري واضحة‪ ،‬وهذه شائعة حىت يف النقاشات‬ ‫جتدهم يتناقشون فهذا يورد دليل وهذا يريد دليل مث جيي طرف اثلث يقول وش تقصدون؟‬ ‫يقول ال هذه غري داخلة طيب أنت قاعد تستدل على مسألة ومل تتضح كافة الصور احملتوية هلا‬ ‫مشكلة هذا‪ ،‬فاملفرتض أنك ال تستدل إال بعد ما تتحرر كافة الصور مث تستدل عليها حبيث يكون‬ ‫الدليل على الصور اليت تدافع عنها‪.‬‬ ‫‪27‬‬ ‫كثريا‪.‬‬ ‫شائع ً‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser