نشأة الميزانية العامة PDF
Document Details
Uploaded by InstructivePelican
Faculté Pluridisciplinaire de Nador
2024
شيماء بنعدو
Tags
Summary
This document is a student research paper on the origin and development of the general budget. It covers the historical context, definitions, and characteristics of general budget. The document is a student project for a public finance course.
Full Transcript
نشــــأة الميزانية العامـــة موضوع للبحث في وحدة المالية العامة من إعداد الطالبة: شيماء بنعدو تحت إشراف اﻷستاذ :المصطفى قريشي شعبة القانون الخاص السداسي الثالث الفوج أ رقم الطالب2...
نشــــأة الميزانية العامـــة موضوع للبحث في وحدة المالية العامة من إعداد الطالبة: شيماء بنعدو تحت إشراف اﻷستاذ :المصطفى قريشي شعبة القانون الخاص السداسي الثالث الفوج أ رقم الطالب2312743 : 21نونبر 2024 1 جدول المحتويات جدول المحتويات 2.................................................................. تقــــــــــــــــــــــــديم 3............................................................... المبحث اﻷول نشأة الميزانية العامة وتطورها 4................................... المطلب اﻷول :نشأة الميزانية العامة ﻓﻲ انجلترا4.................................................................. المطلب الثانﻲ :نشأة الميزانية ﻓﻲ ﻓرنﺴا 5........................................................................... المطلب الثالث :ظهور الميزانية ﻓﻲ المغرب 6...................................................................... أوﻻً :نظام اﻷمناء 6................................................................................................... ثانيا :آلية التدبير الموازنﻲ 8........................................................................................ المبحث الثاني تأصيل مفهوم الميزانية العامة 9.................................... المطلب اﻷول :تدقيق المفهوم :الميزانية أو الموازنة؟ 9........................................................... المطلب الثانﻲ :تعريف الميزانية وبيان خصائصها 10........................................................... أوﻻ :التعريف 10................................................................................................... ثانيا ً :الخصائص 11................................................................................................. المطلب الثالث :بين الميزانية العامة وبعض المفاهيم المشابهة 12.............................................. خـــــــــــــــــاتمة 14................................................................. 2 ﺗﻘــــــــــــــــــــــــديم قـــــانون الميزانيـــــة العامـــــة Le Droit Budgétaireﻓـــــرع مـــــن ﻓـــــروع القـــــانون العـــــام الـــــداخلﻲ.إنـــــه يعنـــى بدراســـة وتحليـــل مختلـــف القواعـــد واﻷصـــول المرعيـــة ﻓـــﻲ شـــأن تنظـــيم وتـــدبير ميزانيـــة الدولـــة إنفاقـــا وإيرادا. يعـــد قـــانون الميزانيـــة العامـــة مـــن أهـــم اﻷدوات التـــﻲ تـــنظم إدارة المـــال العـــام ﻓـــﻲ الدولـــة ،حيـــث يُعـــد اﻹطــــار التشـــــريعﻲ الـــــذي يـــــنظم كيفيــــة تخصـــــيص المـــــوارد الماليـــــة وتحقيــــق التـــــوازن بـــــين اﻹيـــــرادات والنفقــــات العامــــة.يشــــمل قــــانون الميزانيــــة قواعــــد وآليــــات تنفيــــذ الميزانيــــة ،بمــــا ﻓــــﻲ ذلــــك إعــــدادها، مناقشــــتها ،والمواﻓقــــة عليهــــا مــــن قبــــل الﺴــــلطة التشــــريعية ،ﻓضــــﻼً عــــن آليــــات المراقبــــة والرقابــــة علــــى تنفيــــذها.يعكــــس قــــانون الميزانيــــة سياســــة الدولــــة اﻻقتصــــادية واﻻجتماعيــــة ويحــــدد أولوياتهــــا ﻓــــﻲ مختلــــف المجـــاﻻت مثـــل التعلـــيم ،الصـــحة ،الـــدﻓاع ،والبنيـــة التحتيـــة.ومـــن خـــﻼل هـــذه الوثيقـــة ،يـــتم تحديـــد مـــا ســـتقوم به الحكومة من مشاريع وخدمات طوال الﺴنة المالية. وعليـــــه ،تعـــــد الميزانيـــــة العامـــــة أداة ماليـــــة جوهريـــــة تعتمـــــد عليهـــــا الحكومـــــات لتحقيـــــق أهـــــداﻓها اﻻقتصــــادية واﻻجتماعيــــة.ﻓــــﻲ هــــذا البحــــث ،ســــنتناول تعريــــف الميزانيــــة العامــــة واﻹجابــــة علــــى تﺴــــاؤﻻت محوريــــة ،منهــــا :مــــا الﺴــــياق التــــاريخﻲ الــــذي نشــــأت ﻓيــــه الميزانيــــة العامــــة؟ متــــى بــــدأت تطبيقاتهــــا ﻓــــﻲ المغـــرب؟ كيـــف يـــتم تحديـــد مفهـــوم الميزانيـــة العامـــة؟ ومـــا هـــﻲ الخصـــائص التـــﻲ تميزهـــا؟ ومـــا الفـــرق بـــين الميزانية العامة والمفاهيم المشابهة لها؟ قبـــــل التطـــــرق إلـــــى تأصـــــيل مفهـــــوم قـــــانون الميزانيـــــة العامـــــة ،يجـــــب علينـــــا أوﻻً دراســـــة الﺴـــــياق التــــاريخﻲ لنشــــأة وتطــــور الميزانيــــة العامــــة كــــأداة للتــــدبير المــــالﻲ والمحاســــبﻲ.سنﺴــــتعرض أيضــ ـا ً اﻹطــــار النظــــري والمفــــاهيمﻲ لتحديــــد معناهــــا ومبناهــــا ،باﻹضــــاﻓة إلــــى الخاصــــيات اﻷساســــية التــــﻲ تميزهــــا عــــن اﻷدوات المالية واﻻقتصادية اﻷخرى. أيضــــا تأصـــــيل ً سيشــــمل هــــذا البحــــث دراســـــة نشــــأة الميزانيــــة العامــــة وتطورهـــــا )المبحــــث اﻷول(، مفهوم الميزانية العامة )المبحث الثانﻲ(. 3 المبحث اﻷول نشأة الميزانية العامة وتطورها تعتبـــر الميزانيـــة العامـــة بمفهومهـــا الحـــديث نتـــاج صـــراع تـــاريخﻲ طويـــل شـــهدته إنجلتـــرا ،وﻓـــﻲ ﻓتـــرة ﻻحقــــة ﻓرنﺴــــا ،بــــين الملــــك ،الــــذي كــــان يﺴــــتفرد بممارســــة ســــلطة الجبايــــة واﻹنفــــاق دون قيــــد أو شــــرط، والشـــعب الـــذي كـــان يطلـــع -مـــن خـــﻼل ممثليـــه -الـــى تقييـــد هـــذه الﺴـــلطة عـــن طريـــق إخضـــاع كـــل جبايـــة أو إنفاق إلى إذنه المﺴبق. ولم تظهر تطبيقات هذه اﻵلية ﻓﻲ المغرب إﻻ بعد ﻓرض الحماية عليه ﻓﻲ بداية القــــرن العشــــرين وهــــذا مــــا ســــنتطرق إليــــه ﻓــــﻲ نشــــأة الميزانيــــة العامــــة ﻓــــﻲ انجلتــــرا )المطلــــب اﻷول( ونشأة الميزانية ﻓﻲ ﻓرنﺴا )المطلب الثاني( وكذا ظهور الميزانية ﻓﻲ المغرب )المطلب الثالﺚ(. المطلب اﻷول :نشأة الميزانية العامة ﻓﻲ انجلترا نشأت الميزانية العامة ﻓﻲ شكلها الحديث بصورة تدريجية ﻓﻲ إنجلترا 1نتيجة لنجاح مجلس العموم ﻓﻲ تقييد سلطات الملك ﻓﻲ اﻹنفاق والجباية.ﻓﻲ البداية ،كانت الﺴلطات المالية تقع ﻓﻲ يد الملك ،ولكن مع مرور الوقت ،أصبح مجلس العموم هو الجهة المﺴؤولة عن تحديد اﻹنفاق والجباية.هذا التحول جاء كجزء من الصراع بين العموم والملكية ،والذي أدى إلى تشكيل نظام ميزانية عامة يتطلب إذن مجلس العموم لتجاوز الحدود المحددة لﻺنفاق والجباية. ﻓﻲ العصور الوسطى ،كان الملك يتمتع بحرية كاملة ﻓﻲ اﻹنفاق حﺴب مشيئته ،حيث كانت النفقات تمول من ممتلكات التاج الخاصة.كانت سلطته ﻓﻲ ﻓرض الضرائب محدودة جدًا ،مقتصرة على بعض الضرائب اﻻستثنائية التﻲ تﺴتلزمها ظروف خاصة مثل الحروب ،وذلك بعد الحصول على مواﻓقة ممثلﻲ الشعب ،كما نص عليه »الميثاق الكبير« (Magna )Cartaالصادر عام .1215 ولكن مع تزايد نفقات الدولة وعدم كفاية أموال التاج لتغطيتها ،اضطر الملك إلى ﻓرض الضرائب على نطاق واسع، وغالبًا دون الحصول على مواﻓقة ممثلﻲ الشعب ،مما دﻓع البرلمانات المتعاقبة إلى تكثيف ضغوطها لتقييد الﺴلطة الملكية ﻓﻲ الجباية.تحقق هذا بالفعل ﻓﻲ عام ،1628عندما أصدر الملك شارل اﻷول بـ »وثيقة إعﻼن الحقوق« )(Petition of Right التﻲ أقرت مبدأ مواﻓقة البرلمان المﺴبقة على ﻓرض الضرائب. غير أن هذا المبدأ لم يُطبق ﻓعليًا بﺴبب محاوﻻت الملك المﺴتمرة لﻼستئثار بﺴلطة ﻓرض الضرائب وعقد القروض دون الرجوع إلى ممثلﻲ الشعب ،مما أدى إلى اندﻻع حرب أهلية بين أنصار البرلمان وأنصار الملك.انتهت الحرب باستﺴﻼم الملك ومحاكمته ﻓﻲ عام .1649وتوج هذا الصراع بإصدار وليام الثالث ﻓﻲ عام 1688ما يﺴمى بـ »دستور الحقوق« ) ،(Bill of Rightsالذي بموجبه امتد إذن البرلمان ليشمل كاﻓة أنواع اﻹيرادات والمصروﻓات كما إتخذ هذا اﻹذن صفة 1يؤكد المؤرخون اﻹيطاليون بأن الجمهوريات اﻹيطالية )جينوة ،البندقية (...هﻲ أول من استخدم أسلوب اﻹيرادات والنفقات ﻓﻲ ﻻئحتين متقابلتين ،بحيث يشكل ذلك نوعا من الميزانية إﻻ أنهم يقرون بأن مبدأ اعتماد الميزانية من طرف ممثلﻲ الشعب ظهر ﻓﻲ أول اﻷمر عند الجرمان والفلك والنورمانديين )حﺴن عواضة :المالية العامة ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،1981 ،ص ،28هامش 4 دورية ومتجددة على أن مبدأ اعتماد النفقات العامة من طرف البرلمان لم يطبق كامﻼ إﻻ منذ سنة ،1837ﻓﻲ عهد الملكة ﻓكتوريا ،حيث أصبح البرلمان يناقش كل النفقات باستثناء مخصصات العرش. وبذلك ،لم يتحقق تعميم مبدأ اﻹذن البرلمانﻲ ﻓعليًا إﻻ ﻓﻲ القرن الثامن عشر ،عندما بدأ البرلمان ﻓﻲ مناقشة أعمال الحكومة من خﻼل إيراداتها ونفقاتها قبل بداية كل سنة ،وذلك قبل أن يمنح اﻹذن أو يرﻓضه.2استقر بهذا مفهوم اﻹذن البرلمانﻲ وظهرت ضرورة تنظيم الميزانية العامة ﻓﻲ إنجلترا تحت تأثير المطالبات الشعبية. المطلب الثانﻲ :نشأة الميزانية ﻓﻲ ﻓرنﺴا رغم اﻻحتجاجات الشعبية ،استمر الملك ﻓﻲ ﻓرنﺴا ﻓﻲ ﻓرض وجباية الضرائب دون قيد أو شرط حتى قيام الثورة الفرنﺴية.ﻓﻲ عام ،1789قررت الجمعية الوطنية التأسيﺴية عدم شرعية أي ضريبة لم تأذن بفرضها وجبايتها.وقد تم تثبيت هذا المبدأ بشكل واضح ﻓﻲ شرعة حقوق اﻹنﺴان والمواطن ،التﻲ أكدت على »أن من حق الشعب مباشرة أو بواسطة ممثليه أن يتأكد من ضرورة الضرائب وأن يوافق عليها بملء الحرية ،ويراقب استعمالها ،ويﻘرر أساسها ونسبتها ،وطريﻘة جبايتها ،ومدﺗها« )المادة .(14كما تعزز هذا المبدأ ﻓﻲ دستور عام ،1793الذي نص على أنه »ﻻ يمكن فرض أية ضريبة إﻻ في سبيل المصلحة العامة ،ولجميع المواطنين الحق في اﻹسهام بفرض الضرائب ومراقبة استخدامها والمطالبة ببيانات عنها«. أكدت مختلف اﻹعﻼنات والنصوص التﻲ صدرت أثناء الثورة الفرنﺴية وبعدها على مبدأ عدم شرعية ﻓرض الضرائب دون مواﻓقة ممثلﻲ اﻷمة.ومع ذلك ،أغفلت هذه النصوص المبادئ اﻷخرى التﻲ أقرها دستور الحقوق اﻹنجليزي.3ولذلك، لم يكن ﻓﻲ ﻓرنﺴا »ميزانية« بالمعنى الحقيقﻲ حتى عام .1814لقد بدأ اﻷخذ بالميزانية بعد سقوط نابليون وعودة الملكية ﻓﻲ عام ،1814وذلك »دون مناقشات أو محاوﻻت كما لو كان اﻷمر متعلق بظاهرة طبيعية«.4 خﻼصة القول إن حق البرلمان ﻓﻲ اﻹجازة لم يتقرر إﻻ منذ ﻓترة حديثة نﺴبيا.كما أنه لم يتقرر مرة واحدة ،ﻓقد بدأ بالنﺴبة للضرائب أوﻻ ،ثم بالنﺴبة للنفقات العامة ثانيا ،حيث وجد البرلمان أن حقه ﻓﻲ إجازة الضرائب يقتضﻲ بالضرورة مراقبته لكيفية ودواعﻲ إنفاق حصيلة هذه الضرائب ،ثم اقتضى ذلك ضرورة تقديم اﻹيرادات العامة والنفقات العامة ﻓﻲ تقدير واحد يتضمنهما معا ،وتكون له صفة دورية ومتجددة ﻓنشأت بذلك الميزانية التﻲ تﺴتوجب ضرورة إجازة البرلمان لما تتضمنه من إيرادات ونفقات.5 2ﻓﻲ الوقت الذي كان ﻓيه البرلمان اﻹنجليزي يناضل من أجل إقرار مبدأ اﻹذن البرلمانﻲ كان يفرض الضرائب على شعوب المﺴتعمرات بقوة الﺴﻼح.ﻓفﻲ عام 1765قام مجلس العموم بفرض ضريبة الدمعة على المﺴتعمرات اﻹنجليزية بأمريكا دون رضى أهلها ...كما أراد أن يفرض ضرائب أخرى من بينها واحدة على الشاي ﻓﻲ عام )1767يراجع د.زين العابدين ناصر :اﻻتجاهات الحديثة ﻓﻲ دراسة الميزانية ،مجلة العلوم القانونية واﻻقتصادية ،العدد اﻷول ،1967 ،ص 245وما بعدها(. 3د.صباح نعوش :المالية العامة ومالية الدول النامية ،مطبعة النجاح الجديدة ،1983 ،ص .298 4د.زين العابدين ناصر :مرجع سابق ،ص253. 5د.محمد سعيد ﻓرهود :مبادئ المالية العامة ،مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية ،جامعة حلب ،1990 ،صفحة .349 5 المطلب الثالث :ظهور الميزانية ﻓﻲ المغرب ارتكز التنظيم المالﻲ ﻓﻲ المغرب ،حتى بداية القرن العشرين ،على »نظام اﻷمناء«.ولم تظهر الميزانية العامة كوثيقة قانونية ومحاسبية مكتوبة لتقدير نفقات الدولة وإيراداتها إﻻ ابتدا ًء من سنة .1913 أوﻻً :نظام اﻷمناء تطورا ملحو ً ظا خﻼل ﻓترة حكم الﺴلطان ً تأسس نظام اﻷمناء ﻓﻲ عهد الﺴلطان موﻻي سليمان ) (1822-1792وعرف موﻻي الحﺴن اﻷول ).(1894-1873يتكون هذا النظام من هيئة لﻸمناء موزعة على الصعيدين المركزي والمحلﻲ ،ويرأسها »أمين اﻷمناء«. .1أمين اﻷمناء يُعتبر أمين اﻷمناء بمثابة وزير للمالية ،حيث يتوﻓر على مكتب ﻓﻲ المشور.يشرف على تدبير مالية الدولة بمﺴاعدة هيئة اﻷمناء الذين يعملون تحت إمرته.كان أمين اﻷمناء على دراية كاملة بالوضعية المالية للدولة من حيث اﻹيرادات والنفقات ،باﻹضاﻓة إلى جميع اﻷموال المنقولة وغير المنقولة التﻲ تمتلكها الدولة. ومن المهام التﻲ يضطلع بها أمين اﻷمناء أيضًا اختيار اﻷمناء واقتراحهم على الﺴلطان لتعيينهم.كما يشرف على أعمالهم ويطلع على مداخيل الدولة ومصاريفها على المﺴتويين المحلﻲ والمركزي.6 .2اﻷمناء المركزيون يﺴهر اﻷمناء المركزيون على تدبير مالية الدولة على المﺴتوى المركزي ،وهم :أمين الخرج ،وأمين الدخل ،وأمين الحﺴابات ،وأمين الشكارة . تتحدد مهام أمين الخرج أو الصائر ﻓﻲ تدبير نفقات القصور واﻷمراء ،وإنجاز اﻷوامر بالدﻓع الصادرة عن الﺴلطان أو الصدر اﻷعظم ،وأداء رواتب الجيش والموظفين ،ومختلف الديون المترتبة ﻓﻲ ذمة الدولة بعد تأشير أمين اﻷمناء. أما أمين الدخل ،ﻓيضطلع بجمع كاﻓة المداخيل التﻲ ترد إليه من اﻷمناء ،وإيداعها ﻓﻲ بيت المال بحضور عدلين، وتدوينها ﻓﻲ سجل مخصص لهذا الغرض. يتولى أمين الحسابات مراقبة البيانات التﻲ يرﻓعها اﻷمناء أسبوعيًا وشهريًا للﺴلطة المركزية بشأن المداخيل التﻲ قبضوها.كما يقوم بمراقبة كشف الحصيلة العامة الذي يتقدمه كل أمين عند انتهاء مهامه.ﻓإذا تبين له ،خﻼل عملية المراقبة أن العمليات المنجزة صحيحة ،وضع عليها عبارة تفيد قبولها والتﺴليم بها.أما إذا تبين له أنها تنطوي على خطأ ،ﻓقد كان ينص بجانب العملية الخاطئة بـ »له« مع ذكر الفاضل إذا كان بزيادة ،بـ »عليه« ،مع ذكر الناقص إذا كان ينقص.وﻓﻲ ختام عملية المراقبة ،كان أمين الحﺴابات يجمع المقادير الفاضلة والمقادير الناقصة ثم يخصم بعضها من بعض.ﻓإذا ﻓضل لﻸمناء شﻲء ،رد إليهم ،وإذا بقﻲ عليهم دينُ ، ط ِلبُوا به.وﻓﻲ حالة وﻓاة اﻷمين ،يُطالب ورثته بتﺴديد دين قريبهم.7 6 Bellaire Michaux : L'organisation des finances au Maroc, archives marocaines, Tome XI : pp. 283-285. 7نعيمة التوزانﻲ هرج :اﻷمناء ﻓﻲ المغرب ﻓﻲ عهد الﺴلطان موﻻي الحﺴن ) ،(1894-1873منشورات كلية اﻵداب بالرباط ،مطبعة ﻓضالة، ،1979ص .253-241 6 وأخيرا ﻓإن أمين الشكارة أو أمين العتبة يشرف على نفقات القصر خﻼل إقامة الملك به ،ومراقبة حﺴابات أمناء الصائر، وبيانات النفقات قبل أن يقدمها اﻷمناء للﺴلطان. .3اﻷمناء المحليون يقوم بتصريف الشؤون المالية للدولة على الصعيد المحلﻲ عدد من اﻷمناء ،أهمهم: -أمين المرسى أو الديوانة :ويﺴهر على قبض الرسوم المفروضة على الصادرات والواردات بحدود البﻼد ومراسيها. -أمين المستفاد :ويتكلف ﻓﻲ المدن بجمع حقوق الحاﻓر )رسم يفرض على دخول أبواب المدن( ،والمكوس ،وتعهد اﻷمﻼك المخزنية. -أمين الخرص :ويقوم بتقدير الزكوات واﻷعشار باﻷراضﻲ الزراعية ﻓﻲ المناطق القروية وتحصيل قيمتها وتوريدها إلى أمين المﺴتفاد المقيم بأقرب مدينة.وعلى شاكلة النظام المالﻲ اﻹسﻼمﻲ ﻓقد كان المغرب يتوﻓر على مؤسﺴة بيت المال لتلقﻲ وحفظ اﻷموال المتأتية من مختلف المصادر ذات الطابع الدينﻲ مثل الزكاة والجزية والخراج والعشور ومداخيل اﻷحباس.وكان يخضع مباشرة للﺴلطان ،وﻻ يمكن ﻓتحه إﻻ بحضور أربعة أشخاص يمتلك كل واحد منهم مفتاحا. وإلى جانب بيت مال المﺴلمين كان المغرب يتوﻓر على خزينتين ،هما :خزينة دار الديال ،وهﻲ بمثابة بيت مال إداري تودع به جميع المداخيل التﻲ ﻻ تكتﺴﻲ طابعا دينيا مثل اﻷعشار وهﻲ رسوم الجمرك على الواردات والصادرات ،والصنك وهﻲ حقوق تؤدى بأبواب المدن على الﺴلع الواردة إليها من داخل البﻼد ،والمكوس وهﻲ رسوم تفرض على الﺴلع المعروضة باﻷسواق والبهائم المبيعة ،والصاكة المفروضة على التبغ ؛ وخزينة السلطان ،وتضم أموال الﺴلطان الخاصة التﻲ ترد إليه من ممتلكاته الخاصة أو تقدم إليه كهدايا أو منح من القواد أو المرشحين لشغل الوظائف العمومية... ويمكن إبداء المﻼحظات التالية ﻓﻲ شأن التنظيم المالﻲ للمغرب ﻓﻲ هذه المرحلة: -شكل نظام اﻷمناء الهيئة اﻷكثر تنظيما التﻲ عرﻓها المغرب خﻼل ﻓترة ما قبل الحماية.8 -اﻻعتماد الكلﻲ على »كفاءة اﻷشخاص ومدى استقامتهم« ،أكثر من اﻻرتكاز على تنظيمات قانونية مكتوبة ،مع بروز »الشخصية الذاتية للمخزن« ﻓﻲ جميع اﻷحوال .9 -تحكم اﻷمناء والجباة ﻓﻲ رقاب الﺴكان وإﻓراطهم ﻓﻲ ﻓرض اﻷتاوات والهدايا عليهم ،وهو اﻷمر الذي حمل العﻼمة سيدي لحﺴن اليوسﻲ على توجيه مذكرته الشهيرة إلى الﺴلطان موﻻي إسماعيل والتﻲ يقول ﻓيها » :ﻓلينظر سيدنا ،ﻓإن جباة مملكته قد جروا ذيول الظلم على الرعية ،ﻓأكلوا اللحم ،وشربوا الدم ،وامتشوا العظم ،وامتصوا المخ ،ولم يتركوا للناس دينا وﻻ ،دنيا ،أما الدنيا ﻓقد أخذوها ،وأما الدين ﻓقد ﻓتنوهم عنه ،وهذا شﻲء شهدناه ،ﻻ شﻲء ظنناه ،ثم إن أرباب الحقوق قد ضاعوا ،ولم تصل إليهم حقوقهم ،ﻓعلى الﺴلطان أن يتفقد الجباة ،ويكف أيديهم عن الظلم ،وﻻ يغتر بكل من يزين له الوقت ﻓإن كثيرا من الدائرين به طﻼب دنيا ﻻ يتقون ﷲ تعالى«... 8 Med LAHBABI : Le gouvernement marocain à l'aube du XXème siècle, les éditions maghrébines, 2eme éd. 1975, p. 157. 9 ابراهيم حركات :المغرب عبر التاريخ ،الجزء الثالث ،1985 ،ص.453. 7 استشراء الفﺴاد المالﻲ وخاصة ﻓﻲ نهاية القرن 19وبداية القرن 20أدى إلى انهيار نظام اﻷمناء واختﻼل التوازنات المالية للدولة وعجزها عن سداد الديون الخارجية المترتبة ﻓﻲ ذمتها اﻷمر الذي ﻓتح الباب على مصراعيه أمام مختلف أشكال التدخل اﻷجنبﻲ. ثانيا :آلية التدبير الموازنﻲ لم تظهر الميزانية ،كآلية للتدبير المالﻲ والمحاسبﻲ ﻓﻲ المغرب ،كإﻓراز طبيعﻲ لتطور نظامه المالﻲ أو كاختيار يﺴتجيب لرغبة أو لحاجة ﻓﻲ تطوير هذا النظام ،بل تزامن ظهورها مع تدخل القوى اﻻستعمارية ﻓﻲ المغرب التﻲ ﻓرضتها كنمﻂ للضبﻂ والتحكم ﻓﻲ اﻷوضاع اﻻقتصادية والمالية وتوجيهها وﻓق ما تقتضيه مصالحها. لم تكن الميزانية ﻓﻲ المغرب نتيجة لتطور طبيعﻲ ﻓﻲ نظامه المالﻲ أو استجابة لرغبة أو حاجة ﻓﻲ تطوير هذا النظام.بل ظهرت كآلية للتدبير المالﻲ والمحاسبﻲ تزام ًنا مع تدخل القوى اﻻستعمارية ﻓﻲ البﻼد ،التﻲ ﻓرضتها كوسيلة للضبﻂ والتحكم ﻓﻲ اﻷوضاع اﻻقتصادية والمالية وتوجيهها بما يخدم مصالحها. كانت أول ميزانية عرﻓها المغرب بمبادرة من الﺴلطات العﺴكرية اﻻستعمارية ﻓﻲ عام ،1910وكانت ميزانية جهوية شملت منطقة الشاوية.تلتها ميزانيات محلية أخرى شملت تدريجيًا مناطق أخرى مثل :المغرب الشرقﻲ ﻓﻲ عام ،1911مكناس ﻓﻲ ديﺴمبر ،1912 والرباط وﻓاس ومراكش ﻓﻲ يناير ،1913وتادلة ﻓﻲ يوليو . 1913 بعد ﻓرض الحماية على المغرب ،ألغيت وظيفة أمين اﻷمناء وأسندت مهامها إلى الوزارة الكبرى.ﻓﻲ يوليو ،1912تم إحداث »المديرية العامة للمالية« 10التﻲ ضمت مصلحة للميزانية وأخرى لﻸمﻼك المخزنية.وقد عملت هذه المديرية على وضع أول ميزانية عامة لﻺمبراطورية الشريفة للﺴنة المالية ،1914-1913ﻓﻲ شكل وثيقة مرقنة من حوالﻲ 60صفحة ،وتحمل تصحيحات وشروحات مكتوبة باليد.تضمنت هذه الميزانية تقديرات الموارد والنفقات المتعلقة على التوالﻲ بالمغرب الشرقﻲ وغرب المغرب ،والقروض التﻲ أضيفت إليها تقديرات مصاريف المصالح اﻹدارية المركزية.كانت تقديرات هذه الميزانية كالتالﻲ: -النفقات 23,613,322 :ﻓرنك -الموارد 17,649,024 :ﻓرنك. تحضير وتنفيذ الميزانية العامة ،التﻲ انتظم صدورها ابتدا ًء من عام ،1918كان يخضع ﻷحكام ظهير 9يونيو 1917المتعلق بنظام المحاسبة العمومية والنصوص المكملة والمعدلة له.11 بعد حصول المغرب على اﻻستقﻼل ﻓﻲ عام ،1956اعتمدت البﻼد آلية التدبير الموازنﻲ لموارده ونفقاته.تم العمل تدريجيًا على إرساء دعائم نظام مالﻲ وطنﻲ مﺴتقل ،حيث أُنشأت وزارة المالية ﻓﻲ عام 1956كبديل للمديرية العامة للمالية.ﻓﻲ عام ،1958تم وضع أول ميزانية وطنية تشمل جميع مناطق المغرب الموحد بعيدًا عن كل تدخل أجنبﻲ.وصدر أول قانون تنظيمﻲ للمالية ﻓﻲ عام ،1963 اعتبارا من عام ...1960 ً وأصبحت مقدرات الميزانية توضع بالدرهم ً بدﻻ من الفرنك الفرنﺴﻲ أو البﺴيطة الحﺴنية 10ﻓﻲ منطقة الحماية اﻹسبانية تم إحداث مندوبية سامية بتطوان بموجب مرسوم ملكﻲ بتاريخ 27ﻓبراير 1913تضم 5نيابات من بينها »نيابة المالية«. 11 Voir, René Marchal : Précis de législation financière marocaine, 3° éd. pp. 5-8. 8 المبحث الثانﻲ تأصيل مفهوم الميزانية العامة سا لفهم طبيعة وأبعاد إدارة يعد مفهوم الميزانية العامة من المفاهيم المحورية ﻓﻲ الدراسات المالية واﻻقتصادية ،حيث يمثل أسا ً الموارد العامة وتوجيهها نحو تحقيق اﻷهداف اﻻقتصادية واﻻجتماعية للدولة.يتناول هذا المبحث التأصيل المفاهيمﻲ للميزانية العامة، بد ًءا بتدقيق المصطلحات المﺴتخدمة )الميزانية والموازنة( لتوضيح الفروق اﻻصطﻼحية بينهما ،ثم تعريف الميزانية وبيان وأخيرا تمييزها عن الحﺴابات اﻷخرى المشابهة مثل قانون المالية، ً خصائصها التﻲ تميزها عن غيرها من المفاهيم ذات الصلة، الحﺴاب الختامﻲ ،والميزانية اﻻقتصادية. سيﺴلﻂ هذا المبحث الضوء على التطورات التاريخية واللغوية التﻲ أثرت على استخدام المصطلحين "الميزانية" و"الموازنة"، مع اﻹشارة إلى التوصيات التﻲ قدمتها الهيئات العربية المختصة ﻓﻲ هذا المجال.كما سيتم تقديم تعريف شامل للميزانية العامة وتوضيح خصائصها الرئيﺴة ،مثل كونها بيا ًنا تقديريًا وزمنيًا محددًا ،وأداة تشريعية تضمن اﻹذن القانونﻲ بالنفقات واﻹيرادات. وأخيرا ،سيتم التمييز بين الميزانية العامة ومفاهيم أخرى تشترك معها ﻓﻲ بعض الجوانب ولكن تختلف ﻓﻲ الجوهر ،مما يﺴاهم ﻓﻲ ً تعميق الفهم العلمﻲ لهذا المجال الحيوي. المطلب اﻷول :تدقيق المفهوم :الميزانية أو الموازنة؟ يميل خبراء المالية العرب من الوجهة اللغوية ،إلى تفضــيل اســتخدام مصــطلح »الموازنة العامة« بدل »الميزانية العامة«.ﻓفﻲ سـنة 1969أصـدر المؤتمر العربﻲ الخامس للمنظمة العربية للعلوم اﻹدارية ،الذي عقد ﻓﻲ الكويت ،قرارا أوصـى بمقتضـاه بضـرورة اسـتخدام اصـطﻼح »الموازنة« للدﻻلة على الميزانية التقديرية ،واصـطﻼح »الميزانية« للتعبير عن جدول المركز المالﻲ ﻓﻲ ختام الﺴـنة المالية . وﻓﻲ ﻓبراير 1972أقر خبراء الميزانيـة العرب ،خﻼل اجتمـاعهم المنعقـد بمقر المنظمـة العربيـة للعلوم اﻹداريـة بـالقـاهرة بقصــــد وضـع النظام المالﻲ الموحد للدول العربية ،اسـتعمال مصـطلح »الموازنة« ،وذلك نظرا ﻷن اسـتعمال مصـطلح »الميزانية« يفضـﻲ إلى الخلﻂ مع مصــطلح »الميزانية العمومية« الذي يﺴــتخدم ﻓﻲ علم المحاســبة للدﻻلة على الكشــف المالﻲ المفصــل لﻸصــول التﻲ تمتلكها المؤسﺴة وأرصدة الحﺴابات والمديونية والخصوم الخارجية ...وجميع اﻷرصدة الحﺴابية المدينة والدائنة اﻷخرى التﻲ تعكس المركز المالﻲ للمنشــأة ،وتشــير إلى كشــف مالﻲ متوازن ﻓﻲ تاريخ معين عن ﻓترة ســابقة.وذلك على خﻼف »الموازنة« التﻲ ﻻ تكشــف عن المركز المالﻲ ،وﻻ يشــترط تحقق التوازن بين مكوناتها )النفقات واﻹيرادات(.كما ﻻ تمثل أصــوﻻ وخصــوما ،بقدر ما تمثل تقديرات للمبالغ التﻲ يتوقع إنفاقها وتلك التﻲ يحتمل تحصيلها عن ﻓترة مقبلة. وقد أوصى المؤتمر العربﻲ الﺴادس ،الذي عقدته المنظمة العربية للعلوم اﻹدارية بالقاهرة ﻓﻲ شتنبر 1972ﻷجل إقرار مشروع النظام المالﻲ الموحد للدول العربية ،باسـتخدام مصـطلح »الموازنة«.كما أوصـت باسـتخدامه أيضـا الندوة العلمية المنعقدة ﻓﻲ تونس ﻓﻲ يونيو 1980ﻹقرار النظام المحاسبﻲ الحكومﻲ الموحد للدول العربية.12 12ﻓهمﻲ محمود شكري :الموازنة العامة.ماضيها وحاضرها ومﺴتقبلها ﻓﻲ النظرية والتطبيق ،المؤسﺴة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ،1990ص 30.وما بعدها. 9 لكن ﻓﻲ ضوء تطبيقات الدول العربية ،يتضح أن معظم هذه الدول ،من بينها المغرب ،تونس ،الجزائر ،موريتانيا ،ليبيا ،البحرين، الكويت ،العراق ،والﺴــودان ،تﺴــتخدم مصــطلح »الميزانية«.بينما تفضــل دول أخرى مثل اﻷردن" ،لبنان ،ســوريا ،مصــر ،وعمان" استخدام مصطلح »الموازنة«. إن اﻻختيار بين مصــطلحﻲ »الميزانية« و»الموازنة« يعتبر مﺴــألة شــكلية وليﺴــت جوهرية.لتجنب الجدل اللغوي ،ســنﺴــتخدم المصـــطلحين معًا للدﻻلة على نفس المعنى :وهو الميزانية التقديرية للدولة.أما بالنﺴـــبة لمصـــطلح »الحســـاب الختامي« أو »قانون التصفية« ،ﻓﺴنعتمد عليه للتعبير عن »جدول المركز المالﻲ ﻓﻲ نهاية الﺴنة المالية«.وبالتالﻲ ،ﻓإن اللفظين يعتبران متبادلين. المطلب الثانﻲ :تعريف الميزانية وبيان خصائصها أوﻻ :التعريف الميزانية العامة بيان ﺗﻘديري مفصل بالنفﻘات واﻹيرادات ،غير الواردة بالميزانيات الملحﻘة أو ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصـورة مسـتﻘلة أو الحسـابات الخصـوصـية للخزينة ،التي يأذن البرلمان للحكومة بصـرفها وﺗحصـيلها برسـم سـنة مالية مﻘبلة ﺗنفيذا للسياسة العامة للدولة. وتشتمل الميزانية العامة للدولة على جزأين 13هما: -الجزء اﻷول ،ويتعلق بالموارد ؛ التﻲ تشــــمل :الضــــرائب والرســــوم ،وحصــــيلة الغرامات ،واﻷجور عن الخدمات المقدمة واﻷتاوى ،وأموال المﺴــاعدة والهبات والوصــايا ،ودخول أمﻼك الدولة ،وحصــيلة بيع المنقوﻻت والعقارات وحصــيلة اﻹســتغﻼﻻت والمﺴـاهمات المالية للدولة وكذا القﺴـﻂ الراجع للدولة من أرباح الخدمات العمومية ،والمبالغ المرجعة من القروض والتﺴـبيقات والفوائد 14 المترتبة عليها ،وحصيلة اﻹقتراضات والحصائل المختلفة. -الجزء الثاني ،ويتعلق بالنفﻘات ،وتتوزع إلى نفقات التﺴيير ،ونفقات اﻻستثمار ،والنفقات المتعلقة بخدمة الدين العمومﻲ. تغطﻲ نفﻘات التسـيير مخصـصـات الﺴلطات العمومية ،ونفقات الموظفين واﻷعوان والمعدات المرتبطة بتﺴيير المراﻓق العمومية، والنفقات المختلفة المتعلقة بتدخل الدولة وﻻســــيما المجاﻻت اﻹدارية واﻻقتصــــادية واﻻجتماعية والثقاﻓية ،والنفقات المتعلقة بالتكاليف المشتركة بما ﻓيها نفقات الدين العمري والنفقات الطارئة والمخصصات اﻻحتياطية.15 وأما نفﻘات اﻻســـتثمار ﻓإنها تضــم :المخصــصــات المرصــدة للنفقات الناتجة عن تنفيذ مخططات التنمية المواﻓق عليها من لدن البرلمـان ،والنفقـات غير المقررة ﻓﻲ مخطﻂ التنميـة والمبرمجـة ﻓﻲ قـانون المـاليـة للحفـاظ على الثروات الوطنيـة أو إعـادة تكوينهـا أو تنميتها.ويمكن أن تدرج بعض نفقات الموظفين واﻷعوان غير المرسـمين ﻓﻲ نفقات اﻻسـتثمار بشـرط أﻻ تتعلق إﻻ بمﺴـتخدمين معينين 16 لتنفيذها عن طريق الوكالة. وأخيرا ﻓإن النفﻘـات المتعلﻘـة بالدين العمومي :تتضــــمن نفقـات ﻓوائد وعموﻻت القروض ،والنفقـات المتعلقـة باســــتهﻼكات الدين المتوسﻂ والطويل اﻷجل.17 13المادة 13من القانون التنظيمﻲ لقانون المالية رقم 7.98بتاريخ 26نونبر .1998 14المادة 11من نفس القانون. 15المادة 14من نفس القانون. 16المادة 15من نفس القانون. 17المادة 16من نفس القانون. 10 ثانيا ً :الخصائص إن الميزانية العامة تتميز ،ﻓﻲ ضوء التعريف الﺴابق ،بخاصيات أربعة ،هﻲ: . 1الميزانية العامة بيان ﺗﻘديري الميزانية العامة بيان محاسـبﻲ تقديري مفصـل لما تعتزم الحكومة صـرﻓه من اعتمادات وما تتوقع تحصـيله من إيرادات والتقدير ليس عملية عشوائية بقدر ما هﻲ عملية احتمالية ترتكز على تنبؤات بمجريات الوقائع اﻻقتصادية والمالية مﺴتقبﻼ وﻓق أساليب وتقنيات علمية متقدمة ،وﻓﻲ ضـــوء دراســـات مﺴـــتفيضـــة ودقيقة ،تأخذ بعين اﻻعتبار مختلف المؤشـــرات الﺴـــياســـية واﻻقتصـــادية والمالية واﻻجتماعية واحتماﻻت تطورها على المﺴتويين القطري والدولﻲ.18 . 2الميزانية إذن بالنفﻘات واﻹيرادات الميزانيـة العـامـة وثيقـة قـانونيـة ﻹجـازة النفقـات واﻹيرادات العـامـة واﻹجـازة إجراء قـانونﻲ يـأذن او يرخص بمقتضــــاه البرلمـان للحكومة بصرف النفقات وتحصيل الموارد. وتختلف إجازة اﻹنفاق عن إجازة الجباية من ناحيتين ،هما:19 -أن إجازة اﻹنفاق تقتصــــر على اﻻعتمادات التﻲ صــــادقت عليها الﺴــــلطة التشــــريعية ،بحيث ﻻ يمكن تجاوزها ،ﻓﻲ حين أن الترخيص بالجباية غير مقيد بأرقام اﻹيرادات المقدرة ﻓﻲ الميزانية وتملك الﺴلطة التنفيذية حق تجاوزها. -أن مصــــطلح اﻹجازة أو الترخيص ينطبق على النفقـات ،باعتبـار أن الحكومة حرة ﻓﻲ إنفـاقهـا أو عدم إنفـاقهـا وﻓق ما تقتضــــيـه اعتبـارات المصــــلحـة العـامـة.إﻻ أنـه ﻻ ينطبق كـل اﻻنطبـاق على اﻹيرادات لكون الحكومـة مجبرة على تحصــــيلهـا تحـت طـائلـة العقـاب بالنﺴبة للموظفين المﺴؤولين عن التحصيل ،مما يتجاوز مفهوم الترخيص. 20 . 3الميزانية ﺗوضع لمدة زمنية محددة درجت الدول على وضـــع الميزانية العامة لفترة زمنية مقبلة تحدد ﻓﻲ ســـنة واحدة ،تﺴـــمى »الســـنة المالية« ،بغض النظر عن تاريخ بدايتها ونهايتها. إن الغاية من تحديد مدة الميزانية ﻓﻲ ســـنة واحدة هو الرغبة ﻓﻲ ﻓرض رقابة المشـــرع على الﺴـــلطة التنفيذية بصـــورة منتظمة ودورية من جهة أولى ،وصــعوبة التنبؤ لمدد أطول من الﺴــنة من جهة ثانية ،وﻷن الﺴــنة تعتبر الفترة الضــرورية والمناســبة ﻹعداد مشروع الميزانية العامة وعرضها على أنظار البرلمان ﻷجل المصادقة من جهة ثالثة )راجع قاعدة الﺴنوية(. . 4الميزانية عمل ﺗشريعي تقوم الﺴــلطة التنفيذية بتحضــير وتنفيذ الميزانية العامة ،ﻓﻲ حين تتولى الﺴــلطة التشــريعية مناقشــتها واعتمادها.ﻓما هﻲ طبيعتها إذن؟ هل هﻲ عمل إداري أم تشريعﻲ؟ 18د.تيعﻼتﻲ عبد القادر :محاضرات ﻓﻲ مادة المالية العامة.الميزانية )مطبوع( كلية الحقوق بوجدة ،1991- 1990 ،ص.2. 19د.حﺴن عواضة ،مرجع سابق ،ص.44. 20مثال ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة اﻷولى من القانون المالﻲ الﺴنوي للمغرب بقولها... :ويتعرض كذلك للعقوبات المقررة ﻓﻲ شأن مرتكبﻲ الغدر جميع الممارسين للﺴلطة العامة أو الموظفين العامين الذين يمنحون بصورة من الصور وﻻي سبب من اﻷسباب ،دون إذن وارد ﻓﻲ نص تشريعﻲ أو تنظيمﻲ ،إعفاءات من الرسوم أو الضرائب العامة أو يقدمون مجانا منتجات أو خدمات صادرة عن مؤسﺴات الدولة«. 11 الحقيقة أن تحديد الطبيعة القانونية للميزانية العامة موضــوع خﻼف بين الفقهاء.ﻓبينما يرى البعض أن »الميزانية تعتبر عمﻼ من 22 أعمال اﻹدارة من حيث الشكل والموضوع .21«...وبينما يرى البعض اﻵخر أن »الموازنة بطبيعتها عمل إداري يتخذ شكل القانون« بﺴــــبـب ﻓقـدان مقتضــــيـات الميزانيـة للمعنى الفنﻲ الـدقيق للقـانون اســــتنـادهـا إلى قواعـد عـامـة ملزمـة بـل على تقـديرات احتمـاليـة للنفقـات واﻹيرادات العامة ،ﻓإن اﻻتجاه الغالب ﻓﻲ الفقه يرى ،وبحق ،أن الميزانية قانون من حيث الشـــكل والموضـــوع ،ﻻ تخضـــع ﻓقﻂ لنفس الشكليات المطلوبة ﻓﻲ سن القوانين ،وإنما تتضمن أحكاما ﻻ تختلف عن اﻷحكام القانونية بأي شكل من اﻷشكال.23 المطلب الثالث :بين الميزانية العامة وبعض المفاهيم المشابهة يختلف مفهوم الميزانية العامة للدولة عن بعض الحﺴـابات المشـابهة ومن بينها قانون مالية الﺴـنة ،والحﺴـاب الختامﻲ ،والميزانية اﻻقتصادية ،والمخطﻂ اﻻقتصادي. -قانون مالية السـنة :يصـدر سـنويا قانون بربﻂ الميزانية العامة يﺴـمى :قانون مالية الﺴـنة.وهذا القانون» :يتوقع ) (...لكل سـنة مـاليـة ،طبﻘـا للمـادة 1من الﻘـانون التنظيمي رقم 7.98لﻘـانون المـاليـة ،مجموع موارد وﺗكـاليف الـدولـة ويﻘيمهـا وينص عليهـا ويـأذن بها ضمن ﺗوازن اقتصادي ومالي يحدده الﻘانون المذكور«. إن قانون مالية الﺴنة يشتمل ،إذن ،على مجموع موارد وتكاليف الدولة المتعلقة بالحﺴابات التالية: -الميزانية العامة ؛ -ميزانيات مراﻓق الدولة المﺴيرة بصورة مﺴتقلة ؛ -الحﺴابات الخصوصية للخزينة ؛ -الميزانيات الملحقة. وبذلك ﻓإن الميزانية العامة هﻲ الشـق الذي يتناول ،ﻓﻲ قانون مالية الﺴـنة ،نفقات ومداخيل الدولة غير الواردة بالحﺴـابات اﻷخرى المشار إليها أعﻼه. -الحســاب الختامي أو قانون التصــفية ،هو بيان بكاﻓة المبالغ النهائية التﻲ قامت الدولة بإنفاقها وتحصــيلها ﻓعﻼ ﻓﻲ ســنة مالية معينة.إنه يختلف مع الميزانية العامة من ناحيتين أولهما أن اﻷرقام المﺴـــجلة :الحﺴـــاب الختامﻲ حقيقية ،ﻓﻲ حين ﻓﻲ أنها تقديرية ﻓﻲ الميزانية.وثانيهما أن الحﺴــاب الختامﻲ بيان لفترة مضــت بينما الميزانية بيان لفترة قادمة وللحﺴــاب الختامﻲ أهمية كبيرة من حيث أنه يﺴــاعد كثيرا على مقارنة تقديرات الميزانية واﻹنجازات التﻲ تحققت ﻓعﻼ ،اﻷمر الذي يقود إلى تحﺴــين طرق التقدير والتنبؤ بالنﺴــبة للميزانيات القادمة. -الميزانية اﻻقتصـــادية هﻲ عمل تقديري لمجموع النشـــاط اﻻقتصـــادي العام والخاص لدولة معينة ﻓﻲ ﻓترة زمنية قادمة تكمن أهمية الميزانية اﻻقتصــادية ﻓﻲ أنها تﺴــاعد على التنبؤ باتجاهات النشــاط اﻻقتصــادي ﻓﻲ المﺴــتقبل وتمكن ،بالتالﻲ ،الدولة من تحديد الدور الذي يمكن أن تؤديه ﻓﻲ إطار هذا النشـاط تتشـابه الميزانية اﻻقتصـادية مع ميزانية الدولة ﻓﻲ أنها عمل تقديري لفترة زمنية مقبلة. إﻻ أنها تختلف عنها ﻓﻲ كونها تشـمل مختلف أوجه النشـاط اﻻقتصـادي والمالﻲ ،العام والخاص ،بينما تقتصـر ميزانية الدولة على جزء 21د.قحطان الﺴيوﻓﻲ :اقتصاديات المالية العامة ،طﻼس للدراسات والترجمة والنشر )دمشق( ،1989 ،ص.75. 22محمد سعيد ﻓرهود ،مرجع سابق ،ص.377. 23ﻓهمﻲ محمود شكري ،مرجع -ع سابق.ص 25وما بعدها. 12 ﻓقﻂ من النشـاط المالﻲ العام ،هو نشـاط الدولة ﻓهﻲ ﻻ تشـمل النشـاط المالﻲ الخاص.كما ﻻ تشـمل مالية الجماعات المحلية والمؤسـﺴـات العامة. -المخطط اﻻقتصـادي واﻻجتماعي ،24هو »وسـيلة علمية وﻓنية يﺴـتهدف به برمجة اﻷعمال ﻓﻲ إطار منﺴـق ومدى زمنﻲ محدد«. إنه أداة يتم من خﻼلهـا »العمـل على تجنيـد وتوجيـه موارد الدولة ،طبيعيـة كانت أو بشــــرية أو نقـدية« ،وذلك وﻓقـا لتفـاعﻼت هذه الموارد المختلفة وتوجيه حركتها بشكل متناسق لتحقيق أهداف اقتصادية أو اجتماعية معينة كزيادة اﻹنتاج وعدالة التوزيع وتحقيق التنمية.25 ورغم أن الميزانية العامة تعتبر بمثابة »صـورة للﺴـياسـة اﻻقتصـادية وتعكس طبيعة الخيارات العامة لمخططات التنمية« ،26ﻓإن جوانب التباين واﻻختﻼف بين الﺴياسات المالية والتوجهات اﻻقتصادية المختلفة يمكن أن تؤثر على كيفية وضع الميزانية وتنفيذها.هذا التباين قد ينشــأ من أولويات الحكومة ﻓﻲ مجاﻻت اﻹنفاق واﻹيرادات ،والﺴــياســات الضــريبية ،واﻹصــﻼحات اﻻقتصــادية ،وكذلك من التحديات اﻻقتصـادية المحلية والعالمية.ومن ثم ،ﻓإن الميزانية العامة ﻻ تعكس ﻓقﻂ الموارد والنفقات المتوقعة ،بل تتضـمن أيضـً ا رؤية شاملة لكيفية تحقيق اﻷهداف اﻻقتصادية واﻻجتماعية للحكومة ﻓﻲ ﻓترة زمنية محددة. 24حول العﻼقة بين التخطيط والميزانية ﻓي المغرب ،يراجع د.ﻋﻠي شفيق :العﻼقة بين الموازنة والتخطيط اﻻقتصادي واﻻجتماﻋي ﻓي المغرب ،دراسة مقارنة ،المجﻠة المغربية لﻠقانون المقارن ،العدد ،1988 ،9ص.ص.77-59. 25 Fathalah Oulalou : Quelques aspects de la problématique budgétaire face au développement. Le cas du Maroc. R.M.D.E.D, n° 6, 1993. p. 12. 26نفس المرجع. 13 خـــــــــــــــــاﺗمة ﻓﻲ ضوء ما تم تناوله ﻓﻲ هذا البحث من استعراض نشأة الميزانية العامة وتطورها ،ودراسة تأصيل مفهومها ﻓﻲ الﺴياقات التاريخية المختلفة ،يتبين أن الميزانية العامة ليﺴت مجرد وثيقة مالية وإدارية تُنظم اﻹنفاق واﻹيرادات ،بل هﻲ أداة أساسية تعكس التوجهات الﺴياسية واﻻقتصادية واﻻجتماعية للدولة . لقد بدأ ظهور الميزانية العامة كوسيلة لتقييد الﺴلطة المطلقة للحاكم ﻓﻲ إنجلترا وﻓرنﺴا ،حيث تطورت تدريجيا ً لتصبح أداة رئيﺴية لتحقيق الشفاﻓية والمﺴاءلة ﻓﻲ إدارة المال العام.أما ﻓﻲ المغرب ،ﻓقد ظهرت الميزانية العامة ﻓﻲ سياق تاريخﻲ مختلف يرتبﻂ بفترة الحماية ،حيث تأثرت باﻷنظمة اﻷوروبية واستندت إلى نظام اﻷمناء التقليدي الذي كان يشرف على إدارة موارد الدولة ومصروﻓاتها. إن أهمية الميزانية العامة تتجلى ﻓﻲ قدرتها على تحقيق توازن دقيق بين اﻹيرادات والنفقات ،وضمان تخصيص الموارد بشكل عادل وﻓعّال لتلبية احتياجات المجتمع وتحقيق التنمية المﺴتدامة.كما أنها تعكس التزام الدولة بمبادئ العدالة والمﺴاواة بين مواطنيها، من خﻼل تنظيم توزيع الثروات الوطنية ومراقبة استخدامها. يظهر البحث أيضًا أن الميزانية العامة ليﺴت ﻓقﻂ أداة تقنية لتنظيم المال العام ،بل هﻲ تعبير عن سيادة القانون وديمقراطية اتخاذ القرار المالﻲ.ﻓمن خﻼل مناقشتها وإقرارها من قبل البرلمان ،تتحقق الرقابة على الﺴلطة التنفيذية ،مما يعزز الثقة بين المواطنين ومؤسﺴات الدولة. وﻓﻲ النهاية ،نﺴتطيع القول إن الميزانية العامة تظل واحدة من أهم الركائز التﻲ يقوم عليها النظام اﻻقتصادي والﺴياسﻲ الحديث. ﻓهﻲ ليﺴت مجرد وثيقة سنوية ،بل هﻲ مرآة تعكس أولويات الدولة واستراتيجياتها ،ومدى التزامها بتحقيق رﻓاهية المواطنين وتوﻓير اﻻحتياجات اﻷساسية لهم . إن دراسة الميزانية العامة وتطورها التاريخﻲ ومفاهيمها اﻷساسية ليس ﻓقﻂ مدخﻼً لفهم كيفية إدارة المال العام ،بل هو أيضًا أداة لفهم طبيعة العﻼقة بين الدولة ومواطنيها ،وكيف يمكن توظيف الموارد لتحقيق أهداف التنمية والعدالة اﻻجتماعية. 14