الكفاءة المادية في الزواج PDF

Summary

هذا المقال يتناول الكفاءة المادية في الزواج من منظور إسلامي. يناقش المقال تفاصيل الكفاءة المالية والجسدية، ويقدم آراء الفقهاء حول هذا الموضوع. يُسلّط الضوء على أهمية الدين والخلق في اختيار الزوج أو الزوجة.

Full Transcript

الكفاءة المادية يضع بعض المقدمين على الزواج شروطا كثيرة يتطلب توافرها في شريك حياته، مثل الدخل الثابت والمرتفع، والجمال وحسن الأخلاق، والثقافة العامة والتدين، والمكانة الاجتماعية المرموقة. وعقد الزواج في الإسلام هو رباط قوي بين الرجل والمرأة، تستقر به النفس وتقر العين وهو ميثاق غليظ كما وصفه الله...

الكفاءة المادية يضع بعض المقدمين على الزواج شروطا كثيرة يتطلب توافرها في شريك حياته، مثل الدخل الثابت والمرتفع، والجمال وحسن الأخلاق، والثقافة العامة والتدين، والمكانة الاجتماعية المرموقة. وعقد الزواج في الإسلام هو رباط قوي بين الرجل والمرأة، تستقر به النفس وتقر العين وهو ميثاق غليظ كما وصفه الله تعالى: «وأخذن منكم ميثاقا غليظا» سورة النساء\> وهناك أسس لنجاح الزواج ومنها الكفاءة المادية. وأصل الكفاءة أن يكون الزوج كفؤاً لزوجته، أي مساوياً لها. فهل تلزم الكفاءة المادية كلا الطرفين؟ فيها تفصيل على النحو الآتي: الكفاءة المادية وتشمل القدرة المالية والاستطاعة الجسدية والصحية للزواج في الغالب. أ) الكفاءة المالية: الأصل أن الخطاب متوجه إلى الرجل فيما يتعلق بالكفاءة المالية وذلك لأمور عدة منها: 1. المهر: قال تعالى:\" وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا** **\" 2. القوامة ومنها النفقة الواجبة. قال تعالى:\" الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ\". فجعل من لوازم القوامة على الرجل النفقة الواجبة على حسب السعة والقدرة ولم المرأة بالنفقة لأنها مأمورة بالقرار بالبيت وخدمة الزوج والبيت. وعن فاطمِةَ بنتِ قيسٍ لما استشَارتِ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ من تنكِحُ وقالت إنه خطبني معاويةُ وأبو جَهمِ فقالَ أمَّا معاويةُ فصعلوكٌ لا مالَ له وأما أبو جَهمٍ فرجلٌ ضرَّابٌ للنِّساءِ\" فأرشدها المصطفى صلى الله عليه وسلم أن تنكح أسامة بن زيد وذكر أن معاوية لا مال له وهو لازم لقوام للحياة الزوجية. وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وأما المعدم من المال الذي لا يقدر على شيء من نفقات النكاح، فليس أمامه من خيار إلا الصبر والصوم، حتى يرزقه الله سبحانه من فضله، قال تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)**.** ب) الكفاءة الجسدية: ما يتعلق بالعيوب الخلقية والصحة العامة\... هنا حالتان: الحالة الأولى: أن يعلم كل طرف ما في الطرف الآخر من علة أو مرض لا يتعارض مع الحياة الزوجية ويرض به كل منهما فلا حرج شرعا من الزواج كأن يتزوج الرجل المبصر بامرأة عمياء أو معوقة أو العكس. الحالة الثانية: أن يكون هناك مانع يمنع من العلاقة الزوجية خلقة أو مرض يضر بالطرف الآخر. فإنه يجب على كل من الزوجين أن يبين للآخر ما فيه من العيوب الخَلْقِيَّة قبل الزواج، لأن هذا من النصح، ولأنه أقرب إلى حصول الوئام بينهما، وأقطع للنزاع، وليدخل كل منهما مع الآخر على بصيرة، ولا يجوز الغش والكتمان. وكما أن الرجل لا يرضى لنفسه أن يتزوج بامرأة مريضة أخفت عليه مرضها، فكذلك المرأة، فليرض الإنسان للناس ما يرضى لنفسه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. رواه الشيخان عن أنس مرفوعا. ولذلك قد يرد النكاح بسبب عيب من العيوب الجسدية أو الصحية \...وهنا يطالب الجانبان بالبيان وعدم التغرير. وقد اختلف الفقهاء في اشتراط الكفاءة في الزواج فذهب ابن حزم إلى عدم اعتبار الكفاءة وقال: أي مسلم -ما لم يكن زانياً- فله الحق أن يتزوج أية مسلمة، ما لم تكن زانية.\ وذهب جماعة إلى أن الكفاءة معتبرة، لكن اعتبارها بالاستقامة والخلق خاصة، فلا اعتبار لنسب، ولا لصناعة، ولا لغنى، ولا لشيء آخر، فيجوز للرجل الصالح الذي لا نسب له أن يتزوج المرأة النسيبة، ولصاحب الحرفة الدنيئة أن يتزوج المرأة الرفيعة القدر، ولمن لا جاه له أن يتزوج صاحبة الجاه والشهرة، وللفقير أن يتزوج الغنية ما دام مسلماً عفيفاً، فإذا لم يتوفر شرط الاستقامة عند الرجل فلا يكون كفؤاً للمرأة الصالحة، ولها الحق في طلب فسخ العقد إن كانت بكراً وأجبرها أبوها على الزواج من الفاسق، وهذا هو قول المالكية ومن وافقهم.\ ويرى بعض الفقهاء أن ثمة أموراً أخرى لابد من اعتبارها في الرجل منها النسب، فالعرب بعضهم أكفاء بعض، وقريش بعضهم أكفاء بعض، والأعجمي لايكون كفؤا للعربية، والعربي لا يكون كفؤاً للقرشية، وهو قول للشافعية والحنفية، ومنها الحرفة: إذا كانت المرأة من أسرة تمارس حرفة شريفة فلا يكون صاحب الحرفة الدنيئة كفؤاً لها، وإذا تقاربت الحرف فلا اعتبار للتفاوت فيها وهو قول للشافعية ورواية عن أحمد وأبي حنيفة.\ والراجح ما ذهبت إليه المالكية من اعتبار الكفاءة بالاستقامة والخلق على وجه الخصوص، وذلك لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ» (الحجرات:13).\ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». رواه الترمذي من حديث أبي حاتم المزني، وهو الذي رجحه ابن القيم فقال في زاد المعاد: فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الكفاءة في الدين أصلاً وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر.\ ولأهمية موضوع الكفاءة في الزواج نظم المشرع القطري بالفصل السادس بقانون رقم (22) لسنة 2006 بإصدار قانون الأسرة تسانداً على أحكام الشريعة الإسلامية وآراء الفقهاء.\ فقد ذكر بمواده: أن الكفاءة شرط في لزوم الزواج، والعبرة فيها بالصلاح في الدين والخلق عند العقد، كما أن الكفاءة حق خاص للمرأة ووليها ويسقط حقها في طلب الفسخ لانتفاء الكفاءة بحملها، أو انقضاء سنة على عقد الزواج، وأن الولي في الكفاءة هو العاصب على الترتيب المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة (26) منه، وإذا ادعى الزوج الكفاءة ثم تبين أنه غير كفء، كان لكل من الزوجة، أو وليها، حق طلب الفسخ.\ وبناءً على ما سبق، علينا أن ننتبه بأن الدين والخلق والاستقامة هما من أهم المعايير والشروط الواجبة في اختيار الزوج أو الزوجة، ويجب أن نعلم أن صاحب الدين لا يقارن بغيره لأنه إن أحبك أكرمك وإن أبغضك كان دينه حاجزا بينه وبين أن يظلمك، وليس هذا الخلق إلا لصاحب الدين فمن لا دين له إذا أبغض ظلم واعتدى.المحامي سعد عبدالهادي الدوسري

Use Quizgecko on...
Browser
Browser