Document Details

ExquisiteLearning

Uploaded by ExquisiteLearning

Tags

comparative religion religious studies Islam theology

Summary

This document discusses the concept of the unity of religion and the diversity of religious laws from a Quranic perspective. It compares different religious views and examines the concept of monotheism. The document argues for the unity of religion and the diversity of laws in the Abrahamic faiths.

Full Transcript

‫وحدة الدين وتعدد الشرائع‬ ‫وحدة الدين وتعدد الشرائع‪:‬‬ ‫بعد االطالع على تعريفات المفردات السابقة‪ ،‬وإلقاء الضوء على بعض أقوال أهل العلم في التمييز‬ ‫بينها من الجدير بالذكر أن نقف وقفة لنوضح البون الشاسع والفرق الظاهر بين الدين والشريعة من‬ ‫وجهة قرآنية‪ ،‬فاهلل عز وجل قال في كتابه العزيز‪" :‬إن ا...

‫وحدة الدين وتعدد الشرائع‬ ‫وحدة الدين وتعدد الشرائع‪:‬‬ ‫بعد االطالع على تعريفات المفردات السابقة‪ ،‬وإلقاء الضوء على بعض أقوال أهل العلم في التمييز‬ ‫بينها من الجدير بالذكر أن نقف وقفة لنوضح البون الشاسع والفرق الظاهر بين الدين والشريعة من‬ ‫وجهة قرآنية‪ ،‬فاهلل عز وجل قال في كتابه العزيز‪" :‬إن الدين عند اهلل اإلسالم"‪ ،‬وقد جعله دين‬ ‫األنبياء والمرسلين جميعا‪ ،‬فاإلسالم في الحقيقة هو دين اهلل الذي تعبّد به الجميع‪ ،‬وأرسل رسله‬ ‫به‪ ،‬ومعنى اإلسالم هنا مفهومه الشامل العام‪ ،‬وليس الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل الصالة‬ ‫وأزكى التحية‪ ،‬فقد أخبرنا سبحانه وتعالى عن أنبيائه ورسله السابقين أنهم على دين اإلسالم‪ ،‬فها‬ ‫هو نوح عليه السالم يقول" وأمرت أن أكون من المسلمين" يونس(‪ ، )72‬وقال عن إبراهيم‬ ‫بلسانه‪" :‬ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك‪،"00‬‬ ‫وحدة الدين وتعدد الشرائع‬ ‫وقال سبحانه" ما كان إبراهيم يهوديا وال نصرانيا ولكن حنيفيا‪ 0‬مسلما وما كان من المشركين" آل‬ ‫عمران (‪ ،)67‬فضال عن اآليات التي تدل على إسالمه وإذعانه ألمر اهلل عز وجل ( إذ قال له ربه‬ ‫أسلم قال أسلمت لرب العالمين) البقرة(‪ ،)131‬ونحو هذه اآليات وكذا وصى إبراهيم ويعقوب‬ ‫بنيه فأخبروهم بأن دين اهلل الذي اصفاه لكم اإلسالم فقال بلسانهما‪ ":‬إن اهلل اصطفى لكم الدين‬ ‫فال تموتن إال وأنتم مسلمون" البقرة(‪ )132‬ويوسف عليه السالم يتضرع إلى اهلل فيقول ‪":‬أنت ولي‬ ‫في الدنيا واآلخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين " يوسف (‪ ،)101‬وكذا عن لوط عليه السالم‬ ‫الذي كان متبعا ألمر اهلل عز وجل عنه يقول اهلل تبارك وتعالى عنه وعن أهل بيته‪" :‬فأخرجنا من كان‬ ‫فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين "الذاريات (‪ ،)36-35‬وقال سبحانه‬ ‫وتعالى عن موسى عليه السالم وهو يخاطب قومه‪ ":‬وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم باهلل فعليه‬ ‫توكلوا إن كنتم مسلمين" يونس (‪،)84‬‬ ‫وحدة الدين وتعدد الشرائع‬ ‫ولما آمن السحرة كان من دعائهم "ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين" يونس (‪ ،)84‬ولما أمن‬ ‫السحرة كان من دعائهم" ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين " األعراف (‪ ،)126‬وسيدنا سليمان‬ ‫عليه السالم عندما أرسل رسالته عن طريق الهدهد إلى ملكة سبأ فيها "أال تعلوا علي وأتوني‬ ‫مسلمين " النمل (‪ )31‬وقال" قبل أن يأتوني مسلمين" النمل (‪ ،)38‬وكذلك‪ :‬وأوتينا العلم من‬ ‫قبلها وكنا مسلمين" النمل (‪ ،)42‬هذه اآليات كلها تؤكد أن دين سليمان اإلسالم‪ ،‬والحواريون‬ ‫عندما سألهم عيسى عليه السالم من أنصاري إلى اهلل اعترفوا بإسالمهم ‪":‬فلما أحس عيسى منهم‬ ‫الكفر قال من أنصاري إلى اهلل قال الحواريون‪0000‬مسلمون"آل عمران (‪ ،)52‬بل أخبرنا سبحانه‬ ‫وتعالى في غير ما موضع من القرآن الكريم بأنه دين األنبياء والمرسلين قاطبة "ونحن له مسلمون‬ ‫"‪ ،‬وقال‪" :‬إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور حكم بها النبيون الذين أسلموا‪ "00‬المائدة (‪،)44‬‬ ‫وحدة الدين وتعدد الشرائع‬ ‫وبهذا يتبين لنا األمر جليا بحيث ال يقبل الشك وال الجدال أن دين اهلل هو اإلسالم‪ ،‬وهو الدين‬ ‫السماوي الوحيد‪ ،‬وال يقبل اهلل غيره‪ ،‬فدين إبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصالة والسالم‬ ‫اإلسالم إال إن الشرائع تختلف‪ ،‬فقد قال سبحانه ‪":‬لكل جعلنا منكم شرعه ومنهاجا "‪ ،‬وقال أيضا‬ ‫عز وجل ‪":‬شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى‬ ‫عيسى أن أقيموا الدين وال تتفرقوا فيه " وهذا واضح بيّن في أن دينهم جميعا دين واحد‪ ،‬مع علمنا‬ ‫باختالف شرائعهم حسب أحوالهم ومصالح أقوامهم في أزمانهم‪ ،‬فكل األنبياء مسلمون هتفوا‬ ‫بذلك‪ ،‬وكل أتباعهم في زمنهم كانوا مسلمين‪ ،‬وعليه فهناك دين سماوي واحد ال غير‪ ،‬هذا الدين‬ ‫هو اإلسالم‪ ،‬وتختلف الشرائع من نبي آلخر‪ ،‬ومن الخطأ أن نقول أديان سماوية‪ ،‬بل هي شرائع‬ ‫سماوية ودين واحد‪.‬‬ ‫تنبيه‬ ‫تنبيه‪:‬‬ ‫‪ -1‬يصح أن نقول‪" :‬الشريعة المحمدية"‪ ،‬أو "الملة المحمدية" أو "الشريعة اإلسالمية" و "الملة‬ ‫اإلسالمية"‪ ،‬وكذا الدين المحمدي والدين اإلسالمي‪ ،‬فهذه المصطلحات أو األلفاظ يمكن أن تقوم مقام‬ ‫فرق بينها‪ ،‬فحينئذ ال يشكل‬ ‫األخرى كما سبق بيانه‪ ،‬وقد يوردها البعض ويعني بها الكلمة األخرى؛ ألنه ال يُ ِّ‬ ‫عليك إيرادها في بعض المواضع‪ ،‬وال مشاحة في االصطالح‪.‬‬ ‫‪ -2‬يمكن أن يقال الملة اليهودية والملة النصرانية أو المسيحية أو الملة اليهودية أو العيسوية بحسب‬ ‫تصور القائل‪ ،‬وعلى نظر المتحدث فال مساحة في االصطالح‪ ،‬أو يقال الشريعة اليهودية أو الشريعة النصرانية‬ ‫بعض النظر على كونها أنها سماوية‪ ،‬فمن المعلوم أن اليهودية جاءت بعد موسى عليه السالم كما أن النصرانية‬ ‫حدثت بعد وفاة عيسى عليه السالم‪ ،‬وأتباعهما لم يتسموا بهذه األسماء في زمانهما‪ ،‬وسيأتي تقرير ذلك إن‬ ‫شاء اهلل تعالى في محله‪0‬‬ ‫تنبيه‬ ‫‪ -3‬اليهودية والنصرانية ليست شرائع سماوية‪ ،‬وإنما على الصحيح ملل أو أديان ليست‬ ‫سماوية‪ ،‬وذلك اعتمادا على ما تقرر سابقا من أن الدين السماوي هو اإلسالم للجميع‪ ،‬وأن هذه‬ ‫األديان أو المسميات حدثت بعد وفاة أنبياء المسمين إليهما‪.‬‬ ‫وحدة األديان‬ ‫وحدة األديان‪:‬‬ ‫مصطلح وحدة األديان من المصطلحات التي تُطرح اآلن في العالم اإلسالمي بقوة مع ضغوطات‬ ‫خارجية بدعوى التقريب بين األديان والتوفيق بينها‪ ،‬أو نقول يروق لبعضهم أن يقول مثال "األديان‬ ‫اإلبراهيمية" متصامما عن قول اهلل عز وجل "ما كان إبراهيم يهوديا وال نصرانيا ولكن حنيفا مسلما‬ ‫وما كان من المشركين "آل عمران ( )‪ ،‬وقد تعقد المؤتمرات المتوالية باسم التآخي بين األديان‪،‬‬ ‫وحوار الحضارات‪ ،‬ونحو هذه المسميات البراقة وهناك غيرها من المسميات كالملة اإلبراهيمية أو‬ ‫توحيد األديان الثالثة أو وحدة الدين اإللهي كل هذه المسميات هي تمييع للحق وتلميع للباطل‪،‬‬ ‫وقد نص اهلل عز وجل بكفر من قال إن اهلل ثالث ثالثة فكيف يسوغ أن يقال بأنه توحيد " لقد كفر‬ ‫الذين قالوا إن اهلل ثالث ثالثة "‪،‬‬ ‫وحدة األديان‬ ‫ونص بشرك وكفر اليهود و النصارى‪ ،‬فكيف يمكن أن يُجمعوا في بوتقة واحدة مع اإلسالم‪ ،‬ومن المعلوم‬ ‫والمتقرر أن اليهودية ليست الشريعة التي أتى بها موسى كما أن النصرانية ليست الشريعة التي أتى بها عيسى‬ ‫عليهما الصالة والسالم‪ ،‬فشرائع هؤالء األنبياء نعم مختلفة ودينهم واحد يقول رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم‪" :‬األنبياء إخوة لعالت أمهاتهم شتى‪ ،‬ودينهم واحد"‪ ،‬وأمهاتهم بمعنى شرائعهم مختلفة‪ ،‬ولكن جميعا‬ ‫جاؤوا باإلسالم‪ ،‬وليس ألحد أن يحتج بقول اهلل عز وجل " إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى‬ ‫والصابئين من آمن باهلل واليوم اآلخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم والهم يحزنون "‬ ‫البقرة (‪)62‬؛ ألن اهلل عز وجل لم يذكر المسلمين هنا‪ ،‬وإنما ص ّدر اآلية بالذين امنوا‪ ،‬فال يشكل عليك‬ ‫حينئذ أن المراد بهم َمن آمن ِمن هؤالء باهلل واليوم اآلخر وعمل صالحاً‪ ،‬وذلك باتباع رسول اهلل عليه‬ ‫الصالة والسالم‪ ،‬فالمناداة بالوحدة الدينية أو الملة اإلبراهيمية هي مناداة بالباطل‪ ،‬ومخالفة لكتاب اهلل عز‬ ‫روج لها الغرب وتلقفها بعض أبناء المسلمين ليكون بوقاً لهم‪ ،‬وهذه‬ ‫وجل وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪َّ ،‬‬ ‫الدعوة وإن كانت موجودة من قبل غير أنها استحسنها بعض الناس في وقتنا‪.‬‬ ‫وحدة األديان‬ ‫والخالصة نعم أن دين اهلل واحد‪ ،‬وهو اإلسالم‪ ،‬وأما المناداة بوحدة األديان فهذا من وجوه‬ ‫الباطل؛ ألن اإلسالم دين‪ ،‬واليهودية دين‪ ،‬والنصرانية دين‪ ،‬وشريعة موسى وشريعة عيسى وشريعة‬ ‫محمد صلى اهلل عليه وسلم هي السماوية أما اليهودية والنصرانية فليستا من اهلل عز وجل‪.‬‬ ‫نشأة الدين والحاجة إليه‬ ‫نشأة الدين وتاريخه‪:‬‬ ‫ال شك أن نظرة الدين وبداية تختلف بين المسلمين وغيرهم‪ ،‬فالمنطلقات متفاوتة‪ ،‬والمنهج‬ ‫مختلف‪ ،‬فالمسلم ينطلق في مبدأه من كتاب اهلل عز وجل يحدد وجهته‪ ،‬ويرسم مسيرته وتوجهه‪،‬‬ ‫هذا هو األصل غير أننا نجد بعض الكتّاب المعاصرين ومجموعة من الباحثين والمثقفين من وقع‬ ‫في أسر الكتابات الغربية المعاصرة‪ ،‬أو رهين المنطلقات الفلسفية‪ ،‬أو في َش َرك أقالم المؤلفات‬ ‫التنويرية‪ ،‬البعيدة عن روح الدين‪ ،‬وذلك في نظرتهم لنشوء الدين وبدايته‪ ،‬ونحن نرى أن التصور‬ ‫اإلسالمي المنبني على قواعد راسخة‪ ،‬وثوابت راسية يؤكد لنا أن أب البشر آدم عليه السالم كان‬ ‫عارفا باهلل مؤمنا موحدا وذا دين‪ ،‬وأن اهلل عز وجل خلق الناس على فطرة الدين "وإذ أخذ ربك من‬ ‫بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا"‪،‬‬ ‫نشأة الدين والحاجة إليه‬ ‫ويقول تبارك وتعالى في فطرة الناس التي فطرهم عليها " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت اهلل التي‬ ‫فطر الناس عليها ال تبديل لخلق اهلل ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس ال يعلمون"‪ ،‬ومن القواعد‬ ‫ويعرفوهم بربهم أو يذكروهم به سبحانه "رسال‬ ‫المتقررة أن اهلل عز وجل أرسل رسال ِّ‬ ‫ليقوموا الناس‪ِّ ،‬‬ ‫مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على اهلل حجة بعد الرسل"‪ ،‬وقال اهلل عز وجل‪" :‬ولكل أمة‬ ‫رسول" يونس (‪ ،)47‬وقال تعالى‪" :‬ولقد بعثنا في كل أمة رسوال"‪ ،‬النحل(‪ ،)36‬وقال تبارك وتعالى‪:‬‬ ‫"وإن من أمة إال خال فيها نذير" فاطر(‪ ،)24‬كل هذه اآليات تؤكد وجود الرسل واألنبياء الذين‬ ‫يهدون الناس إلى سواء السبيل‪ ،‬وقد أخبرنا عز وعال أن الشرك أمر طارئ على الناس والبشرية‪،‬‬ ‫جاء بعد التوحيد‪ ،‬وما هو إال انتكاسة واستجابة للشيطان‪ ،‬وعلى سبيل المثال ما جاء عن قوم نوح‬ ‫عليه السالم في نصبهم األوثان والشرك "وقالوا ال تذرن آلهتكم وال تذرن ودا وال سواعا وال يغوث‬ ‫ويعوق ونسرا" نوح (‪ ،)23‬هذه من وجهة القرآن الكريم‪.‬‬ ‫نشأة الدين والحاجة إليه‬ ‫والخالصة‪:‬‬ ‫‪ -1‬آدم عليه السالم كان مؤمنا موحدا‪.‬‬ ‫‪ -2‬فطرة اإلنسان التوحيد واإليمان‪.‬‬ ‫‪ -3‬إرسال الرسل وبعث األنبياء لهداية البشرية ودعوتهم لتوحيد‪.‬‬ ‫‪ -4‬الشرك طرأ على اإلنسانية‪.‬‬ ‫هذا أما من وجهة نظر علماء األديان أو المشتغلين بفلسفة األديان وتاريخها أو من تأثر بكتاباتهم‬ ‫ففكرة نشوء الدين جاءت متضاربة متباينة لديهم‪ ،‬وقد اختلفوا في األسس التي اعتمدوا عليها في‬ ‫ثم تطورت ‪،‬‬ ‫البحث عن كيفية بداية ونشأة الدين‪ ،‬فمنهم من رأى الدين ظاهرة نشأت بدائية َّ‬ ‫ومنهم من يراها سبقت الحضارات‪ ،‬وفريق آخر يراها تأخرت عن ركب الحضارات السابقة‪ ،‬وذهب‬ ‫آخرون إلى أنها اقترنت مع الحضارات فهي مالزمة لها ‪ ،‬وسوف نورد رأيين متناقضين من أراء‬ ‫ال ُكتَّاب الغربين في نظرتهم في كيفية نشأة الدين وبدايته‪،‬‬ ‫نشأة الدين والحاجة إليه‬ ‫وهذان الرأيان يشكالن خطين متعاكسين‪:‬‬ ‫ثم ترقى اإلنسان في دينه أو أنه من األساس‬ ‫‪ -1‬فريق يرى أن الدين بدأ في صورة خرافة ووثنية َّ‬ ‫كان بال دين ثم طرأ الدين على الناس ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬قال فولتير‪" :‬إن اإلنسانية ال بد أن تكون قد عاشت قروناً متطاولة في حياة مادية خالصة‬ ‫قوامها الحرث والنحت والبناء والحدادة والنجارة قبل أن تفكر في مسائل الدينيات والروحانيات"‪،‬‬ ‫وقال أيضاً‪" :‬إن فكرة التألي إنما اخترعها دهاة ماكرون من الكهنة والقساوسة الذين لقوا من‬ ‫يصدقهم من الحمقى والسخفاء"‪0‬‬ ‫ب‪ -‬قال هربرت سبنسر "إن البشرية قد مرت في مراحلها األولى بزمن لم تعرف خاللها الدين‬ ‫بالتكون عندما أخذت الجماعات البشرية بتقديس أرواح زعمائها الراحلين‪ ،‬وتحولت أرواح هؤالء‬ ‫األسالف المبجلين تدريجيا إلى آلهة تمركز الدين حولها وابتدأ بها "‪ 0‬وممن وقال بهذا داروين في‬ ‫فكرة التطور‪.‬‬ ‫نشأة الدين والحاجة إليه‬ ‫‪ -2‬الفريق الثاني يرى عكس الفريق األول أن الدين موجود بوجود اإلنسان وأن عقيدة اإلله‬ ‫األكبر موجودة‪ ،‬وهي أقدم ديانة‪ ،‬وأن التاريخ لم يذكر قط قوماً عاشوا من دون أن يكونوا على دين‬ ‫‪:‬‬ ‫أ‪ -‬قال بنيامين كونستان ‪":‬إن الدين من العوامل التي سيطرت على البشر‪ ،‬وأن التحسس‬ ‫الديني من الخواص الالزمة لطبائعنا الراسخة‪ ،‬ومن المستحيل أن نتصور ماهية اإلنسان دون أن‬ ‫تتبادر إلى ذهننا فكرة الدين"‬ ‫ب‪ -‬قال ماكس مولر ‪" :‬إن الدين قوة من قوى النفس وخاصة من خواصها " واعتبر أن فكرة‬ ‫التعبد من الفطرة والغريزة البشرية منذ النشأة األولى‪.‬‬ ‫نشأة الدين والحاجة إليه‬ ‫وقد فنّد بعض الغربيين فكرة وجود شعوب وجماعات بشرية بال دين‪ ،‬وممن تصدى لذلك تايلور‬ ‫عندما قال‪" :‬ولقد انزلق ال ٌكتَّاب إلى إنكار الدين على الشعوب البدائية متأثرين في ذلك بعدة‬ ‫عوامل متشابكة‪ ،‬فهناك أوالً النزعة التطورية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر والتي كانت‬ ‫تقتضي منهم أن يفترضوا مرور البشرية بمرحلة لم تعرف فيها الدين حتى يكونوا بذلك منطبقين مع‬ ‫أنفسهم ومع النظرية التي يتبعونها كذلك يمكن أن يعزى بعض هذا الخطأ إلى ضيق النظرة التي كان‬ ‫هؤالء العلماء و المبشرون على الخصوص يفهمون بها الدين‪ ،‬وكان معظم ال ُكتَّاب األوائل يتجهون‬ ‫لدراسة الدين وفي أذهانهم فكرة سابقه عن العناصر األساسية التي يجب توفرها حتى يمكن أن‬ ‫يسمى نظام العقائد و الشعائر السائدة في مجتمع من المجتمعات دينا‪ ،‬وكانوا يستمدون هذه‬ ‫العناصر من األسس التي تقوم عليها األديان العالمية الكبرى‪ ،‬وخاصة الدين المسيحي"‪.‬‬ ‫نشأة الدين والحاجة إليه‬ ‫ضرورة الدين وحاجته لإلنسانية و البشرية ‪:‬‬ ‫مما الريب فيه أن الدين فطرة خلق اهلل عز وجل الناس عليها فما من إنسان عاقل إال ويحتاج الى‬ ‫الدين فهو ضروري له من جميع النواحي عقال ونفسا وروحا واجتماعيا وسياسة وأخالقا‪ ،‬وما من‬ ‫جانب من جوانب الحياة إال وعنصر الدين من العناصر األساسية التي تنظم الحياة على مستوى‬ ‫األفراد أو الجماعات‪:‬‬ ‫أ‪ -‬فالدين هو ضروري لعقل اإلنسان الذي يطرح كثيراً من التساؤالت التي ال يجدلها حالً وال‬ ‫جواباً خاصة في األمور الغيبية ‪،‬واليسعف رغباته‪ ،‬وال يشبع نهمه لفهم الظواهر األسباب أو نحو‬ ‫هذا إال الدين الذي يعطيه الجواب الكافي الشافي‪ ،‬والذي يرشد عقله إلى الحقائق والمعارف‪.‬‬ ‫نشأة الدين والحاجة إليه‬ ‫ب‪ -‬الدين ضرورة للنفس البشرية التي ال تستقر‪ ،‬وال تطمئن إال بالتطلع نحو المجهول‪ ،‬ومعرفة‬ ‫المغيبات‪ ،‬واالشتياق إلى اكتشاف ما وراء الطبيعة والظاهر‪ ،‬وهناك من علماء الغرب من توصل إلى‬ ‫معرفة هذا األمر‪ ،‬وأن هذه الضرورة ال بد منها ألجل القضاء على االكتئاب والقلق‪ ،‬قال ديل‬ ‫كارنيجي في كتابه دع القلق وابدأ الحياة‪" :‬إن أطباء النفس يدركون أن اإليمان القوي واالستمساك‬ ‫بالدين كفيالن بأن يقهرا القلق والتوتر العصبي"‪ ،‬وكم رأينا من فاقد هذا األمر يؤدي حاله لالنتحار‬ ‫لفقدانه للحياة الدينية التي تحافظ عليه‪.‬‬ ‫ت‪ -‬الدين من ضروريات الروح وغذاء لها‪ ،‬فاالتجاه والتوجه إلى اهلل عز وجل يعطي الطاقة‬ ‫اإليجابية‪ ،‬ويوحي إلى الجسد والجسم القوة والصبر والتحمل‪ ،‬وكذا ترى إقبال اإلنسان إلى ربه‬ ‫بسبب سمو روحه المتدينة وعلوها‪.‬‬ ‫نشأة الدين والحاجة إليه‬ ‫ث‪ -‬الدين نظام للهيئة االجتماعية‪ ،‬فالدين ضرورية اجتماعية كما هو فطرة إنسانية‪ ،‬والمجتمع‬ ‫الذي يريد االستقرار واألمان والطمأنينة ال يستغني عن الدين‪ ،‬وال يمكن بحال من األحوال ضبط‬ ‫المجتمعات حقا إال بالدين‪ ،‬فالنظام ال يمكنه أن يردع الناس وال ينظم حياتهم برغبة ومبادرة إال‬ ‫بالدين‪ ،‬فنحن نرى أن أحكام القوانينن ال تفي وال تغني وال تكفي في تنظيم وضبط سلوك الناس‬ ‫بخالف الدين‪.‬‬ ‫ج‪ -‬الدين من الضروريات السياسية ألجل إقامة نظام العدل والمساواة والحرية الحقيقية بين‬ ‫أفراد المجتمع بحيث ال يتعدى أحد على أحد‪ ،‬وال دخل لألهواء والنفوس‪ ،‬وال النزعات والرغبات‬ ‫وال النزغات‪ ،‬وال الشهوات وال النزوات‪ ،‬وفي الدين اجتناب للظلم‪ ،‬وفيه وبه أيضا إشاعة المحبة‬ ‫الصادقة بين الحاكم والمحكوم‪.‬‬ ‫نشأة الدين والحاجة إليه‬ ‫ح‪ -‬الدين من صميم األخالق‪ ،‬فهو ضرورة أخالقية‪ ،‬والنبي صلى اهلل عليه وسلم كأنما يحصر‬ ‫الدين في األخالق فيقول‪" :‬الدين المعاملة"‪ ،‬ويقول عيه أفضل الصالة والسالم‪" :‬إن الرجل‬ ‫حسنها‬ ‫ليدرك‪ -‬ليبلغ‪ -‬درجة الصائم القائم بحسن الخلق"‪ ،‬واألصل أن الدين يضبط األخالق ويُ ِّ‬ ‫جملها‪ ،‬فهو منبع الفضائل واألخالق‪ ،‬هكذا األصل خالفا للنظريات التي تجعل أصل األخالق‬ ‫ويُ ِّ‬ ‫الحب أو السعادة أو اللذة أو نحو هذه من النظريات الفلسفية البحتة‪.‬‬ ‫خ‪ -‬الدين ضرورة من ضروريات االقتصاد‪ ،‬ينظم المال‪ ،‬ويقوي العالقة بين الفقراء واألغنياء‪،‬‬ ‫حسن رغبة النفس في جمع المال والحصول عليه‪ ،‬وكذا‬ ‫كما يضع ضوابط لالكتساب واإلنفاق‪ ،‬ويُ ِّ‬ ‫يجعل للمال منزلة تليق به فهو ال يقدمه على النفس‪ ،‬وال على مصالح الناس‪.‬‬ ‫د‪ -‬الدين كذلك هو ضرورة عسكرية يحتاج لها الجندي‪ ،‬فهو ال يقاتل إال دينا وعقيدة بخالف‬ ‫من يقاتل ألجل دنيا‪ ،‬فالدين يجعله يحترم الناس ويعرف قيمة دم اإلنسان‪ ،‬كما أنه سبيل للتضحية‬ ‫وبذل كل غال‪ ،‬ولو كلفه ثمن ذلك النفس‪.‬‬ ‫تعريف علم األديان‬ ‫فردا أو جماعات‬ ‫•‬ ‫والذي يظهر أن علم األديان "هو علم يقوم بدراسة نشاط اإلنسان ً‬ ‫بالمقدس من نواحي شتى"‪ ،‬والعلم هنا ليس اليقين ول اإلدراك؛ ألن علم األديان لن يصل إلى‬ ‫معرفة جوهر أي دين بل هو محاولة لفهم الظاهرة الدينية بطرق علمية منهجية تعين على تقريب‬ ‫الفهم لها‪ ،‬من جوانب متعددة‪ :‬التاريخ والجتماع والنفس‪ ،‬وقد يصل إلى المقارنة‪ ،‬فعلم األديان‬ ‫يشمل هذه النواحي كلها‪.‬‬

Use Quizgecko on...
Browser
Browser